دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 ذو الحجة 1437هـ/24-09-2016م, 07:06 PM
سها حطب سها حطب غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 447
افتراضي تطبيقات على درس الأسلوب الاستنتاجي

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)}

يأمر تعالى عباده المؤمنين بالحضور لصلاة الجمعة والمبادرة إليها، من حين ينادى لها والسعي إليها.
والمراد بالسعي هنا: المبادرة إليها والاهتمام لها، وجعلها أهم الأشغال، لا العدو الذي قد نهي عنه عند المضي إلى الصلاة.


فإن قيل ما مناسبة هذه الآيات لما قبلها ؟ فلذلك وجوه:
منها:أن الذين هادوا يفرون من الموت لمتاع الدنيا وطيباتها والذين آمنوا يبيعون ويشرون لمتاع الدنيا وطيباتها كذلك، فنبههم الله تعالى بقوله: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} أي إلى ما ينفعكم في لآخرة، وهو حضور الجمعة، لأن الدنيا ومتاعها فانية والآخرة وما فيها باقية، قال تعالى: {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى} [الأعلى: 17]
ومنها: أن اللَّه تعالى قد أبطل الله قول اليهود في ثلاث، افتخروا بأنهم أولياء الله وأحباؤه، فكذبهم بقوله: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} [الجمعة: 6] وبأنهم أهل الكتاب، والعرب لا كتاب لهم، فشبههم بالحمار يحمل أسفارا، وبالسبت وليس للمسلمين مثله فشرع الله تعالى لهم الجمعة.


وقوله: {وَذَرُوا الْبَيْعَ} أي: اتركوا البيع، إذا نودي للصلاة، وامضوا إليها.
فإن {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} من اشتغالكم بالبيع، وتفويتكم الصلاة الفريضة، التي هي من آكد الفروض.


وقد يسأل سائل : لم خُص البيع من جميع الأفعال؟
فنقول: لأنه من أهم ما يشتغل به المرء في النهار من أسباب المعاش، وفيه إشارة إلى ترك التجارة، ولأن البيع والشراء في الأسواق غالبا، والغفلة على أهل السوق أغلب، فقوله: {وَذَرُوا الْبَيْعَ} تنبيه للغافلين، فالبيع أولى بالذكر ولم يحرم لعينه، ولكن لما فيه من الذهول عن الواجب.

ويستفاد من الآية عدة فوائد:
منها: مشروعية النداء ليوم الجمعة، والأمر به.
ومنها: أن الجمعة فريضة على جميع المؤمنين، يجب عليهم السعي لها، والمبادرة والاهتمام بشأنها.
ومنها: أن الخطبتين يوم الجمعة، فريضتان يجب حضورهما، لأنه فسر الذكر هنا بالخطبتين، فأمر الله بالمضي إليه والسعي له.
ومنها: النهى عن البيع والشراء، بعد نداء الجمعة، وتحريم ذلك، وما ذاك إلا لأنه يفوت الواجب ويشغل عنه، فدل ذلك على أن كل أمر ولو كان مباحًا في الأصل، إذا كان ينشأ عنه تفويت واجب، فإنه لا يجوز في تلك الحال.
ومنها: أنه ينبغي للعبد المقبل على عبادة الله، وقت دواعي النفس لحضور اللهو والشهوات، أن يذكرها بما عند الله من الخيرات، وما لمؤثر رضاه على هواه.



-------------
التفاسير المعتمدة:
التفسير الكبير للرازي
تفسير القرآن العظيم لابن كثير
تيسير الرحمن في تفسير القرآن للسعدي

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23 ذو الحجة 1437هـ/25-09-2016م, 02:51 AM
الصورة الرمزية أم أسامة بنت يوسف
أم أسامة بنت يوسف أم أسامة بنت يوسف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
المشاركات: 613
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة في تفسير قوله تعالى:
{ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا }

فإن في هاتين الآيتين الكريمتين بيان لسعة رحمة الله وواسع فضله، وربوبيته لخلقه وتدبيره لشؤونهم، وفيها من بيان فضيلة الخلق الحسن في الإسلام ومفاهيمه صور متعددة، وبيان عظم حق الوالدين ومنزلتهما، وهذا جهد مقل في استنباط ما تيسر، وهي على فئتين، فوائد عامة، وفوائد في باب البر، وأحسب أنه لو كانت بضاعتي في اللغة حسنة لتفتح لي أضعاف هذا، فاللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.
أما الفوائد العامة:
فمنها: أن الله تعالى أمر بالوفاء، ويحب أهله.
ومنها: أن الله تعالى رحيم أمر بالرحمة ويحب من عباده الرحماء.
ومنها: أن الله تعالى كريم، ومما يتجلى فيه كرم الله تعالى بعباده بسطه لبيان حال العبد مع والديه، وكرمه بالوالدين وحسن جزائهما على ما بذلا في الدنيا قبل الآخرة.
ومنها: سعة رحمة الله تعالى ولطفه، وذلك برعايته لحقوق الآباء وحث الأبناء على حفظها، وبيانه لذلك بالنهي عن أصغر الأفعال والأقوال الذميمة في حقهما.
ومنها: بلاغة القرآن وسعة دلالات ألفاظه، وذلك من اختلاف اللغويين في معنى {من} و {كما} و {جناح الذل} وعلى كل معنى أوردوه تتفتح معانٍ وآفاق.
ومنها: منزلة عمل القلب في الإسلام، وأثره على الجوارح.
ومنها: أن من كريم الخُلُق أداء المعروف لأهله وحفظه لهم ومكافأتهم عليه {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}، وفي الحديث: (مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ) رواه أبو داوود وصححه الألباني.
ومنها: أن كل من له جهد في تربية العبد وتوجيهه، له نصيب من الأمر ببره وحسن صحبته، قال السعدي: (وكذلك من تولى تربية الإنسان في دينه ودنياه تربية صالحة غير الأبوين فإن له على من رباه حق التربية)

ومنها: أن العبد إذا أراد اكتساب فضيلة يجاهد نفسه عليها ويتصنعها حتى تكون حقيقة كقوله صلى الله عليه وسلم "إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم.." رواه الطبراني وحسنه الألباني، وقوله: "فإن لم تبكوا فتباكوا" رواه ابن ماجه وضعفه الألباني، وها هنا قوله تعالى: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة}.
ومنها: أن الداعية يبدأ بنفسه، فيمتثل الأمر ويكون قدوة حسنة للمدعوين داعية بلسان حاله قبل لسان قوله، وهذا من طبيعة أن الخطاب في الآية للنبي صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن والديه لم يكونا حيين وقت نزول هذه الآيات.

ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم مخاطب بالأمر كما الأمة، وهذا ينفي نفيا قاطعا حجة الصوفية وأشباههم في ما يسمونه بالوصول وبلوغ درجة اليقين ورفع التكاليف، فلو أن أحدا يبلغها وترفع عنه التكاليف لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الناس بها والله تعالى أعلم.
ومنها: أن قضاء الله على معان، والمراد به ها هنا الأمر والوصية والإلزام، ومن معانيه: الخلق، والحكم والفراغ والإرادة، وقد أوردها القرطبي رحمه الله بأدلتها في هذا الموضع من التفسير.

وأما المتعلقة بر الوالدين:
ف
منها:
أن العبد مأمور بحب والديه وإكرامهما والإحسان إليهما، ومجاهدة نفسه على محبتهما وتنمية ذلك.

ومنها: أن مما يعين على بر الوالدين والإحسان إليهما تذكر فضلهما وما بذلاه في تربية الابن وتغذيته.
ومنها: أن حق الوالدين في الكبر آكد وأعظم، فلا ينقضي البر بزواج ولا غيره.
ومنها:
أن الوالدين عموما وفي كبرهما خصوصا، أحوج ما يكونان للرحمة واللطف والرفق، وهذا مفاد من قول من اختار أن {من} في الآية للتعليل.
ومنها: أن مما يعين على بر الوالدين والإحسان إليهما تذكر فضلهما وما بذلاه في تربية الابن وتغذيته.
ومنها: أن العبد مأمور بالإحسان إلى والديه في حضورهما وفي غيبتهما، في حياتهما وبعد مماتهما، قال ابن عاشور: (.. وتنبيها على أن التخلق بمحبة الولد الخير لأبويه يدفعه إلى معاملته إياهما به فيما يعلمانه وفيما يخفى عنهما حتى فيما يصل إليهما بعد مماتهما)
ومنها: أن الإحسان يتأكد ويكون أولى كلما كان الطرف الأخر قدم لك وأكرمك، وذلك من قوله: {كما ربياني صغيرا}.
ومنها: أنه مهما بذل المرء في بر والديه يعلم أنه مقصر وأنه لن يوفيهما حقهما، فأمر بالدعاء لهما وطلب ما لا يملكه زيادة في الوفاء والإحسان، وقد أشارت الآية لهذا المعنى من نواحي ظهر لي منها ناحيتين: الأولى: من اختار في معنى كما ربياني (رحمة مثل تربيتهما لي). والثانية: بختم المناهي والأوامر بالدعاء لهما وسؤال الله لهما من الخير والرحمة ما ليس في يد العبد.
ومنها: أن الدعاء للوالدين يرجى إجابته، وذلك أنه امتثال للأمر، فيحسن بالعبد الإكثار منه لهما حيين كانا أو مييتين وبالأخص في حال ضعفهما ومرضهما يتذكر أن دعائه لهما محل إجابة إن شاء الله تعالى قال ابن عاشور رحمه الله: (وفي الآية إيماء إلى أن الدعاء لهما مستجاب لأن الله أذن فيه، والحديث المذكور مؤيد ذلك إذ جعل دعاء الولد عملا لأبويه).
ومنها: أن العبد يسبغ بره بالذلة والتواضع، لا المنة والكبر.
ومنها: أن من البر خفض جناح الذل رحمة ومحبا لا عجزا وضعفا، وهذا مستفاد من قول من اختار أن {من} في الآية لبيان الجنس، قال ابن تيمية رحمه الله: (فهو جناح ذل من الرحمة لا جناح ذل من العجز والضعف، إذ الأول محمود والثاني مذموم).
ومنها: أن على العبد سلوك مسلك الذلة والانخفاض والتواضع مع والديه قلبا وقولا وحالا، حتى في أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ويكف عنه إذا كرهها، وهذا من الصورة البديعة التي ذكرها الله عز وجل كأن جانبي الإنسان جناحين فإذا خفض جانبا كأنه أسفل قدميهما مهما ارتفع بجانبه الآخر يبقى أسفلهما.
ومنها: أنه كلما كان الوالدين أكثر صلاحا وبذلا في تربية الابن، يكون حقهما عليه أعظم وأوجب {كما ربياني} قال السعدي: (وفهم من هذا أنه كلما ازدادت التربية ازداد الحق)
ومنها: تنبيه العبد على أن لا ينشغل عنهما وعن حاجاتهما ومؤانستهما {عندك}.
ومنها: أن من البر إسكان الوالدين في بيت المرء نفسه، وذلك أدعى لخدمتهما وبرهما وحسن صحبتهما وذلك من قوله: {عندك} كذا قال القفال: (أن الطائر إذا أراد ضم فراخه إليه للتربية خفض لها جناحه ، فلهذا صار خفض الجناح كناية عن حسن التدبير ، فكأنه قال للولد : أكفل والديك بأن تضمهما إلى نفسك كما فعلا ذلك بك في حال صغرك).
ومنها: أن كل فعل وقول حسن مع الوالدين مهما كان صغيرا بسيطا؛ عظيم عند الله ومن أرفع الطاعات وأجلها، وكذا العكس وهذا مستفاد من عدة مواضع: منها نهي الله تعالى عن أصغر كلمة سوء في حقهما، كما قيل: (لو في اللغة أصغر من كلمة أف لذكرها الله عز وجل) وأمره بعموم الإحسان وأمره بعموم القول الكريم وأمره بعموم التواضع والسكون معهما.
ومنها: عظم منزلة الوالدين، وهذا مؤكد في نصوص كثيرة، لكن نأخذها من هذه الآية من عدة جوانب:
أولها: جعل الإحسان إليهما ثاني أمر بعد التوحيد.
ثانيها: التفصيل في بيان كيفية الإحسان، رغم ورود كثير من الأوامر في كتاب الله مجملة، والتفصيل هنا ببيان أصغر المناهي اللفظية مع أصغر المناهي العملية، ثم الأمر بكيفية الإحسان القولي وكيفية الإحسان الفعلي، بل وكيفية الحالة القلبية والشعورية للبار في بره.
ثالثها: تخصيص التواضع معهما وخفض الجناح بالذلة، وقد ورد خفض الجناح منفردا والذلة منفردة ولم يقرنا إلا في حق الوالدين، فأمر النبي بخفض الجناح للمؤمنين، وأمر المؤمنين بالذلة لبعضهم، وأمر العبد هاهنا بخفض الجناح والذلة معا وهذا لعظم حقهما.
رابعها: الأمر ببذل كل ما في وسع العبد في البر، حتى فيما ليس في وسعه وذلك بسؤاله من الله لهما، قال ابن عاشور: (ثم أمر بالدعاء لهما برحمة الله إياهما وهي الرحمة التي لا يستطيع الولد إيصالها إلى أبويه إلا بالابتهال إلى الله تعالى).

اللهم أعنّا على بر والدينا وحسن صحبتهما، وارزقنا خفض جناح الذل لهما، واغفر لنا وارحمنا، رب ارحمهما كما ربياني صغيرا، والحمد لله حمدا كثيرا، وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 ذو الحجة 1437هـ/25-09-2016م, 05:57 AM
ضحى الحقيل ضحى الحقيل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 666
افتراضي

قال تعالى في سورة الأحقاف :
{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16)}

الحمد لله الذي له المحامد كلها، على كرمه وعلمه، وعلى عفوه وحلمه، وعلى هدايته وتوفيقه، والصلاة والسلام على خير عباده، وصفوة أوليائه، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه أما بعد:
فهذه جملة فوائد مستنبطة من هذه الآيات الكريمات:

- قيل بأن هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ! أَسْلَمَ أَبَوَاهُ جَمِيعًا وَلَمْ يَجْتَمِعْ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ أَنْ أَسْلَمَ أَبَوَاهُ غَيْرُهُ، فَأَوْصَاهُ اللَّهُ بِهِمَا وَلَزِمَ ذَلِكَ مَنْ بَعْدَهُ، ذكره القرطبي
- بعد أن ذكر في سابق الآيات توحيده سبحانه وإخلاص العبادة له والاستقامة في العمل- أردف هذا الوصية بالوالدين، وقد جاء هذا في غير موضع من القرآن الكريم كقوله: «وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً» وقوله:«أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ»، ذكره ابن كثير والمراغي.

(حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا)
- لطف الله تعالى بعباده، حيث وصى الأولاد بالإحسان لوالديهم بكل وجوه الإحسان، مع ذكر السبب الموجب لبر الوالدة وهو ثقل الحمل وطول مدته ومدة الرضاع، ذكره السعدي.
- بر الوالدين من سمات هذه الأمة ومن أجلى مظاهرها، ذكره ابن عاشور.
- يستدل بهذه الآية مع التي في لقمان (وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ) وقوله تبارك وتعالى (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، ذكره القرطبي، وابن كثير، والسعدي

(حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ)
- بلغ أشده أي: نهاية قوته وشبابه وكمال عقله، ورجح الطبري في تفسيره أن بلوغ الأشد هو لعمر ثلاث وثلاثون، محصلة ما ذكره الطبري، والسعدي.
- إنما خص هذا العمر لأنه زمن ينشغل فيه الإنسان بسعيه لرزقه، وبزوجه وأولاده، وتكثر فيه تكاليفه، فيكون ذلك مظنة انشغاله عن بر والديه، ذكره ابن عاشور.

(وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً)
- الآية تدل على أن بلوغ الأربعين، يعقب بلوغ الأشد، ذكره الشوكاني.
- قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ نَبِيًّا قَطُّ إِلَّا بَعْدَ أَرْبَعِينَ سَنَة، ذكره الشوكاني.
- خص سن الأربعين لأنه العمر الذي، تمضي فيه جهالة الشباب، وتكتمل حجة الله على عبده، ويدرك فيه حق والديه، وقد مضى من عمله ما مضى، ذكره الطبري.

(قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي)
(أَوْزِعْنِي) أي: ألهمني ووفقني، دعاء يستعين به على ما سيذكر من أعمال في غاية الأهمية.

(أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ )
- يشمل نعم الدين ونعم الدنيا، ذكره السعدي.
- الشكر يكون ب: بصرف النعم في طاعة الله، ومقابلته منته بالاعتراف، والعجز عن الشكر، والاجتهاد في الثناء بها على الله، ذكره السعدي.

(وَعَلَى وَالِدَيَّ)
- النعم على الوالدين نعم على أولادهم وذريتهم، لأنهم لا بد أن ينالهم منها ومن أسبابها وآثارها، خصوصا نعم الدين فإن صلاح الوالدين بالعلم والعمل من أعظم الأسباب لصلاح أولادهم، ذكره السعدي
- دعاء الولد لوالديه موعود بالإجابة، لقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم : «إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ، وَعِلْمٌ بَثَّهُ فِي صُدُورِ الرِّجَالِ، وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ بِخَيْرٍ»، ذكره ابن عاشور.
- شكر الولد لربه، من جملة العمل الذي يؤديه الولد عن والديه، وينوب عنهما فيه، ذكره ابن عاشور.
- أن الولد أمر بألا ينشغل بالداعاء لنفسه عن والديه، وبأن يحسن لهما بظهر الغيب، ومن باب أولى أن يحسن لهما في الظاهر، ذكره ابن عاشور.

(وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ)
- العمل الصالح هو الذي يجتمع ففيه الإخلاص والمتابعة، ذكره السعدي

(وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي)
- بعد أن دعا لنفسه بالصلاح دعا لذريته، ودل قوله { لي } على أن صلاح الأبناء يعود نفعه على والديهم، ذكره السعدي
- بعد أن دعا للوالدين أمر بألا يغفل عن مستقبله وأن يعتني بذريته، ليكون له من إحسان ذريته مثل ما كان منه لأبويه، وفي هذا إشارة إلى أن المرء يلقى من إحسان ذريته مثل ما لقي أبواه منه، ذكره ابن عاشور.
- صلاح الذرية يشمل إلهامهم الدعاء للوالد، ذكره ابن عاشور.
- قوله { في ذريتي} يفيد أن ذرية نزلت منزلة الظرف يستقر فيه الإصلاح ويحتوي عليه، وهو يعني تمكن الإصلاح من الذرية وتغلغله فيهم، ذكره ابن عاشور.
- قَالَ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ: اشْتَكَى أَبُو مَعْشَرٍ ابْنَهُ إِلَى طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، فَقَالَ: اسْتَعِنْ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْآيَةِ، ذكره القرطبي.

(إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ)
- فِيهِ إِرْشَادٌ لِمَنْ بَلَغَ الْأَرْبَعِينَ أَنْ يُجَدِّدَ التَّوْبَةَ وَالْإِنَابَةَ إِلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَيَعْزِمُ عَلَيْهَا، ابن كثير.
- وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ بَلَغَ عُمْرُهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَنْ يَسْتَكْثِرَ مِنْ هَذِهِ الدَّعَوَاتِ،

{أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16)}

- جزاء عظيم مبارك لمن اتصف بالصفات المذكورة في الآية السابقة: قبول أحسن العمل، والتجاوز عن السيئات، ودخول الجنة ، وأي فضل أعظم.
والحمد لله رب العالمين

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23 ذو الحجة 1437هـ/25-09-2016م, 06:55 AM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

تأملات في آيات ثواب المتقين الواردة في سورة النبأ وذكر فوائد مستنبطة منها : (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا (34) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35) جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36)) النبأ

1- لما ذكر الله مآل الكافرين ووصف عذابهم في الآخرة ، عرج على ذكر مآل المتقين ووصفه (إن للمتقين مفازا) ، فيكون بذلك قد جمع بين أسلوبي الترغيب والترهيب ، وهذا الأسلوب يستنبط منه الأسلوب الدعوي ، فلا بد من الجمع بين ترغيب الناس وترهيبهم كي يحدث التوازن والوسطية فلا ميل لأسلوب دون الآخر.
2- حدد الله وصف أهل الجنة بقوله (المتقين) والمقصود بالمتقين: أي: هم الذينَ اتقوا سخطَ ربهمْ، بالتمسكِ بطاعتهِ، والانكفافِ عمَّا يكرهه، كما ذكره السعدي ، وهذا الوصف دقيق ورغم أنها مفردة إلا أنها تختصر الكثير من أوصاف أهل الجنة ، فبالتمسك بالتقوى يصل المرء لهذا المآل ، والتقوى ليست بالأمر اليسير فهي عبارة شاملة متكاملة، وتخصيص أهل الجنة بهذا الوصف يدل على أهميته وأهمية التمسك به.
3- نعيم أهل الجنة عظيم ، ويدل على عظمته افتتاح وصف نعيمهم بقوله (إن للمتقين مفازا) وهذا يستنبط منه عدة أمور: أولا: التوكيد بإن يفيد توكيد هذا النعيم. وثانيا: تقديم مفردة المتقين فيها إكرام لهم وتقديم لذكرهم وتخصيص لهم . ثالثا: تنكير مفردة مفاز يدل على العظمة والفخامة . رابعا: ما يدل عليه مفردة مفاز وقد اختلف العلماء على معناها واختلافهم قد يكون اختلاف تنوع كما أن اختلافهم بتعريفها يدل على احتمالية استحقاق المؤمن لكل ما أوردوه في معناها وهو كالتالي: القول الأول: فوز ونجاة من النار . قاله مجاهد وقتادة . وذكره ابن كثير والسعدي والأشقر
القول الثاني: متنزها . قاله ابن عباس والضحاك وذكره ابن كثير ورجحه ، لأنه ذكر بعدها (حدائق) فدلت على أن المقصود هو متنزها.
4- ذكر الله لنعيم أهل الجنة بأن لهم (حدائق) وهي جمع كما أنها منكرة مما قد يشعرك بعظم هذه الحدائق وكثرتها وجمالها ، والحدائق: هيَ البساتينُ الجامعةُ لأصنافِ الأشجارِ والنخيل وغيرها . حاصل ما ذكره ابن كثير والسعدي
5-تخصيص الأعناب بالذكر يدل ذلك على شرفه وكثرته كما ذكره السعدي ، وتخصيص العنب بالذكر يدل على أن في العنب من المواصفات ما لا يوجد في غيره من الفاكهة.
6- قوله تعالى:(وكواعب أترابا) فيه فوائد كثيرة مبنية على المراد بالآية وقد ورد في تفسيرها أقوال:
القول الأول: الحور . ذكره ابن كثير .
القول الثاني: زوجات على ما تطلبه النفوس . ذكره السعدي.
القول الثالث: نساء كواعب . ذكره الأشقر.
ولا تعارض فيما ذكره المفسرون جميعا
ومعنى كواعب: نواهد، يعنون أن ثديّهنّ نواهد لم يتدلّين ولم يتكسرن . حاصل ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر
وذكر مفردة كواعب يستنبط منها صغر سنهن وأنهن في سن الشباب وهو السن المطلوب للزواج ، وذلك للترغيب فيهن ضمن نعيم الجنة.
ومعنى أترابا:متساويات في السن. حاصل ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر
وسبب التساوي والله أعلم كي لا يكون هنالك تفاوت بينهن فجميعهن في سن واحدة وهي سن الشباب، وقد ورد أنه سن الثلاث والثلاثين ، مما يستنبط منه أنه أعدل سن الشباب . كما ذكر ذلك السعدي ، وهو أفضل أسنان المرء وأكثرها اعتدالا وتوازنا واكتمالا للشباب، ويستنبط من ذلك أيضا أن كل أهل الجنة شباب فلا مكان فيها للشيخوخة والهرم ، وهذا من كمال نعيمها.
7-قوله تعالى:(وكأسا دهاقا):
أولا معنى دهاقا: فيه أقوال:
القول الأول :قال مجاهدٌ والحسن وقتادة وابن زيدٍ:الملأى المترعة. وقال مجاهدٌ وسعيد بن جبيرٍ: المتتابعة .وهذاحاصل ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر
القول الثاني: صافية . قاله عكرمة وذكره ابن كثير
وبناء على الأوصاف التي ذكرت يبين لك مدى هذا النعيم ، فإذا كان هذا وصف الكأس فكيف ببقية نعيم الجنة؟ وإذا كان الله قد وصف الكأس بمثل هذه الأوصاف الدقيقة وهو كأس فما بالك بالنعم الكبرى كحال أهل الجنة وما هم فيه من نعيم!
8- أورد المفسرين في وصف ما ملئ به الكأس عدة أوصاف ، وهذه الأوصاف كلها دالة على النعيم ومدى تنوعه:
القول الأول: من رحيق لذة للشاربين، ذكره السعدي. وكون الكأس ملئ بهذا الرحيق فهذا نعيم عظيم يدل على الترف الذي يعيشه أهل الجنة حيث أن الرحيق من دلالات النعيم ، وكون الكأس يملأ به فهذه دلالة أكبر على مدى هذا النعيم وعدم الخوف من انقطاعه.
القول الثاني: ملئت خمرا، ذكره الأشقر. وبناء على القول الثاني فإنه يفيد أن أهل الجنة يكرمون بما حرموا منه في الدنيا وهو الخمر ، ويستنبط من ذلك أن ما يحرم منه المرء في الدنيا يلقاه في الآخرة لقاء طاعته ، بل ويلقاه أحسن من الدنيا فلا يصدع المرء من هذا الخمر ولا يصيبه السكر كما ورد في آيات أخر.
9- يستنبط من قوله تعالى:(لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا) عدة استنباطات ولكن قبل ذكرها نفسر معنى اللغو ، فاللغو كما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر: الكلامٌ الباطل العارٍ عن الفائدة .
ومعنى كذابا: الإثم ولا يكذب بعضهم بعضا .
فالوصف الذي وصفت به مجالس أهل الجنة خال مما يكثر وجوده في مجالس الدنيا وهو مما ينغص على أهل الدنيا مجالسهم ويفسدها ، وهذا من الرغد الذي يعيشه أهل الجنة، فكأنهم لما تجنبوا اللغو والكذب في الدنيا عوضهم الله بمجالس في الآخرة خالية من ذلك ، فمجالسهم صافية لا يشوبها اللغو والنقص، فالمجالس من أهم النعيم لذا تحدث الله عنها في هذه الآيات ووصفها بما لا يخلو منه عادة مجالس الدنيا وهو اللغو والكذب ونحوه.
10- في قوله تعالى: (جزاء من ربك عطاء حسابا) يتبين لنا أمر مهم جدا ، وفائدة دقيقة ولطيفة نستنتجها من هذه الآية ، في هذه الآية يؤكد سبحانه أن دخول أهل الجنة الجنة بفضل الله ورحمته (عطاء) ، كما ذكر ذلك ابن كثير والسعدي ، وتقديم مفردة (عطاء) على (حسابا) فيه دلالة واضحة على أن دخول المؤمن الجنة عطاء وفضل رباني بحت وليس لعمله ، لأنه مهما عمل فلن يصل لمرحلة كمال الشكر لله على نعمه ، بل إن عمله من فضل الله ! فكيف إذن سيشكره حق الشكر؟ لذا فاستشعار أن دخول الجنة يكون برحمة الله واجب يجب على المؤمن دوما تذكره واستحضاره كي لا يناله العجب ، فمهما عمل المرء من عمل فإنه لا يضمن دخول الجنة إلا برحمة الله ، ثم أورد تعالى مفردة (حسابا) كي لا يكون للناس مدخل من خلال هذه الآية إلى الكسل وعدم العمل مبررين ذلك بأن دخول الجنة برحمة الله فلم العمل؟! فكأن الله يقول نعم تدخلون الجنة برحمة الله لكن استحقاق الرحمة يكون بالإيمان والعمل الصالح الذي تحاسبون عليه ، كما أن الأعمال تحدد منزلة المؤمن ومدى النعيم الذي هو فيه ، فالذي يقوم بالفرائض فقط ليس كمن يقوم بها مع النوافل وهذا من عدل الله ، فدخول الجنة مبني على رحمة الله ، والتفاوت في منازلها مبني على عدله.

رزقنا الله دخول الجنة برحمته ، ورزقنا نعيمها بفضله ومنته ، والحمدلله رب العالمين.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 24 ذو الحجة 1437هـ/26-09-2016م, 04:46 PM
منيرة خليفة أبوعنقة منيرة خليفة أبوعنقة غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 618
افتراضي

لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) النور


كانوا يقولون : يا محمد ، يا أبا القاسم ، فنهاهم الله عز وجل فقالوا : يا رسول الله ، يا نبي الله
ومعنى الاية لا تتسمعوه إذا دعوتموه يا محمد او يا ابن عبد الله بل شرفوه يانبي الله او يارسول الله فلا يتساوى في نداءه كما هو في نداء بعضكم لبعض لعلو مكانته ونبوته كما قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا ) [ البقرة : 104 ] ، وقال ( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ) إلى قوله : ( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم ) [ الحجرات : 2 - 5 ] فمن باب الأدب مناداته بصوت منخفض وباسم مرموق يليق بمكانته
وقيل في معنى الآية لا تعتقدوا دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم على غيره كدعاء غيره فدعاءه
وقوله ( قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا ..) لاذ بعضهم ببعض ، حتى يتغيبوا عنه ، فلا يراهم . ومعناه كانوا يتأذنون الخروج من الجمعة بالاشارة لان الكلام يبطل جمعته فيتسللون لواذا اي من الصف .

ومما يستخرج بتدبر الآية:

أنه إذا وُجدت الفتنة فلأن أمراً من أوامر الله مفقود، أو نهياً من نواهيه موجود (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة) [ عبد العزيز الطريفي]

وأن مخالفة أمر الله إعراضا…سبب للفتنة والعذاب{فليحذر الذين يخالفون(عن) أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.

وان العمل الجماعي المنظم هدي رباني ، وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه

وتعظيم السنة النبوية هو سبيل النجاة من الكفر والعذاب الأليم.

قوله(فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة!) مخالفة واحدة قد تودي بحياتك،فتكون مفتونا بعدها!

و من الناحية الأصولية : هذه الآية من أقوى الأدلة في كون الأمر المجرد من الصوارف أنه للوجوب .

ان المخالفة تتعدى: يخالفون أمرهلكن المعنى يخالفون معرضين عن أمره فضمنت المخالفة معنى الإعراض.

فليحذر الذين يخالفون عن أمره.. لم يقل يخالفون أمره أي يخرجون عن أمره وطاعته فالفعل مضمن معنى الخروج

تفسير ابن كثير ، موقع حصاد التدبر _جمع أقوال علماء معاصرون..

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29 ذو الحجة 1437هـ/1-10-2016م, 11:10 PM
سارة المشري سارة المشري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 544
افتراضي

قال تعالى :( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) .

بالنظر إلى تفسير هذه الآية يمكننا استخلاص عدة فوائد منها :
- معنى الولي في اللغة : فعيل من ولي الشيء إذا جاوره ولزمه، فإذا لازم أحد أحدا بنصره ووده واهتباله فهو وليه ، ذكره ابن عطية .
- أن ولاية الله تعالى للعبد قسمان :
1- ولاية عامة مطلقة : فهو المتولي لأمور خلقه جميعاً ، المدبر لهم .
2- ولاية خاصة : وهي ولايته للمؤمنين بالقرب ، والنصرة ، والهداية والتوفيق ، وهي المقصودة في الآية .
- إلهك الذي تعبد هو الذي يتولاك ، فمن كان يعبد الله فالله وليه ، ومن كان يعبد غير الله فوليه مايعبده .
- ولاية الله تعالى نور ونصرة ، أما ولاية الطاغوت فهي ظلمة واستدراج وهلاك عن طريق تزيين الجهالات والضلالات والحيد بهم عن طريق الحق إلى الكفر وعن السعادة إلى الشقاء .
- كل المؤمنين وليهم واحد وهو الله ،لأن معبودهم واحد ، أما غيرهم فأولياؤهم طواغيت متعددة .
-الإيمان والهداية بتوفيق الله تعالى لمن يشاء من عباده يوفقه للنظر في الأدلة ويشرح صدره للإيمان ، وهذه هي الولاية الخاصة .
- المؤمنون كلما عرضت لهم شبهة لاح لهم بسلطان الولاية الإلهية على قلوبهم شعاع من نور الحق يطرد ظلمتها فيخرجون منها ( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ) .
- وجوب التفرقة بين ولاية الله للمؤمنين وولايتهم له وولاية بعضهم لبعض ، فإن الجاهلين لا يميزون بين الولايتين ، فيجعلون لبعض المؤمنين من الولاية ما هو لله - تعالى - وحده ، وذلك شرك في التوحيد خفي عند الجاهل ، جلي عند العالم .
- معنى كون المؤمن وليا للمؤمن ، أي أنه عون له ونصير في الحق الذي يعلو به شأن الإيمان وأهله ، فمن تجاوز ذلك فاتخذ له وليا أو أولياء يعتقد أنهم يتولون شيئا من أموره فيما وراء هذا التعاون والتناصر بين الناس فقد أشرك ; إذ اعتدى على ولاية الله الخاصة به التي لا يشاركه فيها أحد لا بالتوسط عنده ولا الاستقلال دونه و هذا المعنى هو عين ولاية الكافرين للشيطان أو للطاغوت كما قال :( والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) .
- النور هو الهدى والحق .
- كل ما عبد من دون الله فهو طاغوت والحظ الأكبر من ذلك للشيطان ، كما قال تعالى :( ألم أعهد إليكم يابني آدم أن لا تعبدوا الشيطان ) .
- الطاغوت إذا رأى أن عابديه قد لاح لهم شعاع من نور الحق الذي ينبههم إلى فساد ما هم فيه بادر إلى إطفائه ، بل إلى صرفهم عنه بما يلقيه دونه من حجب الشبهات وزخارف القول .
- الطواغيت يخرجون أوليائهم من نور الهدى إلى ظلمات الكفر والجهل ، ومن نور الثواب إلى ظلمات العقاب والنار .
- الظلمات هي الضلالات التي تعرض على الإنسان كالكفر، والشبهات التي تعرض دون الدين ، فتصد عن النظر الصحيح فيه أو تحول دون فهمه والإذعان له ، وكالبدع والأهواء التي تحمل على تأويله وصرفه عن وجهه ، وكالشهوات والحظوظ التي تشغل عنه وتستحوذ على النفس حتى تقذفها في الكفر .
- لهذه الظلمة شعبتان :
إحداهما : ما يخرج صاحبها من الإيمان ظاهرا وباطنا لأنه يرى ذلك وسيلة إلى التمتع بشهواته الحسية أو المعنوية كالسلطة والجاه .
والثانية : ما يسترسل صاحبها في الفواحش والمنكرات أو الظلم والطغيان حتى لا يبقى لنور الدين مكان من قبله ، وهؤلاء هم المشار إليهم بمثل قوله - تعالى - : كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) .
- مثل الكفر بالظلمات ؛ لأن الظلمات حاجبة للأبصار عن إدراك الأشياء وإثباتها ، وكذلك الكفر حاجب أبصار القلوب عن إدراك حقائق الإيمان والعلم بصحته وصحة أسبابه .
وأما ولايته سبحانه للمؤمنين فهو مبصرهم حقيقة الإيمان وسبله وشرائعه وحججه ، وهاديهم ، فموفقهم لأدلته المزيلة عنهم الشكوك ، بكشفه عنهم دواعي الكفر ، وظلم سواتره عن أبصار القلوب .
- أهل الكفر لهم أولياء من الطاغوت يتصرفون في اعتقادهم وهم يقبلون تصرفهم ثقة بهم وتعظيما لشأنهم ، وهذا ليس بعذر عند الله - تعالى - بعد ما بين الرشد من الغي .
- يخرجونهم من النور إلى الظلمات إما بالردة ، أو بإخراجهم من الفطرة ، أو بأن يحولوا بينهم وبين الإيمان، ويضلوهم فيكفرون، فيكون تضليلهم إياهم حتى يكفروا إخراجا منهم لهم من الإيمان، يعني صدهم إياهم عنه، وحرمانهم إياهم خيره، وإن لم يكونوا كانوا فيه قبل، كقول الرجل: " أخرجني والدي من ميراثه "، إذا ملك ذلك في حياته غيره، فحرمه منه حظَّه .
- وقيل في معنى الآية : هم الذين كانوا آمنوا بعيسى ابن مريم، فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم كفروا به .
- يفهم من هذه الآية أن طرق الضلال متعددة لجمعه الظلمات ، وأن طريق الحق واحدة لإفراده النور .
- أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون لأن النار هي الدار التي تليق بأهل الظلمات الذين لم يبق لنور الحق والرشاد مكان في أنفسهم يصلها بدار النور والرضوان ، فما يكون عليه الإنسان في الآخرة هو عاقبة ما كانت عليه نفسه في الدنيا .

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:21 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir