دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الثالث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 جمادى الأولى 1443هـ/7-12-2021م, 12:44 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي تطبيقات على درس أسلوب الحجاج

تطبيقات على درس أسلوب الحجاج
الدرس (هنا)

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 7 جمادى الأولى 1443هـ/11-12-2021م, 09:41 PM
جوري المؤذن جوري المؤذن غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2020
المشاركات: 215
افتراضي

رسالة تفسيرية في قوله -تعالى- :" قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (6) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (7) " .



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ، حمداً يليق بجلاله و عظمته ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، هو الذي يجتبي من عباده من يشاء ، و يرفع شأن من يخشاه ، وأصلي و أسلم على خير البرية محمد بن عبد الله -عليه أفضل الصلاة و السلام- .
أما بعد ،،



قال الله -تعالى- :" قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (6) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (7) " الجمعة .
ففي هذه الآيات الكريمة تكذيب دعوى اليهود أنهم أولياء لله من دون الناس ، فكما هو معروف عن اليهود أنهم مصابين بداء الاستعلاء و الاستكبار على جميع الخلق ، و يدّعون بأنهم شعب الله المختار و أنهم أبناء الله و أحباؤه ، و كل تلك الأقاويل ناتجة عن ضلالهم و زيغ قلوبهم عن الحق .
و لقد بين الله -تعالى- في كتابه الكريم بطلان زعمهم بالأدلة الواضحة و الحجج الدامغة ، و من ذلك :

* أن الله -تعالى- بيّن بطلان أصل الادعاء و حقيقة أمرهم ، فقال -تعالى- :" وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ " [المائدة : 18 ]
ففي ذلك رد على زعمهم بأنهم أرفع مكانة عن سائر البشر ، و الحق أنهم كسائر البشر لا فضل لأحد على أحد عند الله إلا بالإيمان والتقوى وهو المقياس الصحيح .

*وتحداهم الله -عزوجل - أن يتمنوا الموت إن كانوا صادقين في دعواهم بأنهم أولياء لله ، فقال -تعالى- :" قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " [ الجمعة: 6 ] ، و قال -تعالى- :" قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " [البقرة : 94 ] .
فبيّن حقيقتهم وكذبهم بأنهم لا يتمنون الموت أبداً خوفاً منه ؛ لأنهم يعلمون كفرهم وضلالهم وظلمهم و شناعة أعمالهم من تحريفٍ للتوراة وتبديلها و قتلهم الأنبياء بغير حق و غيرها من الأعمال القبيحة ، فهو- سبحانه- عليم بظلمهم لا يخفى عليه أمرهم ، قال -تعالى- :" وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ " [الجمعة : 7] ، و قال- تعالى- :" وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ " [البقرة : 95 ] .
كما أن أولياء الله الصادقين الذين اختصهم الله حقيقةً حالهم يختلف عن غيرهم فهم يشتاقون لملاقاة الله -تعالى- و لا يهابون الموت ، وذلك لا ينطبق على اليهود أبداً فهم يفرّون من الموت فرارً .

* ثم إن اليهود أمرهم عجيب ومستنكر .. كيف يدّعون بأنهم أبناء الله و أحباؤه و أنهم أولياء لله من دون الناس و قد غضب الله عليهم ولعنهم في كتابه العزيز، فإنه لا يُعقل بتاتاً أن يكون المحب لاعناً لمحبوبه غاضباً عليه ، فقد ورد في القرآن الكريم لعن الله -تعالى- وغضبه عليهم صريحاً ، فقال -تعالى-:" وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ " [البقرة : 88 ] ، و قال- تعالى- : " ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ " [ آل عمران : 112 ] ، وقال -تعالى- : " قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ " [ المائدة : 60 ] .


فإن المتأمل لآيات القرآن الكريم يجد أنها شاهدة على بطلان مزاعم اليهود وأقاويلهم الكاذبة ، و داحضة لشبهاتهم بأوضح الأدلة والبراهين ، مبيّنة لتناقضهم العجيب بين حالهم وحقيقة ما يدّعونه عن أنفسهم .

" نسأل الله -عز وجل- أن لا يزيغ قلوبنا و أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه و يرينا الباطل باطلاً و يرزقنا اجتنابه " .

-وصلّ اللهم و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين -.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 8 جمادى الأولى 1443هـ/12-12-2021م, 06:15 AM
محمد حجار محمد حجار غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2020
المشاركات: 350
افتراضي

مجلس مذاكرة دروس أساليب التفسير
تطبيق على أسلوب الحِجَاج في التفسير
رسالة تفسيرية بعنوان تأملات في قوله تعالى ( وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ)[الملك : 25]
الحمد لله ، و كفى و الصلاة و السلام على رسوله الذي اصطفى ، و على أله و صحبه و من سار على نهجه و اقتفى ، متمثلاً قول ربه فيما هدى .
أمَّا بعد .....
يقول الحق سبحانه بعد بسم الله الرحمن الرحيم ( وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ)[الملك : 25]
في هذه الأية الكريمة يحكي الله سبحانه و تعالى قولاً من أكثر الأقوال تردداً على لسان الكافرين بلفظه أو بمعناه ، و مما يدل على كثرة تردده على لسانهم كثرة وروده في مواضع مختلفة من كتاب الله و حكايته بصيغة المضارع التي تدل على التكرار و الاستمرار و هذا ما بيَّنه جمهور المفسرون كابن عاشور و البقاعي و الشربيني و غيرهم ، وهو حجة واهية ساقطة لا تقوم لها قائمة يلجأ إليها الكفار بدافع العناد و الاستهزاء كلَّما ذَكَّرهم الله سبحانه بالبعث و الحساب و الجزاء مقيماً عليه من الأدلة و الححج ما تلين له القلوب السليمة من الكبر و العناد و ما شاكلهما من الأمراض القلبية و تذعن له العقول السليمة من التفاهة و السفه و ما شاكلهما من الأمراض العقلية ،
و سورة الملك واحدة من تلك المواضع التي بَسَطَ فيها الرحمن جلَّ ثناءه عدداً من الحجج البالغة التي تدل على البعث و ما يليه من حساب و جزاء ثمَّ عرَّض بذكر حجتهم الواهية التي يعتمدون عليها في إنكارهم و جحودهم للبعث و ما يليه والمتمثلة بقولهم ( وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ) مشيراً إلى علتها الحقيقية و هي العناد و الاستهزاء ثمَّ أضرب عن مناقشة علة قولهم الحقيقية و أجابهم عن ظاهر سؤالهم لا عن مرادهم من السؤال فقال : ( قُلۡ إِنَّمَا ٱلۡعِلۡمُ عِندَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَا۠ نَذِيرٞ مُّبِينٞ) ثمَّ بكَّتهم بقوله ( فَلَمَّا رَأَوۡهُ زُلۡفَةٗ سِيٓـَٔتۡ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقِيلَ هَٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تَدَّعُونَ )
و القارئ المتأمل و المتدبر لسورة الملك يتبيَّن نقاط الارتكاز في تلك المُحاجَّة التي يعرضها البيان الإلهي في هذه السورة و المتمثلة فيما يلي
1- تقرير كمال صفتي الملك و القدرة لله جلَّ جلاله بقوله ( تَبَٰرَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ )
2- تقرير خلق الموت و الحياة المبني على ما سبقه من تقرير كمال صفتي الملك و القدرة لابتلاء واختبار الناس و ما يستلزم ذلك من بعث و حساب و جزاء ، إذ لا معنى للابتلاء و الاختبار بدون حساب و جزاء . بقوله ( ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَيَوٰةَ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡغَفُورُ )
3- بيان بعض الأدلة و الحجج على تقرير كمال صفتي الملك و القدرة كخلق السموات وما فيهن من معجزات بقوله ( ٱلَّذِي خَلَقَ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖ طِبَاقٗاۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلۡقِ ٱلرَّحۡمَٰنِ مِن تَفَٰوُتٖۖ فَٱرۡجِعِ ٱلۡبَصَرَ هَلۡ تَرَىٰ مِن فُطُورٖ )
4- بيان بعضاً من صور الجزاء المترتبة على الاختبار في الدنيا و الأخرة كالعذاب في النار للكافرين بقوله ( وَلِلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡ عَذَابُ جَهَنَّمَۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ ) و المغفرة و الأجر الكبير للمؤمنين بقوله ( إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ ) و ذلك في الأخرة ، و كإهلاك الأمم السابقة من جزاء الدنيا بقوله ( وَلَقَدۡ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَكَيۡفَ كَانَ نَكِيرِ )
5- التمهيد و الاستدلال ببعض الأدلة لتقرير الحقيقة الكبرى التي يُنكرها الكافرون و هي البعث و ما يليه من حساب و جزاء ، و ذلك بذكر بعض النعم الدالة على الربوبية كتذليل الأرض و النصر و الرزق و الخلق على أكمل و أجمل صورة و توزع الخلائق في الأرض ، ليقرر الحقيقة الكبرى و هي الحشر و النشر للحساب و الجزاء بقوله تعالى ( قُلۡ هُوَ ٱلَّذِي ذَرَأَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَإِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ )
6- التعريض بحجة منكري البعث و ما يليه و هي قولهم ( وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ) ببيان مدى تهافتها و ضعفها بالإضراب عن مناقشة علتها الحقيقية و هي العناد و الاستهزاء و الانتقال إلى الإجابة عن ظاهر السؤال بطريقة الأسلوب الحكيم بقوله ( قُلۡ إِنَّمَا ٱلۡعِلۡمُ عِندَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَا۠ نَذِيرٞ مُّبِينٞ) و تبكيتهم ببيان سوء عاقبتهم بقوله ( فَلَمَّا رَأَوۡهُ زُلۡفَةٗ سِيٓـَٔتۡ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقِيلَ هَٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تَدَّعُونَ ) و ببيان أن تحقق مرادهم بهلاك النبي صلى الله عليه و سلَّم و من معه لا يُغني عنهم شيئاً مما يُوعدون به بقوله ( قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَهۡلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوۡ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلۡكَٰفِرِينَ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ ) و ببيان ضعفهم و حاجتهم إلى الله بقوله ( قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَصۡبَحَ مَآؤُكُمۡ غَوۡرٗا فَمَن يَأۡتِيكُم بِمَآءٖ مَّعِينِۭ )
هذا ما فتح الله به و يسَّره و أسأله جلَّ في علاه أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا إنَّه وليُّ ذلك و القادر عليه و الحمد لله ربِّ العالمين و صلي اللهم على سيدنا محمد و على أله و صحبه أجمعين

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10 جمادى الأولى 1443هـ/14-12-2021م, 10:09 AM
شريفة المطيري شريفة المطيري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2020
المشاركات: 190
افتراضي

تفسير قول الله تعالى: { إِنَّ لِلۡمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ...}

قال الله تعالى:
﴿إِنَّ لِلۡمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ ۝34 أَفَنَجۡعَلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ كَٱلۡمُجۡرِمِينَ ۝35 مَا لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُونَ ۝36 أَمۡ لَكُمۡ كِتَـٰبࣱ فِيهِ تَدۡرُسُونَ ۝37 إِنَّ لَكُمۡ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ ۝38 أَمۡ لَكُمۡ أَيۡمَـٰنٌ عَلَيۡنَا بَـٰلِغَةٌ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَـٰمَةِ إِنَّ لَكُمۡ لَمَا تَحۡكُمُونَ ۝39 سَلۡهُمۡ أَيُّهُم بِذَ ٰلِكَ زَعِيمٌ ۝40 أَمۡ لَهُمۡ شُرَكَاۤءُ فَلۡيَأۡتُوا۟ بِشُرَكَاۤىِٕهِمۡ إِن كَانُوا۟ صَـٰدِقِينَ ۝41﴾ [القلم 34-41]

تضمنت هذه الآيات الكريمات من الدلائل والبراهين على تقرير حقيقة (عدم تساوي المسلمين مع المجرمين)، والرد عليهم بالحجج المنطقية التي تفحهم فلا يستطيعون ردها، واتبعت طريقة السبر والتقسيم ، وبينت بطلان اعتقادهم وضلاله ، وأن ظنهم فاسد وحكمهم باطل

وبيان ذلك من وجوه:
أحدها:
الوجه الأول :الاستفهام الإنكاري لهذا الظن في قوله (أفنجعل المسلمين كالمجرمين) ، والاسْتِفْهامُ وما بَعْدَهُ مِنَ التَّوْبِيخِ، والتَّخْطِئَةِ، والتَّهَكُّمِ عَلى إدْلالِهِمُ الكاذِبِ، مُؤْذِنٌ بِأنَّ ما أُنْكِرَ عَلَيْهِمْ ووُبِّخُوا عَلَيْهِ خاطئ
الوجه الثاني: في قوله (ما لَكم) اسْتِفْهامٌ إنْكارِيٌّ لِحالَةِ حُكْمِهِمْ،
و(كَيْفَ تَحْكُمُونَ) اسْتِفْهامٌ إنْكارِيٌّ ثانٍ في مَوْضِعِ الحالِ مِن ضَمِيرِ (لَكم)، أيِ انْتَفى أنْ يَكُونَ لَكم شَيْءٌ في حالِ حُكْمِكم، أيْ فَإنْ ثَبَتَ لَهم كانَ مُنْكَرًا بِاعْتِبارِ حالَةِ حُكْمِهِمْ.
والمَعْنى: لا تَحْكُمُونَ أنَّكم مُساوُونَ لِلْمُسْلِمِينَ في جَزاءِ الآخِرَةِ أوْ مُفَضَّلُونَ عَلَيْهِمْ.
الوجه الثالث: الإضْرابُ الانْتِقالٍي مِن التَوْبِيخٍ إلى الاحْتِجاجٍ عَلى كَذِبِهِمْ. فجاءت أربع انتقالات تبين احتمالات :الاحتمال الأول :
أنَّ حُكْمَكم هَذا لا يَخْلُو مِن أنْ يَكُونَ سَنَدُهُ كِتابًا سَماوِيًّا نَزَلَ مِن لَدُنّا،.فهل عندكم كتاب منزل من السماء تتداولونه متضمن هذا الحكم :أنكم من أهل الجنة وأن المسلمين كالمجرمين ،سيجيبون : لا، وفي هذا تَّعْرِيضِ بِأنَّهم أُمِّيُّونَ لَيْسُوا أهْلَ كِتابٍ وأنَّهم لَمّا جاءَهم كِتابٌ لِهَدْيِهِمْ وإلْحاقِهِمْ بِالأُمَمِ ذاتِ الكِتابِ كَفَرُوا نِعْمَتَهُ وكَذَّبُوهُ
الوجه الرابع: الاحتمال الثاني: وإمّا أنْ يَكُونَ سَنَدُهُ عَهْدًا مِنّا بِأنّا نُعْطِيكم ما تَقْتَرِحُونَ، فهل عندكم عهود ومواثيق من الله بأن المسلمين كالمجرمين وأنكم ستدخلون الجنة ، سيجيبون :لا، فانتقل إلى دَلِيلٍ آخَرَ وهو نَفْيُ أنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُ زَعْمِهِمْ عَهْدًا أخَذُوهُ عَلى اللَّهِ لِأنْفُسِهِمْ أنْ يُعامِلَهم يَوْمَ القِيامَةِ بِما يَحْكُمُونَ بِهِ لِأنْفُسِهِمْ،
الوجه الخامس: الاحتمال الثالث: وإمّا أنْ يَكُونَ لَكم كَفِيلٌ عَلَيْنا، فاسألهم من هو المتضمن المتكفل بهذه المقالة ، فلا يستطيعون الإجابة ،
والاسْتِفْهامُ في قَوْلِهِ (سَلْهم أيُّهم بِذَلِكَ زَعِيمٌ) مُسْتَعْمَلٌ في التَّهَكُّمِ زِيادَةً عَلى الإنْكارِ عَلَيْهِمْ.
الوجه السادس: الاحتمال الرابع: وإمّا أنْ يَكُونَ تَعْوِيلًا عَلى نَصْرِ شُرَكائِكم ، فاسألهم هل لهم شركاء وأعوان من الأصنام والأنداد يقولون بهذا ويستطيعون فعله لهم ، فليأتوا بهم.
ومن المعلوم أن جميع ذلك منتف، فليس لهم كتاب، ولا لهم عهد عند الله في النجاة، ولا لهم شركاء يعينونهم، فعلم أن دعواهم باطلة فاسدة. وهذه هي طريقة السبر والتقسيم وهي طريقة عقلية لإقامة الحجة وإبطال الاحتمالات الباطلة ليتعيّن الاحتمال الصحيح

الوجه السابع: التبكيت في قوله تعالى:{ما لكم كيف تحكمون} ولهذا التبكيت وقع شديد لمن عقل معناه ، فلا يرضى المرء أن يصرف عن الخير

هذا ما تيسر من تحليل لهذه الآيات بأسلوب الحجاج ، ونسأل الله العلي الكريم أن يوفقنا لمراضيه ويفيض علينا من خزائن علمه ورحمته ، وصلى الله وسلم على نبيه

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 جمادى الأولى 1443هـ/14-12-2021م, 04:42 PM
أفراح قلندة أفراح قلندة غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثالث
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 141
افتراضي تطبيق أسلوب الحجاج

موقف الزمخشري من القراءة الصحيحة المخالفة لقواعد النحو والرد عليه
نشأ النحو العربي علماً قرآنياً، للمحافظة على سلامة كلام الله من اللحن الذي كان نتيجة لاختلاط العرب بالعجم بعد توسع الدولة الإسلامية. لكن بعض النحاة تعصبوا لقواعدهم التي بنوها ، وأخذوا يخطئون كل قراءة تخرج عن تلك المقاييس التي وضعوها.
لقد استمد علماء اللغة والنحو قواعدهم من كتاب الله تعالى ، و كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكلام العرب الفصيح . فقعدوا القواعد ، لتكون حامية للقرآن والسنة. والحق أنه إذا ثبتت القراءة حسب الأركان القراءة الصحيحة ، فينبغي أن تكون القراءة هي الحكم على القاعدة النحوية ، لا أن نرجع نحن بالقراءة إلى القاعدة النحوية ، لأن هذه القراءة مسموعة عن أفصح العرب بالإجماع ، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو سيد الفصحاء ، وسيد أهل البيان(1) .
ويقول أبو عمرو الداني: ( والأئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة ، والأقيس في العربية ، بل على الأثبت في الأثر ، والأصح في النقل والرواية . إذا ثبت عنهم لم يردها قياس عربية ، ولا فشو لغة ، لأن القراءة سنة متبعة ، فلزم قبولها والمصير إليها )(2) .

قول الزمخشري في قراءة حمزة في الآية ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ﴾
قرأ حمزة الزيات الكوفي ( والأرحام ) ، بالخفض ، عطفاً على الضمير المخفوض بالباء ، و وقرأ الجمهور ( والأرحام ) بالنصب.(3)
• موقف الزمخشري من القراءة:
قال الزمخشري في الكشاف: " والجرّ على عطف الظاهر على المضمر، وليس بسديد لأنّ الضمير المتصل متصل كاسمه، والجار والمجرور كشيء واحد، فكانا في قولك «مررت به وزيد» و «هذا غلامه وزيد» شديدي الاتصال، فلما اشتد الاتصال ل تكرره أشبه العطف على بعض الكلمة، فلم يجز ووجب تكرير العامل، كقولك: «مررت به وبزيد» و «هذا غلامه وغلام زيد» ألا ترى إلى صحة قولك «رأيتك وزيدا» و «مررت بزيد وعمرو» لما لم يقو الاتصال، لأنه لم يتكرر، وقد تمحل لصحة هذه القراءة بأنها على تقدير تكرير الجار ونظيرها. فَمَا بِكَ وَالأَيَّامِ مِنْ عَجَبِ ".
• القاعدة النحوية البصرية المخالفة للقراءة(4) :
يرى البصريون أنه لا يجوز العطف على الضمير المخفوض دون إعادة الخافض الذى دخل عليه المعطوف عليه إلا فى ضرورة الشعر، فقالوا: هو ممتنع لبعده عن القياس وقتله فى الاستعمال وما كان كذلك فترك الأخذ به أولى ومما عللوا به لذلك: أن الجار والمجرور بمنزلة شىء واحد، فإذا عطفت على الضمير المجرور والضمير المجرور متصل بالجار ولم ينفصل عنه فكأنك قد عطفت الاسم على الحرف الجار، وعطف الاسم على الحرف لا يجوز وقيل إن الضمير يشبه التنوين فى أن التنوين يحذف عند الإضافة فكذلك الضمير فى المنادى " يا غلام " وأن التنوين لا ينفصل عن الاسم وكذلك الضمير المجرور فى مثل " به " و " لك " فلما حصلت المشابهة أخذ الضمير حكم التنوين فى ذلك وعليه فينبغى ألا يجوز العطف عليه كما لا يجوز العطف على التنوين.. وقال بعضهم: إنه كما لا يجوز أن تقول: مررت بزيد و"ك"، فكذلك ينبغى أن تقول: مررت بك وزيد إذ الأسماء مشتركة فى العطف فكما لا يجوز أن يكون معطوفا فلا يجوز أن يكون معطوفاً عليه.
وعليه فإن الزمخشري اتبع قاعدة البصيرين التي لا تجيز عطف الاسم الظاهر على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض.
• قاعدة النحوية الكوفية المؤيدة للقراءة(5) :
وأجاز الكوفيون العطف على الضمير المجرور دون إعادة الجار كما هنا وينسب الأنبارى للكوفيين إجازتهم هذا العطف دون كراهية منهم لذلك أو تقبيحه، والدليل على جواز ذلك عندهم ما جاء فى التنزيل وكلام العرب قال تعالى ﴿وَاتّقُواْ اللّهَ الّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ ﴾(6) بالخفض وقوله تعالى ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النّسَآءِ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنّ وَمَا يُتْلَىَ عَلَيْكُمْ ﴾(7) فـ"ما" فى موضع خفض لأنه عطف على الضمير المخفوض فى فيهن وقوله تعالى:﴿ لّـَكِنِ الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصّلاَةَ ﴾(8) فالمقيمين فى موضع خفض بالعطف على الكاف فى إليك والتقدير فيه: يؤمنون بما أنزل إليك وإلى المقيمين الصلاة يعنى من الأنبياء عليهم السلام، ويجوز أيضا أن يكون عطفا على الكاف فى " قبلك " والتقدير فيه ومن قبل المقيمين الصلاة يعنى من أمتك وقال جل شأنه ﴿وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾(9) فعطف المسجد الحرام على الهاء فى به وأوجب بعضهم العطف على الضمير هنا، قال أبو حيان " بل هو متعين، لان وصف الكلام وفصاحة التركيب تقتضى ذلك ووضح ذلك ابن مالك: بأنه لو عطف على سبيل للزم منه العطف على الموصول وهو الصد قبل تمام صلته وهو ممنوع بإجماع وقوله تعالى:﴿ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ﴾(10) فمن فى موضع خفض بالعطف على الضمير المخفوض فى لكم وأما ما جاء فى كلام العرب فهو قول الشاعر :
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا فاذهب فما بك والأيام من عجب
فالأيام مخفوضة لأنها عطفت على الضمير فى " بك والتقدير بك وبالأيام " ومنه قول عباس بن مرداس - رحمه الله - :
أكـر علـى الكتيبة لا أبالى احتفـى كـان فيها أم سواها
وأنشد الفراء:
نعلق فى مثل السواري سيوفنا وما بها والكعب غوط نفانف
فالكعب مخفوض عطفا على الضمير المخفوض فى بينها وغير ذلك من الشواهد الشعرية
•رد العلماء عليه:
- ابن مالك خالف رأي البصريين ، وأيد قراءة حمزة ، وأجاز هذا العطف مطلقا لورود ذلك فى النظم والنثر كما ذكر فى الألفية في قوله :
وعود خافض لدى عطف على ضمير خفض لازما قد جعلا
وليس عندي لازما إذ قد أتى في النظم والنثر الصحيح مثبتا(11)
- يقول ابن جني : ( ليست هذه القراءة عندنا من الإبعاد والفحش والشناعة والضعف على ما رآه فيها وذهب إليه أبو العباس ، … لحمزة أن يقول لأبي العباس : إنني لم أحمل الأرحام على العطف على المجرور المضمر ، بل اعتقدت أن تكون فيه باء ثانية حتى كأني قلت : وبالأرحام ، ثم حذف الباء لتقدم ذكرها ، كما حذفت لتقدم ذكرها في نحو قولك : بمن تمرر أمر ، وعلى من تنزل أنزل ، ولم يقل أمرر به ، ولا أنزل عليه ، لكن حذفت الحرفين لتقدم ذكرهما )(12) .
- وقال ابن يعيش : ( إن أكثر النحويين قد ضعف هذه القراءة نظرًا إلى العطف على المضمر المخفوض ... ثم قال : ويحتمل وجهين آخرين غير العطف على المكني المخفوض : أحدهما : أن تكون الواو واو قسم ، وهم يقسمون ( بالأرحام ) ويعظمونها - وجاء التنزيل على مقتضى استعمالهم ، ويكون قوله: ( إن الله كان عليكم رقيباً ) ، جواب القسم . والوجه الثاني : أن يكون قد اعتقدوا أن قبله باء ثانية ، حتى كأنه قال وبالأرحام ، ثم حذف الباء لتقدم ذكرها (13) .
- وأما أبو حيّان فلا يكتفي بالرد على من ضعّف هذه القراءة ، بل يرد عليهم عامة ، وعلى ابن عطية خاصة فيقول : ( وما ذهب إليه البصريون وتبعهم فيه الزمخشري وابن عطية ، من امتناع العطف على الضمير المجرور إلا بإعادة الجار ، ومن اعتلالهم لذلك غير صحيح . بل الصحيح مذهب الكوفيين في ذلك ، وأنه يجوز . . .(14) . وأضاف أبو حيان : ( وأما قول ابن عطية : ويرد عندي هذه القراءة … إلى آخر كلامه ) ، فجسارة قبيحة منه لا تليق بحاله ، ولا بطهارة لسانه ، إذ عمد إلى قراءة متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قرأ بها سلف الأمة ، واتصلت بأكابر قراء الصحابة ، الذين تلقوا القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير واسطة ، عثمان ، وعلي ، وابن مسعود ، وزيد بن ثابت ، وأقرأ الصحابة أبي بن كعب رضي الله عنهم ، عمد إلى ردها هو بشيء خطر له في ذهنه ؛ وهذه الجسارة لا تليق إلا بالمعتزلة كالزمخشري ، فإنه كثيراً ما يطعن في نقل القراء وقراءتهم . وحمزة رضي الله عنه أخذ القرآن عن سليمان بن مهران الأعمش ، وحمران بن أعين ، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وجعفر بن محمد الصادق . ولم يقرأ حمزة حرفاً من كتاب الله إلا بأثر ، وكان حمزة صالحاً وربما ثقة في الحديث… )(15)
- قال ابن زنجلة في توجيه القراءة: " ومن قرأ "والأرحامِ" فالمعنى : ( تساءلون به وبالأرحام) وقال أهل التفسير : وهو قوله : (أسألك بالله وبالرحم). وقد أنكروا هذا وليس بمنكر ، لأن الأئمة أسندوا قراءتهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم . وأنكروا أيضاً أن الظاهر لا يعطف على المضمر المجرور إلا بإظهار الخافض وليس بمنكر. إنما المنكر أن يعطف الظاهر المضمر الذي لم يجر له ذكر فتقول (مررت به وزيد) وليس هذا بحسن، فأما أن يتقدم للهاء ذكر فهو حسن. وذلك ( عمرو مررت به وزيد ) ، فكذلك الهاء في قوله (تساءلون به) وتقدم ذكرها وهو قوله (واتقوا الله)"(16) .

القراءات المتواترة هي ما نقله جمع لا يمكن تواطؤهم على الكذب عن مثلهم متصل سندهم بالرسول صلى الله عليه وسلم ، وليس اجتهادات فردية من القراء كما ظن بعض العلماء كالزمخشري . وقراءة حمزة الكوفي هي قراءة تواتر سنده عن الرسول صلى الله عليه وسلم. وجمهور العلماء يرون أن القراءات العشر متواترة تقبل ولا يجيزون نقد شيء منها، ومنهم من يرى أن كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا وصح سندها، فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها ولا يحل إنكارها. والقراءة المتواترة هي القرآن ، والقرآن هو الأصل الذي يبنى عليه النحو واللغة وليس العكس ، والقواعد النحوية من وضع البشر يحتمل فيها الخطأ ، بينما القرآن هو منزل من رب البشر المنزه عن التحريف.

-------------------------
المصادر والمراجع:
1. ينظر( بحث تلحين النحويين للقرّاء ، أ. د : ياسين جاسم المحيمد ، أستاذ النحو والصرف ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (http://shamela.ws/index.php/book/1548 ، (ص13-16))
2. ابن الجزري ، أبو محمد بن محمد ، منجد المقرئين ومرشد الطالبين ، الناشر: دار الكتب العلمية ، الطبعة:الأولى 1420 هـ، ص 65
3. القاضي، عبد الفتاح بن عبد الغني ، والوافي في شرح الشاطبية ، الناشر: مكتبة السوادي للتوزيع، الطبعة: الرابعة، 1412 هـ (242).
4. بحث بعنوان : " آراء نحاة الكوفة في كتب القراءات السبع وعللها جمعا ودراسة وتقويم" http://majles.alukah.net/t48150/ "
5. المرجع السابق
6. سورة النساء : 1
7. سورة النساء :127
8. سورة النساء:162
9. سورة البقرة :217
10. سورة الحجر :20
11. ابن عقيل ، عبد الله بن عبد الرحمن، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، المحقق : محمد محيي الدين عبد الحميد ، الناشر : دار التراث – القاهرة، الطبعة : العشرون 1400 هـ، 3 / 239 .
12. ابن جني ، أبو الفتح عثمان ، الخصائص، الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة: الرابعة (1 /285) .
13. ابن يعيش، يعيش بن علي بن يعيش، شرح المفصل للزمخشري، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة: الأولى، 1422 ه، (3 / 78) .
14. أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي، البحر المحيط في النفسير ، المحقق: صدقي محمد جميل، الناشر: دار الفكر – بيروت، الطبعة: 1420 هـ (2 / 144 ) .
15. البحر المحيط (3 / 156) .
16. ابن زنجلة ، أبي زرعة عبدالرحمن ، حجة القراءات ، تحقيق : سعيد الأفغاني ،الناشر: مؤسسة الرسالة -بيروت ، الطبعة الخامسة1418 ه ، (1/190).

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 11 جمادى الأولى 1443هـ/15-12-2021م, 10:39 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

تقييم التطبيقات على درس أسلوب الحجاج



التعليقات العامة :

أسلوب الحجاج يرتكز على أمرين :
1: وجود شبهة لدى الخصم.
2: العمل على دحض هذه الشبهة بإقامة الحجج والبراهين لإبطالها بأساليب متنوعة .

- يرتكز أسلوب الحجاج على استخدام أدوات معينة كــ:
السبر والتقسيم / المنع والتسليم / براعة التعليل / إعمال المفهوم / القول بالموجب / الإضراب / المعارضة والمناقضة / المجاراة والإعثار / التبكيت والتشنيع .
- ملاحظة أثر استخدام الأدوات في دحض الباطل والرد على الشبهات .
- يكون التركيز في هذا الأسلوب على المحاججة أكثر من مجرد تفسير ، وهو منحصر في بيان الشبهة وتوظيف أدوات الحجاج في الرد عليها .
- من
المراجع المعينة على كتابة رسائل الحجاج تفسيري ابن عاشور والشنقيطي .



........................................



1: جوري المؤذن.أ
- أحسنتِ بارك الله فيكِ وسددك.
- أحسنت في اختيارك للآيات لاشتمالها على الشبهة ودحضها بالحجة، كما أحسنتِ في عرضك للرّسالة؛ إلا أنّ النقص كان في أهم ركيزة من ركائز أسلوب الحجاج وهي أدواته، فلم تبيني الأدوات التي ذُكرت في المحاجّة هنا وهي:

. استعمال فعل الأمر (فتمنوا) مستعمل في التعجيز: كناية عن التكذيب.
. التلازم بين الشرط وجوابه، فالمعنى: (إن كنتم صادقين فتمنوا الموت) قال ابن عاشور:[وهذا إلجاء لهم حتى يلزمهم ثبوت شكّهم فيما زعموه].
- وهكذا نبين الأدوات والتي سبق بيانها في الدّرس.

2: محمد حجار.أ+
أحسنت بارك الله فيك وسددك.

3: شريفة المطيري.أ+
أحسنتِ جدا في رسالتك، لكن التوثيق مهم وفقكِ الله، فلا يفوتك.

4: أفراح قلندة.
بارك الله فيك، وأثني على اجتهادك في البحث والكتابة، إلا أنّ المطلوب سدّدك الله هو كتابة رسالة في أسلوب الحجاج من خلال تفسير الآيات، وذلك بذكر شُبهة والردّ عليها بأدوات خاصّة بهذا الأسلوب، وليس المراد ذكر مسألة خلافيّة والأقوال فيها ومناقشتها.
راجعي تطبيقات زملاءك ليتضح لك المطلوب.
بانتظارك أعانكِ الله وسددكِ.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 جمادى الأولى 1443هـ/17-12-2021م, 12:14 PM
أفراح قلندة أفراح قلندة غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثالث
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 141
افتراضي

قوله تعالى: ((يا أيها الإنسان ما غرّك بربّك الكريم))
أسلوب التبكيت فيه استفهام توبيخي ، أي أي ما خدعك وَسَوَّلَ لكَ حتى أضعت ما وجب عليك(1) .
(يا أيها الإنسان ) خاطب بهذا منكري البعث. وقال ابن عباس: الإنسان هنا: الوليد بن المغيرة. وقال عكرمة: أبي بن خلف. وقيل: نزلت في أبي الأشد بن كلدة الجمحي(2)
قال ابن كثير : هذا تهديد لا كما يتوهمه بعض الناس من أنه إرشاد إلى الجواب حيث قال الكريم حتى يقول قائلهم غره كرمه، بل المعنى في هذه الآية: ما غرك يا ابن آدم بربك الكريم أي العظيم حتى أقدمت على معصيته وقابلته بما لا يليق(3)
والعرب تقول: ما غرك بني، أي ما أجرأك علي، وما غرك مني، أي لم وثقت بني، وما غرك عني، أي أغفلك، والغرة، الغفلة(4)
(ما غرك ) جاء بالمقصود به اقوال ذكرها ابن كثير(5) منها:
- الجهل ، قال به عمر بن الخطاب وابنه وروي ابن عباس والربيع بن خيثم والحسن
- الشيطان ، قال به قتادة
- ستورك المرخاة قال به الفضيل بن عياض
- كرم الكريم قال به أبو بكر الوراق وذكره البغوي عن بعض أهل الإشارة ورد ابن كثير على هذا القول : وهذا الذي تخيله هذا القائل ليس بطائل لأنه إنما أتى باسمه الكريم لينبه على أنه لا ينبغي أن يقابل الكريم بالأفعال القبيحة وأعمال الفجور.

-------------------------------------
المراجع والمصادر:
1. الزجاج ، أبو الاسحاق إبراهيم بن السري بن سهل، معاني القرآن وإعرابه، المحقق: عبد الجليل عبده شلبي، الناشر: عالم الكتب – بيروت، الطبعة: الأولى ١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م، 5\295
2. القرطبي، أبو عبد الله، محمد بن أحمد الأنصاري، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، الناشر: دار الكتب المصرية – القاهرة، الطبعة: الثانية، ١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م، 19\245
3. ابن كثير ، أبو الفداء إسماعيل بن عمر، تفسير القرآن العظيم، المحقق: محمد حسين شمس الدين، الناشر: دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون – بيروت، الطبعة: الأولى – ١٤١٩، 8\339
4.الكرماني، محمود بن حمزة بن نصر، أبو القاسم برهان الدين ، غرائب التفسير وعجائب التأويل، دار النشر: دار القبلة للثقافة الإسلامية - جدة، مؤسسة علوم القرآن – بيروت، 2\1315
5.ابن كثير ، تفسير القرآن ، 8\339

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 26 جمادى الأولى 1443هـ/30-12-2021م, 09:29 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أفراح قلندة مشاهدة المشاركة
قوله تعالى: ((يا أيها الإنسان ما غرّك بربّك الكريم))
أسلوب التبكيت فيه استفهام توبيخي ، أي أي ما خدعك وَسَوَّلَ لكَ حتى أضعت ما وجب عليك(1) .
(يا أيها الإنسان ) خاطب بهذا منكري البعث. وقال ابن عباس: الإنسان هنا: الوليد بن المغيرة. وقال عكرمة: أبي بن خلف. وقيل: نزلت في أبي الأشد بن كلدة الجمحي(2)
قال ابن كثير : هذا تهديد لا كما يتوهمه بعض الناس من أنه إرشاد إلى الجواب حيث قال الكريم حتى يقول قائلهم غره كرمه، بل المعنى في هذه الآية: ما غرك يا ابن آدم بربك الكريم أي العظيم حتى أقدمت على معصيته وقابلته بما لا يليق(3)
والعرب تقول: ما غرك بني، أي ما أجرأك علي، وما غرك مني، أي لم وثقت بني، وما غرك عني، أي أغفلك، والغرة، الغفلة(4)
(ما غرك ) جاء بالمقصود به اقوال ذكرها ابن كثير(5) منها:
- الجهل ، قال به عمر بن الخطاب وابنه وروي ابن عباس والربيع بن خيثم والحسن
- الشيطان ، قال به قتادة
- ستورك المرخاة قال به الفضيل بن عياض
- كرم الكريم قال به أبو بكر الوراق وذكره البغوي عن بعض أهل الإشارة ورد ابن كثير على هذا القول : وهذا الذي تخيله هذا القائل ليس بطائل لأنه إنما أتى باسمه الكريم لينبه على أنه لا ينبغي أن يقابل الكريم بالأفعال القبيحة وأعمال الفجور.

-------------------------------------
المراجع والمصادر:
1. الزجاج ، أبو الاسحاق إبراهيم بن السري بن سهل، معاني القرآن وإعرابه، المحقق: عبد الجليل عبده شلبي، الناشر: عالم الكتب – بيروت، الطبعة: الأولى ١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م، 5\295
2. القرطبي، أبو عبد الله، محمد بن أحمد الأنصاري، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، الناشر: دار الكتب المصرية – القاهرة، الطبعة: الثانية، ١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م، 19\245
3. ابن كثير ، أبو الفداء إسماعيل بن عمر، تفسير القرآن العظيم، المحقق: محمد حسين شمس الدين، الناشر: دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون – بيروت، الطبعة: الأولى – ١٤١٩، 8\339
4.الكرماني، محمود بن حمزة بن نصر، أبو القاسم برهان الدين ، غرائب التفسير وعجائب التأويل، دار النشر: دار القبلة للثقافة الإسلامية - جدة، مؤسسة علوم القرآن – بيروت، 2\1315
5.ابن كثير ، تفسير القرآن ، 8\339

جيّد وفقك الله، إلا أنّه يحسن توضيح الشبهة أكثر، ثم بيان الردّ عليها بشكل أكثر تفصيل، فالآية التي ذكرت لها تتمة متعلقة بها كان يحسن تناولها جميعها وبأسلوبك.
الدرجة:ج+

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 2 جمادى الآخرة 1443هـ/5-01-2022م, 10:02 PM
عزيزة أحمد عزيزة أحمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2020
المشاركات: 174
افتراضي

رسالة تفسيرية في قوله تعالى "أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38) أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41)" وفقا* للأسلوب الحجاجي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا
لو تأملنا هذه الآيات الكريمات لوجدنا أن الله تبارك وتعالى دحض حجج المشركين في الآيات في ادعائهم التسوية بينهم وبين المؤمنين في الجزاء في الآخرة
وقد ذكر المفسرون أنه لما نزل قوله تعالى "إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم " قال مشركو مكة: إن ما يذكرون أن لهم في الآخرة حقا، فإن لنا في الآخرة أكبر منه كما أن لنا في الدنيا أفضل منهم، وهذا للكبر الذي في نفوسهم كما أخبر تعالى في سورة مريم عن أحد الكفار " أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالاً وولدا " ويظهر في ادعاءات هؤلاء المشركين مدى رؤيتهم لأنفسهم وكبرهم وعجبهم ومدى فرحهم وبطرهم بمتاع الدنيا الفاني وجمعهم بين الأمن وعدم العمل للآخرة، فوبخهم الله تعالى بقوله " أفنجعل المسلمين كالمجرمين" أي كيف نسوي بين هؤلاء وهؤلاء في الجزاء، فحكمته تعالى تقتضي ألا يجعل المسلمين* القانتين لربهم، المنقادين لأوامره، المتبعين لمراضيه كالمجرمين الذين أوضعوا في معاصيه، والكفر بآياته، ومعاندة رسله، ومحاربة أوليائه ولذلك قال تعالى منكرا عليهم "ما لكم كيف تحكمون"
ثم رد الله عليهم هذا الادعاء ودحضه بكل ما يمكن أن يحتمل من جواب، فالأمر لا يخرج عن أحد هذه الأمور الثلاثة التي ذكرها الله في الآيات،* وهي:
١- فإما أن يكون معهم كتاب أنزله الله عليهم من السماء يتلونه ويدرسون فيه أنهم من أهل الجنة فإن لهم ما يطلبوا ويتخيروا
وهذا واضح البطلان لأنهم لم يأتهم كتاب يخبرهم بأنهم مساوون للمؤمنين في الجزاء ودخول الجنة فتعين كذبهم.
٢- وإما أن يكون لهم عند الله عهود ومواثيق مؤكدة أنه سيحصل لهم ما يريدون ويشتهون
وهذا واضح البطلان أيضاً فليس لهم عهد عند الله ولذلك قال تعالى بعدها "سلهم أيهم بذلك زعيم" أي سلهم يا محمد موبخا لهم: أيهم بذلك كفيل بأن لهم في الآخرة ما للمسلمين فيها؟ وبالطبع ليس هناك كفيل لهم بذلك فتعين أن قولهم هذا محض كذب وادعاء
٣- وإما أن يكون لهم شركاء لله كما يزعمون قادرين على أن يجعلوهم في الآخرة مثل المسلمين في الجزاء
ويحتمل أن المراد بذلك أن يأتوا بالشركاء وهي الأصنام والأنداد في الدنيا ليظهر مدى عجزهم وضعفهم عن إجابتهم كما سيبدو لهم في الآخرة وهذا أيضاً واضح البطلان لأن شركائهم الذين يزعمون لا يملكون شيئاً ولا إجابة كما قال تعالى موبخا هذه الآلهة التي يزعمونها من دون الله " إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير" فليس لهذه الآلهة أي نفع لهم في الدنيا ولا في الآخرة، بل يكفرون بهم في الآخرة ويتبرءون منه، فتعين بطلان هذا الافتراض أيضا وأن قولهم بمساوتهم للمسلمين في الآخرة محض افتراء.
وبدحض هذه الافتراضات الثلاثة يتضح أن قول المشركين مجرد ادعاء لا دليل لهم عليه ولا سبيل لقيام الحجة به، فأبطل الله دعواهم وأدمغ قولهم ورد افتراءهم، فسبحان من هذا كلامه، والحمد لله رب العالمين

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 4 جمادى الآخرة 1443هـ/7-01-2022م, 12:12 PM
عبير الغامدي عبير الغامدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 423
افتراضي

رسالة تفسيرية في قوله تعالى:( إذاجاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون .اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ماكانوا يعملون) المنافقون. بأسلوب الحجاج.

