دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 صفر 1438هـ/24-11-2016م, 03:33 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس الثامن: مجلس مذاكرة القسم الحادي عشر من تفسير سورة البقرة من الآية 142 إلى الآية 158

مجلس مذاكرة القسم الحادي عشر من تفسير سورة البقرة
الآيات (142 - 158)

أجب على إحدى المجموعات التالية:
المجموعة الأولى:
1: فسّر
قول الله تعالى:

{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)} البقرة.
2: حرّر القول في كل من:

أ: الحكمة من الأمر بالصلاة إلى بيت المقدس ثم إلى الكعبة، مع الاستدلال.
ب: هل كانت الصلاة إلى بيت المقدس بوحي متلوّ؟
3: بيّن ما يلي:
أ: متعلّق "كما" في قوله تعالى: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا} الآية.
ب: كيف كان تحويل الصلاة إلى الكعبة دليلا على عناية الله بهذه الأمة.
ج: مناسبة قوله تعالى: {ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع} لما قبله.

المجموعة الثانية:
1: فسّر قول الله تعالى:

{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)}.
2:
حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالشهادة في قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس}.
ب: معنى قوله تعالى: {لئلا يكون للناس عليكم حجّة إلا الذين ظلموا منهم}.
3: بيّن ما يلي:
أ: الحكمة من تكرار الأمر بتحويل القبلة في الآيات.
ب: فضل سادات الصحابة في حادثة تحويل القبلة، مع الاستدلال.
ج: متعلّق الاستعانة في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة}.


المجموعة الثالثة:
1: فسّر قول الله تعالى:

{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158) }.
2:
حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالسفهاء وموقفهم من تحويل القبلة في قوله تعالى: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها}.

ب: معنى قوله تعالى: {إلا لنعلم من يتّبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه} الآية.
3: بيّن ما يلي:
أ: المخاطب في الآية، ومعنى الذكر في قوله تعالى: {فاذكروني أذكركم}.
ب: المراد بالإيمان وفائدة التعبير عنه بوصف الإيمان في قوله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}.
ج: معنى الصبر، وأنواعه، وفضله.



تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24 صفر 1438هـ/24-11-2016م, 05:04 PM
هلال الجعدار هلال الجعدار غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: مصر
المشاركات: 608
افتراضي مجلس مذاكرة القسم الحادي عشر من تفسير سورة البقرة (الآيات 142 – 158)

مجلس مذاكرة القسم الحادي عشر من تفسير سورة البقرة
الآيات 142 – 158))

أجب على إحدى المجموعات التالية:
المجموعة الأولى:
1:فسّر قول الله تعالى:
{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)} البقرة.
1: التفسير
قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ: أي قد نرى يا محمد تقلب وجهك ونظرك إلى السماء، داعياً وراجياً أن يحولك الله في صلاتك إلى بيته الحرام، وكان ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بترك الصلاة إلى بيت المقدس, فكان ينتظر أن ينزل عليه الوحي إلى أي قبلة يصلّي
قال قتادة والسدي وغيرهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلب وجهه في الدعاء إلى الله تعالى أن يحوله إلى قبلة مكة، وقيل كان يقلب ليؤذن له في الدعاء.
فِي السَّمَاءِ: وذلك لأن السماء جهة قد تعود العالم منها الرحمة كالمطر والأنوار والوحي فهم يجعلون رغبتهم حيث توالت النعم.
فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا: أي تحبها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الكعبة والتحول عن بيت المقدس لوجوه ثلاثة :
قال مجاهد: لقول اليهود ما علم محمد دينه حتى اتبعنا.
وقال ابن عباس: وليصيب قبلة إبراهيم عليه السلام.
وقال الربيع والسدي: وليستألف العرب لمحبتها في الكعبة.
والقبلة هي الكعبة.
فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ: أي ولِّ وجهك نحو وقبل المسجد الحرام.
وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ: وهذا أمرباستقبال الكعبة في الصلاة من جميع جهات الأرض، ومن أي مكان كان، وهو أمر لجميع الأمة.
وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ: قيل المقصود اليهود، وقيل بل هم اليهود والنصارى.
لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ: أي أن اليهود والنصارى يعلمون يقيناً أن الكعبة هي قبلة إبراهيم عليه السلام، وهي القبلة الحق، ويعلمون من كتبهم أن الله سيوجهك عن بيت المقدس إلى بيه الحرام.
وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ: وهذا تهديد ووعيد من الله لهم، وفيه بيان أن الله يعلم أفعال العباد ليس بغافل عنها.

2:حرّر القول في كل من:
أ: الحكمة من الأمر بالصلاة إلى بيت المقدس ثم إلى الكعبة، مع الاستدلال.
أ: الحكمة من الأمر بالصلاة إلى بيت المقدس ثم إلى الكعبة هو:
امتحان واختبار لمن يتبع النبي صلى الله عليه وسلم من العرب الذين كانوا يألفون ويعظمون البيت الحرام وينافرون بيت المقدس وغيره.
قال ابن جريج:بلغني أن ناسا ممن كان أسلم رجعوا عن الإسلام.
أو فتنة لليهود حينما قالوا للنبي أن بيت المقدس هو قبلة الأنبياء، فإن صليت إليه اتبعناك.
روي عن الضحاك أنه قال: أن الأحبار قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن بيت المقدس هو قبلة الأنبياء، فإن صليت إليه اتبعناك، فأمره الله بالصلاة إليه امتحانا لهم فلم يؤمنوا.
والدليل قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ}.خُلاصة ما ذكره ابن عطية وابن كثير

ب: هل كانت الصلاة إلى بيت المقدس بوحي متلوّ؟
ب: الأمر بالصلاة إلى بيت المقدس
واختلف العلماء في ذلك على قولين:-
الأول:أنه كان أمر بالقرآن. ذكر ابن فورك عن ابن عباس قال: أول ما نسخ من القرآن القبلة.
الثاني: أنه كان بوحي غير متلو. وقالوا كان ذلك ليختبر الله تعالى من آمن من العرب، لأنهم كانوا يألفون الكعبة وينافرون بيت المقدس وغيره.وهو قول الجمهور، وقال الربيع: خيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم في النواحي فاختار بيت المقدس، ليستألف بها أهل الكتاب.
وذكر ابن كثير عن القرطبيّ في تفسيره عن عكرمة وأبي العالية والحسن البصريّ أنّ التّوجّه إلى بيت المقدس كان باجتهاده عليه الصّلاة والسّلام. خُلاصة ما ذكره ابن عطية وابن كثير

3:بيّن ما يلي:
أ: متعلّق "كما" في قوله تعالى: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا} الآية.
أ: متعلّق
"كما" في الآية
ذكر المفسرون فيها أربعة أقوال:
فقيل: تصلح أن تكون جوابا ورد لما قبلها. فيكون: {لعلّكم تهتدون}., {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم}.ذكره الزجاج وابن عطية
وقيل: هي معلقة بقوله عزّ وجلّ{فاذكروني أذكركم}أي: فاذكروني بالشكر والإخلاص كما أرسلنا فيكم. قال مجاهدٌ في قوله: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم}يقول: ((كما فعلت فاذكروني)).ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
قال الزجاج: فإن قال قائل فكيف يكون جواب {كما أرسلنا}: {فاذكروني أذكركم},جواب ههنا إنما يصلح أن يكون جوابين ؛ لأن قوله: {فاذكروني}أمر، وقوله:{أذكركم}جزاء اذكروني, والمعنى :إن تذكروني أذكركم.
وقيل: أنها رد على قوله لأتمّ أي إتماما كما. أي لأتم نعمتي عليكم في بيان سنة إبراهيم عليه السلام كما أرسلنا فيكم رسولًا منكم إجابة لدعوته في قوله ربّنا وابعث فيهم رسولًا منهم الآية. وقال ابن عطية: وهذا أحسن الأقوال.ذكره ابن عطية
وقيل: هو في موضع نصب على الحال. ذكره ابن عطية

ب: كيف كان تحويل الصلاة إلى الكعبة دليل على عناية الله بهذه الأمة.
ب: الدليل على أن تحويل القبلة كانت من عناية الله بهذه الأمة
الدليل الأول: قوله تعالى:{وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}ووجه الدلالة أنه بيّن سبحانه تمام نعمة ومنته فيما شرع من استقبال الكعبة، لتكمل الشّريعة من جميع وجوهها، وبيّن أنه هدى هذه الأمة إلى ما ضلّت عنه الأمم السابقة، وخصهم به، ولهذا كانت هذه الأمّة أشرف الأمم وأفضلها.
قال أبو العالية: لليهوديّ وجهةٌ هو مولّيها، وللنّصرانيّ وجهةٌ هو مولّيها، وهداكم أنتم أيّتها الأمّة الموقنون للقبلة التي هي القبلة. وهو مروي بنحوه عن مجاهدٍ، وعطاءٍ، والضّحّاك، والرّبيع بن أنسٍ، والسّدّيّ .
والدليل الثاني: قوله تعالى: {قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}ووجه الدلالة أنه تعالى يُبين عنايته العظيمة بعبده ورسوله محمّدٍ -صلوات اللّه وسلامه عليه -وأمته؛ إذ هداهم إلى قبلة إبراهيم، خليل الرّحمن، وجعل توجّههم إلى الكعبة المبنيّة على اسمه تعالى وحده لا شريك له، أشرف بيوت اللّه في الأرض، إذ هي بناء إبراهيم الخليل، عليه السّلام.
وقد روى الإمام أحمد، بسنده عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -يعني في أهل الكتاب: ((إنّهم لا يحسدوننا على شيءٍ كما يحسدوننا على يوم الجمعة، التي هدانا اللّه لها وضلوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلّوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام: آمين)).خُلاصة ما ذكره ابن كثير

ج: مناسبة قوله تعالى: {ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع} لما قبله.
ج: مناسبة القول لما قبله
مناسبة القول بيان أن الدنيا دار بلاء ومحن، فلا تنكروا ايها المؤمنون فراق الإخوان والقرابة.
قال ابن عطية: لما أمر تعالى بالاستعانة بالصبر وأخبر أنه مع الصابرين، ثم اقتضت الآية بعدها من فضل الشهداء ما يقوي الصبر عليهم ويخفف المصيبة، ثم جاء بعد ذلك من هذه الأمور التي لا تتلقى إلا بالصبر أشياء تعلم أن الدنيا دار بلاء ومحن، أي فلا تنكروا فراق الإخوان والقرابة، ثم وعد الصابرين أجرا.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25 صفر 1438هـ/25-11-2016م, 07:08 AM
كوثر التايه كوثر التايه غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 787
افتراضي

المجموعة الأولى:
1: فسّر قول الله تعالى:
{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)} البقرة
قال ابن كثير رواية عن ابن مردويه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته إلى بيت المقدس رفع رأسه إلى السماء فأنزل الله (فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام)
التقلب: النظر إلى السماء ،كان النبي صلى الله عليه وسلم ينتظر أن ينزل عليه الوحي إلى أي قبلة يصلي، وفي هذا اثبات العلو لله تعالى بخلاف من قال أن الناس اعتاد من السماء الرحمة والمطر.
سبب تخصيص الوجه :قال ابن عطية : لأنه أعلم وأشرف وهو المستعمل في طلب الرغائب ، وبتقلب الوجه يتقلب البصر ، وقال قتادة والسدي وغيرهما : يقلب وجهه بالدعاء إلى الله ، أن يحوله إلى قبلة مكة ، وقيل : كان يقلب ليؤذن له في الدعاء ، وفي هذا سمو منه صلى الله عليه وسلم فهو انتظر أمر الله ولم يسأل ، والمعنى : أنك تردد وجهك وتصرف نظرك في السماء تشوقا لنزول الوحي .
ترضاها : تحبها ، فهي قبلة الأنبياء من قبله
وحب النبي صلى الله عليه وسلم يعود إلى أقوال :
-قال مجاهد : لقول اليهود ماعلم محمد دينه حتى اتبعنا
-قال ابن عباس : ليصيب قبلة ابراهيم
-قال السدي : ليستألف العرب التي تحبها
فول وجهك شطر المسجد الحرام : قال ابن عطية : هو أمر بالتحول ونسخ لقبلة الشام ، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم
وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره : أمر للأمة بنسخ القبلة ، واستقبال الكعبة من جميع جهات الأرض
وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق : فأهل الكتاب من اليهود والنصارى يعلمون من كتبهم أن الله تعالى سيوجه نبيه صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة ، وأن استقبالها هو الحق الواجب، ولكنهم كانوا يتكاتمون ذلك بينهم حسداً.
وما الله بغافل عما يعملون : وفيها قراءة أخرى ( عما تعملون ) :فعلى القراءتين هي خطاب لأهل الكتاب وأمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فيها تحذير ووعيد، فالله سبحانه لا يخفى عليه شيء وغير غافل عن الأعمال .

2: حرّر القول في كل من:
أ: الحكمة من الأمر بالصلاة إلى بيت المقدس ثم إلى الكعبة، مع الاستدلال
في قوله تعالى : ( وماجعلنا القبلة التي كنت عليها ) أي وماجعلنا صرف القلبة التي كنت عليها إلا فتنة
فكان الأمر أولا بالتوجه إلى بيت المقدس لأنها قبلة الأنبياء و تألفا لليهود الذين كانوا في المدينة –وهم يعلمون من كتبهم أن النبي صلى الله عليه وسلم سيوجه إلى الكعبة - ، وبقي على ذلك ستة عشر شهرا ، ثم صرفه تعالى وأمته إلى الكعبة وقال أهل العلم في ذلك :
-قال ابن كثير : شرع الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسبلم أولا التوجه إلى بيت المقدس ثم صرفه إلى الكعبة ليظهر حال من يتبعك ويطيعك حيثما توجهت ، ممن ينقلب على عقبيه مرتدا، لأن هذه الفعلة كبيرة إلا على الذين أيقنوا بتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم ، بخلاف من في قلبه مرض أو شك فسينقلب على عقيبه ، وقال ابن جريج : بلغني أن ناساً ممن كان أسلم رجعوا عن الاسلام .
-قال قتادة والسدي وغيرهم : القبلة في قوله تعالى : ( وماجعلنا القلبة التي كنت عليها ) بيت المقدس ، والمعنى لم نجعلها حين أمرناك بها أولا إلا فتنة ، لنعلم من يتبعك من العرب الذين إنما يألفون مجد مكة ، أو من اليهود على ماقال الضحاك من أن الأحبار قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إن بيت المقدس قبلة الأنبياء فإن صلت إليه اتبعناك ،فأراد الله امتحانهم فأمره بالصلاة إلى بيت المقدس فلم يؤمنوا.
ويظهر من قول أهل العلم أن توجيه النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس أول الأمر ثم صرفه إلى الكعبة فيه فتنة واختبار : لليهود فكشف الله كذبهم وخداعهم ، وفيه فتنه لمن كان الاسلام واختبارا لصدق إيمانهم ويقينهم بنيوة الرسول صلى الله عليه وسلم فثبت من صدق في إيمانه ومنهم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، وضل من كان بين شك وتردد.
ب: هل كانت الصلاة إلى بيت المقدس بوحي متلوّ؟
قال ابن عباس : أول من نسخ من القرآن القبلة ، وهل كانت الصلاة إلى بيت المقدس بوحي متلو؟؟فيه أقوال :
-كان بوحي متلو
-كان بوحي غير متلو، ، وهو الراجح وعليه جمهور أهل العلم
-كان بالتخيير للنبي صلى الله عليه وسلم ، قال الربيع: خُير رسول الله صلى الله عليه وسلم في النواحي فاختار بيت المقدس، ليستألف بها أهل الكتاب
-كان باجتهاد من النبي صلى الله عليه وسلم كما حكاه أبو العالية وعكرمة والحسن البصري.
3: بيّن ما يلي:
أ: متعلّق "كما" في قوله تعالى: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا} الآية
-قال الزجاج وابن عطية أن ( كما) تصلح أن تكون جوابت لما قبلها ( لعلكم تهتدون)
-وقال ابن عطية : والأجود عندي أن الكاف في قوله ( كما) رد على قوله لأتم أي إتماما ، فتتم النعمة ببيان سنة ابراهيم عليه السلام كما أجاب دعوته في قوله ( ربنا وابعث فيهم رسولا) فهو في محل نصب على الحال .
-قيل : هو في معنى التأخير متعلق بقوله تعالى : ( فاذكروني) وقال الزجاج : هو الأجود عندي ، كما أرسلنا فيكم رسول منكم ) يقول : كما فعلت فاذكروني .
ب: كيف كان تحويل الصلاة إلى الكعبة دليل على عناية الله بهذه الأمة
بيان عناية الله تعالى بهذه الأمة حيث بعث فيهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم استجابة لدعوة خليل الرحمن عليه السلام ،,تم عليهم هذه النعمة بأن صرفهم إلى قبلته عليه السلام وضلت عنها الأمم السابقة ، وقد روى الإمام أحمد، بسنده عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -يعني في أهل الكتاب: إنهم لا يحسدوننا على شيء كما يحسدوننا على يوم الجمعة، التي هدانا الله له وضلوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلّوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام: آمين .
وقال أبو العالية : لليهودي وجهة هو موليها ، وللنصراني وجهة هو موليها ، وهداكم أنتم أيها الأمة الموقونوه للقلبة التي هي القلبة .
فلله تعالى الفضل والمنة .
ج: مناسبة قوله تعالى: {ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع} لما قبله.
سبقت هذه الآية ذكر الشهداء ومنزلتهم عند ربهم ، وجاءت هذه الآية لتبين أن سنة الله تعالى في هذه الدنيا الابتلاء ، فلا تحزنوا على من فارقتكم من قرابتكم وأحبتكم ، وعلى غير ذلك من الابتلاءات ، ثم خفف عليهم الأمر بالبشرى لمن صبر ، فمن صبر أثابه الله ومن قنط أحل به عذابه ، ولذلك قال :
( وبشر الصابرين )

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25 صفر 1438هـ/25-11-2016م, 10:51 AM
منيرة محمد منيرة محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: السعودية
المشاركات: 668
افتراضي

أجب على إحدى المجموعات التالية:
المجموعة الأولى:
1: فسّر قول الله تعالى:

{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)} البقرة .

روى ابن مردريه من حديث القاسم العمري، عن ابن عبّاسٍ: قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إذا سلّم من صلاته إلى بيت المقدس رفع رأسه إلى السّماء فأنزل اللّه: {فلنولّينّك قبلةً ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام} إلى الكعبة إلى الميزاب، يؤم به جبرائيل عليه السّلام.
وقد كان صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وكان أكثر أهلها من اليهود فأمره اللّه أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، وكان أول نسخ في القرآن، فاستقبلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بضعة عشر شهرًا،
🔸قوله :{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ}
أي بصرك، وذكر الوجهه لزيادة الإهتمام، ولإنه أعم وأشرف،وسبب تقلب نظر النّبي صلى الله عليه وسلم في السّماء أنه كان يُحب أن يستقبل قبل قبلة أبيه ابراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصّلاة والسّلام،وذكر تقلب وجهه في السّماء دلالة على علو الله تعالى وتقدس ،ولأن الوحي والمطر الذي فيه حياة الأرض يأتي من قبل السّماء،
🔸قوله : {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا}
"ترضاها" أي تحبها وتقر بها عينك، ذلك لأنها قبلة الأنبياء ،واليئتلف بها العرب لحبهم إياها ،وقطعاً لقول اليهود ما علم محمد دينه حتى اتبعنا.
🔸 قوله :{فولّ وجهك شطر المسجد الحرام}
أمراً من الله عز وجل بأن يستقبل الكعبة في صلاته، ونسخٍ لقبلة الشام ، و في وهل المراد اصابة عين الكعبة، قال به "عبد اللّه بن عمر"،و "يعلى بن عطاء"، وهو أحد قولي الشّافعيّ، وقال "ابن عباس" وغيره يراد به وجه إلى البيت كله، وهو الذي عليه الأكثرون ، كما رواه الحاكم من حديث محمّد بن إسحاق،عليٍّ، رضي اللّه عنه، {فولّ وجهك شطر المسجد الحرام} قال: شطره: قبله، والكعبة قبلة من كلّ أفق،
ومعنى الشطر: النحو, وشطر منصوب على الظرف.
وقال القرطبيّ: روى ابن جريجٍ عن عطاءٍ عن ابن عبّاسٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «ما بين المشرق والمغرب قبلةٌ لأهل المسجد، والمسجد قبلةٌ لأهل الحرم، والحرم قبلةٌ لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمّتي» وكان أوّل صلاةٍ صلاها إلى الكعبة صلاة العصر،كما ورد ذلك في الصّحيحين .
🔸قوله :{وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}
أمراً من الله تعالى للأمة باستقبال الكعبة في الصلاة من جميع الجهات، سوى النّافلة في حال السفر، وفي القتال،ومن جهل جهة القبلة يصلّي باجتهاده،
مسألة: وهي موضع نظر المصلّي أثناء الصّلاة .
استدلّ المالكيّة بهذه الآية على أنّ المصلّي ينظر أمامه لا إلى موضع سجوده، وقال به، الشّافعيّ وأحمد وأبو حنيفة، وفصّل بعضهم فقال:ينظر إلى محل سجوده لأنّه أبلغ في الخضوع، وآكد في الخشوع وقد ورد به الحديث، وأمّا في حال ركوعه فإلى موضع قدميه، وفي حال سجوده إلى موضع أنفه وفي حال قعوده إلى حجره.
🔸قوله: {وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ}
المراد بالذين أوتوا الكتاب هم اليهود والنّصارى الذين انكروا انصرافكم عن بيت المقدس،يعلمون أن استقبالها هو الحقّ، ولكنّهم يكتمونه حسداً كفرا،ولهذا ختم الآية بالتهديد.

2: حرّر القول في كل من:
أ: الحكمة من الأمر بالصلاة إلى بيت المقدس ثم إلى الكعبة، مع الاستدلال.
الحكمة
فيما يظهر والله أعلم، هو اظهار علم الله سبحانه وتعالى، ليتبين المؤمن من الكافر،والمصدّق من المكذب،والمتبع من المعرض ،كما قال تعالى {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ}

ب: هل كانت الصلاة إلى بيت المقدس بوحي متلوّ؟
أُختلف فيها،هل كانت بأمر من الله تعالى في القرآن، أم بوحي غير متلو؟،
والّذي عليه "الجمهور"أنه بوحي غير متلو، إنما اجتهاد منه صلى الله عليه وسلم ليستألف بها أهل الكتاب،وفيه امتحان لمن آمن العرب لأنهم كانوايوقرون الكعبة .


3: بيّن ما يلي:
أ: متعلّق "كما" في قوله تعالى: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا} الآية.

قيل إن متعلق "كما" قوله تعالى: {فاذكروني أذكركم}.
أي كماأنعمت عليكم بإرساله صلى الله عيه وسلم،فاذكروني بتوحيدي، وتصديقه صلى الله عليه وسلم ،ذكره الزّجاج وقال أنه الأجود .
وقيل أنّ متعلقة بقوله تعالى {وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ}
أي لأتمّ نعمتي عليكم في بيان سنة إبراهيم عليه السلام كما أرسلنا فيكم رسولًا منكم إجابة لدعوته في قوله ربّنا وابعث فيهم رسولًا منهم ..، وهو الذي رجحه ابن عطية .

ب: كيف كان تحويل الصلاة إلى الكعبة دليل على عناية الله بهذه الأمة.
من عنايته سبحانه بهذه الأمة ، أن فيها تربية لهم بحسن الإتباع،وقطع رغبات النّفس،وأنه عزّوجل قطع عنهم حجج المغرضين ،من اليهود ومشركي العرب،وأتمّ نعمته عليهم بما شرع لهم من استقبال القبلة لتكمل لهم الشريعة من كلٰ الوجوه ، وكذلك هيّ خصيصة خصّها الله بهم من دون الأمم.

ج: مناسبة قوله تعالى: {ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع} لما قبله.
لما أمر الله عباده الإستعانة بالصّبر والصّلاة وأخبر سبحانه أن معيته مع الصّابرين ، بيّن لنا مطلباً سامياً لا ينال إلا بصبر شديد ورغبة صادقه،ألا وهو الجهاد في سبيل الله وبذل الرّوح فيه،
ذكر بعضها بعض الإبتلاءات التي قد يصيب المؤمن شيىء منها في حياته ، للتمحيص ،وتمييز الصادق من الكاذب ،

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 26 صفر 1438هـ/26-11-2016م, 08:22 AM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
افتراضي

المجموعة الثالثة:
1: فسّر قول الله تعالى:
{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158) }.
سبب نزول هذه الاية :
جاء في ذلك عدة أسباب منها:
1-عن عاصم بن سليمان قال: «سألت أنسًا عن الصّفا والمروة قال: كنّا نرى ذلك من أمر الجاهليّة، فلمّا جاء الإسلام أمسكنا عنهما، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {إنّ الصّفا والمروة من شعائر اللّه}».
2- وذكر القرطبيّ في تفسيره عن ابن عبّاسٍ قال: «كانت الشّياطين تفرّق بين الصّفا والمروة اللّيل كلّه، وكانت بينهما آلهةٌ، فلمّا جاء الإسلام سألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، عن الطّواف بينهما، فنزلت هذه الآية»
3- وقال الشّعبيّ: «كان إسافٌ على الصّفا، وكانت نائلة على المروة، وكانوا يستلمونهما فتحرّجوا بعد الإسلام من الطّواف بينهما، فنزلت هذه الآية».
4-وورد عن أم المؤمنين عائشة: أنها أنزلت في الأنصار كانوا قبل أن يسلموا كانوا يهلّون لمناة الطّاغية، التي كانوا يعبدونها عند المشلّل. وكان من أهلّ لها يتحرّج أن يطوّف بالصّفا والمروة، فسألوا عن ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالوا: يا رسول اللّه، إنّا كنّا نتحرّج أن نطّوف بالصّفا والمروة في الجاهليّة. فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {إنّ الصّفا والمروة من شعائر اللّه}إلى قوله: {فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما}فسن بذلك الطواف بهما .
" إن الصفا والمروة من شعائر الله "
هذا خبر يقتضي الأمر بما عهد من الطواف بهما ،و " الصفاوالمروة " : جبيلان بمكة، والصّفا جمع صفاة، وقيل: هو اسم مفرد جمعه صفى وأصفاء، وهي الصخرة العظيمة، ومن شروطه : البياض والصلابة والمروة واحدة مرو ،وهي الحجارة الصغار التي فيها لين ، والصحيح أن المرو الحجارة صليبها ورخوها الذي يتشظى وترق حاشيته، وفي هذا يقال المرو أكثر، وقال الشعبي: «كان على الصفا صنم يدعى إسافا، وعلى المروة صنم يدعى نائلة»، فاطرد ذلك في التذكير والتأنيث وقدم المذكر . ذكره ابن عطية .
" من شعائر الله " أي: من معالمه ومواضع عبادته ،وهي جمع شعيرة أو شعارة ،وقال مجاهد: «ذلك راجع إلى القول»، أي مما أشعركم الله بفضله، مأخوذ من تشعرت إذا تحسست، وشعرت مأخوذ من الشعار وهو ما يلي الجسد من الثياب، والشعار مأخوذ من الشعر، وسميت بهذا الاسم : لأن لكل علم لما تعبد به؛ لأن قولهم شعرت به: علمته، فلهذا سمّيت الأعلام التي هي متعبّدات شعائر.قاله الزجاج
" فَمَن حج البيت أو اعتمر فَلَا جناح عليه أن يطوف بهما "
يُبين الله عز وجل في هذه الاية الكريمة حكم الطواف بالصفا والمروة ،وأنه ممّا شرعه تعالى لإبراهيم الخليل في مناسك الحجّ، و أنه مأخوذ من تطواف هاجر عليها السلام كما جاء في الأثر ،و" الجناح "
أخذ من جنح إذا مال, وعدل عن القصد, وأصل ذلك من جناح الطائر، ومعنى " فلا جناح عليه " أي: لا إثم عليه ، والمقصد من قوله: {فلا جناح} هو: رفع ما وقع في نفوس قوم من العرب من أن الطواف بينهما فيه حرج، وإعلامهم أن ما وقع في نفوسهم غير صواب، وليس إباحة الطواف لمن شاء أن يطوف لأن ذلك بعد الامر لا يستقيم . كما ذكر ابن عطية .
" فمن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم "
" تطوع " لفظ المضي , ومعناه: الاستقبال؛ لأن الكلام شرط وجزاء, فلفظ الماضي فيه يؤول إلى معنى الاستقبال.كما ذكر الزجاج .
واختلف العلماء في وجوب السعي بينهما على عدة أقوال :
فمن أوجبه قال: معنى تطوّع أي زاد برا بعد الواجب، فجعله عاما في الأعمال، وقال بعضهم: معناه من تطوع بحج أو عمرة بعد حجة الفريضة.
ومن لم يوجب السعي قال: المعنى من تطوع بالسعي بينهما. ذكره ابن عطية
وعند الشافعي ومن وافقه وروايةً عن أحمد وهو المشهور عن مالكٍ أنه ركن من أركان الحج ،ورجح هذا القول ابن كثير رحمه الله واستدل بحديث "اسعوا فإنّ اللّه كتب عليكم السّعي».
وقيل: أن معنى " تطوع خيرا " أي:زاد في طوافه بينهما على قدر الواجب ثامنةً وتاسعةً ونحو ذلك. وقيل: يطوف بينهما في حجّة تطوّعٍ، أو عمرة تطوّعٍ. وقيل: المراد تطوّع خيرًا في سائر العبادات. حكى ذلك فخر الدّين الرّازيّ، وعزى الثّالث إلى الحسن البصريّ، واللّه أعلم.ذكره ابن كثير
" إن الله شاكر عليم "
الشكر من الله سبحانه وتعالى المجازاة والثناء الجميل ، فهو سبحانه وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا ويجازي كل واحد بما عمل ، وهو كذلك عليم بنياتنا وأعمالنا .

2: حرّر القول في كل من:
أ
: المراد بالسفهاء وموقفهم من تحويل القبلة في قوله تعالى: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها}.
1- اليهود ، وخصوصا الأحبار منهم كما قال ابن عباس رضي الله عنه و مجاهد . ذكره ابن كثير وابن عطية والزجاج
2- مشركو العرب ، قاله : الزجاج وذكره ابن كثير وابن عطية .
3- المنافقون ،قاله السدي . ذكره ابن كثير وابن عطية .
4- أن الأية عامة فيهم جميعا ، رجح هذا القول ابن كثير .
وموقفهم من تحويل القبلة حصول ارتيابٌ وزيغٌ لهم عن الهدى وتخبيطٌ وشكٌّ، وقالوا: {ما ولاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}.
ب: معنى قوله تعالى: {إلا لنعلم من يتّبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه} الآية.
يخبر الله عز وجل أن الحكمة من التشريع لنبيه صلى الله عليه وسلم بالتّوجّه أوّلًا إلى بيت المقدس، ثمّ صرفه عنها إلى الكعبة، هي لبيان حال من يتّبعه ويطيعه ويتوجه معه حيثما توجه ممّن ينقلب على عقبيه، أي: مرتدّاً عن دينه ، وفِي هذا اختبار وامتحان ليظهر ويتميّز المؤمن الصادق من المنافق.
وقال ابن عطية في معنى العلم في هذه الاية أن قوله تعالى : " إلا لنعلم " أي :ليعلم رسولي والمؤمنون به، وجاء الإسناد بنون العظمة إذ هم حزبه وخالصته، وهذا شائع في كلام العرب كما تقول: فتح عمر العراق وجبى خراجها، وإنما فعل ذلك جنده وأتباعه، فهذا وجه التجوز إذا ورد علم الله تعالى بلفظ استقبال لأنه قديم لم يزل.
ووجه آخر: وهو أن الله تعالى قد علم في الأزل من يتبع الرسول واستمر العلم حتى وقع حدوثهم واستمر في حين الاتباع والانقلاب ويستمر بعد ذلك، والله تعالى متصف في كل ذلك بأنه يعلم، فأراد بقوله لنعلم ذكر علمه وقت مواقعتهم الطاعة والمعصية، إذ بذلك الوقت يتعلق الثواب والعقاب، فليس معنى لنعلم لنبتدىء العلم وإنما المعنى لنعلم ذلك موجودا.
وحكى ابن فورك أن معنى لنعلم لنثيب، فالمعنى لنعلمهم في حال استحقوا فيها الثواب، وعلق العلم بأفعالهم لتقوى الحجة ويقع التثبت فيما علمه لا مدافعة لهم فيه.
وحكى ابن فورك أيضا أن معنى لنعلم لنميز، وذكره الطبري عن ابن عباس، وحكى الطبري أيضا أن معنى لنعلم لنرى.
وقال ابن عطية رحمه الله :وهذا كله متقارب، والقاعدة نفي استقبال العلم بعد أن لم يكن.
3: بيّن ما يلي:
أ: المخاطب في الآية، ومعنى الذكر في قوله تعالى: {فاذكروني أذكركم}.
المخاطب هو ابن ءادم كما ورد في الحديث :إن الله تعالى يقول: «ابن آدم اذكرني في الرخاء أذكرك في الشدة». ذكره ابن عطية وابن كثير .
وفي معنى الذكر أقوال :
1
- أي: اذكروني بالطاعة أذكركم بالثواب والمغفرة.قاله سَعِيد بْنِ جبير .
2-أي :اذكروني عند كل أموركم فيحملكم خوفي على الطاعة فأذكركم حينئذ بالثواب .قاله ابن عطية .
3-الدعاء والتسبيح ونحوه.قاله : الربيع والسدي.
وفي الحديث: إن الله تعالى يقول: «ابن آدم اذكرني في الرخاء أذكرك في الشدة».
4- وقال الحسن البصريّ في قوله: {فاذكروني أذكركم} قال: «اذكروني، فيما افترضت عليكم أذكركم فيما أوجبت لكم على نفسي».
وعن ابن عبّاسٍ في قوله {فاذكروني أذكركم} قال: «ذكر اللّه إيّاكم أكبر من ذكركم إيّاه».
وفي الحديث الصّحيح: "يقول اللّه تعالى: من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأٍ ذكرته في ملأٍ خيرٍ منه".
ب: المراد بالإيمان وفائدة التعبير عنه بوصف الإيمان في قوله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}.
إيمانكم
}.
جاء في المراد بالإيمان في هذه الاية أقوال:
1-الإيمان هنا الصلاة. ورد هذا عن ابن عباس وغيره .وذكره ابن عطية وابن كثير .
وعبر عن الصلاة بوصف الإيمان لأنها صادرة عن الإيمان والتصديق في وقت بيت المقدس وفي وقت التحويل، ولما كان الإيمان قطبا عليه تدور الأعمال وكان ثابتا في حال التوجه هنا وهنا ذكره، إذ هو الأصل الذي به يرجع في الصلاة وغيرها إلى الأمر والنهي، ولئلا تندرج في اسم الصلاة صلاة المنافقين إلى بيت المقدس فذكر المعنى الذي هو ملاك الأمر، وأيضا فسميت إيمانا إذ هي من شعب الإيمان . ذكره ابن عطية .
2-وورد عن ابن عبّاسٍ: {وما كان اللّه ليضيع إيمانكم}«أي: بالقبلة الأولى، وتصديقكم نبيّكم، واتّباعه إلى القبلة الأخرى. أي: ليعطيكم أجرهما جميعًا.ذكره ابن كثير .
3-وقال الحسن البصريّ: {وما كان اللّه ليضيع إيمانكم}«أي: ما كان اللّه ليضيع محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم وانصرافكم معه حيث انصرف . ذكره ابن كثير .
والقولان الأخيران يندرجان تحت معنى واحد وهو طاعة النبي صلى الله عليه وسلم واتباعه في كل ما جاء به .
ج: معنى الصبر، وأنواعه، وفضله.
1- معناه الثبات على ما أنتم عليه, وإن نالكم فيه مكروه في العاجل، ذكره الزجاج .
وقال سعيد بن جبيرٍ: «الصّبر اعتراف العبد للّه بما أصاب منه، واحتسابه عند اللّه رجاء ثوابه، وقد يجزع الرّجل وهو متجلّد لا يرى منه إلّا الصّبر»ذكره ابن كثير .
2-معناه : الصوم ، ولهذا سمي شهر رمضان شهر الصبر ، ذكره ابن عطية .
وأنواعه :
الصبر صبران :
فصبرٌ على ترك المحارم والمآثم ،وصبرٌ على فعل الطّاعات والقربات. والثّاني أكثر ثوابًا لأنّه المقصود. كما قال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: «الصّبر في بابين، الصّبر للّه بما أحبّ، وإن ثقل على الأنفس والأبدان، والصّبر للّه عمّا كره وإن نازعت إليه الأهواء. ذكره ابن كثير .
أما فضله:
فقوله تعالى: {إنّما يوفّى الصّابرون أجرهم بغير حسابٍ}
وقال عليّ بن الحسين زين العابدين: «إذا جمع اللّه الأوّلين والآخرين ينادي منادٍ: أين الصّابرون ليدخلوا الجنّة قبل الحساب؟ قال: فيقوم عنق من النّاس، فتتلقّاهم الملائكة، فيقولون: إلى أين يا بني آدم؟ فيقولون: إلى الجنّة. فيقولون: وقبل الحساب؟ قالوا: نعم، قالوا: ومن أنتم؟ قالوا: الصّابرون، قالوا: وما كان صبركم؟ قالوا: صبرنا على طاعة اللّه، وصبرنا عن معصية اللّه، حتّى توفّانا اللّه. قالوا: أنتم كما قلتم، ادخلوا الجنّة، فنعم أجر العاملين».ذكره ابن كثير .

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 26 صفر 1438هـ/26-11-2016م, 12:39 PM
أمل يوسف أمل يوسف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 570
افتراضي

المجموعة الأولى:
1: فسّر قول الله تعالى:
{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)} البقرة.

نزلت هذه الآية الكريمة بعدما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأمر بالتحول إلى قبلة بيت المقدس وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى في مكة بين الركنين_الكعبة وبيت المقدس- فلما هاجر وأمر أن يتوجه قبل بيت المقدس مكث يصلي إليه ستة عشر أو سبعة عشر شهرا وكان يحب أن يتوجه إلى الكعبة فكان إذا صلى أخذ يقلب بصره ووجهه إلى السماء يرغب إلى ربه أن يأذن له بالتحول إلى البيت ، والتوجه إلى السماء حيث تنزل الرحمات والبركات والأرزاق وينزل الوحي وهى مصدر الأنوار وسائر النعم؛فأنزل الله تعالى {قد نرى تقلب وجهك في السماء} وهذا دليل عناية الله تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم وحبته له إذ قال{فلنولينك قبلة ترضاها }أي تحبها وتشتاق نفسك إليها فإن كل ما يأمر الله به يرضاه رسوله حتما لكن الرضا هنا بمعنى المحبة وقد اجتهد المفسرون في تأويل سبب هذه المحبة فمنهم من قال ليتألف بذلك قومه وقيل لأنها قبلة الأنبياء قبله وقيل ردا على أهل الكتاب الذين زعموا أنه لم يعرف دينه حتى اتبع قبلتهم ،فقال تعالى آمرا إياه بالتوجه إلى الكعبة {فول وجهك شطر المسجد الحرام} وخص الوجه بالذكر لأنه أشرف ما في البدن والمراد سائر البدن وكذا القلب ،والشطر الجهة والناحية وقيل المراد ميزاب الكعبة والصواب أن عين الكعبة قبلة لأهل الحرم ولغير أهل الحرم جهتها،ثم امر عباده المؤمنين بالتوجه أيضا قبل الكعبة حيث ما كانوا فيأي بقعة من الأرض{وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} توجهوا بقلوبكم وأبدانكم نحو الكعبة ويستثنى من ذلك صلاة النافلة على الراحلة فإنه يصلي حيث توجهت به وقلبه إلى الكعبة ،ثم رد سبحنه وتعالى على أهل الكتاب الذين طعنوا في شأن تحويل القبلة وأثاروا القلاقل على المسلمين حتى ارتد منهم من ارتد يشككونهم في دينهم فقال تعالى {وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم }أي يعلمون أن هذا النبى المذكور عندهم في كتبهم حقا يعلمون صفته ومهجره وقبلته التي هي قبلة إبراهيم الخليل من قبل والتي يجب عليهم اتباعه واتباعها وهذا هو الحق وما سواه باطل لكنهم ينكرون ويخفون الحق حسدا من عند أنفسهم وكبرا ولذا هددهم الله تعالى {وما الله بغافل عما تعملون}لا يخفى عليه شىء من أعمالكم الظاهرة والباطنة عنده سواء وسيجازيكم بحسب ما علم منكم فهو وإن كان سبحانه يمهل عباده فإنه لا يهملهم وقيل أن المراد بالخطاب في قوله {وما الله بغافل عما تعملون} المؤمنين

2: حرّر القول في كل من:
أ: الحكمة من الأمر بالصلاة إلى بيت المقدس ثم إلى الكعبة، مع الاستدلال

قال تعالى {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله}
فالحكمة على حسب المراد بقوله {القبلة التي كنت عليها} على قولين:
-القول بأن المراد بالقبلة أى بيت المقدس قال به قتادة والسدي وعطاء وغيرهم ،ذكره ابن عطية
أي ما جعلناها حين أمرناك بها أولا إلا فتنة لنعلم من يتبعك من العرب أو اليهود فقد ورد أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم إن بيت المقدس قبلة الأنبياء فإن صليت إليه اتبعناك فأمره الله بالصلاة إليه امتحانا لهم فلم يؤمنوا
-القول بأن المراد بالقبلة الكعبة فيكون قوله تعالى {التى كنت عليها}أي التي أنت عليها قاله بن عباس والمعنى ليختبر الله من آمن من العرب فيظهر حال من يطيعك ويتبعك ويستقبل معك حيث توجهت ممن يرتد وينقلب عن دينه
وعلى كلا القولين فإن الحكمة هى الفتنة والإبتلاء ليظهر المؤمن الصادق من المنافق والكافر فإن اتباع الرسول وطاعته في كل امر عظيم وشاق إلا على من هداه الله وأيقن بحكمة الله في كل ما يأمر به وينهى عنه

ب: هل كانت الصلاة إلى بيت المقدس بوحي متلوّ؟
على ثلاثة أقوال:
-الأول :أنها كانت بوحي متلو لكنه نسخ فقيل إنه أول ما نسخ من القرآن ،ذكره ابن فورك عن بن عباس كما قال ابن عطية في تفسيره
-القول الثاني:أنه كان بوحي غير متلو ،وهو قول الجمهور ،ذكره ابن عطية
-القول الثالث:قيل خير رسول الله صلى الله عليه وسلم في النواحي فاختار بيت المقدس ليستألف بها أهل الكتاب ،قاله الربيع بن أنس ذكره ابن عطية وقد حكى القرطبي عن عكرمة وأبي العالية والحسن البصري أن التوجه لبيت المقدس كان باجتهاده بعد مقدمه إلى المدينة
والراجح والله أعلم أنها كانت بوحى من الله سواء كان متلوا أم لا وذلك لقوله بعده {إلا لنعلم من يتبع الرسول }

3: بيّن ما يلي:
أ: متعلّق "كما" في قوله تعالى: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا} الآية

-قيل كما:متعلق بقوله تعالى {فاذكروني} أي كما أرسلنا فيكم رسولا فاذكروني بالشكر والإخلاص فكما انعمت عليكم بإرساله ليخرجكم من ظلمات الجهل إلى نور الإيمان فاذكرونى بالتوحيد والإخلاص أذكركم برحمتى ومغفرتي،ذكره ابن كثير عن مجاهد والزجاج في احد القولين
-وقيل :متعلق بما قبله {لعلكم تهتدون}أى لعلكم تهتدون كما أرسلنا فيكم رسولا،أحد قولى الزجاج
.
ب: كيف كان تحويل الصلاة إلى الكعبة دليل على عناية الله بهذه الأمة
وذلك أن الله تعالى أثنى على هذه الامة وشرفها بأن جعلها أعدل الأمم واخيرها فقال تعالى {وكذلك جعلناكم أمة وسطا}ووسط الشىء أجوده وأعدله وأخيره وقال تعالى {كنتم خير امة اخرجت للناس} وقد اختص الله تعالى هذه الامة من بين سائر الامم بعدة خصائص منها شأن هذه القبلة قبلة إبراهيم الخليل عليه السلام إمام الحنفاء الذي بنى البيت أشرف بيوت الله في الأرض وجعل توجههم إلى الكعبة التي بنيت على اسمه وحده لا شريك له
وقد روى الإمام احمد عن عائشة رضى الله عنها قالت:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني في اهل الكتاب انهم لا يحسدوننا على شىء كما يحسدوننا على يوم الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى قولنا خلف الإمام آمين.
.
ج: مناسبة قوله تعالى: {ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع} لما قبله
لما فرغ تعالى من بيان الأمر بالشكر في قوله تعالى {فاذكروني اذكركم واشكروا لى } شرع في بيان الصبر وأرشد إلى بيان أثر الإستعانة بالصبر والصلاة {واستعينوا بالصبر والصلاة} وذاك أن العبد بين امرين نعمة تحتاج إلى شكر أو بلاء يحتاج إلى صبر ثم شرع في بيان بعض الأمور التى تحتاج إلى الصبر والصلاة ف ذكر شأن الشهداء في سبيل الله وفضلهم مما يقوي وازع الصبر على فقدانهم ثم ذكر امورا أخرى لا تتلقى إلا بالصبر ليعلم أن الدنيا دار ابتلاء فلا يجزع لفراق الأحبة والإخوان فقال تعالى {ولنبلونكم بشىء من الجوع ونقص من الاموال والأنفس والثمرات} ثم وعد الصابرين أجرا عظيما فقال {وبشر الصابرين}.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 26 صفر 1438هـ/26-11-2016م, 03:52 PM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
المجموعة الثانية:
1: فسّر قول الله تعالى:
{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)}.

{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا}
الوجهه من المواجهه كالقبلة
هو: قيل الضمير هو : عائد على (كل )اي الجماعة أي كل جماعة أو قوم هم ولوا وجوههم إلى تلك الجهه كاليهود هم ولوا وجوههم إلى الجهه أو القبلة وكذلك النصارى وغيرهم .ووجهه الله حيث توجه المؤمنون ،حيث هداهم الله للقبلة التي هي القبلة
وقالت طائفة : عائد إلى الله ، فالله سبحانه يولي كل قوم إلى الجهه او القبلة التي يريد ،وذكر ابن عطية عن الطبري أنه ذكر عن منصور أنه قال :نحن نقرؤها " ولكل جعلنا قبلة يرضونها " ، وذكر الزجاج ان كلا القولين جائز والله اعلم .
قال بالقول الأول :ابن عباس ،وعطاء، ومجاهد وأبو العالية ،والضحاك والربيع والسدي ،وقرأ ابن عباس وابن عامر هو مولاها .
وقيل : أن للكل دينا وشرع هو دين وملة محمد صلى الله عليه وسلم والله سبحانه موليهم إياهم ، اتبعها من اتبعها وتولى عنها من تولى .
وقيل : ان الصلاة للشام ثم إلى الكعبة لكلا منهما وجهة الله موليها إياهم .قاله قتادة
وحكى الطبري أن قوم قرؤوا ( لكل وجهة) بإضافة كل لوجهه ، وخطأها الطبري لكن رد ابن عطية بأن هذه القراءة متجهة ،أي فاستبقوا الخيرات لكل وجهة ولاكموها ولا تعترضوا إنما عليكم السمع والطاعة في الجميع ،
وهذه الآية شبيهه بقوله تعالى في سورة المائدة :( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن لبيلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا )
وقدم قوله : لكل وجهة على الأمر باستباق الخيرات للأهتمام بالوجهة .
{فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}
أمر الله بستباق الخيرات والمبادرة إليها، والمسارعة للإستجابة لما أمر الله به، من تولية وجوههم حيث أمرهم الله أن يولوها . وقبول أمر الله بذلك.

{أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا }
ثم يعظهم الله بذكر مآلهم ومصيرهم ،وعظ يتضمن الوعيد والتحذير من أليم عقابه ،وقدرته عليهم سبحانه فإينما يكونوا بعد موتهم ، سواء كانوا بأعالي الجبال أو بقاع البحار أو بالوديان والسهول ولو تفرقت أجسادهم وتفتت عظامهم وذرتها الريح في كل مكان فهو قادر على جمع ما تفرق من أجسادهم وبعثهم ثم موافاتهم على أعمالهم

{إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
قادر سبحانه على كل شيء لا يعجزه شيء مهما دق أو عظم ولذلك ناسب ذكر صفة القدرة مع ، ذكر أنه يأتي بهم أينما كانوا . سبحانه لا إله إلا هو
فهذه الآية تجعل العبد يبادر إلى أمره ويستسلم لشرعة دون تباطؤ أو تسائل عن الحكمة او سبب تشريع هذا او ذاك .

2: حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالشهادة في قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس}.
المراد بالشهادة :
وردت عدة أقوال :
-قيل يشهدون على تبليغ الأنبياء أممهم وكذب أقوامهم الذين كذبوهم .لأنه يوم القيامة ،أمم الأنبياء تكذب أنبيائهم ،فتشهد هذه الأمة على صدق الأنبياء وكذب أممهم.
-وقيل : محتجين على سائر من خالفهم ويحتج عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم، ومبين لهم.
وقيل :يشهدون أن محمد صلى الله عليه وسلم قد بلغ الناس في مدته من اليهود والنصاري والمجوس ،وهو قول مجاهد ذكره ابن كثير
- وقيل يشهد بعضكم على بعض بعد الموت .كما قال صلى الله عليه وسلم لما مرت به جنازة فاثنى عليها خيرا فقال : وجبت ومرت به أخرى فأثنى عليها شرا فقال: وجبت .

ب: معنى قوله تعالى: {لئلا يكون للناس عليكم حجّة إلا الذين ظلموا منهم}.
المعنى:
{لئلا يكون للناس عليكم حجّة }.
أي أن الله أمر بالتوجه إلى الكعبة وبين لهم أنها الحق من الله وهي قبلة ابيهم إبراهيم صلى الله عليه وسلم واليهود تعلم أنهم سيصرفون للكعبة ،فاخبر الله بذلك وبينه لئلا يحتج عليهم الناس ،
قيل : أن المراد بالناس العموم اليهود والعرب وغيرهم، فحجتهم أن قالوا : اشتاق الرجل إلى بيت أبيه، ودين قومه فكما رجع إلى قبلتهم سيرجع لدينهم .قاله أبو العالية،و روي عن مجاهد وعطاء والضحاك والربيع بن أنس وقتادة والسدي نحو هذا ، ذكره ابن كثير
فيكون الاستثناء في قوله { إلا الذين ظلموا منهم}
استثناء متصل ،فالذين عموم من تكلم في أمر تحويل القبلة والمعنى لا حجة لاحد عليكم إلا الحجة الداحضة للذين ظلموا ، سواء اليهود او المشركين او غيرهم ممن تكلم في أمر تحويل القبلة .أي مالهم من حجة سوى الظلم ،كما تقول : مالك علي من حجة الا ظلمي .

وقيل : المراد أهل الكتاب ،لأنهم يعلمون أن من صفات هذه الأمة التوجه للكعبة ، فإنه إن لم تتوجه هذه الأمة للكعبة تفقد هذه الصفة التي عندهم ،فيحتجوا بها على المسلمين أو لئلا يحتجوا على المسلمين باتباعهم في قبلتهم . وقال ابن كثير هذا اظهر.
وقيل الاستثناء في قوله : { إلا الذين ظلموا منهم}
استثناء منقطع فالذين ظلموا هم مشركي العرب ، وضعف هذا القول ابن عطية .
وسمي ظلمهم هنا حجة لأن المحتج به سماه حجة ولكن حجته داحضة عند الله فقد حكم الله بفسادها لأنها من ظلمة ولأنها ليست حجة حق بل باطل ،كما قال تعالى :( حجتهم داحضة عند ربهم ) سماها حجة الا أنها حجة مبطلة فليست حجة حقاً .
حجتهم أن قالوا : إذا هذا الرجل يزعم عنه على ملة أبيه إبراهيم ، فإن كان توجهه إلى بيت المقدس على ملة إبراهيم فلم رجع عنه؟
والجواب كما ذكر ابن كثير : إن الله أنمر بالتوجه لبيت المقدس لحكمة يعلمها ، فاستجاب صلى الله عليه وسلم لأمر ربه منقاداً مستسلما له ،ثم صرفه الله إلى الكعبة فأطاع وامتثل الأمر فهو في جميع أحواله مطيعا ممتثلا لربه ، وأمته تبعاً له.

3: بيّن ما يلي:
أ: الحكمة من تكرار الأمر بتحويل القبلة في الآيات.

الحكمة من التكرار
قيل :تأكيد الأمر بتحويل القبلة لأن الأمر كان صعبا على النفوس أن يغيروا قبلتهم فهو أول ناسخ وقع في الإسلام على ما نص عليه ابن عباس وغيره ،فأكد الأمر بتحويلها ،ليخف عليهم ،و تطمئن نفوسهم لهذا الأمر . ذكره ابن عطية
وقيل : تكرر لأحوال فكل أمر لحالة معينة ، فالأمر الأول لمن هو يشاهد الكعبة ، والثاني لمن هو غائبا عنها والثالث لمن هو في بقية الأمصار ، قال به الرازي ذكره ابن كثير
وقيل : الأول لمن هو في مكة والثاني لمن هو في بقية الأمصار والثالث لمن هو غائب عنها في الاسفار ، ورجح هذ القرطبي .
وقيل : ذكر كل أمر حسب تعلقه بالسياق :
الأول :قوله تعالى : قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها ...) إلى قوله :( وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم ..) الآية، ففي هذا الموضع إجابة لما كان يطلبه صلى الله عليه وسلم في أن يتوجه إلى الكعبة في صلاته ،وأمره بالتوجه للقبلة التي كان يرضاها .
والثاني : قوله :( ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك ..) الآية ، الأول بين أنه موافقه لما يرضاه عليه الصلاة والسلام وهنا بين أنها الحق من الله وهو يحبها ويرتضيها .
الثالث: قوله تعالى :( ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام ....لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم ...) الآية هنا بين قطع حجة المخالفين من اليهود الذين يحتجون باستقبال الرسول صلى الله عليه وسلم بيت المقدس قبلتهم وقد كانوا يعلمون أنه سوف يتوجه إلى قبلة ابراهيم صلى الله عليه وسلم ، وكذلك مشركين العرب انقطعت حجتهم لما توجه للكعبة التي كان يعظمونها عن قبلة اليهود ، وكذلك أعجبهم توجهه . وقيل غير ذلك ، وذكر ابن كثير ان فخر الدين الرازي قد بسط ذلك في تفسيره والله أعلم.

ب: فضل سادات الصحابة في حادثة تحويل القبلة، مع الاستدلال.
يظهر فضل الصحابة رضي الله عنهم في حادثة تحويل القبلة ، فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة بالتوجه لبيت المقدس في صلاته فاستجاب عليه الصلاة والسلام وكذلك الصحابة رضي الله عنهم مع أنهم كانوا يقدسون البيت الحرام وقلوبهم متعلقة به فهو بيتهم الذي كانوا يحجون إليه ويطوفون به ويصلوب وهو ملة أبيهم إبراهيم ومع ذلك امتثلوا وأطاعوا ولم يتلكؤا أو يعترضوا وقيل انه صلى الله عليه وسلم ستة عشر شهر او ما يقاربه وهو يصلي لبيت المقدس وكان يدعو ربه أن يتوجه الى البيت الحرام ، ولما استجاب له ربه وتوجه الى الكعبة امتثل الصحابة الكرام رضي الله عنهم ، ولم يعتريهم شك أو تردد وقد ورد عند البخاري ما يدل على سرعة استجابتهم وامتثالهم ،عن البراء -رضي اللّه عنه-: «أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم صلّى إلى بيت المقدس ستّة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى أوّل صلاةٍ صلاها، صلاة العصر، وصلّى معه قومٌ. فخرج رجلٌ ممّن كان صلّى معه، فمرّ على أهل المسجد وهم راكعون فقال: أشهد باللّه لقد صليت مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قبل مكّة، فداروا كما هم قبل البيت... الحديث تفرد به البخاري من هذا الوجه وعند مسلم من وجه آخر.

ج: متعلّق الاستعانة في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة}.
متعلق الاستعانة هو الثبات على دينهم لانه لابد للعبد أن يلاقي ما يكره من بلاء ومصائب ومحن يختبر فيها ، وكذلك الصبر والصلاة رادعان لهم عن المعاصي والذنوب فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، والصبر يستعين به على الصبر عن المعاصي واقترافها .

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 26 صفر 1438هـ/26-11-2016م, 10:13 PM
عابدة المحمدي عابدة المحمدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 483
افتراضي

المجموعة الثالثة:
1: فسّر قول الله تعالى:
{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158) }.
سبب نزول هذه الآية كما روي عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلْتُ: أَرَأَيْتِ قَوْلَ الله تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} قُلْتُ: فَوَاللَّهِ مَا عَلَى أَحَدٍ جُنَاحٌ أَنْ لَا يطَّوف بِهِمَا؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: بِئْسَمَا قُلْتَ يَا ابْنَ أُخْتِي إِنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى مَا أوّلتَها عليه كانت: فلا جناح عليهلَّا يَطَّوَفَ بِهِمَا، وَلَكِنَّهَا إِنَّمَا أُنْزِلَتْ أَنَّ الْأَنْصَارَ كَانُوا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا كَانُوا يُهِلّون لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ، التِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا عِنْدَ المُشلَّل. وَكَانَ مَنْ أهلَّ لَهَا يَتَحَرَّجُ أَنْ يطوَّف بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَسَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نطَّوف بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ قَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّوَافَ بِهِمَا، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدع الطَّوَافَ بِهِمَا. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَين.
وَفِي رِوَايَةٍ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ، مَا كُنْتُ سَمِعْتُهُ، وَلَقَدْ سمعتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ إِنَّ النَّاسَ إِلَّا مَنْ ذكرتْ عَائِشَةُ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ طَوَافَنَا بَيْنَ هَذَيْنَ الْحَجَرَيْنِ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَقَالَ آخَرُونَ مِنَ الْأَنْصَارِ: إِنَّمَا أُمِرْنَا بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَلَمْ نُؤْمَرْ بِالطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: فَلَعَلَّهَا نَزَلَتْ فِي هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ.
قوله تعالى (إن الصفا والمروة من شعائرالله )
معنى الصفا والمروة :-
الصَّفا وَالْمَرْوَةَ: جبيلان بمكة، والصَّفا جمع صفاة، وقيل: هو اسم مفرد جمعه صفى وأصفاء، وهي الصخرة العظيمة،وقيل هي: مواقع الطّير على الصّفى.
وقيل: من شروط الصفا البياض والصلابة، والْمَرْوَةَ واحدة المرو، وهي الحجارة الصغار التي فيها لين, والصحيح أن المرو الحجارة صليبها ورخوها الذي يتشظى وترق حاشيته.
سبب التذكير والتأنيث للصفا والمروة:
ذكر الصَّفا لأن آدم وقف عليه، ووقفت حواء على المروة فانثت لذلك.
وقيل: «كان على الصفا صنم يدعى إسافا، وعلى المروة صنم يدعى نائلة» ، فاطرد ذلك في التذكير والتأنيث وقدم المذكر.
معنى شعائر الله :
شَعائِرِ اللَّهِ معناه : من معالمه ومواضع عبادته، وهي جمع شعيرة أو شعارة، وقال مجاهد: ذلك راجع إلى القول، أي مما أشعركم الله بفضله، مأخوذ من تشعرت إذا تحسست، وشعرت مأخوذ من الشعار وهو ما يلي الجسد من الثياب، والشعار مأخوذ من الشعر، ومن هذه اللفظة هو الشاعر.
معنى الحج :-
أي : قصد وتكرر.
معنى اعتمر:-
أي : زار وتكرر مأخوذ من عمرت الموضع.
معنى جناح :-
الجُناحَ :الإثم والميل عن الحق والطاعة ,وليس القصد منة جواز الطواف لمن شاء منكم لإن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالسعي بينهما ,وإنما الغرض رفع الحرج من نفوس الصحابة لإنهم كانوا يفعلونه في الجاهلية .
وقد ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف بينهما كما ورد في حديثُ جَابِرٍ الطويلُ، وَفِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم لما فرغ من طوافه بِالْبَيْتِ، عَادَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ بَابِ الصَّفَا، وَهُوَ يَقُولُ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} ثُمَّ قَالَ: "أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ". وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ: "ابدؤوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ".
وفي هذه الآية بين الله عز وجل أنه شرع لنا السعي بين الصفا والمروة وهو مأخوذ من تطواف هاجر لما خافت على ولدها الهلاك فأخذت تتردد بين الصفا والمروه خاشعة متذللة لله داعية أن يكشف الله كربتها حتى فرج الله كربتها وأنبع لها ماء زمزم ,وعلينا أن نقتدي بها في خشوعها وتذللها لله في أثناء السعي وليس الإقتداء في الحركة الظاهرة فقط ,حتى يفرج الله عنا ثقل الذنوب ويثبتنا على صراطه المستقيم .
حكم السعي بين الصفا والمروة :-
القول الأول : أنه رُكْنٌ فِي الْحَجِّ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَمَنْ وَافَقَهُ وَرِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ. واستدلوا بحديث صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، أَنَّ امْرَأَةً أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَقُولُ: "كُتِبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيُ، فَاسْعَوْا" .
القول الثاني : إِنَّهُ وَاجِبٌ،فَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا جَبَرَهُ بِدَمٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَبِهِ تَقُولُ طَائِفَةٌ .
وَقِيلَ: بَلْ مُسْتَحَبٌّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَابْنُ سِيرِينَ، وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} ,وفسروا "تطوع "أي زاد برا بعد الفريضة.
وَالْقَوْلُ ُالراجح : الأول ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ طَافَ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ: "لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ". فَكُلُّ مَا فَعَلَهُ فِي حَجته تِلْكَ وَاجِبٌ لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهِ فِي الْحَجِّ، إِلَّا مَا خَرَجَ بِدَلِيلٍ، [وَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ"]

2: حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالسفهاء وموقفهم من تحويل القبلة في قوله تعالى: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها}.
السُّفَهاءُ: هم الخفاف الأحكام والعقول، والسفه الخفة والهلهلة، وثوب سفيه أي غير متقن النسج، ومنه قول ذي الرمة: [الطويل]
مشين كما اهتزت رماح تسفهت ... أعاليها مرّ الرياح النواسم
أي استخفتها، وخص بقوله مِنَ النَّاسِ، لأن السفه يكون في جمادات وحيوانات.
المراد بالسُّفَهاءُ هنا جميع من قال ما وَلَّاهُمْ،واختلف في تعيينهم
فقيل: أحبار اليهود وذلك أنهم جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد ما ولاك عن قبلتنا؟ ارجع إليها ونؤمن بك، يريدون فتنته.
وقيل: قالها بعض اليهود والمنافقون استهزاء، وذلك أنهم قالوا:اشتاق الرجل إلى وطنه. وقيل : قالها كفار قريش، لأنهم قالوا: ما ولاه عن قبلته؟ ما رجع إلينا إلا لعلمه أنّا على الحق وسيرجع إلى ديننا كله.ذكره ابن كثير وابن عطيه
ب: معنى قوله تعالى: {إلا لنعلم من يتّبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه} الآية.
- أي ليعلم رسولي والمؤمنون وجاء ضمير الجمع للتعظيم, و لإنهم حزبه و خالصته,وهذا أسلوب مشهور عند العرب حيث تقول فتح عمر العراق وجبى خراجها ,وإنما فعل ذلك جنده وأتباعه.
- وكذلك يبين لنا الله عز وجل علمه الشامل الأزلي لمن يستمر في المتابعة ممن ينقلب على عقبيه وعلمه بهم وقت الطاعة والمعصية لإنه يتعلق بذلك وقت الثواب والعقاب
- وذكرابن فورك أن معنى نعلم أي نثيب أي نعلمهم في حال استحقوا الثواب وعلق العلم بأفعالهم لتقوى الحجة عليهم .
- وقيل معناه لنميز .
- وقيل لنرى ,وقال ابن عطيه أنها متقاربه في المعنى .ذكره ابن عطيه
يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ :عبارة عن المرتد الراجع عما كان فيه من إيمان أو غير ذلك، والرجوع على العقب أسوأ حالات الراجع في مشيه عن وجهته، فلذلك شبه المرتد في الدين به، وظاهر التشبيه أنه بالمتقهقر، وهي مشية الحيوان الفازع من شيء قد قرب منه، ويحتمل أن يكون هذا التشبيه بالذي رد ظهره ومشى أدراجه فإنه عند انقلابه إنما ينقلب على عقبيه.
والمعنى : إِنَّمَا شَرَعْنَا لَكَ التَّوَجُّهَ أَوَّلًا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ صَرَفْنَاكَ عَنْهَا إِلَى الْكَعْبَةِ، لِيَظْهَرَ حالُ مَنْ يَتَّبعك ويُطيعك وَيَسْتَقْبِلُ مَعَكَ حَيْثُمَا توجهتَ مِمَّن يَنْقَلْبُ عَلَى عَقبَيْه، أَيْ: مُرْتَدّاً عَنْ دينه .
3: بيّن ما يلي:
أ: المخاطب في الآية، ومعنى الذكر في قوله تعالى: {فاذكروني أذكركم}.
المخاطب في الآية : المؤمنين.
ومعنى الذكر :
- قالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فِي قَوْلِهِ: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} قَالَ: اذْكُرُونِي، فِيمَا افْتَرَضْتُ عَلَيْكُمْ أَذْكُرْكُمْ فِيمَا أَوْجَبْتُ لَكُمْ عَلَى نَفْسِي.
- وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: اذْكُرُونِي بِطَاعَتِي أَذْكُرْكُمْ بِمَغْفِرَتِي، وَفِي رِوَايَةٍ: بِرَحْمَتِي.
-وقال ابْنِ عَبَّاسٍ: ذِكْرُ اللَّهِ إِيَّاكُمْ أَكْبَرُ مِنْ ذِكْرِكُمْ إِيَّاهُ.
- وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَمَنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُ".
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا ابْنَ آدَمَ، إِنْ ذَكَرْتَنِي فِي نَفْسِكَ ذَكَرْتُكَ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرْتَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُكَ، فِي مَلَأٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَوْ قَالَ: فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ دَنَوْتَ مِنِّي شِبْرًا دَنَوْتُ مِنْكَ ذِرَاعًا، وَإِنْ دَنَوْتَ مِنِّي ذِرَاعًا دَنَوْتُ مِنْكَ بَاعًا، وَإِنْ أَتَيْتَنِي تَمْشِي أَتَيْتُكَ أُهَرْوِلُ"
- قال القاضي أبو محمد: أي اذكروني عند كل أموركم فيحملكم خوفي على الطاعة فأذكركم حينئذ بالثواب.
- وقال الربيع والسدي: المعنى اذكروني بالدعاء والتسبيح ونحوه.
- وفي الحديث: إن الله تعالى يقول: «ابن آدم اذكرني في الرخاء أذكرك في الشدة»
- ب: المراد بالإيمان وفائدة التعبير عنه بوصف الإيمان في قوله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}.
الإيمان هنا الصلاة.
- وسمى الصلاة إيمانا لإنها كانت صادرة عن الإيمان والتصديق بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم في حال التوجه إلى بيت المقدس ,وعند التحول عنها .
- وكذلك لإن الإيمان هو الأصل لجميع الأعمال والأساس لكل عمل ومن أهمها الصلاة استدعى ذكره .
- وسميت الصلاة إيمانا لأنها من شعب الإيمان .
- وكذلك سميت إيمانا ليخرج بذلك صلاة المنافقين المرتدين الذين كانوا يصلون معهم إلى بيت المقدس ثم تقهقروا بعد تحويلها .
ج: معنى الصبر، وأنواعه، وفضله.
معنى الصبر:
- قيل أن : الصبر في هذه الآية الصوم، ومنه قيل لرمضان شهر الصبروهو تفسير مجاهد.
- وقيل: «الصبر» على بابه، وتجيء هذه الآية على هذا القول مشبهة لقوله تعالى:
إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ لأن الثبات هو الصبر، وذكر الله هو الدعاء.
- وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالصَّبْرِ الْكَفُّ عَنِ الْمَعَاصِي؛ وَلِهَذَا قَرَنَهُ بِأَدَاءِ الْعِبَادَاتِ وَأَعْلَاهَا: فِعْلُ الصَّلَاةِ.
أنواعه :
- صَبْرٌ عَلَى تَرْكِ الْمَحَارِمِ وَالْمَآثِمِ .
- وَصَبْرٌ عَلَى فِعْلِ الطَّاعَاتِ وَالْقُرُبَاتِ. وَالثَّانِي أَكْثَرُ ثَوَابًا لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ. كَمَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: الصَّبْرُ فِي بَابَيْنِ، الصَّبْرُ لِلَّهِ بِمَا أَحَبَّ، وَإِنْ ثَقُلَ عَلَى الْأَنْفُسِ وَالْأَبْدَانِ، وَالصَّبْرُ لِلَّهِ عَمَّا كَرِهَ وَإِنْ نَازَعَتْ إِلَيْهِ الْأَهْوَاءُ. فَمَنْ كَانَ هَكَذَا، فَهُوَ مِنَ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
فضله :
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ زَيْنُ الْعَابِدِينَ: إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يُنَادِي مُنَادٍ: أَيْنَ الصَّابِرُونَ لِيَدْخُلُوا الْجَنَّةَ قَبْلَ الْحِسَابِ؟ قَالَ: فَيَقُومُ عُنُق مِنَ النَّاسِ، فَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ، فَيَقُولُونَ: إِلَى أَيْنَ يَا بَنِي آدَمَ؟ فَيَقُولُونَ: إِلَى الْجَنَّةِ. فَيَقُولُونَ: وَقَبْلَ الْحِسَابِ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالُوا: وَمَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: الصَّابِرُونَ، قَالُوا: وَمَا كَانَ صَبْرُكُمْ؟ قَالُوا: صَبَرْنَا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَصَبَرْنَا عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، حَتَّى تَوَفَّانَا اللَّهُ. قَالُوا: أَنْتُمْ كَمَا قُلْتُمُ، ادْخُلُوا الْجَنَّةَ، فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ.
ويدل عليه قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: الصَّبْرُ اعْتِرَافُ الْعَبْدِ لِلَّهِ بِمَا أَصَابَ مِنْهُ، وَاحْتِسَابُهُ عِنْدَ اللَّهِ رَجَاءَ ثَوَابِهِ، وَقَدْ يَجْزَعُ الرَّجُلُ وَهُوَ مُتَجَلّد لَا يُرَى مِنْهُ إِلَّا الصَّبْرُ.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 27 صفر 1438هـ/27-11-2016م, 12:29 AM
مها شتا مها شتا غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 655
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم الحادي عشر من تفسير سورة البقرة

الآيات (142 - 158)
المجموعة الثانية:
1: فسّر قول الله تعالى:
{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)}.
لما كان السياق السابق لهذه الآيات يتكلم عن تحويل القبلة من بيت المقدس إلى البيت الله الحرام وأعتراض السفهاء من الناس من اليهود والمنافقين على هذا التحويل ، وإن أهل الكتاب يعرفون أن محمد رسول الله حقاً ،وإن ما جاء به هو الحق ،ومتقرر عندهم في كتبهم أمر تحويل القبلة ،وهذا كله هو الحق لأنه صادر من عند الله ولهذا قال للرسول صلى اله عليه وسلم اطمئن إلى ما جاء لك ولا يكون عندك أدنى شك،وأوضح له أن :
"لكل وجهة هو موليها" أي لكل أهل ملة ودين ،وجهه هو يتوجه لها في عبادته،فلليهود ي وجهة هو موليها ، وللنصراني وجهة هو موليها ،وهدى الله المسلمين إلى قبله إبراهيم عليه السلام
واختلف في مرجع الضمير هو :
الضمير هوعائد على نفسه فيكون المعنى هو موليها نفسه، قاله الربيع وعطاء وابن عباس .
وقيل الضمير عائد على الله تعالى ،ويكون المعنى الله موليها إياهم قاله ابن عباس.
"فاستبقوا الخيرات " أي فسارعوا في امتثال الأمر،وطاعة الله عزوجل والتقرب إليه بالمسارعة في استقبال الوجهه التي ولاكموها ،ولا تعترضوا على ما أمركم به،فالعبرة بطاعتة الله عزوجل وليست العبرة بالقبلة .
"إلى الله مرجعكم جميعاً" ثم ذكرهم بمآلهم ،هو رجوعهم إليه فيجاري كل محسن بإحسانه ،ومسئ بإساءته، وإنه سبحانه يبعثهم من قبورهم للحساب والجزاءوهذا التذكير يتضمن وعيداً وتحذيراً،يوجب التقوى والخوف من الله عزوجل .
"إن الله على كل شئ قدير " أي هو قادر علي كل شئ وبالتالي هو قادر على أن يجمعكم من الأرض بعد أن تكونوا عظاماً ورفاتاً ،فهو على جمعكم إذا يشاء قدير ،فإنه لا يعجزه شئ في الأرض ولا في السماء ،قال تعالى:{ ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة}.
ويستفاد من هذه الآية:
1- الحث على المسارعة إلى طاعة الله ،وذلك بفعل الأوامر واجتناب النواهي.
2- قدرة الله عظيمة ،فهو على كل شئ قدير،" كل شئ "للعموم .
3- الاستباق للخيرات أمر زائد عن فعل الخيرات ،ففيه شدة الحرص على طاعة.
4- الموعظة بذكر الحشر، موعظة تتضمن الوعيد والتحذير.
2: حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالشهادة في قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس}.
اختلف المفسرين في المراد بالشهادة على أقوال:
القول الأول : أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم تشهد يوم القيامة
للأنبياء على أممهم بالتبليغ،
والدليل:عن أبي سعيدٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «يدعى نوحٌ يوم القيامة فيقال له: هل بلّغت؟ فيقول: نعم. فيدعى قومه فيقال لهم: هل بلّغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذيرٍ وما أتانا من أحدٍ، فيقال لنوحٍ: من يشهد لك؟ فيقول: محمّدٌ وأمّته»،ذكر ابن عطية وابن كثير.
القول الثاني : تشهدون لمحمد صلى الله عليه وسلم أنه قد بلغ رسالته ،وأدى أمانته ، وذلك بتبليغ الناس دين الله ،قاله مجاهد وذكره ابن عطية.
القول الثالث : يشهد بعضهم على بعض بعد الموت ،
والدليل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مرت به جنازة فأثني عليها بالخير، فقال: «وجبت» ثم مر بأخرى، فأثني عليها بشرّ، فقال:«وجبت»، يعني الجنة والنار، فسئل عن ذلك، فقال: «أنتم شهداء الله في الأرض»،ذكره ابن عطيه وابن كثير.
ب: معنى قوله تعالى: {لئلا يكون للناس عليكم حجّة إلا الذين ظلموا منهم}.
لما أمر الله نبيه والمسلمين بالتوجة في الصلاة إلى الكعبة،وحصلت به فتنة كبيرة أشاعها أهل الكتاب والمشركون والمنافقون،وأكثروا فيها الكلام والشبه،فبسط الله فيها الكلام وأكدها بالمؤكدات ،وبين لهم أنه الحق من ربهم الذي يحبه ويرتضيه،وهوأيضا موافق لرضا الرسول صلى الله عليه وسلم وما يتمناه، وارشدهم بألا يلتفتوا إلى غير الحق الذي أظهره الله لهم؛
وحدث الخلاف بين المفسرين حول المراد "بالناس "في الآية ،و"منهم"علي أقوال:
القول الأول: المراد بالناس في الآية العموم ،من اليهود والعرب وغيرهم ،ويكون المراد" بمنهم" علي خلاف أيضا على حسب معنى الاستثناء :
قالت فرقة "إلا الذين " استثناء متصل ،(أي أن المستثنى من جنس المستثنى منه)،ومع عموم الناس ، فيكون المعنى أنه لا حجة لأحد عليكم إلا الحجة الداحضة ،ويعني بذلك كل من تكلم في الحادثة،من اليهود ومشركي العرب والمنافقون وغيرهم،وسماها الله حجة وحكم بفسادها لأن الذي تكلم بها ظالمون، ذكره بن عطية.
وقالت فرقة أخرى " إلا الذين" استثناء منقطع ،( أي أن المستثنى ليس من جنس المستثنى منه) ،فيكون المراد بمنهم كفار قريش في قولهم رجع محمد إلى قبلتنا وسيرجع إلى ديننا،ويدخل في ذلك كل من تكلم في النازلة من غير اليهود،ذكره ابن عطية.
القول الثاني:المراد بالناس أهل الكتاب واليهود ، فأنهم يعلمون من صفة هذه الأمة التوجه إلى الكعبة،فإذا فقدوا هذه الصفة ربما احتجوا بها على المسلمين أو لكيلايحتجوا بموافقة المسلمين لهم في قبلتهم ، قاله أبو العاليه ومجاهد وعطاء والضحاك والربيع بن أنس وقتادة والسدي ،وذكره ابن أبي حاتم وابن كثير وقال هذا أظهر
أما قول أن المراد بالناس اليهود ثم استثنى كفار العرب
ورد ه ابن عطية لقوله تعالى "منهم" .
3: بيّن ما يلي:
أ: الحكمة من تكرار الأمر بتحويل القبلة في الآيات.
قيل والله تعالى أعلم ،أن الحكمة من تكرارالأمر بتحويل القبلةفي الآيات:
1- أنه للتأكيد ،وذلك أنه أول ناسخ وقع في الإسلام ،أولكونه أمراً صعباً على نفوس الصحابه فلما يروا أهتمام الله به وتوكيده وتكراره يخف ذلك عليهم وتهدأ نفوسهم ،قاله ابن عباس وذكره ابن عطية وابن كثير.
2- أنه منزل على أحوال ،فالأول لمن هو يشاهد الكعبة ،والثاني لمن هو في مكة غائباً عنها ،والثالث لمن هو في بقية البلدان،قاله الرازي والقرطبي ورجحه القرطبي وذكره ابن كثير.
3- أنه كرر ذلك لتعلق كل آية بالسياق السابق واللاحق التى ذكرت فيه ،فيكون ذلك أبلغ في فهم الآيات ،ذكره الرازي وابن كثير.
ب: فضل سادات الصحابة في حادثة تحويل القبلة، مع الاستدلال.
لأن سادات الصحابة من المهاجرين والأنصار هم الذين ثبتوا على تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم ،واتبعوه في أمر تغيير القبلة ،وتوجهوا حيث أمرهم الله من غير شك ولا ريب ،ولسان حالهم يقول كلٌ من عند ربنا،فصلوا القبلتين،وسمعوا وأطاعوا ،
والدليل :ما رواه البخاريّ في تفسير هذه الآية:حدّثنا مسدّد، حدّثنا يحيى، عن سفيان، عن عبد اللّه بن دينارٍ، عن ابن عمر قال:«بينا الناس يصلون الصّبح في مسجد قباء إذ جاء رجلٌ فقال: قد أنزل على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قرآنٌ، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها. فتوجّهوا إلى الكعبة».
ج: متعلّق الاستعانة في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة}.
متعلق الاستعانة في الآية ؛امتثال الأوامر واجتناب النواهي، فإن أفضل ما يستعان به على تحمل المصائب هو الصبر والصلاة ،والنبي صلى الله عليه وسلم كان أذا حزبه أمر صلى ،وإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي،فالصبر والصلاة رادعان عن المعاصي ،فإن العبد أيضا إذا صبر علي أن يؤدي الصلاة مستوفيه الأركان والشروط والواجبات،ويتلوا فيها ما يعرف به فضل ما هو عليه فيكون ذلك عوناً له،وهذا حاصل كلام الزجاج وابن عطية وابن كثير.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 27 صفر 1438هـ/27-11-2016م, 03:15 AM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
افتراضي

المجموعة الثانية:
1: فسّر قول الله تعالى:
{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)}.
-المراد بالوجهة : القبلة ، وقد كانت إلى بيت المقدس في الشام ثم تحولت إلى الكعبة في مكة.
-قيل في عود الضمير هو في قوله :(ولكل وجهة هو موليها) قولان :
1-المراد به الجماعات : أي أن كل أهل وجهة من أهل الأديان ولوا وجوههم تجاه تلك الجهة.
2-المراد به الله تعالى : أي أن الله تعالى يولي كل أهل ملة القبلة التي يريد.
وكلا القولين جائز القول بهما كما ذكر ذلك الزجاج وابن عطية .
قال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: {ولكلٍّ وجهةٌ هو مولّيها} يعني بذلك: أهل الأديان، يقول: لكلٍّ قبلةٌ يرضونها، ووجهة اللّه حيث توجّه المؤمنون.
وقال أبو العالية: لليهوديّ وجهةٌ هو مولّيها، وللنّصرانيّ وجهةٌ هو مولّيها، وهداكم أنتم أيّتها الأمّة الموقنون للقبلة التي هي القبلة. وروي عن مجاهدٍ، وعطاءٍ، والضّحّاك، والرّبيع بن أنسٍ، والسّدّيّ نحو هذا.
ذكر ذلك ابن كثير رحمه الله وغفر له.
وقال ابن كثير : وهذه الآية شبيهةٌ بقوله تعالى: {لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا ولو شاء اللّه لجعلكم أمّةً واحدةً ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى اللّه مرجعكم جميعًا}[المائدة: 48].
-وقوله :(فاستبقوا الخيرات) أي بادروا في قبول ما أمركم الله به من استقبال القبلة التي يريد.
-الحكمة من تقديم الوجهة على الأمر بقوله (فاستبقوا الخيرات):
للاهتمام بأمر القبلة وتحولها ووجوب الاتباع في ذلك.
-معنى قوله {أين ما تكونوا يأت بكم اللّه جميعاً},أي: يرجعكم إليه ويبعثكم يوم القيامة فيوفيكم جزاء أعمالكم إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر ، وفي هذا وعظ وتذكير لهم ليكون ذلك أبلغ في الأمر بالاتباع والمسابقة في الخيرات.
-{إن الله على كل شيء قدير} لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وختم الآية بتقرير هذا الأمر لتناسب الصفة مع ما ذكر من الإتيان بهم .


2: حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالشهادة في قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس}.
فيه قولان:
1-شهادة أمة محمد ﷺ على كذب الأمم السابقة على أنبيائهم ، وتشهد عليهم بصدق أنبيائهم ، ويشهد النبي ﷺ لأمته بصدقها ، وجازت هذه الشهادة ولو لم يروا الأنبياء السابقين ، لأن ذلك مما أخبرهم عنه ﷺ.

2- محاجة جميع المخالفين ، ويكون الرسول ﷺ محتجاً عليكم , ومبيناًلكم.
ورجح الزجاج القول الأول لأنه الأقرب في التفسير وأشبه بقوله:{وسطاً} ؛ لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم يحتج على المسلمين , وغيرهم.
معنى الآية تشهدون لمحمد صلى الله عليه وسلم أنه قد بلغ الناس في مدته من اليهود والنصارى والمجوس.
وقالت طائفة: معنى الآية يشهد بعضكم على بعض بعد الموت كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مرت به جنازة فأثني عليها بالخير، فقال: «وجبت» ثم مر بأخرى، فأثني عليها بشرّ، فقال:«وجبت»، يعني الجنة والنار، فسئل عن ذلك، فقال: «أنتم شهداء الله في الأرض»، وروي في بعض الطرق أنه قرأ لتكونوا شهداء على النّاس.
ويكون الرّسول عليكم شهيداً قيل: معناه بأعمالكم يوم القيامة، وقيل: عليكم بمعنى لكم أي يشهد لكم بالإيمان، وقيل: أي يشهد عليكم بالتبليغ إليكم.

ب: معنى قوله تعالى: {لئلا يكون للناس عليكم حجّة إلا الذين ظلموا منهم}.
والمعنى : أنه لا حجة لأحد عليكم إلا الحجة الداحضة للذين ظلموا، يعني اليهود وغيرهم من كل من تكلم في النازلة في قولهم ما ولّاهم استهزاء، وفي قولهم: تحير محمد في دينه، وغير ذلك من الأقوال التي لم تنبعث إلا من عابد وثن أو من يهودي أو من منافق،
وقيل المراد بقوله: {لئلا يكون للنّاس عليكم حجّةٌ} أي: أهل الكتاب؛ فإنّهم يعلمون من صفة هذه الأمّة التّوجّه إلى الكعبة، فإذا فقدوا ذلك من صفتها ربّما احتجّوا بها على المسلمين أو لئلّا يحتجّوا بموافقة المسلمين إيّاهم في التّوجّه إلى بيت المقدس. وهذا أظهر.
قال أبو العالية:{لئلا يكون للنّاس عليكم حجّةٌ} يعني به أهل الكتاب حين قالوا: صرف محمّدٌ إلى الكعبة.
وسماها تعالى حجة لأن الذي احتجوا بها سموها بذلك، وحكم الله بفسادها فهي حجة مبطلة لأنها كانت من ظلمة.
وقوله: للنّاس عموم في اليهود والعرب من كفار قريش وغيرهم ، وقيل: المراد بالناس اليهود ثم استثنى كفار العرب.

ووجّه بعضهم حجّة الظّلمة وهي داحضةٌ أن قالوا: إنّ هذا الرّجل يزعم أنّه على دين إبراهيم: فإن كان توجّهه إلى بيت المقدس على ملّة إبراهيم، فلم رجع عنه؟ والجواب: أنّ اللّه تعالى اختار له التّوجّه إلى بيت المقدس أوّلًا لما له تعالى في ذلك من الحكمة، فأطاع ربّه تعالى في ذلك، ثمّ صرفه إلى قبلة إبراهيم وهي الكعبة فامتثل أمر اللّه في ذلك أيضًا، فهو، صلوات اللّه وسلامه عليه، مطيعٌ للّه في جميع أحواله، لا يخرج عن أمر اللّه طرفة عينٍ، وأمته تبع له.


3: بيّن ما يلي:
أ: الحكمة من تكرار الأمر بتحويل القبلة في الآيات.
-قيل : تكررت للتوكيد لأن أمر التحويل كان صعبًا على النفوس وقد كان أو ناسخ في الإسلام كما ذكر ذلك ابن عباس ، فأكد الأمر ليعلم الناس أهميته فيخف عليهم عظم هذا الأمر وتسكن نفوسهم إليه.
-وقيل: بل هو منزّلٌ على أحوال، فالأمر الأوّل لمن هو مشاهدٌ الكعبة، والثّاني لمن هو في مكّة غائبًا عنها، والثّالث لمن هو في بقيّة البلدان، كما ذكر ذلك الرازي.
قال القرطبيّ:«الأوّل لمن هو بمكّة، والثّاني لمن هو في بقيّة الأمصار، والثّالث لمن خرج، في الأسفار، ورجّح هذا الجواب القرطبيّ».
-وقيل: إنّما ذكر ذلك لتعلّقه بما قبله أو بعده من السّياق.
1-فقال أولا:{قد نرى تقلّب وجهك في السّماء فلنولّينّك قبلةً ترضاها} فذكر في هذا المقام إجابة الله لنبيه ﷺ إلى طلبته وأمره بالقبلة التي كان يودّ التّوجّه إليها ويرضاها.
2-قال في الأمر الثّاني: {ومن حيث خرجت فولّ وجهك شطر المسجد الحرام وإنّه للحقّ من ربّك وما اللّه بغافلٍ عمّا تعملون} فذكر أنّه الحقّ من اللّه وأنه يحبّه ويرتضيه.
3-وذكر في الأمر الثّالث حكمة قطع حجّة المخالف من اليهود الّذين كانوا يتحجّجون باستقبال الرّسول إلى قبلتهم، وقد كانوا يعلمون بما في كتبهم أنّه سيصرف إلى قبلة إبراهيم، عليه السّلام، إلى الكعبة، وكذلك مشركو العرب انقطعت حجّتهم لمّا صرف الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم عن قبلة اليهود إلى قبلة إبراهيم التي هي أشرف، وقد كانوا يعظّمون الكعبة وأعجبهم استقبال الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم إليها.

ب: فضل سادات الصحابة في حادثة تحويل القبلة، مع الاستدلال.
ضرب الصحابة رضي الله عنهم أروع الأمثلة في سرعة الاستجابة لأمر الله والاستسلام لأمره فقد قال البخاريّ: حدّثنا أبو نعيم، سمع زهيراً، عن أبي إسحاق، عن البراء -رضي اللّه عنه-: «أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم صلّى إلى بيت المقدس ستّة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى أوّل صلاةٍ صلاها، صلاة العصر، وصلّى معه قومٌ. فخرج رجلٌ ممّن كان صلّى معه، فمرّ على أهل المسجد وهم راكعون فقال: أشهد باللّه لقد صليت مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قبل مكّة، فداروا كما هم قبل البيت. وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحوّل قبل البيت رجالًا قتلوا لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل اللّه عزّ وجلّ:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم إنّ اللّه بالنّاس لرءوفٌ رحيمٌ}», انفرد به البخاريّ من هذا الوجه. ورواه مسلمٌ من وجهٍ آخر.

ج: متعلّق الاستعانة في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة}.
أي استعينوا بالصبر والصلاة على الثبات على ما أنتم عليه من الطاعات وفعل الخيرات.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 27 صفر 1438هـ/27-11-2016م, 04:05 AM
عائشة أبو العينين عائشة أبو العينين غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 600
افتراضي

أجب على إحدى المجموعات التالية:
المجموعة الأولى:
1: فسّر قول الله تعالى:
{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)} البقرة.

قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا
ذكر بن كثير ان أوّل ما نسخ من القرآن القبلة، وذلك أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا هاجر إلى المدينة، وكان أكثر أهلها اليهود، فأمره اللّه أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بضعة عشر شهرًا، وكان يحبّ قبلة إبراهيم فكان يدعو إلى اللّه وينظر إلى السّماء، فأنزل اللّه: {قد نرى تقلّب وجهك في السّماء}
والمقصود بالتقلب هو البصر ،وذكر الوجه لانه يتقلب بتقلب البصر ولان الوجه أعم واشرف كم ذكر بن عطية
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الكعبة والتحول عن بيت المقدس لوجوه ثلاثة رويت، فقال مجاهد: لقول اليهود ما علم محمد دينه حتى اتبعنا، وقال ابن عباس: وليصيب قبلة إبراهيم عليه السلام، وقال الربيع والسدي: وليستألف العرب لمحبتها في الكعبة
َ
فوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ
وكر العلماء ءوالقول الراجح الذى رجحه بن كثير ان المقصود موجهة الكعبه اى شطر الكعبةوهذا قول أبي العالية، ومجاهدٍ، وعكرمة وغيرهم. وكما تقدّم في الحديث (ما بين المشرق والمغرب قبلةٌ.) والمشهور أنّ أوّل صلاةٍ صلاها إلى الكعبة صلاة العصر، ولهذا تأخّر الخبر عن أهل قباء إلى صلاة الفجرفحولوا اتجاههم ال القبلة وهم ف الصلاة.

وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ
المعنى أن اليهود والنصارى الذين انكرو ستقبال المسلمين للقبله يعلمون أن الكعبة هي قبلة إبراهيم عليه السلام، وأن استقبالها هو الحق الواجب على الجميع اتباعا لمحمد صلى الله عليه وسلم الذي يجدونه في كتبهم، وفى تعلمون قرئتين {عما تعملون} قرأبه ابن عامر وحمزة والكسائي بتاء على المخاطبة و{ يعملون} فإما على إرادة أهل الكتاب أو أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى الوجهين فهو إعلام بأن الله تعالى لا يهمل أعمال العباد ولا يغفل عنهاوفى ذلك تهديد ووعيد لهم

2: حرّر القول في كل من:
أ: الحكمة من الأمر بالصلاة إلى بيت المقدس ثم إلى الكعبة، مع الاستدلال.

قال الزجاج
لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أمر بالصلاة إلى بيت المقدس؛ لأن مكة وبيت الله الحرام كانت العرب آلفة لحجّه، فأحبّ اللّه عزّ وجلّ أن يمتحن القوم بغير ما ألفوه , ليظهر من يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم ممن لا يتبعه، كما قال اللّه عزّ وجلّ: {وما جعلنا القبلة الّتي كنت عليها إلّا لنعلم من يتّبع الرّسول ممّن ينقلب على عقبيه}, فامتحن الله ببيت المقدس فيما روى لهذه العلة، والله أعلم
ب: هل كانت الصلاة إلى بيت المقدس بوحي متلوّ؟
اختلف العلماء على قولين
القول لاول
انه كان بوحى واستدل بن عطية بقول
ابن فورك عن ابن عباس قال: أول ما نسخ من القرآن القبلة
لقول الثانى
أنّ التّوجّه إلى بيت المقدس كان باجتهاده عليه الصّلاة والسّلام ذكره بن كثير عن القرطبى وعكرمه والحسن

القول لثالث
كان أمر قبلة بيت المقدس بوحي غير متلو وذكره بن عطية وهو رآى الجمهور


3: بيّن ما يلي:
أ: متعلّق "كما" في قوله تعالى: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا} الآية.

ذكر فى متعلقها ثلاثة قوال
لقول لاول
جوابا لما قبلها، فيكون: {لعلّكم تهتدون}., {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم} ذكره الزجاج وبن عطيه
القول الثانى
(كما) معلقة بقوله عزّ وجلّ {فاذكروني أذكركم}. أي: فاذكروني بالشكر والإخلاص كما أرسلنا فيكم. ذكرهبن عطيه وبن كثيرو الزجاج ورجحه
القول الثالث
كما رد على قوله لأتمّ أي إتماما كما، وهذا أحسن الأقوال، أي لأتم نعمتي عليكم في بيان سنة إبراهيم عليه السلام كما أرسلنا فيكم رسولًا منكم إجابة لدعوته في قوله ربّنا وابعث فيهم رسولًا منهم الآية ذكره بن عطية ورجحه

ب: كيف كان تحويل الصلاة إلى الكعبة دليل على عناية الله بهذه الأمة.
بتحويل القبلة جعل الله تعالى توجّه امة محمد صل الله عليه وسلم إلى الكعبة المبنيّة على اسمه تعالى وحده لا شريك له، أشرف بيوت اللّه في الأرض، إذ هي بناء إبراهيم الخليل، عليه السّلام، ولهذا قال: {قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ} وذلك دليل عل عناية الله بهذه الامة فهداها الى الصراط المستقيم
ج: مناسبة قوله تعالى: {ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع} لما قبله.
أمر تعالى بالاستعانة بالصبر وأخبر أنه مع الصابرين، ثم اقتضت الآية بعدها من فضل الشهداء ما يقوي الصبر عليهم ويخفف المصيبة، ثم جاء بعد ذلك من هذه الأمور التي لا تتلقى إلا بالصبر أشياء تعلم أن الدنيا دار بلاء ومحن، أي فلا تنكروا فراق الإخوان والقرابة ذكره بن عطية
وقال بعض العلماءمن أوجه منسبتها لما قبلها ان الابتلائات المذكورة بهذه لآية مناسبه لما يحدث فى حال الجهد فى سبيل الله فكلها من ابتلائات المجاهدين وان كانت عامة لكل الناس والله أعلم

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 27 صفر 1438هـ/27-11-2016م, 05:27 AM
هناء هلال محمد هناء هلال محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 663
افتراضي

المجلس الثامن
المجموعة الثانية:
1: فسّر قول الله تعالى:
{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)}.

قوله تعالى : (ولكل وجهة هو موليها)
- المقصود بـ(لكل)
1- يعني أهل الأديان ، قاله ابن عباس ، وذكره ابن كثير
2- لليهود وجهة هو موليها ، وللنصارى وجهة هو موليها ، وهداكم أنتم للقبلة التي هي القبلة ، قاله أبو العالية وعطاء ومجاهد والسدي والربيع ، وذكره ابن كثير .
3- أمر كل قوم أن يصلوا إلى الكعبة ، قاله مجاهد ، وذكره ابن كثير .
- معنى (وجهة )
الوجهة لغة : فعلة من المواجهة
- المراد بـ(الوجهة)
واختلف المفسرون في المراد بالوجهة على أقوال :
- فعلى قراءة (ولكلٍ وجهة هو موليها) يكون المعنى :
1- لكل صاحب ملة وجهة هو موليها نفسه ، قاله الربيع وعطاء ، وذكره الزجاج وابن عطية
2- قالت طائفة الضمير (هو) عائد على الله سبحانه ، فيكون : الله موليها إياهم ، ذكره الزجاج وابن عطية ، وقال الزجاج : كلا القولين جائز .
3- قالت فرقة : إن للكل دينا وشرعا وهو دين الله ، وملة محمد صلى الله عليه وسلم وهو موليها إياهم ، اتبعها من اتبعها وتركها من تركها ، ذكره ابن عطية
4- المراد : أن الصلاة إلى الشام ثم الصلاة إلى الكعبة لكل واحدة منها وجهة الله موليها إياهم ، قاله قتادة ، وذكره ابن كثير ، ذكره ابن عطية
- وعلى قراءة (ولكلِ وجهة) بالإضافة ، يكون المعنى :
أي استبقوا الخيرات لكل وجهة ولاكموها ولا تعترضوا فيما أمركم من هذه وهذه ، فعليكم الطاعة في الجميع .
- سبب تقديم (لكل وجهة ) على الأمر (فاستبقوا)
للاهتمام بالوجهة .
قوله تعالى : (فاستبقوا الخيرات)
أي بادروا إلى القبول من الله سبحانه ، وولوا وجوهكم حيث أمركم أن تولوا .
قوله تعالى : (أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا)
هذه الآية فيها موعظة بليغة بذكر الحشر ويوم البعث ، وتتضمن الوعيد والتحذير ، فإنه سبحانه قادر على جمعكم من الأرض ، وإن تفرقت أجسادكم وأبدانكم .
قوله تعالى :(إن الله على كل شيء قدير)
ختم الله سبحانه الآية بصفة القدرة لتتناسب مع ما ذكر من الإتيان بهم ، فيوفيهم ما عملوا .

2: حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالشهادة في قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس}.
اختلف المفسرون في الشهادة في الآية على أقوال :
1- شهداء على الأمم السابقة الذين يكذبون يوم القيامة على أنبيائهم بأنهم لم يبلغوا رسالة ربهم إليهم، كما يشهد النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة بصدقهم ، ذكره الزجاج وابن عطية .
2- محتجين على سائر من خالفهم ، كما يحتج النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ، ذكره الزجاج ، وقال : والقول الأول أشبه بالتفسير وبقوله (وسطا) لأن النبي صلى الله عليه وسلم يحتج على المسلمين وغيرهم.
3- يشهدون لمحمد صلى الله عليه وسلم أنه قد بلغ الناس في مدته من اليهود والنصارى والمجوس ، قاله قتادة ، وذكره ابن عطية .
4- يشهد بعضكم على بعض بعد الموت ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أنتم شهداء الله في الأرض" ، ذكره ابن عطية وابن كثير .

ب: معنى قوله تعالى: {لئلا يكون للناس عليكم حجّة إلا الذين ظلموا منهم}.
أي قد عرفكم الله أمر الاحتجاج في القبلة مما قد بينه ، فلا يكون للناس عليكم حجة إلا من ظلم بمعنى : ما لك عليّ حجة إلا ظلمي .
والناس في الآية : المراد بهم اليهود وعموم المشركين .
وحجة أهل الكتاب : أنهم يعلمون صفة هذه الأمة وهي التوجه للكعبة فإذا افتقدوا هذه الصفة احتجوا على المسلمين بها ، أو يحتجوا بموافقة المسلمين إياهم في التوجه لبيت المقدس .
وحجة المشركين أنهم قالوا : إن هذا الرجل يزعم أنه على دين إبراهيم ، فإن كان توجهه إلى بيت المقدس على ملة إبراهيم فلم رجع عنه ؟
والجواب على هذه الحجج جميعا : أن الله أمر نبيه بالتوجه لبيت المقدس أولا لما في ذلك من الحكمة ، فأطاع ربه ثم صرف للكعبة فامتثل أمر الله أيضا ، فهو في جميع أحواله لا يخرج عن أمر الله سبحانه ، وأمته تبع له .

3: بيّن ما يلي:
أ: الحكمة من تكرار الأمر بتحويل القبلة في الآيات.
ذكر في ذلك أقوال منها :
1- تأكيدا من الله سبحانه وتعالى لأن موقع التحويل كان صعبا في نفوسهم ، فأكد الأمر ليرى الناس أهميته فيخفف عليهم وتسكن نفوسهم إليه ، ذكره ابن عطية .
2- وقيل : لأنه أول ناسخ وقع في الإسلام ، نص عليه ابن عباس ، وذكره ابن كثير .
3- وقيل : بل هو منزّل على أحوال ، فالأمر الأول لمن هو مشاهد للكعبة ، والثاني لمن في مكة غائبا عنها ، والثالث : لمن هو في بقية البلدان ، قاله فخر الدين الرازي وذكره ابن كثير .
4- وقيل إنما ذكر ذلك لتعلقه بما قبله أو بعده من السياق ، فالأمر الأول : كان إجابة لطلب النبي صلى الله عليه وسلم ، والثاني : بيّن أنه الحق من الله وأن الله يحبه ويرضاه كما يحبه النبي صلى الله عليه وسلم ويرضاه ، والثالث : قطع الحجة على اليهود الذين كانوا يتحججون باستقبال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قبلتهم ، وقد كانوا يعرفون أنه سيصرف لقبلة إبراهيم ، وكذلك مشركوا العرب انقطعت حجتهم وقد كانوا يعظمون الكعبة وأعجبهم استقبال الرسول صلى الله عليه وسلم إليها .

ب: فضل سادات الصحابة في حادثة تحويل القبلة، مع الاستدلال.
حادثة تحويل القبلة تبين فضل سادات الصحابة رضوان الله عليهم ، فقد صدقوا النبي صلى الله عليه وسلم وتوجهوا إلى حيث أمرهم الله من غير شك ولا تباطؤ ، فقد روى البخاري عن ابن عمر قال : "بينا الناس يصلون الصبح إذ جاء رجل فقال : قد أنزل الله قرآنا ، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها فتوجهوا إلى الكعبة" ، وفي رواية لمسلم : (فاستداروا كما هم إلى الكعبة وهم ركوع) ، فهذا يدل على كمال طاعتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وانقيادهم لأمره ، بخلاف الذين في قلوبهم مرض كلما حدث أمر أحدث لهم شكا .

ج: متعلّق الاستعانة في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة}.
متعلق الاستعانة :
1- الثبات على ما أنتم عليه وإن نالكم فيه مكروه في العاجل .
2- ترك المحرمات
3- فعل الطاعات
4- تحمل المصائب

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 28 صفر 1438هـ/28-11-2016م, 04:47 AM
شيماء طه شيماء طه غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 318
افتراضي


المجموعة الثالثة:
1: فسّر قول الله تعالى:
{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158) }.
الصفا الحجارة والمروة الحجر الين.
والشعائر كل ما كان من موقف أو مسعى
وقوله فلا جناح عليه أن يطوف بهما.
كان المسلمون قد اجتنبوا الطواف بينهما لأن الأصنام كانت قبل الاسلام منصوبة بينهما فقيل أن نصب الأصنام بينهما قبل الاسلام لا يوجب اجتنابهما لأن البيت قد طهر فأخبر الله تعالى أن هذين من شعائر الله وأنه لا جناح في الطواف بينهما وأن من تطوع بذلك فالله شاكر عليم.
والشكر من الله المجازاة والثناء الجميل والحج والعمرة يكونان فرضا وتطوعا

2: حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالسفهاء وموقفهم من تحويل القبلة في قوله تعالى: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها}.
قيل يعني به كفار أهل مكة
وقيل المراد بهم اليهود
ذكره الزجاج.
وقال ابن عطية السفهاء الخفاف العقول والأحكام.
والمراد بهم جميع من قال ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها.

قال بن عباس قالها أحبار اليهود.
وقال السدي قالها بعض اليهود والمنافقين استهزاءا.

ب: معنى قوله تعالى: {إلا لنعلم من يتّبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه} الآية.
قال قتادة والسدي وعطاء القبلة هنا بيت المقدس والمعنى لم نجعلها حين أمرناك بها أولا الا فتنة لنعلم من يتبعك من العرب الذين يألفون مسجد مكة.
أو من اليهود كما قال الضحاك حينما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ان بيت المقدس هو قبلة الأنبياء فان صليت اليه اتبعناك فأمره الله بالصلاة اليه امتحانا لهم فلم يؤمنوا.
وقيل المعنى وما جعلنا صرف القبلة التي كنت عليها وتحويلها فحذف المضاف واقيم المضاف اليه مكانه.
وقال بن عباس القبلة في الآية الكعبة
3: بيّن ما يلي:
أ: المخاطب في الآية، ومعنى الذكر في قوله تعالى: {فاذكروني أذكركم}.
الخطاب موجه الى مشركي العرب خاطبهم الله بما يدل على أثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
فكما أنعمت عليكم بارساله فاذكروني بتوحيدي وتصديقه صلى الله عليه وسلم:.

ب: المراد بالإيمان وفائدة التعبير عنه بوصف الإيمان في قوله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}.
الايمان هو الصلاة
وسمى الله الصلاة ايمانا لما كانت صادرة عن الايمان والتصديق في وقت بيت المقدس وفي وقت التحويل ولما كان الايمان قطبا تدور عليه الأعمال
وكان ثابت في حال التوجه للكعبة وبيت المقدس ذكره الله اذ هو الأصل الذي رجع في الصلاة وغيرها الى الأمر والنهي
ولئلا تندرج في اسم اصلاة صلاة المنافقين الى بيت المقدس فذكر المعنى الذي هو ملاك الأمر.
وأيضا سميت ايمانا لأنها من شعب الايمان.

ج: معنى الصبر، وأنواعه، وفضله.
قال قوم الصبر الصوم ومنه سمي شهر رمضان شهر الصبر.
وقيل الصبر اعتراف العبد لله بما أصابه منه واحتسابه عنده رجاء ثوابه
ومن فضائل الصبر أن الله بشره بالصلاة عليهم من ربهم ورحمة وبأنهم المهتدون.
والصلاة من الله الرحمة لهم والثناء عليهم

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 4 ربيع الأول 1438هـ/3-12-2016م, 07:13 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم الحادي عشر من تفسير سورة البقرة

الآيات (142 - 158)

أحسنتم جميعا بارك الله سعيكم وشكر جهدكم ونفع بكم.
وأرجو أن تجتهدوا بعد ذلك إن شاء الله أن تكون إجابات مجلس المذاكرة من فهمكم ومذاكرتكم للدروس، ولا يستعان بها أثناء الحلّ، إنما فقط يرجع إليها بعد الانتهاء من الإجابة لجبر النقص الذي قد يحصل فيها.
لنضبط جيدا أجوبة مجموعة الأسئلة التي اخترناها ثم نجيب بما فهمناه في صفحة المجلس، ثم تراجع الإجابات وتضبط.
وقد أوصينا في السابق بحفظ الأدلّة على الأقوال، والاجتهاد في حفظ أسماء القائلين بها من السلف، وقد أحسن غالبكم فيها ولله الحمد، ونؤكد عليها ثانية، واعتبار أن نسبة الأقوال جزء من مقرّر الدراسة لا يستغنى عنه، ساعتها ستجدون أن حفظها أصبح ميسورا شيئا فشيئا إن شاء الله.



المجموعة الأولى:
س2: أ: الحكمة من الأمر بالصلاة إلى بيت المقدس ثم إلى البيت الحرام، مع الاستدلال.
كان الأمر بالصلاة إلى بيت المقدس ثم إلى البيت الحرام ابتلاء وامتحانا ليعلم الله من يتّبع أمره ممن هو في شكّ وفي قلبه مرض.

ودليله قوله تعالى: {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتّبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه}، ولأهل التفسير فيها قولان:
القول الأول: أن المراد بالقبلة بيت المقدس.
وقوله تعالى: {إلا لنعلم من يتّبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه}:
- قيل المراد به العرب الذين كانوا يألفون البيت الحرام وينافرون بيت المقدس فامتحن الله إيمانهم به.
- وقيل هم اليهود زعموا أنهم سيؤمنون إذا صلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبلتهم فلم يؤمنوا وفضح الله كذبهم.
القول الثاني:
أن المراد بالقبلة البيت الحرام، ومعنى {كنت} أي: "أنت" كما في قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس}، قاله ابن عباس.
ويوافقه القول الثالث: بأن القبلة هي بيت المقدس والمراد صرفها وحذف المضاف.
وقوله تعالى: {إلا لنعلم من يتّبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه}:
- قيل إن اليهود والمنافقين وأهل الريب أكثروا القول واستهزؤا وقالوا: "اشتاق الرجل إلى وطنه".
- كما شكّكوا الناس بقولهم: "ما لهؤلاء تارة يستقبلون كذا وتارة يستقبلون كذا"، وقيل إن اليهود قالوا:
"يا محمد إن كانت الأولى حقا فأنت الآن على باطل، وإن كانت هذه حقا فكنت في الأولى على ضلال" فوجست نفوس بعض المؤمنين وأشفقوا على من مات قبل التحويل على صلاتهم السالفة.
- وقيل إن أناسا ممن أسلموا ارتدّوا بسبب ذلك.
فامتحن الله كل هذه الطوائف حتى يتبيّن المؤمنون الصادقون من أهل النفاق والشك والكفر، وثبت سادات الصحابة في هذه النازلة، حتى قيل إن المراد بقوله تعالى: {والسابقون الأولون} هم من صلوا القبلتين.

1: هلال الجعدار أ
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- قولك في سؤال التفسير: "
وذلك لأن السماء جهة قد تعود العالم منها الرحمة كالمطر والأنوار والوحي فهم يجعلون رغبتهم حيث توالت النعم" فهذا من اعتقاد الأشاعرة أنهم ينفون عن الله أن يكون في السماء، وينفون علوّه تعالى على خلقه، والصحيح أن النبي صلى الله كان ينظر إلى السماء متوجّها إلى الله تعالى بالدعاء، فلينتبه إلى ذلك.
- س2 أ: تكلمت فقط عن الحكمة من الأمر بالصلاة أولا إلى بيت المقدس، ولم تتكلم عن حكمة التحويل وهي النازلة الأكبر التي حصلت بسببها الفتنة كما قال تعالى: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها}.

2: كوثر التايه أ
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- س2 ب: قولك:
(("قال ابن عباس : أول من نسخ من القرآن القبلة ، وهل كانت الصلاة إلى بيت المقدس بوحي متلو؟؟فيه أقوال :
-كان بوحي متلو".. ))
فيه تكرار للكلام، لأن كلام ابن عباس: "أول ما نسخ من القرآن القبلة" -أي قبلة بيت المقدس- يدلّ على أن الأمر بالصلاة إلى بيت المقدس كانت بواسطة هذا القرآن الذي نسخ وهو الوحي المتلوّ، فأول الكلام هو آخره، لذا يرجى تلخيصه.


3: منيرة محمد ج
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك، ويلاحظ على إجاباتك هذه المرة الاختصار، يسّر الله أمرك وأعانك.
- أحسنتِ التنبيه على صفة علوّ الله تعالى، ولا داعي للجمع بينها وبين كلام ابن عطية -ولو صحّ في نفسه- لأنه إنما قال ذلك جريا على عقيدة الأشاعرة في نفيها، بل الواجب بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقلّب بصره متوجّها إلى الله تعالى في سمائه.
وليتكِ بيّنتِ أكثر في مقدمة تفسيرك سبب تقليب النبي صلى الله عليه وسلم بصره إلى السماء.
- اختصرت الكلام عن الحكمة من الصلاة إلى القبلتين، فكان الواجب بيان أنواع طوائف الناس التي امتحنت فيها.
- الوحي غير المتلوّ هو توجيه مباشر من الله تعالى على لسان جبريل عليه السلام في غير القرآن وهو السنة، وفرق بينه وبين اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم.
وتذكّري أن هذا السؤال مطلوب فيه تحرير القول في المسائل وليس مجرّد الاقتصار على بيان الراجح فقط.
- فاتتك أقوال في السؤال الثالث، ويستفاد من إجابة الأخ هلال.

4: أمل يوسف أ
أحسنتِ بارك الله فيك ونفع بك.
- ينتبه إلى التعليقات السابقة في غرض ابن عطية رحمه الله من ذكر سبب نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء خاصّة.
- راجعي كلام ابن عطية رحمه الله في متعلّق الكاف من قوله تعالى: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم} الآيات.

5: عائشة أبو العينين أ
أحسنتِ بارك الله فيك ونفع بك.
- س2 أ: تراجع ملاحظة الأخ هلال.


المجموعة الثانية:
- سؤال التفسير، أثني على اجتهادكم فيه، وأوصيكم جميعا بالتالي:
1. لا داعي لكثرة إسناد الأقوال في سؤال التفسير؛ لأن المطلوب تلخيص التفسير بأسلوب الطالب، فيقتصر على ما يحتاج إلى نسبته فقط.
2. يجب ترتيب التفسير بعرض القراءات الواردة في الآية وتفسير معناها والمراد بألفاظها على كل قراءة على حدة، وهي ثلاث قراءات، ولا تداخلوا بينها أثناء التفسير حتى لا يحصل اللبس.
3. يجب التنبيه على المراد بالوجهة في الآية، فبعض المفسّرين فسّرها بقبلة الصلاة، وبعضهم فسّرها بالملة والدين الذي شرعه الله كما قال تعالى: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا}، والمعنى يشملهما ويشمل كل أمر وجّه الله إليه.

- معنى قوله تعالى: {لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم}.
هناك قولان في معنى "إلا" إما على أنها للاسثناء المتصل أو المنقطع، وقول آخر على قراءة "أَلَا" على معنى الاستفتاح أو الإغراء.

6: مضاوي الهطلاني أ

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- س2 أ: أحسنت بارك الله فيك، ويمكن تقسيم الأقوال على قولين: شهادة الدنيا وشهادة الآخر، وفات الاستدلال لبعض الأقوال.

7: مها شتا أ
أحسنتِ بارك الله فيك ونفع بك.
- في سؤال التفسير: مرجع الضمير "هو" فيه قولان، فالأول أنه الله تعالى، والثاني أنه يرجع إلى "الكل".

8: تماضر ب+
أحسنتِ بارك الله فيك ونفع بك.
- س2 أ: المطلوب فقط معنى قوله تعالى: {وتكونوا شهداء على الناس}، ويلاحظ غياب الاستدلال للأقوال، ويستفاد من إجابة الأخت مها.
- س2 ب: اعتني بتلخيص الأقوال وتحريرها أفضل من ذلك، بارك الله فيك.

9: هناء هلال ب+
أحسنتِ بارك الله فيك ونفع بك.
- س2 أ: فاتك الاستدلال على الأقوال.
- س2 ب: تكلمتِ عن قول واحد فقط في معنى الاستثناء.



المجموعة الثالثة:
- معنى قوله تعالى: {إلا لنعلم من يتّبع الرسول}.
يراد بالعلم في مثل هذه المواضع العلم الظاهر الذي يتعلق به الثواب والعقاب والمدح والذمّ، وأمّا العلم السابق الذي قبل وقوع الفعل فلا يتعلق به الثواب والعقاب، وعليه فلا يوجد في اللفظ ما يدلّ على ابتداء العلم.

10: فاطمة الزهراء أحمد ب+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- يجب تلخيص التفسير بأسلوبك وليس بنقل كلام المفسّرين.
- س2 أ: لو بيّنتِ ما قاله كل فريق من هؤلاء المشكّكين في حادثة تحويل القبلة.
- س2 ب: يجب تلخيص الأقوال، ولا ينسخ كلام ابن عطية فقط.
- س3 أ: ذكر الزجّاج قولا ثانيا في المخاطب بقوله تعالى: {فاذكروني أذكركم} أنهم مشركو العرب، وهم المخاطبون في الآية قبلها بقوله: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم} الآية، ويكون معنى الذكر هو توحيد الله والتصديق بنبيّه.
س3 ب: لو استدللتِ على المراد بالإيمان بذكر سبب النزول.

11: عابدة المحمدي ب+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- اجتهدي أكثر في الكتابة بأسلوبك.
- س3 أ: ذكر الزجّاج قولا ثانيا في المخاطب بقوله تعالى: {فاذكروني أذكركم} أنهم مشركو العرب، وأنهم المخاطبون في الآية قبلها بقوله: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم} الآية، ويكون معنى الذكر هو توحيد الله والتصديق بنبيّه.
س3 ب: لو استدللتِ على المراد بالإيمان بذكر سبب النزول.

12: شيماء طه د
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- يلاحظ على الإجابات عموما الاختصار، ولكن أثني على الكتابة بأسلوبك، وأرجو أن يضاف إليه مستقبلا استيفاء الكلام على كل مسألة، وأوصيك بمراجعة أجوبة الزملاء والتوصيات الخاصّة بالمجموعة، وفقك الله.



بارك الله فيكم جميعا ووفقكم لما يحب ويرضى.
وأثني على صبركم واجتهادكم، وأرجو لكم مزيدا من التوفيق والنجاح، وأن يقرّ الله أعينكم برؤية ثمرة جهودكم.
وأحثّكم على البذل أكثر وأكثر، فإن هذا العلم شريف، لن يناله إلا من بذل له المهج.
نفتقد بقية الزملاء، ونرجو أن نراهم قريبا.
جعلكم الله مباركين أينما كنتم، والحمد لله رب العالمين.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 15 ربيع الأول 1438هـ/14-12-2016م, 10:39 PM
الشيماء وهبه الشيماء وهبه غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Dec 2012
المشاركات: 1,465
افتراضي

المجموعة الثانية:
1: فسّرقول الله تعالى:
{
وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)}.

هذا الخبر من الله تعالى لنا أن لكل وجهة هو موليها وقد اختلف في تفسير ذلك المفسرون على أقوال :
الأول أن لكل صاحب ملة وجهة هو موليها نفسه . قاله الربيع وعطاء وابن عباس
والثاني : وقيل المعنى أن للكل دينًا وشرعًا يتبعها من اتبعها ويتركها من تركها وهي كقوله تعالى { ولكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا }
الثالث : أن الضمير عائد على الله تعالى والمعنى أن لكل وجهة يتوجهون إليها الله مولاهم وقد قرىء { هو مولاها } وقال الزجاج وهو حسن .
وفي الآية أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين باستباق الخيرات باتباع أمر الله تعالى وسرعة الاستجابة في نسخ القبلة فالله تعالى هو العليم الخبير بما يصلح عباده وعى الأمة الطاعة والتسليم وأتبع الله تعالى الأمر بالوعظ { أينما تكونوا يأت بكم الله جميعًا } ففيه التذكير والوعيد بذكر الموت والله قادر لا يعجزه شىء في الأرض ولا في السماء فهو على كل شىء عظم أو صغر قدير جل جلاله .
2: حرّر القولفي كل من:
أ: المراد بالشهادة في قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس}.
1- شهادة المؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الأمم السابقة يومالقيامة حين يكذبون أنبيائهم فيشهدون عليهم بصدق أنبيائهم وإبلاغ رسالاتربهم وهذا مما أخبرهم القرآن به .ذكره الزجاج وابن كثير
2-
شهادةالمؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على من مات منهم كما قال رسولالله صلى الله عليه وسلم حين مرت جنازة فأثنى الصحابة عليها بخير فقال : وجبت ثم مرت جنازة أخرى فأثنوا عليهم بشر فقال : وجبت ، فسئل عن ذلك فقال : أنتم شهداء الله تعالى في الأرض وروي أنه صلى الله عليه وسلم قرأ { لتكونوا شهداء على الناس } ذكره ابن عطية وابن كثير
3-
شهادة أمة محمدصلى الله عليه وسلم على رسولهم أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة وذلك لجميعأصناف الناس من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا . ذكره ابن عطية
4-
أن المقصود بالشهادة أن أمة محمد محتجون على سائر من خالفهم . ذكره الزجاج
ب: معنى قوله تعالى: {لئلا يكون للناس عليكم حجّة إلا الذين ظلموا منهم}.

- قيل الناس هنا اليهود وقيل مشركي العرب والظاهر أنهم كل ما وردت فيهم الآثار في شأن تحويل القبلة بقولهم للمؤمنين استهزاءًا وانتقاصًا { ما ولاهم هن قبلتهم }
- وفي قوله تعالى { إلا الذين ظلموا منهم } قيل هم اليهود الموصوفون بالظالمين وقيل هي لكل الذين ظلموا باحتجاج باطل بعد أن بين الله تعالى الحكمة من تحويل القبلة ومن ذلك قول مشركي العرب : إنما هو شوقه إلى بيت أبيه ودين قومه ، وقول اليهود : إن كان هذا حق فماكان في الأول باطل وإن كان هذا باطل فما كان من الأول حق وغير ذلك من الشبه التى يثيرها أهل الجدال الباطل .
3: بيّن ما يلي:
أ: الحكمة من تكرار الأمر بتحويل القبلة في الآيات.

1- للتأكيد على الأمر لأن تحويل القبلة كان صعبًا جدًا على المؤمنين . قاله الزجاج
2- التأكيد لأنه كما قال ابن عباس أول ما نسخ في الإسلام شأن القبلة .ذكره ابن كثير
3- قال فخر الدين الرازي : هو منزل على أحوال فالأمر الأول لمن هو مشاهد الكعبة والثاني لمن هو في مكة غائبًا عنها والثالث لمن هو في بقية البلدان .
4- وقيل التكرار ذكر لتعلقه بما قبله وبعده من السياق فالأول لبيان تلبية لرجاء النبي صلى الله عليه وسلم وأنه موافقًا للحق الذي يرضاه ربه ثم في الموقف الثاني ردًا على الكافرين وقطع لحججهم . ذكره ابن كثير

ب: فضل سادات الصحابة في حادثة تحويل القبلة، مع الاستدلال.

لقد كانوا رضي الله عنهم أسرع إستجابة لأمر الله تعالى ورسوله فاستبقوا الخيرات حقًا فكانوا أشد الناس إيمانًا وتصديقًا بالغيب كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم وظهر جليًا من الروايات والآثار كما روى البخاري عن البراء -رضي اللّه عنه-: «أنّالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم صلّى إلى بيت المقدس ستّة عشر شهرًا أوسبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى أوّلصلاةٍ صلاها، صلاة العصر، وصلّى معه قومٌ. فخرج رجلٌ ممّن كان صلّى معه،فمرّ على أهل المسجد وهم راكعون فقال: أشهد باللّه لقد صليت مع النّبيّصلّى اللّه عليه وسلّم قبل مكّة، فداروا كما هم قبل البيت. وفي ذلك دليل بين على سرعة استجابتهم لأمر ربهم .

ج: متعلّق الاستعانة في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة}.

إستعانة العبد لا شك تكون في كل أمور حياته وقد ذكر المفسرون هنا عدة أقوال ومنها :
- الاستعانة على الشدائد وقضاء الله عامة .
- الإستعانة بالثبات على الحق في شأن القبلة خاصة وإن أصابكم مكروه فيه .

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 19 ربيع الأول 1438هـ/18-12-2016م, 04:45 PM
ريم الحمدان ريم الحمدان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 447
افتراضي

المجموعة الثانية:
بسم الله الرحمن الرحيم
1: فسّر قول الله تعالى:
{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)}.
الآية الكريمة أتت ضمن آيات تحدثت عن موضوع تحويل القبلة ،فبينت أحوال الناس جميعاً ،وأن لكل قوم قبلة يتوجهون إليها ويتبعونها .
ثم يأمر الله عباده بالمسارعة والمسابقة لفعل الطاعات ،فالله سيجمع الأولين والآخرين فيكافيء المحسن ويعاقب المسيء . فلننظر لبعض تفاصيل الآية الكريمة :
القراءات :
قرأ ابن عباس وابن عامر ( هو مولاها ).
( ولكل وجهة هو موليها ) للعلماء أقوال فيها :
1- كل أهل ملة يتوجهون للقبلة التي يرضونها .
2- أن الله يوجه كل عبد للقبلة التي كتبها الله له .
3- أن الله قد أبان الدين الحق وهو الإسلام لجميع الخلق ، فمنهم من اتبع ومنهم من أعرض .
4-قال العوفي ، عن ابن عباس : ( ولكل وجهة هو موليها ) يعني بذلك : أهل الأديان ، يقول : لكل قبلة يرضونها ، ووجهة الله حيث توجه المؤمنون .

-(كل ) اسم دال على الإحاطة والشمول ،فالتقدير ولكل من المسلمين واليهود والنصارى وجهة ذكره ابن عاشور .
قال ابن عاشور أن الوجهة حقيقتها البقعة التي يتوجه إليها. وتستعار الوجهة لما يهتم به المرء من الأمور تشبيهاً بالمكان الموجه إليه تشبيه معقول بمحسوس ، ولفظ { وجهة } في الآية صالح للمعنيين الحقيقي والمجازي .

-( فاستبقوا الخيرات )أي إلى الخيرات ، فحذف الحرف ( إلى ) ، أي بادروا ما أمركم الله عز وجل من استقبال البيت الحرام وإن كان يتضمن الحث على المبادرة والاستعجال إلى جميع الطاعات بالعموم ، وقيل المعنى المراد المبادرة بالصلاة أول وقتها ،روى الدارقطني عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (خير الأعمال الصلاة في أول وقتها).
-فسر الشيخ السعدي رحمه الله الاستباق الى الخيرات : يتضمن فعلها, وتكميلها, وإيقاعها على أكمل الأحوال, والمبادرة إليها. والخيرات تشمل جميع الفرائض والنوافل, من صلاة, وصيام, وزكوات وحج, عمرة, وجهاد, ونفع متعد وقاصر.
وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى : ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا ) [ المائدة : 48 ] .
( أينما تكونوا يأت بكم الله جميعاً )
والمعنى سارعوا الى الطاعات فإن الله سيجمعكم يوم القيامة فيثيب المحسن ويعاقب المسيء. ففيها ترهيب وتحريض .
( إن الله على كل شيء قدير )
الله عز وجل لا يعجزه شيء فهو قادر على جمعكم ومحاسبتكم .
قال السعدي ويستدل بهذه الآية الشريفة على الإتيان بكل فضيلة يتصف بها العمل، كالصلاة في أول وقتها, والمبادرة إلى إبراء الذمة, من الصيام, والحج, والعمرة, وإخراج الزكاة, والإتيان بسنن العبادات وآدابها, فلله ما أجمعها وأنفعها من آية".

2: حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالشهادة في قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس}.
أقوال المفسرين :
1/ أن أمة محمد تشهد للأنبياء يوم القيامة عندما تنكرهم أقوامهم ، والنبي صلى الله عليه وسلم يشهد على أمته . روى الإمام أحمد عن أبي سعيدٍ الخدريّ رضي الله عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «يجيء النّبيّ يوم القيامة ومعه الرّجل والنّبيّ ومعه الرّجلان وأكثر من ذلك فيدعى قومه، فيقال لهم : هل بلّغكم هذا؟ فيقولون: لا. فيقال له: هل بلّغت قومك؟ فيقول: نعم. فيقال له من يشهد لك؟ فيقول: محمّدٌ وأمّته فيدعى بمحمّدٍ وأمّته، فيقال لهم: هل بلّغ هذا قومه؟ فيقولون: نعم. فيقال: وما علمكم؟ فيقولون: جاءنا نبيّنا صلّى اللّه عليه وسلّم فأخبرنا أنّ الرّسل قد بلّغوا ) .

2/ومن معاني الشهادة أيضاً شهادة المسلمين لبعضهم في الدنيا ، ومما يؤيد هذا المعنى ماورد في البخاري :(مرّت جنازة بعمر بن الخطّاب ، فأثني على صاحبها خيرٌ فقال: (وجبت وجبت)ثمّ مرّ بأخرى فأثني عليها شرٌّ، فقال عمر: (وجبت وجبت) فقال أبو الأسود: ما وجبت يا أمير المؤمنين؟ قال: قلت كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أيّما مسلمٍ شهد له أربعةٌ بخيرٍ أدخله اللّه الجنّة». قال: فقلنا. وثلاثةٌ؟ قال: «وثلاثةٌ». قال، فقلنا: واثنان؟ قال: «واثنان» ثمّ لم نسأله عن الواحد.

3/ محتجين على من خالفكم ، والرسول صلى الله عليه وسلم محتجاً عليكم ومبيناً لكم .
والقول الأول أرجح والله أعلم .


ب: معنى قوله تعالى: {لئلا يكون للناس عليكم حجّة إلا الذين ظلموا منهم}.
أي إن الله أمركم بالتوجه للكعبة ، لتنقطع كل حجج المخالفين الداحضة ، ومنهم أهل الكتاب الذين كانوا يعلمون أن قبلة المسلمين هي الكعبة ، فلما رأوا الرسول صلى الله عليه وسلم يستقبل قبلتهم طمعوا أن يوافقهم في دينهم ،وقيل المقصود مشركي مكة طمعوا أن يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم دينهم كما تبع قبلتهم وهي الكعبة التي كانوا يعظمونها .

3: بيّن ما يلي:
أ: الحكمة من تكرار الأمر بتحويل القبلة في الآيات.
يقول الشيخ السعدي أن الحكمة من ذلك تثبيت الأمر بتحويل القبلة لأنه كان أول نسخ في الإسلام ولأهمية هذا الأمر وعظمته ،ولتستقر نفوس المؤمنين ويذهب عنها أدنى وهم أو شك .

ب: فضل سادات الصحابة في حادثة تحويل القبلة، مع الاستدلال.
الصحابة كانوا خير القرون وقد فضلهم الله عز وجل فبعث النبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم فاستناروا بنور الوحي ورأت أعينهم الرسول صلى الله عليه وسلم وعاشوا معاه ، ومن مميزاتهم أنهم كانوا سريعي الاستجابة ومبادرين للطاعات ومن أبرز الأمثلة استجابتهم الفورية لتحويل القبلة
روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنه قال : بينا الناس يصلون الصبح في مسجد قباء إذا رجل فقال : قد أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم قرآن ،وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها ، فتوجهوا إلى الكعبة . وروى مسلم برواية أخرى عن ابن عمر أنهم كانوا ركوعاً فاستداروا كما هم إلى الكعبة وهم ركوع .

ج: متعلّق الاستعانة في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة}.
متعلق الاستعانة هنا الصبر والصلاة . أمر الله المؤمنين بالتحلي بالصبر بأنواعه الثلاثة : صبر على الطاعة ، وصبر عن المحرمات ، وصبر على أقدار الله .
وكذلك أمرهم بالمحافظة على الصلاة ، وحتى يستقيم أمر المؤمن في هذه الحياة لابد له من هذان الأمران صبر وتمسك بالطاعات وعلى رأسها الصلاة .



استغفر الله وأتوب إليه

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 25 ربيع الثاني 1438هـ/23-01-2017م, 04:22 PM
هبة الديب هبة الديب غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,274
افتراضي

المجموعة الأولى:
1: فسّر
قول الله تعالى:
{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)} البقرة.
كان النبي صلى الله عليه وسلم في غاية الشوق والانتظار لنزول الوحي بأمر القبلة بعد أن أمر بترك قبلة بيت المقدس ، يقول تعالى :" قد نرى تقلب وجهك في السماء " يريد بذلك تقلب عينيه صلى الله عليه وسلم بالنظر إلى السماء داعيا ربه نحو جهة يحبها ، فجاء الوعد الربانيّ لعبده ونبيه صلى الله عليه وسلم بالبشارة فقال تعالى :" فلنولينك قبلة ترضاها " هذه القبلة التي تحب سواء حبك لها لأجل أنها قبلة من سبق من الأنبياء كما قيل؛ أو لأنها أدعى لإيمان قومك ألا وهي الكعبة المشرفة ،ثم قال تعالى:"فولّ وجهك شطر المسجد الحرام":أي نحوه فتوجه للبيت الحرام أنت وأمتك من بعدك فقال تعالى :" وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره"، أي ما فرض عليكم من الصلاة فاستقبلوا الكعبة سواء كنتم شرقا أو غربا أو شمالا أو جنوبا ، واستثنى النوافل على ظهر الدابة في السفر،أو حال القتال أو من غمّ عليه جهة القبلة فيجتهد .

فكانت أول صلاة على الصحيح من الأقوال أنّها الصلاة الوسطى ، حتى وصل الخبر إلى أهل قباء وهم ركوع في صلاة الفجر.

"وإنّ الذين أوتوا الكتاب" أي اليهود والنصارى ،على علم بالحق المكتوب عندهم في شأن الكعبة وأنها قبلة إبراهيم عليه السلام حقا كما أنّ النبي محمد صلى الله عليه وسلم حق في كتبهم ، لكن أين هم من الله تعالى حيث قال :" وما الله بغافل عما يعملون ".

ْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْ

2: حرّر القول في كل من:

أ: الحكمة من الأمر بالصلاة إلى بيت المقدس ثم إلى الكعبة، مع الاستدلال.
قال تعالى :{وما جعلنا القبلة الّتي كنت عليها إلّا لنعلم من يتّبع الرّسول ممّن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلّا على الّذين هدى اللّه وما كان اللّه ليضيع إيمانكم إنّ اللّه بالنّاس لرءوف رحيم}
الحكمة من هذا الأمر هو اختبار لقلوب أهل الإيمان ؛ليتبين صدق إيمانهم في تنفيذ أمر رباني واتباع رسوله فيما يخالف أهواءهم، فأيهم يستجيب وأيهم يظهر نفاقه .
فهؤلاء اليهود وأمثالهم من المنافقين يطلقون عبارات الاستهزاء بأمر الله فمن أقوالهم :

- "اشتاق الرجل إلى وطنه" يعنون بذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
- "ما لهؤلاء تارة يستقبلون كذا وتارة يستقبلون كذا".

- أو "يا محمد إن كانت الأولى حقا فأنت الآن على باطل، وإن كانت هذه حقا فكنت في الأولى على ضلال" ؛ مما قيل أنّ أناسا ارتدّوا بعد إسلامهم بسبب الشك الذي بثه اليهود في قلوبهم .

واختلف في المراد بالقبلة هنا ؛فمنهم من قال أنها بيت المقدس كقتادة والسدي وعطاء وغيرهم؛ فيكون الاختبار :
o لنعلم من يتبعك من العرب الذين إنما يألفون مسجد مكة.
o أو امتحانا لأحبار اليهود حين قالوا أن بيت المقدس هو قبلة الأنبياء ،وهو قول الضحاك. اتبعناك.

أمّا ابن عباس قال أنّ القبلة في الآية هي الكعبة، وأنّ المراد بقوله تعالى كنت:أي أنت .


ب: هل كانت الصلاة إلى بيت المقدس بوحي متلوّ؟
تطرق ابن عطية وابن كثير لهذه المسألة فذكروا قولين :
- الأول أنّه وحي متلو :
o أول ما نسخ من القرآن القبلة.قاله ابن عبّاس.
o ومنها أنّ النبي صلى الله عليه وسلم خيّر في النواحي فاختار بيت المقدس ، مستأنفا بها أهل الكتاب ، وهو قول الربيع وذكره ابن عطية .

- الثاني : وهو اجتهاده صلى الله عليه وسلم ، وهو قول ابن عباس وعكرمة وأبي العالية والحسن البصريّ،ذكره ابن عطية وابن كثير وحكاه القرطبي وهو قول الجمهور .
عن ابن عبّاسٍ، قال: «لمّا هاجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى المدينة، وكان أكثر أهلها اليهود، أمره اللّه أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود فاستقبلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بضعة عشر شهرًا، فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحبّ قبلة إبراهيم عليه السّلام، وكان يدعو وينظر إلى السّماء، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {قد نرى تقلّب وجهك في السّماء} الآية، فارتاب من ذلك اليهود، وقالوا: {ما ولاّهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها} فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {قل للّه المشرق والمغرب}».


ْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْ

3: بيّن ما يلي:
أ: متعلّق "كما" في قوله تعالى: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا} الآية.

في هذه المسألة قولان :
o أن يكون متعلق "كما" ما قبلها وهو قول الله تعالى :" ولأتم نعمتي عليكم ".
بحيث يكون المعنى :
أي ولأتم نعمة الهداية لكم ببيان شرائع ملة إبراهيم الحنيف،الذي دعاني وأجبته بأن أجعله وولده إسماعيل مسلمين ومن ذريتهما في قوله :{ربّنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذرّيّتنا أمّةً مسلمةً لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنّك أنت التّوّاب الرّحيم} وسؤاله بأن يكون الرسول منهم في قوله: {ربّنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلّمهم الكتاب والحكمة ويزكّيهم إنّك أنت العزيز الحكيم}؛أتى قوله تعالى :{كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا}.ذكره ابن عطية.

oأن تتعلق بقوله تعالى :"تهتدون :
بحيث يكون المعنى ؛اهتداء كما أرسلنا ..ذكره الزجاج وابن عطية

o أن يكون متعلقها ما بعدها وهو قوله تعالى :"فاذكروني اذكركم ".ذكره الزجاج وأجاده وذكره ابن عطية .
ويكون المعنى : فاذكروني بالشكر والإخلاص كما أرسلنا فيكم.

o وقيل الجملة في محل نصب حال ،ذكره ابن عطية .

ب: كيف كان تحويل الصلاة إلى الكعبة دليلا على عناية الله بهذه الأمة.
تظهر عنايته تعالى في أمر تحويل القبلة من عدة وجوه:
o جعلها أمة وسطا بين الأمم أي أخيرها وأحسنها امتثالا لأمر الله تعالى دون إفراط ولا تفريط ؛قال تعالى :" وكذلك جعلناكم أمة وسطا".
وقد روى الإمام أحمد بسنده قول عائشة رضي الله عنها : قال صلى الله عليه وسلم في أهل الكتاب: "إنهم لا يحسدوننا على شيء كما يحسدوننا على يوم الجمعة، التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلّوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام: آمين .
o تأتي الأمم يوم القيامة مكذبة لأنبيائهم أمّا أمة محمد صلى الله عليه وسلم ستكون شاهدة على تكذيب الأقوام لأنبيائهم وسيشهدون بتبليغ النبي صلى الله عليه وسلم لرسالة ربه :"لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ".
o تكرار الأمر بالتوجه نحو الكعبة لقطع الحجج على اليهود بأن النبي صلى الله عليه وسلم استقبل قبلتهم .
o إتمام نعمة إكمال الشريعة وهداية الأمة إلى ما ضلت عنه الأمم الأخرى .

ج: مناسبة قوله تعالى: {ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع} لما قبله.

قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)}

الأصل في هذه الدار الابتلاء ومن طرق علاج الابتلاءات الصبر فكان عطف العلاج على المقصد الأساسي ، فقد أمر تعالى بالاستعانة بالصبر والصلاة في المصائب وبشّر أنّ معيته تعالى مع الصابرين ،ثمّ بيّن تعالى أنّ القتل من أعظم المصائب فمن صبر عليه صبر على من دونه من الابتلاءات كالخوف والجوع ..وغير ذلك .

والله تعالى أعلم .

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 5 جمادى الأولى 1438هـ/1-02-2017م, 03:46 PM
ميسر ياسين محمد محمود ميسر ياسين محمد محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 716
افتراضي

الثالثة:
1: فسّر قول الله تعالى:
{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158) }.
&سبب النزول :
روي عن عائشة رضي الله عنها أن ذلك في الأنصار وذلك أنهم كانوا يهلون لمناة التي كانت بالمشلل حذو قديد ويعظمونها فكانوا لا يطوفون بين إساف ونائلة إجلالا لتلك، فلما جاء الإسلام تحرجوا فنزلت هذه الآية،
ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
&تفسير قوله تعالى:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ}
-الصفا في اللغة: جمع صفاة، وقيل: هو اسم مفرد جمعه صفى وأصفاء، وهي الحجارة الصلبة الصلدة أو الصخرة العظيمة التي لا تنبت شيئا ،مضمون ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
والمروة والمرو: هي الحجارة الصغار التي فيها لين، ومنه قول الذي أصاب شاته الموت من الصحابة «فذكيتها بمروة»،ويقال مروة للحجارة الذي يتشظى وترق حاشيته صلباً كان أو رخواً،مضمون ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
-سبب تسمية جبيل الصّفا والمروة بهذا الاسم فيه أقوال:
1-أن جبيل الصفا يميل للصلابة ، وجبيل المروة إلى اللين .
2-لأن آدم وقف على الصّفا، ووقفت حواء على المروة فانثت لذلك.
3-انه كان على الصفا صنم يدعى إسافا فذكر لذلك وعلى المروة صنم يدعى نائلة ،فأنث لذلك ،قاله الشعبي
مضمون ما ذكره ابن عطية وابن كثير
&تفسيرقوله تعالى :{مِنْ شَعَائِرِ اللَّه}:
-معنى شعائر في اللغة:جمع شعيرة أو شعارة، مأخوذ من تشعرت إذا تحسست، وشعرت مأخوذ من الشعار وهو ما يلي الجسد من الثياب، والشعار مأخوذ من الشعر، و الشاعر مأخوذه من الشعر
-المعنى في الآية:أي أن الصفا والمروة من مواضع العبادة ومعالمها أي مما أشعركم الله بفضله، قاله مجاهد
والشعائر كل ما كان من موقف , أو مسعى, أوذبح.
فقد بيّن اللّه-تعالى -أنّ الطّواف بين الصّفا والمروة من شعائر اللّه، أي: ممّا شرع اللّه تعالى لإبراهيم الخليل في مناسك الحجّ،
مضمون ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
&تفسير قوله عزّ وجلّ: {فمن حجّ البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما}:
-تفسير قوله :{فمن حجّ البيت أو اعتمر }
معنى الحج في اللغة القصد وكل قاصد شيئا فقد حجّه،ومعنى العمرة في اللغة القصد ، واعتمر زار وتكرر مأخوذ من عمرت الموضع.مضمون ما ذكره ابن عطية وابن كثير
-معنى (جناح )في اللغة: من جنح إذا مال, وعدل عن القصد, وأصل ذلك من جناح الطائر،لأنه في شق، ومنه قيل للخبا جناح لتمايله وكونه كذي أجنَحة، ومنه: {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها}مضمون ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
-معنى (جناح) في الآية :من الإثم والميل عن الحق والطاعة،وقوله : {فلا جناح} أي لا إثم عليه و ليس المقصد منه إباحة الطواف لمن شاء، لأن الطواف مأمور به قام به الرسول صلى الله عليه وسلم كما قالت عائشة رضي الله عنها في حديث الصحيحين :<<قالت عائشة: ثمّ قد سنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الطّواف بهما، فليس لأحدٍ أن يدع الطّواف بهما>>. وإنما المقصد منه إزالة ما كان في نفوس قوم من أن الطواف بينهما فيه حرج، وإعلامهم أن ما وقع في نفوسهم غير صواب، وقد روي عن هذا الحرج أن الجن كانت تعرف وتطوف بينهما في الجاهلية ،فكانت طائفة من تهامة لا تطوف بينهما في الجاهلية لذلك، فلما جاء الإسلام تحرجوا من الطواف. وما ذكر من سبب النزول .مضمون ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
&تفسير قوله عزّ وجلّ: {ومن تطوّع خيراً}:
-فائدة لغوية :
{ومن تطوّع خيراً} تأتي بلفظ الماضي بمعنى الاستقبال؛ لأن في الشرط والجزاء, لفظ الماضي يكون بمعنى الاستقبال,
ويطوّف أصلها يتطوّف, فأدمغت التاء في الطاء لقرب المخرجين،مضمون ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
-معنى تطوّع فيه أقوال:
1-زاد في طوافه بينهما على الواجب ثامنةً وتاسعةً ونحو ذلك.
2-عام لكل ما تطوع به بعد الواجب من عبادات . قاله فخر الدّين الرّازيّ،
2-من تطوع بحج أو عمرة بعد حجة الفريضة،ومذهب ابن مالك وأصحابه أن العمرة سنة وقال ابن حبيب بوجوبها
3- من تطوع بالسعي بينهما، وفي قراءة ابن مسعود «فمن تطوع بخير» قاله من لم يوجب السعي
مضمون ما ذكره ابن عطية وابن كثير
&حكم السعي بين الصفا والمروة
اختلف العلماء في حكم السعى بين الصفا والمروة على أقوال :
1- أنه فرض ركن من أركان الحج لا يجزي تاركه أو ناسيه إلا العودة،مذهب مالك والشافعي واستدلوا على ذلك بحديث الإمام أحمد، عن صفيّة بنت شيبة، عن حبيبة بنت أبي تجراة قالت: «رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يطوف بين الصّفا والمروة، والنّاس بين يديه، وهو وراءهم، وهو يسعى حتّى أرى ركبتيه من شدّة السّعي يدور به إزاره، وهو يقول: «اسعوا، فإنّ اللّه كتب عليكم السّعي».
2- إنّه واجبٌ، وليس بركنٍ فإن تركه عمدًا أو سهوًا جبره بدمٍ وإن عاد فحسن ، وهذا مذهب الثوري وأصحاب الرأي،وروي عن أبي حنيفة إن ترك أكثر من ثلاثة أشواط فعليه دم، وإن ترك ثلاثة فأقل فعليه لكل شوط إطعام مسكين. واحتجّوا بقوله: {فمن تطوّع خيرًا}. قاله القرطبي
3-أنه مستحب ليس على تاركه شيء لا دم ولا غيره قاله عطاءواحتج بما في مصحف ابن مسعود «أن لا يطوف بهما» وهي قراءة خالفت مصاحف الإسلام، وقد أنكرتها عائشة رضي الله عنها في حديثها مع الزبير رضي الله عنهم وأيضا فإن ما في مصحف ابن مسعود يرجع إلى معنى أن يطوف وتكون «لا» زائدة صلة في الكلام، كقوله:{ما منعك ألّا تسجد}.
-الترجيح:رجح ابن كثير القول الأوّل وحجته أن النبي عليه السّلام طاف بينهما، وقال: «لتأخذوا عنّي مناسككم». فكلّ ما فعله في حجته تلك واجبٌ لا بدّ من فعله في الحجّ، إلّا ما خرج بدليلٍ.
مضمون ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
&الحكمة من الطواف بين الصفا والمروة :
أن السّاعي بين الصفا والمروة ينبغي له أن يتذكر تطواف هاجر عليها السلام وتردادها بينهما - طلباً للماء لولدها، حيث نفد ماؤها وزادها، حين تركهما إبراهيم عليه السّلام متذلّلةً خائفةً مضطرّةً فقيرةً إلى اللّه، عزّ وجلّ، حتّى كشف اللّه كربتها، وأنبع لها زمزم -فيستحضر فقره وذلّه وحاجته إلى اللّه في هداية قلبه وصلاح حاله وغفران ذنبه، وأن يهديه إلى الصّراط المستقيم ويثبّته عليه إلى مماته، وأن يحوّله من حاله الذي هو عليه من الذّنوب والمعاصي، إلى حال الكمال والغفران والسّداد والاستقامة، كما فعل بهاجر -عليها السّلام.
مضمون ما ذكره ابن كثير
&تفسير قوله تعالى :{فإنّ اللّه شاكرٌ عليمٌ} {شاكرٌ} : الشكر من الله المجازاة والثناء الجميل يثيب على القليل بالكثير
{عليمٌ} عليمٌ بالنيات والأعمال عليم بقدر الجزاء فلا يبخس أحدًا ثوابه و{لا يظلم مثقال ذرّةٍ وإن تك حسنةً يضاعفها ويؤت من لدنه أجرًا عظيمًا} .
مضمون ماذكره ابن عطية وابن كثير

2: حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالسفهاء وموقفهم من تحويل القبلة في قوله تعالى: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها}.
&السفهاء في اللغة:واحدهم سفيه، مثل : شهيد وشهداء، وعليم وعلماء.
والسّفهاء هم الخفاف الأحكام والعقول، والسفه الخفة والهلهلة، ثوب سفيه أي غير متقن النسج، ومنه قول ذي الرمة:
مشين كما اهتزت رماح تسفهت ....... أعاليها مرّ الرياح النواسم أي استخفتها، وخص بقوله من النّاس، لأن السفه يكون في جمادات وحيوانات .
&المقصود بالسفها وموقفهم من تغيير القبلة:
هم جميع من قال ما ولّاهم، وتعيينهم فيه أقوال:
1-كفار أهل مكة، موقفهم أنهم قالوا: ما ولاه عن قبلته؟ ما رجع إلينا إلا لعلمه أنّا على الحق وسيرجع إلى ديننا كله، ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
2-اليهود، وقال ابن عباس ومجاهد أحبار اليهود .موقفهم أنهم جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد ما ولاك عن قبلتنا؟ ارجع إليها ونؤمن بك، يريدون فتنته،وقالوا: يا محمد إن كانت الأولى حقا فأنت الآن على باطل، وإن كانت هذه حقا فكنت في الأولى على ضلال يريدون فتنة المؤمنين. وقال السدي بعض اليهود كما ذكر ابن عطية ،والزجاج وابن كثير
3-قالها المنافقون موقفهم أنهم قالوا مستهزئين : اشتاق الرجل إلى وطنه،الزجاج ،ابن عطية ،ابن كثير
-الترجيح: رجح ابن كثير أن الآية عامّةٌ في هؤلاء كلّهم .
وموقفهم هذا يدل على ارتيابٌ وزيغٌ عن الهدى وتخبيطٌ وشكٌّ، وحسد
عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -يعني في أهل الكتاب -: «إنّهم لا يحسدوننا على شيءٍ كما يحسدوننا على يوم الجمعة، التي هدانا اللّه لها وضلوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلّوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام: آمين»).ابن كثير

ب: معنى قوله تعالى: {إلا لنعلم من يتّبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه} الآية.
تفسير قواله تعالى:{إلا لنعلم من يتّبع
الرسول} فيه أقوال:
1-يخبر الله نبيه الكريم أن سبب تحويل القبلة هو فتنة ليعلم الله من يتبع النبي من العرب بعد تغيير القبلة لمكة التي يألفونها ،أو من اليهود الذين قال أحبارهم للنبي صلى الله عليه وسلم: إن بيت المقدس هو قبلة الأنبياء، فإن صليت إليه اتبعناك، فأمره الله بالصلاة إليه امتحانا لهم فلم يؤمنوا،مضمون ماذكره ابن عطية وابن كثير
2- أي ليعلم رسولي والمؤمنون وجاء الإسناد بنون العظمة لبيان أنهم حزبه وخالصته. ابن عطية
3-أو أن الله تعالى قد علم في الأزل من يتبع الرسول واستمر العلم حتى وقع حدوثهم واستمر في حين الاتباع والانقلاب ويستمر بعد ذلك، ، فأراد بقوله لنعلم ذكر علمه وقت مواقعتهم الطاعة والمعصية، إذ بذلك الوقت يتعلق الثواب والعقاب، فليس معنى لنعلم لنبتدىء العلم وإنما المعنى لنعلم ذلك موجودا، ابن عطية
4-أن معنى لنعلم لنثيب، فالمعنى لنعلمهم في حال استحقوا فيها الثواب، وعلق العلم بأفعالهم لتقوى الحجة ويقع التثبت فيما علمه لا مدافعة لهم فيه، قاله ابن فورك وقال أيضاً أن معنى لنعلم لنميز، وذكره الطبري عن ابن عباس، وحكى الطبري أيضا أن معنى لنعلم لنرى.ذكره ابن عطية
الترجيح :
رجح القاضي أبو محمد رحمه الله جميع الأقوال والقاعدة نفي استقبال العلم بعد أن لم يكن،

3: بيّن ما يلي:
أ: المخاطب في الآية، ومعنى الذكر في قوله تعالى: {فاذكروني أذكركم}.
المخاطب في الآية:
المؤمن والكافر والعاصي
معنى الذكر:
أي اذكروني بالطاعة من تسبيح ودعاء ونحوه خوفاً أذكركم بالثواب والمغفرة.قاله سعيد والقاضي والربيع والسدي
وفي الحديث: إن الله تعالى يقول: «ابن آدم اذكرني في الرخاء أذكرك في الشدة»،
و أن الكافر إذا ذكر الله ذكره الله باللعنة والخلود في النار، وكذلك العصاة يأخذون بحظ من هذا المعنى، وروي أن الله تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام «قل للعاصين لا يذكروني».وعن ابن عبّاسٍ في قوله {فاذكروني أذكركم} قال: «ذكر اللّه إيّاكم أكبر من ذكركم إيّاه».
مضمون ما ذكر ابن عطية وابن كثير

ب: المراد بالإيمان وفائدة التعبير عنه بوصف الإيمان في قوله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}.ب: المراد بالإيمان وفائدة التعبير عنه بوصف الإيمان في قوله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}.
المراد بالايمان :فيه أقوال:
1-تصديق الكفار واليهود بأمر تلك القبلة.
2-الصلاة الى بيت المقدس وكان سبب النزول صلاة جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس قبل نقل القبلة إلى بيت اللّه الحرام، ووفاتهم على ذلك؛ فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاتهم , فأنزل الله عزّ وجلّ: {وما كان اللّه ليضيع إيمانكم إنّ اللّه بالنّاس لرءوف رحيم}الزجاج
3-تصديق النبي واتّباعه إلى القبلة الثانية 4- محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم واتباعه حيث انصرف .قاله الحسن البصريّ ذكره ابن كثير
-فائدة التعبير عنه بوصف الإيمان في قوله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}.
سمى الصلاة إيمانا :
1-لأنها من شعب الإيمان
2-لأنها كانت صادرة عن الإيمان والتصديق في وقت تحويل القبلة
4-لئلا تندرج في اسم الصلاة صلاة المنافقين إلى بيت المقدس لأن الايمان هو الأصل في العبادات فللتفرقة بين صلاة المؤمنين والمنافقين إلى بيت المقدس فلا تشملهم الآية . مضمون ذكره ابن عطية

ج: معنى الصبر، وأنواعه، وفضله.
معنى الصبر، وأنواعه، وفضله
-&معنى الصبر
1- الصوم، ومنه قيل لرمضان: شهر الصبر، ابن عطية
2-هو اعتراف العبد للّه بما أصاب منه، واحتسابه عند اللّه رجاء ثوابه، وقد يجزع الرّجل وهو متجلّد لا يرى منه إلّا الصّبر.
قاله سعيد بن جبير كما ذكر ابن كثير
&أنواع الصبر
1-صبرٌ على ترك المحارم والمآثم
2-صبرٌ على فعل الطّاعات والقربات. وهذا هو المقصود وهو أكثر ثواباً من الأول
كما قال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: «الصّبر في بابين، الصّبر للّه بما أحبّ، وإن ثقل على الأنفس والأبدان، والصّبر للّه عمّا كره وإن نازعت إليه الأهواء. فمن كان هكذا، فهو من الصّابرين الّذين يسلّم عليهم، إن شاء اللّه».ابن كثير
والصبر في الطاعات يكون على الخوف من الأعداء والجوع في رمضان وغيره والجدب ونقص الأموال والأنفس بالموت والقتل .مضمون ما ذكر الن عطية وابن كثير
&فضل الصبر
1-إن الله مع الصابرين.يعينهم ويجعل لهم الغلبة ينصرهم ويظهر دينه على سائر الأديان ،الزجاج وابن عطية
2-الصبر يردع عن المعاصي،ابن عطية
3-الصابر ينال الخير وينال شهادة النبي صلى الله عليه وسلم بالإيمان كما جاء في الحديث: «عجبًا للمؤمن. لا يقضي اللّه له قضاءً إلّا كان خيرًا له: إن أصابته سرّاء، فشكر، كان خيرًا له؛ وإن أصابته ضرّاء فصبر كان خيرًا له».ابن كثير
4-الصبر يعين على تحمّل المصائب ، كما في قوله: {واستعينوا بالصّبر والصّلاة وإنّها لكبيرةٌ إلا على الخاشعين}ابن كثير
5-الصابر يدخل الجنة قبل الحساب كما روي عن عليّ بن الحسين زين العابدين: «إذا جمع اللّه الأوّلين والآخرين ينادي منادٍ: أين الصّابرون ليدخلوا الجنّة قبل الحساب؟ قال: فيقوم عنق من النّاس، فتتلقّاهم الملائكة، فيقولون: إلى أين يا بني آدم؟ فيقولون: إلى الجنّة. فيقولون: وقبل الحساب؟ قالوا: نعم، قالوا: ومن أنتم؟ قالوا: الصّابرون، قالوا: وما كان صبركم؟ قالوا: صبرنا على طاعة اللّه، وصبرنا عن معصية اللّه، حتّى توفّانا اللّه. قالوا: أنتم كما قلتم، ادخلوا الجنّة، فنعم أجر العاملين» ويشهد لهذا قوله تعالى: {إنّما يوفّى الصّابرون أجرهم بغير حسابٍ}[الزّمر: 10].ابن كثير
6-لهم البشارة من الله {وبشّر الصّابرين}: بالصلاة عليهم من ربّهم , والرحمة, وبأنهم المهتدون .الزجاج
7-الصابرون هم الذين وضح لهم الحق , وبان لهم البرهان،الزجاج
8-الصابرون المسترجعون عليهم صلوات من الله أي عفوه ورحمته وبركته وتشريفه إياهم في الدنيا والآخرة، وثناءه عليهم ونعم وشهد لهم بالاهتداء.{أولئك عليهم صلواتٌ من ربّهم ورحمة } وفي ذلك أحاديث كثيرة منها:
-ما رواه الإمام أحمد:عن فاطمة ابنة الحسين، عن أبيها الحسين بن عليٍّ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «ما من مسلمٍ ولا مسلمة يصاب بمصيبةٍ فيذكرها وإن طال عهدها -وقال عبّادٌ: قدم عهدها -فيحدث لذلك استرجاعًا، إلّا جدّد اللّه له عند ذلك فأعطاه مثل أجرها يوم أصيب».
-ما رواه الإمام أحمد: عن أبي سنانٍ قال: «دفنت ابنًا لي، فإنّي لفي القبر إذ أخذ بيدي أبو طلحة -يعني الخولانيّ -فأخرجني، وقال لي: ألا أبشّرك؟ قلت: بلى. قال: حدّثني الضّحّاك عن أبي موسى، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «قال اللّه:يا ملك الموت، قبضت ولد عبدي؟ قبضت قرّة عينه وثمرة فؤاده؟ قال نعم. قال: فما قال؟ قال: حمدك واسترجع، قال: ابنو له بيتًا في الجنّة، وسمّوه بيت الحمد».
ابن عطية،ابن كثير

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 20 جمادى الأولى 1438هـ/16-02-2017م, 12:04 PM
نبيلة الصفدي نبيلة الصفدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 508
افتراضي

المجموعة الثالثة:
1: فسّر قول الله تعالى:
{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158) }.
الصّفا والمروة: جبيلان بمكة ،والصفا في اللغة: الحجارة الصلبة الصلدة التي لا تنبت شيئا، والمروة والمرو: الحجارة اللينة.
وهذان الموضعان من شعائر اللّه، أي: من معالمه ومواضع عبادته ، وأصل ذلك مأخوذٌ من تطواف هاجر وتردادها بين الصّفا والمروة في طلب الماء لولدها، لمّا نفد ماؤها وزادها، حين تركهما إبراهيم -عليه السّلام -هنالك ليس عندهما أحدٌ من النّاس، فلمّا خافت الضّيعة على ولدها هنالك، ونفد ما عندها قامت تطلب الغوث من اللّه، عزّ وجلّ، فلم تزل تردّد في هذه البقعة المشرّفة بين الصّفا والمروة متذلّلةً خائفةً وجلةً مضطرّةً فقيرةً إلى اللّه، عزّ وجلّ، حتّى كشف اللّه كربتها، وآنس غربتها، وفرّج شدّتها
وقوله عزّ وجلّ: {فمن حجّ البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما}
حجّ معناه قصد وتكرر ، والعمرة : الزيارة ، "فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما"أي: لا إثم عليه،
والجناح: أخذ من جنح إذا مال, وعدل عن القصد ،{أن يطّوّف بهما}, فيه غير وجه:
يجوز: أن يطوّف, وأن يطوّف، وأن يطوف بهما، فمن قرأ: أن يطوّف بهما, أراد: أن يتطوف , فأدمغت التاء في الطاء لقرب المخرجين،
ومن قرأ: أن يطوّف بهما, فهو من طوّف إذا أكثرا التّطواف
وسبب نزول هذه الآية أنه كان على الصفا والمروة صنمان أساف ونائلة وكان أساف على الصفا ونائلة على المروة وكان أهل الجاهلية يطوفون بين الصفا والمروة تعظيما للصنمين ويتمسحون بهما فلما جاء الإسلام وكسرت الأصنام كان المسلمون يتحرجون عن السعي بين الصفا والمروة لأجل الصنمين فأذن الله فيه وأخبر أنه من شعائر الله .
واختلف أهل العلم في حكم هذه الآية ووجوب السعي بين الصفا والمروة في الحج والعمرة بين الوجوب والتطوع
وقوله: {فمن تطوّع خيرًا} قيل: زاد في طوافه بينهما على قدر الواجب ثامنةً وتاسعةً ونحو ذلك. وقيل: يطوف بينهما في حجّة تطوّعٍ، أو عمرة تطوّعٍ. وقيل: المراد تطوّع خيرًا في سائر العبادات. وقوله: {فإنّ اللّه شاكرٌ عليمٌ} أي: يثيب على القليل بالكثير {عليمٌ} بقدر الجزاء فلا يبخس أحدًا ثوابه

2: حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالسفهاء وموقفهم من تحويل القبلة في قوله تعالى: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها}.
السّفهاء: هم الخفاف الأحكام والعقول، والسفه الخفة والهلهلة
قيل المراد بالسّفهاء :
- المشركون؛ مشركو العرب، ( قاله الزّجّاج ). قالوا: ما ولاه عن قبلته؟ ما رجع إلينا إلا لعلمه أنّا على الحق وسيرجع إلى ديننا كله،
- قيل هم: أحبار يهود، ( قاله مجاهدٌ ) حيث جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد ما ولاك عن قبلتنا؟ ارجع إليها ونؤمن بك، يريدون فتنته
- قيل: المنافقون، قاله السّدّيّ. حيث أنهم قالوا استهزاء: اشتاق الرجل إلى وطنه
- ورجح ابن كثير أن الآية عامّةٌ في هؤلاء كلّهم .

ب: معنى قوله تعالى: {إلا لنعلم من يتّبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه} الآية.
وردت أقوال للمفسرين في معنى " لنعلم ":
- لنعلم : لنثيب قاله ابن فورك ، فالمعنى لنعلمهم في حال استحقوا فيها الثواب، وعلق العلم بأفعالهم لتقوى الحجة ويقع التثبت فيما علمه لا مدافعة لهم فيه،
- لنعلم : لنميز، قاله ابن فورك أيضا، وذكره الطبري عن ابن عباس
- لنعلم: لنرى ذكره الطبري
- "لنعلم" أي ليعلم رسولي والمؤمنون به، وجاء الإسناد بنون العظمة إذ هم حزبه وخالصته، وهذا شائع في كلام العرب كما تقول: فتح عمر العراق وجبى خراجها، وإنما فعل ذلك جنده وأتباعه،
- قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا كله متقارب، والقاعدة نفي استقبال العلم بعد أن لم يكن، وهناك وجهان للتجوز إذ ورد علم الله تعالى بلفظ استقبال
- لأنه قديم لم يزل،
- ووجه آخر: وهو أن الله تعالى قد علم في الأزل من يتبع الرسول واستمر العلم حتى وقع حدوثهم واستمر في حين الاتباع والانقلاب ويستمر بعد ذلك، والله تعالى متصف في كل ذلك بأنه يعلم،
- فأراد بقوله لنعلم ذكر علمه وقت مواقعتهم الطاعة والمعصية، إذ بذلك الوقت يتعلق الثواب والعقاب،
- فليس معنى لنعلم لنبتدىء العلم وإنما المعنى لنعلم ذلك موجودا،
3: بيّن ما يلي:
أ: المخاطب في الآية، ومعنى الذكر في قوله تعالى: {فاذكروني أذكركم}.
- ابن آدم وفي الحديث: إن الله تعالى يقول: «ابن آدم اذكرني في الرخاء أذكرك في الشدة»، وفي حديث آخر: إن الله تعالى يقول: «وإذ ذكرني عبدي في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم»
- الكافر إذا ذكر الله ذكره الله باللعنة والخلود في النار، وكذلك العصاة يأخذون بحظ من هذا المعنى، وروي أن الله تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام «قل للعاصين لا يذكروني

معنى الذكر :
- اذكروني بالطاعة أذكركم بالثواب والمغفرة قاله سعيد بن جبير.
- اذكروني عند كل أموركم فيحملكم خوفي على الطاعة فأذكركم حينئذ بالثواب قاله ابن عطية
- اذكروني فيما افترضت عليكم أذكركم فيما أوجبت لكم على نفسي». قاله الحسن البصريّ
فيكون معنى الذكر طاعة الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه

- : المراد بالإيمان وفائدة التعبير عنه بوصف الإيمان في قوله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}.
المراد بالإيمان الصلاة
سميت الصلاة إيمانا لإنها كانت صادرة عن الإيمان والتصديق بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم في حال التوجه إلى بيت المقدس ,وعند تحوله عنها .
- الإيمان هو الأصل والقطب لجميع الأعمال والأساس لكل عمل ومن أهمها الصلاة لذا استدعى ذكره .
- وسميت الصلاة إيمانا لأنها من شعب الإيمان .
- وكذلك سميت إيمانا لئلا تندرج صلاة المنافقين الذين كانوا يصلون معهم إلى بيت المقدس ثم انقلبوا على أعقابهم بعد تحويلها .

وذكر في سبب نزول الآية :
- كان الذي مات على القبلة قبل أن تحوّل قبل البيت رجالًا قتلوا لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل اللّه عزّ وجلّ:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم إنّ اللّه بالنّاس لرءوفٌ رحيمٌ} فصلاتهم غير ضائعة وثوابهم قائم،
- وكذلك قيل: إنّ قوم قالوا: فما نصنع بصلاتنا التي كنا صليناها إلى بيت المقدس، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {وما كان اللّه ليضيع إيمانكم},أي: تصديقكم بأمر تلك القبلة.

ج: معنى الصبر، وأنواعه، وفضله.:
«الصّبر اعتراف العبد للّه بما أصاب منه، واحتسابه عند اللّه رجاء ثوابه، وقد يجزع الرّجل وهو متجلّد لا يرى منه إلّا الصّبر " قاله سعيد بن جبيرٍ
وقيل أن الصبر هو الصوم و لهذا سمي شهر رمضان شهر الصبر ، ذكره ابن عطية .

أنواع الصبر :
- صبرٌ على ترك المحارم والمآثم
- صبرٌ على فعل الطّاعات والقربات. وهو الأكثر ثوابًا لأنّه المقصود.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: «الصّبر في بابين، الصّبر للّه بما أحبّ، وإن ثقل على الأنفس والأبدان، والصّبر للّه عمّا كره وإن نازعت إليه الأهواء. "

فضل الصبر :
- «إذا جمع اللّه الأوّلين والآخرين ينادي منادٍ: أين الصّابرون ليدخلوا الجنّة قبل الحساب؟ قال: فيقوم عنق من النّاس، فتتلقّاهم الملائكة، فيقولون: إلى أين يا بني آدم؟ فيقولون: إلى الجنّة. فيقولون: وقبل الحساب؟ قالوا: نعم، قالوا: ومن أنتم؟ قالوا: الصّابرون، قالوا: وما كان صبركم؟ قالوا: صبرنا على طاعة اللّه، وصبرنا عن معصية اللّه، حتّى توفّانا اللّه. قالوا: أنتم كما قلتم، ادخلوا الجنّة، فنعم أجر العاملين». عن عليّ بن الحسين زين العابدين ، ويشهد لهذا قوله تعالى: {إنّما يوفّى الصّابرون أجرهم بغير حسابٍ}[الزّمر: 10].

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثامن

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:33 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir