دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج الإعداد العلمي العام > المتابعة الذاتية في برنامج الإعداد العلمي > منتدى المستوى الثامن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 9 صفر 1443هـ/16-09-2021م, 05:40 PM
إدارة برنامج الإعداد العلمي إدارة برنامج الإعداد العلمي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2019
المشاركات: 2,051
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صفية الشقيفي مشاهدة المشاركة
تلخيص مقاصد (قاعدة في المحبة) لابن تيمية - رحمه الله -

المقصد العام:

بيان توحيد المحبة لله عز وجل، ولوازم ذلك، وبيان أنواع المحبة الفاسدة وآثارها، والحاجة إلى الجهاد لإقامة الدين، وأن النعيم التام في دين الله عز وجل.


المقاصد الفرعية:
1. المحبة أصل كل فعل وترك:

· الحب والإرادة أصل كل فعل ومبدؤه.
· الإرادة والمحبة تنقسم إلى متبوعة للمراد تكون له كالسبب الفاعل وإلي تابعة للمراد يكون هو لها كالسبب الفاعل وتكون عنه كالمسبب المفعول وهذا هو الأصل.
· وجود المانع للفعل من البغض والكراهة أصل كل ترك وجودي.

· مجرد عدم الفعل قد يكون لعدم وجود مقتضاه من المحبة والإرادة أو وجود المانع للفعل من البغض والكراهة.
· المحبة أصل البغض:
الدليل:
أولا: المحبة والإرادة تكون بواسطة وبغير واسطة:
- تكون بواسطة مثل فعل المكروه حبًا في ملازمه، مثل شرب الدواء المر حبًا في العافية، وترك الهوى حبًا في النجاة من عذاب الله وتحصيل الثواب
قال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى}
- وبغير واسطة مثل فعل الشيء حبًا لنفسه.
ثانيًا: فعل البغض يكون لمنافاة المحبوب.
· المحبة أصل كل حركة في العالم:
الحركات ثلاثة أنواع:

النوع الأول:
- أن تكون إرادية، عن شعور المتحرك، والحركة الإرادية إما أن تكون مقصودة لله أو لغير الله بحسب الإرادة، والإرادة تابعة للمحبة.
النوع الثاني:
- أن تكون قسرية بغير شعور المتحرك وإرادته، وعلى خلاف طبعه فهذه تكون بفعل القاسر القاهر، فهي وفق مراد الله
النوع الثالث:
- أن تكون طبعية بغير شعور المتحرك لكنها وفق طبعه، وهذه مثل حركة الأجرام والسماوات والأرض ولا تكون إلا بفعل الملائكة والملائكة لا تعمل إلا بأمر الله؛ فتبين أن حركة العالم إنما تنفيذًا لأمر الله عز وجل.
قال تعالى عن الملائكة: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً. رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً}
- جميع تلك الحركات والأعمال عبادات لله متضمنة لمحبته وإرادته وقصده، وليس المقصود بها قبولها لتدبير الله وخلقه إذ كل المخلوقات خاضعة لذلك المعنى بما فيها الكافر.
قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}.
ففرق بين من حق عليه العذاب ممن أبى السجود لله عز وجل، وبين جميع المخلوقات والمؤمنين من الناس.
- أهل السنة وسط بين المتفلسفة الذين ينسبون حركة العالم لطبائع الأشياء وبين أهل الكلام الذين ينكرون طبائع الموجودات.
- أهل السنة يثبتون إضافة جميع الحوادث إلى خلق الله ومشيئته وربوبيته وأن الحكمة من الخلق توحيد الألوهية بإفراد الله بالعبادة.
· الإرادة تابعة للمحبة:
- النية أصل في كل عمل بلا تخصيص أو تقييد ذلك بالأعمال الشرعية.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الإعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"، وهذا يعم كل عمل وكل نية.
- صلاح الأعمال والحركات بصلاح النية وأن تكون لله عز وجل.
- تبين من ذلك أن كل حركة فأصلها الحب والإرادة من محبوب مراد لنفسه لا يحب لغيره.
- الله عز وجل هو المحبوب لنفسه من كل وجه، ولا يصح صرف هذه المحبة لغيره.
قال تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} والفساد عكس الصلاح.
- صرف هذه المحبة لغير الله إشراك به.
- صرف هذه المحبة لله عز وجل تعني أنه وحده المتفرد بالعبادة.
- خطأ أهل الكلام في توجيه معنى الألوهية بأنه الخالق، فهو تفسير للألوهية بمعاني الربوبية.
- القرآن ينفي أن يعبد غير الله أو أن يتخذه إلها فيحبه ويخضع له محبة الإله وخضوعه كما بينت ذلك عامة آيات القرآن مثل قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً}، ولهذا قال الخليل: {لا أُحِبُّ الآفِلِينَ}.


2. العلاقة بين المحبة والإرادة والدين:

· معنى الدين:
- الطاعة وما يعتاده الناس لهذا يطلق على الخُلُق، قال تعالى: {وإنك لعلى خُلُق عظيم}، قال ابن عباس: "إنك على دين عظيم".
قال تعالى: {ما كان ليأخذ في دين الملك}
· كل عمل يكون عن محبة وإرادة، والترك عن بغض وكراهة كما تقرر سابقًا.
· كل إنسان له هم وقصد في عمله تابع للحب والبغض في كل عمل له.
- هذا الهم والقصد قد يكون فيما هو له عادة وخلق وقد يكون في أمور عارضة.
· لا يستقل الإنسان بجلب منفعته ودفع المضرة بل هو بحاجة للاجتماع مع من حوله على ذلك.
- ما يجمع الناس هو الدين سواء كان دينًا حقًا أو باطلا.
- المحبة والإرادة أصل كل دين سواء كان دينا صالحا أو دينا فاسدا.
· وجه حاجة الناس إلى دين يجمعهم:
أولا: حاجتهم إلى الاجتماع على التزام ما يحبونه من الحاجات ودفع ما يبغضونه من المضرات، وهذا لا يكون إلا بالدين، كما تقرر.
ثانيًا: حاجة نفوسهم إلى إله محبوب مطلوب لذاته، لأنه الذي ينفع ويضر، وهذا يستلزم اجتماعهم على دين واحد.
- العبادة هي غاية الحب مع غاية الذل وكذلك الدين في الظاهر والباطن لابد أن يجتمع فيه الحب والخضوع.
- حاجة الناس للتأله أعظم من حاجتهم للغذاء؛ ففقد الغذاء يفسد الجسم، وفقد التأله يفسد النفس.
- فطرة الله التي فطر الناس عليها هي تأله الله وعبادته وحده لا شريك له
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه".
وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه أنه قال: "إنني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا".
· بيان معنى الدين الحق والدين الباطل:
- الدين الحق هو طاعة الله وعبادته، ولا يستحق أن يعبد ويطاع على الإطلاق إلا الله عز وجل.
- طاعة الرسل تابعة لطاعة الله عز وجل.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أطاعني فقد أطاع الله)، متفق عليه.
- كل دين وطاعة لابد فيه من محبوب مطاع، وصورة العمل التي يطاع بها.
= المحبوب المطاع هو المقصود بالطاعة، ولا يصح أن يكون غير الله عز وجل.
= صورة العمل التي يطاع بها هي أن يعبد وفق ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.
= مجموع الأمرين هو حقيقة دين الإسلام.

قال تعالى: {ورضيت لكم الإسلام دينًا}
- كل دين لا يكون لله فهو باطل، ولهذا كل ما سوى الإسلام فهو باطل.
- قال الفضيل بن عياض في قوله تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}: أخلصه وأصوبه، قالوا: يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه؟ قال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا، والخالص أن يكون لله والصواب أن يكون على السنة.
· بيان بطلان قول المتفلسفة بأن الدين هو مجرد المصلحة الدنيوية من إقامة العدل بين الناس في الأمور الدنيوية.
- منشأ هذا القول هو النظر إلى المصلحة الدنيوية دون النظر للآخرة.
- قائلو هذا القول ينظرون إلى الواجبات والمحرمات التي يحتاجون التزامها لقيام معاشهم الدنيوي.
قال تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ}، هم مقرون بأن منفعة ذلك لا تكون في الآخرة وإنما يرجون منفعته في الدنيا وإن كان فيه بلوغ بعض الأعراض من رئاسة أو شهوة.
- يتحقق هذا القول في أديان من لم يؤمن بالله ورسوله مثل قوم نوح ونمرود وفرعون وجنكيزخان وغيرهم، وهمهم الاستيلاء به على غيرهم وقهرهم.
قال تعالى: {نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَأِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ. إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}.
- بعض أهل الملل من المنتسبين للإسلام القائلون بهذا القول:
= يأمرون بالعدل والصدق والوفاء بالعهد ونحو ذلك من الأمور التي لا تتم مصلحة الحياة الدنيا إلا بها.
= لا يأمرون بالتوحيد وهو عبادة الله وحده ولا بالعمل للدار الآخرة.
= ولا ينهون فيها عن الشرك.
= ويشرعون التأله للمخلصين والمشركين.

3. العلاقة بين اللذة والمحبة:

لو جعلت هذه المسألة تابعة لما قبلها مع اختصارها.

- يجد الإنسان اللذة بنيل المحبوب أو دفع المكروه، ويجد الألم بفقدان المحبوب أو حصول المكروه.
- الإنسان يسعى لنيل اللذة بعلة المحبة، فالمحبة هي العلة الفاعلة، واللذة هي الغاية.
- خلق الله في الإنسان قوى للإدراك والحركة، ليتمكن من جلب المنفعة دفع المضرة.
- جاءت الشرائع لضبط هذه الملذات فلا يستعملها الإنسان فيما يضره بل في حدود ما ينفعه.
- شرع الله من هذه اللذات ما فيه صلاح حال الإنسان في الدنيا وجعل اللذة التامة بذلك في الدار الآخرة في الجنة.

· اللذات قد تكون مقصودة لنفسها أو لغيرها:
- كل لذة وإن قُصدت لنفسها، فينبغي أن تكون عونًا على لذة أعظم، حتى تكون الغاية الحصول على لذة الجنة.
- تمام هذه اللذات في جنة الخلد
- قال الله تعالى في كتابه {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}.
· أنواع اللذات وما يقابلها من آلام:
النوع الأول: من اللذات الجسدية مثل المأكل والنكاح، فيلذ بوجودها ويضره فقدها.
النوع الثاني: اللذات الوهمية مما يتخيله بنفسه أو نفس غيره من المدح والتعظيم، فيلذ بذلك، ويضره فقد الكرامة.
النوع الثالث: لذات قلبية وعقلية تحصل بذكر الله والتفكر في آياته، فيلذ بوجودها ويضره الجهل البسيط والجهل المركب بها.
· تحصيل هذه اللذات في حدود العدل المباح مما يوافق الفطرة.
· بعث الله الرسل لتكميل الفطرة وتقريرها لا بتحويلها وتغييرها.· أصول خطأ المتفلسفة ومن تبعهم في باب اللذات:
الأصل الأول: اعتقاد أن اللذات الحسية والوهمية إنما هي من باب دفع الألم ولا توجد فيها لذة.
- قالوا بأن اللذة الحقيقية هي اللذات الروحانية
- وجعلوا اللذة في الآخرة هي من باب اللذات الروحانية فقط، وما أخبرت به الرسل من الوعد والوعيد إنما هو أمثال مضروبة لتفهم العامة المعاد الروحاني.
الأصل الثاني:

- خطأهم في طريقة تحصيل اللذات العقلية التي أقروا بوجودها، فطلبوها من غير بابها الصحيح، وهو إخلاص الدين لله بعبادته وحده لا شريك له.

4. الفرق بين المحبة المحمودة والمحبة المذمومة:
· المحبة المحمودة ما كانت لله عز وجل، والمذمومة ما كانت لغير الله.
قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ}.
· المحبة المحمودة، هي عبادة الله وحده لا شريك له، وذلك لأن المحبة أصل في العبادة، فالعبادة هي غاية الحب مع غاية الذل.
· مجموع آيات القرآن من الأمر والنهي والقصص والوعد والوعيد فيها بيان الفرق بين المحبتين.
· دعوة جميع الرسل جاءت لبيان توحيد الله عز وجل وفي هذا بيان الفرق بين المحبتين.
الدليل:
- قال تعالى: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}، وعلى ذلك قاتل من قاتل منهم المشركين.
- كما قال خاتم الرسل: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله" .
- قال تعالى {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ}
· استكمال الإيمان إنما يتحقق باستكمال المحبة المحمودة ونبذ المذمومة.
الدليل:
- في الحديث المتفق عليه في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان"، وفي رواية في الصحيح: "لا يجد طعم الإيمان إلا من كان فيه ثلاث أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله كما يكره أن يلقي في النار".
وفي الصحيح عن أنس أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين"
وفي صحيح البخاري أن عمر قال يا رسول الله: "والله لأنت أحب إلى من كل شيء إلا من نفسي"، فقال صلى الله عليه وسلم: " لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك"، قال: "فوالذي بعثك بالحق لأنت أحب إلى من نفسي"، قال صلى الله عليه وسلم: "الآن يا عمر".

· المحبة المحمودة هي المحبة النافعة وهي التي تجلب لصاحبها ما ينفعه وهو السعادة والضارة هي التي تجلب لصاحبها ما يضره وهو الشقاء.
· بيان أنواع الشرك في المحبة التي هي أصل الدين:
1. الشرك في محبة الإله الذي يعبدونه.
2. محبة من يبلغ عنه ما يختص به وأوامره ونواهيه.
3. محبة جنس ما التزموه من الواجبات والمحرمات العامة التي هي جلب المنفعة لهم جميعا ودفع المضرة عنهم جميعا.
· أسباب انشغال الناس بالمحبة المذمومة:
الأول: الظلم: بأن يهوى الإنسان ما يضره.
الثاني: اتباع الهوى بغير علم: فيحب ما يضره، عن غير علم بما في محبته من ضرر له.
الثالث: اتباع الظن وما تهوى الأنفس، وينشأ هذا عن الاعتقاد الفاسد.
- بيان أن مرجع هذه الأمور الثلاثة إما شبهة يشتبه بها الحق، أو شهوة هي في الأصل محمودة لكن لما كانت لغير الله حصل منها الظلم والعدوان.
- بيان تسمية السلف لمن يخالف السنة والشريعة بأهل الأهواء تبعًا لهذا الأصل.
- كل من اتبع هواه اتبعه بغير علم إذ لا علم حقيقة إلا ما كان وفق هدى الله.
قال تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى. وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}
- اتباع الهوى يكون في الحب والبغض.
أمثلة:
= اتباع الهوى في مخالفة الحق في الحكم
= اتباع الهوى في في مخالفة القسط في الشهادة
- نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن اتباع أهل الأهواء:
قال تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ. إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ}


5. الإيمان بصفة المحبة لله عز وجل:

· محبة المؤمنين لربهم هي أعظم المحبات، ومحبة الله لهم عظيمة أيضًا.
- قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ}.
- في صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله تعالى من عادي لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وما تقرب إلى عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه".
· طوائف الناس في إثبات صفة محبة الله عز وجل:
- أهل السنة يثبتون صفة المحبة لله عز وجل كما أثبتها سبحانه من غير تأويل ولا تعطيل ولا تشبيه ولا تكييف.
- الجهمية ومن تبعهم من أهل الكلام: تأولوا الصفة فقالوا المحبة بمعنى الإحسان فهي من صفات الأفعال. فهي من الأفعال
- الصفاتية قالوا إرادة الإحسان.
يستخدم شيخ الإسلام لفظ (الصفاتية) كناية عن الفرق التي أثبتت بعض الصفات مثل الأشاعرة,

· الأدلة على إثبات صفة المحبة لله عز وجل:
- قال تعالى: {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ}.
- وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله تعالى من عادي لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وما تقرب إلى عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ... " الحديث.
· محبة العبد لربه:
- أهل السنة يثبتون وجود المحبة من العبد لربه.
- تأول كثير من المبتدعة هذا المعنى بقولهم (إرادة التقرب من الله)
- أهل التعبد والتصوف والزهد أدخلوا فيها من الاعتقادات والإرادات الفاسدة ما ضاهوا بها المشركين.
- الأدلة على إثبات معنى حب العبد لربه ووجوب تقديمه على كل حب:
قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ}
وقال تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}
وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ}
· بطلان وصف المحبة بين العبد وربه بالعشق:

لو أخرت هذه المسألة

- أثبت البعض معنى عشق العبد لربه على القول بأن العشق هو منتهى الحب وأقصاه.
- كثير من السلف لهم مآخذ على هذه الكلمة:
من جهة اللفظ:
أولا: هذا اللفظ ليس مأثورا عن السلف وباب الأسماء والصفات يتبع فيها الألفاظ الشرعية فلا نطلق إلا ما يرد به الأثر.
ثانيًا: أن هذا اللفظ إنما هو في محبة جنس النكاح مثل حب الإنسان الآدمي مثله، وقلما يستخدم في غير ذلك، واستخدامه في غير ذلك من باب المجاز.
ثالثًا: استعمال لفظ العشق في حق الله عز وجل يوهم معنى فاسد وهو وهو أن الله يحب ويحب كما تحب صور الآدميين التي نستمتع بمعاشرتها

من جهة المعنى:
- اختلفوا في جهة العشق، هل هو فساد في الحب والإرادة أو فساد في الإدراك والمعرفة؟
أولا: الفساد في الإرادة:
- العشق هو الإفراط في الحب حتى يزيد على القصد الواجب فإذا أفرط كان مذموما فاسدا مفسدا للقلب والجسم كما قال تعالى: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}، وهذا المعنى فاسد في حق الله عز وجل؛ من جهة محبة العبد له سبحانه، ومن جهة محبته سبحانه لعباده المؤمنين.
- بالنسبة لمحبة العبد لربه فليس لها حد تنتهي إليه حتى تكون الزيادة إفراطا وإسرافا ومجاوزة للقصد بل الواجب أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.
كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ومن كان يجب المرء لا يحبه إلا لله ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه منه كما يكره أن يلقى في النار"، وفي رواية في الصحيح: "لا يجد عبد حلاوة الإيمان حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما" إلى آخره، وقال:" والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين".
وفي الصحيح أن عمر قال له: "يا رسول الله والله لأنت أحب إلى من كل شيء إلا من نفسي" فقال: " لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك"، قال: "فلأنت أحب إلى من نفسي"، قال: "الآن يا عمر".
- بالنسبة لمحبة الرب لعباده المؤمنين؛ فالله لا يحب محبة زيادة على العدل.
ثانيًا: الفساد في الإدراك:
- العاشق يخيل له المعشوق على خلاف ما هو به حتى يصيبه ما يصيبه من داء العشق ولو أدركه على الوجه الصحيح لم يبلغ إلى حد العشق، وهذا المعنى ممتنع في حق الله عز وجل؛
من جهة محبة العبد له سبحانه، ومن جهة محبته سبحانه لعباده المؤمنين.
-
بالنسبة لمحبة العبد لربه، فالمؤمنون الذين آمنوا بالله وعرفوه بما تعرف به إليهم من أسمائه وآياته وما قذفه في قلوبهم من أنوار معرفته فليست محبتهم إياه عن اعتقاد فاسد.
- بالنسبة لمحبة الرب لعباده المؤمنين، الله بكل شيء عليم وهو سميع بصير مقدس منزه عن نقص أو خلل في سمعه وبصره وعلمه.

6. تفاوت الناس في درجة المحبة:

هذه المسألة تذكر بعد ذكر لوازم المحبة

· قوة المحبة لكل محبوب يتفاوت الناس فيها تفاوتا عظيما.· تفاوت الشخص الواحد في محبة الشيء الواحد باختلاف الأحوال.
· علامات كمال المحبة في قلب العبد:
- العبادة هي كمال المحبة مع كمال الذل، فالعابد محب خاضع.
- من كمال محبة الله محبة محبوبه وبغض ما يبغضه.
قال تعالى:
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادا يُحِبُّونهَمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّا لِلَّهِ}
في السنن: " من أحب لله وأبغض لله وأعطي لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان ".

· أسباب ضعف المحبة لله والبغض لله:
- إما أن يكون تصديق العبد ضعيف بأن الفعل محبوب لله، أو يبغضه الله.
- أن يكون محبته وبغضه غير تامين، ومن ذلك:
قول النبي صلى الله عليه وسلم:
"لا يزني الزاني حيْ يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حيْ يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حيْ يشربها وهو مؤمن"


· درجات محبة المؤمنين لله عز وجل:
الدرجة الأولى: درجة المقتصدين:
- واجبة على كل مؤمن.
- تستلزم فعل الواجبات وترك المحرمات.
قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنهَّمُ اتبَّعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَه فَأَحْبَطَ أَعْمَالهَمُ}.
وقال تعالى:{ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يقَولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمانا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ . وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسا إِلَى رِجْسِهِمْ}.
وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يفَرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ ينُكِرُ بعَضَه}.
الدرجة الثانية: درجة المحسنين:
- مستحبة.
- تستلزم فعل النوافل وترك المكروهات.
· آثار المحبة لله والبغض لله في قلب العبد:
- المحبة لله التامة توجب حصول المحبوب مع القدرة.
= إذا وُجدت القدرة، ولم يفعل العبد المحبوب المراد دلّ على أن المحبة غير تامة.
= عدم تمام المحبة هو الذي يجعل في قلب العبد نوع محبة وإرادة لشيء ونوع محبة وإرادة لضده؛ لأن أحد هاتين المحبتين ناقص.
- البغض لله التام يمنع وجود البغيض مع القدرة، فإذا وُجدت القدرة، وحصل الفعل البغيض دل على أن البغض غير تام.

· أصناف الناس من حيث الإرادة والقدرة:
أولا: الكافر أو الفاسق:
- إما أن يكون قادرًا مريدًا للسوء؛ فهذا يسعى في الفواحش والظلم والقول على الله بغير علم بحب إرادته.
- وإما أن يكون عاجزًا مريدًا للسوء؛ فهذا يكون من أذل الناس وأطوع لمن يستعملهم في أغراضهم، أو أجزع عند البلاء لأنه ليس في قلوبهم ما يعتاضون به ويستغنون به.
ثانيًا: المؤمن:
- إما أن يكون قادرًا مريدًا للخير فهذا يسعى في الصالحات.
- وإما أن يكون عاجزًا مريدًا للخير فله أجر بنيته.
= وهذا يوجب للمؤمن الطمأنينة وانشراح الصدر مع قدرته وعجزه.
= أكثر الناس جهال بهذه الطمأنينة وانشراح الصدر لعدم شهود حقيقة الإيمان ووجود حلاوته وذوق طعمه
العلاج:
- أهل المعاصي، علاجهم إما بإصلاح الإرادة أو منع القدرة.
= فإذا صلحت إرادته وقويت قدرته تمكن بإذن الله من السعي في الخيرات.
- وأهل الإرادة الصالحة تُقَوَّى قدرته حتى يتمكن من فعل الصالحات.



7. من لوازم محبة الله عز وجل:

· محبة الله تستلزم الجهاد في سبيله:
- تعريف الجهاد في سبيل الله:
= الجهاد من الجُهد بضم الجيم، وهو نهاية الطاقة والقدرة.
= الجهاد في سبيل الله: المغالبة في سبيل الله بكمال القدرة والطاقة.
- من التعريف، يستلزم الجهاد أمرين:
الأول: استفراغ الوسع والطاقة وهذا يحتاج إلى قدرة.
الثاني: أن يكون في تحصيل محبوبات الله ودفع مكروهاته وهذا يحتاج إلى إرادة ومحبة.
- مقصود الجهاد تحصيل ما أحبه الله ودفع ما أبغضه الله
- من أحب الله وأحبه الله أحب ما يحبه الله وأبغض ما يبغضه الله ووالى من يواليه الله وعادى من يعاديه الله
- من لم يكن فيه داع للجهاد لم يأت بالمحبة الواجبة.
قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُم لمْ يرَتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من نفاق".
وكذلك جمع بينهما في قوله تعالى {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللهِ وَاللهُ لاَ يهَدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِيْن. الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَة عِندَ اللهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ . يبُشِّرُهُمْ رَبهُّم بِرَحمَة مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لهَّمُ فِيهَا نعِيمٌ مُّقِيمٌ . خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدا إِنَّ الله عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ }
- أقسام الناس في الجهاد:

القسم الأول: لهم قدرة ولهم إرادة ومحبة في غير سبيل الله؛ فيصرفون قدرتهم في سبيل الفواحش، أو سبيل المباحات
فإن كان في سبيل المباحات فلا ينفع عند الله ولا ثواب فيه ولا عقاب، إلا إذا اقترن به إرادة لله عز وجل
فإن اقترن بإرادة غير الله، كان آثمًا بحسب إرادته.
القسم الثاني: قدرة تامة وإرادة ومحبة تامة لله عز وجل فهؤلاء هم أهل الجهاد في سبيل الله.
القسم الثالث: قدرة ناقصة وإرادة ومحبة تامة لله عز وجل، فيأتون من محبوبات الله عز وجل حسب طاقتهم.
مثال:
قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا ولا سلكتم واديا إلا كانوا معكم" قالوا: وهم بالمدينة، قال: "وهم بالمدينة حبسهم العذر".
وقال له سعد بن أبي وقاص يا رسول الله الرجل يكون حامية القوم يسهم له مثلما يسهم لأضعفهم فقال: "يا سعد وهل تنصرون إلا بضعفائكم بدعائهم وصلواتهم واستغفارهم".
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستفتح بصعاليك المهاجرين وقال: "رب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره"

القسم الرابع:
قدرة ناقصة، وإرادة لله ناقصة، مع إرادة للباطل، فهؤلاء ضعفاء المجرمين، وبحسب إرادة الباطل في قلبه يكون درجته في الإثم.

· الإنصاف مع المؤمنين المقاتلين من لوازم محبة الله عز وجل:
- المؤمنون الذين يقاتلون بعضهم البعض ليسوا متحادين من كل وجه.
- ينبغي أن يحبهم المؤمن لما معهم من الإيمان، ويبغض ما معهم من معصية الله عز وجل.

8. ما يقدح في حقيقة محبة العبد لله عز وجل:

وهذه الأصل أن تجعل بعد بيان صفة المحبة لله سبحانه, ومحبة العبد لله تعالى


· الشرك:
- الله وحده من يحب أو يعظم لذاته، فإذا أحب العبد غير الله، أو عظمه لذاته فقد أشرك به (شركًا أكبر)، وإذا أحبه ليتوصل به إلى محبوب آخر سوى الله فهو من فروع الشرك أيضًا.
- كل محبوب أو معظم لغير الله فيه شوب من العبادة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:
"تعس عبد الدرهم تعس عبد الدينار تعس عبد القطيفة تعس عبد الخميصة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش".
وذلك كما جاء في الحديث: "إن الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل"
وفي حديث الترمذي عن كعب بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه" ، قال الترمذي حديث حسن صحيح.
- الله عز وجل غني عن الشركاء:
في الحديث القدسي: " أنا أغني الشركاء عن الشرك فمن عمل عملا أش رك فيه غيري فأنا منه بريء وهو كله للذي أشرك"
- من أنواع الشرك أن يتخذ الإنسان هواه إلها من دون الله، ومن ذلك أن يفعل المعصية محبًا لها، غير مبغض لها، ولا يقع في قلبه خوف من عقاب الله عز وجل، ولا رجاء لمغفرته.
- يستثنى من ذلك من فعل المعصية بهذه الحال وهو لا يعلم بغض الله عز وجل إذ لم تقم عليه الحجة.
- ومن أنواع الشرك أيضًا أن يفعل المعصية متبعًا لما زينه الشيطان له:
قال تعالى: {أَلمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِيْن . وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}
= ولذلك لم يخلص من الشيطان إلا المخلصون لله عز وجل، قال تعالى عن إبليس: {ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين}
- استحقاق العباد للعذاب بالشرك فما دونه مشروط ببلاغ الرسالة في أصل الدين وفروعه.
· فعل المعصية:
- إذا كان العبد قادرا على محبات الحق ولا يفعلها فلضعف محبتها في قلبه أو وجود ما يعارض الحق مثل محبته لأهله وماله، الدليل: قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا}
- قوة الشهوة أو اتباع الظن حتى يظن في المعصية مصلحة، واتباع ما تهوى الأنفس وما زينه الشيطان قد يدفع المؤمن للمعصية.
- إذا كان أصل الإيمان، صحيحًا فلابد أن يقترن في قلب العاصي بغض للمعصية وخوف من عقاب الله ورجاء مغفرته.
- إذا انتفى بغض المعصية والخوف من العقاب ورجاء المغفرة من قلب العبد العاصي، فهذا دليل نفاق أو كفر، إذا انتفت الشبهة أو الجهل.
- من صور المعاصي التي انتشرت في زمن ابن تيمية - رحمه الله – بعض الفواحش مثل اتخاذ ذوات الأخدان، واللواط، والمباشرة بين الرجال و التمتع بالمحبة والنظر أو نوع من المباشرة إلى المرأة الأجنبية والصبيان.

· موادة من عادى الله:
- لا ولاء لله إلا بالبراءة من عدو الله ورسوله.
قال تعالى: { لا تَجِدُ قَوْما يؤُمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يوُادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانهَمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْه}


9. الحاجة إلى الجهاد لإقامة دين الله عز وجل:

هذه تابعة لمسألة لوازم المحبة

- كل تبديل يقع في الأديان بل كل اجتماع في العالم لا بد فيه من التحالف والتعاون والتناصر.
- إذا كان القول والعمل على شريعة الله التي بعث الله بها رسوله فهذا يغني عن التحالف إلا عليها.
قال تعالى:
{ فَسَوْفَ يَأْتِ اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِيْن أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ}
- طاعة الأمراء والعلماء تابعة لطاعة الله ورسوله، فلا يطاعون إلا في طاعة الله ولا طاعة لهم في معصية الله.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنما الطاعة في المعروف ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"
- التعاون والتناصر يكون لجلب المحبوب ودفع المكروه، والمحبوب هو الموالي، والمكروه هو المعادي، ولهذا لابد لكل بني آدم ولاية وعداوة.
- الموالاة تقتضي التحاب والجمع، والمعاداة تقتضي التباغض والتفرق.
قال تعالى:
{يَا أَيها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بعَضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَـعضٍ وَمَنْ يتَوَلهَّمُ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يهدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِيْن}
- كل المتعاونين يجاهدون، ولكن منهم من يجاهد في سبيل الله ومنهم من يجاهد في سبيل غير الله.
- لابد في الإيمان من التعاون والتناصر على فعل ما يحبه الله تعالى ودفع ما يبغضه الله تعالى من الشرك والقول على الله بغير علم والإثم والبغي، وهذا هو الجهاد في سبيل الله.
- لا صلاح لبنى آدم إلا بأن يكون الدين كله لله وتكون كلمة الله هى العليا.
قال تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله}
9. النعيم التام في الدين الحق:
· النعيم حاصل لأتباع الدين الحق في الدنيا والآخرة.
· الأدلة العامة على حصول النعيم لأهل الدين الحق:
قال تعالى: {اهدِنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين}
وقال تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدى فَمَنِ اتبَّعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى. وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَة ضَنْكا وَنَحْشُرُهُ يوَم الْقِيَامَةِ أَعْمَى. قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرا . قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتنا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى}
· الأدلة على حصول النعيم في الدنيا والآخرة:
- قال تعالى: { إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَياةِ الدُّنْيَا وَيومَ يقومُ الْأَشْهَادُ }
- وقال تعالى: { وَلَقَدْ سبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِيْن . إِنَّهمْ لهَمُ الْمَنْصُورُونَ . وَإِنَّ جُنْدَنَا لهَمُ الْغَالِبُونَ}

· بيان تنازع بعض أهل البدع في هذه الأصول وأثرها في ضعف الإيمان:
أولا: القدرية:
- ظنوا أن تقدير الشرور والمعاصي منافيًا لحكمة الله عز وجل وإحسانه، فزعموا:
1. أن الله لا يخلق أحدا من الأشخاص إلا لأجل مصلحة المخلوق ولا يأمره إلا لأن أمره مصلحة له أيضا.
2. العبد هو الذي صرف عن نفسه المصلحة وفعل المفسدة بغير قدرة الرب وبغير مشيئته وهم إنما قصدوا بها
- النتيجة أنهم نفوا عن الله عز وجل صفة علمه وقدرته وكتابته وخلقه ونفوا مشيئته وعمومها، على تفاوت في نفيهم للمشيئة.
- لا يخفى أثر ذلك في ضعف تعظيم الرب سبحانه في قلوب عباده، فكيف يحصل في كونه وملكه ما لا يشاؤه !

ثانيًا: بعض أهل الإثبات، قابلوا القدرية في اعتقادهم:
1. أثبتوا عموم قدرة الله وعموم مشيئته وخلقه وعلمه القديم، لكن مع هذا زعموا أنه يخلق الخلق لا لحكمة في خلقهم ولا لرحمته لهم بل قد يكون خلقهم ليضرهم كلهم وهذا عندهم حكمة.
2. زعموا أنه قد يأمر العباد بما لا يكون مصلحة لهم ، بل قد يأمرهم بما إن فعلوه كان مضرة لهم وإن لم يفعلوه عاقبهم به.
3. قالوا يأمر بما يشاء وأنكروا أن يكون في الأحكام الشرعية من العلل المناسبة للأحكام من جلب المنافع ودفع
المضار
4. يجوزون مع هذا ألا يكون للعبد ثواب ومنفعة في فعل المأمور به، بل قد يكون مضرة ومفسدة في حقه، لكن لما جاءت الشريعة بالوعد قالوا هو موعود بالثواب الذي وعد به وربما قالوا إنه في الآخرة فقط.
النتيجة:
لا يخفى أثر هذا الاعتقاد في صرف الناس عن الطاعة، وإقبالهم على المعاصي، بل إن ضعف الإيمان بالوعد والعيد قد يؤدي لترك الدين بالكلية.


· الرد على شبهة أن النعيم الحاصل لأهل الدين الحق في الآخرة فقط، وبيان أوجه النعيم في الدين الحق:

- سبب الشبهة: رؤية ما يحصل لأهل الدين الحق من المصائب، وما يحصل لغيرهم من الرياسة والمال ونحوه من متع الدنيا، أو ما يراه من غلبة الكفار والمنافقين والظالمين على المؤمنين
- بنيت هذه الشبهة على مقدمتين:
الأولى: حسن ظن صاحبها بدينه واعتقاده في خصمه خلاف ذلك.
الثانية: أن الله قد لا يؤيد صاحب الدين الحق وينصره وقد لا يجعل له العاقبة في الدنيا فلا ينبغي الاغترار بهذا.
- ومبناها على أصلين:
الأول: الجهل بأمر الله ونهيه، وهذا يؤدي إلى ترك واجبات لعدم العلم بوجوبها، وفعل محرمات لعدم العلم بتحريمها.
الثاني: الجهل بوعد الله ووعيده؛ فيظن أن أهل الدين الحق في الدنيا يكونون معذبين أذلاء، بخلاف من فارقهم وخالفهم.
- خطر هذه الشبهة:
أولا: اعتقاد أن الدين لا يحصل إلا بفساد الدنيا، فيفرح بحصول الضرر ويرجو ثواب ضياع المنفعة.
ثانيًا: قد يصد هذا الاعتقاد عن الدين، فيبيع المرء دينه بعرض من الدنيا كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "يصبح الرجل مؤمنا ويمسى كافرا أو يمسى مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا"
- رد هذه الشبهة:
أولا: معرفة أمر الله ونهيه، وتوفر إرادة جازمة لطاعة الله فيما أمر واجتناب ما نهى عنه، وتمامها الاستغفار، لأنه قد يحصل للعبد تقصير في أثناء طاعته فيتممه الاستغفار.
ومعرفة حقيقة النعيم الذي يطلبه العبد من عمله، وتصديق وعد الله عز وجل مع الصبر، وبالصبر يتم اليقين بالوعد.
قال تعالى: {والْعَصْرِ . إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبر}
وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّة يهدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ}
وقال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا. ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إنّ الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرًا}
وقال تعالى: { وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِر حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِين}
ثانيًا: معرفة أن الابتلاء يحصل بالنعمة كما يحصل بالمصيبة، فابتلاء المؤمن بمصيبة ليس إهانة له، وابتلاء الكافر أو العاصي بنعمة ليس إكرامًا له.
كما قال تعالى: {فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعّمه فيقول ربي أكرمن. وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول رب أهانن}
- النعمة ليست دليلا على إكرام مطلق، والشدة والمصيبة ليس دليلا على إهانة مطلقة، بل الابتلاء في الموضعين، فإن شكر الله على النعمة، وصبر لله على الشدة والمصيبة كان خيرًا للمؤمن في الحالين.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له وإن أصابته ضراء فصب كان خيرا له" .
- إذا لم يشكر على النعمة، ولم يصبر على المصيبة كان كل واحد من الحاليْن شرا له.
قال تعالى{ وَنبلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالخَيْرِ فِتْنَة وَإِلَيْنَا تُرجَعُونَ}
وقال: {وَبلَوْنَاهُمْ بِالحسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يرجِعُونَ}
- الكرامات من ناحية الأمر والشرع نعمة يجب الشكر عليها، ومن ناحية القدر ابتلاء يجب أن يطيع الله فيها، فإن عصى الله بها استحق العذاب، ولو كانت في نفسها من آثار طاعة أخرى، لأن الواجب لزوم الاستقامة على الطاعة.
قال تعالى:
{وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاء غَدَقا . لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابا صَعَدا }
ثالثًا: معرفة أن اللذات إنما تحصل بأسباب وهذه الأسباب إما أن تكون بفعل العبد أو بأسباب أخرى يخلقها الله عز وجل.
- فإذا حصلت بمعصية العبد لله عز وجل، تكون المعصية هي سبب عذاب العبد
- وإذا حصلت بغير معصية وجب طاعة الله عز وجل فيها، مثل شكر الله عز وجل على الطعام الطيب.
الدليل : لما ضاف النبي صلى الله عليه وسلم أبا الهيثم بن التيهان وجلسوا في الظل وأطعمهم فاكهة ولحما وسقاهم ماء باردا قال هذا من النعيم الذي تسألون عنه
إشارة لقوله تعالى: {ثم لتسألن عن النعيم}، والسؤال هنا السؤال عن شكر العبد لله عز وجل على هذه النعم.
- ما يحصل بمصيبة انتصار العدو إنما هو بذنوب المؤمنين.
قال تعالى في يوم أحد: {أَوَلَمَّا أَصَابتكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قلتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}
وقال: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يومَ الْتَقَى الجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلهَّمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ولَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ}
- وينبغي أن يتوب المؤمن من ذنبه والصبر على مصيبته والثبات على الإيمان فإذا فعل ذلك كانت المصيبة سبيل سعادته.
قال تعالى:
{وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِيْن . إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلهُاَ بين النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِيْن . وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ}
- ذم الله عز وجل في كتابه من لا يثق بوعده لعباده المؤمنيْن وذكر ما يصيب الرسل والمؤمنيْن
قال تعالى:
{إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبلَغَتِ الْقُلُوبُ الحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظنُونَا. هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدا . وَإِذْ يقَولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورا. وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يثَرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَ يَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النبي يقَولُونَ إِنَّ بيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارا . وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلا يَسِيرا}
رابعًا: معرفة أوجه النعيم الذي يصيب المؤمنين في الدنيا وإن لاقوا الأذى والابتلاءات.
- بيان وجه النعيم التام في الدنيا لأهل الدين الحق:
الأصل الأول: أن حصول النصر لطائفة على أخرى لا ينفي حصول القتل والجرح والأذى في الطائفتين، ولكن ما مع المؤمنين من الإيمان يجعل لهم النعيم وإن غلبهم عدوهم وذلك لـ :
1. الموت يحصل للمؤمن والكافر، ويحصل بالقتال وغيره، فليس في قتل الشهداء مصيبة زائدة على ما هو معتاد لبنى آدم.
2. الموت في سبيل الله أيسر وأهون من الموت لأي سبب آخر، والفرار منه لا ينفع فالموت حاصل حاصل.
قال تعالى: {قُلْ لَنْ ينفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذا لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلا . قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يعصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحمَة وَلا يَجِدُونَ لهَمُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّا وَلا نَصِيرا}
3. ابتلاء المرء على حسب دينه، وأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، كما صح بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك تكفير لذنوب المؤمن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ولا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة)
4. جهاد المؤمنين للكفار فيه عذاب للكفار، فبعد نزول التوراة، لم يهلك الله الأمم بعذاب عام من السماء
قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بعدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُد ى وَرَحمة لَعَلَّهُمْ يتَذَكَّرُونَ}
وفي هذا من النعيم كما يلي:
- أعظم في ثواب المؤمنين وأجرهم وعلو درجاتهم لما يفعلونه من الجهاد في سبيل الله لأن تكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين كله لله.
- أنفع للكفار فقد يؤمنون، ومن ذلك تفسير أبي هريرة رضي الله عنه لقول الله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس} أنه قال: "وكنتم خير الناس للناس تأتون بهم في الأقياد والسلاسل حتى تدخلوهم الجنة "
ومنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أبى عرض ملك الجبال أن يطبق على الكفار الأخشبين وقال: "لا، استأني بهم لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله وحده لا شريك له"
- أعظم عزة للإيمان وأهله وأكثر لهم.
الأصل الثاني: أن اللذات إما دينية وإما دنيوية، في كليهما نعيم للمؤمنين.
- اللذات الدنيوية إما حسية مثل المأكل والمنكح، وإما نفسية مثل الرياسة والسلطان.
= والحسية يتفاوت الناس فيها تفاوتًا كبيرًا فقد يتمتع الواحد بما يتأذى به غيره من نوع الطعام أو النكاح، وقد يتمتع المقتصد منها أكثر من المسرف الذي اعتاد عليها.
= وإذا صرفت اللذة في المعصية، استحالت عذابًا لصاحبها.
- اللذات الدينية تكون بتصديق الخبر، وطاعة الأمر.
= بالنسبة لتصديق الخبر: ما لدى المؤمن من خبر فهو أصدق الأخبار عن الله عز وجل، ومن أصدق من الله قيلا، وما لدى الكفار وهم وضلال.
= بالنسبة لطاعة الأمر: ما لدى المؤمنين من الأوامر فيها صلاحهم ونفعهم في الدنيا والآخرة بعكس غيرهم
قال تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالهَمُ . وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالحاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الحقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالهَمُ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتبَّعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتبَّعُوا الحقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالهم}


والحمد لله رب العالمين.
أحسنت نفع الله بك:
- كون المحبة هي أصل الدين؛ هذا يتبع المقصد الرئيسي
- أحيانا مع القراءة في المقاصد الفرعية ومسائلها التي أوردتيها؛ ينسى القارئ المقصد المقصود لتشعب الكلام.
- فاتك الترتيب الموضوعي أحيانا؛ وهذا مما يشتت ذهن القارئ.
- جمع المسائل المتشابهة يغني عن التكرار.
ب+
تم خصم نصف درجة للتأخير

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثاني, التطبيق

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:38 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir