بسم الله الرحمن الرحيم
المجموعة الأولى:
إجابة السؤال الأول:كلام المفسّر إما أن يكون مستنده الفهم والنظر وإما أن يكون مستنده النقل والخبر؛ فما موقف طالب علم التفسير من هذين النوعين؟
أولًا: ما كان مستنده الفهم والنظر:هو ما ينشؤه المفسر من كلام من تلقاء نفسه ؛ فينظر طالب علم التفسير فيه وفق الضوابط التي وضعها المفسرون لقبول التفسير، من تفسير القرآن بالقرآن وتفسير القرآن بالسنة النبوية ، وبلغة العرب ، فيمكن قبوله مالم يخالف نصاً شرعياً وكان موافقا للغة العرب؛ فكل ماكان كذلك، فإنه يكون تفسيرًا مقبولًا ولا يحتاج إلى مبدأ التثبت.
ويدخل في ذلك ما كان من باب التدبر فإنه يشترط فيه أن يكون المعنى صحيحاً في نفسه وألا يخالف أصلاً شرعياً سواء في باب الاعتقاد أو الأحكام، وأن يكون مبنيًا على أساس سليم من ناحية اللغة العربية ، وأن يكون بينه وبين الآية علاقة.
ثانيًا: ما كان مستنده النقل والخبر:وهو الكلام الذي ينقله المفسر عن غيره في تفسير الآية، والمقصود بذلك مرويات التفسير المستندة إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة والتابعين ؛ فهذه تحتاج إلى مبدأ التثبت والتحقق من صحتها، فلابد من النظر في هذه المرويات وتطبيق قواعد المحدثين علها حتى لا يكون هناك فوضى في تفسير كتاب الله ، فإن وجدنا ما ورد منسوباً إلى قائله نسبة صحيحة فذاك غاية المطلوب ،وإلا فيجب التريث فلا يفسر به كتاب الله.
وليس المقصود تطبيق قواعد المحدثين في كل شيء ، ولكن الأصل يبقى أصلا لا يمكن أن نحيد عنه ، وإنما يمكن أن يُتخفف فيه فيما يسع فيه التخفيف .
مثل التسامح في قبول بعض المرويات؛ لاشتمالها على معاني الآيات فقط وعدم اشتمالها على الأحكام ،مثل: تسامح المحدثين من قبول رواية (الضحاك عن ابن عباس) وهي منقطعة.
ومثل ما كان في باب الفضائل سواءفي فضائل بعض السور أو الأدعية أو فضائل الصحابة ونحوه فإنهم لم يشددوا فيه وقاعدة المحدثين فيه معروفة، وعبارتهم مشتهرة؛ مثل: سفيان الثوري، عبد الله بن المبارك، والإمام أحمد وورد أيضا عن عبد الرحمن بن المهدي وغيرهم, حينما يقولون: (إذا روينا في الحرام والحلال شددنا، وإذا روينا في الفضائل؛ تساهلنا).
إجابة السؤال الثاني: اذكر خمسة من كتب التفسير المسندة.
1- تفسير عبد الرزاق.
2- تفسير سفيان الثوري.
3- تفسير ابن جرير الطبري.
4- تفسير ابن المنذر.
5- تفسير ابن أبي حاتم.
إجابة السؤال الثالث :كيف تردّ على من زعم أنه لا حاجة إلى دراسة مرويات التفسير من حيث الإسناد بحجة إيراد المفسّرين الكبار لها في تفاسيرهم مع معرفتهم بعللها.
أولاً:إن قبول المرويات في التفسير مطلقًا يؤدي إلى كثرة وقوع الخطأ في تفسير كلام الله ويفضي إلى القول على الله بغير علم ، كما إن إيراد هؤلاء الأئمة لبعض من هذه المرويات في كتبهم ليس مسوغًا للتساهل فيها وإغفال دراستها .
ثانياً:ولو لم نحتج إلى تطبيق قواعد المحدثين على مرويات التفسير لما وجدنا علماء التفسير في التفاسير المسندة يتعبون أنفسهم بإيراد هذه الأسانيد في كتبهم .
ثالثاً :ومما يدل على حاجتنا إلى تطبيق منهج المحدثين في التثبت من مرويات التفسير ما نجده في كتب العلل من جعل مرويات التفسير أسوة لبقية الأحاديث التي تروى في جميع أبواب الدين؛ لا فرق بين هذا وذاك ؛ إذ أن الشريعة لا تفرق بين المتماثلات.
فكما أن المحدثين يعلون بعض المرويات في كتاب الطهارة وفي كتاب الصلاة وفي كتاب الزكاة وفي كتاب الصوم وفي كتاب الحج وغير ذلك من أبواب الدين فإنهم كذلك يعلون مرويات في كتاب التفسير؛ خاصة إذا كانت الرواية تتضمن حكماً من الأحكام ، أو في باب الاعتقاد ، فلابد من التثبت من صحتها.
رابعاً:هناك أسباب للتساهل في بعض مرويات التفسير فكثير من المروي في تفاسير الأئمة من ذلك القبيل، مثل:
1-أن يكون المروي مشتملاً على حكم مقرر في أحاديث أخرى صحيحة ، فيعدونه من باب الترغيب والترهيب .
2- أن تكون الروايات من باب الفضائل ، كفضائل القرآن وفضائل الصحابة أو غيره .
3- إذا كانت الرواية تتعلق بما يندرج تحت لغة العرب فهذا أمر واسع؛ لأن التفسير مبني على بيان المعنى، والقرآن نزل بلسان عربي مبين .
4- قد ينقل المفسر الرواية لصحة متنها لا لصحة إسنادها لا سيما إذا روي في معناها ما هو صحيح إسنادًا ومتنًا.
5-أن المفسر قد ينقل هذه الرواية لعدم وجود غيرها في معنى الآية فيثبت المعنى فإن كان صحيحًا اعتبره ، وإن كان ليس صحيحا ردَّه ، أو سكت عنه.
6- قد يكون المروي من الإسرائيليات والتعامل مع مروياته يكون طبقا للحديث النبوي "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد" فما يوافق شرعنا صدقناه ، وما خالف شرعنا رفضناه وجزمنا بكذبه ولا يجوز لنا روايته إلا على سبيل الإنكار ، وأما ما لم يأت عليه دليل في الشرع توقفنا فيه ، ويجوز روايته من باب الاستئناس.
إجابة السؤال الرابع: بيّن أسباب دخول الخطأ في مرويات بعض الثقات.
قد يكون الخطأ في الرواية ، وليس في الراوي نفسه ، فالراوي نفسه يكون ثقة ، ولكن قد تُكلم في حفظه في بعض رواياته ، ولا يكون هذا عن عمد منه ، ولكن يكون بأحد سببين :
1- إما على سبيل الوهم الذي لا يسلم منه بشر، وأوهام الثقات هي التي بُني عليه علم العلل.
2- إما أن يكون الراوي قد دلَّس عن طريق الخطأ ، ولو لم يكن موصوفا بالتدليس ، أو تكون الرواية مما للراوي فيها هوى أو توافق بدعة عنده.
----------