تحدثت الآية الكريمة عن طريقة المنافقين في الايمان وتلاعبهم به؛ فهم إذا كانوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أظهروا الايمان وإذا كانوا مع الكفار أظهروا الكفر؛ فقد اتخذوا الايمان وقاية لهم وستر ليصدوا عن سبيل الله وذمهم الله تعالى بذلك.
وهنا ينبغي التنبيه على عدة أمور يفعلها المنافقون:
١- الخطر من وجود المنافقين بين المؤمنين حيث أنهم يدعون الايمان ويحلفون على صدقهم وهم كاذبون ؛ ويدل على ذلك كلمة ( نشهد) التي تدل على بيانهم للصدق وهم بعيدون عن ذلك.
٢- لا أمان ولااطمئنان في التعامل مع منافق حيث انه يظهر محبة الشيء وهو ضد ذلك ؛ فهو كاذب في كل أحواله . قال صلى الله عليه وسلم: ( آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان).
٣- تكراراستخدام* لفظة ( يشهد ) في الآية للدلالة على الرد عليهم بنفس لفظتهم ؛ وهو أقوى في الحجة وتبكيت الخصم.
٤- إضافة العلم لله عزوجل ( والله يعلم) دليل على علم الله عزوجل ببواطنهم ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) فهو عالم الغيب والشهادة؛ وأنهم مهما شهدوا بذلك ؛ فإنهم كاذبون وقد فضحهم الله تعالى في آخر الآية.
٥- الإيمان الصادق يزكي النفس ويطهرها* ؛ ولكن المنافقين إيمانهم للخداع والرياء. قال تعالى:( وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولايذكرون الله إلا قليلا).
٦- كلمة (جنة ) تفيد الستر والخفاء؛ فالمنافقون بواطنهم مليئة بالكفر وسيء الأخلاق ولكن الظاهر خلاف ذلك ولذلك فهم يصدون أنفسهم وغيرهم وخطرهم كبير على المجتمع.
٧- ذم الله تعالى عملهم بقوله( ساء) فنسب السوء لأعمالهم لأن ذلك متعلق بالايمان والايمان قول وعمل ؛والا فإن أقوالهم وظواهرهم جميلة كما ذكر تعالى عنهم.
٨- الشهادة الباطلة ترد على صاحبها فكل من شهد زورا أو كذبا أو ظلما فإن الله سيجزيه بما عمل ؛ فالمنافقون شهدوا بصدق إيمانهم وكذبهم الله تعالى.
٩- بدء السورة بالظرف(إذا) دلالة على استمرارية حالهم في كل زمان ومكان وأنها صفة متأصلة فيهم؛ وفيه أيضا شد لانتباه السامع لماسيأتي بعده . والله أعلم.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 6 جمادى الآخرة 1443هـ/9-01-2022م, 11:11 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عزيزة أحمد مشاهدة المشاركة
رسالة تفسيرية في قوله تعالى "أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38) أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41)" وفقا* للأسلوب الحجاجي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا
لو تأملنا هذه الآيات الكريمات لوجدنا أن الله تبارك وتعالى دحض حجج المشركين في الآيات في ادعائهم التسوية بينهم وبين المؤمنين في الجزاء في الآخرة
وقد ذكر المفسرون أنه لما نزل قوله تعالى "إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم " قال مشركو مكة: إن ما يذكرون أن لهم في الآخرة حقا، فإن لنا في الآخرة أكبر منه كما أن لنا في الدنيا أفضل منهم، وهذا للكبر الذي في نفوسهم كما أخبر تعالى في سورة مريم عن أحد الكفار " أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالاً وولدا " ويظهر في ادعاءات هؤلاء المشركين مدى رؤيتهم لأنفسهم وكبرهم وعجبهم ومدى فرحهم وبطرهم بمتاع الدنيا الفاني وجمعهم بين الأمن وعدم العمل للآخرة، فوبخهم الله تعالى بقوله " أفنجعل المسلمين كالمجرمين" أي كيف نسوي بين هؤلاء وهؤلاء في الجزاء، فحكمته تعالى تقتضي ألا يجعل المسلمين* القانتين لربهم، المنقادين لأوامره، المتبعين لمراضيه كالمجرمين الذين أوضعوا في معاصيه، والكفر بآياته، ومعاندة رسله، ومحاربة أوليائه ولذلك قال تعالى منكرا عليهم "ما لكم كيف تحكمون"
ثم رد الله عليهم هذا الادعاء ودحضه بكل ما يمكن أن يحتمل من جواب، فالأمر لا يخرج عن أحد هذه الأمور الثلاثة التي ذكرها الله في الآيات،* وهي:
١- فإما أن يكون معهم كتاب أنزله الله عليهم من السماء يتلونه ويدرسون فيه أنهم من أهل الجنة فإن لهم ما يطلبوا ويتخيروا
وهذا واضح البطلان لأنهم لم يأتهم كتاب يخبرهم بأنهم مساوون للمؤمنين في الجزاء ودخول الجنة فتعين كذبهم.
٢- وإما أن يكون لهم عند الله عهود ومواثيق مؤكدة أنه سيحصل لهم ما يريدون ويشتهون
وهذا واضح البطلان أيضاً فليس لهم عهد عند الله ولذلك قال تعالى بعدها "سلهم أيهم بذلك زعيم" أي سلهم يا محمد موبخا لهم: أيهم بذلك كفيل بأن لهم في الآخرة ما للمسلمين فيها؟ وبالطبع ليس هناك كفيل لهم بذلك فتعين أن قولهم هذا محض كذب وادعاء
٣- وإما أن يكون لهم شركاء لله كما يزعمون قادرين على أن يجعلوهم في الآخرة مثل المسلمين في الجزاء
ويحتمل أن المراد بذلك أن يأتوا بالشركاء وهي الأصنام والأنداد في الدنيا ليظهر مدى عجزهم وضعفهم عن إجابتهم كما سيبدو لهم في الآخرة وهذا أيضاً واضح البطلان لأن شركائهم الذين يزعمون لا يملكون شيئاً ولا إجابة كما قال تعالى موبخا هذه الآلهة التي يزعمونها من دون الله " إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير" فليس لهذه الآلهة أي نفع لهم في الدنيا ولا في الآخرة، بل يكفرون بهم في الآخرة ويتبرءون منه، فتعين بطلان هذا الافتراض أيضا وأن قولهم بمساوتهم للمسلمين في الآخرة محض افتراء.
وبدحض هذه الافتراضات الثلاثة يتضح أن قول المشركين مجرد ادعاء لا دليل لهم عليه ولا سبيل لقيام الحجة به، فأبطل الله دعواهم وأدمغ قولهم ورد افتراءهم، فسبحان من هذا كلامه، والحمد لله رب العالمين
أحسنتِ في تطبيقك نفع الله بك.
الدرجة:أ

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 6 جمادى الآخرة 1443هـ/9-01-2022م, 11:20 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبير الغامدي مشاهدة المشاركة
رسالة تفسيرية في قوله تعالى:( إذاجاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون .اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ماكانوا يعملون) المنافقون. بأسلوب الحجاج.

تحدثت الآية الكريمة عن طريقة المنافقين في الايمان وتلاعبهم به؛ فهم إذا كانوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أظهروا الايمان وإذا كانوا مع الكفار أظهروا الكفر؛ فقد اتخذوا الايمان وقاية لهم وستر ليصدوا عن سبيل الله وذمهم الله تعالى بذلك.
وهنا ينبغي التنبيه على عدة أمور يفعلها المنافقون:
١- الخطر من وجود المنافقين بين المؤمنين حيث أنهم يدعون الايمان ويحلفون على صدقهم وهم كاذبون ؛ ويدل على ذلك كلمة ( نشهد) التي تدل على بيانهم للصدق وهم بعيدون عن ذلك.
٢- لا أمان ولااطمئنان في التعامل مع منافق حيث انه يظهر محبة الشيء وهو ضد ذلك ؛ فهو كاذب في كل أحواله . قال صلى الله عليه وسلم: ( آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان).
٣- تكراراستخدام* لفظة ( يشهد ) في الآية للدلالة على الرد عليهم بنفس لفظتهم ؛ وهو أقوى في الحجة وتبكيت الخصم.
٤- إضافة العلم لله عزوجل ( والله يعلم) دليل على علم الله عزوجل ببواطنهم ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) فهو عالم الغيب والشهادة؛ وأنهم مهما شهدوا بذلك ؛ فإنهم كاذبون وقد فضحهم الله تعالى في آخر الآية.
٥- الإيمان الصادق يزكي النفس ويطهرها* ؛ ولكن المنافقين إيمانهم للخداع والرياء. قال تعالى:( وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولايذكرون الله إلا قليلا).
٦- كلمة (جنة ) تفيد الستر والخفاء؛ فالمنافقون بواطنهم مليئة بالكفر وسيء الأخلاق ولكن الظاهر خلاف ذلك ولذلك فهم يصدون أنفسهم وغيرهم وخطرهم كبير على المجتمع.
٧- ذم الله تعالى عملهم بقوله( ساء) فنسب السوء لأعمالهم لأن ذلك متعلق بالايمان والايمان قول وعمل ؛والا فإن أقوالهم وظواهرهم جميلة كما ذكر تعالى عنهم.
٨- الشهادة الباطلة ترد على صاحبها فكل من شهد زورا أو كذبا أو ظلما فإن الله سيجزيه بما عمل ؛ فالمنافقون شهدوا بصدق إيمانهم وكذبهم الله تعالى.
٩- بدء السورة بالظرف(إذا) دلالة على استمرارية حالهم في كل زمان ومكان وأنها صفة متأصلة فيهم؛ وفيه أيضا شد لانتباه السامع لماسيأتي بعده . والله أعلم.
بارك الله فيكِ.
رسالتك الأظهر فيها الأسلوب الاستنتاجي، أمّا أسلوب الحجاج فينبني على وجود شبهة والردّ عليه ويظهر من خلال الرد أدوات تبين ضلال من وقع في الشبهة، أذكر لك من هذه الأدوات التي ذُكرت في الدرس: السبر والتقسيم، والمنع والتسليم، وبراعة التعليل، وإعمال المفهوم، والقول بالموجَب، والإضراب والانتقال، والمعارضة والمناقضة، والمجاراة والإعثار، والتبكيت والتشنيع.
ولو تأملت الرسائل التطبيقة على أسلوب الحجاج في الدرس لتبين لكِ كيفية استعمالها.
- اعتني جيدا باختيار الآيات وذلك باحتوائها على الرد على شبهات المشركين، وطبقي عليها.
بانتظار تعديلك، وإن أشكل عليك شيء فلا تتردي في السؤال.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 12 جمادى الآخرة 1443هـ/15-01-2022م, 08:30 PM
هند محمد المصرية هند محمد المصرية غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2020
المشاركات: 203
افتراضي

تفسير قوله تعالى : ( عَمَّ یَتَسَاۤءَلُونَ ۝١ عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلۡعَظِیمِ ۝٢ ٱلَّذِی هُمۡ فِیهِ مُخۡتَلِفُونَ(
بأسلوب الحجاج
يقول الله عزوجل مخاطبا نبيه مستنكرا سؤال هؤلاء المشركين المكذبين بما أنزل الله على نبيه، فيقول تبارك وتعالى عم يتساءل هؤلاء المكذبين المعرضين، يتساءلون ويجادلون حول صدق النبوة والوحي، وعدم الإقرار بالبعث ، مستنكرين حدوثه، ولا يصدقون بوقوعه، وكثيرا ما كان يثير كفار قريش هذه الشبهات كحجة لهم في عدم تصديق النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يلاحظ ذلك في خطاب الله لهؤلاء في القرآن المكي ، فمن خصائص القرآن المكي رد شبهات المشركين حول البعث والنشور ،وإقرار الإيمان باليوم الأخر، وتثبيت العقيدة وترسيخ أركان الإيمان والتي منها الإيمان باليوم الأخر.
وسورة النبأ من السور المكية التي ظهر فيها ذلك المقصد فيها جليلا.
فحجتهم الباطلة هذه تكمن في شبهة :أنه كيف يبعثهم الله بعد أن صاروا عظاما ورفاتا، وقد أدحض الله شبهتهم هذه في آيات عدة ، ويرد عليهم بالأدلة والبراهين العقلية، فقال عزوجل في سورة الإسراء
وَقَالُوۤا۟ أَءِذَا كُنَّا عِظَـٰمࣰا وَرُفَـٰتًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ خَلۡقࣰا جَدِیدࣰا﴾
فهذه حجتهم وشبهتهم التي يريدون اثارتها دائما، ويرد الله عز وجل بأكثر من طريقة في رد تلك الشبهه، فتارة يخاطب عقولهم بتذكيرهم ببداية خلقهم، وأن الذي خلقهم من عدم قادر على بعثهم مرة أخرى.
كما قال عزوجل وجل في سورة الإسراء بالرد عليهم فقال: قُلۡ كُونُوا۟ حِجَارَةً أَوۡ حَدِیدًا ۝٥٠ أَوۡ خَلۡقࣰا مِّمَّا یَكۡبُرُ فِی صُدُورِكُمۡۚ فَسَیَقُولُونَ مَن یُعِیدُنَاۖ قُلِ ٱلَّذِی فَطَرَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةࣲۚ فَسَیُنۡغِضُونَ إِلَیۡكَ رُءُوسَهُمۡ وَیَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَۖ قُلۡ عَسَىٰۤ أَن یَكُونَ قَرِیبࣰا ۝٥١
وتارة أخري يخاطبهم بقدرة على الخلق بدليل آياته الكونية في خلق الكون بهذه الدقة والكمال.
فمن الملاحظ أن بعد استنكار الله لهم ولسؤالهم ، جاءت الآيات بعدها تكلمنا عن قدرة الله في خلق الكون
(أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ مِهَـٰدࣰا ۝٦ وَٱلۡجِبَالَ أَوۡتَادࣰا ۝٧ وَخَلَقۡنَـٰكُمۡ أَزۡوَ ٰ⁠جࣰا ۝٨ وَجَعَلۡنَا نَوۡمَكُمۡ سُبَاتࣰا ۝٩ وَجَعَلۡنَا ٱلَّیۡلَ لِبَاسࣰا ۝١٠ وَجَعَلۡنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشࣰا(
فكيف تكذبون بعد ما رأيتم من قدرته على الخلق الباهرة ، فالكون كله حولكم يحدثكم عن عظيم قدرة الله جل وعلا.
فتنوعت طرق الخطاب القرآني على هؤلاء، ورد الشبهات المثارة حول إمكانية البعث بعد الموت بأكثر من طريقة، فالله تبارك وتعالى يخاطب عقولهم ليبطل حججهم.
ويقيم الله عليهم الحجة في أنفسهم وخلقهم كما قال تبارك وتعالى في سورة الإنسان
( هل أتى على الإنسان حين لم يكن شيئا مذكورا)
فالذي خلقك من عدم قادر على إعادة خلقك مرة أخرى.

وهذه أدلة الله لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 17 جمادى الآخرة 1443هـ/20-01-2022م, 09:27 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هند محمد المصرية مشاهدة المشاركة
تفسير قوله تعالى : ( عَمَّ یَتَسَاۤءَلُونَ ۝١ عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلۡعَظِیمِ ۝٢ ٱلَّذِی هُمۡ فِیهِ مُخۡتَلِفُونَ(
بأسلوب الحجاج
يقول الله عزوجل مخاطبا نبيه مستنكرا سؤال هؤلاء المشركين المكذبين بما أنزل الله على نبيه، فيقول تبارك وتعالى عم يتساءل هؤلاء المكذبين المعرضين، يتساءلون ويجادلون حول صدق النبوة والوحي، وعدم الإقرار بالبعث ، مستنكرين حدوثه، ولا يصدقون بوقوعه، وكثيرا ما كان يثير كفار قريش هذه الشبهات كحجة لهم في عدم تصديق النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يلاحظ ذلك في خطاب الله لهؤلاء في القرآن المكي ، فمن خصائص القرآن المكي رد شبهات المشركين حول البعث والنشور ،وإقرار الإيمان باليوم الأخر، وتثبيت العقيدة وترسيخ أركان الإيمان والتي منها الإيمان باليوم الأخر.
وسورة النبأ من السور المكية التي ظهر فيها ذلك المقصد فيها جليلا.
فحجتهم الباطلة هذه تكمن في شبهة :أنه كيف يبعثهم الله بعد أن صاروا عظاما ورفاتا، وقد أدحض الله شبهتهم هذه في آيات عدة ، ويرد عليهم بالأدلة والبراهين العقلية، فقال عزوجل في سورة الإسراء
وَقَالُوۤا۟ أَءِذَا كُنَّا عِظَـٰمࣰا وَرُفَـٰتًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ خَلۡقࣰا جَدِیدࣰا﴾
فهذه حجتهم وشبهتهم التي يريدون اثارتها دائما، ويرد الله عز وجل بأكثر من طريقة في رد تلك الشبهه، فتارة يخاطب عقولهم بتذكيرهم ببداية خلقهم، وأن الذي خلقهم من عدم قادر على بعثهم مرة أخرى.
كما قال عزوجل وجل في سورة الإسراء بالرد عليهم فقال: قُلۡ كُونُوا۟ حِجَارَةً أَوۡ حَدِیدًا ۝٥٠ أَوۡ خَلۡقࣰا مِّمَّا یَكۡبُرُ فِی صُدُورِكُمۡۚ فَسَیَقُولُونَ مَن یُعِیدُنَاۖ قُلِ ٱلَّذِی فَطَرَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةࣲۚ فَسَیُنۡغِضُونَ إِلَیۡكَ رُءُوسَهُمۡ وَیَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَۖ قُلۡ عَسَىٰۤ أَن یَكُونَ قَرِیبࣰا ۝٥١
وتارة أخري يخاطبهم بقدرة على الخلق بدليل آياته الكونية في خلق الكون بهذه الدقة والكمال.
فمن الملاحظ أن بعد استنكار الله لهم ولسؤالهم ، جاءت الآيات بعدها تكلمنا عن قدرة الله في خلق الكون
(أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ مِهَـٰدࣰا ۝٦ وَٱلۡجِبَالَ أَوۡتَادࣰا ۝٧ وَخَلَقۡنَـٰكُمۡ أَزۡوَ ٰ⁠جࣰا ۝٨ وَجَعَلۡنَا نَوۡمَكُمۡ سُبَاتࣰا ۝٩ وَجَعَلۡنَا ٱلَّیۡلَ لِبَاسࣰا ۝١٠ وَجَعَلۡنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشࣰا(
فكيف تكذبون بعد ما رأيتم من قدرته على الخلق الباهرة ، فالكون كله حولكم يحدثكم عن عظيم قدرة الله جل وعلا.
فتنوعت طرق الخطاب القرآني على هؤلاء، ورد الشبهات المثارة حول إمكانية البعث بعد الموت بأكثر من طريقة، فالله تبارك وتعالى يخاطب عقولهم ليبطل حججهم.
ويقيم الله عليهم الحجة في أنفسهم وخلقهم كما قال تبارك وتعالى في سورة الإنسان
( هل أتى على الإنسان حين لم يكن شيئا مذكورا)
فالذي خلقك من عدم قادر على إعادة خلقك مرة أخرى.

