دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأسيس في التفسير > صفحات الدراسة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 4 رمضان 1435هـ/1-07-2014م, 09:25 PM
لمياء لمياء غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 322
افتراضي صفحة الطالبة / لمياء لدراسة أصول التفسير وعلوم القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه وحده نستعين

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27 ذو القعدة 1435هـ/21-09-2014م, 03:47 PM
لمياء لمياء غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 322
افتراضي تلخيص درس المكي والمدني من أصول التفسير لابن عثيمين

تلخيص درس المكي والمدني لابن عثيمين رحمه الله
العناصر:
- تعريف المكي والمدني
- الفرق بين المكي والمدني
- فائدة معرفة المكي والمدني
- الحكمة من نزول القرآن منجماً أو مفرقاً

- تعريف المكي والمدني:
المكي : هو كل مانزل من القرآن قبل الهجرة
المدني : هو كل مانزل من القرآن بعد الهجرة

- الفرق بين المكي والمدني:
أولاً من حيث الأسلوب:
المكي: يتميز بقوة الألفاظ وشدة الخطاب لأن المخاطبين معرضون مستكبرون
قصر الآيات وقوة المحاجة لأن حال المشركين تقتضي ذلك
المدني: يتميز بالبيان واللين في الخطاب لأن المخاطبين مقبلون منصاعون له
طول الآيات وذكر الأحكام مرسلة بدون محاجة لأن المخاطبين متشوقون ومنصاعون لأحكامه
ثانياً من حيث الموضوع:
المكي : يتميز بتقرير العقيدة الصحيحة وهي التوحيد وإثبات البعث والنشور والجزاء
المدني : تفصيل العبادات والمعاملات وسائر الأحكام
فرض الجهاد والتفصيل في آيات الجهاد وأحكامه وذكر المنافقين وصفاتهم وأحوالهم

- فوائد معرفة المكي والمدني:
1- ظهور بلاغة القرآن في أعلى مراتبها، حيث يخاطب كل قوم بما تقتضيه حالهم من قوة وشدة، أو لين وسهولة
2- ظهور حكمة التشريع في أسمى غاياته حيث يتدرج شيئا فشيئا بحسب الأهم
3- تربية الدعاة إلى الله تعالى، وتوجيههم إلى أن يتبعوا ما سلكه القرآن في الأسلوب والموضوع
4- تمييز الناسخ من المنسوخ فيما لو وردت آيتان مكية ومدنية، يتحقق فيهما شروط النسخ

- الحكمة من نزول القرآن منجماً أو مفرقاً:
1- تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم
2- أن يسهل على الناس حفظه وفهمه والعمل به، حيث يقرأ عليهم شيئا فشيئا
3- تنشيط الهمم لقبول ما نزل من القرآن وتنفيذه، حيث يتشوق الناس لنزوله لا سيما عند اشتداد الحاجة إليها كما في اآيات الإفك واللعان
4- التدرج في التشريع حتى يصل إلى درجة الكمال، كما في آيات الخمر

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 21 ذو الحجة 1435هـ/15-10-2014م, 11:50 PM
لمياء لمياء غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 322
افتراضي تلخيص درس الالتفات من أصول من التفسير لابن عثيمين

*** الالتفات :

- تعريف الالتفات :
تحويل أسلوب الكلام من وجه إلى آخر

- صوره :
1- الالتفات من الغيبة إلى الخطاب كقوله تعالى:{الحمد للّه ربّ العالمين*الرّحمن الرّحيم*مالك يوم الدّين* إيّاك نعبد وإيّاك نستعين} [الفاتحة]

2- الالتفات من الخطاب إلى الغيبة كقوله تعالى:{حتّى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم} [يونس: 22]

3- الالتفات من الغيبة إلى التكلم، كقوله تعالى:{ولقد أخذ اللّه ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً} [المائدة: 12]

4- الالتفات من التكلم إلى الغيبة، كقوله تعالى:{إنّا أعطيناك الكوثر (1) فصلّ لربّك} [ الكوثر: 1،2]

- وللالتفات فوائد منها:
1- حمل المخاطب على الانتباه
2- حمله على التفكير في المعنى
3- دفع السآمة والملل عنه

**************************

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25 محرم 1436هـ/17-11-2014م, 07:58 PM
لمياء لمياء غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 322
افتراضي تلخيص درسي المترادف والفصل والوصل من منظومة الزمزمي

تلخيص درسي المترادف والفصل والوصل لمنظومة الزمزمي

المترادف

وهو الخامس من أنواع العقد الرابع

**تعريفه :
لفظان أو أكثر بإزاء معنى واحد عكس المشترك : اللفظ واحد بإزاء معني متعددة ،وهنا ألفاظ متعددة بإزاء معنى واحد .

**أمثلة على المترادف
- اليم والبحر: معناهما واحد فهما من المترادف .
- كذا العذاب والرجس والرجز :معناها واحد وكلها جاءت في القرآن .

جاء هذا في القرآن يا أواب :يا كثير الأوبة والتوبة والرجوع إلى الله جل وعلا ،على أن من أهل العلم من يمنع المترادف ويقول لا يوجد في لغة العرب كلمتان متطابقتان من كل وجه والإنسان له دلالته والبشر له دلالته يدلان على حقيقة واحدة لكن دلالة الإنسان على بني آدم غير دلالة البشر على بني آدم وإن دلتا على بني آدم .

هناك من الألفاظ ما تظن أنها متطابقة وبعض العلماء ينفي الترادف الذي هو التطابق من كل وجه .

على كل حال دلالة الأكثر من لفظ على شيء واحد موجود في اللغة وفي النصوص ،لكن كيفية الدلالة على هذا الشيء مع ملاحظة الأصل أصل الكلمة ومأخذ الكلمة لا بد فيه من فرق .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

الفصل والوصل

يقول الناظم رحمه الله تعالى: في العقد السادس وهو مايرجع إلى المعاني المتعلقة بالألفاظ، والذي قبله متعلقة بالأحكام وهذا متعلق بالألفاظ يقول :
وهي ستة الأول والثاني: الفصل والوصل، وهما من مباحث علم المعني قسيم البيان والبديع، ومن الثلاثة يتألف علم البلاغة، ومن علم البلاغة بأقسامه الثلاثة إضافة إلى النحو والصرف والاشتقاق والوضع وفقة اللغة ومتن اللغة تكون علوم اللغة .

** تعريف (الوصل): عطف جملة على أخرى للربط بينهما ووصل أحداهما بالأخرى بحرف العطف.

** تعريف (للفصل) فهو ترك ما ذكر من العطف.

إذن الوصل الربط بين الجملتين بالعاطف، وأما الفصل فهو ترك هذا الوصل.

** الفصل مثاله في قول الله _جلّ وعلا_:{إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنّا معكم إنّما نحنُ مُسْتَهْزِئُونَ الله يستهزأ بهم} {الله يستهزأ بهم}، هذه الجملة مفصولة، لأنّها لم تُعطف بالواو، لماذا فُصلت هذه الجملة عن التي قبلها، لأن لا يُظن أنّها من قول المـُنافقين؛ لأنّهم قالوا: {إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنّا معكم إنّما نحنُ مُسْتَهْزِئُونَ الله يستهزأ بهم}، فلو عُطفت لقيل: إنّها من مَقول المنافقين، ولكنها من مَقول الله_جلّ وعلا_ ردًا عليهم، قد يقول قائل: إن المنافقين ذكروا جملتين، وفُصلت الثانية عن الأولى :{قالوا إنّا معكم}،{إنّما نحنُ مُسْتَهْزِئُونَ }

والقواعد ينبغي أن تُخضع للقرآن، ما يُتأول القرآن من أجل القواعد، ويُتكلف في تأويله من أجل القواعد ، لاقواعد العربية ولا غير العربية، بل القواعد المـُرتبطة بعلوم الدين كلّها تُخضع للقرآن لأنّه أساس العلوم كلها، هذا عندهم يذكرونه، الفصل والوصل يقولون: إن العطف يدل على الوصل، وترك العطف يدل على الوصل.
الوصل: عطف الجملة بأي حرف من حروف العطف، والفصل: ترك العطف.
الوصل: عطف جملة على أخرى، والفصل: ترك هذا العطف.
يعني ما يذكره العلماء المتخصصون بالقرآن من الوقف اللازم يغني عن الوصل
مثال : {فلا يحزنك قولهم}بعدها{إن العزة}،قولهم وقف لازم هنا وقف لازم يلزم الوقوف لئلا يظن أن العزة لجميعهم من قولهم فالوقف اللازم يحل الإشكال الوارد في مثل هذا .

** مثال للنوع الثاني الوصل في قول الله جل وعلا {إن الأبرار لفي نعيم }مع الآية التي بعدها {وإن الفجار لفي جحيم}هذا وصل هذا في مثال الوصل ،قال {وإن الأبرار لفي نعيم}في الوصل {والفجار لفي جحيم}إذ وصلت الثانية بالأولى بالواو لما بينهما من الشبه بالتضاد اللفظي المقتدي للوصل،لأن الأشياء بضدها تتبين وتتميز .

** أسباب تسمية القرآن مثاني :
أنه يذكر الشيء ويذكر ضده فيذكر حال الأبرار ويذكر حال الفجار يذكر حال السعداء ويعطف عليه حال الأشقياء أو العكس المقصود أن مثل هذا موجود في القرآن كثير وهو موصول .

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 04:52 PM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لمياء مشاهدة المشاركة
تلخيص درس المكي والمدني لابن عثيمين رحمه الله
العناصر:
- تعريف المكي والمدني
- الفرق بين المكي والمدني
- فائدة معرفة المكي والمدني
- الحكمة من نزول القرآن منجماً أو مفرقاً

- تعريف المكي والمدني:
المكي : هو كل مانزل من القرآن قبل الهجرة
المدني : هو كل مانزل من القرآن بعد الهجرة

- الفرق بين المكي والمدني:
أولاً من حيث الأسلوب:
المكي: يتميز بقوة الألفاظ وشدة الخطاب لأن المخاطبين معرضون مستكبرون
قصر الآيات وقوة المحاجة لأن حال المشركين تقتضي ذلك
المدني: يتميز بالبيان واللين في الخطاب لأن المخاطبين مقبلون منصاعون له
طول الآيات وذكر الأحكام مرسلة بدون محاجة لأن المخاطبين متشوقون ومنصاعون لأحكامه
ثانياً من حيث الموضوع:
المكي : يتميز بتقرير العقيدة الصحيحة وهي التوحيد وإثبات البعث والنشور والجزاء
المدني : تفصيل العبادات والمعاملات وسائر الأحكام
فرض الجهاد والتفصيل في آيات الجهاد وأحكامه وذكر المنافقين وصفاتهم وأحوالهم

- فوائد معرفة المكي والمدني:
1- ظهور بلاغة القرآن في أعلى مراتبها، حيث يخاطب كل قوم بما تقتضيه حالهم من قوة وشدة، أو لين وسهولة
2- ظهور حكمة التشريع في أسمى غاياته حيث يتدرج شيئا فشيئا بحسب الأهم
3- تربية الدعاة إلى الله تعالى، وتوجيههم إلى أن يتبعوا ما سلكه القرآن في الأسلوب والموضوع
4- تمييز الناسخ من المنسوخ فيما لو وردت آيتان مكية ومدنية، يتحقق فيهما شروط النسخ

- الحكمة من نزول القرآن منجماً أو مفرقاً:
1- تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم
2- أن يسهل على الناس حفظه وفهمه والعمل به، حيث يقرأ عليهم شيئا فشيئا
3- تنشيط الهمم لقبول ما نزل من القرآن وتنفيذه، حيث يتشوق الناس لنزوله لا سيما عند اشتداد الحاجة إليها كما في اآيات الإفك واللعان
4- التدرج في التشريع حتى يصل إلى درجة الكمال، كما في آيات الخمر

أحسنتِ أختي احسن اللهُ إليكِ
ينقصكِ عنصر تنسيق التلخيص

تقييم التلخيص :
أولاً: الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) : 30 / 30
ثانياً: الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا) : 20 / 20
ثالثاً: التحرير العلمي (استيعاب الأقوال في المسألة وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها): 20 / 20
رابعاً: الصياغة (حسن صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) : 15 / 15
خامساً: العرض
(حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) : 13/ 15
___________________
= 98 %
درجة الملخص = 10 / 10

وفقكِ الله وسدد خطاكِ.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 05:01 PM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لمياء مشاهدة المشاركة
*** الالتفات :

- تعريف الالتفات :
تحويل أسلوب الكلام من وجه إلى آخر

- صوره : [ مع الإشارة إلى أن هذه بعض صوره وليست كلها ]
1- الالتفات من الغيبة إلى الخطاب كقوله تعالى:{الحمد للّه ربّ العالمين*الرّحمن الرّحيم*مالك يوم الدّين* إيّاك نعبد وإيّاك نستعين} [الفاتحة]

2- الالتفات من الخطاب إلى الغيبة كقوله تعالى:{حتّى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم} [يونس: 22]

3- الالتفات من الغيبة إلى التكلم، كقوله تعالى:{ولقد أخذ اللّه ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً} [المائدة: 12]

4- الالتفات من التكلم إلى الغيبة، كقوله تعالى:{إنّا أعطيناك الكوثر (1) فصلّ لربّك} [ الكوثر: 1،2]

- وللالتفات فوائد منها:
1- حمل المخاطب على الانتباه
2- حمله على التفكير في المعنى
3- دفع السآمة والملل عنه
[ وهذه فوائده العامة ، وله فوائد خاصة حسب موضعه في الآية ]
**************************
تقييم التلخيص :
أولاً: الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) : 30 / 30
ثانياً: الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا) : 20 / 20
ثالثاً: التحرير العلمي (استيعاب الأقوال في المسألة وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها): 17 / 20
رابعاً: الصياغة (حسن صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) : 18 / 15
خامساً: العرض
(حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) : 13 / 15
___________________
= 93 %
درجة الملخص = 9.5 / 10

وفقكِ الله وسدد خطاكِ ونفع بكِ الإسلام والمسلمين.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 05:21 PM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لمياء مشاهدة المشاركة
تلخيص درسي المترادف والفصل والوصل لمنظومة الزمزمي

المترادف

وهو الخامس من أنواع العقد الرابع [ الأولى بيان ما هو النوع الرابع ]

**تعريفه :
لفظان أو أكثر بإزاء معنى واحد [ هنا ينتهي تعريف المترادف ، وما تحته يدخل تحت مسألة الفرق بين المترادف والمشترك ]
عكس المشترك : اللفظ واحد بإزاء معني متعددة ،وهنا ألفاظ متعددة بإزاء معنى واحد .

**أمثلة على المترادف
- اليم والبحر: معناهما واحد فهما من المترادف .
- كذا العذاب والرجس والرجز :معناها واحد وكلها جاءت في القرآن .

[ الخلاف في وجود المترادف ] مع تحرير الأقوال بشكل أفضل تحت هذه المسألة.

جاء هذا في القرآن يا أواب :يا كثير الأوبة والتوبة والرجوع إلى الله جل وعلا ،على أن من أهل العلم من يمنع المترادف ويقول لا يوجد في لغة العرب كلمتان متطابقتان من كل وجه والإنسان له دلالته والبشر له دلالته يدلان على حقيقة واحدة لكن دلالة الإنسان على بني آدم غير دلالة البشر على بني آدم وإن دلتا على بني آدم .

هناك من الألفاظ ما تظن أنها متطابقة وبعض العلماء ينفي الترادف الذي هو التطابق من كل وجه .

على كل حال دلالة الأكثر من لفظ على شيء واحد موجود في اللغة وفي النصوص ،لكن كيفية الدلالة على هذا الشيء مع ملاحظة الأصل أصل الكلمة ومأخذ الكلمة لا بد فيه من فرق .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

تقييم التلخيص :
أولاً: الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) : 30 / 30
ثانياً: الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا) : 20 / 20
ثالثاً: التحرير العلمي (استيعاب الأقوال في المسألة وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها): 15 / 20 ( أرجو تجنب النسخ من الشرح )
رابعاً: الصياغة (حسن صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) : 10 / 15 ( مراعاة المسائل التي وضحتها أعلاه )
خامساً: العرض
(حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) : 13 / 15
___________________
= 88 %
درجة الملخص = 9 / 10

وفقك الله وسدد خطاكِ ونفع بكِ الإسلام والمسلمين.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 07:27 PM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لمياء مشاهدة المشاركة
الفصل والوصل

يقول الناظم رحمه الله تعالى: في العقد السادس وهو مايرجع إلى المعاني المتعلقة بالألفاظ، والذي قبله متعلقة بالأحكام وهذا متعلق بالألفاظ يقول :
وهي ستة الأول والثاني: الفصل والوصل، وهما من مباحث علم المعني قسيم البيان والبديع، ومن الثلاثة يتألف علم البلاغة، ومن علم البلاغة بأقسامه الثلاثة إضافة إلى النحو والصرف والاشتقاق والوضع وفقة اللغة ومتن اللغة تكون علوم اللغة .

** تعريف (الوصل): عطف جملة على أخرى للربط بينهما ووصل أحداهما بالأخرى بحرف العطف.

** تعريف (للفصل) فهو ترك ما ذكر من العطف.

إذن الوصل الربط بين الجملتين بالعاطف، وأما الفصل فهو ترك هذا الوصل.

** الفصل مثاله في قول الله _جلّ وعلا_:{إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنّا معكم إنّما نحنُ مُسْتَهْزِئُونَ الله يستهزأ بهم} {الله يستهزأ بهم}، هذه الجملة مفصولة، لأنّها لم تُعطف بالواو، لماذا فُصلت هذه الجملة عن التي قبلها، لأن لا يُظن أنّها من قول المـُنافقين؛ لأنّهم قالوا: {إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنّا معكم إنّما نحنُ مُسْتَهْزِئُونَ الله يستهزأ بهم}، فلو عُطفت لقيل: إنّها من مَقول المنافقين، ولكنها من مَقول الله_جلّ وعلا_ ردًا عليهم، قد يقول قائل: إن المنافقين ذكروا جملتين، وفُصلت الثانية عن الأولى :{قالوا إنّا معكم}،{إنّما نحنُ مُسْتَهْزِئُونَ }

والقواعد ينبغي أن تُخضع للقرآن، ما يُتأول القرآن من أجل القواعد، ويُتكلف في تأويله من أجل القواعد ، لاقواعد العربية ولا غير العربية، بل القواعد المـُرتبطة بعلوم الدين كلّها تُخضع للقرآن لأنّه أساس العلوم كلها، هذا عندهم يذكرونه، الفصل والوصل يقولون: إن العطف يدل على الوصل، وترك العطف يدل على الوصل.
الوصل: عطف الجملة بأي حرف من حروف العطف، والفصل: ترك العطف.
الوصل: عطف جملة على أخرى، والفصل: ترك هذا العطف.
يعني ما يذكره العلماء المتخصصون بالقرآن من الوقف اللازم يغني عن الوصل
مثال : {فلا يحزنك قولهم}بعدها{إن العزة}،قولهم وقف لازم هنا وقف لازم يلزم الوقوف لئلا يظن أن العزة لجميعهم من قولهم فالوقف اللازم يحل الإشكال الوارد في مثل هذا .

** مثال للنوع الثاني الوصل في قول الله جل وعلا {إن الأبرار لفي نعيم }مع الآية التي بعدها {وإن الفجار لفي جحيم}هذا وصل هذا في مثال الوصل ،قال {وإن الأبرار لفي نعيم}في الوصل {والفجار لفي جحيم}إذ وصلت الثانية بالأولى بالواو لما بينهما من الشبه بالتضاد اللفظي المقتدي للوصل،لأن الأشياء بضدها تتبين وتتميز .

** أسباب تسمية القرآن مثاني :
أنه يذكر الشيء ويذكر ضده فيذكر حال الأبرار ويذكر حال الفجار يذكر حال السعداء ويعطف عليه حال الأشقياء أو العكس المقصود أن مثل هذا موجود في القرآن كثير وهو موصول .


أختي الفاضلة
بمثل ما لخصتِ الدروس الماضية أرجو منكِ الاجتهاد في إعادة تلخيص هذا الدرس
بتقسيمه إلى مسائل أولا
ثم تحرير ما ورد تحتها بأسلوبكِ وتجنبي النسخ ما أمكن
يمكنكِ الاستفادة من أقوال العلماء ، لكن لا تكن طريقتكِ نسخ فقرات كاملة من الشرح ، لأن الشرح مقامه مقام تفصيل وتوضيح.

مثلا من المسائل الواردة في هذا الدرس
* تعريف الوصل :
مثال عليه :

تعريف الفصل :
مثال عليه

ويمكنكِ ملاحظة أنه تكررت بعض الجمل في تلخيصكِ ولا فائدة من تكرارها

وفقكِ الله وسدد خطاكِ ونفع بكِ الإسلام والمسلمين.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 10 ربيع الثاني 1436هـ/30-01-2015م, 10:02 PM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

تقييم تلخيص درس الفصل والوصل :
أولاً: الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) : 25 / 30
ثانياً: الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا) : 12 / 20
ثالثاً: التحرير العلمي (استيعاب الأقوال في المسألة وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها): 12 / 20 ( أرجو تجنب النسخ من الشرح )
رابعاً: الصياغة (حسن صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) : 11 / 15 ( مراعاة المسائل التي وضحتها أعلاه )
خامساً: العرض
(حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) : 10 / 15
___________________
= 70 %
درجة الملخص = 7 / 10

وفقك الله وسدد خطاكِ ونفع بكِ الإسلام والمسلمين.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 7 جمادى الآخرة 1436هـ/27-03-2015م, 09:14 PM
لمياء لمياء غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 322
افتراضي تلخيص درس "معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية" لابن تيمية

بسم الله الرحمن الرحيم
تلخيص درس 8 (معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية)
عناصر الدرس:
1- ما معنى "معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية":
2- مثال على ذلك من الواقع:
3- ما معنى قول الصحابي "نزلت الآية في كذا":
4- ما سبب التعدد في أسباب النزول:
5- أمثلة على تعدد أسباب النزول:
6- ما معنى قول ابن تيمية "أو تكون نزلت مرتين":
7- هل قول الصحابي "نزلت في" يعد من المسند:

********************************************************************
1- ما معنى "معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية":
هذه قاعدةٌ كليةٌ، فإذا عُرِفتِ الأسبابُ الصريحةُ لنـزولِ الآيةِ عُرفَ تفسيرُ الآيةِ.
2- مثال على ذلك من الوقع:
ضرب ابن تيمية رحمه الله على أن معرفة السبب يعين على معرفة المسبب بالحالف الذي لا يعرف ماذا كانت نيته ،فيُسأل عن سبب هذا اليمين وما الذي هيجها فيُعلم نيته من السبب.
3- ما معنى قول الصحابي "نزلت الآية في كذا":
يعنون به أنها تصلح لهذا المعنى، أو إن ما ذُكرَ مما يَدخلُ في حكمِ الآيةِ، ولكن أيضًا قد تَرِدُ هذه الصيغةُ أحيانًا , ويرادُ بها أنَّها سببُ نزولٍ مباشِرٌ.
فكلٌّ من الصيغِ قد يَرِدُ على خلافِ الأصلِ والمَرجِعُ في تحديدِ ذلك هو القرائنُ.
فإذا كانتْ هناكَ قرينةٌ تدلُّ على أنه سببُ نزولٍ مباشرٌ –كأن يكونَ المتكلِّمُ مثلًا هو صاحبَ القصَّةِ – فإنه يُعملُ بالقرينةِ. وذلك مِثلُ قولِ ابنِ مسعودٍ: كنتُ أمشي مع رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ فمَرَّ بنا نَفرٌ من اليهودِ فسألُوه عن الرُّوحِ، قال: وكان متَّكئًا على عصًا.. إلى آخِرِ الحديثِ الذي ذَكرَه البخاريُّ في سببِ نزولِ: {ويَسألونَكَ عن الرُّوحِ} فهذا يُعتبرُ سببَ نزولٍ؛ لأنَّ الذي باشَرَ القصَّةَ هو الذي يُحدِّثُ في هذا الخبرِ، فلا يمكنُ أن يكونَ أرادَ بهذا اللفظِ غيرَ سببِ النـزولِ.
4- ما سبب التعدد في أسباب النزول:
أولاً: تخصيص المعنى ،لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
ثانياً: أنه قد تذكر أكثر من حادثة نزلت في كذا أو في كذا وهذه كلها أفراد للعام لا يعني تخصيصها أو إلغاء معنى الآية لأجل الاختلاف في سبب النـزول.
ثالثاً: أنهم قد لا يقولون نزلت في كذا ولا يعنون سبب نزولها أول مرة ولكن يعنون أن الآية صالحة لتناول هذا الذي حصل حيث تلا النبي عليه الصلاة والسلام عليهم تلك الآيات.
فمثلاً آيةُ اللِّعانِ قيل: إنها نزلتْ في عُوَيْمِرٍ العَجْلانيِّ، وقيل: نزلتْ في هلالِ بنِ أميَّةَ،فقد يكون هذا من باب التمثيل .
5- مثال على تعدد أسباب النزول:
سورةُ الأنفالِ مثلًا يُذكرُ في سببِ نزولِها أنَّ سعدَ بنَ أبي وقَّاصٍ أخذ سيفًا مِن الغنائمِ، فقال له الرسولُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ: ((ضَعْهُ في السَّلَبِ)). فلما ذهبَ دعاهُ الرسولُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ وتلا عليه:{يَسْأَلُونَكَ عَن الأنْفَالِ}، فسعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ يَرى أنَّ هذه الآيةَ نزلتْ بسبِبِه.
وفي روايةٍ أُخْرى: أنَّ الرسولَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ قال للصحابةِ: ((مَن قَتلَ قتيلًا فلَهُ سلَبُه)). فلما فَعلُوا ردَّها حتى يَحْكُمَ بها، ثم وَزَّعَها عليهم مرَّةً أخرى لما نزلتْ الآيةُ. فهذان السَّببانِ المذكوران لنـزولِ هذه السورةِ يمكنُ صِدقُهما بأن تكونَ نزلَتْ بعدَهما؛ أي: بعدَ وقوعِ كِلْتَا الحالَتَيْن.
6- ما معنى قول ابن تيمية "أو تكون نزلت مرتين":
يعني به النـزول الاصطلاحي؛ يكون للمرة الأولى نزلت لكذا التي هي المرة الأولى أما المرة الثانية فيكون إنزالها للتذكير بها ينـزل بها جبريل عليه السلام إما سورة كاملة كـ(سورة الفاتحة) وإما بعض سورة (ويل للمطففين) وغيرها فيكون للتذكير بشمول ما حدث لهذه الآيات أو بشمول الآيات لما حدث بدخول ما حدث في الآيات وبشمول الآية لما حدث.
7- هل قول الصحابي "نزلت في" يعد من المسند:
المراد بالمسند أنه متصل بالنبي عليه الصلاة والسلام إما قولاً أو زماناً ، وقول الصحابي الذي شهد التنزيل ورآه ويذكر ما شهده بناءً على هذا يعد من المسند أي مرفوعاً وليس من الموقوف كما قال بذلك العلماء كالحاكم في المستدرك والإمام أحمد في مسنده.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 7 رجب 1436هـ/25-04-2015م, 11:13 PM
لمياء لمياء غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 322
افتراضي تلخيص درس الإسرائيليات-مقدمة التفسير لابن تيمية

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التفسير لابن تيمية : القسم الثاني
تلخيص درس الإسرائيليات
عناصر الدرس:
1- معنى الإسرائيليات.
2- أقسام الإسرائيليات.
3- حكم الرواية عن بني إسرائيل.
4- العلة في وجود نقول عن الصحابة شبيهة بالإسرائيليات في كتب التفسير.
5- العصمة لها ثلاث جوانب.

1- معنى الإسرائيليات:
هي ما رُوي عن أهل الكتاب من بني إسرائيل.
2- أقسام الإسرائيليات:
قسمها ابن تيمية -رحمه الله- إلى ثلاثة أقسام:
- قِسمٌ يُصدَّقُ لأنه وَردَ في شرعِنا، فالرسولُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ إذا أَخبرَ عن قضيةٍ من قضايا بني إسرائيلَ فإنَّكَ تَقبَلُها؛ لأنَّها وردتْ إما في القرآنِ وإما في السُّنةِ.
- قِسمٌ يُرَدُّ؛ لأنه يخالفُ ما جاء في شرعِنا مخالفةً صريحةً واضحةً.
-
قِسمٌ متردِّدٌ بينَ هذين القِسمَين , وهو الذي قال فيه الرسولُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ: ((إذا حدَّثَكُم أهلُ الكتابِ فلا تُصدِّقُوهم ولا تُكذِّبوهم، فإما أن يُحدِّثُوكم بحقٍّ فتكذِّبُوه، وإما أنْ يُحدِّثُوكم بكذبٍ فتُصدِّقُوه)).
3- حكم الرواية عن بني إسرائيل:
حكمها تبعاً لتقسيمها:
فالقسم الأول وهو ما يوافق الشرع فيجوز روايته، والقسم الثاني ماجاء مخالفاً للشرع فلا يجوز روايته، وأخيراً القسم الثالث وهو مالا سبيل من معرفة صدقه من كذبه فلا يُصدق ولا يُكذب ويجوز روايته أيضاً والله أعلم.
4- العلة في وجود نقول عن الصحابة شبيهة بالإسرائيليات في كتب التفسير:
المنقول عن الصحابة ما قد يكون من آثار بني إسرائيل فيجاب عنهبأحد جوابين:
الأول :أن يكون مما لم يصح بالإسناد عنهم.
الثانـي :أن يقال أنهم نقلوا التفسير بالاستنباط أو بما فهموه من القرآن والسنة ويظن الناس أن هذا عن بني إسرائيلككثير من النقول التي رُويت عن ابن عباس.
5- العصمة لها ثلاثة جوانب:
أحدُها : فيما يتعلَّقُ بالتبليغِ, وهذا لا شكَّ أنه معصومٌ فيه قطعًا.
الثانـي :أنه إذا أخطأَ بـُيِّنَ له خطؤُه, وغُفِرَ له ذَنْبُه.
الثالثُ :أنه فيما يتعلَّقُ ببشَريَّتِه فالأصلُ فيه أنه كالبشرِ إلا ما دلَّ الدليلُ على تميُّزِه فيه.
***********************************************

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 8 رجب 1436هـ/26-04-2015م, 09:15 PM
لمياء لمياء غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 322
افتراضي تلخيص درس التفسير البدعي-مقدمة التفسير لابن تيمية

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التفسير لابن تيمية: القسم الثالث
تلخيص درس التفسير البدعي
عناصر الدرس:
1- المقصود بالتفسير البدعي.
2- أمثلة للتفسير البدعي.
3- تفاسير الرافضة كنموذج للتفسير البدعي.
4- أسباب بطلان هذه التفاسير.
5- أنواع التأويل عند العلماء.

1- المقصود بالتفسير البدعي:
هو أحد أنواع التفسير بالرأي الذموم ، لأن من قام به فسر كلام الله بما يعتقده من معتقد ونهج مخالف لنهج الصحابة والتابعين ونهج سلف هذه الأمة مثل: تفاسير الرافضة.
2- أمثلة للتفسير البدعي:
مثل تفاسير الصوفية والمعتزلة والرافضة وأهل البدع كالباطنية والإسماعيلية وغيرهم.
3- تفاسير الرافضة كنموذج للتفسير البدعي:
كقولهم: {تبت يدا أبي لهب}هما أبو بكر وعمر.
و{لئن أشركت ليحبطن عملك }أي: بين أبي بكر وعمر وعلي في الخلافة.
و{إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}هي عائشة.
و{فقاتلوا أئمة الكفر}طلحة والزبير.
و{مرج البحرين}علي وفاطمة.
و{اللؤلؤ والمرجان}الحسن والحسين.
و{كل شيء أحصيناه في إمام مبين}في علي بن أبي طالب.
و{عم يتساءلون عن النبأ العظيم}علي بن أبي طالب.
4- سبب بطلان هذه التفاسير:
هذه التفاسير التي فسروها باطلةلأوجه:
أولاً:لأن اللفظ لا يحتمل ذلك فكونهم يفسرون آية ما بأنها علي واللفظ لا يدل عليه مثل:{إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}، وتفسيرهم للجبت والطاغوت بأنهما: أبو بكر وعمر.
الوجه الثانـي:أن هذه التفاسير باطلة لأن معتمدها الهوى فهم فسروا القرآن الذي أنزل على النبي صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّم بما أحدث من الاعتقادات بعد أكثر من قرن من وفاة النبي عليه الصلاة والسلام.
الوجه الثالث:من إبطال هذه التفاسير أنها تفاسير خرجت عن تفسير الصحابة والتابعين.
5- أنواع التأويل عند العلماء:
التأويل عند العلماءثلاثة أنواع:
أ- منه تأويل صحيح.
ب- ومنه تأويل مرجوح.
ج_ ومنه تأويل باطل: وهو من اللعب؛ وذلك إذا كان التأويل لغير قرينة تدل عليه من اللغة أو من نص الشارع الصحيح.
********************************************

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 1 شعبان 1436هـ/19-05-2015م, 09:38 PM
لمياء لمياء غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 322
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
تطبيق (رفع القرآن في آخر الزمان)
عناصر التطبيق:
1- أفضل ما يتقرب به العبد من ربه:
2- بيان أول ما يفقد وآخر ما يفقد من الدين:
3- رفع القرآن من الأرض والدليل عليه:
4- متى يُرفع القرآن من الأرض:
أ‌- بيان رفع القرآن في آخر الزمان.
ب‌- بيان رفع القرآن ليلاً.
5- كيف يُرفع القرآن من الأرض:
أ‌- كيفية رفع القرآن من الصدور.
ب‌- كيفية رفع القرآن من المصاحف.
6- بيان السبب في رفع القرآن من الأرض:
7- معنى قول السلف "منه بدأ وإليه يعود":
أ‌- معنى قولهم "منه بدأ".
ب‌- معنى قولهم "منه يعود".
8- عقيدة السلف في مسألة تكلم الله بالقرآن:
أ‌- بيان أن القرآن كلام الله ليس بمخلوق.
ب‌- فساد القول ب"اللهم رب القرآن.
9- نماذج من العقائد الفاسدة في مسألة تكلم الله بالقرآن:
أ‌- قول المعتزلة.
ب‌- قول الجهمية.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 2 شعبان 1436هـ/20-05-2015م, 01:27 AM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

رفع القرآن في آخر الزمان

العناصر:

1: معنى رفع القرآن في آخر الزمان :
2: الأدلة على رفع القرآن في آخر الزمان :

3: الإيمان برفع القرآن آخر الزمان من الإيمان بالله وكتبه :
4: رفع القرآن آخر الزمان من أشراط الساعة :
5: أسباب رفع القرآن آخر الزمان :
6: آثار رفع القرآن في آخر الزمان:

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 3 شعبان 1436هـ/21-05-2015م, 12:46 AM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

رفع القرآن آخر الزمان



العناصر:

1: معنى رفع القرآن في آخر الزمان :
2: الأدلة على رفع القرآن في آخر الزمان :

3: الإيمان برفع القرآن آخر الزمان من الإيمان بالله وكتبه :
4: رفع القرآن آخر الزمان من أشراط الساعة :
5: أسباب رفع القرآن آخر الزمان :
6: آثار رفع القرآن في آخر الزمان:
___________________

التلخيص :
1: معنى رفع القرآن في آخر الزمان :
يُسرى به في آخر الزمان ليلا من المصاحف والصدور ؛ فلا يبقى منه في الصدور كلمة ، ولا في المصاحف منه حرف.

2: الأدلة على رفع القرآن في آخر الزمان :
من القرآن :
- قال الله تعالى : {ولئن شئنا لنذهبنّ بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا}
- استدل بهذه الآية على هذا المعنى عبد الله بن مسعود رضي الله.
فعن شداد بن معقل, سمع عبد الله بن مسعود يقول:
( أول ما تفقدون من دينكم الأمانة , وآخر ما يبقى الصلاة , وإن هذا القرآن الذي بين أظهركم أوشك أن يرفع).

قالوا: وكيف وقد أثبته الله في قلوبنا , وأثبتناه في المصاحف.
قال: ( يسرى عليه ليلا فيذهب ما في قلوبكم , ويرفع ما في المصاحف , ثم قرأ عبد الله: {ولئن شئنا لنذهبنّ بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا}). رواهُ سعيد بن منصور في سننه واللفظ له ، وروى نحوه ابن أبي شيبة في مصنفه وأبو عبد الله بن بطة العكبري الحنبلي في الإبانة الكبرى.
من السنة :
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يسرى على كتاب الله في ليلةٍ فلا يبقى في الأرض منه آيةٌ..)).الحديث. رواهُ ابن منده في كتاب التوحيد.

الآثار :
-عن الحارث بن سويدٍ قال: قال عليٌّ: ( إنّي لأعرف اسم أميرهم ومناخ ركابهم، يقولون: القرآن مخلوقٌ. وليس بخالقٍ ولا مخلوقٍ، ولكنّه كلام اللّه، منه بدأ وإليه يعود ). رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة.
- قال ابن عبّاسٍ: ( القرآن كلام اللّه ليس بمربوبٍ، منه خرج وإليه يعود ).رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة.
- وَرَوَى عَبْدُ الغَنِيِّ بْنُ سُرُورٍ المَقْدِسِيُّ عَن ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا قَالا: ( القُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ )
- عن شداد بن معقل, سمع عبد الله بن مسعود يقول: ( أول ما تفقدون من دينكم الأمانة , وآخر ما يبقى الصلاة , وإن هذا القرآن الذي بين أظهركم أوشك أن يرفع).
قالوا: وكيف وقد أثبته الله في قلوبنا , وأثبتناه في المصاحف.
قال: ( يسرى عليه ليلا فيذهب ما في قلوبكم , ويرفع ما في المصاحف , ثم قرأ عبد الله: {ولئن شئنا لنذهب بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا}). رواهُ سعيد بن منصور في سننه واللفظ له ، وروى نحوه ابن أبي شيبة في مصنفه وأبو عبد الله بن بطة العكبري الحنبلي في الإبانة الكبرى.
- عن شقيق بن سلمة، عن عبد الله، قال: (كيف أنتم إذا أسري على كتاب الله فذهب به ؟ قال: يا أبا عبد الرّحمن، كيف بما في أجواف الرّجال، قال: يبعث اللّه ريحًا طيّبةً فتكفت كلّ مؤمنٍ ). رواهُ ابن أبي شيبة في مصنفه.
-
عن حذيفة قال: ( يوشك أن يبلى الإسلام كما يبلى الثّوب الخلق، ويقرأ النّاس القرآن لا يجدون له حلاوةً فيبيتون ليلةً ويصبحون وقد أسري بالقرآن، وما كان قبله من كتابٍ حتّى ينزع من قلب شيخٍ وعجوزٍ كبيرةٍ، فلا يعرفون وقت صلاةٍ، ولا صيامٍ، ولا نسكٍ، ولا شيءٍ ممّا كانوا عليه ). رواهُ اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة.
- عن إبراهيم قال: (يسرى بالقرآن ليلا فيرفع من أجواف الرجال فيصبحون : ولا يصدقون حديثا , ولا يصدقون النساء , يتسافدون تسافد الحمير , فيبعث الله ريحا فتقبض روح كل مؤمن). رواهُ سعيد بن منصور في سننه.
-
عن وكيع قال : ( القرآن من الله عز وجل منه خرج وإليه يعود) . رواهُ عبد الله بن أحمد بن حنبل في السنة.

الإجماع :
حكى اللالكائي إجماع التابعين في مكة والمدينة والبصرة والكوفة على أن القرآن كلام الله منه بدأ وإليه يعود.
عن سفيان ابن عيينة قال: سمعت عمرو بن دينارٍ يقول: (أدركت مشايخنا والنّاس منذ سبعين سنةً يقولون: القرآن كلام اللّه، منه بدأ وإليه يعود ). رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة.
- قولهم " وإليه يعود " : تدل على رفعه آخر الزمان.

3: الإيمان برفع القرآن آخر الزمان من الإيمان بالله وكتبه :
- ذكر ابن تيمية في العقيدة الواسطية أن من الإيمان بالله وكتبه الإيمان بأن القرآن كلام الله منه بدأ وإليه يعود.

4: رفع القرآن آخر الزمان من أشراط الساعة :

- رفع القرآن من علامات الساعة الكبرى :
عَن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: ( لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَرْجِعَ القُرْآنُ مِن حَيْثُ جَاءَ فَيَكُونُ لهُ دَوِيٌّ حَوْلَ العَرْشِ كَدَوِيِّ النَّحْلِ فَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: مَا لكَ ؟ فَيَقُولُ: مِنْكَ خَرَجْتُ وَإِلَيْك عُدْتُ، أُتْلَى فَلا يُعْمَلُ بِي عِنْدَ ذَلكَ رُفِعَ القُرْآنُ ). ذكره زيد بن عبد العزيز الفياض في شرحه على العقيدة الواسطية.

- قبض أرواح المؤمنين بعد رفع القرآن
- عن شقيق بن سلمة، عن عبد الله، قال: (كيف أنتم إذا أسري على كتاب الله فذهب به ؟ قال: يا أبا عبد الرّحمن، كيف بما في أجواف الرّجال، قال: يبعث اللّه ريحًا طيّبةً فتكفت كلّ مؤمنٍ ). رواهُ ابن أبي شيبة في مصنفه.

5: أسباب رفع القرآن في آخر الزمان:
الإعراض عن العمل بالقرآن :
- عن ابن عمر : أن القرآن يقول بين يدي الله عز وجل : (
مِنْكَ خَرَجْتُ وَإِلَيْك عُدْتُ، أُتْلَى فَلا يُعْمَلُ بِي عِنْدَ ذَلكَ رُفِعَ القُرْآنُ).ذكره زيد بن عبد العزيز الفياض في شرحه على العقيدة الواسطية. 6: آثار رفع القرآن في آخر الزمان:
1: لا يعرف الناس من أمر دينهم شيئًا إلا كلمة التوحيد.
- أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَةَ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ وَالحَاكِمُ والبَيْهقيُّ وَالضِّيَاءُ عَن حُذَيْفَةَ: ( يَدْرُسُ الإِسْلامُ كَمَا يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ حَتَّى مَا يُدْرَى مَا صِيَامٌ وَلا صَلاةٌ وَلا صَدَقَةٌ وَلا نُسُكٌ، وَيُسْرَى عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فِي ليْلَةٍ فَلا يَبْقَى فِي الأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ وَتَبْقَى طَوَائِفُ مِن النَّاسِ الشَّيْخُ الكَبِيرُ وَالعَجُوزُ يَقُولُونَ أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الكَلمَةِ فَنَحْنُ نَقُولُهَا).
- عن ابن مسعود
«يسرى على القرآن، فلا يبقى في صدر رجلٍ، ولا في مصحفٍ شيءٌ» .. الحديث ، وفيه : «يصبح النّاس كأمثال البهائم» رواهُ ابن بطة العكبري معلقًا في الإبانة الكبرى.

2: ترتفع الأمانة :
عن إبراهيم قال: ( يسرى بالقرآن ليلا فيرفع من أجواف الرجال فيصبحون : ولا يصدقون حديثا , ولا يصدقون النساء , يتسافدون تسافد الحمير , فيبعث الله ريحا فتقبض روح كل مؤمن) رواهُ سعيد بن منصور في سننه.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 17 ربيع الأول 1437هـ/28-12-2015م, 08:17 PM
لمياء لمياء غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 322
افتراضي

المجموعة الثالثة:
س1: ما المقصود بأساليب التفسير؟

المقصود بها : طريقة تبليغ معاني القرآن للمتلقّين، وتقريبها لهم بما يناسب حال المخاطبين ومقام الحديث، فليس كل ما يناقش مع طلبة العلم يصلح لإلقائه للعامة، فينبغي لمن يتصدر للدعوة بالتفسير أن يكون عالماً وملماً بأساليب التفسير حتى يعلم ما يقال للعامة وما يقال للخاصة من أهل العلم وطلبته.

س2: اذكر الأدلّة الدالة على بيان الله تعالى للقرآن.
الدليل :
- في قوله تعالى :{إن علينا جمعه وقرآنه . فإذا قرأناه فاتبع قرآنه . ثم إن علينا بيانه}
- وقال تعالى: {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً} أي بيانا وتفصيلا، ومن ذلك بيان الله لما أنزل في القرآن.
- وقال تعالى: {وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلًا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين} مفصلا: أي مبينا.
- وقال تعالى: {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين (15) يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراطٍ مستقيمٍ}
- وقال تعالى: {حم . والكتاب المبين} في مطلع سورتي الزخرف والدخان، وهذا إقسام من الله تعالى بالقرآن بصفة من أظهر صفاته وهو أنه قرآن مبين؛ يبين بعضه بعضاً، ويبين للناس بيانا مفصلا ما يحتاجون إليه ليهتدوا إلى صراط الله المستقيم.
- وقال تعالى :{ فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى} وفي ذلك دليل آخر على بيانه تعالى للهدى وهو القرآن، فكيف يتبعه الخلق وهم لا يعون معانيه ولم يبينه لهم ربهم.

س3: بيّن طبقات المفسرين في عصر التابعين.
هم على ثلاث طبقات:
الطبقة الأولى:
طبقة أئمة أهل التفسير من التابعين الذين اعتنوا بالتفسير على الطريقة التي تعلّموها من الصحابة رضي الله عنهم رواية ودراية، ومنهم: محمد بن الحنفية، وعَبيدة السلماني، ومسروق بن الأجدع الهمداني، وأبو العالية رفيع بن مهران الرياحي، والربيع بن خثيم الثوري، وغيرهم.

الطبقة الثانية: طبقة الثقات من نقلة التفسير، وهم من الأئمة الذين رووا تفاسير الصحابة وكبار التابعين، وأدّوها كما سمعوها، ولا تكاد تحفظ لهم أقوال في التفسير منسوبة إليهم، وإنما الذي بلغنا عنهم أنهم كانوا يروون التفسير رواية، وكانت روايتهم مما يحتجّ به في الجملة.
ومن هؤلاء: سعيد بن نمران، وعبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي، وغيرهم.

الطبقة الثالثة: الذين تنقل عنهم الأقوال في التفسير، ولهم مرويات فيه، وهم متكلّم فيهم عند أهل الحديث، بسبب كثرة خطئهم في الرواية، إما بسبب تحديث بعضهم عن المجاهيل وكثرة الإرسال، أو روايتهم لبعض الأخبار المنكرة المخالفة لروايات الثقات؛ أو تدليسهم؛ فهؤلاء في جانب رواية الأحاديث لم يكونوا ممن تعتمد روايتهم، لكن لبعضهم أقوال حسنة في التفسير؛ ولهم به عناية بجمعه وروايته، وربما اجتمع لديهم من الروايات في التفسير ما لم يجتمع لكثير من الناس بسب عدم تثبّتهم في تلقي الروايات؛ فكان من أهل العلم من يتوقّى حديثهم، ويحذّر منهم، ومنهم من يحمل عنهم التفسير لأجل ذلك؛ ويكون في أقوالهم صواب وخطأ، وفي مروياتهم ما يعرف وما ينكر.
ومن هؤلاء: الحارث بن عبد الله الهمداني المعروف الحارث الأعور، وشهر بن حوشب، وعطية بن سعد العوفي، والسدي الكبير.

س4: هل الإذن بالتحديث عن بني إسرائيل يسوّغ الرواية عمّن عرف عنه الكذب في نقل أخبارهم؟
الإذن بالتحديث عن بني إسرائيل لا يسوغ الرواية عمن عرف عنه الكذب في نقل أخبارهم، بل يجب تركها إن كان في المتن نكارة، وقد حذر الأخذ منهم الأئمة والسلف كسفيان الثوري والإمام أحمد بن حنبل، فترك مثل هذه الروايات هو الصحيح، والله أعلم.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 24 ربيع الأول 1437هـ/4-01-2016م, 01:26 PM
لمياء لمياء غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 322
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
تلخيص مقاصد مقدمة تفسير ابن عطية
المقصد العام
بيان بعض العلوم والمعاني المتعلقة بعلم التفسير
المقاصد الفرعية
أولا –خطبة المقدمة
ثانياً -القول في البيان عن اتفاق معاني آي القرآن، ومعاني منطق من نزل بلسانه من وجه البيان -والدلالة على أن ذلك من الله جل وعز هو الحكمة البالغة- مع الإبانة عن فضل المعنى الذي به باين القرآن سائر الكلام
- أهمية البيان في إبلاغ الرسالة:
- كل رسول أرسل بلسان قومه ليبين لهم رسالة ربهم:
- إنزال القرآن بلسان العرب :
ثالثاً -القول في البيان عن الأحرف التي اتفقت فيها ألفاظ العرب وألفاظ غيرها من بعض أجناس الأمم
- الإشكالية في وجود ألفاظ لغير العرب في القرآن :
- انتقاد بعض الأقوال والرد عليها:
- رأي ابن جرير في حل هذه الإشكالية والرد على من أنكرها:
رابعاً -القول في اللغة التي نزل بها القرآن من لغات العرب
- اختلاف الصحابة في قراءة القرآن:
- نزول القرآن على سبعة أحرف:
- معنى نزول القرآن على سبعة أحرف:
- استدلال ابن جرير على صحة قوله:
- الدليل على أن السبعة أحرف هي سبعة ألسن من لغات العرب وليست سبع معان:
- إبطال قول من قال بأن الأحرف السبعة متفرقة في القرآن وموجودة الآن في المصاحف التي بين أيدينا:
- ماهية الأحرف السبعة التي أنزل بها القرآن:
- اجتماع الأمة على حرف واحد من الأحرف السبعة وعلة ذلك:
- ثم أجاب ابن جرير عن الإشكال الآتي ببراعة:
- أي من ألسن العرب التي أنزل بها القرآن؟
خامساً - القول في البيان عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن من سبعة أبواب الجنة))، وذكر الأخبار المروية بذلك
- اختلاف النقول عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك:
- بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم: )أنزل القرآن من سبعة أبواب الجنة)
سادساً – القول في الوجوه التي من قِبَلها يوصل إلى معرفة تأويل القرآن
- أنواع البيان المُنَزَّل على نبينا صلى الله عليه وسلم:
سابعاً -ذكر بعض الأخبار التي رويت بالنهي عن القول في تأويل القرآن بالرأي
- ذكر ابن جرير بعض الآثار المروية في هذا الشأن أهمها:
- القول بالرأي في القرآن لا يجوز:
- بيان علة ذلك:
ثامناً -ذكر بعض الأخبار التي رويت في الحض على العلم بتفسير القرآن، ومن كان يفسره من الصحابة
- نماذج من عناية الصحابة بتفسير القرآن وفهم معانيه:
- أهمية علم التفسير في الدعوة:
- حث الله عز وجل عباده على التدبر في آي القرآن والاعتبار بما فيه:
- ضرورة فهم كلام الله تعالى المُنزَّل:
تاسعاً -ذكر الأخبار التي غلط في تأويلها منكرو القول في تأويل القرآن
- تعظيم القول في تفسير القرآن:
عاشراً -ذكر الأخبار عن بعض السلف فيمن كان من قدماء المفسرين محمودا علمه بالتفسير ومن كان منهم مذموما علمه به
- المشتهرون بالتفسير من الصحابة والتابعين:
- أحق المفسرين في إصابة الحق في تأويل القرآن:
الحادي عشر -القول في تأويل أسماء القرآن وسوره وآيه
- أسماء القرآن التي وردت في التنزيل:
- ترجيح ابن جرير لمعنى كلمة قرآن:
- أسماء سور القرآن التي سماها بها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- بيان معنى السورة:
- بيان معنى الآية:
الثاني عشر - القول في تأويل أسماء فاتحة الكتاب
- أسماء الفاتحة:
- أسباب التسمية:
- اختلاف العلماء في تحديد الآيات السبع للفاتحة:
- سبب تسمية الفاتحة بالمثاني:


أولا – خطبة المقدمة :
- بدأ ابن جرير –رحمه الله- خطبته بحمد الله والثناء عليه بعبارات بليغة موجزة، ثم أردف بذكر إرسال الله الرسل ليقيم الحجة على عباده ، واستشهد بقوله تعالى :(لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل). النساء 165 ،ثم تأييدهم بالحجج البالغة والآي المعجزة لئلا يقول القائل منهم (ما هذا إلا بشرٌ مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون* ولئن أطعتن بشراً مثلكم إنكم إذاً لخاسرون) .المؤمنون 33:34
- وتابع ابن عطية ببيان تفضيل النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء والمرسلين، وتفضيل أمته على سائر الأمم، ثم ذكر أحد أوجه هذا التفضيل وهو إنزال الوحي وحفظه ليكون لهم هادياً ودليلاً.
- ثم انتقل رحمه الله لذكر أهمية العناية بعلم التفسير ، مبيناً منهجه في تفسيره وتأويله لكلام الله المنزه بنقاط سريعة أهمها:
1- جمعه للعلوم التي يحتاجها الناس لبيان معاني كلام الله.
2- ذكره أقوال السلف وما اتفقوا عليه وما اختلفوا فيه.
3- ذكر مذاهب السلف وعلل كل مذهب.
4- ترجيحه لأحد الأقوال بالدليل المختصر والموجز.
- وأخيراً ختم ابن جرير –رحمه الله- خطبته بذكر ما سيبدأ به تفسيره ببيان بعض العلوم والمعاني التي قد يدخل اللبس على من لم يسبق له معرفتها.

ثانياً - القول في البيان عن اتفاق معاني آي القرآن، ومعاني منطق من نزل بلسانه من وجه البيان -والدلالة على أن ذلك من الله جل وعز هو الحكمة البالغة- مع الإبانة عن فضل المعنى الذي به باين القرآن سائر الكلام
- أهمية البيان في إبلاغ الرسالة:
بين ابن جرير رحمه الله في هذا الباب فضل البيان وأهميته في إبلاغ الرسالات ودحض الحجج الباطلة ، وأنه من أعظم نعم الله تعالى على عباده ، واستشهد بقوله تعالى {أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين} [ الزخرف: 18].
ثم ختم كلامه بقوله فإذ كان تفاضل مراتب البيان، وتباين منازل درجات الكلام، بما وصفنا قبل -وكان الله تعالى ذكره وتقدست أسماؤه، أحكم الحكماء، وأحلم الحلماء، - كان معلوما أن أبين البيان بيانه، وأفضل الكلام كلامه، وأن قدر فضل بيانه، جل ذكره، على بيان جميع خلقه، كفضله على جميع عباده.
- كل رسول أرسل بلسان قومه ليبين لهم رسالة ربهم:
أوضح ابن جرير فائدة إرسال الرسل كل بلسان قومه فقال: لأن المخاطب والمرسل إليه، إن لم يفهم ما خوطب به وأرسل به إليه، فحاله -قبل الخطاب وقبل مجيء الرسالة إليه وبعده- سواء، إذ لم يفده الخطاب والرسالة شيئا كان به قبل ذلك جاهلا. والله جل ذكره يتعالى عن أن يخاطب خطابا أو يرسل رسالة لا توجب فائدة لمن خوطب أو أرسلت إليه، لأن ذلك فينا من فعل أهل النقص والعبث، والله تعالى عن ذلك متعال.
ثم استشهد على كلامه بقوله تعالى : {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم} [ إبراهيم: 4].، وقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} [ النحل: 64].
- إنزال القرآن بلسان العرب :
بين ابن جرير حتمية إنزال القرآن بالعربية بقوله:
وإذ كان لسان محمد صلى الله عليه وسلم عربيا، فبين أن القرآن عربي. وبذلك أيضا نطق محكم تنزيل ربنا، فقال جل ذكره: {إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون} [ يوسف: 2]. وقال: {وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين} [ الشعراء: 192-195].
- بعض أشكال موافقة البيان في القرآن بالبيان في لغة المُنزَل إليهم :
وافق القرآن الكريم المُنَزَّل على أمة العرب لغتهم وبيانهم ، وإن باينه كتاب الله بالفضيلة التي فضل بها سائر الكلام والبيان، فنجد فيه الكناية والتصريح، والتكرار والترداد، وبالقلة من الإكثار في بعض الأحوال، واستعمال الإطالة والإكثار،والتقديم والتأخير ، وهذه أمثلة فقط لما سيذكره ابن جرير في تلك المسألة.

ثالثاً - القول في البيان عن الأحرف التي اتفقت فيها ألفاظ العرب وألفاظ غيرها من بعض أجناس الأمم
طرح ابن جرير هذه المسألة والإشكالية فيها، ثم تناول أقوال العلماء بالنقد لكل قول والرد عليه ،ثم قال بأحد الأقوال وأورد وجه ترجيحه لهذا القول..
- الإشكالية في وجود ألفاظ لغير العرب في القرآن :
أورد ابن جرير بعض الأمثلة لكلمات جاءت في القرآن قال فيها المفسرون أنها بلسان الحبشة أو الفرس أو غيرهم ،وهذا ينافي كون القرآن نزل بلسان العرب ليخاطبهم به، فكيف ذلك؟ :
· عن ابن عباس: {إن ناشئة الليل} [المزمل: 6] قال: بلسان الحبشة إذا قام الرجل من الليل قالوا: نشأ.
· عن أبي ميسرة: {يا جبال أوبي معه} [سبأ: 10] قال: سبحي، بلسان الحبشة ؟
· عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن قوله: {فرت من قسورة} [المدثر: 51] قال: هو بالعربية الأسد، وبالفارسية شار، وبالنبطية أريا، وبالحبشية قسورة.
· عن سعيد بن جبير قال: قالت قريش: لولا أنزل هذا القرآن أعجميا وعربيا؟ فأنزل الله تعالى ذكره: {ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء} [فصلت: 44] فأنزل الله بعد هذه الآية في القرآن بكل لسان فمنه: {حجارة من سجيل} [هود: 82] قال: فارسية أعربت "سنك وكل".
· عن أبي ميسرة، قال: في القرآن من كل لسان.
وفيما أشبه ذلك من الأخبار التي يطول بذكرها الكتاب، مما يدل على أن فيه من غير لسان العرب؟
- انتقاد بعض الأقوال والرد عليها:
انتقد ابن جرير بعض الأقوال التي تناولت هذه الإشكالية بقوله:
فلو أن قائلا قال -فيما ذكرنا من الأشياء التي عددنا وأخبرنا اتفاقه في اللفظ والمعنى بالفارسية والعربية، وما أشبه ذلك مما سكتنا عن ذكره-: ذلك كله فارسي لا عربي، أو ذلك كله عربي لا فارسي، أو قال: بعضه عربي وبعضه فارسي، أو قال: كان مخرج أصله من عند العرب فوقع إلى العجم فنطقوا به، أو قال: كان مخرج أصله من عند الفرس فوقع إلى العرب فأعربته - كان مستجهلا لأن العرب ليست بأولى أن تكون كان مخرج أصل ذلك منها إلى العجم، ولا العجم بأحق أن تكون كان مخرج أصل ذلك منها إلى العرب، إذ كان استعمال ذلك بلفظ واحد ومعنى واحد موجودا في الجنسين.
وإذ كان ذلك موجودا على ما وصفنا في الجنسين، فليس أحد الجنسين أولى بأن يكون أصل ذلك كان من عنده من الجنس الآخر. والمدعي أن مخرج أصل ذلك إنما كان من أحد الجنسين إلى الآخر، مدع أمرا لا يوصل إلى حقيقة صحته إلا بخبر يوجب العلم، ويزيل الشك، ويقطع العذر مجيئه.
ويقال لمن أبى ما قلنا -ممن زعم أن الأحرف التي قدمنا ذكرها في أول الباب وما أشبهها، إنما هي كلام أجناس من الأمم سوى العرب، وقعت إلى العرب فعربته-: ما برهانك على صحة ما قلت في ذلك، من الوجه الذي يجب التسليم له، فقد علمت من خالفك في ذلك، فقال فيه خلاف قولك؟ وما الفرق بينك وبين من عارضك في ذلك فقال: هذه الأحرف، وما أشبهها من الأحرف غيرها، أصلها عربي، غير أنها وقعت إلى سائر أجناس الأمم غيرها فنطقت كل أمة منها ببعض ذلك بألسنتها- من الوجه الذي يجب التسليم له؟ فلن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله.
- رأي ابن جرير في حل هذه الإشكالية والرد على من أنكرها:
قال ابن جرير:
(الصواب في ذلك عندنا: أن يسمى: عربيا أعجميا، أو حبشيا عربيا، إذ كانت الأمتان له مستعملتين -في بيانها ومنطقها- استعمال سائر منطقها وبيانها. فليس غير ذلك من كلام كل أمة منهما، بأولى أن يكون إليها منسوبا- منه.
فكذلك سبيل كل كلمة واسم اتفقت ألفاظ أجناس أمم فيها وفي معناها، ووجد ذلك مستعملا في كل جنس منها استعمال سائر منطقهم، فسبيل إضافته إلى كل جنس منها، سبيل ما وصفنا -من الدرهم والدينار والدواة والقلم، التي اتفقت ألسن الفرس والعرب فيها بالألفاظ الواحدة والمعنى الواحد، في أنه مستحق إضافته إلى كل جنس من تلك الأجناس- باجتماع وافتراق.
وذلك هو معنى قول من روينا عنه القول في الأحرف التي مضت في صدر هذا الباب، من نسبة بعضهم بعض ذلك إلى لسان الحبشة، ونسبة بعضهم بعض ذلك إلى لسان الفرس، ونسبة بعضهم بعض ذلك إلى لسان الروم. لأن من نسب شيئا من ذلك إلى ما نسبه إليه، لم ينف -بنسبته إياه إلى ما نسبه إليه- أن يكون عربيا، ولا من قال منهم: هو عربي، نفى ذلك أن يكون مستحقا النسبة إلى من هو من كلامه من سائر أجناس الأمم غيرها. وإنما يكون الإثبات دليلا على النفي، فيما لا يجوز اجتماعه من المعاني، كقول القائل: فلان قائم، فيكون بذلك من قوله دالا على أنه غير قاعد، ونحو ذلك مما يمتنع اجتماعه لتنافيهما. فأما ما جاز اجتماعه فهو خارج من هذا المعنى. وذلك كقول القائل فلان قائم مكلم فلانا، فليس في تثبيت القيام له ما دل على نفي كلام آخر، لجواز اجتماع ذلك في حال واحد من شخص واحد. فقائل ذلك صادق إذا كان صاحبه على ما وصفه به.
فكذلك ما قلنا -في الأحرف التي ذكرنا وما أشبهها- غير مستحيل أن يكون عربيا بعضها أعجميا، وحبشيا بعضها عربيا، إذ كان موجودا استعمال ذلك في كلتا الأمتين. فناسب ما نسب من ذلك إلى إحدى الأمتين أو كلتيهما محق غير مبطل.)
(وهذا المعنى الذي قلناه في ذلك، هو معنى قول من قال: في القرآن من كل لسان- عندنا بمعنى، والله أعلم: أن فيه من كل لسان اتفق فيه لفظ العرب ولفظ غيرها من الأمم التي تنطق به، نظير ما وصفنا من القول فيما مضى.
وذلك أنه غير جائز أن يتوهم على ذي فطرة صحيحة، مقر بكتاب الله، ممن قد قرأ القرآن وعرف حدود الله -أن يعتقد أن بعض القرآن فارسي لا عربي، وبعضه نبطي لا عربي، وبعضه رومي لا عربي، وبعضه حبشي لا عربي ، بعد ما أخبر الله تعالى ذكره عنه أنه جعله قرآنا عربيا. لأن ذلك إن كان كذلك، فليس قول القائل: القرآن حبشي أو فارسي، ولا نسبة من نسبه إلى بعض ألسن الأمم التي بعضه بلسانها دون العرب- بأولى بالتطويل من قول القائل: هو عربي. ولا قول القائل: هو عربي بأولى بالصحة والصواب من قول ناسبه إلى بعض الأجناس التي ذكرنا. إذ كان الذي بلسان غير العرب من سائر ألسن أجناس الأمم فيه، نظير الذي فيه من لسان العرب.)

رابعاً - القول في اللغة التي نزل بها القرآن من لغات العرب
قال أبو جعفر: قد دللنا، على صحة القول بما فيه الكفاية لمن وفق لفهمه، على أن الله جل ثناؤه أنزل جميع القرآن بلسان العرب دون غيرها من ألسن سائر أجناس الأمم، وعلى فساد قول من زعم أن منه ما ليس بلسان العرب ولغاتها.
- اختلاف الصحابة في قراءة القرآن:
أورد ابن جرير أحاديث عديدة تبين اختلاف الصحابة رضوان الله عليهم في قراءة القرآن، منها : (عن زيد بن أرقم، قال: كنا معه في المسجد فحدثنا ساعة ثم قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أقرأني عبد الله بن مسعود سورة، أقرأنيها زيد وأقرأنيها أبي بن كعب، فاختلفت قراءتهم، فقراءة أيهم آخذ؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وعلي إلى جنبه، فقال علي: ليقرأ كل إنسان كما علم، كل حسن جميل.)
- نزول القرآن على سبعة أحرف:
أورد ابن جرير الأحاديث الدالة على نزول القرآن بأحرف سبعة منها: (حدثنا عبيد الله بن محمد الفريابي، قال: حدثنا عبد الله بن ميمون، قال: حدثنا عبيد الله -يعني ابن عمر- عن نافع، عن ابن عمر، قال: سمع عمر بن الخطاب رجلا يقرأ القرآن، فسمع آية على غير ما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، فأتى به عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن هذا قرأ آية كذا وكذا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف، كلها شاف كاف)).)

- معنى نزول القرآن على سبعة أحرف:
قال أبو جعفر صح وثبت أن الذي نزل به القرآن من ألسن العرب البعض منها دون الجميع، إذ كان معلوما أن ألسنتها ولغاتها أكثر من سبعة، بما يعجز عن إحصائه.
فإن قال: وما برهانك على أن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((نزل القرآن على سبعة أحرف))، وقوله: ((أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف))، هو ما ادعيته - من أنه نزل بسبع لغات، وأمر بقراءته على سبعة ألسن- دون أن يكون معناه ما قاله مخالفوك، من أنه نزل بأمر وزجر وترغيب وترهيب وقصص ومثل ونحو ذلك من الأقوال؟ فقد علمت قائل ذلك من سلف الأمة وخيار الأئمة.
قيل له: إن الذين قالوا ذلك لم يدعوا أن تأويل الأخبار التي تقدم ذكرناها، هو ما زعمت أنهم قالوه في الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن دون غيره، فيكون ذلك لقولنا مخالفا، وإنما أخبروا أن القرآن نزل على سبعة أحرف، يعنون بذلك أنه نزل على سبعة أوجه. والذي قالوه من ذلك كما قالوا.
وقد روينا - بمثل الذي قالوا من ذلك - عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن جماعة من أصحابه، أخبارا قد تقدم ذكرنا بعضها، وسنستقصي ذكر باقيها ببيانه، إذا انتهينا إليه، إن شاء الله.
- استدلال ابن جرير على صحة قوله:
استدل ابن جرير على رأيه بقوله :(والدلالة على صحة ما قلناه - من أن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((نزل القرآن على سبعة أحرف))، إنما هو أنه نزل بسبع لغات، كما تقدم ذكرنا من الروايات الثابتة عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وسائر من قد قدمنا الرواية عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في أول هذا الباب- أنهم تماروا في القرآن، فخالف بعضهم بعضا في نفس التلاوة، دون ما في ذلك من المعاني، وأنهم احتكموا فيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستقرأ كل رجل منهم، ثم صوب جميعهم في قراءتهم على اختلافها، حتى ارتاب بعضهم لتصويبه إياهم، فقال صلى الله عليه وسلم للذي ارتاب منهم عند تصويبه جميعهم: ((إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف)).
- الدليل على أن السبعة أحرف هي سبعة ألسن من لغات العرب وليست سبع معان:
أبطل ابن جرير قول من قال من العلماء أن السبعة أحرف هي سبع معان تحليل وتحريم، ووعد ووعيد، وزجر ونهي، إلى آخره ،ثم دلل على بطلان هذا القول ومن ثم إثبات قوله بما يلي:
ومعلوم أن تماريهم فيما تماروا فيه من ذلك، لو كان تماريا واختلافا فيما دلت عليه تلاواتهم من التحليل والتحريم والوعد والوعيد وما أشبه ذلك، لكان مستحيلا أن يصوب جميعهم صلى الله عليه وسلم، ويأمر كل قارئ منهم أن يلزم قراءته في ذلك على النحو الذي هو عليه. لأن ذلك لو جاز أن يكون صحيحا، وجب أن يكون الله جل ثناؤه قد أمر بفعل شيء بعينه وفرضه، في تلاوة من دلت تلاوته على فرضه - ونهى عن فعل ذلك الشيء بعينه وزجر عنه، في تلاوة الذي دلت تلاوته على النهي والزجر عنه، وأباح وأطلق فعل ذلك الشيء بعينه، وجعل لمن شاء من عباده أن يفعله فعله، ولمن شاء منهم أن يتركه تركه في تلاوة من دلت تلاوته على التخيير!
وذلك من قائله إن قاله، إثبات ما قد نفى الله جل ثناؤه عن تنزيله وحكم كتابه فقال تعالى ذكره: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} [النساء: 82].
وفي نفي الله جل ثناؤه ذلك عن حكم كتابه، أوضح الدليل على أنه لم ينزل كتابه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم إلا بحكم واحد متفق في جميع خلقه، لا بأحكام فيهم مختلفة.
وفي صحة كون ذلك كذلك، ما يبطل دعوى من ادعى خلاف قولنا في تأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)) للذين تخاصموا إليه عند اختلافهم في قراءتهم. لأنه صلى الله عليه وسلم قد أمر جميعهم بالثبوت على قراءته، ورضي قراءة كل قارئ منهم - على خلافها قراءة خصومه ومنازعيه فيها- وصوبها. ولو كان ذلك منه تصويبا فيما اختلفت فيه المعاني، وكان قوله صلى الله عليه وسلم: ((أنزل علي القرآن على سبعة أحرف)) إعلاما منه لهم أنه نزل بسبعة أوجه مختلفة، وسبعة معان مفترقة - كان ذلك إثباتا لما قد نفى الله عن كتابه من الاختلاف، ونفيا لما قد أوجب له من الائتلاف. مع أن في قيام الحجة بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقض في شيء واحد في وقت واحد بحكمين مختلفين، ولا أذن بذلك لأمته - ما يغني عن الإكثار في الدلالة على أن ذلك منفي عن كتاب الله.
وفي انتفاء ذلك عن كتاب الله، وجوب صحة القول الذي قلناه، في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف))، عند اختصام المختصمين إليه فيما اختلفوا فيه من تلاوة ما تلوه من القرآن، وفساد تأويل قول من خالف قولنا في ذلك.
وأخرى أن الذين تماروا فيما تماروا فيه من قراءتهم فاحتكموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لم يكن منكرا عند أحد منهم أن يأمر الله عباده جل ثناؤه في كتابه وتنزيله بما شاء، وينهى عما شاء، ويعد فيما أحب من طاعاته، ويوعد على معاصيه، ويحتم لنبيه ويعظه فيه ويضرب فيه لعباده الأمثال- فيخاصم غيره على إنكاره سماع ذلك من قارئه. بل على الإقرار بذلك كله كان إسلام من أسلم منهم. فما الوجه الذي أوجب له إنكار ما أنكر، إن لم يكن كان ذلك اختلافا منهم في الألفاظ واللغات؟
- إبطال قول من قال بأن الأحرف السبعة متفرقة في القرآن وموجودة الآن في المصاحف التي بين أيدينا:
فإن كانت الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، عندك -كما قال هذا القائل- متفرقة في القرآن، مثبتة اليوم في مصاحف أهل الإسلام، فقد بطلت معاني الأخبار التي رويتها عمن رويت عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنهم اختلفوا في قراءة سورة من القرآن، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر كلا أن يقرأ كما علم. لأن الأحرف السبعة إذا كانت لغات متفرقة في جميع القرآن، فغير موجب حرف من ذلك اختلافا بين تاليه لأن كل تال فإنما يتلو ذلك الحرف تلاوة واحدة على ما هو به في المصحف، وعلى ما أنزل.
وإذ كان ذلك كذلك، بطل وجه اختلاف الذين روى عنهم أنهم اختلفوا في قراءة سورة، وفسد معنى أمر النبي صلى الله عليه وسلم كل قارئ منهم أن يقرأه على ما علم. إذ كان لا معنى هنالك يوجب اختلافا في لفظ، ولا افتراقا في معنى. وكيف يجوز أن يكون هنالك اختلاف بين القوم، والمعلم واحد، والعلم واحد غير ذي أوجه؟ وفي صحة الخبر عن الذين روى عنهم الاختلاف في حروف القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم - بأنهم اختلفوا وتحاكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، على ما تقدم وصفناه- أبين الدلالة على فساد القول بأن الأحرف السبعة إنما هي أحرف سبعة متفرقة في سور القرآن، لا أنها لغات مختلفة في كلمة واحدة باتفاق المعاني.
- ماهية الأحرف السبعة التي أنزل بها القرآن:
اختار ابن جرير هذا الرأي: (الأحرف السبعة التي أنزل الله بها القرآن، هن لغات سبع، في حرف واحد، وكلمة واحدة، باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني، كقول القائل: هلم، وتعال، وأقبل، وإلي، وقصدي، ونحوي، وقربي، ونحو ذلك، مما تختلف فيه الألفاظ بضروب من المنطق وتتفق فيه المعاني، وإن اختلفت بالبيان به الألسن، كالذي روينا آنفا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمن روينا ذلك عنه من الصحابة، أن ذلك بمنزلة قوله: "هلم وتعال وأقبل"، وقوله: {ما ينظرون إلا صيحة}، و (إلا زقية).
- اجتماع الأمة على حرف واحد من الأحرف السبعة وعلة ذلك:
قال ابن جرير: فإن قال: فما بال الأحرف الأخر الستة غير موجودة، إن كان الأمر في ذلك على ما وصفت، وقد أقرأهن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، وأمر بالقراءة بهن، وأنزلهن الله من عنده على نبيه صلى الله عليه وسلم؟ أنسخت فرفعت، فما الدلالة على نسخها ورفعها؟ أم نسيتهن الأمة، فذلك تضييع ما قد أمروا بحفظه؟ أم ما القصة في ذلك؟
قيل له: لم تنسخ فترفع، ولا ضيعتها الأمة وهي مأمورة بحفظها. ولكن الأمة أمرت بحفظ القرآن، وخيرت في قراءته وحفظه بأي تلك الأحرف السبعة شاءت. كما أمرت، إذا هي حنثت في يمين وهي موسرة، أن تكفر بأي الكفارات الثلاث شاءت: إما بعتق، أو إطعام، أو كسوة. فلو أجمع جميعها على التكفير فيها بواحدة من الكفارات الثلاث، دون حظرها التكفير بأي الثلاث شاء المكفر، كانت مصيبة حكم الله، مؤدية في ذلك الواجب عليها من حق الله. فكذلك الأمة، أمرت بحفظ القرآن وقراءته، وخيرت في قراءته بأي الأحرف السبعة شاءت: فرأت - لعلة من العلل أوجبت عليها الثبات على حرف واحد- قراءته بحرف واحد، ورفض القراءة بالأحرف الستة الباقية، ولم تحظر قراءته بجميع حروفه على قارئه، بما أذن له في قراءته به.
فإن قال: وما العلة التي أوجبت عليها الثبات على حرف واحد دون سائر الأحرف الستة الباقية؟
-
قيل: حدثنا أحمد بن عبدة الضبي، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عمارة بن غزية، عن ابن شهاب، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه زيد، قال: لما قتل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمامة، دخل عمر بن الخطاب على أبي بكر رحمه الله فقال: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمامة تهافتوا تهافت الفراش في النار، وإني أخشى أن لا يشهدوا موطنا إلا فعلوا ذلك حتى يقتلوا - وهم حملة القرآن- فيضيع القرآن وينسى. فلو جمعته وكتبته! فنفر منها أبو بكر وقال: أفعل ما لم يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم! فتراجعا في ذلك. ثم أرسل أبو بكر إلى زيد بن ثابت، قال زيد: فدخلت عليه وعمر محزئل فقال أبو بكر: إن هذا قد دعاني إلى أمر فأبيت عليه، وأنت كاتب الوحي. فإن تكن معه اتبعتكما، وإن توافقني لا أفعل. قال: فاقتص أبو بكر قول عمر، وعمر ساكت، فنفرت من ذلك وقلت: نفعل ما لم يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم! إلى أن قال عمر كلمة: "وما عليكما لو فعلتما ذلك؟" قال: فذهبنا ننظر، فقلنا: لا شيء والله! ما علينا في ذلك شيء! قال زيد: فأمرني أبو بكر فكتبته في قطع الأدم وكسر الأكتاف والعسب.
فلما هلك أبو بكر وكان عمر كتب ذلك في صحيفة واحدة، فكانت عنده. فلما هلك، كانت الصحيفة عند حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم. ثم إن حذيفة بن اليمان قدم من غزوة كان غزاها في فرج إرمينية فلم يدخل بيته حتى أتى عثمان بن عفان فقال: "يا أمير المؤمنين: أدرك الناس! فقال عثمان: "وما ذاك؟" قال غزوت فرج إرمينية، فحضرها أهل العراق وأهل الشام، فإذا أهل الشام يقرءون بقراءة أبي بن كعب، فيأتون بما لم يسمع أهل العراق، فيكفرهم أهل العراق. وإذا أهل العراق يقرءون بقراءة ابن مسعود، فيأتون بما لم يسمع أهل الشام، فيكفرهم أهل الشام. قال زيد: فأمرني عثمان بن عفان أكتب له مصحفا، وقال: إني مدخل معك رجلا لبيبا فصيحا، فما اجتمعتما عليه فاكتباه، وما اختلفتما فيه فارفعاه إلي. فجعل أبان بن سعيد بن العاص، قال: فلما بلغا: {إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت} [البقرة: 248] قال: زيد فقلت: "التابوه" وقال أبان بن سعيد: "التابوت"، فرفعنا ذلك إلى عثمان فكتب: "التابوت" قال: فلما فرغت عرضته معه عرضة، فلم أجد فيه هذه الآية: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} إلى قوله: {وما بدلوا تبديلا} [الأحزاب: 23] قال: فاستعرضت المهاجرين أسألهم عنها، فلم أجدها عند أحد منهم، ثم استعرضت الأنصار أسألهم عنها، فلم أجدها عند أحد منهم، حتى وجدتها عند خزيمة بن ثابت، فكتبتها، ثم عرضته عرضة أخرى، فلم أجد فيه هاتين الآيتين: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم} إلى آخر السورة [التوبة: 128، 129] فاستعرضت المهاجرين، فلم أجدها عند أحد منهم، ثم استعرضت الأنصار أسألهم عنها فلم أجدها عند أحد منهم، حتى وجدتها مع رجل آخر يدعى خزيمة أيضا، فأثبتها في آخر "براءة"، ولو تمت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة. ثم عرضته عرضة أخرى، فلم أجد فيه شيئا، ثم أرسل عثمان إلى حفصة يسألها أن تعطيه الصحيفة، وحلف لها ليردنها إليها فأعطته إياها، فعرض المصحف عليها، فلم يختلفا في شيء. فردها إليها، وطابت نفسه، وأمر الناس أن يكتبوا مصاحف. فلما ماتت حفصة أرسل إلى عبد الله بن عمر في الصحيفة بعزمة، فأعطاهم إياها فغسلت غسلا.
- ثم أجاب ابن جرير عن الإشكال الآتي ببراعة:
فإن قال بعض من ضعفت معرفته: وكيف جاز لهم ترك قراءة أقرأهموها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرهم بقراءتها؟
قيل: إن أمره إياهم بذلك لم يكن أمر إيجاب وفرض، وإنما كان أمر إباحة ورخصة. لأن القراءة بها لو كانت فرضا عليهم، لوجب أن يكون العلم بكل حرف من تلك الأحرف السبعة، عند من يقوم بنقله الحجة، ويقطع خبره العذر، ويزيل الشك من قرأة الأمة. وفي تركهم نقل ذلك كذلك أوضح الدليل على أنهم كانوا في القراءة بها مخيرين، بعد أن يكون في نقلة القرآن من الأمة من تجب بنقله الحجة ببعض تلك الأحرف السبعة.
وإذ كان ذلك كذلك، لم يكن القوم بتركهم نقل جميع القراءات السبع، تاركين ما كان عليهم نقله، بل كان الواجب عليهم من الفعل ما فعلوا. إذ كان الذي فعلوا من ذلك، كان هو النظر للإسلام وأهله. فكان القيام بفعل الواجب عليهم، بهم أولى من فعل ما لو فعلوه، كانوا إلى الجناية على الإسلام وأهله أقرب منهم إلى السلامة، من ذلك.
- أي من ألسن العرب التي أنزل بها القرآن؟
أجاب ابن جرير عن هذا التساؤل بقوله: (فإن قال لنا قائل: فهل لك من علم بالألسن السبعة التي نزل بها القرآن؟ وأي الألسن هي من ألسن العرب؟
قلنا: أما الألسن الستة التي قد نزلت القراءة بها، فلا حاجة بنا إلى معرفتها، لأنا لو عرفناها لم نقرأ اليوم بها مع الأسباب التي قدمنا ذكرها. وقد قيل إن خمسة منها لعجز هوازن، واثنين منها لقريش وخزاعة. روي جميع ذلك عن ابن عباس، وليست الرواية به عنه من رواية من يجوز الاحتجاج بنقله. وذلك أن الذي روى عنه: "أن خمسة منها من لسان العجز من هوازن"، الكلبي عن أبي صالح، وأن الذي روى عنه: "أن اللسانين الآخرين لسان قريش وخزاعة"، قتادة، وقتادة لم يلقه ولم يسمع منه.
-
حدثني بذلك بعض أصحابنا، قال: حدثنا صالح بن نصر الخزاعي، قال: حدثنا الهيثم بن عدي، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن ابن عباس، قال: نزل القرآن بلسان قريش ولسان خزاعة، وذلك أن الدار واحدة.
-
وحدثني بعض أصحابنا، قال: حدثنا صالح بن نصر، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي الأسود الدئلي، قال: نزل القرآن بلسان الكعبين: كعب بن عمرو وكعب بن لؤي. فقال خالد بن سلمة لسعد بن إبراهيم: ألا تعجب من هذا الأعمى! يزعم أن القرآن نزل بلسان الكعبين؛ وإنما نزل بلسان قريش!
قال أبو جعفر: والعجز من هوازن: سعد بن بكر، وجشم بن بكر، ونصر بن معاوية، وثقيف.)

خامساً - القول في البيان عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن من سبعة أبواب الجنة))، وذكر الأخبار المروية بذلك
- اختلاف النقول عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك:
أورد ابن جرير نقولاً مختلفة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (أُنزل القرآن من سبعة أبواب الجنة) على النحو التالي:
· عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد وعلى حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب وعلى سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام، ومحكم ومتشابه، وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا)).
· عن أبي قلابة، قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف، أمر وزجر وترغيب وترهيب وجدل وقصص ومثل)).
· عن أبي بن كعب، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: رب خفف عن أمتي. قال: اقرأه على حرفين. فقلت: رب خفف عن أمتي. فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب من الجنة، كلها شاف كاف)).
- بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم: )أنزل القرآن من سبعة أبواب الجنة)
أوضح ابن جرير المقصود من قوله صلى الله عليه وسلم "من سبعة أبواب الجنة" بقوله:
كل هذه الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، متقاربة المعاني، لأن قول القائل: فلان مقيم على باب من أبواب هذا الأمر، وفلان مقيم على وجه من وجوه هذا الأمر، وفلان مقيم على حرف من هذا الأمر - سواء. ألا ترى أن الله تعالى ذكره وصف قوما عبدوه على وجه من وجوه العبادات، فأخبر عنهم أنهم عبدوه على حرف فقال: {ومن الناس من يعبد الله على حرف} [الحج: 11]، يعني أنهم عبدوه على وجه الشك، لا على اليقين به والتسليم لأمره.
فكذلك رواية من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((نزل القرآن من سبعة أبواب)) و((نزل على سبعة أحرف)) سواء، معناهما مؤتلف، وتأويلهما غير مختلف في هذا الوجه.
ومعنى ذلك كله، الخبر منه صلى الله عليه وسلم عما خصه الله به وأمته، من الفضيلة والكرامة التي لم يؤتها أحدا في تنزيله.
وذلك أن كل كتاب تقدم كتابنا نزوله على نبي من أنبياء الله صلى الله عليهم، فإنما نزل بلسان واحد، متى حول إلى غير اللسان الذي نزل به، كان ذلك له ترجمة وتفسيرا لا تلاوة له على ما أنزله الله وأنزل كتابنا بألسن سبعة، بأي تلك الألسن السبعة تلاه التالي، كان له تاليا على ما أنزله الله لا مترجما ولا مفسرا، حتى يحوله عن تلك الألسن السبعة إلى غيرها، فيصير فاعل ذلك حينئذ -إذا أصاب معناه- له مترجما. كما كان التالي بعض الكتب التي أنزلها الله بلسان واحد -إذا تلاه بغير اللسان الذي نزل به- له مترجما، لا تاليا على ما أنزله الله به.
فذلك معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((كان الكتاب الأول، نزل على حرف واحد، ونزل القرآن على سبعة أحرف)).
وأما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الكتاب الأول نزل من باب واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب))، فإنه صلى الله عليه وسلم عنى بقوله: ((نزل الكتاب الأول من باب واحد))، والله أعلم، ما نزل من كتب الله على من أنزله من أنبيائه، خاليا من الحدود والأحكام والحلال والحرام، كزبور داود، الذي إنما هو تذكير ومواعظ، وإنجيل عيسى، الذي هو تمجيد ومحامد وحض على الصفح والإعراض -دون غيرها من الأحكام والشرائع- وما أشبه ذلك من الكتب التي نزلت ببعض المعاني السبعة التي يحوي جميعها كتابنا، الذي خص الله به نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته. فلم يكن المتعبدون بإقامته يجدون لرضى الله تعالى ذكره مطلبا ينالون به الجنة، ويستوجبون به منه القربة، إلا من الوجه الواحد الذي أنزل به كتابهم، وذلك هو الباب الواحد من أبواب الجنة الذي نزل منه ذلك الكتاب.
وخص الله جل وعز نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته، بأن أنزل عليهم كتابه على أوجه سبعة من الوجوه التي ينالون بها رضوان الله، ويدركون بها الفوز بالجنة، إذا أقاموها فكل وجه من أوجهه السبعة باب من أبواب الجنة الذي نزل منه القرآن. لأن العامل بكل وجه من أوجهه السبعة، عامل على باب من أبواب الجنة، وطالب من قبله الفوز بها. فالعمل بما أمر الله جل ذكره في كتابه، باب من أبواب الجنة، وترك ما نهى الله عنه فيه؛ باب آخر ثان من أبوابها؛ وتحليل ما حلل الله فيه، باب ثالث من أبوابها؛ وتحريم ما حرم الله فيه، باب رابع من أبوابها؛ والإيمان بمحكمه المبين، باب خامس من أبوابها؛ والتسليم لمتشابهه الذي استأثر الله بعلمه وحجب علمه عن خلقه والإقرار بأن كل ذلك من عند ربه، باب سادس من أبوابها؛ والاعتبار بأمثاله والاتعاظ بعظاته، باب سابع من أبوابها.
فجميع ما في القرآن -من حروفه السبعة، وأبوابه السبعة التي نزل منها- جعله الله لعباده إلى رضوانه هاديا، ولهم إلى الجنة قائدا. فذلك معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((نزل القرآن من سبعة أبواب من الجنة)).

سادساً - القول في الوجوه التي من قِبَلها يوصل إلى معرفة تأويل القرآن
- أنواع البيان المُنَزَّل على نبينا صلى الله عليه وسلم:
قسم ابن جرير البيان إلى ثلاثة أقسام:
1- ما لا يعلم تأويله إلا الله الواحد القهار:
وذلك ما فيه من الخبر عن آجال حادثة، وأوقات آتية، كوقت قيام الساعة، والنفخ في الصور، ونزول عيسى بن مريم، وما أشبه ذلك: فإن تلك أوقات لا يعلم أحد حدودها، ولا يعرف أحد من تأويلها إلا بالخبر عن أشراطها، لاستئثار الله بعلم ذلك على خلقه.
2- ما لا يوصل إلى علم تأويله إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم:
وذلك تأويل جميع ما فيه: من وجوه أمره -واجبه وندبه وإرشاده-، وصنوف نهيه، ووظائف حقوقه وحدوده، ومبالغ فرائضه، ومقادير اللازم بعض خلقه لبعض، وما أشبه ذلك من أحكام آيه، التي لم يدرك علمها إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته. وهذا وجه له لا يجوز لأحد القول فيه، إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم له تأويله بنص منه عليه، أو بدلالة قد نصبها، دالة أمته على تأويله.
3- ما يعلم تأويله كل ذي علم باللسان الذي نزل به القرآن:
وذلك: إقامة إعرابه، ومعرفة المسميات بأسمائها اللازمة غير المشترك فيها، والموصوفات بصفاتها الخاصة دون ما سواها، فإن ذلك لا يجهله أحد منهم. وذلك كسامع منهم لو سمع تاليا يتلو: {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون * ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون} [البقرة: 11، 12]، لم يجهل أن معنى الإفساد هو ما ينبغي تركه مما هو مضرة، وأن الإصلاح هو ما ينبغي فعله مما فعله منفعة، وإن جهل المعاني التي جعلها الله إفسادا، والمعاني التي جعلها الله إصلاحا.
ثم روى ابن جرير عن ابن عباس أربعة أقسام قائلاً:
وبمثل ما قلنا من ذلك روي الخبر عن ابن عباس:
-
حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا مؤمل، قال: حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، قال: قال ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله.
قال أبو جعفر: وهذا الوجه الرابع الذي ذكره ابن عباس: من أن أحدا لا يعذر بجهالته، معنى غير الإبانة عن وجوه مطالب تأويله. وإنما هو خبر عن أن من تأويله ما لا يجوز لأحد الجهل به.
ورواية أخرى عن ابن عباس أيضاً:
عن عبد الله بن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أنزل القرآن على أربعة أحرف: حلال وحرام لا يعذر أحد بالجهالة به، وتفسير تفسره العرب، وتفسير تفسره العلماء، ومتشابه لا يعلمه إلا الله، ومن ادعى علمه سوى الله فهو كاذب)).

سابعاً - ذكر بعض الأخبار التي رويت بالنهي عن القول في تأويل القرآن بالرأي
- ذكر ابن جرير بعض الآثار المروية في هذا الشأن أهمها:
· عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار)).
· عن ابن عباس قال: من تكلم في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار.
· عن أبي معمر، قال: قال أبو بكر الصديق: أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني، إذا قلت في القرآن ما لا أعلم!
_ قال أبو جعفر: وهذه الأخبار شاهدة لنا على صحة ما قلنا: من أن ما كان من تأويل القرآن الذي لا يدرك علمه إلا بنص بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بنصبه الدلالة عليه - فغير جائز لأحد القيل فيه برأيه. بل القائل في ذلك برأيه - وإن أصاب عين الحق فيه - فمخطئ في فعله، بقيله فيه برأيه، ولأن إصابته ليست إصابة موقن أنه محق، وإنما هو إصابة خارص وظان. والقائل في دين الله بالظن، قائل على الله ما لم يعلم. وقد حرم الله جل ثناؤه ذلك في كتابه على عباده، فقال: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} [الأعراف: 33].
- القول بالرأي في القرآن لا يجوز:
قال ابن جرير:
فالقائل في تأويل كتاب الله، الذي لا يدرك علمه إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي جعل الله إليه بيانه -قائل ما لا يعلم وإن وافق قيله ذلك في تأويله، ما أراد الله به من معناه. لأن القائل فيه بغير علم، قائل على الله ما لا علم له به. وهذا هو معنى الخبر الذي حدثنا به العباس بن عبد العظيم العبري، قال: حدثنا حبان بن هلال، قال: حدثنا سهيل أخو حزم، قال: حدثنا أبو عمران الجوني عن جندب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه فأصاب، فقد أخطأ)).
- بيان علة ذلك:
قال أبو جعفر: يعني صلى الله عليه وسلم أنه أخطأ في فعله، بقيله فيه برأيه، وإن وافق قيله ذلك عين الصواب عند الله. لأن قيله فيه برأيه، ليس بقيل عالم أن الذي قال فيه من قول حق وصواب. فهو قائل على الله ما لا يعلم، آثم بفعله ما قد نهي عنه وحظر عليه.

ثامناً - ذكر بعض الأخبار التي رويت في الحض على العلم بتفسير القرآن،ومن كان يفسره من الصحابة
- نماذج من عناية الصحابة بتفسير القرآن وفهم معانيه:
ذكر ابن جرير عدة نماذج توضح شدة عناية السلف بفهم القرآن والعمل بما فيه..
· عن ابن مسعود، قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن.
· عن أبي عبد الرحمن، قال: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا: أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا.
· حدثنا الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، قال: قال عبد الله: والذي لا إله غيره، ما نزلت آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم فيم نزلت؟ وأين نزلت؟ ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله منى تناله المطايا لأتيته.
· عن مسروق، قال: كان عبد الله يقرأ علينا السورة، ثم يحدثنا فيها ويفسرها عامة النهار.
- أهمية علم التفسير في الدعوة:
ذكر ابن جرير فضائل لعلم التفسير أهمها دوره في الدعوة..
· عن الأعمش، عن شقيق، قال: استعمل علي ابن عباس على الحج، قال: فخطب الناس خطبة لو سمعها الترك والروم لأسلموا، ثم قرأ عليهم سورة النور، فجعل يفسرها.
· عن الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، قال: قرأ ابن عباس سورة البقرة، فجعل يفسرها، فقال رجل: لو سمعت هذا الديلم لأسلمت.
- حث الله عز وجل عباده على التدبر في آي القرآن والاعتبار بما فيه:
قال أبو جعفر: وفي حث الله عز وجل عباده على الاعتبار بما في آي القرآن من المواعظ والبينات - بقوله جل ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب} [ص: 29] وقوله: {ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون * قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون} [الزمر: 27، 28] وما أشبه ذلك من آي القرآن، التي أمر الله عباده وحثهم فيها على الاعتبار بأمثال آي القرآن، والاتعاظ بمواعظه- ما يدل على أن عليهم معرفة تأويل ما لم يحجب عنهم تأويله من آيه.
- ضرورة فهم كلام الله تعالى المُنزَّل:
· عن سعيد بن جبير، قال: من قرأ القرآن ثم لم يفسره، كان كالأعجمي أو كالأعرابي.
ثم ختم ابن جرير هذا الباب بضرورة فهم كلام العرب حتى يتسنى للعبد أن يفهم كلام الله عز وجل ويتدبر معانيه.

تاسعاً - ذكر الأخبار التي غلط في تأويلها منكرو القول في تأويل القرآن
- تعظيم القول في تفسير القرآن:
ذكر ابن جرير عدة آثار تدل على تعظيم القول في التفسير وتعظيم السلف القول في القرآن ..
· عن عائشة، قالت: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا بعدد، علمهن إياه جبريل.
· عن عبيد الله بن عمر، قال: لقد أدركت فقهاء المدينة، وإنهم ليعظمون القول في التفسير منهم: سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، ونافع.
· عن يحيى بن سعيد، قال: سمعت رجلا يسأل سعيد بن المسيب عن آية من القرآن، فقال: لا أقول في القرآن شيئا.
· عن ابن سيرين، قال: سألت عبيدة السلماني عن آية، قال: عليك بالسداد، فقد ذهب الذين علموا فيم أنزل القرآن.
· عن ابن أبي مليكة: أن ابن عباس سئل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها، فأبى أن يقول فيها.
· عن الوليد بن مسلم، قال: جاء طلق بن حبيب إلى جندب بن عبد الله، فسأله عن آية من القرآن، فقال له: أحرج عليك إن كنت مسلما، لما قمت عنى - أو قال: أن تجالسني.
· قال الشعبي: والله ما من آية إلا قد سألت عنها، ولكنها الرواية عن الله تعالى.
ثم فسر ابن جرير هذه الآثار المروية عن السلف في إحجامهم عن القول في التفسير إلا بحذر وعلم على النحو التالي:
(أما الخبر الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن يفسر من القرآن شيئا إلا آيا بعدد، فإن ذلك مصحح ما قلنا من القول في الباب الماضي قبل، وهو: أن من تأويل القرآن ما لا يدرك علمه إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم. وذلك تفصيل جمل ما في آيه من أمر الله ونهيه وحلاله وحرامه، وحدوده وفرائضه، وسائر معاني شرائع دينه، الذي هو مجمل في ظاهر التنزيل، وبالعباد إلى تفسيره الحاجة - لا يدرك علم تأويله إلا ببيان من عند الله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أشبه ذلك مما تحويه آي القرآن، من سائر حكمه الذي جعل الله بيانه لخلقه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم.)
(ومن آي القرآن ما قد ذكرنا أن الله جل ثناؤه استأثر بعلم تأويله، فلم يطلع على علمه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ولكنهم يؤمنون بأنه من عنده، وأنه لا يعلم تأويله إلا الله.
فأما ما لا بد للعباد من علم تأويله، فقد بين لهم نبيهم صلى الله عليه وسلم ببيان الله ذلك له بوحيه مع جبريل. وذلك هو المعنى الذي أمره الله ببيانه لهم فقال له جل ذكره: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} [النحل: 44].
ولو كان تأويل الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم -أنه كان لا يفسر من القرآن شيئا إلا آيا بعدد- هو ما يسبق إليه أوهام أهل الغباء، من أنه لم يكن يفسر من القرآن إلا القليل من آيه واليسير من حروفه، كان إنما أنزل إليه صلى الله عليه وسلم الذكر ليترك للناس بيان ما أنزل إليهم، لا ليبين لهم ما نزل إليهم.
وفي أمر الله جل ثناؤه نبيه صلى الله عليه وسلم ببلاغ ما أنزل إليه، وإعلامه إياه أنه إنما نزل إليه ما أنزل ليبين للناس ما نزل إليهم، وقيام الحجة على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ وأدى ما أمره الله ببلاغه وأدائه على ما أمره به، وصحة الخبر عن عبد الله بن مسعود بقيله: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعلم معانيهن والعمل بهن - ما ينبئ عن جهل من ظن أو توهم أن معنى الخبر الذي ذكرنا عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه لم يكن يفسر من القرآن شيئا إلا آيا بعدد، هو أنه لم يكن يبين لأمته من تأويله إلا اليسير القليل منه.)
(وأما الأخبار التي ذكرناها عمن ذكرناها عنه من التابعين، بإحجامه عن التأويل، فإن فعل من فعل ذلك منهم، كفعل من أحجم منهم عن الفتيا في النوازل والحوادث، مع إقراره بأن الله جل ثناؤه لم يقبض نبيه إليه، إلا بعد إكمال الدين به لعباده، وعلمه بأن لله في كل نازلة وحادثة حكما موجودا بنص أو دلالة. فلم يكن إحجامه عن القول في ذلك إحجام جاحد أن يكون لله فيه حكم موجود بين أظهر عباده، ولكن إحجام خائف أن لا يبلغ باجتهاده ما كلف الله العلماء من عباده فيه.
فكذلك معنى إحجام من أحجم عن القيل في تأويل القرآن وتفسيره من العلماء السلف، إنما كان إحجامه عنه حذارا أن لا يبلغ أداء ما كلف من إصابة صواب القول فيه، لا على أن تأويل ذلك محجوب عن علماء الأمة، غير موجود بين أظهرهم.)

عاشراً - ذكر الأخبار عن بعض السلف فيمن كان من قدماء المفسرين محمودا علمه بالتفسير ومن كان منهم مذموما علمه به
- المشتهرون بالتفسير من الصحابة والتابعين:
· عن مسلم، قال: قال عبد الله: نعم ترجمان القرآن ابن عباس.
· عن ابن أبي مليكة قال: رأيت مجاهدا يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن، ومعه ألواحه، فيقول له ابن عباس: "اكتب"، قال: حتى سأله عن التفسير كله.
· عن مجاهد، قال: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها.
· عن أبي بكر الحنفي، قال: سمعت سفيان الثوري يقول: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به.
- ذكر من لم يتلق التفسير من الصحابة الذين هم أدرى الناس بمعاني القرآن ومن ذُمَّ قوله في التفسير:
· عن عبد الملك بن ميسرة، قال: لم يلق الضحاك ابن عباس، وإنما لقي سعيد بن جبير بالري، فأخذ عنه التفسير.
· عن ابن إدريس، قال حدثنا زكريا، قال: كان الشعبي يمر بأبي صالح باذان، فيأخذ بأذنه فيعركها ويقول: تفسر القرآن وأنت لا تقرأ القرآن!
· عن الأعمش، قال: حدثني سعيد بن جبير، عن ابن عباس: {والله يقضي بالحق} [غافر: 20] قال: قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة وبالسيئة السيئة {إن الله هو السميع البصير} [غافر: 20]، قال الحسين: فقلت للأعمش: حدثني به الكلبي، إلا أنه قال: إن الله قادر أن يجزى بالسيئة السيئة وبالحسنة عشرا، فقال الأعمش: لو أن الذي عند الكلبي عندي ما خرج مني إلا بخفير.
· عن صالح بن مسلم، قال: مر الشعبي على السدي وهو يفسر، فقال: لأن يضرب على استك بالطبل، خير لك من مجلسك هذا.
· عن سلم بن عبد الرحمن النخعي، قال: كنت مع إبراهيم، فرأى السدي، فقال: أما إنه يفسر تفسير القوم.
· عن سعيد بن بشير، يقول عن قتادة، قال: ما بقي أحدا يجري مع الكلبي في التفسير في عنان.
- أحق المفسرين في إصابة الحق في تأويل القرآن:
قال ابن جرير:
(فأحق المفسرين بإصابة الحق -في تأويل القرآن الذي إلى علم تأويله للعباد السبيل- أوضحهم حجة فيما تأول وفسر، مما كان تأويله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دون سائر أمته من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه: إما من جهة النقل المستفيض، فيما وجد فيه من ذلك عنه النقل المستفيض، وإما من جهة نقل العدول الأثبات، فيما لم يكن عنه فيه النقل المستفيض، أو من جهة الدلالة المنصوبة على صحته؛ وأوضحهم برهانا -فيما ترجم وبين من ذلك- مما كان مدركا علمه من جهة اللسان: إما بالشواهد من أشعارهم السائرة، وإما من منطقهم ولغاتهم المستفيضة المعروفة، كائنا من كان ذلك المتأول والمفسر، بعد أن لا يكون خارجا تأويله وتفسيره ما تأول وفسر من ذلك، عن أقوال السلف من الصحابة والأئمة، والخلف من التابعين وعلماء الأمة.)

الحادي عشر - القول في تأويل أسماء القرآن وسوره وآيه
_ أسماء القرآن التي وردت في التنزيل:
ذكر ابن جرير أربعة أسماء للقرآن وردت في التنزيل ولكل اسم منها وجه ومعنى في لسان العرب:
1- "القرآن"، فقال في تسميته إياه بذلك في تنزيله: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين} [يوسف: 3]، وقال: {إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون} [النمل: 76].
ومعناه في كلام العرب:
ما رُوي عن ابن عباس: من التلاوة والقراءة، وأن يكون مصدرا من قول القائل: قرأت القرآن.
عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: {فإذا قرأناه} يقول: بيناه، {فاتبع قرآنه} [القيامة: 18] يقول: اعمل به.
وأما على قول قتادة، فإن الواجب أن يكون مصدرا، من قول القائل: قرأت الشيء، إذا جمعته وضممت بعضه إلى بعض.
وذلك أن بشر بن معاذ العقدي حدثنا قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة في قوله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه} يقول: حفظه وتأليفه، {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} يقول: اتبع حلاله، واجتنب حرامه.
فرأى قتادة أن تأويل "القرآن": التأليف.
2- "الفرقان"، قال جل ثناؤه في وحيه إلى نبيه صلى الله عليه وسلم مسميه بذلك: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا} [الفرقان:1].
ومعناه في كلام العرب:
الفرقان" من "فرق الله بين الحق والباطل".
عن عكرمة: أنه كان يقول: هو النجاة.
كان ابن عباس يقول: "الفرقان": المخرج.
وكان مجاهد يقول في قول الله جل ثناؤه: {يوم الفرقان} [الأنفال: 41] يوم فرق الله فيه بين الحق والباطل.
قال ابن جرير: (كل هذه التأويلات في معنى "الفرقان" -على اختلاف ألفاظها- متقاربات المعاني. وذلك أن من جعل له مخرج من أمر كان فيه، فقد جعل له ذلك المخرج منه نجاة. وكذلك إذا نجي منه، فقد نصر على من بغاه فيه سوءا، وفرق بينه به وبين باغيه السوء.
فجميع ما روينا -عمن روينا عنه- في معنى "الفرقان"، قول صحيح المعنى، لاتفاق معاني ألفاظهم في ذلك.
وأصل "الفرقان" عندنا: الفرق بين الشيئين والفصل بينهما. وقد يكون ذلك بقضاء، واستنقاذ، وإظهار حجة، ونصر وغير ذلك من المعاني المفرقة بين المحق والمبطل. فقد تبين بذلك أن القرآن سمي "فرقانا"، لفصله -بحججه وأدلته وحدود فرائضه وسائر معاني حكمه- بين المحق والمبطل. وفرقانه بينهما: بنصره المحق، وتخذيله المبطل، حكما وقضاء.)
وكذلك كان السدي يتأوله.
3- "الكتاب": قال تبارك اسمه في تسميته إياه به: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيما} [الكهف: 1، 2].
معناه في كلام العرب:
قال ابن جرير: (وأما تأويل اسمه الذي هو "كتاب": فهو مصدر من قولك: "كتبت كتابا" كما تقول: قمت قياما، وحسبت الشيء حسابا. والكتاب: هو خط الكاتب حروف الكتاب المعجم مجموعة ومفترقة. وسمي "كتابا"، وإنما هو مكتوب.)
4- "الذكر"، فقال تعالى ذكره في تسميته إياه به: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9].
معناه في كلام العرب:
قال ابن جرير: (وأما تأويل اسمه الذي هو "ذكر"، فإنه محتمل معنيين: أحدهما: أنه ذكر من الله جل ذكره، ذكر به عباده، فعرفهم فيه حدوده وفرائضه، وسائر ما أودعه من حكمه. والآخر: أنه ذكر وشرف وفخر لمن آمن به وصدق بما فيه، كما قال جل ثناؤه: {وإنه لذكر لك ولقومك} [الزخرف: 44]، يعني به أنه شرف له ولقومه.)
- ترجيح ابن جرير لمعنى كلمة قرآن:
قال أبو جعفر: ولكلا القولين -أعني قول ابن عباس وقول قتادة- اللذين حكيناهما، وجه صحيح في كلام العرب. غير أن أولى قوليهما بتأويل قول الله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} قول ابن عباس.
لأن الله جل ثناؤه أمر نبيه صلى الله عليه وسلم في غير آية من تنزيله باتباع ما أوحى إليه، ولم يرخص له في ترك اتباع شيء من أمره إلى وقت تأليفه القرآن. فكذلك قوله: {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} نظير سائر ما في آي القرآن التي أمره الله فيها باتباع ما أوحى إليه في تنزيله.
ولو وجب أن يكون معنى قوله: {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} فإذا ألفناه فاتبع ما ألفنا لك فيه - لوجب ألا يكون كان لزمه فرض {اقرأ باسم ربك الذي خلق} [العلق: 1] ولا فرض {يا أيها المدثر * قم فأنذر} [المدثر: 1، 2] قبل أن يؤلف إلى ذلك غيره من القرآن. وذلك، إن قاله قائل، خروج من قول أهل الملة.
وإذ صح أن حكم كل آية من آي القرآن كان لازما النبي صلى الله عليه وسلم اتباعه والعمل به، مؤلفة كانت إلى غيرها أو غير مؤلفة -صح ما قال ابن عباس في تأويل قوله: {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} أنه معني به: فإذا بيناه لك بقراءتنا، فاتبع ما بيناه لك بقراءتنا- دون قول من قال: معناه، فإذا ألفناه فاتبع ما ألفناه.
- أسماء سور القرآن التي سماها بها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
· عن واثلة بن الأسقع: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أعطيت مكان التوراة السبع الطول، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفضلت بالمفصل)).
· عن المسيب، عن ابن مسعود قال: الطول كالتوراة، والمئون كالإنجيل، والمثاني كالزبور، وسائر القرآن بعد فضل على الكتب.
· قال أبو جعفر: والسبع الطول: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس، في قول سعيد بن جبير.
· وإنما سميت هذه السور السبع الطول، لطولها على سائر سور القرآن.
* وأما "المئون: فهي ما كان من سور القرآن عدد آيه مائة آية، أو تزيد عليها شيئا أو تنقص منها شيئا يسيرا.
* وأما "المثاني: فإنها ما ثنى المئين فتلاها، وكان المئون لها أوائل، وكان المثاني لها ثواني. وقد قيل: إن المثاني سميت مثاني، لتثنية الله جل ذكره فيها الأمثال والخبر والعبر، وهو قول ابن عباس.
· وروي عن سعيد بن جبير، أنه كان يقول: إنما سميت مثاني لأنها ثنيت فيها الفرائض والحدود.
· وقد قال جماعة يكثر تعدادهم: القرآن كله مثان.
وقال جماعة أخر: بل المثاني فاتحة الكتاب، لأنها تثنى قراءتها في كل صلاة.
وبمثل ما جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسماء سور القرآن التي ذكرت، جاء شعر الشعراء. فقال بعضهم:
حلفت بالسبع اللواتي طولت
وبمئين بعدها قد أمئيت
وبمثان ثنيت فكررت
وبالطواسين التي قد ثلثت
وبالحواميم اللواتي سبعت
وبالمفصل اللواتي فصلت
· قال أبو جعفر: وهذه الأبيات تدل على صحة التأويل الذي تأولناه في هذه الأسماء.
· وأما "المفصل": فإنما سميت مفصلا لكثرة الفصول التي بين سورها بـ "بسم الله الرحمن الرحيم".
- بيان معنى السورة:
قال ابن جرير: تسمى كل سورة من سور القرآن سورة، وتجمع سورا، على تقدير "خطبة وخطب"، "وغرفة وغرف".
والسورة، بغير همز: المنزلة من منازل الارتفاع. ومن ذلك سور المدينة، سمي بذلك الحائط الذي يحويها، لارتفاعه على ما يحويه. غير أن السورة من سور المدينة لم يسمع في جمعها "سور"، كما سمع في جمع سورة من القرآن "سور".
ومن الدلالة على أن معنى السورة: المنزلة من الارتفاع، قول نابغة بني ذبيان:
ألم تر أن الله أعطاك سورة = ترى كل ملك دونها يتذبذب
يعني بذلك: أن الله أعطاه منزلة من منازل الشرف التي قصرت عنها منازل الملوك.
وقد همز بعضهم السورة من القرآن. وتأويلها، في لغة من همزها، القطعة التي قد أفضلت من القرآن عما سواها وأبقيت.
- بيان معنى الآية:
قال ابن جرير : وأما الآية من آي القرآن، فإنها تحتمل وجهين في كلام العرب:
أحدهما: أن تكون سميت آية، لأنها علامة يعرف بها تمام ما قبلها وابتداؤها، كالآية التي تكون دلالة على الشيء يستدل بها عليه، كقول الشاعر:
ألكنى إليها عمرك الله يا فتى = بآية ما جاءت إلينا تهاديا
يعني: بعلامة ذلك. ومنه قوله جل ثناؤه: {ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك} [المائدة: 114] يعني بذلك علامة منك لإجابتك دعاءنا وإعطائك إيانا سؤلنا.
· معنى آخر للآية ذكره ابن جرير:
والآخر منهما: القصة، كما قال كعب بن زهير بن أبي سلمى:
ألا أبلغا هذا المعرض آية = أيقظان قال القول إذ قال أم حلم
يعني بقوله "آية": رسالة مني وخبرا عني.
فيكون معنى الآيات: القصص، قصة تتلو قصة، بفصول ووصول.

الثاني عشر - القول في تأويل أسماء فاتحة الكتاب
- أسماء الفاتحة:
عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((هي أم القرآن، وهي فاتحة الكتاب، وهي السبع المثاني)).
- أسباب التسمية:
قال ابن جرير: وسميت "فاتحة الكتاب"، لأنها يفتتح بكتابتها المصاحف، وبقراءتها في الصلوات، فهي فواتح لما يتلوها من سور القرآن في الكتاب والقراءة.
وسميت "أم القرآن" لتقدمها على سائر سور القرآن غيرها، وتأخر ما سواها خلفها في القراءة والكتابة. وذلك من معناها شبيه بمعنى فاتحة الكتاب. وإنما قيل لها -لكونها كذلك- أم القرآن، لتسمية العرب كل جامع أمرا -أو مقدم لأمر إذا كانت له توابع تتبعه، هو لها إمام جامع- "أما". فتقول للجلدة التي تجمع الدماغ: "أم الرأس". وتسمى لواء الجيش ورايتهم التي يجتمعون تحتها للجيش.
وقد قيل إن مكة سميت "أم القرى"، لتقدمها أمام جميعها، وجمعها ما سواها. وقيل: إنما سميت بذلك، لأن الأرض دحيت منها فصارت لجميعها أما.
وأما تأويل اسمها أنها "السبع"، فإنها سبع آيات، لا خلاف بين الجميع من القراء والعلماء في ذلك.
- اختلاف العلماء في تحديد الآيات السبع للفاتحة:
أورد ابن جرير الخلاف في تحديد الآيات السبع للفاتحة على قولين:
1- فقال عظم أهل الكوفة: صارت سبع آيات بـ {بسم الله الرحمن الرحيم} وروي ذلك عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين.
2- وقال آخرون: هي سبع آيات، وليس منهن {بسم الله الرحمن الرحيم} ولكن السابعة "أنعمت عليهم". وذلك قول عظم قرأة أهل المدينة ومتفقهيهم.
- سبب تسمية الفاتحة بالمثاني:
قال ابن جرير: (فلأنها تثنى قراءتها في كل صلاة تطوع ومكتوبة. وكذلك كان الحسن البصري يتأول ذلك.
-
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء، قال سألت الحسن عن قوله: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم} [الحجر: 87] قال: هي فاتحة الكتاب. ثم سئل عنها وأنا أسمع فقرأها: {الحمد لله رب العالمين} حتى أتى على آخرها، فقال: تثنى في كل قراءة - أو قال - في كل صلاة. )
· في نهاية الباب علق ابن جرير على مسألة تسمية القرآن بالمثاني بقوله:(وليس في وجوب اسم "السبع المثاني" لفاتحة الكتاب، ما يدفع صحة وجوب اسم "المثاني" للقرآن كله، ولما ثنى المئين من السور. لأن لكل ذلك وجها ومعنى مفهوما، لا يفسد - بتسمية بعض ذلك بالمثاني - تسمية غيره بها.)
***********************************************************

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 24 ربيع الأول 1437هـ/4-01-2016م, 07:38 PM
لمياء لمياء غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 322
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
تلخيص مقاصد مقدمة تفسير ابن جرير
المقصد العام
بيان بعض العلوم والمعاني المتعلقة بعلم التفسير
المقاصد الفرعية
أولا –خطبة المقدمة
ثانياً -القول في البيان عن اتفاق معاني آي القرآن، ومعاني منطق من نزل بلسانه من وجه البيان -والدلالة على أن ذلك من الله جل وعز هو الحكمة البالغة- مع الإبانة عن فضل المعنى الذي به باين القرآن سائر الكلام
- أهمية البيان في إبلاغ الرسالة:
- كل رسول أرسل بلسان قومه ليبين لهم رسالة ربهم:
- إنزال القرآن بلسان العرب :
ثالثاً -القول في البيان عن الأحرف التي اتفقت فيها ألفاظ العرب وألفاظ غيرها من بعض أجناس الأمم
- الإشكالية في وجود ألفاظ لغير العرب في القرآن :
- انتقاد بعض الأقوال والرد عليها:
- رأي ابن جرير في حل هذه الإشكالية والرد على من أنكرها:
رابعاً -القول في اللغة التي نزل بها القرآن من لغات العرب
- اختلاف الصحابة في قراءة القرآن:
- نزول القرآن على سبعة أحرف:
- معنى نزول القرآن على سبعة أحرف:
- استدلال ابن جرير على صحة قوله:
- الدليل على أن السبعة أحرف هي سبعة ألسن من لغات العرب وليست سبع معان:
- إبطال قول من قال بأن الأحرف السبعة متفرقة في القرآن وموجودة الآن في المصاحف التي بين أيدينا:
- ماهية الأحرف السبعة التي أنزل بها القرآن:
- اجتماع الأمة على حرف واحد من الأحرف السبعة وعلة ذلك:
- ثم أجاب ابن جرير عن الإشكال الآتي ببراعة:
- أي من ألسن العرب التي أنزل بها القرآن؟
خامساً - القول في البيان عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن من سبعة أبواب الجنة))، وذكر الأخبار المروية بذلك
- اختلاف النقول عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك:
- بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم: )أنزل القرآن من سبعة أبواب الجنة)
سادساً – القول في الوجوه التي من قِبَلها يوصل إلى معرفة تأويل القرآن
- أنواع البيان المُنَزَّل على نبينا صلى الله عليه وسلم:
سابعاً -ذكر بعض الأخبار التي رويت بالنهي عن القول في تأويل القرآن بالرأي
- ذكر ابن جرير بعض الآثار المروية في هذا الشأن أهمها:
- القول بالرأي في القرآن لا يجوز:
- بيان علة ذلك:
ثامناً -ذكر بعض الأخبار التي رويت في الحض على العلم بتفسير القرآن، ومن كان يفسره من الصحابة
- نماذج من عناية الصحابة بتفسير القرآن وفهم معانيه:
- أهمية علم التفسير في الدعوة:
- حث الله عز وجل عباده على التدبر في آي القرآن والاعتبار بما فيه:
- ضرورة فهم كلام الله تعالى المُنزَّل:
تاسعاً -ذكر الأخبار التي غلط في تأويلها منكرو القول في تأويل القرآن
- تعظيم القول في تفسير القرآن:
عاشراً -ذكر الأخبار عن بعض السلف فيمن كان من قدماء المفسرين محمودا علمه بالتفسير ومن كان منهم مذموما علمه به
- المشتهرون بالتفسير من الصحابة والتابعين:
- أحق المفسرين في إصابة الحق في تأويل القرآن:
الحادي عشر -القول في تأويل أسماء القرآن وسوره وآيه
- أسماء القرآن التي وردت في التنزيل:
- ترجيح ابن جرير لمعنى كلمة قرآن:
- أسماء سور القرآن التي سماها بها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- بيان معنى السورة:
- بيان معنى الآية:
الثاني عشر - القول في تأويل أسماء فاتحة الكتاب
- أسماء الفاتحة:
- أسباب التسمية:
- اختلاف العلماء في تحديد الآيات السبع للفاتحة:
- سبب تسمية الفاتحة بالمثاني:


أولا – خطبة المقدمة :
- بدأ ابن جرير –رحمه الله- خطبته بحمد الله والثناء عليه بعبارات بليغة موجزة، ثم أردف بذكر إرسال الله الرسل ليقيم الحجة على عباده ، واستشهد بقوله تعالى :(لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل). النساء 165 ،ثم تأييدهم بالحجج البالغة والآي المعجزة لئلا يقول القائل منهم (ما هذا إلا بشرٌ مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون* ولئن أطعتن بشراً مثلكم إنكم إذاً لخاسرون) .المؤمنون 33:34
- وتابع ابن عطية ببيان تفضيل النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء والمرسلين، وتفضيل أمته على سائر الأمم، ثم ذكر أحد أوجه هذا التفضيل وهو إنزال الوحي وحفظه ليكون لهم هادياً ودليلاً.
- ثم انتقل رحمه الله لذكر أهمية العناية بعلم التفسير ، مبيناً منهجه في تفسيره وتأويله لكلام الله المنزه بنقاط سريعة أهمها:
1- جمعه للعلوم التي يحتاجها الناس لبيان معاني كلام الله.
2- ذكره أقوال السلف وما اتفقوا عليه وما اختلفوا فيه.
3- ذكر مذاهب السلف وعلل كل مذهب.
4- ترجيحه لأحد الأقوال بالدليل المختصر والموجز.
- وأخيراً ختم ابن جرير –رحمه الله- خطبته بذكر ما سيبدأ به تفسيره ببيان بعض العلوم والمعاني التي قد يدخل اللبس على من لم يسبق له معرفتها.

ثانياً - القول في البيان عن اتفاق معاني آي القرآن، ومعاني منطق من نزل بلسانه من وجه البيان -والدلالة على أن ذلك من الله جل وعز هو الحكمة البالغة- مع الإبانة عن فضل المعنى الذي به باين القرآن سائر الكلام
- أهمية البيان في إبلاغ الرسالة:
بين ابن جرير رحمه الله في هذا الباب فضل البيان وأهميته في إبلاغ الرسالات ودحض الحجج الباطلة ، وأنه من أعظم نعم الله تعالى على عباده ، واستشهد بقوله تعالى {أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين} [ الزخرف: 18].
ثم ختم كلامه بقوله فإذ كان تفاضل مراتب البيان، وتباين منازل درجات الكلام، بما وصفنا قبل -وكان الله تعالى ذكره وتقدست أسماؤه، أحكم الحكماء، وأحلم الحلماء، - كان معلوما أن أبين البيان بيانه، وأفضل الكلام كلامه، وأن قدر فضل بيانه، جل ذكره، على بيان جميع خلقه، كفضله على جميع عباده.
- كل رسول أرسل بلسان قومه ليبين لهم رسالة ربهم:
أوضح ابن جرير فائدة إرسال الرسل كل بلسان قومه فقال: لأن المخاطب والمرسل إليه، إن لم يفهم ما خوطب به وأرسل به إليه، فحاله -قبل الخطاب وقبل مجيء الرسالة إليه وبعده- سواء، إذ لم يفده الخطاب والرسالة شيئا كان به قبل ذلك جاهلا. والله جل ذكره يتعالى عن أن يخاطب خطابا أو يرسل رسالة لا توجب فائدة لمن خوطب أو أرسلت إليه، لأن ذلك فينا من فعل أهل النقص والعبث، والله تعالى عن ذلك متعال.
ثم استشهد على كلامه بقوله تعالى : {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم} [ إبراهيم: 4].، وقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} [ النحل: 64].
- إنزال القرآن بلسان العرب :
بين ابن جرير حتمية إنزال القرآن بالعربية بقوله:
وإذ كان لسان محمد صلى الله عليه وسلم عربيا، فبين أن القرآن عربي. وبذلك أيضا نطق محكم تنزيل ربنا، فقال جل ذكره: {إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون} [ يوسف: 2]. وقال: {وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين} [ الشعراء: 192-195].
- بعض أشكال موافقة البيان في القرآن بالبيان في لغة المُنزَل إليهم :
وافق القرآن الكريم المُنَزَّل على أمة العرب لغتهم وبيانهم ، وإن باينه كتاب الله بالفضيلة التي فضل بها سائر الكلام والبيان، فنجد فيه الكناية والتصريح، والتكرار والترداد، وبالقلة من الإكثار في بعض الأحوال، واستعمال الإطالة والإكثار،والتقديم والتأخير ، وهذه أمثلة فقط لما سيذكره ابن جرير في تلك المسألة.

ثالثاً - القول في البيان عن الأحرف التي اتفقت فيها ألفاظ العرب وألفاظ غيرها من بعض أجناس الأمم
طرح ابن جرير هذه المسألة والإشكالية فيها، ثم تناول أقوال العلماء بالنقد لكل قول والرد عليه ،ثم قال بأحد الأقوال وأورد وجه ترجيحه لهذا القول..
- الإشكالية في وجود ألفاظ لغير العرب في القرآن :
أورد ابن جرير بعض الأمثلة لكلمات جاءت في القرآن قال فيها المفسرون أنها بلسان الحبشة أو الفرس أو غيرهم ،وهذا ينافي كون القرآن نزل بلسان العرب ليخاطبهم به، فكيف ذلك؟ :
· عن ابن عباس: {إن ناشئة الليل} [المزمل: 6] قال: بلسان الحبشة إذا قام الرجل من الليل قالوا: نشأ.
· عن أبي ميسرة: {يا جبال أوبي معه} [سبأ: 10] قال: سبحي، بلسان الحبشة ؟
· عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن قوله: {فرت من قسورة} [المدثر: 51] قال: هو بالعربية الأسد، وبالفارسية شار، وبالنبطية أريا، وبالحبشية قسورة.
· عن سعيد بن جبير قال: قالت قريش: لولا أنزل هذا القرآن أعجميا وعربيا؟ فأنزل الله تعالى ذكره: {ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء} [فصلت: 44] فأنزل الله بعد هذه الآية في القرآن بكل لسان فمنه: {حجارة من سجيل} [هود: 82] قال: فارسية أعربت "سنك وكل".
· عن أبي ميسرة، قال: في القرآن من كل لسان.
وفيما أشبه ذلك من الأخبار التي يطول بذكرها الكتاب، مما يدل على أن فيه من غير لسان العرب؟
- انتقاد بعض الأقوال والرد عليها:
انتقد ابن جرير بعض الأقوال التي تناولت هذه الإشكالية بقوله:
فلو أن قائلا قال -فيما ذكرنا من الأشياء التي عددنا وأخبرنا اتفاقه في اللفظ والمعنى بالفارسية والعربية، وما أشبه ذلك مما سكتنا عن ذكره-: ذلك كله فارسي لا عربي، أو ذلك كله عربي لا فارسي، أو قال: بعضه عربي وبعضه فارسي، أو قال: كان مخرج أصله من عند العرب فوقع إلى العجم فنطقوا به، أو قال: كان مخرج أصله من عند الفرس فوقع إلى العرب فأعربته - كان مستجهلا لأن العرب ليست بأولى أن تكون كان مخرج أصل ذلك منها إلى العجم، ولا العجم بأحق أن تكون كان مخرج أصل ذلك منها إلى العرب، إذ كان استعمال ذلك بلفظ واحد ومعنى واحد موجودا في الجنسين.
وإذ كان ذلك موجودا على ما وصفنا في الجنسين، فليس أحد الجنسين أولى بأن يكون أصل ذلك كان من عنده من الجنس الآخر. والمدعي أن مخرج أصل ذلك إنما كان من أحد الجنسين إلى الآخر، مدع أمرا لا يوصل إلى حقيقة صحته إلا بخبر يوجب العلم، ويزيل الشك، ويقطع العذر مجيئه.
ويقال لمن أبى ما قلنا -ممن زعم أن الأحرف التي قدمنا ذكرها في أول الباب وما أشبهها، إنما هي كلام أجناس من الأمم سوى العرب، وقعت إلى العرب فعربته-: ما برهانك على صحة ما قلت في ذلك، من الوجه الذي يجب التسليم له، فقد علمت من خالفك في ذلك، فقال فيه خلاف قولك؟ وما الفرق بينك وبين من عارضك في ذلك فقال: هذه الأحرف، وما أشبهها من الأحرف غيرها، أصلها عربي، غير أنها وقعت إلى سائر أجناس الأمم غيرها فنطقت كل أمة منها ببعض ذلك بألسنتها- من الوجه الذي يجب التسليم له؟ فلن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله.
- رأي ابن جرير في حل هذه الإشكالية والرد على من أنكرها:
قال ابن جرير:
(الصواب في ذلك عندنا: أن يسمى: عربيا أعجميا، أو حبشيا عربيا، إذ كانت الأمتان له مستعملتين -في بيانها ومنطقها- استعمال سائر منطقها وبيانها. فليس غير ذلك من كلام كل أمة منهما، بأولى أن يكون إليها منسوبا- منه.
فكذلك سبيل كل كلمة واسم اتفقت ألفاظ أجناس أمم فيها وفي معناها، ووجد ذلك مستعملا في كل جنس منها استعمال سائر منطقهم، فسبيل إضافته إلى كل جنس منها، سبيل ما وصفنا -من الدرهم والدينار والدواة والقلم، التي اتفقت ألسن الفرس والعرب فيها بالألفاظ الواحدة والمعنى الواحد، في أنه مستحق إضافته إلى كل جنس من تلك الأجناس- باجتماع وافتراق.
وذلك هو معنى قول من روينا عنه القول في الأحرف التي مضت في صدر هذا الباب، من نسبة بعضهم بعض ذلك إلى لسان الحبشة، ونسبة بعضهم بعض ذلك إلى لسان الفرس، ونسبة بعضهم بعض ذلك إلى لسان الروم. لأن من نسب شيئا من ذلك إلى ما نسبه إليه، لم ينف -بنسبته إياه إلى ما نسبه إليه- أن يكون عربيا، ولا من قال منهم: هو عربي، نفى ذلك أن يكون مستحقا النسبة إلى من هو من كلامه من سائر أجناس الأمم غيرها. وإنما يكون الإثبات دليلا على النفي، فيما لا يجوز اجتماعه من المعاني، كقول القائل: فلان قائم، فيكون بذلك من قوله دالا على أنه غير قاعد، ونحو ذلك مما يمتنع اجتماعه لتنافيهما. فأما ما جاز اجتماعه فهو خارج من هذا المعنى. وذلك كقول القائل فلان قائم مكلم فلانا، فليس في تثبيت القيام له ما دل على نفي كلام آخر، لجواز اجتماع ذلك في حال واحد من شخص واحد. فقائل ذلك صادق إذا كان صاحبه على ما وصفه به.
فكذلك ما قلنا -في الأحرف التي ذكرنا وما أشبهها- غير مستحيل أن يكون عربيا بعضها أعجميا، وحبشيا بعضها عربيا، إذ كان موجودا استعمال ذلك في كلتا الأمتين. فناسب ما نسب من ذلك إلى إحدى الأمتين أو كلتيهما محق غير مبطل.)
(وهذا المعنى الذي قلناه في ذلك، هو معنى قول من قال: في القرآن من كل لسان- عندنا بمعنى، والله أعلم: أن فيه من كل لسان اتفق فيه لفظ العرب ولفظ غيرها من الأمم التي تنطق به، نظير ما وصفنا من القول فيما مضى.
وذلك أنه غير جائز أن يتوهم على ذي فطرة صحيحة، مقر بكتاب الله، ممن قد قرأ القرآن وعرف حدود الله -أن يعتقد أن بعض القرآن فارسي لا عربي، وبعضه نبطي لا عربي، وبعضه رومي لا عربي، وبعضه حبشي لا عربي ، بعد ما أخبر الله تعالى ذكره عنه أنه جعله قرآنا عربيا. لأن ذلك إن كان كذلك، فليس قول القائل: القرآن حبشي أو فارسي، ولا نسبة من نسبه إلى بعض ألسن الأمم التي بعضه بلسانها دون العرب- بأولى بالتطويل من قول القائل: هو عربي. ولا قول القائل: هو عربي بأولى بالصحة والصواب من قول ناسبه إلى بعض الأجناس التي ذكرنا. إذ كان الذي بلسان غير العرب من سائر ألسن أجناس الأمم فيه، نظير الذي فيه من لسان العرب.)

رابعاً - القول في اللغة التي نزل بها القرآن من لغات العرب
قال أبو جعفر: قد دللنا، على صحة القول بما فيه الكفاية لمن وفق لفهمه، على أن الله جل ثناؤه أنزل جميع القرآن بلسان العرب دون غيرها من ألسن سائر أجناس الأمم، وعلى فساد قول من زعم أن منه ما ليس بلسان العرب ولغاتها.
- اختلاف الصحابة في قراءة القرآن:
أورد ابن جرير أحاديث عديدة تبين اختلاف الصحابة رضوان الله عليهم في قراءة القرآن، منها : (عن زيد بن أرقم، قال: كنا معه في المسجد فحدثنا ساعة ثم قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أقرأني عبد الله بن مسعود سورة، أقرأنيها زيد وأقرأنيها أبي بن كعب، فاختلفت قراءتهم، فقراءة أيهم آخذ؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وعلي إلى جنبه، فقال علي: ليقرأ كل إنسان كما علم، كل حسن جميل.)
- نزول القرآن على سبعة أحرف:
أورد ابن جرير الأحاديث الدالة على نزول القرآن بأحرف سبعة منها: (حدثنا عبيد الله بن محمد الفريابي، قال: حدثنا عبد الله بن ميمون، قال: حدثنا عبيد الله -يعني ابن عمر- عن نافع، عن ابن عمر، قال: سمع عمر بن الخطاب رجلا يقرأ القرآن، فسمع آية على غير ما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، فأتى به عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن هذا قرأ آية كذا وكذا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف، كلها شاف كاف)).)

- معنى نزول القرآن على سبعة أحرف:
قال أبو جعفر صح وثبت أن الذي نزل به القرآن من ألسن العرب البعض منها دون الجميع، إذ كان معلوما أن ألسنتها ولغاتها أكثر من سبعة، بما يعجز عن إحصائه.
فإن قال: وما برهانك على أن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((نزل القرآن على سبعة أحرف))، وقوله: ((أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف))، هو ما ادعيته - من أنه نزل بسبع لغات، وأمر بقراءته على سبعة ألسن- دون أن يكون معناه ما قاله مخالفوك، من أنه نزل بأمر وزجر وترغيب وترهيب وقصص ومثل ونحو ذلك من الأقوال؟ فقد علمت قائل ذلك من سلف الأمة وخيار الأئمة.
قيل له: إن الذين قالوا ذلك لم يدعوا أن تأويل الأخبار التي تقدم ذكرناها، هو ما زعمت أنهم قالوه في الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن دون غيره، فيكون ذلك لقولنا مخالفا، وإنما أخبروا أن القرآن نزل على سبعة أحرف، يعنون بذلك أنه نزل على سبعة أوجه. والذي قالوه من ذلك كما قالوا.
وقد روينا - بمثل الذي قالوا من ذلك - عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن جماعة من أصحابه، أخبارا قد تقدم ذكرنا بعضها، وسنستقصي ذكر باقيها ببيانه، إذا انتهينا إليه، إن شاء الله.
- استدلال ابن جرير على صحة قوله:
استدل ابن جرير على رأيه بقوله :(والدلالة على صحة ما قلناه - من أن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((نزل القرآن على سبعة أحرف))، إنما هو أنه نزل بسبع لغات، كما تقدم ذكرنا من الروايات الثابتة عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وسائر من قد قدمنا الرواية عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في أول هذا الباب- أنهم تماروا في القرآن، فخالف بعضهم بعضا في نفس التلاوة، دون ما في ذلك من المعاني، وأنهم احتكموا فيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستقرأ كل رجل منهم، ثم صوب جميعهم في قراءتهم على اختلافها، حتى ارتاب بعضهم لتصويبه إياهم، فقال صلى الله عليه وسلم للذي ارتاب منهم عند تصويبه جميعهم: ((إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف)).
- الدليل على أن السبعة أحرف هي سبعة ألسن من لغات العرب وليست سبع معان:
أبطل ابن جرير قول من قال من العلماء أن السبعة أحرف هي سبع معان تحليل وتحريم، ووعد ووعيد، وزجر ونهي، إلى آخره ،ثم دلل على بطلان هذا القول ومن ثم إثبات قوله بما يلي:
ومعلوم أن تماريهم فيما تماروا فيه من ذلك، لو كان تماريا واختلافا فيما دلت عليه تلاواتهم من التحليل والتحريم والوعد والوعيد وما أشبه ذلك، لكان مستحيلا أن يصوب جميعهم صلى الله عليه وسلم، ويأمر كل قارئ منهم أن يلزم قراءته في ذلك على النحو الذي هو عليه. لأن ذلك لو جاز أن يكون صحيحا، وجب أن يكون الله جل ثناؤه قد أمر بفعل شيء بعينه وفرضه، في تلاوة من دلت تلاوته على فرضه - ونهى عن فعل ذلك الشيء بعينه وزجر عنه، في تلاوة الذي دلت تلاوته على النهي والزجر عنه، وأباح وأطلق فعل ذلك الشيء بعينه، وجعل لمن شاء من عباده أن يفعله فعله، ولمن شاء منهم أن يتركه تركه في تلاوة من دلت تلاوته على التخيير!
وذلك من قائله إن قاله، إثبات ما قد نفى الله جل ثناؤه عن تنزيله وحكم كتابه فقال تعالى ذكره: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} [النساء: 82].
وفي نفي الله جل ثناؤه ذلك عن حكم كتابه، أوضح الدليل على أنه لم ينزل كتابه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم إلا بحكم واحد متفق في جميع خلقه، لا بأحكام فيهم مختلفة.
وفي صحة كون ذلك كذلك، ما يبطل دعوى من ادعى خلاف قولنا في تأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)) للذين تخاصموا إليه عند اختلافهم في قراءتهم. لأنه صلى الله عليه وسلم قد أمر جميعهم بالثبوت على قراءته، ورضي قراءة كل قارئ منهم - على خلافها قراءة خصومه ومنازعيه فيها- وصوبها. ولو كان ذلك منه تصويبا فيما اختلفت فيه المعاني، وكان قوله صلى الله عليه وسلم: ((أنزل علي القرآن على سبعة أحرف)) إعلاما منه لهم أنه نزل بسبعة أوجه مختلفة، وسبعة معان مفترقة - كان ذلك إثباتا لما قد نفى الله عن كتابه من الاختلاف، ونفيا لما قد أوجب له من الائتلاف. مع أن في قيام الحجة بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقض في شيء واحد في وقت واحد بحكمين مختلفين، ولا أذن بذلك لأمته - ما يغني عن الإكثار في الدلالة على أن ذلك منفي عن كتاب الله.
وفي انتفاء ذلك عن كتاب الله، وجوب صحة القول الذي قلناه، في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف))، عند اختصام المختصمين إليه فيما اختلفوا فيه من تلاوة ما تلوه من القرآن، وفساد تأويل قول من خالف قولنا في ذلك.
وأخرى أن الذين تماروا فيما تماروا فيه من قراءتهم فاحتكموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لم يكن منكرا عند أحد منهم أن يأمر الله عباده جل ثناؤه في كتابه وتنزيله بما شاء، وينهى عما شاء، ويعد فيما أحب من طاعاته، ويوعد على معاصيه، ويحتم لنبيه ويعظه فيه ويضرب فيه لعباده الأمثال- فيخاصم غيره على إنكاره سماع ذلك من قارئه. بل على الإقرار بذلك كله كان إسلام من أسلم منهم. فما الوجه الذي أوجب له إنكار ما أنكر، إن لم يكن كان ذلك اختلافا منهم في الألفاظ واللغات؟
- إبطال قول من قال بأن الأحرف السبعة متفرقة في القرآن وموجودة الآن في المصاحف التي بين أيدينا:
فإن كانت الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، عندك -كما قال هذا القائل- متفرقة في القرآن، مثبتة اليوم في مصاحف أهل الإسلام، فقد بطلت معاني الأخبار التي رويتها عمن رويت عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنهم اختلفوا في قراءة سورة من القرآن، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر كلا أن يقرأ كما علم. لأن الأحرف السبعة إذا كانت لغات متفرقة في جميع القرآن، فغير موجب حرف من ذلك اختلافا بين تاليه لأن كل تال فإنما يتلو ذلك الحرف تلاوة واحدة على ما هو به في المصحف، وعلى ما أنزل.
وإذ كان ذلك كذلك، بطل وجه اختلاف الذين روى عنهم أنهم اختلفوا في قراءة سورة، وفسد معنى أمر النبي صلى الله عليه وسلم كل قارئ منهم أن يقرأه على ما علم. إذ كان لا معنى هنالك يوجب اختلافا في لفظ، ولا افتراقا في معنى. وكيف يجوز أن يكون هنالك اختلاف بين القوم، والمعلم واحد، والعلم واحد غير ذي أوجه؟ وفي صحة الخبر عن الذين روى عنهم الاختلاف في حروف القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم - بأنهم اختلفوا وتحاكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، على ما تقدم وصفناه- أبين الدلالة على فساد القول بأن الأحرف السبعة إنما هي أحرف سبعة متفرقة في سور القرآن، لا أنها لغات مختلفة في كلمة واحدة باتفاق المعاني.
- ماهية الأحرف السبعة التي أنزل بها القرآن:
اختار ابن جرير هذا الرأي: (الأحرف السبعة التي أنزل الله بها القرآن، هن لغات سبع، في حرف واحد، وكلمة واحدة، باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني، كقول القائل: هلم، وتعال، وأقبل، وإلي، وقصدي، ونحوي، وقربي، ونحو ذلك، مما تختلف فيه الألفاظ بضروب من المنطق وتتفق فيه المعاني، وإن اختلفت بالبيان به الألسن، كالذي روينا آنفا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمن روينا ذلك عنه من الصحابة، أن ذلك بمنزلة قوله: "هلم وتعال وأقبل"، وقوله: {ما ينظرون إلا صيحة}، و (إلا زقية).
- اجتماع الأمة على حرف واحد من الأحرف السبعة وعلة ذلك:
قال ابن جرير: فإن قال: فما بال الأحرف الأخر الستة غير موجودة، إن كان الأمر في ذلك على ما وصفت، وقد أقرأهن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، وأمر بالقراءة بهن، وأنزلهن الله من عنده على نبيه صلى الله عليه وسلم؟ أنسخت فرفعت، فما الدلالة على نسخها ورفعها؟ أم نسيتهن الأمة، فذلك تضييع ما قد أمروا بحفظه؟ أم ما القصة في ذلك؟
قيل له: لم تنسخ فترفع، ولا ضيعتها الأمة وهي مأمورة بحفظها. ولكن الأمة أمرت بحفظ القرآن، وخيرت في قراءته وحفظه بأي تلك الأحرف السبعة شاءت. كما أمرت، إذا هي حنثت في يمين وهي موسرة، أن تكفر بأي الكفارات الثلاث شاءت: إما بعتق، أو إطعام، أو كسوة. فلو أجمع جميعها على التكفير فيها بواحدة من الكفارات الثلاث، دون حظرها التكفير بأي الثلاث شاء المكفر، كانت مصيبة حكم الله، مؤدية في ذلك الواجب عليها من حق الله. فكذلك الأمة، أمرت بحفظ القرآن وقراءته، وخيرت في قراءته بأي الأحرف السبعة شاءت: فرأت - لعلة من العلل أوجبت عليها الثبات على حرف واحد- قراءته بحرف واحد، ورفض القراءة بالأحرف الستة الباقية، ولم تحظر قراءته بجميع حروفه على قارئه، بما أذن له في قراءته به.
فإن قال: وما العلة التي أوجبت عليها الثبات على حرف واحد دون سائر الأحرف الستة الباقية؟
-
قيل: حدثنا أحمد بن عبدة الضبي، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عمارة بن غزية، عن ابن شهاب، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه زيد، قال: لما قتل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمامة، دخل عمر بن الخطاب على أبي بكر رحمه الله فقال: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمامة تهافتوا تهافت الفراش في النار، وإني أخشى أن لا يشهدوا موطنا إلا فعلوا ذلك حتى يقتلوا - وهم حملة القرآن- فيضيع القرآن وينسى. فلو جمعته وكتبته! فنفر منها أبو بكر وقال: أفعل ما لم يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم! فتراجعا في ذلك. ثم أرسل أبو بكر إلى زيد بن ثابت، قال زيد: فدخلت عليه وعمر محزئل فقال أبو بكر: إن هذا قد دعاني إلى أمر فأبيت عليه، وأنت كاتب الوحي. فإن تكن معه اتبعتكما، وإن توافقني لا أفعل. قال: فاقتص أبو بكر قول عمر، وعمر ساكت، فنفرت من ذلك وقلت: نفعل ما لم يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم! إلى أن قال عمر كلمة: "وما عليكما لو فعلتما ذلك؟" قال: فذهبنا ننظر، فقلنا: لا شيء والله! ما علينا في ذلك شيء! قال زيد: فأمرني أبو بكر فكتبته في قطع الأدم وكسر الأكتاف والعسب.
فلما هلك أبو بكر وكان عمر كتب ذلك في صحيفة واحدة، فكانت عنده. فلما هلك، كانت الصحيفة عند حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم. ثم إن حذيفة بن اليمان قدم من غزوة كان غزاها في فرج إرمينية فلم يدخل بيته حتى أتى عثمان بن عفان فقال: "يا أمير المؤمنين: أدرك الناس! فقال عثمان: "وما ذاك؟" قال غزوت فرج إرمينية، فحضرها أهل العراق وأهل الشام، فإذا أهل الشام يقرءون بقراءة أبي بن كعب، فيأتون بما لم يسمع أهل العراق، فيكفرهم أهل العراق. وإذا أهل العراق يقرءون بقراءة ابن مسعود، فيأتون بما لم يسمع أهل الشام، فيكفرهم أهل الشام. قال زيد: فأمرني عثمان بن عفان أكتب له مصحفا، وقال: إني مدخل معك رجلا لبيبا فصيحا، فما اجتمعتما عليه فاكتباه، وما اختلفتما فيه فارفعاه إلي. فجعل أبان بن سعيد بن العاص، قال: فلما بلغا: {إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت} [البقرة: 248] قال: زيد فقلت: "التابوه" وقال أبان بن سعيد: "التابوت"، فرفعنا ذلك إلى عثمان فكتب: "التابوت" قال: فلما فرغت عرضته معه عرضة، فلم أجد فيه هذه الآية: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} إلى قوله: {وما بدلوا تبديلا} [الأحزاب: 23] قال: فاستعرضت المهاجرين أسألهم عنها، فلم أجدها عند أحد منهم، ثم استعرضت الأنصار أسألهم عنها، فلم أجدها عند أحد منهم، حتى وجدتها عند خزيمة بن ثابت، فكتبتها، ثم عرضته عرضة أخرى، فلم أجد فيه هاتين الآيتين: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم} إلى آخر السورة [التوبة: 128، 129] فاستعرضت المهاجرين، فلم أجدها عند أحد منهم، ثم استعرضت الأنصار أسألهم عنها فلم أجدها عند أحد منهم، حتى وجدتها مع رجل آخر يدعى خزيمة أيضا، فأثبتها في آخر "براءة"، ولو تمت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة. ثم عرضته عرضة أخرى، فلم أجد فيه شيئا، ثم أرسل عثمان إلى حفصة يسألها أن تعطيه الصحيفة، وحلف لها ليردنها إليها فأعطته إياها، فعرض المصحف عليها، فلم يختلفا في شيء. فردها إليها، وطابت نفسه، وأمر الناس أن يكتبوا مصاحف. فلما ماتت حفصة أرسل إلى عبد الله بن عمر في الصحيفة بعزمة، فأعطاهم إياها فغسلت غسلا.
- ثم أجاب ابن جرير عن الإشكال الآتي ببراعة:
فإن قال بعض من ضعفت معرفته: وكيف جاز لهم ترك قراءة أقرأهموها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرهم بقراءتها؟
قيل: إن أمره إياهم بذلك لم يكن أمر إيجاب وفرض، وإنما كان أمر إباحة ورخصة. لأن القراءة بها لو كانت فرضا عليهم، لوجب أن يكون العلم بكل حرف من تلك الأحرف السبعة، عند من يقوم بنقله الحجة، ويقطع خبره العذر، ويزيل الشك من قرأة الأمة. وفي تركهم نقل ذلك كذلك أوضح الدليل على أنهم كانوا في القراءة بها مخيرين، بعد أن يكون في نقلة القرآن من الأمة من تجب بنقله الحجة ببعض تلك الأحرف السبعة.
وإذ كان ذلك كذلك، لم يكن القوم بتركهم نقل جميع القراءات السبع، تاركين ما كان عليهم نقله، بل كان الواجب عليهم من الفعل ما فعلوا. إذ كان الذي فعلوا من ذلك، كان هو النظر للإسلام وأهله. فكان القيام بفعل الواجب عليهم، بهم أولى من فعل ما لو فعلوه، كانوا إلى الجناية على الإسلام وأهله أقرب منهم إلى السلامة، من ذلك.
- أي من ألسن العرب التي أنزل بها القرآن؟
أجاب ابن جرير عن هذا التساؤل بقوله: (فإن قال لنا قائل: فهل لك من علم بالألسن السبعة التي نزل بها القرآن؟ وأي الألسن هي من ألسن العرب؟
قلنا: أما الألسن الستة التي قد نزلت القراءة بها، فلا حاجة بنا إلى معرفتها، لأنا لو عرفناها لم نقرأ اليوم بها مع الأسباب التي قدمنا ذكرها. وقد قيل إن خمسة منها لعجز هوازن، واثنين منها لقريش وخزاعة. روي جميع ذلك عن ابن عباس، وليست الرواية به عنه من رواية من يجوز الاحتجاج بنقله. وذلك أن الذي روى عنه: "أن خمسة منها من لسان العجز من هوازن"، الكلبي عن أبي صالح، وأن الذي روى عنه: "أن اللسانين الآخرين لسان قريش وخزاعة"، قتادة، وقتادة لم يلقه ولم يسمع منه.
-
حدثني بذلك بعض أصحابنا، قال: حدثنا صالح بن نصر الخزاعي، قال: حدثنا الهيثم بن عدي، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن ابن عباس، قال: نزل القرآن بلسان قريش ولسان خزاعة، وذلك أن الدار واحدة.
-
وحدثني بعض أصحابنا، قال: حدثنا صالح بن نصر، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي الأسود الدئلي، قال: نزل القرآن بلسان الكعبين: كعب بن عمرو وكعب بن لؤي. فقال خالد بن سلمة لسعد بن إبراهيم: ألا تعجب من هذا الأعمى! يزعم أن القرآن نزل بلسان الكعبين؛ وإنما نزل بلسان قريش!
قال أبو جعفر: والعجز من هوازن: سعد بن بكر، وجشم بن بكر، ونصر بن معاوية، وثقيف.)

خامساً - القول في البيان عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن من سبعة أبواب الجنة))، وذكر الأخبار المروية بذلك
- اختلاف النقول عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك:
أورد ابن جرير نقولاً مختلفة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (أُنزل القرآن من سبعة أبواب الجنة) على النحو التالي:
· عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد وعلى حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب وعلى سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام، ومحكم ومتشابه، وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا)).
· عن أبي قلابة، قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف، أمر وزجر وترغيب وترهيب وجدل وقصص ومثل)).
· عن أبي بن كعب، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: رب خفف عن أمتي. قال: اقرأه على حرفين. فقلت: رب خفف عن أمتي. فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب من الجنة، كلها شاف كاف)).
- بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم: )أنزل القرآن من سبعة أبواب الجنة)
أوضح ابن جرير المقصود من قوله صلى الله عليه وسلم "من سبعة أبواب الجنة" بقوله:
كل هذه الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، متقاربة المعاني، لأن قول القائل: فلان مقيم على باب من أبواب هذا الأمر، وفلان مقيم على وجه من وجوه هذا الأمر، وفلان مقيم على حرف من هذا الأمر - سواء. ألا ترى أن الله تعالى ذكره وصف قوما عبدوه على وجه من وجوه العبادات، فأخبر عنهم أنهم عبدوه على حرف فقال: {ومن الناس من يعبد الله على حرف} [الحج: 11]، يعني أنهم عبدوه على وجه الشك، لا على اليقين به والتسليم لأمره.
فكذلك رواية من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((نزل القرآن من سبعة أبواب)) و((نزل على سبعة أحرف)) سواء، معناهما مؤتلف، وتأويلهما غير مختلف في هذا الوجه.
ومعنى ذلك كله، الخبر منه صلى الله عليه وسلم عما خصه الله به وأمته، من الفضيلة والكرامة التي لم يؤتها أحدا في تنزيله.
وذلك أن كل كتاب تقدم كتابنا نزوله على نبي من أنبياء الله صلى الله عليهم، فإنما نزل بلسان واحد، متى حول إلى غير اللسان الذي نزل به، كان ذلك له ترجمة وتفسيرا لا تلاوة له على ما أنزله الله وأنزل كتابنا بألسن سبعة، بأي تلك الألسن السبعة تلاه التالي، كان له تاليا على ما أنزله الله لا مترجما ولا مفسرا، حتى يحوله عن تلك الألسن السبعة إلى غيرها، فيصير فاعل ذلك حينئذ -إذا أصاب معناه- له مترجما. كما كان التالي بعض الكتب التي أنزلها الله بلسان واحد -إذا تلاه بغير اللسان الذي نزل به- له مترجما، لا تاليا على ما أنزله الله به.
فذلك معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((كان الكتاب الأول، نزل على حرف واحد، ونزل القرآن على سبعة أحرف)).
وأما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الكتاب الأول نزل من باب واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب))، فإنه صلى الله عليه وسلم عنى بقوله: ((نزل الكتاب الأول من باب واحد))، والله أعلم، ما نزل من كتب الله على من أنزله من أنبيائه، خاليا من الحدود والأحكام والحلال والحرام، كزبور داود، الذي إنما هو تذكير ومواعظ، وإنجيل عيسى، الذي هو تمجيد ومحامد وحض على الصفح والإعراض -دون غيرها من الأحكام والشرائع- وما أشبه ذلك من الكتب التي نزلت ببعض المعاني السبعة التي يحوي جميعها كتابنا، الذي خص الله به نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته. فلم يكن المتعبدون بإقامته يجدون لرضى الله تعالى ذكره مطلبا ينالون به الجنة، ويستوجبون به منه القربة، إلا من الوجه الواحد الذي أنزل به كتابهم، وذلك هو الباب الواحد من أبواب الجنة الذي نزل منه ذلك الكتاب.
وخص الله جل وعز نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته، بأن أنزل عليهم كتابه على أوجه سبعة من الوجوه التي ينالون بها رضوان الله، ويدركون بها الفوز بالجنة، إذا أقاموها فكل وجه من أوجهه السبعة باب من أبواب الجنة الذي نزل منه القرآن. لأن العامل بكل وجه من أوجهه السبعة، عامل على باب من أبواب الجنة، وطالب من قبله الفوز بها. فالعمل بما أمر الله جل ذكره في كتابه، باب من أبواب الجنة، وترك ما نهى الله عنه فيه؛ باب آخر ثان من أبوابها؛ وتحليل ما حلل الله فيه، باب ثالث من أبوابها؛ وتحريم ما حرم الله فيه، باب رابع من أبوابها؛ والإيمان بمحكمه المبين، باب خامس من أبوابها؛ والتسليم لمتشابهه الذي استأثر الله بعلمه وحجب علمه عن خلقه والإقرار بأن كل ذلك من عند ربه، باب سادس من أبوابها؛ والاعتبار بأمثاله والاتعاظ بعظاته، باب سابع من أبوابها.
فجميع ما في القرآن -من حروفه السبعة، وأبوابه السبعة التي نزل منها- جعله الله لعباده إلى رضوانه هاديا، ولهم إلى الجنة قائدا. فذلك معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((نزل القرآن من سبعة أبواب من الجنة)).

سادساً - القول في الوجوه التي من قِبَلها يوصل إلى معرفة تأويل القرآن
- أنواع البيان المُنَزَّل على نبينا صلى الله عليه وسلم:
قسم ابن جرير البيان إلى ثلاثة أقسام:
1- ما لا يعلم تأويله إلا الله الواحد القهار:
وذلك ما فيه من الخبر عن آجال حادثة، وأوقات آتية، كوقت قيام الساعة، والنفخ في الصور، ونزول عيسى بن مريم، وما أشبه ذلك: فإن تلك أوقات لا يعلم أحد حدودها، ولا يعرف أحد من تأويلها إلا بالخبر عن أشراطها، لاستئثار الله بعلم ذلك على خلقه.
2- ما لا يوصل إلى علم تأويله إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم:
وذلك تأويل جميع ما فيه: من وجوه أمره -واجبه وندبه وإرشاده-، وصنوف نهيه، ووظائف حقوقه وحدوده، ومبالغ فرائضه، ومقادير اللازم بعض خلقه لبعض، وما أشبه ذلك من أحكام آيه، التي لم يدرك علمها إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته. وهذا وجه له لا يجوز لأحد القول فيه، إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم له تأويله بنص منه عليه، أو بدلالة قد نصبها، دالة أمته على تأويله.
3- ما يعلم تأويله كل ذي علم باللسان الذي نزل به القرآن:
وذلك: إقامة إعرابه، ومعرفة المسميات بأسمائها اللازمة غير المشترك فيها، والموصوفات بصفاتها الخاصة دون ما سواها، فإن ذلك لا يجهله أحد منهم. وذلك كسامع منهم لو سمع تاليا يتلو: {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون * ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون} [البقرة: 11، 12]، لم يجهل أن معنى الإفساد هو ما ينبغي تركه مما هو مضرة، وأن الإصلاح هو ما ينبغي فعله مما فعله منفعة، وإن جهل المعاني التي جعلها الله إفسادا، والمعاني التي جعلها الله إصلاحا.
ثم روى ابن جرير عن ابن عباس أربعة أقسام قائلاً:
وبمثل ما قلنا من ذلك روي الخبر عن ابن عباس:
-
حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا مؤمل، قال: حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، قال: قال ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله.
قال أبو جعفر: وهذا الوجه الرابع الذي ذكره ابن عباس: من أن أحدا لا يعذر بجهالته، معنى غير الإبانة عن وجوه مطالب تأويله. وإنما هو خبر عن أن من تأويله ما لا يجوز لأحد الجهل به.
ورواية أخرى عن ابن عباس أيضاً:
عن عبد الله بن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أنزل القرآن على أربعة أحرف: حلال وحرام لا يعذر أحد بالجهالة به، وتفسير تفسره العرب، وتفسير تفسره العلماء، ومتشابه لا يعلمه إلا الله، ومن ادعى علمه سوى الله فهو كاذب)).

سابعاً - ذكر بعض الأخبار التي رويت بالنهي عن القول في تأويل القرآن بالرأي
- ذكر ابن جرير بعض الآثار المروية في هذا الشأن أهمها:
· عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار)).
· عن ابن عباس قال: من تكلم في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار.
· عن أبي معمر، قال: قال أبو بكر الصديق: أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني، إذا قلت في القرآن ما لا أعلم!
_ قال أبو جعفر: وهذه الأخبار شاهدة لنا على صحة ما قلنا: من أن ما كان من تأويل القرآن الذي لا يدرك علمه إلا بنص بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بنصبه الدلالة عليه - فغير جائز لأحد القيل فيه برأيه. بل القائل في ذلك برأيه - وإن أصاب عين الحق فيه - فمخطئ في فعله، بقيله فيه برأيه، ولأن إصابته ليست إصابة موقن أنه محق، وإنما هو إصابة خارص وظان. والقائل في دين الله بالظن، قائل على الله ما لم يعلم. وقد حرم الله جل ثناؤه ذلك في كتابه على عباده، فقال: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} [الأعراف: 33].
- القول بالرأي في القرآن لا يجوز:
قال ابن جرير:
فالقائل في تأويل كتاب الله، الذي لا يدرك علمه إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي جعل الله إليه بيانه -قائل ما لا يعلم وإن وافق قيله ذلك في تأويله، ما أراد الله به من معناه. لأن القائل فيه بغير علم، قائل على الله ما لا علم له به. وهذا هو معنى الخبر الذي حدثنا به العباس بن عبد العظيم العبري، قال: حدثنا حبان بن هلال، قال: حدثنا سهيل أخو حزم، قال: حدثنا أبو عمران الجوني عن جندب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه فأصاب، فقد أخطأ)).
- بيان علة ذلك:
قال أبو جعفر: يعني صلى الله عليه وسلم أنه أخطأ في فعله، بقيله فيه برأيه، وإن وافق قيله ذلك عين الصواب عند الله. لأن قيله فيه برأيه، ليس بقيل عالم أن الذي قال فيه من قول حق وصواب. فهو قائل على الله ما لا يعلم، آثم بفعله ما قد نهي عنه وحظر عليه.

ثامناً - ذكر بعض الأخبار التي رويت في الحض على العلم بتفسير القرآن،ومن كان يفسره من الصحابة
- نماذج من عناية الصحابة بتفسير القرآن وفهم معانيه:
ذكر ابن جرير عدة نماذج توضح شدة عناية السلف بفهم القرآن والعمل بما فيه..
· عن ابن مسعود، قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن.
· عن أبي عبد الرحمن، قال: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا: أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا.
· حدثنا الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، قال: قال عبد الله: والذي لا إله غيره، ما نزلت آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم فيم نزلت؟ وأين نزلت؟ ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله منى تناله المطايا لأتيته.
· عن مسروق، قال: كان عبد الله يقرأ علينا السورة، ثم يحدثنا فيها ويفسرها عامة النهار.
- أهمية علم التفسير في الدعوة:
ذكر ابن جرير فضائل لعلم التفسير أهمها دوره في الدعوة..
· عن الأعمش، عن شقيق، قال: استعمل علي ابن عباس على الحج، قال: فخطب الناس خطبة لو سمعها الترك والروم لأسلموا، ثم قرأ عليهم سورة النور، فجعل يفسرها.
· عن الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، قال: قرأ ابن عباس سورة البقرة، فجعل يفسرها، فقال رجل: لو سمعت هذا الديلم لأسلمت.
- حث الله عز وجل عباده على التدبر في آي القرآن والاعتبار بما فيه:
قال أبو جعفر: وفي حث الله عز وجل عباده على الاعتبار بما في آي القرآن من المواعظ والبينات - بقوله جل ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب} [ص: 29] وقوله: {ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون * قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون} [الزمر: 27، 28] وما أشبه ذلك من آي القرآن، التي أمر الله عباده وحثهم فيها على الاعتبار بأمثال آي القرآن، والاتعاظ بمواعظه- ما يدل على أن عليهم معرفة تأويل ما لم يحجب عنهم تأويله من آيه.
- ضرورة فهم كلام الله تعالى المُنزَّل:
· عن سعيد بن جبير، قال: من قرأ القرآن ثم لم يفسره، كان كالأعجمي أو كالأعرابي.
ثم ختم ابن جرير هذا الباب بضرورة فهم كلام العرب حتى يتسنى للعبد أن يفهم كلام الله عز وجل ويتدبر معانيه.

تاسعاً - ذكر الأخبار التي غلط في تأويلها منكرو القول في تأويل القرآن
- تعظيم القول في تفسير القرآن:
ذكر ابن جرير عدة آثار تدل على تعظيم القول في التفسير وتعظيم السلف القول في القرآن ..
· عن عائشة، قالت: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا بعدد، علمهن إياه جبريل.
· عن عبيد الله بن عمر، قال: لقد أدركت فقهاء المدينة، وإنهم ليعظمون القول في التفسير منهم: سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، ونافع.
· عن يحيى بن سعيد، قال: سمعت رجلا يسأل سعيد بن المسيب عن آية من القرآن، فقال: لا أقول في القرآن شيئا.
· عن ابن سيرين، قال: سألت عبيدة السلماني عن آية، قال: عليك بالسداد، فقد ذهب الذين علموا فيم أنزل القرآن.
· عن ابن أبي مليكة: أن ابن عباس سئل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها، فأبى أن يقول فيها.
· عن الوليد بن مسلم، قال: جاء طلق بن حبيب إلى جندب بن عبد الله، فسأله عن آية من القرآن، فقال له: أحرج عليك إن كنت مسلما، لما قمت عنى - أو قال: أن تجالسني.
· قال الشعبي: والله ما من آية إلا قد سألت عنها، ولكنها الرواية عن الله تعالى.
ثم فسر ابن جرير هذه الآثار المروية عن السلف في إحجامهم عن القول في التفسير إلا بحذر وعلم على النحو التالي:
(أما الخبر الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن يفسر من القرآن شيئا إلا آيا بعدد، فإن ذلك مصحح ما قلنا من القول في الباب الماضي قبل، وهو: أن من تأويل القرآن ما لا يدرك علمه إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم. وذلك تفصيل جمل ما في آيه من أمر الله ونهيه وحلاله وحرامه، وحدوده وفرائضه، وسائر معاني شرائع دينه، الذي هو مجمل في ظاهر التنزيل، وبالعباد إلى تفسيره الحاجة - لا يدرك علم تأويله إلا ببيان من عند الله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أشبه ذلك مما تحويه آي القرآن، من سائر حكمه الذي جعل الله بيانه لخلقه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم.)
(ومن آي القرآن ما قد ذكرنا أن الله جل ثناؤه استأثر بعلم تأويله، فلم يطلع على علمه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ولكنهم يؤمنون بأنه من عنده، وأنه لا يعلم تأويله إلا الله.
فأما ما لا بد للعباد من علم تأويله، فقد بين لهم نبيهم صلى الله عليه وسلم ببيان الله ذلك له بوحيه مع جبريل. وذلك هو المعنى الذي أمره الله ببيانه لهم فقال له جل ذكره: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} [النحل: 44].
ولو كان تأويل الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم -أنه كان لا يفسر من القرآن شيئا إلا آيا بعدد- هو ما يسبق إليه أوهام أهل الغباء، من أنه لم يكن يفسر من القرآن إلا القليل من آيه واليسير من حروفه، كان إنما أنزل إليه صلى الله عليه وسلم الذكر ليترك للناس بيان ما أنزل إليهم، لا ليبين لهم ما نزل إليهم.
وفي أمر الله جل ثناؤه نبيه صلى الله عليه وسلم ببلاغ ما أنزل إليه، وإعلامه إياه أنه إنما نزل إليه ما أنزل ليبين للناس ما نزل إليهم، وقيام الحجة على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ وأدى ما أمره الله ببلاغه وأدائه على ما أمره به، وصحة الخبر عن عبد الله بن مسعود بقيله: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعلم معانيهن والعمل بهن - ما ينبئ عن جهل من ظن أو توهم أن معنى الخبر الذي ذكرنا عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه لم يكن يفسر من القرآن شيئا إلا آيا بعدد، هو أنه لم يكن يبين لأمته من تأويله إلا اليسير القليل منه.)
(وأما الأخبار التي ذكرناها عمن ذكرناها عنه من التابعين، بإحجامه عن التأويل، فإن فعل من فعل ذلك منهم، كفعل من أحجم منهم عن الفتيا في النوازل والحوادث، مع إقراره بأن الله جل ثناؤه لم يقبض نبيه إليه، إلا بعد إكمال الدين به لعباده، وعلمه بأن لله في كل نازلة وحادثة حكما موجودا بنص أو دلالة. فلم يكن إحجامه عن القول في ذلك إحجام جاحد أن يكون لله فيه حكم موجود بين أظهر عباده، ولكن إحجام خائف أن لا يبلغ باجتهاده ما كلف الله العلماء من عباده فيه.
فكذلك معنى إحجام من أحجم عن القيل في تأويل القرآن وتفسيره من العلماء السلف، إنما كان إحجامه عنه حذارا أن لا يبلغ أداء ما كلف من إصابة صواب القول فيه، لا على أن تأويل ذلك محجوب عن علماء الأمة، غير موجود بين أظهرهم.)

عاشراً - ذكر الأخبار عن بعض السلف فيمن كان من قدماء المفسرين محمودا علمه بالتفسير ومن كان منهم مذموما علمه به
- المشتهرون بالتفسير من الصحابة والتابعين:
· عن مسلم، قال: قال عبد الله: نعم ترجمان القرآن ابن عباس.
· عن ابن أبي مليكة قال: رأيت مجاهدا يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن، ومعه ألواحه، فيقول له ابن عباس: "اكتب"، قال: حتى سأله عن التفسير كله.
· عن مجاهد، قال: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها.
· عن أبي بكر الحنفي، قال: سمعت سفيان الثوري يقول: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به.
- ذكر من لم يتلق التفسير من الصحابة الذين هم أدرى الناس بمعاني القرآن ومن ذُمَّ قوله في التفسير:
· عن عبد الملك بن ميسرة، قال: لم يلق الضحاك ابن عباس، وإنما لقي سعيد بن جبير بالري، فأخذ عنه التفسير.
· عن ابن إدريس، قال حدثنا زكريا، قال: كان الشعبي يمر بأبي صالح باذان، فيأخذ بأذنه فيعركها ويقول: تفسر القرآن وأنت لا تقرأ القرآن!
· عن الأعمش، قال: حدثني سعيد بن جبير، عن ابن عباس: {والله يقضي بالحق} [غافر: 20] قال: قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة وبالسيئة السيئة {إن الله هو السميع البصير} [غافر: 20]، قال الحسين: فقلت للأعمش: حدثني به الكلبي، إلا أنه قال: إن الله قادر أن يجزى بالسيئة السيئة وبالحسنة عشرا، فقال الأعمش: لو أن الذي عند الكلبي عندي ما خرج مني إلا بخفير.
· عن صالح بن مسلم، قال: مر الشعبي على السدي وهو يفسر، فقال: لأن يضرب على استك بالطبل، خير لك من مجلسك هذا.
· عن سلم بن عبد الرحمن النخعي، قال: كنت مع إبراهيم، فرأى السدي، فقال: أما إنه يفسر تفسير القوم.
· عن سعيد بن بشير، يقول عن قتادة، قال: ما بقي أحدا يجري مع الكلبي في التفسير في عنان.
- أحق المفسرين في إصابة الحق في تأويل القرآن:
قال ابن جرير:
(فأحق المفسرين بإصابة الحق -في تأويل القرآن الذي إلى علم تأويله للعباد السبيل- أوضحهم حجة فيما تأول وفسر، مما كان تأويله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دون سائر أمته من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه: إما من جهة النقل المستفيض، فيما وجد فيه من ذلك عنه النقل المستفيض، وإما من جهة نقل العدول الأثبات، فيما لم يكن عنه فيه النقل المستفيض، أو من جهة الدلالة المنصوبة على صحته؛ وأوضحهم برهانا -فيما ترجم وبين من ذلك- مما كان مدركا علمه من جهة اللسان: إما بالشواهد من أشعارهم السائرة، وإما من منطقهم ولغاتهم المستفيضة المعروفة، كائنا من كان ذلك المتأول والمفسر، بعد أن لا يكون خارجا تأويله وتفسيره ما تأول وفسر من ذلك، عن أقوال السلف من الصحابة والأئمة، والخلف من التابعين وعلماء الأمة.)

الحادي عشر - القول في تأويل أسماء القرآن وسوره وآيه
_ أسماء القرآن التي وردت في التنزيل:
ذكر ابن جرير أربعة أسماء للقرآن وردت في التنزيل ولكل اسم منها وجه ومعنى في لسان العرب:
1- "القرآن"، فقال في تسميته إياه بذلك في تنزيله: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين} [يوسف: 3]، وقال: {إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون} [النمل: 76].
ومعناه في كلام العرب:
ما رُوي عن ابن عباس: من التلاوة والقراءة، وأن يكون مصدرا من قول القائل: قرأت القرآن.
عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: {فإذا قرأناه} يقول: بيناه، {فاتبع قرآنه} [القيامة: 18] يقول: اعمل به.
وأما على قول قتادة، فإن الواجب أن يكون مصدرا، من قول القائل: قرأت الشيء، إذا جمعته وضممت بعضه إلى بعض.
وذلك أن بشر بن معاذ العقدي حدثنا قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة في قوله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه} يقول: حفظه وتأليفه، {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} يقول: اتبع حلاله، واجتنب حرامه.
فرأى قتادة أن تأويل "القرآن": التأليف.
2- "الفرقان"، قال جل ثناؤه في وحيه إلى نبيه صلى الله عليه وسلم مسميه بذلك: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا} [الفرقان:1].
ومعناه في كلام العرب:
الفرقان" من "فرق الله بين الحق والباطل".
عن عكرمة: أنه كان يقول: هو النجاة.
كان ابن عباس يقول: "الفرقان": المخرج.
وكان مجاهد يقول في قول الله جل ثناؤه: {يوم الفرقان} [الأنفال: 41] يوم فرق الله فيه بين الحق والباطل.
قال ابن جرير: (كل هذه التأويلات في معنى "الفرقان" -على اختلاف ألفاظها- متقاربات المعاني. وذلك أن من جعل له مخرج من أمر كان فيه، فقد جعل له ذلك المخرج منه نجاة. وكذلك إذا نجي منه، فقد نصر على من بغاه فيه سوءا، وفرق بينه به وبين باغيه السوء.
فجميع ما روينا -عمن روينا عنه- في معنى "الفرقان"، قول صحيح المعنى، لاتفاق معاني ألفاظهم في ذلك.
وأصل "الفرقان" عندنا: الفرق بين الشيئين والفصل بينهما. وقد يكون ذلك بقضاء، واستنقاذ، وإظهار حجة، ونصر وغير ذلك من المعاني المفرقة بين المحق والمبطل. فقد تبين بذلك أن القرآن سمي "فرقانا"، لفصله -بحججه وأدلته وحدود فرائضه وسائر معاني حكمه- بين المحق والمبطل. وفرقانه بينهما: بنصره المحق، وتخذيله المبطل، حكما وقضاء.)
وكذلك كان السدي يتأوله.
3- "الكتاب": قال تبارك اسمه في تسميته إياه به: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيما} [الكهف: 1، 2].
معناه في كلام العرب:
قال ابن جرير: (وأما تأويل اسمه الذي هو "كتاب": فهو مصدر من قولك: "كتبت كتابا" كما تقول: قمت قياما، وحسبت الشيء حسابا. والكتاب: هو خط الكاتب حروف الكتاب المعجم مجموعة ومفترقة. وسمي "كتابا"، وإنما هو مكتوب.)
4- "الذكر"، فقال تعالى ذكره في تسميته إياه به: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9].
معناه في كلام العرب:
قال ابن جرير: (وأما تأويل اسمه الذي هو "ذكر"، فإنه محتمل معنيين: أحدهما: أنه ذكر من الله جل ذكره، ذكر به عباده، فعرفهم فيه حدوده وفرائضه، وسائر ما أودعه من حكمه. والآخر: أنه ذكر وشرف وفخر لمن آمن به وصدق بما فيه، كما قال جل ثناؤه: {وإنه لذكر لك ولقومك} [الزخرف: 44]، يعني به أنه شرف له ولقومه.)
- ترجيح ابن جرير لمعنى كلمة قرآن:
قال أبو جعفر: ولكلا القولين -أعني قول ابن عباس وقول قتادة- اللذين حكيناهما، وجه صحيح في كلام العرب. غير أن أولى قوليهما بتأويل قول الله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} قول ابن عباس.
لأن الله جل ثناؤه أمر نبيه صلى الله عليه وسلم في غير آية من تنزيله باتباع ما أوحى إليه، ولم يرخص له في ترك اتباع شيء من أمره إلى وقت تأليفه القرآن. فكذلك قوله: {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} نظير سائر ما في آي القرآن التي أمره الله فيها باتباع ما أوحى إليه في تنزيله.
ولو وجب أن يكون معنى قوله: {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} فإذا ألفناه فاتبع ما ألفنا لك فيه - لوجب ألا يكون كان لزمه فرض {اقرأ باسم ربك الذي خلق} [العلق: 1] ولا فرض {يا أيها المدثر * قم فأنذر} [المدثر: 1، 2] قبل أن يؤلف إلى ذلك غيره من القرآن. وذلك، إن قاله قائل، خروج من قول أهل الملة.
وإذ صح أن حكم كل آية من آي القرآن كان لازما النبي صلى الله عليه وسلم اتباعه والعمل به، مؤلفة كانت إلى غيرها أو غير مؤلفة -صح ما قال ابن عباس في تأويل قوله: {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} أنه معني به: فإذا بيناه لك بقراءتنا، فاتبع ما بيناه لك بقراءتنا- دون قول من قال: معناه، فإذا ألفناه فاتبع ما ألفناه.
- أسماء سور القرآن التي سماها بها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
· عن واثلة بن الأسقع: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أعطيت مكان التوراة السبع الطول، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفضلت بالمفصل)).
· عن المسيب، عن ابن مسعود قال: الطول كالتوراة، والمئون كالإنجيل، والمثاني كالزبور، وسائر القرآن بعد فضل على الكتب.
· قال أبو جعفر: والسبع الطول: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس، في قول سعيد بن جبير.
· وإنما سميت هذه السور السبع الطول، لطولها على سائر سور القرآن.
* وأما "المئون: فهي ما كان من سور القرآن عدد آيه مائة آية، أو تزيد عليها شيئا أو تنقص منها شيئا يسيرا.
* وأما "المثاني: فإنها ما ثنى المئين فتلاها، وكان المئون لها أوائل، وكان المثاني لها ثواني. وقد قيل: إن المثاني سميت مثاني، لتثنية الله جل ذكره فيها الأمثال والخبر والعبر، وهو قول ابن عباس.
· وروي عن سعيد بن جبير، أنه كان يقول: إنما سميت مثاني لأنها ثنيت فيها الفرائض والحدود.
· وقد قال جماعة يكثر تعدادهم: القرآن كله مثان.
وقال جماعة أخر: بل المثاني فاتحة الكتاب، لأنها تثنى قراءتها في كل صلاة.
وبمثل ما جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسماء سور القرآن التي ذكرت، جاء شعر الشعراء. فقال بعضهم:
حلفت بالسبع اللواتي طولت
وبمئين بعدها قد أمئيت
وبمثان ثنيت فكررت
وبالطواسين التي قد ثلثت
وبالحواميم اللواتي سبعت
وبالمفصل اللواتي فصلت
· قال أبو جعفر: وهذه الأبيات تدل على صحة التأويل الذي تأولناه في هذه الأسماء.
· وأما "المفصل": فإنما سميت مفصلا لكثرة الفصول التي بين سورها بـ "بسم الله الرحمن الرحيم".
- بيان معنى السورة:
قال ابن جرير: تسمى كل سورة من سور القرآن سورة، وتجمع سورا، على تقدير "خطبة وخطب"، "وغرفة وغرف".
والسورة، بغير همز: المنزلة من منازل الارتفاع. ومن ذلك سور المدينة، سمي بذلك الحائط الذي يحويها، لارتفاعه على ما يحويه. غير أن السورة من سور المدينة لم يسمع في جمعها "سور"، كما سمع في جمع سورة من القرآن "سور".
ومن الدلالة على أن معنى السورة: المنزلة من الارتفاع، قول نابغة بني ذبيان:
ألم تر أن الله أعطاك سورة = ترى كل ملك دونها يتذبذب
يعني بذلك: أن الله أعطاه منزلة من منازل الشرف التي قصرت عنها منازل الملوك.
وقد همز بعضهم السورة من القرآن. وتأويلها، في لغة من همزها، القطعة التي قد أفضلت من القرآن عما سواها وأبقيت.
- بيان معنى الآية:
قال ابن جرير : وأما الآية من آي القرآن، فإنها تحتمل وجهين في كلام العرب:
أحدهما: أن تكون سميت آية، لأنها علامة يعرف بها تمام ما قبلها وابتداؤها، كالآية التي تكون دلالة على الشيء يستدل بها عليه، كقول الشاعر:
ألكنى إليها عمرك الله يا فتى = بآية ما جاءت إلينا تهاديا
يعني: بعلامة ذلك. ومنه قوله جل ثناؤه: {ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك} [المائدة: 114] يعني بذلك علامة منك لإجابتك دعاءنا وإعطائك إيانا سؤلنا.
· معنى آخر للآية ذكره ابن جرير:
والآخر منهما: القصة، كما قال كعب بن زهير بن أبي سلمى:
ألا أبلغا هذا المعرض آية = أيقظان قال القول إذ قال أم حلم
يعني بقوله "آية": رسالة مني وخبرا عني.
فيكون معنى الآيات: القصص، قصة تتلو قصة، بفصول ووصول.

الثاني عشر - القول في تأويل أسماء فاتحة الكتاب
- أسماء الفاتحة:
عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((هي أم القرآن، وهي فاتحة الكتاب، وهي السبع المثاني)).
- أسباب التسمية:
قال ابن جرير: وسميت "فاتحة الكتاب"، لأنها يفتتح بكتابتها المصاحف، وبقراءتها في الصلوات، فهي فواتح لما يتلوها من سور القرآن في الكتاب والقراءة.
وسميت "أم القرآن" لتقدمها على سائر سور القرآن غيرها، وتأخر ما سواها خلفها في القراءة والكتابة. وذلك من معناها شبيه بمعنى فاتحة الكتاب. وإنما قيل لها -لكونها كذلك- أم القرآن، لتسمية العرب كل جامع أمرا -أو مقدم لأمر إذا كانت له توابع تتبعه، هو لها إمام جامع- "أما". فتقول للجلدة التي تجمع الدماغ: "أم الرأس". وتسمى لواء الجيش ورايتهم التي يجتمعون تحتها للجيش.
وقد قيل إن مكة سميت "أم القرى"، لتقدمها أمام جميعها، وجمعها ما سواها. وقيل: إنما سميت بذلك، لأن الأرض دحيت منها فصارت لجميعها أما.
وأما تأويل اسمها أنها "السبع"، فإنها سبع آيات، لا خلاف بين الجميع من القراء والعلماء في ذلك.
- اختلاف العلماء في تحديد الآيات السبع للفاتحة:
أورد ابن جرير الخلاف في تحديد الآيات السبع للفاتحة على قولين:
1- فقال عظم أهل الكوفة: صارت سبع آيات بـ {بسم الله الرحمن الرحيم} وروي ذلك عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين.
2- وقال آخرون: هي سبع آيات، وليس منهن {بسم الله الرحمن الرحيم} ولكن السابعة "أنعمت عليهم". وذلك قول عظم قرأة أهل المدينة ومتفقهيهم.
- سبب تسمية الفاتحة بالمثاني:
قال ابن جرير: (فلأنها تثنى قراءتها في كل صلاة تطوع ومكتوبة. وكذلك كان الحسن البصري يتأول ذلك.
-
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء، قال سألت الحسن عن قوله: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم} [الحجر: 87] قال: هي فاتحة الكتاب. ثم سئل عنها وأنا أسمع فقرأها: {الحمد لله رب العالمين} حتى أتى على آخرها، فقال: تثنى في كل قراءة - أو قال - في كل صلاة. )
· في نهاية الباب علق ابن جرير على مسألة تسمية القرآن بالمثاني بقوله:(وليس في وجوب اسم "السبع المثاني" لفاتحة الكتاب، ما يدفع صحة وجوب اسم "المثاني" للقرآن كله، ولما ثنى المئين من السور. لأن لكل ذلك وجها ومعنى مفهوما، لا يفسد - بتسمية بعض ذلك بالمثاني - تسمية غيره بها.)
***********************************************************

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطالبة, صفحة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:21 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir