دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب العدد

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 جمادى الأولى 1432هـ/4-04-2011م, 12:16 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَالإِحْدَادُ: اجْتِنَابُ مَا يَدْعُو إِلى جِمَاعِهَا وَيُرَغِّبُ فِي النَّظرِ إِلَيْهَا، ........
قوله: «والإحداد: اجتناب ما يدعو إلى جماعها ويرغب في النظر إليها» هذا تعريف الإحداد شرعاً، وسبق بيان الإحداد لغة.
فقوله: «ما» هذه اسم موصول، والأسماء الموصولة من قبيل المبهم، فيحتاج إلى بيان، والبيان قوله:
«من الزينة والطيب» فهذا تفسير وبيان لكلمة «ما» أي: والذي يدعو إلى جماعها الزينة والطيب... إلخ.

الزِّينَةِ، وَالطِّيبِ، وَالتَّحْسِينِ، وَالْحِنَّاءِ، وَمَا صُبِـغَ لِلزِّينَةِ، وَحُلِيٍّ، وَكُحْلٍ أَسْوَدَ، لاَ تُوتِيَا وَنَحْوِهَا وَلاَ نِقَابٍ، وَأَبْيَضَ، وَلَوْ كَانَ حَسَناً.
فقوله: «من الزينة» أي: الثياب التي يتزين بها، فإن قيل: هذا الثوب ثوب بذلة ـ يعني ثوب عادة ـ لم يجب اجتنابه، سواء كان فيه تشجير أو تلوين أو لم يكن فيه، وإذا قيل: هذا ثوب زينة، يعني أن المرأة تعتبر متزينة، فهذا يجب اجتنابه، هذه هي القاعدة.
إذاً كل ثياب تتزين بها المرأة عادة فإنه يجب عليها اجتنابها، سواء كانت الثياب شاملة لجميع الجسم، كالدرع، والملحفة، والعباءة، وما أشبهها أو مختصة ببعضه، كالسراويل، والصداري التي على الصدر فقط، فكل ما يعد تجملاً من الثياب فإنه يجب اجتنابه، هذه واحدة.
الثانية : قوله: «والطيب» فالطيب بجميع أنواعه، سواء كان دهناً أو بخوراً، فإنه يجب عليها أن تتجنبه كالريحان، والورد، والعود، أما الصابون المُمسَّك والشامبو فلا يدخل في ذلك؛ لأنه لا يتخذ للتطيب، إنما هو لنكهته ورائحته، أما إذا ادهنت بالشامبو أو غسلت بالصابون وظهرت الرائحة بحيث لا تمر من عند الرجال إلا يشمون رائحتها، فهنا نمنعها لأجل الفتنة، وأما شم الطيب فلا يضر؛ لأن هذا ما يلصق ببدنها ولا يعلق بها، فلو أرادت أن تشتري طيباً وشمته فلا حرج عليها.
واستثنى الشارع إذا طهرت من الحيض فإنه لا بأس أن تتبخر، فتتبع أثر الحيض بشيء من القسط أو الأظفار[(187)]، وهما نوعان من الطيب يتبخر بهما، وهما دون العود المعروف، يعني أقل رائحة لأجل طرد ما يحصل من نتن بعد أثر الحيض.
الثالثة : قوله: «والتحسين» يعني التجميل بالحناء، أو بالورد، أو بالحمرة، أو بالكحل، أو بغير ذلك، كل ما فيه التحسين لبدنها فإنها ممنوعة منه، وعلامة ذلك أن يقال: إذا رئيت المرأة قيل: هذه المرأة متجملة، حتى لو كان التحسين في أظافرها كالتي يسمونها المناكير، فما تتجمل بها.
قوله: «والحناء» هذا تابع للتحسين.
قوله: «وما صبغ للزينة» تابع للزينة، يعني ما صبغ للزينة من الثياب، واحترز المؤلف في قوله: «ما صبغ للزينة» بما صبغ لتوقي الوسخ، مثل الكحلي، والأحمر، والأصفر، وما أشبهها، فهذا لا بأس به، ولهذا قيده المؤلف بـ «ما صبغ للزينة» .
الرابعة: قوله: «وحلي» وهو معطوف على قوله: «من الزينة» يعني ومن الحلي، سواء كان في الأذنين، أو في الرأس، أو في الرقبة، أو في اليد، أو في الرجل، أو على الصدر، فالساعة ـ مثلاً ـ تمنع منها؛ لأن المرأة تتحلى بها، وعليه فإذا احتاجت إلى الساعة تجعلها في الجيب، أو كان في الأسنان فإنه لا يجوز أن تلبسه، فلو أرادت أن تتجمل بوضع سِنٍّ من الذهب، فلا يجوز.
فإذا كان الحلي عليها حين موت الزوج هل تزيله أو نقول: إن الاستدامة أقوى من الابتداء؟
نقول: تخلعه، وكذلك السن إذا كان يمكن خلعه، ولكن الغالب أنه ما يمكن خلعه، فإنها لا تخلعه لكن تحرص على أن لا يبين.
فإن كان الحلي من غير الذهب والفضة، كما لو كان من الزمرد، أو اللؤلؤ، أو الماس فإنه مثل الذهب والفضة، بل قد يكون أعظم.
قوله: «وكحل أسود» الكحل ممكن أن يلحق بالتحسين، فالكحل الأسود لا يجوز أن تستعمله لا في الليل ولا في النهار.
وقال بعض أهل العلم: تستعمله ليلاً عند الحاجة، وتمسحه في النهار.
والصحيح أنه لا يجوز مطلقاً؛ لأن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ استؤذن في ذلك، فقالوا له: أنكحلها؟ قال: «لا» ، فقيل له ذلك ثلاث مرات، ولكنه أبى عليه الصلاة والسلام[(188)]، فدل هذا على أنه لا يجوز مطلقاً.
وغير الكحل مثل القطرة والدواء وما أشبهه، فهذا ليس فيه زينة، ولهذا قال المؤلف:
«لا توتيا» ويسمى عندنا في اللغة العامية التوت بدون ياء، وهو معدن معروف تكحل به العين عن الرمد وغير الرمد، يخلط بدواء العين، وكان الناس في الأول قبل أن يظهر الطب الحديث يستعملونه، فهذا لا بأس به؛ لأنه ليس له لون، فما فيه إلا الاستشفاء فقط، وكذلك القطرات التي تقطر في العين فإنها جائزة؛ حتى لو فرض أنها وسَّعت العين، وأزالت حمرتها فلا بأس؛ لأن هذا لا يحصل به التحسين الذي يحصل بالكحل.
قوله: «ونحوها» أي: مما لا يظهر له لون كالصَّبِر، وهو معروف أنه تُداوى به العين، لكن بمقياس معلوم، وهنا يجب التحرز من زيادته؛ لأنه إذا زاد ربما يعمي العين.
قوله: «ولا نقاب» أي: ما يحرم عليها النقاب؛ لأن النقاب ليس زينة، وإنما هو لباس عادي، كالقفازين.
ونص المؤلف على نفيه؛ لأن بعض أهل العلم ـ رحمهم الله ـ يقولون: إنها لا تنتقب، قياساً على المحرمة، وهذا القياس ليس بصحيح؛ لأنه ليس هناك علة جامعة بينهما، ولذلك يحرم على المحرمة ما لا يحرم على المحادة، ويحرم على المحادة ما لا يحرم على المحرمة، فالمرأة المحرمة لها أن تتحلى، ولها أن تكتحل، ولها أن تلبس ثياباً جميلة، إذا لم يكن أَمامَ الرجال، وما أشبه ذلك، والمحادة ليس لها ذلك، كما أن المحادة يجوز لها أن تقص أظفارها، وأن تتنظف، وأن تقص الشعر المأمور بإزالته، وما أشبه ذلك، والمحرمة لا تفعل ذلك، فالمهم أن هذا قياس مع الفارق العظيم.
أما البرقع فإنه ليس مثل النقاب؛ لأن البرقع يعتبر من التجمل؛ لأنه أجمل من النقاب، فالنقاب هو الغطاء، يُنْقَب للعين فقط، لكن البرقع يزخرف ويحسن ويوشى بالتلوين، فهو من باب الجمال.
قوله: «وأبيض» أي: لا يجب عليها اجتناب الأبيض.
قوله: «ولو كان حسناً» «لو» إشارة خلاف، فإن بعض أهل العلم يقول: إذا كان الأبيض حسناً فإنه يجب اجتنابه، والمذهب يقولون: الأبيض لا يجب اجتنابه، ولو كان حسناً، فلو لبست إبريسم أبيض من أحسن ما يكون من أنواع الإبريسم، يكسر العين بجماله، فعلى المذهب يجوز، قالوا: لأن بياضه بأصل طبيعته فلم يدخل عليه شيء يزينه.
فنقول لهم: ليس التكحل في العينين كالكَحَلِ، إذا كان حسناً بطبيعته فهو أحسن من الذي حُسِّنَ بما أضيف إليه، فالصواب بلا شك أن الأبيض لا يجوز للمحادة لبسه إذا عُد للزينة، وهو الموافق لقاعدة المذهب السابقة في قولهم: «من الزينة» أما إذا كان من غير الزينة فلا بأس.
مسألة: هذه الأشياء المحرمة كالثياب الجميلة مثلاً لو لبستها، ولبست عليها ثياباً غير جميلة، فهل يحرم لأنها لبست ما كان محظوراً، أو لا يحرم اعتباراً بما يظهر منها؟
الظاهر أن الأول أحوط، صحيح أن هذه الأنواع من الألبسة ما حرمت لذاتها، بل لأنها زينة تدعو إلى جماعها، والمرأة لو لبست شيئاً جميلاً تحت ثيابها، وخرجت للناس بثياب غير جميلة لا تلفت النظر، لكن نقول: الذي ينبغي اجتنابها، حتى ولو كانت تحت الثياب غير الجميلة، وإلا لقائل أن يقول: هذه الثياب ليست محرمة بذاتها، بدليل أنه قد يكون الثوب هذا في زمن من الأزمان ثوب زينة، وفي زمن آخر ثوب بِذلة، يعني إذا كان الناس فقراء تكون ثيابهم الجميلة ثيابَ المتوسطين في أناس أغنى منهم، وكذلك المتوسطون تكون ثيابهم الجميلة بالنسبة للأغنياء والأثرياء ليست ثياب جمال، فبناء على ذلك ما دام أن هذا الثوب لا يحرم على المحادة لذاته، نقول: إنها إذا لبست فوقه ما يستره فإنه لا يحرم عليها، ولكني أقول: إن الأحوط أن تُمنع من ذلك مطلقاً؛ لأنه ربما ينكشف الثوب الأعلى ويتبين الأسفل، وربما يأتي أحد يقتدي بها ولا يدري، فهذا هو الأولى.
فإن قلت: ما الحكمة من هذا التضييق على المرأة في عدة الوفاة؟
قلنا: الحكمة في ذلك هو احترام حق الزوج وعدته، وأنها لا ترغب الأزواج، وتبتعد عن كل شيء يدعو إلى خطبتها؛ حتى لا يطمع أحد في نكاحها وتتعلق بها نفسه في هذه المدة، وليس ذلك بواجب في عدة الحياة؛ لأن زوجها حي، ولو أراد أحد أن يعتدي عليها في عدته ويخطبها لدافع عنها.
تنبيه: اعتاد بعض النساء أن يلبسن الأسود، وأن لا يخرجن إلى فناء البيت، وأن لا يصعدن السطح، ولا يشاهدن القمر ليلة البدر، ولا تكلِّمُ أحداً من الرجال، ولا تتكلم بالهاتف، وإذا قُرع الباب لا تكلم الذي عند الباب، وأشياء ما أنزل الله بها من سلطان، فكل هذه خرافة، ليس لها أصل.

* * *
فَصْلٌ

وَتَجِبُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ فِي الْمَنْزِلِ حَيْثُ وَجَبَتْ، فَإِنْ تَحَوَّلَتْ خَوْفاً، أَوْ قَهْراً، أَوْ بِحَقٍّ، انْتَقَلَتْ حَيْثُ شَاءَتْ، وَلَهَا الْخُرُوجُ لِحَاجَتِهَا نَهَاراً لاَ لَيْلاً، وَإِنْ ترَكَتِ الإِحْدَادَ أَثِمَتْ، وَتَمَّتْ عِدَّتُهَا بِمُضِيِّ زَمَانِهَا.
قوله: «وتجب عدة الوفاة في المنزل حيث وجبت» هذا ـ أيضاً ـ مما يتعلق بالمرأة المحادة، وهو الأمر الخامس مما يلزمها وهو لزوم المنزل.
وقوله: «حيث وجبت» «حيث» ظرف مكان متعلق بمحذوف، حال من المنزل، أي: في المنزل الذي هي نازلة فيه، حيث وجبت العدة.
أو نقول: إنها بدل من قوله: «المنزل» يعني وتجب عدة الوفاة حيث وجبت العدة وهذا أقرب، المهم أنه إذا وجبت عدة الوفاة وهي في منزل وجب عليها أن تعتد فيه، فما تخرج منه.
وتجب عدة الوفاة بموت الزوج، فإذا مات زوجها وهي ساكنة في بيت تكمّل العدة في هذا البيت.
وقوله: «في المنزل حيث وجبت» إذا مات وهي في منزل أهلها، لكن ذهبت إليهم لزيارة لا للسكنى فإنها ترجع إلى بيت زوجها، كذلك لو كان زوجها في المستشفى ومات وهي عنده في المستشفى، فإنها لا تعتد في المستشفى؛ لأنه ليس منزلاً لها، إنما تعتد في المنزل الذي هو سكناها، وكذلك لو مات وهي عند جيرانها مثلاً لزيارة لهم فإنها ترجع إلى بيت الزوج.
فإن مات زوجها وقد سافرت معه، فهل تبقى في البلد الذي كانت فيه أو ترجع إلى بلده الأصلي؟ قال العلماء: إن كانت لم تتجاوز مسافة القصر عادت إلى منزلها الأصلي، وإن تجاوزت القصر خيرت بين أن تبقى في البلد الذي سافرت إليه، أو ترجع إلى بلدها الأصلي.
قوله: «فإن تحولت خوفاً أو قهراً أو بحق انتقلت حيث شاءت» فقوله: «خوفاً» يعني ما أمكنها أن تبقى في المنزل، فتحولت عنه خوفاً على نفسها من أن يسطو عليها أحد لفعل الفاحشة مثلاً، أو لكونها امرأة عندها شيء من الوحشة ـ وهذا يكون، فقد تكون صغيرة تتوحش ـ أو خوفاً على مالها فلها أن تنتقل.
وقوله: «أو قهراً» مثال ذلك: امرأة ساكنة في بيت زوجها، فقيل لها: البيت سيهدم لمصلحة الشارع، فهذا قهر، فتخرج وتسكن حيث شاءت، ولو فرض أنها حُوِّلت قهراً إلى بلد، بأن قالت الدولة: بيتكم سيهدم، ولكن خذوا هذا البيت بدله، فهل يلزمها أن تتحول إلى البيت الجديد؟ في ظني أنه يجب أن تنتقل إلى هذا البيت فهذا ليس كالأول؛ لأن هذا جعل بدلاً عن هذا، فهذه لو قيل: إنه يجب أن تتحول إليه، لكان له وجه.
وقوله: «أو بحق» مثال ذلك: البيت مستأجر لمدة سنة، تمت السنة في أثناء العدة، وقد مضى منها شهران، وبقي شهران وعشرة أيام، قال صاحب البيت: الإجارة تمت، اخرجوا عن البيت، فهنا تحولت بحق؛ وذلك لأن الوجوب يتعلق بعين المكان، وقد تعذر سكناه، فتعتد حيث شاءت.
قوله: «انتقلت حيث شاءت» وقال بعض العلماء: تنتقل إلى أقرب مكان آمن من بيتها، ولكن الصحيح المذهب في هذا أنها تنتقل حيث شاءت، فمثلاً لزوجها بيتان، بيت هي ساكنته، وبيت آخر ساكنته زوجة أخرى، والزوجة الأولى تخاف على نفسها، فهل نقول: يجب أن تنتقل إلى البيت القريب، أو لها أن تنتقل عند أهلها ولو كانوا بعيدين؟ نقول: لها أن تنتقل إلى بيت أهلها ولو كانوا بعيدين؛ لأنه لما تعذر المكان الأصلي سقط الوجوب، والوجوب معلق بنفس البيت الذي مات وهي ساكنة فيه، فلما تعذر ولم يمكن سكناه قلنا: تعتد حيث شاءت، مثل ما لو أن أحداً قطعت يده من المرفق، فإذا أراد أن يتوضأ لا نقول له: اغسل العضد بدلاً عن المرفق؛ لأن مكان الوجوب زال، ومثل ما لو أن أحداً أصلع ليس له شعر اعتمر أو حج، والحج والعمرة يجب فيهما الحلق أو التقصير، فما نقول له: احلق؛ لأنه ما له شعر، وليس عليه أن يُمر الموسى على رأسه، كما قاله بعض العلماء؛ فإن هذا عبث، وهذا القول مثل ما قالوا: إن الأخرس في الصلاة يحرك شفتيه ولسانه، وهذا عبث، والحاصل أن الصحيح المذهب في هذه المسألة.
قوله: «ولها الخروج لحاجتها نهاراً لا ليلاً» الانتقال من المنزل لا يجوز، لكن الخروج مع البقاء في المنزل، هل يجوز أو لا؟
نقول: هذا لا يخلو من ثلاث حالات: إما أن يكون لضرورة، أو لحاجة، أو لغير ضرورة ولا حاجة.
الحال الأولى: إذا كان لغير ضرورة ولا حاجة، فإنه لا يجوز، مثل لو قالت: أريد أن أخرج للنزهة، أو للعمرة، فإنه لا يجوز؛ لأنه ليس لحاجة ولا لضرورة.
الحال الثانية : أن يكون الخروج من البيت للضرورة، فهذا جائز ليلاً ونهاراً، مثلاً حصل مطر، وخشيت على نفسها أن يسقط البيت فإنها تخرج للضرورة، لكن إذا وقف المطر وصُلِّح البيت ترجع، ومثل ذلك لو شبت نار في البيت.
الحال الثالثة : أن يكون لحاجة، مثل لو ذهبت تشتري مثلاً عصيراً؛ أو تشتري شاياً، ومنها أن تكون مدرِّسة فتخرج للتدريس في النهار، ومنها أن تكون دارسة فتخرج للدراسة في النهار لا في الليل، ومنها أنها إذا ضاق صدرها فإنها تخرج إلى جارتها في البيت لتستأنس بها في النهار فقط؛ لأن أزمة ضيق الصدر قد تتطور إلى مرض نفسي، ومنها أن تخرج لتزور أباها المريض، فهي حاجة من جهة الأب، ومن جهتها هي، أما هي فستكون قلقة؛ حيث لم ترَ بعينها حال أبيها، وأما أبوها فإن قلب الوالد يحن إلى ولده، فنقول: لا بأس أن تخرج لتعود أباها إذا مرض، أو أمها، أو أحداً من أقاربها، فلها أن تخرج نهاراً لا ليلاً؛ ووجه التفريق بين الليل والنهار أن الناس في النهار في الخارج والأمن عليها أكثر، وبالليل الناس مختفون والخوف عليها أشد.
قوله: «وإن تركت الإحداد أثمت» يعني إن تركت ما يلزمها من الإحداد، مثل أن تتطيب، أو تتحسن، أو تلبس الحلي، أو الزينة، فإنها تأثم؛ لأنها تركت الواجب.
وقوله: «أثمت» أي: استحقت ذلك، ولا يلزم أن يصيبها الإثم كتعبير بعضهم الواجب ما أثيب فاعله وعوقب تاركه، يريدون بذلك أنه استحق أن يعاقب، ولكن ليس بلازم؛ لجواز أن يعفو الله عنه؛ لأن الله يقول: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48].
وهل لهذا الإثم من دواء؟ نعم دواؤه التوبة إلى الله عزّ وجل، أن تندم على ما مضى، وأن تعزم على أن لا تعود في المستقبل.
قوله: «وتمت عدتها بمضي زمانها» لأن الإحداد ليس بشرط لها، وإنما هو واجب، ولهذا لو أنها تركت الإحداد فإنها تنتهي العدة إذا مضى زمانها.


[186]سبق تخريجه ص(394).
[187]سبق تخريجه ص(394).
[188]أخرجه البخاري في الطلاق/ باب تحد المتوفى عنها أربعة أشهر وعشراً (5336)، ومسلم في الطلاق/ باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة... (1488) عن أم سلمة رضي الله عنها.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أحكام, الإحداد

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:49 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir