دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الطهارة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 ذو القعدة 1429هـ/6-11-2008م, 06:41 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي باب الوضوء (5/12) [تابع صفة الوضوء]

41 - وعن عبدِ اللَّهِ بنِ زيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ أُتِيَ بثُلُثَيْ مُدٍّ فجَعَلَ يَدْلُكُ ذِرَاعَيْهِ. أَخرَجَهُ أحمدُ، وصَحَّحَهُ ابنُ خُزَيْمَةَ.

42 - وعنه، أنه رأَى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ يَأْخُذُ لأُذُنَيْهِ ماءً خِلافَ الماءِ الذي أَخَذَ لرأسِه. أَخرَجَهُ البَيهقيُّ. وهو عندَ (مسلِمٍ). مِن هذا الوَجْهِ بلفظِ: ومَسَحَ برأسِهِ بماءٍ غيرِ فَضْلِ يَدَيْهِ. وهو المحفوظُ.

43 - وعن أبي هُرَيْرةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ يقولُ: ((إِنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ)). مُتَّفَقٌ عليهِ، واللفظُ لمسلِمٍ.


  #2  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 11:44 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني

10/38- وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِثُلُثَيْ مُدٍّ، فَجَعَلَ يَدْلُكُ ذِرَاعَيْهِ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
(وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِثُلُثَيْ مُدٍّ) بِضَمِّ المِيمِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ المُهْمَلَةِ، فِي القَامُوسِ: مِكْيَالٌ، وَهُوَ رِطْلانِ، أَوْ رِطْلٌ وَثُلُثٌ، أَوْ مِلْءُ كَفِّ الإِنْسَانِ المُعْتَدِلِ، إذَا مَلَأَهُمَا وَمَدَّ يَدَهُ بِهِمَا؛ وَمِنْهُ سُمِّيَ مُدًّا، وَقَدْ جَرَّبْتُ ذَلِكَ فَوَجَدْتُهُ صَحِيحاً (اهـ).
(فَجَعَلَ يَدْلُكُ ذِرَاعَيْهِ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ). وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِن حَدِيثِ أُمِّ عُمَارَةَ الأَنْصَارِيَّةِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ بِإِنَاءٍ فِيهِ قَدْرُ ثُلُثَيْ مُدٍّ. وَرَوَاهُ البَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ. فَثُلُثَا المُدِّ، هُوَ أَقَلُّ مَا رُوِيَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّا حَدِيثُ: أَنَّهُ تَوَضَّأَ بِثُلُثِ مُدٍّ. فَلا أَصْلَ لَهُ.
وَقَدْ صَحَّحَ أَبُو زُرْعَةَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَجَابِرٍ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ وَيَتَوَضَّأُ بِالمُدِّ. وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ سَفِينَةَ، وَأَبو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: تَوَضَّأَ مِنْ إنَاءٍ يَسَعُ رِطْلَيْنِ. وَالتِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ: ((يُجْزِئُ فِي الوُضُوءِ رِطْلانِ)).
وَهِيَ كُلُّهَا قَاضِيَةٌ بِالتَّخْفِيفِ فِي مَاءِ الوُضُوءِ، وَقَدْ عُلِمَ نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الإِسْرَافِ فِي المَاءِ، وَإِخْبَارُهُ أَنَّهُ سَيَأْتِي قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الوُضُوءِ، فَمَنْ جَاوَزَ مَا قَالَ الشَّارِعُ: إنَّهُ يُجْزِئُ. فَقَدْ أَسْرَفَ فَيَحْرُمُ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ هَذَا تَقْرِيبٌ لا تَحْدِيدٌ. مَا هُوَ بِبَعِيدٍ، لَكِنَّ الأَحْسَنَ بِالمُتَشَرِّعِ مُحَاكَاةُ أَخْلاقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي كَمِّيَّةِ ذَلِكَ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الدَّلْكِ لِأَعْضَاءِ الوُضُوءِ، وَفِيهِ خِلافٌ؛ فَمَنْ قَالَ بِوُجُوبِهِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا وَمَنْ قَالَ: لا يَجِبُ. قَالَ: لِأَنَّ المَأْمُورَ بِهِ فِي الآيَةِ الغَسْلُ، وَلَيْسَ الدَّلْكُ مِنْ مُسَمَّاهُ. وَلَعَلَّهُ يَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ.

11/39- وَعَنْهُ، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُ لِأُذُنَيْهِ مَاءً خلافَ المَاءِ الَّذِي أَخَذَهُ لِرَأْسِهِ. أَخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ، وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الوَجْهِ بِلَفْظِ: وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ. وَهُوَ المَحْفُوظُ.
(وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ (أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُ لِأُذُنَيْهِ مَاءً خلافَ المَاءِ الَّذِي أَخَذَ لِرَأْسِهِ. أَخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ، وَهُوَ) أَيْ: هَذَا الحَدِيثُ (عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الوَجْهِ بِلَفْظِ: وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ. وَهُوَ المَحْفُوظُ)؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ المُصَنِّفُ فِي التَّلْخِيصِ عَن ابْنِ دَقِيقِ العِيدِ، أَنَّ الَّذِي رَآهُ فِي الرِّوَايَةِ هُوَ بِهَذَا اللَّفْظِ الذي قَالَ المُصَنِّفُ: إنَّهُ المَحْفُوظُ.
وَقَالَ المُصَنِّفُ أَيْضاً: إنَّهُ الَّذِي فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ، وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي التَّلْخِيصِ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَلا رَأَيْنَاهُ فِي مُسْلِمٍ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَخْذُ مَاءٍ جَدِيدٍ لِلرَّأْسِ هُوَ أَمْرٌ لا بُدَّ مِنْهُ، وَهُوَ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الأَحَادِيثُ، وَحَدِيثُ البَيْهَقِيِّ هَذَا هُوَ دَلِيلُ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ، في أَنَّهُ يُؤْخَذُ لِلْأُذُنَيْنِ مَاءٌ جَدِيدٌ، وَهُوَ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ.
وَتِلْكَ الأَحَادِيثُ الَّتِي سَلَفَتْ غَايَةُ مَا فِيهَا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ مَاءً جَدِيداً، وَعَدَمُ الذِّكْرِ لَيْسَ دَلِيلاً عَلَى عَدَمِ الفِعْلِ، إلَّا أَنَّ قَوْلَ الرُّوَاةِ مِن الصَّحَابَةِ: وَمَسَحَ رَأْسَهُ وَأُذُنَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً. ظَاهِرٌ في أَنَّهُ بِمَاءٍ وَاحِدٍ، وَحَدِيثُ: ((الأُذُنَانِ مِن الرَّأْسِ)) وَإِنْ كَانَ فِي أَسَانِيدِهِ مَقَالٌ إلَّا أَنَّ كَثْرَةَ طُرُقِهِ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضاً، وَيَشْهَدُ لَهَا أَحَادِيثُ مَسْحِهِمَا مَعَ الرَّأْسِ مَرَّةً وَاحِدَةً.
وَهِيَ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَالرَّبِيعِ، وَعُثْمَانَ، كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ مَسَحَهُمَا مَعَ الرَّأْسِ مَرَّةً وَاحِدَةً، أَيْ بِمَاءٍ وَاحِدٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ لَفْظِ: مَرَّةً؛ إذْ لَوْ كَانَ يُؤْخَذُ لِلْأُذُنَيْنِ مَاءٌ جَدِيدٌ مَا صَدَقَ أَنَّهُ مَسَحَ رَأْسَهُ وَأُذُنَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَإِن احْتَمَلَ أَنَّ المُرَادَ أَنَّهُ لَمْ يُكَرِّرْ مَسْحَهُمَا، وَأَنَّهُ أَخَذَ لَهُمَا مَاءً جَدِيداً، فَهُوَ احْتِمَالٌ بَعِيدٌ.
وَتَأْوِيلُ حَدِيثِ: أَنَّهُ أَخَذَ لَهُمَا مَاءً خِلافَ الَّذِي مَسَحَ بِهِ رَأْسَهُ. أَقْرَبُ مَا يُقَالُ فِيهِ: إنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي يَدِهِ بِلَّةٌ تَكْفِي لِمَسْحِ الأُذُنَيْنِ؛ فَأَخَذَ لَهُمَا مَاءً جَدِيداً.

12/40- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ، مِنْ أَثَرِ الوَضُوءِ، فَمَن اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا) بِضَمِّ الغَيْنِ المُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، جَمْعُ أَغَرَّ، أَيْ: ذَوِي غُرَّةٍ، وَأَصْلُهَا لُمْعَةٌ بَيْضَاءُ تَكُونُ فِي جَبْهَةِ الفَرَسِ، وَفِي النِّهَايَةِ: يُرِيدُ بَيَاضَ وُجُوهِهِمْ بِنُورِ الوُضُوءِ يَوْمَ القِيَامَةِ. وَنَصْبُهُ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ ((يَأْتُونَ)) وَعَلَى رِوَايَةِ ((يُدْعَوْنَ)) يَحْتَمِلُ المَفْعُولِيَّةَ.
(مُحَجَّلِينَ) بِالمُهْمَلَةِ وَالجِيمِ مِن التَّحْجِيلِ، فِي النِّهَايَةِ: أَيْ: بِيضَ مَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِن الأَيْدِي وَالأَقْدَامِ. اسْتَعَارَ أَثَرَ الوَضُوءِ فِي الوَجْهِ وَاليَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لِلْإِنْسَانِ مِن البَيَاضِ الَّذِي يَكُونُ فِي وَجْهِ الفَرَسِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ.
(مِنْ أَثَرِ الوَضُوءِ) بِفَتْحِ الوَاوِ؛ لِأَنَّهُ المَاءُ، وَيَجُوزُ الضَّمُّ عِنْدَ البَعْضِ، كَمَا تَقَدَّمَ.
(فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ) أَيْ: وتَحْجِيلَهُ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا لِدَلالَتِهِ عَلَى الآخَرِ، وَآثَرَ الغُرَّةَ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ عَلَى التَّحْجِيلِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ؛ لِشَرَفِ مَوْضِعِهَا، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: ((فَلْيُطِلْ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ)).
(فَلْيَفْعَلْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ).
وَظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّ قَوْلَهُ: ((فَمَنِ اسْتَطَاعَ...)) إلَى آخِرِهِ، مِن الحَدِيثِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الوُجُوبِ، إذْ هُوَ فِي قوةِ: مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ. فَلَوْ كَانَ وَاجِباً مَا قَيَّدَهُ بِهَا؛ إذْ الِاسْتِطَاعَةُ لِذَلِكَ مُتَحَقِّقَةٌ قَطْعاً.
وَقَالَ نُعَيْمٌ أَحَدُ رُوَاتِهِ: لا أَدْرِي قَوْلَهُ: (فمَنِ اسْتَطَاعَ) إلى آخِرِهِ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ ؟ وَفِي الفَتْحِ: لَمْ أَرَ هَذِهِ الجُمْلَةَ فِي رِوَايَةِ أَحَدٍ مِمَّنْ رَوَى هَذَا الحَدِيثَ مِن الصَّحَابَةِ، وَهُمْ عَشَرَةٌ، وَلا مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ غَيْرَ رِوَايَةِ نُعَيْمٍ هَذِهِ. وَالحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ إطَالَةِ الغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ.
وَاخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي القَدْرِ المُسْتَحَبِّ مِنْ ذَلِكَ؛ فَقِيلَ: فِي اليَدَيْنِ إلَى المَنْكِبِ، وَفِي الرِّجْلَيْنِ إلَى الرُّكْبَةِ. وَقَدْ ثَبَتَ هَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةً وَرَأْياً، وَثَبَتَ مِنْ فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ، أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو عُبَيْدٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.
وَقِيلَ: إلَى نِصْفِ العَضُدِ وَالسَّاقِ. وَالغُرَّةُ فِي الوَجْهِ أَنْ يُغْسَلَ إلَى صَفْحَتَيِ العُنُقِ.
وَالقَوْلُ بِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهمَا، وَتَأْوِيلُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِأَنَّ المُرَادَ بِهِ المُدَاوَمَةُ عَلَى الوُضُوءِ- خِلافُ الظَّاهِرِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الرَّاوِيَ أَعْرَفُ بِمَا رَوَى، كَيْفَ وَقَدْ رُفِعَ مَعْنَاهُ وَلا وَجْهَ لِنَفْيِهِ؟!
وَقَد اسْتُدِلَّ عَلَى أَنَّ الوُضُوءَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الأُمَّةِ بِهَذَا الحَدِيثِ، وَبِحَدِيثِ مُسْلِمٍ مَرْفُوعاً: ((سِيمَا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ غَيْرِكُمْ)) وَالسِّيمَا بِكَسْرِ السِّينِ المُهْمَلَةِ: العَلامَةُ، وَرُدَّ هَذَا بِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ الوُضُوءُ لِمَنْ قَبْلَ هَذِهِ الأُمَّةِ. قِيلَ: فَالَّذِي اخْتَصَّتْ بِهِ هَذِهِ الأُمَّةُ هُوَ الغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ.


  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 11:46 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

38 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: إِنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِثُلُثَيْ مُدٍّ، فَجَعَلَ يَدْلُكُ ذِرَاعَيْهِ. أَخْرَجَه أَحْمَدُ وصَحَّحَهُ ابنُ خُزَيْمَةَ.
درجةُ الحديثِ:
الحديثُ صحيحٌ: فقدْ صَحَّحَهُ أبو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ وابنُ خُزَيْمَةَ، وأَخْرَجَه الحاكمُ وابنُ حِبَّانَ.
وقدْ أَخْرَجَ أبو داودَ (94) مِن حديثِ أمِّ عُمارةَ الأنصاريَّةِ بإسنادٍ حَسَنٍ: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ بإناءٍ فيه قَدْرُ ثُلُثَيْ مُدٍّ، ورَوَاهُ البَيْهَقِيُّ (1/196) عن عبدِ اللَّهِ بنِ زيدٍ.
والخُلاصةُ: أنَّ عَبَّادَ بنَ تَمِيمٍ قد رَوَى الحديثَ عن عبدِ اللَّهِ بنِ زيدٍ، وعن أمِّ عُمارةَ، وهو ثِقَةٌ، فالروايتانِ صحيحتانِ.
مفرداتُ الحديثِ:
- مُدٍّ: بضمِّ الميمِ، والدالِ المشدَّدةِ المُهْمَلَةِ، المُدُّ: وِحْدَةُ كَيْلٍ شَرْعِيَّةٌ، وهي رُبُعُ الصاعِ النبويِّ، وقَدْرُها 750 ملل.
- يَدْلُكُ: دَلَكَ الجسدَ بِيَدِه لِيَغْسِلَه ويُوصِلَ الماءَ إلى مَغابِنِه.
- ذِرَاعَيْهِ: الذِّراعُ من الإنسانِ: هي مِن طَرَفِ المَرْفِقِ إلى الكفِّ، جمعُه أَذْرُعٌ.
ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1- مشروعيَّةُ الوضوءِ بثُلُثَيِ المُدِّ، والمُدُّ: رُبْعُ الصاعِ النبويِّ، والصاعُ النبويُّ 3 لتر.
2- قالَ في القاموسِ: هو مِلْءُ كَفَّيِ الإنسانِ المُعْتَدِلِ إذَا مَلأَهُما ومَدَّ يَدَه بهما.
3- استحبابُ التقليلِ بقَدْرِ الحدِّ الذي تَوَضَّأَ به النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومِثْلُه الغُسْلُ؛ فإنَّ هذا مِن هَدْيِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
4- استحبابُ دلكِ أعضاءِ الوضوءِ؛ لأنَّ ذلك من الإسباغِ المستحَبِّ.
5- بهذه الكيفيَّةِ للغَسْلِ، يُعْرَفُ الفرقُ بينَ المسحِ وبينَ الغَسْلِ؛ فإنَّ المسحَ: بلُّ اليدِ بالماءِ ومسحُ المكانِ بها، وأما الغَسْلُ: فهو إجراءُ الماءِ على المحَلِّ، ولو أَدْنَى جَرَيَانٍ.
6- الأفضلُ هو الاقتداءُ بالنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مثلِ هذه الكَمِّيَّةِ في ماءِ الوضوءِ، ولا تَضُرُّ الزيادةُ اليسيرةُ، وأما الإسرافُ في الماءِ فحرامٌ؛ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ (6646)، والنَّسائِيُّ (140) عن عمرِو بنِ شُعَيْبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه، قالَ: جاءَ أعرابيٌّ إلى رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ عن الوضوءِ؛ فأَرَاهُ ثلاثاً ثلاثاً، وقالَ: ((هَذَا الْوُضُوءُ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ)).
خِلافُ العلماءِ:
اخْتَلَفَ العلماءُ في حُكْمِ الدَّلْكِ؛ هل هو مُسْتَحَبٌّ أو واجبٌ؟
فذَهَبَ الإمامُ مَالِكٌ إلى وُجُوبِه؛ استدلالاً بهذا الحديثِ.
وذَهَبَ الإمامُ أَحْمَدُ إلى عدمِ وُجُوبِه؛ لأنه لم يَرِدْ ما يَدُلُّ على الوجوبِ.
وأمَّا فِعْلُ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيَدُلُّ على الاستحبابِ، والمأمورُ به هو الغَسْلُ، وليس الدَّلْكُ منه.
لكنْ إذَا كانَ الماءُ لا يَصِلُ إلى البَشَرَةِ إلاَّ بالدَّلْكِ فهو واجبٌ، وليسَ وُجُوبُه من هذا الحديثِ، وإنما مُراعاةً للإسباغِ الواجبِ وإتماماً للوُضُوءِ.

39 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُ لأُذُنَيْهِ مَاءً غَيْرَ الْمَاءِ الَّذِي أَخَذَهُ لِرَأْسِهِ. أَخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ.
وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ هَذا الْوَجْهِ بِلَفْظِ: وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ، وَهُوَ الْمَحْفُوظُ.
درجةُ الحديثِ:
الروايةُ الأُولى من الحديثِ شاذَّةٌ، والروايةُ الثانيةُ محفوظةٌ، وحكمُ الشاذِّ الردُّ، وحكمُ المحفوظِ القَبُولُ؛ ولذا قالَ المؤلِّفُ في التلخيصِ: وفي صحيحِ ابنِ حِبَّانَ: وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ. وَلَمْ يَذْكُرِ الأُذُنَيْنِ.
ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
في الحديثِ رِوايتانِ: إحداهما: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ لمسحِ أُذُنَيْهِ ماءً غيرَ الماءِ الذي أَخَذَه لرأسِه.
الثانيةُ: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ رأسَه بماءٍ غيرِ فضلِ يَدَيْهِ، وهذه الروايةُ هي الصحيحةُ؛ لما يأتي:
أولاً: أنها هي الروايةُ المحفوظةُ، فتكونُ الروايةُ المقابِلَةُ لها روايةً شاذَّةً حَسَبَ اصطلاحِ المُحَدِّثِينَ؛ فإنَّ الحديثَ الشاذَّ: ما رَوَاه راوٍ مخالِفاً لمَن هو أَوْثَقُ مِنه بوجهٍ مِن وُجُوهِ الترجيحاتِ.
ثانياً: أنَّ الروايةَ الأولى أَخْرَجَها البَيْهَقِيُّ، وأمَّا الثانيةُ فهي عندَ مسلمٍ، فلها مَزِيدُ صِحَّةٍ.
ثالثاً: تَقَدَّمَ أنَّ حديثَ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ الذي أَخْرَجَه أبو داودَ والنَّسائِيُّ وصَحَّحَهُ ابنُ خُزَيْمَةَ: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ برأسِه وأَدْخَلَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّاحَتَيْنِ في أُذُنَيْهِ، ومَسَحَ بإبهاميْه ظاهرَ أُذُنَيْهِ، ولم يَذْكُرْ أخذَ ماءٍ جديدٍ لأُذُنيه.
رابعاً: تَقَدَّمَ لنا أنَّ الأُذُنَيْنِ مِن الرأسِ، فهما داخلتانِ في مُسَمَّاه لغةً وشرعاً.
خامساً: قالَ ابنُ القَيِّمِ في الهَدْيِ: لم يَثْبُتْ عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه أَخَذَ لأُذُنَيْهِ ماءً جديداً.
وقالَ في تُحْفَةِ الأَحْوَذِيِّ: لم أَقِفْ على حديثٍ مرفوعٍ صحيحٍ خالٍ من الكلامِ يَدُلُّ على مسحِ الأذنيْنِ بماءٍ جديدٍ.

40 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ)). فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لمُسْلِمٍ.
مفرداتُ الحديثِ:
- أُمَّتِي: الأُمَّةُ: الجماعةُ مِن الناسِ تَجْمَعُهُم صِفاتٌ موروثةٌ أو مصالحُ واحدةٌ، أو يَجْمَعُهُم دِينٌ واحدٌ، والمرادُ هنا: أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المتَّبِعُونَ لهَدْيِه.
- يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يومَ بَعْثِ اللَّهِ الخلائقَ للحسابِ والجزاءِ؛ سُمِّيَ بذلكَ لقيامِ الناسِ فيه مِن قُبُورِهِم، أو لإقامةِ عدلِ اللَّهِ بينَهم، أو لِقيامِ الأشهادِ.
- غُرًّا: بضمِّ الغيْنِ وتشديدِ الراءِ، جَمْعُ أَغَرَّ، أي: ذو غُرَّةٍ، والغُرَّةُ أصلُها: لمُعَةٌ بيضاءُ في جَبْهَةِ الفَرَسِ، فأُطْلِقَتْ على نورِ وجوهِ هذه الأمَّةِ المُحَمَّدِيَّةِ، و((غُرًّا)) حالٌ مِن ضميرِ ((يَأْتُونَ)).
- مُحَجَّلِينَ: جمعُ مُحَجَّلٍ، بتشديدِ الجيمِ المفتوحةِ، مِن التحجيلِ، وهو بياضٌ في قوائِمِ الفرسِ كلِّها، والمرادُ: نورُ هذه الأعضاءِ يومَ القيامةِ.
- مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ: عِلَّةٌ للغُرَّةِ والتحجيلِ المذكوريْنِ.
أَثَرِ: جَمْعُه آثارٌ، والأثَرُ: العلامةُ على الشيءِ وبَقِيَّتُه.
الوُضوءِ: بضمِّ الواوِ مصدرٌ، هو الفعلُ، مُشْتَقٌّ مِن الوَضاءةِ: هي الحُسْنُ، تقولُ: وَضُؤَ الرجلُ، صارَ وَضِيئاً، وأمَّا الوَضوءُ بفتحِ الواوِ: فهو الماءُ الذي يُتَوَضَّأُ به، هذا هو أشهرُ قَوْلَي أهلِ اللغةِ في ذلك.
ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1- فضيلةُ الوُضوءِ، وأنه سببٌ قويٌّ لحصولِ السعادةِ الأبديَّةِ.
2- أنَّ أثرَ الوضوءِ على الأعضاءِ سببٌ لنورِها، ففي الوجهِ لُمْعَةٌ بيضاءُ مُشْرِقَةٌ، وفي اليديْنِ والرِّجليْن نورٌ مضيءٌ.
3- أنَّ هذه مَيزَةٌ خاصَّةٌ وأمارةٌ فارقةٌ لأمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تلكَ الأُمَّةِ المُمْتَثِلَةِ والقائمةِ بطاعةِ اللَّهِ تعالى.
4- الراجِحُ: أنَّ الوُضوءَ من خصائصِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يَكُنْ في الأُمَمِ السابقةِ؛ ذلكَ أنَّ اللَّهَ تعالى جَعَلَ الغُرَّةَ في وُجُوهِهِم والتحجيلَ في أَيْدِيهِم وأقدامِهم سِيما خاصَّةً لهم مِن أثرِ الوُضوءِ؛ لِمَا جاءَ في صحيحِ مسلمٍ (247) أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((لَكُمْ سِيمَا لَيْسَتْ لأَحَدٍ مِنَ الأُمَمِ؛ تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ)). ولو كانَ غيرُهم يَتَوَضَّأُ لصارَ لهم مثلُ ما لأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قالَ شيخُ الإسلامِ: الوُضوءُ من خصائصِ هذه الأمَّةِ، كما جاءَتْ به الأحاديثُ الصحيحةُ، أمَّا ما رَوَاه ابنُ ماجَهْ فلا يُحْتَجُّ به، وليسَ له عندَ أهلِ الكتابِ خبرٌ عن أحدٍ من الأنبياءِ أنه يَتَوَضَّأُ وُضُوءَ المسلمينَ.
5- أنَّ طاعةَ اللَّهِ تعالى سببٌ للفلاحِ والنجاحِ والفوزِ، فكلُّ عبادةٍ للهِ تعالى لها جزاءٌ يُناسِبُها.
6- إثباتُ المَعادِ والجزاءِ فيه، وهو ممَّا عُلِمَ مِن الدِّينِ بالضرورةِ؛ فإنَّ الإيمانَ بالبَعْثِ هو من أركانِ الإيمانِ الستَّةِ، فلا يَصِحُّ إسلامُ أحدٍ إلاَّ بالإيمانِ بالبَعْثِ والجزاءِ بعدَ الموتِ.
7- البَعْثُ يكونُ للأرواحِ والأجسادِ، كما صَحَّ بذلك الحديثُ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أن الناسَ يُحْشَرُونَ يومَ القيامةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً.
8- قولُه: ((مِنْ أُمَّتِي)): الأمَّةُ قِسْمانِ: أُمَّةُ دعوةٍ، وأمَّةُ إجابةٍ، فكلُّ وصفٍ أُنِيطَ بأمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فالمرادُ به أمةُ الإجابةِ، وما عدا ذلكَ فهم أُمَّةُ الدعوةِ.
خلافُ العلماءِ:
ذَهَبَ أبو حنيفةَ والشَّافِعِيُّ وأَحْمَدُ وأتباعُهم إلى استحبابِ مجاوزةِ الفرضِ في الوضوءِ، وهو مذهبُ جمهورِ العلماءِ، واسْتَدَلُّوا ببقيَّةِ حديثِ البابِ: (فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ).
قالَ النَّوَوِيُّ: اتَّفَقَ أصحابُنا على غَسْلِ ما فوقَ المِرْفَقَيْنِ والكعبيْنِ.
وذَهَبَ الإمامُ مَالِكٌ وأهلُ المدينةِ: إلى عدمِ استحبابِ مجاوزةِ محَلِّ الفرضِ، وهو روايةٌ عن الإمامِ أَحْمَدَ اخْتَارَها شيخُ الإسلامِ وابنُ القَيِّمِ.
واخْتارَ هذه الروايةَ مِن عُلَمَائِنا المعاصِرِينَ الشيخُ مُحَمَّدُ بنُ إبراهيمَ آلُ الشيخِ، والشيخُ عبدُ الرحمنِ السِّعْدِيُّ، والشيخُ عبدُ العزيزِ بنُ بازٍ وغيرُهم.
واسْتَدَلُّوا على ذلكَ بما يَأْتِي:
أولاً: مُجاوَزَةُ محَلِّ الفَرْضِ على أنها عبادةٌ دَعْوَى تَحْتاجُ إلى دليلٍ.
ثانياً: كلُّ الواصِفِينَ لوُضوءِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرُوا أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ يَغْسِلُ الوجهَ واليديْنِ إلى المِرْفَقَيْنِ والرِّجْلَيْنِ إلى الكعبيْنِ.
ثالثاً: آيةُ الوضوءِ حَدَّدَتْ مَحَلَّ الفرضِ: المِرْفَقَيْنِ والكعبيْنِ، وهي مِن آخِرِ ما نَزَلَ مِن القرآنِ.
رابعاً: لو سَلَّمْنَا بهذا لاقْتَضَى الأمرُ أنْ نَتَجاوَزَ حدَّ الوجهِ إلى بعضِ شَعَرِ الرأسِ، وهذا لا يُسَمَّى غُرَّةً، فيكونُ مُتناقِضاً.
خامساً: الحديثُ لا يَدُلُّ على الإطالةِ؛ فإنَّ الحِلْيَةَ إنما تكونُ زينةً في الساعدِ والمِعْصَمِ، لا العَضُدِ والكَتِفِ.
سادساً: أما قولُه: (فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ فَلْيَفْعَلْ) فهذه الزيادةُ مُدْرَجَةٌ في الحديثِ من كلامِ أبي هريرةَ، لا مِن كلامِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما في روايةِ أَحْمَدَ (8208)، وقد بَيَّنَ ذلك غيرُ واحدٍ مِن الحُفَّاظِ.
ففي مسندِ الإمامِ أَحْمَدَ: قالَ نُعَيْمٌ الْمُجَمِّرُ راوِي الحديثِ: لا أَدْرِي قولُه: (مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ) مِن كلامِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو شيءٌ قالَه أبو هُرَيْرَةَ مِن عندِه؟
وقالَ ابنُ القَيِّمِ: وكانَ شيخُنا يقولُ: هذه اللَّفْظَةُ لا تَكُونُ من كلامِ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فإنَّ الغُرَّةَ لا تكونُ في اليَدِ، ولا تكونُ في الوجهِ، وإطالَتُها غيرُ ممكنةٍ، وإذا كانَتْ في الرأسِ فلا تُسَمَّى تلكَ غُرَّةً. ا هـ.
وقالَ في النُّونِيَّةِ:
واحْفَظْ حُدُودَ الربِّ لا تَتَعَدَّهَا = وكذاكَ لا تَجْنَحْ إلى النُّقْصَانِ
وانْظُرْ إلى فِعْلِ الرسولِ تَجِدْهُ قَدْ = أَبْدَى المُرادَ وَجَاءَ بالتِّبْيَانِ
ومَنِ اسْتَطاعَ يُطِيلُ غُرَّتَهُ فَمَوْ = قُوفٌ عَلَى الرَّاوِي هُوَ الْفَوْقَانِي
والرَّاجِحُ الأَقْوَى انْتِهَاءُ وُضُوئِنَا = لِلْمِرْفَقَيْنِ كَذَلِكَ الْكَعْبَانِ
هذا الَّذي قَدْ حَدَّدَ الرحمنُ في الـ = قُرْآنِ لا تَعْدِلْ عَنِ القُرْآنِ
وَإِطَالَةُ الغُرَّاتِ لَيْسَ بمُمْكِنٍ = أَبَداً وذا في غايَةِ التِّبْيَانِ
فأبو هُرَيْرَةَ قالَ ذَا مِن كَيْسِهِ = فَغَدَا يُمَيِّزُهُ أُولُو الْعِرْفَانِ
ونُعَيْمٌ الرَّاوِي لَهُ قَدْ شَكَّ في = رَفْعِ الحديثِ كَذَا رَوَى الشَّيْبَانِي


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الوضوء, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:06 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir