دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 4 جمادى الآخرة 1440هـ/9-02-2019م, 02:53 PM
عائشة إبراهيم الزبيري عائشة إبراهيم الزبيري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 328
افتراضي

تحرير معنى "ضريع" في قول الله تعالى: {ليس لهم طعام إلا من ضريع}

اختلف العلماء في معنى (ضريع) على أقوال:
القول الأول: أن الضريع نبت يقال له الشبرق، وهو قول الجمهور قال به عكرمة ومجاهد وقتادة وشريك بن عبد الله وابن زيد، والخليل بن أحمد، والفراء، وأبو عبيدة، وأبو عبيد القاسم، والحسن السكري، وابن قتيبة الدينوري، ومعمر بن مثنى، ونقل عن أبو حنيفة الدينوري، وقال به كذلك الزجّاج، والأنباري، والسجستاني، وغلام ثعلب، وأبو منصور الأزهري، والفارابي، ابن فارس، ومكي بن أبي طالب، والزمخشري، والطيبي، وابن حيان الأندلسي، والزبيدي، وابن عاشور.
وقد روي هذا القول عن ابن عباس.
وذكره ابن جرير الطبري وهو قوله الذي صدر به المسألة، وذكره الثعلبي ومكي بن طالب والماوردي والجوزي والقرطبي ورجحه، وذكره ابن دريد الأزدي، وابن سيده، والراغب الأصفهاني، وابن منظور، والسمين الحلبي،

التخريج:
-أما قول عكرمة فقد رواه ابن جرير من طريق محمد بن سليمان عن عبد الرحمن الأصفهاني عن عكرمة، وقد اختلف في محمد بن سليمان بين قولهم أنه صدوق وبين تضعيفه، وقد رواه ابن جرير من طريق آخر فيه رجل مجهول من عبد قيس.
-أما قول مجاهد فقد رواه ابن جرير من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وقد رواه من طريق آخر وهو طريق ليث عن مجاهد وهو ضعيف لضعف ليث.
-أما قول قتادة فقد رواه ابن جرير من طريق ابن ثور عن معمر عن قتادة.
-وأما قول شريك بن عبد الله فقد رواه ابن جرير من طريق محمد بن عبيد.
-وأما قول ابن زيد فقد رواه ابن جرير من طريق يونس عن وهب عن ابن زيد.
-أما ما روي عن ابن عباس فقد رواه ابن جرير من طريق محمد بن سعد العوفي وعائلته الضعفاء.

والشبرق هو نبت ذو شوك إذا كان رطباً فهو شبرق وإذا جفّ ويبس كان ضريع كما يسميه أهل الحجاز، ومنهم من سّمي يابس الضريع بالشبرق عكس ما سبق.
وَهُوَ مرعى سوء، لَا تعقد عَلَيْهِ السَّائِمَة شحما وَلَا لَحْمًا، وَإِن لم تُفَارِقهُ إِلَى غَيره ساءت حَالهَا، وقيل أنه إذا جفّ تبتعد عنه الأبل بعدما كانت ترعاه وهو رطب لأنه سم قاتل، كما قال أبو ذئيب:
رَعَى الشِّبْرِقَ الرَّيَّانَ حَتَّى إِذَا ذَوَى ... وَصَارَ ضَرِيعًا بَانَ عَنْهُ النَّحَائِصُ
وكذلك قال ابن عيزارة الهذليّ وهو يذكر إبلاً وسوء مرعاها:
وحبسن في هزم الضّريع فكلّها ... حدباء دامية اليدين حرود
فالضريع بالنسبة للكفار في النار كما هي بالنسبة للسائمة تأكل ما لا يشبعها ولا يقوي جسدها، أو أن حالهم كحال من قوته الضريع من الجوع.
والضريع من الضَّرَع والضارع، الذي إما بمعنى الضعيف، أو بمعنى الهزيل النحيف، فهو نحيف وهزيل في نفسه، ويلحق هذا الوصف من اكله، ومنه قول النبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- في ولدي جعفر بن أبي طالبٍ -رضي اللّه عنهم-:«ما لي أراهما ضارعين». يريد هزيلين، فهو ضريع مضرع من فعيل مفعل، أي: مضعف للبدن مهزل، وهو كقول عمرو بن معديكرب:
أمن ريحانة الدّاعي السّميع ....... يؤرّقني وأصحابي هجوع
يريد المسمع.
ومنهم من يقول بأن الضريع هو العوسج الرطب، وإذا يبس سميّ عوسجاً، وقد قال ابن قتيبة الدينوري في غريب الحديث: (وَقَالَ الهذلى أَيْضا: من الطَّوِيل
.. ترى الْقَوْم صرعى جثوَة أضجعوا مَعًا ... كَأَن بِأَيْدِيهِم حَوَاشِي شبرق ...
وَفِي الشبرق حمرَة فَشبه الدَّم بِهِ.)، وهذا الوصف للشبرق بأن فيه حمرة ينطبق على العوسج، فلعل الشبرق والعوسج اسمان لنبت واحد.
ومنهم من يسميه العرفج أو الخلة، وجميعها أسماء لنباتات لها نفس الوصف من الجفاف واحتوائها على الشوك.
وهناك من عمّم وقال بأنه يبيس كل شجر كما نقل عن ابن عباد، فقد قال: (يَبيسُ كلِّ شَجرَةٍ، وخَصَّه بعضُهُم بيبيسِ العَرْفَجِ والخُلَّةِ.) فهو جعل العموم هو الأصل، وجعل تفسير التابعين له بالشبرق من باب التفسير بالمثال على قوله، وأما على القول بالتخصيص فيكون المراد هذا النوع من النبات خصوصاً.


القول الثاني: أن الضريع هو وصف لحال من يأكله من الذلة والهوان، فيضرع ويذل من يأكله، فيكون مُشْتَقًّا مِنَ الضَّارِعِ، وَهُوَ الذَّلِيلُ، أَيْ ذُو ضَرَاعَةٍ، فمَنْ شَرِبَهُ ذَلِيلٌ تَلْحَقُهُ ضَرَاعَةٌ، ويقال أضرعته أي: ذللته، قال بهذا القول أبو جعفر النحاس، وذكره مكي بن طالب، والقرطبي، وذُكر عن الحسن.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: قَدْ يَكُونُ مُشْتَقًّا مِنَ الضَّارِعِ، وَهُوَ الذَّلِيلُ، أَيْ ذُو ضَرَاعَةٍ، أَيْ مَنْ شَرِبَهُ ذَلِيلٌ تَلْحَقُهُ ضَرَاعَةٌ
قال السمين الحلبي: (وقيل: نبتٌ يُشبه العَوْسَج. والضَّراعةُ: الذِّلَّةُ والاستكانةُ مِنْ ذلك.)

التخريج:
-أما ما ذكر عن الحسن ذكره مكي بن أبي طالب عن الحسن البصري ولم أجد من أسنده له بل وقد نقل الثعلبي عن عمرو بن عبيد أن الحسن لم يقل شيئاً في الضريع إلا أنه قال: هو بعض ما أخفى الله من العذاب، والله أعلم.

ولعل هذا القول هو كتفسير لسبب تسمية الضريع بهذا الاسم، فإما يكون سبب التسمية لأنه ضعيف وهزيل ويلحق من اقتات به هذا الوصف، فهو ضعف معنوي كما ذكرت في القول الأول، وإما يكون سبب التسمية لأنه يلحق من اقتات عليه الذلة الهوان، وهو الضعف المعنوي، ولا مانع من الجمع بين القولين، فالضريع ضعيف يضعف ويسبب الذلة والهوان لمن أكله؛ لأنه لا يسمن ولا يغني من جوع، فيضطر آكله إلى أن يذل ويهان بسبب طلبه للطعام الذي يسمن ويغني من جوع ممن يملكه، كما قال تعالى: (وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ۚ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ) (الأعراف:50).


القول الثالث: هُوَ طَعَامٌ يَضْرَعُونَ عِنْدَهُ وَيَذِلُّونَ، وَيَتَضَرَّعُونَ مِنْهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، طَلَبًا لِلْخَلَاصِ مِنْهُ، قال بهذا القول ابن كيسان، وابن بحر، وذكره الثعلبي ومكي بن طالب والجوزي والقرطبي.
قال الثعلبي: (وقال ابن كيسان: هو طعام يضرعون منه ويذلّون ويتضرّعون إلى الله سبحانه، وعلى هذا التأويل يكون المعنى المضرّع)

التخريج:
-أما قول ابن كيسان فقد ذكره الثعلبي في تفسيره الكشف والبيان.
-أما قول ابن بحر فقد ذكره مكي بن أبي طالب في النكت والعيون.

فَسُمِّيَ الضريع بِذَلِكَ، لِأَنَّ آكِلَهُ يَضْرَعُ فِي أَنْ يُعْفَى مِنْهُ ومن تناوله؛ لِكَرَاهَتِهِ وَخُشُونَتِهِ، فهو يريد الفكاك من هذا الطعام فيتضرع إلى الله ليتخلص منه، ولكن ليس لهم إلا هذا الطعام، كما قال تعالى: (ليس لهم طعام إلا من ضريع)، فهي من ضَرَعَ الرجل أي: ضعف وذلّ واستكان. ولعل من ذلك أيضاً سمي القدر ضريع إذا حان أوانه، فكأن غليانه تلوي واستغاثة كما يتلوى ويستغيث من يأكل الضريع بسبب سوئه.
وفي هذا القول قرب شديد بالقول الثاني، فهم عندما يذلون ويهانون إنما ذلك بسبب تضرعهم وطلبهم الخلاص والفكاك من هذا الطعام، والله أعلم.


القول الرابع: أنه الْمُضَارَعَةَ الْمُشَابَهَةُ، فهم اشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ أَمْرُهُ فَظَنُّوهُ كَغَيْرِهِ مِنَ النَّبْتِ النَّافِعِ، فَوَجَدُوهُ لَا يُسْمِنُ، فهو من المضارعة أي: الذي يضارع الشيء كأنه مثله وشبهه، وهذا القول ذكره ابن عطية والقرطبي.
قال ابن عطية: (وقيل: ضريعٌ: فعيلٌ من المضارعة، أي: لأنه يشبه المرعى الجيّد، ويضارعه في الظاهر، وليس به)
قال ابن منظور: (وَالنَّحْوِيُّونَ يَقُولُونَ لِلْفِعْلِ المستَقْبَلِ مُضارِعٌ لِمُشَاكَلَتِهِ الأَسماء فِيمَا يَلْحَقُهُ مِنَ الإِعراب. والمُضارِعُ مِنَ الأَفعال: مَا أَشبه الأَسماء وَهُوَ الْفِعْلُ الْآتِي وَالْحَاضِرُ)

ويؤيد هذا القول قول المفسّرون أنه لمّا نزلت هذه الآية قال المشركون: إنّ إبلنا لتسمن على الضريع، فأنزل الله سبحانه: لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ، فهو مخالف لما ألفتموه وعرفتموه من المراعي الجيدة وإن شابهه في الظاهر.
وذكر الثعلبي أن الإبل ترعاه ما دام رطبا، فإذا يبس فلا يأكله شيء، ورطبه يسمّى شبرقا لا ضريعاً، وهنا ذكر الضريع اليابس الذي لا يرعاه الإبل.
ومن ذلك سمي الفعل الدال على الحاضر والاستقبال مضارع، لأنه يشبه الاسم فيما يلحقه من الاعراب، خلافاً للفعل الماضي والأمر اللذان يبنيان ولا يعربان.


القول الخامس: هو شي يَرْمِي بِهِ الْبَحْرُ، يُسَمَّى الضَّرِيعَ، قال بهذا القول ابن سيده، وابن منظور، وقد روي عن ابن عباس، ونسب للخليل بن أحمد ولم أقف عليه في كتابه العين، وذكره ابن درير الأزدي، وابن حيان الأندلسي، والسمين الحلبي، وابن عطية، والقرطبي، والراغب الأصفهاني، والفيروزآبادي، وعبد الله اليزيدي.

التخريج:
-أما ما روي عن ابن عباس فقد ذكره أبو إسحاق النيسابوري في الكشف والبيان أنه رواه عطاء عن ابن عباس.
وذكره القرطبي أنه رواه الضحاك عن ابن عباس، ولم أقف على سنده كاملاً.
-أما ما نسب للخليل فقد نسبه إليه أثير الدين الأندلسي، والسمين الحلبي، والقرطبي.

وقد وصف هذا بأنه نبات أخضر منتن خفيف يرمي به البحر وله جوف، وهو مِنْ أَقْوَاتِ الانعام لَا النَّاسِ، فَإِذَا وَقَعَتْ فِيهِ الْإِبِلُ لَمْ تَشْبَعْ، وَهَلَكَتْ هَزْلًا.
فهذا القول مشترك مع القول الأول في أنه نبت، وأنه إذا أكلت منه الدواب هلكت هزلاً، فهو ضريع مضرع أي: مهزل مضعف للبدن كما في القول الأول، ولكن القول الأول هو من نباتات الأرض، وأما في هذا القول فهو من نباتات البحر.


القول السادس:
الضريع هو الجلدة أو القشرة التي على العظم تحت اللحم من الضلع، وقد نسب هذا القول لليث،
وذكره أبو منصور الأزهري، وابن عطية، وابن سيده، وابن منظور، والفيروزآبادي، والزبيدي.
قال ابن منظور: (والضَّرِيعُ: القِشْرُ الَّذِي عَلَى الْعَظْمِ تَحْتَ اللَّحْمِ، وَقِيلَ: هُوَ جِلْدٌ عَلَى الضِّلَعِ)
قال ابن عطية: (ولا أعرف من تأوّل الآية بهذا.)

التخريج:
أما ما نسب لليث فقد نسبه إليه أبو منصور الأزهري، والزبيدي.

وهذا القول لعل المراد منه أنهم يأكلون ما يذوب منهم بسبب حرارة النار، فجلود أصحاب النار تذوب وتذهب ثم تعود مرة أخرى ليذوقوا العذاب ويشعروا به دائماً، فإن للجلد إحساس فإذا احترق لدرجة معينة فقد الإحساس، لذلك تعاد جلودهم مرة أخرى، كما في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا) (النساء:56)، فتكون هذه الجلود المذابة وما ينزل منها من صديد ودماء وغيرها من أمور منتنة هي طعامهم، كما جاء في تفسير المراد من الغسلين في قوله تعالى: (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ * لَّا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ) (الحاقة:35-37)، والله أعلم.

وجميع هذه الأقوال تعود لباب الضاد والراء والعين (ض ر ع)، فهم في الأصل متفقون، وهناك من جمع بين الأقوال اعتماداً على أن الضاد والراء والعين تدل على لين في الشيء، فتضرع الرجل فيه لين، وضعف الرجل في جسده وذلّه في نفسه فيه لين، وفي الباب أيضاً ضرع الشاة الذي سميّ كذلك لما فيه لين، والجلدة التي تحت اللحم فيها لين أيضاً، وقد قيل بأن المضارعة أي: المشابهة بين شيئين، قد اشتقت من الضرع فكأنهما قد ارتضعا من ضرع واحد، وقد قال ابن فارس بأن الذي شذ عن ها الباب قول الجمهور أنه نبت فهو يابس ولكن يمكن حمله على هذا الباب فنقول بان بأن ذلك لضعفه إذ كان لا يسمن ولا يغني من جوع.
ولعل أصح الأقوال قول الجمهور بأنه نبات الشبرق، وتدخل فيه بعض الأقوال الأخرى كما ذكرت سابقاً، فهو ضعيف مضعف للبدن، وضعف بدنهم يقودهم إلى التضرع والتذلل، وهذا الضريع الذي في النار مخالف وغير مشابه لما في الأرض، إنما سميّ باسم مشابه لما في الأرض ليدلنا الله سبحانه وتعالى على الغائب عنده بالحاضر عندنا، فالأسماء متفقة الدلالة والمعاني مختلفة، كما ذكر معمر بن مثنى، والله تعالى أعلم.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:52 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir