دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 ربيع الأول 1441هـ/21-11-2019م, 02:35 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي المجلس السابع: مجلس مذاكرة القسم الثاني من سير أعلام المفسرين

مجلس القسم الثاني من دورة "سير أعلام المفسرين"
لفضيلة الشيخ عبد العزيز الداخل -حفظه الله.


اختر مفسّراً من المفسرين الذين درست سيرهم واكتب عنه رسالة تعريفية مختصرة ( في حدود صفحة إلى ثلاث صفحات ) تبيّن فيها أهم ما ورد في سيرته
والفوائد التي استفدتها من دراستك لسيرته.


- لايسمح بتكرار اختيار المفسر إلا بعد تغطية جميع المفسرين.

تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.

تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24 ربيع الأول 1441هـ/21-11-2019م, 04:35 AM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

إن شاء الله اختار
سيرة أمّ المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق (ت: 57هـ) رضي الله عنهما

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 ربيع الأول 1441هـ/21-11-2019م, 11:22 PM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

سيرة عبدالله بن الزبير -رضي الله عنه-.

فرحة المسلمين الأولى:
بعد تعب الهجرة، ووعثاء السفر، يتعطش المجتمع الإسلامي للفرح، ويهفو بشوق للبشرى..
فهل بعد التعب إلا الراحة، وهل بعد الوهن إلا القوة، وهل بعد البكاء إلا الضحك..؟
يخرج الطفل الأول إلى النور، يصرخ بكل قوته مسمعا الدنيا صوته، أن استعدي لقدومي أيتها الأرض، واستبشري بوصولي أيتها الحياة، فأنا ابن الزبير، جدي أبو بكر، وأمي أسماء، سماني النبي عبدالله، وحنكني بتمرة من يده الشريفة، فأي مستقبل ينتظرني؟ وأي مجتمع كريم أنا مقبل عليه؟

بين صلاة وتلاوة أتقلب:
حببت إلي الصلاة، حتى قال أحمد بن يونس: حدثنا الزنجي بن خالد، عن عمرو بن دينار، قال: (ما رأيت مصلّيا أحسن صلاة من ابن الزّبير). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال عبد الرزاق: (وما رأيت أحدا أحسن صلاةً من ابن جريج، كان يصلي ونحن خارجين فنرى كأنه اسطوانة وما التفت يمينا ولا شمالا). رواه ابن عساكر.
وإن أردت أن تعرف سر حسن صلاتي، فهو السلسلة الذهبية بيني وبين حبيبي ونبيي، فقد قال سلمة بن شبيب: سمعت عبد الرزاق يقول: (أخذ أهل مكةَ الصلاةَ عن ابن جريج، وأخذها ابن جريج عن عطاء، وأخذها عطاء عن ابن الزبير، وأخذها ابن الزبير من أبي بكر الصديق، وأخذ أبو بكر الصديق، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذها النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام).
فهل بعد تلك السلسلة العظيمة سر يخفى عليك؟
لم تكن الصلاة وحدها سر نجاحي قوتي، فقد كنت أتقوى بالتلاوة على وعثاء هذه الحياة، كنت قارئاً عابداً فقيهاً عالماً بالقرآن والسنن، ولم يشغلني عنها إلا أمر واحد...

الشغل الذي أخذني من العلم وروضه:
حبب إلي العلم، وأعطيت منه خيرا كثيرا، وقد كنت أعلّم وأفتي وأقرئ، حتى رويت عني حروف في القراءة لم تعرف عن غيري!
- قال ابن وهب: أخبرني مالك قال: كان عبد الله بن الزبير يؤم الناس بمكة، فكان يقرأ قراءة؛ فعاب عليه بعض الناس قراءته، وقالوا له: إن الناس يقرأون غير هذه القراءة؛ فقال: (وددت أني أقرأ قراءتكم، ولكن جرى لساني على هذه القراءة).
ولي أقوال في التفسير مروية في كتب التفسير المسندة. 
ولما استقرّ لب الأمر في مكة كنت إمامَهم وخطيبَهم، وأقرّني عبدَ الله بن السائب على إمامة الناس في قيام رمضان.
ولم يشغلني عن ذلك كله إلا الجهاد في الفتوح، ثم حروب الفتن عن كثير من العلم، فكان هذا عذري الوحيد عن الانشغال بالعلم حتى غزوت أفريقية وغيرها، ثم عدت إلى المدينة، وكنت مع عثمان يوم الدار، واستخلفني على الصلاة بأهل الدار لما حُصر، وقاتلت ذلك اليوم دفاعاً عنه، وشهدت وقعة الجمل مع أبي، ثمّ عدت إلى المدينة، ولم أزل مقيماً بها حتى توفي معاوية بن أبي سفيان سنة 60هـ.

هذا المصحف الذي بين أيديكم بيدي كتبته:
حدثت الفتنة الشهيرة أيام عثمان، فهب لحفظ كتاب الله وأشرف على ذلك بنفسه، وضع الشروط العديدة، والقيود الصعبة لكتابة كلام الله ووحي نبيه، ولم يظفر بذلك الاصطفاء إلا عدد يسير كان لي الشرف أني كنت منهم.
ولا عجب، فقد رويت عني حروف في القراءات، وممن روى عني: مجاهد، وعمرو بن دينار، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وعبيد الله بن أبي يزيد.
وممن روى عني في التفسير: أخي عروة بن الزبير، وأبناؤه عامر وعباد، وأبناء عروة هشام ومحمد، وابن أبي مليكة، ومحمد بن المرتفع العبدري، وعمرو بن دينار، وعطاء بن أبي رباح، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، ووهب بن كيسان، ومصعب بن شيبة، وإسحاق بن سويد، وأبو الزبير المكي، ومعقل بن داوود، وسليط بن عبد الله بن يسار، وابن شهاب الزهري، وغيرهم. 
وابن إسحاق له نسخة في التفسير يرويها عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جدّه. 
وأرسل عني: ابن أخي محمد بن جعفر بن الزبير، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس.
فنعم من رويت عنهم، ونعم من رووا عني.

اسألوني ما شئتم:
كنت أتصدر المجالس، فأطلب من الناس أن تسألني ما شاءت فأجيب، كيف لا وقد حضرت مواطن نزول الوحي، وكنت من خير صحبة النبي.
- قال محمد بن المرتفع العبدري: سمعت ابن الزبير يقول: (يا معشر الحاج سلوني؛ فعلينا كان التنزيل، ونحن حضرنا التأويل). رواه ابن سعد. 
وقد رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبي الزبير، والخلفاء الراشدين، وخالتي عائشة وغيرهم.

الخليفة المنسي:
يعدد الخلفاء ويذكرون، وقد لا يمر اسمي عليك من ضمنهم، إلا أني قد توليت خلافة المسلمين فترة قصيرة، فبعد أن دُعيت إلى بيعة يزيد بن معاوية خرجت إلى مكة، وأقمت بها مدة حتى جرت بيني وبين يزيد بن معاوية فتنة انتهت بأن دعوت إلى نفسي بعد موت يزيد سنة 64هـ؛ فبويعت بالخلافة وغلبت على الحجاز واليمن والعراق ومصر، وبقيت في مكة معلماً ومقرئاً وحاكما.

الشهادة .. خير ستار يسدل على مسيرتي:
كثرت الفتن بمجيء الحجاج إلى مشهد السياسة، وقل الصحب، وكثر الهرج والمرج، وهانت الدنيا بعيني، فقد اشتقت للأحبة، محمدا وصحبه، ليكتب الله لي الشهادة على يد الحجاج، فأقتل سنة 73هـ في أيام عبد الملك بن مروان، وذلك في فتنة طويلة رحلت بخيرها وشرها، كتبها التاريخ فأنصف، والشقي من لم يتعظ بها.

لقد أشرقت بيوت المسلمين فرحا بمجيئي، ثم بكت متفجعة على خبر استشهادي..
خرجت للدنيا فملأتها علما وجهادا وعبادة، وتركتها ثكلى حزنى على رحيلي..
آثار أناملي بقيت على مصاحفكم، وإغارات خيلي شهدتها خرائطكم، وجهود علمي سطرتها كتبكم ..
هذا ما فعلته أنا عبدالله بن الزبير، فما الذي فعلته أنت؟..

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25 ربيع الأول 1441هـ/22-11-2019م, 03:26 AM
مها شتا مها شتا غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 655
افتراضي

إن شاء الله اختار سيرة الصحابي الجليل عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 ربيع الأول 1441هـ/22-11-2019م, 09:26 PM
ضحى الحقيل ضحى الحقيل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 666
افتراضي

أختار سيرة زيد بن ثابت رضي الله عنه وأرضاه

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25 ربيع الأول 1441هـ/22-11-2019م, 11:23 PM
سارة المشري سارة المشري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 544
افتراضي

أختار سيرة أبي هريرة رضي الله عنه .

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 26 ربيع الأول 1441هـ/23-11-2019م, 08:24 PM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سيرة عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما

الحمد لله حمدا حمدا والشكر له تواليا وتترا، والصلاة والسلام على خير البشر محمد وعلى آله وصحبه ومن لهديه تجرد أما بعد:
فإن خير معين على رفع الهمم لسلوك الصراط المستقيم والنهج القويم الذي سلكه من مضى من الصحابة والتابعين هو تعرف همم القوم الماضين
والسبيل إلي ذلك هو معرفة سيرتهم وما نقل لنا عنهم ليكونوا في نفوسنا شمس النهار وفي مقدمة هؤلاء الأعلام وحفاظ الإسلام الصحابة رضي الله عنهم أجمعين،
وانطلاقا من هذا الأمر الجليل فبين يدينا سيرة علم من أعلام الصحابة رضي الله عنهم وهو ابن عمر رضي الله عنه وعن أبيه وسنذكر طرفا مما ذكر في سيرته في كتب السير والتراجم ، وعلى الله الكريم اعتمادنا وهو حسبنا ونعم الوكيل.

==جر نسبه:
هو الصحابي الجليل عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى العدوي القرشي ولد قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين، وهو ابن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأخته هي حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.

==وأما عن اسلامه رضي الله عنه
فقد أسلم بمكة وهو صغير لم يبلغ مع أبيه عمر بن الخطاب وهاجر معه إلى المدينة.

== حياته في الإسلام
وبعد أن هاجر إلى المدينة رضي الله عنه انخرط في عقد المسلمين، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم والتف حوله مع غيره من الصحابة رضي الله عنهم
ولما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج لغزوة أحد خرج ابن فيمن خرج فعرض على النبي صلى الله عليه وسلم فرده كما يخبرنا به مولاه نافع عن ابن عمر نفسه أنه قال: (عرضني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد في القتال، وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يُجِزْني، وعرضني يوم الخندق، وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني). متفق عليه.
فرد في غزوة أحد وكذلك غزوة بدر ولم يقبل إلى في غزوة الخندق
وكان فيما يُذكر عنه قويّ الجسم طويلاً، وقد قال سعيد بن المسيب أن عبد الله بن عمر كان أشبه ولد عمر بعمر، وأن سالم بن عبد الله، كان أشبه ولد عبد الله بعبد الله
وأما عبادته
فقد نشأ رضي الله عنه في عبادة الله تعالى، وكان حريصاً على اتّباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم، بل كان من أكثر الصحابة حرصا على اتباع سنته صلى الله عليه وسلم وقد واجتهد في ذلك اجتهاداً بالغاً وهذه بعض أخباره رضي الله عنه التي توضح مدى حرصه على اتباع السنة مهما كانت.
فعن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: كان الرجل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا رأى رؤيا قصَّها على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي صلى الله عليه وسلم، قال: وكنت غلاما شابا عزبا، وكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان كقرني البئر، وإذا فيها ناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، قال فلقيهما مَلَك فقال لي: لم تُرَع، فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة، على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل».
قال سالم: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا). متفق عليه.
ومن الآثار عنه التي تبين مدى حرصه على اتباع أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم دون أدنى تردد أو تأخير ما قاله هو نفسه حيث يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو تركنا هذا الباب للنساء»،
فعلق نافع مولاه على هذا الحديث بما يبين ما ذكرنا فقال: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات). رواه أبو داوود
وكان شديد المحبّة للنبي صلى الله عليه وسلم، حتى قال حفيده محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر: «ما سمعت ابن عمر يذكر النبيَّ صلى الله عليه وسلم قطّ إلا بكى»
وكان من أكثر الصحابة صلاة وصياماً وتلاوة للقرآن، وأشدّهم لزوماً لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأكابر أصحابه؛ حتى كان يغدو كلَّ سبت إلى قباء ماشياً فيصلي فيه اتّساء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وشهدت له أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها شهادة تكتب بماء العيون فقالت: (ما أعلم رجلا سلَّمه الله من أمور الناس، واستقام على طريقة مَن كان قبله استقامةَ عبد الله بن عمر). رواه ابن أبي شيبة.
وفي رواية أخرى أنها قالت: «ما رأيت ألزم للأمر الأول من عبد الله بن عمر» رواه الحاكم في المستدرك.
وإنما حمله على ذلك شهوده لحال من سبقوه وأمله أن يلحق بهم فخشي المخالفة لما كانوا عليه فيحرمه ذلك من أن يكون معهم كما صرح هو نفسه بذلك فقد كان يقول: (إني لقيت أصحابي على أمر، وإني أخاف إن خالفتهم خشية ألا ألحق بهم).
وقد شهد له باستقامته الصحابة ومن بعدهم عن دراية فمن ذلك
-ما تقدم عن أم المؤمنين أم عبد الله عائشة رضي الله عنه قبل قليل وأيضا نقل عنها قولها: «ما كان أحد يتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم في منازله، كما كان يتبعه ابن عمر»،
-وما جاء عن عبد الله بن مسعود قال: (لقد رأيتنا ونحن متوافرون، وما فينا شاب هو أملك لنفسه من عبد الله بن عمر).
- وقال حبيب بن الشهيد: قيل لنافع: ما كان يصنع ابن عمر في منزله؟ قال: (لا تطيقونه، الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما).

-وقال جابر بن عبد الله: «ما منا أحد أدرك الدنيا إلا مالت به ومال بها إلا عبد الله بن عمر»
-وروى مولاه نافع أنه كان يتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم في كل مكان صلى فيه، حتى إن النبي محمد نزل تحت شجرة، فكان ابن عمر يتعاهد تلك الشجرة فيصب في أصلها الماء لكيلا تيبس

=جهاده رضي الله عنه
- شهد ابن عمر الخندق مع النبي صلى الله عليه وسلم وما بعدها من الغزوات،
-وشهد بيعة الرضوان،
-وفتح مكة ورُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم أثنى عليه في فتح مكة.
-وغزوة مؤته.
وأما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فقد شهد المشاهد مع الخلفاء الراشدين وبارز في عهد عمر دهقاناً من دهاقنة الفرس فقتله.
وشارك عبد الله بن عمر في فتوح الشام والعراق وفارس ومصر وإفريقية، وشهد في تلك الفتوح معركة اليرموك وفتح نهاوند، وأذربيجان

==طلبه للعلم
أخذ عن النبي صلى الله عليه وسلم علماً غزيراً، ثم أخذ عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وحفصة وعائشة وابن مسعود وزيد بن ثابت وبلال بن رباح وصهيب الرومي وجماعة من أكابر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

==وأما عن مكانته في العلم والإفتاء
فكان رضي الله عنه من أهل الفتوى والتحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، حتى عُدَّ من القلّة المكثرين من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- فعن الإمام مالك بن أنس قال: (أقام ابن عمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة يفتي الناس في الموسم وغير ذلك).
قال: (وكان ابن عمر من أئمة الدين). رواه الخطيب البغدادي.
-وقال الزهري: "لا نعدل برأي ابن عمر فإنه أقام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستين سنة، فلم يخف عليه شيء من أمره ولا من أمر الصحابة"
وقال أيضًا: «كان إمام الناس عندنا بعد زيد بن ثابت عبد الله بن عمر، مكث ستين سنة يفتي الناس»
وروى نافع أنه في موسم الحج كان ابن عمر وابن عباس يجلسان لإفتاء الناس، فكان ابن عباس يجيب ويفتي في كل ما سُئل عنه، وكان ابن عمر يرد أكثر مما يفتي.
أما عن منهجه في الفتيا، فقد كان ابن عمر يستمد أحكامه من القرآن، فإن لم يجد رجع إلى السُنّة، فإن لم يجد رجع إلى اجتهادات كبار الصحابة إن اتفقوا، وإلا فإنه كان يتخير من بينها ما يراه حقًا.
وكان على سعة علمه وكثرة حديثه واجتهاده في اتّباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم حريصاً على التثبت في الفتيا وأداء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم كما سمعه بلفظه، ولا يجد غضاضة إذا سُئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم. وورد في هذا كثير من الآثار عنه حيث يقول "لا أعلم" وقال مرة لما تأخر في الجواب فأعاد عليه السائل سؤاله: بلى ولكنكم كأنكم ترون أن الله ليس بسائلنا عما تسألوننا عنه!! اتركنا يرحمك الله حتى نتفهَّم في مسألتك؛ فإن كان لها جواب عندنا، وإلا أعلمناك أنه لا علم لنا به).
ومثله يروى عن هشام بن عروة عن أبيه قال: سئل ابن عمر عن شيء فقال: (لا علم لي به) فلما أدبر الرجل قال لنفسه: (سُئل ابن عمر عما لا علم له به؛ فقال لا علم لي به).
وكان كثير الإنفاق في سبيل الله، حتى ربما ذهل عن حاجة نفسه، وروي أنه أعتق أنفساً كثيرة، وأنه إذا أعجبه شيء من ماله قرّبه لله.
ومن أخباره في ذلك ما رواه ابنه حمزة بن عبد الله بن عمر، عنه، قال: (خطرت هذه الآية {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}، فما وجدت شيئا أحب إلي من جاريتي رميثة، فعتقتها، فلولا أني لا أعود في شيء جعلته لله لنكحتها، فأنكحتها نافعا، فهي أم ولده). .
وكان حريصاً على الألفة بين المسلمين، وإفشاء السلام، حتى روي عنه أنه قال: إني لأخرج وما لي حاجة إلا لأسلم على الناس ويسلمون علي.
- وكان عاقلاً رشيداً حسن الرأي، أوصى عمر أن يشهد مشورة الستة الذين أوصى أن يختاورا من بينهم رجلاً للخلافة من بعده؛ فاجتمع رأيهم على عثمان.
وكان جواداً كريماً متواضعاً يشترط على من يصحبه في السفر أن لا يصوم إلا بإذنه، وأن لا ينازعه الأذان؛ وكان يُكرِم من يصحبه ويخدمه.
-حتى قال مجاهدا، يقول: «صحبت ابن عمر لأخدمه، فكان هو يخدمني».
-وعن مجاهد أيضا قال: كنت مع ابن عمر فجعل الناس يسلمون عليه حتى انتهى إلى دابته فقال لي ابن عمر: (يا مجاهد إن الناس يحبونني حبا لو كنت أعطيهم الذهب والوَرِق ما زدت).
فانظر إلى عظم هذه المحبة التي تعجب منها ابن عمر نفسه، ولكن هذا فضل الله يؤتيه من يشاء.

=ابن عمر والإمارة والسلطة
كان رضي الله عنه شديد التوقّي من الفتن، شديد الاحتياط لدينه، ولزوم ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، كما تقدم في سيرته التي يظهر منها حرصه على حفظه نفسه من كل ما يشينها،
- حتى إن عثمان رضي الله عنه اجتهد في توليته القضاء فأبى أشدّ الإباء، حتى قال لعثمان: أما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من عاذ بالله فقد عاذ بمعاذ؟
فقال عثمان: بلى.
فقال: فإني أعوذ بالله أن تستعملني فأعفاه).
ثم إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال لابن عمر: إنك محبوب إلى الناس، فسر إلى الشام، فقال ابن عمر: (بقرابتي وصحبتي النبي صلى الله عليه وسلم والرحم التي بيننا، فلم يعاوده). فكان شديد البعد والحذر من الدخول في الفتن
حتى أثنى عليه حذيفة بن اليمان بحسن استقامته وسلامته من الفتن، وكان حذيفة بصيراً بالفتن وأنواعها
ولمّا حدثت الفتنة اعتزلها فلم يقاتل مع أي طائفة، ولزم ما كان عليه من العمل، وكان على بصيرة مما كان يفعله في زمان الفتنة، لا يتردد في اجتنابها، ولا يلتفت في ذلك إلى ترغيب ولا ترهيب.
وقال رضي الله عنها : (إنما كان مثلنا في هذه الفتنة كمثل قوم كانوا يسيرون على جادّة يعرفونها؛ فبينا هم كذلك إذ غشيتهم سحابة وظلمة؛ فأخذ بعضنا يمينا، وبعضنا شمالا، وأخطأنا الطريق وأقمنا حيث أدركنا ذلك حتى تجلى عنا ذلك؛ حتى أبصرنا الطريق الأول فعرفناه فأخذنا فيه)..
وكان يقول: (لا أقاتل في الفتنة وأصلي وراء من غلب).
بل إن الفتنة لما استفحلت، أتوا ابن عمر، فقالوا: «أنت سيد الناس وابن سيدهم، والناس بك راضون، اخرج نبايعك»، فقال: «لا والله لا يهراق فيّ محجمة من دم، ولا في سببي ما كان في روح»

ووصل الأمر أن عُرضت عليه الخلافة يوم التحكيم فأبى أن يقبلها إلا باتفاق من المسلمين، وقال لو خالفني أهل فدك ما قبلتها.
وقد عقّب الذهبي في ترجمته لابن عمر في كتابه «سير أعلام النبلاء» على ذلك بقوله: «ولو بويع يومها، لما اختلف عليه اثنان». إلا أن ابن عمر يرى أن حقن دماء المسلمين له الأولوية
بل لما استقر الأمر لمعاوية، دسّ عمرو بن العاص ليعلم ما في نفس ابن عمر من أمر الخلافة، فقال عمرو: «يا أبا عبد الرحمن ما يمنعك أن تخرج فنبايعك، وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن أمير المؤمنين، وأنت أحق الناس بهذا الأمر؟»، فقال ابن عمر: «لو لم يبق إلا ثلاثة أعلاج بهُجر، لم يكن لي فيها حاجة». فعلم أن لا مطمع له في الخلافة،

ثمّ طُلب منه أن ينصّب نفسه خليفة بعد في زمن الفتنة الثانية بعد يزيد بن معاوية؛
فقد حاول مروان بن الحكم أن يدفعه للمطالبة بالخلافة، فقال له: «هلم يدك نبايعك، فإنك سيد العرب وابن سيدها»، فقال ابن عمر: «فكيف أصنع بأهل المشرق؟»، قال مروان: «نضربهم حتى يبايعوا»، فقال ابن عمر: «والله ما أحب أنها دانت لي سبعين سنة، وأنه قتل في سيفي رجل واحد»
وأخباره في توقّي الفتن كثيرة. ومن أراد الزيادة فعليه بكتب التراجم والسير ففيها الشيء الكثير عنه.

==شدة عنايته بالتفسير
كان رضي الله عنه كما ذكرنا في غير موضع سبق يجعل القرآن أول ما يعتمد عليه في الفتوى فإن لم يجد فيه المسألة رجع إلى السنة وإلا فإلى كلام الكبار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
ومما روي عنه في التفسير:
- ما رواه نافع، عنه قال: كنا لا نشك فيمن أوجب الله له النار في كتاب الله حتى نزلت علينا هذه الآية: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فلما سمعناها كففنا عن الشهادة وأرجينا الأمور إلى الله). رواه ابن أبي حاتم.
- وما رواه الزهري عن خالد بن أسلم، قال: خرجنا مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فقال أعرابي: أخبرني عن قول الله: {والذين يكنزون الذهب والفضة، ولا ينفقونها في سبيل الله} قال ابن عمر: «من كنزها، فلم يؤد زكاتها فويل له، إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة؛ فلما أنزلت جعلها الله طهرا للأموال» رواه البخاري.
وغيرها الكثير مما هو موجود في كتب التفسير.
وقد روى عنه جمع من الناس فممن روى عنه في التفسير:
ابنه سالم، ومولاه نافع، وعبد الله بن دينار، وهؤلاء أكثر من روى عنه
وروى عنه أيضا عروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، ومجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير، ومحمد بن سيرين، وزيد بن أسلم العدوي مولى عمر، وأخوه خالد بن أسلم، وأبو عمرو الشيباني، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعامر الشعبي، وخالد بن معدان، ومحارب بن دثار الباهلي، وصدقة بن يسار، وأبو الزبير المكي، وبكر بن عبد الله المزني، وثوير بن أبي فاختة.
وممن روى عنه ولم يلقه فأرسل عنه::
الزهري، ومحمد بن عون، وقتادة، وعطاء بن أبي رباح، وأبو قلابة الجرمي، وأبو حازم سلمة بن دينار، وأبو إسحاق السبيعي، وأبو الزناد، ومكحول، وعروة بن رويم، وعمرو بن مرة، والضحاك، وزيد العميّ.


==وفاته رضي الله عنه
وقد توفي رضي الله عنه في عام أربع وسبعين، وله أربعة وثمانون عاماً. بعد عمر مليء بالجد والاجتهاد والمثابرة والجهاد والعمل والعبادة والتعلم والتعليم فرضي الله عنه وجزاه عنا خير الجزاء.
مات رضي الله عنه بعد أن قضى نسكه، حيث أصابه رمح أثناء رمي الجمرات فمات بسببه
قال سعيد بن جبير: كنت مع ابن عمر حين أصابه سنان الرمح في أخمص قدمه، فلزقت قدمه بالركاب، فنزلت، فنزعتها وذلك بمنى، فبلغ الحجاج فجعل يعوده، فقال الحجاج: لو نعلم من أصابك، فقال ابن عمر: «أنت أصبتني» قال: وكيف؟ قال: «حملت السلاح في يوم لم يكن يُحمل فيه، وأدخلت السلاح الحرم ولم يكن السلاح يدخل الحرم»
وأوصى أن يدفن خارج الحرم، فلم يقدروا على ذلك بسبب الحَجاج وجنده، وكانت الفتنة شديدة.
قال ابنه سالم: (فدفناه بفخ في مقبرة المهاجرين نحو ذي طوى).
قال نافع بن سرجس: (وإنما سميت مقبرة المهاجرين لأنه دفن فيها من مات ممن كان أتى المدينة، ثم حج وجاور فمات بمكة؛ فكان يدفن في هذه المقبرة، منهم أبو واقد الليثي، وعبد الله بن عمر وغيرهما)..

==ونختم الكلام بذكر بعض الفوائد التي تستفاد من سيرة هذا الصحابي الجليل:
-فمن الفوائد: البحث عن الحق كما فعل هذا الصحابي وقد أدى به بحثه إلى الدخول في الإسلام.
-ومنها: أن المقياس في الإسلام ليس بالعمر فهذا ابن عمر بدأ حياته في الإسلام وهو ابن خمس عشرة سنة.
-ومنها: الحرص على اتباع ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير تردد أو تأخر بل يستسلم العبد لذلك قدر استطاعته.
-ومنها: الحرص على اقتفاء سنة النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما جاء عنه.
-ومنها: أهمية قيام الليل وأنه شرف المؤمن.
-ومنها: الحرص على الصدقة لما لها من الآثار الحميدة في الدنيا والآخرة.
-منها: أهمية العلم فهذا ابن عمر ما وصل إلى ما وصل إليه إلى بفضل العلم الذي يتبعه العمل الصالح، وأن أشرف العلوم ومقدمها هو ما تعلق القرآن العظيم.
-ومنها: الحرص على بذل العلم للناس فإن زكاة العلم بثه في الناس فإن بقاء الدين والدنيا هو في إحياء العلم بين الناس.
-ومنها: أن الواجب على من لم يعلم مسألة أن يكل علمها إلى الله فيقول "الله أعلم" أو "لا أدري" ونحو ذلك من العبارات، فهذا ابن عمر على جلالة قدره وكان يقول هذا فيما لا يعلمه ولا يجيب الناس في كل ما سألوه عنه.
-ومنها: أهمية الحفاظ على الأخلاق الحسنة وما لها من الأثر العظيم في الحفاظ على الأخوة الإسلامية والترابط بين المسلمين بفعل الصدقات وبذل النفع للمسلمين والنصيحة لهم وإفشاء السلام بينهم إلى غير ذلك من أبواب البر.
-ومنها: الحذر من الفتن وعدم التصدي لها فإن الشبه خطافة والقلوب ضعيفة.
-ومنها: حرمة دم المسلمين والواجب علينا في الحفاظ عليها وأن الدينا كلها لا تساوي شيء في مقابل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.


ومن تدبر سيرته رضي الله عنه جاءه من الفوائد الشيء الكثير وانتفع بذلك أيما انتفاع لذا ينبغي أن يكرر قراءتها مرة بعد مرة ليكون هذا معينا للنفس مقويا لها للسير على الصراط المستقيم والحرص على حمل العلم وبثه ونشره في المسلمين فإنه السبيل للحفاظ على الدين والدنيا، والله أعلى وأعلم وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 27 ربيع الأول 1441هـ/24-11-2019م, 12:27 AM
مها شتا مها شتا غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 655
افتراضي

مجلس القسم الثاني من دورة "سير أعلام المفسرين"
سيرة الصحابي الجليل "ابن عباس " رضي الله عنهما
بسم الله ،والحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول الله .
أما بعد
صحابي جليل يدعى "حبر الأمة" و "ترجمان القرآن"،ويسمى "البحر " لغزارة علمه ،دعا له النبي -صل الله عليه وسلم -بالعلم والفقة في الدين، هو ابن عباس رضي الله عنهما:
اسمه:
عبد الله بن العباس بن عبد المطلب.
كنيته:
يكنى أبا العباس.
نسبه :
ابن عم النبي -صل الله عليه وسلم- ،وخادمة ، وإليه يرجع نسب الدولة العباسية فهو أبو الخلفاء العباسيين.
مولده :
ولد في الشعب وبنو هاشم محاصرون قبل خروجهم منه بيسير ، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين،وتوفي النبي-صل الله عليه وسلم – وهو ابن ثلاث عشرة سنة -على خلاف من أهل اعلم – فصح عنه في حجة الوداع أنه قال:" وأنا يؤمئذ قد ناهزت الاحتلام".
هجرته:
هاجر مع أبيه العباس بن عبد المطلب إلى النبي -صل الله عليه وسلم - قبل الفتح.
علمه:
· كان ابن عباس يدعى حبر الأمة ،ويسمى " البحر" لغزارة علمه ،وكان عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما يدخلانه فيشيرعليهما مع أهل بدر ، وكان يفتي في عهدهما إلى أن مات.
· لما رأي النبي -صلالله عليه وسلم – توفي أفبل على طلب العلم عند كبار صحابة رسول الله-صل الله عليه وسلم-.
· دعا له النبي -صل الله عليه وسلم- بالعلم والفقة في الدين فقال:" اللهم فقهة في الدين وعلمه التأويل.
· وقال ابن عباس " ضمني إليه رسول الله -صل الله عليه وسلم – وقال " اللهم علمه الحكمة"
· وكان عمر رضي الله عنه إذا ذكره قال: ذاكم فتى الكهول ،ولسان سؤول ،وقلب عقول ،وكان رضي الله عنه يأذن له مع أهل بدر،وكان يقول له "لقد علمت علما ما علمناه".
· قال عبد الله ابن مسعود " نعم ترجمان القرآن ابن عباس ،لو أدرك أسناننا ما عشره منا رجل".
· وقال ابن كثير :" وقد مات ابن مسعود رضي الله عنه في سنة اثنين وثلاثين ،وعمر بعده ابن عباس ستا وثلاثين سنة ،فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود رضي الله عنهما؟.
· وسئل ابن عباس : أنى أصبت هذا العلم ؟ فقال :لسان سؤول وقلب عقول.
· وكان حريص على العلم ،والاجتهاد فيه ،والصبر عليه ،والدأب في طلبه .
· وكان رحمه الله من الحفاظ المكثرين من رواية الحديث والتفسير.
· وكان اجتماع الناس عليه لطلب العلم ليس له مثيل في عصره .
· وكانت له كتب وصحف كثيرة بقيت بعد وفاته عند مولاه كريب.

مما روي عنه في التفسير:
أ: عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، في قوله تعالى: {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس} قال: «هي رؤيا عين، أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به إلى بيت المقدس»، قال: {والشجرة الملعونة في القرآن} قال: «هي شجرة الزقوم» رواه البخاري.
ب: منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس، {فيما عرضتم به من خطبة النساء} يقول: «إني أريد التزويج، ولوددت أنه تيسر لي امرأة صالحة» رواه البخاري.
ج: عن عمرو بن دينار، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كانت في بني إسرائيل قصاص ولم تكن فيهم الدية، فقال الله لهذه الأمة: {كتب عليكم القصاص في القتلى} - إلى هذه الآية - {فمن عفي له من أخيه شيء} قال ابن عباس: «فالعفو أن يقبل الدية في العمد» قال: {فاتباع بالمعروف} :«أن يطلب بمعروف ويؤدي بإحسان» رواه البخاري.
شيوخه الذي روى عنهم:
روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن الخلفاء الراشدين وعن عائشة وميمونة وأبيّ بن كعب وابن مسعود وزيد بن ثابت، وأبي طلحة، وأبي ذر، وأسامة بن زيد، وأبي هريرة، وجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تلاميذه الذين روى عنه
وروى عنه في التفسير خلق كثير؛ منهم: مجاهد بن جبر، وعكرمة، وعطاء بن أبي رباح، وطاووس بن كيسان، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وأربدة التميمي، ومقسم بن بَجَرة، ويوسف بن مهران، وعطاء بن يسار، وأبو الجوزاء، وزر بن حبيش، ومحمد بن كعب القرظي، والحكم بن عتيبة، وأبو عثمان النهدي، وأبو العالية الرياحي، وأبو صالح مولى أم هانئ، وعمرو بن دينار، وأبو الضحى.
وأرسل عنه:
الزهري، والضحاك بن مزاحم، وعلي بن أبي طلحة، والحسن البصري، وابن سيرين، وقتادة، وأيوب السختياني، ومكحول، وعطاء الخراساني، وابن جريج، ومحمد بن السائب الكلبي، وأبو نصر الأسدي، والحسن بن عبد الله العرني.
عبادته:
· روى أن أبي مليكه قال : صحبت ابن عباس رضي الله عنهما من مكة إلى المدينة ، فكان إذا نزل قام شطر الليل يرتل ويكثر في ذلك التسبيح.
· وكان يقول يقول : لأن أقرأ البقرة في ليلة فأدبرها أحب لإلي من أن أقرأ القرآن هذرمة .
· وكان رحمه الله شديد التعظيم لحرمات الله عزوجل.
· وكان شديد التتبع لهدي النبي -صل الله عليه وسلم- وكان يدعوه ذلك للبيات عند خالته ميمونه زوج النبي-صل الله عليه وسلم- في بعض الليالي ليرى عمل النبي -صل الله عليه وسلم - في الليل
وفاته:
كف بصره في آخر عمره ، وتوفي-رضي الله عنه- بالطائف سنة ثمان وستين،وهو ابن إحدى وسبعين سنة ،وصلى عليه محمد بن الحنفية ،
وقال :اليوم مات رباني هذه الأمة.
وروي أنه لما وضع ليصلى عليه ، جاء طائر أبيض حتى دخل في أكفانه فالتمس فلم يوجد.
ومما يستفاد من دراسة سيرة هذا الصحابي الجليل :
1. حفظ الأوقات واغتنامها في صالح الأعمال التي من أشرفها طلب العلم.
2. بيان أثر المداومة والاستمرار في طلب العلم وما يثمره من ثمرات جليلة .
3. وجوب تحديد الأولويات في طلب العلم (فقة الأولويات) وتخير الطريق الصحيح للوصول إليه.
4. وجوب الصبر والمصابرة في طريق طلب العلم ،فطريق العلم شاق يحتاج إلى معالجة النفس بالصبر والاستعانه بالوهاب جل جلاله.
5. حرص المربي على تعليم أبناءه وأبناء المسلمين الذين يعتني بتربيتهم ،وتثقيفهم مع مراعاة كل مرحلة من مراحل حياتهم وما يناسبها من التعليم وقدرة استيعابهم فيها ، وخاصة من يتوسم فيهم النجابة.
6. فضيلة العمل بالعلم الذي يتعلمه الإنسان .
7. بركة الإخلاص في طلب العلم .

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 27 ربيع الأول 1441هـ/24-11-2019م, 12:42 AM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

بسم الله الرحمان الرحيم

سيرة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما

عن عمرو بن العاص أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، بَعَثَهُ علَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ، فأتَيْتُهُ فَقُلتُ: أيُّ النَّاسِ أحَبُّ إلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ، فَقُلتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ: أبُوهَا، قُلتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ فَعَدَّ رِجَالًا.

حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ الصديقة بنت الصديق؛ الطاهرة العفيفة ؛القرشية التيمية، المكيَّة النبوية..أم المؤمنين ؛ أم عبد الله .حظيتْ بمكانة خاصَّة عند النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم تحظَ بها غيرُها من أزواجه، فكانت أحب نسائه إليه ؛بل أحب الناس أجمعين إلى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

أبوها صديق هذه الأمة أحد العشرة المبشرين بالجنة وأولهم ؛ وأول الخلفاء الراشدين؛ سيدنا أبو بكر الصديق صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم ؛لم يفارقه في حضر ولا سفر؛ أفضل الصحابة على الإطلاق.
وقد أشرقتْ أنوار بيت الصِّدِّيق وأمِّ رومان بمولد عائشة بعدَ المبعث بأربع سنين أو خمس
لم تعرف الجاهلية ولم تدركها ؛فضل من الله عليها ومنة رضى الله عنها؛ قالت : "لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّإِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ"....

تربت في بيت إسلام وعلم وتقي؛وعلى فضائل الدين العظيم وتعاليمه السمحة نشأت وترعرعت.. تزوجها النبي صلى الله عليه و سلم وهي بنت ستة سنوات وبنى بها وهى بنت تسع بعد هجرة و في ذلك تقول رضي الله عنها:" تزوَّجَني رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - متوفى خديجة، قبل الهجرة، وأنا ابنة ستّ، وأدخلتُ عليه وأنا ابنة تسع سنين، جاءني نِسوة، وأنا ألعب على أرجوحة، وأنا مجممة فهيَّأنني وصنعنني، ثم أتين بي إليه، قال عروة: ومكثتُ عنده تسع سنين " ولم يتزوج امرأة بكراً غيرها .
وقد عرف الناس فضل عائشة رضي الله عنها وأنها أحب الناس إلى قلب رسول الله فكانوا يتحرون بهداياهم يومها من رسول الله تقربا إلى الرسول فيتحفونه بما يحب في منزل أحب نسائه إليه صلى الله عليه وسلم .

وكانت تفتخر على سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لما لها من ميزة وخصائص تفردت بها عليهن . تقول رضي الله عنها لنساء النبي صلى الله عليه وسلم فضلت عليكن بعشر ولا فخر كنت أحب نسائه إليه وكان أبي أحب رجاله إليه وابتكرني ولم يبتكر غيري وتزوجني لسبع وبنى بي لتسع ونزل عذري من السماء واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم نساءه في مرضه فقال إنه ليشق علي الاختلاف بينكن فائذن لي أن أكون عند بعضكن فقالت أم سلمة قد عرفنا من تريد تريد عائشة قد أذنا لك وكان آخر زاده من الدنيا ريقي أتي بسواك فقال انكثيه يا عائشة فنكثته وقبض بين حجري ونحري ودفن في بيتي... "سير أعلام النبلاء
عرفت بالكرم والسخاء والزهد أخرج ابن سعد من طريق أم درة قالت: أتيت عائشة -رضي الله عنها- بمائة ألف ففرقتها وهي يومئذٍ صائمة، فقلت لها: أما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهم لحمًا تفطرين عليه!! فقالت: لو كنت أذكرتني لفعلت.

ورغم صغر سنها إلا أنها عرفت برجاحة عقل ؛ وسداد رأي ؛ فلما نزلت آية التخيير بدأ بها رسول الله عليه وسلم فخيرها فقال : " ولا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك فقالت أفي هذا أستأمر أبوي فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة فاستنّ بها بقية أزواجه وقلن كما قالت .

تلميذة رسول الله عليه الصلاة والسلام ؛ تعلمت علي يديه ؛ عرفت بالذكاء والفطنة منتبهة لما يلقى إليها من العلم ؛ فكانت تسأل رسول الله عما أشكل عليها
قال نافع بن عمر: حدثني ابن أبي مليكة أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حوسب عذب»قالت عائشة: فقلت أوليس يقول الله تعالى: {فسوف يحاسب حسابا يسيرا}قالت: فقال: " إنما ذلك العرض، ولكن: من نوقش الحساب يهلك). رواه البخاري
كانت من أفصح الناس؛ و أعرفهم بلغة العرب وأشعارهم ؛ وأفقه نساء الأمة على الإطلاق؛وأعلمهن بالدين وأصوله وفروعه والأدب...حرصت على أخذ العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم ونشره ونقله للأمة ؛ حتى أضحت مدرسة في العلم والفتوى يرجع إليها كبار الصحابة إذا أشكل عليهم أمر من الدين استفتوها فيجدون علمه عندها .
كانت أكثر النساء رواية للحديث عن رسول الله وقد عاشت بعده قرابة خمسين عاما تروي عنه وتفقه المسلمين في أمور دينهم لذا فهي تعد أول فقيهة في الإسلام. وقد شهد لها الصحابة بذلك
- قال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة -رضي الله عنها- من أفقه الناس، وأحسن الناس رأيًا في العامة.

-قال عروة بن الزبير بن العوام: ما رأيت أحدًا أعلم بالحلال والحرام، والعلم، والشعر، والطب من عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها -.

-قال أبو موسى الأشعري: ما أشكل علينا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - حديث قَطُّ، فسألنا عنه عائشة -رضي الله عنها- إلا وجدنا عندها منه علمًا
وقد تخرج في مدرسة أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عددٌ كبير من سادة العلماء ومشاهير التابعين، ومسند الإمام أحمد بن حنبل يضم في طياته أكبر عدد من مروياتها - رضي الله عنها -

صدقت في تعليم الصحابة وأخلصت في نصحهم ؛ لم تدخر وسعًا في بيان الحق والاهتمام بهم ..فكان التوفيق حليفها والسداد رفيقها
فكان الصحابة يستنصحونها من ذلك أن معاوية رضي الله عنه طلب منها النصيحة، فكتبت إليه: "إلى معاوية سلام عليك، أما بعد: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس، والسلام عليكم" (صحيح ابن حبان)


أما مع كتاب الله فقد كانت من أعلم الناس بمعاني كتاب الله ؛ ومقاصده ؛ ودلالاته ؛ وأحوال نزوله ..لاتستحى في تتطلب فهم معاني الآيات تسأل رسول الله صلى عليه وسلم عما أشكل عليها
روى الشعبي عن مسروق قال: قالت عائشة: أنا أول الناس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار}قالت: فقلت: أين الناس يومئذ يا رسول الله؟ قال: "على الصراط "رواه الإمام أحمد ومسلم.
متدبرة لكتاب الله متفكرة فيه مستنبطة لهدايات آياته عاملة به ....فعن عروة بن الزبير قال: "كنت إذا غدوت أبدأ ببيت عائشة أسلِّم عليها، فغدوت يومًا، فإذا هي قائمة تسبح وتقرأ: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ}، وتدعو وتبكي وترددها، فقمت حتى مللت القيام، فذهبت إلى السوق لحاجتي، ثم رجعت، فإذا هي قائمة كما هي تصلي وتبكي" .

وكان الصحابة يرجعون إليها في بيان معاني آيات القران فتجيب وتزيل ما أشكل عنهم في الفهم ..وذلك لسبق علمها وفضلها ومعرفتها بأسباب نزول الآي ومقاصد القران
قال الزهري: أخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت له وهو يسألها عن قول الله تعالى: {حتى إذا استيأس الرسل}قال: قلت: أكُذِبوا أم كُذّبوا؟
قالت عائشة: «كُذّبوا»
قلت: فقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم فما هو بالظن؟
قالت: «أجل لعمري لقد استيقنوا بذلك»
فقلت لها: وظنوا أنهم قد كُذِبوا، قالت: «معاذ الله لم تكن الرسل تظن ذلك بربها» قلت: فما هذه الآية؟ قالت: «هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم، وصدقوهم فطال عليهم البلاء، واستأخر عنهم النصر حتى إذا استيأس الرسل ممن كذبهم من قومهم، وظنت الرسل أن أتباعهم قد كذبوهم، جاءهم نصر الله عند ذلك»

.-و من ذلك ما رواه عروة عن عائشة رضي الله عنها قال: "قلت أرأيت قول الله عز وجل: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا}...قال: "قلت فو الله ما على أحد جناح أن لا يطوف بهما،
فقالت عائشة: بئسما قلت يا ابن أختي إنها لو كانت على ما أوَّلتَها كانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، ولكنها إنما أنزلت أن الأنصار كانوا قبل أن يسلموا يهلون لِمَنَاةَ الطاغية التي كانوا يعبدون عند المشلل، وكان من أهل لها يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة، فسألوا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة في الجاهلية، فأنزل الله عز وجل: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا}، قالت عائشة: "ثم قد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بهما، فليس ينبغي لأحد أن يدع الطواف بهما" (أخرجه مسلم في صحيحه)

فأضحت رضي الله عنها منارة للعلم ؛ استنارت المدينة بها؛ و تبصرة الصحابة بنورها فساروا في طريقهم سالمين آمنين
وقد تخرج من مدرستها جمع من الصحابة والتابعين
توفيت سنة ثمانٍ وخمسين، ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، ودفنت بالبقيع
ورى ابن سعد أنها أنها قالت حين حضرتها الوفاة: يا ليتني لم أخلق، يا ليتني كنت شجرة أسبِّح، وأقضي ما عليَّ.

رضى الله عنها وأرضاها وجزاها الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء

الفوائد:
- أحب الناس إلى قلب رسول الله صلى الله عليه زوجته عائشة رضى الله عنها
- لا يعد منقصة ولا عيبا في حق الرجل أن يقول إني أحب زوجتى
-فضل بيت أبي بكر الصديق
-فضل عائشة رضى الله عنها .
- تظهر في سيرة عائشة رضى الله عنها..حكمة الله عزوجل في تقديره حيث قدر تزويج عائشة للنبي صلى الله عيه سلم وبنى بها وهي صغيرة ؛ جعلها الله سببا لحفظ كثير من سنة النبي صلى الله عليه وسلم
-قدر الله كله خير وحكمة فلم يقدر لأم المؤمنين عائشة أولاد لما في ذلك حكم جمة ومصالح للأمة الإسلامية ...فقد اختار الله لها ما هو أفضل وخير لها أن تكون مدرسة ومنارة للعلم
- لا فرق بين النساء والرجال في تعلم العلم وتعليمه
قد يفتح الله على المرأة في العلم النافع والعمل الصالح و نفع الأمة ما لا يفتح به على الرجل
-جواز استفتاء الرجال النساء إذا كان ذلك بضوابط شرعية
- طلب الرجل العلم عن المرأة لا يعد عيبا فيه ولا نقصا في رجولته
- جواز الزواج من الصغيرة
-فضل الله على عبده أن يولد على الإسلام ويتربى في بيت مسلم تحت شعائر الإسلام فعائشة كانت تفتخر بذلك حيث لم تعرف الجاهلية
..وهي من أكبر نعم الله علينا تستوجب شكر الله عليها
-سؤال طالب العلم عما أشكل عنه يعذ ذلك من مناقبه
- من طرق تحصيل العلم سؤال المعلم



رد مع اقتباس
  #10  
قديم 27 ربيع الأول 1441هـ/24-11-2019م, 04:37 AM
ضحى الحقيل ضحى الحقيل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 666
افتراضي

الحمد لله رب العالمين، الحمدلله حمد الشاكرين، الحمدلله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا..

قال تعالى:
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
[التوبة: (100)]


{رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}، ويا لسعادتهم برضى من رضاه أكبر من نعيم الجنة..

{وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ} حيث لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

{خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} لا يبغون عنها حولا ولا يطلبون منها بدلا.

لمن هذا الفضل؟
للسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار..
وعد عظيم نالهم بشرف صحبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم ونصرته..

والعجب.. أن يطال هذا الوعد من تبعهم بإحسان فيا للكرم!!

اللهم اجعلنا ممن أحبهم وتبعهم بإحسان ففاز فوزا عظيما..

ولعل مما يساعد على الاتباع التعرف على سير هؤلاء الفضلاء لنستطيع احتذاء حذوهم والتأسي بسيرهم..

قيل لابن المبارك: "إذا أنت صليت؛ لم لا تجلس معنا؟!"، قال: "أجلس مع الصحابة والتابعين، أنظر في كتبهم وآثارهم، فما أصنع معكم؟! أنتم تغتابون الناس!".

في الأسطر القادمة نحاول تقريب سيرة بطل من الأبطال الذين كان لهم شرف الصحبة نستقي من سيرته ما تُروى به أنفسنا الظامئة لعذب أيامه مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم..

نسلط الضوء على صفحات من حياته، ونتفيأ ظلالا من ساعاته المعطرة بصحبة الحبيب، والمشبعة بعبير التلاوة والذكر والتعلم والتعليم..

لعلنا نحظى بشرف الاقتداء بهذا النجم الزاهر وإن علا الاقتداء به في سماء المجد وصعب على أهل الهوى والغفلة..

فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم * إن التشبه بالكرام فلاح





أنه الصحابي الجليل: أبو سعيد زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجار الخزرجي الأنصاري.


"والله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن"


قالها زيد بن ثابت لما تولى هذه المهمة العظيمة وحق له..
وكيف لا يهتم وقد كلف بمهمة لا يضاهيها في الشرف مهمة على وجه الأرض
جمع كتاب الله..
من صحف الصحابة التي كتبوها على العُسُبِ واللخافِ...
ومما حفظوه في صدورهم..

جمع كتاب الله في صحف كانت مرجعا للأمة.. قرنا بعد قرن وزمانا بعد زمان

كم كان أبو بكر رضي الله عنه موفقا حين اختار زيد بن ثابت وقال له:
" إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، قد كنت تكتب الوحي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه."

رجل..
شاب..
عاقل..
غير متهم..
له خبرة بكتابة الوحي بين يدي رسول الله..

والأخيرة وحدها تفي وزيادة..

فقد قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينةَ وزيد ابن إحدى عشرة سنة، وكان غلاماً ذكيا فَهماً فطناً، حسن التعلم، ماهراً بالكتابة؛ فكان النبي صلى الله عليه السلام يعلّمه القرآن، ويأمره بكتابة الوحي؛ فلزم زيد النبي صلى الله عليه وسلم، وتعلّم منه، وشاهد نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم، وعرض عليه القرآن مراراً.

وكأنما كان يعده لهذه المهمة العظيمة..
فسبحان من قال: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}.

بلغ من ملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم حضوره لتنزل الوحي وهو بين يديه صلى الله عليه وسلم يكتب الوحي..

فقد أخبر عن نفسه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} {والمجاهدون في سبيل الله} فجاءه ابن أم مكتوم وهو يملّها عليَّه، قال: يا رسول الله، والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت، وكان أعمى، «فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وفخذه على فخذي، فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي، ثم سري عنه»، فأنزل الله: {غير أولي الضرر}). رواه البخاري في صحيحه.

كان زيد ممن جمع القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.

عن أنس رضي الله عنه قال: " جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعة، كلهم من الأنصار: أبي، ومعاذ بن جبل، وأبو زيد، وزيد بن ثابت ". رواه البخاري.


من هذه السيرة العطرة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يتبين لنا حكمة أبي بكر رضي الله عنه في اختيار زيد وتكليفه بجمع القرآن..

وقد اجتهد زيد في جمعه وأحسن، ولم يستفرد بالجمع بل كان جمعه بنظر قراء الصحابة ومراجعتهم.

وقد انتهج عثمان رضي الله عنه في خلافته نهج أبي بكر في اختيار زيد لكتابة المصحف الإمام، حيث رأسه على الكتَبَة الذين كتبوا المصاحف العثمانية التي بعث بها عثمان إلى الأمصار.

لم يكن جمعه للمصحف على عهد أبي بكر، وكتابته على عهد عثمان المنقبة الوحيدة لهذا الشاب الفطن، وإن كانت لكافية في الفضل والشرف، بل كان له مناقب عدة.

منها.. أنه تعلم كتاب يهود في خمس عشرة ليلة!
قال زيد: "لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، ذُهِب بي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعجب بي، فقالوا: يا رسول الله، هذا غلام من بني النجار، معه مما أنزل الله عليك بضع عشرة سورة، فأعجب ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: "يا زيد، تعلم لي كتاب يهود، فإني والله ما آمن يهود على كتابي" قال زيد: فتعلمت له كتابهم، ما مرت بي خمس عشرة ليلة حتى حذقته وكنت أقرأ له كتبهم إذا كتبوا إليه، وأجيب عنه إذا كتب ".


ومنها.. أنه كان محبا للجهاد مقداما..
تاقت نفسه للمشاركة في غزوة أحد لكن النبي صلى الله عليه وسلم رده لصغر سنّه، فكانت أوّل مشاهده يوم الخندق، ثم شهد ما بعدها من الغزوات مع النبي صلى الله عليه وسلم.

ومنها.. أنه كان محل ثقة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء والأمراء بعده

فقد استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عمر يستخلفه على المدينة إذا سافر للحجّ، ولمّا ذهب إلى القدس، وكان عثمان يستعمله على بيت مال المسلمين، وكان معاوية يكتب إليه يستفتيه في المعضلات، وهو الذي تولى قسمة غنائم اليرموك.

ومنها أنه كان من أصحاب الفراسة:
قال محمد بن سيرين: (حجَّ بنا أبو الوليد ونحن سبعةٌ ولدُ سيرين؛ فمرَّ بنا على المدينة؛ فلما دخلنا على زيد بن ثابت، قيل له: هؤلاء بنو سيرين.
قال: فقال زيد: (هذان لأمّ، وهذان لأمّ، وهذان لأمّ، وهذا لأمّ، قال: فما أخطأ، وكان معبد أخا محمد لأمه

ومنها علمه بالفرائض والحساب وتوثيقه لهذا العلم:

خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس بالجابية فقال: (من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذ بن جبل، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني؛ فإن الله تعالى جعلني له خازنا وقاسما).
قال الزهري: (لو هلك عثمان بن عفان وزيد بن ثابت في بعض الزمان لهلك علم الفرائض إلى يوم القيامة، ولقد جاء على الناس زمان وما يعلمها غيرهما).
وقال: (لولا أن زيد بن ثابت كتب الفرائض لرأيت أنها ستذهب من الناس).

وقد كان لطول ملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم أثرا في تخلقه بالحلم والإحسان للأهل
قال ثابت بن عبيد: (ما رأيت رجلا أفكه في بيته من زيد بن ثابت ولا أحلم في القوم إذا جلس بينهم)

اتفق العلماء على جلالة قدره وسطر عدد منهم عبارات في ذكر مناقبه:
قال مسروق: (كان القضاة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة: عمر، وعلي، وعبد الله، وأبي، وزيد، وأبو موسى).

وقال: (شاممت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فوجدت علمهم انتهى إلى ستة نفر، انتهى إلى: عمر، وعلي، وعبد الله، وأبي الدرداء، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت).
وقال مالك بن أنس: (كان إمام الناس عندنا بعد عمر بن الخطاب: زيد بن ثابت وكان إمام الناس بعد زيد: ابن عمر).

ويكفي لبيان فضله ثناء ابن عباس رضي الله عنه عليه وهو من هو في العلم والصحبة والقرابة.

قال ابن عباس: «لقد علم المحفظون من أصحاب محمد أن زيد بن ثابت من الراسخين في العلم»
وقال الشعبي: (ذهب زيد بن ثابت ليركب ووضع رجله في الركاب؛ فأمسك ابن عباس بالركاب؛ فقال: (تنحَّ يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم).
فقال: (لا هكذا نفعل بالعلماء والكبراء).


وكما نشأ رضي الله عنه صغيرا في كنف رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب له الوحي ويقرأ له الكتاب ويأتمر بأمره في التعلم فقد حرص على نقل العلم لمن بعده، فقد اجتمعت له الفطنة التي عرفته بأسباب حفظ العلم مع التدرب على يد خير البشر بآليات نقل العلم وتعليمه، واحتاط ذلك توفيق رب العالمين وحفظه لدينه.

وقد لخص لنا ابن المديني من أخذ عنه العلم بقوله:

( لم يكن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد له أصحاب حفظوا عنه وقاموا بقوله في الفقه إلا ثلاثة: زيد وعبد الله وابن عباس؛ فأعلم الناس بزيد بن ثابت وقوله عشرة: سعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وعروة بن الزبير، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار، وأبان بن عثمان، وقبيصة بن ذؤيب، وذكر آخر، وكان أعلم الناس بقولهم وحديثهم ابن شهاب ثم بعده مالك بن أنس ثم بعد مالك عبد الرحمن بن مهدي).
وقد روى عنه في التفسير ابن عباس وابن عمر وجمع ممن تتلمذ على يديه وأرسل عنه بعض أهل العلم.
وعرض عليه القرآن ابن عباس، وأبو العالية، وأبو عبد الرحمن السلمي.


وفاته
اختلف في تاريخ وفاته رضي الله عنه ولعل أقرب الأقوال أنه توفي في سنة 45
ولما مات قال أبو هريرة: «اليوم مات حبر هذه الأمة، وعسى الله أن يجعل في ابن عباس منه خلفا».
وقال ابن عباس: «من سره أن يعلم كيف ذهاب العلم؛ فهكذا ذهاب العلم، والله لقد دفن اليوم علم كثير».

وقال حسان بن ثابت
فمن للقوافي بعد حسان وابنه * ومن للمثاني بعد زيد بن ثابت



تأملات وفوائد:
- منظومة استدامة العلم منظومة قديمة خطت أصولها في عهد النبوة، لها أصول وقواعد يحسن بطلبة العلم اقتفاء أثرها ليتحقق لهم بإذن الله ما يطمحون له من استدامة.
- العالم الذي يقصر في احتواء تلامذته وإكرامهم وتقريبهم وتوجيههم والصبر عليهم يخسر كثيرا من توثيق علمه وانتشاره.
- عناية النبي صلى الله عليه وسلم بزيد بن ثابت تحكي قصة العناية بالموهوبين في أبهى صورها.
- يتجلى لنا في القصة تكامل جوانب الحياة فقد كان رضي الله عنه عالما برع في عدد من العلوم مجاهدا لم يدع الغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن أجيز صاحب مبادرات وأعمال تخدم الأمة فكها في بيته حليما مع الناس.
- قدم النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة وعمر زيد إحدى عشرة سنة وكلف زيد بجمع القرآن في خلافة أبي بكر أي أن عمره قرابة 22 سنة.. أي بناء جعله يتولى هذه المهمة العظيمة في هذا العمر!!
- لا تزال القراءة والكتابة مفتاحا عظيما من مفاتيح العلم يحسن بالمربي العناية بتأصيلها لدى الصغار والحذر من تعثر العلوم المتعلقة بها، والأمثلة على تفوق صاحب المهارة في القراءة والكتابة وتعثر غيره لا تنتهي، أتأمل في واقع بعض العجائز اللاتي لم يواجهن صعوبة في التعامل مع برامج الجوال لمجرد أنهن كن من القلائل الذين حظوا بتعلم القراءة والكتابة.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 5 جمادى الأولى 1441هـ/31-12-2019م, 10:35 PM
سارة المشري سارة المشري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 544
افتراضي

أبو هريرة رضي الله عنه

إنْ ذُكِر هذا الصحابي، حَضر الحبُّ صافياً نقيّا، شهادة حق مختومة بخاتم النّبوة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم حبّب عُبيدك هذا وأمّه إلى عبادك المؤمنين، وحبّب إليهم المؤمنين" قال رضي الله عنه: فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلاّ أحبّني).
وأيُّ فخرٍ بعد أن جُعِل حبّه دليل الإيمان، وفاقد حبّه يُخشى على إيمانه؟
وأيُّ قلبٍ مؤمن لا يُحبّ حامل السنة وحاميها؟ إنّه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه.

- اسمه وكنيته:
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، يكنى بأبي هريرة.
قال ابن إسحاق: حدثني بعض أصحابنا عن أبي هريرة قال: كان اسمي في الجاهلية عبد شمس فسميت في الإسلام عبد الرحمن، وإنما كنيت بأبي هريرة، لأني وجدت هرة فجعلتها في كمي، فقيل لي: ما هذه؟ قلت: هرة. قيل: فأنت أبو هريرة.
وفي رواية عن أبي هريرة قال: كنت أرعى غنماً لأهلي، فكانت لي هُريرة ألعب بها، فكنَّوني بها.

- إسلامه وهجرته:

أسلم أبو هريرة رضي الله عنه وهاجر إلى المدينة وهو ابن ثمان وعشرين سنة في نفر من قومه من قبيلة دوس اليمانية، وقدموا المدينة وقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، فلحق أبو هريرة النبي صلى الله عليه وسلم وقدم عليه وهو في خيبر سنة سبع من الهجرة، قال ابن عبد البر: أسلم أبو هريرة عام خيبر، وشهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

- صفاته:
قال ابن سيرين: كان أبو هريرة أبيض، لينا، لحيته حمراء.
طيب الأخلاق كريما، شديد التواضع.

• كرمه:
قال عبد الله بن رباح: سافرنا مع أبي هريرة فكان يكثر أن يدعونا للطعام إلى رحله.


• عبادته:
قال أبو عثمان النهدي: تضيفت أبا هريرة سبعا، فكان هو وامرأته وخادمه يعتقبون الليل أثلاثا، يصلي هذا، ثم يوقظ هذا، ويصلي هذا، ثم يوقظ هذا. قلت: يا أبا هريرة، كيف تصوم؟ قال: أصوم من أول الشهر ثلاثا.
وعن شرحبيل: كان أبو هريرة يصوم الاثنين والخميس.
وعن عكرمة قال: كان أبو هريرة يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة، يقول: أسبح بقدر ديتي.

• خشيته من الله:
روى ابن المبارك عن وهيب بن الورد عن سلم بن بشير: أن أبا هريرة بكى في مرضه، فقيل: ما يبكيك؟
قال: ما أبكي على دنياكم هذه، ولكن على بعد سفري، وقلة زادي، وأني أمسيت في صعود، ومهبطه على جنة أو نار، فلا أدري أيهما يؤخذ بي؟

• علمه:
قال الذهبي: أبو هريرة رأس في القرآن، وفي السنة، وفي الفقه.

• حفظه للقرآن:
كان رضي الله عنه حافظا للقرآن الكريم، وهو من القراء المشهورين الذي حفظوا القرآن الكريم وعلَّموه التابعين، قال الإمام أبو عمرو الداني: عرض أبو هريرة القرآن على أبي بن كعب، وأخذ عنه القرآن من التابعين: الأعرج، وأبو جعفر المدني يزيد بن القعقاع أحد القراء العشرة المشهورين، وطائفة من القراء.

• حفظه للحديث وروايته له:
كان رضي الله عنه من أكثر من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد وصلت مروياته إلى قرابة 5374 حديثا.

• روايته عن كعب الأحبار:
روى رضي الله عنه عن كعب الأحبار لكنها مرويات قليلة جدا،
أخرج البيهقيّ في المدخل من طريق بكر بن عبد اللَّه بن أبي رافع عن أبي هريرة أنه لقي كعب الأحبار فجعل يحدثه ويسأله، فقال كعب: ما رأيت رجلا لم يقرأ التوراة أعلم بما في التوراة من أبي هريرة.

• فقره:
كان رضي الله عنه فقيراً، من أهل الصفة،
يقول أبو هريرة:" والله إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشدّ الحجر على بطني من الجوع، ولقد قَعَدت يوماً على طريقهم الذي يخرجون منه، فمر أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا ليستتبعني فلم يفعل، فمر أبو القاسم صلى الله عليه وسلم، فعرف ما في وجهي وما في نفسي".
وفي صفة الصفوة أنه قال: (لقد رأيتني أصرع بين منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين حجرة عائشة، فيقول الناس: إنه لمجنون، وما بي إلا الجوع).
وذلك بأنه اختار ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم وصحبته وآثرها على الدنيا، فقبل الله سعيه وجعل له ولمروياته القبول في الأرض، وكان له حظ بركة ملازمة اسمه لاسم النبي صلى الله عليه وسلم،
رفع الله ذكره، فمتى صُلّي على النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث جمّة تُرُضّي على أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه.
فيا لهذا الشرف وذاك الاصطفاء، وهل بلغ ذلك المبلغ إلاّ بصدق النية وإخلاصها، و يا بؤس أقوام طعنوا في هذا الصحابي الجليل رغبة في إسقاط جُلّ السنّة المطهرة، وهيهات هيهات، إن أسقطوا إلاّ أنفسهم، وما يشعرون.


• وفاته:
مات رضي الله عنه سنة سبع وخمسين للهجرة عن ثمان وسبعين سنة، صحب الرسول صلى الله عليه وسلم أربعة أعوام، وعاش بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم سبعة وأربعون عاما داعيا إلى الله، معلما للقرآن والسنة، عاملا بعلمه، مجتهدا في العبادة، فرحمه الله ورضي عنه، وجزاه عن المسلمين خيرا بما حفظ من سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم.

• ثناء الصحابة عليه:
روى ابن سعد عن نافع قال: كنت مع عبد الله بن عمر في جنازة أبي هريرة وهو يمشي أمامها ويكثر الترحم عليه ويقول: كان ممن يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين.

• فوائد مستفادة:
- الحرص على طلب العلم، وبذل النفس والجهد له.
- أنّ العلم عزيز لا يُنال بالتمني، وكلما أعطاه الإنسان من نفسه، أخذ منه بقدر ما يبذل.
- الحرص على تصحيح النية وأنّ العبد يوفق ويسدد ويُبارك فيه بقدر صدقه وحسن نيته.
- الحرص على العمل بالعلم، وأنّ هذا من دلائل الصدق، كما أنّه من أسباب الثبات والقبول، وهو الغاية والمراد من العلم.
- العبادة سبب للثبات والتوفيق والزيادة.
- كلما زاد حبّ النبي صلى الله عليه وسلم في القلب زاد حرص العبد على اتباعه ونشر سنته، والذب عن دينه وعن صحابته.
- الحرص على حبّ الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وأنّ في حبهم تحقيق الإيمان.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 15 جمادى الأولى 1441هـ/10-01-2020م, 11:44 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم الثاني من سير أعلام المفسرين



نورة الأمير: أ+
أحسنتِ، وتميزتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

علاء عبد الفتاح: أ+
أحسنت، بارك الله فيك ونفع بك.
- بعض الآثار غاب عنها العزو، فإن كان السبب الحفاظ على الاسترسال، فيمكن ترقيمها وعزوها في هامش أسفل الرسالة.
- ولم يقبل إلى في غزوة الخندق = إلا
-ومنها: أن المقياس في الإسلام ليس بالعمر فهذا ابن عمر بدأ حياته في الإسلام وهو ابن خمس عشرة سنة"
بل قبل ذلك، فبدأت منذ إسلامه وقد ورد أنه أسلم قبل الهجرة، وكان عمره يوم أُحد أربع عشرة سنة.

مها شتا: ب
راجعي الوصايا العامة للشيخ عبد العزيز الداخل -حفظه الله- هنا:
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...8&postcount=16


عقيلة زيان: أ
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
أسلوبكِ متميز، لكن أغلب المرويات غير موثقة فإن كان السبب هو الحفاظ على الاسترسال في الحديث فيمكنكِ ترقيمها وعزوها في هامش في نهاية رسالتك.

ضحى الحقيل: أ
أسلوبكِ متميز بارك الله فيك ونفع بكِ، راجعي الملحوظة على الأخت عقيلة.
- فقال: (لا هكذا نفعل بالعلماء والكبراء).
الفاصلة بعد " لا " واجبة هنا.

سارة المشري: ب+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ.
المقدمة رائعة جدًا، ووددتُ لو استرسلتِ بنفس الأسلوب، وحرصتِ على ترابط الفقرات وليكن محور رسالتكِ قولكِ " وأيُّ قلبٍ مؤمن لا يُحبّ حامل السنة وحاميها؟ إنّه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه"
فتنتقلين منها لبيان اسمه وكنيته وكيف أسلم؟ وكيف كان من أهل الصفة؟ وكيف لازم النبي صلى الله عليه وسلم؟ ودعا له النبي صلى الله عليه بالحفظ
ثم اختمي بالدفاع عنه والرد على من طعنوا فيه من وحي سيرته العطرة
وراجعي الوصايا العامة للشيخ عبد العزيز الداخل حفظه الله، الرابط في التعليق على الأخت مها شتا.


زادكم الله علمًا وهدى ونفع بكم الإسلام والمسلمين.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 16 شوال 1441هـ/7-06-2020م, 10:41 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

شذرات من سيرة الصحابي الجليل
أبو سعيد الخدري

ها هو شوال من العام الثالث الهجري ؛ رسول الله صلى الله عليه وسلم يعد العدة لقتال قريش في أحد … والصحابة يتسابقون ؛ كل يود أن ينال شرف الجهاد والقتال مع رسولالله صلى الله عليه وسلم … خاصة من لم يشهد بدرا فتاقت نفسه ليبذل في المشاهد بعدها ...

ومن أولئك المتسابقين كان الصحابي الجليل مالك بن سنان ؛ آخذٌ بيد ابنه سعد يقدمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليأذن له الرسول بالقتال ؛ وكان سعد إذ ذاك قدبلغ من العمر ثلاثة عشر عاما كما قال هو ( عرضت يوم أحد على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن ثلاث عشرة ، فجعل أبي يأخذ بيدي ويقول : يا رسول اللهإنه عبل العظام …) يريد أن ينال هو وابنه شرف القتال ، لكن رسول الله كما قال سعد ( وجعل نبي الله يصعد فيّ النظر ، ويصوبه ، ثم قال :(رده) فردني …(1)
خرج الأب مجاهدا واستشهد في أحد ...
وبقي سعد ينتظر إذنا بالجهاد ، فكانت الخندق أولى الغزوات التي شهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم...وشهد المشاهد كلها بعدها ...
عَنْ قَزَعَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَرْبَعًا، قَالَ : سَمِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً.
( 2)

ذاك هو سعد بن مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة بن الأبجر ( وهو خدرة ) بن عوف بن الحارث بن الخزرج ... الأنصاري الخزرجي .. المعروف بكنيته ( أبو سعيد) الخدري ..(3)
الصحابي ابن الصحابي ...
من فتيان الصحابة وأحداثهم ... ممن تمتع بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أن يفع إلى زهرة شبابه ،.. فصلى مع رسول الله واعتكف ، وحضر مجالسه وتلقى القرآن وسمع حديثه من فيه الشريف عليه الصلاة والسلام ، وكان من الأنصار الذين يتناوبون لتنفيذ أوامره...
فقال رضي الله عنه : ( كنا نتناوب رسول الله تكون له الحاجة أو يرسلنا في الأمر ...) (4)

كان رضي الله عنه من فضلاء الصحابة ، حافظا مكثر الحديث عن رسول الله ، حريصا على السنة والتمسك بها ، إماما مجاهدا ...
يسمع الحديث من رسول الله فليزم العمل به ...
فها هو رضي الله عنه يروي( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ". فَعَجِبَ لَهَاأَبُو سَعِيدٍ، فَقَالَ : أَعِدْهَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَفَعَلَ،
ثُمَّ قَالَ : " وَأُخْرَى يُرْفَعُ بِهَا الْعَبْدُ مِائَةَ دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ ؛ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ". قَالَ : وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ".
(5)

فعجب لها !!! ... أي سرور ملأ قلبه لما سمعها حتى طلب من رسول الله أن يعيدها ... وأي حلاوة وقعت في قلبه حتى غمرته فطلب أن يسمعها ثانية من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم!!
ثم يتفرس فيه رسول الله شغفه ، ويرى فيه حبه لربه ودينه ورغبته بالدرجات العلى فيزيده ، ويعلمه بفضل الجهاد في سبيل الله ..
فبقي قلبه رضي الله عنه معلقا بالغزو ، وكان يخرج مع الجيوش ، فإذا عاد لازم النبي صلى الله عليه وسلم ينهل منه علما وفقها وحديثا ...

وكان لتربيته في مدرسة النبوة عظيم الأثر على نفسه ، فكان حريصا على تطبيق كل ما تعلمه من رسول الله ؛ حتى أن أهله أعوزوا ذات يوم وأعسروا إعسارا شديدا فأرسلوه إلى رسول الله يسأله من العطاء شيئا ولنسمعه يروي ذلك ...
فـ ( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : سَرَّحَتْنِي أُمِّي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ وَقَعَدْتُ فَاسْتَقْبَلَنِي، وَقَالَ : " مَنِ اسْتَغْنَىأَغْنَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنِ اسْتَعَفَّ أَعَفَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنِ اسْتَكْفَى كَفَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنْ سَأَلَ وَلَهُ قِيمَةُ أُوقِيَّةٍ فَقَدْ أَلْحَفَ ". فَقُلْتُ : نَاقَتِي الْيَاقُوتَةُ خَيْرٌ مِنْ أُوقِيَّةٍ،فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَسْأَلْهُ. (6)
فرجعت فلم أسأله ... سمع كلام رسول الله ففهمه فاتبعه ...

وكان كذلك حريصا على السنة واتباعها متمسكا بها لا يغيرها ، فها هو في أيام معاوية يقول رضي الله عنه : (( كُنَّا نُخْرِجُ إِذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ، عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ ؛ حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ، فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا، فَكَلَّمَ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَكَانَ فِيمَا كَلَّمَ بِهِ النَّاسَ، أَنْ قَالَ : إِنِّي أَرَى أَنَّ مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ،
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : فَأَمَّا أَنَا، فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ أَبَدًا مَا عِشْتُ.
(7)

ولنتأمل قوله : أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه أبدا ما عشت ...
-قال ابن حجر في الفتح : ( وفي حديث أبي سعيد ما كان عليه من شدة الاتباع والتمسك بالآثار وترك العدول إلى الاجتهاد مع وجود النص )

وكذلك ما روي عنه عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ دَخَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَرْوَانُ يَخْطُبُ فَقَامَ يُصَلِّي، فَجَاءَ الْحَرَسُ لِيُجْلِسُوهُ، فَأَبَى حَتَّى صَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَيْنَاهُ فَقُلْنَا : رَحِمَكَ اللَّهُ، إِنْ كَادُوا لَيَقَعُوا بِكَ. فَقَالَ : مَا كُنْتُ لِأَتْرُكَهُمَا بَعْدَ شَيْءٍ رَأَيْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي هَيْئَةٍ بَذَّةٍ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَأَمَرَهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ. (8)

كم تغلغلت سنة المصطفى في نفسه حتى يقول : ما كنت لأتركهما بعد شيء رأيته من رسول الله ...
هكذا كان حب أصحاب رسول الله له ... وهكذا كان اتباعهم وحرصهم على الاقتداء واقتفاء الأثر ...

وهو مع ما تعلمه من رسول الله أخذ عن كبار الصحابة
( فروى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وغيرهم ...
وروى عنه من الصحابة ابن عباس وابن عمر وجابر وأبو أمامة وغيرهم ...
ومن كبار التابعين ابن المسيب وأبو عثمان النهدي وطارق بن سهاب وعبيد بن عمير ومن بعدهم عطاء وعياض ابن أبي السرح ومجاهد وآخرون ) ...(9)

و كان رضي الله يرى أن الدنيا بسطت للأمة ... فكان شديد الحذر على دينها ، ناصحا لولاة أمرها ... لا يخشى في الله لومة لائم ، فقد كان ممن بايعوا رسول الله أن لا تأخذهم في الحق لومة لائم ، ينبه ويصحح ، ومن ذلك ما مر معنا في زكاة الفطر وفي الصلاة أثناء الخطبة في الجمعة
، ومع ذلك كان يلوم نفسه أنه لم يؤد هذا الأمر على وجهه ، ف( عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ خَطِيبًا، فَكَانَ فِيمَا قَالَ : " أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ رَجُلًا هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا عَلِمَهُ". قَالَ : فَبَكَى أَبُو سَعِيدٍ وَقَالَ : قَدْ - وَاللَّهِ - رَأَيْنَا أَشْيَاءَ فَهِبْنَا.) (10)
إن كان هو مع ما عرف عنه من مواقفه يقول هذا ، فنسأل الله لطفا بحالنا ...

ولغزارة علمه وصحبته كان رضي الله عنه مقصدا لطلاب العلم ينهلون من علمه ويستفتونه حتى لا يكاد يخلو ... فعن قزعة ( قال : أتيت أبا سعيد الخدري وهو يفتي الناس وهم مكبون عليه فانتظرت خلوته ... )(11)

وكان الصحابة يوجهون من تحتهم للأخذ منه فها هو عكرمة مولى ابن عباس يقول : ( قال لي ابن عباس ولابنه علي : انطلقا إلى أبي سعيد فاسمعا من حديثه فَانْطَلَقْنَا فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ يُصْلِحُهُ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَاحْتَبَى، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا، ...) إلى آخر الحديث (12)

وهو مع ذلك يلزم تلامذته بما التزم به في تعلمه عن رسول الله وكبار صحابته
-عن أبي نضرة العبدي قال : كان أبو سعيد الخدري يعلمنا القراآن خمس آيات بالغداة وخمسا بالعشي )(13)

وكان يريد منهم أن يحفظوا كما حفظوا هم ، فهذا أبو نضرة يطلب منه أن يكتب ليستعين بالكتابة على الحفظ فيقول أبو سعيد رضي الله عنه : ( لا إنا لن نكتبكم ، ولن نجعله قرآنا ولكن احفظوا عنا كما حفظنا نحن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) (14)

وقد أثنى العلماء على علمه وحفظه وفهمه ...
فقال عنه ابن عبد البر : ( كان ممن حفظ عن رسول الله سننا كثيرة وروى عنه علما جما وكان من نجباء الأنصار وعلمائهم وفضلائهم )

وقال زياد بن ميناء وهو يعدد أسماء علماء الصحابة : ( ... والذين صارت إليهم الفتوى منهم : ابن عباس وابن عمر وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وجابر بن عبد الله )(15)

وعن حنظلة بن أبي سفيان عن أشياخه قالوا ( لم يكن أحد من أحداث أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أفقه من أبي سعيد الخدري )(16)
وقال النووي : كان من فقهاء الصحابة وفضلائهم البارعين


وقال عنه الإمام الذهبي في السير :( الإمام المجاهد مفتي المدينة )

هذا هو أبو سعيد رضي الله عنه وأرضاه
ممن بايع بيعة الرضوان مع رسول الله فرضي الله عنهم في كتابه فقال ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة )
وممن توفي رسول الله وهو راض عنهم
وممن جعل حبهم من الإيمان وجعل اتباعهم والاستنان بسنتهم هو الرشد والهداية
هو مع كل ذلك يقال له كما روى العلاء بن المسيب عن أبيه : قلنا له هنيئا لك برؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبته ، قال إنك لا تدري ما أحدثنا بعده ... (17)
ولذلك قال لما قرأ { وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ } قَالَ :(( هَذَا نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوحَى إِلَيْهِ، وَخِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ لَوْ أَطَاعَهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُوا، فَكَيْفَ بِكُمُ الْيَوْمَ ؟(18)

توفي رضي الله عنه وأرضاه سنة أربع وسبعين في الأصح في المدينة وكان له من العمر أربع وثمانون عاما ...

وكان حتى في هيئة وفاته حريصا على تبليغ ما تعلمه من رسول الله ؛ فـ ( عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَهَا، ثُمَّ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ الْمَيِّتَ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا ". ) (19)

توفي رحمه الله وقد ترك للأمة زهاء أَلْف وَمائَة وَسَبْعُين حَدِيْثاً رواها عن رسول الله ؛ جمع البخاري ومسلم ثَلاَثَةً وَأَرْبَعُين حديثا منها .
وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ: بِسِتَّةَ عَشَرَ حَدِيْثاً، وَمُسْلِمٌ:بِاثْنَيْنِ وَخَمْسِيْنَ. (20)

رضي الله عنه وأرضاه ورزقنا حبا لرسول الله كحبهم وعلما كعلمهم والاهتداء بهديهم والسير على خطاهم ...

🔺فوائد مستفادة من سيرته رضي الله عنه :
- كلما ازددت للعلم طلبا ازددت منه نصيبا ، وكلما كنت فيه باذلا كان لك معطيا وهو مع ذلك لا يعطيك إلا بعضه

- من فاته مشهد من مشاهد الخير فليحرص وليعزم على أن يري الله منه خيرا فيما بعده من المشاهد

- الجهاد في سبيل الله يرفع المؤمن درجات في الجنة لذلك حرص عليه صحابة رسول الله ومن بعدهم

- الاتباع والاقتداء بسنة المصطفى هو دليل المحبة ( قل إن كنت تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )

- مهما بلغ شان المسلم وعلا إيمانه إلا أنه دائما يرى نفسه مقصرا في جنب الله ، فلا يزكي هو نفسه

- يترفق المعلم بطلاب العلم ويحرص على أن ييسر لهم سبله ، فأن يعلم أبو سعيد رضي الله عنه تلامذته القرآن خمسا خمسا أثبت في الحفظ وأنشط للنفس وأيسر في الفهم وأكثر عونا على العمل

- تمسك صحابة رسول الله بأن يحفظ عنهم تلامذتهم كان له عظيم الأثر في حفظ سنة المصطفى في الصدور ، ولو اعتمد تلامذتهم في هذا العهد المبكر على الكتابة لصار الكتاب هو المرجع ولربما تهاونوا في الحفظ

- المعلم يتفرس في طلابه ويعطي كلا منهم بقدر شغفه وإقباله وطاقته ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى فرح أبي سعيد بالحديث زاده ...

- المعلم يقبل على من جاءه من طلابه ليشعره بمكانته، فهذا رسول الله لما رأى سعدا استقبله كما قال أبو سعيد ، فكأنه يخاطبه ويعنيه ، ولما رآه مقبلا يسأل الحاجة اختار له أن يعف قبل أن يحرجه بسؤالها .

- المؤمن لا يخشى في الله لومة لائم ، ويقول الحق في موطنه لا يخشى عند قوله شيئا

- لا يمنع صغر سن الإنسان من أن يتعلم ويعلم ويعظم شأنه فالله يرفع بالعلم درجات ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )

- طالب العلم يرى العلوم فرائس يسرع لاقتناصها وصيدها عند كل من وجدها عنده ، ولا يرضى أن تفوته ، فأبو سعيد رضي الله عنه لما كان من أحداث الصحابة كان قد فاته شيء من سيرة رسول الله لصغره ، فحرص على التعلم من رسول الله وملازمته ما استطاع ، وعلى تدارك ما فاته بالأخذ عن كبار صحابته رضوان عليهم

- المسلم يبقى مبلغا لما تعلمه حتى في آخر لحظات حياته

🔺 الهوامش :
1. الحاكم ، وابن عساكر ؛ وعبل العظام أي ضخم العظام غليظها
2. البخاري
3. الإصابة في تمييز الصحابة
4. الهيثمي في مجمع الزوائد ، وفال رواه البزار ورجاله ثقات
5. رواه مسلم
6. سنن النسائي
7. رواه مسلم
8. رواه الترمذي وقال حسن صحيح
9. الإصابة في معرفة الصحابة لابن حجر العسقلاني
10.سنن ابن ماجه
11. رواه أبو داود
12. رواه البخاري
13. رواه ابن عساكر
14. سنن الدارمي
15. ابن سعد في الطبقات
16.أخرجه ابن سعد وابن عساكر
17. الإصابة في تمييز الصحابة
18. رواه الترمذي ، وقال :هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ .
19. رواه أبو داود
20. سير أعلام النبلاء للذهبي

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 27 شوال 1441هـ/18-06-2020م, 11:37 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هناء محمد علي مشاهدة المشاركة
شذرات من سيرة الصحابي الجليل
أبو سعيد الخدري

ها هو شوال من العام الثالث الهجري ؛ رسول الله صلى الله عليه وسلم يعد العدة لقتال قريش في أحد … والصحابة يتسابقون ؛ كل يود أن ينال شرف الجهاد والقتال مع رسولالله صلى الله عليه وسلم … خاصة من لم يشهد بدرا فتاقت نفسه ليبذل في المشاهد بعدها ...

ومن أولئك المتسابقين كان الصحابي الجليل مالك بن سنان ؛ آخذٌ بيد ابنه سعد يقدمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليأذن له الرسول بالقتال ؛ وكان سعد إذ ذاك قدبلغ من العمر ثلاثة عشر عاما كما قال هو ( عرضت يوم أحد على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن ثلاث عشرة ، فجعل أبي يأخذ بيدي ويقول : يا رسول اللهإنه عبل العظام …) يريد أن ينال هو وابنه شرف القتال ، لكن رسول الله كما قال سعد ( وجعل نبي الله يصعد فيّ النظر ، ويصوبه ، ثم قال :(رده) فردني …(1)
خرج الأب مجاهدا واستشهد في أحد ...
وبقي سعد ينتظر إذنا بالجهاد ، فكانت الخندق أولى الغزوات التي شهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم...وشهد المشاهد كلها بعدها ...
عَنْ قَزَعَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَرْبَعًا، قَالَ : سَمِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً.
( 2)

ذاك هو سعد بن مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة بن الأبجر ( وهو خدرة ) بن عوف بن الحارث بن الخزرج ... الأنصاري الخزرجي .. المعروف بكنيته ( أبو سعيد) الخدري ..(3)
الصحابي ابن الصحابي ...
من فتيان الصحابة وأحداثهم ... ممن تمتع بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أن يفع إلى زهرة شبابه ،.. فصلى مع رسول الله واعتكف ، وحضر مجالسه وتلقى القرآن وسمع حديثه من فيه الشريف عليه الصلاة والسلام ، وكان من الأنصار الذين يتناوبون لتنفيذ أوامره...
فقال رضي الله عنه : ( كنا نتناوب رسول الله تكون له الحاجة أو يرسلنا في الأمر ...) (4)

كان رضي الله عنه من فضلاء الصحابة ، حافظا مكثر الحديث عن رسول الله ، حريصا على السنة والتمسك بها ، إماما مجاهدا ...
يسمع الحديث من رسول الله فليزم العمل به ...
فها هو رضي الله عنه يروي( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ". فَعَجِبَ لَهَاأَبُو سَعِيدٍ، فَقَالَ : أَعِدْهَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَفَعَلَ،
ثُمَّ قَالَ : " وَأُخْرَى يُرْفَعُ بِهَا الْعَبْدُ مِائَةَ دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ ؛ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ". قَالَ : وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ".
(5)

فعجب لها !!! ... أي سرور ملأ قلبه لما سمعها حتى طلب من رسول الله أن يعيدها ... وأي حلاوة وقعت في قلبه حتى غمرته فطلب أن يسمعها ثانية من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم!!
ثم يتفرس فيه رسول الله شغفه ، ويرى فيه حبه لربه ودينه ورغبته بالدرجات العلى فيزيده ، ويعلمه بفضل الجهاد في سبيل الله ..
فبقي قلبه رضي الله عنه معلقا بالغزو ، وكان يخرج مع الجيوش ، فإذا عاد لازم النبي صلى الله عليه وسلم ينهل منه علما وفقها وحديثا ...

وكان لتربيته في مدرسة النبوة عظيم الأثر على نفسه ، فكان حريصا على تطبيق كل ما تعلمه من رسول الله ؛ حتى أن أهله أعوزوا ذات يوم وأعسروا إعسارا شديدا فأرسلوه إلى رسول الله يسأله من العطاء شيئا ولنسمعه يروي ذلك ...
فـ ( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : سَرَّحَتْنِي أُمِّي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ وَقَعَدْتُ فَاسْتَقْبَلَنِي، وَقَالَ : " مَنِ اسْتَغْنَىأَغْنَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنِ اسْتَعَفَّ أَعَفَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنِ اسْتَكْفَى كَفَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنْ سَأَلَ وَلَهُ قِيمَةُ أُوقِيَّةٍ فَقَدْ أَلْحَفَ ". فَقُلْتُ : نَاقَتِي الْيَاقُوتَةُ خَيْرٌ مِنْ أُوقِيَّةٍ،فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَسْأَلْهُ. (6)
فرجعت فلم أسأله ... سمع كلام رسول الله ففهمه فاتبعه ...

وكان كذلك حريصا على السنة واتباعها متمسكا بها لا يغيرها ، فها هو في أيام معاوية يقول رضي الله عنه : (( كُنَّا نُخْرِجُ إِذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ، عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ ؛ حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ، فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا، فَكَلَّمَ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَكَانَ فِيمَا كَلَّمَ بِهِ النَّاسَ، أَنْ قَالَ : إِنِّي أَرَى أَنَّ مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ،
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : فَأَمَّا أَنَا، فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ أَبَدًا مَا عِشْتُ.
(7)

ولنتأمل قوله : أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه أبدا ما عشت ...
-قال ابن حجر في الفتح : ( وفي حديث أبي سعيد ما كان عليه من شدة الاتباع والتمسك بالآثار وترك العدول إلى الاجتهاد مع وجود النص )

وكذلك ما روي عنه عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ دَخَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَرْوَانُ يَخْطُبُ فَقَامَ يُصَلِّي، فَجَاءَ الْحَرَسُ لِيُجْلِسُوهُ، فَأَبَى حَتَّى صَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَيْنَاهُ فَقُلْنَا : رَحِمَكَ اللَّهُ، إِنْ كَادُوا لَيَقَعُوا بِكَ. فَقَالَ : مَا كُنْتُ لِأَتْرُكَهُمَا بَعْدَ شَيْءٍ رَأَيْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي هَيْئَةٍ بَذَّةٍ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَأَمَرَهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ. (8)

كم تغلغلت سنة المصطفى في نفسه حتى يقول : ما كنت لأتركهما بعد شيء رأيته من رسول الله ...
هكذا كان حب أصحاب رسول الله له ... وهكذا كان اتباعهم وحرصهم على الاقتداء واقتفاء الأثر ...

وهو مع ما تعلمه من رسول الله أخذ عن كبار الصحابة
( فروى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وغيرهم ...
وروى عنه من الصحابة ابن عباس وابن عمر وجابر وأبو أمامة وغيرهم ...
ومن كبار التابعين ابن المسيب وأبو عثمان النهدي وطارق بن سهاب وعبيد بن عمير ومن بعدهم عطاء وعياض ابن أبي السرح ومجاهد وآخرون ) ...(9)

و كان رضي الله يرى أن الدنيا بسطت للأمة ... فكان شديد الحذر على دينها ، ناصحا لولاة أمرها ... لا يخشى في الله لومة لائم ، فقد كان ممن بايعوا رسول الله أن لا تأخذهم في الحق لومة لائم ، ينبه ويصحح ، ومن ذلك ما مر معنا في زكاة الفطر وفي الصلاة أثناء الخطبة في الجمعة
، ومع ذلك كان يلوم نفسه أنه لم يؤد هذا الأمر على وجهه ، ف( عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ خَطِيبًا، فَكَانَ فِيمَا قَالَ : " أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ رَجُلًا هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا عَلِمَهُ". قَالَ : فَبَكَى أَبُو سَعِيدٍ وَقَالَ : قَدْ - وَاللَّهِ - رَأَيْنَا أَشْيَاءَ فَهِبْنَا.) (10)
إن كان هو مع ما عرف عنه من مواقفه يقول هذا ، فنسأل الله لطفا بحالنا ...

ولغزارة علمه وصحبته كان رضي الله عنه مقصدا لطلاب العلم ينهلون من علمه ويستفتونه حتى لا يكاد يخلو ... فعن قزعة ( قال : أتيت أبا سعيد الخدري وهو يفتي الناس وهم مكبون عليه فانتظرت خلوته ... )(11)

وكان الصحابة يوجهون من تحتهم للأخذ منه فها هو عكرمة مولى ابن عباس يقول : ( قال لي ابن عباس ولابنه علي : انطلقا إلى أبي سعيد فاسمعا من حديثه فَانْطَلَقْنَا فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ يُصْلِحُهُ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَاحْتَبَى، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا، ...) إلى آخر الحديث (12)

وهو مع ذلك يلزم تلامذته بما التزم به في تعلمه عن رسول الله وكبار صحابته
-عن أبي نضرة العبدي قال : كان أبو سعيد الخدري يعلمنا القراآن خمس آيات بالغداة وخمسا بالعشي )(13)

وكان يريد منهم أن يحفظوا كما حفظوا هم ، فهذا أبو نضرة يطلب منه أن يكتب ليستعين بالكتابة على الحفظ فيقول أبو سعيد رضي الله عنه : ( لا إنا لن نكتبكم ، ولن نجعله قرآنا ولكن احفظوا عنا كما حفظنا نحن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) (14)

وقد أثنى العلماء على علمه وحفظه وفهمه ...
فقال عنه ابن عبد البر : ( كان ممن حفظ عن رسول الله سننا كثيرة وروى عنه علما جما وكان من نجباء الأنصار وعلمائهم وفضلائهم )

وقال زياد بن ميناء وهو يعدد أسماء علماء الصحابة : ( ... والذين صارت إليهم الفتوى منهم : ابن عباس وابن عمر وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وجابر بن عبد الله )(15)

وعن حنظلة بن أبي سفيان عن أشياخه قالوا ( لم يكن أحد من أحداث أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أفقه من أبي سعيد الخدري )(16)
وقال النووي : كان من فقهاء الصحابة وفضلائهم البارعين


وقال عنه الإمام الذهبي في السير :( الإمام المجاهد مفتي المدينة )

هذا هو أبو سعيد رضي الله عنه وأرضاه
ممن بايع بيعة الرضوان مع رسول الله فرضي الله عنهم في كتابه فقال ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة )
وممن توفي رسول الله وهو راض عنهم
وممن جعل حبهم من الإيمان وجعل اتباعهم والاستنان بسنتهم هو الرشد والهداية
هو مع كل ذلك يقال له كما روى العلاء بن المسيب عن أبيه : قلنا له هنيئا لك برؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبته ، قال إنك لا تدري ما أحدثنا بعده ... (17)
ولذلك قال لما قرأ { وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ } قَالَ :(( هَذَا نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوحَى إِلَيْهِ، وَخِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ لَوْ أَطَاعَهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُوا، فَكَيْفَ بِكُمُ الْيَوْمَ ؟(18)

توفي رضي الله عنه وأرضاه سنة أربع وسبعين في الأصح في المدينة وكان له من العمر أربع وثمانون عاما ...

وكان حتى في هيئة وفاته حريصا على تبليغ ما تعلمه من رسول الله ؛ فـ ( عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَهَا، ثُمَّ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ الْمَيِّتَ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا ". ) (19)

توفي رحمه الله وقد ترك للأمة زهاء أَلْف وَمائَة وَسَبْعُين حَدِيْثاً رواها عن رسول الله ؛ جمع البخاري ومسلم ثَلاَثَةً وَأَرْبَعُين حديثا منها .
وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ: بِسِتَّةَ عَشَرَ حَدِيْثاً، وَمُسْلِمٌ:بِاثْنَيْنِ وَخَمْسِيْنَ. (20)

رضي الله عنه وأرضاه ورزقنا حبا لرسول الله كحبهم وعلما كعلمهم والاهتداء بهديهم والسير على خطاهم ...

🔺فوائد مستفادة من سيرته رضي الله عنه :
- كلما ازددت للعلم طلبا ازددت منه نصيبا ، وكلما كنت فيه باذلا كان لك معطيا وهو مع ذلك لا يعطيك إلا بعضه

- من فاته مشهد من مشاهد الخير فليحرص وليعزم على أن يري الله منه خيرا فيما بعده من المشاهد

- الجهاد في سبيل الله يرفع المؤمن درجات في الجنة لذلك حرص عليه صحابة رسول الله ومن بعدهم

- الاتباع والاقتداء بسنة المصطفى هو دليل المحبة ( قل إن كنت تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )

- مهما بلغ شان المسلم وعلا إيمانه إلا أنه دائما يرى نفسه مقصرا في جنب الله ، فلا يزكي هو نفسه

- يترفق المعلم بطلاب العلم ويحرص على أن ييسر لهم سبله ، فأن يعلم أبو سعيد رضي الله عنه تلامذته القرآن خمسا خمسا أثبت في الحفظ وأنشط للنفس وأيسر في الفهم وأكثر عونا على العمل

- تمسك صحابة رسول الله بأن يحفظ عنهم تلامذتهم كان له عظيم الأثر في حفظ سنة المصطفى في الصدور ، ولو اعتمد تلامذتهم في هذا العهد المبكر على الكتابة لصار الكتاب هو المرجع ولربما تهاونوا في الحفظ

- المعلم يتفرس في طلابه ويعطي كلا منهم بقدر شغفه وإقباله وطاقته ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى فرح أبي سعيد بالحديث زاده ...

- المعلم يقبل على من جاءه من طلابه ليشعره بمكانته، فهذا رسول الله لما رأى سعدا استقبله كما قال أبو سعيد ، فكأنه يخاطبه ويعنيه ، ولما رآه مقبلا يسأل الحاجة اختار له أن يعف قبل أن يحرجه بسؤالها .

- المؤمن لا يخشى في الله لومة لائم ، ويقول الحق في موطنه لا يخشى عند قوله شيئا

- لا يمنع صغر سن الإنسان من أن يتعلم ويعلم ويعظم شأنه فالله يرفع بالعلم درجات ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )

- طالب العلم يرى العلوم فرائس يسرع لاقتناصها وصيدها عند كل من وجدها عنده ، ولا يرضى أن تفوته ، فأبو سعيد رضي الله عنه لما كان من أحداث الصحابة كان قد فاته شيء من سيرة رسول الله لصغره ، فحرص على التعلم من رسول الله وملازمته ما استطاع ، وعلى تدارك ما فاته بالأخذ عن كبار صحابته رضوان عليهم

- المسلم يبقى مبلغا لما تعلمه حتى في آخر لحظات حياته

🔺 الهوامش :
1. الحاكم ، وابن عساكر ؛ وعبل العظام أي ضخم العظام غليظها
2. البخاري
3. الإصابة في تمييز الصحابة
4. الهيثمي في مجمع الزوائد ، وفال رواه البزار ورجاله ثقات
5. رواه مسلم
6. سنن النسائي
7. رواه مسلم
8. رواه الترمذي وقال حسن صحيح
9. الإصابة في معرفة الصحابة لابن حجر العسقلاني
10.سنن ابن ماجه
11. رواه أبو داود
12. رواه البخاري
13. رواه ابن عساكر
14. سنن الدارمي
15. ابن سعد في الطبقات
16.أخرجه ابن سعد وابن عساكر
17. الإصابة في تمييز الصحابة
18. رواه الترمذي ، وقال :هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ .
19. رواه أبو داود
20. سير أعلام النبلاء للذهبي
أحسنتِ وتميزت، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
في الرسالة بعض الأخطاء الإملائية اليسيرة، يمكنكِ تصحيحها مع مراجعتكِ لها بإذن الله.
وحبذا لو أضفتِ رقم الصفحة والجزء للعزو.
التقويم: أ
الخصم للتأخير
زادكِ الله علمًا وهدىً ونفع بكِ الإسلام والمسلمين.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, السابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:11 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir