دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة البناء في التفسير > منتدى المسار الثالث

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #7  
قديم 3 محرم 1444هـ/31-07-2022م, 07:50 AM
هنادي الفحماوي هنادي الفحماوي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 283
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة في قاعدة المحبة لابن تيمية
أولا:مقاصد الرسالة :
١-'المقصد الأول:
محبة الله أصل القيام بالأعمال

مسائله:
المحبة والبغض أصل الفعل والترك.
معنى محبة الله ومراتبها.
حركات الموجودات أنواعها والفرق بينها.
أنواع العلل في الحركات وموقف الفرق منها
لوازم وجود المحبوب: الارادة والقدرة
اصناف الناس تبعا لاختلاف القدروالارادة.
اثبات كمال الله من باب الارادة والقدرة والعلة ..
المقصد الثاني:
علاقة المحبة بالإيمان:

مسائله:
المحبة الحمودة والمذمومة
محبة الله أصل العبادة.
العمل المحبوب وطرق الاستدلال عليه.
المعاصي خلل في محبة الله
حكم اجتماع السيئات والحسنات والثواب والعقاب في العبد الواحد
معاملة الله لأوليائه وأعدائه.

المقصد الثالث: المحبة أصل الأديان:
مسائله:
معنى الدين لغة واصطلاحا
الدين ضرورة للفرد والمجتمع
أصول الدين الأربعة وأثر التفريق بينها
أنواع التحالفات بين الناس
المحبة لله توجب جهاد أعداء الدين.
المقصد الرابع: حقيقة الاكرام والاهانة في الدنيا
مسائله:
فتنة ابتلاء المؤمن وتنعيم الكافر في الدنيا
أقوال الفرق ابتلاء المؤمن وتنعيم الكافر
سبيل النجاة من الفتنة

ثانيا: المقاصد الفرعية للرسالة:
١- محبة الله أصل القيام بالأفعال
٢- علاقة المحبة بالإيمان.
٣- المحبة أصل الأديان.
٤- حقيقة الإكرام والإهانة في الدنيا.

ثالثا: المقصد الكلي للرسالة:
أهمية المحبة في توحيد الله والعمل لأجله.

تلخيص الرسالة :
المقصد الأول: محبة الله أصل القيام بالأعمال
:
مسائله:
١- المحبة والبغض أصل القيام بالأعمال:
الحب والإرادة أصل كل فعل ومبدؤه والبغض والكراهة أصل كل ترك .
فوجود الفعل لا يكون إلا عن حب لهذا المحبوب أو محبة للازمه مثل أن يفعل ما يكره من الأشياء كشرب الدواء لمحبة ملزومها وهو العافية والصحة .
وكذلك يخالف هواه ويترك ما يحب لمحبته رحمة الله والنجاة من عذابه ..
والبغض للشيء صاد عن فعل الشيء فقد يكون عدم الفعل لعدم مقتضيه من المحبة ولوازمها أو لوجود مانعه من البغض والكراهة.
٢- معنى محبة الله ومراتبها:
أثبت الله في كتابه وعلى لسان رسوله أنه تعالى محب لعباده المؤمنين فقال تعالى في كتابه العزيز(فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) فوصف نفسه بالمحبة للمؤمنين وجاء بيان تلك المحبة وآثارها على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم حيث قال ( يقول الله تعالى من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وما تقرب إلي عبدي بمثل ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بهل فبي يسمع ويبصر بي وبي يمشي ولئن سألني لأعطينه ولئن أعاذني لأعيذنه ).

وأما عن محبة العبد لربه فهي رأس الإيمان وشرطه ومن المعلوم أن قوة المحبة يتفاوت فيها الناس تفاوتا عظيما فمحبة المؤمنين لربهم أعظم المحبات (والذين آمنوا أشد حبا لله) ..
ومن علامات حب المؤمن أن يحب العبد الله أكثر من أهله وماله بل ومن نفسه فلا يغليها على الله فيجاهد في سبيل إعلاء كلمته والذود عن دينه.
محبة كلام الله وأسمائه وصفاته فمحبة سورة الإخلاص وتكرارها كانت سببا في إدخال صاحبها الجنة.
ومحبة ملائكة الله وأنبيائه وعباده الصالحين
اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أمر به واجتناب ما نهى عنه فيؤدي الفرائض ويكثر من النوافل كما جاء في الحديث الصحيح (وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل…) الحديث.
ولا ريب أن مرتبة الخلة التي اختص بها الله إبراهيم عليه السلام إمام الحنفاء ومحمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين لهي أعظم المراتب في المحبة وأقصاها كما ثبت ذلك في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم( إن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا).
ثم تأتي مرتبة السابقين وهي مرتبة تقتضي محبة جميع ما أوجبه الله وبغض ما حرمه الله ووجود إرادة للواجبات إرادة تامة ومحبة ما أحبه الله من النوافل محبة تامة
تليها مرتبة المقتصدين: وهي مرتبة المحبين لله ورسوله صلى الله عليه وسلم والقيام بجميع الواجبات والابتعاد عن المحرمات ولكنهم لا يعملون الكثير من المستحبات كالسابقين المقربين.

وقد يستعمل البعض لفظة العشق في حق الله وهي ما أنكرها معظم أهل العلم لوجهين :
الوجه الأول من جهة اللفظ فقالوا: لم يؤثر هذا اللفظ عن السلف في باب الأسماء والصفات فلا يطلق إلا ما يرد به الأثر. وقال بعضهم أن هذا من الإسرائيليات التي أمرنا بالوقوف فيها فيما لم يرد في شرعنا ما يصدقها أو يكذبها.
الوجه الثاني من جهة اللفظ أن هذا اللفظ يستعمل في محبة جنس النكاح ومقدماته. ولكن استعماله في محبة الله قد يوهم معنى فاسدا قد يصل إلى حد الكفر تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
أما الوجه الآخر لرد هذا المسمى في حق الله هو الوجه المعنوي: أن العشق هو فساد إما في الإرادة فيزيد على القصد الواجب فيكون كالمرض بل أن حب الله ليس له حد حتى يكون فيها زيادة أو إفراط بل الواجب أن يكون الله ورسوله أحب إلى العبد مما سواهما.
وقد يكون العشق فساد في العلم والإدراك فيخيل للعاشق المعشوق على خلاف ما هو به ولو أنه أدركه على حقيقته لم يبلغ ذلك المبلغ من الحب والله منزه عن هذا فمحبة المؤمنين له ليس عن اعتقاد فاسد بل هو المنزه عن النقص كامل الصفات ..

٣ -حركات الموجودات أنواعها والفرق بينها:

أما الحركات للموجودات فإنها لا تخرج عن ثلاثة أنواع:
- حركات طبعية أصلها السكون لا يشعر بها ولكنها وفق طبع المتحرك.
- حركة قسرية لا يشعر بها ولكنها على خلاف طبع المتحرك..
- حركة اختيارية عن إرادة وشعور .
وبذلك تكون الارادية هي الأصل والطبعية والقسرية فرع لها..
ومن هذا يعرف أن جميع الحركات ناشئة عن الإرادة والاختيار فلا يصح أن يضاف خلق شيء من المخلوقات إلى الطبع لأن الطبع لا يكون مبدئا للحركة فالطبع هو بمنزلة السكون
وما خرج من حركة في الكون خارجة عن قدرة المخلوقات فهي بملائكة الله الموكلة بالسماوات والأرض قال تعالى:(فالمدبرات أمرا) وقال أيضا:(فالمقسمات أمرا)

٤- أنواع العلل في المخلوقات وموقف الفرق منها:
أما العلل فهي إما علة فاعلية أو علة غائية ولا يصلح أن يستقل أي مخلوق بعلة تامة قط فلا يصدر عن مخلوق واحد شيء قط ولا يصدر شيء إلا عن اثنين من المخلوقات..
ولا يصلح أن يكون شيء من المخلوقات علة غائية تامة لأن ليس في المخلوقات كمال مقصود. فكل المخلوقات يجتمع فيها النقصان أولهما أن أحدها لا يكون علة تامة والنقص الآخر أن ما كان علة فله علة ..
فسبحان الله رب كل شيء مالك السماوات والأرض وخالقهما..
فهو الكامل المقصود بالتأليه والعبادة هي غاية مقصودة منها ولها.
وقد شهدت كثير من النصوص القرآنية بأن جميع المخلوقات متعبدة لله طوعا وكرها بحكم ألوهيته وربوبيته؛ (سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم)
ولكن كثير من الناس الذين يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا يربطون بين ظاهر حركات الموجودات وبين أسبابها القريبة وبعض حكمها ويرون أنها العلة لها فاعلا وغاية وهذا غلط عظيم فهم يضيفونها الى مجرد قوة في الجسم ولا يفهمون الحكمة الغائية من هذه المخلوقات وهي عبادة ربها سبحانه وتعالى
فقد تتنازع طوائف مثل القدرية والمتفلسفة في تحديد فاعل هذه الامور وما يتعلق بتوحيد الربوبية دون شهادة الغاية لهذه الأمور وهو توحيد الألوهية.
لكن أهل العلم يضيفون جميع الحوادث إلى خلق الله ومشيئته وربوبيته ويقرون ان هذا لحكمة ولغاية عبادته سبحانه على الوجه الذي يناسب خلقة كل مخلوق..

٥-لوازم وجود المحبوب لله: الإرادة والقدرة وأصناف الناس تبعا لهما:
كل حي له إرادة وعمل وكل متحرك فإن أصل حركته المحبة والارادة والقدرة على هذه الحركة..
وقد اختلف الناس في هذين الأمرين على أربعة أصناف:
- قوم لهم قدرة ولهم إرادة ومحبة غير مأمور بها فهم يفرغون جهدهم في ما حرم الله كالفواحش.
- قوم لهم إرادة صالحة ومحبة كاملة لله وقدرة كاملة كالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان إلى يوم الدين.
-قوم فيهم إرادة صالحة ومحبة لله قوية تامة لكن قدرتهم ناقصة فهم يأتون بمحبوبات الحق من مقدورهم ولا يتركون مما يقوون عليه شيئا لكن قدرتهم قاصرة ومحبتهم كاملة.
- قسم قدرته قاصرة وإرادته للحق قاصرة وفيه من إرادة الباطل فهم ضعفاء المجرمين..

٦- إثبات كمال الله من باب الإرادة والقدرة والعلة:
الله هو رب كل شيء ومليكه وهو رب العالمين لا رب لشيء إلا هو فهو العلة الأولى لكل المخلوقات وهو علة تامة فاعلية يفعل لا علة له وهو علة غائية كل ما خلقه من مخلوقات تألهه طوعا وكرها ..
وهو الذي يخلق الأشياء ويفنيها متى أراد وشاء .

ب- المقصد الثاني علاقة المحبة بالإيمان:
مسائله

١- المحبة المحمودة والمحبة المذمومة.
المحبة المحمودة هي المحبة النافعة التي تجلب لصاحبها ما ينفعه وهو السعادة والشارة المذمومة التي تجلب لصاحبها ما يضره وهو الشقاء.
أصل المحبة المحمودة التي أمر الله بها وخلق خلقه لأجله هي عبادته وحده لا شريك له .أما المحبة المذمومة هي التي تقع فيها الشركة ..
فحب الله وعبادته أصل السعادة ورأسها وهي سبب النجاة من العذاب
وأهل التوحيد أحبوا الله وحده وعبدوه لا شريك له وجماع القرآن هو الأمر بتلك المحبة ولوازمها والنهي عما يضادها..
وهي أصل دعوة الرسل صلوات الله عليهم (اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يجد طعم الإيمان إلا من كان فيه ثلاث أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما…).
والحي العالم لا يختار أن يحب ما يضره ولكن قد يحصل ذلك عن جهل وظلم..
فتجهل النفس حال ما تحبه بدون أن تعلم ما في محبته من منفعة أو مضرة لها. وقد يكون عن اعتقاد فاسد بأن يتبع الظن والهوى..

٢- محبة الله أصل العبادة:
أصل الإيمان العملي هو حب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم..وحب الله أصل التأليه الذي هو عبادة الله وحده لا شريك له.
فالإسلام هو اجتماع المحبة والخضوع لله.
لذلك كانت محبة المؤمنين أشد من محبة المشركين لربهم إذ أن من يتخذ من دون الله أندادا ويدعوه من دون الله فإنه يحبه لأن أصل العبادة المحبة.
وقد سمى الشرع حب المحبوبات المعظمة لغير الله بالتعبد لما جاء في الحديث الصحيح: تعس عبد الدرهم تعس عبد الدينار تعس عبد القطيفة تعس عبد الخميصة…..إن أعطي رضي وإن منع سخط
فالإنسان متى أحب شيء رضي بوجوده وسخط لفقده كان فيه من التعبد بقدر ذلك.
وسبب الميل لهذه الأشياء أن الله خلق عباده لعبادته التي تجمع محبته وتعظيمه فإذا كان في القلب ما يجد حلاوته من الإيمان والتوحيد له احتاج أن يستبدل بذلك ما يهواه فيتخذ تلك المحبوبات الها ويعظمها..

٣- العمل المحبوب لله وطرق الاستدلال عليه:
العمل المحبوب لله هو ما كان صالحا نافعا مشروعا عدلا..
كل عمل صالح هو نافع لصاحبه والعكس وكل نافع صالح فهو مشروع وكل ما كان صالحا مشروعا فهو حق عدل وبالعكس.
فكيف يستدل الناس على هذا العمل الموصوف بتلك الصفات؟
.١- الاستدلال بالنص: أن يعلم أن الله أمر بهذا الفعل وشرعه فيعلم من هذا وجوب كونه طاعة لله ورسوله ويجب أن يكون صالحا نافعا وأن يكون عدلا حقا .
٢- الاستدلال بالاستصلاح والاستحسان: أن يعلم بكون الشيء صالحا أو عدلا أو حسنا ثم يستدل بذلك على كونه مشروعا.
والطريقة الثانية فيها خطر كبير والغلط فيها كثير لخفاء صفات الأعمال ولا يعلم بها كما ينبغي إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولا يكون العمل محمودا صحيحا إلا ما وافق النصوص؛ قال مجاهد " أفضل العبادة الرأي الحسن وهو اتباع السنة" قال تعالى ( ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق). وكان السلف يسمون أهل الآراء المخالفون للسنة والشريعة في مسائل الاعتقاد الخبرية ومسائل الأحكام العملية أهل الأهواء لأن الرأي المخالف للسنة جهل لا علم.
ونهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اتباع أهواء الخلق (ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك) وذلك يتضمن النهي عن اتباع أهواء أحد في خلاف شريعته وسنته وكذا أهل الأهواء من هذه الأمة .
٣- المعاصي خلل في محبة الله:
الإنسان لا يفعل الحرام إلا لضعف إيمانه ومحبته..
فلا يفعل الفواحش إلا لضعف الإيمان في أصله أو كماله أو ضعف العلم والتصديق أو ضعف المحبة والبغض.
فإذا كان أصل الإيمان صحيحا وهو التصديق فإن هذه المحرمات يفعلها كع كراهته وبغضه لها لغلبة الشهوة عليه. فلا بد أن يكون مع فعلها بغض لها وخوف من عقاب الله له ورجاء لأن يخلص منها بتوبة أو حسنات أما إذا لم يوجد ذلك البغض والخوف والرجاءلا يكون مؤمنا بل كافر أو منافق
قال رسول صلى الله عليه وسلم (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن )
وقد يكون شركا أكبر أو شركا أصغر بحسب ما يقترن به من الإيمان فمتى اقترن بما نهي الله عنه الإيمان لتحريمه وبغضه ورجاء الرحمة لم يكن شركا أكبر.
أما إن اتخذ الإنسان ما يهواه إلها من دون الله وأحبه كحب الله فهذا شرك أكبر..
وقد يفعل المؤمن المعصية جاهلا بحكمها او ضررها فعلى المؤمن أن يعرف الشرور الواقعة ومراتبها في الكتاب والسنة كما يعرف الخيرات الواقعة ومراتبها في الكتاب والسنة فيقدم ما هو أكثر خيرا وأقل شرا على ما هو دونه ويدفع أعظم الشرين باحتمال أدناهما ويجتلب أعظم الخيرين بفوات أدناهما.
وإذا علم ذلك فلا بد أن يقترن بعلمه العمل الذي أصله محبته لما يحبه الله ورسوله وبغضه لما يبغضه الله ورسوله وما اجتمع فيه الحبيب والبغيض المأمور أعطى كل ذي حق حقه.

٤- حكم اجتماع السيئات والحسنات والثواب والعقاب في العبد الواحد:
الإنسان فيه ظلم وجهل فإذا غلب عليه رأي أو خلق استعمله في الحق والباطل جميعا مثال ذلك أن من الناس من يكون في خلقه سماحة ولين ومحبة فيسمح بمحبته وتعظيمه ونفعه وماله للحسن الذي يحبه الله ويأمر به كمحبة الله ورسوله وأوليائه المؤمنين والإنفاق في سبيله ويسمح أيضا بمحبة الفواحش والإنفاق فيها فتجده يحب الحق والباطل جميعا ويصدق بهما ويعين عليهما .
ففي الإنسان قوتان قوة البغض وقوة الحب وإنما خلق ذلك فيه ليحب الحق ويبغض الباطل فهؤلاء الذين يحبهم الله ويحبونه ولكن قد يميل إلى شهوة ما من شهوات البطن والفرج وينفق المال فيهما وبسبب ما فيه من الحب والدين يحب الحق وأهله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في خمار كان يشرب الخمر كثيرا "لا تلعنه إنه يحب الله ورسوله".

٥- معاملة الله لأوليائه وأعدائه:
أصل الموالاة هي المحبة وأصل المعاداة البغض فالتحاب يوجب التقارب والتباغض يوجب التباعد
فأولياء الله الذين يحبهم ويحبونه يقربهم منه ويدنيهم إليه ويتولاهم ويتولونه ويحبهم ويرحمهم ويكون عليهم منه صلاة.(أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)
بينما أعداؤه يبعدهم ويلعنهم وهو إبعاد منه ومن رحمته ويبغضهم ويغضب عليهم (عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا)

ج- المقصد الثالث: المحبة أصل الأديان.
مسائله:

١- معنى الدين لغة واصطلاحا:
يفسر الدين بالعادة ومنه الديدن أي عادته اللازمة .
ودان يكون من الأعلى القاهر ويكون من المطيع ، يقال : دنته فدان أي قهرته فذل ويقال في الأعلى : كما تدين تدان.
وأما دين المطيع فيستعمل متعديا ودائما ولازما؛ يقال: دنت الله ودنت لله لأن فيه معنى الطاعة والعبادة ومعنى الذل.
دان الله فهو قولك: أطاع الله وأحبه
دان لله: ذل لله وخشع لله.
والدين الذي يدين به الناس في الباطن والظاهر لا بد فيه من الخضوع والحب بخلاف طاعتهم للملوك ونحوهم فإنه خضوع ظاهر.
وسمى الله يوم القيامة بيوم الدين (مالك يوم الدين): قال ابن عباس: يوم يدين الله العباد بأعمالهم إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا وذلك يتضمن جزاءهم وحسابهم.
فالدين هو من الأعمال الباطنة والظاهرة وهو الطاعة والعبادة والخلق فهو الطاعة الدائمة اللازمة التي قد صارت عادة وخلقا فيفسر الدين بالعادة والخلق ويفسر الخلق بالدين ، قال تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم ) قال ابن عباس: على دين عظيم.
٢- الدين ضرورة للفرد والمجتمع:
كل طائفة من بني آدم لا بد لهم من دين يجمعهم إذ لا غنى لبعضهم عن بعض وأحدهم لا يستقل بجلب منفعته ودفع مضرته فلا بد من اجتماعهم .
واجتماعهم يشركهم في اجتلاب ما ينفعهم كطلب نزول المطر لمحبتهم له. ويشتركون أيضا في دفع ما يضرهم مثل عدوهم وذلك بغضهم له
فاشتراكهم في محبة شيء عام وفي بغض شيء عام هذا هو دينهم المشترك العام.
وإذا كان كذلك فالأمور التي يحتاجونها يحتاجون أن يوجبوها على أنفسهم والأمور التي تضرهم يحتاجون أن يحرموها على أنفسهم وذلك دينهم.
وهذا من الدين المشترك بين جميع بني آدم من التزام واجبات ومحرمات وهو الوفاء والعهد.
والدين الحق هو طاعة الله وعبادته ولا يستحق أحد أن يطاع ويعبد على الإطلاق إلا الله ورسله وأولوا الأمر يطاعوا إذا أمروا بطاعة الله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أطاعني فقد أطاع الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصاني فقد عصى الله ومن عصى أميري فقد عصاني.
فإذا كان لا بد لكل آدمي من اجتماع ولا بد في كل اجتماع من طاعة ودين وكل دين وطاعة لا يكون لله فهو باطل فكل دين سوى الإسلام فهو باطل.
الدين جماعه شيئان: تصديق الخبر وطاعة الأمر والتنعم بالخبر بحسب شرفه وصدقه والمؤمن معه من الخبر الصادق عن الله وعن مخلوقاته ما ليس مع غيره فهو من أعظم الناس نعيما بخلاف منةيكثر في أخبارهم الكذب.
وطاعة الأمر فإن كان ما يؤمر به صلاحا وعدلا يكون تنعمه به أعظم من تنعم من يؤمر بما ليس بصلاح ولا عدل ولا نافع.
٣- أصول الدين الأربعة وأثر التفريق بينها:
يقوم الدين على أصول لا يصلح إلا باجتماعها:
الأصل الأول : المحبوب المطاع
الأصل الثاني : صورة الطاعة .
الأصل الثالث: الثواب والعقاب
الأصل الرابع:التشريع
فلا بد في كل دين من معبود وعبادة ، والمعبود إله واحد والعبادة طاعته وطاعة رسوله وهذا هو الدين الذي ارتضاه الله (ورضيت لكم الاسلام دينا) وهو دين المؤمنين من الأولين والآخرين ولا يقبل الله من أحد غيره كمن عبد من لا يعبد أو عبد بماا لا يصلح أن يعبد به
وهذان الأصلان جاءت فيهما الشريعة فجاءت في أسماء الله وصفاته وجاءت في صفات العبادات
وجاءت في نعت اليوم الآخر وما فيه من الأسماء والصفات والوعد والوعيد والثواب والعقاب
وهذه الأصول الثلاثة هي الموجبة للسعادة في كل ملة ثم الشرع الأصل الرابع وهو ما جاءت به الرسل
فهذه الأصول الأربعة متلازمة والتفرق في ذلك بالأمر في بعضه والنهي عن بعض هو من التفرق والاختلاف الذي ذمته النصوص (وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد) وقد غضب النبي صلى الله عليه وسلم لما اختلف الصحابة في القراءة وقال (إن القرآن نزل على سبعة أحرف فاقرؤوا منه ما تيسر) وغضب لما تنازعوا في القدر..
لأن التفرق والاختلاف يوجب الشرك وينافي حقيقة التوحيد الذي هو إخلاص الدين كله لله.
فإذا كان الدين لله حصل الإيمان والطاعة وإذا لم يكن فلا بد أن يكون لكل قوم ما يمتازون به مثل معظم مطاع أو معبود لم يأمر الله بعبادته وطاعته ومثل قول ودين ابتدعوه لم يأذن الله به ولم يشرعه.
وكل طائفة من بني آدم محتاجون الى التزام واجبات وترك محرمات فإذا لم يكن مقصود الدين الموضوع إلا جلب المنفعة الدنيوية فليس لهؤلاء في الآخرة من خلاق وقد يكون ليستولي كبيرهم على غيره من بني آدم كفعل فرعون وجنكيز خان فهؤلاء من أشد الناس عذابا يوم القيامة .
٤- أنواع التحالفات بين الناس:
لا يستطيع بني آدم العيش بدون تحالف واتفاق على جلب النفع ودفع الضر، فكان الوفاء بالعهود من الأمور التي اتفق أهل الأرض على إيجابها.
واشتراكهم في الجلب والدفع إما أن يكون تبعا لتعاقدهم وهو التحالف أو يكون بأمر آمر مطاع فيهم.
فالمطاع قد يكون بحق وهو ما أمر الله بطاعته من أنبيائه وأولي الأمر من المؤمنين وطاعة الوالدين أو يكون بغير حق كطاعة الطواغيت وهو كل ما عظم بباطل.
وكل قوم لا تجمعهم طاعة مطاع في جميع أمورهم فلا بد لهم من التعاقد والتحالف فيما لم يأمرهم به المطاع.
فإما أن يكونوا على شريعة منزلة من عند الله أو على شرعة غير منزلة وضعها بعض المعظمين فيهم بنوع قدرة وعلم .
وتظهر تلك التحالفات التي لا ترد إلى الشريعة حين تدرس آثار النبوة فيتحالف قوم على طاعة ملك أو شيخ أو طاعة بعضهم لبعض. كما كان العرب في جاهليتهم يتحالفون.
وكذلك ما يوجد من التحالف بالتآخي وغير التآخي للملوك والمشايخ ..
وقد يكون تحالفا يحبه الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد شهدت حلفا مع عمومتي في دار عبد الله بن جدعان ما يسرني بمثله حمر النعم ولو دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت. ويسمى حلف المطيبين.
٥- المحبة لله توجب جهاد أعداء الدين:
فإذا كان جميع ما عليه بنو آدم لا بد فيه من تعاون وتناصر وفيه ما هو شرك بالله وفيه ما هو قول على الله بغير علم وفيه ما هو إثم وبغي وفيه ما هو من الفواحش علم أنه لا بد في الإيمان من التعاون والتناصر على فعل ما يحبه الله ودفع ما يبغضه الله..
وهذا هو الجهاد في سبيل الله وأن أمر الإيمان لا يتم بدون ذلك..
وصلاح بني آدم بأن يكون الدين كله لله وتكون كلمة الله هي العليا

د- المقصد الرابع:
حقيقة الإكرام والإهانة في الدنيا:

مسائله:
١- فتنة ابتلاء المؤمن وتنعيم الكافر في الدنيا:
(فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن كلا)
يقرر الله في هذه الآيات أن إسباغ النعمة ومنعها كليهما ابتلاء واختبار للعبد فإن الواجب عليه الشكر في الرخاء والصبر في الشدة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له وليس ذلك لأحد إلا المؤمن إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له.
ولكن يقع غلط أكثر الناس أنه قد أحس بظاهر من لذات أهل الفجور وذاقها ولم يذق لذات أهل البر وهذا لعدم شهود حقيقة الإيمان ووجود حلاوته مع ما في النفوس من الظلم مانعا لها من عظيم نعمة الله ..
٢- أقوال الفرق في ابتلاء المؤمن وتنعيم الكافر:
بداية تنازع الناس فيما ينال الكافر من التنعم هل هو نعمة في حقه؟
قالت القدرية : لم يرد الله لكل أحد إلا خيرا له بخلقه وأمره وإنما العبد هو الذي اراد لنفسه الشر بمعصيته وبترك طاعته التي يستعملها بدون مشيئة الله وقدرته . فيقولون إن نعمة الكافر نعمة تامة كما هي للمؤمن ولكن أحدهما اهتدى بنفسه من غير نعزة خاصة أخرى من الله والآخر ضل بنفسه من غير خذلان من الله .
رد عليهم فريق من أهل إثبات القدر فقالوا ليس لله على الكافر نعمة دنيوية كما ليس له عليه نعمة دينية تخصه إذ اللذة المستعقبة ألما أعظم منها ليست بنعمة فهذه النعم كانت سببا في عذابه وعقابه
وخالفهم آخرون من أهل الإثبات فقالوا: بل لله على الكفر نعم دنيوية وقد دل القرآن على امتنانه على الكفار بنعمه ومطالبته إياهم بشكرها. وخطاب الكفار بها من جهة ما هي تنعم ولذة وسرور ولم تسم في حقهم نعمة على الخصوص وإنما تسمى نعمة في حق عموم بني آدم لأن المؤمن سعد بها في الدنيا والآخرة والكافر ينعم بها في الدنيا.
٣- سبيل النجاة من الفتنة:
أن يعرف العبد أن الابتلاء بالسراء والضراء قد يكون في باطن الأمر مصلحة للعبد أو مفسدة له وأنه إن أطاع الله بذلك كان مصلحة له وإن عصاه كان مفسدة له ..
فالناس يختلف حال صلاحهم فمنهم من يكون صلاحه على السراء ومنهم من يكون صلاحه على الضراء ومنهم من يصلح على هذا وهذا ومنهم من لا يصلح على واحد منهما
والإنسان قد تجتمع له هذه الأحوال الأربعة في أوقات متعددة أو في وقت واحد وقد جاء في الحديث المرفوع "أن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك وإن من عبادي من لا يصلحه إلا السقم ولو أصححته لأفسده ذلك وذلك أني أدبر عبادي إني بهم خبير بصير".
فالتنعم العاجل قد يكون بلاء وشرا والطاعة المتقدمة قد تكون حابطة وسببا للشر باعتبار ما يعقبها من ردة وفتنة والمعصية المتقدمة قد تكون سببا للخير باعتبار التوبة والصبر على ما تعقبه من مصيبة
هذا يقتضي أن العبد محتاج في كل وقت إلى الاستعانة بالله على طاعته وتثبيت قلبه.
فإن الإنسان كما قال الله فيه ( ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليؤوس كفور) فهو عند الضراء بعد السراء ييأس من زوالها ويكفر بما أنعم الله به عليه قبلها وعند النعماء بعد الضراء يأمن من عود الضراء في المستقبل وينسى ما كان فيه (إنه لفرح فخور).
ووصفه بالظلم والجهل (إنه كان ظلوما جهولا)
إلا (الذين صبروا وعملوا الصالحات) والصبر في السراء قد يكون أشد ولهذا قال أحد الصحابة : ابتلينا بالضراء فصبرنا وابتلينا بالسراء فلم نصبر.
ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من فتنة القبر وشر فتنة الغنى .
فالمؤمن يفعل ما أمر الله به من البر والتقوى دون ما نهي عنه من الإثم والعدوان كل بحسب قدرته..
لذلك وجب تقوية الإرادة الصالحة والقدرة عليها بحسب الإمكان وتضعيف الإرادة الفاسدة والقدرة معها بحسب الإمكان.
وهذا مما يظهر به حسن حال المؤمن وترجحه في اللذة على الكافر في الدنيا قبل الآخرة .
ومن المعين أيضا سلامة الاعتقاد بأن الله أرسل رسله وأنزل كتبه رحمة عامة للخلق وأمر عباده بما فيه صلاحهم ونهاهم عما فيه فسادهم فلا يأمر بشيء لحاجته له ولم يمنع شيئا بخلا منه.
وأخبر تعالى أنه لا يريد لنا الحرج بل إتمام النعمة والتيسير في أمورنا فلا ضرر ولا فساد في كل ما أمر الله به بل المصلحة كل المصلحة في أوامر الله ونهيه.
فمن اتقى وجاء بما أمر الله وانتهى عما نهى الله كان خيرا له في الدنيا والآخرة ومن عصى فإن باب التوبة والاستغفار ما زال مفتوحا حتي يأتيه اليقين.
فالصبر على الضراء مما أوجبه الله وأحبه كما أوجب الشكر على النعماء وأحبه فيكون ما قدر للمؤمن من سراء معها شكر وضراء معها صبر خيرا له كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له….) الحديث.

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثاني, التطبيق

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:05 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir