حرّر القول في واحدة من المسائل التالية:
1: معنى "المسوّمة" في قوله تعالى: {وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ}.
ذكر في معنى المسومة أقوال:
الأول: الراعية في المروج والمسارح. وهو قول سعيد بن جبير وابن عباس وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى والحسن والربيع ومجاهد. ذكره ابن عطية.
الثاني: المسوّمة معناه المطهمة الحسان. وهو قول ابن عباس, وروي عن مجاهدٍ، وعكرمة، وسعيد بن جبيرٍ، وعبد الرّحمن بن عبد اللّه بن أبزى، والسّدّي، والرّبيع بن أنسٍ، وأبي سنان وغيرهم. ذكره ابن عطية, وابن كثير.
الثالث: المسوّمة معناه المعلمة، شيات الخيل في وجوهها. وهو قول قتادة وروي عن ابن عباس. ذكره ابن عطية.
الثالث: المعدة للجهاد. وهو قول ابن زيد ذكره ابن عطية.
الرابع: الغرّة والتّحجيل. وهو قول مكحول. ذكره ابن كثير.
الدراسة:
ذكر أهل العلم في معنى المسومة أقوال, ويرجع اختلافهم في ذلك إلى معنى المسومة لغة فمن ذلك:
ما ذكره الأزهري في مقاييس اللغة قال: (سوم) السين والواو والميم أصل يدل على طلب الشيء. يقال سمت الشيء، أسومه سوما. ومنه السوم في الشراء والبيع. ومن الباب سامت الراعية تسوم، وأسمتها أنا. قال الله تعالى: {فيه تسيمون} ، أي ترعون. ويقال سومت فلانا في مالي تسويما، إذا حكمته في مالك. وسومت غلامي: خليته وما يريد. والخيل المسومة: المرسلة وعليها ركبانها. وأصل ذلك كله واحد.
وما ذكره الزجاج من أن معنى المسومة: الخيل عليها السيماء , والسّومة , وهي العلامة، ويجوز وهو حسن أن يكون المسومة: السائمة، وأسيمت: أرعيت.
وما ذكره صاحب مختار الصحاح فقال: والخيل (المسومة) المرعية. والمسومة أيضا المعلمة. وقوله تعالى:«{مسومين}» قال الأخفش: يكون معلمين ويكون مرسلين من قولك: سوم فيها الخيل أي أرسلها.
وهو ما يوافق القول الأول, ويشهد له قول النبي صلى الله عليه وسلم: «في سائمة الغنم الزكاة», ويشهد له أيضا قوله عز وجل: {فيه تسيمون}.
تقول: سامت الدابة أو الشاة إذا سرحت وأخذت سومها من الرعي أي غاية جهدها ولم تقصر عن حال دون حال.
وأسمتها أنا إذا تركتها لذلك.
ويشهد للقول الثاني بيت لبيد: وغداة قاع القرنتين أتينهم ....... زجلا يلوح خلالها التّسويم
وأما قول النابغة: بسمر كالقداح مسوّمات ....... عليها معشر أشباه جنّ
فيحتمل أن يريد المطهمة الحسان، ويحتمل أن يريد المعلمة بالشيات ويحتمل أن يريد المعدة.
ومن ذلك يتضح أن المسومة قد يراد بها المرعية, أو المعلمة, أو المطهمة الحسان, ولكن أكثر أهل اللغة على أنها المرعية المتروكة وعليها ركبانها.
والله أعلم