دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 ربيع الأول 1441هـ/13-11-2019م, 11:41 PM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي المجلس الخامس: مجلس مذاكرة القسم الرابع من دورة سير أعلام المفسرين

مجلس القسم الرابع من دورة "سير أعلام المفسرين"
لفضيلة الشيخ عبد العزيز الداخل -حفظه الله.


اختر مفسّراً من المفسرين الذين درست سيرهم واكتب عنه رسالة تعريفية مختصرة ( في حدود صفحة إلى ثلاث صفحات ) تبيّن فيها أهم ما ورد في سيرته
والفوائد التي استفدتها من دراستك لسيرته.


- لايسمح بتكرار اختيار المفسر إلا بعد تغطية جميع المفسرين.

تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.

تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17 ربيع الأول 1441هـ/14-11-2019م, 01:26 PM
إنشاد راجح إنشاد راجح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2016
المشاركات: 732
افتراضي

سأكتب بإذن الله تعالى عن الحسن البصري

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 17 ربيع الأول 1441هـ/14-11-2019م, 02:12 PM
عبدالكريم الشملان عبدالكريم الشملان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 680
افتراضي

سأكتب رسالة تعريفية للامام الشعبي

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 18 ربيع الأول 1441هـ/15-11-2019م, 11:09 PM
إنشاد راجح إنشاد راجح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2016
المشاركات: 732
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

" الزاهد المحزون "
الحسن بن أبي الحسن يسار البصري (ت:110 هــ)


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم إلى يوم الدين، أما بعد:
فإني أضع بين يدي قارئ شغوف بمطالعة أخبار السلف وأحوالهم رسالة مختصرة تُعرفه بعالم من علماء الأمة، كان نبراسا في العبادة والزهد، وإني لأرجو أن ينتفع القارئ بها ويسأل الله التوفيق للتأسي بهذا العَلَم.

قال الحسن: ( رحم اللّه عبدًا جعل العيش عيشًا واحدًا، فأكل كسرةً، ولبس خلقًا، ولزق بالأرض، واجتهد في العبادة، وبكى على الخطيئة، وهرب من العقوبة؛ ابتغاء الرّحمة، حتّى يأتيه أجله وهو على ذلك).
ذكره البيهقي في الزهد الكبير.
حول هذا كانت تدور مواعظ ووصايا إمام الزاهدين في زمن التابعين، العالم الفقيه الثابت في زمن الفتن، المُبصِّر بعين البصيرة، إنه الحسن اسما وخَلقا وخُلقا..

ولد الحسن بن أبي الحسن يسار البصري لأبوين أصلهما من العراق، من (ميسان)وهى منطقة واسعة، كثيرة القرى والنخيل، بين البصرة وواسط، ولما فُتحت في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كانا لرجل من الأنصار من بني النجار، فانتقلا إلى المدينة، حيث أراد الله عز وجل أن يجعل المولد والنشأة للشيخ العابد الزاهد.

وكانت ولادة الحسن قبل موت عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعامين، أي عام 21 من الهجرة، وقد أصابته دعوة عمر رضي الله عنه
حين دعا له، فقال: (اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس)، فكان الحسن فقهيا، يحب الناس الجلوس إليه، ويتعلمون من فعله الذي ما خالف قوله، وظهر أثر فقهه في زهده وورعه، فما العلم إلا الخشية، فما أبركها من دعوة، وهى التي دعا بها النبي صلى الله عليه وسلم لحبر الأمة ابن عباس رضي الله عنه فكان ما كان، فقال صلى الله عليه وسلم: (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل)، فتأمل معي حسن تأسي الصحابة رضي الله عنهم بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء لغد الأمة وحماتها، ولتعلم كم فرط اليوم من فرط ممن له ذرية ولا أقول فرط في الدعاء لها بل فيما هو أعظم وهو حسن التربية على منهج السلف.

وكان لنشأة الحسن -رحمه الله- أكبر الأثر فيما بلغه من مكانة بين أئمة الأمة وعلمائها وكيف لا وهو الذي نشأ في بيت أم المؤمنين (أم سلمة) رضي الله عنها، إذ كانت أمه مولاة لها، وقد اعتنت (أم سلمة) رضي الله عنها بالحسن أيما اعتناء، وكانت له بمثابة الوالدة إشفاقا وحنانا، فكانت حين تغيب مولاتها أم الحسن لحاجة تقضيها لها، ويبكي الصغير ويصرخ جوعا تلقمه ثديها فيشرب حتى يرتوي، ولربما سقته مع لبنها من الحكمة التي امتلأ بها بيت النبوة، وكانت رضي الله عنها تخرجه للصحابة وهو صغير فيدعون له، فانظر في حال من يكن ببيت من بيوت النبوة فإنه ينل من خيره بقدر ما شاء الله له أن ينل.
حفظ الحسن القرآن وهو ابن أربع عشرة سنة فامتلأ قلبه نورا، وكان فصيحا بليغا، إذا تكلم تكلم بالحكمة وإذا سكت كان سكوته ورعا، كان يسمع فيحفظ، وكانت له مهابة، وتميز بالمروءة والشجاعة.

وتأمل جيدا في تلك النشأة لتعرف أثرها في حياة إمام الزاهدين، ولتعلم كيف يبلغ الرجال منازل العلماء، فها هو الحسن البصري تلقفته رعاية أم من أمهات المؤمنين، وخالط أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فنهل علما وهديا من نبع صافٍ خلا من الأهواء والبدع، تربى على يد أناس برت قلوبهم فصلحت أعمالهم، فشابه كلامه كلامهم، وكان سمته من سمتهم، وهو من الجيل الذي أتى في الفضل بعدهم، حتى أنه قيل أنه أشبه الناس بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأشبه رأيا بعمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين.
فأتت الصحبة الصالحة بعد النشأة الطيبة، ولا تستغرب فإن الله إذا أراد بعبده خيرا فقهه في الدين وهيأ له من أسباب العناية والولاية ما لا يخطر ببال، فكانت للحسن الولادة والنشأة بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونشر العلم بالبصرة.
وكان الحسن كاتبا للربيع بن زياد الحارثي، والي خراسان، وكان مُقدما في الغزو لشجاعته وبسالته، وولي قاضيا على البصرة بعدما رجع إليها من الغزو، ولم يأخذ أجرا على ذلك، ثم شكا فعزل، وبقي الحسن في البصرة حتى مات بها.

وكان الحسن أجمل الناس وأحسنهم وجها، وأسخى الناس، وأفصحهم، وكان أعلم الناس بالحلال والحرام، رأساً في القرآن وتفسيره، روى عن عدد من الصحابة وروى عنه عدد من التابعين وأتباعهم، وكان مُعظما عند أهل البصرة، كل من رآه انتفع بهديه وسمته، وهو القائ
ل: (إن فضل الفعال على المقال مكرمة، وإن فضل المقال على الفعال منقصة )، وكان يكره أن يثني عليه أحد في وجهه، ويسر بالدعاء له، وكان حليما ورعا تقيا دون تكلف فحق أن يكون حسن الخَلق والخُلق.

اشتهر بالوعظ والتذكير، وكان طويل الحُزن، شديد البكاء، لم يُرى ضاحكا بملء فيه أبدا، قال عنه إبراهيم
بن عيسى اليشكري: (ما رأيت أطول حزنا من الحسن وما رأيته قط إلا حسبته حديث عهد بمصيبة)،وكان إذا قرأ القرآن تحدر دمع عينيه على لحيته، وكان عالما بالفتن، بصيرا بسبل الخروج منها، كأنما يرى بعين قلبه، بل هو من رؤوس العلماء في الفتن والدماء، عاصر أهل الأهواء من الخوارج والقدرية والصوفية، وكان أدرى الناس بهم فسعى في التحذير من شرورهم، ناهيا عن مجالستهم ومجادلتهم.

وموقفه في الفتن موقف المتبصر بالمآلات، الصابر الذي يرى بعين اليقين، فلما خرج ابن الأشعث على الحجاج بن يوسف وحشد الناس لقتاله ووقعت الفتنة العظيمة، ابطأ الحسن حين خف كثير من أهل العلم في زمانه، فمنهم من قُتل ومنهم من تخفى حتى لا يقتل، واعتزل الحسن الفتنة، وحين أتاه جماعة يسألونه عن فعل الحجاج، قال:
( أرى أن لا تقاتلوه؛ فإنها إن تكن عقوبة من الله فما أنتم برادّي عقوبة الله بأسيافكم، وإن يكن بلاء فاصبروا حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين)، وكان الحسن يرى عدم الدخول على الأمراء فإن الدخول عليهم فتنة من أعظم الفتن، فكان يربأ بدينه عن مواطن الفتن ومزالق الشبه.

واعلم أيها القارئ أن سُنة الله أن يكون للحق وأهله أعداءً، يكرهون ما عليه أهل الحق من نصح وخير، ولذا فقد تُكلم في الحسن من أهل البدع، وممن كان في قلبه حسدا، فقد روي عن الحسن مسألة في القدر، وهو برئ مما نسب إليه، بل كان منافحا عن منهج أهل السنة، مقتفيا أثر الصحابة الذين نشأ بينهم وتخلق بخلقهم، وإنما وقع منه كلمة بعدما كبر في القدر ثم تاب منها، بعدما راجعه العلماء في زمنه.
كما أن جواب الحسن عن أسئلة بعض القدرية المجملة المشتبهه حُمل على مذهبهم الباطل، لا على حقيقته، وما يبرئه من القدر ومن كل بدعة ما روي عنه من المرويات الكثيرة في التفسير و الأحكام والوعظ، وهو القائل في قول الله تعالى: {
هاؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه} قال: (إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل وإن المنافق أساء الظن فأساء العمل) رواه أبو نعيم.

وكذلك فإن الحسن اتهم بالإرسال والتدليس في بعض الروايات وتحديثه بالمعاني، فأما الإرسال، فالمرسل ليس بحجة، وقيل أن مراسيل الحسن سببها أنه كان يروي كثيرا منها عن علي بن أبي طالب وكان لا يستطيع أن يصرح باسمه في زمن الحجاج، والصحيح أن الحسن لم يسمع من علي، وقيل أنه إنه كان إذا روى الحديث عن جماعة ترك التصريح بذكر أسمائهم، وكان ابن سيرين يتعجب من فعل الحسن في لتساهله في الأخذ عن كل أحد وكره هذا الفعل.
وأما تدليسه فإنّه كان ربما سمع الحديث من رجل لا يرغب ذكر اسمه لعلّة عارضة، والحديث عنده صحيح المعنى فيعنعن، وربما نسي من حدَّثه به، وأمّا ما صرّح فيه بالتحديث فهو حجة عند أهل الحديث
.
فأما تحديثه بالمعاني فلأنه كان يرى جواز التحديث بالمعنى وأن الاختلاف اليسير في الألفاظ غير المتعمد لا بأس به فكان يزيد في الحديث وينقص منه ولكن المعنى واحد.
ولا يقدح ذلك في الإمام الزاهد الذي اشتهرت مروياته في التفسير، وقد بلغ عدد الرواة عنه في كتب التفسير المسندة نحو مائة وخمسين راوياً، منهم الثقات فمقل ومستكثر ومن الثقات من روى عنه بواسطة لا يذكرونها، وقد روى عنه مجهولو الحال والضعفاء.

قال رجل لابن سيرين: رأيت كأن طائرا آخذا الحسن حصاه في المسجد؛ فقال ابن سيرين: إن صدقت رؤياك مات الحسن. قال:
(فلم يلبث إلا قليلا حتى مات).
فرحل إمام الزاهدين في الدنيا عنها، سنة مائة وعشرة، في يوم الجمعة من شهر رجب، وهو في التاسعة والثمانين، وهو القائل:
(أهينوا هذه الدنيا، فوالله لأهنأ ما تكون إذا أهنتموها) .
ولما نقل خبر موت الحسن إلى ابن سيرين وَجَدَ عليه وقد عُرف ذلك حين أمسك عن الكلام وشحب وجهه.

ومن أحسن ما قيل فيما بلغه الحسن من منازل العلماء قول بكر بن عبد الله المزني، قال:
(من سرَّه أن ينظر إلى أعلم عالم أدركناه في زمانه، فلينظر إلى الحسن، فما أدركنا الذي هو أعلم منه، لَيَتَمَنَّينَّ الذي رآه أنه ازداد من علمه، والذي لم يره أنه رآه).

رحم الله الحسن الذي عاش زاهدا في الدنيا فأتته وهى راغمة، أعزه الله وأعلى ذكره..

ولعلك أيها القارئ قد لامس شغاف قلبك بعض ما قيل من كلامه، أو موقف من مواقفه، أو حتى ما قيل فيه من الشهادة له بالعلم والحكمة والزهد، وأنا لم أنقل لك إلا غيضا من فيض ..
وسأذكر جملة من الفوائد التي وقفت عليها من خلال سيرته..

1. أثر النشأة الطيبة والصحبة الصالحة في تخريج علماء للأمة، وهذه الأمة فيها خير كثير، وما تأخرت إلا بتركها ما كان عليها سلف الأمة من هدي.
2. أهمية الداعية المتبصر في كل زمان، لا سيما في أزمنة تموج فيها الفتن وتعصف بالأمة.
3. أهمية القراءة في كتب السير، فإن لها الأثر في النفوس المتشوفة لقدوات غابت أو تغيبت في ظل استجلاب قدوات تخالف الدين والعرف.
4.وجوب الرجوع إلى العلماء الربانيين، لا سيما عند اختلاط الأمور والتباسها على العامة، ولزوم كلمتهم، فقد ندم من بقي حيا في فتنة ابن الأشعث كونه لم يستمع للحكمة ويلزم رأي الحسن.
5. من صدق الله صدقه الله، وأعلى ذكره في الدنيا وإن كرهها، ووضع له القبول في الأرض بصلاح سريرته.


الحمد لله رب العالمين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 19 ربيع الأول 1441هـ/16-11-2019م, 11:54 PM
عبدالكريم الشملان عبدالكريم الشملان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 680
افتراضي

مجلس القسم الرابع من دورة " سير أعلام المفسرين "
رسالة تعريفية للتابعي الجليل :-
عامر بن شراحيل الشعبي .
هو : عامر بن شراحيل بن عبد بن ذي كبار. ، وذو كبار ، قيل : من أقيال اليمن
كنيته : أبو عمرو ، الهمداني ثم الشعبي"1" ، أحد أئمة الإسلام ، قال عنه الذهبي : رأى علياً ، و صلى خلفه ، وسمع من عدة من كبراء الصحابة ."2"
1- انظر في ذلك :- التاريخ الكبير (6/450) للبخاري ، و سير أعلام النبلاء (4/295) للذهبي ،
2- انظر في ذلك : سير أعلام النبلاء (4/295)
ولد إمامنا الكبير في إمرة عمر بن الخطاب ، لست خلت منها ، و قيل : ولد سنة إحدى وعشرين ، و كانت أمه
من سبي جلولاء ، و كانت الموقعة سنة سبع عشرة هجرية ،"1 "
نشأ رحمة الله نشأة صالحة ، و ترعرع في كنف و الده شراحيل ، برعاية و الدته ،و اهتمامها ،
يذكر ابن سعد في الطبقات أنه كان ضئيل
1- انظر في ذلك : سير أعلام النبلاء ،(4/296) ،ووفيات الأعيان (4/15).
الجسم نحيفاً ، حيث ولد هو و أخ له تؤاماً "1"، ولم يثنيه ذلك عن طلب العلم و السعي
في تحصيله ،حيث حَدَّث عن أكثر من خمسين صحابياً ، تتلمذ عليهم ،منهم : سعد بن أبي وقاص ، و سعيد بن زيد ، و أبي موسى الأشعري و أبي هريرة ..."2"
اشتغل جل حياته بطلب العلم عن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، و نهل من معينهم
1- انظر في ذلك : الطبقات (6/347) لابن سعد .
2- انظر في ذلك : سير أعلام النبلاء (4/295)
حتى حاز قصب السبق في العلم و الأثر ، و قد وثقه ابن حجر ، حيث قال عنه : ثقة مشهور ، فقيه فاضل ، من الثالثة "1"،
كما وثقة يحيى بن معين ،"2" ،قال أبو أسامة " كان مبرزاً في زمانه بين العلماء " ،وكذلك قال عنه : محمد بن شهاب الزهري ، و سفيان بن عيينة "3" ،
وقد اشتهر رحمة الله بسعه علمه ،
1- انظر في ذلك :- التقريب (287) .
2- انظر في ذلك :- تاريخ دمشق (25/354) .
3- انظر في ذلك : تاريخ بغداد (14/143).
وعندما سئل عن ذلك قال :" بنفي الاغتمام و السير في البلاد ، و صبر كصبر الحمار ، و بكور كبكور الغراب "1"،
وقد صحب الخليفة عبدالملك بن مروان ، وسأله ذات مرة : متى يعرف الرجل كمال
عقله ؟ قال : إذا كان حافظاً لسانه ، مداريا أهل زمانه ، مقبلا على شأنه "2 ،
تحلق حوله طلبه العلم من كل فج عميق
1-انظر في ذلك : سير أعلام النبلاء (4/300) .
2- انظر في ذلك : تاريخ دمشق (25 /386).
لينهلوا من علمه الغزير، و يقتدوا بصفاته المميزة ، و يتأدبوا من سمته ، فتوافدوا على الكوفة للتتلمذ على يديه ، قال ابن سيرين " قدمت الكوفة و للشعبي حلقة عظيمة ، و الصحابة يومئذ كثير "1 ، فكان رحمه الله باذلاً للعلم ،
التف حوله الطلاب ، فعلّم الحديث و الفقة و التفسير ، و قد نبغ من طلابة ثلة كبيرة من العلماء ،مثل : حماد ، و أبو إسحق السبيعي ، و مكحول و أبو حنيفة...2"
1- انظر في ذلك :- تاريخ دمشق (25/357) .
2- انظر في ذلك : سير أعلام النبلاء (4/297).
وصفة الإمام البخاري بأنه " إمام حافظ "1" ، حيث تميز بسعة علمه بالحديث ،لأنه لازم الرواة من الصحابة ،و أخذ عنهم ، قال عاصم بن سليمان
" مارأيت أحداً أعلم بحديث الكوفة و البصرة و الحجاز و الآفاق من الشعبي " "2"،
وكان شديد التمسك بالسنة من خلال علمه بها ،و حفظه لها ، قال مكحول " ما رأيت أحداً أعلم بسنة ماضية من الشعبي"3،
1- انظر في ذلك : التاريخ الكبير (6/450) .
2- انظر في ذلك : تاريخ دمشق (25/361) .
3- انظر في ذلك : الطبقات الكبرى (6/266)
وقد وصّي التابعي الجليل محمد بن سيرين أبو بكر الهذلي بأنه إذا دخل الكوفة أن يستكثر من حديث الشعبي
، لأنه كان يسأل وإن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لأحياء "1 ،
عاش ردحاً من زمانه بالكوفة معلماً محدثا سنين طويلة ، تميز بدقة التحديث و جوده الحفظ ، قال نافع مولى ابن عمر
" سمع ابن عمر الشعبي وهو يحدث بالمغازي فقال :" لكأن هذا الفتى شهد معنا "2،
1- انظر في ذلك : تاريخ بغداد(14 /143)
2- انظر في ذلك : المصدر السابق (14/146)
و من صفاته أنه تميز بقوة الحفظ ، و العناية بالأثر ، نقل ابن شبرمة أنه قال : ماكتبت سوداء في بيضاء قط ،وما سمعت من رجل حديثا فأردت أن يعيده عليّ"1،
عُرِف بشدة اتباعه للسنة و اطراحه للرأي المجرد المذموم ، نقل ابن عساكر قول الشعبي :"ما أتاكم عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فخذوا به ، وما جاءكم عن أصحاب الرأي فاطرحوه "2،
1- انظر في ذلك : حلية الأولياء ( 4/321) .
2- انظر في ذلك : تاريخ دمشق (25/370 ).
وقد جعل ذلك معيارا للسعادة أو الشقاوة في الحياة ، قال صالح بن مسلم " قال لي الشعبي " إنما هلكتم بأنكم تركتم الآثار ،و أخذتم بالمقاييس "1
فكان ملازماً للأثر ،متبعاً للدليل من النصوص الشرعية من القرآن الكريم و السنة النبوية ،
وقد أثر ذلك في تشكيل عقليته ،وظهور ألمعيته مع متغيرات الأحوال و تقلبات الزمان ، و ثق فيه الخليفة عبدالملك بن مروان فكان يرسله لشؤون الدولة
1- انظر في ذلك : حلية الأولياء (4/320).

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19 ربيع الأول 1441هـ/16-11-2019م, 11:55 PM
عبدالكريم الشملان عبدالكريم الشملان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 680
افتراضي

وكان لإدراكه أكثر من خمسمائة من الصحابة والتتلمذ على كثير منهم ، ودرس الحديث وحفظة له (1)، أثر في تكوين عقيدته الصافية ،فكان يقول " إن حب أبي بكر وعمر ،ومعرفة فضلهما من السنة "(2) ،فكان محباً للصحابة ،مترحماً عليهم ،بخلاف ما اتهم بذلك من شانئيه ،قال عن عثمان وعلي " أنا ممن يحبهما جميعاً ، ويستغفر لهما جميعاً "(3)
1-انظر في ذلك :سير أعلام النبلاء (301/4)
2- انظر في ذلك : المصدر السابق (305/4) .
3- انظر في ذلك : تاريخ دمشق (371/25).
ومما قال في تبين عقيدته السليمة ،:" اقتصاد في سنة ، خير من اجتهاد في بدعة "(1) ،وعرف بصفاء عقيدته ،وبمناهضة مذهب القدرية ،فكان يقول : اعلم أن ما أصابك من حسنة فمن الله ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك " ،ودعا إلى العقيدة السليمة فكان فكان يقول " أحب أهل بيت نبيك ولاتكن رافضيا ، واعمل بالقرآن ولا تكن حروريا " ،وكان يدعو لطاعة ولي الأمر فقال " أطع الإمام وإن كان عبدا حبشياً (2)
1- انظر في ذلك : تاريخ دمشق (373/25).
2- انظر في ذلك : المصدر السابق ( 380/25).
وقد ظهر أثر عنايته بالحديث من خلال اهتمامه بمسائل الفقه وتفريعاته ، فقد نقل ابن حجر عن مكحول " ما رأيت أفقه منه "(1) ،شهد له القاصي والداني بإمامته بالفقه ،فقال عثمان بن عاصم " ما رأيت أحدا قط كان أفقه من الشعبي " ،وسأله مرة الحجاج بن يوسف عن مسألة في المواريث فذكر له رأي الصحابة في ذلك وفصل فيها "(2) ،
1- انظر في ذلك : التقريب (287).
2- انظر في ذلك : حلية الأولياء (330-325/4).
وكان الناس يسألونه من صلاة العصر إلى المغرب (1) ، وذلك يدل على سعة علمه ، وثقة الناس به ، وعنايته بتصحيح أقوال الناس ، وحبه لبذل العلم ورفع الجهل ،ومع ذلك فقد كان يتورع في العلم ،بأن يقول كثيرا : لا أدري ولا أعلم ، وممن نقل ذلك عنه : عمر بن أبي زائدة ، والصلت بن بهرام (2)،

1- انظر في ذلك : تاريخ بغداد (144/14).
2- انظر في ذلك : تاريخ دمشق (366/25) .
والطبقات الكبرى (263/6).
فكان قوي الحجة ،مستحضرا للدليل ،ملجما للخصوم ،وكان له عناية بالتفسير ،ومن ذلك تفسيره لقوله تعالى " ومعارج عليها يظهرون " قال : الدرج ، " سقفا " قال : الجذوع ، وزخرفا " قال : الذهب "(1)
وقال الشعبي " العلم أكثر من عدد القطر " فخذ من كل شي أحسنه ثم تلا " فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه "(2) .
1- انظر في ذلك : المصنف (232/12) لابن أبي شيبة .
2- انظر في ذلك : حلية الأولياء (316/4).
وقد لاقى من المصائب والسب والشتم ،فكان متصفا بالحلم والأناة ، وكظم الغيظ والصبر، مما زاد من سمعته وفضلة، ذكر محمد بن مزاحم أن رجلا شتمه في ملأ من الناس ،فقال الشعبي : إن كنت كاذبا فغفر الله لك ،وإن كنت صادقا فغفر الله لي " ،
ومن أقواله التي أصبحت أمثالاً تروى وتقال في المجالس ويتحدث الناس بها ،قال :" الفقيه من ورع عن محارم الله ،والعالم من خاف الله " ،
وقال " زين العلم حلم أهله " (1) ،
وقد عاصر الشعبي الحجاج بن يوسف وكان الشعبي ممن خرج مع القراء على الحجاج وشهد " دير الجماجم " ،
1- انظر في ذلك : تاريخ دمشق ( 380/368/25)
وكان ممن أفلت واختفى ، ثم عفى عنه الحجاج "(1)
عمّر رحمه الله طويلا بلغ نحو ثمانين سنه ،توفي بعد المائة (2) ،وقيل مات سنه أربع ومائة "(3)،
كانت وفاته ثلمة أصابت أهل الإسلام في زمانه ،وصلى عليه خلق عظيم ،رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جناته .
1- انظر في ذلك : الطبقات الكبرى (262/6).
2- انظر في ذلك : التقريب (287).
3- انظر في ذلك : التاريخ الكبير (450/6).


الفوائد والفرائد :
1- أن يستغل طالب العلم وجود العلماء في زمانه ،فيطلب منهم العلم ،ويثني الركب لهم .
2- أن يقرن العالم عمله بالحياة من حوله ويوظف علمه في معالجة أمور عصره .
3- أن يناصح العالم الأمراء في عصره ،ويخالطهم من باب إفادتهم ونصحهم وتذكيرهم بشرائع الله وحدوده .
4- أن يبذل طالب العلم علمه ،ويجلس للتعليم وإفادة طلبة العلم مع التواضع لهم واللين .
5- أن يتصف العالم بالتواضع والتورع عن قول مالا يعلم ،لئلا يحمل ذمته مالا يطيق .
6- أن يبذل العالم جهده وما استطاع من وسعه في معاشرة الناس والعمل على مخالطتهم وإصلاحهم والاطلاع على خفايا أمورهم ومؤشرات أحوالهم .
7- الحرص على اتباع السنة وحفظ الأثر لما له من أثر في صحة المعتقد وسلامة المنهج .
8- أهمية الإحاطة والتعمق بعلم الأثر والحديث ،واقتران ذلك بالفهم والفقه ،وأثر ذلك على اتضاح المقصد الصحيح والسلامة من الانحراف الفكري.
9- الحذر من اتباع الهوى وضرورة اطراحة ونبذة والتعنيف على من اتصف به أو سلك مسالكه ،ورام مهالكة.
10- أهمية الاتصاف بالخلق الحسن والتواضع والحلم وحسن الرد على من أخطأ.
11- أهمية اقتران العلم بالعمل والاستمرار على ذلك.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 20 ربيع الأول 1441هـ/17-11-2019م, 02:13 AM
حليمة السلمي حليمة السلمي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Feb 2017
المشاركات: 321
افتراضي

سأكتب بعون الله تعالى عن مجاهد بن جبر رحمه الله تعالى

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 20 ربيع الأول 1441هـ/17-11-2019م, 03:55 AM
حليمة السلمي حليمة السلمي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Feb 2017
المشاركات: 321
افتراضي

أبو الحجاج مجاهد بن جبر المكي: (ت 103هـ)
ثقة إمام في التفسير والفقه رحمه الله تعالى
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد،
فهذه رسالة وجيزة بألفاظ وعبارات مختصرة ، لكنها عظيمة القدر والمنزلة في بابها؛ لأنها تحمل أخبارًا من سيرة مباركة لإمام وشيخ القراء والمفسرين مجاهد بن جبر رحمه الله تعالى وأعلى منزلته في جنات النعيم، فأقول مستعينة بالله تعالى:
اسمه وكنيته:
مجاهد بن جبر ويكنى بأبي الحجاج، مولى لقيس بن السائب المخزومي، عاش في مكة فنسب إليها.
ولادته:
ولد رحمه الله تعالى في خلافة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، سنة إحدى وعشرين من الهجرة النبوية الشريفة.
طلبه للعلم:
كان مشمّراً في طلب العلم، والإقبال على شأنه حتى وصف كأنّه رجل أضلّ دابّته فهو يطلبها، ونشر علم التفسير نشراً لم يبلغه غيره؛ وقد لازم عبد الله ابن عباس رضي الله عنه مدة طويلة، وأخذ منه علماً غزيراً؛ حتى عُدّ من أعلم الناس بالتفسير، وروى عنه القرآن والتفسير وأخذ عنه الفقه.
كما أخذ العلم وروى عن طائفة من الصحابة رضوان الله تعالى عنهم:
أبي هريرة، وعائشة، وسعد بن أبي وقاصٍ، وعبدالله بن عمرٍو، وابن عمر، ورافع بن خَديجٍ، وأم كرزٍ، وجابر بن عبدالله، وأبي سعيدٍ الخدري، وغيرهم.
وأخذ العلم كذلك عن أقرانه وبعض التابعين، ومنهم:
سعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير، والشعبي، وطاووس،، وابن أبي السائب القرشي وأبي بكر بن عبدالرحمن المخزومي ، وغيرهم.
تلاميذه:
قرأ عليه القرآن جماعة من التابعين وتابعيهم، منهم أئمة القراءات : ابن كثيرٍ، والدوري، وأبو عمرو بن العلاء، وابن محيصن.
وروى عنه الحديث : من أقرانه عكرمة، وطاوسٌ، وعطاءٌ وروى عنه عمرو بن دينارٍ، وأبو الزبير، والحكم بن عتيبة، ومنصور بن المعتمر، وسليمان الأعمش، وأيوب السَّختياني، وابن عونٍ، وعمر بن ذر، وقتادة بن دعامة، والفضل بن ميمونٍ، وإبراهيم بن مهاجرٍ، وحميدٌ الأعرج، وبكير بن الأخنس، وسليمان الأحول، وعبدالكريم الجزري، وأبو حصينٍ، والعوام بن حوشبٍ، وفطر بن خليفة، والنضر بن عربي، وخلقٌ كثيرٌ.
وقد اعتمد البخاري رحمه الله تعالى في كتابه الصحيح على تفسير مجاهد بن جبر رحمه الله ؛ فأكثر من ذكر أقواله في تفسير بعض الآيات، فربما ذكر الإسناد إليه، وربما علّق التفسير عن مجاهد، وربما ذكر قوله دون نسبة.
مجاهد إمام التفسير:
كان رحمه الله تعالى عالما بالقرآن و التفسير وأحكامه وآدابه، وكان له تفسير كثير لآيات الأحكام، كما كان من أهل الفتوى في زمانه.
قال ابن أبي مليكة: (رأيت مجاهدًا يسأل ابن عباسٍ عن تفسير القرآن ومعه ألواحه فيقول له ابن عباسٍ: اكتب، قال: حتى سأله عن التفسير كله).رواه ابن جرير.
قال مجاهد رحمه الله تعالى عن نفسه:
(لقد عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات أقف عند كل آية أسأله فيم أنزلت، وفيم كانت؟). رواه الدارمي وابن جرير.
وعن حبيب بن صالح قال: سمعت مجاهدا يقول: (استفرغ علمي القرآن). ذكره الذهبي.
وقال: صحبت عبدالله بن عمر، وإني أريد أن أخدمه، فكان هو يخدمني". ذكره أبو نعيم في حلية الأولياء.
لكن في تفسيره شيء يسير من الإسرائيليات، لأنه ربما روى عن تبيع بن عامر الحميري ابن امرأة كعب الأحبار؛ فوافق تفسيره التفسير المروي عن كعب الأحبار؛ فيعلّ بذلك.
ورواة التفسير عن مجاهد رحمه الله تعالى على خمس طبقات:
الطبقة الأولى:
أصحابه وطلابه الذين سمعوا منه التفسير أو سألوه عنه فأجابهم فرووا عنهم، وقد كتب بعضهم عنه رحمه الله تعالى، قال عبيدٌ المكتب: «رأيتهم يكتبون التفسير عند مجاهدٍ» رواه الدارمي.
ومن هذه الطبقة ما يلي: عمرو بن دينار، ومنصور بن المعتمر، والقاسم بن أبي بزة، والحكم بن عتيبة، وعبد الله بن كثير، وابن أبي نجيح، وعبيد المكتب، وإسحاق بن يحيى بن طلحة، وعبدة بن أبي لبابة، والعوام بن حوشب، وعثمان بن الأسود، وأبان بن صالح بن عمير، وعمر بن ذر، وخصيف، وغيرهم كثير.
الطبقة الثانية:
الذين سمعوا منه شيئا يسيرا، ومنهم المكثر والمقل في الرواية.
فمن المكثرين: ابن جريج وأكثر روايته عنه عن طريق أصحابه ابن أبي نجيح وغيره، ويرسل عنه كثيراً.
ومن المقلين: يونس بن أبي إسحاق، وأبو بشر اليشكري، والأعمش، ومنهم من لم يسمع منه إلا أربعة أحاديث كالأعمش، ذكر ذلك الترمذي عن البخاري في كتابه العلل الكبير.
الطبقة الثالثة:
الذين أرسلوا عنه وقد كان يمكنهم السماع منه؛ لكن روايتهم عنه منقطعة، ومن هؤلاء: قتادة، وسعيد بن أبي عروبة.
الطبقة الرابعة:
الذين لم يسمعوه ولم يدركوه، بل سمعوا بعض أصحابه فأرسلوا عنه، أو رووا عنه بالوجادة، ومنهم: سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وعلي بن أبي طلحة، ومعمر بن راشد، وزهير بن محمد التميمي، ومقاتل بن سليمان.
الطبقة الخامسة:
طبقة الضعفاء من أصحاب مجاهد وبعضهم متهم بالكذب، ومن هؤلاء: ليث بن أبي سليم، وأبي سعد روح بن جناج المدني، وثوير بن أبي فاختة، وجابر بن يزيد الجعفي، ويزيد بن أبي زياد الكوفي، والمثنّى بن الصباح اليماني، وغالب بن عبيد الله الجزري.
ورواية هؤلاء إذا كانت من غير طريق المتهمين بالكذب وكان الإسناد متصلاً؛ فإنّها تعتبر في التفسير؛ فإن كان المتن غير منكر تساهل المفسّرون في قبولها، وأما إن كان المتن منكراً أو مخالفاً لما صحّ عن مجاهد فتردّ.
نماذج مما روي عنه رحمه الله:
1. عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال ابن عباس: «أمره أن يسبح، في أدبار الصلوات كلها»، يعني قوله: {وأدبار السجود} رواه البخاري.
2. عن شعبة، عن أبي بشر، عن مجاهد، في قوله: {وما تغيض الأرحام وما تزداد} قال: ما ترى من الدم، وما تزداد على تسعة أشهر). رواه ابن جرير.
3. عن ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، ألا تراه يقول: افعل وافعل , ويقول: {واسجد واقترب}). رواه ابن جرير.
التفسير المنسوب إلى مجاهد رحمه الله تعالى:
كان التفسير في القرن الأول يكتب على صحف صغيرة، تفسّر فيها الآية بعد الآية في جزء صغير، ولم يدون في التفاسير المطوّلة، أو تفسير على السور كاملة.
لذلك لم يعتد كثير من أهل العلم بالصحيفة التي رويت عن مجاهد في التفسير، والتي طبعت باسم تفسير مجاهد؛ وسموها باسم الذي رواها " تفسير آدم ابن إياس"
وهذه الصحيفة يرويها عبد الرحمن بن الحسن الهمذاني (ت:356هـ) وهو مضعف، عن الحافظ إبراهيم بن الحسين ابن ديزيل (ت: 281هـ) عن آدم بن أبي إياس العسقلاني (ت:221هـ)، و كانت لدى ابن ديزيل، ولم يروها؛ فوجدها عبد الرحمن بن الحسن وحدّث بها، وفيها آثار يرويها آدم بن أبي إياس عن غير مجاهد كأبي هريرة وأنس والحسن البصري وسعيد بن جبير وعكرمة وقتادة، لكن أكثر ما روى فيها عن مجاهد.
قال أهل العلم: رواية بالوجادة لا يحتجّ بها، لكن يُستفاد منها في المتابعات والشواهد؛ لأن منها ما هو موافق لما في كتب التفسير المشهورة من الطرق المروية بها.
ثناء أهل العلم والفضل عليه رحمه الله تعالى:
قال أبو بكر الحنفي: سمعت سفيان الثوري يقول: (إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به). رواه ابن جرير.
قال قتادة بن دعامة: إن أعلم من بقي بالحلال والحرام الزهريُّ، وأعلم من بقي بالقرآن مُجاهِد، يعني التفسير. ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق.
قال الأعمش: كان مُجاهِد كأنه حمالٌ، فإذا نطق خرج مِن فِيهِ اللؤلؤُ. ذكره الذهبي في السير.
وفاته:
مات رحمه الله تعالى وهو ساجد خلف المقام، سنة 103هـ وهو قول الأكثرين، وقيل: سنة 104هـ.
قال ابن سعد في الطبقات:
توفي مُجاهِد بن جَبْرٍ بمكة وهو ساجدٌ، سنة أربعٍ ومائةٍ، .بلغ مُجاهِد يوم مات ثلاثًا وثمانين سنةً.

من الفوائد المستقاة من سيرة الإمام مجاهد رحمه الله تعالى:
1. حرصه الشديد على طلب العلم وملازمته لشيوخه وقد أثمر ذلك عن علم غزير وأدب عظيم.
2. اجتهاده رحمه الله تعالى في العبادة وزهده في الدنيا، وإقباله على ما ينفعه في آخرته من طلب العلم وتبليغه.
3. البعد عن الرياء والسمعه في طلب العلم والحذر من الشهرة كما قال رحمه الله تعالى" (لا تنوهوا بي في الخلق).
4. تصحيح النية في طلب العلم ومجاهدة النفس في تصفيتها ، وعدم الإصغاء لوسوسة الشيطان في ذلك، واستمداد العون من الله تعالى.
5. الأخذ بأصول العلوم كلها، ثم استفراغ الجهد والطاقة في علم مخصص ؛ ليتمكن الطالب في نفسه وينفع غيره بشكل كبير.

والله أعلم.

وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله رب العالمين.
وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 20 ربيع الأول 1441هـ/17-11-2019م, 09:39 AM
رشا عطية الله اللبدي رشا عطية الله اللبدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 340
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
أيها القارئ الكريم : إنه إن يكن لك علاقة بشئ من علم التفسير ، فلابد أنه مر عليك اسمه مرات عدة ،عند ذكر أقوال السلف تلك الكوكبة من المفسرين التي لم يكن مثلها في زمان غير زمانهم ، ، اسم يجعلك تحيط قوله بهالة من الاعتناء والاهتمام والتأمل ، لقد قال عن نفسه : «ما في القرآن آية إلا قد سمعت فيها بشيء»" .هل سألت نفسك وأنت تقرأ في تفسير الطبري أو ابن كثير أو غيرهم من هو قتادة بن دعامة ؟
إن كان ما تعلمه عنه أنه عالم مفسر جليل ، وأن لأقواله نور يشبه نور من امتلئ بالحق فهو أكثر من ذلك ، إنه محل حديث العلماء وعجبهم في زمانه ، أبهر العلماء بقوة حفظه وضبطه ، وسرده للمسائل قل من استطاعه ، أعمى البصر ليس بأعمى البصيرة ، رزقه الله قوة في قلبه فكان وعاء من أوعية العلم ، كيف وهو القائل : " ما سمعت اذناي شيئا قط إلا وعاه قلبي " وهو القائل أيضا : " وما قلت لأحد قط أعد علي " .فكان شاكرا لهذه النعمة مجتهدا في بذلها لله وكتابه ،كثير التنقل بين مجالس العلماء ،ومع هذا كان رأسا في العربية، والغريب، وأيام العرب، وأنسابها، ولد بالبصرة قيل سنة واحد وستين وقيل سنة واحد وستين ، وهو زمن العلم والعلماء وتمجيدهم زمن تلاميذ الصحابة الذين تربوا على أيديهم ،بل كان من حسن صنيع الله فيه أن جعله تلميذ لخادم النبي صلى الله عليه وسلم أنس ابن مالك رضي الله عنه ، ذلك الصحابي الذي كان أعظم همه أن ينشر ميراث النبي صلى الله عليه وسلم في الأمة ، فلازمه في البصرة وأخذ من علمه شئياً كثيرا وحفظ منه أحاديث كثيرة فلم يكن بينه وبين عذب حديث النبي وصوته إلا رجل ، ثم جالس الحسن البصري ملازمة طويله وأخذ من علمه وفقه علما غزيرا وتأثر بقصصه ومواعظه ، ثم بقي بعض المسائل الشائكة التي تحتاج السماع لأكثر من عالم فارتحل إلى المدينة ليسمع من سعيد بن المسيب أحد فقهاء المدينة السبعة ، وسأله وأكثر من مسألته ، وكان محل اعجابه في ظبطه ونباهته .
ولما لم يكن أحد معصوم من البشر إلا الأنبياء ومحمد ، وقع قتادة في خطأ وزلل في أحد أقواله خالف به منهج السنة والجماعة ، وهو قوله : " كل شيء بقدر إلا المعاصي " مع اعترافه أنها بعلم الله ، وهو قول أقل بكثير من قول القدرية ، قال العجلي: (وكان يقول بشيء من القدر، وكان لا يدعو إليه، ولا يتكلم فيه).والعلماء من أهل السنة والجماعة مع اعتراضهم على قوله وردهم له لا ينكرون فضله وعلمه ، ومكانته في الدين وهو زلل يغفره له كثير محاسنه ، فهو صدوق عدل وعالم فاضل ،بل كان شديد التحذير من الفتن والأهواء حريصا على لزوم الجماعة قال أبو عوانة، عن قتادة قال: ( كان المؤمن لا يرى إلا في ثلاث مواطن: في مسجد يعمره، أو بيت يستره، أو حاجة لا بأس بها
-
- وقال أبو هلال، عن قتادة قال: «إنما حدث هذا الإرجاء بعد هزيمة ابن الأشعث». لأن في زمانه ظهرت فرقة الإرجاء فهو يحذر منها
.وانتقد أيضا قتادة بقولهم أنه مدلس ، وهو إسقاط رجل في الإسناد قد يكون ضعيفا ويسند القول لمن فوقه ، وذلك حين يكون في الحديث معنى يريد توصيله ولا يكون فيه مخالفة للدين ، لكن تلاميذه كانوا يعرفون ذلك منه ، وكانوا يعلمون متى يكتبون عنه ومتى يتوقفون عن الكتابة فإذا أراد جد انتباههم واصغائهم أسند القول ،ومما انتقد أيضا به قتادة التحديث عن بعض الضعفاء والتحديث عن الضعفاء لم يكد يسلم منه إلا قلّة من المحدّثين؛ فإنّ الضعيف قد يشتبه أمره على المحدّث ويقدّم حسن الظنّ به مع ما يرى من ظاهر حسن، وبعض الضعفاء يكون ضعفهم من جهة ضعف ضبطهم مع صلاح حالهم.
توفى بواسط في الطاعون، وهو ابن ست أو سبع وخمسين، بعد موت الحسن بسبع سنين واختلف في سنة وفاته فقيل مات سنة مائة وسبعة عشر وقيل مات سنة مائة وثمانية عشر .

من مروياته في التفسير: - قال سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة في قوله تعالى: {وهو ألد الخصام} يقول: (شديد القسوة في معصية الله، جَدِلٌ بالباطل، وإذا شئت رأيته عالم اللسان جاهل العمل، يتكلم بالحكمة، ويعمل بالخطيئة). رواه ابن جرير.
- وقال شعبة: سمعت قتادة يحدّث عن زرارة بن أوفى، عن عبد الله بن مسعود في هذه الآية: {يوم يأتي بعض آيات ربك} قال: (طلوع الشمس من مغربها). رواه ابن جرير في تفسيره، وأبو القاسم البغوي في الجعديات.
- وقال سعيد، عن قتادة: ({إني جاعلك للناس إماما} قال: يقتدى بهداك وسنتك). رواه أبو القاسم البغوي في الجعديات


الفوائد التي استفدتها من سيرة قتادة بن دعامة :
1) إذا أراد الله أن يفتح باب من أبواب فضله على عبده لم يكن لشئ أن يمنع عنه هذا الفضل ، فهذا قتادة بن دعامة ضرير البصر ينتقل ويجد في طلب العلم يتنقل بين البلدان
2) من شكر النعمة استخدامها في طاعة الله ، فهذا قتادة أعطاه الله قوة حفظ فاستخدمها في طلب العلم ونشره
3) أهمية العلم وشرفه قال قتادة : «باب من العلم يحفظه الرجل لصلاح نفسه، وصلاح من بعده أفضل من عبادةِ حول».
4) تقييد العلم بالكتابة يقول قتادة : وما يمنعك أحد أن تكتب، وقد أنبأك اللطيف الخبير أنه قد كتب!! وقرأ: {في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى}

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 3 ربيع الثاني 1441هـ/30-11-2019م, 10:15 PM
صالحة الفلاسي صالحة الفلاسي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Feb 2017
المشاركات: 242
افتراضي

أبو بكر محمد بن سيرين البصري الأنصاري ت: 110هـ
اسمه وكنيته ونشأته:
هو محمد بن سيرين البصري الأنصاري ، ويكنى أبا بكر ، ولد محمد عام 33 هجري في المدينة قبل موت عثمان بن عفان رضي الله عنه بسنتين ، ويرجع أصل من بلدة عين التمر وهي بلدة غربي الكوفة حيث كانا والديه من سبي خالد بن الوليد لهذه البلدة ، كان سيرين والد محمد ولى لأنس بن مالك وأمة مولاة لأبي بكر.
نشأ محمد بن سيرين في المدينة وكانت لنشأته هذه دوا كبيرا في الأخذ من علم الصحابة وسمتهم وأدبهم. يقول ابن حبان: رأي ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم أنه ارتحل إلى الكوفة وتعلم من كبار أصحاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعبدالله بن مسعود ، ثم رحل إلى المدائن فسمع من الزبير وارتحل إلى مصر ثم استقر به الأمر في البصرة.
علمه وفضله:
محمد بن سيرين من علماء التابعين وعبادهم ، فقيها مفسرا ، حافظا ثبتا ، ناقدا بصيرا ، حاد الذكاء واسع المعرفة ، علاما بالقضاء والفرائض والحساب وعبارة الرؤيا ، عٌرف بورعه وعبادته حتى أنه قد أوصى إليه أنس بن مالك أن يغسله ، وكان مقدما مع الحسن البصري لدي أهل البصرة .
لم يمنعه ما كان فيه من صمم يسير من طلبه للعلم، فقد حفظ عن أبي هريرة أحاديث كثيرة حتى عده الإمام أحمد بن حنبل أثبت الناس في أبي هريرة ، كما أنه أخذ في المدينة من ابن عمر وزيد بن ثابت وأبي سعيد الخدري ورافع بن خديج وغيرهم ، وأخذ في البصرة عن أنس بن مالم وأبي موسى الأشعري وأبي بكرة الثقفي وسمرة بن جندب وعمرا بن حصين وغيرهم ،وبالكوفة أخذ عن أصحاب علي بن أبي طالب وأصحاب عبدالله بن مسعود ، وبمكة أخذ عن الزبير وغيره ، كما أخذ عن كثير بن أفلح مولي أبي أيوب الأنصاري ، ولقي عكرمة وأخذ عنه من علم بان عباس ، كما أنه في رحلته إلى المدائن مع شيخة عبيدة السلماني أخذ من علما غزيرا ، والمقصود أن تعدد مصادره في الطلب عن علماء الصحابة والتابعين كان له أثر كبير في سعة معرفته وبصره بالإجماع والخلاف.
أخلاقة وشمائله:
عرف ابن سيرين بسلامة قلبه ، وحلمه ، وكرمه ، وزهده وورعه ، ضحكه ومزحه ، وبره بأمه ؛ ولعل بره بأمة هو ما فتح عليه في إحسانه في عبادته وإحسانه إلى الخلق. تقول حفصة بنت سيرين : كان محمد إذا دخل على أمه لم يكلمها بلسانه كله تحشما لها. رواه الإمام أحمد في الزهد. ويقول بكار بن محمد: حدثنا ابن عون «أن محمدا كان إذا كان عند أمِّه، لو رآه رجل لا يعرفه ظنَّ أن بهمرضا من خفضِهِ كلامَه عندها»رواه ابن سعد.
كان ابن سيرين سليم القلب ، قال حماد بن زيد، عن هشام بن حسان قال: سمعت محمداً يقول: «ما حسدت أحداً شيئا قط، بَرًّا ولافاجرا»رواه ابن سعد. يقول عن نفسه: ما حسدت أحداًعلى شيء من الدنيا، إن كان من أهل الجنة؛ فكيف أحسده على شيء من الدنيا وهو يصيرإلى الجنة ، وإن كان من أهل النار؛ فكيف أحسده على شيء من الدنيا وهو صائر إلىالنار.
عُرف ابن سيرين بضحكه ومزاجه مع صلاحه وعبوديته ، قال قريش بن أنس: حدثناحبيب بن الشهيد قال: «كان ابن سيرين لا يئنّ على بلاء وربما ضحكحتى تدمع عيناه. وقال ضمرة بنربيعة، عن ابن شوذب، قال: (كان ابن سيرين يصوم يوما ويفطر يوما،وكان الذي يفطر فيه: يتغدى فلا يتعشى، ثم يتسحر ويصبح صائما. وجاءت آثار كثيرة تبين زهده وورعه رحمه الله ، يقول سفيان بن عيينة :لم يكن لكوفي ولا بصري ورعٌ مثل ورعمحمد بن سيرين. وقد ذُكِرَ محمد عند أبيقلابة، فقال:اصرفوه حيث شئتم، فلتجدنَّه أشدَّكم ورعاً،وأملكَكُم لنفسه.
كان رحمه الله كافا لسانه عن الناس ، فقد ذكر ابن عون قوله: كانوا إذا ذكروا عند محمد رجلا بسيئة ذكره محمد بأحسن ما يعلم.
يقول عاصم الأحول : سمعت مورقا العجلي يقول: ما رأيت رجلا أَفْقَهَ في وَرَعِهِ، ولا أَوْرَعَ في فقهه منمحمَّد. ولذلك عندما توفي أنس بن مالك رضي الله عنه أوصى أن يغسله محمد بن سيرين.
عٌرف رضي الله عنه بتركه للمراء ، قال جعفر بن مرزوق: بعث ابن هبيرة إلى ابن سيرينوالحسن والشعبي، قال: فدخلوا عليه؛ فقال لابن سيرين: يا أبا بكر ماذا رأيت منذ قربتمن بابنا؟قال:رأيت ظلمافاشيا. قال: فغمزه ابن أخيه بمنكبه، فالتفتإليه ابن سيرين؛ فقال: (إنك لستَ تُسأل، إنما أنا أُسأل)فأرسل إلى الحسن بأربعة آلاف وإلى ابن سيرين بثلاثة آلاف وإلىالشعبي بألفين، فأما ابن سيرين فلم يأخذها).
كما عُرف بتواضعه ومحسنا للناس ، فقد كان رحمه الله لا يترك أحدا يمشي معه وذلك لخشيته من الشهرة وكثرة الأتباع ، وكان ابن سيرين إذا تبعه الرجل قام حتى يقضى حاجته ويمشي.
لذلك كان ابن سيرين رحمه الله ممن نجا من الفتن التي ظهرت في عصره ، قال العجلي:لم ينجُ من فتنةِ ابن الأشعث بالبصرة إلا رجلان: مطرف بن عبد الله،ومحمد بن سيرين، ولم ينج منها بالكوفة إلا رجلان: خيثمة بن عبد الرحمن الجعفي،وإبراهيم النخعي.
وقد تميز ابن سيرين رحمه الله بتعبيره للرؤى فقد روي عن ابن شبرمة قال:دخلت على محمد بن سيرينبواسط فلم أرَ أجبن عن فتيا ولا أجرأ على رؤيا منه. ورغم هذا كان يقول لمن يفسر له : اتق الله في اليقظة ولا تبال بما رأيت في المنام.
قالابن المبارك عن عبد الله بن مسلم المروزي، قال: كنت أجالس ابن سيرين، فتركتمجالسته، وجالست قوماً من الإباضية، فرأيت فيما يرى النائم كأني مع قوم يحملونجنازة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأتيت ابن سيرين، فذكرت له ذلك، فقال: ما لك جالستَ أقواماً يريدون أن يدفنوا ما جاء به محمد صلى الله عليهوسلم؟.
وفاته:
ماتمحمد بن سيرين يوم الجمعة في شهرشوال سنة عشرة ومائة، وهو ابن سبع وسبعين سنة.

شيوخه ورواياته رحمه الله:
أرسل محمد بن سيرين عن أبي بكر وعمروعثمان وعلي وابن مسعود وأبي الدرداء وسلمان الفارسي وحذيفة بن اليمان وعائشة وابنعباس وكعب بن عجرة وغيرهم.
وسمع أبا هريرة وزيد بنثابت وابن عمر وأبا سعيد الخدري وأنساً وأبا قتادة وأبا موسى الأشعري وسمرة بنجندب، وعمران بن الحصين، وعدي بن حاتم، وابن الزبير، وغيرهم من الصحابة رضي اللهعنهم.
وروى عن جماعة من التابعين منهم: عبيدةالسلماني، وشريح القاضي، والربيع بن خثيم، وعلقمة بن قيس النخعي، وكثير بن أفلح،وأبي العالية الرياحي. واختلف في سماعه منمسروق.
مذهبه في الرواية:
كان محمد بن سيرين يحدّث بالحديث على حروفه، وكان شديد التثبّتوالتوقّي، وإذا شكّ في رفع حديث أو وَقْفِهِ وَقَفَه، وكان حافظاً لا يكتب الحديثإلا ما روي عنه من صحيفة أبي هريرة، وكان يستودعها أخاه، وكان لا يرضى أن يكون فيبيته كتاب.
مراتب رواه التفسير عنه:
رواة التفسير عن محمد من سيرين في كتب التفسير المسندةعلى مراتب:
المرتبة الأولى: الثقات المكثرون، ومنهم: هشام بن حسانالقردوسي، وأيوب بن أبي تميمة السختياني، وعبد الله بن عون، وغيرهم.
المرتبة الثانية: الثقات المقلّون عنه في التفسير،ومنهم: قتادة، وسليمان التيمي، وجرير بن حازم، وسلمة بن علقمةالتميمي، وغيرهم.وهؤلاء منهم من هو موصوف بأنه من خاصةأصحابه ومن أثبت الناس فيه لكن مروياته عنه في التفسير قليلة فيما بين أيدينا منالمصادر.
المرتبة الثالثة: المقبولون،وهم الذين يترجّح قبول رواياتهم وقدتكلّم فيه بعض أهل العلم بما لا يتحقق به الجرح، ومنهم: أبو حرة واصل بن عبد الرحمنالبصري، وأبو قتيبة البصري الكبير واسمه نعيم بن ثابت، وهو غير أبي قتيبة البصريالصغير سلم بن قتيبة.
المرتبة الرابعة: المختلف فيهم، ومنهم: الحكم بن عطيةالعيشي، وأشعث بن سوار، وأبو هلال الراسبي، وعمر بن شاكرالبصري.
1
المرتبة الخامسة: من كانت روايتهعنه منقطعة،ومنهم: الأعمش، والأوزاعي.
المرتبة السادسة: الضعفاء، ومنهم: ليث بن أبيسليم، وإسماعيل بن مسلم المكي، وزيد العمي.
المرتبة السابعة: المجهولون،ومنهم: رجليقال له حماد أبو صالح روى عن ابن سيرين خبراً منكراً: (انتابوا الأيلة فإنّه قلّمن يأتيها فيرجع منها خائباً…) أخرجه ابن جرير.
المرتبة الثامنة: المتروكون، ومنهم: أبو بكرالهذلي، الحسام بن مصك الأزدي، وطريف العطاردي وهو أبو سفيان السعدي الأشل، وأبوعبيدة سعيد بن زربي الخزاعي البصري، ومحمد بن عون الخراساني.


من مروياته في التفسير:
مرويات محمد بن سيرين في كتب التفسير المسندةكثيرة جداً، لكن أكثرها مما يرويه عن عبيدة السلماني منها:
أ: قال حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد،قال: (كنت في حلقة فيها عبد الرحمن بن أبي ليلى، وكان أصحابه يعظمونه، فذكروا لهفذكر آخر الأجلين، فحدثت بحديث سبيعة بنت الحارث، عن عبد الله بنعتبة)
قال: فضمز لي بعض أصحابه، قال محمد: ففطنت له؛ فقلت: إنيإذا لجريء إن كذبت على عبد الله بن عتبة وهو في ناحية الكوفة، فاستحيا وقال: لكنعمه لم يقل ذاك، فلقيت أبا عطية مالك بن عامر فسألته فذهب يحدثني حديث سبيعة، فقلت: هل سمعت عن عبد الله فيها شيئا؟ فقال: كنا عند عبد الله فقال: (أتجعلون عليهاالتغليظ، ولا تجعلون عليها الرخصة، لنزلت سورة النساء القُصْرَى بعد الطُّولى {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن}) ). رواه البخاري فيصحيحه.
ب:وقال جرير بن حازم: سمعت محمد بنسيرين قال: سألت عَبيدة السلماني عن قول الله: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}،قال: (وأخذ عبيدة ثوبه فتقنع به وأخرج إحدى عينيه). رواه ابن وهب فيجامعه.
ج:وقال ابن علية عن ابنعون عن محمد عن عَبيدة في قوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَوَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} قال ابن علية: فلبسها عندنا ابن عون، قال: ولبسها عندنا محمد، قال محمد: ولبسهاعندي عَبيدة، قال ابن عون بردائه فتقنع به، فغطى أنفه وعينه اليسرى وأخرج عينهاليمنى، وأدنى رداءه من فوق حتى جعله قريبا من حاجبه أو على الحاجب). رواه ابنجرير.


الدروس المستفادة من سيرته رحمه الله:
· درو البيئة المحيطة في التربية ، رغم أنه رحمه الله لم يكن من بيت عُرف بالعلم ولكن نشأته بين الصحابة والتابعين كان له دورا كبيرا في نيله شرف العلم وحسن الخلق.
· عظم رحمه الله إذا أراد بعبده خيرا ، فقد كان والدي ابن سيرين من سبي خالد بن الوليد لبلدة عين التمر ، فسبحان من دبّر لتربية هذا الطفل ليرفع شأنه.
· أن طلاقة الوجه والضحك لا يخالف الزهد والعبادة والورع ، ولا يوازن بين هذين إلا الموفق.
· من أعظم ما يتمنى المرء أن يزكى به ناله هذا العالم العابد ، يقول مورقا العجلي عنه: ما رأيت رجلا أَفْقَهَ في وَرَعِهِ، ولا أَوْرَعَ في فقهه منمحمَّد. فنسأل الله من فضله.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 9 ربيع الثاني 1441هـ/6-12-2019م, 01:42 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم الرابع من سير أعلام المفسرين


أحسنتم جميعًا، بارك الله فيكم ونفع بكم.
المطلوب في هذا الواجب هو صياغة رسائل بأسلوبكم في سيرة المفسر، وليس مجرد تلخيص للدرس، وأضع بين أيديكم بعض الوصايا العامة للشيخ عبد العزيز الداخل:

1: العناية باستهلال المقالة بما يشوّق القارئ لإكمالها.
2: التمرن على إحسان أسلوب التخلّص عند إرادة الانتقال من مبحث إلى آخر.
3: التوازن في الأسلوب الإنشائي؛ فإذا كان الاستهلال بليغاً قويّاً ؛ فليكن الأسلوب في سائر المقالة مناسباً لما شُوّق إليه القارئ.
4: استكشاف مواطن القوة في سيرة العالِم وإبرازها بأسلوب يحفّز القارئ للاقتداء به.
5: أن تكون مقاصد المقالة حاضرة في ذهن الكاتب عند الكتابة لتصل إلى القارئ بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
6: مواصلة القراءة في كتب أهل البيان ممن امتازوا بحسن التعبير وقوّة التأثير في كتاباتهم للاستفادة من أساليبهم ومفرداتهم.
7. التمرن بكتابة مقالات علمية متنوّعة ونشرها، مع العنابة بتوثيق ما يذكر فيها.
8. المراجعة اللغوية قبل نشر المقالة لإصلاح ما ندّ من الأخطاء الكتابية والنحوية والصرفية، وتجويد بعض العبارات لتكون المقالة سليمة من الأخطاء الأسلوبية ووصمة الركاكة.
9: لا ينبغي إغفال توثيق المرويات؛ فالاختصار في عرضها وترك ذكر الإسناد كاملاً أو من مخرجه لا يعفي من توثيقها؛ حتى لا تكون الرويات مرسلة بلا خطام ولا زمام.


إنشاد راجح: أ+
راجعي الوصايا العامة خاصة الوصية الأخيرة.

عبد الكريم الشملان: أ
- أحسنت، بارك الله فيك، وأرجو مراجعة الوصايا العامة، وفي مقالتك بعض الأخطاء اللغوية منها:
اقتباس:
وقد وصّي التابعي الجليل محمد بن سيرين أبو بكر الهذلي بأنه إذا دخل الكوفة أن يستكثر من حديث الشعبي
أبا بكر، وليس " أبو بكر"
- ومقالتك تحتاج إلى تحسين عرضها بشكل أفضل.

حليمة السلمي: ب
بارك الله فيك ونفع بكِ، أرجو مراجعة الوصايا العامة، وتطبيقًا عليها كان من الممكن مثلا أن تنطلقي في كتابة رسالتك من خلال قول سفيان الثوري " إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به "
ثم في أثناء رسالتك تبينين كيف نال مجاهد رحمه الله هذه المكانة في علم التفسير، وحرصه على طلبة العلم وملازمته لابن عباس رضي الله عنهما، وتأملي بقية الرسائل ليتضح لكِ المقصود بإذن الله.

رشا عطية: أ
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
لديكِ أسلوب رائع في الكتابة، فقط اعتني بمراجعة الأخطاء اللغوية، خاصة الإعرابية منها، ثم الاعتناء بحسن العرض.

صالحة الفلاسي: ب
بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
- أرجو مراجعة التعليق العام خاصة ما يتعلق بالمراجعة اللغوية، فالرسالة بها الكثير من الأخطاء الإملائية.
- وسيرة ابن سيرين مليئة بالنقاط فيمكنكِ الانطلاق من تعدد مصادره التي حصل بها علمه وحرصه على أخذ العلم من أئمة كل مصر يرحل إليه، إن أردتِ حث الهمم على تحصيل العلم.
ويمكنكِ الانطلاق من حسن خلقه وبره بأمه ومزاحه مع أصحابه، إن أردتِ تنبيه طلاب العلم على أهمية التحلي بهذه الأخلاق.
مع الإشارة إلى أن الحديث عن طبقات الرواة عنه قد يكون ثقيلا وغير مناسب في مثل هذه الرسائل.
ولعل النظر في إجابات زميلاتكِ يقرب لكِ المطلوب بإذن الله.

وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الخامس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:49 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir