دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 شوال 1439هـ/5-07-2018م, 02:06 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس الرابع: مجلس مذاكرة القسم السادس عشر من تفسير سورة البقرة

مجلس مذاكرة القسم السادس عشر من تفسير سورة البقرة
(الآيات 219-232)


1. (عامّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة مختصرة تبيّن فيها يسر الشريعة بناء على ما درسته في تفسير آيات الطلاق.

2. أجب على إحدى المجموعتين التاليتين:
المجموعة الأولى:

1. فصّل القول في تفسير قوله تعالى:

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}.
2. حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالقرء في قوله تعالى: {والمطلّقات يتربّصن بأنفسهن ثلاثة قروء}.
ب: المراد بقوله تعالى: {ما خلق الله في أرحامهنّ}، والحكمة من النهي عن كتمه.



المجموعة الثانية:
1. فصّل القول في تفسير قوله تعالى:
{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
2. حرّر القول في كل من:
أ: أمد منع إتيان الحائض في قوله تعالى: {ولا تقربوهنّ حتى يطهرن}.

ب: ا
لمراد بالمشركات في قوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ}.



تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25 شوال 1439هـ/8-07-2018م, 05:12 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

م

جلس مذاكرة القسم السادس عشر من تفسير سورة البقرة
(الآيات 219-232)

1. (عامّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة مختصرة تبيّن فيها يسر الشريعة بناء على ما درسته في تفسير آيات الطلاق.
جاءت شريعة الإسلام سهلة سمحة يسيرة في أحكامها وتشريعاتها ... تراعي مصالح العباد وتحفظ حقوقهم وتضمن لهم حياة كريمة ...
وقد وصف الله هذه الأمة التي أنزل عليها خاتمة شرائعه بقوله ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) ... أي خيارا وعدولا ... ووسطا بين الإفراط والتفريط ...
والمتأمل في أحكام الشريعة وخصوصا ما يتعلق فيها بأحكام الطلاق يرى هذا الملمح في أحكام الشريعة واضحا جليا ...
فقد سار الناس قبل الإسلام في باب الطلاق بين حظر من الاقتراب منه أو ولوجه كما فعل النصارى حين ألزموا الزوجين بالاستمرار مهما بلغ بينهما من استحالة الاستمرار وسوء العشرة بينهما ، أو أهل الجاهليه إذ ساروا فيه خبط عشواء بلا هدى ...
فتجد أهل الجاهلية لا يتورعون عن تطليق المرأة ما لا يحصى من المرات ، واتخاذ الطلاق وسيلة للإضرار بها فيتركها معلقة لا زوجة ولا مطلقة ، وتهان إن طلقت ، ويألوا زوجها منها قاصدا إضرارها ولا يملك أحد فعل شيء لها ... ثم إذا أراد فراقا وطلاقا ربما أساء وسرح بشر مما أمسك فكان إمساكه شرا وسراحه شرا، بل قد يتعمد أذاها حتى يضطرها إلى افتداء نفسها منه بالمال لتتخلص من سوء عشرته ، وقد يضرها في ولدها أو تضرها هي فتكتم ما في رحمها من ولد له ، وقد تتزوج في عدتها فينسب ولده لغيره ...
وقد يحصل بينهما طلاق ثم يرغب الزوجان في العودة لاستئناف حياتهم فتمنع من العودة إليه من وليها وتعضل عن زوجها ...
فجاءت شريعة الله سمحة سهلة ونظمت أحكام الطلاق لتجعله وسيلة لحل أسرة استعصى استمرارها واستحال وجود المودة والسكن في جنباتها ، فأوجد لها طلاقا يكون حلا لا ولادا لمشاكل جديدة ...
فكان من يسر هذه الشريعة أن لم تجعل الطلاق ألعوبة بيد الزوج يلهو به أو يضار زوجته به ... وإنما جعلت له عددا محددا يملك فيه الزوج مراجعة زوجته وهو طلقتان ، فإن طلقها الثالثة فقد استبان أنه إما راغب عنها فكان لا بد من التفريق - فلا يحل له مراجعتها حتى تنكح غيره ويطلقها الثاني رغبة عنها دون اتفاق بين الزوجين للتحليل ...- ، أو هازل لاه فكان لا بد من التأديب ، وفي كليهما تربية ... ومنع الزوج أن يمتنع عن وطء زوجته باليمين فوق أربعة أشهر لما يضر ذلك بها ، وجعل استمراره فوق الأربعة أشهر رغبة بالطلاق منه ، ثم إنه سبحانه أمر أن يكون الطلاق بالمعروف والإحسان ، فمن طلق زوجته ثم بدا له أن يراجعها فليكن إمساكه لها بالمعروف أو ليسرحها ويحسن إليها ليجبر كسر قلبها بطلاقها ...ونهى وليها من منعها من العودة لزوجها إن رغبت في ذلك ... فأنهى الله بذلك ما كان من إمساك المضارة إذ يقول الرجل لزوجته والله لا أحلك ولا أمسكك فيطلقها وكلما اقتربت نهاية عدتها راجعها ... فلا هو أحسن إليها إذ أمسكها ولا هو تركها تجد حياتها مع غيره ... فتجلى بذلك رحمة الله بعباده ، فرحم هذه المرأة وكرمها وأعلى مكانتها وصانها من أن تكون ألعوبة بيد الرجل ، وصان الرجل عن الإثم وعظم في نفسه هذا الميثاق الغليظ فلا يقدم على الطلاق إلا إن استحالت الحياة وصار إنهاء الزوجية خير من استمرارها ...

وأمر الزوج أن لا يأخذ شيئا مما أداه لها من مهرها إذا اختار طلاقها ، وأباح له ذلك إن طابت هي بذلك نفسا مقابل إنهاء الزوجية ...
وجعل لها عدة تستبرئ فيها رحمها لتحفظ نسب ولدها من زوجها إن كانت حاملا فلا ينسب الولد لغير أبيه ، وفيه إكرام لهذا الجنين قبل أن يولد ، وصون للأنساب والأعراض ... وحذر المرأة ونهاها عن كتمان ما في رحمها ...
وجعل لها حقوقا على الرجل كما له حقوق عليها وكل ذلك بالمعروف ... فجعل الحياة الزوجية قائمة على المودة والسكن والرحمة ، وإنهاءها قائما على المعروف والإحسان ...وجعل لذلك حدودا أوصى بعدم اعتدائها ... وجعل الحياة بينهما فضلا أوصى بعدم نسيانه ( ولا تنسوا الفضل بينكم ) وجعل تلك الأحكام سياجا يحفظ للأسرة إن أرادت الانفصال أن يكون التفرق غنى لكل منهما ( وإن يتفرقا يغني الله كلا من سعته ) لا وبالا عليه ...
فجاءت هذه الأحكام يسيرة سهلة على النفس تجبر ما يكسر من القلوب بالفراق ، وتغني أطراف الأسرة وتحفظ لثمرة الأسرة من الأطفال العيش في وسط سوي بغض النظر في حضانة من كانوا ...
ولذلك نجد مجتمع الصحابة الرباني لما وقف عند الحدود لم يتعدها كان الطلاق عنده مجرد مرحلة تستمر الحياة بعدها لكلا الزوجين كل يسير في طريقه عاملا ... بينما نرى اليوم الطلاق انهيارة لمنظومة كاملة يخسر فيها كل أطرافها - إلا من رحم ربي -، بل يتجاوز الأمر نسيان الفضل إلى الإساءة والقطيعة بين عائلتي الزوجين ولو كانوا أولي قربى ورحم إلا من عافى الله ...
ولو عاد الناس إلى ما شرع الله لهم لوجدوا في أحكامه تنظيما ممن يعرف مداخل هذه النفس البشرية ويعرف ما يسوؤها وما يحسن إليها ... فإمساك بمعروف ، وتسريح بإحسان ... وحفظ للود ومراعاة للفضل ... وما أعظم قوله تعالى ( ولا تنسوا الفضل بينكم ) ... وكم بين الزوجين من فضل لا ينساه إلا ناكر جميل أو منكر ود ... وكم في حفظ الفضل من خير لو عملنا لكنا بخير ...

🔺المجموعة الثانية :
1- فصل القول في تفسير قوله تعالى : ( ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم )
🔹ما ورد في سبب نزول الآية :

- قيل أنها نزلت في أبي بكر الصديق حين حلف أن لا ينفق على مسطح بعد خوضه في حادثة الإفك ... ذكر ذلك ابن عطية
- وقيل أنها نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه مع ابنه عبد الرحمن حين حلف أبو بكر أن لا يأكل الطعام ... ذكره ابن عطية
- وقيل أنها نزلت في عبد الله بن رواحة مع بشير بن سعد حين حلف أن لا يكلمه ... ذكره ابن عطية

🔹التفسير :
ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم
- عرضة أي كثير التعرض للأمر ، كمن يقول هذا فاس عرضة للجري أي أنه معد معرض للجري لكثرة تعريضه لذلك ... وقيل عرضة أي علة ..
- اليمين هو الحلف بالله تعالى ، وسمي يمينا لأن العرب كانت إذا حلفت وضع الرجل يمينه على يمين صاحبه أو أخذ بيمين صاحبه توكيدا للحلف ، فسمي الحلف والقسم والعهد يمينا ...

- وعليه فقد قيل أن معنى ( لا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم ) أن الله ينهى عباده المؤمنين عن كثرة تعريض اسمه تعالى للأيمان والاستكثار من الحلف على كل أمر صغيرا كان أو كبيرا حقا أو باطلا ؛ ذلك أنه قد يحنث باليمين ، وكثرة الحلف والحنث قلة مراعاة لحق الله تعالى ... فلا تكثروا من تعريض اسمه للحلف فتحلفون به في كل حق وباطل ...

- وقيل أن المعنى لا تجعلوا أيمانكم وحلفكم بالله ذريعة ووسيلة لكم لكي تمتنعوا عن فعل البر والخير والذي هو أولى ...أي لا تجعلوا أيمانكم علة للامتناع عن فعل الخير والبر ، وذلك كقوله تعالى ( ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله ) ...
قال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ في قوله تعالى: {ولا تجعلوا اللّه عرضةً لأيمانكم} قال: لا تجعلنّ عرضةً ليمينك ألّا تصنع الخير، ولكن كفّر عن يمينك واصنع الخير.
فقد كان البعض يحلف ألا يفعل كذا من أوجه البر فإن طلب منه البر تعذر بأنه قد حلف وأنه لا يمكنه الحنث ، والحقيقة أن فعله البر مع الحنث خير وأحب إلى الله من تركه فعل البر لأجل أن يبر يمينه التي حلفها على عدم فعل هذا الخير ... ذلك أن الإثم هو في الامتناع عن فعل البر والخير ، وأما اليمين فيكفر ويرجو من الله أن يغفر له حنثه ...

أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس
- البر جماع الخير وهو مقابل للإثم ...
- واختلف في ( أن ) ما موقعها ،
فقيل موقعها النصب ، بمعنى لا تعرضوا باليمين بالله في أن لا تبروا ، أي لا تجعلوها وسيلة في عدم البر ...
وقيل هي للخفض بموقع ( في ) أي لا تجعلوا أيمانكم سببا في أن لا تبروا ولا تتقوا
فهي كأنها ( لأن لا تبروا )
والنصب هو اختيار النحويين هنا ...

- وأما المعنى في ( أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس ) فمن قال أن النهي هو نهي عن اتخاذ اسم الله عرضة لليمين فيحلف به على كل شيء ويكثر من اليمين فلا تجده يتكلم إلا قال والله وبالله وتالله قدر أن معنى ( أن تبروا وتتقوا وتصلحوا ) بمعنى : أن لا تبروا ولا تتقوا ولا تصلحوا ...فيجعل الحالف يمينه ذريعة لعدم البر لأنه يقول قد حلفت لا أفعل كذا ، فلا أستطيع الحنث ...
- وقيل بل المعنى أنكم إن أردتم البر والتقوى فلا تحلفوا بالله كاذبين ...
- وكذلك فيه إشارة لمن يحلف بالله حانثا ليصلح بين الناس
فهو نهي عن إكثار الحلف بالله في ذلك كله ...
- فقد روي عن عائشة قولها ( نزلت في تكثير اليمين بالله نهيا أن يحلف الرجل به برا فكيف فاجرا )

ومن قال أنها نهي عن اتخاذ اليمين بالله ذريعة للامتناع عن البر والخير فقد ذكر أن الله بين أن ترك اليمين والحنث به في هذه الحالة خير من الاستمرار به مع ما يلحق به من عدم بر وقطع رحم وعدم إصلاح ...
وقد وردت أحاديث كثيرة في الحث على الحنث باليمين التي فيها قطيعة رحم أو عدم بر وتكفيرها والعودة إلى البر الذي امتنع عنه باليمين فذلك خير له وأقسط عند الله ...
ومن تلك الأحاديث :
- قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "واللّه لأن يلجّ أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند اللّه من أن يعطي كفّارته الّتي افترض اللّه عليه".وهكذا رواه مسلمٌ، عن محمّد بن رافعٍ عن عبد الرّزّاق، به. ورواه أحمد، عنه، به.

- عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "من استلجّ في أهله بيمينٍ، فهو أعظم إثمًا، ليس تغني الكفّارة".رواه البخاري

- عن أبي موسى الأشعريّ رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّي واللّه -إن شاء اللّه -لا أحلف على يمينٍ فأرى غيرها خيرًا منها إلّا أتيت الّذي هو خيرٌ وتحلّلتها" متفق عليه

- وفي الصحيحين أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال لعبد الرّحمن بن سمرة: "يا عبد الرّحمن بن سمرة، لا تسأل الإمارة، فإنّك إن أعطيتها من غير مسألةٍ أعنت عليها، وإنّ أعطيتها عن مسألةٍ وكلت إليها، وإذا حلفت على يمينٍ فرأيت خيرًا منها فأت الّذي هو خيرٌ وكفّر عن يمينك".

وروى مسلمٌ، عن أبي هريرة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "من حلف على يمينٍ فرأى غيرها خيرًا منها، فليكفّر عن يمينه، وليفعل الّذي هو خيرٌ".

عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا نذر ولا يمين فيما لا يملك ابن آدم، ولا في معصية اللّه، ولا في قطيعة رحمٍ، ومن حلف على يمينٍ فرأى غيرها خيرًا منها فليدعها، وليأت الّذي هو خيرٌ، فإنّ تركها كفّارتها". رواه أبو داود ثمّ قال أبو داود: والأحاديث عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كلّها: " فليكفّر عن يمينه" وهي الصّحاح.

واختلفوا هل يكفر في حنثه إن رأى خيرا منها فحنث بها ، وصحاح الأحاديث على أنه يكفر عن يمينه ، وهو ما روي في الصحيحين ...

والله سميع عليم
أي سميع لأقوال العباد مجاز لهم على فعالهم
وسميع لأيمانكم وما تفعلونه من اتخاذ اسم الله عرضة لأيمانكم لتتخلصوا بها من فعل البر والخير ...
عليم بما في صدر أحدكم ونيته عند حلفه إن حلف قاصدا عدم فعل البر وارتكاب الإثم في ذلك ...

2- حرر القول في كل من :
أ. أمد منع إتيان الحائض في قوله تعالى : ( ولا تقربوهن حتى يطهرن )

اختلف في أمد منع إتيان الحائض باختلاف قراءة ( حتى يطهرن ) وما تحتمله القراءة من معان :
- فقد قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحفص عن عاصم ( يطْهُرن ) بسكون الطاء وضم الهاء
- وقرأ حمزة والكسائي وشعبة عن عاصم ( يطَّهَّرن )
وقد اختلف في دلالة القراءتين على أقوال ثلاثة :
1- أن ( يطهرن ) على القراءتين أي : أن يطهرن بالتخفيف ويطهرن بالتثقيل بمعنى واحد ...
أ. فالقراءتان بمعنى ( يتطهرن ) أي يغتسلن بالماء بعد انقطاع الدم ... قاله الزجاج ... فقال أن الله نهى عن أن تقرب المرأة حتى تتطهر من حيضتها بالماء بعد أن تطهر من الدم أي تنقى منه
ب. أن القراءتين تحتمل كل منهما إرادة انقطاع الدم فقط أو الاغتسال بعد انقطاع الدم ... ذكره ابن عطية ... وعليه فيكون إتيان الحائض إما بعد انقطاع الدم فقط ولو قبل الغسل أو بعد انقطاع الدم واغتسالها كما سيأتي

2- أن يطهرن بالتخفيف تعني انقطاع الدم ، وعليه فهي تدل على إباحة إتيان المرأة بعد طهرها من الدم أي انقطاعه وإن كان قبل الاغتسال ... ذكر ابن عطية أن قربهن قبل الاغتسال مباح ...
وذكر ابن كثير عن ابن عباس أن ( حتى يطهرن ) أي من الدم ، ( فإذا تطهرن ) أي بالماء ... وذكر أنه قول مجاهد وعكرمة والحسن ومقاتل والليث بن سعد وغيرهم ...
وبين ابن عطية أن حمل هذه القراءة على معنى الطهر بانقطاع الدم غير لازم ، وأن القراءتين تحتملان كلا المعنيين كما مر ...

3- أن يطهرن بالتثقيل بمعنى التطهر بالماء ، وعليه فهذه القراءة تدل على أنه لا يباح غشيان الحائض حتى تتطهر بالماء وتغتسل اغتسال الجنب بعد انقطاع الدم ...
ذكره ابن عطية ، وذكر أن الطبري رجح قراءة التشديد وقال : هي بمعنى يغتسلن ، لإجماع الجميع على حرمة أن يقرب الرجل من امرأته بعد انقطاع الدم حتى تطهر ... وأن الاختلاف إنما هو في كيفية هذا الطهر على ثلاثة أقوال :
أ. أنه الاغتسال بالماء
ب. أنه وضوء كوضوء الصلاة
ج. أنه غسل الفرج ، وذلك يحلها لزوجها وإن لم تغتسل من حيضتها ...

وعليه فإن الأقوال في ما هو الأمد أو الغاية التي يحرم فيها إتيان المرأة وجماعها عند حيضتها :
فبعد اتفاق الجميع على حرمة إتيان المرأة في حيضتها مع الدم ( فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن ) فالخلاف في الطهر الذي تحل به المرأة ... وهو على أقوال :
1- أن الطهر هو انقطاع الدم ، وأن المرأة تحل لزوجها بمجرد انقطاع الدم ولو لم تغتسل .... ذكر ذلك ابن عطية وابن كثير
عن مجاهد وطاووس وعكرمة و يحيى ابن بكير من المالكية وابن القرظي وابن عبد الحكم على تفصيل بينهم :
أ- فأما يحيى بن بكير وهو شيخ البخاري وابن القرظي ( ذكره ابن عطية ) فقالا أنها إن تيممت حيث لا ماء حلت لزوجها وإن لم تغتسل
ب - وأما مجاهد وطاووس وعكرمة قالوا أن انقطاع الدم يحلها لزوجها ولكن بأن تتوضأ

🔺وقيد أبو حنيفة زمن انقطاع الدم الذي يبيح وطأها قبل اغتسالها
فقال أن المرأة إذا انقطع دمها لأكثر الحيض وهو عشرة أيام عنده فعند ذلك تحل بمجرد انقطاع الدم ولا تفتقر إلى الغسل
واما أقل من ذلك فيجب اغتسالها ...

2- أن الطهر هو اغتسالها بالماء اغتسال الجنب ... وقد ذكره الزجاج وابن عطية عن الطبري وابن كثير
فأما الزجاج فقد بين ذلك لأن معنى يطهرن على كلا القراءتين عنده هو الاغتسال بالماء بعد انقطاع الدم
واما ابن عطية فقد ذكر قول الطبري في ذلك وأنه حكى الإجماع على حرمة إتيان الحائض بعد انقطاع الدم قبل الاغتسال وبين أن قوله هذا غير لازم ... وأن الذي لا خلاف فيه هو كراهية وطئها قبل الاغتسال بالماء ... وأنه مع حل وطئها قبل اغتسالها بعد انقطاع الدم لكن الأمر من الله لا يقع إلا على الوجه الأكمل ، فلما أمر بإتيانهن بعد طهرهن دل ذلك على الأكمل وهو الاغتسال بالماء ... وذكر ما في هذا المعنى عن مجاهد وجماعة من العلماء ...
وأن الحرمة هي في إتيانها وهي حائض أي وطئها في الدم ، فجمهور العلماء أنه ذنب عظيم يتاب منه ولا كفارة فيه بمال
وذكر عن ابن عباس والأوزاعي أن إتيانها قبل اغتسالها يتصدق بنصف دينار ، ومن وطئها في الدم تصدق بدينار

🔺 فاما الاغتسال بالماء فقد ذكره ابن عطية أنه مذهب مالك وجمهور العلماء ، أن الطهر الذي يحل جماع الحائض التي يذهب عنها الدم هو تطهرها بالماء كتطهر الجنب ... ولا يجزئ التيمم ولا غيره

🔺وحكى ابن كثير الاتفاق على أنه لا يحل وطء من طهرت من حيضتها حتى تغتسل بالماء أو تتيمم إن تعذر عليها الماء بشرطه ...

والاحوط للمسلم أن لا يقرب المرأة إلا بعد أن تغتسل من حيضتها فذلك أطهر لهم وأبعد عن الكراهة وخروج من الاختلاف ...
وقوله تعالى ( فإذا تطهرن فأتوهن ) دلالة على أن غشيانها بعد تطهرها واغتسالها هو ما يندب إليه ...
وقد ختم الله الآية بقوله ( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) ترغيبا للتطهر والتوبة من مخالفة أمر الله ...

وكما مر فقد رجح الزجاج وابن جرير وابن كثير أنه لا يحل إتيان المرأة إلا بعد اغتسالها بعد انقطاع الدم بل حكوا الاتفاق على ذلك
واما ابن عطية فصل في ذلك ، وبين إباحة إتيان المرأة بعد انقطاع دمها قبل اغتسالها وإن كان ذلك مع الكراهة ... وأن الأفضل هو عدم إتيانها إلا بعد اغتسالها من حيضتها ...

ب. المراد بالمشركات في قوله تعالى : ( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن )
ورد في المراد بالمشركات قولان رئيسان :
1⃣ القول الاول : أنها تعم جميع المشركات الكتابيات وغير الكتابيات ... ويدخل تحت هذا القول :
1- أنهن كل من كفر بالنبي صلى الله عليه وسلم .. ذكره الزجاج ، وعلل تسمية من كفر بالنبي مشركا أن من كفر برسول الله فقد كفر بأن القرآن من عند الله وبالتالي فقد ادعى أن غير الله قد جاء به وإنما هو من عند الله ويعجز الخلق كلهم عن الإتيان بمثله ، فمن زعم أن غير الله قد جاء بما لا يأتي به إلا الله فقد أشرك بالله ...
وقد ذكر الزجاج أن الآية كانت عامة في كل من كفرت برسول الله ثم أحلت الكتابيات بآية المائدة ( والمحصنات من النساء والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم )

2 - المشركات : لفظ الآية عام في كل كافرة ، والمراد بها الخصوص وهن غير الكتابيات ... ذكره ابن عطية من قول قتادة وسعيد بن جبير ... والخصوص بينته آية المائدة ( والمحصنات من النساء والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم )
وذكر ابن كثير مثل ذلك بأنها عامة في كل مشركة كتابية أو وثنية ثم خصصتها آية المائدة التي أحلت نساء أهل الكتاب دون الوثنيات ... وذكر أن ذلك قول ابن عباس رواه عنه علي بن أبي طلحة فقال ( استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب ) وهو قول مجاهد وعكرمة وابن جبير ومكحول والحسن والضحاك وزيد بن أسلم والربيع بن أنس وغيرهم ...

- وقيل بل آية المائدة ناسخة لها وليست مخصصة ... ذكره ابن عطية عن ابن عباس والحسن أن النص ابتداء عام في كل كافرة ثم نسخت آية المائدة بعض العموم في الكتابيات ... ؛ وقال وهو مذهب مالك كما ذكره ابن حبيب إذ قال ( ونكاح اليهودية والنصرانية وإن كان قد أحله الله مستثقل مذموم )

3- أن المشركات عامة في الوثنيات والمجوسيات والكتابيات وكل من كان على غير الإسلام حرام ... ذكره ابن عطية عن ابن عباس ، وعلى هذا القول فإن الآية هنا هي التي نسخت حل الكتابيات في آية المائدة ... وأن حرمة الكتابيات هو الباقي
واستدل ابن عطية لذلك بقول ابن عمر في الموطأ( لا أعلم إشراكا أعظم من أن تقول المرأة ربها عيسى )
وذكره ابن كثير من رواية البخاري عن ابن عمر .
وبأنه قد روي عن عمر أنه فرق بين طلحة بن عبيد الله وحذيفة بن اليمان وبين كتابيتين ، فقالا : نطلق يا أمير المؤمنين ولا تغضب . فقال : لو جاز نكاحها لجاز طلاقها ، ولكن أفرق بينكما صغر قمأة ... ( وقد ضعف ابن عطية إسناده ) وذكر أن الأصح منه أن حذيفة سأله : أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها يا أمير المؤمنين ؟ قال عمر : لا أزعم أنها حرام ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهن .
- كما ذكر ابن كثير هذا الأثر ( بلفظه الذي ضعفه ابن عطية ) وقال أنه غريب ، وذكر الثاني وقال أن إسناده صحيح ...
- كما ذكر ما روي عن ابن عباس أنه قال : نهى رسول الله عن أصناف من النساء إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات وحرم كل ذات دين غير الإسلام ...

▪ والحقيقة أن الأقوال في أن المشركات هن كل من أشرك بالله من الكتابيات وغير الكتابيات يمكن جمعها في قولين ، إذ قول الزجاج لا يعدو أن يكون تفسيرا لسبب تسمية من كفرت برسول الله مشركة وتدخل الكتابية في ذلك ...
فتكون الأقوال الداخلة تحت عموم لفظ المشركات :
1- أن المشركات عام خصص بآية المائدة أو نسخ بها فأباحت آية المائدة الكتابيات ... وقد ذكر القول الزجاج وابن عطية وابن كثير
ومن قال بالتخصيص : قتادة وسعيد بن جبير كما ذكر ابن عطية ، و ابن عباس ومجاهد وعكرمة وابن جبير ومكحول والحسن والضحاك وزيد بن أسلم والربيع بن أنس وغيرهم ... كما ذكر ابن كثير
ومن قال بالنسخ : ابن عباس والحسن ذكر ذلك ابن عطية

2- أن المشركات عام لم يخصص ولم ينسخ و حرمة الكتابيات باقية كحرمة الوثنيات ... ذكره ابن عطية وابن كثير عن ابن عباس
...
2⃣ القول الثاني في المشركات : أن المشرك هو كل من يشرك مع الله إلها آخر ، فلم تدخل اليهوديات والنصرانيات في لفظ هذه الآية ابتداء ... ذكره ابن عطية عن طائفة لم يسمهم ... وذكر ذلك ابن كثير فقال ان المشركات هن من عبدة الأوثان ، ولم يرد بهن أهل الكتاب بالكلية
وذكر ابن عطية وابن كثير عن ابن جرير حكايته الإجماع على حل الزواج بالكتابية ، وما روي من آثار في كراهة عمر لذلك هو خشية أن يزهد الناس في المسلمات ، والذي روي عنه أنه فرق بين حذيفة ويهودية تزوجها فقال حذيفة : أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها يا أمير المؤمنين ؟ قال عمر : لا أزعم أنها حرام ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهن .
ذكر ابن كثير ما رواه ابن جرير بسنده لجابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا )
وقد روي عن عمر قوله : ( المسلم يتزوج النصرانية ولا يتزوج النصراني المسلمة ... ) قال ابن كثير : وهدا أصح أسنادا من الأول .
وذكر ابن كثير ما روي عن الإمام ابن حنبل أنه سئل عن قوله تعالى ( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ) قال مشركات العرب الذين يعبدون الأوثان ...

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28 شوال 1439هـ/11-07-2018م, 09:01 PM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

عامّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة مختصرة تبيّن فيها يسر الشريعة بناء على ما درسته في تفسير آيات الطلاق.

الشريعة الإسلامية تتميز بخصائص وميزات وصفات عظيمة، ومن أهم تلك الخصائص والصفات: اليسر ورفع الحرج، وهي صفة واضحة بيَّنة في جميع أحكام هذه الشريعة
وقد نص الله على ذلك في أكثر من موضع في كتابه الكريم، فقال سبحانه: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}. وقال سبحانه:{مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ.}
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين» .وفي مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بعثت بالحنيفية السمحة» .


ومعالم ومظاهر التيسير تتجلى في مجالات الحياة كلها ؛ من ذلك ما يتعلق بأحكام الطلاق...

.وحتى يظهر للناظر والمتأمل مدى يسر الشريعة وسماحتها في أحكام الطلاق فليق نظرة سريعة كيف كان الطلاق في الجاهلية
فقد كان من حق الرجل تطليق امرأته متى أراد، وبأية صيغة تفيد الطلاق، ولم يكن هناك تحديد لعدد الطلقات، ولذلك كان الرجل إذا أراد تنكيلا بزوجته: طلقها، ثم يسترجعها قرب نهاية عدتها، ثم يطلقها مرة أخرى، ثم يسترجعها، وهكذا.عدة مرات طمعا في إذلالها.
قال غير واحد من السلف:.. كان الرّجل يطلّق المرأة، فإذا قاربت انقضاء العدّة راجعها ضرارًا، لئلّا تذهب إلى غيره، ثمّ يطلّقها فتعتدّ، فإذا شارفت على انقضاء العدّة طلّق لتطول عليها العدّة، فنهاهم اللّه عن ذلك، وتوعّدهم عليه فقال: {ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه} أي: بمخالفته أمر اللّه تعالى.
أورد القرطبي في تفسيره أن رجلٌ قال لامرأته على عهْد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "لا أُويك ولا أَدعك تحلِّين، قالت: وكيف؟ قال: أُطلِّقك فإذا دَنا مُضيُّ عِدتك راجعتُك، فشكَتِ المرأة ذلك إلى عائشةَ، فذكرت ذلك للنبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فأنْزل الله تعالى " الطلاق مرتان "



وكانتِ المرأة في الجاهلية تُمسَك ضرارًا للاعتداء،وتُلاقِي من بعْلها نشوزًا أو إعراضًا، وتُترك أحيانًا كالمعلَّقة.
-قال قتادة: "كان الرجلُ في الجاهلية يقامِر على أهله وماله، فيقعد حزينًا سليبًا ينظر إلى ماله في يدِ غيره، فكانتْ تُورِث بينهم عداوةً وبغضًا".. راواه الطبري

هذا وكان للعرب في الجاهلية طرائق متعددة للطلاق في الجاهلية منها:
(أ‌)الظهار: فقد كان الطلاق يقع حين يقول الرجل لزوجته أنت عليَّ كظهر أمي، وكان ذلك الطلاق أبديا لا رجعة فيه.
(ب‌)الإيلاء: طلاق مؤقت فقد كان الرجل يُحدد مدة معينة طالت أم قصرت لا يقرب فيها زوجته، فقد كان يتركها السنة والسنتين والثلاث وشأنها لا هي أيم ولا ذات بعل، وذلك ضررا وتنكيلا بها، وقد أبطل الإسلام ذلك.
(ج) طلاق العضل
كانت الزوجة تتعرض في بعض الأحيان إلى إهمال الرجل فلا يراجعها ولا يطلقها ، ويظل مفارقاً لها حتى ترضيه بدفع شيء له ، وهو ما يعرف بالطلاق العضل ، وكان الرجل ينكح المرأة الشريفة الثرية ، ثم يفارقها حتى توافقه على شيء يطلبه وإلا عضلها . وقد نهى الإسلام عن ذلك أيضاً كما جاء في قوله تبارك وتعالى : (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) .
هذا هو حال الطلاق عند العرب في الجاهلية لم يكن له عدد معين وكانت و كانت عندَهم العِدَّة معلومة مقدورة،.
فالناظر في حال الطلاق عندهم يدرك مدى الضرر والتعنت الذي كان يلحق بالمرأة وأن الطلاق كان وسيلة للتنكيل بالمرأة حتى أصبحتْ ألعوبة في يدِ الرجل، يُطلِّقها متى شاء كيفما شاءَ، حتى جاء رفَع الإسلامُ ظلمَ الرجل عنها وتسلُّطَه عليها. وبين أن فرائضه وأحكامه لا لعب فيها
لما جاء الإسلام أبطل ذلك كله ..ونسخ ما كان عليه أهل الجاهلية فخفف على الناس وحفظ حقوق المرأة ورفع الظلم عليها..كما أنه لم يهضم حق الرجل و لم يبطل قوامته على المرأة بل أثبت له ذلك جميعا لكن في حدود معلومة وضوابط معروفة
-فكان تشريع الطلاق في حد ذاته يسرا للناس وتخفيفا عليهم .....فعندما تتعذر الحياة الزوجية ويذهب الود والإخاء والمحبة ويقع بين الزوجين ما ينغص عليهما حياتهما مما يجعله مصدرا للشقاء والتعاسة أباح الطلاق وجعله مراحل وهذا يدل على سماحة الإسلام ويسره. بخلاف ما كان عليه بعض الأديان من تحريم الطلاق فيضطر كلا من الزوجين إلى اتخاذ الأخدان والخليلات و العيش في الحرام
لم يترك الشارع الطلاق على وفق أهواء الناس و شهواته وآراءهم وعقلوهم القاصرة ؛ بل جعل له نظاما ربانيا مستمدا من كتاب الله عزوجل و سنة النبي صلى الله عليه وسلم
فمنهج الشارع في تشريع الطلاق يتجه إلى التقييد والحد من إرادة الزوج إلى الإطلاق ،ذلك أن الشارع ضيق في الطلاق من حيث العدد فجعله ثلاث مرات بعد أن كان مطلقا .فإذا طلق الثالثة فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
- وقيده من حيث الوقت فأمر بتطليق النساء لعدتهن أي طاهرات من غير جماع.
فحرم على المسلم أن يطلّق امرأته في طُهرٍ قد جامَعها فيه، فلعلّها أن تحملَ فيطول الأمر عليها، ثم يندَم إذا حملت، فقد زلّ لسانه بهذا الطلاق، كما حرّم عليه الشارع أن يطلّقها وهي حائِض، كلّ ذلك لأجل أن لا تطولَ المدة عليها، ولأجل أن لا يكونَ سببًا لافتراقهما؛ لأنها إن كانت حائضًا فلا يحلّ له مضاجعتُها، فربما كره مستقبلاً، فشرِع له أن يطلّقها في طهرٍ لم يجامعها فيه، أو يطلقَها حاملاً قد استبان حملها.
-الشريعة الإسلام جعَلت الطلاقَ على مراحل ثلاث، يقول الله جل وعلا: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ .
فإنّه إذا طلّقها الطلقةَ الأولى شُرع له أن يبقيَها في منزلهِ وأن لا يخرِجَها منه، كما قال تعالى: ﴿لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ﴾ . ثم قال: ﴿لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾.، فلعل الطلاق وقع في حالةٍ غير متروٍّ فيها، فيندم مع بقاءِ المرأة عنده، فتُغيَّر الأمور بتوفيق من الله.
ثمّ إذا انقضت العدّة الأولى وطلّق الثانيةَ أيضًا فلعلّ خطأً منه أو منها فيزول، وإذا طلّقها الثالثة عُلِم أنَّ الأمر لا فائدةَ فيه ولا في بقائهما، فعند ذلك تحرم عليه إلاّ بعد نكاحِ زوجٍ آخر عن رغبةٍ لا تحليلاً.
من سماحة الشريعة الإسلامية أيضا أنه كما أعطَت للرجل حقَّ الطلاق، وفي مُقابل ذلك فإنها جعَلت الخُلع حقًّا للمرأة، وهو الافتداء إذا ما كرهت المرأة زوجَها وخافت ألا تُوفِّيه حقه،.وذلك بالضوابط والشروط التي بينها الله ...فلا حرج على المرأة أن تفتدي، ولا حرج على الزوج أن يأخذ.

كما أن الشريعة حرمت على المطلقة إن تكتم ما خلق الله في رحمها..حفظا لحق الزوج وصيانة للأنساب و كرامة للجنين..

من أحكام الشريعة منع ولي المرأة أن يمنعها من العودة لزوجها إن رغبت هي فيه ورغم هو فيها.. ولهذا لما يعلم الله من اشتياق كلا منهما للأخر للود والعشرة الطيبة الذي كان بينهما و. فيه مراعاة لإعادة جمع شمل الأسرة
- وأما في الظهار فلم يجعله الشارع طلاقا كما كان في الجاهلية.. بل جعل لفاعله مخرجا وهو أن يكفر عنه كفارةويراجع زوجته.
-وأما الإيلاء فقيده الشارع بأربعة أشهر إما أن يراجع زوجته أو تطلق منه ولم يتركه بلاحد كما كان عند العرب في الجاهلية..كل ذلك حفظا على حقوق المرأة .
فهذه أحكام الطلاق في شريعة الإسلام سهلة ميسورة تقبلها النفوس إلا من انتكست فطرته -فلا عبرة لمقاله-..فالحمد لله رب العالمين على منته وعلى نعمة الإسلام..فلو التزم الناس بشريعة الله عزوجل لكان عيشه أطيب عيش وحياتهم أطيب حياة.{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)} [النحل: 97]
.
{وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} قاعدة ربانية و ومنهج قراني رفيع
أمر بتعاهد الفضل، وأن لا ينسى ؛ لأن نسيانه يباعد الزوجين ، وفي تعاهده عون كبير على الإلف والتحابب.
فينبغي أن لا نجعل ساعة الخصومة تهدم سنواتِ المودَّة ..
قال أبو حاتم البستي: "الحر لا يكفر النعمة، ولا يتسخط المصيبة، بل عند النعم يشكر، وعند المصائب يصبر، ومن لم يكن لقليل المعروف عنده وقع أوشك أن لا يشكر الكثير منه، والنعم لا تستجلب زيادتها، ولا تدفع الآفات عنها إلا بالشكر".



2. أجب على إحدى المجموعتين التاليتين:
المجموعة الأولى:
1. فصّل القول في تفسير قوله تعالى:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}.

سبب نزولها قولان:
- أن عمر بن الخطاب قال: اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً، فنزلت هذه الآية.
روى الإمام أحمد :..عن عمر أنّه قال: لمّا نزل تحريم الخمر قال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت هذه الآية التي في البقرة: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثمٌ كبيرٌ .ومنافع للنّاس.} فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت الآية التي في النّساء: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى}.، فكان منادي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا أقام الصّلاة نادى: ألّا يقربنّ الصّلاة سكران. فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت الآية التي في المائدة. فدعي عمر، فقرئت عليه، فلمّا بلغ: {فهل أنتم منتهون} .؟ قال عمر: انتهينا، انتهينا.
التفسير
السائلون هم المؤمنون.
والخمر مأخوذة من خمر إذا ستر.
-ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «خمروا الإناء»، أي خطوا آنياتكم واستروها ؛ ومنه خمار المرأةسمي خمارا لستره وتغطيته .
ومنه خمرة التي يسجد عليها إنما سميت بذلك لأنها تستر الوجه عن الأرض
ويقال " اخْتَمَرَ العَجِينُ " ، أي غطى فطورته الاختمار.
فيقال لكل ما ستر الإنسان من شجر وغيره خمر، وما ستره من شجر خاصة ضرى، " مقصور "..
ومن ذلك الشجر الملتف يقال له : الخمر ؛ بفتح الميم لأنه يغطي ما تحته ويستره ، يقال منه : أخمرت الأرض كثر خمرها
ويقال في القوم إذا تواروا في خمر الشجر : قد أخمروا.
ومنه قول الشاعر:
ألا يا زيد والضحاك سيرا = فقد جاوزتما خمر الطريق
أي سيرا مدلين فقد جاوزتما الوهدة التي يستتر بها الذئب وغيره.
وسميت الخمر خمرا لأنها تستر العقل وتغطيه .
والخمر: المجمع عليها..وهو المُعْتَصَرُ من العِنَبِ إذا غَلى وقَذَفَ بالزَّبَدِ..ولم يشترط بعضهم القذف بالزبد...ويقاس عليه كل ما غطى العقل وستره من غيره يقال له خمرا
ويكون في التحريم بمنزلتها بجامع الإسكار
فكل مسكر خمر وكل مسكر مخالط العقل ومغط عليه.
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب –في بيان المراد بالخمر في الآية-: إنّه كلّ ما خامر العقل
.
قال ابن عطية.. والخمر ماء العنب الذي غلي ولم يطبخ أو طبخ طبخا لم يكف لغليانه وما خامر العقل من غير ذلك فهو في حكمه. اهـ
فكل مَا يسكر قليله أو كثيره خمر ؛ سواء اتخذ من العنب أو التمر أو الحنطة أو الشعير أو غيرها . دليل ذلك
-روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الخمر من هاتين الشجرتين: العنب والنخلة».
- وحرمت الخمر بالمدينة يوم حرمت وهي من العسل والزبيب والتمر والشعير والقمح، ولم تكن عندهم خمر عنب.
- وكذا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم : كُل مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُل خَمْرٍ حَرَامٌ.
وقال أبو حنيفة قد تكون الخمر من الحبوب، وتعقبه ابن سيده بقوله : وأظنه تسفحا منه، لأن حقيقة الخمر إنما هي ماء العنب دون سائر الأشياء.
حكم خمر العنب
-أجمعت الأمة على خمر العنب إذا غلت ورمت بالزبد أنها حرام قليلها وكثيرها، وأن الحد واجب في القليل منها والكثير.
حكم المسكر من غير العنب
-ذهب الجمهور من الأمة إلى أن ما أسكر كثيره من غير خمر العنب فمحرم قليله وكثيره ، والحد في ذلك واجب .
-وقال أبو حنيفة والثوري وابن أبي ليلى وابن شبرمة وجماعة من فقهاء الكوفة : ما أسكر كثيره من غير خمر العنب فهو حلال، وإذا سكر منه أحد دون أن يتعمد الوصول إلى حد السكر فلا حد عليه
وقد ضعف هذا القول ابن عطية ورده من جهة النظر و الخبر
-أن هذا القول مخالف لما روي أن النبي عليه السلام قال: «كل مسكر خمر، وكل خمر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام»، قال ابن المنذر في الإشراف: «لم يبق هذا الخبر مقالة لقائل ولا حجة لمحتج»،
- وأنه مخالف لما كان عليه الصحابة فأبو بكر الصديق وعمر الفاروق والصحابة على خلافه.
-وقيل أن المسكر الذي سموه بغير الخمر حلال
وقد لبّس هذا القول على أبي الأسود الدؤلي فظن أن ذلك كما قيل له، ثم قاده طبعه إلى أن حكم بأنهما واحد، فقال:
دع الخمر يشربها الغواة فإنني... رأيت أخاها مجزيا لمكانها
فإلا يكنها أو تكنه فإنه... أخوها غذته أمها بلبانها
حد شارب الخمر
الذي جاءت به السنة هو في حد شارب الخمر الجلد
رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ {أَنَّ النَّبِيَّ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ} . قَال: وَفَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ، فَقَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَخَفُّ الْحُدُودِ ثَمَانُونَ، فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ .أخرجه مسلم وأبو داود.
وإنما فعل ذلك عمر لأن الناس تهافتوا على شرب الخمر فشدد عليهم الحد فجعله كأخف الحدود ثمانين. قاله ابن عطية.
وبه قال مالك، وقال الشافعي بالأربعين.
هل يخفف في ضرب الشارب
ذهب جماعة من أهل العلم إلى التخفيف في ضرب الخمر فلا يكون شديدا فلا يبدو إبط الضارب.
وقال مالك: «الضرب كله سواء لا يخفف ولا يبرح».
ويجتنب من المضروب الوجه والفرج والقلب والدماغ والخواصر بإجماع.
هل الآية تدل على تحريم الخمر .والميسر
اختلف المفسرون : هل تدل هذه الآية على تحريم الخمر والميسر أم لا تدل ؟ على قولين
الأول :أنه لا تدل على التحريم وإنما جاء التحريم في سورة المائدة في قوله تعالى :{: {إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشّيطان فاجتنبوه لعلّكم تفلحون (90) إنّما يريد الشّيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدّكم عن ذكر اللّه وعن الصّلاة فهل أنتم منتهون (91)}.
ومعنى{فهل أنتم منتهون}:التحضيض على الانتهاء والتهديد على ترك الانتهاء.
وأن - آية البقرة- ممهّدةً لتحريم الخمر على البتات، ولم تكن مصرّحةً بل معرّضةً؛ وهي أول ما تطرق إلى تحريم الخمر
فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآْيَةُ تَرَكَهَا بَعْضُ النَّاسِ، وَقَالُوا: لاَ حَاجَةَ لَنَا فِيمَا فِيهِ إِثْمٌ كَبِيرٌ، وَلَمْ يَتْرُكْهَا بَعْضُهُمْ، وَقَالُوا: نَأْخُذُ مَنْفَعَتَهَا، وَنَتْرُكُ إِثْمَهَا. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآْيَةُ: {لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} فَتَرَكَهَا بَعْضُ النَّاسِ، وَقَالُوا: لاَ حَاجَةَ لَنَا فِيمَا يُشْغِلُنَا عَنِ الصَّلاَةِ، وَشَرِبَهَا بَعْضُهُمْ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ الصَّلاَةِ حَتَّى نَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ. . .} الآْيَةَ. فَصَارَتْ حَرَامًا عَلَيْهِمْ، حَتَّى صَارَ يَقُول بَعْضُهُمْ: مَا حَرَّمَ اللَّهُ شَيْئًا أَشَدَّ مِنَ الْخَمْرِ
روى الإمام أحمد وغيره عن عمر أنّه قال: لمّا نزل تحريم الخمر قال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت هذه الآية التي في البقرة: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثمٌ كبيرٌ ومنافع للنّاس} فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت الآية التي في النّساء: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى} . فكان منادي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا أقام الصّلاة نادى: ألّا يقربنّ الصّلاة سكران. فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت الآية التي في المائدة. فدعي عمر، فقرئت عليه، فلمّا بلغ: {فهل أنتم منتهون} ؟ قال عمر: انتهينا، انتهينا.
وفي رواية قال عمر بن الخطاب: ضيعة لك اليوم قرنت بالميسر والأنصاب، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حرمت الخمر.
-وقال ابن عمر، والشّعبيّ، ومجاهدٌ، وقتادة، والرّبيع بن أنسٍ، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: هذه أوّل آيةٍ نزلت في الخمر: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثمٌ كبيرٌ ومنافع للنّاس} ثمّ نزلت الآية التي في سورة النّساء، ثمّ التي في المائدة، فحرّمت الخمر.
وقال قتادة: ذم الله الخمر بهذه الآية ولم يحرمه
الثاني : وقيل أن الآية تدل على التحريم
في قوله تعالى :{ إثم كبير} وقد حرم الله الإثم نصا في قوله تعالى"{قل إنما حرم ربي الفاحش ما ظهر و ما بطن والإثم والبغي بغر الحق}
وتعقب ابن عطية هذا القول بقوله: ليس هذا النظر بجيد لأن الإثم الذي فيها هو الحرام، لا هي بعينها على ما يقتضيه هذا النظر.
قال الزجاج بعد إيراد هذه المسألة :...وإنما بينا تحريم الخمر وإن كان مجمعا عليه ليعلم أن نص ذلك في الكتاب.

وَالْمَيْسِرِ: القمار قاله ابن كثير
الميسر مفعل من اليسر.
وقيل في اشتقاقه أنه مأخوذ من:
1- من يَسَر إذا جَزَر، والياسرُ الجازرُ، وهو الذي يُجَزِّىء الجَزُور أجزاءً. ذكره ابن عطية
ومنه قول الشاعر:
فلم يزل بك واشيهم ومكرهم = حتّى أشاطوا بغيب لحم من يسروا
ومنه قول الآخر:
أقول لهم بالشّعب إذ ييسرونني = ألم تيأسوا إنّي ابن فارس زهدم؟

والجزور الذي يستهم عليه يسمى ميسرا لأنه موضع اليسر،ثم سُمِّيت السهامُ مَيْسِراً للمجاورة.
واليسر: الذي يدخل في الضرب بالقداح، وجمعه أيسار وقيل، بل «يُسَّر» جمع ياسِر كحارِس وحُرَّس وأَحْراس.
-2 : مأخوذ مِنْ يَسَر لي كذا أي: وَجَب، حكَاه الطبري عن مجاهد. وردَّ ابنُ عطية عليه. .
وسهام الميسر عشرة سبعة لها خطوط وفروض على عدة الخطوط ؛و ثلاثة لا خطوط لها ولا فروض
وكانت عادة العرب أن تضرب بهذه القداح في الشتوة وضيق الوقت وكلب البرد على الفقراء، تشتري الجزور ويضمن الأيسار ثمنها ثم تنحر وتقسم على عشرة أقسام. ثم يضرب على العشرة الأقسام، فمن فاز سهمه بأن يخرج من الربابة متقدما أخذ أنصباءه وأعطاها الفقراء، وفي أحيان ربما تقامروا لأنفسهم ثم يغرم الثمن من لم يفز سهمه. ويعيش بهذه السيرة فقراء الحي، .
وَالْمَيْسِرُ إِنَّمَا كَانَ قِمَارًا فِي الْجُزُرِ خَاصَّةً؛ وقد أجمع العلماء على أن القمار كله حرام. قِيَاسًا عَلَى الْمَيْسِرِ.
وقال محمد بن سيرين والحسن وابن عباس وابن المسيب وغيرهم: كل قمار ميسر من نرد وشطرنج ونحوه حتى لعب الصبيان بالجوز.

"قل فيما إثم كبير" هذه قراءة الجمهور و قرأ حمزة والكسائي " كثير"
ووجهُ قراءةِ الجمهور أن الإِثمَ يُوصف بالكِبرَ، ومنه آية {حُوباً كَبِيراً} وسُمِّيت الموبِقات: «الكبائر» ، ومنه قولُه تعالى: {يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثم} ، وشربُ الخمرِ والقمارُ من الكبائرِ، فناسب وصفُ إثمهما بالكِبَر.
- وأيضا لتناسب" كبير " مع "أكبر " في قوله وإثمهما أكبر من نفعهما " بالباء بواحدة.
-وأمَّا وجهُ قراءة حمزة والكسائي: حجتها أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الخمر ولعن معها عشرة: بائعها، ومبتاعها، والمشتراة له، وعاصرها، والمعصورة له، وساقيها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها، فهذه آثام كثيرة. فكثرة الآثام باعتبار من يزاولها من لَدُنْ كانت عِنباً إلى أن شُربَتْ.
- وأيضا فجمع المنافع يحسن معه جمع الآثام، و «كثير» بالثاء المثلثة يعطي ذلك.
وقد أجمعَتِ السبعةُ على قوله: «وإثْمهما أكبرُ» بالباء الموحَّدة. إلا ما كان في مصحف عبد الله ابن مسعود " وإثمهما أكثر"
المراد بالإثم و المنافع الذي في الخمر والميسر


أمّا إثمهما فهو في الدّين والعقل ؛ وأمّا المنافع فدنيويّةٌ. ذكره الزجاج وابن كثير ونسبه ابن عطية إلى طائفة
فمنافع الخمر: فيها نفع البدن، وتهضيم الطّعام، وإخراج الفضلات، وتشحيذ بعض الأذهان، ولذّة الشّدّة المطربة التي فيها، كما قال حسّان بن ثابتٍ في جاهليّته:
ونشربها فتتركنا ملوكًا = وأسدًا لا ينهنهها اللقاء
وكذا بيعها والانتفاع بثمنها. كما قال مجاهد: «المنفعة بها كسب أثمانها». ذكره ابن عطية
أما منافع الميسر
وما كان يقمّشه بعضهم من الميسر فينفقه على نفسه أو عياله.
أو ما كان ينتفع به الفقراء من الجزور؛ فقد كان يعيش عليه طائفة من الفقراء
ومن المنافع يصير الشيء إلى الإنسان بغير كد ولا تعب.
إثم الخمر :
-تحول بين المرء وعقله الذي يميز به ويعرف ما يجب لخالقه.
وتوقع العداوة والبغضاء و وتورث فساد الدين والأخلاق والسباب والافتراء والإذاية والتعدي الذي يكون من شاربها.
إثم الميسر
- يورث العداوة والبغضاء وإن مال الإنسان يصير إلى غيره بغير جزاء يؤخذ عليه، ففيه أكل المال بالباطل
وقيل
الإثم فيهما بعد التحريم، والمنفعة فيهما قبله.وهو قوله ابن عباس والربيع. ذكره ابن عطية.
وقالت طائفة: هذه الآية منسوخة بقوله: {فاجتنبوه لعلّكم تفلحون} يريد ما في قوله ومنافع للنّاس من الإباحة والإشارة إلى الترخيص.
{وإثمهما أكبر من نفعهما}؛
أعلم الله عز وجل أن الإثم أكبر من النفع لتعلّقها بالعقل والدّين.وأعود بالضرر في الآخرة.

2. حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالقرء في قوله تعالى: {والمطلّقات يتربّصن بأنفسهن ثلاثة قروء}.
{ وَالْمُطَلَّقَاتُ} اللائي انفصلن عن أزواجهن بالطلاق؛ والْمُطَلَّقاتُ لفظ عموم يراد به الخصوص في المدخول بهن، ولم تدخل في العموم المطلقة قبل البناء ولا الحامل ولا التي لم تحض ولا القاعد ولا الأمة فإن عدتها عل نصف عدة الحرة تعتد بقرءين
{ يَتَرَبَّصْنَ} ينتظرن { بِأَنْفُسِهِنَّ ثلاثَةَ قُرُوءٍ} فلا يتزوجن بأي رجل آخر قبل انتهاء مدّة الانتظار.
وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ وَالْأَئِمَّةُ فِي الْمُرَادِ بالأقْرَاء مَا هُوَ؟
عَلَى قَوْلَيْنِ:
الأول : معنى القرء الطهر
ثلاثة قروء ثلاثة أطهار بما فيها الطهر الذي جرى فيه الطلاق .وهي الأزمنة بين الدّمين
فإذا طلق الرجل امرأته في طهر لم يطأ فيه اعتدت بما بقي منه ولو ساعة، ثم استقبلت طهرا ثانيا بعد حيضة ثم ثالثا بعد حيضة ثانية، فإذا رأت الدم من الحيضة الثالثة حلت للأزواج وخرجت من العدة.
وهو قول ابْنِ عَبَّاسٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَسَالِمٍ، وَالْقَاسِمِ، وَعُرْوَةَ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وعطاء ابن أَبِي رَبَاحٍ، وَقَتَادَةَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَبَقِيَّةِ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِ وَاحِدٍ، وَدَاوُدَ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ
قال الزجاج هو مذهب فقهاء أهل المدينة.
دليلهم:
-من القران
وَاسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}
أَيْ: لقبل عدتهن أو في عدتهن؛ ولما كان الطلاق في الحيض محرما صرف الإذن إلى زمن الطهر؛ ولما كان الطهر الذي يطلق فيه محتسبا دل على أنه أحد الأقراء الثلاثة المأمور بها
ومما يؤكد أن القرء هو الطهر..قول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر لما طلق امرأته وهي حائض: (مره فليراجعها ثم يطلقها في طهر لم يجامعها فيه، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء) فقوله: (فتلك العدة) هذا هو محل الشاهد، يعني: في الطهر وليس في الحيض.
وَلِهَذَا قَالَ هَؤُلَاءِ: إِنَّ المعتدة تَنْقَضِي عِدَّتُهَا وَتَبِينُ مِنْ زَوْجِهَا بِالطَّعْنِ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَأَقَلُّ مُدَّةٍ تُصَدَّقُ فِيهَا الْمَرْأَةُ فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ
من السنة
- استدلوا بما رواه الإمام مالك في الموطأعَنْ عُرْوَةَ، عن عائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتِ: انْتَقَلَتْ حَفْصَةُ بنتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، حِينَ دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: فذكرتُ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَتْ: صَدَقَ عُرْوَةُ. وَقَدْ جَادَلَهَا فِي ذَلِكَ نَاسٌ فَقَالُوا: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: " ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ " فَقَالَتْ عَائِشَةُ: صَدَقْتُمْ، وَتَدْرُونَ مَا الأقراءُ؟ إِنَّمَا الْأَقْرَاءُ: الأطهارُ.
-كلام السلف:
وَقَالَ مَالِكٌ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا مِنْ فُقَهَائِنَا إِلَّا وَهُوَ يَقُولُ ذَلِكَ، يُرِيدُ قَوْلَ عَائِشَةَ. وَقَالَ مَالِكٌ: عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَدَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَرئت مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْهَا. وَقَالَ مَالِكٌ: وَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا.
-لغة العرب
وَاسْتَشْهَدَ أَبُو عُبَيْد وَغَيْرُهُ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ -وَهُوَ الْأَعْشَى -:
فَفِي كُلِّ عَامٍ أَنْتَ جَاشِمُ غَزْوة ... تَشُدّ لِأَقْصَاهَا عَزِيمَ عَزَائِكا ...
مُوَرَّثة عدَّا، وَفِي الْحَيِّ رِفْعَةٌ ... لَمَّا ضَاعَ فِيهَا مِنْ قُروء نِسَائِكَا ...
يَمْدَحُ أَمِيرًا مِنْ أُمَرَاءِ الْعَرَبِ آثَرَ الْغَزْوَ عَلَى الْمَقَامِ، حَتَّى ضَاعَتْ أَيَّامَ الطُّهْرِ مِنْ نِسَائِهِ لَمْ يُوَاقِعْهُنَّ فِيهَا.
فالذي ضاع هنا الأطهار لا الحيض.
- قال ابن القاسم ومالك: إن المطلقة إذا رأت أول نقطة من الحيضة الثالثة خرجت من العصمة. وهو مذهب زيد بن ثابت وغيره، وقال أشهب: لا تنقطع العصمة والميراث حتى يتحقق أنه دم حيض لئلا يكون دفعة دم من غير الحيض.
الثاني : القرء الحيض
ثلاثة قروء ثلاثة حيضات التي تبدأ بعد انتهاء الطهر
فَلَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ حَتَّى تُطْهُرَ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، زَادَ آخَرُونَ: وَتَغْتَسِلَ مِنْهَا.
وَأَقَلُّ وَقْتٍ تُصَدَّقُ فِيهِ الْمَرْأَةُ فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ.
وهو مذهب أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَمُعَاذٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَعَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالرَّبِيعِ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، وَالسُّدِّيِّ، وَمَكْحُولٍ، وَالضَّحَّاكِ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، و هو مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، وَأَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَحَكَى عَنْهُ الْأَثْرَمُ أَنَّهُ قَالَ: الْأَكَابِرُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ: الْأَقْرَاءُ الْحَيْضُ. وَهُوَ مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَابْنِ شُبْرُمَةَ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحِ بن حي، وأبي عبيد، وإسحاق بن رَاهْوَيْهِ.
وقال الزجاج هو مذهب أهل الكوفة
دليلهم
من السنة
-مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ طَرِيقِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيش أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: "دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ".
قال ابن كثير : هَذَا لَوْ صَحَّ لَكَانَ صَرِيحًا فِي أَنَّ الْقُرْءَ هُوَ الْحَيْضُ، وَلَكِنَّ الْمُنْذِرَ هَذَا قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُولٌ لَيْسَ بِمَشْهُورٍ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ
-
- ما أخرجه أبو داود في سننه ؛ من طريق المنذر بن المغيرة، عن عروة بن الزبير، أن فاطمة بنت أبي حبيش حدثته أنها، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشكت إليه الدم، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما ذلك عرق فانظري إذا أتى قرؤك فلا تصلي، فإذا مر قرؤك فتطهري، ثم صلي ما بين القرء إلى القرء»
-ما يروى عن أم سلمة أنها استفتت لفاطمة بنت أبي حبيش وكانت
مستحاضة فقال:" - صلى الله عليه وسلم - تنتظر أيام أقرائها وتغتسل فيما سوى ذلك."
فهذا يعني أنَّها تحبس عن الصلاة أيام حيضها ثم تغتسل فيما سوى أيام الحيضَ.
من كلام السلف
قَالَ الثَّوْرِيُّ: عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنْ زَوْجِي فَارَقَنِي بِوَاحِدَةٍ أَوِ اثْنَتَيْنِ فَجَاءَنِي وَقَدْ وَضَعَتُ مَائِي وَقَدْ نَزَعْتُ ثِيَابِي وَأَغْلَقْتُ بَابِي. فَقَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ اللَّهِ -يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ -مَا تَرَى؟ قَالَ : أَرَاهَا امْرَأَتَهُ، مَا دُونُ أَنْ تَحِلَّ لَهَا الصَّلَاةُ. قَالَ عُمَرُ: وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ.
من اللغة العرب
وكان الأصمعي يقول: القُرءُ الحيض، ويقال أقرأتِ المرأة إذا حاضت.
وقال الكسائي والقراء جميعاً أقرأت المرأة إذا حاضت فهِي
مقريءٌ، وقال القراءُ: أقرأت الحاجة إذا تأخرت.
وقال الأخفش أيضاً: أقرأت المرأة إِذا حاضت، وما قرأتْ حيضة ما ضمَّت رحمَها على حيْضة.

الترجيح
منشأ الخلاف أن القرء لفظ مشترك يصلح إطلاقه على الحيض وعلى الطهر وهو الذي عليه جمع من علماء اللغة وكذا بعض الأصوليين
قال أبو عمرو بن العلاء: العرب تسمّي الحيض: قرءًا، وتسمّي الطّهر: قرءًا، وتسمّي الحيض مع الطّهر جميعًا: قرءًا.
جاء في لسان العرب:
والقَرْءُ والقُرْءُ: الحَيْضُ، والطُّهرُ ضِدّ.
قال الشّيخ أبو عمر بن عبد البرّ: لا يختلف أهل العلم بلسان العرب والفقهاء أنّ القرء يراد به الحيض ويراد به الطّهر.
وذكر أهل اللغة أن القرء يمكن إرجاعه إلى أحد أصلين
إما إلى الوقت؛ أو إلى الجمع
أصل القرء الوقت
-القرء في أصل اللغة يطلق عل الوقت. المعتاد المعلوم تردده
جاء في لسان العرب
والقَرْءُ: الوَقْتُ. قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا مَا السَّماءُ لَمْ تَغِمْ، ثُمَّ أَخْلَفَتْ ... قُروء الثُّرَيَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا قَطْرُ
يُرِيدُ وَقْتَ نَوْئها الَّذِي يُمْطَرُ فِيهِ الناسُ.
قال ابن جريرٍ: أصل القرء في كلام العرب: "الوقت لمجيء الشّيء المعتاد مجيئه في وقتٍ معلومٍ، ولإدبار الشّيء المعتاد إدباره لوقتٍ معلومٍ"
يقال: " هذا قارئ الرّياح " ؛ أو قرء الرياح لوقت هبوبها.

وقرء النجم وقت طلوعه، وكذلك وقت أفوله
قال الأصمعيّ: أنّ القرء هو الوقت.
.
-قال أبو عبيدة: إن القرء يصلح للحيض والطهر، قال وأظنه من أقرأت النجوم إذا غابت.
- قال أَبو إِسْحَاق الزّجاج: أَخْبرنِي مَن أَثِق بِهِ يَرفَعه إِلَى يُونس أَن الْأَقْرَاء عِنْده تصلحُ للْحيض والأطهار.
قَالَ: وَذكر أَبُو عَمْرو بن العَلاء أَن الْقُرْء: الْوَقْت، وَهُوَ يَصلح للحَيض وَيصْلح للطُّهر.اهـ
وأنشد أهل اللغة:
شنئث العقر عقر بني شليل... إذا هبت لقاريها الرياح
أي: لوقت هبوبها، وشدة بردها.
ومنه قول الراجز: [الرجز]
يا رب ذي ضغن على فارض = له قروء كقروء الحائض
أراد وقت غضبه.

فلما كان
الحيض يَجِيء لِوقتٍ، والطُّهر يَجِيءُ لوقْتٍ جَازَ أَن يَكُونَ الأَقْراء حِيَضاً وأَطْهاراً...فوقع لفظ القرء على الضدين
2-أصل القرء الجمع
وقال قوم: أصل القرء في اللغة الجمع. وهو ما ذهب إليه الزجاج
فلفظ القرء مأخوذ من قرء الماء في الحوض، وهو جمعه.
وقولك قرأت القرآن،أي:لفظت به مجموعا.
والقرد يقرئ،أي: يجمع ما يأكل في بيته.
والمقرأة الحوض الذي يقرأ فيه الماء أي يجمع.
والمقرأ الإناء الذي يقرأ فيه الضيف.
فصح على هذا إطلاق القرء على الحيض وعلى الطهر؛
فالقرء اجتماع الدم ...فالرحم تجمع الدم وقت الحيض والجسم يجمعه وقت الطهر.
بهذا تبين أن القرء لفظ مشترك يطلق على الحيض على الطهر جميعا..لكن الخلاف بين المفسرين أي المعنيين أريد بالآية إذ يتعذر حملين المعنيين جميعا لأنه مشترك ضدي
فلابد من دليل صحيح صريح يرجح أو قرينة يرجح به أحد المعنيين
وقد رجح الشنقيطي القول الأول أن القرء معناه الطهر بدلالة الآية و تفسيرها بالحديث النبي صلى الله عليه وسلم
قال رحمه الله تعالى :{.. وَلَا يُوجَدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْءٌ يُقَاوِمُ هَذَا الدَّلِيلَ، لَا مِنْ جِهَةِ الصِّحَّةِ، وَلَا مِنْ جِهَةِ الصَّرَاحَةِ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ ; لِأَنَّهُ حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مَذْكُورٌ فِي مَعْرِضِ بَيَانِ مَعْنَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى.}
ثم بين رحمه الله تعالى وجه الدلالة : وَقَدْ صَرَّحَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِأَنَّ الطُّهْرَ هُوَ الْعِدَّةُ مُبَيِّنًا أَنَّ ذَلِكَ هُوَ مُرَادُ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا، بِقَوْلِهِ: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ، فَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَتِلْكَ الْعِدَّةُ» رَاجِعَةٌ إِلَى حَالِ الطُّهْرِ الْوَاقِعِ فِيهِ الطَّلَاقُ ; لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ «فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا» أَيْ: فِي حَالِ كَوْنِهَا طَاهِرًا، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الْحَالَ الَّذِي هُوَ الطُّهْرُ هُوَ الْعِدَّةُ مُصَرِّحًا بِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ مُرَادُ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ، وَهَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْعِدَّةَ بِالطُّهْرِ..
والله أعلم
ب: المراد بقوله تعالى: {ما خلق الله في أرحامهنّ}، والحكمة من النهي عن كتمه.

اختلف أهل التفسير في المراد بالذي خلق في أرحامهن
قيل هو الولد
و روي هذا القول عن عمر وابن عباس .
.لا يحل لهن أن يكتمن أمر الولد لأنهن إن فعلن ذلك فإنما يقصدن إلى إلزامه غير أبيه.
وقيل هو الحيض
وقيل هو الحيض. وهو مذهب إبراهيم النخعي وعكرمة.
الترجيح
رجح الزجاج القول الأول لدلالة القران أن الذي يخلق الله في الأرحام هو الولد
قال اللّه جلّ وعزّ : {هو الّذي يصوّركم في الأرحام كيف يشاء}
وقال: (ثمّ خلقنا النّطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما) فوصف خلق الولد.
وحمل كل من ابن عطية وابن كثير الآية على العموم وذكرا أنه قول ابن عبّاسٍ، وابن عمر، ومجاهدٌ، والشّعبيّ، والحكم بن عيينة والرّبيع بن أنسٍ، وابن زيد ؛والضّحّاك، وغير واحدٍ.

علة النهي
قال ابن عطية : ومعنى النهي عن الكتمان النهي عن الإضرار بالزوج وإذهاب حقه، فإذا قالت المطلقة حضت وهي لم تحض ذهبت بحقه من الارتجاع، وإذا قالت لم أحض وهي قد حاضت ألزمته من النفقة ما لم يلزمه، فأضرت به، أو تقصد بكذبها في نفي الحيض أن لا يرتجع حتى تتم العدة ويقطع الشرع حقه، وكذلك الحامل تكتم الحمل لينقطع حقه من الارتجاع، وقال قتادة: «كانت عادتهن في الجاهلية أن يكتمن الحمل ليلحقن الولد بالزوج الجديد ففي ذلك نزلت الآية»، وقال السدي: «سبب الآية أن الرجل كان إذا أراد أن يطلق امرأته سألها أبها حمل؟ مخافة أن يضر بنفسه وولده في فراقها، فأمرهن الله بالصدق في ذلك».

*****
اعتذر عن التأخير كنت مسافرة

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 ذو القعدة 1439هـ/13-07-2018م, 04:33 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

مجلس تقويم القسم السادس عشر من تفسير سورة البقرة


المجموعة الأولى :

عقيلة زيان : أ+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ، وأرجو الإقلال من النسخ.
- عذركِ مقبول، زادكِ الله توفيقًا وسدادًا.


المجموعة الثانية :
هناء محمد علي: أ+
- أثني كثيرًا على حسن كتابتكِ للرسالة التفسيرية وبيانكِ لمقصدها كما ورد في رأس السؤال وعلى سلاسة أسلوبكِ واختصاركِ لأحكام الطلاق فيها، لكن وددتُ فقط لو استشهدتِ بالآيات القرآنية على ما أوردتِ فيها من أحكام فالأصل أنها رسالة في تفسير آيات الطلاق وذلك كما فعلتِ عند بيانكِ لقول الله تعالى { ولا تنسوا الفضل بينكم }


بارك الله فيكما ونفع بكما، ودمتما من السباقات للخير، وأرجو - ما أمكنكما - الإيجاز في اللفظ مع االإتيان بالمعنى المطلوب، وتحقيق معايير الإجابة الوافية، زادكما الله من فضله.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 2 ذو القعدة 1439هـ/14-07-2018م, 03:28 PM
حنان بدوي حنان بدوي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: إسكندرية - مصر
المشاركات: 392
افتراضي

امّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة مختصرة تبيّن فيها يسر الشريعة بناء على ما درسته في تفسير آيات الطلاق.
لم يأمرنا الله تعالى إلا بخير ولم ينهانا إلا عن ما فيه شر لنا سواء في الدنيا أو الآخرة فكل ما يأت به الله تعالى فهو محض الخير ؛ فأمره خير وشرعه خير وحكمه خير ، وقد يسر الله لنا الشريعة وجعلها سهلة سمحاء ورفع عنا الحرج والمشقة وما فوق الوسع والطاقة ، ويظهر هذا الأمر جلياً في أحكام الطلاق .
  • فأمر تعالى بتحديد أجل الإيلاء حتى لا يضر الرجل بامرأته ويوقفها على نفسه ويمنعها حقها من الزواج إن زهد هو فيها فبعد الأجل إما أن يطلقها وإما أن تنتهي مدة الإيلاء فيعود عن قوله فقال تعالى : {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226)وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)}
  • وحدد سبحانه مدة لتربص المطلقة دون الزواج حتى يتسنى لزوجها مراجعتها خلال هذه الفترة فقال تعالى : {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}
  • ونهى سبحانه عن كتم أمر الحيض والولد من ما خلق الله في الأرحام ؛ مخافة الإضرار بالأزواج من حيث إلحاق النفقة بهم بغير حق ، أو التعجيل بإنهاء فترة التربص ، أو بإلحاق الولد بالزوج الجديد كما كانت عادة الجاهلية قديما .فقال : وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ
  • كما حدد تعالى عدد التطليقات بطليقتان يمكن بعدهما العودة في الزواج دون تجديد مهر وولي ، كما أمره بأن لا يظلمها حقها أما بعد الثالثة فليس له ذلك إلا أن تتزوج من غيره ، وذلك مما فيه من المنافع منها : إجبار الزوج على عدم التسرع في إطلاق لفظ الطلاق مخافة أن تبين منه زوجته ،وذلك لعلمه تعالى بصعوبة تزوج المرأة على الرجل، فحرم عليه الرجوع لهابعد الثلاث لئلا يعجل بالطلاق لقوله : الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ،
  • فإن طلّقها الثالثة فلا تحل له إلا بعد أن تتزوج من غيره ثم يطلها هذا الزوج الجديد وتوفي عدتها من هذا الطلاق بلا تواطؤ ولا تحايل في مجرد إيجاد محلل فقال تعالى : فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ
  • كما حرّم التضييق على النساء وإجبارهن على التخلي عن الصداق أو نحوه مما يعطي الرجل لامرأته لقوله : وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا .
  • كما أباح للمرأة طلب الخلع إن كرهت الزوج أو كرهت معاشرته وأن تفتدي منه بما أعطاها وأباح له قبول ذلك حتى لا يقع ضرر على أي من الزوجين ، وليس للمخالع أن يراجع المختلعة في العدّة بغير رضاها ، لقوله :لَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ
  • كما أمر الزوج إن طلّق المرأة طلاقًا له عليها فيه رجعةٌ، أن يحسن في أمرها إذا انقضت عدّتها، فإمّا أنيرتجعها إلى عصمة نكاحه بمعروفٍ، وهو أن يشهد على رجعتها، وينوي عشرتها بالمعروف، أو يتركها حتّى تنقضي عدّتها، ويخرجها من منزله بالّتي هي أحسن، من غير شقاقٍ ولا مخاصمةٍ ولا تقابحٍ ،كما نهى الزوج عن المماطلة في إطالة مدة العدة ليضرّ بمطلقته ، فكان في الجاهلية يراجع الزوج زوجته قبل انقضاء العدة مباشرة ثم يطلها ثانيا حتى تطول عليها فترة العدة فنهى الله عن ذلك فقال تعالى : وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ
  • وتتجلى كذلك سماحة الشريعة ومراعاتها لحقوق الزواج في اعتبار كل ما يخص الزواج أو الطلاق أو الرجعة هو جد لا هزل فيه فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "من طلّق أو أعتق أو نكح أو أنكح، جادًّا أو لاعبًا، فقد جاز عليه".
  • كما أمر تعالى بأن يزوج المرأة وليها ولا تزج هي نفسها لما في ذلك من المنافع مالا يخفى .
  • وألا يمنع الأولياء الزوجة من الرجوع إلى زوجها إن ارتضيا هما ذلك لقوله : وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ
  • وقد خاطب تعالى عباده في آيات الطلاق تارة بالترغيب وتارة بالترهيب فتنوعت أساليب الخطاب لبيان أهمية الأمر وحرص الشارع تبارك وتعالى على إقامة بيوت المسلمين واستقرارها وبناءها فهي عماد المجتمع المسلم .

المجموعة الأولى:
1. فصّل القول في تفسير قوله تعالى:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}.
سبب نزول الآية :
روي أن هذه الآية أول تطرق إلى تحريم الخمر، ثم بعده لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى [النساء: 43]، ثم قوله تعالى: إنّما يريد الشّيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدّكم عن ذكر اللّه وعن الصّلاة، فهل أنتم منتهون، [المائدة: 91]، ثم قوله تعالى: إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشّيطان فاجتنبوه [المائدة: 90]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حرمت الخمر».
وأورد ابن كثير عن الإمام أحمد: ، عن عمر أنّه قال: لمّا نزل تحريم الخمر قال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت هذه الآية التي في البقرة: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثمٌ كبيرٌ [ومنافع للنّاس]} فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت الآية التي في النّساء: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى} [النّساء: 43]، فكان منادي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا أقام الصّلاة نادى: ألّا يقربنّ الصّلاة سكران. فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت الآية التي في المائدة. فدعي عمر، فقرئت عليه، فلمّا بلغ: {فهل أنتم منتهون} [المائدة: 91]؟ قال عمر: انتهينا، انتهينا.
النسخ في الآية : قالت طائفة: هذه الآية منسوخة بقوله: فاجتنبوه لعلّكم تفلحون [المائدة: 90]، يريد ما في قوله ومنافع للنّاس من الإباحة والإشارة إلى الترخيص.
القراءات في الآية :
  • قرأ حمزة والكسائي «كثير» بالثاء المثلثة.
وتوجيهها :1- أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الخمر ولعن معها عشرة: بائعها، ومبتاعها، والمشتراة له، وعاصرها، والمعصورة له، وساقيها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها، فهذه آثام كثيرة.
2- وأيضا فجمع المنافع يحسن معه جمع الآثام، و «كثير» بالثاء المثلثة يعطي ذلك.
  • وقرأ باقي القراء وجمهور الناس «كبير» بالباء بواحدة.
وتوجيهها :
1- أن الذنب في القمار وشرب الخمر من الكبائر فوصفه بالكبير أليق.
2- وأيضا فاتفاقهم على أكبر حجة لكبير بالباء بواحدة، وأجمعوا على رفض أكثر بالثاء مثلثة، إلا ما في مصحف ابن مسعود فإن فيه «قل فيهما إثم كثير وإثمهما أكثر» بالثاء مثلثة في الحرفين .
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ :
الخطاب في الآية للنبي صلى الله عليه وسلم ، والمعنى :يسألونك يا محمد عن الخمر والميسر وما فيهما من الحل والحرمة .
الخمر لغة : كل ما ستر العقل وخامره وغطّاه .
وعلى ذلك فكل مسكر خمر وكل مسكر مخالط العقل ومغط عليه .
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الخمر من هاتين الشجرتين: العنب والنخلة»،
وروي أن النبي عليه السلام قال: «كل مسكر خمر، وكل خمر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام»
و الحد واجب في القليل منها والكثير، والحد في ذلك واجب.
ولم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم في حد الخمر إلا أنه جلد أربعين، خرجه مسلم وأبو داود.
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه ضرب فيها ضربا مشاعا، وحزره أبوبكر أربعين سوطا، وعمل بذلك هو ثم عمر، ثم تهافت الناس فيها فشدد عليهم الحد وجعله كأخف الحدود ثمانين .
ويجتنب من المضروب الوجه والفرج والقلب والدماغ والخواصر بإجماع.
الميسر : القمار ، فكل قمار ميسر من نرد وشطرنج ونحوه حتى لعب الصبيان بالجوز.

قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ : قل لهم يا محمد أن الخمر والميسر فيهما إثم كبير وفيهما منافع للناس .
والإثم : والإثم هو الحرام ، و الإثم في الخمر ذهابها للمال والعقل ، وما توقع من العداوة والبغضاء والسباب والافتراء والإذاية والتعدي ، وتحول بين المرء وعقله الذي يميز به ويعرف ما يجب لخالقه.
والقمار: يورث العداوة والبغضاء وإن مال الإنسان يصير إلى غيره بغير جزاء يؤخذ عليه.
، وقد حرم الله الإثم بقوله : قل إنّما حرّم ربّي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم [الأعراف: 33]
وإثمهما بعد النهي عنهما وأثناء وقوع الإثم من مباشرهما .
والمنافع في الخمر : من حيث إنّ فيها لذة ونفع البدن، وتهضيم الطّعام، وإخراج الفضلات، وتشحيذ بعض الأذهان، ولذّة الشّدّة المطربة التي فيها ، والربح في المتجّر فيها.
أما المنافع في الميسر : بأن يصير الشيء إلى الإنسان بغير كد ولا تعب .
ولكنّ هذه المصالح لا توازي مضرّته ومفسدته الرّاجحة، لتعلّقها بالعقل والدّين، ولهذا قال :
وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا :
ولهذا كانت هذه الآية ممهّدةً لتحريم الخمر على البتات، ولم تكن مصرّحةً بل معرّضةً؛ حتّى نزل التّصريح بتحريمها في سورة المائدة.

2. حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالقرء في قوله تعالى: {والمطلّقات يتربّصن بأنفسهن ثلاثة قروء}.
اختلف في المراد بالقرء على ثلاثة أقوال :
القول الأول :أن القرء هو الحيض …. وهو المروي عن أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وابن عباس والضحاك ومجاهد والربيع وقتادة وأصحاب الرأي وجماعة كبيرة من أهل العلم ونقله عنهم ابن عطية ، كما أورده ابن كثير عن أبي بكرٍ الصّديق، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وأبي الدّرداء، وعبادة بن الصّامت، وأنس بن مالكٍ، وابن مسعودٍ، ومعاذٍ، وأبيّ بن كعبٍ، وأبي موسى الأشعريّ، وابن عبّاسٍ، وسعيد بن المسيّب، وعلقمة، والأسود، وإبراهيم، ومجاهدٍ، وعطاءٍ، وطاوسٍ، وسعيد بن جبيرٍ، وعكرمة، ومحمّد بن سيرين، والحسن، وقتادة، والشّعبيّ، والرّبيع، ومقاتل بن حيّان، والسّدّيّ، ومكحولٍ، والضّحّاك، وعطاءٍ الخراسانيّ، كما ذكر أنه مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وأصحّ الرّوايتين عن الإمام أحمد بن حنبلٍ، وحكى عنه الأثرم أنّه قال: الأكابر من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقولون: الأقراء الحيض. وهو مذهب الثّوريّ، والأوزاعيّ، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والحسن بن صالح بن حي، وأبي عبيد، وإسحاق بن راهويه، كما ذكره الزجاج عن أهل الكوفة .
وحجة أصحاب هذا القول مارواه أبو داود والنّسائيّ، من طريق المنذر بن المغيرة، عن عروة بن الزّبير، عن فاطمة بنت أبي حبيش أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لها: "دعي الصّلاة أيّام أقرائك".
وعقب ابن كثير على هذا الحديث قائلا : هذا لو صحّ لكان صريحًا في أنّ القرء هو الحيض، ولكنّ المنذر هذا قال فيه أبو حاتمٍ: مجهولٌ ليس بمشهورٍ. وذكره ابن حبّان في الثّقات.
كذلك استدل الزجاج بما روي عنه صلى الله عليه وسلم أن فاطمة سألته فقال: ((إذا أتى قرؤك فلا تصلي، فإذا مر فتطهّري)).
وصلّي ما بين القرء إلى القرء .
واستدل له كذلك بما في مذهب أهل اللغة : أن الأصمعي كان يقول: القرء الحيض، ويقال أقرأت المرأة إذا حاضت.

وأن الكسائي والقراء جميعا يقولون : أقرأت المرأة إذا حاضت فهي مقرئ . وقد نقل عن الأخفش بنحوه .
وحسب هذا القول يكون المراد في الآية بالثلاثة قروء التي حددها لعدة المطلقة قولان :
1- إذا طلق الرجل امرأته في طهر لم يطأ فيه استقبلت حيضة ثم حيضة ثم حيضة فإذا اغتسلت من الثالثة خرجت من العدة،ذكره ابن عطية عن أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وابن عباس والضحاك ومجاهد والربيع وقتادة وأصحاب الرأي وجماعة كبيرة من أهل العلم ، وذكره كذلك ابن كثير .
2- إذا طهرت من الثالثة انقضت العدة قبل الغسل، هذا قول سعيد بن جبير وغيره ذكره عنهم ابن عطية ، كما ذكره ابن كثير .
وقال : وأقلّ وقتٍ تصدّق فيه المرأة في انقضاء عدّتها ثلاثةٌ وثلاثون يومًا ولحظةٌ.

القول الثاني : أن القرء هو الطهر ...وهو المروي عن عائشة وابن عمر وجماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم منهم سليمان بن يسار ومالك وأورده عنهم ابن عطية ، كما ذكره ابن كثير عن ابن عبّاسٍ وزيد بن ثابتٍ، وسالمٍ، والقاسم، وعروة، وسليمان بن يسارٍ، وأبي بكر بن عبد الرّحمن، وأبان بن عثمان، وعطاء ابن أبي رباحٍ، وقتادة، والزّهريّ، وبقيّة الفقهاء السّبعة، وذكر أنه مذهب مالكٍ، والشّافعيّ [وغير واحدٍ، وداود وأبي ثورٍ، وهو روايةٌ عن أحمد، واستدلّوا عليه بقوله تعالى: {فطلّقوهنّ لعدّتهنّ} [الطّلاق: 1] أي: في الأطهار.واستدل له بعدة آثار منها :-قال مالكٌ في الموطّأ عن ابن شهابٍ، عن عروة، عن عائشة أنّها قالت: انتقلت حفصة بنت عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ، حين دخلت في الدّم من الحيضة الثّالثة، قال الزّهريّ: فذكرت ذلك لعمرة بنت عبد الرّحمن، فقالت: صدق عروة. وقد جادلها في ذلك ناسٌ فقالوا: إنّ اللّه تعالى يقول في كتابه: " ثلاثة قروءٍ " فقالت عائشة: صدقتم، وتدرون ما الأقراء؟ إنّما الأقراء: الأطهار.
  • وقال مالكٌ: عن ابن شهابٍ، سمعت أبا بكر بن عبد الرّحمن يقول: ما أدركت أحدًا من فقهائنا إلّا وهو يقول ذلك، يريد قول عائشة.
  • وقال مالكٌ: عن نافعٍ، عن عبد اللّه بن عمر، أنّه كان يقول: إذا طلّق الرّجل امرأته فدخلت في الدّم من الحيضة الثّالثة فقد برئت منه وبرئ منها. وقال مالكٌ: وهو الأمر عندنا
كما نقله الزجاج عن أهل الحجاز وأنه مذهب ابن عمرو ومالك، وفقهاء أهل المدينة واستدل بحديث عائشة السابق وبقول الأعشى:
مورّثة مالا وفي الأصل رفعة... لما ضاع فيها من قروء نسائكا
فالذي ضاع هنا الأطهار لا الحيض.
وحسب هذا القول يكون حساب الثلاثة قروء التي حددها الله لعدة المطلقة كالآتي:
إذا طلق الرجل امرأته في طهر لم يطأ فيه اعتدت بما بقي منه ولو ساعة، ثم استقبلت طهرا ثانيا بعد حيضة ثم ثالثا بعد حيضة ثانية، فإذا رأت الدم من الحيضة الثالثة حلت للأزواج وخرجت من العدة، فإن طلق مطلق في طهر قد مس فيه لزمه الطلاق وقد أساء، واعتدت بما بقي من ذلك الطهر.ذكره ابن عطية وبنجوه ذكر ابن كثير وتدل عليه الآثار السابق ذكرها ..
وقول ابن القاسم ومالك: إن المطلقة إذا رأت أول نقطة من الحيضة الثالثة خرجت من العصمة. وهو مذهب زيد بن ثابت وغيره، وقال أشهب: لا تنقطع العصمة والميراث حتى يتحقق أنه دم حيض لئلا يكون دفعة دم من غير الحيض… ذكره ابن عطية .



القول الثالث : أن القرء هو الحيض والقرء هو الطهر ،ذكره الزجاج عن أبي عبيدة و عمرو ابن العلاء ذكره ابن كثير عن ابن جرير وعمرو بن العلاء وعمر ابن عبد البر ، وذكره ابن عطية عن قوم لم يسمهم .

ووجّه ابن جرير هذا القول بأن مردّه أصل القرء في لغة العرب فمعناه الوقت لمجيء الشّيء المعتاد مجيئه في وقتٍ معلومٍ، ولإدبار الشّيء المعتاد إدباره لوقتٍ معلومٍ". وهذه العبارة تقتضي أن يكون مشتركًا بين هذا وهذا.. وأورد بنحوه الزجاج عن أبي عمرو بن العلاء
ووجهه الزجاج وابن عطية بأن أصله الجمع فكأن الرحم تجمع الدم وقت الحيض والجسم يجمعه وقت الطهر.
وقد نقل الأئمة الثلاثة هذه الأقوال دون ما ترجيح لمراد الله من الآية .

ب: المراد بقوله تعالى: {ما خلق الله في أرحامهنّ}، والحكمة من النهي عن كتمه.
المراد بقوله تعالى: {ما خلق الله في أرحامهنّ} قيل فيه قولان :
1- أنه أمر الولد روي عن ابن عمر وابن عباس وذكره عنهم ابن عطية ، كما ذكره الزجاج واختاره .
واستدل له الزجاج بقوله تعالى : {هو الّذي يصوّركم في الأرحام كيف يشاء}
وقال: (ثمّ خلقنا النّطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما) فوصف خلق الولد.


2- الحيض ….روي عن إبراهيم النخعي وعكرمة وذكره عنهم ابن عطية كما ذكره الزجاج .

3- الولد والحيض جميعا …. ذكره ابن كثير عن ابن عمر ومجاهد والربيع وابن زيد والضحاك ، كما رجحه ابن عطية ..
والحكمة من النهي عن كتمه: عدم الإضرار بالزوج ، فإن كتمت أمر الولد أضرت بالزوج وألحقت الولد بالزوج الجديد كما كانت عادة العرب في الجاهلية ..
  • قال قتادة: «كانت عادتهن في الجاهلية أن يكتمن الحمل ليلحقن الولد بالزوج الجديد ففي ذلك نزلت الآية»،ذكره ابن عطية .
  • وقال السدي: «سبب الآية أن الرجل كان إذا أراد أن يطلق امرأته سألها أبها حمل؟ مخافة أن يضر بنفسه وولده في فراقها، فأمرهن الله بالصدق في ذلك».كره ابن عطية .
وإن كتمت أمر الحيض أضرت بالزوج في أمر النفقة وحساب العدة إما استعجالا في انقضائها أو رغبة منها في تطويلها .
فنهى الله تعالى عن ذلك .

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29 ذو الحجة 1439هـ/9-09-2018م, 06:01 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حنان على محمود مشاهدة المشاركة
امّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة مختصرة تبيّن فيها يسر الشريعة بناء على ما درسته في تفسير آيات الطلاق.
لم يأمرنا الله تعالى إلا بخير ولم ينهانا إلا عن ما فيه شر لنا سواء في الدنيا أو الآخرة فكل ما يأت به الله تعالى فهو محض الخير ؛ فأمره خير وشرعه خير وحكمه خير ، وقد يسر الله لنا الشريعة وجعلها سهلة سمحاء ورفع عنا الحرج والمشقة وما فوق الوسع والطاقة ، ويظهر هذا الأمر جلياً في أحكام الطلاق .
  • فأمر تعالى بتحديد أجل الإيلاء حتى لا يضر الرجل بامرأته ويوقفها على نفسه ويمنعها حقها من الزواج إن زهد هو فيها فبعد الأجل إما أن يطلقها وإما أن تنتهي مدة الإيلاء فيعود عن قوله فقال تعالى : {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226)وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)}
  • وحدد سبحانه مدة لتربص المطلقة دون الزواج حتى يتسنى لزوجها مراجعتها خلال هذه الفترة فقال تعالى : {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}
  • ونهى سبحانه عن كتم أمر الحيض والولد من ما خلق الله في الأرحام ؛ مخافة الإضرار بالأزواج من حيث إلحاق النفقة بهم بغير حق ، أو التعجيل بإنهاء فترة التربص ، أو بإلحاق الولد بالزوج الجديد كما كانت عادة الجاهلية قديما .فقال : وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ
  • كما حدد تعالى عدد التطليقات بطليقتان يمكن بعدهما العودة في الزواج دون تجديد مهر وولي [ إن رجعت في العدة، أما إذا انتهت العدة فيُمكن مراجعتها لكن مع توفير كافة شروط الزواج]
    ، كما أمره بأن لا يظلمها حقها أما بعد الثالثة فليس له ذلك إلا أن تتزوج من غيره ، وذلك مما فيه من المنافع منها : إجبار الزوج على عدم التسرع في إطلاق لفظ الطلاق مخافة أن تبين منه زوجته ،وذلك لعلمه تعالى بصعوبة تزوج المرأة على الرجل، فحرم عليه الرجوع لهابعد الثلاث لئلا يعجل بالطلاق لقوله :
    الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ،
  • فإن طلّقها الثالثة فلا تحل له إلا بعد أن تتزوج من غيره ثم يطلها هذا الزوج الجديد وتوفي عدتها من هذا الطلاق بلا تواطؤ ولا تحايل في مجرد إيجاد محلل فقال تعالى : فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ
  • كما حرّم التضييق على النساء وإجبارهن على التخلي عن الصداق أو نحوه مما يعطي الرجل لامرأته لقوله : وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا .
  • كما أباح للمرأة طلب الخلع إن كرهت الزوج أو كرهت معاشرته وأن تفتدي منه بما أعطاها وأباح له قبول ذلك حتى لا يقع ضرر على أي من الزوجين ، وليس للمخالع أن يراجع المختلعة في العدّة بغير رضاها ، لقوله :لَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ
  • كما أمر الزوج إن طلّق المرأة طلاقًا له عليها فيه رجعةٌ، أن يحسن في أمرها إذا انقضت عدّتها، فإمّا أنيرتجعها إلى عصمة نكاحه بمعروفٍ، وهو أن يشهد على رجعتها، وينوي عشرتها بالمعروف، أو يتركها حتّى تنقضي عدّتها، ويخرجها من منزله بالّتي هي أحسن، من غير شقاقٍ ولا مخاصمةٍ ولا تقابحٍ ،كما نهى الزوج عن المماطلة في إطالة مدة العدة ليضرّ بمطلقته ، فكان في الجاهلية يراجع الزوج زوجته قبل انقضاء العدة مباشرة ثم يطلها ثانيا حتى تطول عليها فترة العدة فنهى الله عن ذلك فقال تعالى : وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ
  • وتتجلى كذلك سماحة الشريعة ومراعاتها لحقوق الزواج في اعتبار كل ما يخص الزواج أو الطلاق أو الرجعة هو جد لا هزل فيه فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "من طلّق أو أعتق أو نكح أو أنكح، جادًّا أو لاعبًا، فقد جاز عليه".
  • كما أمر تعالى بأن يزوج المرأة وليها ولا تزج هي نفسها لما في ذلك من المنافع مالا يخفى .
  • وألا يمنع الأولياء الزوجة من الرجوع إلى زوجها إن ارتضيا هما ذلك لقوله : وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ
  • وقد خاطب تعالى عباده في آيات الطلاق تارة بالترغيب وتارة بالترهيب فتنوعت أساليب الخطاب لبيان أهمية الأمر وحرص الشارع تبارك وتعالى على إقامة بيوت المسلمين واستقرارها وبناءها فهي عماد المجتمع المسلم .

المجموعة الأولى:
1. فصّل القول في تفسير قوله تعالى:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}.
سبب نزول الآية :
روي أن هذه الآية أول تطرق إلى تحريم الخمر، ثم بعده لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى [النساء: 43]، ثم قوله تعالى: إنّما يريد الشّيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدّكم عن ذكر اللّه وعن الصّلاة، فهل أنتم منتهون، [المائدة: 91]، ثم قوله تعالى: إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشّيطان فاجتنبوه [المائدة: 90]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حرمت الخمر».
وأورد ابن كثير عن الإمام أحمد: ، عن عمر أنّه قال: لمّا نزل تحريم الخمر قال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت هذه الآية التي في البقرة: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثمٌ كبيرٌ [ومنافع للنّاس]} فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت الآية التي في النّساء: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى} [النّساء: 43]، فكان منادي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا أقام الصّلاة نادى: ألّا يقربنّ الصّلاة سكران. فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت الآية التي في المائدة. فدعي عمر، فقرئت عليه، فلمّا بلغ: {فهل أنتم منتهون} [المائدة: 91]؟ قال عمر: انتهينا، انتهينا.
النسخ في الآية : قالت طائفة: هذه الآية منسوخة بقوله: فاجتنبوه لعلّكم تفلحون [المائدة: 90]، يريد ما في قوله ومنافع للنّاس من الإباحة والإشارة إلى الترخيص.
القراءات في الآية :
  • قرأ حمزة والكسائي «كثير» بالثاء المثلثة.
وتوجيهها :1- أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الخمر ولعن معها عشرة: بائعها، ومبتاعها، والمشتراة له، وعاصرها، والمعصورة له، وساقيها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها، فهذه آثام كثيرة.
2- وأيضا فجمع المنافع يحسن معه جمع الآثام، و «كثير» بالثاء المثلثة يعطي ذلك.
  • وقرأ باقي القراء وجمهور الناس «كبير» بالباء بواحدة.
وتوجيهها :
1- أن الذنب في القمار وشرب الخمر من الكبائر فوصفه بالكبير أليق.
2- وأيضا فاتفاقهم على أكبر حجة لكبير بالباء بواحدة، وأجمعوا على رفض أكثر بالثاء مثلثة، إلا ما في مصحف ابن مسعود فإن فيه «قل فيهما إثم كثير وإثمهما أكثر» بالثاء مثلثة في الحرفين .
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ :
الخطاب في الآية للنبي صلى الله عليه وسلم ، والمعنى :يسألونك يا محمد عن الخمر والميسر وما فيهما من الحل والحرمة .
الخمر لغة : كل ما ستر العقل وخامره وغطّاه .
وعلى ذلك فكل مسكر خمر وكل مسكر مخالط العقل ومغط عليه .
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الخمر من هاتين الشجرتين: العنب والنخلة»،
وروي أن النبي عليه السلام قال: «كل مسكر خمر، وكل خمر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام»
و الحد واجب في القليل منها والكثير، والحد في ذلك واجب.
ولم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم في حد الخمر إلا أنه جلد أربعين، خرجه مسلم وأبو داود.
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه ضرب فيها ضربا مشاعا، وحزره أبوبكر أربعين سوطا، وعمل بذلك هو ثم عمر، ثم تهافت الناس فيها فشدد عليهم الحد وجعله كأخف الحدود ثمانين .
ويجتنب من المضروب الوجه والفرج والقلب والدماغ والخواصر بإجماع.
الميسر : القمار ، فكل قمار ميسر من نرد وشطرنج ونحوه حتى لعب الصبيان بالجوز.

قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ : قل لهم يا محمد أن الخمر والميسر فيهما إثم كبير وفيهما منافع للناس .
والإثم : والإثم هو الحرام ، و الإثم في الخمر ذهابها للمال والعقل ، وما توقع من العداوة والبغضاء والسباب والافتراء والإذاية والتعدي ، وتحول بين المرء وعقله الذي يميز به ويعرف ما يجب لخالقه.
والقمار: يورث العداوة والبغضاء وإن مال الإنسان يصير إلى غيره بغير جزاء يؤخذ عليه.
، وقد حرم الله الإثم بقوله : قل إنّما حرّم ربّي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم [الأعراف: 33]
وإثمهما بعد النهي عنهما وأثناء وقوع الإثم من مباشرهما .
والمنافع في الخمر : من حيث إنّ فيها لذة ونفع البدن، وتهضيم الطّعام، وإخراج الفضلات، وتشحيذ بعض الأذهان، ولذّة الشّدّة المطربة التي فيها ، والربح في المتجّر فيها.
أما المنافع في الميسر : بأن يصير الشيء إلى الإنسان بغير كد ولا تعب .
ولكنّ هذه المصالح لا توازي مضرّته ومفسدته الرّاجحة، لتعلّقها بالعقل والدّين، ولهذا قال :
وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا :
ولهذا كانت هذه الآية ممهّدةً لتحريم الخمر على البتات، ولم تكن مصرّحةً بل معرّضةً؛ حتّى نزل التّصريح بتحريمها في سورة المائدة.

2. حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالقرء في قوله تعالى: {والمطلّقات يتربّصن بأنفسهن ثلاثة قروء}.
اختلف في المراد بالقرء على ثلاثة أقوال :
القول الأول :أن القرء هو الحيض …. وهو المروي عن أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وابن عباس والضحاك ومجاهد والربيع وقتادة وأصحاب الرأي وجماعة كبيرة من أهل العلم ونقله عنهم ابن عطية ، كما أورده ابن كثير عن أبي بكرٍ الصّديق، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وأبي الدّرداء، وعبادة بن الصّامت، وأنس بن مالكٍ، وابن مسعودٍ، ومعاذٍ، وأبيّ بن كعبٍ، وأبي موسى الأشعريّ، وابن عبّاسٍ، وسعيد بن المسيّب، وعلقمة، والأسود، وإبراهيم، ومجاهدٍ، وعطاءٍ، وطاوسٍ، وسعيد بن جبيرٍ، وعكرمة، ومحمّد بن سيرين، والحسن، وقتادة، والشّعبيّ، والرّبيع، ومقاتل بن حيّان، والسّدّيّ، ومكحولٍ، والضّحّاك، وعطاءٍ الخراسانيّ، كما ذكر أنه مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وأصحّ الرّوايتين عن الإمام أحمد بن حنبلٍ، وحكى عنه الأثرم أنّه قال: الأكابر من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقولون: الأقراء الحيض. وهو مذهب الثّوريّ، والأوزاعيّ، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والحسن بن صالح بن حي، وأبي عبيد، وإسحاق بن راهويه، كما ذكره الزجاج عن أهل الكوفة .
وحجة أصحاب هذا القول مارواه أبو داود والنّسائيّ، من طريق المنذر بن المغيرة، عن عروة بن الزّبير، عن فاطمة بنت أبي حبيش أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لها: "دعي الصّلاة أيّام أقرائك".
وعقب ابن كثير على هذا الحديث قائلا : هذا لو صحّ لكان صريحًا في أنّ القرء هو الحيض، ولكنّ المنذر هذا قال فيه أبو حاتمٍ: مجهولٌ ليس بمشهورٍ. وذكره ابن حبّان في الثّقات.
كذلك استدل الزجاج بما روي عنه صلى الله عليه وسلم أن فاطمة سألته فقال: ((إذا أتى قرؤك فلا تصلي، فإذا مر فتطهّري)).
وصلّي ما بين القرء إلى القرء .
واستدل له كذلك بما في مذهب أهل اللغة : أن الأصمعي كان يقول: القرء الحيض، ويقال أقرأت المرأة إذا حاضت.

وأن الكسائي والقراء جميعا يقولون : أقرأت المرأة إذا حاضت فهي مقرئ . وقد نقل عن الأخفش بنحوه .
وحسب هذا القول يكون المراد في الآية بالثلاثة قروء التي حددها لعدة المطلقة قولان :
1- إذا طلق الرجل امرأته في طهر لم يطأ فيه استقبلت حيضة ثم حيضة ثم حيضة فإذا اغتسلت من الثالثة خرجت من العدة،ذكره ابن عطية عن أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وابن عباس والضحاك ومجاهد والربيع وقتادة وأصحاب الرأي وجماعة كبيرة من أهل العلم ، وذكره كذلك ابن كثير .
2- إذا طهرت من الثالثة انقضت العدة قبل الغسل، هذا قول سعيد بن جبير وغيره ذكره عنهم ابن عطية ، كما ذكره ابن كثير .
وقال : وأقلّ وقتٍ تصدّق فيه المرأة في انقضاء عدّتها ثلاثةٌ وثلاثون يومًا ولحظةٌ.

القول الثاني : أن القرء هو الطهر ...وهو المروي عن عائشة وابن عمر وجماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم منهم سليمان بن يسار ومالك وأورده عنهم ابن عطية ، كما ذكره ابن كثير عن ابن عبّاسٍ وزيد بن ثابتٍ، وسالمٍ، والقاسم، وعروة، وسليمان بن يسارٍ، وأبي بكر بن عبد الرّحمن، وأبان بن عثمان، وعطاء ابن أبي رباحٍ، وقتادة، والزّهريّ، وبقيّة الفقهاء السّبعة، وذكر أنه مذهب مالكٍ، والشّافعيّ [وغير واحدٍ، وداود وأبي ثورٍ، وهو روايةٌ عن أحمد، واستدلّوا عليه بقوله تعالى: {فطلّقوهنّ لعدّتهنّ} [الطّلاق: 1] أي: في الأطهار.واستدل له بعدة آثار منها :-قال مالكٌ في الموطّأ عن ابن شهابٍ، عن عروة، عن عائشة أنّها قالت: انتقلت حفصة بنت عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ، حين دخلت في الدّم من الحيضة الثّالثة، قال الزّهريّ: فذكرت ذلك لعمرة بنت عبد الرّحمن، فقالت: صدق عروة. وقد جادلها في ذلك ناسٌ فقالوا: إنّ اللّه تعالى يقول في كتابه: " ثلاثة قروءٍ " فقالت عائشة: صدقتم، وتدرون ما الأقراء؟ إنّما الأقراء: الأطهار.
  • وقال مالكٌ: عن ابن شهابٍ، سمعت أبا بكر بن عبد الرّحمن يقول: ما أدركت أحدًا من فقهائنا إلّا وهو يقول ذلك، يريد قول عائشة.
  • وقال مالكٌ: عن نافعٍ، عن عبد اللّه بن عمر، أنّه كان يقول: إذا طلّق الرّجل امرأته فدخلت في الدّم من الحيضة الثّالثة فقد برئت منه وبرئ منها. وقال مالكٌ: وهو الأمر عندنا
كما نقله الزجاج عن أهل الحجاز وأنه مذهب ابن عمرو ومالك، وفقهاء أهل المدينة واستدل بحديث عائشة السابق وبقول الأعشى:
مورّثة مالا وفي الأصل رفعة... لما ضاع فيها من قروء نسائكا
فالذي ضاع هنا الأطهار لا الحيض.
وحسب هذا القول يكون حساب الثلاثة قروء التي حددها الله لعدة المطلقة كالآتي:
إذا طلق الرجل امرأته في طهر لم يطأ فيه اعتدت بما بقي منه ولو ساعة، ثم استقبلت طهرا ثانيا بعد حيضة ثم ثالثا بعد حيضة ثانية، فإذا رأت الدم من الحيضة الثالثة حلت للأزواج وخرجت من العدة، فإن طلق مطلق في طهر قد مس فيه لزمه الطلاق وقد أساء، واعتدت بما بقي من ذلك الطهر.ذكره ابن عطية وبنجوه ذكر ابن كثير وتدل عليه الآثار السابق ذكرها ..
وقول ابن القاسم ومالك: إن المطلقة إذا رأت أول نقطة من الحيضة الثالثة خرجت من العصمة. وهو مذهب زيد بن ثابت وغيره، وقال أشهب: لا تنقطع العصمة والميراث حتى يتحقق أنه دم حيض لئلا يكون دفعة دم من غير الحيض… ذكره ابن عطية .



القول الثالث : أن القرء هو الحيض والقرء هو الطهر ،ذكره الزجاج عن أبي عبيدة و عمرو ابن العلاء ذكره ابن كثير عن ابن جرير وعمرو بن العلاء وعمر ابن عبد البر ، وذكره ابن عطية عن قوم لم يسمهم .

ووجّه ابن جرير هذا القول بأن مردّه أصل القرء في لغة العرب فمعناه الوقت لمجيء الشّيء المعتاد مجيئه في وقتٍ معلومٍ، ولإدبار الشّيء المعتاد إدباره لوقتٍ معلومٍ". وهذه العبارة تقتضي أن يكون مشتركًا بين هذا وهذا.. وأورد بنحوه الزجاج عن أبي عمرو بن العلاء
ووجهه الزجاج وابن عطية بأن أصله الجمع فكأن الرحم تجمع الدم وقت الحيض والجسم يجمعه وقت الطهر.
وقد نقل الأئمة الثلاثة هذه الأقوال دون ما ترجيح لمراد الله من الآية .

[ لغةً: القرء من المشترك اللفظي، فيطلق على الحيض كما يُطلق على الطهر، وكلام العلماء في ذلك لبيان سبب الخلاف في المسألة، لكن لا يمكن هنا اعتبار القول الثالث قولا مستقلا فيها إذا لا يصلح هنا حمل معنى الآية على القولين؛ فإما أن يُعمل بالقول بأنه الحيض، وإما أن يُعمل بالقول بأنه الطهر ]

ب: المراد بقوله تعالى: {ما خلق الله في أرحامهنّ}، والحكمة من النهي عن كتمه.
المراد بقوله تعالى: {ما خلق الله في أرحامهنّ} قيل فيه قولان :
1- أنه أمر الولد روي عن ابن عمر وابن عباس وذكره عنهم ابن عطية ، كما ذكره الزجاج واختاره .
واستدل له الزجاج بقوله تعالى : {هو الّذي يصوّركم في الأرحام كيف يشاء}
وقال: (ثمّ خلقنا النّطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما) فوصف خلق الولد.


2- الحيض ….روي عن إبراهيم النخعي وعكرمة وذكره عنهم ابن عطية كما ذكره الزجاج .

3- الولد والحيض جميعا …. ذكره ابن كثير عن ابن عمر ومجاهد والربيع وابن زيد والضحاك ، كما رجحه ابن عطية ..
والحكمة من النهي عن كتمه: عدم الإضرار بالزوج ، فإن كتمت أمر الولد أضرت بالزوج وألحقت الولد بالزوج الجديد كما كانت عادة العرب في الجاهلية ..
  • قال قتادة: «كانت عادتهن في الجاهلية أن يكتمن الحمل ليلحقن الولد بالزوج الجديد ففي ذلك نزلت الآية»،ذكره ابن عطية .
  • وقال السدي: «سبب الآية أن الرجل كان إذا أراد أن يطلق امرأته سألها أبها حمل؟ مخافة أن يضر بنفسه وولده في فراقها، فأمرهن الله بالصدق في ذلك».كره ابن عطية .
وإن كتمت أمر الحيض أضرت بالزوج في أمر النفقة وحساب العدة إما استعجالا في انقضائها أو رغبة منها في تطويلها .
فنهى الله تعالى عن ذلك .

أحسنتِ جدًا، بارك الله فيكِ ونفع بكِ، وأرجو مراجعة الملحوظات التي باللون الأحمر في أثناء الاقتباس أعلاه.
التقويم : أ
والخصم للتأخير.
زادكِ الله توفيقًا وسدادًا.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الرابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:40 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir