دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 ذو القعدة 1438هـ/26-07-2017م, 01:55 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس الرابع عشر: مجلس مذاكرة القسم الثالث من دورة جمع القرآن

مجلس مذاكرة القسم الثالث من دورة جمع القرآن


اختر مجموعة من المجموعات التالية وأجب على أسئلتها إجابة وافية:
المجموعة الأولى:
س1: ما سبب عدم جمع القرآن الكريم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم؟
س2: لخّص القول في مصحف أبيّ بن كعب، وبيّن أنواع ما يُنسب إليه.
س3: ما معنى تأليف القرآن؟
س4: ما سبب كثرة الأسئلة المثارة في باب جمع القرآن؟
س5: بيّن أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "جمع القرآن"



المجموعة الثانية:
س1: ما تقول في دعوى أنّ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه كتب مصحفاً مرتّبا على النزول؟
س2: ما الجواب عن خبر (لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة)؟
س3: ما تقول فيما روي عن ابن مسعود أنه كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه؟
س4: كيف تجيب باختصار عما روي عن عثمان رضي الله عنه أنه قال: «إن في القرآن لحنا ستقيمه العرب بألسنتها»؟
س5: بيّن أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "جمع القرآن"



المجموعة الثالثة:
س1: ما الجواب عما روي عن عثمان رضي الله عنه مما يفهم منه الاجتهاد في ترتيب الآيات؟
س2: ما سبب ترك كتابة البسملة في أوّل سورة براءة؟
س3: لخّص القول في مصحف ابن مسعود، وبيّن أنواع ما ينسب إليه.
س4: ما تقول فيما روى أبو معاوية عن هشام بن عروة، عن أبيه أنه قال: سألتُ عائشة عن لَحْنِ القرآن: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون}، {والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة}، و{إن هذان لساحران}؛ فقالت: «يا ابن أختي، هذا عَمَلُ الكُتَّاب، أخطأوا في الكِتَاب»؟
س5: بيّن أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "جمع القرآن"



المجموعة الرابعة:
س1: هل البسملة من القرآن؟
س2: لخّص القول في ترتيب الآيات والسور في المصاحف، وهل هو توقيفي؟
س3: ما الجواب عن اختلاف ترتيب السور في مصاحف الصحابة؟
س4: ما تقول فيما رواه ابن جرير بإسناده عن عكرمة، عن ابن عباس أنه كان يقرأها: [أَفَلَمْ يَتَبيَّنِ الَّذِينَ آمنُوا] قال: كتب الكاتب الأخرى وهو ناعسٌ)؟
س5: بيّن أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "جمع القرآن"



المجموعة الخامسة:
س1: هل تعدّ البسملة من آيات السور؟
س2: ما تقول في دعوى أنّ عمر بن الخطاب جمع القرآن في خلافته؟
س3: ما تقول فيما يُذكر من ترتيب السور في مصحف أبيّ بن كعب ومصحف ابن مسعود ؟
س4: ما تقول فيما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (أنزل الله عز وجل هذا الحرف على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم [ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه] فلصقت إحدى الواوين بالأخرى فقرأ لنا: {وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه} ولو نزلت على القضاء ما أشرك به أحد) ؟
س5: بيّن أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "جمع القرآن"



المجموعة السادسة:
س1: كيف يوثق بأنّ ما جُمع من الرقاع والأكتاف وصدور الرجال قد تمّ به جمع القرآن؛ وما ضمانة عدم الزيادة عليه؟
س2: كيف لم توجد آخر براءة إلا مع أبي خزيمة الأنصاري؟
س3: ما فائدة بحث المسائل المتعلقة بمصاحف الصحابة رضي الله عنهم.
س4: ما تقول فيما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قوله تعالى: ( {الله نور السماوات والأرض مثل نوره} قال: هي خطأ من الكاتب، هو أعظم من أن يكون نوره مثل نور المشكاة، قال: [مثل نور المؤمن كمشكاة]) ؟
س5: بيّن أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "جمع القرآن"


تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 6 ذو القعدة 1438هـ/29-07-2017م, 10:55 PM
رشا نصر زيدان رشا نصر زيدان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
الدولة: الدوحة قطر
المشاركات: 359
افتراضي القسم الثالث من جمع القرآن

مجلس مذاكرة القسم الثالث من دورة جمع القرآن

اختر مجموعة من المجموعات التالية وأجب على أسئلتها إجابة وافية:

المجموعة الأولى:

س1: ما سبب عدم جمع القرآن الكريم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم؟

• لأن الوحي كان ينزل بالقرآن، فالقرآن نزل منجما أي متفرقا على مدد متفرقة،حتى العرضة الأخيرة .
• كانت هناك أحكام تنسخ،و كان هناك من الآيات ما نسخت تلاوة و بقي حكمها.
• وكان الغالب في عهد الرسول صبى الله عليه و سلم حفظ الآيات في الصدور.وكان الرسول صل الله عليه وسلم معصوما من النسيان و كان بين ظهرين الصحابة فلم يكن ما يستدعي للكتابة و مع ذلك كان يكتب على الرقاع وأكتاف الشاه.

س2: لخّص القول في مصحف أبيّ بن كعب، وبيّن أنواع ما يُنسب إليه.

خلاصة القول في مصحف أبي بن كعب أنه قد أخذه عثمان بن عفان و حرقه كما حرق بقية نسخ الصحابة. فقد ورد أن قوما من العراق سألوا محمد بن أبي بن كعب أن يخرج له مصحف ابي بن كعب فقال لهم أن عثمان قد قبضه.وقد رواه ثقات.

أنواع ما ينسب إليه ثلاثة أصناف:
وما ينسب إلى مصحف أبيّ بن كعب مما يخالف المصاحف العثمانية على ثلاثة أصناف:

الصنف الأول:. صنف لا يصح وهو ما ورد عمن قرأ من مصحف أبي قبل أن يأخذه عثمان.
والصنف الثاني:
ما روي عنه مخالفا لجمع القرآن على عهد عثمان و أكثره لا يصح لأاتفاق الصحابة على مصحف عثمان أو مما يعد من باب ما اقرا به قبل الجمع. أو من باب الاخبار ومنه ما نسخ أو ما تركت القراءة به.
والصنف الثالث: ما نُسب إلى مُصحفٍ بالعراق يُدَّعى أنه مصحف أبيّ، وقد اختُلف فيه على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أنه مصحف أنس بن مالك رضي الله عنه أملاه عليه أبيّ بن كعب.
قال القاضي أبو بكر الباقلاني: (قد رأينا مصحف أنسٍ الذي ذُكر أنه مصحفُ أُبيّ وكان موافقا لمصحفِ الجماعة بغيرِ زيادةٍ ولا نقصان.

والقول الثاني: أنه مصحف مستنسخ من مصحف أبيّ قبل الجمع العثماني، وهو ممن انتشر و لم يتلف مع ما أتلف من المصاحف.
قال ابن عطية:(وانتشرت في خلال ذلك صحف في الآفاق كتبت عن الصحابة، كمصحف ابن مسعود، وما كتب عن الصحابة بالشام، ومصحف أبيّ، وغير ذلك، وكان في ذلك اختلاف حسب الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها) يقصد بعد جمع أبو بكر و عثمان وقد أجمع الصحابة وممن بعدهم العلماء على ترك القراءة بها.

والقول الثالث: أنه مصحف أبيّ بن كعب نفسه، وهذا القول مبنيّ على ظنّ صحة نسبة تلك المصاحف إلى أبيّ، وهو خطأ بيّن، لما صحّ من أنّ جميع المصاحف سلمت لعثمان لحرقها على مشهد من الصحابة ورضاهم وقد ورد أن من أحجم عن تسليم مصحفه هو ابن مسعود و لم يرد شئ عن أبي با إنه كان ممن يرجع إليه لبيان صحيح الآيات.

ومن أمثلة ما يُنسب إلى مصحف أبيّ:

قال أبو عبيد القاسم بن سلام: حدثنا يزيد، عن عزرة، قال: (قرأت في مصحف أبي بن كعب هاتين السورتين: (اللهم نستعينك) و (اللهم إياك نعبد)).
عزرة هو ابن عبد الرحمن الخزاعي لم يدرك زمن الجمع.

وقال جرير بن حازم: (قرأتها في مصحف أُبيّ بن كعب [يُوَفِّيهمُ اللهُ الحَقُّ دِينَهُمْ]). رواه ابن جرير.

س3: ما معنى تأليف القرآن؟

هو مصدر ألف يؤلف تأليفاً،وهو بمعنى الوصل و المتابعة. وقال الأزهري ألفت الشئ أي وصلت بعضه ببعض.وتأليف القرآن أي ترتيب الآيات في السورة،وقد يراد بها ترتيب السور في المصحف الواحد.وقد ورد في الحديث قول زيد بن ثابت رضي الله عنه:بينا نحن عند رسول الله صل الله عليه و سلم نؤلف القرآن من الرقاع إذ قال: طوبى للشام و الشاهد "نؤلف"

س4: ما سبب كثرة الأسئلة المثارة في باب جمع القرآن؟

منبع الأسئلة المثارة في باب جمع القرآن من بابين:

الأول اشكالات من طلبة العلم وورود أسئلة يبحثوا عن الإجابة للوصول لعلة السبب و يصلوا إلى درجة من اليقين.
الثاني شبهات من قبل المغالين و المستشرقين وأعداء الدين من أرادوا الكيد بالإسلام و بث الشكوك و عدم الثقة في القرآن ومن ثم اغراء الكثيرين على الإلحاد و ترك الدين.
و قد يثير طلاب العلم المسائل و التساؤلات من باب الثقة و سد الذرائع وصد الباب على من يريدون الكيد بهذا الدين.

س5: بيّن أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "جمع القرآن"

• القرآن الكريم هو الكتاب السماوي الذي تعهد الله بحفظه"إنا أنزلنا الذكر و إنا له لحافظون".كلما قرأت في جمع القرآن أدركت معنى هذه الآية.
• أدركت فضل الصحابة رضوان الله عنهم،و كيف أنهه كانوا على أهبة الاستعداد لحفظ الأمانة وإيصال كلام الله محفوظ لنا.
• كيف أن هذا الدين متين و قوي في ذاته وأن الله كفيل بتسخير من يخدم كتاب الله.
• مدى تقدم الصحابة ووضعهم لبنات البحث العلمي وأدواته.
• أنه أصبح لدي حصيلة من الأدلة للرد على الشبهات من قبل أعداء الدين.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 7 ذو القعدة 1438هـ/30-07-2017م, 04:47 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

المجموعة السادسة:

س1: كيف يوثق بأنّ ما جُمع من الرقاع والأكتاف وصدور الرجال قد تمّ به جمع القرآن؛ وما ضمانة عدم الزيادة عليه؟
حرص الصحابة على القرآن حرصا لم يوجد ولم يكن لكتاب مثله لأنه كلام الله تعالى جعله كتابهم وشرعتهم ومنهاجهم ولأنه تعالى تكفل بحفظه سبحانه فقال ( إن نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ...
وقد كان من شدة حرصهم على ذلك حرصهم على تلقيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ... بل إن جمعا منهم قد جمعه في صدره كاملا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ... وما ذاك إلا لشدة عنايتهم به وحرصهم عليه ... ثم إنهم حرصوا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم واختياره للكتاب منهم أن يكتبوا بين يديه ما ينزل عليه من الآيات لا يكتبون غيرها حتى لا يلتبس القرآن بغيره ... فكتبوه على ما توفر عندهم من مواد الكتابة كالرقاع واللخاف والعسب والأكتاف ...
فتم بذلك جمعه في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم كاملا في الصدور والسطور...

🔺 فأما في الصدور فبما حفظه الصحابة رضوان الله عليهم من آياته ... وكانوا في ذلك قسمين ...
1- قسم جمعه كاملا في صدره وهو الجمع الفردي كأبي بن كعب وابن مسعود وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وعثمان بن عفان وغيرهم ...
2- وقسم حفظ منه مواضع متفرقة ... بحيث كانت الآية الواحدة محفوظة في صدور جمع من الصحابة يزيد عن حد التواتر... ويدخل في هؤلاء من جمع القرآن كاملا ...فذلك الجمع العام ... إذ ضمن به أن القرآن كاملا محفوظ من مجموع الأمة من عدد يوثق في ضبطهم ودقتهم ...

🔺 وأما في السطور فبما خطوه في حياة رسول الله وكتبوه بين يديه ... وإن كان مفرقا غير مجموع بين دفتين إلا أنه شمل القرآن كله ...

- فلما كان جمع أبي بكر وانتدب لذلك زيدا لعلمه بما نسخ من القرآن وما بقي منه متلوا فإنه كما قال عن نفسه أخذ يتتبعه من العسب واللخاف والرقاع وصدور الرجال ، وكان لا يأخذ بآية إلا وعليها شاهدان على الأقل يشهدان ثبوتها ... فكان مرجعه حفظه وأُبيًّا وحفظ القراء والصحابة إضافة إلى المكتوب ...
فلم يدع زيد شيئا من القرءان إلا تتبعه وكتبه ... وبقي للصحابة أن يقرأ كل بما علم ...

🔺ولم يكونوا يخشون عليه من الزيادة أو النسيان والنقصان ... لشدة عنايتهم به وبضبطه ... ولبلوغهم حد التواتر في حفظه وضبطه وإجماعهم على ما أثبت في المصحف ، فلم تكتب آية نسخت تلاوتها ... ولم يكتب إلا ما أجمعوا على ثبوته في العرضة الأخيرة من غير نسخ ... وكان دافع جمعهم ذلك أصلا حفظ القرآن مكتوبا لمن يأتي بعدهم ، إذ خشوا ضياع القرآن بعد موت حفاظه ، أما هم فقد كانوا صدورا واعية وقلوبا مطمئنة به ... شهدوا نزوله وصاحبوا رسولهم صلى الله عليه وسلم وعاينوه وهو يتنزل عليه الوحي ... فحصل لهم به من اليقين ما أمنوا به ورود الخطأ عليه ... فأجمعوا على ما خطوه في المصحف وتواتر النقل عنهم به ...
وكان اعتمادهم على ما سمعوه من رسول الله فحفظوه ووعوه ... ولو كان حدث زيادة أو خطأ في حرف واحد لاشتهر ذلك بينهم وعرف ، لكنهم لما أجمعوا ولم يعرف بينهم مخالف في جمع أبي بكر علم يقينا أن الذي جمعوه بين الدفتين هو القرآن كاملا من غير زيادة حرف واحد ...

س2: كيف لم توجد آخر براءة إلا مع أبي خزيمة الأنصاري؟
الجواب هنا يتعلق بالمقصود بمعنى قول زيد : ( لم أجدها مع أحد غيره ) ... وذلك في الحديث الذي رواه البخاري في جمع القرآن فكان فيه قول زيد رضي الله عنه : ( فتتبعت القرآن أجمعه من العُسُبِ واللخافِ وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم} حتى خاتمة براءة،
ومن المعلوم أن جمعا من الصحابة كان قد جمع القرآن كاملا في صدره في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كزيد رضي الله عنه، وكذلك أبي بن كعب وهما الذان كانا يكتبان فيملي كعب ويكتب زيد ... وغيرهما من القراء
كما أنه قد اتفق أن القرآن كاملا كان محفوظا من مجموع الأمة بأعداد تصل حد التواتر ... فهذا يدل على أن هاتين الآيتين كانتا مما حفظ في الصدور حفظا متواترا ... ويدل على ذلك ما روي عن أبيِّ بن كعب : ( أنهم جمعوا القرآن في مصاحف في خلافة أبي بكر، فكان رجال يكتبون ويملي عليهم أبيُّ بن كعب، فلما انتهوا إلى هذه الآية من سورة براءة: {ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون}؛ فظنوا أن هذا آخر ما أنزل من القرآن، فقال لهم أبي بن كعب: (إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أقرأني بعدها آيتين: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم} إلى {وهو رب العرش العظيم}).رواه عبد الله بن الإمام أحمد في مسند أبيه ... فهذا يدل على معرفته بالآيتين وحفظه لهما ولموضعهما ...

🔺ومما سبق يعلم أن المراد بأن زيدا لم يجدهما إلا مع أبي خزيمة الأنصاري أنه لم يجدهما مكتوبتين إلا عنده ... فاتفق بذلك حفظ الصحابة لها مع حفظها مكتوبة عند أبي خزيمة ... إذا كانوا يجمعون ما استقر في صدور الرجال من المحفوظ ويعضده ما كتب وشهد عليه شاهدان على الأقل ليحصل بذلك الاستيقان والتثبت واليقين بأن ما يكتب ثابت غير منسوخ ...

🔺وفي المراد بكونها مكتوبة عنده فقط أنها إما أن تحمل على ظاهرها فيكون لم يكتبها أحد غيره ، أو أنها لم تكتب تلقيا من في رسول الله وإملاء منه صلى الله عليه وسلم إلا من أبي خزيمة ...
وأيا كان المراد فكله داخل في أن المقصود لم توجد مكتوبة إلا معه رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين ...

س3: ما فائدة بحث المسائل المتعلقة بمصاحف الصحابة رضي الله عنهم.
في بحث المسائل المتعلقة بمصاحف الصحابة عدة فوائد ... لعل أهمها وأعظمها :
🔺رفع الإشكال وتوضيح كثير من المرويات في هذا الباب ... وإزالة اللبس ورد الشبهات والمطاعن التي تثار فيه ...
إذ الناس في هذه المسائل صنفان ...
1 - صنف يبحث ليزداد علما فتواجهه المرويات في مصاحف الصحابة واختلافها عن بعضها وعما في أيدينا فتدخله الحيرة وتثار في ذهنه التساؤلات باحثا لها عن جواب شاف تطمئن له النفس .

2 - وصنف يبحث عن تلك الروايات ليتخذها مطعنا يطعن فيه في كتاب الله فيشكك المسلمين بكتابهم ويبث شبهاته فيستجيب لها ضعاف الإيمان أو من داخله الشك ولم يقف على فهم سليم لها ...

- فتكون دراسة المسائل المتعلقة بمصاحفهم قبل وبعد الجمع العثماني ، وما فيها من الاختلافات وأوجه القراءات التي تركت بإجماع الصحابة لاتفاقهم على مصحف الجمع العثماني ،... واختلافهم في ترتيب السور وعددها فكل ذلك يكشف الصواب ويزيل الالتباس ...

🔺فهذه الفائده الأهم ... ولعل غيرها من الفوائد مندرج تحتها متفرع عنها ... فمن تلك الفوائد :
1- تزيد المؤمنين رسوخا في إيمانهم ويقينا بما بين أيديهم من كتاب الله فيكونون درعا حصينا يذودون عن كتاب الله بعلم وفهم يردون به شبهات المضلين ومطاعن الطاعنين ...

2- يعلم الدارس حرص الصحابة على كتاب الله تعالى وتسابقهم وتنافسهم في أن يكون لكل منهم مصحفه فيقرأ فيه ، وذلك على ندرة الكتابة وقتها وصعوبتها وندرة أدواتها وما تستلزمه من وقت وجهد ... ومع ذلك حرصوا على ضبطها وإقامتها كما تلقوها من في رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فيكون ذلك دافعا للدارس على اعتنائه بكتاب الله ... إذ المصاحف اليوم أكثر من تحصى ... مطبوعة مشكولة منقوطة ومرتبة بطريقة تسهل على القارئ حفظها ... وبكافة الأحجام ... فلما نعلم حرص الصحابة نعلم تقصيرنا وأننا ما أعطينا الكتاب حقه ...

3- يعلم أن اختلاف الأمة فيما فيه سعة رحمة ... ولكن لما يحصل الإجماع على أمر تنزل الأمة على أمر مجموعها ... فقبل الجمع العثماني كان كل يقرأ كما علم ولا يدع حرفا قرأه رغبة عنه ، ويكتب مصحفه بما يقرأ ولا ينكر بعضهم على بعض ... ثم لما تم الجمع العثماني وأجمع الصحابة عليه ترك كل مصحفه وأقامه على مصحف عثمان ... حتى ابن مسعود الذي حصل منه خلاف في البداية لم يلبث حتى عاد لأمر الجماعة ...

4- يعلم الباحث في هذه المسائل ما نسخ من القرآن وما تركت كتابته إجماعا فيزداد فهما في هذا الباب ويزداد علما بما بذله الصحابة من جهود لجمع الأمة على مصحف واحد جامع خشية الاختلاف والفتنة ... وحرصهم على توحيد الأمة وعدم اختلافها على كتابها كما اختلف اليهود والنصارى على كتبهم .


س4: ما تقول فيما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قوله تعالى: ( {الله نور السماوات والأرض مثل نوره} قال: هي خطأ من الكاتب، هو أعظم من أن يكون نوره مثل نور المشكاة، قال: [مثل نور المؤمن كمشكاة]) ؟

🔺الأثر الذي ورد فيه ذلك ما رواه ابن أبي حاتم قال : حدثنا علي بن الحسين، ثنا نصر بن علي، أخبرني أبي، عن شبل بن عباد، عن قيس بن سعد، عن عطاء، عن ابن عباس: ( {الله نور السماوات والأرض مثل نوره}
قال: هي خطأ من الكاتب، هو أعظم من أن يكون نوره مثل نور المشكاة قال: [مثل نور المؤمن كمشكاة]).
وهذا الحديث رجاله ثقات، لكنّه غريب في جميع طبقات الإسناد، وعطاء هو ابن أبي رباح.
والغريب هو ما انفرد راويه بروايته من أول السند أو في أكثر من طبقة منه ...

🔷يمكن أن نقف في هذا الأثر على عدة نقاط ...
🔺أولا : إن تخطئة كتاب المصاحف العثمانية جملة قول مردود ممتنع منكر غير مقبول ... ذلك لأن المصاحف العثمانية كتبت بإجماع الصحابة ، ولا يمكن أن يجتمعوا على خطأ أو ضلالة ، ولو علموا فيها زيادة حرف ما تركوه ، ولاشتهر بينهم ، وهذا ما لم يكن ... فقد أجمعوا على ما خطوه في المصاحف وعلى صحتها ...
ثم إن هذه المصاحف سيرت إلى الأمصار فقابلها القراء على ما حفظوه في صدورهم ولو كان فيها خطأ لعرفوه وذلك أيضا لم يكن ... بل وافقوه وأقروه وأجمعوا عليه وتواترت جموعهم على صحته ...
والمتواتر لا يطعن فيه ولا يشك في صحته وكل ما خالف المتواتر في القرآن شاذ .

- قال ابن تيمية : (المصاحف التي نسخت كانت مصاحف متعددة وهذا معروف مشهور وهذا مما يبين غلط من قال في بعض الألفاظ: إنه غلط من الكاتب أو نقل ذلك عن عثمان؛ فإن هذا ممتنع لوجوه. منها: تعدد المصاحف واجتماع جماعة على كل مصحف ثم وصول كل مصحف إلى بلد كبير فيه كثير من الصحابة والتابعين يقرءون القرآن ويعتبرون ذلك بحفظهم والإنسان إذا نسخ مصحفا غلط في بعضه عرف غلطه بمخالفة حفظه القرآن وسائر المصاحف فلو قدر أنه كتب كاتب مصحفا ثم نسخ سائر الناس منه من غير اعتبار للأول والثاني أمكن وقوع الغلط في هذا وهنا كل مصحف إنما كتبه جماعة ووقف عليه خلق عظيم ممن يحصل التواتر بأقلَّ منهم...)

🔺ثانيا : ابن عباس رضي الله عنه تلقى القرآن على جمع من كبار القراء أبرزهم زيد بن ثابت و أبي بن كعب رضي الله عنه، بل إنه كان قد أقام مصحفه على قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه
- عن ابن حبيب بن أبي ثابت، عن أبيه، قال: أعطاني ابن عباس مصحفاً؛ فقال: هذا على قراءة أبيّ بن كعب . رواه ابن جرير
- وقد صحت هذه القراءة عن أبي بن كعب رضي الله عنه ... ولكن ترك القراءة بها إما لكونها مما نسخت تلاوته أو من الأحرف المتروكة في الجمع العثماني ...
- فقد قال هشام بن عمار: (حدثنا سعيد، ثنا زكريا، عن عامر قال: (في قراءة لأبي بن كعب: [مثل نور المؤمن كمشكاة]).وعامر هو الشعبي.

ومن المعلوم أن الصحابة قبل الجمع العثماني كاني يقرؤون كل بما علم ... لكن لما صير إلى المصحف العثماني تركوا أحرفهم إلى ما اجتمعوا عليه وتواتر ... والمتواتر لا يطعن فيه بحال من الأحوال ...

- كما روى أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه فضائل القرآن عن ابن جريج أن مجاهدا كان يقرأ ( مثل نور المؤمن كمشكاة فيها مصباح )
ومجاهد من التابعين وهو تلميذ ابن عباس ، ولعله قرأ بها هكذا مع علمه بما استقر عليه الجمع العثماني تفسيرا لا تلاوة ... إذ قد أخذ ابن كثير المكي عن مجاهد قراءتها بما يوافق المصاحف العثمانية ...

🔺ثالثا : قد حصل كلام كثير في ثبوت هذا الأثر عن ابن عباس ... بين منكر للأثر لكونه لا يتصور أن يتلقى ابن عباس القرآن ويجمعه كاملا في صدره عن أبي وزيد ثم يتهم ما جمعاه بالخطأ ، ولثبوت الرواية عن ابن عباس بما أجمعت عليه الأمة ... وهذا يوجه بكون ذلك قد يصدر قبل معرفته بالإجماع على الحرف الذي اختاروه وترك حرف أبي ... وبعضهم كان موجها للأثر أو مخطئا لابن عباس ... لكن مهما كان يبقى المعول عليه ما تواتر ... لأن القرآن هو ما ثبت بالتواتر فقط وكل ما شذ ليس قرءانا ...

🔺رابعا : لو صح هذا الأثر وثبت عن ابن عباس تخطئته تلك فإنه يحمل على وجوه منها :
1- أن تخطئته لم تكن متوجهة للمصاحف العثمانية كلها ...إذ ذاك لا يصدر عنه مع ما أوتي من علم بكتاب الله وفضل ... ولكنها تتوجه إلى كتابة ذلك المصحف الذي سئل عنه أو الذي كان بين يديه ، لعدم علمه بإجماع الصحابة على ترك هذا الحرف وترجيحهم غيره ... وأن المصاحف كلها اتفقت على القراءة المخالفة لما يقرأ ... فيكون بذلك تخطئته للاختيار الذي كتبه الكاتب في المصحف بين يديه لا أن الذي كتب ليس قرءانا ، ولا ضير في عدم علم الصحابي فيما انتهى إليه الإجماع أول الأمر ... إذ من المعلوم أن ابن عباس أقرأ مجاهدا ومجاهدا أقرأ ابن كثير المكي وقراءة ابن كثير على مافي المصاحف بين أيدينا فهذا دليل على أنه التزم بعد علمه بما تواتر عليه الجمع وحصل به الإجماع ...

2- أن تخطئته هذه إن ثبت الأثر تكون خطأ منه رضي الله عنه ، إذ الصحابة غير معصومين والخطأ منهم وارد ... فكما قال ابن تيمية بعد بيان أسباب امتناع تطرق الخطأ إلى المصاحف العثمانية : ( فهذا ونحوه مما يوجب القطع بخطأ من زعم أن في المصحف لحنا أو غلطاً، وإن نقل ذلك عن بعض الناس ممن ليس قوله حجة؛ فالخطأ جائزٌ عليه فيما قاله؛ بخلاف الذين نقلوا ما في المصحف وكتبوه وقرأوه؛ فإن الغلط ممتنع عليهم في ذلك).

فالخطأ وارد في حق الفرد ... أما جماعة الأمة فإنها لا تجتمع على ضلالة ... وقد اجتمعت على كتابة الآية ( الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة ) ... فما اجتمعت عليه وتواتر نقله هو الصواب الذي لا مطعن فيه ولا خطأ ...

س5: بيّن أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "جمع القرآن"
الحقيقة أن هذه الدورة من أعظم الدورات التي قدمت وأضافت لي الشيء الكثير ... مع أننا درسنا سابقا جمع القرآن ومع أنني كنت قد درسته سابقا فيما درست من علوم القرآن لكن في كل مرة كان يبقى في النفس شيء لا أجد له جوابا لا عند معلم ولا في كتب هذا العلم مما وقفت عليه واطلعت عليه ووصل إليه علمي وهو قليل جدا وقد غاب عني في الحقيقة كثير ،... وربما كنت قد قرأت الكثير من المرويات الواردة في الباب فازددت بها حيرة ...
لكنني شعرت في هذه المرة أنني وللمرة الأولى ربما التي أصل فيها في هذا الباب إلى مرحلة الطمأنينة بما علمته منه والقدرة على الحديث في الباب بلا خوف ، فقد كنت أتهيب الخوض في المسائل لخوفي مما سيعترض طريقي من شبهات أعلم يقينا زيفها ولا أملك الرد عليها ... جزاكم الله خيرا وجزى عنا شيخنا خير الجزاء ..

🔺 ولعلي ألخص أهم ما خرجت به من فوائد في نقاط :
1- عند بحث أي مسألة في أي علم ، وخصوصا العلم الشرعي لا بد من بحث المسألة من كافة جوانبها والوقوف على كل المرويات فيها ... الصحيحة ليبنى عليها ، والضعيفة لبيان ضعفها وعدم التعويل عليها ورد أي شبهة تدخل منها ... فالبحث من كافة الجوانب يعطي صورة كاملة واضحة غير مجتزأة ... ويتمكن الدارس من فهم جميع النقاط المطروحة في المسألة وما يتعلق بها ... فلا يكاد يخطر له تساؤل أو شك إلا وجد إجابته في سطور تلي ما يقرؤه ... فيعي المسألة كاملة ويعيش كافة تفاصيلها فيفهمها ...

2- كيفية التعامل مع المرويات الواردة في المسألة الواحدة ... بالتأكد من نسبتها إلى قائلها وصحة الإسناد إليه ، والبحث عن عللها إن كان فيها علة ، والنظر في متونها إن كان فيها نكارة أم لا ، والبحث في أقوال العلماء فيها والموازنة بينها ومحاولة النظر للخلوص بالقول الأكثر سدادا والأقرب إلى الصواب ...

3- إدراك وفهم المراحل التي مر بها كتاب الله تعالى حتى وصل إلى أيدينا نقرؤه بيسر وسهولة ... ونتنافس في ضبط تلاوته ونيل شرف الإسناد إلى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إليه صلى الله عليه وسلم ثم إلى جبريل ثم إلى رب العزة جل وعلا ... فيزداد ذاك السند هيبة وإجلالا وتعظيما ... إذ ندرك أن هذا الكتاب حمله أشراف الأمة ونقلوه إلينا حرفا حرفا نقلا مضبوطا متواترا وبذلوا في سبيله نفيس أوقاتهم ...

4 - زيادة حب كتاب الله وزيادة تعظيمه ... والتيقن بحفظ الله له ... إذ تكفل بذلك في كتابه ،... ويسر الله له جيلا حرص على حفظه أشد الحرص ، ففزع عند أول بوادر خشية ضياعه ... ثم عند بوادر الاختلاف فيه ... ثم تنافس فيه علما وتعليما وقراءة وإقراء .... فنعلم بذلك أن كتاب الله له صدارة أوقاتنا لا فضولها ...

5 - فهم الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان وعلاقة ذلك بالأحرف السبعة والعرضة الأخيرة ...

6 - فهم ما روي عن الصحابة من قراءات صحت نسبتها إليهم ولم يعرف نسخها في العرضة الأخيرة لكنها تخالف المصحف الإمام لم لا يقرأ بها ... ولماذا تعتبر اليوم شاذة مع أنهم في زمنهم قرؤوا بها ...

7 - إزالة الإشكال فيما حصل من ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه من رفض للجمع العثماني في البداية وحدة موقفه منه ورفضه تسليم مصحفه أو ترك شيء مما أخذه عن رسول الله من الحروف ...
وكذلك ما ورد عن عائشة و ابن عباس رضي الله عنهما في مسألة تخطئة كتاب المصاحف في بعض المواضع ...

8- إدراك عظم قدر الصحابة وعلو مكانتهم وفضلهم في دين الله تعالى ... رضي الله عنهم جميعا وأرضاهم ...
وهم مع فضلهم بشر غير معصومين عن الخطأ ... فإنما العصمة للأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم... وإدراك ذلك مما يسهل الاقتداء بهم ثم يعين على فهم ما جرى من بعضهم من بعض المواقف التي قد يقف المرء منا حائرا أمامها أن كيف صدرت ، لكنه عندما يدرك أن خير القرون هم بشر وأنهم يخطئون - وإن كانت نسبة أخطائهم قليلة جدا - يعلم أن تلك الأخطاء لا تقدح بفضلهم ومكانتهم وصحبتهم وما حازوه من شرف الخيرية في هذه الأمة والسبق والفضل فيها ...

9 - إجابة التساؤلات والإشكالات التي كانت تعرض لي كلما خضت في هذا الباب ... ووضع الدارس على أرضية صلبة فيها ينطلق منها لا يهاب ولا يخشى - بعد تثبيت الله له - شبهات تعترضه من هنا وهناك .

10 - أهمية وحدة الصف المسلم والبعد عن كل ما يشق صفه أو يؤدي إلى فتنة فيه مهما عظم ... والنزول على أمر الجماعة ونبذ الفرقة والاختلاف ...

11- الفرد المسلم ناصح في الجماعة المسلمة يقظ متنبه لكل خطر يحدق بها ... فالجمع الأول كان بإشارة عمر رضي الله عنه لما خشي ضياع القرآن بموت الحفاظ ، والجمع الثاني كان بإشارة حذيفة لما خشي الفتنة والاختلاف في كتاب الله ...

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 7 ذو القعدة 1438هـ/30-07-2017م, 05:18 AM
ندى علي ندى علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 311
افتراضي

المجموعة الرابعة:

س1: هل البسملة من القرآن؟
نعم ، هي من القرآن بإجماع أهل العلم فلا يخالف أحد منهم كونها قرآنا إنما اختلفوا في عدها ، وما ورد من خلاف في كونها قرآنا فهو شاذ لم تثبت صحته وأنكره اهل العلم .
ويدل على ذلك :
قول أبي بكرٍ البيهقيُّ : "لم يختلف أهل العلم في نزول بسم الله الرحمن الرحيم قرآنا، وإنما اختلفوا في عدد النزول.
وقول عبد الله بن المبارك وأحمد بن حنبل: (من ترك بسم الله الرحمن الرحيمفي فواتح السور، فقد ترك مائة وثلاث عشرة آية من القرآن). رواه البيهقي في شعب الإيمان عنهما
وقول شيخ الإسلام ابن تيمية: " توسّط أكثر فقهاء الحديث كأحمد ومحققي أصحاب أبي حنيفة، فقالوا: كتابتها في المصحف تقتضي أنها من القرآن؛ للعلم بأنهم لم يكتبوا فيه ما ليس بقرآن..."

س2: لخّص القول في ترتيب الآياتوالسور في المصاحف، وهل هو توقيفي؟
أما ترتيب الآيات في السورة الواحدة : فهو توقيفي أُخذ عن النبي – صلى الله عليه وسلم-بإجماع الأمة .
قال عبد الله بن أبي مليكة: قال ابن الزبير: قلت لعثمان: هذه الآية التي فيالبقرة {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا}إلى قوله{غير إخراج}قد نسختها الأخرى، فلم تكتبها؟ قال: «تدعها يا ابن أخي، لا أغيّر شيئاً منه من مكانه».رواه البخاري في صحيحه من حديث يزيد بن زريع عن حبيب بن الشهيد عن ابنأبي مليكة به.
فدل على أن ترتيب الآيات توقيفي لا يجوز تغييره .
وحديث أبي العالية، عن أبيِّ بن كعب أنهم جمعوا القرآن في مصاحف في خلافة أبي بكر،فكان رجال يكتبون ويملي عليهم أبيُّ بن كعب، فلما انتهوا إلى هذه الآية من سورةبراءة: {ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لايفقهون}؛ فظنوا أن هذا آخر ما أنزل من القرآن، فقال لهم أبي بن كعب: (إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أقرأني بعدها آيتين:{لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكمبالمؤمنين رءوف رحيم} إلى{وهو رب العرشالعظيم}).رواه عبد الله بنالإمام أحمد في مسند أبيه وابن أبي داوود في كتاب المصاحف والضياء في المختارة منطريق أبي جعفر الرازي: حدثنا الربيع بن أنس، عن أبي العالية.
فأبي بن كعب – رضي الله عنه - حدد موضع الآيتين المفقودة دل ذلك أن لها ترتيبا توقيفيا.
وأما ترتيب السور في المصحف: فهو اجتهادي على أصح القولين وهو قول مالك والباقلاني والقاضي عياض وحكاه عن الجمهور وقد استند الصحابة في اجتهادهم هذا على أدلة صحيحة ولم يكن مجرد رأي ثم أجمعوا عليه وتلقته الأمة بالقبول.
ويدل على ذلك: قول سليمان بن بلال التَّيمي: سمعتُ ربيعةَ يُسأل: لم قُدِّمَت البقرة وآل عمرانوقد نزل قبلهما بضع وثمانون سورة بمكة، وإنما نزلتا بالمدينة؟
فقال: «قُدِّمَتا، وأٌلّفَ القرآن على علمٍ ممن ألَّفه به، ومن كانمعه فيه، واجتماعهم على علمهم بذلك، فهذا مما يُنتهى إليه، ولا يُسأل عنه»رواه ابن وهب في جامعه كما في جامع بيان العلم لابن عبد البر،ورواه أيضا ابن شبة في تاريخ المدينة.
دلّ ذلك على أنهم استندوا على علم صحيح يعتد به .
وقال القاضي عياض: (ترتيب السور اجتهاد من المسلمينحين كتبوا المصحف لم يكن ذلك من تحديد النبى عليه السلام، وإنما وكله إلى أمتهبعده، وهو قول جمهور العلماء، وهو قول مالك واختيار القاضى أبى بكر الباقلانى وأصحالقولين عنده).
ولعله الصواب إذ لو كان الترتيب توقيفيا لما ساغ أن يختلف ترتيب مصاحف الصحابة مع شدة عنايتهم بمتابعة النبي صلى الله عليه وسلم وحفظهم للقرآن .
وهناك من قال بأن ترتيب السور توقيفي وهو قول أبي عمرو الداني وابن بطال وأبي بكر الداني وأبي جعفر النحاس وجماعة من أهل العلم، وفهموا ذلك من هذا الأثر قال ابن وهب: سمعت مالكاً يقول: (إنما أُلِّفَ القرآن على ماكانوا يسمعونه من النبى صلى الله عليه وسلم(
وقال أبو عمرو الداني: (القول عندنا في تأليف السوروتسميتها وترتيب آيها في الكتابة أن ذلك توقيف من رسول الله وإعلام منه به لتوفرمجيء الأخبار بذلك واقتضاء العادة بكونه كذلك، وتواطؤ الجماعة، واتفاق الأمة عليه،وبالله التوفيق(

س3: ما الجواب عن اختلاف ترتيب السور فيمصاحف الصحابة؟
اختلاف ترتيب السور في مصاحف الصحابة منه ماكان قبل جمع عثمان -رضي الله عنه- ومنه ماكان بعده فأما ماكان قبل جمع عثمان -رضي الله عنه – فلأن ترتيب المصاحف كان اجتهاديا كل قاريء رتب مصحفه باجتهاد منه ولم يكن الترتيب عليهم واجب حينئذ.
أما ماكان بعد جمع عثمان -رضي الله عنه- فإن عثمان أمر بإتلاف جميع المصاحف وانعقد الإجماع عليه فلم يسغ لأحد أن يخالف ترتيبه ولم يبق من المصاحف سوى المصحف الذي جمعه أبو بكر -رضي الله عنه – رده عثمان إلى حفصة – رضي الله عنها- وبقي إلى زمن معاوية ثم أتلفه مروان ابن الحكم ومصحف عبد الله بن مسعود فلم يسلمه ابن مسعود لعثمان -رضي الله عنهما – لكنه أقامه على ترتيب مصحف عثمان بعد ذلك .
فتبين مما سبق أن كل اختلاف قبل جمع عثمان رضي الله عنه رفع بجمعه وكل مابقي بعد جمعه مما يخالفه فهو مما تأخر إتلافه ولم يبق بعد إتلافه ما يخالف ترتيب مصحف عثمان رضي الله عنه .

س4: ما تقول فيما رواه ابن جرير بإسناده عن عكرمة، عن ابن عباسأنه كان يقرأها: [أَفَلَمْ يَتَبيَّنِ الَّذِينَ آمنُوا] قال: كتب الكاتب الأخرىوهو ناعسٌ)؟
اختلفت مواقف الأئمة من هذا الأثر وأجابوا عنه بعدة أجوبة :
فمنهم من أنكر صدور هذا القول عن ابن عباس لعلمه باجتهاد كتبة المصاحف وشدة عنايتهم في التوثيق والاحتياط، كما فعل ابن الأنباري، والزمخشري، وأبو حيان وغيرهم من المفسرين.
قال الزمخشري: هذا ونحوه مما لا يُصَدَّقُ في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل منبين يديه ولا من خلفه، وكيف يخفى مثل هذا حتى يبقى ثابتا بين دفتي الإمام؟!!
وكانمتقلبا في أيدى أولئك الأعلام المحتاطين في دين الله المهيمنين عليه، لا يغفلون عنجلائله ودقائقه، خصوصا عن القانون الذي إليه المرجع، والقاعدة التي عليها البناء،وهذه والله فرية ما فيها مرية)ا.هـ.
ومنهم من صحح الزيادة وتوقف في التوجيه كالحافظ ابن حجر – رحمه الله- فقد ورد عنه أن قال "وأما ما أسنده الطبري عن ابن عباس فقد اشتد إنكار جماعة ممن لا علم له بالرجالصحَّتَه، وبالغ الزمخشري في ذلك كعادته إلى أن قال: "وهي والله فِرْيَةٌ ما فيهامِرْيَة" وتبعه جماعة بعده، والله المستعان، وقد جاء عن بن عباس نحو ذلك في قولهتعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه}قال: "ووصىالتزقت الواو في الصاد" أخرجه سعيد بن منصور بإسناد جيد عنه، وهذه الأشياء وإن كانغيرها المعتمد، لكن تكذيب المنقول بعد صحته ليس من دأب أهل التحصيل؛ فليُنظر فيتأويله بما يليق به)ا.هـ "
ومنهم من التمس العذر لابن عباس وظن أنه أخطأ لأنه غير معصوم من الخطأ كابن تيمية .
ومنهم من وجه قول ابن عباس إلى مالانكارة فيهم مع تسليمه إلى أن مافي المصحف أولى كابن أشته قال السيوطي: (وقد أجاب ابن أشتهعن هذه الآثار كلها بأن المراد أخطئوا في الاختيار، وما هو الأولى لجمع الناس عليهمن الأحرف السبعة، لا أنَّ الذي كتب خطأ خارج عنالقرآن)ا.هـ.
وأجاب عنه الشيخ – حفظه الله – من وجهين :
أحدهما : أنه لا إشكال في صحة قراءة ابن عباس ( أفلم يتبين) لأن اختلاف الصحابة في القراءات اختلاف صحيح سائغ .
الثاني : ماورد في الأثر من قوله (كتب الكاتب الأخرى وهو ناعس) هو مظنة العلة القادحة وإن كان رجال الإسناد ثقات فإن عبيدا لم يذكر هذه الزيادة في روايته دل ذلك على أنه لم يتركها إلا لعلة قادحة أو لأنها زيدت عليه – والله تعالى أعلم- .
وعلى فرض ثبوتها فالأقرب أن يقال أن ابن عباس كان قد جمع القرآن في صدره منذ زمن فلما بلغته هذه القراءة أنكرها ظنا منه أنها ليست المعتمدة في جميع المصاحف – والله تعالى أعلم- .

س5: بيّن أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "جمع القرآن"
- معرفة الرد على الإشكالات التي وردت في باب جمع القرآن ورد شبه الطاعنين والمشككين في صحة جمع القرآن .
- معرفة الفرق بين ترتيب الآيات وترتيب السور في المصحف فترتيب الآيات توقيفي وترتيب السور اجتهادي من الصحابة وهو مجمع عليه ومبني على أدلة صحيحة .
- معرفة الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان رضي الله عنهما فإن جمع أبي بكر كان جمع لكتابة القرآن في مصحف واحد حفاظا عليه إذ كان مفرقا وكثر قتل القراء فخاف عليه من الضياع أما جمع عثمان رضي الله عنه فهو جمع للقرآن على قراءة واحدة خوفا من افتتان الناس باختلاف القراءات وتفرقهم.
- أن القرآن في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم كان محفوظا في صدور الصحابة ومكتوبا على العسب واللخاف والرقاع والأكتاف لكنه مفرقا بين الصحابة لم يجمع في مصحف واحد بين دفتين .



هذا والله تعالى أعلم

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 7 ذو القعدة 1438هـ/30-07-2017م, 10:22 PM
مريم أحمد أحمد حجازي مريم أحمد أحمد حجازي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
المشاركات: 308
افتراضي

المجموعة الثانية:
س1: ما تقول في دعوى أنّ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه كتب مصحفاً مرتّبا على النزول؟
هذا القول مخالف لقول عليّ رضي الله عنه بأن أبا بكر رضي الله عنه هو أوّل من جمع القرآن بين دفتين ؛ و بيانه :
* روى ابن عبد البر بسنده عن محمد بن سيرين ، قال : ( لما بويع أبو بكر أبطأ علي عن بيعته فجلس في بيته ؛فبعث إليه أبو بكر ما بطأك عني أكرهت إمرتي؟ ) فقال علي : (ما كرهت إمارتك ، و لكني آليت أن لا أرتدي ردائي إلا إلى صلاة حتى أجمع المصحف ) قال ابن سيرين : ( و بلغني أنه كتبه على تنزيله ، و لو أصيب ذلك الكتاب لوجد فيه علم كثير )
- قال ابن عبد البر : " هذا الأثر سبق ذكره من غير زيادة قوله : ( و بلغني أنه كتبه على تنزيله .) فهذه الزيادة منكرة ، لا تصح عن ابن سيرين ، و في إسنادها ابن رشدين ، كذّبه الحافظ أحمد بن صالح المصري
و قال ابن عدي : له مناكير
* و قد روى هذا الأثر ابن الضريس في فضائل القرآن من طريق هوذة بن خليفة و النضر بن شميل عن عوف عن ابن سيرين أنه قال : فقلت لعكرمة : ألَّفوه كما أُنزل ، الأوّل فالأوّل ؟
قال : (لو اجتمعت الإنس و الجن على أن يؤلفوه ذلك التأليف ما استطاعوا!!!).
قال محمد : ( أراه صادقًا )
- في طريق هوذة شكّ في شيخ ابن سيرين هل هو عكرمة أو غيره . فدعوى أن أحدًا من الصحابة رتّب المصحف على ترتيب النزول دعوى باطلة
- و كذلك لفظة ( حتى أجمع المصحف) منكرة لما تقدّم بيانه ، و هي مبدلة من قوله ( حتى أجمع القرآن) ، و كانت هذه الزيادة مما أنكر على أشعث بن سوّار الكندي ؛ فإنه قد روى هذا الخبر عن ابن سيرين و فيه أنه قال : ( لما توفي النبي صلى الله عليه و سلم أقسم علي أن لا يرتدي برداء إلا لجمعة حتى يجمع القرآن في مصحف ؛ ففعل؛ فأرسل إليه أبو بكر بعد أيام : ( أكرهت إمارتي يا أبا الحسن؟)
قال : ( لا و الله إلا أني أقسمت أن لا أرتدي برداء إلا لجمعة ) فبايعه ثم رجع . رواه ابن أبي داوود في كتاب المصاحف و تعقبه بقوله : " لم يذكر المصحف أحد إلا أشعث ، و هو ليّن الحديث ، و إنما رووا ( حتى أجمع القرآن ) يعني : أُتمّ حفظه ؛ فإنه يقال للذي يحفظ القرآن قد جمع القرآن .

س2: ما الجواب عن خبر (لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة)؟
أن هذه الرواية قد رويت عن عمر بن الخطاب و عن زيد بن ثاب رضي الله عنهما و لا تصح عنهما ، بل هي عبارة ضعيفة الإسناد منكرة المتن .
* و بيانه :
قال عبد الله بن الزبير : أتى الحارث بن خزيمة بهاتين الآيتين من آخر براءة: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى عمر بن الخطاب، فقال: (من معك على هذا؟)
قال: لا أدري والله إلا أني أشهد لسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووعيتها وحفظتها.
فقال عمر:(أشهد لسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم).

ثم قال: (لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة، فانظروا سورة من القرآن فضعوها فيها، فوضعتها في آخر براءة). رواه الإمام أحمد في مسنده وابن أبي داوود في كتاب المصاحف، وفي إسناده محمد بن إسحاق مدلّس، وقد عنعن.
وعباد بن عبد الله بن الزبير لم يدرك زمن الجمع، وسياق الخبر مخالف للروايات الصحيحة من وجوه، وزيادة (لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة) منكرة جداً.
وقد صحّ أن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم قد جمعوا القرآن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكونوا يجهلون موضع هاتين الآيتين، وقد روي أن أبيّ بن كعب رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه إياهما بعد قوله تعالى: {ثمّ انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون}
*فهذه الجملة مروية في هذا الخبر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتبيّن أنها لا تصحّ عنه.*
- وروى عمر بن شبّة في تاريخ المدينة وابن جرير في تفسير من طريق عمارة بن غزية، عن ابن شهاب، عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (عرضت المصحف فلم أجد فيه هذه الآية {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا})
قال: (فاستعرضت المهاجرين أسألهم عنها فلم أجدها مع أحد، ثم استعرضت الأنصار أسألهم عنها، فلم أجدها مع أحد منهم، حتى وجدتها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري فكتبتها، ثم عرضته مرة أخرى فلم أجد فيه هاتين الآيتين: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر السورة).

قال: (فاستعرضت المهاجرين أسألهم عنها فلم أجدهما مع أحد منهم، ثم استعرضت الأنصار أسألهم عنهما فلم أجدهما مع أحد منهم حتى وجدتهما مع رجل آخر يدعى خزيمة أيضا من الأنصار فأثبتهما في آخر براءة).
قال زيد: (ولو تمت ثلاث آيات لجعلتها سورة واحدة، ثم عرضته عرضة أخرى فلم أجد فيه شيئا؛ فأرسل عثمان رضي الله عنه إلى حفصة رضي الله عنها يسألها أن تعطيه الصحيفة، وجعل لها عهد الله ليردها إليها، فأعطته إياها، فعرضت الصحف عليها فلم تخالفها في شيء فرددتها إليها، وطابت نفسه فأمر الناس أن يكتبوا المصاحف).
**وهذا الخبر تفرّد به عمارة بن غزيّة عن الزهري، وأخطأ في إسناده ومتنه، ولم يضبط ألفاظه، وقد نبّه على ذلك الدارقطني في العلل فقال: (هو حديث في جمع القرآن، ورواه الزهري عن عبيد بن السباق عن زيد بن ثابت؛ حدَّث به عن الزهري كذلك جماعة منهم: إبراهيم بن سعد، ويونس بن يزيد، وشعيب بن أبي حمزة، وعبيد الله بن أبي زياد الرصافي، وإبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، وسفيان بن عيينة وهو غريب عن ابن عيينة، اتفقوا على قول واحد.
ورواه عمارة بن غزية عن الزهري فجعل مكان ابن السبَّاق خارجة بن زيد بن ثابت وجعل الحديث كله عنه.
وإنما روى الزهري، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه من هذا الحديث ألفاظا يسيرة.
وهي قوله: (فقدت من سورة الأحزاب آية قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها فوجدتها مع خزيمة بن ثابت).
ضبطه عن الزهري كذلك: إبراهيم بن سعد، وشعيب بن أبي حمزة، وعبيد الله بن أبي زياد).
ثم قال الدارقطني: (الصحيح من ذلك رواية إبراهيم بن سعد، وشعيب بن أبي حمزة، وعبيد الله بن أبي زياد، ويونس بن يزيد، ومن تابعهم عن الزهري؛ فإنهم ضبطوا الأحاديث عن الزهري وأسندوا كل لفظ منها إلى روايه وضبطوا ذلك)ا.هـ.
فتبيّن بذلك أنّ هذه الجملة المنسوبة إلى زيد بن ثابت لا تصحّ عنه، وقد دخلت على عمارة بن غزية من رواية بعض الضعفاء مع ما دخل عليه من ألفاظ هذا الحديث ورواياته مما لم يضبطه، وخالف الثقات فيه في مواضع منه، ومنها هذه الزيادة المنكرة، فهي معلولة مردودة. مع مخالفتها لما تقدّم بيانه من اتّفاق الصحابة رضي الله عنهم وإجماع العلماء من بعدهم على أنّ ترتيب الآيات في السور توقيفي.

س3: ما تقول فيما روي عن ابن مسعود أنه كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه؟
اختلف أهل العلم فيما ينسب إلى ابن مسعود رضي الله عنه في شأن المعوذتين ، و الصواب : صحة ما روي عن أهل الحديث من القول بصحة ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه ، أن المعوذتين ليستا من سور القرآن ؛ و من هذه الروايات :
- ما رواه الإمام أحمد : قال عبد الرحمان بن يزيد النخعي : كان عبد الله يحك المعوذتين من مصاحفه ، و يقول : (إنهما ليستا من كتاب الله ).
- و روى الإمام أحمد أيضًا : عن زرٍّ قال : قلت لأبي : إن أخاك يحكهما من المصحف ، قيل لسفيان : ابن مسعود ؟ فلم ينكر قال : سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال : "قيل لي، فقلت " فنحن نقول كما قال رسول الله . قال سفيان : (يحكهما : المعوذتين ، و ليسا في مصحف ابن مسعود ، كان يرى رسول الله صلى الله عليه و سلم يعوّذ بهما الحسن و الحسين ، و لم يسمعه يقرؤهما في شئ من صلاته ؛ فظن أنهما عوذتان ، و أصرّ على ظنه ، و تحقق الباقون كونهما من القرآن ، فأودعوهما إياه) .
** و ليعلم أن ابن مسعود رضي الله عنه من كبار قرّاء الصحابة ، و مع هذا فهو غير معصوم من الخطأ ، و يلتمس له العذر كونه لم يسمع الرسول عليه الصلاة و السلام يقرأ بهما في صلاته ، و أنه سمعه يعوّذ بهما ، فظنهما عوذتين و ليستا سورتين من القرآن ، و لم ينكر رضي الله عنه أنهما وحي من الله .
و ليعلم أنه لم يتابعه على ما صنع أحد من الصحابة و لا التابعين ، و أنّ هذه الروايات عن ابن مسعود رضي الله عنه في شأن المعوذتين كانت قبل الجمع العثماني ، و قبل أن يقيم مصحفه على المصحف الإمام الذي أمر به عثمان بن عفان رضي اله عنه و أجمع الصحابة على اتخاذه مصحفًا إمامًا و ترك القراءة بما يخالفه .
و ليعلم أيضًا أن وقوع بعض الخطأ من أفراد القراء قبل انعقاد الإجماع على مصحف إمام مشتهر بين الناس جائز الوقوع ، و لا عصمة للأفراد ، و إنما العصمة لإجماعهم ، و قد يخطئ المخطئ و هو معذور مأجور ، إذا كان هذا هو مبلغ اجتهاده ، فلا يعاب بمثل هذا الخطأ على ابن مسعود رضي الله عنه و لا غيره ن القراء .
** و قد رجع رضي الله عنه إلى ما أجمع عليه الصحابة ، و ثبوت القراءة عنه بالأسانيد التي يروي بها القراء عنه ما يوافق قراءة العامة و فيها المعوذتان .
و المعوذتان من سور القرآن و الأدلة على ذلك كثيرة منها : حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال له : ( ألا أعلمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس؟) )
قال : قلت : بلى يا رسول الله ! قال : فأقرأني {قل أعوذ برب الفلق } و { قل أعوذ برب الناس } رواه الإمام أجمد و النسائي و غيرهما
س4: كيف تجيب باختصار عما روي عن عثمان رضي الله عنه أنه قال: «إن في القرآن لحنا ستقيمه العرب بألسنتها»؟
هذا الخبر لا يصحّ عن عثمان فهو معلول الإسناد منكر المتن، وقد وجهه بعض أهل العلم توجيهات لا نكارة فيها.
** وأصل هذا الخبر: ما روي عن يحيى بن يعمر، قال: قال عثمان رضي الله عنه: «إن في القرآن لحناً ستقيمه العرب بألسنتها» أخرجه عمر بن شبّة وابن أبي داوود وأبو عمرو الداني.
قال ابن أبي داوود: (هذا عبد الله بن فطيمة أحد كتاب المصاحف)

" يريد أنه ممن كان يكتب المصاحف، لا أنه من كتّاب المصاحف العثمانية لأنه لم يدرك زمن الجمع العثماني."
وقوله: (إن في القرآن لحناً) (المراد بالقرآن هنا المصحف المكتوب لا القرآن المتلوّ، للاتفاق المتيقّن على أنّ القرآن في الذروة العليا من الفصاحة لا لحن فيه بوجه من الوجوه.
وإطلاق لفظ القرآن على المصحف وارد في النصوص، ومنه حديث النهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدوّ.
* وقال عمر بن شبّة بسنده : عن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر بن كريز القرشي، قال: (لما فرغ من المصحف أتي به عثمان رضي الله عنه فقال: «قد أحسنتم وأجملتم، أرى شيئا من لحن سنقيمه بألسنتنا».
ورواه ابن أبي داوود من طريق المؤمل بن هشام ويحيى بن آدم عن إسماعيل ابن علية به إلا أنه قال: «قد أحسنتم وأجملتم، أرى فيه شيئا من لحن ستقيمه العرب بألسنتها».
* وروى ابن أبي داوود بسنده: عن عكرمة الطائي قال: لما أتي عثمان رضي الله عنه بالمصحف رأى فيه شيئا من لحن فقال : « لو كان المملي من هذيل ، والكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا ».
هارون هو ابن موسى الأعور النحوي صاحب القراءات.
وهذا الخبر وإن تعددت طرقه في ظاهر الأمر إلا أنه ضعيف جداً لا يصحّ عن عثمان.
فأما الإسناد الأول فمعلّ بثلاث علل:
1- عنعنة قتادة وقد عرف بالتدليس. 2- رواية يحيى بن يعمر عن عثمان مرسلة، ولذلك حكم عليه البخاري بالانقطاع. قال البخاري في التاريخ الكبير: (عبد الله بن فطيمة عن يحيى بن يعمر، روى قتادة عن نصر بن عاصم، منقطع). 3- جهالة حال عبد الله بن فطيمة.
والإسناد الثاني معلّ بثلاث علل أيضاً:
1- أن عبد الأعلى لم يدرك عثمان بن عفان. 2- أن الحارث بن عبد الرحمن متكلّم فيه، قال أبو حاتم: ليس بالقويّ. 3- اضطراب الرواة في ألفاظه بين (سنقيمه بألستنا) و(ستقيمه العرب بألسنتها).
والإسناد الثالث ضعيف جداً، عكرمة الطائي مجهول الحال، ولم يدرك عثمان. * فهذا الخبر من جهة الإسناد لا يصحّ عن عثمان بن عفان رضي الله عنه.*

وللعلماء في ردّه وتوجيهه أقوال:
أ. فأنكره جماعة من العلماء إنكاراً شديداً، وطعنوا في إسناده.
وممن أنكره: ابن الأنباري، وأبو عمرو الداني، ومكيّ بن أبي طالب القيسي، وابن تيمية، وابن عاشور.(نذكر بعض الأقوال)
قال أبو عمرو الداني: (هذا الخبر عندنا لا يقوم بمثله حجة، ولا يصح به دليل من جهتين:
أحدهما: أنه مع تخليط في إسناده واضطراب في ألفاظه مرسل لأن ابن يعمر وعكرمة لم يسمعا من عثمان شيئاً ولا رأياه.
وأيضاً: فإنَّ ظاهر ألفاظه ينفي وروده عن عثمان رضي الله عنه لما فيه من الطعن عليه مع محلّه من الدين ومكانه من الإسلام وشدّة اجتهاده في بذل النصيحة واهتباله بما فيه الصلاح للأمة؛ فغير ممكن أن يتولى لهم جمع المصحف مع سائر الصحابة الأتقياء الأبرار نظراً لهم ليرتفع الاختلاف في القرآن بينهم، ثم يترك لهم فيه مع ذلك لحنا وخطأ يتولى تغييره من يأتي بعده ممن لا شكَّ أنّه لا يدرك مداه ولا يبلغ غايته ولا غاية من شاهده!! هذا ما لا يجوز لقائل أن يقوله، ولا يحل لأحد أن يعتقده).ا.هـ
- وقال ابن تيمية: (المصاحف التي نسخت كانت مصاحف متعددة وهذا معروف مشهور، وهذا مما يبين غلط من قال في بعض الألفاظ: إنه غلط من الكاتب أو نقل ذلك عن عثمان؛ فإن هذا ممتنع لوجوه. منها: تعدد المصاحف واجتماع جماعة على كل مصحف ثم وصول كل مصحف إلى بلد كبير فيه كثير من الصحابة والتابعين يقرءون القرآن ويعتبرون ذلك بحفظهم والإنسان إذا نسخ مصحفا غلط في بعضه عرف غلطه بمخالفة حفظه القرآن وسائر المصاحف فلو قدر أنه كتب كاتب مصحفا ثم نسخ سائر الناس منه من غير اعتبار للأول والثاني أمكن وقوع الغلط في هذا، وهنا كل مصحف إنما كتبه جماعة ووقف عليه خلق عظيم ممن يحصل التواتر بأقلَّ منهم، ولو قُدِّرَ أنَّ الصحيفة كان فيها لحن؛ فقد كتب منها جماعةٌ لا يكتبون إلا بلسان قريش ولم يكن لحناً فامتنعوا أن يكتبوه إلا بلسان قريش؛ فكيف يتفقون كلهم على أن يكتبوا: {إن هذان} وهم يعلمون أن ذلك لحن لا يجوز في شيء من لغاتهم أو: {المقيمين الصلاة} وهم يعلمون أن ذلك لحن كما زعم بعضهم.
قال الزجاج في قوله: {المقيمين الصلاة} قول من قال: إنه خطأ - بعيد جدا؛ لأن الذين جمعوا القرآن هم أهل اللغة والقدوة فكيف يتركون شيئا يصلحه غيرهم فلا ينبغي أن ينسب هذا إليهم.
وقال ابن الأنباري: حديث عثمان لا يصح لأنه غير متصل ومحال أن يؤخر عثمان شيئا ليصلحه من بعده)ا.هـ.

ب. ومن العلماء من وجّهه توجيهاً لا نكارة فيه، واختلفوا في توجيهاتهم على أقوال:
1- فذهب الإمام المقرئ أبو الحسين ابن المنادي إلى أنّ المراد باللحن ظاهر رسم الكلمات التي تنطق على غير ما تكتب به ظاهراً، وأن هذا اللحن مأمون بإقامة القراء له بألسنتهم حتى تشتهر القراءة الصحيحة ويُعرف معنى الرسم. فقال فيما نقله عنه أبو عمرو الداني في المحكم: (في المصاحف العتق {أوليئهم من الإنس} و{ليوحون إلى أوليئهم} و{إن أوليئه إلا المتقون})
ثم قال: (وهذا عندنا مما نظر إليه عثمان رحمه الله فقال: "أرى في المصحف لحنا وستقيمه العرب بألسنتها" فأوجب ذلك من القول أنّ من الخط المكتوب ما لا تجوز به القراءة من وجه الاعراب، وأن حكمه أن يترك على ما خط ويطلق للقارئين أن يقرؤوا بغير الذي يرونه مرسوماً)ا.هـ.
قال أبو عمرو الداني: (وغير جائز عندنا أن يرى عثمان رضي الله عنه شيئا في المصحف يخالف رسم الكتابة مما لا وجه له فيها بحيلة؛ فيتركه على حاله، ويقرّه في مكانه، ويقول: إنّ في المصحف لحنا وستقيمه العرب بألسنتها" إذ لو كان ذلك جائزا لم يكن للكتابة معنى، ولا كان فيها فائدة، بل كانت تكون وبالاً لاشتغال القلوب بها)ا.هـ.
وقال أبو عمرو الداني في المقنع: (فإن قال: فما وجه ذلك عندك لو صحّ عن عثمان رضي الله عنه؟
**وجهه أن يكون عثمان رضي الله عنه أراد باللحن المذكور فيه التلاوة دون الرسم، إذ كان كثير منه لو تُلي على رسمه لا نقلب بذلك معنى التلاوة وتغيرت ألفاظها، ألا ترى قوله: {أولاأذبحنّه} و{لأاوضعوا} و{من نبأي المرسلين} و{سأوريكم} و{الربوا} وشبهه مما زيدت الألف والياء والواو في رسمه، لو تلاه تالٍ لا معرفة له بحقيقة الرسم على صورته في الخطّ لصيّر الإيجاب للنفي، ولزاد في اللفظ ما ليس فيه ولا من أصله؛ فأتى من اللحن بما لا خفاء به على من سمعه، مع كون رسم ذلك كذلك جائزاً مستعملاً؛ فأعلَمَ عثمانُ رضي الله عنه إذ وقف على ذلك أنّ من فاته تمييز ذلك وعزبت معرفته عنه ممن يأتي بعده؛ سيأخذ ذلك عن العرب إذ هم الذين نزل القرآن بلغتهم فيعرّفونه بحقيقة تلاوته، ويدلونه على صواب رسمه؛ فهذا وجهه عندي، والله أعلم)ا.هـ.
قوله: (أراد باللحن المذكور فيه التلاوة دون الرسم) هكذا وردت العبارة في المطبوع، ولعلها انقلبت على الناسخ؛ إلا إذا كان المراد: التلاوة التي عمدتها مجرّد النظر في الرسم.
2- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ومما يبين كذب ذلك: أن عثمان - لو قُدِّرَ ذلك فيه - فإنما رأى ذلك في نسخة واحدة؛ فإما أن تكون جميع المصاحف اتفقت على الغلط، وعثمان قد رآه في جميعها وسكت؛ فهذا ممتنع عادة وشرعاً من الذين كتبوا ومن عثمان ثم من المسلمين الذين وصلت إليهم المصاحف ورأوا ما فيها وهم يحفظون القرآن ويعلمون أن فيه لحنا لا يجوز في اللغة فضلا عن التلاوة، وكلهم يقرّ هذا المنكر لا يغيره أحد؛ فهذا مما يعلم بطلانه عادة، ويُعلم من دين القوم الذين لا يجتمعون على ضلالة؛ بل يأمرون بكل معروف وينهون عن كل منكر أن يدعوا في كتاب الله منكرا لا يغيره أحد منهم مع أنهم لا غرض لأحد منهم في ذلك، ولو قيل لعثمان: مُرِ الكاتبَ أن يغيره لكان تغييره من أسهل الأشياء عليه؛ فهذا ونحوه مما يوجب القطع بخطأ من زعم أن في المصحف لحناً أو غلطاً وإن نُقل ذلك عن بعض الناس ممن ليس قوله حجة؛ فالخطأ جائزٌ عليه فيما قاله؛ بخلاف الذين نقلوا ما في المصحف وكتبوه وقرأوه؛ فإنَّ الغلط ممتنع عليهم في ذلك)ا.هـ.
3- وقال السيوطي في الاقتراح: (وأحسن ما يقال في أثر عثمان رضي الله عنه بعد تضعيفه بالاضطراب الواقع في إسناده والانقطاع: أنه وقع في روايته تحريف؛ فإن ابن أشته أخرجه في كتاب (المصاحف) من طريق عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر، قال: "لما فرغ من المصحف أتي به عثمان؛ فنظر فيه فقال: أحسنتم وأجملتم , أرى شيئا سنقيمه بألسنتنا".

فهذا الأثر لا إشكال فيه فكأنه لما عرض عليه عند الفراغ من كتابته رأى فيه شيئا غير لسان قريش كما وقع لهم في (التابوت) و (التابوه)؛ فوعد بأنه سيقيمه على لسان قريش، ثم وفى بذلك كما ورد من طريق آخر أوردتها في كتاب (الإتقان). ولعل من روى ذلك الأثر حرفه، ولم يتقن اللفظ الذي صدر عن عثمان فلزم ما لزم من الإشكال).
** رواية ابن أشته موافقة لرواية عمر بن شبّة وقد تقدّم ذكرها، ولا إشكال فيها لإنّ إقامة قراء الصحابة للمرسوم بألسنتهم كافٍ في معرفة النطق الصحيح للرسم، والأصل في القراءة والإقراء التلقّي من أفواه القرّاء.
ومما تقدّم يتبيّن خطأ من حمل قول عثمان رضي الله عنه - فيما روي عنه - على ما يسمّى بمشكل الإعراب عند النحويين، إذ ما يذكرونه في مشكل الإعراب من القراءات المتواترة لا يصحّ أن يوصف باللحن، ولم يرده عثمان بحال.
قال ابن عاشور: (وعن بعض المتأولين أن نصب {والصابرين} وقع خطأ من كتاب المصاحف وأنه مما أراده عثمان رضي الله عنه فيما نقل عنه أنه قال بعد أن قرأ المصحف الذي كتبوه: «إني أجد به لحناً ستقيمه العرب بألسنتها».
وهذا متقوَّل على عثمان، ولو صح لكان يريد باللحن ما في رسم المصاحف من إشارات مثل كتابة الألف في صورة الياء إشارة إلى الإمالة ولم يكن اللحن يطلق على الخطأ)ا.هـ.

س5: بيّن أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "جمع القرآن"
1- استشعرت حقيقة قوله تعالى : { إنّا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون }
فالمتابعة التفصيلية لحفظ القرآن الكريم من عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ، إلى جمع عثمان رضي الله عنه ؛ تدل حقيقة أنها عنايه إلهية عظيمة ، فالحمد لله حمدًا يليق بجلاله على حفظ القرآن الكريم
2- تعلم الرد على الشبه المثلرة حول جمع القرآن ، خاصة في زمننا لوجود من يثيره نعمة عظيمة نسأل الله أن نتقنها و نفهمها و ننشرها و نفيد بها
3- عظم فضل الصحابة رضي الله عنهم ، مما بذلوه من أجل حفظ الدين و القرآن ، ما تعجز الكلمات عن وصفه . رضي الله عنهم و أرضاهم
4- فضل الأئمة و العلماء المتقدمين في بيان العلم و تحقيق الروايات و بيان الصواب من الخطأ و الصحيح من السقيم ؛ جهود عظيمة تشحذ الهمة على الطلب و الصدق في الطلب
5- استفدت فائدة حقيقة أسأل الله أن يرزقني إيّاها و يوفقني لإتقانها و هي : العرض المميز من الشيخ حفظه الله و نفعنا بعلمه لمسائل الموضوع المطروح و طرحه و ترتيبه مما يسهل الفهم و الضبط و التذكر و كثير مما يعلم الله به ، فجزاه الله عنا خير الجزاء و زاده علمًا و فضلاً

* ملاحظة : أعتذر عن التأخير فقد تظافرت علي ظروف كثيرة حالت بيني و بين عدم التأخر و الحمد لله

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 8 ذو القعدة 1438هـ/31-07-2017م, 11:44 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم الثالث من دورة جمع القرآن


أحسنتم بارك الله فيكم ونفعكم ونفع بكم.

المجموعة الأولى:
1: رشا نصر زيدان أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ج3: يجب ذكر الدليل على كل نوع، وما ذكرتيه فدليل النوع الأول فقط، وانتبهي إلى ضرورة بيان درجة الحديث وحكمه.


المجموعة الثانية:
2: مريم حجازي أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.


المجموعة الرابعة:
3: ندى علي ب+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ج1: والمعوّل في إثبات أن البسملة من القرآن حديث ابن عباس، وعلى كتابة الصحابة لها في فواتح السور مع اتّفاقهم على تجريد المصحف مما سوى القرآن، رضوان الله عليهم جميعا.
ج2: لو ذكرتِ شيئا من الأدلّة الدالّة على طبيعة هذا الاجتهاد من أنه كان وفق ما كانوا يسمعونه من النبي صلى الله عليه وسلم وليس بمجرّد الرأي والاستحسان.
كما أن للقائلين بالتوقيف حجج أخرى منها نزول القرآن جملة واحدة للسماء الدنيا، وأن اختلاف مصاحف الصحابة كان قبل العرضة الأخيرة، فيجب الردّ عليهم.
ج5: يوصى بمراجعة إجابات الزملاء للفائدة.


المجموعة السادسة:
4: هناء محمد علي أ+

أحسنت وأجدت بارك الله فيك ونفع بك.



رزقكم الله العلم النافع والعمل الصالح

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 9 ذو القعدة 1438هـ/1-08-2017م, 02:49 AM
فاطمة محمود صالح فاطمة محمود صالح غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
الدولة: الدوحة - قطر
المشاركات: 297
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم الثالث من دورة جمع القرآن
المجموعة الثالثة


س1: ما الجواب عما روي عن عثمان رضي الله عنه مما يفهم منه الاجتهاد في ترتيب الآيات؟
أجمعت الأمة على أن ترتيب الآيات في السورة الواحدة ثابت بلا خلاف ، وقد دلت على ذلك جملة من الأحاديث الصحيحة تبين توقيف ترتيب الآيات ، فقد تلقى الصحابة القرآن الكريم عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يتلوها في الصلوات بترتيب الآيات كما أنزلت عليه من الله تعالى، وكانوا يقرَأُون ويقرِئون السور على هذا الترتيب من الآيات الذي تلقوه عنه عليه الصلاة والسلام ، فثبت بذلك حفظ ترتيب الآيات ، وتواتر النقل به بلا خلاف .
- قال القاضي عياض ( لا خلاف أن تأليف كل سورة وترتيب آياتها توقيف من الله تعالى على ما هى عليه الآن فى المصحف، وعلى ذلك نقلته الأمة عن نبيها عليه السلام )
- وقال ابن حجر ( أما ترتيب الآيات فتوقيفي بلا خلاف)
ودل ما روي عن عثمان رضي الله عنه مع ابن الزبير- أحد كتبة المصحف العثماني – أنه لم يغير من ترتيب الآيات ، وهو ما كان مجمع عليه بين الصحابة رضوان الله عليهم.
قال عبد الله بن أبي مليكة: قال ابن الزبير: قلت لعثمان: هذه الآية التي في البقرة { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا} إلى قوله {غير إخراج} قد نسختها الأخرى، فلم تكتبها؟ قال" تدعها يا ابن أخي، لا أغيّر شيئاً منه من مكانه" رواه البخاري في صحيحه من حديث يزيد بن زريع عن حبيب بن الشهيد عن ابن أبي مليكة به.
وقد ثبت أنه عند جمع القرآن في عهد أبي بكر وعثمان لم يكن هناك خلاف في ترتيب الآيات بين الجمعين ، وكان الخلاف في بعض الأحرف وفواصل بعض الآي ، وعدد آيات كل سورة ، مثل الاختلاف في بعض القراءات الذي ليس له أثر على ترتيب الآيات.
أما ما استدل به بعض العلماء في ترتيب الأيات من حديث عثمان بن أبي العاص لا يصح ، فقد رواه الإمام أحمد من طريق ليث بن أبي سليم عن شهر بن حوشب ، وهذان الأخيران ضعيفان .
وفي رواية عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر عن ابن عباس في خبر إسلام عثمان بن مظعون بسياق آخر من غير ذكر موضع هذه الآية من السورة.
فقال ابن كثير( وهذا إسناد لا بأس به، ولعله عند شهر بن حوشب من الوجهين )
وذكر ابن كثير في الرواية الأولى ( إسناد جيد متصل حسن)
وقد ضعفه الألباني فقال ( أنَّى له الحسْنُ، وفيه شهر؟! وعنه ليث، وقد زاد في متنه ما لم يذكره عبد الحميد في روايته عن شهر )
ويغني عن هذا الحديث الضعيف ما ثبت من الأحاديث الصحيحة .


س2: ما سبب ترك كتابة البسملة في أوّل سورة براءة؟
ذكر ابن الجزري اجماع العلماء بلا خلاف على حذف البسملة بين سورتي الأنفال وبراءة .
وذكر ابن الحجر عن ابن الباذش أن التسمية ثابتة في مصحف ابن مسعود ولا يؤخذ به لأنه مخالف للمصاحف العثمانية التي ثبت ترك التسمية في أولها ، وعليه يكون هذا اجتهاد من عثمان رضي الله عنه ومن معه في الاختيار بين الأحرف السبعة .
واختلف العلماء بالأسباب في ترك البسملة في أول براءة والحكمة من ذلك واجتهدوا على أقوال منها :
القول الأول: لأن براءة نزلت بالسيف وفيها وعيد وإنذار والبسملة أمان ورحمة وافتتاح للخير.
- عن علي بن عبد الله بن عباس، قال: سمعت أبي يقول: سألت علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لم لم تكتب في براءة بسم الله الرحمن الرحيم؟ قال: لأن «بسم الله الرحمن الرحيم أمان وبراءة نزلت بالسيف، ليس فيها أمان) قاله محمد بن زكريا الغلابي. رواه ابن الأعرابي في معجمه، والحاكم في المستدرك، وهو ضعيف الإسناد؛ ومحمد بن زكريا رماه الدارقطني بالوضع.
- قال الزجاج: (أخبرنا بعض أصحابنا عن صاحبنا أبي العباس محمد بن يزيد المبرّد أنَّه قال: (لم تفتتح بـ{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، لأن "بسم اللَّه" افتتاح للخير، وأوَّل "براءَة" وَعيدٌ ونقض عُهود، فلذلك لم تفتتح بـ{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}).
- سُئل سفيان بن عيينة: لِـمَ لَـمْ يكن في صدر براءة:{بسم الله الرحمن الرحيم} ، فقال: (لأن التسمية رحمة، والرحمة أمان، وهذه السورة نزلت في المنافقين وبالسيف ولا أمان للمنافقين) قاله أبو يزيد الشامي، رواه الثعلبي.
ومنهم من اعترض على هذا القول بأن من السور ما كانت في شأن الكفار والمنافقين وبدئت بالبسملة كسورتي الكافرون والمنافقون ، ويرد عليهم أن المقام في سورة التوبة مقام إعلان البراءة والنذارة وهو مقام خاص يناسبه ترك البسملة .

القول الثاني: لأن البسملة نسخت مع ما نسخت تلاوته أول سورة براءة، وروي أنها كانت تعدل سورة البقرة.
قال القرطبي ( وقال مالك فيما رواه ابن وهب وابن القاسم وابن عبد الحكم: إنه لما سقط أوَّلها سقط { بسم الله الرحمن الرحيم} معه ) ، تعقب ابن عاشور هذا القول .

القول الثالث: لأن الصحابة منهم من قال أن الأنفال والتوبة سورتان ومنهم من قال أنهما سورة واحدة فلم يفصل بينهما بالبسملة . ذكره القرطبي وعبد الرزاق وعطاء، واستدل لهذا القول بحديث يزيد الفارسي.
وقال ابن وهب: حدثني ابن لهيعة قال: (يقولون إن براءة من: {يسألونك عن الأنفال}، قالوا: وإنما ترك {بسم الله الرحمن الرحيم} أن يكتب في براءة لأنها من: {يسألونك}).
وقال الزمخشري (وقد اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم: الأنفال وبراءة سورة واحدة. وقال بعضهم: هما سورتان، فتركت بينهما فرجة لقول من قال: هما سورتان، وتركت بسم الله الرحمن الرحيم لقول من قال: هما سورة واحدة)

القول الرابع: أنه في صلح الحديبية لما طلب الرسول صلى الله عليه وسلم كتابة « بسم الله الرحمن الرحيم» ، لم يقبلوها ، فردها الله عليهم، ذكره ابن الجوزي عن عبد العزيز بن يحيى المكي.


س3: لخّص القول في مصحف ابن مسعود، وبيّن أنواع ما ينسب إليه.
يعد عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من كبار قراء الصحابة رضي الله عنهم وممن علّم القرآن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ومن بعده ، وقد أرسله عمر بن الخطاب إلى الكوفة وزيرا ومفتيا ومعلما ، فأخذوا عنه العلم والأخلاق الحميدة .
وكان يملي عليهم المصاحف فيكتبونه ثم يعرضون عليه مصاحفهم فيقيم لهم ما فيها من الخطأ في الكتابة ، إذ كان له في مسجده مكان مخصص لعرض المصاحف .
اعترض ابن مسعود في بداية الجمع العثماني ، ثم رجع إلى ما أجمع عليه الصحابة رضي الله عنهم من الاجتماع على حرف واحد ومصحف الإمام ، وأقام على مصحفه وأمر من كتبوا عنه في الكوفة أن يقيموا مصاحفهم عليه، وأن تترك القراءة بما خالفه، وتسلم المصاحف المخالفة للرسم العثماني.
إلا إنه من الجائز أن يكون بعض من هذه المصاحف التي كُتبت عن ابن مسعود والتي لم توثق ولم تحقق صحتها ونسبتها له ، ولم تراجع على رسم المصاحف العثمانية ، لم تتلف مع ما أتلف ، وعليه فهذه المصاحف ملغاة لا تصح القراءة منها لإجماع الصحابة رضي الله عنهم على ترك القراءة بما خالف المصحف الإمام ، ومم دل على ذلك ما أضيف إليها من أسماء السور وما وقع بينها من الاختلاف.

أنواع ما ينسب إلى مصحف ابن مسعود:
نسبت بعض المصاحف إلى ابن مسعود رضي الله عنه على أنها على قراءته وتأليفه لا على أنه أملاها عليهم ، خلاف المصاحف العثمانية ، وهذه المصاحف معدودة ضعيفة لا إسناد متصل لها إلى ابن مسعود وهي على أنواع منها :
النوع الأول: ما صح إسناده إلى من قرأ على ابن مسعود قبل الجمع العثماني مما يخالف رسم المصاحف العثمانية ويستدل بهذا النوع على الآتي :
أ‌. في التفسير واللغة ولا يقرأ بما فيه .
ب‌. ، في الأحكام بما لم ينسخ منه ، ويعتقد أنه مما صح وقد تركت قراءته لمخالفته الرسم العثماني .
ومن أمثلته :
ما جاء في الصحيحين من حديث علقمة بن قيس النخعي ، عندما قدم إلى الشام وجلس بجانبه أبو الدرداء ، فسأله عن ابن مسعود كيف يقرأ { والليل إذا يغشى }
فقرأ عليه: [والليل إذا يغشى. والنهار إذا تجلى . والذكر والأنثى]
قال أبو الدرداء ( والله لقد أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من فيه إلى في )
وكانت هذه المحاورة بينهما في حياة ابن مسعود وقبل الجمع العثماني ، ودل هذا على أن قراءة ابن مسعود مما كان متفق بين الناس القراءة بها ومن الممكن أن تكون مكتوبة في مصاحفهم قبل الجمع العثماني .

النوع الثاني: ما روي عمن لم يقرأ على ابن مسعود بعد الجمع العثماني، وإنما اطلع على مصاحف منسوبة إلى ابن مسعود؛ وهذا النوع :
أ‌. لا يُعتمد عليه في الرواية.
ب‌. ولا يُحتج به في الأحكام.
ت‌. من الممكن الاستفادة منه في التفسير واللغة، لذلك اعتنى به بعض المفسرين.
ومن أمثلتة:
- ما قاله جرير بن حازم: (قرأت في مصحف عبد الله بن مسعود { فاذكروا اسم الله عليها} صوافن . رواه عبد الله بن وهب
- وما قاله داود بن أبي هند: (هي في مصحف عبد الله: [وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بأمهاتهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم]). قاله هشيم بن بشير رواه سعيد بن منصور وابن جرير.


س4: ما تقول فيما روى أبو معاوية عن هشام بن عروة، عن أبيه أنه قال: سألتُ عائشة عن لَحْنِ القرآن: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون}، {والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة}، و{إن هذان لساحران}؛ فقالت: «يا ابن أختي، هذا عَمَلُ الكُتَّاب، أخطأوا في الكِتَاب»؟

ينظر إلى صحة هذه الرواية من جهتين :

الجهة الأولى : التثبت من رواة هذا الأثر:
هذه الرواية الظاهر في إسنادها أنه صحيح ، فقد اتهم البعض أبو معاوية بالتفرد في هذا الأثر ، وكان معاوية قد انتقد بسبب اضطراب في بعض حديثه ، إلا إنه برئت ذمته في هذا الأثر لأن علي بن مسهر - وهو ثقة ثبت - رواه معه عن هشام بن عروة .
وعند التحقيق تبين أن من روى هذا الأثر عراقيان ، وحديث العراقيين عن هشام متكلم به .
قال يعقوب بن شيبة ( هشام ثبت لم ينكر عليه إلا بعد ما صار إلى العراق، فإنه انبسط في الرواية، وأرسل عن أبيه بما كان سمعه من غير أبيه عن أبيه )
وكان ابن القطان قد اتهم هشام بن عروة بالاختلاط لأنه حدث بالعراق بعدما كبر في السن ، وقد رد الذهبي هذه التهمة عن هشام ردا شديدا ، وبين أنه حجة ثقة ولم يوهم ولم يختلط إلا أن حفظه تنافص وهو أمر لا يسلم منه الثقات ممن أكثروا الحديث.
ومما قاله الذهبي عنه : (قول ابن القطان إنه اختلط قول مردود مرذول؛ فأرني إماماً من الكبار سلم من الخطأ والوهم!
فهذا شعبة، وهو في الذروة له أوهام، وكذلك معمر، والأوزاعي، ومالك رحمة الله عليهم )
واعتبر ابن حجر هشام بن عروة من أهل المرتبة الأولى من المدلسين ،وهم ممن يوصفون بالتدليس نادرا ، وتعد أحاديثهم حجة ما لم تكن هناك علة ترده .

الجهة الثانية : نكارة المتن :

أولا : من ناحية الإسناد :
الناظر والمتحقق في إسناد هذا الأثر يستبعد أن يكون صدر عن السيدة عائشة ، فهي تعلم أن الأصل في القراءة الرواية مشافهة ، وأن كتابة المصاحف أجمع عليها الصحابة ، والذين أُختيروا للكتابة والمراجعة هم جماعة يستحيل تواطؤهم على الخطأ واللحن ، فتبين بذلك مدى نكارة هذا المتن .
وعلى فرضية صحة نسبته إلى عائشة رضي الله عنه ، فتخطئتها للكتاب هو اجتهاد منها حيث تركوا القراءة التي كانت تقرأ بها واختاروا غيرها ، وقولهم مقدم على قولها لكثرتهم ولشدة عنايتهم بالقراء والإقراء ، فقد أنكر ابن مسعود كتابة المعوذتين في المصحف ثم بعد ذلك اقر بهما ، فالقاعدة تقول : قول المثبت مقدَّم على قول النافي لما معه من زيادة علم.

فمن الممكن أن تكون الأحرف قد قرئت على قراءات أخرى غير التي قرأت بها عائشة وغيرها من الصحابة إلا أن الأصل في صحة القراءة ما يوافق الرسم العثماني وترك ما يخالفه لإجماع الصحابة على ذلك .

ثانيا : من ناحية موافقته للغة العربية :
أجمع الصحابة على صحة القراءة الموافقة لرسم المصحف العثماني لغة ، والقراء قرأوا ما ثبت صحة القراءة به رواية وقدموه على غيره ، وإن كان غيرها المختار ، فالعمدة على الرواية ، وأن ما تركوه كان بسبب احتمال النسخ ، وما أثبتوه فهو غير منسوخ التلاوة ، وقد أثبت علماء النحو صحة القراءة بها .

أ‌. في قوله تعالى {إن هذان لساحران}
أن القراء اختلفوا في قراءة هذا الحرف على رأيين :
الرأي الأول : وافق أبو عمرو وهو من علماء اللغة قول السيدة عائشة – إن صح عنها هذا الإسناد – بأنه غلط من الكاتب ، لأنه لم ير صحته من جهة اللغة .
الرأي الثاني : لم يجز الزجاج لأبي عمرو قراءة خلاف المصحف .
خلاصة ما ذكره ابن قتيبة وابن تيمية عن أبي عمرو في هذه المسألة ، والعبرة فيما أجمع عليه الصحابة .

ب. في قوله تعالى {والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة}،
عن الزبير بن الخريت أنَّ خاله، قال: قلت لأبان بن عثمان وكان ممن حضر كتاب المصحف: " كيف كتبتم {والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة}، فقال: كان الكاتب يكتب والمملي يملي، فقال: اكتب، قال: ما أكتب قال: اكتب {والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة} رواه عمر بن شبّة وابن أبي داوود من طريق حماد بن سلمة
أن هذا الخبر باطل لا يصح من عدة وجوه :
1. أن خال الزبير مجهول الحال.
2. وأن أبان كان صغيرا في زمن الجمع العثماني .
3. أن الخبر ينقض بعضه بعضاً؛ فكتب { والمقيمين الصلاة} ثم كتب بعدها { والمؤتون الزكاة }

وخلاصة الأمر أن هذا الحديث باطل ومردود لعلتين ، الأولى نكارة المتن والأخرى رواية هشام عن أبيه من غير واسطة ,كما إنه لا يمكن أن يصح إسناده إلى عائشة رضي الله عنها ، وفي فرضية أنه صح فهو اجتهاد منها ، والصحيح في صحة القراءة ما يوافق الرسم العثماني وترك ما يخالفه لإجماع الصحابة على ذلك، وقد اجتهد الصحابة في التحقق والتوثق في كتابة مصاحف الأمصار كلها على الأحرف التي أجمع عليها القراء ، فقرؤوها وأقرؤوها لغيرهم من غير إنكار أحدهم للآخر.


س5: بيّن أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "جمع القرآن"
قدمت دورة جمع القرآن فوائد كثيرة لا يمكن حصرها في سطور إلا أن من أبرزها :
1. التأكيد على أن الله تكفل بجمع وحفظ كتابه من التحريف والتغيير والتبديل .
2. قدمت لطالب علم التفسير الأدوات التي تعينه لمعرفة مسائل جمع القرآن .
3. بيان معنى جمع القرآن وأنواعه .
4. معرفة بعض كتّاب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم .
5. بيان مراحل جمع القرآن وأسبابه وتاريخ تدوينه وما يتصل من مباحث .
6. بيان الفرق بين جمع أبي بكر وعثمان بن عفان .
7. بيان أهمية مبحث تأليف القرآن وما يتضمنه من مسائل مهمة ينبغي لطالب علم التفسير معرفتها والعناية بها .
8. بيان اسباب وأهمية عناية العلماء بجمع القرآن .
9. معرفة أقوال العلماء وأدلتهم وبيان صحة القول من عدمه والترجيح بينها .
10. معرفة جواب ما أستشكل عليه من الروايات والمسائل في جمع القرآن .
11. الرد على من حاول الطعن أو التشكيك في صحة القرآن الكريم .
12. الاستفادة الكبيرة من أسلوب الشيخ عبد العزيز الداخل في عرضه للمسائل .

والحمد لله رب العالمين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 10 ذو القعدة 1438هـ/2-08-2017م, 11:40 PM
منى محمد مدني منى محمد مدني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 344
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
المجموعة الثانية
س1: ما تقول في دعوى أنّ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه كتب مصحفاً مرتّبا على النزول؟
دعوى أنّ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه كتب مصحفاً مرتّبا على النزول دعوى باطلة، فلم يكتبه على النزول علي بن أبي طالب ولا أحد من الصحابة
ولعل سبب هذه الدعوى مارواه محمد ابن سيرين ، قال: (لما بويع أبو بكر أبطأ علي عن بيعته فجلس في بيته؛ فبعث إليه أبو بكر ما بطأك عني أكرهت إمرتي؟!).
فقال علي: (ما كرهت إمارتك، ولكني آليت أن لا أرتدي ردائي إلا إلى صلاة حتى أجمع المصحف)
قال ابن سيرين: (وبلغني أنه كتبه على تنزيله، ولو أصيب ذلك الكتاب لوجد فيه علم كثير).
قال ابن عبد البر: (أجمع أهل العلم بالحديث أن ابن سيرين أصح التابعين مراسل، وأنه كان لا يروي ولا يأخذ إلا عن ثقة وأن مراسله صحاح كلها ليس كالحسن وعطاء في ذلك والله أعلم)
بيان علة الأثر الوارد:
*هذا الأثر فيه زيادة منكرة لا تصحّ عن ابن سيرين هي قوله: (وبلغني أنه كتبه على تنزيله..)
* في إسنادها ابن رشدين، كذَّبه الحافظ أحمد بن صالح المصري، وقال ابن عديّ: له مناكير.
* روى هذا الأثرَ ابنُ الضريس في فضائل القرآن من طريق هوذة بن خليفة والنضر بن شميل عن عوف عن ابن سيرين أنه قال: فقلت لعكرمة: ألَّفوه كما أُنزل، الأوَّلَ فالأوَّلَ؟
قال: (لو اجتمعت الإنس والجن على أن يؤلفوه ذلك التأليف ما استطاعوا !!).
قال محمد: (أراه صادقاً).
وفي طريق هوذة شكّ في شيخ ابن سيرين هل هو عكرمة أو غيره.
* لفظة (حتى أجمع المصحف) منكرة ، وهي مبدلة من قوله: (حتى أجمع القرآن)، وكانت هذه الزيادة مما أُنكر على أشعث بن سَوَّار الكندي؛ فإنّه قد روى هذا الخبر عن ابن سيرين وفيه أنه قال: (لما توفي النبيُّ صلى الله عليه وسلم أقسم علي أن لا يرتدي برداء إلا لجمعة حتى يجمع القرآن في مصحف؛ ففعل؛ فأرسل إليه أبو بكر بعد أيام: « أكرهت إمارتي يا أبا الحسن؟»
قال: «لا والله إلا أني أقسمت أن لا أرتدي برداء إلا لجمعة » فبايعَه ثم رجع»). رواه ابن أبي داوود في كتاب المصاحف وتعقَّبَه بقوله: (لم يذكر المصحفَ أحدٌ إلا أشعث، وهو ليّن الحديث، وإنما رووا «حتى أجمع القرآن» يعني: أُتمّ حفظه؛ فإنه يقالُ للذي يحفظ القرآن قد جَمَعَ القرآن).

س2: ما الجواب عن خبر (لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة)؟
هذه العبارة رُويت عن عمر بن الخطاب وعن زيد بن ثابت ولا تصحّ عنهما، بل هي عبارة ضعيفة الإسناد منكرة المتن.
الرواية عن عمر بن الخطاب:
قال محمد بن سلمة الباهلي: أخبرنا محمد بن إسحق عن يحيى بن عباد عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير قال: أتى الحارث بن خزيمة بهاتين الآيتين من آخر براءة: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى عمر بن الخطاب، فقال: (من معك على هذا؟)
قال: لا أدري والله إلا أني أشهد لسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووعيتها وحفظتها.
فقال عمر: (أشهد لسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم).
ثم قال: (لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة، فانظروا سورة من القرآن فضعوها فيها، فوضعتها في آخر براءة). رواه الإمام أحمد في مسنده وابن أبي داوود في كتاب المصاحف،
علل الرواية عن عمر بن الخطاب :
*في إسناده محمد بن إسحاق مدلّس، وقد عنعن.
*عباد بن عبد الله بن الزبير لم يدرك زمن الجمع
*سياق الخبر مخالف للروايات الصحيحة من وجوه
*زيادة (لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة) منكرة جداً.
*قد صحّ أن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم قد جمعوا القرآن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكونوا يجهلون موضع هاتين الآيتين، وقد تقدّم نصّ أبيّ بن كعب رضي الله عنه على أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه إياهما بعد قوله تعالى: {ثمّ انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون}
فهذه الجملة مروية في هذا الخبر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتبيّن أنها لا تصحّ عنه.
الرواية عن زيد بن ثابت :
- وروى عمر بن شبّة في تاريخ المدينة وابن جرير في تفسير من طريق عمارة بن غزية، عن ابن شهاب، عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (عرضت المصحف فلم أجد فيه هذه الآية {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا})
قال: (فاستعرضت المهاجرين أسألهم عنها فلم أجدها مع أحد، ثم استعرضت الأنصار أسألهم عنها، فلم أجدها مع أحد منهم، حتى وجدتها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري فكتبتها، ثم عرضته مرة أخرى فلم أجد فيه هاتين الآيتين: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر السورة).
قال: (فاستعرضت المهاجرين أسألهم عنها فلم أجدهما مع أحد منهم، ثم استعرضت الأنصار أسألهم عنهما فلم أجدهما مع أحد منهم حتى وجدتهما مع رجل آخر يدعى خزيمة أيضا من الأنصار فأثبتهما في آخر براءة).
قال زيد: (ولو تمت ثلاث آيات لجعلتها سورة واحدة، ثم عرضته عرضة أخرى فلم أجد فيه شيئا؛ فأرسل عثمان رضي الله عنه إلى حفصة رضي الله عنها يسألها أن تعطيه الصحيفة، وجعل لها عهد الله ليردها إليها، فأعطته إياها، فعرضت الصحف عليها فلم تخالفها في شيء فرددتها إليها، وطابت نفسه فأمر الناس أن يكتبوا المصاحف).
علل الرواية عن زيد بن ثابت :
*هذا الخبر تفرّد به عمارة بن غزيّة عن الزهري
*أخطأ في إسناده ومتنه، ولم يضبط ألفاظه
وقد نبّه على ذلك الدارقطني في العلل فقال:
(هو حديث في جمع القرآن، ورواه الزهري عن عبيد بن السباق عن زيد بن ثابت؛ حدَّث به عن الزهري كذلك جماعة منهم: إبراهيم بن سعد، ويونس بن يزيد، وشعيب بن أبي حمزة، وعبيد الله بن أبي زياد الرصافي، وإبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، وسفيان بن عيينة وهو غريب عن ابن عيينة، اتفقوا على قول واحد.
ورواه عمارة بن غزية عن الزهري فجعل مكان ابن السبَّاق خارجة بن زيد بن ثابت وجعل الحديث كله عنه.
وإنما روى الزهري، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه من هذا الحديث ألفاظا يسيرة.
وهي قوله: (فقدت من سورة الأحزاب آية قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها فوجدتها مع خزيمة بن ثابت).
ضبطه عن الزهري كذلك: إبراهيم بن سعد، وشعيب بن أبي حمزة، وعبيد الله بن أبي زياد).
ثم قال الدارقطني: (الصحيح من ذلك رواية إبراهيم بن سعد، وشعيب بن أبي حمزة، وعبيد الله بن أبي زياد، ويونس بن يزيد، ومن تابعهم عن الزهري؛ فإنهم ضبطوا الأحاديث عن الزهري وأسندوا كل لفظ منها إلى روايه وضبطوا ذلك)
فتبيّن بذلك أنّ هذه الجملة المنسوبة إلى زيد بن ثابت لا تصحّ عنه، وقد دخلت على عمارة بن غزية من رواية بعض الضعفاء مع ما دخل عليه من ألفاظ هذا الحديث ورواياته مما لم يضبطه
*مخالفة الثقات في مواضع منها، ومنها هذه الزيادة المنكرة، فهي معلولة مردودة.
*مخالفتها اتّفاق الصحابة رضي الله عنهم وإجماع العلماء من بعدهم على أنّ ترتيب الآيات في السور توقيفي.
س3: ما تقول فيما روي عن ابن مسعود أنه كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه؟
دلت الأدلة على أن المعوذتين من كتاب الله وما روي عن ابن مسعود من أنه كان لا يكتب المعوذتين في المصحف صحيح عنه، لكنّه رجع عنه وثبوت القراءة عنه بالأسانيد التي يروي بها القراء عنه ما يوافق قراءة العامة وفيها المعوذتان
وقد روى ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعي أنه قال: قال: قلت للأسود: من القرآن هما؟ قال: «نعم»، يعني: المعوذتين
والأسود بن يزيد من خاصّة أصحاب ابن مسعود.
الأدلة على أن ابن مسعود لم يكتب المعوذتين في مصحفه:
* قال زرّ بن حبيش: قلت لأبي بن كعب: إنَّ ابن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه، فقال: "أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرني: "أن جبريل قال له: قل أعوذ برب الفلق، فقلتها، فقال: قل أعوذ برب الناس، فقلتها ". فنحن نقول ما قال النبي صلى الله عليه وسلم). رواه الإمام أحمد من طريق حماد بن سلمة قال: أخبرنا عاصم بن بهدلة عن زرّ به.
*وروى الإمام أحمد من طريق الأعمش، عن أبي إسحاق السبيعي، عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي قال: كان عبد الله يحكّ المعوذتين من مصاحفه، ويقول: (إنهما ليستا من كتاب الله).
*وروى الإمام أحمد أيضاً عن سفيان بن عيينة، عن عبدة، وعاصم، عن زر، قال: قلت لأبي: إن أخاك يحكهما من المصحف، قيل لسفيان: ابن مسعود؟ فلم ينكر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "قيل لي، فقلت " فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال سفيان: (يحكهما: المعوذتين، وليسا في مصحف ابن مسعود، كان يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوّذ بهما الحسن والحسين، ولم يسمعه يقرؤهما في شيء من صلاته؛ فظن أنهما عوذتان، وأصرَّ على ظنه، وتحقق الباقون كونهما من القرآن، فأودعوهما إياه).
* وروى البزار والطبراني من طريق حسان بن إبراهيم، عن الصلت بن بهرام، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود أنه كان يحكّ المعوذتين من المصحف ويقول: «إنما أُمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ بهما» وكان عبد الله لا يقرأ بهما).
قال البزار: (وهذا الكلام لم يتابع عبدَ الله عليه أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ بهما في الصلاة وأثبتتا في المصحف).
* وروى الطبراني في الكبير من طريق عبد الحميد بن الحسن، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن ابن مسعود، أنه: كان يقول: "لا تخلطوا بالقرآن ما ليس فيه، فإنما هما معوذتان تعوذ بهما النبي صلى الله عليه وسلم: {قل أعوذ برب الفلق}، و{قل أعوذ برب الناس}". وكان عبد الله يمحوهما من المصحف.
مما سبق من الأدلة يتبين أن ابن مسعود لم يكتبها في المصحف لأنه كان يظن انها مما تعوذ به النبي صلى الله عليه وسلم وليست من القرآن

وقد اختلف أهل العلم فيما نُسب إلى ابن مسعود رضي الله عنه في شأن المعوذتين، والصواب ما قاله سفيان بن عيينة والبزار وغيرهما من أهل الحديث من القول بصحّة ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه، والتماس العذر له بكونه لم يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما في صلاته، وأنّه سمعه يعوّذ بهما؛ فظنّهما عوذتين وليستا سورتين من القرآن، ولم يُنكر أنهما وحي من الله.
الأدلة الدالة على أن المعوذتين من كتاب الله :
*حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "ألا أعلّمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس؟"
قال: قلت: بلى يا رسول الله !
قال: فأقرأني {قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ بربّ الناس} ). رواه الإمام أحمد والنسائي وابن خزيمة بإسناد صحيح.
*وفي سنن أبي داوود وشرح مشكل الآثار للطحاوي وسنن البيهقي من طريق محمد بن إسحاق، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن عقبة بن عامر، قال: بينا أنا أسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الجحفة والأبواء إذ غشيتنا ريح وظلمة شديدة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ بأعوذ برب الفلق، وأعوذ برب الناس، ويقول: «يا عقبة ! تعوذ بهما؛ فما تعوذ متعوذ بمثلهما»
قال: وسمعته يؤمنا بهما في الصلاة).
*وروى الإمام أحمد والطحاوي في شرح مشكل الآثار من طريق شعبة، عن الجريري، عن يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن رجل من قومه أن رسول الله عليه السلام مر به، فقال: (اقرأ في صلاتك بالمعوذتين).
*وقد روي عن عائشة رضي الله عنها من طرق يشدّ بعضها بعضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث: يقرأ في أول ركعة بـ{سبح اسم ربك الأعلى} وفي الثانية: {قل يا أيها الكافرون} وفي الثالثة: {قل هو الله أحد} والمعوذتين».
ففي هذه الأحاديث وما في معناها إثبات أنهما سورتان من القرآن، وأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بهما في الصلاة وخارجها، وأقرأ بهما، وأمر بقرائتهما في الصلاة وخارجها.
وابن مسعود وإن كان من كبار قرّاء الصحابة فهو غير معصوم من الخطأ، ولم يتابعه على ما صنع أحد من الصحابة ولا التابعين.
و هذه الروايات عن ابن مسعود في شأن المعوذتين كانت قبل الجمع العثماني، وقبل أن يقيم مصحفه على المصحف الإمام الذي أمر به عثمان بن عفان وأجمع الصحابة على اتخاذه مصحفاً إماماً وتركِ القراءة بما خالفه.
ووقوعُ بعض الخطأ من أفرادٍ من القرّاء قبل انعقاد الإجماع على مصحف إمامٍ مشتهرٍ بين الناس جائز الوقوع، ولا عصمة للأفراد ، وإنما العصمة لإجماعهم، وقد يخطئ المخطئ وهو معذور مأجور، إذا كان هذا هو مبلغ اجتهاده، فلا يعاب بمثل هذا الخطأ ابن مسعود ولا غيره من القرّاء.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى إنكار صحة ما روي عن ابن مسعود كما فعل الكرجيّ القصاب في تفسيره وابن حزم في المحلّى والنووي في المجموع والرازي في تفسيره وغيرهم والصحيح انه كان ينكر ذلك ثم رجع عنه
س4: كيف تجيب باختصار عما روي عن عثمان رضي الله عنه أنه قال: «إن في القرآن لحنا ستقيمه العرب بألسنتها»؟
هذا الخبر لا يصحّ عن عثمان لأنه:
* معلول الإسناد
*منكر المتن
وجهه بعض أهل العلم توجيهات لا نكارة فيها.
أصل هذا الخبر:
الرواية الأولى:
* ما رواه عمران بن داوود القطان عن قتادة، عن نصر بن عاصم، عن عبد الله بن فطيمة، عن يحيى بن يعمر، قال: قال عثمان رضي الله عنه: «إن في القرآن لحناً ستقيمه العرب بألسنتها» أخرجه عمر بن شبّة وابن أبي داوود وأبو عمرو الداني.
(إن في القرآن لحناً) المراد بالقرآن هنا المصحف المكتوب لا القرآن المتلوّ، للاتفاق المتيقّن على أنّ القرآن في الذروة العليا من الفصاحة لا لحن فيه بوجه من الوجوه.
الرواية الثانية :
*قال عمر بن شبّة: حدثنا علي بن أبي هاشم، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر بن كريز القرشي، قال: (لما فرغ من المصحف أتي به عثمان رضي الله عنه فقال: «قد أحسنتم وأجملتم، أرى شيئا من لحن سنقيمه بألسنتنا».
الرواية الثالثة :
*رواه ابن أبي داوود من طريق المؤمل بن هشام ويحيى بن آدم عن إسماعيل ابن علية به إلا أنه قال: «قد أحسنتم وأجملتم، أرى فيه شيئا من لحن ستقيمه العرب بألسنتها».
الرواية الرابعة:
*روى ابن أبي داوود عن أبي حاتم السجستاني قال: حدثنا عبيد بن عقيل ، عن هارون ، عن الزبير بن الخريت ، عن عكرمة الطائي قال: لما أتي عثمان رضي الله عنه بالمصحف رأى فيه شيئا من لحن فقال : « لو كان المملي من هذيل ، والكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا ».

وهذا الخبر وإن تعددت طرقه في ظاهر الأمر إلا أنه ضعيف جداً لا يصحّ عن عثمان.

فأما الإسناد الأول فمعلّ بثلاث علل:
إحداها: عنعنة قتادة وقد عرف بالتدليس.
والثانية: رواية يحيى بن يعمر عن عثمان مرسلة، ولذلك حكم عليه البخاري بالانقطاع.
قال البخاري في التاريخ الكبير: (عبد الله بن فطيمة عن يحيى بن يعمر، روى قتادة عن نصر بن عاصم، منقطع).
والعلة الثالثة: جهالة حال عبد الله بن فطيمة.

والإسناد الثاني معلّ بثلاث علل أيضاً:
إحداها: أن عبد الأعلى لم يدرك عثمان بن عفان.
والثانية: أن الحارث بن عبد الرحمن متكلّم فيه، قال أبو حاتم: ليس بالقويّ.
والثالثة: اضطراب الرواة في ألفاظه بين (سنقيمه بألستنا) و(ستقيمه العرب بألسنتها).

والإسناد الثالث ضعيف جداً، عكرمة الطائي مجهول الحال، ولم يدرك عثمان.

فهذا الخبر من جهة الإسناد لا يصحّ عن عثمان بن عفان رضي الله عنه.

وللعلماء في ردّه وتوجيهه أقوال:
أ. فأنكره جماعة من العلماء إنكاراً شديداً، وطعنوا في إسناده.
وممن أنكره: ابن الأنباري، وأبو عمرو الداني، ومكيّ بن أبي طالب القيسي، وابن تيمية، وابن عاشور.
ب. ومن العلماء من وجّهه توجيهاً لا نكارة فيه، واختلفوا في توجيهاتهم على أقوال:
1. فذهب الإمام المقرئ أبو الحسين ابن المنادي(ت:336هـ) إلى أنّ المراد باللحن ظاهر رسم الكلمات التي تنطق على غير ما تكتب به ظاهراً، وأن هذا اللحن مأمون بإقامة القراء له بألسنتهم حتى تشتهر القراءة الصحيحة ويُعرف معنى الرسم.
2. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ومما يبين كذب ذلك: أن عثمان - لو قُدِّرَ ذلك فيه - فإنما رأى ذلك في نسخة واحدة؛ فإما أن تكون جميع المصاحف اتفقت على الغلط، وعثمان قد رآه في جميعها وسكت؛ فهذا ممتنع عادة وشرعاً من الذين كتبوا ومن عثمان ثم من المسلمين الذين وصلت إليهم المصاحف ورأوا ما فيها وهم يحفظون القرآن ويعلمون أن فيه لحنا لا يجوز في اللغة فضلا عن التلاوة، وكلهم يقرّ هذا المنكر لا يغيره أحد؛ فهذا مما يعلم بطلانه عادة، ويُعلم من دين القوم الذين لا يجتمعون على ضلالة؛ بل يأمرون بكل معروف وينهون عن كل منكر أن يدعوا في كتاب الله منكرا لا يغيره أحد منهم مع أنهم لا غرض لأحد منهم في ذلك، ولو قيل لعثمان: مُرِ الكاتبَ أن يغيره لكان تغييره من أسهل الأشياء عليه؛ فهذا ونحوه مما يوجب القطع بخطأ من زعم أن في المصحف لحناً أو غلطاً وإن نُقل ذلك عن بعض الناس ممن ليس قوله حجة؛ فالخطأ جائزٌ عليه فيما قاله؛ بخلاف الذين نقلوا ما في المصحف وكتبوه وقرأوه؛ فإنَّ الغلط ممتنع عليهم في ذلك)

2. وقال السيوطي في الاقتراح: (وأحسن ما يقال في أثر عثمان رضي الله عنه بعد تضعيفه بالاضطراب الواقع في إسناده والانقطاع: أنه وقع في روايته تحريف؛ فإن ابن أشته أخرجه في كتاب (المصاحف) من طريق عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر، قال: "لما فرغ من المصحف أتي به عثمان؛ فنظر فيه فقال: أحسنتم وأجملتم , أرى شيئا سنقيمه بألسنتنا".
فهذا الأثر لا إشكال فيه فكأنه لما عرض عليه عند الفراغ من كتابته رأى فيه شيئا غير لسان قريش كما وقع لهم في (التابوت) و (التابوه)؛ فوعد بأنه سيقيمه على لسان قريش، ثم وفى بذلك كما ورد من طريق آخر أوردتها في كتاب (الإتقان).
ولعل من روى ذلك الأثر حرفه، ولم يتقن اللفظ الذي صدر عن عثمان فلزم ما لزم من الإشكال).
و رواية ابن أشته موافقة لرواية عمر بن شبّة وقد تقدّم ذكرها، ولا إشكال فيها لإنّ إقامة قراء الصحابة للمرسوم بألسنتهم كافٍ في معرفة النطق الصحيح للرسم، والأصل في القراءة والإقراء التلقّي من أفواه القرّاء.

ومما تقدّم يتبيّن خطأ من حمل قول عثمان رضي الله عنه - فيما روي عنه - على ما يسمّى بمشكل الإعراب عند النحويين، إذ ما يذكرونه في مشكل الإعراب من القراءات المتواترة لا يصحّ أن يوصف باللحن، ولم يرده عثمان بحال.
قال ابن عاشور: (وعن بعض المتأولين أن نصب {والصابرين} وقع خطأ من كتاب المصاحف وأنه مما أراده عثمان رضي الله عنه فيما نقل عنه أنه قال بعد أن قرأ المصحف الذي كتبوه: «إني أجد به لحناً ستقيمه العرب بألسنتها».
وهذا متقوَّل على عثمان، ولو صح لكان يريد باللحن ما في رسم المصاحف من إشارات مثل كتابة الألف في صورة الياء إشارة إلى الإمالة ولم يكن اللحن يطلق على الخطأ)

س5: بيّن أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "جمع القرآن"
*الإطلاع على تاريخ جمع القرآن ومعرفة مراحل تدوينه بالتفاصيل
*الإطلاع على المرويات الواردة في جمع القرآن ومعرفة الصحيح منها من الضعيف ومعرفة الأجوبة عما أشكل من الروايات
*القدرة على مواجهة الإعداء والإجابة على الأسئلة التي يثيرونها بغرض الطعن في القرآن والرد على شبهاتهم
*معرفة الصحابة الكرام الذين كتبوا الوحي
*معرفة الجهود المباركة التي بذلها أبو بكر الصديق رضي الله عنه وكذلك عثمان بن عفان والصحابة الكرام في جمع القرآن وهذا يثمر محبتهم .
*استشعار عظيم منة الله على العباد بحفظ هذا الكتاب حتى وصل الينا محفوظا ً كما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهذه النعمة تستوجب الشكر ومزيد العناية والتمسك بهذا الكتاب
*أهمية جمع كلمة المسلمين والحذر من الإختلاف وهذا يظهر جلياً في موقف عثمان بن عفان عندما جمع المصحف في عهده
*معرفة المسائل المتعلقة بترتيب السور والآيات في المصحف
*التعرف على مصاحف الصحابة رضي الله عنهم ورد الاخبار الضعيفة الواردة
معرفة الأجوبة على جملة من الأسئلة التي اثيرت في باب جمع القرآن وهذا مما يعين على كشف الشبهات وإزالة الاشكالات في غيرها من المسائل فينظر طالب العلم في الأصول التي بنوا عليها ويجتهد في الإجابة على ماقد يثار من المسائل في هذا الباب
ملاحظة :
اعتذر عن التأخير في تسليم الواجب لظروف منعتني من تسليمه في الوقت المحدد

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 15 ذو الحجة 1438هـ/6-09-2017م, 11:03 PM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

المجموعة الأولى:
س1: ما سبب عدم جمع القرآن الكريم في حياة النبي
لم يجمع القرآن في مصحف واحد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بلا خلاف بين أهل العلم.
ولعل ذلك لسببين
-1: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معصوماً من أن ينسى شيئاً من القرآن؛ فكانت حياته ضماناً لحفظ القرآن وإن لم يُكتَب.
2: أن القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كان يزاد فيه بالوحي وينسخ منه؛ فكان جمعه في مصحف واحد في عهده مظنة لاختلاف نسخ المصاحف وتعددها، وفي ذلك مشقة بالغة.
قال النووي: (وإنما لم يجعله النبي صلى الله عليه وسلم في مصحف واحد لما كان يتوقع من زيادته ونسخ بعض المتلو، ولم يزل ذلك التوقع إلى وفاته صلى الله عليه وسلم)ا.هـ

س2: لخّص القول في مصحف أبيّ بن كعب، وبيّن أنواع ما يُنسب إليه.
·
ما ينسب إلى مصحف أبيّ بن كعب مما يخالف المصاحف العثمانية ثلاثة أصناف:

- الأول ما رُوي عمّن رأى مصحف أبيّ قبل أن يقبضه عثمان، وهذا الصنف لا يكاد يصحّ منه إلا النادر..
· - الثاني:
ما روي عن أبيّ بن كعب من قراءته بما يخالف المصاحف العثمانية، فهذا منه ما لا يصحّ عنه وهو كثير، وما صحّ فهو محمول على أنه أقرأ به قبل جمع عثمان، أو أخبر به إخباراً لا إقراءً؛ ومن تلك الأحرف ما هو منسوخ، ومنها ما تُركت القراءة به لإجماع الصحابة على ترك الإقراء بما خالف المصاحف العثمانية.
و لا تلازم بين صحة إسناد القراءة وكونها مكتوبة في مصحف الصحابي.
والصنف الثالث: ما نُسب إلى مُصحفٍ بالعراق يُدَّعى أنه مصحف أبيّ،
· وقد اختُلف فيه على ثلاثة أقوال:

·
üالقول الأول: أنه مصحف أنس بن مالك رضي الله عنه أملاه عليه أبيّ بن كعب.
قال القاضي أبو بكر الباقلاني: (قد رأينا مصحف أنسٍ الذي ذُكر أنه مصحفُ أُبيّ وكان موافقا لمصحفِ الجماعة بغيرِ زيادةٍ ولا نقصان.

üوالقول الثاني: أنه مصحف مستنسخ من مصحف أبيّ قبل الجمع العثماني، وهو ممن انتشر و لم يتلف مع ما أتلف من المصاحف.
قال ابن عطية:(وانتشرت في خلال ذلك صحف في الآفاق كتبت عن الصحابة، كمصحف ابن مسعود، وما كتب عن الصحابة بالشام، ومصحف أبيّ، وغير ذلك، وكان في ذلك اختلاف حسب الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها) يقصد بعد جمع أبو بكر و عثمان وقد أجمع الصحابة وممن بعدهم العلماء على ترك القراءة بها.

üوالقول الثالث: أنه مصحف أبيّ بن كعب نفسه، وهذا القول مبنيّ على ظنّ صحة نسبة تلك المصاحف إلى أبيّ، وهو خطأ بيّن، لما صحّ من أنّ مصحف أبيّ قبضه عثمان، وأنّ عثمان أمر بكلّ مصحف أو صحيفة فيها قرآن أن تحرق، ولم يكن لأبيّ أن يخالف أمر أمير المؤمنين، ولو نازعه في ذلك لاشتهر أمره كما اشتهر أمر منازعة ابن مسعود ثم رجوعه إلى امتثال أمر الخليفة الراشد عثمان بن عفان في ذلك.

·

·
س3: ما معنى تأليف القرآن؟
التأليف لغة مصدر من ألف يؤلف تأليف ؛. وهو الوصل والمتابعة.

قال أبو منصور الأزهري: (أَلَّفْتُ الشيءَ: وَصَلْتُ بعضَه بِبَعْض؛ وَمِنْه: تَأليفُ الكُتب).
أما لفظ التأليف في استعمال القران و الأحاديث فقد يراد به أحد معنيين

1- يراد به ترتيب الآيات في السورة الواحدة تارة.
من ذلك قول زيد بن ثابت رضي الله عنه: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلّف القرآن من الرقاع إذ قال: (( طوبى للشام ))
قيل: ولم ذلك يا رسول الله؟
قال: (( إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها )). رواه الإمام أحمد
و وجه الشاهد منه قزله { نؤلّف القرآن من الرقاع عند رسول الله صلى الله عليه وسلم }
فقد كانت الآيات تنزل متفرقة منجَّمة على مُدَدٍ متفاوتة، وتأليفها جمعها ووصل بعضها ببعض.

قال أبو بكر البيهقي: (وهذا يشبه أن يكون أراد به تأليف ما نزل من الآيات المتفرقة في سورها، وجمعها فيها بإشارة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم كانت مثبتة في الصدور مكتوبة في الرقاع واللخاف والعسب)أ.ه.


2-ويراد به ترتيب السور في المصحف تارة أخرى.

من ذلك ما جاء في صحيح البخاري من حديث ابن جريج قال: أخبرني يوسف بن ماهك، قال: إني عند عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، إذ جاءها عراقي، فقال: أي الكفن خير؟
قالت: (ويحك، وما يضرك؟!!)
قال: يا أم المؤمنين، أريني مصحفك؟
قالت: (لم؟)
قال: لَعَلِّي أؤلّف القرآن َعليه، فإنه يقرأ غير مُؤلَّف.
قالت: (وما يضرك أيه قرأت قبل؟)
ثمّ ذكر الحديث إلى أن قال: فأخرجت له المصحف، فأملت عليه آي السور).


وتأليف القرآن بالمعنى الأوّل كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كما دلّ عليه حديث زيد بن ثابت، ثم اختلف فيه هل كان تأليفاً تاماً لجميع آيات السور أو لبعضها...على قولين

الأول: أن القرآن كان مؤلفا كله تأليفا تاما ؛. إلا انه كان مفرقا في الرقاع و اللخاف و العسب...ثم عمد أبو بكر الصديق إلى جمعه في مصحف واحد
- الثاني:أن القران لم يكن مؤلفا تأليفا تاما كتابة؛ بل كان محفوظا في الصدور وأن أبأ بكر الصديق هو أول من جمع القران جمع تام لآيات كل سورة
الترجيح
القول الثاني هو الراجح لدلالة زيد بن ثابت رضي الله عنه في شأن جمع أبي بكر: (فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف، وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره{لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم}حتى خاتمة براءة).رواه البخاري في صحيحه.
إذ لو كانت مكتوبة تامة لوجدها عند غيره، وهذا القول هو الذي تدلّ عليه ظواهر الآثار المروية في هذا الباب.



س4: ما سبب كثرة الأسئلة المثارة في باب جمع القرآن؟
الأسئلة التي تثار حول جمع القران لها سببان
السبب الأول
1-إشكالات تعرض لبعض طلبة العلم والباحثين......فالقصد من طرح السؤال التوصل إلى معرفة الحق و رفع الإشكال..مع الإيمان التام بالقران وصحة جمعه... و تمام وكمال حفظ الله له
2- شبهات يثيرها الطاعنون في جمع القرآن من الزنادقة والمستشرقين وطوائف من غلاة المبتدعة. ..القصد من طرح السؤال إيجاد ثغرات يطعن بها في صحة جمع القران وحفظه

س5: بيّن أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "جمع القرآن"

- معرفة كيف جمع القران....في مراحله الثلاث....وتبين الفرق بين تلك المراحل الثلاث. من حيث .أسباب الجمع.؛ كيفية جمعه...من باشر العمل..
- قيمة الصحابة..و عظم اهتمامهم بكتاب الله عزوجل
- حفظ الله عزوجل للقران....فقد قيد له رجال اهتموا بجمعه وحفظه وتدوينه
- اتضحت بعض الإشكالات التي كانت عالق في الذهن فيما يخص جمع القران والأحرف السبع
- إذا أراد الله أمرا و قدره وقضاه هيأ له أسبابه...لما أراد الله أن يجمع القران هيأ أسباب ذلك..

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 27 محرم 1439هـ/17-10-2017م, 01:39 AM
حنان بدوي حنان بدوي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: إسكندرية - مصر
المشاركات: 392
افتراضي

المجموعة الخامسة:

س1: هل تعدّ البسملة من آيات السور؟
- كان الصحابة يكتب البسملة في فواتح السور ماعدا سورة براءة ، كما عدوها آية من كتاب الله ، وكتبوها في سطر منفصل ، ولكن لم يعدوها من آيات السور وليست منها ، كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما: « كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم » رواه أبو داوود
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فيه أنها نزلت للفصل، وليس فيه أنها آية منها، و {تبارك الذي بيده الملك} ثلاثون آية بدون البسملة؛ ولأن العادين لآيات القرآن لم يعدّ أحد منهم البسملة من السورة)ا.هـ.
وقال في موضع آخر: (توسّط أكثر فقهاء الحديث كأحمد ومحققي أصحاب أبي حنيفة، فقالوا: كتابتها في المصحف تقتضي أنها من القرآن؛ للعلم بأنهم لم يكتبوا فيه ما ليس بقرآن، لكن لا يقتضي ذلك أنها من السورة، بل تكون آية مفردة أنزلت في أول كل سورة، كما كتبها الصحابة سطرا مفصولا، كما قال ابن عباس: " كان لا يعرف فصل السورة حتى ينزل بسم الله الرحمن الرحيم".
فعند هؤلاء: هي آية من كتاب الله في أول كل سورة كتبت في أولها، وليست من السورة. وهذا هو المنصوص عن أحمد في غير موضع. ولم يوجد عنه نقل صريح بخلاف ذلك. وهو قول عبد الله بن المبارك وغيره. وهو أوسط الأقوال وأعدلها)ا.هـ.
- قالَ أبو بكرٍ البيهقيُّ (ت:458هـ): (لم يختلف أهل العلم في نزول {بسم الله الرحمن الرحيم} قرآنا، وإنما اختلفوا في عدد النزول).
ثم قال: (وفي إثبات الصحابة رسمها حيثُ كتبوها في مصاحفهم دلالةٌ على صحةِ قولِ من ادَّعى نزولَها حيث كُتِبَت، والله أعلم)ا.هـ.
- وهناك قول منكر نشير إليه وهو ما قاله إبراهيم بن يزيد القرشي: قلت لعمرو بن دينار: (إنَّ الفضلَ الرقاشي زعم أن {بسم الله الرحمن الرحيم} ليس من القرآن!
قال: سبحان الله ما أجرأ هذا الرجل!! سمعت سعيد بن جبير يقول: سمعت ابن عباس يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزلت عليه{بسم الله الرحمن الرحيم} علم أن تلك السورة قد ختمت وفتح غيرها). رواه البيهقي في شعب الإيمان.
إبراهيم بن يزيد متروك الحديث، والفضل بن عيسى بن أبان الرقاشي قَدَريٌّ مُنكَر الحديث؛ مُجمَعٌ على تركِه، قال فيه حماد بن زيد: (كان من أخبث الناس قولاً). فلا يلتفت إلى قوله.

س2: ما تقول في دعوى أنّ عمر بن الخطاب جمع القرآن في خلافته؟
لم يصحّ أنّ عمر جمع القرآن في مصحف في خلافته، وقد رُوي في ذلك أخبار منكرة لا تصحّ، منها:
- ما رواه ابن أبي داوود في كتاب المصاحف من طريق مبارك بن فضالة عن الحسن أن عمر بن الخطاب سأل عن آية من كتاب الله فقيل كانت مع فلان فقتل يوم اليمامة فقال: «إنا لله وأمر بالقرآن فجمع، وكان أول من جمعه في المصحف».
والأثر ضعيف ومخالف لما صحّ من أنّ أوّل من جمع المصحف أبو بكر رضي الله عنه، وأنّ عمر بن الخطاب هو أوّل من أشار بذلك.
- وما رواه ابن أبي داوود عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: أراد عمر بن الخطاب أن يجمع القرآن، فقام في الناس فقال: (من كان تلقَّى من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من القرآن فليأتنا به، وكانوا كتبوا ذلك في الصحف والألواح والعسب، وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شهيدان فقتل وهو يجمع ذلك إليه؛ فقام عثمان بن عفان فقال: من كان عنده من كتاب الله شيء فليأتنا به وكان لا يقبل من ذلك شيئا حتى يشهد عليه شهيدان، فجاء خزيمة بن ثابت فقال: إني قد رأيتكم تركتم آيتين لم تكتبوهما. قالوا: وما هما؟ قال: تلقيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم} إلى آخر السورة قال عثمان: فأنا أشهد أنهما من عند الله فأين ترى أن نجعلهما؟ قال: اختم بها آخر ما نزل من القرآن فختمت بها براءة).

وهذا الخبر ضعيف الإسناد معلول المتن، ، ومتنه مخالف لسياق روايات الثقات.

س3: ما تقول فيما يُذكر من ترتيب السور في مصحف أبيّ بن كعب ومصحف ابن مسعود ؟
- كان للصحابة مصاحفهم التي تخصهم ومنهم من كتب مصحفه قبل جمع عثمان ومنهم من كتبه بعد جمعه ، ومن كتب مصحفه قبل الجمع فقد اختلف ترتيب السور به حسب اجتهاد كل قارئ فلم يكن واجبا عليهم ترتيب السور في التلاوة ، ولكن بعد جمع عثمان أصبح هناك التزام بترتيب المصحف على المصحف الإمام وانعقد الإجماع على ذلك ، وممن كان لهم مصاحف مكتوبة قبل الجمع العثماني : أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود رضي الله عن الجميع .
- أما مصحف أبي : فلم يكن يسع أبي بعد الجمع العثماني أن يخالف ترتيب المصحف ولكنه سلم مصحفه مع من سلموا مصاحفهم ولو كان امتنع عن ذلك وأبقى مصحفه لكان اشتهر ذلك كما اشتهر أمر بن مسعود في ذلك .
- وقد وجدت مصاحف كثيرة نسبت لأبي بن كعب ولكن لم تثيبت صحة نسبتها له .
أما ما نقله السيوطي في الإتقان عن بن أشته تلميذ ابن مجاهد صاحب «السبعة في القراءات» أنه قال: (أنبأنا محمد بن يعقوب حدثنا أبو داود حدثنا أبو جعفر الكوفي قال: هذا تأليف مصحف أبيّ: الحمد، ثم البقرة، ثم النساء، ثم آل عمران، ثم الأنعام، ثم الأعراف، ثم المائدة، ثم يونس، ثم الأنفال، ثم براءة، ثم هود، ثم مريم، ثم الشعراء، ثم الحج، ثم يوسف، ثم الكهف، ثم النحل، ثم الأحزاب، ثم بني إسرائيل، ثم الزمر أولها حم، ثم طه، ثم الأنبياء، ثم النور، ثم المؤمنون، ثم سبأ، ثم العنكبوت، ثم المؤمن، ثم الرعد، ثم القصص، ثم النمل، ثم الصافات، ثم ص، ثم يس، ثم الحجر، ثم حم عسق، ثم الروم، ثم الحديد، ثم الفتح، ثم القتال، ثم الظهار، ثم تبارك الملك، ثم السجدة، ثم إنا أرسلنا نوحا، ثم الأحقاف، ثم ق، ثم الرحمن، ثم الواقعة، ثم الجن، ثم النجم، ثم سأل سائل، ثم المزمل، ثم المدثر، ثم اقتربت، ثم حم الدخان، ثم لقمان، ثم حم الجاثية، ثم الطور، ثم الذاريات، ثم ن، ثم الحاقة، ثم الحشر، ثم الممتحنة، ثم المرسلات، ثم عم يتساءلون، ثم لا أقسم بيوم القيامة، ثم إذا الشمس كورت، ثم يا أيها إذا طلقتم النساء، ثم النازعات، ثم التغابن، ثم عبس، ثم المطففين، ثم إذا السماء انشقت، ثم والتين والزيتون، ثم اقرأ باسم ربك، ثم الحجرات، ثم المنافقون، ثم الجمعة، ثم لم تحرم، ثم الفجر، ثم لا أقسم بهذا البلد، ثم والليل، ثم إذا السماء انفطرت، ثم والشمس وضحاها، ثم والسماء والطارق، ثم سبح اسم ربك، ثم الغاشية، ثم الصف، ثم سورة أهل الكتاب وهي لم يكن، ثم الضحى، ثم ألم نشرح، ثم القارعة، ثم التكاثر، ثم العصر، ثم سورة الخلع، ثم سورة الحفد، ثم ويل لكل همزة، ثم إذا زلزلت، ثم العاديات، ثم الفيل، ثم لإيلاف، ثم أرأيت، ثم إنا أعطيناك، ثم القدر، ثم الكافرون، ثم إذا جاء نصر الله، ثم تبت، ثم الصمد، ثم الفلق، ثم الناس)ا.هـ.
أبو جعفر الكوفي من شيوخ أبي داوود السجستاني، وما ذكره من الترتيب إنما هو على ما اطّلع عليه من المصاحف المنسوبة إلى أبيّ بن كعب.
أما ابن مسعود : فقد عارض فكرة الجمع العثماني في بداية الأمر ثم رجع عن رأيه بعد ذلك إلى ما أجمع عليه الصحابة رضي الله عنهم من الاجتماع على حرف واحد ومصحف إمام لا تختلف فيه هذه الأمة.
فما كان له بعد ذلك إلا أن أقام مصحفَه على المصحف الإمام الذي بعث به عثمان إلى الكوفة، وأمر أن يقيموا مصاحفهم عليه، وأن تترك القراءة بما خالفه، وأن تسلّم المصاحف المخالفة للرسم العثماني.
-قال كثير بن هشام الكلابي: عن عبد الأعلى بن الحكم الكلابي قال: أتيت دار أبي موسى الأشعري، فإذا حذيفة بن اليمان، وعبد الله بن مسعود، وأبو موسى الأشعري فوق إجَّار لهم، فقلت: هؤلاء والله الذين أريد؛ فأخذت أرتقي إليهم؛ فإذا غلام على الدرجة؛ فمنعني فنازعته؛ فالتفت إليَّ بعضهم، قال: خلِّ عن الرجل؛ فأتيتهم حتى جلستُ إليهم؛ فإذا عندهم مصحف أرسل به عثمان، وأمرهم أن يقيموا مصاحفهم عليه؛ فقال أبو موسى: (ما وجدتم في مصحفي هذا من زيادة فلا تنقصوها، وما وجدتم من نقصان فاكتبوه)
فقال حذيفة: كيف بما صنعنا؟!! والله ما أحدٌ من أهل هذا البلد يرغَب عن قراءة هذا الشيخ، يعني ابنَ مسعود، ولا أحدٌ من أهل اليمن يرغَب عن قراءة هذا الشيخ، يعني أبا موسى الأشعري).
قال عبد الأعلى: (وكان حذيفة هو الذي أشار على عثمان رضي الله عنه بجمع المصاحف على مصحف واحد، ثم إن الصلاة حضرت؛ فقالوا لأبي موسى الأشعري: تقدم فإنا في دارك، فقال: لا أتقدم بين يدي ابن مسعود، فتنازعوا ساعة، وكان ابن مسعود بين حذيفة وأبي موسى فدفعاه حتى تقدَّم فصلَّى بهم). رواه عمر بن شبة وابن أبي داوود.

ويجوز أن تكون بعض هذه المصاحف قد بقيت ولم تتلف ولكنها افتقرت إلى المراجعة والتوثيق وأمن الخطأ بخلاف المصاحف العثمانية .
وهي مصاحف ملغاة إجماعاً، لا يُعتدّ بها في القراءة لإجماع الصحابة رضي الله عنهم على ترك القراءة بما خالف المصحف الإمام.

وقد بقيت مصاحف منسوبة إلى ابن مسعود رضي الله عنه لا يوقف لها على إسناد متّصل إلى ابن مسعود، وهي تعد من الآثار الضعيفة، ولا يُؤمن أن تكون من قراءته ولا إملائه .
ومن الآثار الواردة في ترتيب مصحف ابن مسعود :
- روى الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة أنه قال: قال عبد الله: «لقد تعلمت النظائر التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤهن اثنين اثنين، في كل ركعة»
فقام عبد الله ودخل معه علقمة، وخرج علقمة فسألناه، فقال: عشرون سورة من أول المفصل على تأليف ابن مسعود، آخرهن الحواميم: حم الدخان وعم يتساءلون). رواه البخاري ومسلم.
وهذه الرواية مختصرة، وقد استُشكل فيها عدّ حم الدخان من المفصّل، وهذا الإشكال تدفعه الروايات الأخرى.
- قال مهدي بن ميمون: حدثنا واصل الأحدب، عن أبي وائل، قال: غدونا على عبد الله، فقال رجل: قرأت المفصل البارحة!
فقال: «هذّا كهذّ الشِّعْر إنا قد سمعنا القراءة، وإني لأحفظ القرناء التي كان يقرأ بهن النبي صلى الله عليه وسلم، ثماني عشرة سورة من المفصل، وسورتين من آل حم» رواه البخاري ومسلم.
فأخرج آل حم من المفصّل، ولذلك فقول بعض أهل العلم في الرواية الأولى: (ظاهرُهُ أن الدخان من المفصل) مدفوع بهذه الرواية المبيّنة.

- وروى أبو داوود في سننه من طريق إسرائيل بن يونس عن جده أبي إسحاق السبيعي عن علقمة والأسود قالا: أتى ابنَ مسعود رجلٌ، فقال: إني أقرأ المفصل في ركعة، فقال: أهذا كهذ الشعر، ونثرا كنثر الدقل، «لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ النظائر السورتين في ركعة، الرحمن والنجم في ركعة، واقتربت والحاقة في ركعة، والطور والذاريات في ركعة، وإذا وقعت ونون في ركعة، وسأل سائل والنازعات في ركعة، وويل للمطففين وعبس في ركعة، والمدثر والمزمل في ركعة، وهل أتى ولا أقسم بيوم القيامة في ركعة، وعم يتساءلون والمرسلات في ركعة، والدخان وإذا الشمس كورت في ركعة».
قال أبو داود: «هذا تأليف ابن مسعود رحمه الله»
قال ابن رجب: (وليس في هذه الرواية من آل حم سوى سورة الدخان، وهذا يخالف رواية مسلم المتقدمة: وسورتين من آل حم).
ورواية إسرائيل عن جدّه بعد الاختلاط، فلذلك ضعّف بعضُ أهل الحديث ما في هذه الرواية من سرد أسماء السور، لكن روى ابن خزيمة هذا الخبر من طريق أبي خالد عن الأعمش عن أبي وائل، وزاد فيه: قال الأعمش: (وهي عشرون سورة على تأليف عبد الله أوَّلهن: الرحمن وآخرتهن الدخان: الرحمن والنجم، والذاريات والطور، هذه النظائر، واقتربت والحاقة، والواقعة ون، والنازعات وسأل سائل، والمدثر والمزمل، وويل للمطففين وعبس، ولا أقسم وهل أتى، والمرسلات وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت والدخان). رواه ابن خزيمة في صحيحه.

- وقال حصين بن عبد الرحمن: حدثني إبراهيم عن نهيك بن سنان السلمي: أنه أتى عبد الله بن مسعود فقال: قرأت المفصل الليلة في ركعة، فقال: هذّاً مثل هذِّ الشِّعْرِ، أو نثراً مثل نثر الدقل؟!، إنما فُصِّلَ لتفصّلوا، لقد علمت النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن عشرين سورة: الرحمن والنجم، على تأليف ابن مسعود، كل سورتين في ركعة، وذكر الدخان وعم يتساءلون في ركعة). رواه الإمام أحمد في مسنده، ورواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار وزاد:
فقلت لإبراهيم: أرأيت ما دون ذلك! كيف أصنع؟
قال: ربما قرأتُ أربعاً في ركعة).
قال الطحاوي: (قول ابن مسعود رضي الله عنه بعد ذلك: "إنما سمي المفصل لتفصلوه"؛ فإنَّ ذلك لم يذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يحتمل أن يكون ذلك من رأيه؛ فإن كان ذلك من رأيه؛ فقد خالفه في ذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه لأنه كان يختم القرآن في ركعة)ا.هـ.
وروى الإمام أحمد من طريق حماد بن سلمة قال: حدثنا عاصم عن زر: أن رجلا قال لابن مسعود: كيف تعرف هذا الحرف: "ماء غير" ياسن أم "آسن"؟ فقال: كل القرآن قد قرأت؟، قال: إني لأقرأ المفصل أجمع في ركعة واحدة!، فقال أهذ الشعر لا أبا لك؟!، قد علمت قرائن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي كان يقرن قرينتين قرينتين، من أول المفصل. وكان أول مفصل ابن مسعود. {الرحمن}).
قال بدر الدين العيني: (قوله: (على تأليف ابن مسعود) أراد به أن سورة النجم كان بحذاء سورة الرحمن في مصحف ابن مسعود، بخلاف مصحف عثمان).
- قال منصور بن صقير البغدادي: حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم ابن بهدلة عن زر قال: (كان أول مفصل ابن مسعود: الرحمن) رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار، ومنصور هذا قال فيه أبو حاتم الرازي: ليس بقوي، وفي حديثه اضطراب، وقال ابن حبان: لا يحتجّ به إذا انفرد.
وقد تقدّم قول زرّ بن حبيش في ذلك.
وذكر ابن حجر عن الداودي أنّ أوّل مفصّل ابن مسعود الجاثية،
وذكر ابن الملقّن أنّ أوّل مفصّل ابن مسعود القتال.
ولا أعلم لهذين القولين مستندا.
وقال السيوطي: (قال ابن أشتة أيضا: وأخبرنا أبو الحسن بن نافع أن أبا جعفر محمد بن عمرو بن موسى حدثهم قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن سالم حدثنا علي بن مهران الطائي حدثنا جرير بن عبد الحميد قال: تأليف مصحف عبد الله بن مسعود:
طوال البقرة والنساء وآل عمران والأعراف والأنعام والمائدة ويونس.
والمئين: براءة والنحل وهود ويوسف والكهف وبني إسرائيل والأنبياء وطه والمؤمنون والشعراء والصافات.
والمثاني: الأحزاب والحج والقصص وطس النمل والنور والأنفال ومريم والعنكبوت والروم ويس والفرقان والحجر والرعد وسبأ والملائكة وإبراهيم وص والذين كفروا ولقمان والزمر والحواميم حم المؤمن والزخرف والسجدة وحمعسق والأحقاف والجاثية والدخان وإنا فتحنا لك والحشر وتنزيل السجدة والطلاق ون والقلم والحجرات وتبارك والتغابن وإذا جاءك المنافقون والجمعة والصف وقل أوحي وإنا أرسلنا والمجادلة والممتحنة ويا أيها النبي لم تحرم.
والمفصل: الرحمن والنجم والطور والذاريات واقتربت الساعة والواقعة والنازعات وسأل سائل والمدثر والمزمل والمطففين وعبس وهل أتى والمرسلات والقيامة وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت وإذا السماء انفطرت والغاشية وسبح والليل والفجر والبروج وإذا السماء انشقت واقرأ باسم ربك والبلد والضحى والطارق والعاديات وأرأيت والقارعة ولم يكن والشمس وضحاها والتين وويل لكل همزة وألم تر كيف ولإيلاف قريش وألهاكم وإنا أنزلناه وإذا زلزلت والعصر وإذا جاء نصر الله والكوثر وقل يا أيها الكافرون وتبت وقل هو الله أحد وألم نشرح وليس فيه الحمد ولا المعوذتان).

وهذا التأليف كما تقدّم إنما هو في مصاحف منسوبة إلى ابن مسعود غير متحقق صحّة نسبتها.

س4: ما تقول فيما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (أنزل الله عز وجل هذا الحرف على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم [ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه] فلصقت إحدى الواوين بالأخرى فقرأ لنا: {وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه} ولو نزلت على القضاء ما أشرك به أحد) ؟
روى فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (أنزل الله عز وجل هذا الحرف على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم [ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه] فلصقت إحدى الواوين بالأخرى فقرأ لنا: {وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه} ولو نزلت على القضاء ما أشرك به أحد).
فكان ميمون يقول: (إن على تفسيره لنورا؛ قال الله عزَّ وجلَّ: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا}). رواه ابن منيع كما في المطالب العالية، وذكر السيوطي أنّ أبا عبيد وابن المنذر وابن مردويه أخرجوه، ولعله فيما فُقِدَ من كتبهم.

- وهذا الإسناد ضعيف جداً لا يصحّ عن ابن عباس؛ فالفرات بن السائب الجزري متروك الحديث، قال فيه يحيى بن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث.
- وقال ابن حبان: (كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، ويأتي بالمعضلات عن الثقات، لا يجوز الاحتجاج به، ولا الرواية عنه، ولا كتابة حديثه إلا على سبيل الاختبار)ا.هـ.
وأما قوله: (ولو نزلت على القضاء ما أشرك به أحد) فهذا من الكذب البيّن على ابن عباس، وذلك أنّ القضاء على نوعين:

قضاء كوني قدري، وهذا حتمي وقوعه لنفاذ مشيئة الله تعالى، ومنه قوله تعالى: {وقضينا إليه ذلك الأمر أنّ دابر هؤلاء مقطوع مصبحين}، وقوله: {وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا}
وقضاء شرعي ديني؛ كما في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)} وقوله: {وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه..} الآية
• فالقضاء الشرعي من الأوامر الشرعية التي يحبها الله تعالى ويحب امتثالها ولكن من العباد من لا يأتي بها ويمتثلها
ومن لم يفرّق بين القضاء الكوني والشرعي فقد وقع في ضلالات في باب القضاء والقدر، وما كان التفريق بينهما ليخفى على حبر الأمة ؛ فنسبة ما تقدّم من القول إليه مما يُقطع بأنه كذب عليه، وهو مكذوب أيضا على ميمون بن مهران؛ فإنّه كان ممن ناظر المرجئة وحجَّهم.
• وقد روى ابن جرير نحو هذا الخبر في تفسيره عن الضحاك بن مزاحم الهلالي من طريق هشيم، عن أبي إسحاق الكوفي، عن الضحاك بن مزاحم أنه قرأها: [وَوَصَّى رَبُّكَ] وقال: (إنهم ألصقوا الواو بالصاد فصارت قافا).
- وهذا الخبر لا يصحّ عن الضحاك؛ فأبو إسحاق الكوفي متروك الحديث، قال فيه أبو زرعة: (واهي الحديث)، وقال أبو حاتم: (ليس بشيء)، وقال يحيى بن معين: (أبو إسحاق الكوفي الذي يروي عنه هشيم، هو عبد الله بن ميسرة، وهو ضعيف الحديث).
ومن الجدير بالذكر هنا ؟أنه قد صحت القراءة عن ابن عباس رضي الله عنهما بما يوافق قراءة العامّة، ولا قد يكون هذا الحرف (ووصّى ربّك) قد قرىء به قبل الجمع العثماني، لكنه على فرض ثبوته ترك بعد الجمع ، والذي لا يقبل هو الطعن في القراءة المتواترة.
ذكر ابن جرير: عن ابن حبيب بن أبي ثابت، عن أبيه، قال: أعطاني ابن عباس مصحفاً؛ فقال: هذا على قراءة أبيّ بن كعب، قال أبو كريب: قال يحيى: رأيت المصحف عند نُصير فيه: «ووصى ربّك» يعني: وقضى ربك). رجاله ثقات لكنّه مختصر، وقد قطّعه ابن جرير في تفسيره، ولم أقف على أصله.
والخلاصة أنّ القدح في قراءة (وقضى ربّك) لا يصحّ عن ابن عبّاس، وأما قراءة [ووصّى ربّك] فمروية من طرق معلولة عنه وعن غيره من الصحابة .

س5: بيّن أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "جمع القرآن"
- لمثل هذه الدورات فوائد عديدة لطلبة العلم ولا سيما لطلبة علم التفسير منها :

1- بيان حقيقة مسألة جمع القرآن والتحقق من سلامة جمعه ومن ثم زيادة اليقين في ثبوته وحجته .
2- تفنيد الأدلة الواردة في هذا الباب وبيان حجتها وعللها وطرقها مما يزيل أي ريب .
3- معرفة كيفية الرد على المتشككين في ثبوت القرآن وسلامة جمعه .
4- التعرف على جهود الصحابة ودورهم في جمع كتاب الله وتفانيهم في ذلك وعدم رؤيتهم أنفسهم وأن جل همهم هو إعلاء كلمة الدين من خلال المحافظة على كتابهم .
5- شهود فضل الله تعالى علينا الآن من توافر الأحبار والأوراق والمصاحف والتقنية الحديثة المؤهلة لكل خير والمعينة على كل طاعة وشكره عليها .
6- التعرف على مابذله الصحابة في تعلمهم لكتاب الله وإتقانهم له و في إقراء الناس وتعليمهم إياه .
7- بروز أهمية الكتابة والتقييد وعدم الاكتفاء بما تحويه الذاكرة مهما بلغت قوتها ولنا في رسول الله أسوة حسنة فقد تكفل الله بحفظه وتعليمه كتابه ومع ذلك حرص على تقييده وكتابته .

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 12 ربيع الأول 1439هـ/30-11-2017م, 08:42 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حنان على محمود مشاهدة المشاركة
المجموعة الخامسة:

س1: هل تعدّ البسملة من آيات السور؟
- كان الصحابة يكتب البسملة في فواتح السور ماعدا سورة براءة ، كما عدوها آية من كتاب الله ، وكتبوها في سطر منفصل ، ولكن لم يعدوها من آيات السور وليست منها ، كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما: « كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم » رواه أبو داوود
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فيه أنها نزلت للفصل، وليس فيه أنها آية منها، و {تبارك الذي بيده الملك} ثلاثون آية بدون البسملة؛ ولأن العادين لآيات القرآن لم يعدّ أحد منهم البسملة من السورة)ا.هـ.
وقال في موضع آخر: (توسّط أكثر فقهاء الحديث كأحمد ومحققي أصحاب أبي حنيفة، فقالوا: كتابتها في المصحف تقتضي أنها من القرآن؛ للعلم بأنهم لم يكتبوا فيه ما ليس بقرآن، لكن لا يقتضي ذلك أنها من السورة، بل تكون آية مفردة أنزلت في أول كل سورة، كما كتبها الصحابة سطرا مفصولا، كما قال ابن عباس: " كان لا يعرف فصل السورة حتى ينزل بسم الله الرحمن الرحيم".
فعند هؤلاء: هي آية من كتاب الله في أول كل سورة كتبت في أولها، وليست من السورة. وهذا هو المنصوص عن أحمد في غير موضع. ولم يوجد عنه نقل صريح بخلاف ذلك. وهو قول عبد الله بن المبارك وغيره. وهو أوسط الأقوال وأعدلها)ا.هـ.
- قالَ أبو بكرٍ البيهقيُّ (ت:458هـ): (لم يختلف أهل العلم في نزول {بسم الله الرحمن الرحيم} قرآنا، وإنما اختلفوا في عدد النزول).
ثم قال: (وفي إثبات الصحابة رسمها حيثُ كتبوها في مصاحفهم دلالةٌ على صحةِ قولِ من ادَّعى نزولَها حيث كُتِبَت، والله أعلم)ا.هـ.
- وهناك قول منكر نشير إليه وهو ما قاله إبراهيم بن يزيد القرشي: قلت لعمرو بن دينار: (إنَّ الفضلَ الرقاشي زعم أن {بسم الله الرحمن الرحيم} ليس من القرآن!
قال: سبحان الله ما أجرأ هذا الرجل!! سمعت سعيد بن جبير يقول: سمعت ابن عباس يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزلت عليه{بسم الله الرحمن الرحيم} علم أن تلك السورة قد ختمت وفتح غيرها). رواه البيهقي في شعب الإيمان.
إبراهيم بن يزيد متروك الحديث، والفضل بن عيسى بن أبان الرقاشي قَدَريٌّ مُنكَر الحديث؛ مُجمَعٌ على تركِه، قال فيه حماد بن زيد: (كان من أخبث الناس قولاً). فلا يلتفت إلى قوله.

س2: ما تقول في دعوى أنّ عمر بن الخطاب جمع القرآن في خلافته؟
لم يصحّ أنّ عمر جمع القرآن في مصحف في خلافته، وقد رُوي في ذلك أخبار منكرة لا تصحّ، منها:
- ما رواه ابن أبي داوود في كتاب المصاحف من طريق مبارك بن فضالة عن الحسن أن عمر بن الخطاب سأل عن آية من كتاب الله فقيل كانت مع فلان فقتل يوم اليمامة فقال: «إنا لله وأمر بالقرآن فجمع، وكان أول من جمعه في المصحف».
والأثر ضعيف ومخالف لما صحّ من أنّ أوّل من جمع المصحف أبو بكر رضي الله عنه، وأنّ عمر بن الخطاب هو أوّل من أشار بذلك.
- وما رواه ابن أبي داوود عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: أراد عمر بن الخطاب أن يجمع القرآن، فقام في الناس فقال: (من كان تلقَّى من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من القرآن فليأتنا به، وكانوا كتبوا ذلك في الصحف والألواح والعسب، وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شهيدان فقتل وهو يجمع ذلك إليه؛ فقام عثمان بن عفان فقال: من كان عنده من كتاب الله شيء فليأتنا به وكان لا يقبل من ذلك شيئا حتى يشهد عليه شهيدان، فجاء خزيمة بن ثابت فقال: إني قد رأيتكم تركتم آيتين لم تكتبوهما. قالوا: وما هما؟ قال: تلقيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم} إلى آخر السورة قال عثمان: فأنا أشهد أنهما من عند الله فأين ترى أن نجعلهما؟ قال: اختم بها آخر ما نزل من القرآن فختمت بها براءة).

وهذا الخبر ضعيف الإسناد معلول المتن، ، ومتنه مخالف لسياق روايات الثقات.

س3: ما تقول فيما يُذكر من ترتيب السور في مصحف أبيّ بن كعب ومصحف ابن مسعود ؟
- كان للصحابة مصاحفهم التي تخصهم ومنهم من كتب مصحفه قبل جمع عثمان ومنهم من كتبه بعد جمعه ، ومن كتب مصحفه قبل الجمع فقد اختلف ترتيب السور به حسب اجتهاد كل قارئ فلم يكن واجبا عليهم ترتيب السور في التلاوة ، ولكن بعد جمع عثمان أصبح هناك التزام بترتيب المصحف على المصحف الإمام وانعقد الإجماع على ذلك ، وممن كان لهم مصاحف مكتوبة قبل الجمع العثماني : أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود رضي الله عن الجميع .
- أما مصحف أبي : فلم يكن يسع أبي بعد الجمع العثماني أن يخالف ترتيب المصحف ولكنه سلم مصحفه مع من سلموا مصاحفهم ولو كان امتنع عن ذلك وأبقى مصحفه لكان اشتهر ذلك كما اشتهر أمر بن مسعود في ذلك .
- وقد وجدت مصاحف كثيرة نسبت لأبي بن كعب ولكن لم تثيبت صحة نسبتها له .
أما ما نقله السيوطي في الإتقان عن بن أشته تلميذ ابن مجاهد صاحب «السبعة في القراءات» أنه قال: (أنبأنا محمد بن يعقوب حدثنا أبو داود حدثنا أبو جعفر الكوفي قال: هذا تأليف مصحف أبيّ: الحمد، ثم البقرة، ثم النساء، ثم آل عمران، ثم الأنعام، ثم الأعراف، ثم المائدة، ثم يونس، ثم الأنفال، ثم براءة، ثم هود، ثم مريم، ثم الشعراء، ثم الحج، ثم يوسف، ثم الكهف، ثم النحل، ثم الأحزاب، ثم بني إسرائيل، ثم الزمر أولها حم، ثم طه، ثم الأنبياء، ثم النور، ثم المؤمنون، ثم سبأ، ثم العنكبوت، ثم المؤمن، ثم الرعد، ثم القصص، ثم النمل، ثم الصافات، ثم ص، ثم يس، ثم الحجر، ثم حم عسق، ثم الروم، ثم الحديد، ثم الفتح، ثم القتال، ثم الظهار، ثم تبارك الملك، ثم السجدة، ثم إنا أرسلنا نوحا، ثم الأحقاف، ثم ق، ثم الرحمن، ثم الواقعة، ثم الجن، ثم النجم، ثم سأل سائل، ثم المزمل، ثم المدثر، ثم اقتربت، ثم حم الدخان، ثم لقمان، ثم حم الجاثية، ثم الطور، ثم الذاريات، ثم ن، ثم الحاقة، ثم الحشر، ثم الممتحنة، ثم المرسلات، ثم عم يتساءلون، ثم لا أقسم بيوم القيامة، ثم إذا الشمس كورت، ثم يا أيها إذا طلقتم النساء، ثم النازعات، ثم التغابن، ثم عبس، ثم المطففين، ثم إذا السماء انشقت، ثم والتين والزيتون، ثم اقرأ باسم ربك، ثم الحجرات، ثم المنافقون، ثم الجمعة، ثم لم تحرم، ثم الفجر، ثم لا أقسم بهذا البلد، ثم والليل، ثم إذا السماء انفطرت، ثم والشمس وضحاها، ثم والسماء والطارق، ثم سبح اسم ربك، ثم الغاشية، ثم الصف، ثم سورة أهل الكتاب وهي لم يكن، ثم الضحى، ثم ألم نشرح، ثم القارعة، ثم التكاثر، ثم العصر، ثم سورة الخلع، ثم سورة الحفد، ثم ويل لكل همزة، ثم إذا زلزلت، ثم العاديات، ثم الفيل، ثم لإيلاف، ثم أرأيت، ثم إنا أعطيناك، ثم القدر، ثم الكافرون، ثم إذا جاء نصر الله، ثم تبت، ثم الصمد، ثم الفلق، ثم الناس)ا.هـ.
أبو جعفر الكوفي من شيوخ أبي داوود السجستاني، وما ذكره من الترتيب إنما هو على ما اطّلع عليه من المصاحف المنسوبة إلى أبيّ بن كعب.
أما ابن مسعود : فقد عارض فكرة الجمع العثماني في بداية الأمر ثم رجع عن رأيه بعد ذلك إلى ما أجمع عليه الصحابة رضي الله عنهم من الاجتماع على حرف واحد ومصحف إمام لا تختلف فيه هذه الأمة.
فما كان له بعد ذلك إلا أن أقام مصحفَه على المصحف الإمام الذي بعث به عثمان إلى الكوفة، وأمر أن يقيموا مصاحفهم عليه، وأن تترك القراءة بما خالفه، وأن تسلّم المصاحف المخالفة للرسم العثماني.
-قال كثير بن هشام الكلابي: عن عبد الأعلى بن الحكم الكلابي قال: أتيت دار أبي موسى الأشعري، فإذا حذيفة بن اليمان، وعبد الله بن مسعود، وأبو موسى الأشعري فوق إجَّار لهم، فقلت: هؤلاء والله الذين أريد؛ فأخذت أرتقي إليهم؛ فإذا غلام على الدرجة؛ فمنعني فنازعته؛ فالتفت إليَّ بعضهم، قال: خلِّ عن الرجل؛ فأتيتهم حتى جلستُ إليهم؛ فإذا عندهم مصحف أرسل به عثمان، وأمرهم أن يقيموا مصاحفهم عليه؛ فقال أبو موسى: (ما وجدتم في مصحفي هذا من زيادة فلا تنقصوها، وما وجدتم من نقصان فاكتبوه)
فقال حذيفة: كيف بما صنعنا؟!! والله ما أحدٌ من أهل هذا البلد يرغَب عن قراءة هذا الشيخ، يعني ابنَ مسعود، ولا أحدٌ من أهل اليمن يرغَب عن قراءة هذا الشيخ، يعني أبا موسى الأشعري).
قال عبد الأعلى: (وكان حذيفة هو الذي أشار على عثمان رضي الله عنه بجمع المصاحف على مصحف واحد، ثم إن الصلاة حضرت؛ فقالوا لأبي موسى الأشعري: تقدم فإنا في دارك، فقال: لا أتقدم بين يدي ابن مسعود، فتنازعوا ساعة، وكان ابن مسعود بين حذيفة وأبي موسى فدفعاه حتى تقدَّم فصلَّى بهم). رواه عمر بن شبة وابن أبي داوود.

ويجوز أن تكون بعض هذه المصاحف قد بقيت ولم تتلف ولكنها افتقرت إلى المراجعة والتوثيق وأمن الخطأ بخلاف المصاحف العثمانية .
وهي مصاحف ملغاة إجماعاً، لا يُعتدّ بها في القراءة لإجماع الصحابة رضي الله عنهم على ترك القراءة بما خالف المصحف الإمام.

وقد بقيت مصاحف منسوبة إلى ابن مسعود رضي الله عنه لا يوقف لها على إسناد متّصل إلى ابن مسعود، وهي تعد من الآثار الضعيفة، ولا يُؤمن أن تكون من قراءته ولا إملائه .
ومن الآثار الواردة في ترتيب مصحف ابن مسعود :
- روى الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة أنه قال: قال عبد الله: «لقد تعلمت النظائر التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤهن اثنين اثنين، في كل ركعة»
فقام عبد الله ودخل معه علقمة، وخرج علقمة فسألناه، فقال: عشرون سورة من أول المفصل على تأليف ابن مسعود، آخرهن الحواميم: حم الدخان وعم يتساءلون). رواه البخاري ومسلم.
وهذه الرواية مختصرة، وقد استُشكل فيها عدّ حم الدخان من المفصّل، وهذا الإشكال تدفعه الروايات الأخرى.
- قال مهدي بن ميمون: حدثنا واصل الأحدب، عن أبي وائل، قال: غدونا على عبد الله، فقال رجل: قرأت المفصل البارحة!
فقال: «هذّا كهذّ الشِّعْر إنا قد سمعنا القراءة، وإني لأحفظ القرناء التي كان يقرأ بهن النبي صلى الله عليه وسلم، ثماني عشرة سورة من المفصل، وسورتين من آل حم» رواه البخاري ومسلم.
فأخرج آل حم من المفصّل، ولذلك فقول بعض أهل العلم في الرواية الأولى: (ظاهرُهُ أن الدخان من المفصل) مدفوع بهذه الرواية المبيّنة.

- وروى أبو داوود في سننه من طريق إسرائيل بن يونس عن جده أبي إسحاق السبيعي عن علقمة والأسود قالا: أتى ابنَ مسعود رجلٌ، فقال: إني أقرأ المفصل في ركعة، فقال: أهذا كهذ الشعر، ونثرا كنثر الدقل، «لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ النظائر السورتين في ركعة، الرحمن والنجم في ركعة، واقتربت والحاقة في ركعة، والطور والذاريات في ركعة، وإذا وقعت ونون في ركعة، وسأل سائل والنازعات في ركعة، وويل للمطففين وعبس في ركعة، والمدثر والمزمل في ركعة، وهل أتى ولا أقسم بيوم القيامة في ركعة، وعم يتساءلون والمرسلات في ركعة، والدخان وإذا الشمس كورت في ركعة».
قال أبو داود: «هذا تأليف ابن مسعود رحمه الله»
قال ابن رجب: (وليس في هذه الرواية من آل حم سوى سورة الدخان، وهذا يخالف رواية مسلم المتقدمة: وسورتين من آل حم).
ورواية إسرائيل عن جدّه بعد الاختلاط، فلذلك ضعّف بعضُ أهل الحديث ما في هذه الرواية من سرد أسماء السور، لكن روى ابن خزيمة هذا الخبر من طريق أبي خالد عن الأعمش عن أبي وائل، وزاد فيه: قال الأعمش: (وهي عشرون سورة على تأليف عبد الله أوَّلهن: الرحمن وآخرتهن الدخان: الرحمن والنجم، والذاريات والطور، هذه النظائر، واقتربت والحاقة، والواقعة ون، والنازعات وسأل سائل، والمدثر والمزمل، وويل للمطففين وعبس، ولا أقسم وهل أتى، والمرسلات وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت والدخان). رواه ابن خزيمة في صحيحه.

- وقال حصين بن عبد الرحمن: حدثني إبراهيم عن نهيك بن سنان السلمي: أنه أتى عبد الله بن مسعود فقال: قرأت المفصل الليلة في ركعة، فقال: هذّاً مثل هذِّ الشِّعْرِ، أو نثراً مثل نثر الدقل؟!، إنما فُصِّلَ لتفصّلوا، لقد علمت النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن عشرين سورة: الرحمن والنجم، على تأليف ابن مسعود، كل سورتين في ركعة، وذكر الدخان وعم يتساءلون في ركعة). رواه الإمام أحمد في مسنده، ورواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار وزاد:
فقلت لإبراهيم: أرأيت ما دون ذلك! كيف أصنع؟
قال: ربما قرأتُ أربعاً في ركعة).
قال الطحاوي: (قول ابن مسعود رضي الله عنه بعد ذلك: "إنما سمي المفصل لتفصلوه"؛ فإنَّ ذلك لم يذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يحتمل أن يكون ذلك من رأيه؛ فإن كان ذلك من رأيه؛ فقد خالفه في ذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه لأنه كان يختم القرآن في ركعة)ا.هـ.
وروى الإمام أحمد من طريق حماد بن سلمة قال: حدثنا عاصم عن زر: أن رجلا قال لابن مسعود: كيف تعرف هذا الحرف: "ماء غير" ياسن أم "آسن"؟ فقال: كل القرآن قد قرأت؟، قال: إني لأقرأ المفصل أجمع في ركعة واحدة!، فقال أهذ الشعر لا أبا لك؟!، قد علمت قرائن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي كان يقرن قرينتين قرينتين، من أول المفصل. وكان أول مفصل ابن مسعود. {الرحمن}).
قال بدر الدين العيني: (قوله: (على تأليف ابن مسعود) أراد به أن سورة النجم كان بحذاء سورة الرحمن في مصحف ابن مسعود، بخلاف مصحف عثمان).
- قال منصور بن صقير البغدادي: حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم ابن بهدلة عن زر قال: (كان أول مفصل ابن مسعود: الرحمن) رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار، ومنصور هذا قال فيه أبو حاتم الرازي: ليس بقوي، وفي حديثه اضطراب، وقال ابن حبان: لا يحتجّ به إذا انفرد.
وقد تقدّم قول زرّ بن حبيش في ذلك.
وذكر ابن حجر عن الداودي أنّ أوّل مفصّل ابن مسعود الجاثية،
وذكر ابن الملقّن أنّ أوّل مفصّل ابن مسعود القتال.
ولا أعلم لهذين القولين مستندا.
وقال السيوطي: (قال ابن أشتة أيضا: وأخبرنا أبو الحسن بن نافع أن أبا جعفر محمد بن عمرو بن موسى حدثهم قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن سالم حدثنا علي بن مهران الطائي حدثنا جرير بن عبد الحميد قال: تأليف مصحف عبد الله بن مسعود:
طوال البقرة والنساء وآل عمران والأعراف والأنعام والمائدة ويونس.
والمئين: براءة والنحل وهود ويوسف والكهف وبني إسرائيل والأنبياء وطه والمؤمنون والشعراء والصافات.
والمثاني: الأحزاب والحج والقصص وطس النمل والنور والأنفال ومريم والعنكبوت والروم ويس والفرقان والحجر والرعد وسبأ والملائكة وإبراهيم وص والذين كفروا ولقمان والزمر والحواميم حم المؤمن والزخرف والسجدة وحمعسق والأحقاف والجاثية والدخان وإنا فتحنا لك والحشر وتنزيل السجدة والطلاق ون والقلم والحجرات وتبارك والتغابن وإذا جاءك المنافقون والجمعة والصف وقل أوحي وإنا أرسلنا والمجادلة والممتحنة ويا أيها النبي لم تحرم.
والمفصل: الرحمن والنجم والطور والذاريات واقتربت الساعة والواقعة والنازعات وسأل سائل والمدثر والمزمل والمطففين وعبس وهل أتى والمرسلات والقيامة وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت وإذا السماء انفطرت والغاشية وسبح والليل والفجر والبروج وإذا السماء انشقت واقرأ باسم ربك والبلد والضحى والطارق والعاديات وأرأيت والقارعة ولم يكن والشمس وضحاها والتين وويل لكل همزة وألم تر كيف ولإيلاف قريش وألهاكم وإنا أنزلناه وإذا زلزلت والعصر وإذا جاء نصر الله والكوثر وقل يا أيها الكافرون وتبت وقل هو الله أحد وألم نشرح وليس فيه الحمد ولا المعوذتان).

وهذا التأليف كما تقدّم إنما هو في مصاحف منسوبة إلى ابن مسعود غير متحقق صحّة نسبتها.

س4: ما تقول فيما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (أنزل الله عز وجل هذا الحرف على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم [ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه] فلصقت إحدى الواوين بالأخرى فقرأ لنا: {وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه} ولو نزلت على القضاء ما أشرك به أحد) ؟
روى فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (أنزل الله عز وجل هذا الحرف على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم [ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه] فلصقت إحدى الواوين بالأخرى فقرأ لنا: {وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه} ولو نزلت على القضاء ما أشرك به أحد).
فكان ميمون يقول: (إن على تفسيره لنورا؛ قال الله عزَّ وجلَّ: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا}). رواه ابن منيع كما في المطالب العالية، وذكر السيوطي أنّ أبا عبيد وابن المنذر وابن مردويه أخرجوه، ولعله فيما فُقِدَ من كتبهم.

- وهذا الإسناد ضعيف جداً لا يصحّ عن ابن عباس؛ فالفرات بن السائب الجزري متروك الحديث، قال فيه يحيى بن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث.
- وقال ابن حبان: (كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، ويأتي بالمعضلات عن الثقات، لا يجوز الاحتجاج به، ولا الرواية عنه، ولا كتابة حديثه إلا على سبيل الاختبار)ا.هـ.
وأما قوله: (ولو نزلت على القضاء ما أشرك به أحد) فهذا من الكذب البيّن على ابن عباس، وذلك أنّ القضاء على نوعين:

قضاء كوني قدري، وهذا حتمي وقوعه لنفاذ مشيئة الله تعالى، ومنه قوله تعالى: {وقضينا إليه ذلك الأمر أنّ دابر هؤلاء مقطوع مصبحين}، وقوله: {وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا}
وقضاء شرعي ديني؛ كما في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)} وقوله: {وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه..} الآية
• فالقضاء الشرعي من الأوامر الشرعية التي يحبها الله تعالى ويحب امتثالها ولكن من العباد من لا يأتي بها ويمتثلها
ومن لم يفرّق بين القضاء الكوني والشرعي فقد وقع في ضلالات في باب القضاء والقدر، وما كان التفريق بينهما ليخفى على حبر الأمة ؛ فنسبة ما تقدّم من القول إليه مما يُقطع بأنه كذب عليه، وهو مكذوب أيضا على ميمون بن مهران؛ فإنّه كان ممن ناظر المرجئة وحجَّهم.
• وقد روى ابن جرير نحو هذا الخبر في تفسيره عن الضحاك بن مزاحم الهلالي من طريق هشيم، عن أبي إسحاق الكوفي، عن الضحاك بن مزاحم أنه قرأها: [وَوَصَّى رَبُّكَ] وقال: (إنهم ألصقوا الواو بالصاد فصارت قافا).
- وهذا الخبر لا يصحّ عن الضحاك؛ فأبو إسحاق الكوفي متروك الحديث، قال فيه أبو زرعة: (واهي الحديث)، وقال أبو حاتم: (ليس بشيء)، وقال يحيى بن معين: (أبو إسحاق الكوفي الذي يروي عنه هشيم، هو عبد الله بن ميسرة، وهو ضعيف الحديث).
ومن الجدير بالذكر هنا ؟أنه قد صحت القراءة عن ابن عباس رضي الله عنهما بما يوافق قراءة العامّة، ولا قد يكون هذا الحرف (ووصّى ربّك) قد قرىء به قبل الجمع العثماني، لكنه على فرض ثبوته ترك بعد الجمع ، والذي لا يقبل هو الطعن في القراءة المتواترة.
ذكر ابن جرير: عن ابن حبيب بن أبي ثابت، عن أبيه، قال: أعطاني ابن عباس مصحفاً؛ فقال: هذا على قراءة أبيّ بن كعب، قال أبو كريب: قال يحيى: رأيت المصحف عند نُصير فيه: «ووصى ربّك» يعني: وقضى ربك). رجاله ثقات لكنّه مختصر، وقد قطّعه ابن جرير في تفسيره، ولم أقف على أصله.
والخلاصة أنّ القدح في قراءة (وقضى ربّك) لا يصحّ عن ابن عبّاس، وأما قراءة [ووصّى ربّك] فمروية من طرق معلولة عنه وعن غيره من الصحابة .

س5: بيّن أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة "جمع القرآن"
- لمثل هذه الدورات فوائد عديدة لطلبة العلم ولا سيما لطلبة علم التفسير منها :

1- بيان حقيقة مسألة جمع القرآن والتحقق من سلامة جمعه ومن ثم زيادة اليقين في ثبوته وحجته .
2- تفنيد الأدلة الواردة في هذا الباب وبيان حجتها وعللها وطرقها مما يزيل أي ريب .
3- معرفة كيفية الرد على المتشككين في ثبوت القرآن وسلامة جمعه .
4- التعرف على جهود الصحابة ودورهم في جمع كتاب الله وتفانيهم في ذلك وعدم رؤيتهم أنفسهم وأن جل همهم هو إعلاء كلمة الدين من خلال المحافظة على كتابهم .
5- شهود فضل الله تعالى علينا الآن من توافر الأحبار والأوراق والمصاحف والتقنية الحديثة المؤهلة لكل خير والمعينة على كل طاعة وشكره عليها .
6- التعرف على مابذله الصحابة في تعلمهم لكتاب الله وإتقانهم له و في إقراء الناس وتعليمهم إياه .
7- بروز أهمية الكتابة والتقييد وعدم الاكتفاء بما تحويه الذاكرة مهما بلغت قوتها ولنا في رسول الله أسوة حسنة فقد تكفل الله بحفظه وتعليمه كتابه ومع ذلك حرص على تقييده وكتابته .

أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

هذا الجزء من دورة جمع القرآن بحاجة إلى دراسة بنوع من الإتقان والتنظيم حتى يسهل رسوخه في ذهنك واسترجاعه وقت الحاجة أو على الأقل سهولة البحث على إجابة الشبهات فيه.

لهذا أنصحك أن تنظمي الإجابات فيه إلى نقاط حتى لا يفوتكِ جزء مهم منها.
مثال :

س2:

1: نتكلم عن أصل الشبهة، وهي احتجاجهم بالروايات التي ذكرتِ بعضها.

2: نرد على الشبهة وقد ذكرتِ أنها :
ضعيفة السند.

معلولة المتن.

مخالفة لما ثبت في الصحيح.

لكن لم تفصلي ببيان وجه كل نقطة، وهذا يعد نقص في الإجابة.


- راجعي التعليق العام للأستاذة أمل عبد الرحمن في التصحيح أعلاه.
- السؤال الخامس : المطلوب فيه الفوائد المنهجية مثل طرق تحرير المسائل وجمع الأدلة وترتيبها وطرق الاستدلال ...



التقويم : ب+

تم خصم نصف درجة للتأخير.
وفقكِ الله وسددكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الرابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:20 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir