اقتباس لدرس " معالم المنهج لصحيح لطلب العلم " ليوم الخميس 8/1/1442 :
الركيزة الرابعة من ركائز التحصيل العلمي : الوقت الكافي .
ولا بدّ للمتعلّم من الصبر على طلب العلم مدّة كافية من الزمن حتى يُحسن تعلّمه، ويتدرّج في مدارجه، ويسلك سبيل أهله، برفق وطمأنينة، وضبط وإتقان، وتفهّم وتفكّر، ومداومة على المذاكرة والمدارسة، حتى يبلغ فيه مبلغ أهل العلم.
ومن اغترّ بذكائه وسرعة فهمه وأراد أن يحوز العلم في وقتٍ وجيزٍ مغالبةً ومكابرةً؛ تمنّع عليه العلم وتعزّز؛ واستعصى عليه تحصيله، والانتفاع به.
وبيان سرّ ذلك أن في طريق الطلب مزالقَ وفتناً من لم يكن على بصيرة منها زلّت قدمه، واضطرب تحصيله، وانحرف مساره؛ فسلك بعض سبل أهل الأهواء أو انقطع ورجع.
ولا سبيل إلى النجاة من تلك المزالق والفتن إلا باتّباع سبيل أهل العلم والإيمان، وتوثّق الطالب مما يتعلّمه، والسير في طريق الطلب مرحلةً مرحلةً، وإعطاء كلّ مرحلة حقّها من التزوّد والتمهّل، والتبصّر والتصبّر.
وقد قال الإمام الزهري رحمه الله: «إنَّ هذا العلمَ إنْ أخذته بالمكاثرة له غلبك، ولكنْ خُذْهُ مع الأيَّامِ والليالي أخذاً رفيقاً تظفرْ به»
وقال معمر بن راشد: «من طلب الحديث جُملةً ذهب منه جملةً، إنما كنا نطلب حديثا وحديثين».
والعجلة من أعظم الآفات التي تقطع على الطلاب مواصلة طريق الطلب؛ وتحول بينهم وبين التدرج في طلبه كما ينبغي، فيضيع عليهم من الوقت أضعاف ما أرادوا اختصاره.
ولا يختصر طالب العلم طريقَ الطلب بأحسن من طلبه على وجهه الصحيح، ودراسته دراسة متقنة متأنّية، بتدرّج وترفّق تحت إشراف علمي من غير تعجل ولا مكاثرة.
- ووقف عمرو بن العاص رضي الله عنه على حلقة من قريش، فقال: «ما لكم قد طرحتم هذه الأغيلمة؟ لا تفعلوا وأوسعوا لهم في المجلس، وأسمعوهم الحديث، وأفهموهم إيَّاه؛ فإنهم صغار قوم، أوشك أن يكونوا كبار قوم، وقد كنتم صغار قوم، فأنتم اليوم كبار قوم» رواه الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث".
اللهمّ استعملنا في طاعتك، وأوزعنا شكر نعمتك، واتّباع رضوانك، واغفر لنا ذنوبنا وخطايانا، واهدنا لأرشد أمورنا.
اللهم علّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علّمتنا، وزدنا علماً تنفعنا به.
اللهم وأدخلنا في رحمة منك وفضل، واهدنا إليك صراطاً مستقيماً.
{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
وصلى الله وسلم على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.