وهذه أدلة الله لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
أحسن الله إليكِ وسددك.
الدرجة:ب+


رد مع اقتباس
  #15  
قديم 25 جمادى الآخرة 1443هـ/28-01-2022م, 10:28 PM
عبير الغامدي عبير الغامدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 423
افتراضي

تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السعير. فاعترفوا بذبهم فسحقا لأصحاب السعير).

يبين تعالى في هذه الآيات شبهة المشركين الباطلة وهي : أنهم لم يؤمنوا بسبب عدم سمعهم وأنهم لايفهمون شيئا،* وهذا من أكذب الكذب وأشنعه؛ فقد جمعوا بين الكذب وجحد نعم الله عليهم* حيث أنكروا
نعمتي السمع والعقل ؛ ليصدوا عن سبيل الله ويحتجوا بأن دخولهم للنار كان لهذا السبب ؛ فاعترفوا بذنبهم وأقروا بأنهم لم يسمعوا سماع اعتراض ولم يؤمنوا بماجاءهم من الحق؛ ولذلك عاتبهم الله ودعا عليهم* بالهلاك.

قال السعدي رحمه الله: وَقَالُوا}*مُعْتَرِفِينَ بعَدَمِ أَهْلِيَّتِهم للهُدَى والرَّشادِ:*{لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}. فنَفَوْا عن أنفُسِهم طُرُقَ الْهُدَى، وهي السمْعُ لِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وجاءَتْ به الرُّسُلُ، والعقْلُ الذي يَنفَعُ صاحبَه، ويُوقِفُه على حقائقِ الأشياءِ وإيثارِ الخيرِ، والانزجارِ عن كلِّ ما عاقِبَتُه ذَميمةٌ، فلا سَمْعَ لهم ولا عَقْلَ.
وهذا بخِلافِ أهْلِ اليَقينِ والعِرفانِ، وأربابِ الصدْقِ والإيمانِ؛ فإنَّهم أَيَّدُوا إِيمانَهم بالأدِلَّةِ السمعيَّةِ، فسَمِعُوا ما جاءَ مِن عندِ اللَّهِ، وجاءَ به رَسولُ اللَّهِ علْماً ومَعرِفَةً وعَمَلاً.
والأدِلَّةُ العقْلِيَّةُ: الْمَعْرِفَةُ للهُدَى مِن الضلالِ، والحَسَنِ مِن القَبيحِ، والخيرِ مِن الشرِّ.
وهُمْ في الإيمانِ بحسَبِ ما مَنَّ اللَّهُ عليهم به مِن الاقتداءِ بالمعقولِ والمنقولِ، فسُبحانَ مَن يَخْتَصُّ بفَضْلِه مَن يَشاءُ، ويَمُنُّ على مَن يَشاءُ مِن عِبادِه، ويَخْذُلُ مَن لا يَصْلُحُ للخيرِ).
وفي كلامه رحمه الله مايغنينا عن الحديث ، حيث ذكر أنهم اعترفوا بعدم أهليتهم للخير ، وهذا سبب عذابهم وهو استكبارهم عن الحق قولا وعملا ، فنالوا بذلك سخط الله وعقابه الدائم في نار جهنم.
أما أهل الايمان فإن سمعهم لنداء الله سمع استجابة وتعظيم ، ومعرفتهم لربهم لاختيارهم الخير من الشر والهدى عن الضلال؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم فيمايرويه عن ربه عزوجل:( فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ورجله التي يمشي بها ويده التي يبطش بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه) فمن جعل سمعه لله كان متعبدا بذلك لربه فلايسمع إلا مايرضيه ، يسمع سماع استجابة وقبول ويطبق ماأمره الله به ، ويجعل بصره كذلك لله تعالى ؛فلايبصر إلا مايرضيه ويغض بصره عن المحرمات التي تغضب ربه فيجد حلاوة بذلك لاتعادلها حلاوة، لأن الايمان لامس شغاف قلبه فأصبح يتلذذ بكل أمر فيه رضا وطاعة لربه تعالى، ولايمشي إلا لطاعة الله والأنس به أو عمل خير أو صلة قربى وبر والدين وغيرها من الاعمال الصالحة ، ويتعبد الله كذلك بالنوافل فيصلي لله ماشاء أن يصلي في ليله ونهاره آنسا بذكر ربه معظما ذلك الوقوف والجلال بين يديه سبحانه، فجازاه عز وجل بأن أعطاه ماسأله ؛ وحصنه وحفظه اذا استعاذ به.
وفي الآيات كذلك رد الله تعالى على شبهتهم الباطلة لأنه علم مافي قلوبهم وأنها منطوية على الكفر ؛ فجازاهم بالعذاب النفسي (سحقا لأصحاب السعير) أي بعدا لهم من رحمته سبحانه؛ عن* أبي البختريّ الطّائيّ قال: أخبرني من سمعه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "لن يهلك النّاس حتّى يعذروا من أنفسهم" وفي حديثٍ آخر: "لا يدخل أحدٌ النّار، إلّا وهو يعلم أنّ النّار أولى به من الجنّة").*[تفسير القرآن العظيم: 8/178]

وهذه الشبهة للمشركين في كل زمان ومكان فهم في الحقيقة معرضون عن دين الله واختاروا بذلك هوى أنفسهم وهلاكها ، ثم يحتجون بذلك بعدم السمع أو عدم الفهم؛ وهذا من كذبهم وسوءظنهم بربهم حيث أنكروا نعمه واحتجوا بعدم الفهم.
والرد عليهم من عدة أوجه:
١- أن كلامهم باطل لأنه مخالف للفطرة حيث خلق الله السمع والعقل وجعلها أعضاء ينتفع بها الانسان فصرفها في غير ماخلقت له.
٢- أن هذه الحجة رد عليهم وهم لايشعرون فهم بذلك نسبوا لأنفسهم التكذيب والاعراض بنفيهم السماع و الفهم فهم لم يسمعوا سمع استجابة بل كانوا معرضين فردوا بذلك على أنفسهم واقروا واعترفوا ولاينفع حينئذ الندم.
٣- أن الجزاء من جنس العمل فكما أنهم حكموا على أنفسهم بذلك فقد كان عقابهم الطرد والبعد من رحمة الله تعالى.
وهكذا كل من سار على نهجهم فأعرض عن طاعة الله وفعل المعاصي ثم اعتذر بذلك أنه لايسمع أو لايفهم أو ليس هو المقصود فقد شابه فعلهم فالحذر الحذر من ذلك فإن الله تعالى يعلم السر وأخفى.* والله أعلم.
المرجع:
- تفسير ابن كثير.
-تفسير السعدي .
-جمهرة العلوم - قسم التفسير.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 29 جمادى الآخرة 1443هـ/1-02-2022م, 10:36 PM
دينا المناديلي دينا المناديلي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثالث
 
تاريخ التسجيل: Aug 2020
المشاركات: 231
افتراضي

رسالة في تفسير قول الله تعالى:
{ ﴿إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرٌ لِّلۡعَـٰلَمِینَ ، لِمَن شَاۤءَ مِنكُمۡ أَن یَسۡتَقِیمَ ، وَمَا تَشَاۤءُونَ إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾}
بأسلوب الحجاج.


بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وبعد..

في هذه الآيات يخبرنا الله سبحانه وتعالى أن القرآن ذكر للعالمين الذين أرسل اللهُ إليهم الرسول، فما هو إلا موعظة للخلق أجمعين، فمن أراد الهداية فعليه بالقرآن،
والمنتفع بتذكير القرآن هو الذي شاء أن يستقيم على أمر الله ، فمن لم يشأ الاستقامة لا ينتفع بهذا القرآن العظيم.
عن سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ﴾ قَالَ أَبُو جَهْلٍ: الْأَمْرُ إِلَيْنَا، إِنْ شِئْنَا اسْتَقَمْنَا، وَإِنْ شِئْنَا لَمْ نَسْتَقِمْ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ(١٦)) ولهذا قيل إنّ رأس القدرية هو أبو جهل.

فأثبت الله سبحانه وتعالى مشيئة العبد وجعلها تابعة لمشيئته سبحانه وتعالى، أي أنّ مشيئة الله سابقة لمشيئة العبد، ومشيئة العبد لا تحصل إلا بمشيئة الله،
وهذا ما يدل عليه حرف ( أن )فقد أتى بعده الفعل المضارع، وهذا يفيد الاستقبال، فتبين أن العبد لا يفعل الخير إلا بتوفيق الله، ولا يفعل الشر إلا بخذلان الله له.
وَقَالَ الْحَسَنُ: وَاللَّهِ مَا شَاءَتِ الْعَرَبُ الْإِسْلَامَ حَتَّى شَاءَهُ اللَّهُ لَهَا.
وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: قَرَأْتُ فِي سَبْعَةٍ وَثَمَانِينَ كِتَابًا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ: مَنْ جَعَلَ إِلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الْمَشِيئَةِ فَقَدْ كَفَرَ.
وقد قال تعالى: { والله خلقكم وما تعملون} فإنّ الله خلق العبد وخلق له قدرة ومشيئة يستطيع بها الإقدام على الفعل أو تركه،
لكنه لا يستطيع أن يفعل شيئا أو يترك شيئا إلا أن يشاء الله له ذلك. {وَما تَشاءُونَ إلّا أنْ يَشاءَ اللَّهُ} . إذن ما نفعله هو باختيارنا وارادتنا ولو لم يكن ذلك ما كان إرسال الرسل حجة على الخلق،
والكل يعلم من نفسه أن يختار ويريد. قال الشيخ ابن عثيمين: ، فإذا شئنا الشيء عَلِمْنَا أن الله قد شاءه، ولولا أن الله شاءه ما شئناه،
كما قال تعالى: { ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا)}

فإنّ المعتزلة القدرية يقولون: قد يشاء العبد ما لا يشاء الله، ويقولون: إنّ الله يشاء ما لا يشاؤون، وأصل هذا الكلام اعتقادهم أنّ فعل العبد بخلق العبد وإرادته لا بخلق الله ولا بإرادته.
وقد قال تعالى: {﴿إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرٌ لِّلۡعَـٰلَمِینَ ، لِمَن شَاۤءَ مِنكُمۡ أَن یَسۡتَقِیمَ ، وَمَا تَشَاۤءُونَ إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ﴾}

ففي هذه الآيات رد عليهم من عدة أوجه:
الوجه الأول: قوله تعالى:{ وما تشاؤون إلا أن يشاء الله}
أي أنهم لا يشاؤون إلا ما يشاء الله تمكينهم منه وإقدارهم عليه والتخلية بينهم وبينه، ذكره القاسمي.
وعلم من هذا أن مشيئتهم تابعة لمشيئة الله، ومن كذب بالقرآن فقد كفر .

-ويرى الإنسان في حياته أنه تحول بينهم وبين ما يشاء في بعض الأحيان صوارف، فكيف يكون قد خلق عمله؟
؛ ولهذا قال الشيخ ابن عثيمين: (ولهذا قيل لأعرابي: بِمَ عَرَفْتَ ربك؟ قال: بنقض العزائم وصرف الهمم؛ بنقض العزائم، يعني: الإنسان يعزم على الشيء عزمًا مؤكَّدًا وإذا به ينتقض!! مَن نقض عزيمته؟
لا يشعر، ما يشعر أن هناك مُرَجِّحًا أوجب أن يعدل عن العزيمة الأولى، بل بمحض إرادة الله، صرف الهمم؛ يهم الإنسان بالشيء ويتجه إليه تمامًا، وإذا به يجد نفسه منصرفًا عنه، سواء كان الصارف مانعًا حِسٍّيًّا، أو كان الصارف مجرد اختيار، اختار الإنسان أن ينصرف، كل هذا من الله عز وجل).

-وفي مناظرة ذَكَرَها البعضُ بَيْنَ أبِي إسْحاقَ الإسْفَرايِينِيِّ وعَبْدِ الجَبّارِ المُعْتَزِلِيِّ تُوَضِّحُ هَذا.
وَهِيَ أنَّ عَبْدَ الجَبّارِ قالَ: سُبْحانَ مَن تَنَزَّهَ عَنِ الفَحْشاءِ، يَعْنِي أنَّ السَّرِقَةَ والزِّنا لَيْسا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ؛ لِأنَّهُ في زَعْمِهِ أنْزَهُ مِن أنْ تَكُونَ هَذِهِ الرَّذائِلُ بِمَشِيئَتِهِ.
فَقالَ أبُو إسْحاقَ: كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِها باطِلٌ.
ثُمَّ قالَ: سُبْحانَ مَن لَمْ يَقَعْ في مُلْكِهِ إلّا ما يَشاءُ.
فَقالَ عَبْدُ الجَبّارِ: أتَراهُ يَشاؤُهُ ويُعاقِبُنِي عَلَيْهِ.
فَقالَ أبُو إسْحاقَ: أتَراكَ تَفْعَلُهُ جَبْرًا عَلَيْهِ، آنْتَ الرَّبُّ وهو العَبْدُ ؟
فَقالَ عَبْدُ الجَبّارِ: أرَأيْتَ إنْ دَعانِي إلى الهُدى، وقَضى عَلَيَّ بِالرَّدِيءِ، دَعانِي وسَدَّ البابَ دُونِي ؟ أتَراهُ أحْسَنَ أمْ أساءَ ؟
فَقالَ أبُو إسْحاقَ: أرى أنَّ هَذا الَّذِي مَنَعَكَ إنْ كانَ حَقًّا واجِبًا لَكَ عَلَيْهِ - فَقَدْ ظَلَمَكَ، وقَدْ أساءَ، سُبْحانَهُ وتَعالى عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا،
وإنْ كانَ مِلْكُهُ المَحْضُ فَإنْ أعْطاكَ فَفَضْلٌ، وإنْ مَنعَكَ فَعَدْلٌ. فَبُهِتَ عَبْدُ الجَبّارِ، وقالَ الحاضِرُونَ: واللَّهِ ما لِهَذا جَوابٌ.

ومما جعل عبد الجبار يقول هذا الكلام عدم تفريقه بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية وكذلك عدم تفريقه بين نوعي الهداية.


الوجه الثاني: قوله: {اللهُ رب العالمين} ، فهو الذي خلق العالمين ورزقهم وأعدهم وأمدهم وأحسن إليهم غاية الإحسان
ودلهم على سبيل الهدى وحذرهم سبيل الردى، والعالمين: كل ما سوى الله، كما قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فهو الرب سبحانه المصلح لعباده المدبر لشؤونهم،
الذي له الكمال المطلق من جميع الوجوه ولا نقص فيه بوجه من الوجوه، المستحق للعبادة فكيف يحدث في ملكه ما لا يشاء؟ كيف يقول المعتزلة هذا وهم لا ينزهون الله سبحانه وتعالى عن النقص بقولهم هذا.

الوجه الثالث: قوله رب العالمين، ولم يقل ربكم، مما يدل على عموم ربوبية الله سبحانه وتعالى وتذكيره لهم بأنه الرب والسيد المطاع،
فالقسمة اثنين رب ومربوب لا قسمة ثالثة، فكيف تعطون المخلوق المربوب من خصائص الله تعالى شيء؟ كقولكم إنّ الإنسان يخلق فعله وله إرادة خارجة عن إردة الله والله لا إرادة له به ،
فإنّ هذا لا ينبغي لأن فيه إنكار لقدرة الرب، وقد قال أحمد : القدر قدرة الله. قال تعالى: { والله خلقكم وما تعملون} ما هنا مصدرية أو موصولة فيكون المعنى : والله خلقكم وخلق عملكم أو والله خلقكم والذي تعملون.
وقال الشيخ ابن عثيمين :قال تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ ، وتقولون أنتم: لا؟!
فأي شيء يحصل في الكون نعلم أن الله علمه وكتبه وشاءه ثم خلقه.


وكذلك هذه الآيات ترد على الجهمية الجبرية الذي يقولون أن الإنسان مجبور ولا مشيئة له ولا اختيار وكل هذا غلط؛ فكل إنسان يعلم من نفسه أنه يستطيع أن يختار،
وأن له اختيارا وقدرة ومشيئة. ونحن نعلم أن مراتب القدر أربعة: العلم والكتابة والمشيئة والخلق.
لكن الجبرية الجهمية يقولون أن الكتابة تعني الجبر، ومن أخبرهم بأنّ الكتابة تعني الجبر؟ بل إنها كاشفة لعلم الله، فكيف يُعبد رب لا يعلم ما يحصل في الكون؟ فعلم من هذا أنه لا سبيل للجهمية للتحجج بالقدر وأنهم مجبرون.

قال تعالى: { وَمَا تَشَاۤءُونَ إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ }
وفي هذه الآية رد على باطلهم من وجه ألا وهو قوله : {وَمَا تَشَاۤءُونَ إِلَّاۤ } فعلم من هذا أن لهم مشيئة واختيار وقد قلنا أنها تبع لمشيئة الله لكن ما نقصده هو أن الله أثبت لهم مشيئة واختيار، ومن كذب بالقرآن فقد كفر.
ولو أنّ أحدا سرق أحدا أو ضرب أحدا ثم تحجج بأنه مجبور وأنه لا اختيار له لَما قُبِلَ ذلك منه، ولظنه الناس مجنونا.
الوجه الثاني: قوله تعالى: { إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرٌ لِّلۡعَـٰلَمِینَ ، لِمَن شَاۤءَ مِنكُمۡ أَن یَسۡتَقِیمَ}
فدلّ ذلك على أنهم لم يهتدوا ليس لأنهم مجبرين بل لأنهم اختاروا ألا يستقيموا على ما شرعه الله وما هو مطلوب منهم، أرادوا التفلت من النصوص ومن الدين وأرادوا
استباحة الحرام بقولهم : إنا مجبرين. ولم يعلموا أنهم هانوا على الله وخذلهم الله لسوء ما في قلوبهم فقد استحبوا العمى على الهدى.


-ووجه آخر يُرى من خلال حالهم، أنهم جبرية في الأمور الدينية فقط، أما الأمور الدنيوية فإنهم فيها يأخذون بالأسباب بكل ما أوتوا من قوة، ويسعون ويجاهدون لنيل ما يريدون،
وليسوا بمجبرين، ولو قال إنسان: أجلس في منزلي وسيأتيني الرزق بلا عمل لعده الناس مجنونا ولا يفعل هذا أحد، لكن في الأمور الدينية يقولون مجبرين ولا خيار لدينا لإرادتهم التفلت من العمل، لكن لإرادتهم الفاسدة ما أحسنوا العمل.

ختاما: مع أنّ الآيات نرد بها قول هؤلاء الباطل إلا أننا لا نريد أن نغفل عن معنى مهم وهو الافتقار لله تعالى والتضرع إليه دائما بطلب التفضل من الله تعالى علينا بالمشيئة بالاستقامة فضلا من عنده، ذكره الشنقيطي.
والله تعالى أعلم.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 2 رجب 1443هـ/3-02-2022م, 10:00 AM
هاجر محمد أحمد هاجر محمد أحمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثالث
 
تاريخ التسجيل: Aug 2020
المشاركات: 199
افتراضي


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17)


سورة النبأ تخاطب كفار قريش وكل كافر ومنكر للبعث واليوم الآخر ،ومنكر لرسالة الرسول صلى الله عليه وسلم ومنكر للقرآن ،
افتتحت السورة :
بالتساؤل لاستثارة المخاطب (عم يتساءلون )
(عن النبأ العظيم )
أخبر الله أن الأمر الذي يتساءلون عنه أنه خبر عظيم ، وهذا يزيد السامع انتباهاً والمخاطب استثارة وتعظيماً للأمر الذي يجادل فيه ، فيبعث في قلبه رهبة وخوفاً وانتباهاً
قال تعالى (كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون)
توعد الله هؤلاء المشككين بالبعث واليوم الآخر بأنهم سيعلمون حقيقة ما أنكروه
وأكد هذا الوعيد
ثم أورد الله تعالى الحجج على هؤلاء الكفار ، فجاءت الآيات الأولى لتتحدث عن بناء وخلق ما في الكون ،فجاءت بصيغة الفعل الماضي "جعل"
فقال تعالى (ألم نجعل الأرض مهاداً)
وجاءت الأية تخاطب المخاطب بصيغة الطلب للنظر و الإقرار ، بما أوجده وجعلهم الله لهم في الكون
(نجعل) جاءت بالصيغة الماضية ،
أولاً : لآن خلق الكون وايجاده قد تم
ثانياً: يذكر الله عباده بنعمة تمهيد الأرض ، فيلفت انتباههم الى قدرته ونعمته عليهم جل وعلا
الثالثة : التأمل في الأرض وكيف هي ممهدة لهم
(والجبال أوتاداً)
والجبال وهي من المخلوقات العظيمة التي يراها الإنسان ويراها العرب في صحراءهم فيقول الله مخاطباً لهم
وعطف الجبال على قوله تعالى (ألم نجعل الأرض مهاداً)
وأنه تباك وتعالى هو خلق الجبال
ثانياً: انه لم يخلقها عبثاً ، فجعلها كالوتد للخيمة يثبتها حتى لا تضطرب
ثالثاً: فيه دلالة على خلق المخلوقات العظيمة
فمن يقدر على خلق المخلوقات العظيمة قادر على كل شئ
(وخلقناكم أزوجاً)
ويذكر الله تبارك وتعالى
أولاً: بانه خلقهم جميعاً
ثانياً: أنه هو من جعلهم زوجين ذكراً وأنثى
بدأ الله تبارك وتعالى بيان حججه بدلالة قدرته وبدأها من الأرض ثم الى الجبال ، فنلاحظ هذا الترتيب ثم تلاه بخلقهم أنفسهم
ثم بعد ذكر خلقهم ، ذكر النوم الذي يأخذ الإنسان ليرتاح من عناء يومه فجاء ذكر النوم بعد ذكر خلقهم زوجين
(وجعلنا نومكم سباتاً)
والأيات تبين لهم قدرته تعالى ونعمته عليهم
أولاً: أنه جعل النوم ليرتاحوا ويستريحوا فيه
ثانياً: أن في النوم تعطيل عن الحركة
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10
وذكر الله تعالى الليل بعد النوم لأن النوم يكون في الليل، وبين الله تعالى قدرته ونعمته
الأولى : أن الليل ساتر للإنسان بظلامه كما يستره اللباس
الثانية : فيه حماية للإنسان كما تحميه ملابسه ، ففي الظلام يتمكن الإنسان من الاختباء من العدو
(و جعلنا النهار معاشاً)
بين الله تعالى للمشركين
أولاً: أنه هو الذي أوجد النهار
ثانياً: يذكرهم بنعمته ليتأملوها ، فجعل لهم النهار وقتاً ليسعوا فيه لرزقهم ومعاشهم

ثم يلفت الله تعالى المخاطبين للنظر الى ما خلق فوقهم ،وما جعل لهم لهم في هذا الكون
فيلتفتوا إليه ويتأملوه ويتفكرا في قدرته وحكمته سبحانه وتعالى ، فذكر السماء والشمس ، مخلوقات يرونها كل يوم ولكن الله تبارك وتعالى يلفتهم لينظروا الى قدرته وحمته وذكرها الله بعد ذكر الليل والنهار
(وبنينا فوقكم سبعاً شداداً)
الأيات تلفت المخاطبين الى النظر في السماء التي فوقهم
أولاً: أن الله بناها (والسماء بنيناها بأيد)
الثانيه :أنه خلقها سبع سموات وهو أمر لا يعلمه ولا يقدر عليه الا خالق عظيم
الثالثة : أنه خلق السماء وبناها بناء قوياً متيناً فلا يرى فيه تشقق (هل ترى من فطور) ، فليتأمل ولينظر الى السماء الواسعة فوقه كيف هي قوية البناء
الرابعة : قدرة الله تبارك وتعالى على خلق مخلوقات عظيمة
(وجعلنا سراجاً وهاجا )
بين الله تبارك وتعالى خلقه الشمس
الأولى : يلفت الله نظر الكفار ومنكري البعث الى التأمل في خلق الشمس ذلك المخلوق العظيم
الثانية : أنه تبارك وتعالى جعلها كالسراج تنير الأرض
الثالثة : انه تبارك وتعالى جعلها وهاجة لتدفء الإنسان ويستفيد من أشعة الشمس
فخالق عظيم ، قاد على خلق هذه المخلوقات وتسخيرها لمنفعة الإنسان ، فهو قاد على بعث الموتى

(وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجاً )
وخلق الله تبارك وتعالى السحاب وأنزل لنا من الماء الكثير
الأولى : خلق الله تبارك وتعالى السحاب الثقال
الثانية : أن الله تبارك وتعالى هو الذي ينزل المطر الغزير
الثالثة : نعمة المطر الغزير ، وخاصة للعرب الذين يعيشون في الصحاري
فالله القادر على خلق السحاب الثقال ، وإنزال الماء الكثير ، فهو قادر على بعث الموتى
(لنخرج به حباً ونباتاً)
بين الله تبارك وتعالى أنه هو الذي يخرج لنا النبات ، من بذرة ، فكيف لنبات كبير أن يخرج من بذرة صغيرة ، فلا أحد يقدر على اخراج النبات
فالأولى : ان الله هو الذي يخرج النبات
الثانية : أنه من البذور خلق لنا أصنافاً من النبات
الثالثة : أنه بماء واحد أخرج لنا أصناف مختلفة منه الحبوب والنبات
الرابعة : تذكير بقدرة الله وحكمته ، فلم يخلق شيئاً عبثاً ، فهذا كون محكم الصنع وكل مخلوق خلق لحكة يعلمها الله تبارك وتعالى
(وجنات ألفافا)
ويلفت الله تبارك وتعالى نظر المخاطبين إلى الجنات الملتفة الكثيفة ، التي يتمتعون بها أنه تبارك وتعالى بقدرته
خلقها وجعلها فيها هذه النباتات ..
ثم بعد هذا السرد ، الذي يأخذ المخاطب من النظر والتأمل في الكون وخلقه وتكوينه وتقريره بما فيه من مخلوقات عظيمة التي لا يقدر على خلقها الا الله ، ويذكره نعمته على عباده بالنوم وبالنهار للمعاش ، ثم يطوف به ويدعوه للتأمل والتفكر في خلق السموات وما فيها من سحب ثقال وشمس كالسراج وللتدفئة
فالخالق القادر على خلق ذلك كله قادر على بعثهم
(أن يوم الفصل كان ميقاتاً)
ثم بين الله حقيقة ماكان ينكرون وهو يوم القيامة ، وسماه الله هنا يوم الفصل حتى يستشعر المخاطب الحالة التي في يوم القيامة أنه يوم سيجتمع فيه الناس وسيفصل بينهم
ففي الآية : تنبيه للمشككين وتخويف لهم بأنه سيفصل بينهم
الثانية : أنه سيكون حقيقة فالفصل يكون بين خصوم مجتمعين

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 7 رجب 1443هـ/8-02-2022م, 08:24 PM
دانة عادل دانة عادل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2020
المشاركات: 173
افتراضي

رسالة حجاجية في قوله تعالى: ﴿أَيَحسَبُ الإِنسانُ أَلَّن نَجمَعَ عِظامَهُ ۝ بَلى قادِرينَ عَلى أَن نُسَوِّيَ بَنانَهُ ۝ بَل يُريدُ الإِنسانُ لِيَفجُرَ أَمامَهُ﴾

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله ﷺ .
أما بعد:

فإن الآيات الجليلة تحدثت عن موقف الكفار المكذبين بالبعث منكرين له فيرد الله تعالى عليهم، وقد تنوعت أساليبهم في إنكار البعث وتنوعت كذلك أساليب الرد عليهم، فكان من أساليب المشركين التكذيب والاستنكار كقوله تعالى: ﴿أَيَعِدُكُم أَنَّكُم إِذا مِتُّم وَكُنتُم تُرابًا وَعِظامًا أَنَّكُم مُخرَجونَ ۝ هَيهاتَ هَيهاتَ لِما توعَدونَ ۝ إِن هِيَ إِلّا حَياتُنَا الدُّنيا نَموتُ وَنَحيا وَما نَحنُ بِمَبعوثينَ﴾ وكان من أساليب رد الله عزوجل عليهم: ضرب الأمثال والوقائع لتقريب المعنى الذهني بشكل مشاهد كقوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ إِن كُنتُم في رَيبٍ مِنَ البَعثِ فَإِنّا خَلَقناكُم مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطفَةٍ ثُمَّ مِن عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُضغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُم وَنُقِرُّ فِي الأَرحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخرِجُكُم طِفلًا ثُمَّ لِتَبلُغوا أَشُدَّكُم وَمِنكُم مَن يُتَوَفّى وَمِنكُم مَن يُرَدُّ إِلى أَرذَلِ العُمُرِ لِكَيلا يَعلَمَ مِن بَعدِ عِلمٍ شَيئًا وَتَرَى الأَرضَ هامِدَةً فَإِذا أَنزَلنا عَلَيهَا الماءَ اهتَزَّت وَرَبَت وَأَنبَتَت مِن كُلِّ زَوجٍ بَهيجٍ﴾.

وقد ورد في سبب نزول الآيات ما ذكره القرطبي: نزلت في عدي بن ربيعة قال للنبي ﷺ: يا محمد حدثني عن يوم القيامة، فأخبره رسول الله ﷺ، فقال عدي: لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك أو يجمع الله العظام، فنزلت هذه الآية.

وقد كان المشركين منكرين للبعث وعلى إعادة جمع العظام والرفات بعد فناءها، مستدلين على ذلك بأن إعادة القلب واللحم والعصب مستحيلة من باب أولى فاستحال البعث فأنكروه من جهة عقلية، فكيف تجمع العظام بعد أن بليت؟ وكيف ترد الروح بعد أن انفصلت عن الجسد؟ وكيف تجمع هذه العظام وتكسى باللحم والعصب بعد أن تفرقت وبليت؟
فهم حكّموا جانب العقل في مجال الغيب فضلّوا .

فرد الله تعالى عليهم بالتقريع بطريقة الاستفهام التوبيخي ثم نقض مقولتهم فقال تعالى: (بلى قادرين على أن نسوي بنانه) أي: أن الله تعالى قادر على أن يجعل أيديهم كالخف والحافر فيجعل أصابعهم مستوية، فإذا كان تعالى قادرًا على الصغير من أجسادهم فهو بالكبير أقدر سبحانه.

ثم بيّن تعالى علة قولهم ومأخذهم في الإنكار: (بل يريد الإنسان ليفجر أمامه) بأن هذا الإنسان الكافر مصر على التكذيب وإنكار البعث ليستمتع في الدنيا ويعيشها بلا تكاليف وأوامر ويفجر فيها، كما ورد عن بعض السلف: أن الإنسان إنما يريد شهواته ومعاصيه ليمضي فيها أبدا قدما راكبا رأسه ومطيعا أمله ومسوفا بتوبته.

ففي هذه الآيات الجليلة رد الله تعالى بالنقض وببراعة التعليل وبالتقريع والتوبيخ لهم.

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 21 رجب 1443هـ/22-02-2022م, 10:31 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبير الغامدي مشاهدة المشاركة
تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السعير. فاعترفوا بذبهم فسحقا لأصحاب السعير).

يبين تعالى في هذه الآيات شبهة المشركين الباطلة وهي : أنهم لم يؤمنوا بسبب عدم سمعهم وأنهم لايفهمون شيئا،* وهذا من أكذب الكذب وأشنعه؛ فقد جمعوا بين الكذب وجحد نعم الله عليهم* حيث أنكروا
نعمتي السمع والعقل ؛ ليصدوا عن سبيل الله ويحتجوا بأن دخولهم للنار كان لهذا السبب ؛ فاعترفوا بذنبهم وأقروا بأنهم لم يسمعوا سماع اعتراض ولم يؤمنوا بماجاءهم من الحق؛ ولذلك عاتبهم الله ودعا عليهم* بالهلاك.

قال السعدي رحمه الله: وَقَالُوا}*مُعْتَرِفِينَ بعَدَمِ أَهْلِيَّتِهم للهُدَى والرَّشادِ:*{لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}. فنَفَوْا عن أنفُسِهم طُرُقَ الْهُدَى، وهي السمْعُ لِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وجاءَتْ به الرُّسُلُ، والعقْلُ الذي يَنفَعُ صاحبَه، ويُوقِفُه على حقائقِ الأشياءِ وإيثارِ الخيرِ، والانزجارِ عن كلِّ ما عاقِبَتُه ذَميمةٌ، فلا سَمْعَ لهم ولا عَقْلَ.
وهذا بخِلافِ أهْلِ اليَقينِ والعِرفانِ، وأربابِ الصدْقِ والإيمانِ؛ فإنَّهم أَيَّدُوا إِيمانَهم بالأدِلَّةِ السمعيَّةِ، فسَمِعُوا ما جاءَ مِن عندِ اللَّهِ، وجاءَ به رَسولُ اللَّهِ علْماً ومَعرِفَةً وعَمَلاً.
والأدِلَّةُ العقْلِيَّةُ: الْمَعْرِفَةُ للهُدَى مِن الضلالِ، والحَسَنِ مِن القَبيحِ، والخيرِ مِن الشرِّ.
وهُمْ في الإيمانِ بحسَبِ ما مَنَّ اللَّهُ عليهم به مِن الاقتداءِ بالمعقولِ والمنقولِ، فسُبحانَ مَن يَخْتَصُّ بفَضْلِه مَن يَشاءُ، ويَمُنُّ على مَن يَشاءُ مِن عِبادِه، ويَخْذُلُ مَن لا يَصْلُحُ للخيرِ).
وفي كلامه رحمه الله مايغنينا عن الحديث ، حيث ذكر أنهم اعترفوا بعدم أهليتهم للخير ، وهذا سبب عذابهم وهو استكبارهم عن الحق قولا وعملا ، فنالوا بذلك سخط الله وعقابه الدائم في نار جهنم.
أما أهل الايمان فإن سمعهم لنداء الله سمع استجابة وتعظيم ، ومعرفتهم لربهم لاختيارهم الخير من الشر والهدى عن الضلال؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم فيمايرويه عن ربه عزوجل:( فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ورجله التي يمشي بها ويده التي يبطش بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه) فمن جعل سمعه لله كان متعبدا بذلك لربه فلايسمع إلا مايرضيه ، يسمع سماع استجابة وقبول ويطبق ماأمره الله به ، ويجعل بصره كذلك لله تعالى ؛فلايبصر إلا مايرضيه ويغض بصره عن المحرمات التي تغضب ربه فيجد حلاوة بذلك لاتعادلها حلاوة، لأن الايمان لامس شغاف قلبه فأصبح يتلذذ بكل أمر فيه رضا وطاعة لربه تعالى، ولايمشي إلا لطاعة الله والأنس به أو عمل خير أو صلة قربى وبر والدين وغيرها من الاعمال الصالحة ، ويتعبد الله كذلك بالنوافل فيصلي لله ماشاء أن يصلي في ليله ونهاره آنسا بذكر ربه معظما ذلك الوقوف والجلال بين يديه سبحانه، فجازاه عز وجل بأن أعطاه ماسأله ؛ وحصنه وحفظه اذا استعاذ به.
وفي الآيات كذلك رد الله تعالى على شبهتهم الباطلة لأنه علم مافي قلوبهم وأنها منطوية على الكفر ؛ فجازاهم بالعذاب النفسي (سحقا لأصحاب السعير) أي بعدا لهم من رحمته سبحانه؛ عن* أبي البختريّ الطّائيّ قال: أخبرني من سمعه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "لن يهلك النّاس حتّى يعذروا من أنفسهم" وفي حديثٍ آخر: "لا يدخل أحدٌ النّار، إلّا وهو يعلم أنّ النّار أولى به من الجنّة").*[تفسير القرآن العظيم: 8/178]

وهذه الشبهة للمشركين في كل زمان ومكان فهم في الحقيقة معرضون عن دين الله واختاروا بذلك هوى أنفسهم وهلاكها ، ثم يحتجون بذلك بعدم السمع أو عدم الفهم؛ وهذا من كذبهم وسوءظنهم بربهم حيث أنكروا نعمه واحتجوا بعدم الفهم.
والرد عليهم من عدة أوجه:
١- أن كلامهم باطل لأنه مخالف للفطرة حيث خلق الله السمع والعقل وجعلها أعضاء ينتفع بها الانسان فصرفها في غير ماخلقت له.
٢- أن هذه الحجة رد عليهم وهم لايشعرون فهم بذلك نسبوا لأنفسهم التكذيب والاعراض بنفيهم السماع و الفهم فهم لم يسمعوا سمع استجابة بل كانوا معرضين فردوا بذلك على أنفسهم واقروا واعترفوا ولاينفع حينئذ الندم.
٣- أن الجزاء من جنس العمل فكما أنهم حكموا على أنفسهم بذلك فقد كان عقابهم الطرد والبعد من رحمة الله تعالى.
وهكذا كل من سار على نهجهم فأعرض عن طاعة الله وفعل المعاصي ثم اعتذر بذلك أنه لايسمع أو لايفهم أو ليس هو المقصود فقد شابه فعلهم فالحذر الحذر من ذلك فإن الله تعالى يعلم السر وأخفى.* والله أعلم.
المرجع:
- تفسير ابن كثير.
-تفسير السعدي .
-جمهرة العلوم - قسم التفسير.
بارك الله فيكِ وأقدر اجتهادك، لكن ينبغي أن تكون الآيات المختارة فيها شبهة واضحة والرد عليها، وما اخترتِ من الآيات هي اعتراف الكفار بضلالهم يوم القيامة، نحتاج آيات يظهر فيها طريقة دحض الشبهة المتناولة باستخدام أدوات الحجاج ليكون أسلوب الحجاج أوضح.
أوصيك بمراجعة ما ذكره زملائك لتكون الصورة أوضح.

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 21 رجب 1443هـ/22-02-2022م, 10:37 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هاجر محمد أحمد مشاهدة المشاركة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17)


سورة النبأ تخاطب كفار قريش وكل كافر ومنكر للبعث واليوم الآخر ،ومنكر لرسالة الرسول صلى الله عليه وسلم ومنكر للقرآن ،
افتتحت السورة :
بالتساؤل لاستثارة المخاطب (عم يتساءلون )
(عن النبأ العظيم )
أخبر الله أن الأمر الذي يتساءلون عنه أنه خبر عظيم ، وهذا يزيد السامع انتباهاً والمخاطب استثارة وتعظيماً للأمر الذي يجادل فيه ، فيبعث في قلبه رهبة وخوفاً وانتباهاً
قال تعالى (كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون)
توعد الله هؤلاء المشككين بالبعث واليوم الآخر بأنهم سيعلمون حقيقة ما أنكروه
وأكد هذا الوعيد
ثم أورد الله تعالى الحجج على هؤلاء الكفار ، فجاءت الآيات الأولى لتتحدث عن بناء وخلق ما في الكون ،فجاءت بصيغة الفعل الماضي "جعل"
فقال تعالى (ألم نجعل الأرض مهاداً)
وجاءت الأية تخاطب المخاطب بصيغة الطلب للنظر و الإقرار ، بما أوجده وجعلهم الله لهم في الكون
(نجعل) جاءت بالصيغة الماضية ،
أولاً : لآن خلق الكون وايجاده قد تم
ثانياً: يذكر الله عباده بنعمة تمهيد الأرض ، فيلفت انتباههم الى قدرته ونعمته عليهم جل وعلا
الثالثة : التأمل في الأرض وكيف هي ممهدة لهم
(والجبال أوتاداً)
والجبال وهي من المخلوقات العظيمة التي يراها الإنسان ويراها العرب في صحراءهم فيقول الله مخاطباً لهم
وعطف الجبال على قوله تعالى (ألم نجعل الأرض مهاداً)
وأنه تباك وتعالى هو خلق الجبال
ثانياً: انه لم يخلقها عبثاً ، فجعلها كالوتد للخيمة يثبتها حتى لا تضطرب
ثالثاً: فيه دلالة على خلق المخلوقات العظيمة
فمن يقدر على خلق المخلوقات العظيمة قادر على كل شئ
(وخلقناكم أزوجاً)
ويذكر الله تبارك وتعالى
أولاً: بانه خلقهم جميعاً
ثانياً: أنه هو من جعلهم زوجين ذكراً وأنثى
بدأ الله تبارك وتعالى بيان حججه بدلالة قدرته وبدأها من الأرض ثم الى الجبال ، فنلاحظ هذا الترتيب ثم تلاه بخلقهم أنفسهم
ثم بعد ذكر خلقهم ، ذكر النوم الذي يأخذ الإنسان ليرتاح من عناء يومه فجاء ذكر النوم بعد ذكر خلقهم زوجين
(وجعلنا نومكم سباتاً)
والأيات تبين لهم قدرته تعالى ونعمته عليهم
أولاً: أنه جعل النوم ليرتاحوا ويستريحوا فيه
ثانياً: أن في النوم تعطيل عن الحركة
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10
وذكر الله تعالى الليل بعد النوم لأن النوم يكون في الليل، وبين الله تعالى قدرته ونعمته
الأولى : أن الليل ساتر للإنسان بظلامه كما يستره اللباس
الثانية : فيه حماية للإنسان كما تحميه ملابسه ، ففي الظلام يتمكن الإنسان من الاختباء من العدو
(و جعلنا النهار معاشاً)
بين الله تعالى للمشركين
أولاً: أنه هو الذي أوجد النهار
ثانياً: يذكرهم بنعمته ليتأملوها ، فجعل لهم النهار وقتاً ليسعوا فيه لرزقهم ومعاشهم

ثم يلفت الله تعالى المخاطبين للنظر الى ما خلق فوقهم ،وما جعل لهم لهم في هذا الكون
فيلتفتوا إليه ويتأملوه ويتفكرا في قدرته وحكمته سبحانه وتعالى ، فذكر السماء والشمس ، مخلوقات يرونها كل يوم ولكن الله تبارك وتعالى يلفتهم لينظروا الى قدرته وحمته وذكرها الله بعد ذكر الليل والنهار
(وبنينا فوقكم سبعاً شداداً)
الأيات تلفت المخاطبين الى النظر في السماء التي فوقهم
أولاً: أن الله بناها (والسماء بنيناها بأيد)
الثانيه :أنه خلقها سبع سموات وهو أمر لا يعلمه ولا يقدر عليه الا خالق عظيم
الثالثة : أنه خلق السماء وبناها بناء قوياً متيناً فلا يرى فيه تشقق (هل ترى من فطور) ، فليتأمل ولينظر الى السماء الواسعة فوقه كيف هي قوية البناء
الرابعة : قدرة الله تبارك وتعالى على خلق مخلوقات عظيمة
(وجعلنا سراجاً وهاجا )
بين الله تبارك وتعالى خلقه الشمس
الأولى : يلفت الله نظر الكفار ومنكري البعث الى التأمل في خلق الشمس ذلك المخلوق العظيم
الثانية : أنه تبارك وتعالى جعلها كالسراج تنير الأرض
الثالثة : انه تبارك وتعالى جعلها وهاجة لتدفء الإنسان ويستفيد من أشعة الشمس
فخالق عظيم ، قاد على خلق هذه المخلوقات وتسخيرها لمنفعة الإنسان ، فهو قاد على بعث الموتى

(وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجاً )
وخلق الله تبارك وتعالى السحاب وأنزل لنا من الماء الكثير
الأولى : خلق الله تبارك وتعالى السحاب الثقال
الثانية : أن الله تبارك وتعالى هو الذي ينزل المطر الغزير
الثالثة : نعمة المطر الغزير ، وخاصة للعرب الذين يعيشون في الصحاري
فالله القادر على خلق السحاب الثقال ، وإنزال الماء الكثير ، فهو قادر على بعث الموتى
(لنخرج به حباً ونباتاً)
بين الله تبارك وتعالى أنه هو الذي يخرج لنا النبات ، من بذرة ، فكيف لنبات كبير أن يخرج من بذرة صغيرة ، فلا أحد يقدر على اخراج النبات
فالأولى : ان الله هو الذي يخرج النبات
الثانية : أنه من البذور خلق لنا أصنافاً من النبات
الثالثة : أنه بماء واحد أخرج لنا أصناف مختلفة منه الحبوب والنبات
الرابعة : تذكير بقدرة الله وحكمته ، فلم يخلق شيئاً عبثاً ، فهذا كون محكم الصنع وكل مخلوق خلق لحكة يعلمها الله تبارك وتعالى
(وجنات ألفافا)
ويلفت الله تبارك وتعالى نظر المخاطبين إلى الجنات الملتفة الكثيفة ، التي يتمتعون بها أنه تبارك وتعالى بقدرته
خلقها وجعلها فيها هذه النباتات ..
ثم بعد هذا السرد ، الذي يأخذ المخاطب من النظر والتأمل في الكون وخلقه وتكوينه وتقريره بما فيه من مخلوقات عظيمة التي لا يقدر على خلقها الا الله ، ويذكره نعمته على عباده بالنوم وبالنهار للمعاش ، ثم يطوف به ويدعوه للتأمل والتفكر في خلق السموات وما فيها من سحب ثقال وشمس كالسراج وللتدفئة
فالخالق القادر على خلق ذلك كله قادر على بعثهم
(أن يوم الفصل كان ميقاتاً)
ثم بين الله حقيقة ماكان ينكرون وهو يوم القيامة ، وسماه الله هنا يوم الفصل حتى يستشعر المخاطب الحالة التي في يوم القيامة أنه يوم سيجتمع فيه الناس وسيفصل بينهم
ففي الآية : تنبيه للمشككين وتخويف لهم بأنه سيفصل بينهم
الثانية : أنه سيكون حقيقة فالفصل يكون بين خصوم مجتمعين
أحسنتِ وفقكِ الله.
الدرجة:أ

رد مع اقتباس
  #21  
قديم 21 رجب 1443هـ/22-02-2022م, 10:40 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دانة عادل مشاهدة المشاركة
رسالة حجاجية في قوله تعالى: ﴿أَيَحسَبُ الإِنسانُ أَلَّن نَجمَعَ عِظامَهُ ۝ بَلى قادِرينَ عَلى أَن نُسَوِّيَ بَنانَهُ ۝ بَل يُريدُ الإِنسانُ لِيَفجُرَ أَمامَهُ﴾

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله ﷺ .
أما بعد:

فإن الآيات الجليلة تحدثت عن موقف الكفار المكذبين بالبعث منكرين له فيرد الله تعالى عليهم، وقد تنوعت أساليبهم في إنكار البعث وتنوعت كذلك أساليب الرد عليهم، فكان من أساليب المشركين التكذيب والاستنكار كقوله تعالى: ﴿أَيَعِدُكُم أَنَّكُم إِذا مِتُّم وَكُنتُم تُرابًا وَعِظامًا أَنَّكُم مُخرَجونَ ۝ هَيهاتَ هَيهاتَ لِما توعَدونَ ۝ إِن هِيَ إِلّا حَياتُنَا الدُّنيا نَموتُ وَنَحيا وَما نَحنُ بِمَبعوثينَ﴾ وكان من أساليب رد الله عزوجل عليهم: ضرب الأمثال والوقائع لتقريب المعنى الذهني بشكل مشاهد كقوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ إِن كُنتُم في رَيبٍ مِنَ البَعثِ فَإِنّا خَلَقناكُم مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطفَةٍ ثُمَّ مِن عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُضغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُم وَنُقِرُّ فِي الأَرحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخرِجُكُم طِفلًا ثُمَّ لِتَبلُغوا أَشُدَّكُم وَمِنكُم مَن يُتَوَفّى وَمِنكُم مَن يُرَدُّ إِلى أَرذَلِ العُمُرِ لِكَيلا يَعلَمَ مِن بَعدِ عِلمٍ شَيئًا وَتَرَى الأَرضَ هامِدَةً فَإِذا أَنزَلنا عَلَيهَا الماءَ اهتَزَّت وَرَبَت وَأَنبَتَت مِن كُلِّ زَوجٍ بَهيجٍ﴾.

وقد ورد في سبب نزول الآيات ما ذكره القرطبي: نزلت في عدي بن ربيعة قال للنبي ﷺ: يا محمد حدثني عن يوم القيامة، فأخبره رسول الله ﷺ، فقال عدي: لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك أو يجمع الله العظام، فنزلت هذه الآية.

وقد كان المشركين منكرين للبعث وعلى إعادة جمع العظام والرفات بعد فناءها، مستدلين على ذلك بأن إعادة القلب واللحم والعصب مستحيلة من باب أولى فاستحال البعث فأنكروه من جهة عقلية، فكيف تجمع العظام بعد أن بليت؟ وكيف ترد الروح بعد أن انفصلت عن الجسد؟ وكيف تجمع هذه العظام وتكسى باللحم والعصب بعد أن تفرقت وبليت؟
فهم حكّموا جانب العقل في مجال الغيب فضلّوا .

فرد الله تعالى عليهم بالتقريع بطريقة الاستفهام التوبيخي ثم نقض مقولتهم فقال تعالى: (بلى قادرين على أن نسوي بنانه) أي: أن الله تعالى قادر على أن يجعل أيديهم كالخف والحافر فيجعل أصابعهم مستوية، فإذا كان تعالى قادرًا على الصغير من أجسادهم فهو بالكبير أقدر سبحانه.

ثم بيّن تعالى علة قولهم ومأخذهم في الإنكار: (بل يريد الإنسان ليفجر أمامه) بأن هذا الإنسان الكافر مصر على التكذيب وإنكار البعث ليستمتع في الدنيا ويعيشها بلا تكاليف وأوامر ويفجر فيها، كما ورد عن بعض السلف: أن الإنسان إنما يريد شهواته ومعاصيه ليمضي فيها أبدا قدما راكبا رأسه ومطيعا أمله ومسوفا بتوبته.

ففي هذه الآيات الجليلة رد الله تعالى بالنقض وببراعة التعليل وبالتقريع والتوبيخ لهم.
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
الدرجة:أ

رد مع اقتباس
  #22  
قديم 25 رجب 1443هـ/26-02-2022م, 08:53 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دينا المناديلي مشاهدة المشاركة
رسالة في تفسير قول الله تعالى:
{ ﴿إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرٌ لِّلۡعَـٰلَمِینَ ، لِمَن شَاۤءَ مِنكُمۡ أَن یَسۡتَقِیمَ ، وَمَا تَشَاۤءُونَ إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾}
بأسلوب الحجاج.


بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وبعد..

في هذه الآيات يخبرنا الله سبحانه وتعالى أن القرآن ذكر للعالمين الذين أرسل اللهُ إليهم الرسول، فما هو إلا موعظة للخلق أجمعين، فمن أراد الهداية فعليه بالقرآن،
والمنتفع بتذكير القرآن هو الذي شاء أن يستقيم على أمر الله ، فمن لم يشأ الاستقامة لا ينتفع بهذا القرآن العظيم.
عن سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ﴾ قَالَ أَبُو جَهْلٍ: الْأَمْرُ إِلَيْنَا، إِنْ شِئْنَا اسْتَقَمْنَا، وَإِنْ شِئْنَا لَمْ نَسْتَقِمْ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ(١٦)) ولهذا قيل إنّ رأس القدرية هو أبو جهل.

فأثبت الله سبحانه وتعالى مشيئة العبد وجعلها تابعة لمشيئته سبحانه وتعالى، أي أنّ مشيئة الله سابقة لمشيئة العبد، ومشيئة العبد لا تحصل إلا بمشيئة الله،
وهذا ما يدل عليه حرف ( أن )فقد أتى بعده الفعل المضارع، وهذا يفيد الاستقبال، فتبين أن العبد لا يفعل الخير إلا بتوفيق الله، ولا يفعل الشر إلا بخذلان الله له.
وَقَالَ الْحَسَنُ: وَاللَّهِ مَا شَاءَتِ الْعَرَبُ الْإِسْلَامَ حَتَّى شَاءَهُ اللَّهُ لَهَا.
وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: قَرَأْتُ فِي سَبْعَةٍ وَثَمَانِينَ كِتَابًا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ: مَنْ جَعَلَ إِلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الْمَشِيئَةِ فَقَدْ كَفَرَ.
وقد قال تعالى: { والله خلقكم وما تعملون} فإنّ الله خلق العبد وخلق له قدرة ومشيئة يستطيع بها الإقدام على الفعل أو تركه،
لكنه لا يستطيع أن يفعل شيئا أو يترك شيئا إلا أن يشاء الله له ذلك. {وَما تَشاءُونَ إلّا أنْ يَشاءَ اللَّهُ} . إذن ما نفعله هو باختيارنا وارادتنا ولو لم يكن ذلك ما كان إرسال الرسل حجة على الخلق،
والكل يعلم من نفسه أن يختار ويريد. قال الشيخ ابن عثيمين: ، فإذا شئنا الشيء عَلِمْنَا أن الله قد شاءه، ولولا أن الله شاءه ما شئناه،
كما قال تعالى: { ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا)}

فإنّ المعتزلة القدرية يقولون: قد يشاء العبد ما لا يشاء الله، ويقولون: إنّ الله يشاء ما لا يشاؤون، وأصل هذا الكلام اعتقادهم أنّ فعل العبد بخلق العبد وإرادته لا بخلق الله ولا بإرادته.
وقد قال تعالى: {﴿إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرٌ لِّلۡعَـٰلَمِینَ ، لِمَن شَاۤءَ مِنكُمۡ أَن یَسۡتَقِیمَ ، وَمَا تَشَاۤءُونَ إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ﴾}

ففي هذه الآيات رد عليهم من عدة أوجه:
الوجه الأول: قوله تعالى:{ وما تشاؤون إلا أن يشاء الله}
أي أنهم لا يشاؤون إلا ما يشاء الله تمكينهم منه وإقدارهم عليه والتخلية بينهم وبينه، ذكره القاسمي.
وعلم من هذا أن مشيئتهم تابعة لمشيئة الله، ومن كذب بالقرآن فقد كفر .

-ويرى الإنسان في حياته أنه تحول بينهم وبين ما يشاء في بعض الأحيان صوارف، فكيف يكون قد خلق عمله؟
؛ ولهذا قال الشيخ ابن عثيمين: (ولهذا قيل لأعرابي: بِمَ عَرَفْتَ ربك؟ قال: بنقض العزائم وصرف الهمم؛ بنقض العزائم، يعني: الإنسان يعزم على الشيء عزمًا مؤكَّدًا وإذا به ينتقض!! مَن نقض عزيمته؟
لا يشعر، ما يشعر أن هناك مُرَجِّحًا أوجب أن يعدل عن العزيمة الأولى، بل بمحض إرادة الله، صرف الهمم؛ يهم الإنسان بالشيء ويتجه إليه تمامًا، وإذا به يجد نفسه منصرفًا عنه، سواء كان الصارف مانعًا حِسٍّيًّا، أو كان الصارف مجرد اختيار، اختار الإنسان أن ينصرف، كل هذا من الله عز وجل).

-وفي مناظرة ذَكَرَها البعضُ بَيْنَ أبِي إسْحاقَ الإسْفَرايِينِيِّ وعَبْدِ الجَبّارِ المُعْتَزِلِيِّ تُوَضِّحُ هَذا.
وَهِيَ أنَّ عَبْدَ الجَبّارِ قالَ: سُبْحانَ مَن تَنَزَّهَ عَنِ الفَحْشاءِ، يَعْنِي أنَّ السَّرِقَةَ والزِّنا لَيْسا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ؛ لِأنَّهُ في زَعْمِهِ أنْزَهُ مِن أنْ تَكُونَ هَذِهِ الرَّذائِلُ بِمَشِيئَتِهِ.
فَقالَ أبُو إسْحاقَ: كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِها باطِلٌ.
ثُمَّ قالَ: سُبْحانَ مَن لَمْ يَقَعْ في مُلْكِهِ إلّا ما يَشاءُ.
فَقالَ عَبْدُ الجَبّارِ: أتَراهُ يَشاؤُهُ ويُعاقِبُنِي عَلَيْهِ.
فَقالَ أبُو إسْحاقَ: أتَراكَ تَفْعَلُهُ جَبْرًا عَلَيْهِ، آنْتَ الرَّبُّ وهو العَبْدُ ؟
فَقالَ عَبْدُ الجَبّارِ: أرَأيْتَ إنْ دَعانِي إلى الهُدى، وقَضى عَلَيَّ بِالرَّدِيءِ، دَعانِي وسَدَّ البابَ دُونِي ؟ أتَراهُ أحْسَنَ أمْ أساءَ ؟
فَقالَ أبُو إسْحاقَ: أرى أنَّ هَذا الَّذِي مَنَعَكَ إنْ كانَ حَقًّا واجِبًا لَكَ عَلَيْهِ - فَقَدْ ظَلَمَكَ، وقَدْ أساءَ، سُبْحانَهُ وتَعالى عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا،
وإنْ كانَ مِلْكُهُ المَحْضُ فَإنْ أعْطاكَ فَفَضْلٌ، وإنْ مَنعَكَ فَعَدْلٌ. فَبُهِتَ عَبْدُ الجَبّارِ، وقالَ الحاضِرُونَ: واللَّهِ ما لِهَذا جَوابٌ.

ومما جعل عبد الجبار يقول هذا الكلام عدم تفريقه بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية وكذلك عدم تفريقه بين نوعي الهداية.


الوجه الثاني: قوله: {اللهُ رب العالمين} ، فهو الذي خلق العالمين ورزقهم وأعدهم وأمدهم وأحسن إليهم غاية الإحسان
ودلهم على سبيل الهدى وحذرهم سبيل الردى، والعالمين: كل ما سوى الله، كما قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فهو الرب سبحانه المصلح لعباده المدبر لشؤونهم،
الذي له الكمال المطلق من جميع الوجوه ولا نقص فيه بوجه من الوجوه، المستحق للعبادة فكيف يحدث في ملكه ما لا يشاء؟ كيف يقول المعتزلة هذا وهم لا ينزهون الله سبحانه وتعالى عن النقص بقولهم هذا.

الوجه الثالث: قوله رب العالمين، ولم يقل ربكم، مما يدل على عموم ربوبية الله سبحانه وتعالى وتذكيره لهم بأنه الرب والسيد المطاع،
فالقسمة اثنين رب ومربوب لا قسمة ثالثة، فكيف تعطون المخلوق المربوب من خصائص الله تعالى شيء؟ كقولكم إنّ الإنسان يخلق فعله وله إرادة خارجة عن إردة الله والله لا إرادة له به ،
فإنّ هذا لا ينبغي لأن فيه إنكار لقدرة الرب، وقد قال أحمد : القدر قدرة الله. قال تعالى: { والله خلقكم وما تعملون} ما هنا مصدرية أو موصولة فيكون المعنى : والله خلقكم وخلق عملكم أو والله خلقكم والذي تعملون.
وقال الشيخ ابن عثيمين :قال تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ ، وتقولون أنتم: لا؟!
فأي شيء يحصل في الكون نعلم أن الله علمه وكتبه وشاءه ثم خلقه.


وكذلك هذه الآيات ترد على الجهمية الجبرية الذي يقولون أن الإنسان مجبور ولا مشيئة له ولا اختيار وكل هذا غلط؛ فكل إنسان يعلم من نفسه أنه يستطيع أن يختار،
وأن له اختيارا وقدرة ومشيئة. ونحن نعلم أن مراتب القدر أربعة: العلم والكتابة والمشيئة والخلق.
لكن الجبرية الجهمية يقولون أن الكتابة تعني الجبر، ومن أخبرهم بأنّ الكتابة تعني الجبر؟ بل إنها كاشفة لعلم الله، فكيف يُعبد رب لا يعلم ما يحصل في الكون؟ فعلم من هذا أنه لا سبيل للجهمية للتحجج بالقدر وأنهم مجبرون.

قال تعالى: { وَمَا تَشَاۤءُونَ إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ }
وفي هذه الآية رد على باطلهم من وجه ألا وهو قوله : {وَمَا تَشَاۤءُونَ إِلَّاۤ } فعلم من هذا أن لهم مشيئة واختيار وقد قلنا أنها تبع لمشيئة الله لكن ما نقصده هو أن الله أثبت لهم مشيئة واختيار، ومن كذب بالقرآن فقد كفر.
ولو أنّ أحدا سرق أحدا أو ضرب أحدا ثم تحجج بأنه مجبور وأنه لا اختيار له لَما قُبِلَ ذلك منه، ولظنه الناس مجنونا.
الوجه الثاني: قوله تعالى: { إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرٌ لِّلۡعَـٰلَمِینَ ، لِمَن شَاۤءَ مِنكُمۡ أَن یَسۡتَقِیمَ}
فدلّ ذلك على أنهم لم يهتدوا ليس لأنهم مجبرين بل لأنهم اختاروا ألا يستقيموا على ما شرعه الله وما هو مطلوب منهم، أرادوا التفلت من النصوص ومن الدين وأرادوا
استباحة الحرام بقولهم : إنا مجبرين. ولم يعلموا أنهم هانوا على الله وخذلهم الله لسوء ما في قلوبهم فقد استحبوا العمى على الهدى.


-ووجه آخر يُرى من خلال حالهم، أنهم جبرية في الأمور الدينية فقط، أما الأمور الدنيوية فإنهم فيها يأخذون بالأسباب بكل ما أوتوا من قوة، ويسعون ويجاهدون لنيل ما يريدون،
وليسوا بمجبرين، ولو قال إنسان: أجلس في منزلي وسيأتيني الرزق بلا عمل لعده الناس مجنونا ولا يفعل هذا أحد، لكن في الأمور الدينية يقولون مجبرين ولا خيار لدينا لإرادتهم التفلت من العمل، لكن لإرادتهم الفاسدة ما أحسنوا العمل.

ختاما: مع أنّ الآيات نرد بها قول هؤلاء الباطل إلا أننا لا نريد أن نغفل عن معنى مهم وهو الافتقار لله تعالى والتضرع إليه دائما بطلب التفضل من الله تعالى علينا بالمشيئة بالاستقامة فضلا من عنده، ذكره الشنقيطي.
والله تعالى أعلم.
أحسنتِ وفقكِ الله.
- يحسن أن تتطرقي لذكر الشبهة ابتداءً لأنها العنصر الأول من عناصر أسلوب الحجاج ثمّ يليه الرد عليها.
- وددت بيان أدوات الحجاج في الآية.


الدرجة:ب+

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:42 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir