دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 ربيع الأول 1439هـ/29-11-2017م, 09:55 PM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس الرابع: مجلس مذاكرة القسم السادس عشر من تفسير سورة البقرة

مجلس مذاكرة القسم السادس عشر من تفسير سورة البقرة
(الآيات 219-232)


1. (عامّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة مختصرة تبيّن فيها يسر الشريعة بناء على ما درسته في تفسير آيات الطلاق.

2. أجب على إحدى المجموعتين التاليتين:
المجموعة الأولى:

1. فصّل القول في تفسير قوله تعالى:

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}.
2. حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالقرء في قوله تعالى: {والمطلّقات يتربّصن بأنفسهن ثلاثة قروء}.
ب: المراد بقوله تعالى: {ما خلق الله في أرحامهنّ}.

3. بيّن ما يلي:
أ: أنواع اليمين، وحكم كل نوع.
ب: معنى الإيلاء وحكمه.


المجموعة الثانية:
1. فصّل القول في تفسير قوله تعالى:
{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
2. حرّر القول في كل من:
أ: أمد منع إتيان الحائض في قوله تعالى: {ولا تقربوهنّ حتى يطهرن}.

ب: ا
لمراد بالمشركات في قوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ}.
3. بيّن ما يلي:
أ: معنى قوله تعالى: {ولو شاء الله لأعنتكم}.
ب: حكم الخلع.




تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 ربيع الأول 1439هـ/1-12-2017م, 12:14 AM
سارة المشري سارة المشري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 544
افتراضي

1. (عامّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة مختصرة تبيّن فيها يسر الشريعة بناء على ما درسته في تفسير آيات الطلاق.

الحمد لله أولاً وآخراً ، ظاهراً وباطناً ، شرع لنا من الدين أحكمه وأحسنه ، ووضع عن عباده الحرج ووسّع لهم كل ضيق ويسّره ، والصلاة والسلام على إمام المرسلين وخاتم النبيين محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه الأطهار وسلّم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
وبعد ،،
فهذه الشريعة الإسلامية السمحة ، المنزلة من عند أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين ، جاءت بكل خير دنيوي وأخروي ، في شتى فروع الدين ، ومن ذلك محاسنها في أحكام الطلاق ، وتيسيرها على الزوج والزوجة ، فقد كانت الزوجة في الجاهلية تعاني ظلم زوجها ، وتحكّمه ، وظلم ولي أمرها وعضلها ، فنزلت الآيات في سورة البقرة لتبيّن للناس الحدود ، وتشرع الأحكام ، فلم يعُد للزوج حقٌّ في أكثر من ثلاث تطليقات ، ثمّ لا تحلُّ له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره ، وفي هذا تأديبٌ للزوج المستخفّ بالطلاق ، و دعوةٌ للمراجعة وحفظ هذه الأسرة ، أمّا حفظ حقّ المرأة في الإيلاء ، فلم يعد أمراً مفتوحاً إلى غير نهاية ، تشكو منه المرأة ويلات الظلم ، وتُمنع من حقّها ، لكنه قُيّد بأربعة أشهر ، يُعطى فيه الزوج كلّ هذه الفرصة ، فإما أن يبقيها ويراجعها وإمّا أن يطلقها .
وللشرع في الطلاق هيئة سنّية أمر بها ، وهي أن يطلق زوجته في طهر لم يجامعها فيه تطليقة واحدة ، وهذا من أتمّ الحسن والتيسير ، فالالتزام بأمر الله تعالى يمنحه فرصة للمراجعة ، إذ تستلزم هذه الهيئة التفكير والهدوء والرويّة و دراسة الأمر قبل الوقوع فيه ، بدل أن يكتسحه الغضب فيتلفظ بكل صيغ الطلاق ويوقعه ثلاثا ، غير معتبر لما شرع الله ، ثم يندم حيث لا ينفع ُ الندم .
فإن رأى الزوج المصلحة في الطلاق و راعى الصفة الشرعية وطلقها تطليقة ، فهي لاتزال في عصمته ثلاثة قروء ، فإن شاء أمسكها بالمعروف ، عازماً على إعطائها حقوقها ، وإلاّ فتسريحٌ بإحسان ، غير مؤذ لها في إخراجها ، سالكاً سبيل المحسنين فيما يعطيه لها من متاع يجبر به بعض كسرها ، ويطيب به خاطرها .
وكذلك للزوجة أن تطلب الخلع فيما لو شقّ عليها بقاؤها مع زوجها ، وخافت أن لا تؤدي حقه الذي أوجبه الله له ، فتفتدي نفسها منه بما تعطيه من مالها ، وفي هذا تيسير على المرأة ، وتعويض للزوج .
كما حرّم الله على الزوج مضايقة زوجته حتى تفتدي منه بما أعطاها من صداق وغيره ، ولا يحلُّ له ما أخذه جرّاء ذلك .
هذه بعض اللفتات السريعة في يسر الشريعة في آيات الطلاق ، ومن تأملها استخرج منها حكماً وأسراراً جليلة .
والله الهادي إلى سواء السبيل .


المجموعة الثانية:
1. فصّل القول في تفسير قوله تعالى:
{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.

سبب نزول الآية :
فيها أقوال :
1- قيل : نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه إذ حلف أن يقطع إنفاقه عن مسطح بن أثاثة حين تكلم مسطح في حديث الإفك .
2- وقيل: نزلت في أبي بكر الصديق مع ابنه عبد الرحمن في حديث الضيافة حين حلف أبو بكر أن لا يأكل الطعام .
3- وقيل: نزلت في عبد الله بن رواحة مع بشير بن سعد حين حلف أن لا يكلمه .
واليمين الحلف ، وفي هذه الآية نهي ٌ عن عرض اسم الله تعالى للأيمان به ، وعن كثرة الحلف بالله ، ومعنى أن تبروا : لأن لا تبروا ولا تتقوا ولا تصلحوا ، فلايعتل بيمينه في ترك البرّ ، سواءً كان حالفا صدقا ، أو معتل بذلك كذبا ، وقيل المعنى على تقدير محذوف : أن تبروا وتتقوا وتصلحوا أولى .
وفي هذه الآية تحذير منه سبحانه أن تمنعنا أيماننا من البروصلة الرحم إذا حلفنا على تركها ، بل على من فعل ذلك أن يكفّر عن يمينه ويفعل ماحلف على نفسه أن لا يفعله من أمور البر ، والبر : شامل لجميع وجوه الخير .
ويشهد لهذه الآية ما في الصّحيحين، عن أبي موسى الأشعريّ رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّي واللّه -إن شاء اللّه -لا أحلف على يمينٍ فأرى غيرها خيرًا منها إلّا أتيت الّذي هو خيرٌ وتحلّلتها" ، وقال بعضهم : لا تحلفوا بالله كاذبين إذا أردتم البر والتقوى والإصلاح ، وذكر ابن عطية احتمال أن يكون هذا التأويل في الذي يريد الإصلاح بين الناس، فيحلف حانثا ليكمل غرضه .

2. حرّر القول في كل من:
أ: أمد منع إتيان الحائض في قوله تعالى: {ولا تقربوهنّ حتى يطهرن}.

القول الأول :حتى تغتسل بالماء بعد أن تطهر من الدم أي تنقى منه ، أو تتيمم إن تعذر الغسل عليها بشرطه ، وهو قول ابن عباس و مجاهد وعكرمة والحسن وعثمان بن الأسود وإبراهيم .
عن مجاهدٍ في قوله: {يسألونك عن المحيض قل هو أذًى فاعتزلوا النساء في الحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن} قال: حين يطهرن من الدّم قال: {فإذا تطهّرن} قال اغتسلن: فأتوهنّ من حيث أمركم اللّه}
التخريج :
- أما قول ابن عباس فقد أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عليّ بن أبي طلحة عنه .
- و أما قول مجاهد فقد أخرجه النهدي من طريق ابن أبي نجيح عنه .
- وأما قول عكرمة فأخرجه ابن جرير من طريق عبيد اللّه العتكيّ عنه .
- وأما قول الحسن فأخرجه ابن جرير من طريق عامر عنه .
- وأما قول عثمان بن الأسود فأخرجه ابن جرير من طريق سفيان عنه .
- وأما قوال إبراهيم فأخرجه ابن جرير من طريق هشيمٌ، عن مغيرة عنه .

القول الثاني : انقطاع الدم ، فقال بعضهم بمجرد انقطاعه ، وقال آخرون أن تتوضأ وضوءها للصلاة ، بعد انقطاع الدم ، وهو رواية عن مجاهد وعكرمة ، وقال بعضهم غسل فرجها يحلها لزوجها وإن لم تغتسل من الحيضة .
- أما قول مجاهد وعكرمة فأخرجه ابن جرير من طريق ليث عنهما .

الدراسة :
أما القول الأول فهو مبني على أن قوله تعالى ( فإذا تطهرن ) أي اغتسلن بالماء ، ويؤيد هذا القول قراءة ( يطّهرن ) بتشديد الطاء والهاء وفتحهما ، قرأ بها حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر والمفضل عنه ، وفي مصحف أبيّ وعبد الله حتى يتطهرن، وفي مصحف أنس بن مالك «ولا تقربوا النساء في محيضهن، واعتزلوهن حتى يتطهرن»
وأما القول الثاني فهو مبني على أن قوله تعالى فإذا تطهرن أي من النجاسة .
ويجعل بعضهنّ الاغتسال على الندب وأن قوله تعالى ( حتى يطهرن ) فنهيٌ عن قربانهنّ بالجماع ما دام الحيض موجودًا، ومفهومه حلّه إذا انقطع ، لكن تتمة الآية أفادتنا معنى جديدا وهو القرب بعد الاغتسال ، ولا توجد قرينة تصرفه للندب .
ولعلّ القول الأول أرجح لورود القراءة الأخرى المفسرة له ، واختيار عدد من الصحابة لذلك ، وروى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنه : أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جعل في الحائض تصاب، دينارًا فإن أصابها وقد أدبر الدّم عنها ولم تغتسل، فنصف دينارٍ ،والصحيح أنه موقوف ، وحتى القائلين بعدم الكفارة قالوا يستغفر .

ب: المراد بالمشركات في قوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ}.
القول الأول : المراد بهنّ المشركات بالله تعالى من عبدة الأوثان ، ويخرج من ذلك الكتابيات ابتداءً ، فلفظها عام ومعناها خاصّ ، وهو قول قتادة وسعيد بن جبير .
التخريج :
- أما قول قتادة فقد أخرجه ابن جرير الطبري من عدة طرق عنه ، وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق سعيد عنه .
- وأما قول سعيد بن جبير فقد أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق سفيان عن حماد عنه .

القول الثاني : أن اللفظ عام في جميع المشركات ومنهن الكتابيات ،ثم خرجت الكتابيات بدليل آخر يستثنيهن ، فمنهم من قال أنه عام مخصوص ، ومنهم من قال نسخ بعضه .
وهو قول ابن عباس و مجاهدٌ، وعكرمة، وسعيد بن جبيرٍ، وقتادة ، والحسن، والرّبيع بن أنسٍ ، وهو قول الزجاج .
التخريج :
- أما قول ابن عباس فقد أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه .
- وأما قول مجاهد فقد أخرجه ابن جرير من طريق ابن أبي نجيح عنه ، ومن طريق ابن جريج عنه .
- وأما قول عكرمة والحسن البصري فقد أخرجه ابن جرير من طريق الحسين بن واقد عن يزيد النحوي عنه .
- وأما قول قتادة فقد أخرجه عبدالرزاق من طريق معمر عنه .
- وأما قول الربيع فقد أخرجه ابن جرير من طريق ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه عنه .

القول الثالث : المراد بهن كل من كفر بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ويدخل في ذلك الوثنيات ، والمجوس والكتابيات ، وهي غير منسوخة ، وهذا القول رُوي عن ابن عباس ، وابن عمر .
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر، أنّه كره نكاح أهل الكتاب ويتأوّل ولا تنكحوا المشركات حتّى يؤمنّ.
وأخرج البخاري والنحاس في ناسخه عن نافع عن عبد الله بن عمر كان إذا سأل عن نكاح الرجل النصرانية أو اليهودية قال: حرم الله المشركات على المسلمين ولا أعرف شيئا من الإشراك أعظم من أن تقول المرأة: ربها عيسى أو عبد من عباد الله)
التخريج :
- أما ماروي عن ابن عمر فقد أخرجه البخاري والنحاس في ناسخه عن نافع عنه ، وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق ميمون بن مهران عنه .
-و أما ماروي عن ابن عباس فقد أخرجه ابن جرير من طريق شهر بن حوشب عنه .

الدراسة :
الاختلاف في هذه الآية هو في المراد بلفظ المشركات هل تدخل فيه مشركات أهل الكتاب ، فنقول بأنه عامّ ، أم لا يدخلن في هذا اللفظ ، فعلى القول الأول لم يدخلن ابتداءً ، ثم بين الله حكمهن في آية أخرى ، فلا نسخ ولا تخصيص ، وعلى القولين الآخرين يشمل اللفظ الكتابيات لجامع الشرك في الجميع ، ثم قال أصحاب القول الثاني بخروج الكتابيات بالآية الأخرى ، وتمسك أصحاب القول الثالث بهذه الآية .
وعلى هذا فالأقرب هو قول أصحاب القول الثاني وذلك لأنه قول الأكثرين من الصحابة والتابعين ، ويؤيده ما أخرجه ابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية {ولا تنكحوا المشركات} فحجز الناس عنهن حتى نزلت الآية التي بعدها (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) (المائدة الآية 5) فنكح الناس نساء أهل الكتاب.
وأمّا القائلين بالقول الثالث فيمكن الإجابة عنه بعدة أجوبة : منها ضعف ماروي عن ابن عباس من طريق شهر بن حوشب فيما أخبر به عن عمر ، مع ورود ما يخالفه عن عمر بأصح منه ، وأما قول ابن عمر فهو معارض لصريح الآية ولأقوال الصحابة .

3. بيّن ما يلي:
أ: معنى قوله تعالى: {ولو شاء الله لأعنتكم}.

أي لو شاء الله لكلفكم ما يشق عليكم فتعنتون .
والعنت شدة المشقة من قولهم عنت البعير يعنت إذا حدث في رجله كسر بعد جبر لا يمكنه معه تصريفها، ويقال أكمة عنوت إذا كان لا يمكن أن يحازيها إلا بمشقة عنيفة.
والمراد هنا : 1- لأتعبكم وضيّق عليكم وأحرجكم في تجنب أمر اليتامى، ولكنه خفف عنكم .
2- وقال ابن عباس: المعنى لأوبقكم بما سلف من نيلكم من أموال اليتامى ، و أهلككم .

ب: حكم الخلع.
القول الأول : لايجوز إلا مع الشقاق والبغض و خوف عدم القيام بالحق ، لقوله تعالى ( ولا يحلّ لكم أن تأخذوا ممّا آتيتموهنّ شيئًا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود اللّه فإن خفتم ألاّ يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) ، وقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: "أيّما امرأةٍ سألت زوجها الطّلاق في غير ما بأسٍ فحرامٌ عليها رائحة الجنّة". قالوا: فلم يشرع الخلع إلّا في هذه الحالة، فلا يجوز في غيرها إلّا بدليلٍ ، وهو قول ابن عبّاسٍ، وطاوسٌ، وإبراهيم، وعطاءٌ، والحسن والجمهور، حتّى قال مالكٌ والأوزاعيّ: لو أخذ منها شيئًا وهو مضارٌّ لها وجب ردّه إليها، وكان الطّلاق رجعيًّا. قال مالكٌ: وهو الأمر الّذي أدركت الناس عليه ، ذكره ابن كثير .
القول الثاني : يجوز مطلقا ، وهو قول الشافعي وأصحابه ، قالوا فإن كان جائزا حال الشقاق ففي حال الاتفاق أولى .
والأحاديث تدلّ على إثم من طلبت الطلاق من غير بأس وترتب العقوبة الأخروية على ذلك ، ولا يكون هذا إلا في المحرمات .

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 ربيع الأول 1439هـ/1-12-2017م, 01:07 AM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مجلس مذاكرة القسم السادس عشر من تفسير سورة البقرة
(الآيات 219-232)



1. (عامّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة مختصرة تبيّن فيها يسر الشريعة بناء على ما درسته في تفسير آيات الطلاق.

الحمد لله الذي رضي لنا الإسلام دينا وصلى الله وسلم على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
وبعد:
فهذه رسالة مختصرة فيها بيان شيء يسير من يسر الشريعة الإسلامية التي قال فيها المبلغ الأمين صلى الله عليه وسلم "الدين يسر"، وذلك من خلال تناول بعض آيات الطلاق التي وردت في سورة البقرة فنبين الحكم وبيان التيسير والرحمة فيه،

=فمنها: قوله تعالى: " لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ "
فكان من أمر الجاهلية أن الرجل إذا أراد الأضرار بالزوجة حلف على عدم وطئها ثم تركها لا هي أيما ولا هي ذات زوج ثم جاء الحكم من الله سبحانه وتعالى بتحديد هذه المدة بأربعة أشهر فإن جامع وإلا طلب من أن يطلقها أو يطلقها القاضي. وهذا فيه من الرحمة والتيسير على النساء الشيء العظيم .
=ومنها: قوله تعالى: " وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ"
فمن تيسير الشريعة أنها تحمي الأزواج والزوجات وتساعدهم على عدم هدم البيوت سريعا، فإذا طلقت المرأة فإن لها عدة وهي ثلاثة قروء وخلالها تبقى في بيتها مع الزوج إلا أنه لا يجامعها وهذا سبب كبير في حصول الرجعة وعدم افتراق الزوجين.
=ومنها: قوله تعالى: " وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ"
وفيه بيان رحمة الله سبحانه بالأزواج حيث بين للنساء أنهن لا يحل لهن أن يكتمن الحيض من أجل أن تبقى في عدته أو أن تفوت عليه الرجعة، وكذلك من تكتم الحمل حتى تنسب الولد لزوج غيره بعد أن تطلق منه، فكل هذا من الإضرار بالزوج والذي رفعه الله ببيان هذا الحكم.
=ومنها: قوله تعالى: " وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا"
من يسر الشريعة أن بينت أن الرجل إن أراد أن يرد زوجته فإن أحق بذلك وشرط الله عليه أن يريد الإصلاح لا يريد الضرر، وهذا من رحمته سبحانه وتيسيره على المرأة في حياتها أن يبين للرجل أن ينبغي أن لا يكون إرجاعه لها لكي يضرها.
=ومنها: قوله تعالى: " ولهنّ مثل الّذي عليهنّ بالمعروف،
فقد قال ابن عباس: «ذلك في التزين والتصنع والمؤاتاة»، وقال الضحاك وابن زيد: ذلك في حسن العشرة وحفظ بعضهم لبعض وتقوى الله فيه، والآية تعم جميع حقوق الزوجية، فمن يسر الشريعة بهم أن جلعت لكل منهم حقوق وواجبات تجاه الآخر وبهذا الحقوق والواجبات تتيسر الحياة بينهم .
=ومنها: قوله تعالى: " الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ"
فمن اليسر أن الله جعل الطلاق له مراحل يستطيع الزوجين الرجوع في المرحة الأولى أو في الثانية وأما الثالثة فإن وقعت فيفترقان ولا يعودان إلا بعد أن تنكح زوجا غيره.
= ومنها قوله تعالى: " وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ"
يسر الله للمرأة أن تأخذ حقوقها وضمنها لها ببيانها هاهنا، وبين أن الزوج ليس له أن يأخذ مما أعطاها من مهر وغيره شيئا إلا إن كان الطلاق بسبب نشوزها وسوء عشرتها ونحو ذلك، مما يؤدي بالإضرار بالزوج والضرر من جهة الزوجة.
=ومنها قوله تعالى: " فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ"
فمن تيسير الله على الزوجين أن جعل لهم إمكانية في الرجوع بعد أن طلقها ثلاث وبانت منه، وهذا بعد أن تكون نكحت غيره،
=ومنها قوله تعالى: " وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا"
فبين سبحانه للأزوج أنه إذا طلقها ثم حان وقت انقضاء العدة فإما يراجعها وإما يسرحها أي يطلقها ويكون هذا بالمعروف، ونهى الزوج عن إمساكها بغرض أن يضر بها وهذا من تيسيره سبحانه على النساء والرجال بأن وضع لهم ما يضمن عدم وقوع الظلم من أحدهما على الآخر وهذا يعين على سعادتهما.
=ومنها قوله تعالى: " وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ"
فيسر الله للزوجين الرجوع بعد الطلاق بأن بين للأولياء أنهم لا يجوز لهم أن يمنعوا الزوجة إن أرادت أن ترجع لزوجها، وبهذا الحكم ينتفي هدم البيوت بالطلاق. والأصل في هذا: فيما روي أن معقل بن يسار طلق أخته زوجها، فأبى معقل بن يسار أن يزوجها إيّاه، ومنعها بحقّ الولاية من ذلك، فلما نزلت هذه الآية تلاها عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال معقل: رغم أنفي لأمر اللّه.

فالحمد لله حمدا كثيرا طيبا مبارك فيه على نعمه التي لا تحصى.

-----------------------------------------
المجموعة الأولى:
1. فصّل القول في تفسير قوله تعالى:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله كفى وصلاة وسلام على عباده الذين اصطفى،
أما بعد
فهذه رسالة في تفسير قول الله تعالى: "{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}.
يقول الله تعالى : "يسألونك" والسائلون هم المؤمنون، كما جاء عند الإمام أحمد عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: لمّا نزل تحريم الخمر قال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت هذه الآية التي في البقرة: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثمٌ كبيرٌ [ومنافع للنّاس]} فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت الآية التي في النّساء: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى} [النّساء: 43]، فكان منادي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا أقام الصّلاة نادى: ألّا يقربنّ الصّلاة سكران. فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت الآية التي في المائدة. فدعي عمر، فقرئت عليه، فلمّا بلغ: {فهل أنتم منتهون} [المائدة: 91]؟ قال عمر: انتهينا، انتهينا.
وهكذا رواه أبو داود، والتّرمذيّ، والنّسائيّ من طرقٍ، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق.
وقد نزل في الخمر ثلاث آيات، كلها مدنية، وهذه الآية هي الأولى ثم تلتها التي في النساء وهي قوله تعالى: ""، ثم تلتها التي في المائدة وهي قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)"
قال ابن عمر، والشّعبيّ، ومجاهدٌ، وقتادة، والرّبيع بن أنسٍ، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: هذه أوّل آيةٍ نزلت في الخمر: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثمٌ كبيرٌ [ومنافع للنّاس]} ثمّ نزلت الآية التي في سورة النّساء، ثمّ التي في المائدة، فحرّمت الخمر.

والخمر:
هو كما نقله ابن كثير عن أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب: إنّه كلّ ما خامر العقل، وكذا الميسر، وهو القمار.
والخمر ماء العنب الذي غلي ولم يطبخ وما خامر العقل من غير ذلك فهو في حكمه.
قال أبو حنيفة: قد تكون الخمر من الحبوب، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الخمر من هاتين الشجرتين: العنب والنخلة»،
قال ابن عطية في تفسيره:
-وحرمت الخمر بالمدينة يوم حرمت وهي من العسل والزبيب والتمر والشعير والقمح، ولم تكن عندهم خمر عنب،
وأجمعت الأمة على خمر العنب إذا غلت ورمت بالزبد أنها حرام قليلها وكثيرها، وأن الحد واجب في القليل منها والكثير،
-وجمهور الأمة على أن ما أسكر كثيره من غير خمر العنب فمحرم قليله وكثيره. والحد في ذلك واجب." أ ه.
وما وقع في كلام جماعة من فقهاء الكوفة من أن ما القليل الذي لا يسكر من غير خمر العنب حلال، هذا القول ضعيف لأنه خلاف حديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: «كل مسكر خمر، وكل خمر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام»، قال ابن المنذر في الإشراف: «لم يبق هذا الخبر مقالة لقائل ولا حجة لمحتج»،
وأيضا هو خلاف ما عليه الصحابة وعلى رأسهم أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين.

والخمر في اللغة:
هو كل ما ستر العقل، ويقال لكل ما ستر الإنسان من شجر وغيره خمر، وخمار المرأة سمي بذلك لأنه يغطي، والخمرة التي يسجد عليها إنما سميت بذلك لأنها تستر الوجه عن الأرض،
وهذا كله يدل على أن كل مسكر خمر وأنه يغطي العقل ولذلك قيل له خمر، ويقال للشارب مخمور.
والحد في الخمر هو أربعين جلدة فيما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم وأبي داود، وعمل بذلك أبو بكر ثم عمر، ثم تهافت الناس فيها فشدد عليهم الحد وجعله كأخف الحدود ثمانين بعد أن استشار الصحابة، وبه قال مالك، وقال الشافعي بالأربعين،
وقد قيل أنه يكون ضرب غير شديد لا يبدو فيه إبط الضارب، وقال مالك الضرب كله سواء لا يخفف ولا يبرح،
وأما الميسر
فسبق نقل تفسيره عن الفاروق، وقال محمد بن سيرين والحسن وابن عباس وابن المسيب وغيرهم: كل قمار ميسر من نرد وشطرنج ونحوه حتى لعب الصبيان بالجوز.
وهو في اللغة:
مأخوذ من يسر إذا جزر، والياسر الجازر، لأنهم كانوا يجزرون الإبل ويضمن الأيسار ثمنها، ويقسمونها عشرة أقسام ثم يضربون عليها بالسهام في القداح فمن خرجت سهمه فاز بأنصباءه وأعطاها الفقراء، وفي أحيان ربما تقامروا لأنفسهم ثم يغرم الثمن من لم يفز سهمه.
=وقوله تعالى " قل فيهما إثم كبير ومنافع للنّاس"
فيها قراءتان أحدهما: كثير وقرأ بها حمزة والكسائي وحجتها أن النبي لعن الخمرة ولعن معها عشرة: بائعها، ومبتاعها، والمشتراة له، وعاصرها، والمعصورة له، وساقيها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها، فهذه آثام كثيرة، وأيضا فجمع المنافع يحسن معه جمع الآثام،
والأخرى: كبير وهي قراءة باقي القراء وجمهور الناس، وحجتها أن الذنب في القمار وشرب الخمر من الكبائر فوصفه بالكبير أليق.
-والإثم فيهما: ناشئ عن مخالفة الدين وإذهاب وتغطية العقل بالخمر مما يترتب عليه فعل المحظورات، وإيقاع العداوة والبغضاء بين الناس بالميسر لما يترتب عليه أخذ الأموال بدون تعب أو جزاء يؤخذ عليه.
-وأما المنافع للناس فيه: فاللذة في الخمر والربح في التجارة فيها وتصنيعها وبيعها، والمنفعة في القمار، حيث يصير الشيء إلى الإنسان بغير كد ولا تعب.
ثم بين الله تعالى في هذه الآية أن الضرر فيهما أكبر من النفع الموجود فقال تعالى " وإثمهما أكبر من نفعهما". وهذه الآية كانت ممهدة لتحريم الخمر تحريما تاماً وهي مهدت تمهيدا رائعاً بأن قارنت المنافع بالمضار ثم بينت أو المضار أكبر وأكثر من المنافع وهذا لكل عاقل كافٍ لترك هذا الشيء الذي غلبت مضاره منافعه ثم قد بين سبحانه وتعالى في سورة المائدة الأمر الصريح بتحريمها.
نسأل الله أن ييسر لنا العلم النافع والعمل الصالح.
والحمد لله رب العالمين.

---------------------------------------

2. حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالقرء في قوله تعالى: {والمطلّقات يتربّصن بأنفسهن ثلاثة قروء}.

قيل في المراد بالقرء أقوال ثلاثة:
=فالقول الأول: أنه الحيض.
وحجته:
ما يروى عن أم سلمة إنها استفتت لفاطمة بنت أبي حبيش وكانت مستحاضة فقال - صلى الله عليه وسلم - ((تنتظر أيام أقرائها وتغتسل فيما سوى ذلك)) فهذا يعني أنّها تحبس عن الصلاة أيام حيضها ثم تغتسل فيما سوى أيام الحيض،
وفي خبر آخر أن فاطمة سألته فقال: ((إذا أتى قرؤك فلا تصلي، فإذا مر فتطهّري)). وصلّي ما بين القرء إلى القرء،
القائلون به:
قال به أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وأبي الدّرداء، وعبادة بن الصّامت، وأنس بن مالكٍ، وابن مسعودٍ، ومعاذٍ، وأبيّ بن كعبٍ، وأبي موسى الأشعريّ، وابن عباس وسعيد بن المسيّب، وعلقمة، والأسود، وإبراهيم، ومجاهدٍ، وعطاءٍ، وطاوسٍ، وسعيد بن جبيرٍ، وعكرمة، ومحمّد بن سيرين، والحسن، وقتادة، والشّعبيّ، والرّبيع، ومقاتل بن حيّان، والسّدّيّ، ومكحولٍ، والضّحّاك، وعطاءٍ الخراسانيّ،
وأصحاب الرأي وجماعة كبيرة من أهل العلم،
وهذا مذهب الكوفيين، وأبي حنيفة وأحمد في أصح الروايتين عنه، وحكى عنه الأثرم أنّه قال: الأكابر من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقولون: الأقراء الحيض. وهو مذهب الثّوريّ، والأوزاعيّ، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والحسن بن صالح بن حي، وأبي عبيد، وإسحاق بن راهويه.
ومن أهل اللغة قال به الأصمعي والأخفش، وقال به الكسائي والقراء جميعا حيث قالو " أقرأت المرأة إذا حاضت فهي مقرئ،"

=القول الثاني: أنه الطهر،
وحجته:
-ما يروى عن عائشة أنها قالت: الأقراء الأطهار،
-واستدلّوا عليه بقوله تعالى: {فطلّقوهنّ لعدّتهنّ} [الطّلاق: 1] أي: في الأطهار. ولمّا كان الطّهر الّذي يطلّق فيه محتسبًا، دلّ على أنّه أحد الأقراء الثّلاثة المأمور بها؛ ولهذا قال هؤلاء: إنّ المعتدة تنقضي عدّتها وتبين من زوجها بالطّعن في الحيضة الثّالثة،
القائلون به:
هذا القول هو قول عائشة وابن عمر وجماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم منهم سليمان بن يسار، وأبي بكر بن عبد الرّحمن، وأبان بن عثمان، وعطاء ابن أبي رباحٍ، وقتادة، والزّهريّ.
وهو مذهب ابن عمرو ومالك، وفقهاء أهل المدينة، والشّافعيّ [وغير واحدٍ، وداود وأبي ثورٍ، وهو روايةٌ عن أحمد، ومن أهل اللغة قال به الأعشى،

=القول الثالث: أنه بمعنى الوقت،
وعليه فيصح أن يطلق ويراد به الحيض ويصح أن يطلق ويراد به الطهر.
حجته:
أنه يأتي كذلك في اللغة. كما أنشد بعض أهل اللغة:
شنئث العقر عقر بني شليل... إذا هبت لقاريها الرياح
أي: لوقت هبوبها، وشدة بردها.
قال أبو عبيدة: إن القرء يصلح للحيض والطهر، قال وأظنه من أقرأت النجوم إذا غابت.
وقال ابن جريرٍ: أصل القرء في كلام العرب: "الوقت لمجيء الشّيء المعتاد مجيئه في وقتٍ معلومٍ، ولإدبار الشّيء المعتاد إدباره لوقتٍ معلومٍ"
وقال الشّيخ أبو عمر بن عبد البرّ: لا يختلف أهل العلم بلسان العرب والفقهاء أنّ القرء يراد به الحيض ويراد به الطّهر، وإنّما اختلفوا في المراد من الآية ما هو على قولين.
القائلون به:
هو مذهب آخر كما نقلنا عن أبو عبيدة وأبو عمر بن العلاء وذكره ابن جرير؛ مستدلين بنقولات لأهل اللغة في أن أصل القرء الوقت،
الترجيح:
الذي يترجح أنه الحيض، فإن القرء في اللغة على الراجح هو من الجمع ومنه قولك قرأت القرآن، وقولهم "قريت الماء في الحوض" أي جمعته فيه، ومنه اجتماع الدم في البدن وهذا يكون حال الحيض حيث يجتمع في الرحم.

ب: المراد بقوله تعالى: {ما خلق الله في أرحامهنّ}.
القول الأول:
هو الحيض والحبل جميعا
القائلون به:
قال به ابن عمر ومجاهد والربيع وابن زيد والضحاك.
القول الثاني:
أنه الحيض.
القائلون به:
إبراهيم النخعي وعكرمة.
الترجيح:
الراجح منها هو القول الأول فهو يجمع القولين، وقد رجحه ابن عطية.


3. بيّن ما يلي:
أ: أنواع اليمين، وحكم كل نوع.

=النوع الأول: لغو اليمين:
وقيل في تفسيره أقوال عن السلف، فقيل
-هي ما يجري على لسان الناس دون قصد مثل قولهم والله وبالله،
-وقيل أن يحلف على شيء يظن صدق نفسه ثم يتبين له خلاف ما حلف عليه،
-وقيل أنه ما جمع القولين السابقين.
-وقيل هي اليمين على فعل المعاصي.
-هي أن يحلف على تحريم ما أحل الله أو عكسه.
وحكمه: أنه لا إثم فيه ولا كفارة.
=النوع الثاني: اليمين المنعقدة.
وهي أن يحلف على شيء في المستقبل أن يفعله أو لا يفعله فينعقد هنا اليمين.
وحكمها: أن فيها الكفارة، إذا حنث فيه بأن لم يفعل ما حلف على فعله أو العكس،
=النوع الثالث: اليمين الغموس.
وهي أني حلف على شيء وهو يعلم كذب نفسه فيه.
حكمها: الجمهور على أنه لا كفارة فيها وأن عليه الإثم ويجب أن يتوب منها، وذهب الشافعي إلى وجوب الكفارة وهو رواية عن أحمد ومذهب ابن حزم.

ب: معنى الإيلاء وحكمه.
الإيلاء: هو أن يحلف الرجل أن لا يطأ امرأته أكثر من أربعة أشهر، وكان هذا في الجاهلية وصدر الإسلام ثم نزل تحديده بمدة أربعة أشهر.
حكمه: أنه إن حلف على ذلك فإنه إذا انقضت الأشهر الأربعة يوقف فإما أن يجامع، أو تطلق امراته سواء رضي بالطلاق ام لا.
واختلف في الطلاق فقيل طلقة بائنة لا رجعة فيها وقيل هي رجعية.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 ربيع الأول 1439هـ/1-12-2017م, 02:45 AM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

1. (عامّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة مختصرة تبيّن فيها يسر الشريعة بناء على ما درسته في تفسير آيات الطلاق.
بسم الله, والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد:
فإن الشريعة الإسلامية شريعة تيسير وتسهيل, فقد كانت عائشة -رضي الله عنها- تقول عن رسول الله: أنه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما. والتيسير مقصد شرعي من أهم أصول الشريعة ومقاصدها, لذا تجده متجسدا في كل أبوابها, وواضحا في كل أحكامها, فالتيسير مقصد فقهي في جميع أبواب الفقه, لا سيما ما يخص المعاملات الاجتماعية, وما يخص العلاقات الأسرية بين الزوج وزوجته, فقد أتت الشريعة الإسلامية في مجتمع جاهلي, ضاع ما بين القسوة على المرأة وحرمانها حقوقها وعدم توضيح ما يجب لها وعليها, وما بين المبالغة في إعطاء الرجل ما لا يستحق وإيجاب ما لا يقدر عليه, ومن ذلك: أحكام الطلاق, وسنستعرض بإذن الله أبرز الأحكام الواردة في آيات سورة البقرة فيما يخص أحكام الطلاق التي يظهر فيها التيسير وتسهيل المعاملة بين الرجل وزوجته فيما يخص ذلك.

*لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)*
أولا: الإيلاء:
والإيلاء: هو أن يحلف الرجل على أن لا يطأ امرأته, فتتربص المرأة أربعة أشهر, فإن فاء وإلا طلقها.
وقد كان الإيلاء في الجاهلية يكون بعدم إتيان الرجل أهله, وعدم تطليقهم, فتصبح المرأة لا بالمتزوجة ولا بالمطلقة, لا هي بالتي اسمتعت به, ولاهي بالتي طلقت فنكحت غيره, وقد كان هذا من التعسف الجاهلي,
وفيه من التشديد والقسوة على المرأة ما الله به عليم, وفيه كذلك من السماح للرجل بأن يظلم أهله, ويظلم نفسه بهذا الفعل, فجاء الإسلام مكرما للمرأة, وميسرا للرجل كفارة عن فعله, وذلك بأن شرع له إما بأن يعزم الطلاق بعد أربعة أشهر, فتحل لغيره وتخرج عن عصمته, أو أن يفيء مقابل أن يكفر عن ذلك, فوضع الإسلام الكفارة مخرجا يراد به التيسير والتطهير في آن, ولذا ختم الله الآية بقوله :(فإن الله غفور رحيم) ففيه إيحاء بمدى رحمته, وسعة مغفرته لمن تاب وأناب وأراد العودة عن فعله.

*والمطلّقات يتربّصن بأنفسهنّ ثلاثة قروءٍ ولا يحلّ لهنّ أن يكتمن ما خلق اللّه في أرحامهنّ إن كنّ يؤمنّ باللّه واليوم الآخر وبعولتهنّ أحقّ بردّهنّ في ذلك إن أرادوا إصلاحاً ولهنّ مثل الّذي عليهنّ بالمعروف وللرّجال عليهنّ درجةٌ واللّه عزيزٌ حكيمٌ (228)*
ثانيا: تشريع الطلاق:
من حكمة الله وتيسيره أن شرع الطلاق بين الزوجين, وذلك أن الحياة الزوجية قد لا تقتضي بالضرورة النجاح, وقد تنتهي سبل المرء كلها حتى يصل إلى أن قرار الانفصال هو الحل الأمثل, وفي بعض الديانات لا يشرع ذلك, فيبقى الرجل والمرأة معلقان, لا هما باللذين يريدان إكمال هذه العلاقة, ولا هما باللذين استطاعا قطعها, ومن هنا يأتي سر التيسير في تشريع الطلاق, وذلك للحاجة إليه, وكونه حلا تتيسر به الحياة والأمور في بعض الأحيان, فشرع الإسلام الطلاق, لكنه حفاظا على هذا الميثاق الغليظ المسمى بعقد النكاح, شرع كذلك شروط وأحكام تحافظ عليه, ولا تؤدي إلى الطلاق إلا بعد التأكد من كونه الحل الأنسب, وسيأتي ذكرها تباعا بإذن الله.

ثالثا: عدة الطلاق:
ومن التيسير أن الإسلام شرع عدة للمطلقة يتضح بها براءة رحمها, والتأكد من صحة قرار الطلاق, ومراجعة النفس في تلك العدة, وهي ثلاثة قروء, وبعدها إما أن يقرر الزوج بعد هذه المدة الكافية للتفكير بالرجعة أو بالطلاق, وهذه من الأحكام التي شرعت لتيسير حياة الزوجين, وللتأكد من القرارات التي يتخذانها, فقد يقرر الرجل في لحظة غضب الطلاق, ثم يصاب بعد ذلك بالأسف ويود العودة عن ذلك, فالشريعة تركت مخارج شرعية, لا تقلل من قيمة عقد الزوجية, ولا تسارع في انحلاله, بل تساعد على تيسير المعاملات فيه, والتأكد من مناسبتها للرجل والمرأة.

رابعا: عدة المطلقة الحامل:
يستبين من الآيات أن عدة الحامل تنتهي بوضع حملها, ولذلك نهى الله المرأة عن كتمان حملها, وذلك أن العلم بحمل المرأة مما يحنن قلب الرجل عليها وعلى طفله الذي في بطنها, فقد يكون ذلك داعيا للوفاق بينهما, والتقريب بين قلوبهما, وقد يكون في رؤيته لها معتدة في حملها باب لترقيق قلبه عليها, وتذكير بما يجمعهما من مواثيق عظيمة, كان أعظم ثمارها ما تحمله في بطنها, فقد يكون في رؤيته لذلك تصحيحا لمسار الأمور, وتوضيحا لرؤية ما يصح من القرارات, ومساهمة في الوصول إلى ما يكون فيه تيسير لحياتهما وحياة طفلهما.

*الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)*
خامسا: وضع حد لعدد الطلقات:
في تشريع الإسلام للطلاق بأن يكون طلقتين والثالثة تسريح بإحسان دلالة على احترام المرأة وعدم جعلها لعبة بيد الرجل, متى ما شاء طلق, ومتى ما شاء أمسك, وذلك أنهم كانوا في الجاهلية يطلقون ويرتجعون إلى غير غاية، فقد روي أن رجلا قال لامرأته على عهد النبي صلى الله عليه وسلم: لا أؤويك ولا أدعك تحلين، قالت: وكيف؟ قال: أطلقك فإذا دنا مضي عدتك راجعتك، فشكت ذلك، فنزلت الآية. ذكره ابن عطية.
وقال ابن مسعود وابن عباس ومجاهد وغيرهم كما نقل ذلك ابن عطية:المراد بالآية التعريف بسنة الطلاق، أي من طلق اثنتين فليتق الله في الثالثة فإما تركها غير مظلومة شيئا من حقها وإما أمسكها محسنا عشرتها.

سادسا: تيسير الرجعة للرجل في الطلقتين الأولتين من غير تجديد مهر ولا عقد ولي:
وهذا من تيسير الله للرجل عودته عن طلاقه, واحتراما للعشرة التي كانت بينه وبين زوجته, لا سيما وأن الطلاق قد يكون أحيانا لعدم إمساك الرجل لغضبه, أو لتسرعه, فجاء التيسير في الطلقتين الأولتين, قال عروة بن الزبير وقتادة وابن زيد وغيرهم كما نقل ذلك ابن عطية: نزلت هذه الآية بيانا لعدد الطلاق الذي للمرء فيه أن يرتجع دون تجديد مهر وولي.

سابعا: تيسير حياة المرأة بحفظ حقها إما بالرجعة لزوجها ونيل حقوقها عليه, أو بتسريحها وخروجها عن عصمته ونيلها حرية الزواج من غيره.

ثامنا:من التيسير الذي يختص بالمرأة حفظ حقها من الصداق ومما أعطاها زوجها, وعدم مطالبتها بإرجاعه.
وذلك أن الطلاق آت منه لا منها, ولكونها أعطته من نفسها وبضعها ووقتها وغير ذلك مقابل نفقته وقوامته عليها, وكذلك لما في إرجاعه تعسير للأمور, وتصعيب لحصول هذا الأمر, وقد يؤدي إلى تلاعب الرجل بالمرأة, ونيل ما يريد منها, فإذاانتهى منها طلقها.

تاسعا: تشريع الخلع.
إن من كمال الشريعة الإسلامية أن سلمت زمام الأمور للرجل, وذلك لكونه أعقل في الغالب من المرأة, وأكثر تدبيرا وتمكنا في قيادة الأسرة منها, وذلك لما يشغل المرأة من أعمال وتربية, ولبنيتها الجسدية والنفسية والعاطفية, والتي قد تجعلها في بعض الأحيان لو كان الطلاق بيدها توقعه لأسباب عظمتها العاطفة في عينها, لذا من الرحمة والتيسير أن كان الطلاق بيد الرجل, ومع ذلك فإن الإسلام يحترم وجود حالات يكون فيها من حق المرأة ومن التيسير لحياتها بأن تتخذ قرارا كهذا, لعدم تمكنها -مثلا- من القيام بواجبات الرجل وحقوقه, أو لنفورها منه, فيكون الحل حينها بأن تخلعه وتفتدي نفسها منه, وقد كان الأمر في الجاهلية للرجل فقط, فجاء الإسلام بهذا الحق لها, تيسيرا لأمورها وصيانة وحفظا لكرامتها, فشرع الخلع ليكون حلا يلجأ إليه في بعض الأحيان, ويراد منه تيسير حياة المرأة حين تبتلى بكره الرجل أو النفور منه.

*وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232)*
عاشرا: تيسير عودة المرأة لزوجها بعد طلاقها, ومنع الولي من عضلها.
وهذا من تيسير تعاملات المرأة, ومن احترام اختياراتها, ومن تقدير عاطفتها وما تميل إليه نفسها, وذلك أن المرأة قد تود العودة لزوجها بعد أن ينكحها وقد طلقها سابقا, فتمنع من قبل وليها لخوفه الشديد عليها, أو كرها لزوجها, وقد يكون في عودتها خيرا لها, بل قد لا تجد بعده خيارا أفضل منه لكونها مطلقة, فيكون في عودتها حفظا لها, وتيسيرا لأمور معيشتها, لذا منع الإسلام وليها من عضلها, وأعطاها حق العودة لزوجها.

ختاما: الحديث في الحكم الإلهية التي تتضمنها الأحكام الشرعية يطول, وإن المتتبع لمقصد التيسير في أحكام الطلاق لن تكفية رسالة, بل إنني هنا ورغم تركيزي على عدة آيات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة استخرجت هذا الكم من المقاصد التيسيرية من الأحكام, وقد يتضح لي أكثر من ذلك لو أطلت, ناهيك عن الأحكام المتواجدة في آيات وأحاديث أخر, مما يبين لك اهتمام الشريعة الإسلامية بهذا المقصد, وجعله منهجا تسير عليه الأحكام الشرعية, وضابطا لجميع التشريعات, ولا عجب فالمشرع هو الرحمن الرحيم, الذي لا يكلف نفسها إلا وسعها, ولو تأمل المرء عظيم رحمة الله وتوسيعه على خلقه في آياته لما وسعه حصرها, فالحمدلله على ما شرع, والحمدلله على توفيقه, والحمدلله رب العالمين.

أجب على إحدى المجموعتين التاليتين:
المجموعة الثانية:
1. فصّل القول في تفسير قوله تعالى:
{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
يقول تعالى موجها المؤمنين في أيمانهم :(ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم) وقد يدخل في المراد بذلك معنيان, إما أن المراد أن لا يكثر المرء من الحلف فيجعل الله عرضة, ومعنى عرضة:
أي: كثيرا ما يتعرض بما ذكر, فيكون المعنى أن لا يكثر المرء الحلف بالله بعدا عن الوقوع في الحنث, وقد يكون المعنى أن المراد أن لا يجعل المرء حلفه بالله على فعل معصية مانعا من تركها, فالله هنا يوجه المؤمنين إلى الحنث بها وتكفيرها, وعدم جعلها مانعا وحجة تحول بينه وبين فعل الخير وترك الشر, كما ورد عن رسول الله قوله: "إنّي واللّه -إن شاء اللّه -لا أحلف على يمينٍ فأرى غيرها خيرًا منها إلّا أتيت الّذي هو خيرٌ وتحلّلتها", وقد ورد أن تلك الآية نزلت في أبي بكر حينما حلف ألا يتصدق على مسطح بعد حادثة الإفك, وقيل المراد غيره, لكن الآية عامة, وكلا المعنيين منهي عنهما, (أن تبروا) والبر اسم جامع لكل خلق حسن, (وتتقوا) والتقوى أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية, (وتصلحوا بين الناس) ويدخل في ذلك كل إصلاح في معاشات الناس وفي أمور آخرتهم, (والله سميع عليم) أي: أن الله سميع لكل ما تلوكه الألسنة,عليم بالنوايا سبحانه, فعلى المرء أن يتقي ما نهى عنه, ويأتي ما أمر به, لأنه سبحانه محيط بالعبد سماعا وعلما.


2. حرّر القول في كل من:
أ: أمد منع إتيان الحائض في قوله تعالى: {ولا تقربوهنّ حتى يطهرن}.
قيل: حتى ينقطع حيضهن ويتطهرن بالماء. ذكره الزجاج, وابن كثير.
وقد فصل ابن عطية في المراد بالتطهر بالماء فقال: منهم من يرى أن المراد الاغتسال بالماء. ومنهم من يرى -كمجاهد, وعكرمة, وابن عباس- أنه وضوء كوضوء الصلاة, ومنهم من يرى أن غسل الفرج يحلها لزوجها وإن لم تغتسل من الحيضة, وذهب مالك رحمه الله وجمهور العلماء إلى أن الطهر الذي يحل جماع الحائض التي يذهب عنها الدم هو تطهرها بالماء كطهور الجنب، ولا يجزي من ذلك تيمم ولا غيره، وقال يحيى بن بكير وابن القرظي: إذا طهرت الحائض وتيممت حيث لا ماء حلّت لزوجها وإن لم تغتسل.
وقيل: حتى انقطاع الحيض, ولا يلزم التطهر بالماء, وذلك أن مفهوم الآية حل إتيانهن بانقطاعه, كما ذكر ذلك ابن كثير ونقل قول طائفة من السلف به, وقال ابن عباس والأوزاعي: من فعله تصدق بنصف دينار, وجمهور العلماء على أنه ذنب عظيم يتاب منه ولا كفارة فيه بمال, كما ذكر ذلك ابن عطية.


ب: المراد بالمشركات في قوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ}.
اختلف في المراد بالمشركات هل هو عام في كل من أشركت أم خاص على أقوال:
1-أنه تحريم للزواج من المشركات من عبدة الأوثان والكتابيات على وجه العموم,لكن آية المائدة خصصت من ذلك نساء أهل الكتاب بقوله: {والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهنّ أجورهنّ محصنين غير مسافحين [ولا متّخذي أخدانٍ]} [المائدة: 5]. قال بذلك ابن عباس, ومجاهدٌ، وعكرمة، وسعيد بن جبيرٍ، ومكحولٌ، والحسن، والضّحّاك، وزيد بن أسلم، والرّبيع بن أنسٍ، وغيرهم, وذكره ابن عطية, وابن كثير, ورجحه.
وهنالك قول أورده الزجاج يتفق في النتيجة مع هذا القول لكنه يختلف عنه في مقدمته إليه, وهو أنه حدد أن المشركة من كفرت بالنبي تحديدا, وفي ذلك يدخل أهل الكتاب والأوثان جميعا, لكنه يخصص هذه الآية بآية المائدة كذلك, وذلك أنه يرى أن نوع الشرك هنا ليس شركا مباشرا بالله معه غيره, بل قد يعتقد المعتقد أنه واحد, لكنه لا يقر بنبوة محمد, وأن الكتاب الذي أتى به ليس من عند الله بل من عنده, فيكون بذلك نسب ما لله لغيره, فأشرك به ما يختص به وحده سبحانه.
وذكر ابن عطية عن ابن عباس في بعض ما روي عنه أن الآية عامة في الوثنيات والمجوسيات والكتابيات، وكل من كان على غير الإسلام حرام نكاحهن.
وعقب على ذلك بقوله: أن هذه الآية ناسخة للتي في سورة المائدة، وينظر إلى هذا قول ابن عمر في الموطأ: «ولا أعلم إشراكا أعظم من أن تقول المرأة: ربها عيسى».
2- المراد بذلك المشركون من عبدة الأوثان، ولم يرد أهل الكتاب بالكلّيّة. ذكره الزجاج, وابن عطية, وابن كثير, ولم يرجحه.


3. بيّن ما يلي:
أ: معنى قوله تعالى: {ولو شاء الله لأعنتكم}.
أي: لأتعبكم في تجنب أمر اليتامى، ولكنه خفف عنكم، وقال ابن عباس: المعنى لأوبقكم بما سلف من نيلكم من أموال اليتامى, وقال ابن كثير: ولو شاء لضيّق عليكم وأحرجكم ولكنّه وسّع عليكم، وخفّف عنكم، وأباح لكم مخالطتهم بالّتي هي أحسن, وفي كل الأحوال المراد ذكر التخفيف, وذلك أن العنت يعني: المشقة والتعب والمهلكة.

ب: حكم الخلع.
إذا تشاقق الزّوجان، ولم تقم المرأة بحقوق الرّجل وأبغضته ولم تقدر على معاشرته، فلها أن تخلعه وتفتدي منه بما أعطاها، ولا حرج عليها في بذلها، ولا عليه في قبول ذلك منها؛ ولهذا قال تعالى: {ولا يحلّ لكم أن تأخذوا ممّا آتيتموهنّ شيئًا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود اللّه فإن خفتم ألا يقيما حدود اللّه فلا جناح عليهما فيما افتدت به} الآية.
وعن ابن عبّاسٍ: أنّ امرأة ثابت بن قيس بن شمّاسٍ أتت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالت: يا رسول اللّه، ما أعتب عليه في خلقٍ ولا دينٍ، ولكن أكره الكفر في الإسلام. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أتردّين عليه حديقته؟ " قالت: نعم. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "اقبل الحديقة وطلّقها تطليقةً". رواه النّسائيّ، ورواه البخاريّ أيضًا.
فأمّا إذا لم يكن لها عذرٌ وسألت الافتداء منه، فقد روى ابن جريرٍ عن ثوبان، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "أيّما امرأةٍ سألت زوجها طلاقها من غير بأسٍ فحرامٌ عليها رائحة الجنّة".

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17 ربيع الأول 1439هـ/5-12-2017م, 03:40 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم السادس عشر من تفسير سورة البقرة
(الآيات 219-232)




المجموعة الأولى:
1: علاء عبد الفتاح أ
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ج1: في تعيين القرء في الآية والذي ينبني عليه الحكم الشرعي قولان فقط، إما الحيض وإما الطهر، وما ذكرته كقول ثالث لا يصلح في هذا الموضع، لأنه لا يمكن أن يفسّر القرء بالحيض والطهر معا لأنهما قولان متناقضان، فهو لا يكون إلا واحدا منهما فقط، لكن يستفاد من التفسير اللغوي في توجيه أقوال المفسّرين وبيان سبب الخلاف.
ج2: ونسب القول بأنه الحمل لعمر وابن عباس، ومال الزجّاج إلى هذا القول باعتباره أنسب لوصف الخلق، بينما اختار ابن عطيّة العموم.


المجموعة الثانية:

2:
سارة المشري أ

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- أحسنت في كتابة رسالتك -نفع الله بك- لكن يلاحظ غلبة الأسلوب الإنشائي وخلوّها من الأدلّة والشواهد، فلا أقلّ من كتابة الآيات والوقوف معها على الترتيب حتى لا يفوتك شيء منها مثلما حدث في هذه الرسالة.
ج1 أ: في الآية معنيان محتملان:
الأول: النهي عن كثرة الحلف تعظيما لاسمه سبحانه، وأن هذا من خصال البرّ والتقوى.
الثاني: النهي عن جعل اليمين مانعا من فعل البر إذا حلف ألا يفعله، بل عليه أن يفعل البرّ ويكفّر عن يمينه.

ج2 ب: أحسنت، ولكنك اختصرتِ جدا في الأدلّة التي ساقها ابن كثير عند الترجيح، إذ يجب ذكر هذه الأدلّة بالنصّ ولا يكفي مجرّد الحكم عليها.

3: نورة الأمير ب+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

ج2 أ: يستفاد من تحرير الأخت "سارة".

ج2 ب: أحسنت، ولكنك اختصرتِ جدا في الأدلّة التي ساقها ابن كثير عند الترجيح.




رزقكم الله العلم النافع والعمل الصالح


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25 ربيع الأول 1439هـ/13-12-2017م, 10:41 PM
ضحى الحقيل ضحى الحقيل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 666
افتراضي

المجموعة الأولى:

1. فصّل القول في تفسير قوله تعالى:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْتَتَفَكَّرُونَ (219) }

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
راعى الإسلام سنة التدرج فيما شرعه للناس إيجابا وتحريما، فحينما فرض العبادات فرضها بتدريج وحينما حرم المحرمات حرمها بتدريج.
ومن خصائص الخمر أنها تؤثر على العقل ولها سلطان عليه ومن الصعب العسير أن يتخلى عنها شاربها أو مدمنها مرة واحدة فكان لابد من التدرج لتهيئة النفوس لقبول الحكم، ولهذا مر تحريم الخمر بعدة مراحل ذكرها المفسرون ومن ذلك الأثر الذي ذكره ابن كثير :
عن عمر أنّه قال: لمّا نزل تحريم الخمر قال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت هذه الآية
التي في البقرة: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثمٌ كبيرٌ ومنافع للنّاس} فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا.
فنزلت الآية التي في النّساء: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى} [النّساء: 43]،
فكان منادي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا أقام الصّلاة نادى: ألّا يقربنّ الصّلاة سكران.
فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت الآية التي في المائدة. فدعي عمر، فقرئت عليه، فلمّا بلغ: {فهل أنتم منتهون} [المائدة: 91]؟ قال عمر: انتهينا، انتهينا. رواه الإمام أحمد وغيره
وذكر قريبا من ذلك الزجاج وابن عطية في تفسيرهما، وروى فيه ابن عطية أثرا عن سعيد بن جبير كما أنهما ذكرا احتمالا آخر هو: أن الخمر حرمت بهذه الآية لأنه قال فيها { قل فيهما أثم كبير} وحرم الإثم نصا في قوله: {قل إنّما حرّم ربّي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحقّ}.
ولم يرجح هذا القول ابن عطية بدلالة أن الاثم الذي فيها هو الحرام، لا هي بعينها واستشهد بقول قتادة" ذم الله الله الخمر بهذه الآية ولم يحرمها
نقل ابن عطية عن بعض العلماء القول بأن هذه الآية منسوخة، بما جاء بعدها من تحريم

{يسألونك عن الخمر والميسر}
قال ابن عطية السائلون هم المؤمنون
والخمر: هي المعروفة، مأخوذة من خمر إذا ستر، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «خمروا الإناء»، ومنه خمار المرأة، والخمر ما واراك من شجر وغيره، ومنه قول الشاعر:
ألا يا زيد والضحاك سيرا = فقد جاوزتما خمر الطريق
أي سيرا مدلين فقد جاوزتما الوهدة التي يستتر بها الذئب وغيره
ومنه قولهم: دخل فلان في غمار الناس وخمارهم، أي هو بمكان خاف، فلما كانت الخمر تستر
العقل وتغطي عليه سميت بذلك،
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب: الخمر كلّ ما خامر العقل
فهذا كله يدل على أن كل مسكر خمر وكل مسكر مخالط العقل ومغط عليه
وقد لبّس على أبي الأسود الدؤلي فقيل له: إن هذا المسكر الذي سموه بغير الخمر حلال فظن أن ذلك كما قيل له، ثم قاده طبعه إلى أن حكم بأنهما واحد، فقال:
دع الخمر يشربها الغواة فإنني... رأيت أخاها مجزيا لمكانها
فإلا يكنها أو تكنه فإنه... أخوها غذته أمها بلبانها

والميسر: هو القمار مأخوذ من يسر إذا جزر، والياسر الجازر، ومنه قول الشاعر:
فلم يزل بك واشيهم ومكرهم = حتّى أشاطوا بغيب لحم من يسروا

والجزور الذي يستهم عليه يسمى ميسرا لأنه موضع اليسر، ثم قيل للسهام ميسر للمجاورة.
ذكر ذلك ابن عطية وذكر قولا آخر في المعنى اللغوي للميسر ورده

{قل فيهما إثمٌ كبيرٌ ومنافع للنّاس}
فأما الإثم الكبير الذي في الخمر: أنها توقع العداوة والبغضاء وتحول بين المرء وعقله الذي
يميز به ويعرف ما يجب لخالقه، وتحمله عل التعدي.
والمنفعة كسب أثمانها واللذة التي يجدها من ابتلي بها.
وأما الاثم الذي في الميسر فهو أكل أموال الناس بالباطل، وما تسببه من عداوة وبغضاء.
والمنفعة الكسب بلا مشقة وكد.
ذكر ابن عطية عن ابن عباس والربيع: الإثم فيهما بعد التحريم، والمنفعة فيهما قبله.
وقال ابن كثير: أمّا إثمهما فهو في الدّين، وأمّا المنافع فدنيويّةٌ.
ولا تعارض، إلا أن ابن كثير قصر الاثم على الدين، وبعضهم جعل الاثم شاملا لمضار الخمر الدنيوية والله أعلم.

{وإثمهما أكبر من نفعهما}
يخبر سبحانه وتعالى أن الإثم أكبر من النفع وأكثر ضررا في الآخرة، وكان هذا هو مقدمة التحريم.

القراءات في {كبير}
ذكر الزجاج وابن عطية وابن كثير في الآية قراءتان:
الأولى: قرأ حمزة والكسائي «كثير» ، وتوجيه هذه القراءة:
1. أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الخمر ولعن معها عشرة: بائعها، ومبتاعها، والمشتراة له، وعاصرها، والمعصورة له، وساقيها،وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها، فهذه آثام كثيرة.
2. أن جمع المنافع يحسن معه جمع الآثام، و «كثير» يعطي ذلك.

الثانية: قرأ باقي القراء «كبير»، وتوجيه هذه القراءة:
1. أن الذنب في القمار وشرب الخمر من الكبائر فوصفه بالكبير أليق
2. أن كبير أنسب لقوله بعدها أكبر وهي قراءة مجمع عليها وذكر ابن عطية الإجماع على رفض أكثر إلا ما في مصحف ابن مسعود.

{ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو}
عن يحيى أنّه بلغه: أنّ معاذ بن جبلٍ وثعلبة أتيا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالا يا رسول اللّه، إن لنا أرقّاء وأهلين فما ننفق من أموالنا. فأنزل اللّه: {ويسألونك ماذا ينفقون}.رواه ابن أبي حاتم

والعفو في اللغة: الفضل والكثرة، يقال عفا القوم إذا كثروا. ذكره الزجاج ، وابن عطية
وفي الآية العفو : الفضل، نقله ابن كثير عن ابن عباس وابن عمر، ومجاهدٍ، وعطاءٍ، وعكرمة، وسعيد بن جبيرٍ، ومحمّد بن كعبٍ، والحسن، وقتادة، والقاسم، وسالمٍ، وعطاءٍ الخراسانيّ، والرّبيع بن أنسٍ، وغير واحدٍ:
والمعنى أنفقوا ما فضل عن حوائجكم ولم تؤذوا فيه أنفسكم، وتجهدوا أموالكم فتكونوا عالة،
- روي أن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: «من كان له فضل فلينفقه على نفسه، ثم على من يعول، فإن فضل شيء فليتصدق به»، وقال صلى الله عليه وسلم: «خير الصدقة ما أبقت غنى»،
- وفي حديث آخر: «ما كان عن ظهر غنى».

- وفي حديث أبي هريرة قال: قال رجلٌ: يا رسول اللّه، عندي دينارٌ؟ قال: "أنفقه على نفسك" قال: عندي آخر؟ قال: "أنفقه على أهلك". قال: عندي آخر؟ قال: "أنفقه على ولدك". قال: عندي آخر؟ قال: "فأنت أبصر". رواه ابن جرير.

- وعن جابرٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لرجلٍ: "ابدأ بنفسك فتصدّق عليها، فإن فضل شيءٌ فلأهلك، فإن فضل شيءٌ عن أهلك فلذيقرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيءٌ فهكذا وهكذا". رواه مسلم.

- وعن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "خير الصّدقة ما كان عن ظهر غنًى، واليد العليا خيرٌ من اليد السّفلى، وابدأ بمن تعول". رواه مسلم
- وفي الحديث أيضًا:"ابن آدم، إنّك إن تبذل الفضل خيرٌ لك، وإن تمسكه شرٌّ لك، ولا تلام على كفافٍ".


قيل أن هذه الآية منسوخة بآية الزكاة وأنهم كانوا أمروا أن ينفقوا الفضل إلى أن فرضت الزكاة، ذكره ابن عطية، ونقله ابن كثير عن عليّ بن أبي طلحة، وابن عبّاسٍ، وقاله عطاءٌ الخراسانيّ والسّدّيّ،
وقيل: مبيّنةٌ بآية الزّكاة نقله ابن كثير عن مجاهدٌ ، ورجحه
وقيل أنها هي الزكاة المفروضة، نقله ابن عطية عن قيس بن سعد.
وقيل بل هي نفقات التطوع ، نقله ابن عطية عن جمهور العلماء.

القراءات في قوله {العفو}:
- قرأ الجمهور «العفو» بالنصب،
- وقرأ أبو عمرو وحده «العفو» بالرفع،
- واختلف عن ابن كثير،
ذكر القراءات الزجاج وابن عطية وابن كثير، وقال ابن كثير قرئ بالنّصب وبالرّفع وكلاهما حسنٌ متّجه قريبٌ

{كذلك يبين اللّه لكم الآيات}
الخطاب هنا للأمة مع أن أول الآية فيه خطاب للنبي، لأن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم مشتمل على خطاب أمته ومثل هذا في القرآن كثير قال تعالى: {يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النّساء}ذكره الزجاج.
والإشارة إلى ما تقدم تبيينه من أمر الخمر والميسر والإنفاق، والمعنى مثل هذا البيان في الخمر والميسر والإنفاق {يبين الله لكم الآيات}.

{ لعلّكم تتفكّرون }
أخبر تعالى أنه يبين للمؤمنين الآيات التي تقودهم إلى التفكر، وجاء في الآية بعدها قوله تعالى {في الدنيا والآخرة }ذكر الزجاج وابن عطية أنها إما متعلقة بقوله آيات أو بقوله تتفكرون، واقتصر ابن كثير على كونها متعلقة بتتفكرون.
والله أعلم

أحكام فقهية متعلقة بالآية:
1. ذكر ابن عطية الأقوال في كون الخمر من العنب أو غيره وما يترتب على ذلك من قاعدة ما أسكر كثيره فقليله حرام وأكد القول بتساوي الجميع في التحريم بدلالة قوله صلى الله عليه وسلم:: «كل مسكر خمر، وكل خمر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام»، قال ابن المنذر في الإشراف: ((لم يبق هذا الخبر مقالة لقائل ولا حجة لمحتج)) وذكر أن هذا هو قول أبو بكر وعمر والصحابة.
2. تكلم ابن عطية في حد الخمر، وذكر أنه لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم في حد الخمر إلا أنه جلد أربعين، ويروى أنه ضرب فيها ضربا مشاعا فحزره أبو بكر أربعين، وعمل بذلك هو وعمر ثم لما تهافت الناس فيها شدد عليهم وجعل الحد ثمانين .
3. تكلم ابن عطية في صفة الضرب وأنه كله سواء لا يخفف ولا يبرح، ويجتنب من المضروب الوجه والفرج والقلب والدماغ والخواصر بإجماع.
4. نقل ابن عطية عن محمد بن سيرين والحسن وابن عباس وابن المسيب وغيرهم قولهم: كل قمار ميسر من نرد وشطرنج ونحوه حتى لعب الصبيان بالجوز.


2. حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالقرء في قوله تعالى: {والمطلّقات يتربّصن بأنفسهن ثلاثة قروء}.

قيل القرء في اللغة الوقت المعلوم، وقيل الجمع
فمن الأول قول الشاعر:
شنئث العقر عقر بني شليل... إذا هبت لقاريها الرياح
أي: لوقت هبوبها، وشدة بردها
ومن الثاني:
نريك إذا دخلت على خلاء... وقد أمنت عيون الكاشحينا
ذراعي عيطل أدماء بكر... هجين اللون لم تقرأ جنينا

وهو على كلا المعنيين يصلح في اللغة للإطلاق على الطهر وعلى الحيض فالأول الوقت المتكرر سواء كان حيضا أو طهرا، والثاني إما جمع الدم في الجسم وقت الحيض أو جمعه في الرحم وقت الطهر وقد أشار لذلك الزجاج ابن عطية، واقتصر ابن كثير على قول ابن جرير أن المعنى اللغوي هو الوقت وذكر الجميع جملة من الاستدلالات على أن المعنى في اللغة يشمل الحيض والطهر وأن الخلاف إنما هو في مراد الله سبحانه من الآية وأن العلماء كان لهم في المسألة قولان:

القول الأول: أنّ المراد بها الأطهار

أدلتهم:

1. قوله تعالى: {فطلّقوهنّ لعدّتهنّ} [الطّلاق: 1] أي: في الأطهار. ولمّا كان الطّهر الّذي يطلّق فيه محتسبًا، دلّ على أنّه أحد الأقراء الثّلاثة المأمور بها؛ ولهذا قال هؤلاء: إنّ المعتدة تنقضي عدّتها وتبين من زوجها إذا بدأت الحيضة الثالثة.

2. استشهدوا بقول الشّاعر:
ففي كلّ عامٍ أنت جاشم غزوة = تشدّ لأقصاها عزيم عزائكا
مورّثة عدّا، وفي الحيّ رفعةٌ = لمّا ضاع فيها من قروء نسائكا
يمدح أميرًا من أمراء العرب آثر الغزو على المقام، حتّى ضاعت أيّام الطّهر من نسائه لم يواقعهنّ فيها.

وهو قول جملة من الصحابة والفقهاء:
1. عن عائشة أنّها قالت: "انتقلت حفصة بنت عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ، حين دخلت في الدّم من الحيضة الثّالثة" رواه الإمام مالك في الموطأ

وقد جادلها في ذلك ناسٌ فقالوا: إنّ اللّه تعالى يقول في كتابه: " ثلاثة قروءٍ " فقالت عائشة: صدقتم، وتدرون ما الأقراء؟ إنّما الأقراء: الأطهار.

2. عن عبد اللّه بن عمر، أنّه كان يقول: إذا طلّق الرّجل امرأته فدخلت في الدّم من الحيضة الثّالثة فقد برئت منه وبرئ منها. رواه مالك
3. وروي مثله عن ابن عبّاسٍ وزيد بن ثابتٍ، وسالمٍ، والقاسم، وعروة، وسليمان بن يسارٍ، وأبي بكر بن عبد الرّحمن، وأبان بن عثمان، وعطاء ابن أبي رباحٍ، وقتادة، والزّهريّ، وبقيّة الفقهاء السّبعة، وهو مذهب مالكٍ،والشّافعيّ وغير واحدٍ، وداود وأبي ثورٍ، وهو روايةٌ عن أحمد
وهو مذهب أهل الحجاز

قال بعض أصحاب هذا القول أن إن المطلقة إذا رأت أول نقطة من الحيضة الثالثة خرجت من العصمة واشترط بعضهم التحقق من
أنه دم حيض.


والقول الثّاني: أنّ المراد بالأقراء: الحيض، فلا تنقضي العدّة حتّى تطهر من الحيضة الثّالثة، زاد آخرون: وتغتسل منها.

أدلتهم:
1. عن فاطمة بنت أبي حبيش أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لها: "دعي الصّلاة أيّام أقرائك". رواه أبو داود والنسائي، فهذا لو صحّ لكان صريحًا في أنّ القرء هو الحيض، ولكنّ المنذر هذا قال فيه أبو حاتمٍ: مجهولٌ ليس بمشهورٍ. وذكره ابن حبّان في الثّقات.

وهو قول جملة من الصحابة والفقهاء:
1. عن علقمة قال: كنّا عند عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه، فجاءته امرأةٌ فقالت: إن زوجي فارقني بواحدةٍ أو اثنتين فجاءني وقد وضعت مائي وقدنزعت ثيابي وأغلقت بابي. فقال عمر لعبد اللّه -يعني ابن مسعودٍ -ما ترى؟ قال: أراها امرأته، ما دون أن تحلّ لها الصّلاة. قال عمر: وأنا أرى ذلك.

2. وهكذا روي عن أبي بكرٍ الصّديق، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وأبي الدّرداء، وعبادة بن الصّامت، وأنس بن مالكٍ، وابن مسعودٍ، ومعاذٍ، وأبيّ بن كعبٍ، وأبي موسى الأشعريّ، وابن عبّاسٍ،وسعيد بن المسيّب، وعلقمة، والأسود، وإبراهيم، ومجاهدٍ، وعطاءٍ، وطاوسٍ، وسعيد بن جبيرٍ، وعكرمة، ومحمّد بن سيرين، والحسن، وقتادة، والشّعبيّ، والرّبيع، ومقاتل بن حيّان، والسّدّيّ،ومكحولٍ، والضّحّاك، وعطاءٍ الخراسانيّ،
3. وهذا مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وأصحّ الرّوايتين عن الإمام أحمد بن حنبلٍ، وحكى عنه الأثرم أنّه قال: الأكابر من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقولون: الأقراء الحيض. وهو مذهب الثّوريّ، والأوزاعيّ، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والحسن بن صالح بن حي، وأبي عبيد، وإسحاق بن راهويه.

وهو قول بعض أهل اللغة ومذهب أهل الكوفة:
منهم الأصمعي، والكسائي، والأخفش، نقله عنهم الزجاج

الترجيح:
لم ألحظ أن أيا من أصحاب التفاسير المقررة رجح أحد القولين على الآخر فالله أعلم بالصواب.

ب: المراد بقوله تعالى: {ما خلق الله في أرحامهنّ}.

فيه ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه الولد لأن إخفاؤه يجعله ينتسب إلى غير أبيه. ورجحه الزجاج وقال إن الآية أدل على الولد واستشهد بقوله تعالى: { هو الّذي يصوّركم في الأرحام كيف يشاء}، وقوله: { ثمّ خلقنا النّطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما}
ونقل ابن عطية :
- عن قتادة قوله: «كانت عادتهن في الجاهلية أن يكتمن الحمل ليلحقن الولد بالزوج الجديد ففي ذلك نزلت الآية»
- وعن السدي قوله: «سبب الآية أن الرجل كان إذا أراد أن يطلق امرأته سألها أبها حمل؟ مخافة أن يضر بنفسه وولده في فراقها، فأمرهن الله بالصدق في ذلك».
وقال أن هذا القول مروي عن عمر وابن عباس.

القول الثاني: أنه الحيض
ذكره الزجاج، ونقله ابن عطية عن إبراهيم النخعي وعكرمة

القول الثالث: أنه الحمل والحيض جميعا وأنها مؤتمنة على الجميع، وفي كتمانها إضرار بالزوج فإن قالت حضت وهي لم تحض ذهب حقه في إرجاعها، وإن قالت لم أحض وقد حاضت ألزمته النفقة وهي غير واجبة عليه، وكذلك كتمان الحمل يقطع حقه في الرجعة، ويعرض لاختلاط النسب.
نقله ابن عطية وابن كثير عن ابن عبّاسٍ، وابن عمر، ومجاهدٌ، والشّعبيّ، والحكم بن عيينة والرّبيع بن أنسٍ، وابن زيد، والضّحّاك، وغير واحدٍ،

الترجيح:
رجح ابن عطية القول الثالث ولم يذكر ابن كثير غيره وهو قول قوي والله أعلم.


3. بيّن ما يلي:
أ: أنواع اليمين، وحكم كل نوع.

قال تعالى:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)}
بينت هذه الآية نوعان من أنواع اليمين وهما:
1. اليمين اللغو: وهي الحلف من غير قصد اليمين، كقول الإنسان لا والله وبلى والله، ويدخل فيها أن يحلف على شيء فيتبين له خلافه، فهذه اليمين لا كفارة فيها باتفاق العلماء، قال تعالى { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم}
2. اليمين المنعقدة: وهي الحلف على شيء يفعله أو لا يفعله ويقصد بحلفه التأكيد والتوثيق، وهذه تجب فيها الكفارة المذكورة في سورة المائدة، وهي: العتق، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوة عشرة مساكين؛ يخير في هذه الأمور، فإن لم يقدر على واحدة منها فإنه يصوم ثلاثة أيام. قال تعالى{ ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم}، ويشرع له إذا رأى غيرها خير منها أن يكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير.
3. وهناك يمين ثالثة هي اليمين الغموس: وهي الحلف كذبا على ما مضى وهو يعلم كذبه، فهذه يأثم صاحبها وسميت غموسا لأنها تغمس صاحبها في النار والعياذ بالله ، ولم يشرع لهذه اليمين كفارة، ويجب عليه التوبة والاستغفار


ب: معنى الإيلاء وحكمه.

قال تعالى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226)}

الإيلاء: الحلف،
وهو أن يحلف الرّجل ألّا يجامع زوجته مدّةً وله حالات:
1. أن يكون أقلّ من أربعة أشهرٍ، في هذه الحالة له أن ينتظر انقضاء المدّة ثمّ يجامع امرأته، وعليها أن تصبر، وليس لها مطالبته بالفيئة في هذه المدّة، ثبت في الصّحيحين عن عائشة: أنّ رسول اللّه آلى من نسائه شهرًا، فنزل لتسعٍ وعشرين، وقال: "الشّهر تسعٌ وعشرون" ولهما عن عمر بن الخطّاب نحوه.
2. أن تزيد المدّة على أربعة أشهرٍ، في هذه الحالة للزّوجة مطالبة الزّوج عند انقضاء أربعة أشهرٍ: إمّا أن يفيء -أي: يجامع -وإمّا أنّ يطلّق، فيجبره الحاكم على هذا أو هذا لئلّا يضرّ بها
- وقوله {من نسائهم} فيه دلالة على أنه يختص بالزوجات دون الإماء
- وقوله: {فإن فاءوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ} فيه دلالةٌ لأحد قولي العلماء أنّ المولي إذا فاء بعد الأربعة الأشهر أنّه لا كفّارة عليه. والآية قبلها تؤيد ذلك، كما يدل عليه قوله صلّى اللّه عليه وسلّم: "من حلف على يمينٍ فرأى غيرها خيرًا منها فتركها كفّارتها" رواه أحمد وأبو داود وقول الجمهور أنّ عليه الكفّارة لعموم وجوب التّكفير على كلّ حالفٍ، كما في الأحاديث الصّحاح. واللّه أعلم.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 26 ربيع الأول 1439هـ/14-12-2017م, 06:28 PM
ضحى الحقيل ضحى الحقيل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 666
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المعذرة لدي بعض الظروف التي تمنعني من المتابعة بشكل منتظم وقد سبق أن كتبت في صفحة الاستفسارات وطلبوا مني إعادة الاعتذار هنا
سددكم الله وبارك فيكم

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 26 ربيع الأول 1439هـ/14-12-2017م, 08:20 PM
ماهر القسي ماهر القسي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 467
افتراضي الطالب ماهر غازي القسي

1. (عامّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة مختصرة تبيّن فيها يسر الشريعة بناء على ما درسته في تفسير آيات الطلاق.
امتازت الشريعة الإسلامية باليسر والسهولة وسطاً بين الإفراط والتفريط , وسطاً بين التشديد المرهق والانفلات المهلك , وسطاً بين تشديد وتعنت اليهود وبين تفلت النصارى وضلالاهم , لذلك يقول تعالى ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً ) , ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فأوغلوا فيه برفق ) , ومن يسره وسهولته أن جعله ملبياً لرغبات النف البشرية فلم يكبتها ويمنع صاحبها من تفريغ شهواته ولم يفتح لصاحبها عنان نفسه بدون ضابط أو تقييد , فسمح بالزواج والتعدد والطلاق حال لزومه وكونه السبيل الوحيد لتخلص من حياة مليئة بالمشاكل , وسمح للمرأة في حالتعنت الزوج بالخلع وطلب الطلاق من القاضي , وأوقف عادات كانت في الجاهلية تظلم المرأة وتهضمها حقها , وإليك بيان وتفصيل ما أجملناه , وهاك تقييد ما أطلقناه من أحكام مفصلا ومرتباً
قال تعالى ( للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم , وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم )
= كان من عادات الجاهلية السيئة والظالمة للمرأة أن الرجل إذا كره زوجته وأراد مضارتها وظلمها آلى على نفسه أي حلف يمين ألا يقربها ولا يجامعها , فأتى الإسلام وقيد مدة الحلف بالإيلاء مدة أربعة أشهر فقط ولم يجز للمرأة تطالبه بافيئة قبلها , فإن أحب أن يقصر على مدة أقل من أربعة أشهر بعد الحلف فلكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير كما هو مطابق لحجيث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير ) .
= وعند انقضاء مدة الإيلاء خيره ديننا بين أمرين إما أن يرجعها إلى ذمته ويجامعها وإما أن يطلقها ولم يسمح له أن يبقيها على حالتها تلك لأن في هذا مضارة بالمرأة وظلم لها وتعسف على حقها , وإن رفض طلاقها طلق عليه الحاكم رغما عنه .
(والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً )
= قرر الله سبحانه بحكمته أن تكون عدة المطلقة ذات الأقراء ثلاثة قروء حتى تستبرء رحمها وحفظاً لحق زوجها , ففي الجاهلية لم هناك عدة تعتد بها ,وهذه المدة كافية لو أراد أحدهماأن يرجع للآخر واشتاق له وخاصة إذا كان بينهما ولد فلم يجز للمرأة وشدد عليها وحذرها من أن تكتم ما في بطنها لأنه من حق الرجل , فلو كان هناك ولد فهو من أشد ما يجذب زوجها إليها , ولا يحل لها أيضاً أن تدعي الحمل كيدا منها ومكرا حتى تطيل مدة العدة , فأمرها سبحانه أن تخبر ما في بطنها كما هو من حيض أو حمل من غير زيادة ولا نقصان .
= وزوجها الذي طلقها أحق الناس بها في مدة العدة إذا كان مراده بردها الإصلاح والخير وهذا حصرا في الطلقات الرجعيات فقط , ولم يكن هناك حصر لعدد الطلقات المسموح لها للرجل , فقد كان الرجل يطلق ولو مئة تطليقة ثم يرجعها إلى زمته ثم يطلقها مضرة لها , وجاء الإٍلام وقيد الطلقات بالثلاث , فقد الأحقية للرجل في زوجته في حال عدتها بأن يريد الإصلاح والخير لهما .
( ولهن مثل الذي عليهن وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم ) .
= أكد سبحانه في هذه الآية على أنه هناك حق للمرأة على الرجل كما أنه هناك حق للرجل على المرأة , أمر كل واحد منها أن يؤدي الحق الذي عليه , فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فاتقوا الله في النساءء , فإنكم اخذتموهن بأمانة الله , واستحللتهم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ) وقال أيضاً ( أن تكعمها إذا طعمت , وتكسوها إذا كسيت , ولا تصرب الوجه ولا تقبح , ولا تهجر إلا في البيت ) .
= والحقوق التي فضل بها الرجل على المرأة هي الفضيلة في الخلق والخلق والمنزلة وطاعة الأمر والإنفاق والقيام بالمصالح والفضل في الدنيا والآخرة كما قال تعالى ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم )
وحفظ الحقوق هذا مع التوسط في حفظها والعدل في توزيع الحقوق والواجبات كانت شريعة سمحة عظيمة فلم تسمح للمرأة في التجاوز ولم يسمح للرجل في الشطط وحفظ لكل احد حقه من غير إفراط ولا تفريط فقيد سلطة الرجل على المرأة بحدود وضوابط وقيد حقوق المرأة بحدود وضوابط تناسبها وتتطابق مع قواعد الشريعة السمحة وطبيعة خلقة المرأة وبنيتها .

(الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به , تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون )
= كان الطلاق في الجاهلية غير محدود العدد فكان الرجل يطلق المئة مرة ثم يعيدها إلى ذمته ما دامت في العدة ثم يطلق وهكذا مضارة بالمرأة , ولكن لما أتى الإسلام حدد عدد الطلقات بثلاث فقط وبعدها تبين زوجة الرجل منه بينونة كبرى لا تحل له حتى يتنكح زوجاً غيره ويجامعها في زواجها .
= فالطلاق المسموح للرجل هو طلقتان فحسب إن أراد رجوعها إلى ذمته , وبعدها فإما إمساك بإحسان لا ينوي فيه إضرارها , أو تسريح بإحسان وهو الطلقة الثالثة , والإمساك بإحسان شرط ديني يحاسب فيه الله على النية لأنه مما لا سبيل لعلمه .
= فلا يحل للرجل أن يمسك امرأته في عصمته ويضاجرها ويضيق عليها حتى تتخلى عن مهرها لتفتدي نفسها من زوجها الذي أضر بها قال تعالى ( ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلاأن يأتين بفاحشة مبينة ) فإن أخذ منها أي مال تفتدي نفسه في هذه الحال فمالها عليه حرام ويجب رده , فأما إن وهبته المرأة عن طيب نفسها فلا جناح عليه فيه قال تعالى ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئا مرئيا ) , وأما إذا تشاقق الرجلان ولم تقم المرأة بحقوق الرجل وأبغضته ولم تقدر على معاشرته فلها أن تفتدي منه بما أعطاها ولا حرج عليها في بذلها له ولا حرج عليه في قبوله ذلك منها .
= وفي حال لم يكن لها عذر في طلب الطلاق وسألت الافتداء منه فحرام عليها ذلك لما فيه من إضرار الرجل , قال النبي صلى الله عليه وسلم ( أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة ) وهذا أحد الرأيين , والرأي الآخر أنه يجوز ذلك كما في حديث جميلة وزوجها ثابت بن قيس فلما سألها النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب طلبها للطلاق قالت لم أعب عليه دينا ولا خلقاً ولكن لدمامته فأمرها أن ترد عليه الحديقة التي أعطاها إياها , وهذا من رحمة الله سبحانه بالمرأة أن سمح للمرأة في حال لم تستطع العيش مع زوجها لأي سبب كان أن تطلب طلاقها من زوجها بأن ترد عليه مهرها ولا جناح عليها في ذلك .

( فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره )
= هذا تهديد للرجل وإنذار له بأنه بعد الطلقة الثالثة لن تعود زوجته إليه حتى يطأها رجل آخر , وهذا أمر عظيم على الرجل , وفيه حفظ لحق المرأة لكي لا يكون حقها ألعوبة في يد الرجل , ولكي يكون الرجل على بينة من كلامه في طلاق زوجته .
= وحتى يكون الزواج الثاني محللا لرجوع المرأة إلى زوجها الأول , يجب أن يكون الزواج الثاني على نية التأبيد وأن يكون الرجل راغباً في المرأة قاصدا لدوام عشرتها واشترط الإمام مالك أن يطأها وطئا مباحاً , ثم بعد ذلك إن تخالفا وتطلقا وأراد الزوجان القديمان الرجوع لبعضهما فلا جناح عليها إن ظنا أن يقيما حدود الله .

( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا )
= وهذا أمر رحمة من الله للمرأة , فأمر الرجل إذا طلق امرأته طلاقاً له عليها فيه رجعة فإا أن يرجعها إلى ذمته ويشهد على رجعتها وينوي عشرتها بالمعروف أو يسرحها ويتركها حتى تنقضي عدتها ويخرجها من منزله بالتي هي أحسن من غير شقاق ولا مخاصمة ولا تقابح .
= وجعل ربنا من رحمته بعباده أمر الزواج والطلاق من الأمور الخطيرة في المجتمع فلا مزاح فيه ولا هزء ولا سخرية وإنما أي كلام فيه يكون على محمل الجد ويقع في محله .

( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف )
= وهذا أمر جديد لمصلحة المرأة فمن طلقها زوجها طلقة رجعية وهي ما زالت في عدتها ولم تنقض بعد أراد الزوجان الرجوع لبعضهما فلا يحل لأولياء الزوجة أن يمنعوها من زوجها , فهذا حقها الذي منحها الله إياه .

وهذه الآيات التي قمنا بعجالة في شرحها وكيف أن وضع الله فيها شرعاً جديداً للطلاق , وذلك صيانة لحقوق المرأة التي أهدرها المحتمع الجاهلي , وهو شرع متكامل يستجيب مع الحق والعدالة و متطلبات النفس البشرية المشروعة , فالحمد لله رب العالمين على شرعه العظيم ودينه القويم وصراطه المستقيم .

2. أجب على إحدى المجموعتين التاليتين:
المجموعة الأولى:
1. فصّل القول في تفسير قوله تعالى:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}.
= السائلون هم المؤمنون
= معنى الخمر هو التغطية والستر وسميت بذلك لأنها تغطي العقل وتستره وتعطل عمله لفترة .
= ويطلق الخمر في اللغة على ماء العنب الذي غلي ولم يطبخ والقى منه الزبد , ويوم حرمت الخمر بالمدينة كان الخمر ماخوذ من العسل والزبيب والتمر والشعير والقمح ,ثم اجمع العلماء على أن علة التحريم هي السكر فلذلك من أي شيء صنع الخمر أصبح قليله وكثيره حرام , وأن الحد واجب في قليله وكثيره , لقوله صلى الله عليه وسلم ( كل مسكر خمر ظو وكل خمر حرام ظو وما أسكر قليله فكثيره حرام )
= تحريم الخمر نزل على حكمة الشرع بالتدرج حتى يزيل هذه العادة من الفنوس بشكل تدريجي فأول ما نزل بشانها قوله تعالى هو هذه الآية ثم نزل بعدها ( ولا تقربوا الصلاة أنتم سكارى ) ثم نزل قوله تعالى ( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ....... فهل أنتم منتهون ) ثم قوله تعالى ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) .
= الحد في شربها المروي عن رسول الله صلى الله عليه ولم هو أربعون جلدة و ولكن في عهد عمر تهافت الناس على شربها فجعله كأخف الحدود ألا وهو حد القذف ثمانين جلدة .
= والميسر مأخوذ من يسر لي هذاإذاوجب وتسنى وهو الذي يدخل في الضرب بالقداح , أصل نشأتها في الجاهلية كانت على عشرة أقداح ثلاثة منها غفل لا شيء فيها وسبعة لها حظوظ وفيها فروض على عدد الحظوظ , فكانت العرب تضرب بهذه الأقداح في الشتوة وضيق الوقت وكلب البرد على الفقراء وتشتري الجزور وتلعب بالأقداح فكل من خرج له قدح يأخذ من الناقة من حصصها على عدد الحظوظ ثم يوزعها على الفقراء خيلة وعجب
= الإثم الكبير والمنافع فيهما أقوال
- ابن عباس والربيع الإثم الكبير بعد التحريم والمنفعة فيهما قبله .
- طائفة من العلماء : الإثم في الخمر ذهاب العقل والسباب والافتراء والمنفعة اللذة بها
- مجاهد : المنفعة بها كسب أثمانها
- الإثم هو في الدين والمنافع فدنيوية
= والإثم الذي فيها أكبر من النفع العائد منها لذلك كانت هذهالآية تقدمة للتحريم , فهذه المصالح لا توازي مضرته ومفسدته الراجحة لتعلقها بالعقل والدين .
= وقرأ جمهور الناس ( كبير ) وحجتهاأن الذنب في القمار وشرب الخمر من الكبائر فوصفه بالكبير أليق
= فيهما إثم يحتمل مقصدين
- أن يراد في استعمالهما بعد النهي .
- أن تراد خلال السوء التي فيهما .

2. حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالقرء في قوله تعالى: {والمطلّقات يتربّصن بأنفسهن ثلاثة قروء}.
أصل القرء في كلام العرب هو الوقت لمجيء الشيء المعتاد مجيئة في وقت معلوم ولإدبار الشيء المعتاد إدباره لوقت معلوم وهذه العبارة تقتضي أن يكون مشتركا بين هذا وهذا
- القرء الطهر وهو قول الأحناف ومنه قول عائشة ( إنماالأقراء ألطهار ) فمتى دخلت في الطهر الثالث حلت للأزواج
- القرء هو الحيض وهو قول الجمهور فمتى انهت الحيضة الثالثة حلت للأزواج ومنه قوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت حبيش ( دعي الصلاة أيام أقرائك ) فلو كان هذا الحديث صحيحاً لكان الحجة الفاصلة في القول

ب: المراد بقوله تعالى: {ما خلق الله في أرحامهنّ}.
أن تبين المطلقة ما في بطنها من طهر أو حيض بدون زيادة أو نقصان ومعنى النهي هو النهي عن الكتمان والنهي عن الإضرار بالزوج وإذهاب حقه .

3. بيّن ما يلي:
أ: أنواع اليمين، وحكم كل نوع.
- اليمين الغموس وهي اليمين الكاذبة التي يحلف بها صاحبها وهو كاذب , وذنبها عظيم ولا كفارة فيها وإنما كفارتها التوبة منها .
- اليمين المنعقدة وهي التي يحلف صاحبها على إنفاذ شيء أو تركه في المستقبل وحكمه وجوب البر به إلا إن كان حلف على إثم أو قطيعة رحم فالواجب في حقه الكفير عن يمينه وإتيان ماهو خير , وحكمه وجوب البر باليمين وإن خالف يمينه فعله كفارة إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام .
- اليمين اللغو وهو أن يحلف صاحبها صادقاً على أمر فيظهر خلافه , وحكمه لا شيء عليه فيها

ب: معنى الإيلاء وحكمه.
هو الحلف على ترك وطء الزوجة وترك جماعها وكان في الجاهلية ليس له وقت محدود فجاء الإسلام وحده أربعة أشهر فإن انتهت إما أن يرجع إلى زوجته أو يطلق فإن رفض الطلاق يطلق عليه الحاكم رغما عنه

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 24 ربيع الثاني 1439هـ/11-01-2018م, 01:27 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضحى الحقيل مشاهدة المشاركة
المجموعة الأولى:

1. فصّل القول في تفسير قوله تعالى:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) }

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
راعى الإسلام سنة التدرج فيما شرعه للناس إيجابا وتحريما، فحينما فرض العبادات فرضها بتدريج وحينما حرم المحرمات حرمها بتدريج.
ومن خصائص الخمر أنها تؤثر على العقل ولها سلطان عليه ومن الصعب العسير أن يتخلى عنها شاربها أو مدمنها مرة واحدة فكان لابد من التدرج لتهيئة النفوس لقبول الحكم، ولهذا مر تحريم الخمر بعدة مراحل ذكرها المفسرون ومن ذلك الأثر الذي ذكره ابن كثير :
عن عمر أنّه قال: لمّا نزل تحريم الخمر قال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت هذه الآية
التي في البقرة: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثمٌ كبيرٌ ومنافع للنّاس} فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا.
فنزلت الآية التي في النّساء: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى} [النّساء: 43]،
فكان منادي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا أقام الصّلاة نادى: ألّا يقربنّ الصّلاة سكران.
فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت الآية التي في المائدة. فدعي عمر، فقرئت عليه، فلمّا بلغ: {فهل أنتم منتهون} [المائدة: 91]؟ قال عمر: انتهينا، انتهينا. رواه الإمام أحمد وغيره
وذكر قريبا من ذلك الزجاج وابن عطية في تفسيرهما، وروى فيه ابن عطية أثرا عن سعيد بن جبير كما أنهما ذكرا احتمالا آخر هو: أن الخمر حرمت بهذه الآية لأنه قال فيها { قل فيهما أثم [ إثم ] كبير} وحرم الإثم نصا في قوله: {قل إنّما حرّم ربّي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحقّ}.
ولم يرجح هذا القول ابن عطية بدلالة أن الاثم الذي فيها هو الحرام، لا هي بعينها واستشهد بقول قتادة" ذم الله الله الخمر بهذه الآية ولم يحرمها
نقل ابن عطية عن بعض العلماء القول بأن هذه الآية منسوخة، بما جاء بعدها من تحريم

{يسألونك عن الخمر والميسر}
قال ابن عطية السائلون هم المؤمنون
والخمر: هي المعروفة، مأخوذة من خمر إذا ستر، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «خمروا الإناء»، ومنه خمار المرأة، والخمر ما واراك من شجر وغيره، ومنه قول الشاعر:
ألا يا زيد والضحاك سيرا = فقد جاوزتما خمر الطريق
أي سيرا مدلين فقد جاوزتما الوهدة التي يستتر بها الذئب وغيره
ومنه قولهم: دخل فلان في غمار الناس وخمارهم، أي هو بمكان خاف، فلما كانت الخمر تستر
العقل وتغطي عليه سميت بذلك،
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب: الخمر كلّ ما خامر العقل
فهذا كله يدل على أن كل مسكر خمر وكل مسكر مخالط العقل ومغط عليه
وقد لبّس على أبي الأسود الدؤلي فقيل له: إن هذا المسكر الذي سموه بغير الخمر حلال فظن أن ذلك كما قيل له، ثم قاده طبعه إلى أن حكم بأنهما واحد، فقال:
دع الخمر يشربها الغواة فإنني... رأيت أخاها مجزيا لمكانها
فإلا يكنها أو تكنه فإنه... أخوها غذته أمها بلبانها

والميسر: هو القمار مأخوذ من يسر إذا جزر، والياسر الجازر، ومنه قول الشاعر:
فلم يزل بك واشيهم ومكرهم = حتّى أشاطوا بغيب لحم من يسروا

والجزور الذي يستهم عليه يسمى ميسرا لأنه موضع اليسر، ثم قيل للسهام ميسر للمجاورة.
ذكر ذلك ابن عطية وذكر قولا آخر في المعنى اللغوي للميسر ورده

{قل فيهما إثمٌ كبيرٌ ومنافع للنّاس}
فأما الإثم الكبير الذي في الخمر: أنها توقع العداوة والبغضاء وتحول بين المرء وعقله الذي
يميز به ويعرف ما يجب لخالقه، وتحمله عل التعدي.
والمنفعة كسب أثمانها واللذة التي يجدها من ابتلي بها.
وأما الاثم الذي في الميسر فهو أكل أموال الناس بالباطل، وما تسببه من عداوة وبغضاء.
والمنفعة الكسب بلا مشقة وكد.
ذكر ابن عطية عن ابن عباس والربيع: الإثم فيهما بعد التحريم، والمنفعة فيهما قبله.
وقال ابن كثير: أمّا إثمهما فهو في الدّين، وأمّا المنافع فدنيويّةٌ.
ولا تعارض، إلا أن ابن كثير قصر الاثم على الدين، وبعضهم جعل الاثم شاملا لمضار الخمر الدنيوية والله أعلم.

{وإثمهما أكبر من نفعهما}
يخبر سبحانه وتعالى أن الإثم أكبر من النفع وأكثر ضررا في الآخرة، وكان هذا هو مقدمة التحريم.

القراءات في {كبير}
ذكر الزجاج وابن عطية وابن كثير في الآية قراءتان:
الأولى: قرأ حمزة والكسائي «كثير» ، وتوجيه هذه القراءة:
1. أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الخمر ولعن معها عشرة: بائعها، ومبتاعها، والمشتراة له، وعاصرها، والمعصورة له، وساقيها،وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها، فهذه آثام كثيرة.
2. أن جمع المنافع يحسن معه جمع الآثام، و «كثير» يعطي ذلك.

الثانية: قرأ باقي القراء «كبير»، وتوجيه هذه القراءة:
1. أن الذنب في القمار وشرب الخمر من الكبائر فوصفه بالكبير أليق
2. أن كبير أنسب لقوله بعدها أكبر وهي قراءة مجمع عليها وذكر ابن عطية الإجماع على رفض أكثر إلا ما في مصحف ابن مسعود.

{ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو}
عن يحيى أنّه بلغه: أنّ معاذ بن جبلٍ وثعلبة أتيا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالا يا رسول اللّه، إن لنا أرقّاء وأهلين فما ننفق من أموالنا. فأنزل اللّه: {ويسألونك ماذا ينفقون}.رواه ابن أبي حاتم

والعفو في اللغة: الفضل والكثرة، يقال عفا القوم إذا كثروا. ذكره الزجاج ، وابن عطية
وفي الآية العفو : الفضل، نقله ابن كثير عن ابن عباس وابن عمر، ومجاهدٍ، وعطاءٍ، وعكرمة، وسعيد بن جبيرٍ، ومحمّد بن كعبٍ، والحسن، وقتادة، والقاسم، وسالمٍ، وعطاءٍ الخراسانيّ، والرّبيع بن أنسٍ، وغير واحدٍ:
والمعنى أنفقوا ما فضل عن حوائجكم ولم تؤذوا فيه أنفسكم، وتجهدوا أموالكم فتكونوا عالة،
- روي أن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: «من كان له فضل فلينفقه على نفسه، ثم على من يعول، فإن فضل شيء فليتصدق به»، وقال صلى الله عليه وسلم: «خير الصدقة ما أبقت غنى»،
- وفي حديث آخر: «ما كان عن ظهر غنى».

- وفي حديث أبي هريرة قال: قال رجلٌ: يا رسول اللّه، عندي دينارٌ؟ قال: "أنفقه على نفسك" قال: عندي آخر؟ قال: "أنفقه على أهلك". قال: عندي آخر؟ قال: "أنفقه على ولدك". قال: عندي آخر؟ قال: "فأنت أبصر". رواه ابن جرير.

- وعن جابرٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لرجلٍ: "ابدأ بنفسك فتصدّق عليها، فإن فضل شيءٌ فلأهلك، فإن فضل شيءٌ عن أهلك فلذيقرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيءٌ فهكذا وهكذا". رواه مسلم.

- وعن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "خير الصّدقة ما كان عن ظهر غنًى، واليد العليا خيرٌ من اليد السّفلى، وابدأ بمن تعول". رواه مسلم
- وفي الحديث أيضًا:"ابن آدم، إنّك إن تبذل الفضل خيرٌ لك، وإن تمسكه شرٌّ لك، ولا تلام على كفافٍ".


قيل أن هذه الآية منسوخة بآية الزكاة وأنهم كانوا أمروا أن ينفقوا الفضل إلى أن فرضت الزكاة، ذكره ابن عطية، ونقله ابن كثير عن عليّ بن أبي طلحة، وابن عبّاسٍ، وقاله عطاءٌ الخراسانيّ والسّدّيّ،
وقيل: مبيّنةٌ بآية الزّكاة نقله ابن كثير عن مجاهدٌ ، ورجحه
وقيل أنها هي الزكاة المفروضة، نقله ابن عطية عن قيس بن سعد.
وقيل بل هي نفقات التطوع ، نقله ابن عطية عن جمهور العلماء.

القراءات في قوله {العفو}:
- قرأ الجمهور «العفو» بالنصب،
- وقرأ أبو عمرو وحده «العفو» بالرفع،
- واختلف عن ابن كثير،
ذكر القراءات الزجاج وابن عطية وابن كثير، وقال ابن كثير قرئ بالنّصب وبالرّفع وكلاهما حسنٌ متّجه قريبٌ

{كذلك يبين اللّه لكم الآيات}
الخطاب هنا للأمة مع أن أول الآية فيه خطاب للنبي، لأن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم مشتمل على خطاب أمته ومثل هذا في القرآن كثير قال تعالى: {يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النّساء}ذكره الزجاج.
والإشارة إلى ما تقدم تبيينه من أمر الخمر والميسر والإنفاق، والمعنى مثل هذا البيان في الخمر والميسر والإنفاق {يبين الله لكم الآيات}.

{ لعلّكم تتفكّرون }
أخبر تعالى أنه يبين للمؤمنين الآيات التي تقودهم إلى التفكر، وجاء في الآية بعدها قوله تعالى {في الدنيا والآخرة }ذكر الزجاج وابن عطية أنها إما متعلقة بقوله آيات أو بقوله تتفكرون، واقتصر ابن كثير على كونها متعلقة بتتفكرون.
والله أعلم

أحكام فقهية متعلقة بالآية:
1. ذكر ابن عطية الأقوال في كون الخمر من العنب أو غيره وما يترتب على ذلك من قاعدة ما أسكر كثيره فقليله حرام وأكد القول بتساوي الجميع في التحريم بدلالة قوله صلى الله عليه وسلم:: «كل مسكر خمر، وكل خمر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام»، قال ابن المنذر في الإشراف: ((لم يبق هذا الخبر مقالة لقائل ولا حجة لمحتج)) وذكر أن هذا هو قول أبو بكر وعمر والصحابة.
2. تكلم ابن عطية في حد الخمر، وذكر أنه لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم في حد الخمر إلا أنه جلد أربعين، ويروى أنه ضرب فيها ضربا مشاعا فحزره أبو بكر أربعين، وعمل بذلك هو وعمر ثم لما تهافت الناس فيها شدد عليهم وجعل الحد ثمانين .
3. تكلم ابن عطية في صفة الضرب وأنه كله سواء لا يخفف ولا يبرح، ويجتنب من المضروب الوجه والفرج والقلب والدماغ والخواصر بإجماع.
4. نقل ابن عطية عن محمد بن سيرين والحسن وابن عباس وابن المسيب وغيرهم قولهم: كل قمار ميسر من نرد وشطرنج ونحوه حتى لعب الصبيان بالجوز.


2. حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالقرء في قوله تعالى: {والمطلّقات يتربّصن بأنفسهن ثلاثة قروء}.

قيل القرء في اللغة الوقت المعلوم، وقيل الجمع
فمن الأول قول الشاعر:
شنئث العقر عقر بني شليل... إذا هبت لقاريها الرياح
أي: لوقت هبوبها، وشدة بردها
ومن الثاني:
نريك إذا دخلت على خلاء... وقد أمنت عيون الكاشحينا
ذراعي عيطل أدماء بكر... هجين اللون لم تقرأ جنينا

وهو على كلا المعنيين يصلح في اللغة للإطلاق على الطهر وعلى الحيض فالأول الوقت المتكرر سواء كان حيضا أو طهرا، والثاني إما جمع الدم في الجسم وقت الحيض أو جمعه في الرحم وقت الطهر وقد أشار لذلك الزجاج ابن عطية، واقتصر ابن كثير على قول ابن جرير أن المعنى اللغوي هو الوقت وذكر الجميع جملة من الاستدلالات على أن المعنى في اللغة يشمل الحيض والطهر وأن الخلاف إنما هو في مراد الله سبحانه من الآية وأن العلماء كان لهم في المسألة قولان:

القول الأول: أنّ المراد بها الأطهار

أدلتهم:

1. قوله تعالى: {فطلّقوهنّ لعدّتهنّ} [الطّلاق: 1] أي: في الأطهار. ولمّا كان الطّهر الّذي يطلّق فيه محتسبًا، دلّ على أنّه أحد الأقراء الثّلاثة المأمور بها؛ ولهذا قال هؤلاء: إنّ المعتدة تنقضي عدّتها وتبين من زوجها إذا بدأت الحيضة الثالثة.

2. استشهدوا بقول الشّاعر:
ففي كلّ عامٍ أنت جاشم غزوة = تشدّ لأقصاها عزيم عزائكا
مورّثة عدّا، وفي الحيّ رفعةٌ = لمّا ضاع فيها من قروء نسائكا
يمدح أميرًا من أمراء العرب آثر الغزو على المقام، حتّى ضاعت أيّام الطّهر من نسائه لم يواقعهنّ فيها.

وهو قول جملة من الصحابة والفقهاء:
1. عن عائشة أنّها قالت: "انتقلت حفصة بنت عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ، حين دخلت في الدّم من الحيضة الثّالثة" رواه الإمام مالك في الموطأ

وقد جادلها في ذلك ناسٌ فقالوا: إنّ اللّه تعالى يقول في كتابه: " ثلاثة قروءٍ " فقالت عائشة: صدقتم، وتدرون ما الأقراء؟ إنّما الأقراء: الأطهار.

2. عن عبد اللّه بن عمر، أنّه كان يقول: إذا طلّق الرّجل امرأته فدخلت في الدّم من الحيضة الثّالثة فقد برئت منه وبرئ منها. رواه مالك
3. وروي مثله عن ابن عبّاسٍ وزيد بن ثابتٍ، وسالمٍ، والقاسم، وعروة، وسليمان بن يسارٍ، وأبي بكر بن عبد الرّحمن، وأبان بن عثمان، وعطاء ابن أبي رباحٍ، وقتادة، والزّهريّ، وبقيّة الفقهاء السّبعة، وهو مذهب مالكٍ،والشّافعيّ وغير واحدٍ، وداود وأبي ثورٍ، وهو روايةٌ عن أحمد
وهو مذهب أهل الحجاز

قال بعض أصحاب هذا القول أن إن المطلقة إذا رأت أول نقطة من الحيضة الثالثة خرجت من العصمة واشترط بعضهم التحقق من
أنه دم حيض.


والقول الثّاني: أنّ المراد بالأقراء: الحيض، فلا تنقضي العدّة حتّى تطهر من الحيضة الثّالثة، زاد آخرون: وتغتسل منها.

أدلتهم:
1. عن فاطمة بنت أبي حبيش أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لها: "دعي الصّلاة أيّام أقرائك". رواه أبو داود والنسائي، فهذا لو صحّ لكان صريحًا في أنّ القرء هو الحيض، ولكنّ المنذر هذا قال فيه أبو حاتمٍ: مجهولٌ ليس بمشهورٍ. وذكره ابن حبّان في الثّقات.

وهو قول جملة من الصحابة والفقهاء:
1. عن علقمة قال: كنّا عند عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه، فجاءته امرأةٌ فقالت: إن زوجي فارقني بواحدةٍ أو اثنتين فجاءني وقد وضعت مائي وقدنزعت ثيابي وأغلقت بابي. فقال عمر لعبد اللّه -يعني ابن مسعودٍ -ما ترى؟ قال: أراها امرأته، ما دون أن تحلّ لها الصّلاة. قال عمر: وأنا أرى ذلك.

2. وهكذا روي عن أبي بكرٍ الصّديق، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وأبي الدّرداء، وعبادة بن الصّامت، وأنس بن مالكٍ، وابن مسعودٍ، ومعاذٍ، وأبيّ بن كعبٍ، وأبي موسى الأشعريّ، وابن عبّاسٍ،وسعيد بن المسيّب، وعلقمة، والأسود، وإبراهيم، ومجاهدٍ، وعطاءٍ، وطاوسٍ، وسعيد بن جبيرٍ، وعكرمة، ومحمّد بن سيرين، والحسن، وقتادة، والشّعبيّ، والرّبيع، ومقاتل بن حيّان، والسّدّيّ،ومكحولٍ، والضّحّاك، وعطاءٍ الخراسانيّ،
3. وهذا مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وأصحّ الرّوايتين عن الإمام أحمد بن حنبلٍ، وحكى عنه الأثرم أنّه قال: الأكابر من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقولون: الأقراء الحيض. وهو مذهب الثّوريّ، والأوزاعيّ، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والحسن بن صالح بن حي، وأبي عبيد، وإسحاق بن راهويه.

وهو قول بعض أهل اللغة ومذهب أهل الكوفة:
منهم الأصمعي، والكسائي، والأخفش، نقله عنهم الزجاج

الترجيح:
لم ألحظ أن أيا من أصحاب التفاسير المقررة رجح أحد القولين على الآخر فالله أعلم بالصواب.

ب: المراد بقوله تعالى: {ما خلق الله في أرحامهنّ}.

فيه ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه الولد لأن إخفاؤه يجعله ينتسب إلى غير أبيه. ورجحه الزجاج وقال إن الآية أدل على الولد واستشهد بقوله تعالى: { هو الّذي يصوّركم في الأرحام كيف يشاء}، وقوله: { ثمّ خلقنا النّطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما}
ونقل ابن عطية :
- عن قتادة قوله: «كانت عادتهن في الجاهلية أن يكتمن الحمل ليلحقن الولد بالزوج الجديد ففي ذلك نزلت الآية»
- وعن السدي قوله: «سبب الآية أن الرجل كان إذا أراد أن يطلق امرأته سألها أبها حمل؟ مخافة أن يضر بنفسه وولده في فراقها، فأمرهن الله بالصدق في ذلك».
وقال أن هذا القول مروي عن عمر وابن عباس.

القول الثاني: أنه الحيض
ذكره الزجاج، ونقله ابن عطية عن إبراهيم النخعي وعكرمة

القول الثالث: أنه الحمل والحيض جميعا وأنها مؤتمنة على الجميع، وفي كتمانها إضرار بالزوج فإن قالت حضت وهي لم تحض ذهب حقه في إرجاعها، وإن قالت لم أحض وقد حاضت ألزمته النفقة وهي غير واجبة عليه، وكذلك كتمان الحمل يقطع حقه في الرجعة، ويعرض لاختلاط النسب.
نقله ابن عطية وابن كثير عن ابن عبّاسٍ، وابن عمر، ومجاهدٌ، والشّعبيّ، والحكم بن عيينة والرّبيع بن أنسٍ، وابن زيد، والضّحّاك، وغير واحدٍ،

الترجيح:
رجح ابن عطية القول الثالث ولم يذكر ابن كثير غيره وهو قول قوي والله أعلم.


3. بيّن ما يلي:
أ: أنواع اليمين، وحكم كل نوع.

قال تعالى:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)}
بينت هذه الآية نوعان من أنواع اليمين وهما:
1. اليمين اللغو: وهي الحلف من غير قصد اليمين، كقول الإنسان لا والله وبلى والله، ويدخل فيها أن يحلف على شيء فيتبين له خلافه، فهذه اليمين لا كفارة فيها باتفاق العلماء، قال تعالى { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم}
2. اليمين المنعقدة: وهي الحلف على شيء يفعله أو لا يفعله ويقصد بحلفه التأكيد والتوثيق، وهذه تجب فيها الكفارة المذكورة في سورة المائدة، وهي: العتق، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوة عشرة مساكين؛ يخير في هذه الأمور، فإن لم يقدر على واحدة منها فإنه يصوم ثلاثة أيام. قال تعالى{ ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم}، ويشرع له إذا رأى غيرها خير منها أن يكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير.
3. وهناك يمين ثالثة هي اليمين الغموس: وهي الحلف كذبا على ما مضى وهو يعلم كذبه، فهذه يأثم صاحبها وسميت غموسا لأنها تغمس صاحبها في النار والعياذ بالله ، ولم يشرع لهذه اليمين كفارة، ويجب عليه التوبة والاستغفار


ب: معنى الإيلاء وحكمه.

قال تعالى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226)}

الإيلاء: الحلف،
وهو أن يحلف الرّجل ألّا يجامع زوجته مدّةً وله حالات:
1. أن يكون أقلّ من أربعة أشهرٍ، في هذه الحالة له أن ينتظر انقضاء المدّة ثمّ يجامع امرأته، وعليها أن تصبر، وليس لها مطالبته بالفيئة في هذه المدّة، ثبت في الصّحيحين عن عائشة: أنّ رسول اللّه آلى من نسائه شهرًا، فنزل لتسعٍ وعشرين، وقال: "الشّهر تسعٌ وعشرون" ولهما عن عمر بن الخطّاب نحوه.
2. أن تزيد المدّة على أربعة أشهرٍ، في هذه الحالة للزّوجة مطالبة الزّوج عند انقضاء أربعة أشهرٍ: إمّا أن يفيء -أي: يجامع -وإمّا أنّ يطلّق، فيجبره الحاكم على هذا أو هذا لئلّا يضرّ بها
- وقوله {من نسائهم} فيه دلالة على أنه يختص بالزوجات دون الإماء
- وقوله: {فإن فاءوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ} فيه دلالةٌ لأحد قولي العلماء أنّ المولي إذا فاء بعد الأربعة الأشهر أنّه لا كفّارة عليه. والآية قبلها تؤيد ذلك، كما يدل عليه قوله صلّى اللّه عليه وسلّم: "من حلف على يمينٍ فرأى غيرها خيرًا منها فتركها كفّارتها" رواه أحمد وأبو داود وقول الجمهور أنّ عليه الكفّارة لعموم وجوب التّكفير على كلّ حالفٍ، كما في الأحاديث الصّحاح. واللّه أعلم.

أحسنتِ أختي ضحى بارك الله فيكِ ونفع بكِ، لكن فاتكِ إجابة السؤال العام وهو كتابة رسالة تفسيرية.
التقويم : ب
زادكِ الله إحسانًا وتميزًا.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 24 ربيع الثاني 1439هـ/11-01-2018م, 02:39 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماهر القسي مشاهدة المشاركة
1. (عامّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة مختصرة تبيّن فيها يسر الشريعة بناء على ما درسته في تفسير آيات الطلاق.
امتازت الشريعة الإسلامية باليسر والسهولة وسطاً بين الإفراط والتفريط , وسطاً بين التشديد المرهق والانفلات المهلك , وسطاً بين تشديد وتعنت اليهود وبين تفلت النصارى وضلالاهم , لذلك يقول تعالى ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً ) , ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فأوغلوا فيه برفق ) , ومن يسره وسهولته أن جعله ملبياً لرغبات النف البشرية فلم يكبتها ويمنع صاحبها من تفريغ شهواته ولم يفتح لصاحبها عنان نفسه بدون ضابط أو تقييد , فسمح بالزواج والتعدد والطلاق حال لزومه وكونه السبيل الوحيد لتخلص من حياة مليئة بالمشاكل , وسمح للمرأة في حالتعنت الزوج بالخلع وطلب الطلاق من القاضي , وأوقف عادات كانت في الجاهلية تظلم المرأة وتهضمها حقها , وإليك بيان وتفصيل ما أجملناه , وهاك تقييد ما أطلقناه من أحكام مفصلا ومرتباً
قال تعالى ( للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم , وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم )
= كان من عادات الجاهلية السيئة والظالمة للمرأة أن الرجل إذا كره زوجته وأراد مضارتها وظلمها آلى على نفسه أي حلف يمين ألا يقربها ولا يجامعها , فأتى الإسلام وقيد مدة الحلف بالإيلاء مدة أربعة أشهر فقط ولم يجز للمرأة تطالبه بافيئة قبلها , فإن أحب أن يقصر على مدة أقل من أربعة أشهر بعد الحلف فلكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير كما هو مطابق لحجيث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير ) .
= وعند انقضاء مدة الإيلاء خيره ديننا بين أمرين إما أن يرجعها إلى ذمته ويجامعها وإما أن يطلقها ولم يسمح له أن يبقيها على حالتها تلك لأن في هذا مضارة بالمرأة وظلم لها وتعسف على حقها , وإن رفض طلاقها طلق عليه الحاكم رغما عنه .
(والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً )
= قرر الله سبحانه بحكمته أن تكون عدة المطلقة ذات الأقراء ثلاثة قروء حتى تستبرء رحمها وحفظاً لحق زوجها , ففي الجاهلية لم هناك عدة تعتد بها ,وهذه المدة كافية لو أراد أحدهماأن يرجع للآخر واشتاق له وخاصة إذا كان بينهما ولد فلم يجز للمرأة وشدد عليها وحذرها من أن تكتم ما في بطنها لأنه من حق الرجل , فلو كان هناك ولد فهو من أشد ما يجذب زوجها إليها , ولا يحل لها أيضاً أن تدعي الحمل كيدا منها ومكرا حتى تطيل مدة العدة , فأمرها سبحانه أن تخبر ما في بطنها كما هو من حيض أو حمل من غير زيادة ولا نقصان .
= وزوجها الذي طلقها أحق الناس بها في مدة العدة إذا كان مراده بردها الإصلاح والخير وهذا حصرا في الطلقات الرجعيات فقط , ولم يكن هناك حصر لعدد الطلقات المسموح لها للرجل , فقد كان الرجل يطلق ولو مئة تطليقة ثم يرجعها إلى زمته [ ذمته ] ثم يطلقها مضرة لها , وجاء الإٍلام وقيد الطلقات بالثلاث , فقد الأحقية للرجل في زوجته في حال عدتها بأن يريد الإصلاح والخير لهما .
( ولهن مثل الذي عليهن وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم ) .
= أكد سبحانه في هذه الآية على أنه هناك حق للمرأة على الرجل كما أنه هناك حق للرجل على المرأة , أمر كل واحد منها أن يؤدي الحق الذي عليه , فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فاتقوا الله في النساءء , فإنكم اخذتموهن بأمانة الله , واستحللتهم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ) وقال أيضاً ( أن تكعمها إذا طعمت , وتكسوها إذا كسيت , ولا تصرب الوجه ولا تقبح , ولا تهجر إلا في البيت ) .
= والحقوق التي فضل بها الرجل على المرأة هي الفضيلة في الخلق والخلق والمنزلة وطاعة الأمر والإنفاق والقيام بالمصالح والفضل في الدنيا والآخرة كما قال تعالى ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم )
وحفظ الحقوق هذا مع التوسط في حفظها والعدل في توزيع الحقوق والواجبات كانت شريعة سمحة عظيمة فلم تسمح للمرأة في التجاوز ولم يسمح للرجل في الشطط وحفظ لكل احد حقه من غير إفراط ولا تفريط فقيد سلطة الرجل على المرأة بحدود وضوابط وقيد حقوق المرأة بحدود وضوابط تناسبها وتتطابق مع قواعد الشريعة السمحة وطبيعة خلقة المرأة وبنيتها .

(الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به , تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون )
= كان الطلاق في الجاهلية غير محدود العدد فكان الرجل يطلق المئة مرة ثم يعيدها إلى ذمته ما دامت في العدة ثم يطلق وهكذا مضارة بالمرأة , ولكن لما أتى الإسلام حدد عدد الطلقات بثلاث فقط وبعدها تبين زوجة الرجل منه بينونة كبرى لا تحل له حتى يتنكح زوجاً غيره ويجامعها في زواجها .
= فالطلاق المسموح للرجل هو طلقتان فحسب إن أراد رجوعها إلى ذمته , وبعدها فإما إمساك بإحسان لا ينوي فيه إضرارها , أو تسريح بإحسان وهو الطلقة الثالثة , والإمساك بإحسان شرط ديني يحاسب فيه الله على النية لأنه مما لا سبيل لعلمه .
= فلا يحل للرجل أن يمسك امرأته في عصمته ويضاجرها ويضيق عليها حتى تتخلى عن مهرها لتفتدي نفسها من زوجها الذي أضر بها قال تعالى ( ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلاأن يأتين بفاحشة مبينة ) فإن أخذ منها أي مال تفتدي نفسه في هذه الحال فمالها عليه حرام ويجب رده , فأما إن وهبته المرأة عن طيب نفسها فلا جناح عليه فيه قال تعالى ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئا مرئيا ) , وأما إذا تشاقق الرجلان ولم تقم المرأة بحقوق الرجل وأبغضته ولم تقدر على معاشرته فلها أن تفتدي منه بما أعطاها ولا حرج عليها في بذلها له ولا حرج عليه في قبوله ذلك منها .
= وفي حال لم يكن لها عذر في طلب الطلاق وسألت الافتداء منه فحرام عليها ذلك لما فيه من إضرار الرجل , قال النبي صلى الله عليه وسلم ( أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة ) وهذا أحد الرأيين , والرأي الآخر أنه يجوز ذلك كما في حديث جميلة وزوجها ثابت بن قيس فلما سألها النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب طلبها للطلاق قالت لم أعب عليه دينا ولا خلقاً ولكن لدمامته فأمرها أن ترد عليه الحديقة التي أعطاها إياها , وهذا من رحمة الله سبحانه بالمرأة أن سمح للمرأة في حال لم تستطع العيش مع زوجها لأي سبب كان أن تطلب طلاقها من زوجها بأن ترد عليه مهرها ولا جناح عليها في ذلك .

( فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره )
= هذا تهديد للرجل وإنذار له بأنه بعد الطلقة الثالثة لن تعود زوجته إليه حتى يطأها رجل آخر , وهذا أمر عظيم على الرجل , وفيه حفظ لحق المرأة لكي لا يكون حقها ألعوبة في يد الرجل , ولكي يكون الرجل على بينة من كلامه في طلاق زوجته .
= وحتى يكون الزواج الثاني محللا لرجوع المرأة إلى زوجها الأول , يجب أن يكون الزواج الثاني على نية التأبيد وأن يكون الرجل راغباً في المرأة قاصدا لدوام عشرتها واشترط الإمام مالك أن يطأها وطئا مباحاً , ثم بعد ذلك إن تخالفا وتطلقا وأراد الزوجان القديمان الرجوع لبعضهما فلا جناح عليها إن ظنا أن يقيما حدود الله .

( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا )
= وهذا أمر رحمة من الله للمرأة , فأمر الرجل إذا طلق امرأته طلاقاً له عليها فيه رجعة فإا أن يرجعها إلى ذمته ويشهد على رجعتها وينوي عشرتها بالمعروف أو يسرحها ويتركها حتى تنقضي عدتها ويخرجها من منزله بالتي هي أحسن من غير شقاق ولا مخاصمة ولا تقابح .
= وجعل ربنا من رحمته بعباده أمر الزواج والطلاق من الأمور الخطيرة في المجتمع فلا مزاح فيه ولا هزء ولا سخرية وإنما أي كلام فيه يكون على محمل الجد ويقع في محله .

( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف )
= وهذا أمر جديد لمصلحة المرأة فمن طلقها زوجها طلقة رجعية وهي ما زالت في عدتها ولم تنقض بعد أراد الزوجان الرجوع لبعضهما فلا يحل لأولياء الزوجة أن يمنعوها من زوجها , فهذا حقها الذي منحها الله إياه .

وهذه الآيات التي قمنا بعجالة في شرحها وكيف أن وضع الله فيها شرعاً جديداً للطلاق , وذلك صيانة لحقوق المرأة التي أهدرها المحتمع الجاهلي , وهو شرع متكامل يستجيب مع الحق والعدالة و متطلبات النفس البشرية المشروعة , فالحمد لله رب العالمين على شرعه العظيم ودينه القويم وصراطه المستقيم .

2. أجب على إحدى المجموعتين التاليتين:
المجموعة الأولى:
1. فصّل القول في تفسير قوله تعالى:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}.
= السائلون هم المؤمنون
= معنى الخمر هو التغطية والستر وسميت بذلك لأنها تغطي العقل وتستره وتعطل عمله لفترة .
= ويطلق الخمر في اللغة على ماء العنب الذي غلي ولم يطبخ والقى منه الزبد , ويوم حرمت الخمر بالمدينة كان الخمر ماخوذ من العسل والزبيب والتمر والشعير والقمح ,ثم اجمع العلماء على أن علة التحريم هي السكر فلذلك من أي شيء صنع الخمر أصبح قليله وكثيره حرام , وأن الحد واجب في قليله وكثيره , لقوله صلى الله عليه وسلم ( كل مسكر خمر ظو وكل خمر حرام ظو وما أسكر قليله فكثيره حرام )
= تحريم الخمر نزل على حكمة الشرع بالتدرج حتى يزيل هذه العادة من الفنوس بشكل تدريجي فأول ما نزل بشانها قوله تعالى هو هذه الآية ثم نزل بعدها ( ولا تقربوا الصلاة أنتم سكارى ) ثم نزل قوله تعالى ( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ....... فهل أنتم منتهون ) ثم قوله تعالى ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) .
= الحد في شربها المروي عن رسول الله صلى الله عليه ولم هو أربعون جلدة و ولكن في عهد عمر تهافت الناس على شربها فجعله كأخف الحدود ألا وهو حد القذف ثمانين جلدة .
= والميسر مأخوذ من يسر لي هذاإذاوجب وتسنى وهو الذي يدخل في الضرب بالقداح , أصل نشأتها في الجاهلية كانت على عشرة أقداح ثلاثة منها غفل لا شيء فيها وسبعة لها حظوظ وفيها فروض على عدد الحظوظ , فكانت العرب تضرب بهذه الأقداح في الشتوة وضيق الوقت وكلب البرد على الفقراء وتشتري الجزور وتلعب بالأقداح فكل من خرج له قدح يأخذ من الناقة من حصصها على عدد الحظوظ ثم يوزعها على الفقراء خيلة وعجب
= الإثم الكبير والمنافع فيهما أقوال
- ابن عباس والربيع الإثم الكبير بعد التحريم والمنفعة فيهما قبله .
- طائفة من العلماء : الإثم في الخمر ذهاب العقل والسباب والافتراء والمنفعة اللذة بها
- مجاهد : المنفعة بها كسب أثمانها
- الإثم هو في الدين والمنافع فدنيوية [ وهذه الأقوال غير متعارضة فنبين وجه الجمع بينها ]
= والإثم الذي فيها أكبر من النفع العائد منها لذلك كانت هذهالآية تقدمة للتحريم , فهذه المصالح لا توازي مضرته ومفسدته الراجحة لتعلقها بالعقل والدين .
= وقرأ جمهور الناس ( كبير ) وحجتهاأن الذنب في القمار وشرب الخمر من الكبائر فوصفه بالكبير أليق [ وما القراءة الأخرى وتوجيهها ؟ ]
= فيهما إثم يحتمل مقصدين
- أن يراد في استعمالهما بعد النهي .
- أن تراد خلال السوء التي فيهما .

2. حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالقرء في قوله تعالى: {والمطلّقات يتربّصن بأنفسهن ثلاثة قروء}.
أصل القرء في كلام العرب هو الوقت لمجيء الشيء المعتاد مجيئة في وقت معلوم ولإدبار الشيء المعتاد إدباره لوقت معلوم وهذه العبارة تقتضي أن يكون مشتركا بين هذا وهذا
[ ثم اختلف المفسرون في المراد بها في الآية على قولين ]
- القرء الطهر وهو قول الأحناف ومنه قول عائشة ( إنماالأقراء ألطهار ) فمتى دخلت في الطهر الثالث حلت للأزواج [ واستدلوا بقوله تعالى :{ فطلقوهن لعدتهن } أي في الأطهار ]
- القرء هو الحيض وهو قول الجمهور فمتى انهت الحيضة الثالثة حلت للأزواج ومنه قوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت حبيش ( دعي الصلاة أيام أقرائك ) فلو كان هذا الحديث صحيحاً لكان الحجة الفاصلة في القول
[ هناك تقصير في بيان من قال بكل قول من السلف]

ب: المراد بقوله تعالى: {ما خلق الله في أرحامهنّ}.
أن تبين المطلقة ما في بطنها من طهر [ حمل ] أو حيض بدون زيادة أو نقصان ومعنى النهي هو النهي عن الكتمان والنهي عن الإضرار بالزوج وإذهاب حقه .
[ والجمع بين القولين الحمل والحيض هو أحد الأقوال في المسألة وإن كان الراجح لكن المطلوب تحرير المسألة بذكر جميع الأقوال ومن قال بكل قول ودليله ثم الترجيح ووجهه ]

3. بيّن ما يلي: [ أحسنتَ الإجابة لكن في مثل هذا النوع من الأسئلة نحرص على الاستشهاد على الإجابة بما يدل عليها من الآيات وبيان وجه الاستدلال ]
أ: أنواع اليمين، وحكم كل نوع.
- اليمين الغموس وهي اليمين الكاذبة التي يحلف بها صاحبها وهو كاذب , وذنبها عظيم ولا كفارة فيها وإنما كفارتها التوبة منها .
- اليمين المنعقدة وهي التي يحلف صاحبها على إنفاذ شيء أو تركه في المستقبل وحكمه وجوب البر به إلا إن كان حلف على إثم أو قطيعة رحم فالواجب في حقه الكفير عن يمينه وإتيان ماهو خير , وحكمه وجوب البر باليمين وإن خالف يمينه فعله كفارة إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام .
- اليمين اللغو وهو أن يحلف صاحبها صادقاً على أمر فيظهر خلافه [وفيه أقوال أخرى ], وحكمه لا شيء عليه فيها

ب: معنى الإيلاء وحكمه.
هو الحلف على ترك وطء الزوجة وترك جماعها وكان في الجاهلية ليس له وقت محدود فجاء الإسلام وحده أربعة أشهر فإن انتهت إما أن يرجع إلى زوجته أو يطلق فإن رفض الطلاق يطلق عليه الحاكم رغما عنه

التقويم : ب.
أرجو مراجعة الملحوظات أعلاه، بارك الله فيك ونفع بك.


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الرابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:57 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir