دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 09:12 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي دخول لام الابتداء على خبر (إن) خاصة، وعلى معمول خبرها، وعلى اسمها، وعلى ضمير الفصل


وبعدَ ذاتِ الكسْرِ تَصْحَبُ الْخَبَرْ = لامُ ابتداءٍ نحوُ إنِّي لَوَزَرْ
لا يَلِي ذِي اللامِ ما قدْ نُفِيَا = ولا مِن الأفعالِ ما كَرَضِيَا
وقدْ يَليهَا مَعَ قَدْ كَإِنَّ ذَا = لقدْ سَمَا على العِدَا مُستحْوِذَا
وَتَصحبُ الواسِطَ مَعمولَ الْخَبَرْ = والفصْلَ واسْمًا حَلَّ قَبْلَهُ الْخَبَرْ

  #2  
قديم 20 ذو الحجة 1429هـ/18-12-2008م, 01:38 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


وبعدَ ذاتِ الكَسْرِ تَصْحَبُ الْخَبَرْ = لاَمُ ابْتِدَاءٍ نَحْوُ: إِنِّي لَوَزَرْ ([1])

يَجُوزُ دُخُولُ لامِ الابتداءِ على خبرِ (إنَّ) المكسورةِ ([2])، نحوُ: (إنَّ زيداً لقائِمٌ)، وهذه اللامُ حَقُّها أنْ تَدْخُلَ على أوَّلِ الكلامِ؛ لأنَّ لها صَدْرَ الكلامِ؛ فحَقُّها أنْ تَدْخُلَ على (إنَّ)، نحوُ: (لإنَّ زيداً قائمٌ)، لكِنْ لَمَّا كانَتِ اللامُ للتأكيدِ وإنَّ للتأكيدِ كَرِهُوا الجمعَ بينَ حرفيْنِ بمعنًى واحدٍ؛ فأَخَّرُوا اللامَ إلى الخبرِ.
ولا تَدْخُلُ هذه اللامُ على خبرِ باقي أَخَوَاتِ (إنَّ)، فلا تقولُ: (لَعَلَّ زيداً لقائِمٌ)، وأجازَ الكُوفِيُّونَ دُخُولَهَا في خبرِ لَكِنَّ، وأَنْشَدُوا:
99- يَلُومُونَنِي فِي حُبِّ لَيْلَى عَوَاذِلِي = وَلَكِنَّنِي مِنْ حُبِّهَا لَعَمِيدُ ([3])
وخُرِّجَ على أنَّ اللامَ زائدةٌ؛ كما شَذَّ زِيَادَتُها في خبرِ (أَمْسَى)، نحوُ قولِهِ:
100- مَرُّوا عَجَالَى فَقَالُوا كَيْفَ سَيِّدُكُمْ = فَقَالَ مَنْ سَأَلُوا أَمْسَى لَمَجْهُودَا ([4])
أي: أَمْسَى مجهوداً، وكما زِيدَتْ في خبرِ المبتدأِ شُذُوذاً؛ كقولِهِ:
101- أُمُّ الْحُلَيْسِ لَعَجُوزٌ شَهْرَبَهْ = تَرْضَى مِنَ اللَّحْمِ بِعَظْمِ الرَّقَبَهْ ([5])
وأجازَ المُبَرِّدُ دُخُولَهَا في خَبَرِ أنَّ المفتوحةِ، وقد قُرِئَ شاذًّا: (إِلاَّ أَنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ) بفتحِ (أنَّ)، ويَتَخَرَّجُ أيضاً على زيادةِ اللامِ.
ولا يَلِي ذِي اللاَّمَ مَا قَدْ نُفِيَا = ولاَ مِن الأفعالِ ما كَرَضِيَا ([6])
وقد يَلِيهَا مَعَ قَدْ كَإِنَّ ذَا = لَقَدْ سَمَا عَلَى الْعِدَا مُسْتَحْوِذَا ([7])
إذا كانَ خَبَرُ (إنَّ) منفيًّا لم تَدْخُلْ عليه اللامُ، فلا تقولُ: (إنَّ زيداً لَمَا يَقُومُ)، وقد وَرَدَ في الشعرِ؛ كقولِه:
102- وأَعْلَمُ إِنَّ تَسْلِيماً وَتَرْكاً = لَلاَ مُتَشَابِهَانِ وَلاَ سَوَاءُ ([8])
وأشارَ بقولِهِ: (وَلاَ مِن الأفعالِ ما كَرَضِيَا) إلى أنه إذا كانَ الخبرُ ماضياً متصرِّفاً غيرَ مقرونٍ بقدْ - لم تَدْخُلْ عليه اللامُ، فلا تقولُ: (إنَّ زيداً لَرَضِيَ)، وأجازَ ذلك الكِسَائِيُّ وهِشامٌ، فإنْ كانَ الفعلُ مضارعاً دَخَلَتِ اللامُ عليه، ولا فرقَ بينَ المتصرِّفِ نحوِ: (إنَّ زيداً لَيَرْضَى)، وغيرِ المتصرِّفِ نحوِ: (إنَّ زيداً لَيَذَرُ الشرَّ).
هذا إذا لم تَقْتَرِنْ به السينُ أو سوفَ، فإنِ اقْتَرَنَتْ به، نحوُ: (إنَّ زيداً سوفَ يقومُ)، أو (سَيَقُومُ) ففي جوازِ دخولِ اللامِ عليه خلافٌ؛ فيَجُوزُ إذا كانَ (سوفَ) على الصحيحِ، وأمَّا إذا كانَ السِّينَ فقليلٌ، وإذا كانَ ماضياً غيرَ متصرِّفٍ فظاهرُ كلامِ المصنِّفِ جوازُ دخولِ اللامِ عليه؛ فتقولُ: (إنَّ زيداً لنِعْمَ الرجلُ، وإنَّ عَمراً لبِئْسَ الرجلُ)، وهذا مذهَبُ الأخفشِ والفَرَّاءِ، والمنقولُ أنَّ سِيبَوَيْهِ لا يُجِيزُ ذلكَ.
فإنْ قُرِنَ الماضي المتصرِّفُ بـ(قدْ) جازَ دخولُ اللامِ عليه، وهذا هو المرادُ بقولِهِ: (وَقَدْ يَلِيهَا مَعَ قَدْ)، نحوُ: (إنَّ زيداً لقدْ قَامَ).
وَتَصْحَبُ الْوَاسِطَ مَعْمُولَ الْخَبَرْ = وَالْفَصْلَ وَاسْماً حَلَّ قَبْلَهُ الْخَبَرْ ([9])
تَدْخُلُ لامُ الابتداءِ على معمولِ الخبرِ إذا تَوَسَّطَ بينَ اسمِ إنَّ والخبرِ، نحوُ: (إنَّ زيداً لطعامَكَ آكِلٌ)، ويَنْبَغِي أنْ يكونَ الخبرُ حينَئذٍ مِمَّا يَصِحُّ دخولُ اللامِ عليه؛ كما مَثَّلْنَا ([10])، فإنْ كانَ الخبرُ لا يَصِحُّ دخولُ اللامِ عليه لم يَصِحَّ دُخُولُها على المعمولِ؛ كما إذا كانَ الخبرُ فعلاً ماضياً متصرِّفاً غيرَ مقرونٍ بـ(قدْ) لم يَصِحَّ دخولُ اللامِ على المعمولِ، فلا تقولُ: (إنَّ زيداً لطعامَكَ أكَلَ)، وأجازَ ذلك بعضُهم.
وإنما قالَ المصنِّفُ: (وتَصْحَبُ الوَاسِطَ)؛ أي: المتوسِّطَ؛ تنبيهاً على أنها لا تَدْخُلُ على المعمولِ إذا تَأَخَّرَ، فلا تقولُ: (إنَّ زيداً آكِلٌ لَطَعَامَكَ)، وأَشْعَرَ قولُه بأنَّ اللامَ إذا دَخَلَتْ على المعمولِ المتوسِّطِ لا تَدْخُلُ على الخبرِ، فلا تقولُ: (إنَّ زيداً لطَعَامَكَ لآكِلٌ)؛ وذلك من جهةِ أنه خَصَّصَ دخولَ اللامِ بمعمولِ الخبرِ المتوسِّطِ، وقد سُمِعَ ذلك قليلاً، وحُكِيَ من كلامِهِم: (إني لَبِحَمْدِ اللهِ لَصَالِحٌ).
وأشارَ بقولِهِ: (والفصلَ) ([11]) إلى أن لامَ الابتداءِ تَدْخُلُ على ضميرِ الفصلِ، نحوُ: (إنَّ زيداً لهو القائِمُ)، وقالَ اللهُ تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ}، فـ(هذا) اسمُ (إنَّ)، و (هُوَ) ضميرُ الفصلِ، ودَخَلَتْ عليه اللامُ، و(الْقَصَصَ) خبرُ (إِنَّ).
وسُمِّيَ ضميرَ الفصلِ؛ لأنَّه يَفْصِلُ بينَ الخبرِ والصفةِ، وذلكَ إذا قُلْتَ: )زيدٌ هو القائِمُ) فلو لم تَأْتِ بـ(هو) لاحْتَمَلَ أنْ يكونَ (القائِمُ) صفةً لزيدٍ وأنْ يكونَ خبراً عنه، فلَمَّا أَتَيْتَ بـ(هو) تَعَيَّنَ أنْ يكونَ (القائِمُ) خبراً عن زيدٍ.
وشَرْطُ ضميرِ الفصلِ أنْ يَتَوَسَّطَ بينَ المبتدأِ والخبرِ ([12])، نحوُ: (زيدٌ هو القائِمُ)، أو بينَ ما أَصْلُه المبتدأُ والخبرُ، نحوُ: (إنَّ زيداً لهو القائِمُ)، وأشارَ بقولِهِ: (واسماً حَلَّ قَبْلَهُ الخَبَرْ) إلى أنَّ لامَ الابتداءِ تَدْخُلُ على الاسمِ إذا تَأَخَّرَ عن الخبرِ، نحوُ: (إِنَّ في الدارِ لَزَيْداً)، قالَ اللهُ تعالى: {وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ}.
وكلامُه يُشْعِرُ أيضاً بأنه إذا دَخَلَتِ اللامُ على ضميرِ الفصلِ أو على الاسمِ المتأخِّرِ لم تَدْخُلْ على الخبرِ، وهو كذلكَ، فلا تقولُ: (إنَّ زيداً لهو لَقَائِمٌ)، ولا: (إنَّ لفي الدارِ لزيداً)، ومُقْتَضَى إطلاقِه في قَوْلِهِ: إنَّ لامَ الابتداءِ تَدْخُلُ على المعمولِ المتوسِّطِ بينَ الاسمِ والخبرِ - أنَّ كلَّ معمولٍ إذا تَوَسَّطَ جازَ دُخُولُ اللامِ عليه؛ كالمفعولِ الصريحِ، والجارِّ والمجرورِ، والظرفِ، والحالِ، وقد نَصَّ النحْويُّون على منعِ دخولِ اللامِ على الحالِ، فلا تقولُ: (إنَّ زيداً لضاحِكاً رَاكِبٌ).


([1])(بعدَ) ظرفٌ متعلِّقٌ بقَوْلِهِ: تَصْحَبُ الآتي، وبعدَ مضافٌ و(ذاتِ) مضافٌ إليه، وذاتِ مضافٌ و(الكَسْرِ) مضافٌ إليه، (تَصْحَبُ) فعلٌ مضارعٌ، (الخَبَرْ) مفعولٌ به لِتَصْحَبُ مُقَدَّمٌ على الفاعِلِ، (لامُ) فاعلٌ مُؤَخَّرٌ عن المفعولِ، ولامُ مضافٌ و(ابتداءٍ) مضافٌ إليه، (نَحْوُ) خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ؛ أي: وذلك نحوُ، (إنِّي) إنَّ: حرفُ توكيدٍ ونصبٍ، والياءُ التي هي ضميرُ المتكلِّمِ اسمُها، (لَوَزَرْ) اللامُ لامُ الابتداءِ، وهي للتأكيدِ، وَزَرْ: خبرُ إنَّ، ومعناه: المَلْجَأُ الذي يُعْتَمَدُ عليه ويُستعانُ به.

([2])يُشْتَرَطُ في خبرِ إنَّ الذي يَجُوزُ اقترانُ اللامِ به ثلاثةُ شروطٍ، ذَكَرَ المصنِّفُ منها شرطيْنِ فيما يأتي (وانْظُرْ ص 368).
الأوَّلُ: أنْ يكونَ مُؤَخَّراً عن الاسمِ، فإنْ تَقَدَّمَ على الاسمِ لم يَجُزْ دخولُ اللامُ عليه، نحوُ قولِكَ: إنَّ في الدارِ زيداً، ولا فرقَ في حالة تأخُّرِهِ عن الاسمِ بينَ أنْ يَتَقَدَّمَ معمولُه عليه وأنْ يَتَأَخَّرَ عنه، وزَعَمَ ابنُ الناظِمِ أنَّ معمولَ الخبرِ لو تَقَدَّمَ عليه امْتَنَعَ دخولُ اللامِ على الخبرِ، وهو مردودٌ بنحوِ قولِهِ تعالى: {إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ}؛ فقد دَخَلَتِ اللامُ على الخبرِ في أَفْصَحِ الكلامِ معَ تَقَدُّمِ معمولَيْهِ، وهما (بِهِمْ) و(يَوْمَئِذٍ).
الثاني: أنْ يكونَ الخبرُ مُثْبَتاً غيرَ مَنْفِيٍّ، فإنْ كانَ مَنْفِيًّا امْتَنَعَ دخولُ اللامِ عليه.
الثالثُ: أنْ يكونَ الخبرُ غيرَ جملةٍ فعليَّةٍ فِعْلُها ماضٍ متصرِّفٌ، غيرُ مُقْتَرِنٍ بقَدْ، وذلك بأنْ يكونَ واحداً مِن خمسةِ أشياءَ: أَوَّلُها: المفرَدُ، نحوُ: (إنَّ زيداً لقائِمٌ).
وثانيها: الجملةُ الاسميَّةُ، نحوُ: (إنَّ أخاكَ لَوَجْهُهُ حَسَنٌ).
والثالِثُ: الجملةُ الفعليَّةُ التي فِعْلُها مضارِعٌ، نحوُ: (إنَّ زيداً لَيَقُومُ).
والرابِعُ: الجملةُ الفعليَّةُ التي فِعْلُها ماضٍ جامِدٌ، نحوُ: (إنَّ زيداً لَعَسَى أنْ يَزُورَنَا).
والخامِسُ: الجملةُ الفعليَّةُ التي فِعْلُها ماضٍ متصرِّفٌ مقترِنٌ بقدْ، نحوُ: (إنَّ زيداً لقد قامَ).
ثم إذا كانَ الخبرُ جملةً اسميَّةً جازَ دخولُ اللامِ على أوَّلِ جُزْءَيْهَا، نحوُ: (إنَّ زيداً لَوَجْهُه حَسَنٌ)، وعلى الثاني مِنهما نحوُ: (إنَّ زيداً وَجْهُهُ لَحَسَنٌ)، ودُخُولُها على أوَّلِ الجُزْءَيْنِ أَوْلَى، بل ذَكَرَ صاحِبُ (البَسيطِ) أنَّ دُخُولَها على ثانيهما شاذٌّ.

([3]) هذا البيتُ مِمَّا ذَكَرَ النُّحاةُ أنه لا يُعْرَفُ له قائِلٌ، ولم أَجِدْ أَحَداً ذَكَرَ صَدْرَه قبلَ الشارِحِ العلاَّمَةِ، بل وَقَفْتُ على قولِ ابنِ النحَّاسِ: (ذَهَبَ الكُوفِيُّونَ إلى جوازِ دخولِ اللامِ في خبرِ لَكِنَّ، واسْتَدَلُّوا بقَوْلِهِ:
* ولكِنَّنِي مِن حُبِّهَا لَعَمِيدُ *

والجوابُ: أنَّ هذا لا يُعْرَفُ قائلُه ولا أَوَّلُه، ولم يُذْكَرْ مِنه إلا هذا، ولم يُنْشِدْه أحدٌ ممَّن وُثِّقَ في العربيَّةِ، ولا عُزِيَ إلى مشهورٍ بالضبطِ والإتقانِ). اهـ كلامُه.
ومِثلُه للأَنْبَارِيِّ في (الإنصافِ) (214)، وقالَ ابنُ هِشامٍ في (مُغْنِي اللَّبِيبِ): (ولا يُعْرَفُ له قائلٌ، ولا تَتِمَّةٌ، ولا نَظِيرٌ). اهـ.
ولا نَدْرِي أَرِوَايَةُ الصدرِ على هذا الوجهِ ممَّا نَقَلَه الشارِحُ العلاَّمَةُ، أم وَضَعَه مِن عِنْدِ نَفْسِه، أم ممَّا أَضَافَه بعضُ الرُّوَاةِ قديماً لِتَكْمِيلِ البيتِ غيرَ مُتَدَبِّرٍ لِمَا يَجُرُّه هذا الفعلُ مِن عدمِ الثِّقَةِ، وإذا كانَ الشارِحُ هو الذي رَوَاهُ فمِن أيِّ المصادرِ؟ معَ تضافُرِ العلماءِ مِن قبلِه ومِن بعدِه على ما ذَكَرْنَا مِن أنه لا يُعْرَفُ أوَّلُه.
اللغةُ: (عَمِيدُ) مِن قولِهم: عَمَدَهُ العِشْقُ، إذا هَدَّهُ، وقيلَ: إذا انْكَسَرَ قَلْبُه مِن المَوَدَّةِ.
الإعرابُ: (يَلُومُونَنِي) فعلٌ مضارِعٌ مرفوعٌ بثُبُوتِ النونِ، وواوُ الجماعةِ فاعلٌ، والنونُ للوقايةِ، والياءُ مفعولٌ به، والجملةُ في محلِّ رفعٍ خبرٌ مُقَدَّمٌ، وهذا إذا جَرَيْنَا على اللغةِ الفُصْحَى، وإلاَّ فالواوُ حرفٌ دالٌّ على الجمعِ، وعَوَاذِلِي: هو فاعلُ يَلُومُ، وهذه لغةُ (أَكَلُونِي البَرَاغِيثُ).
وقولُه: (في حُبِّ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بيَلُومُ، وحُبِّ مضافٌ و(ليلَى) مضافٌ إليه، (عواذلي) مبتدأٌ مُؤَخَّرٌ على الفُصْحَى، (ولَكِنَّنِي) لَكِنَّ: حرفُ استدراكٍ ونصبٍ، والنونُ للوقايةِ، والياءُ اسمُه، (مِن حُبِّهَا) الجارُّ والمجرورُ متعلِّقٌ بقولِهِ: (عَمِيدُ) الآتي، وحبِّ مضافٌ وها: مضافٌ إليه، (لَعَمِيدُ) اللامُ لامُ الابتداءِ، أو هي زائدةٌ على ما سَتَعْرِفُ في بيانِ الاستشهادِ، وعميدُ خَبَرُ لَكِنَّ.
الشاهدُ فيه: قولُه: (لَعَمِيدُ)؛ حيثُ دَخَلَتْ لامُ الابتداءِ ـ في الظاهِرِ ـ على خَبَرِ لَكِنَّ، وجوازُ ذلك هو مَذْهَبُ الكُوفِيِّينَ.
والبَصْرِيُّونَ يَأْبَوْنَ هذا ويُنْكِرُونَه، ويُجِيبُونَ عن هذا البيتِ بأربعةِ أَجْوِبَةٍ:
أَحَدُها: أنَّ هذا البيتَ لا يَصِحُّ، ولم يَنْقُلْه أحدٌ مِن الأَثباتِ، فلا تَثْبُتُ به حُجَّةٌ.
الثاني: ما ذَكَرَه الشارِحُ العلاَّمَةُ مِن أنَّ اللامَ زائدةٌ، ولَيْسَتْ لامَ الابتداءِ.
الثالِثُ: سَلَّمْنَا صِحَّةَ البيتِ، وأنَّ اللامَ فيه للابتداءِ، ولكنَّها لَيْسَتْ داخلةً على خبرِ (لكِنَّ)، وإنما هي داخلةٌ على خبرِ (إنَّ) المكسورةِ الهمزةِ المشدَّدَةِ النونِ، وأصلُ الكلامِ: (ولكِنْ إنني مِن حُبِّهَا لَعَمِيدُ) فحُذِفَتْ همزةُ (إنَّ) تخفيفاً، فاجْتَمَعَ أربعُ نُونَاتٍ؛ إحداهُنَّ نونُ (ولكِنْ)، واثنتانِ نُونَا (إنَّ)، والرابعةُ نونُ الوقايةِ، فحُذِفَتْ واحدةٌ منهنَّ، فبَقِيَ الكلامُ على ما ظَنَنْتَ.
الرابعُ: سَلَّمْنَا أنَّ هذا البيتَ صَحِيحٌ، وأنَّ اللامَ هي لامُ الابتداءِ، وأنها داخلةٌ على خبرِ لَكِنَّ، ولكنَّنا لا نُسَلِّمُ أنَّ هذا مما لا يَجُوزُ القياسُ عليه، بل هو ضرورةٌ وَقَعَتْ في هذا البيتِ بخصوصِه، والبيتُ المفرَدُ والبيتانِ لا تُبْنَى عليهما قاعدةٌ.
والتخريجانِ الثالثُ والرابعُ مُتَحَتِّمَانِ فيما ذَكَرَه الشارِحُ مِن الشواهِدِ (100، 101)، وما نَذْكُرُه مِن قولِ كُثَيِّرٍ في شرحِ الشاهدِ الآتي، وكذلكَ في قولِ الآخَرِ:
أَمْسَى أَبَانُ ذَلِيلاً بعدَ عِزَّتِهِ = وما أبانُ لَمِنْ أَعْلاَجِ سُودانِ

([4]) حَكَى العَيْنِيُّ أنَّ هذا البيتَ مِن أبياتِ (الكِتابِ)، ولم يَنْسُبُوهُ إلى أحدٍ، وأَنْشَدَهُ أبو حَيَّانَ في (التَّذْكِرَةِ) مُهْمَلاً أيضاًً، وأَنْشَدَه ثَعْلَبٌ في أمالِيهِ، وأَنْشَدَه أبو عليٍّ الفارِسِيُّ، وأَنْشَدَهُ أبو الفَتْحِ ابنُ جِنِّيٍّ، ولم يَنْسُبْه أحدٌ مِنهم إلى قائلٍ معيَّنٍ، وقدْ رَاجَعْتُ كِتابَ سِيبَوَيْهِ لأُحَقِّقَ ما قالَه العَيْنِيُّ فلم أَجِدْه بينَ دَفَّتَيْهِ.
اللغةُ: (عَجَالَى) جمعُ عَجْلاَنَ ـ كسَكْرَانَ وسَكَارَى ـ ومن العلماءِ مَن يَرْوِيهِ: (عِجَالاً) بكسرِ العينِ على أنه جمعُ عَجُلٍ ـ بفتحٍ فضمّ،ٍ مِثْلُ رَجُلٍ ورِجَالٍ ـ ومنهم [مَن] يَرْوِيه: (سِرَاعاً) على أنه جمعُ سَريعٍ، (كيفَ سَيِّدُكُمْ) رُوِيَ في مكانِه: (كيفَ صَاحِبُكُمْ)، وقولُه: (مَن سَأَلُوا) يُرْوَى هذا الفعلُ بالبناءِ للمعلومِ، على أنَّ جملةَ الفعلِ وفاعلِه لا محَلَّ لها؛ صلةُ الموصولِ، والعائدُ محذوفٌ، وتقديرُ الكلامِ: فقالَ الذي سَأَلُوه، ويُرْوَى ببناءِ الفعلِ للمجهولِ، على أن الجملةَ صلةٌ، والعائدُ للموصولِ هو واوُ الجماعةِ، وكأنه قالَ: فقالَ الذين سُئِلُوا، (مَجْهُودَا) نالَ مِنه المَرَضُ والعِشْقُ حتى أَجْهَدَاه وأَتْعَبَاهُ.
الإعرابُ: (مَرُّوا) فعلٌ وفاعلٌ، (عجَالَى) حالٌ، (فقالوا) فعلٌ وفاعلٌ، (كيفَ) اسمُ استفهامٍ خبرٌ مُقَدَّمٌ، (سَيِّدُكُمْ) سيِّدُ: مبتدأٌ مُؤَخَّرٌ، وسيِّدُ مضافٌ، والضميرُ مضافٌ إليه، والجملةُ من المبتدأِ والخبرِ في محلِّ نصبٍ مقولُ القولِ، (قالَ) فعلٌ ماضٍ، (مَن) اسمٌ موصولٌ وفاعلُ قالَ، (سَأَلُوا) فعلٌ وفاعلٌ، والجملةُ لا مَحَلَّ لها؛ صِلَةُ الموصولِ، والعائدُ محذوفٌ؛ أي: سَأَلُوه، وقد بَيَّنَّا أنه يُرْوَى بالبناءِ للمجهولِ؛ وعليه يكونُ العائدُ هو واوَ الجماعةِ التي هي نائبُ الفاعلِ، ويكونُ الشاعرُ قد رَاعَى معنَى مَن، (أَمْسَى) فعلٌ ماضٍ ناقصٌ، واسمُه ضميرٌ مستترٌ فيه جَوَازاً تَقْدِيرُهُ هو يعودُ إلى سَيِّدُكُم، (لَمَجْهُودَا) اللامُ زائدةٌ، (مَجْهُودَا) خبرُ أَمْسَى، وجملةُ أَمْسَى ومَعْمُولَيْهَا مقولُ القولِ في محَلِّ نَصْبٍ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (لَمَجْهُودَا)؛ حيثُ زِيدَتِ اللامُ في خبرِ (أَمْسَى)، وهي زيادةٌ شاذَّةٌ، ومثلُ هذا قولُ كُثَيِّرِ عَزَّةَ:
وما زِلْتُ مِنْ لَيْلَى لَدُنْ أَنْ عَرَفْتُهَا = لَكَالْهَائِمِ الْمُقْصَى بِكُلِّ سَبِيلِ
حيثُ زادَ اللامَ في خبرِ (زالَ)، وهو قولُه: (لَكَالْهَائِمِ) زيادةً شاذَّةً، وفي ذلكَ رَدٌّ لِمَا زَعَمَ الكُوفِيُّونَ مِن أنَّ اللامَ الداخِلَةَ في خبرِ لكِنَّ في قولِ الشاعِرِ:
* ولَكِنَّنِي مِنْ حُبِّهَا لَعَمِيدُ *
هي لامُ الابتداءِ، وحاصِلُ الردِّ عليهم بهذين الشاهديْنِ أنَّا لا نُسَلِّمُ أنَّ اللامَ التي في خبرِ لَكِنَّ هي ـ كما زَعَمْتُم ـ لامُ الابتداءِ، بل هي لامٌ زائدةٌ مُقْحَمَةٌ اقْتَرَنَتْ بخبرِ لَكِنَّ؛ بدليلِ أنَّ مثلَ هذه اللامِ قد دَخَلَتْ على أخبارٍ قد وَقَعَ الإجماعُ مِنَّا ومِنكم على أنَّ لامَ الابتداءِ لا تَقْتَرِنُ بها؛ كخبرِ أَمْسَى وخبرِ زالَ في البيتيْنِ.

([5]) نَسَبَ جماعةٌ هذا البيتَ ـ ومِنهم الصَّاغَانِيُّ ـ إلى عَنْتَرَةَ بنِ عَرُوسٍ مولى بَنِي ثَقِيفٍ، ونَسَبَه آخرونَ إلى رُؤْبَةَ بنِ العَجَّاجَ، والأوَّلُ أكثرُ وأَشْهَرُ، ورَوَاهُ الجَوْهَرِيُّ.
اللغةُ: (الحُلَيْسِ) هو تَصْغِيرُ حِلْسٍ، والحِلْسُ ـ بكسرٍ فسكونٍ ـ كِساءٌ رَقِيقٌ يُوضَعُ تحتَ البَرْذَعَةِ، وهذه الكُنْيَةُ في الأصلِ كُنْيَةُ الأَتَانِ ـ وهي أُنْثَى الحِمارِ ـ أَطْلَقَها الراجِزُ على امرأةٍ؛ تَشبيهاً لها بالأتانِ، (شَهْرَبَهْ) بفتحِ الشينِ والراءِ، بينَهما هاءٌ ساكنةٌ، والمرادُ بها ههنا الكبيرةُ الطاعنةُ في السِّنِّ، (تَرْضَى مِن اللحْمِ) (مِن) هنا بمعنى البَدَلِ، مِثْلُها في قَوْلِهِ تعالى: {لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلاَئِكَةً}؛ أي: بَدَلَكُم، وإذا قَدَّرْتَ مُضافاً تَجُرُّه بالباءِ، وجَعَلْتَ أصلَ الكلامِ: تَرْضَى من اللحمِ بلحمِ عَظْمِ الرقبةِ ـ كانَتْ (مِن) دالَّةً على التبعِيضِ.
الإعرابُ: (أُمُّ) مبتدأٌ، وأمُّ مضافٌ (والحُلَيْسِ) مضافٌ إليه، (لَعَجُوزٌ) خبرُ المبتدأِ، (شَهْرَبَهْ) صفةٌ لعَجُوزٌ، (تَرْضَى) فعلٌ مضارعٌ، وفاعلُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه جَوَازاً تَقْدِيرُهُ هي يعودُ إلى أُمُّ الحُلَيْسِ، والجملةُ صفةٌ ثانيةٌ لِعَجُوزٌ، (مِن اللَّحْمِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بتَرْضَى، (بعَظْمِ) مِثْلُه، وعظمِ مضافٌ و(الرقبةِ) مضافٌ إليه.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (لَعَجُوزٌ) حيثُ زادَ اللامَ في خبرِ المبتدأِ، والذَّهابُ إلى زيادةِ اللامِ أحدُ تَخريجاتٍ في هذا البيتِ، ومنها أنَّ (عَجُوزٌ) خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ كانَتِ اللامُ مقترنةً به، وأصلُ الكلامِ على هذا: أُمُّ الحُلَيْسِ لهي عجوزٌ... إلخ، فحُذِفَ المبتدأُ، فاتَّصَلَتِ اللامُ بخبرِه، وهي في صدرِ المذكورِ مِن جُملتِها، وقد مَضَى بَحْثُ ذلك في بابِ المبتدأِ والخبرِ (انْظُرْ ما تَقَدَّمَ لنا ذِكْرُه في شرحِ الشاهِدِ رَقْمِ 53).
ومِثْلُ هذا البيتِ قولُ أبي عَزَّةَ عَمْرِو بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُثْمَانَ يَمْدَحُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكانَ قدِ امْتَنَّ عليه يَوْمَ بَدْرٍ:
فَإِنَّكَ مَنْ حَارَبْتَهُ لَمُحَارَبٌ = شَقِيٌّ وَمَن سَالَمْتَهُ لَسَعِيدُ.
الشاهِدُ في قَوْلِهِ: (مَن حَارَبْتَهُ لَمُحَارَبٌ)، وفي قولِه: (مَن سَالَمْتَهُ لَسَعِيدُ)؛ فإنَّ (مَن) اسمٌ موصولٌ مبتدأٌ في الموضعيْنِ، وقد دَخَلَتِ اللامُ على خَبَرِه في كلٍّ مِنهما.

([6])(ولا) نافيَةٌ، (يَلِي) فعلٌ مضارعٌ، (ذِي) اسمُ إشارةٍ مفعولٌ به لِيَلِي مُقَدَّمٌ على الفاعلِ، (اللامَ) بَدَلٌ أو عَطْفُ بيانٍ مِن اسمِ الإشارةِ، أو نَعْتٌ له، (مَا) اسمٌ موصولٌ فاعلُ يلي، (قد) حرفُ تَحْقِيقٍ، (نُفِيَا) نُفِيَ: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ للمجهولِ، والألِفُ للإطلاقِ، ونائبُ الفاعلِ ضميرٌ مستترٌ فيه جَوَازاً تَقْدِيرُهُ هو يعودُ إلى ما الموصولةِ، والجملةُ لا مَحَلَّ لها صِلَةُ الموصولِ، (ولا) الواوُ عاطفةٌ، لا: نافيةٌ، (مِن الأفعالِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ حالٍ مِن ما الآتيةِ، (ما) اسمٌ موصولٌ معطوفٌ على (ما) الأولَى، (كَرَضِيَا) قُصِدَ لفظُه: جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بفعلٍ محذوفٍ، تَقَعُ جُمْلَتُه صِلَةَ (ما) الثانيةِ.
وتقديرُ البيتِ: ولا يلي هذه اللامَ اللفظُ الذي تَقَدَّمَتْهُ أداةُ نفيٍ، ولا الماضي الذي يُشْبِهُ رَضِيَ حالَ كونِه مِن الأفعالِ، (وانْظُرْ ما ذَكَرْناه في ص 362).

([7])(قد) حَرْفُ تقليلٍ، (يَلِيهَا) يَلِي: فعلٌ مضارعٌ، وفاعلُه ضميرٌ مستترٌ فيه جَوَازاً تَقْدِيرُهُ هو يعودُ إلى الماضي المُعَبَّرِ عنه بقولِه: (ما كَرَضِيَ)، وها: ضميرٌ عائدٌ إلى اللامِ مفعولٌ به لِيَلِي، (مَعَ) ظرفٌ متعلِّقٌ بمحذوفٍ حالٍ مِن فاعلِ يَلِي، ومعَ مضافٌ و(قد) قُصِدَ لفظُه: مضافٌ إليه، (كإِنَّ) الكافُ جارَّةٌ لقولٍ محذوفٍ، إنَّ: حرفُ تأكيدٍ ونَصْبٍ، (ذَا) اسمُ إشارةٍ: اسمُ إنَّ، (لقد) اللامُ لامُ التأكيدِ، وقد: حرفُ تحقيقٍ، (سَمَا) فعلٌ ماضٍ، وفاعلُه ضميرٌ مستترٌ فيه جَوَازاًتَقْدِيرُهُ هو يعودُ إلى اسمِ الإشارةِ، والجملةُ خبرُ إنَّ في محلِّ رفعٍ، (على العِدَا) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بسَمَا، (مُسْتَحْوِذَا) حالٌ مِن الضميرِ المستَتِرِ في (سَمَا).

([8]) البيتُ لأبي حِزَامٍ ـ غالِبِ بنِ الحَارِثِ ـ العُكْلِيِّ.
اللغةُ: (إنَّ) إذا جَرَيْتَ على ما هو الظاهِرُ فالهمزةُ مكسورةٌ؛ لأنَّ اللامَ في خَبَرِها، وإذا جَعَلْتَ اللامَ زائدةً فَتَحْتَ الهمزةَ، والأوَّلُ أَقْرَبُ؛ لأنَّ الذي يُعَلِّقُ (أَعْلَمُ) عن العملِ هو لامُ الابتداءِ، لا الزائدةُ، (تَسْلِيماً) أرادَ به التسليمَ على الناسِ، أو تسليمَ الأمورِ إلى ذَوِيهِ وعدمَ الدخولِ فيما لا يَعْنِي، (تَرْكاً) أرادَ به: تَرْكَ ما عَبَّرَ عنه بالتسليمِ.
الإعرابُ: (أَعْلَمُ) فعلٌ مضارعٌ، وفاعلُه ضميرٌ مستترٌ فيه وُجُوباً تَقْدِيرُهُ أنا، (إنَّ) حرفُ توكيدٍ ونصبٍ، (تَسْلِيماً) اسمُه، (وتَرْكاً) معطوفٌ عليه، (لَلاَ مُتَشَابِهَانِ) اللامُ لامُ الابتداءِ، أو زائدةٌ على ما سَتَعْرِفُ، ولا: نافيةٌ، ومتشابهانِ: خبرُ إنَّ، (ولا) الواوُ عاطفةٌ: ولا: زائدةٌ لتأكيدِ النفيِ، (سَوَاءُ) معطوفٌ على خبرِ إنَّ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (للا مُتَشَابِهَانِ)؛ حيثُ أَدْخَلَ اللامَ في الخبرِ المنفيِّ بلا، وهو شاذٌّ، وقدِ اخْتَلَفَ العلماءُ في رِوايةِ صَدْرِ هذا البيتِ:
فظاهِرُ كلامِ الرَّضِيِّ ـ وهو صريحُ كلامِ ابنِ هِشامٍ ـ أنَّ همزةَ إنَّ مكسورةٌ؛ لوجودِ اللامِ في خَبَرِها.
قالَ ابنُ هِشامٍ: (إنَّ بالكسرِ لدخولِ اللامِ على الخَبَرِ). اهـ. وهذا مبنيٌّ على ما هو الظاهِرُ من أنَّ اللامَ لامُ الابتداءِ. كما ذَكَرْنَا لكَ في لغةِ البيتِ.
وذَهَبَ ابنُ عُصْفُورٍ، تَبَعاً للفَرَّاءِ، إلى أنَّ الهمزةَ مفتوحةٌ، ومَجَازُه عندَنا أنه اعْتَبَرَ اللامَ زائدةً، وليسَتْ لامَ الابتداءِ.
فإذا جَعَلْتَ همزةَ إنَّ مكسورةً، على ما هو كلامُ ابنُ هِشامٍ وهو الذي يَجْرِي عليه كلامُ الشارِحِ ههنا ـ كانَ في البيتِ شذوذٌ واحدٌ، وهو دخولُ اللامِ على خبرِ إنَّ المنفيِّ.
وإذا جَرَيْتَ على كلامِ ابنِ عُصْفُورٍ، فإنِ اعْتَبَرْتَ اللامَ لامَ الابتداءِ، كانَ في هذا الشاهدِ شُذُوذَانِ: أَحَدُهما: دخولُ اللامِ على خبرِ أنَّ المفتوحةِ، وثانيهما: دُخُولُها على خبرِ أنَّ المنفيِّ.
ويُخَلِّصُ من هذا كلِّه أنْ نَعْتَبِرَ اللامَ زائدةً، كما اعْتَبَرُوها كذلك في الشواهدِ السابقةِ.
وقالَ ابنُ جِنِّيٍّ: (إنما أَدْخَلَ اللامَ، وهي للإيجابِ، على لا، وهي للنفيِ مِن قِبَلِ أنه شَبَّهَ لا بغَيْر، فكأنَّه قالَ: لِغَيْرِ مُتَشَابِهَيْنِ، كما شَبَّهَ الآخَرَ ما التي للنفيِ بما التي بمعنَى الذي في قَوْلِهِ:
لَمَا أَغْفَلْتُ شُكْرَكَ فَاجْتَنِبْنِي = فكيفَ ومِن عَطَائِكَ جُلُّ مَالِي
ولم يَكُنْ سَبِيلِ اللامِ المُوجِبَةِ أنْ تَدْخُلَ على ما النافيةِ لولا ما ذَكَرْتُ لكَ مِن الشَّبَهِ). انْتَهَى كلامُه.

([9])(وتَصْحَبُ) الواوُ عاطفةٌ، تَصْحَبُ: فعلٌ مضارعٌ، وفاعلُه ضميرٌ مستترٌ فيه جَوَازاً تَقْدِيرُهُ هي يعودُ إلى اللامِ، (الوَاسِطَ) مفعولٌ به لِتَصْحَبُ، (مَعْمُولَ) بدلٌ مِنه، أو حالٌ منه، ومعمولَ مضافٌ و(الخَبَرْ) مضافٌ إليه، (والوَصْلَ) معطوفٌ على الواسِطَ، (واسْماً) معطوفٌ على الواسِطَ أيضاًً، (حَلَّ) فعلٌ ماضٍ، (قَبْلَهُ) قَبْلَ: ظرفٌ متعلِّقٌ بحَلَّ، وقبلَ مضافٌ والضميرُ الذي للغائبِ العائدُ إلى قولِه: (اسْماً) مضافٌ إليه، (الخَبَرْ) فاعلٌ لِحَلَّ، والجملةُ من الفعلِ والفاعلِ في محلِّ نصبٍ نَعْتٌ لِقَوْلِهِ: (اسْماً).

([10])يُشْتَرَطُ لدخولِ اللامِ على معمولِ الخبرِ أربعةُ شروطٍ:
الأوَّلُ: أنْ يكونَ هذا المعمولُ مُتَوَسِّطاً بينَ ما بعدَ إنَّ، سواءٌ أكانَ التالي لإنَّ هو اسْمَهَا، كما في مثالِ الشارِحِ، أم كانَ التالي لإنَّ هو خَبَرَها الظرفَ أو الجارَّ والمجرورَ، نحوُ: (إنَّ عندي لفي الدارِ زَيداً)، أم كانَ التالي لها مَعْمُولاً آخَرَ للخبرِ المُؤَخَّرِ، نحوَ: (إنَّ عندي لفي الدارِ زَيْداً جالِسٌ)، ويَشْمَلُ كلَّ هذه الصورِ قَوْلُ الناظِمِ: (الواسِطَ معمولَ الخبرْ)، وإنْ كانَ تفسيرُ الشارِحِ قد قَصَرَه على صورةٍ واحدةٍ منها.
الشرطُ الثاني: أنْ يكونَ الخبرُ مما يَصِحُّ دخولُ اللامِ عليه، وهذا يُسْتَفَادُ مِن قولِ الناظِمِ: (معمولَ الخبَرْ) فإنَّ ألْ في الخبرِ للعهدِ الذِّكْرِيِّ، والمعهودُ هو الخبرُ الذي تَدْخُلُ اللامُ عليه، والذي بَيَّنَه وذَكَرَ شُرُوطَه فيها قبلَ ذلك.
الشرطُ الثالِثُ: ألاَّ تكونَ اللامُ قدْ دَخَلَتْ على الخبرِ، وهذا الشرطُ الذي بَيَّنَ الشارِحُ أنَّ كلامَ الناظِمِ يُشْعِرُ به، وقد بَيَّنَ أيضاً وجهَ إشعارِ كلامِه به.
الشرطُ الرابِعُ: ألاَّ يكونَ المعمولُ حالاً ولا تَمْيِيزاً، فلا يَصِحُّ أنْ تقولَ: (إنَّ زيداً لراكِباً حاضِرٌ)، ولا تقولَ: (إنَّ زيداً لَعَرَقاً يَتَصَبَّبُ)، وقدْ نَصَّ الشارِحُ على الحالِ، ونَصَّ غيرُه على التمييزِ، وزادَ أبو حَيَّانَ: ألاَّ يكونَ المعمولُ مَفْعُولاً مُطْلَقاً، ولا مفعولاً لأَجْلِهِ، فعندَه لا يجوزُ أنْ تقولَ: (إنَّ زيداً لَركوبَ الأميرِ راكبٌ)، ولا أنْ تقولَ: (إنَّ زيدًا لَتَأْدِيباً ضارِبٌ ابنَه)، واسْتَظْهَرَ جماعةٌ عدمَ صِحَّةِ دخولِ اللامِ على المُسْتَثْنَى مِن الخبرِ، ولا على المفعولِ معَه، وإنْ كانَ المتقدِّمُونَ لم يَنُصُّوا على هذيْن.

([11])البَصْرِيُّونَ يُسَمُّونَه (ضميرَ الفصلِ)، ووجهُ تَسْمِيَتِه بذلك ما ذَكَرَه الشارِحُ، ومن العلماءِ مَن يُسَمِّيهِ (الفَصْلَ)، كما قالَ الناظِمُ: (والفَصْلَ)، والكُوفِيُّونَ يُسَمُّونَه (عِمَاداً)، ووجهُ تَسْمِيَتِهم إيَّاه بذلك أنه يُعْتَمَدُ عليه في تأدِيَةِ المعنى المرادِ، وقدِ اخْتَلَفُوا فيه: أهو حرفٌ أم اسمٌ؟ وإذا كانَ اسماً فهل له مَحَلٌّ من الإعرابِ أم لا مَحَلَّ له من الإعرابِ؟ وإذا كانَ له مَحَلٌّ من الإعرابِ فهل مَحَلُّه هو مَحَلُّ الاسمِ الذي قبلَه أم مَحَلُّ الاسمِ الذي بعدَه؟ فالأكثرونَ على أنه حَرْفٌ وُضِعَ على صورةِ الضميرِ وسُمِّيَ (ضميرَ الفصلِ)، ومن النُّحاةِ مَن قالَ: هو اسمٌ لا مَحَلَّ له من الإعرابِ. ومِنهم مَن قالَ: هو اسمٌ مَحَلُّه مَحَلُّ الاسمِ المتقدِّمِ عليه، فهو في مَحَلِّ رفعٍ إذا قُلْتَ: (زيدٌ هو القائِمُ)، أو قُلْتَ: (كانَ زيدٌ هو القائِمَ)، وفي مَحَلِّ نصبٍ إذا قلتَ: (إنَّ زيداً هو القائِمُ)، ومنهم مَن قالَ: هو اسمٌ مَحَلُّه مَحَلُّ الاسمِ المتأخِّرِ عنه، فهو في مَحَلِّ رفعٍ في المثاليْنِ الأوَّلِ والثالثِ، وفي مَحَلِّ نصبٍ في نحوِ قولِهِ تعالى: {كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ}.

([12])يُشْتَرَطُ في ضميرِ الفصلِ ـ بقَطْعِ النظرِ عن كونِه بينَ مَعْمُولَي إنَّ ـ أربعةُ شروطٍ:
الأوَّلُ: أنْ يَقَعَ بينَ المبتدأِ والخبرِ، أو ما أَصْلُهُما ذلكَ، وقد ذَكَرَ الشارِحُ هذا الشرطَ.
الشرطُ الثاني: أنْ يكونَ الاسمانِ اللذانِ يَقَعُ بينَهما مَعْرِفَتَيْنِ، نحوُ: (إنَّ مُحَمَّداً هو المُنْطَلِقُ)، أو أَوَّلُهما معرفةً حقيقةً وثانيهما يُشْبِهُ المعرفةَ في عدمِ قَبُولِه أداةَ التعريفِ كأَفْعَلِ التفضيلِ المقترِنِ بمِن، نحوُ: (محمدٌ أفضلُ مِن عمرٍو).
الشرطُ الثالِثُ: أنْ يكونَ ضميرُ الفَصْلِ على صيغةِ ضميرِ الرفعِ؛ كما في هذه الأمثلةِ.
الشرطُ الرابِعُ: أن يُطَابِقَ ما قبلَه في الغَيْبَةِ أو الحضورِ، وفي الإفرادِ أو التثنيَةِ أو الجمعِ، نحوُ قولِهِ تعالى: {كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ}، فأنتَ للخِطَابِ، وهو في الخِطَابِ، وفي الإفرادِ كما قبلَه، ونحوُ: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ}، فنحنُ للتكلُّمِ كما قبلَه.


  #3  
قديم 20 ذو الحجة 1429هـ/18-12-2008م, 01:39 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني


183 - وَبَعْدَ ذَاتِ الكَسْرِ تَصْحَبُ الخَبَرْ = لَامُ ابْتِدَاءٌ نَحْوُ: إِنِّي لَوَزَرْ
(وَبَعْدَ ذَاتِ الكَسْرِ تَصْحَبُ الخَبَرْ) جوازًا (لَامُ ابْتِدَاءٍ نحوُ: إِنِّي لَوَزَرْ) أيْ: مَلْجَأٌ وكانَ حقُّ هذهِ اللامِ أنْ تدخلَ على أوَّلِ الكلامِ لأنَّ لها الصدْرَ لكنْ لَمَّا كانتْ للتأكيدِ و"إنَّ" للتأكيدِ كرِهُوا الجمعَ بينَ حرفَيْنِ لِمَعْنًى واحدٍ فزَحْلَقُوا اللامَ إلى الخبَرِ.
[اقْترانُ خبرِ "إنَّ" باللامِ]:
تَبْيِنهٌ: اقتضَى كلامُهُ أنَّها لا تصحَبُ خبرَ غيرِ "إنَّ" المكسورةِ وهو كذلك وما وَرَدَ من ذلك يُحْكَمُ فيهِ بزيادتِها فمِنْ ذلك قراءةُ بعضِ السلَفِ (إِلَّا أنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ) بفَتْحِ الهمزةِ وأجازَهُ المُبَرِّدُ، وما حكاهُ الكُوفِيُّونَ مِن قولِهِ [مِنَ الطَّوِيلِ]:
265 - يَلُومُونَنِي فِي حُبِّ لَيْلَى عَوَاذِلِي = وَلَكِنَّنِي مِنْ حُبِّهَا لَعَمِيدُ
ومنهُ قولُهُ [مِنَ الرَّجَزِ]:
266 - أُمُّ الحُلَيْسِ لَعَجُوزٌ شَهْرَبَهْ = تَرْضَى مِنَ اللَّحْمِ بِعَظْمِ الرَّقَبَهْ
وقولُهُ [مِنَ البَسِيطِ]:
267 - مَرُّوا عَجَالَى فَقَالُوا: كَيْفَ صَاحِبُكُمْ؟ = فَقَالَ مَنْ سُئِلُوا أَمْسِى لَمَجْهُودَا
وقولُهُ [مِنَ الطَّوِيلِ]:
268 - وَمَا زِلْتُ مِنْ لَيْلَى لَدُنْ أَنْ عَرَفْتُهَا = لَكَالهَائِمِ المُقْصَى بِكُلِّ مُرَادِ
وقولُهُ [مِنَ البَسِيطِ]:
269 - أَمْسَى أَبَانُ ذَلِيلًا بَعْدَ عِزَّتِهِ = وَمَا أَبَانُ لَمِنْ أَعْلَاجِ سُودَانِ
184 - وَلَا يَلِي ذِي اللَّامُ مَا قَدْ نُفِيَا = وَلَا مِنَ الأَفْعَالِ مَا كَرَضِيَا
185 - وَقَدْ يَلِيهَا مَعَ قَدْ كَـ "إِنَّ ذَا = لَقَدْ سَمَا عَلَى العِدَا مُسْتَحْوِذَا"
(وَلَا يَلِي ذِي اللَّامُ مَا قَدْ نُفِيَا). ذِي: إشارةٌ واللامُ: نُصِبَ بالمفعولِيَّةِ و"مَا" مِن قولِهِ: "مَا قَدْ نُفِيَا" في موضعِ رفْعٍ بالفاعليَّةِ أي: لا تَدخلُ هذه اللَّامُ على منْفِيٍّ إلَّا ما نَدَرَ من قولِهِ [مِنَ الوَافِرِ]:
270 - وَأَعْلَمُ إِنَّ تَسْلِيمًا وَتَرْكَا = لَلَا مُتَشَابِهَانِ وَلَا سَوَاءُ
(وَلَا) يليهَا أيضًا (مِنَ الأَفْعَالِ مَا كَرَضِيَا) ماضٍ متصَرِّفٌ غيرُ مقرونٍ بـ"قَْ" فَلَا يقالُ: "إنَّ زيْدًا لَرَضِيَ" وأجازَهُ الكِسَائِيُّ وهِشامٌ فإنْ كانَ الفعلُ مضارعًا دخلتْ عليهِ متصرِّفًا كانَ نحوُ: "إنَّ زيدًا لَيَرْضَى" أو غَيْرَ متصَرِّفٍ نحوُ: "إنَّ زيدًا ليَذَرُ الشَّرَّ".
وظاهرُ كلامِهِ جوازُ دخولِ اللامِ على الماضِي إذا كانَ غَيْرَ متصَرِّفٍ ؛ نحوُ: "إنَّ زيدًا لَنِعْمَ الرجُلُ"، أو "لَعَسَى أنْ يقُومَ" وهو مَذْهَبُ الأَخْفَشِ والفَرَّاءِ؛ لأنَّ الفعلَ الجامدَ كالاسمِ، والمنقولُ عَن سِيبَوَيْهِ إنَّهُ لَا يُجِيزُ ذلك فإنَّ اقترانَ الماضِي المتَصَرِّفِ بـ "قَدْ" جَازَ لدُخولِ اللامِ عَليهِ؛ كما أشارَ إليهِ بقولِهِ:
(وَقَدْ يَلِيهَا مَعَ قَدْ كَإِنَّ ذَا = لَقَدْ سَمَا عَلَى العِدَا مُسْتَحْوِذًا)
لأنَّ "قَدْ" تُقَرِّبُ الماضِيَ من الحالِ فأَشْبَهَ حينئذٍ المضارِعَ وَليسَ جوازُ ذلك مخصوصًا بتقديرِ اللامِ للقَسَمِ خِلافًا لصاحبِ (الترشيحِ) وقدْ تقدَّمَ أنَّ الكِسَائِيَّ وهِشَامًا يُجِيزانِ "إنَّ زيدًا لَرَضِيَ" وَليسَ ذلك عندَهُما إلا إضْمارَ "قدْ" واللامُ عندَهُما لامُ الابتداءِ أمَّا إذَا قُدِّرَتِ اللامُ للقَسَمِ فإنَّهُ يجُوزُ بلا شرطٍ ولو دخلَ على "إنَّ" ـ والحالةُ هذهِ ـ ما يَقتضِي فتْحَهَا فُتحتْ معَ هذه اللام نحوُ: "عَلِمْتُ أَنَّ زَيْدًا لَرَضِيَ".
186 - وَتَصْحَبُ الوَاسِطَ مَعْمُولَ الخَبَرْ = وَالفَصْلَ وَاسْمًا حَلَّ قَبْلَهُ الخَبَرْ
(وَتصْحَبُ) هذه اللامُ أعْنِي لامَ الابتداءِ أيضًا (الواسِطَ) بينَ اسم ِِ"إنَّ" وخبرِها (معمولَ َالخبرِِ) بشرطِِ كونِِ الخبِِر صالحًا لها ، نحوَ: "إن زيدًا لَعَمْرًا ضاربٌ" فَإِِنْ لم يكنِِ الخبرُ صالحًا لها لم يجُز دخولُها على معمولِِه المتوسِّطِِ. نحو: "إِِنَّ زيدًا عمرًا ضَرَب"َ لأنَّ دخولَها على المعمولِِ فرعُ دخولِِها على الخبرِ ،ِ وبِِشَرْطِِ أن لا يكونَ ذلك المعمولُ حالًا فإنْ كانَ حالاً لم يجُزْ دخلُوها عليهِ فلا يجوزُ: "إِِنَّ زيدًا لراكبًا منطلِِقٌ" واقتضى كلامُه أنها لا تصحَبُ المعمولَ المُتَأَخِِّرَ فلا يجوزُ: "إِِنَّ زيدًا ضاربٌ لَعمرًا" "و" تصحبُ أيضًا (الفصلَ) وهو الضميرُ المسمَّى عمادًا نحوَ { إنَّ هَذَا لَهُوَ القَصَصُ الحَقُّ } إذا لم يعرِِبْ "هو" مبتدأٌ (و) تصحبُ (اسمًا) لأنَّ (حلَّ قبلَه الخبرُ) نحو: " إِِنَّ عندَك لبَِرًّا" { وَإِِنَّ لَكَ لَأَجْرًا} وفي معنى تَقَدُّمِِ الخبرِِ تَقَدُّمِِ معمولِِه نحو: " إِِنَّ في الدارِِ لزيدًا قائمٌ".

  #4  
قديم 20 ذو الحجة 1429هـ/18-12-2008م, 01:40 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


دُخولُ لامِ الابتداءِ على الخبرِ
182- وبعدَ ذاتِ الكسْرِ تَصْحَبُ الْخَبَرْ = لامُ ابتداءٍ نحوُ إنِّي لوَزَرْ
لامُ الابتداءِ هي لامٌ مفتوحةٌ يُؤْتَى بها لقَصْدِ التوكيدِ، سُمِّيَتْ بذلك لكَثرةِ دُخُولِها على المبتدأِ أو ما أَصْلُه الْمُبتدأُ؛ كقولِه تعالى: {لأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ}، وقولِه تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى}، وتَدخُلُ هذه اللامُ بعدَ (إنَّ) المكسورةِ على أربعةِ أشياءَ:
1- الخبرِ، 2- معمولِ الخبرِ، 3- الاسمِ، 4- ضميرِ الفَصْلِ.
وسيَأتِي تفصيلُ ذلك إنْ شاءَ اللهُ.
ولا تَدخُلُ هذه اللامُ على باقي أَخَوَاتِ (إنَّ) وما وَرَدَ مِن دُخُولِها على بعضِها أو دخولِها في خبرِ المبتدأِ أو خبرِ (أَمْسَى) مِن أَخَوَاتِ (كانَ)، فهو محكومٌ عليه بالشذوذِ، فلا يُقاسُ عليه عندَهم.
قالَ الرُّمَّانِيُّ عن ذلك في كتابِه: (معاني الحروفِ): (هذا كُلُّه شاذٌّ، لا يُقاسُ عليه، ولا يُلْتَفَتُ إليه).
وهذا معنى قولِه: (وبعدَ ذاتِ الكسرِ.. إلخ)؛ أيْ: تَصْحَبُ لامُ الابتداءِ (الخبرَ) بعدَ صاحبةِ الكسْرِ، وهي (إنَّ) المكسورةُ، ثم ذَكَرَ المثالَ. ومعنى (لَوَزَرْ)؛ أيْ: حِصْنٌ ومَلْجَأٌ.
شُروطُ دُخولِ اللامِ على الْخَبَرِ


183- لا يَلِي ذي اللامِ ما قدْ نُفِيَا = ولا مِن الأفعالِ ما كَرَضِيَا


184- وقد يَلِيهَا معَ قَدْ كإِنَّ ذَا = لقدْ سَمَا على العِدَا مُسْتَحْوِذَا

يُشترَطُ في دُخولِ لامِ الابتداءِ على خبرِ (إنَّ) المكسورةِ ثلاثةُ شُروطٍ، ذَكَرَ منها شَرطينِ:
الأوَّلُ: أنْ يكونَ مُثْبَتًا، فإنْ كانَ مَنفِيًّا لم تَدْخُلْ عليه اللامُ.
نحوُ: إنَّ الْمُخْلِصَ لا يَرْضَى بالإهمالِ، قالَ تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا}.
الثاني: أنْ يكونَ الخبرُ غيرَ جُملةٍ فِعْلِيَّةٍ، فِعْلُها ماضٍ مُتَصَرِّفٌ غيرُ مُقْتَرِنٍ بـ (قد)، فهذه ثلاثةُ أوصافٍ للفِعْلِ الذي لا تَدْخُلُ عليه اللامُ:
الأوَّلُ: ماضٍ. الثاني: مُتَصَرِّفٌ. الثالثُ: غيرُ مُقْتَرِنٍ بقَدْ، نحوُ: إنَّ العِتابَ نَفَعَ. فلا يَصِحُّ دخولُ اللامِ على الخبرِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ.
قالَ تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا}.
فإنْ كانَ الفعْلُ مُضارِعًا جازَ دُخولُ اللامِ عليه، نحوُ: إنَّ المالَ بالصَّدَقَةِ ليَزْكُو، قالَ تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ}.
وكذا إنْ كانَ الفعْلُ ماضِيًا غيرَ مُتَصَرِّفٍ، نحوُ: إنَّ الحاكمَ العادِلَ لنِعْمَ القائدُ. أو كانَ مُقْتَرِنًا بقدْ، نحوُ: إنَّ عمرَ لقد عَدَلَ.
وكذا تَدْخُلُ اللامُ إذا كانَ الخبرُ مُفْرَدًا، نحوُ: إنَّ الكَذِبَ لَمَمْقُوتٌ، قالَ تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ}، أو كانَ شِبْهَ جُملةٍ، نحوُ: إنَّ العِزَّ لفي طاعةِ اللهِ. قالَ تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}. أو جُملةً اسْمِيَّةً، نحوُ: إنَّ الإسلامَ لَرَايَتُه عاليةٌ، قالَ تعالى: {وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ} على رأيِ مَن يُعْرِبُ (نحنُ) مُبتدأً وما بعدَه خَبَرٌ، والجملةُ خبرُ (إنَّ).
الشرْطُ الثالِثُ: أنْ يكونَ الخبرُ متَأَخِّرًا عن الاسمِ؛ كما في الأمثلةِ، فلا يَجُوزُ دُخولُها في مِثْلِ: إنَّ فيكَ إنصافًا، وإنَّ عندَكَ أدَبًا؛ وذلك لتقَدُّمِ الخبرِ، ولم يَذْكُرِ ابنُ مالكٍ هذا الشرْطَ.
وإلى ما مَضَى أشارَ بقولِه: (ولا يَلِي ذي اللامِ ما قدْ نُفِيَا.. إلخ)؛ أي: لا يَقَعُ بعدَ لامِ الابتداءِ الخبرُ الْمَنْفِيُّ، ولا الخبرُ إذا كان جُملةً فِعْلِيَّةً فِعْلُها ماضٍ؛ كـ (رَضِيَ)، وقد يَلِي الفعْلُ الماضي هذه اللامَ إذا اقْتَرَنَ بـ (قدْ)، مِثلُ: إنَّ هذا لقد سَمَا على العِدَا مُستحْوِذًا؛ أي: مُستولِيًا على ما يُريدُ.
دُخولُ اللامِ على المعمولِ والاسمِ وضميرِ الفعْلِ


185- وَتَصْحَبُ الواسِطَ مَعمولَ الْخَبَرْ = والفصْلَ واسْمًا حَلَّ قَبْلَه الْخَبَرْ

ذَكَرَ في هذا البيتِ الثلاثةَ الباقيةَ التي تَدْخُلُ عليها لامُ الابتداءِ، وهي: معمولُ الخبرِ، وضَميرُ الفَصْلِ، والاسمُ.
أمَّا معمولُ الخبرِ فتَدخُلُ عليه بأربعةِ شُروطٍ:
الأوَّلُ: أنْ يَتَوَسَّطَ بينَ اسمِ (إنَّ) وخَبَرِها، نحوُ: إنَّ الشدائدَ صانعةٌ أبطالاً، فنقولُ: إنَّ الشدائدَ لأبطالاً صانِعَةٌ. فلو تَأَخَّرَ المعمولُ لم تَدْخُلْ عليه.
الثاني: أنْ يكونَ الخبرُ ممَّا يَصِحُّ دُخولُ اللامِ عليه؛ كما في الْمِثالِ، فلا يَجُوزُ أنْ تَقولَ: إنَّ الشدائدَ لَأَبطالاً صَنَعَتْ؛ لأنه ماضٍ.
الثالثُ: ألاَّّ تكونَ اللامُ قد دَخَلَتْ على الخبرِ، فلا تقولُ: إنَّ الشدائدَ لَأبطالاً لصَانِعَةٌ. وقد سُمِعَ ذلك قليلاً؛ فقد حُكِيَ مِن كلامِ العرَبِ: (إني لبِحَمْدِ اللهِ لصالِحٌ).
الرابعُ: ألاَّ يكونَ حالاً ولا تَمييزًا؛ لعَدَمِ السماعِ.
وقد صَرَّحَ الناظمُ بالشرْطِ الأوَّلِ في قولِه: (وَتَصْحَبُ الواسِطَ مَعمولَ الْخَبَرْ)؛ أيْ: تَصْحَبُ لامُ الابتداءِ معمولَ الخبرِ المتوَسِّطَ بينَ اسمِ (إنَّ) وخبرِها.
وممَّا تَدْخُلُ عليه لامُ الابتداءِ (ضميرُ الفَصْلِ): وهو ضميرٌ يُذْكَرُ بينَ المبتدأِ والخبرِ، أو ما أصْلُه المبتدأُ والخبرُ، سُمِّيَ بذلك؛ لأنه يَفْصِلُ، أيْ: يُمَيِّزُ بينَ الخبرِ والصفةِ، فإذا قلتَ: عُمَرُ هو العادِلُ. تَعَيَّنَ أنْ يكونَ العادلُ خَبَرًا، ولو لم تَأْتِ بالضميرِ لاحْتَمَلَ أنْ يكونَ (العادلُ) صِفةً، وأنْ يكونَ خبرًا.
وتَدخُلُ عليه اللامُ في هذا البابِ بلا شَرْطٍ، لكِن إذا دَخَلَتِ اللامُ عليه لم تَدْخُلْ على الخبرِ، نحوُ: إنَّ الدنيا لهي الفَانِيَةُ، وإنَّ الآخِرَةَ لهي الباقيَةُ، قالَ تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}.
وممَّا تَدْخُلُ عليه اللامُ اسمُ (إنَّ)، بشَرْطِ أنْ يَتَأَخَّرَ عن الخبرِ، نحوُ: إنَّ في حوادثِ الدهْرِ لعِبْرَةً، قالَ تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ}، وإذا دَخَلَتْ على الاسمِ المتأَخِّرِ لم تَدْخُلْ على الخبرِ.
وإلى هذا أشارَ بقولِه: (والفصْلَ واسْماً حَلَّ قَبْلَهُ الْخَبَرْ)؛ أيْ: تَصْحَبُ اللامُ ضميرَ الفَصْلِ واسْماً لإنَّ إذا تَقَدَّمَ عليه الخبرُ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لام, دخول

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:05 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir