دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > بيان المُستشكل > تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 شوال 1431هـ/3-10-2010م, 02:26 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب تكرار الكلام والزّيادة فيه


باب تكرار الكلام والزّيادة فيه

وأما تكرار الأنباء والقصص، فإنّ اللّه تبارك وتعالى أنزل القرآن نجوما في ثلاث وعشرين سنة، بفرض بعد فرض: تيسيرا منه على العباد، وتدريجا لهم إلى كمال دينه، ووعظ بعد وعظ: تنبيها لهم من سنة الغفلة، وشحذا لقلوبهم بمتجدّد الموعظة، وناسخ بعد منسوخ: استعبادا له واختبارا لبصائرهم. يقول اللّه عز وجل: {وقال الّذين كفروا لو لا نزّل عليه القرآن جملةً واحدةً كذلك لنثبّت به فؤادك ورتّلناه ترتيلًا (32)} [الفرقان: 32].
الخطاب للنبي، صلّى اللّه عليه وسلم، والمراد بالتثبيت هو والمؤمنون.
وكان رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلم، يتخوّل أصحابه بالموعظة مخافة السآمة عليهم، أي يتعهّدهم بها عند الغفلة ودثور القلوب.
ولو أتاهم القرآن نجما واحدا لسبق حدوث الأسباب التي أنزله اللّه بها، ولثقلت جملة الفرائض على المسلمين، وعلى من أراد الدخول في الدين، ولبطل معنى التنبيه، وفسد معنى النسخ، لأن المنسوخ يعمل به مدة ثم يعمل بناسخه بعده.
[تأويل مشكل القرآن: 232]
وكيف يجوز أن ينزل القرآن في وقت واحد: افعلوا كذا ولا تفعلوه؟.
ولم يفرض اللّه على عباده أن يحفظوا القرآن كلّه، ولا أن يختموه في التعلم، وإنما أنزله ليعملوا بمحكمه، ويؤمنوا بمتشابهه، ويأتمروا بأمره. وينتهوا بزجره: ويحفظوا للصلاة مقدار الطاقة، ويقرؤوا فيها الميسور.
قال الحسن: نزل القرآن ليعمل به، فاتخذ الناس تلاوته عملا.
وكان أصحاب رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلم، ورضي عنهم- وهم مصابيح الأرض وقادة الأنام ومنتهى العلم- إنما يقرأ الرّجل منهم السورتين، والثلاث، والأربع، والبعض والشّطر من القرآن، إلا نفرا منهم وفقهم اللّه لجمعه، وسهّل عليهم حفظه.
قال أنس بن مالك: كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جدّ فينا. أي جلّ في عيوننا، وعظم في صدورنا.
قال الشّعبي: توفى أبو بكر، وعمر، وعلي، رحمهم اللّه، ولم يجمعوا القرآن.
وقال: لم يختمه أحد من الخلفاء غير عثمان.
وروي عن شريك، عن إسماعيل بن أبي خالد أنه قال:
[تأويل مشكل القرآن: 233]
سمعت الشّعبي يحلف باللّه، عز وجل، لقد دخل عليّ حفرته وما حفظ القرآن.
وكانت وفود العرب ترد على رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلم للإسلام، فيقرئهم المسلمون شيئا من القرآن، فيكون ذلك كافيا لهم.
وكان يبعث إلى القبائل المتفرّقة بالسّور المختلفة، فلو لم تكن الأنباء والقصص مثنّاة ومكرّرة لوقعت قصّة موسى إلى قوم، وقصة عيسى إلى قوم، وقصة نوح إلى قوم، وقصة لوط إلى قوم.
فأراد اللّه، بلطفه ورحمته، أن يشهر هذه القصص في أطراف الأرض ويلقيها في كل سمع، ويثبتها في كل قلب، ويزيد الحاضرين في الإفهام والتحذير.
وليست القصص كالفروض، لأنّ كتب رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلم
[تأويل مشكل القرآن: 234]
كانت تنفذ إلى كل قوم بما فرضه اللّه عليهم من الصلاة، وعددها وأوقاتها، والزّكاة وسنتها، وصوم شهر رمضان، وحجّ البيت. وهذا ما لا تعرف كيفيته من الكتاب، ولم تكن تنفذ بقصة موسى وعيسى ونوح وغيرهم من الأنبياء. وكان هذا في صدر الإسلام قبل إكمال اللّه الدين، فلما نشره اللّه عز وجل في كل قطر، وبثّه في آفاق الأرض، وعلم الأكابر الأصاغر، وجمع القرآن بين الدّفّتين-: زال هذا المعنى، واجتمعت الأنباء في كل مصر وعند كل قوم.
وأما تكرار الكلام من جنس واحد وبعضه يجزئ عن بعض، كتكراره في: {قل يا أيّها الكافرون (1)} [الكافرون: 1] وفي سورة الرحمن بقوله: {فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان (13)} [الرحمن: 13] فقد أعلمتك أنّ القرآن نزل بلسان القوم، وعلى مذاهبهم. ومن مذاهبهم التكرار: إرادة التوكيد والإفهام، كما أن من مذاهبهم الاختصار: إرادة التخفيف والإيجاز، لأن افتتان المتكلم والخطيب في الفنون، وخروجه عن شيء إلى شيء- أحسن من اقتصاره في المقام على فنّ واحد.
وقد يقول القائل في كلامه: واللّه لا أفعله، ثم واللّه لا أفعله. إذا أراد التوكيد وحسم الأطماع من أن يفعله. كما يقول: واللّه أفعله، بإضمار (لا) إذا أراد الاختصار.
قال اللّه عز وجل: {كلّا سوف تعلمون (3) ثمّ كلّا سوف تعلمون (4)} [التكاثر: 3، 4].
[تأويل مشكل القرآن: 235]
وقال: {فإنّ مع العسر يسراً (5) إنّ مع العسر يسراً (6)} [الشرح: 5، 6].
وقال: {أولى لك فأولى (34) ثمّ أولى لك فأولى (35)} [القيامة: 34، 35].
وقال: {وما أدراك ما يوم الدّين (17) ثمّ ما أدراك ما يوم الدّين (18)} [الانفطار: 17، 18] كلّ هذا يراد به التأكيد للمعنى الذي كرّر به اللفظ.
وقد يقول القائل للرجل: اعجل اعجل، وللرامي: ارم ارم.
وقال الشاعر:
كم نعمة كانت لكم كم كم وكم
وقال الآخر:
هلّا سألت جموع كن دة يوم ولّوا أين أينا
وقال عوف بن الخرع:
وكادت فزارة تصلي بنا فأولى فزارة أولى فزارا
وربما جاءت الصفة فأرادوا توكيدها، واستوحشوا من إعادتها ثانية لأنها كلمة واحد، فغيّروا منها حرفا، ثم أتبعوها الأولى.
[تأويل مشكل القرآن: 236]
كقولهم: (عطشان نطشان) كرهوا أن يقولوا: عطشان عطشان، فأبدلوا من العين نونا.
وكذلك قولهم: (حسن بسن) كرهوا أن يقولوا: حسن حسن، فأبدلوا من الحاء باء. و(شيطن ليطان) في أشباه له كثيرة.
ولا موضع أولى بالتكرار للتوكيد من السبب الذي أنزلت فيه: {قل يا أيّها الكافرون (1)} [الكافرون: 1] لأنهم أرادوه على أن يعبد ما يعبدون، ليعبدوا ما يعبد، وأبدؤوا في ذلك وأعادوا، فأراد اللّه، عزّ وجلّ، حسم أطماعهم وإكذاب ظنونهم، فأبدأ وأعاد في الجواب. وهو معنى قوله: {ودّوا لو تدهن فيدهنون (9)} [القلم: 9] أي تلين لهم في دينك فيلينون في أديانهم.
وفيه وجه آخر، وهو: أن القرآن كان ينزل شيئا بعد شيء وآية بعد آية، حتى لربما نزل الحرفان والثلاثة.
قال زيد بن ثابت: كنت أكتب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله. فجاء عبد اللّه ابن أمّ مكتوم فقال: يا رسول اللّه إني أحب الجهاد في سبيل اللّه، ولكن بي من الضرر ما ترى. قال زيد: فثقلت فخذ رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلم، على فخذي حتى خشيت أن ترضّها، ثم قال: اكتب:
[تأويل مشكل القرآن: 237]
{لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضّرر والمجاهدون في سبيل اللّه} [النساء: 95].
وروى عبد الرّزاق، عن معمر، عن قتادة، عن الحسن أنه قال في قول اللّه عز وجل: {ورتّلناه ترتيلًا} [الفرقان: 32] قال: كان ينزل آية وآيتين وآيات، جوابا لهم عما يسألون وردّا على النبي. وكذلك معنى قوله سبحانه: {ونزّلناه تنزيلًا} [الإسراء: 106] شيئا بعد شيء.
فكأن المشركين قالوا له: أسلم ببعض آلهتنا حتى نؤمن بإلهك، فأنزل اللّه: {لا أعبد ما تعبدون (2) ولا أنتم عابدون ما أعبد (3)} [الكافرون: 2، 3]. يريد إن لم تؤمنوا حتى أفعل ذلك. ثم غبروا مدّة من المدد وقالوا: تعبد آلهتنا يوما أو شهرا أو حولا، ونعبد إلهك يوما أو شهرا أو حولا، فأنزل اللّه تعالى: {ولا أنا عابدٌ ما عبدتّم (4) ولا أنتم عابدون ما أعبد (5)} [الكافرون: 4، 5]. على شريطة أن تؤمنوا به في وقت وتشركوا به في وقت.
[تأويل مشكل القرآن: 238]
قال أبو محمد: وهذا تمثيل أردت أن أريك به موضع الإمكان.
وأما تكرار {فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان (13)} [الرحمن: 13] فإنه عدّد في هذه السورة نعماءه، وأذكر عباده آلاءه، ونبههم على قدرته ولطفه بخلفه، ثم أتبع ذكر كل خلّة وصفها بهذه الآية، وجعلها فاصلة بين كل نعمتين، ليفهّمهم النّعم ويقرّرهم بها.
وهذا كقولك للرجل أجل أحسنت إليه دهرك وتابعت عنده الأيادي، وهو في ذلك ينكرك ويكفرك: ألم أبوّئك منزلا وأنت طريد؟ أفتنكر
[تأويل مشكل القرآن: 239]
هذا؟ و: ألم أحملك وأنت راجل؟ ألم أحج بك وأنت صرورة؟ أفتنكر هذا؟.
ومثل ذلك تكرار {فهل من مدّكرٍ} [القمر: 15، 17، 22، 32، 40، 51] في سورة (اقتربت الساعة) أي: هل من معتبر ومتّعظ؟.
وأما تكرار المعنى بلفظين مختلفين، فلإشباع المعنى والاتساع في الألفاظ.
وذلك كقول القائل: آمرك بالوفاء، وأنهاك عن الغدر. والأمر بالوفاء هو النّهي عن الغدر. و: آمركم بالتّواصل، وأنهاكم عن التّقاطع. والأمر بالتواصل هو النهي عن التّقاطع.
وكقوله سبحانه: {فيهما فاكهةٌ ونخلٌ ورمّانٌ (68)} [الرحمن: 68]. والنخل والرّمان من الفاكهة، فأفردهما عن الجملة التي أدخلهما فيها، لفضلهما وحسن موقعهما.
وقوله سبحانه: {حافظوا على الصّلوات والصّلاة الوسطى} [البقرة: 238] وهي منها، فأفردها بالذّكر ترغيبا فيها، وتشديدا لأمرها، كما تقول: إيتني كل يوم، ويوم الجمعة خاصّة.
وقال سبحانه: {أم يحسبون أنّا لا نسمع سرّهم ونجواهم} [الزخرف: 80] والنّجوى
[تأويل مشكل القرآن: 240]
هو السر. وقد يجوز أن يكون أراد بالسرّ: ما أسرّوه في أنفسهم، وبالنّجوى: ما تسارّوا به.
وقال ذو الرّمة:
لمياء في شفتيها حوّة لعس وفي اللّثات وفي أنيابها شنب
واللّعس هو: حوّة، فكرّر لما اختلف اللفظان.
ويمكن أن يكون لما ذكر الحوّة، خشي أن يتوهّم السامع سوادا قبيحا، فبيّن أنه لعس، واللعس يستحسن في الشّفاه.
وأمّا الزيادة في التوكيد فكقوله سبحانه: {يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم} [آل عمران: 167] لأن الرجل قد يقول بالمجاز: كلمت فلانا، وإنما كان ذلك كتابا أو إشارة على لسان غيره، فأعلمنا أنهم يقولون بألسنتهم.
وكذلك قوله: {يكتبون الكتاب بأيديهم} [البقرة: 79] لأن الرجل قد يكتب بالمجاز، وغيره الكاتب عنه.
[تأويل مشكل القرآن: 241]
ويقول الأمّي: كتبت إليك، وهذا كتابي إليك. وكلّ فعل أمرت به فأنت الفاعل له، وإن وليه غيرك. قال اللّه عز وجل: في التابوت: {تحمله الملائكة} [البقرة: 248].
قال ابن عباس رضي اللّه عنه في رواية أبي صالح عنه: هذا كما تقول: حملت إلى بلد كذا وكذا برّا وقمحا، وإنما تريد أمرت بحمله.
فأعلمنا أنهم يكتبونه بأيديهم ويقولون: هو من عند اللّه. وقد علموا يقينا- إذ كتبوه بأيديهم- أنه ليس من عند اللّه.
وقال تعالى: {فراغ عليهم ضرباً باليمين (93)} [الصافات: 93] لأن في اليمين القوة وشدّة البطش، فأخبرنا عن شدة ضربه بها.
وقال الشّمّاخ:
إذا ما راية رفعت لمجد تلقّاها عرابة باليمين
[تأويل مشكل القرآن: 242]
أي أخذها بقوة ونشاط.
وقوله سبحانه: {ولا طائرٍ يطير بجناحيه} [الأنعام: 38]. كما تقول رأي عيني وسمع أذني نفسي التي بين جنبيّ.
وقوله: {ولكن تعمى القلوب الّتي في الصّدور} [الحج: 46]. كما تقول: نفسي التي بين جنبيّ.
وقال: {فصيام ثلاثة أيّامٍ في الحجّ وسبعةٍ إذا رجعتم تلك عشرةٌ كاملةٌ} [البقرة: 196].
أراد توكيد ما أوجبه عليه من الصيام بجمع العددين وذكره مجملا، كما قال الشاعر:
ثلاث واثنتان فهنّ خمس وسادسة تميل إلى شمام
وقد تزاد (لا) في الكلام والمعنى: طرحها لإباء في الكلام أو جحد.
[تأويل مشكل القرآن: 243]
كقول اللّه عز وجل: {ما منعك ألّا تسجد إذ أمرتك} [الأعراف: 12]. أي ما منعك أن تسجد. فزاد في الكلام (لا) لأنه لم يسجد.
وقوله سبحانه: {وما يشعركم أنّها إذا جاءت لا يؤمنون} [الأنعام: 109] يريد وما يشعركم أنها إذا جاءت يؤمنون، فزاد (لا) لأنهم لا يؤمنون إذا جاءت.
ومن قرأها بكسر إنّ، فإنه يجعل الكلام تاما عند قوله: {وما يشعركم} ثم يبتدئ فيقول: {أنّها إذا جاءت لا يؤمنون}.
[تأويل مشكل القرآن: 244]
وقوله سبحانه: {وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون (95)} [الأنبياء: 95].
يريد أنهم يرجعون، فزاد (لا): لأنهم لا يرجعون.
وقوله سبحانه: {لئلّا يعلم أهل الكتاب ألّا يقدرون على شيء من فضل اللّه} [الحديد: 29]. يريد ليعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون، فزاد (لا) في أول الكلام، لأن في آخر الكلام جحدا.
وكذلك قوله أبي النجم:
فما ألوم البيض ألا تسخرا
[تأويل مشكل القرآن: 245]
أي أن تسخرا، فزاد (لا) في آخر الكلام، للجعد في أوله.
وقول العجّاج:
في بئر لا حور سرى وما شعر
فزاده (لا) في أول الكلام، لأن في آخره جحدا.
وأما زيادة (لا) في قوله: {لا أقسم بيوم القيامة (1) ولا أقسم بالنّفس اللّوّامة (2)} [القيامة: 1، 2].
وقوله: {فلا أقسم بالشّفق (16)} [الانشقاق: 16]. و: {لا أقسم
[تأويل مشكل القرآن: 246]
بهذا البلد (1)} [البلد: 1]-: فإنها زيدت في الكلام على نية الرّد على المكذبين، كما تقول في الكلام:
لا واللّه ما ذاك كما تقول. لو قلت: واللّه ما ذاك كما تقول، لكان جائزا، غير أن إدخالك (لا) في الكلام أوّلا، أبلغ في الرّدّ.
وكان بعض النحويين يجعلها صلة. ولو جاز هذا لم يكن بين خبر فيه الجحد، وخبر فيه الإقرار- فرق.
و(ألا) تزاد في الكلام للتنبيه.
كقوله: {ألا حين يستغشون ثيابهم} [هود: 5] و: {ألا يوم يأتيهم ليس مصروفاً عنهم} [هود: 8].
[تأويل مشكل القرآن: 247]
وقال الشاعر:
ألا أيّهذا الرّاجزي أحضر الوغى وأن أشهد اللّذّات: هل أنت مخلدي
أراد أيّها الزاجري أن أحضر الوغى فزاد (ألا) وحذف (أن).
والباء تزاد في الكلام، والمعنى إلقاؤها.
كقوله سبحانه: {تنبت بالدّهن} [المؤمنون: 20].
وقوله: {اقرأ باسم ربّك} [العلق: 1] أي اسم ربك.
{وعيناً يشرب بها عباد اللّه} [الإنسان: 6] أي يشربها.
{وهزّي إليك بجذع النّخلة} [مريم: 25] أي هزّي جذع.
{وقال فستبصر ويبصرون (5) بأيّكم المفتون (6)} [القلم: 5، 6] أي أيكم المفتون.
[تأويل مشكل القرآن: 248]
وقال الأعشى:
ضمنت برزق عيالنا أرماحنا وقال الآخر:
نضرب بالسّيف ونرجو بالفرج وقال امرؤ القيس:
هصرت بغصن ذي شماريخ ميّال أي: غصنا.
وقال أمية بن أبي الصّلت:
إذ يسفّون بالدقيق وكانوا قبل لا يأكلون شيئا فطيرا
[تأويل مشكل القرآن: 249]
وقال: {تلقون إليهم بالمودّة} [الممتحنة: 1].
وقوله: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ} [الحج: 25].
و(من) قد تزاد في الكلام أيضا، كقوله: {ما أريد منهم من رزقٍ} [الذاريات: 57] أي: ما أريد منهم رزقا.
وتقول: ما أتاني من أحد، أي أحد.
و(اللام) قد تزاد، كقوله سبحانه: {للّذين هم لربّهم يرهبون} [الأعراف: 154].
و(الكاف) قد تزاد، كقوله: {ليس كمثله شيء} [الشورى: 11].
و(على) قد تزاد. قال حميد بن ثور:
أبى اللّه إلا أنّ سرحة مالك على كلّ أفنان العضاه تروق
[تأويل مشكل القرآن: 250]
أراد: تروق كلّ أفنان.
و(عن) تزاد قال تعالى: {يخالفون عن أمره} [النور: 63].
و(إنّ الثقيلة) تزاد كقوله سبحانه: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملًا (30)} [الكهف: 30].
وكذلك قوله: {قل إنّ الموت الّذي تفرّون منه فإنّه ملاقيكم} [الجمعة: 8].
وقال الشاعر:
إنّ الخليفة إنّ اللّه سربله سربال ملك به ترجى الخواتيم
و(إن الخفيفة) تزاد، كقول الشاعر:
ما إن رأيت ولا سمعت به كاليوم هانئ أينق جرب
وقال عز وجل: {ولقد مكّنّاهم فيما إن مكّنّاكم فيه} [الأحقاف: 26].
وقال بعضهم: أراد فيما مكّنّاكم فيه، و(إن) زائدة.
[تأويل مشكل القرآن: 251]
وقال بعضهم: هي بمعنى مكّنّاهم فيما لم نمكنكم فيه.
و(إذ) قد تزاد، كقوله: {وإذ قال ربّك للملائكة} [البقرة: 30].
{وإذ قال لقمان لابنه} [لقمان: 13]. أي: وقال.
وقال ابن ميّادة: إذ لا يزال قائل: أبن أبن و(ما) قد تزاد، كقوله: {قال عمّا قليلٍ ليصبحنّ نادمين (40)} [المؤمنون: 40] {وأيًّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} [الإسراء: 110].
و(واو النّسق) قد تزاد حتى يكون الكلام كأنه لا جواب له، كقوله:
[تأويل مشكل القرآن: 252]
{حتّى إذا جاؤوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها} [الزمر: 73]. والمعنى: قال لهم خزنتها.
وقوله: {فلمّا ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابت الجبّ وأوحينا إليه} [يوسف: 15].
وقوله سبحانه: {فلمّا أسلما وتلّه للجبين (103) وناديناه} [الصافات: 103، 104].
وكقوله: {حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كلّ حدبٍ ينسلون (96) واقترب الوعد الحقّ} [الأنبياء: 96، 97].
وقوله: {اتّبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم} [العنكبوت: 12] أي: لنحمل خطاياكم عنكم.
قال امرؤ القيس:
فلما أجزنا ساحة الحيّ وانتحى بنا بطن خبت ذي قفاف عقنقل
[تأويل مشكل القرآن: 253]
أراد انتحى.
وقال آخر:
حتّى إذا قملت بطونكم ورأيتم أبناءكم شبّوا
وقلبتم ظهر المجنّ لنا إن اللّئيم العاجز الخبّ
أراد: قلبتم.
ومما يزاد في الكلام: (الوجه)، يقول اللّه عز وجل: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه} [الأنعام: 52]. أي: يريدونه بالدعاء.
و{كلّ شيء هالكٌ إلّا وجهه} [القصص: 88] أي: إلا هو.
و{فأينما تولّوا فثمّ وجه اللّه} [البقرة: 115] أي: فثمّ اللّه.
و{إنّما نطعمكم لوجه اللّه} [الإنسان: 9]. أي: للّه.
[تأويل مشكل القرآن: 254]
و(الاسم) يزاد، قال: أبو عبيدة: بسم اللّه إنما هو باللّه، وأنشد للبيد:
إلى الحول ثمّ السلام عليكما ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر
أي: السلام عليكما.
و{تبارك اسم ربّك} [الرّحمن: 78]، أي: تبارك ربّك.
[تأويل مشكل القرآن: 255]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, تكرار

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:12 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir