دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة البناء في التفسير > صفحات الدراسة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 ربيع الثاني 1436هـ/27-01-2015م, 09:50 AM
سارة المشري سارة المشري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 544
افتراضي صفحة الطالبة سارة المشري للقراءة المنظّمة .

صفحة الطالبة سارة المشري للقراءة المنظّمة .

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24 شوال 1436هـ/9-08-2015م, 02:38 AM
سارة المشري سارة المشري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 544
افتراضي

تلخيص مقاصد كتاب التبيان في آداب حامل القرآن

المقصد الكلي للكتاب : فضل القرآن وأهله ، وآداب حامل القرآن

المقصد الكلّي للباب الأول :
بيان فضل القرآن، وفضل تعلّمه وتلاوته وتعليمه، وفضل أصحاب القرآن.

المقاصد الفرعية للباب الأول :

المقصد الأول: بيان فضل القرآن
- فضل القرآن.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول سبحانه وتعالى: (من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين) ، وفضل كلام الله سبحانه وتعالى عن سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه)) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب.

- الأمر بقراءة القرآن .
عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، قال: سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه)) رواه مسلم.
وروى الدارمي بإسناده أن عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اقرؤوا القرآن؛ فإن الله تعالى لا يعذب قلبا وعي القرآن، وإن هذا القرآن مأدبة الله فمن دخل فيه فهو آمن، ومن أحب القرآن فليبشر)).

المقصد الثاني: بيان فضل تعلّم القرآن وتعليمه
فضل تعلّم القرآن وتعليمه .
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) رواه البخاري .

تفضيل تعلّم القرآن على الجهاد المستحب.
وعن الحميدي الجمالي، قال: سألت سفيان الثوري عن الرجل يغزو أحب إليك أو يقرأ القرآن؟ فقال: "يقرأ القرآن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: ((قال خيركم من تعلم القرآن وعلمه))".

المقصد الثالث: بيان فضل تلاوة القرآن
- ثواب تلاوة القرآن
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول {الم} حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

المقصد الرابع: بيان فضل صاحب القرآن
- فضل الذين يتلون كتاب الله تعالى
قال الله عز وجل: {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور * ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور}.

- فضل المؤمن الذي يقرأ القرآن
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها طيب حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر)) رواه البخاري ومسلم.

- فضل من قرأ القرآن وعمل به
عن معاذ بن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس الله والديه تاجا يوم القيامة ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا، فما ظنكم بالذي عمل بهذا)) رواه أبو داود.
- فضل الماهر بالقرآن، وبيان ثواب الذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وهو يتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران)) رواه البخاري ومسلم .

- فضل من وعى قلبه القرآن
وروى الدارمي بإسناده أن عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اقرؤوا القرآن؛ فإن الله تعالى لا يعذب قلبا وعي القرآن، وإن هذا القرآن مأدبة الله فمن دخل فيه فهو آمن، ومن أحب القرآن فليبشر)).

- بيان رفعة أهل القرآن
عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تعالى يرفع بهذا الكلام أقواما ويضع به آخرين)) رواه مسلم.

- شفاعة القرآن لأصحابه يوم القيامة
عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، قال: سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه)) رواه مسلم.

- فضل صاحب القرآن في الآخرة
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)) رواه أبو داود والترمذي والنسائي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

- غبطة صاحب القرآن
عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا حسد إلا في إثنتين؛ رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار)) رواه البخاري ومسلم .

- ذمّ من ليس في جوفه شيء من القرآن
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب)) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح .



المقصد الكلي للباب الثاني : رفعة القرآن الكريم لقارئه ، وفضل القرآن على ماسواه من الذكر المطلق .

المقاصد الفرعية للباب الثاني :
المقصد الأول :رفعة القرآن لقارئه وتقديمه على من سواه .
- الأمر بتقديم الأقرألكتاب الله في الإمامة .
ثبت عن أبي مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى)) رواه مسلم.
- تقديم الأقرأ لكتاب الله في المشورة حتى لو كانوا أصغر سناً .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان القراء أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشاورته كهولا وشبابا) رواه البخاري في صحيحه.

المقصد الثاني : فضل القرآن على ماسواه من أنواع الذكر المطلق .
تفضيل قراءة القرآن على أنواع الذكر المطلقة .
المذهب الصحيح المختار الذي عليه من يعتمد من العلماء: أن قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل وغيرهما من الأذكار، وقد تظاهرت الأدلة على ذلك، والله أعلم.



المقصد الكلي للباب الثالث :
وجوب إكرام أهل القرآن ، والنهي عن إيذائهم .

المقاصد الفرعية للباب الثالث :
المقصد الأول : بيان فضل أهل القرآن .
حامل القرآن بحق من أهل العلم وهو وليٌّ لله تعالى .
عن الإمامين الجليلين أبي حنيفة والشافعي رضي الله عنهما، قالا: "إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي".

المقصد الثاني : وجوب إكرام أهل القرآن .
- الأمر بخفض الجناح لهم .
قال تعالى: {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين} .

- الأمر بإنزالهم منازلهم .
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم) رواه أبو داود في سننه، والبزار في مسنده، قال الحاكم : هوحديث صحيح.

- الأمر بتقديم الأكثر أخذاً للقرآن باللحد .
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد، ثم يقول: ((أيهما أكثر أخذا للقرآن؟))، فإن أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد، رواه البخاري.

المقصد الثالث : سبب الأمر بإكرام أهل القرآن .
إكرام أهل القرآن من تعظيم شعائر الله .
قال الله عز وجل: {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} .

إكرام أهل القرآن من تعظيم حرمات الله .
قال الله تعالى: {ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه} .

- إكرام أهل القرآن من إجلال الله تعالى .
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط)) رواه أبو داود وهو حديث حسن .

- إكرام أهل القرآن طاعة لله واستجابة لأمره .
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم) رواه أبو داود في سننه، والبزار في مسنده، قال الحاكم : هوحديث صحيح.

المقصد الرابع : تحريم إيذاء حامل القرآن .
- عظيم الإثم في إيذاء أهل القرآن .
قال تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا}.

- أهل القرآن يحافظون على صلاة الصبح ، فهم في ذمة الله .
ثبت في الصحيحين، عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من صلى الصبح فهو في ذمة الله تعالى، فلا يطلبنكم الله بشيء من ذمته)).

- إيذان الله بالحرب لمن آذاهم .
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل قال: من آذى لي وليا فقد آذنته بالحرب )) رواه البخاري.

- هتك الستر ، وموت القلب والعذاب الأليم لمن استحل حرمتهم .
قال الإمام الحافظ أبو القاسم بن عساكر رحمه الله: "اعلم يا أخي -وفقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يغشاه ويتقيه حق تقاته- أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله تعالى قبل موته بموت القلب، {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}".

المقصد الخامس : عدم الغلو في القرآن والبعد عنه شرط لإكرام الله لصاحب القرآن .
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط)) رواه أبو داود وهو حديث حسن.



المقصد الكلي للباب الرابع : في آداب معلم القرآن ، ومتعلمه .

المقاصد الفرعية للباب الرابع :
المقصد الأول :الآداب المتعلقة بمعلم القرآن ومتعلمه معاً .
1- الإخلاص لله تعالى ، واستحضار النية .
*معنى الإخلاص :
- عن أبي القاسم القشيري رحمه الله تعالى، قال: الإخلاص: "إفراد الحق في الطاعة بالقصد، وهو أن يريد بطاعته التقرب إلى الله تعالى دون شيء آخر، من تصنع لمخلوق أو اكتساب محمدة عند الناس أو محبة أو مدح من الخلق أو معنى من المعاني سوى التقرب إلى الله تعالى"، قال: "ويصح أن يقال: الإخلاص: تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين".
- وعن حذيفة المرعشي رحمه الله تعالى: "الإخلاص: استواء أفعال العبد في الظاهر والباطن".
- وقال سهل التستري : أن تكون حركته وسكونه في سره وعلانيته لله تعالى وحده لا يمازجه شيء، لا نفس ولا هوى ولا دنيا .
- وعن الفضيل بن عياض رضي الله عنه، قال: "ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما".

*الدليل على وجوب الإخلاص :
قال الله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} ، أي: الملة المستقيمة.

* علامات الإخلاص :
- عن ذي النون رحمه الله تعالى، قال:"ثلاث من علامات الإخلاص: استواء المدح والذم من العامة، ونسيان رؤية العمل في الأعمال، واقتضاء ثواب الأعمال في الآخرة" .
- أن لا يقصد به توصلا إلى غرض من أغراض الدنيا، من مال أو رياسة أو وجاهة أو ارتفاع على أقرانه أو ثناء عند الناس أو صرف وجوه الناس إليه أو نحو ذلك.
- أن لا يشوب المقرئ إقراءه بطمع في رفق يحصل له من بعض من يقرأ عليه، سواء كان الرفق مالا أو خدمة، وإن قل، ولو كان على صورة الهدية التي لولا قراءته عليه لما أهداها إليه .
- أن يحذر من التكثر بكثرة المشتغلين عليه والمختلفين إليه .
- أن يحذر من كراهته قراءة أصحابه على غيره ممن ينتفع به .
- أن يحب خفاء عمله ، وأن يكره الثناء عليه .
صح عن الإمام الشافعي رضي الله عنه، أنه قال: "وددت أن الخلق تعلموا هذا العلم -يعني: علمه وكتبه- ؟ أن لا ينسب إلي حرف منه".

* نتائج الإخلاص :
- في الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))، وهذا الحديث من أصول الإسلام.
- وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "إنما يعطى الرجل على قدر نيته"، وعن غيره: "إنما يعطى الناس على قدر نياتهم".

* عقوبة عدم الإخلاص :
- قال تعالى: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب} .
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تعلم علما يبتغي به وجه الله تعالى لا يتعلمه إلا ليصيب به غرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة)) رواه أبو داود بإسناد صحيح، ومثله أحاديث كثيرة.
- وعن أنس وحذيفة وكعب بن مالك رضي الله عنهم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من طلب العلم ليماري به السفهاء أو يكاثر به العلماء أو يصرف به وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار)) رواه الترمذي من رواية كعب بن مالك، وقال: ((أدخله النار)).

* مسألة : هل يصح الامتناع من تعليم غير صحيح النية ؟
قال العلماء رضي الله عنهم: ولا يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النية، فقد قال سفيان وغيره: "طلبهم للعلم نية"، وقالوا: "طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله" معناه: كانت غايته أن صار لله تعالى.

2- الصدق
* تعريف الصادق :
- عن الحارث المحاسبي رحمه الله تعالى، قال: "الصادق: هو الذي لا يبالي ولو خرج عن كل قدر له في قلوب الخلائق من أجل صلاح قلبه، ولا يحب إطلاع الناس على مثاقيل الذر من حسن عمله، ولا يكره إطلاع الناس على السيئ من عمله، فإن كراهته لذلك دليل على أنه يحب الزيادة عندهم، وليس هذا من أخلاق الصديقين".

* أفضل الصدق :
- عن القشيري، قال: "أفضل الصدق: استواء السر والعلانية".

* نتيجة الصدق :
- قيل : "إذا طلبت الله تعالى بالصدق أعطاك الله مرآة تبصر فيها كل شيء من عجائب الدنيا والآخرة".

3- العمل بما علمه من القرآن .
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أنه قال: "يا حملة القرآن"، أو قال: "يا حملة العلم؛ اعملوا به فإنما العلم من عمل بما علم ووافق علمه عمله، وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم يخالف عملهم علمهم، وتخالف سريرتهم علانيتهم يجلسون حلقا يباهي بعضهم بعضا، حتى أن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه، أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله تعالى".

4- أن يتخلق بالمحاسن التي ورد الشرع بها، والخصال الحميدة التي أرشده الله إليها .
ومنها :
- الزهد في الدنيا والتقلل منها وعدم المبالاة بها وبأهلها.
- السخاء والجود .
- طلاقة الوجه من غير خروج إلى حد الخلاعة .
- الحلم والصبر .
- التنزه عن دنيئ المكاسب .
- ملازمة الورع والخشوع والسكينة والوقار والتواضع والخضوع، واجتناب الضحك والإكثار من المزاح .
- ملازمة الوظائف الشرعية كالتنظيف وتقليم بإزالة الأوساخ والشعور التي ورد الشرع بإزالتها كقص الشارب وتقليم الظفر وتسريح اللحية وإزالة الروائح الكريهة والملابس المكروهة .
- الحذر من الحسد والرياء والعجب، واحتقار غيره وإن كان دونه.
- ينبغي أن يستعمل الأحاديث الواردة في التسبيح والتهليل ونحوهما من الأذكار والدعوات .
- مراقبة الله تعالى في السر والعلانية .
- توكله واعتماده على الله .

المقصد الثاني : الآداب الخاصة بمعلم القرآن .
1 - الرفق بمن يقرأ عليه، والترحيب به والاستوصاء به خيراً .
عن أبي هرون العبدي، قال: كنا نأتي أبا سعيد الخدري رضي الله عنه، فيقول: "مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الناس لكم تبع، وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا))" رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما.

2 - بذل النصيحة لطلابه .
* الدليل على ذلك :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الدين النصيحة؛ لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) رواه مسلم.
* ومن النصيحة لله تعالى ولكتابه:
إكرام قارئه وطالبه وإرشاده إلى مصلحته ،
والرفق به ومساعدته على طلبه بما أمكن،
وتأليف قلب الطالب،
وأن يكون سمحا بتعليمه في رفق متلطفا به ومحرضا له على التعلم.
وينبغي أن يذكره فضيلة ذلك ليكون سببا في نشاطه وزيادة في رغبته،
ويزهده في الدنيا ويصرفه عن الركون إليها والاغترار بها،
ويذكره فضيلة الاشتغال بالقرآن وسائر العلوم الشرعية، وهو طريق العارفين وعباد الله الصالحين وأن ذلك رتبة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم.

3- ينبغي أن يشفق على الطالب، ويعتني بمصالحه كاعتنائه بمصالح ولده ومصالح نفسه
فيجري المتعلم مجرى ولده في الشفقة عليه والصبر على جفائه وسوء أدبه، ويعذره في قلة أدبه في بعض الأحيان، فإن الإنسان معرض للنقائص لا سيما إن كان صغير السن، وينبغي أن يحب له ما يحب لنفسه من الخير، وأن يكره له ما يكره لنفسه من النقص مطلقا.
فقد ثبت في الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)).

4 - ينبغي أن لا يتعاظم على المتعلمين، بل يلين إليهم ويتواضع لهم .
فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لينوا لمن تعلمون ولمن تتعلمون منه)).

5- التدريج في تأديب المتعلم
فيؤدبه بالآداب السنية والشيم المرضية ورياضة نفسه بالدقائق الخفية، ويعوده الصيانة في جميع أموره الباطنة والجلية، ويحرضه بأقواله وأفعاله على الإخلاص والصدق وحسن النية ، ومراقبة الله تعالى في جميع أحواله ، ويعرفه أن لذلك تتفتح عليه أنوار المعارف، وينشرح صدره ويتفجر من قلبه ينابيع الحكم واللطائف، ويبارك له في علمه وحاله ويوفق في أفعاله وأقواله.

6 - حرص المعلم على تعليم طلابه .
- على المعلم أن يؤثر تعليم طلابه على مصالح نفسه الدنيوية التي ليست بضرورية، وأن يفرغ قلبه في حال جلوسه لإقرائهم من الأسباب الشاغلة كلها ، وأن يكون حريصا على تفهيمهم.
- أن يعطي كل إنسان منهم ما يليق به، فلا يكثر على من لا يحتمل الإكثار ولا يقصر لمن يحتمل الزيادة .
- أن يأخذهم بإعادة محفوظاتهم .
- أن يثني على من ظهرت نجابته ما لم يخش عليه فتنة بإعجاب أو غيره، ومن قصر عنفه تعنيفا لطيفا في ما لم يخش عليه تنفيره .

7- حفظ قلبه من الغيرة والحسد .
فلا يحسد أحدا من طلابه لبراعة تظهر منه، ولا يستكثر فيه ما أنعم الله به عليه، فإن الحسد للأجانب حرام شديد التحريم، فكيف للمتعلم الذي هو بمنزلة الولد، ويعود من فضيلته إلى معلمه في الآخرة الثواب الجزيل .

8- مراعاة العدل معهم ، وتفقد أحوالهم .
- فيقدم في تعليمهم إذا ازدحموا الأول فالأول، فإن رضي الأول بتقديم غيره قدمه، وينبغي أن يظهر لهم البشر وطلاقة الوجه، ويتفقد أحوالهم ويسأل عمن غاب منهم.

9- مراعاة آداب الجلوس ، والوقار ، وحسن الهيئة والطهارة .
- فإذا وصل إلى موضع جلوسه صلى ركعتين قبل الجلوس سواء كان الموضع مسجدا أو غيره، فإن كان مسجدا كان آكد فيه فإنه يكره الجلوس فيه قبل أن يصلي ركعتين .
- ويقعد على طهارة مستقبل القبلة ويجلس بوقار .
- وتكون ثيابه بيضا نظيفة .
- ويجلس متربعا إن شاء أو غير متربع، روى أبو بكر بن أبي داود السجستاني بإسناده، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، كان يقرئ الناس في المسجد جاثيا على ركبتيه.
- ويصون يديه في حال الإقراء عن العبث، وعينيه عن تفريق نظرهما من غير حاجة .

المقصد الثالث :مايتعلق بمجلس معلم القرآن
وينبغي أن يكون مجلسه واسعا ليتمكن جلساؤه فيه، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((خير المجالس أوسعها)) رواه أبو داود .

المقصد الرابع : الآداب المتعلقة بحفظ القرآن وتعظيمه .
أن لا يذل العلم فيذهب إلى مكان ينسب إلى من يتعلم منه ليتعلم منه فيه وإن كان المتعلم خليفة فمن دونه، بل يصون العلم عن ذلك كما صانه عنه السلف رضي الله عنهم، وحكاياتهم في هذا كثيرة مشهورة.

المقصد الخامس :الآداب الخاصة بمتعلم القرآن .
- أدبه في نفسه .
- ينبغي أن يطهر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول القرآن وحفظه واستثماره، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب)).
وقد أحسن القائل بقوله: "يطيب القلب للعلم كما تطيب الأرض للزراعة".
- أن يحرص على أن يكون متطهرا مستعملا للسواك، فارغ القلب من الأمور الشاغلة ، بالإضافة لماذكرناه سابقاً من مكارم الأخلاق وجميل السجايا ظاهراً وباطناً .
- أن لا يعجب بنفسه بما خصه الله .
* طريقُه في نفي العجب: أن يذكر نفسه أنه لم يحصل ما حصله بحوله وقوته وإنما هو فضل من الله، ولا ينبغي أن يعجب بشيء لم يخترعه بل أودعه الله تعالى فيه .

- أدبه في الطلب .
- ينبغي أن يبكر بقراءته على الشيخ أول النهار، لحديث النبي صلى الله عليهوسلم: ((اللهم بارك لأمتي في بكورها)).
- أن يكون حريصا على التعلم مواظبا عليه في جميع الأوقات التي يتمكن منه فيها، ولا يقنع بالقليل مع تمكنه من الكثير، ولا يحمل نفسه ما لا يطيق مخافة من الملل وضياع ما حصل، وهذا يختلف باختلاف الناس والأحوال.
- ينبغي أن يحافظ على قراءة محفوظة .
- ومن آدابه أن يجتنب الأسباب الشاغلة عن التحصيل إلا سببا لا بد منه للحاجة .
- وعليه أن يتواضع للعلم، فبتواضعه يدركه، وقد قالوا:
العلم حرب للفتى المتعالي ....... كالسيل حرب للمكان العالي
- ينبغي أن يأخذ نفسه بالاجتهاد في التحصيل في وقت الفراغ والنشاط وقوة البدن ونباهة الخاطر وقلة الشاغلات قبل عوارض البطالة وارتفاع المنزلة، فقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "تفقهوا قبل أن تسودوا"، معناه: اجتهدوا في كمال أهليتكم قبل وأنتم أتباع قبل أن تصيروا سادة، فإنكم إذا صرتم سادة متبوعين امتنعتم من التعلم، لارتفاع منزلتكم وكثرة شغلكم، وهذا معنى قول الإمام الشافعي رضي الله عنه: "تفقه قبل أن ترأس، فإذا رأست فلا سبيل إلى التفقه".
- حسن اختيار المعلم ، فلا يتعلم إلا ممن تكملت أهليته وظهرت ديانته وتحققت معرفته واشتهرت صيانته، فقد قال محمد بن سيرين ومالك بن أنس وغيرهما من السلف: "هذا العلم دين؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم"

- أدبه مع معلمه .
- ينبغي أن يتواضع لمعلمه ويتأدب معه وإن كان أصغر منه سنا وأقل شهرة ونسبا وصلاحا وغير ذلك .
- وينبغي أن ينقاد لمعلمه ويلين له ، ويشاوره في أموره ويقبل قوله، كالمريض العاقل يقبل قول الطبيب الناصح الحاذق، وهذا أولى.
- وعليه أن ينظر معلمه بعين الاحترام ويعتقد كمال أهليته ورجحانه على طبقته فإنه أقرب إلى انتفاعه به، وكان بعض المتقدمين إذا ذهب إلى معلمه تصدق بشيء، وقال: "اللهم استر عيب معلمي عني، ولا تذهب بركة علمه مني"، وقال الربيع صاحب الشافعي رحمهما الله: "ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي هيبة له".
- أن لا يدخل بغير استئذان إذا كان الشيخ في مكان يحتاج فيه إلى استئذان، وأن يسلم على الحاضرين إذا دخل ويخصه دونهم بالتحية، وأن يسلم عليه وعليهم إذا انصرف كما جاء في الحديث، فليست الأولى بأحق من الثانية .
- ويقعد بين يدي الشيخ قعدة المتعلمين لا قعدة المعلمين، ولا يرفع صوته رفعا بليغا من غير حاجة، ولا يضحك ولا يكثر الكلام من غير حاجة ولا يعبث بيده ولا بغيرها، ولا يلتفت يمينا ولا شمالا من غير حاجة، بل يكون متوجها إلى الشيخ مصغيا إلى كلامه.
- مما يتأكد الاعتناء به: أن لا يقرأ على الشيخ في حال شغل قلب الشيخ وملله واستيفازه سنة وروعه وغمه وفرحه وعطشه ونعاسه وقلقه ونحو ذلك، مما يشق عليه أو يمنعه من كمال حضور القلب والنشاط، وأن يغتنم أوقات نشاطه.
- وإذا جاء إلى مجلس الشيخ فلم يجده انتظر ولازم بابه ولا يفوت وظيفته إلا أن يخاف كراهة الشيخ لذلك بأن يعلم من حاله الإقراء في وقت بعينه وأنه لا يقرئ في غيره، وإذا وجد الشيخ نائما أو مشتغلا بمهم لم يستأذن عليه بل يصبر إلى استيقاظه أو فراغه أو ينصرف، والصبر أولى كما كان ابن عباس رضي الله عنهما وغيره يفعلون .
- ومن آدابه: أن يتحمل جفوة الشيخ وسوء خلقه ولا يصده ذلك عن ملازمته واعتقاد كماله، ويتأول لأفعاله وأقواله التي ظاهرها الفساد تأويلات صحيحة، وإن جفاه الشيخ ابتدأ هو بالاعتذار إلى الشيخ وأظهر أن الذنب له والعتب عليه، فذلك أنفع له في الدنيا والآخرة وإنقاء لقلب شيخ له.
وقد قالوا: من لم يصبر على ذل التعليم بقي عمره في عماية الجهالة، ومن صبر عليه آل أمره إلى عز الآخرة والدنيا، ومنه الأثر المشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما: "ذللت طالبا فعززت مطلوبا".
- عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: "من حق المعلم عليك: أن تسلم على الناس عامة وتخصه دونهم بتحية، وأن تجلس أمامه، ولا تشيرن عنده بيدك، ولا تغمزن بعينيك، ولا تقولن: قال فلان خلاف ما تقول، ولا تغتابن عنده أحدا، ولا تشاور جليسك في مجلسه، ولا تأخذ بثوبه إذا قام، ولا تلح عليه إذا كسل، ولا تعرض أي تشبع من طول صحبته".
وينبغي أن يتأدب بهذه الخصال التي أرشد إليها علي كرم الله وجهه، وأن يرد غيبة شيخه إن قدر، فإن تعذر عليه ردها فارق ذلك المجلس.

- أدبه مع زملائه .
ينبغي أيضا أن يتأدب مع رفقته وحاضري مجلس الشيخ، فإن ذلك تأدب مع الشيخ وصيانة لمجلسه .
- ألا يحسد أحدا من رفقته أو غيرهم على فضيلة رزقه الله إياها .
* طريقُه في نفي الحسد: أن يعلم أن حكمة الله تعالى اقتضت جعل هذه الفضيلة في هذا، فينبغي أن لا يعترض عليها ولا يكره حكمة أرادها الله تعالى ولم يكرهها .
- أن لايؤذيهم بتخطي الرقاب بل يجلس حيث ينتهي به المجلس إلا أن يأذن له الشيخ في التقدم، أو يعلم من حالهم إيثار ذلك، ولا يقيم أحدا من موضعه، فإن آثره غيره لم يقبل اقتداء بابن عمر رضي الله عنهما، إلا أن يكون في تقديمه مصلحة للحاضرين أو أمره الشيخ بذلك، ولا يجلس في وسط الحلقة إلا لضرورة، ولا يجلس بين صاحبين بغير إذنهما، وإن فسحا له قعد وضم نفسه.



المقصد الكلي للباب الخامس : أدب حامل القرآن مع القرآن .

المقاصد الفرعية للباب الخامس :
المقصد الأول : إجلاله للقرآن في نفسه .
- حامل القرآن سابق بالخيرات ، ولايكون عالة على الناس .
جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال: "يا معشر القراء! ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق، فاستبقوا الخيرات لا تكونوا عيالا على الناس".

- صون نفسه عن دني الاكتساب وارتفاعه على أهل الدنيا .
عن الفضيل بن عياض، قال: "ينبغي لحامل القرآن أن لا تكون له حاجة إلى أحد من الخلفاء فمن دونهم" .

- تحليه بالسكينة والوقار .
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصحته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون".

- تركه للهو والسهو واللغو .
قال الفضيل بن عياض : "حامل القرآن حامل راية الإسلام، لا ينبغي أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو، تعظيما لحق القرآن".

- لايغلو بالقرآن ولا يجفو عنه .
عن عبد الرحمن بن شبيل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن، ولا تأكلوا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه)).
- لا يسأل بالقرآن ولا يتعجل أجره ، ولا يتخذه معيشةً يتكسب بها .
عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح، يتعجلونه ولا يتأجلونه)) رواه بمعناه من رواية سهل بن سعد، معناه: يتعجلون أجره إما بمال وإما سمعة ونحوها.
وعن فضيل بن عمرو رضي الله عنه، قال: دخل رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجدا، فلما سلم الإمام، قام رجل فتلا آيات من القرآن ثم سأل، فقال أحدهما: إنا لله وإنا إليه راجعون، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سيجيء قوم يسألون بالقرآن، فمن سأل بالقرآن فلا تعطوه))، وهذا الإسناد منقطع، فإن الفضل بن عمرو لم يسمع الصحابة.

* مسألة : حكم أخذ الأجرة على تعليم القرآن .
اختلف العلماء فيه؛
- القول الأول : منع أخذ الأجرة عليه حكاه الإمام أبو سليمان الخطابي، عن جماعة من العلماء منهم الزهري وأبو حنيفة .
دليلهم : حديث عبادة بن الصامت، أنه علم رجلا من أهل الصفة القرآن، فأهدى له قوسا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن سرك أن تطوق بها طوقا من نار فاقبلها)) ،
وهو حديث مشهور رواه أبو داود وغيره، واحتجوا كذلك بآثار كثيرة عن السلف.
- القول الثاني : يجوز إن لم يشترطه، وهو قول الحسن البصري والشعبي وابن سيرين .
- القول الثالث : يجوز إن شارطه واستأجره إجارة صحيحة، وذهب إليه عطاء ومالك والشافعي وآخرون .
دليلهم : أنه قد جاء بالجواز أحاديث صحيحة .
وأجاب المجوزون عن حديث عبادة بجوابين:
أحدهما: أن في إسناده مقالا.
والثاني: أنه كان تبرع بتعليمه فلم يستحق شيئا، ثم أهدي إليه على سبيل العوض، فلم يجز له الأخذ، بخلاف من يعقد معه إجارة قبل التعليم، والله أعلم.

المقصد الثاني : قيامه بحق القرآن عليه .
1 - تدبر القرآن .
عن الحسن بن علي رضي الله عنه، قال: إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها في النهار".

2 - الإكثار من تلاوته وختمه .
- فضل ختم القرآن :
عن طلحة بن مصرف قال: "من ختم القرآن أية ساعة كانت من النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي، وأية ساعة كانت من الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح"، وعن مجاهد نحوه.
وروى الدارمي في مسنده، بإسناده عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: "إذا وافق ختم القرآن أول الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح، وإذا وافق ختمه آخر الليل صلت عليه الملائكة حتى يمسي"، قال الدارمي: هذا حسن من سعد.

* أحوال السلف في قدر مايختمون .
روى ابن أبي داود عن بعض السلف رضي الله عنهم أنهم كانوا يختمون في كل شهرين ختمة واحدة .
_ وعن بعضهم في كل شهر ختمة .
_ وعن بعضهم في كل عشر ليال ختمة .
_ وعن بعضهم في كل ثمان ليال .
_ وعن الأكثرين في كل سبع ليال، أي في أسبوع نقل ذلك عن عثمان بن عفان رضي الله عنه وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وأبي بن كعب رضي الله عنهم، وعن جماعة من التابعين كعبد الرحمن بن يزيد وعلقمة وإبراهيم رحمهم الله.
_ وعن بعضهم في كل ست، وعن بعضهم في كل خمس، وعن بعضهم في كل أربع، وعن كثيرين في كل ثلاث .
_ وعن بعضهم في كل ليلتين .
- وختم بعضهم في كل يوم وليلة ختمة، منهم :عثمان بن عفان رضي الله عنه وتميم الداري وسعيد بن جبير ومجاهد والشافعي وآخرون
_ومنهم من كان يختم في كل يوم وليلة ختمتين، ومنهم من كان يختم ثلاثا، وختم بعضهم ثمان ختمات أربعا في الليل وأربعا في النهار.
- ومنهم من كان يختم في ركعة ، وهم كثير ومنهم : عثمان بن عفان وتميم الداري وسعيد بن جبير رضي الله عنهم .

* مسألة : في كم يختم حامل القرآن القرآن ؟
القول الأول : يكره الختم في يوم وليلة .
الدليل : عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم، قال الترمذي: حديث حسن صحيح .
القول الثاني : يجوز الختم في أقل من يوم وليلة ، بشرط أن لا يصل إلى حد الملل والهذرمة .ويستثنى من ذلك :
- من كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف فهذا يقتصر على قدر ما يحصل له كمال فهم ما يقرؤه .
- من كان مشغولا بنشر العلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة، فهذا يقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له .

* وقت الابتداء والختم .
- أما وقت الابتداء والختم لمن يختم في الأسبوع؛ فقد روى أبو داود أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يفتتح القرآن ليلة الجمعة ويختمه ليلة الخميس.
- وقال الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى في الإحياء: الأفضل أن يختم ختمة بالليل وأخرى بالنهار، ويجعل ختمة النهار يوم الاثنين في ركعتي الفجر أو بعدهما، ويجعل ختمة الليل ليلة الجمعة في ركعتي المغرب أو بعدهما، ليستقبل أول النهار وآخره.
- وروى ابن أبي داود عن عمر بن مرة التابعي، قال: كانوا يحبون أن يختم القرآن من أول الليل أو من أول النهار.

3 - القيام بالقرآن ليلاً .
* الترغيب في قراءة القرآن ليلاً .
قال الله تعالى: {من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون * يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين}.

*ثناء الرسول صلى الله عليه وسلم على قائم الليل أو بعضه .
ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل)).
و عن سهل بن سعد رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((شرف المؤمن قيام الليل)) . رواه الطبراني وغيره .

* النهي عن ترك قيام الليل لمن كان يقومه .
في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((يا عبد الله! لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل ثم تركه)).

* حال السلف مع القرآن ليلاً .
- عن أبي الأحوص الحبشي، قال: "إن كان الرجل ليطرق الفسطاط طروقا -أي: يأتيه ليلا- فيسمع لأهله دويا كدوي النحل"، قال: "فما بال هؤلاء يأمنون ما كان أولئك يخافون".
- وعن يزيد الرقاشي، قال: "إذا أنا نمت ثم استيقظت ثم نمت فلا نامت عيناي".

* سبب اختصاص الليل بالفضيلة .
لما جاء الشرع به من إيجاد الخيرات في الليل :
- فإن الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم كان ليلا .
وحديث: ((ينزل ربكم كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يمضي شطر الليل، فيقول: هل من داع فأستجيب له)) الحديث.
و في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((في الليل ساعة يستجيب الله فيها الدعاء كل ليلة)).
- لكونها أجمع للقلب وأبعد عن الشاغلات والملهيات والتصرف في الحاجات .
- لأنها أصون عن الرياء وغيره من المحبطات .

* حصول فضيلة القيام ولو بالقليل ، والحث على الإستكثار من القراءة .
عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقسطين)) رواه أبو داود وغيره.

* مايفعله من نام عن ورده .
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نام عن حزبه من الليل أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنه قرأه من الليل)) رواه مسلم.

4- تعاهد القرآن .
الأمر بتعاهد القرآن .
عن أبي موسى الأشعري ررضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((تعاهدوا هذا القرآن؛ فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها)) رواه البخاري ومسلم.

التحذير من نسيان القرآن وعقوبته .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها)) رواه أبو داود والترمذي وتكلم فيه.
- وعن سعد بن عبادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله عز وجل يوم القيامة وهو أجذم)) رواه أبو داود والدارمي.

5 - العمل بالقرآن .
عن الحسن بن علي رضي الله عنه، قال: "إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها في النهار



المقصد الكلي للباب السادس : بيان آداب قراءة القرآن .

المقاصد الفرعية :

المقصد الأول : آداب قبل قراءة القرآن .
1- الإخلاص .
فيستحضر في نفسه أنه يناجي الله تعالى، ويقرأ على حال من يرى الله تعالى، فإنه إن لم يكن يراه فإن الله تعالى يراه.
2- الحرص على الطهارة ، والنظافة .
- استعمال السواك .
والاختيار في السواك: أن يكون بعود من أراك، ويجوز بسائر العيدان وبكل ما ينظف كالخرقة الخشنة والأشنان وغير ذلك ، ويكون متوسطاً لاشديد الرطوبو ولا شديد اليبوسة ، فإن اشتد يبسه لينه بالماء .
ويستاك عرضا مبتدئا بالجانب الأيمن من فمه، وينوي به الإتيان بالسنة، ويستحب أن يستاك في ظاهر الأسنان وباطنها، ويمر السواك على سقف حلقه إمرارا رفيقا.
ولا بأس باستعمال سواك غيره بإذنه.

- استحباب الطهارة من الحدث الأصغر ، ووجوبها من الحدث الأكبر .
فإن قرأ محدثا جاز بإجماع المسلمين ، لكنه تاركٌ للأفضل .
أما الجنب والحائض فإنه يحرم عليهما قراءة القرآن سواء كان آية أو أقل منها، ويجوز لهما إجراء القرآن على قلبهما من غير تلفظ به، ويجوز لهما النظر في المصحف وإمراره على القلب .

حكم قراءة الجنب والحائض إن قصدا بها غير القرآن .
كأن يقولا عند المصيبة: "إنا لله وإنا إليه راجعون" ، وعند ركوب الدابة: "سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين"، وعند الدعاء: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" ،
إذا لم يقصدا القراءة ، فهذا جائز .

* مسألة : حكم قراءة الحائض أو الجنب الفاقد للماء إذا تيمم .
إذا لم يجد الجنب أو الحائض ماء تيمم، ويباح له القراءة والصلاة وغيرهما، فإن أحدث حرمت عليه الصلاة ولم تحرم القراءة والجلوس في المسجد وغيرهما مما لا يحرم على المحدث، كما لو اغتسل ثم أحدث ،
ومتى وجد الماء لزمه استعماله .

- استحباب القراءة في مكان نظيف مختار .
لهذا استحب جماعة من العلماء القراءة في المسجد لكونه جامعا للنظافة وشرف البقعة، ومحصلا لفضيلة أخرى وهي الاعتكاف .

3 - استحباب استقبال القبلة عند قراءة القرآن في غير الصلاة .
جاء في الحديث: ((خير المجالس ما استقبل به القبلة)) ، ولو قرأ قائما أو مضطجعا أو في فراشه أو على غير ذلك من الأحوال جاز وله أجر ولكن دون الأول .
أدلة جواز قراءة القرآن مضطجعاً :
- قال الله عز وجل: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض}.
- وثبت في الصحيح، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري وأنا حائض ويقرأ القرآن"، رواه البخاري ومسلم، وفي رواية: "يقرأ القرآن ورأسه في حجري".

4 - استحباب الإستعاذة قبل الشروع في القراءة .
يستحب إذا أراد الشروع بالقراءة أن يستعيذ سواء كان في الصلاة أو في غيرها، ويستحب في الصلاة في كل ركعة على الصحيح .
وقال بعض العلماء: يتعوذ بعد القراءة، لقوله تعالى: {فإذا قرأت فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم}، وتقدير الآية عند الجمهور: إذا أردت القراءة فاستعذ .

صيغة التعوذ .
أن يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
وكان جماعة من السلف يقولون: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم" .

5 -المحافظة على البسملة فيما عدا سورة براءة .
ينبغي أن يحافظ على قراءة "بسم الله الرحمن الرحيم" في أول كل سورة سوى براءة ،فإن أكثر العلماء قالوا إنها آية حيث تكتب في المصحف.
وقد كتبت في أوائل السور سوى براءة، فإذا أخل بالبسملة كان تاركا لبعض القرآن عند الأكثرين .

المقصد الثاني : الآداب المتبعة أثناء قراءة القرآن .
1 - التدبر عند القراءة .
قال الله عز وجل: {أفلا يتدبرون القرآن}، وقال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته}، والأحاديث فيه كثيرة وأقاويل السلف فيه مشهورة .
وقد بات جماعة من السلف يتلون آية واحدة يتدبرونها ويرددونها إلى الصباح، وقد صعق جماعة من السلف عند القراءة، ومات جماعات حال القراءة .
والتدبر هو المقصود المطلوب، وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب .

استحباب ترديد الآية للتدبر .
- عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه، قال: "قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية يرددها حتى أصبح"، والآية: {إن تعذبهم فإنهم عبادك} الآية، رواه النسائي وابن ماجه.
- وعن تميم الداري رضي الله تعالى عنه، أنه كرر هذه الآية حتى أصبح: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سوآء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون}.
- وعن عبادة بن حمزة، قال: دخلت على أسماء رضي الله عنها وهي تقرأ {فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم} فوقفت عندها فجعلت تعيدها وتدعو، فطال علي ذلك فذهبت إلى السوق فقضيت حاجتي ثم رجعت وهي تعيدها وتدعو، ورويت هذه القصة عن عائشة رضي الله تعالى عنها.
- وردد ابن مسعود رضي الله عنه: {رب زدني علما} .

2 - الخشوع والبكاء عند قراءة القرآن .
حكمه :
قال الإمام أبو حامد الغزالي: البكاء مستحب مع القراءة وعندها .
وهو صفة العارفين وشعار عباد الله الصالحين، قال الله تعالى: {ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا}.
وقد وردت فيه أحاديث كثيرة وآثار السلف، - فمن ذلك :
عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن وابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا)).
- وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه صلى بالجماعة الصبح، فقرأ سورة يوسف فبكى حتى سالت دموعه على ترقوته. وفي رواية: أنه كان في صلاة العشاء، فتدل على تكريره منه .
وفي رواية: أنه بكى حتى سمعوا بكاءه من وراء الصفوف.
- وعن أبي رجاء، قال: "رأيت ابن عباس وتحت عينيه مثل الشراك البالي من الدموع".
- وعن أبي صالح، قال: قدم ناس من أهل اليمن على أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فجعلوا يقرؤون القرآن ويبكون، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: "هكذا كنا".
- وعن هشام، قال: "ربما سمعت بكاء محمد بن سيرين في الليل وهو في الصلاة".

كيفية تحصيله:
أن يحضر قلبه الحزن بأن يتأمل ما فيه من التهديد والوعيد الشديد والمواثيق والعهود، ثم يتأمل تقصيره في ذلك، فإن لم يحضره حزن وبكاء كما يحضر الخواص، فليبك على فقد ذلك، فإنه من أعظم المصائب.

3- استحباب الترتيل .
حكمه :
قال العلماء: والترتيل مستحب للتدبر ولغيره .
أدلته :
- قال الله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا}.
- وثبت عن أم سلمة رضي الله عنها، أنها نعتت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة مفسرة حرفا حرفا، رواه أبو داود والنسائي والترمذي، قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
- وعن معاوية بن قرة رضي الله عنه، عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه، قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة على ناقته يقرأ سورة الفتح يرجع في قراءته) رواه البخاري ومسلم.
- وعن مجاهد، أنه سئل عن رجلين قرأ أحدهما البقرة وآل عمران، والآخر البقرة وحدها، وزمنهما وركوعهما وسجودهما وجلوسهما واحد سواء، فقال: (الذي قرأ البقرة وحدها أفضل).
- وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "لأن أقرأ سورة أرتلها أحب إلي من أن أقرأ القرآن كله".

النهي عن الهذرمة في القراءة .
والهذرمة هي : الإفراط في الإسراع .
ثبت عن عبد الله بن مسعود أن رجلا قال له: إني أقرأ المفصل في ركعة واحدة، فقال عبد الله بن مسعود: (هذّا ً كهذّ الشعر، إن أقواما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع)
رواه البخاري ومسلم، وهذا لفظ مسلم في إحدى رواياته.

حكم الترتيل للعجمي :
قالوا: يستحب الترتيل للعجمي الذي لا يفهم معناه، لأن ذلك أقرب إلى التوقير والاحترام وأشد تأثيرا في القلب.

4- الشهادة للآيات .
يستحب إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله تعالى من فضله، وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ بالله من الشر ومن العذاب، أو يقول: اللهم إني أسألك العافية أو أسألك المعافاة من كل مكروه أو نحو ذلك، وإذا مر بآية تنزيه لله تعالى نزه فقال: سبحانه وتعالى، أو تبارك وتعالى، أو جلت عظمة ربنا .
الأدلة :
- صح عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما، قال: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ ترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ) رواه مسلم في صحيحه، وكانت سورة النساء في ذلك الوقت مقدمة على آل عمران.

- ومنها: ما رواه ابن أبي داود بإسناد ضعيف، عن الشعبي، أنه قيل له: إذا قرأ الإنسان: {إن الله وملائكته يصلون على النبي} يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم.

- وروى ابن أبي داود والترمذي ((ومن قرأ آخر {لا أقسم بيوم القيامة}: {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى} فليقل: بلى، ومن قرأ {فبأي آلاء ربكما تكذبان} أو {فبأي حديث بعده يؤمنون} فليقل: آمنت بالله)).

- وعن ابن عباس رضي الله عنهما وابن الزبير وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهم أنهم كانوا إذا قرأ أحدهم {سبح اسم ربك الأعلى} قال: "سبحان ربي الأعلى".

ويستحب هذا السؤال والاستعاذة والتسبيح لكل قارئ سواء كان في الصلاة أو خارجا منها، و في صلاة الإمام والمنفرد والمأموم على قول الجمهور ، وقال أبو حنيفة : تكره في الصلاة ، والصواب قول الجمهور .

المقصد الثالث : احترام القرآن .
1- الإنصات للقراءة .
قال الله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}.
2- اجتناب الضحك واللغط والحديث في خلال القراءة إلّا كلاماً يضطر إليه .
روى ابن أبي داود، عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا قرأ القرآن لا يتكلم حتى يفرغ منه .
3- ترك العبث باليد ونحوها .
لأنه يناجي ربه سبحانه وتعالى، فلا يعبث بين يديه.
4- عدم النظر إلى مايلهي ويبدد الذهن .
ويكون أشد إذا كان النظر محرماً كالنظر إلى الأمرد ، قال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} .
ولا يختص هذا بالأمرد بل يحرم على كل مكلف النظر بشهوة إلى كل أحد رجلا كان أو امرأة محرما كانت المرأة أو غيرها، إلا الزوجة أو المملوكة التي يملك الاستمتاع بها .
حتى قال أصحاب الشافعي : يحرم النظر بشهوة إلى محارمه كأخته وأمه .

5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب الاستطاعة .
على الحاضرين مجلس القراءة إذا رأوا شيئا من هذه المنكرات المذكورة أو غيرها أن ينهوا عنه حسب الإمكان، باليد لمن قدر، وباللسان لمن عجز عن اليد وقدر على اللسان، وإلا فلينكر بقلبه .

6 - استحباب القراءة على ترتيب المصحف ، إلا ماوردت السنة باستثناءه .
قال العلماء: الاختيار أن يقرأ على ترتيب المصحف فيقرأ الفاتحة ثم البقرة ثم آل عمران ثم ما بعدها على الترتيب، وسواء قرأ في الصلاة أو في غيرها، حتى قال بعض الشافعية : إذا قرأ في الركعة الأولى سورة {قل أعوذ برب الناس} يقرأ في الثانية بعد الفاتحة من البقرة.
ولو خالف الموالاة فقرأ سورة لا تلي الأولى أو خالف الترتيب فقرأ سورة ثم قرأ سورة قبلها جاز، فقد جاء بذلك آثار كثيرة ،
- فقد قرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الركعة الأولى من الصبح بـ"الكهف"، وفي الثانية بـ"يوسف" .

* مسألة : تعليم الصبيان من آخر القرآن إلى أوله .
قال النووي - رحمه الله -: وأما تعليم الصبيان من آخر المصحف إلى أوله فحسن ليس هذا من هذا الباب، فإن ذلك قراءة متفاضلة في أيام متعددة، مع ما فيه من تسهيل الحفظ عليهم .

الترغيب في قراءة القرآن من المصحف .
قراءة القرآن من المصحف أفضل من القراءة عن ظهر القلب،
- لأن النظر في المصحف عبادة مطلوبة فتجتمع القراءة والنظر، هكذا قاله القاضي حسين ، وأبو حامد الغزالي وجماعات من السلف .
- ولأن كثيرين من الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقرؤون من المصحف، ويكرهون أن يخرج يوم ولم ينظروا في المصحف.
- وروى ابن أبي داود القراءة في المصحف عن كثيرين من السلف،
قال النووي - رحمه الله - ولو قيل: إنه يختلف باختلاف الأشخاص، فيختار القراءة في المصحف لمن استوى خشوعه وتدبره في حالتي القراءة في المصحف وعن ظهر القلب، ويختار القراءة عن ظهر القلب لمن لم يكمل بذلك خشوعه ويزيد على خشوعه وتدبره لو قرأ من المصحف، لكان هذا قولا حسنا، والظاهر أن كلام السلف وفعلهم محمول على هذا التفصيل.

حكم قراءة القرآن بالعجمية .
القول الأول : لا تجوز قراءة القرآن بالعجمية سواء أحسن العربية أو لم يحسنها، سواء كان في الصلاة أم في غيرها، فإن قرأ بها في الصلاة لم تصح صلاته هذا مذهب الشافعي ، ومذهب مالك وأحمد وداود .
القول الثاني : قال أبو حنيفة: يجوز ذلك وتصح به الصلاة .
القول الثالث :وقال أبو يوسف ومحمد: يجوز ذلك لمن لم يحسن العربية، ولا يجوز لمن يحسنها.
والقول الاول هوالراجح .

حكم القراءة بالروايات الشاذة .
لا يجوز بغير السبع ولا بالروايات الشاذة المنقولة عن القراء السبعة .
ولو قرأ بالشواذ في الصلاة بطلت صلاته إن كان عالما، وإن كان جاهلا لم تبطل، ولم تحسب له تلك القراءة،
قال العلماء: من قرأ الشاذ إن كان جاهلا به أو بتحريمه عرف بذلك، فإن عاد إليه أو كان عالما به عزر تعزيرا بليغا إلى أن ينتهي عن ذلك، ويجب على كل متمكن من الإنكار عليه والمنع الإنكار عليه ومنعه.

المقصد الرابع : استحباب قراءة الجماعة .
- فضل قراءة الجماعة .
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة، وذكره الله فيمن عنده)) رواه مسلم، وأبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم.

* مسألة : بيان الخلاف في قراءة الجماعة مجتمعين :
القول الأول : مستحبة ، للدلائل الظاهرة، وأفعال السلف والخلف المتظاهرة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة، وذكره الله فيمن عنده)) رواه مسلم، وأبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم.
وروى ابن أبي داود فعل الدراسة مجتمعين عن جماعات من أفاضل السلف والخلف وقضاة المتقدمين.
القول الثاني : بدعة منكرة .
عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب، أنه أنكر هذه الدراسة، وقال: ما رأيت ولا سمعت وقد أدركت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: ما رأيت أحدا فعلها.
وعن ابن وهب قال: قلت لمالك: أرأيت القوم يجتمعون فيقرؤون جميعا سورة واحدة حتى يختموها؟ فأنكر ذلك وعابه، وقال: ليس هكذا تصنع الناس، إنما كان يقرأ الرجل على الآخر يعرضه.
رأي الإمام النووي : قال :- رحمه الله - : هذا الإنكار منهما مخالف لما عليه السلف والخلف ولما يقتضيه الدليل فهو متروك، والاعتماد على ما تقدم من استحبابها بالشروط السابقة في احترام القرآن .

- الإدارة بالقرآن .
معناها : هو أن يجتمع جماعة يقرأ بعضهم عشرا أو جزءا أو غير ذلك ثم يسكت، ويقرأ الأخر من حيث انتهى الأول، ثم يقرأ الآخر .
حكمها :قال النووي : هذا جائز حسن ، وقد سئل مالك رحمه الله تعالى عنه، فقال: لا بأس به.

المقصد الخامس : أحكام تتعلق بصوت القارئ .

رفع الصوت بالقراءة .
جاءتت أحاديث كثيرة في الصحيح وغيره دالة على استحباب رفع الصوت بالقراءة، وجاءت آثار دالة على استحباب الإخفاء وخفض الصوت .
القول الأول : الإسرار أفضل .
أدلتهم : ماجاء في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ((الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة)) رواه أبو داود والترمذي والنسائي، قال الترمذي: حديث حسن .
قال: ومعناه أن الذي يسر بقراءة القرآن أفضل من الذي يجهر بها، لأن صدقة السر أفضل عند أهل العلم من صدقة العلانية، قال: وإنما معنى هذا الحديث عند أهل العلم: لكي يأمن الرجل من العجب، لأن الذي يسر بالعمل لا يخاف عليه من العجب كما يخاف عليه من علانيته.
القول الثاني : الجهر أفضل .
أدلتهم : - ثبت في الصحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ((ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به)) رواه البخاري ومسلم ،
ومعنى ((أذن)): استمع، وهو إشارة إلى الرضا والقبول.
- وعن أبي موسى الأشعري ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالليل حين يدخلون، وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل، وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار)) رواه البخاري ومسلم، وفي إثبات الجهر أحاديث كثيرة.
وأما الآثار عن الصحابة والتابعين من أقوالهم وأفعالهم فكثيرة جداً .
الجمع بين الأحاديث :
الجهر أفضل فيمن لا يخاف رياء ولا إعجابا ولا نحوهما من القبائح، ولا يؤذي جماعة بلبس صلاتهم وتخليطها عليهم.
قال الإمام أبو حامد الغزالي وغيره من العلماء: وطريق الجمع بين الأحاديث والآثار المختلفة في هذا: أن الإسرار أبعد من الرياء فهو أفضل في حق من يخاف ذلك ،
فإن لم يخف الرياء فالجهر ورفع الصوت أفضل،
- لأن العمل فيه أكثر .
- ولأن فائدته تتعدى إلى غيره، والمتعدي أفضل من اللازم .
- ولأنه يوقظ قلب القارئ ويجمع همه إلى الفكر فيه ويصرف سمعه إليه .
- ويطرد النوم ويزيد في النشاط، ويوقظ غيره من نائم وغافل وينشطه .
قالوا: فمهما حضره شيء من هذه النيات فالجهر أفضل، فإن اجتمعت هذه النيات تضاعف الأجر .

استحباب تحسين الصوت بالقراءة .
أجمع العلماء من السلف والخلف على استحباب تحسين الصوت بالقرآن ، ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط، فإن أفرط حتى زاد حرفا أو أخفاه فهو حرام.
- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود)) رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ((لقد رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة))، ورواه مسلم من رواية بريد بن الحصيب.
- وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لله أشد أذنا إلى الرجل حسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته)) رواه ابن ماجه.
- وفي حديث سعد بن أبي وقاص، وحديث أمامة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من لم يتغن بالقرآن فليس منا)) رواه أبو داود بإسنادين جيدين، وفي إسناد سعد اختلاف لا يضر،
قال جمهور العلماء: معنى ((لم يتغن)): لم يحسن صوته .

* مسألة : حكم القراءة بالألحان :
قال أقضى القضاة الماوردي في كتابه الحاوي: القراءة بالألحان الموضوعة؛ إن أخرجت لفظ القرآن عن صيغته بإدخال حركات فيه أو إخراج حركات منه أو قصر ممدود أو مد مقصور أو تمطيط يخفي به بعض اللفظ ويتلبس المعنى فهو حرام يفسق به القارئ ويأثم به المستمع ،
لأنه عدل به عن نهجه القويم إلى الاعوجاج والله تعالى يقول: {قرآنا عربيا غير ذي عوج}.
قال: وإن لم يخرجه اللحن عن لفظه وقراءته على ترتيله كان مباحا، لأنه زاد على ألحانه في تحسينه .
قال النووي : وهذا القسم الأول من القراءة بالألحان المحرمة مصيبة ابتلي بها بعض الجهلة الطغام الغشمة الذين يقرؤون على الجنائز وبعض المحافل، وهذه بدعة محرمة ظاهرة يأثم كل مستمع لها، كما قاله أقضى القضاة الماوردي، ويأثم كل قادر على إزالتها أو على النهي عنها إذا لم يفعل ذلك، وقد بذلت فيها بعض قدرتي، وأرجو من فضل الله الكريم أن يوفق لإزالتها من هو أهل لذلك وأن يجعله في عافية.

كيفية تحسين الصوت :
قال الشافعي : ويحسن صوته بأي وجه كان، قال: وأحب ما يقرأ حدرا وتحزينا، قال أهل اللغة: يقال: حدرت بالقراءة إذا أدرجتها ولم تمططها، ويقال: فلان يقرأ بالتحزين إذا رقق صوته.
- وقد روى ابن أبي داود بإسناده، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قرأ {إذا الشمس كورت} يحزنها شبه الرثاء.
- وفي سنن أبي داود، قيل لابن أبي مليكة: أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت؟ فقال: "يحسنه ما استطاع".

استحباب طلب القراءة من حسن الصوت .
- صح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي القرآن))، فقلت: يا رسول الله! أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: ((إني أحب أن أسمعه من غيري)) فقرأت عليه سورة النساء، حتى إذا جئت إلى هذه الآية: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا}، قال: ((حسبك الآن)) فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان، رواه البخاري ومسلم.
- وروى الدارمي وغيره بأسانيدهم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه كان يقول لأبي موسى الأشعري: (ذكرنا ربنا)، فيقرأ عنده القرآن، والآثار في هذا كثيرة معروفة.
- وهذه عادة الأخيار والمتعبدين وعباد الله الصالحين،كانوا يطلبون من أصحاب القراءة بالأصوات الحسنة أن يقرؤوا وهم يستمعون ، وهى سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

المقصد السادس : أحكام تتعلق بالقراءة .
الوقف والابتداء .
ينبغي للقارئ إذا ابتدأ من وسط السورة أو وقف على غير آخرها أن يبتدئ من أول الكلام المرتبط بعضه ببعض وأن يقف على الكلام المرتبط ،
ولا يتقيد بالأعشار والأجزاء، فإنها قد تكون في وسط الكلام المرتبط .
كالجزء الذي في قوله تعالى: {وما ؟ نفسي}، وفي قوله تعالى: {فما كان جواب قومه}، وقوله تعالى: {ومن يقنت منكن لله ورسوله}، وفي قوله تعالى: {وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء} ،
وكذلك الأحزاب كقوله تعالى: {واذكروا الله في أيام معدودات}، وقوله تعالى: {قل هل أنبئكم بخير من ذلكم}.
فكل هذا وشبيهه ينبغي أن يبتدأ به ولا يوقف عليه فإنه متعلق بما قبله، ولا يغترن بكثرة الغافلين له من القراء الذين لا يراعون هذه الآداب، ولا يفكرون في هذه المعاني.

كراهة قراءة بعض الآية .
روى ابن أبي داود بإسناده، عن عبد الله بن أبي الهذيل التابعي المعروف رضي الله عنه، قال: "كانوا يكرهون أن يقرؤوا بعض الآية ويتركوا بعضها".

قراءة سورة قصيرة بكاملها أفضل من قراءة بعض سورة طويلة بقدر القصيرة .

لأنه قد يخفى الارتباط على بعض الناس في بعض الأحوال ، وهو قول لبعض العلماء .

المقصد السابع :أحوال تكره فيها القراءة .
تكره القراءة في حالة الركوع والسجود والتشهد وغيرها من أحوال الصلاة سوى القيام .
- وتكره القراءة بما زاد على الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية إذا سمع قراءة الإمام .
- وتكره حالة القعود على الخلاء .
- وفي حالة النعاس .
- وكذا إذا استعجم عليه القرآن .
- وكذا في حالة الخطبة لمن يسمعها .
- إذا كان يقرأ فعرض له ريح فينبغي أن يمسك عن القراءة حتى يتكامل خروجها ثم يعود إلى القراءة ، كذا رواه ابن أبي داود وغيره عن عطاء، وهو أدب حسن.
- إذا تثاءب أمسك عن القراءة حتى ينقضي التثاؤب ثم يقرأ، قال مجاهد، وهو حسن، ويدل عليه ما ثبت عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فمه فإن الشيطان يدخل)) رواه مسلم.

* مسألة :حكم القراءة في الطواف .
القول الأول : لا تكره القراءة في الطواف، هذا مذهب الشافعية ، وبه قال أكثر العلماء، وحكاه ابن المنذر عن عطاء ومجاهد وابن المبارك وأبي ثور وأصحاب الرأي،
القول الثاني : كراهتها في الطواف، حكي عن الحسن البصري وعروة بن الزبير ومالك
الترجيح : والصحيح الأول .

* مسألة : حكم القراءة في الطريق .
القول الأول : جائزة غير مكروهة إذا لم يلته صاحبها، فإن التهى عنها كرهت ، وهو اختيار النووي .
كما كره النبي صلى الله عليه وسلم القراءة للناعس مخافة من الخلط، وروى أبو داود، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، أنه كان يقرأ في الطريق، وروى عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه أذن فيها.
القول الثاني : كرهها الإمام مالك .
قال ابن أبي داود: حدثني أبو الربيع، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سألت مالكا عن الرجل يصلي من آخر الليل فيخرج إلى المسجد وقد بقي من السورة التي كان يقرأ فيها شيء، قال: ما أعلم القراءة تكون في الطريق، وكره ذلك، وهذا إسناد صحيح عن مالك رحمه الله.

المقصد الثامن : أنواع من البدع المنكرة في القراءة .
- قراءة سورة الأنعام في الركعة الأخيرة في الليلة السابعة معتقدين أنها مستحبة .
- قراءة بعض الجهلة في الصبح يوم الجمعة بسجدة غير سجدة {ألم تنزيل} قاصدا ذلك، وإنما السنة قراءة {ألم تنزيل} في الركعة الأولى، و{هل أتى} في الثانية.

المقصد التاسع :حكم القراءة التي يُراد بها الكلام .
القول الأول : مكروهة ، نُقل عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه أنه كان يكره أن يقال القرآن بشيء يعرض من أمر الدنيا.
القول الثاني : جائزة .
- عن حكيم -بضم الحاء- بن سعد، أن رجلا من المحكمية أتى عليا رضي الله عنه وهو في صلاة الصبح، فقال: {لئن أشركت ليحبطن عملك}، فأجابه علي في الصلاة: {فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذي لا يوقنون}.
- قال الشافعية : إذا استأذن إنسان على المصلي، فقال المصلي: {ادخلوها بسلام آمنين}، فإن أراد التلاوة وأراد الإعلام لم تبطل صلاته، وإن أراد الإعلام ولم يحضره نية بطلت صلاته.

المقصد العاشر : أحكام قطع القراءة .
- مايتعلق بالسلام .
- إذا كان يقرأ ماشيا فمر على قوم يستحب أن يقطع القراءة ويسلم عليهم ثم يرجع إلى القراءة، ولو أعاد التعوذ كان حسنا .
- إذا كان يقرأ جالسا فمر عليه غيره :
القول الأول : يكفيه الرد بالإشارة ، وهو اختيار أبو الحسن الواحدي ، وهو قول ضعيف .
القول الثاني : وجوب الرد باللفظ ، لأن رد السلام واجب ، وهو الراجح عند الشافعية
مايتعلق بالعطاس من حمد الله ، وتشميت العاطس .
- إذا عطس في حال القراءة فإنه يستحب أن يقول: الحمد لله، وكذا لو كان في الصلاة.
- إذا عطس غيره وهو يقرأ في غير الصلاة وقال: الحمد لله يستحب للقارئ أن يشمته فيقول: يرحمك الله .
مايتعلق بمتابعة الأذان .
- سمع المؤذن قطع القراءة وأجابه بمتابعته في ألفاظ الأذان والإقامة ثم يعود إلى قراءته، وهذا متفق عليه عند الشافعية .
إذا طلبت منه حاجة في حال القراءة .
-إن أمكنه جواب السائل بالإشارة المفهمة وعلم أنه لا ينكسر قلبه ولا يحصل عليه شيء من الأذى للأنس الذي بينهما ونحوه فالأولى أن يجيبه بالإشارة ولا يقطع القراءة، فإن قطعها جاز .

* مسألة : حكم قيام القارئ لصاحب فضيلة أو حرمة .
إذا ورد على القارئ صاحب فضيلة من علم ، أو شرف أوله حرمة بولاية أو ولادة ، فلا بأس بالقيام له على سبيل الاحترام والإكرام لا للرياء والإعظام بل ذلك مستحب، وقد ثبت القيام للإكرام من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وفعل أصحابه رضي الله عنهم بحضرته وبأمره، ومن فعل التابعين ومن بعدهم من العلماء الصالحين .

المقصد الحادي عشر : أحكام القراءة في الصلاة .
مايتعلق بقراءة الفاتحة ، وسورة بعدها .
- تجب القراءة في الصلاة المفروضة بإجماع العلماء ، وتتعين قراءة الفاتحة في كل ركعة ، خلافاً لأبي حنيفة .
- تستحب قراءة السورة بعد الفاتحة في ركعتي الصبح والأولتين من باقي الصلوات ، وتطول الأولى على الثانية على المختار ، للحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطول في الأولى ما لا يطول في الثانية .
- إذا أدرك المسبوق مع الإمام الركعتين الأخيرتين من الظهر وغيرها ثم قام إلى الإتيان بما بقي عليه استحب أن يقرأ السورة ، لئلّا تخلو صلاته من سورة ، وهذا قول الشافعية ، وهو في حكم الإمام المنفرد .
أما المأموم فإن كانت صلاته سرية وجبت عليه الفاتحة واستحب له السورة، وإن كانت جهرية فإن كان يسمع قراءة الإمام كره له قراءة السورة ،
وإن كان لا يسمع القراءة فالصحيح وجوب الفاتحة واستحباب السورة، وقيل: تجب ولا تستحب السورة .
- تجب قراءة الفاتحة في الركعة الأولى من صلاة الجنازة، وأما قراءة الفاتحة في صلاة النافلة فلا بد منها ، وهي ركن على الأظهر .

حكم الجمع بين سورتين في ركعة واحدة .
لا بأس ، فقد ثبت في الصحيحين، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "لقد عرفت النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن"، فذكر عشرين سورة من المفصل كل سورتين في ركعة، وقد قدمنا عن جماعة من السلف قراءة الختمة في ركعة واحدة.

أحكام الجهر ، والإسرار بالقراءة في الصلاة .
مواضع استحباب الجهر في الصلاة بالإجماع .
- أجمع المسلمون على استحباب الجهر بالقراءة في الصبح والجمعة والعيدين والأولتين من المغرب والعشاء وفي صلاة التراويح والوتر عقيبها ،
وهذا مستحب للإمام والمنفرد بما ينفرد به منها. وأما المأموم؛ فلا يجهر بالإجماع .

حكم الجهر في نوافل النهار .
- لا يجهر في كسوف الشمس ، ولا يجهر في نوافل النهار غير ما ذكرناه من العيدين والاستسقاء.

حكم الجهر في نوافل الليل .
- واختلف الشافعية في نوافل الليل؛ فالأظهر: أنه لا يجهر، والثاني: أنه يجهر، والثالث -وهو الأصح، وبه قطع القاضي حسين والبغوي-: يقرأ بين الجهر والإسرار .
* مسألة :لو فاته صلاة بالليل فقضاها بالنهار أو بالنهار فقضاها بالليل، فهل يعتبر في الجهر والإسرار وقت الفوات أم وقت القضاء؟
فيه وجهان للشافعية ، أظهرهما: الاعتبار بوقت القضاء.

حكم الجهر في موضع الإسرار والعكس .
ولو جهر في موضع الإسرار أو أسر في موضع الجهر فصلاته صحيحة، ولكنه ارتكب المكروه، ولا يسجد للسهو.
- ويسن الجهر في صلاة كسوف القمر،ويجهر في الاستسقاء .

المراد بالإسرار بالقراءة .
قال النووي : اعلم أن الإسرار في القراءة والتكبيرات وغيرهما من الأذكار هو أن يقوله بحيث يسمع نفسه، ولا بد من نطقه بحيث يسمع نفسه إذا كان صحيح السمع ولا عارض له، فإن لم يسمع نفسه لم تصح قراءته ولا غيرها من الأذكار بلا خلاف.

سكتات الإمام في الصلاة الجهرية .
يستحب أن يسكت 1- بعد تكبيرة الإحرام، ليقرأ دعاء التوجه وليحرم المأمومون.
والثانية :عقيب الفاتحة سكتة لطيفة جدا بين آخر الفاتحة وبين (آمين)، لئلا يتوهم أن (آمين) من الفاتحة.
والثالثة: بعد (آمين) سكتة طويلة بحيث يقرأ المأمومون الفاتحة.
والرابعة: بعد الفراغ من السورة يفصل بها بين القراءة وتكبير الهوي إلى الركوع.

استحباب قول آمين بعد الفراغ من الفاتحة .
معنى آمين :
- اللهم استجب .
- وقيل: معناه: اللهم أمنا بخير .
- وقيل: هو طابع لله على عباده يدفع به عنهم الآفات .
- وقيل: هي درجة في الجنة يستحقها قائلها.
- وقيل: هو اسم من أسماء الله تعالى، وأنكر المحققون والجماهير هذا .

اللغات في (آمين) .
قال العلماء: أفصحها: آمين بالمد وتخفيف الميم .
والثانية: بالقصر، وهاتان مشهورتان .
والثالثة: آمين بالإمالة مع المد، حكاها الواحدي عن حمزة والكسائي .
والرابعة: بتشديد الميم مع المد حكاها عن الحسن والحسين ابن الفضيل ، وقد عدها أكثر أهل اللغة من لحن العوام، وقال جماعة من الشافعية : من قالها في الصلاة بطلت صلاته .

حكم التأمين ، ووقته .
- قال العلماء: ويستحب التأمين في الصلاة للإمام والمنفرد، ويجهر الإمام والمنفرد بلفظ آمين في الصلاة الجهرية.
واختلفوا في جهر المأموم؛ والصحيح: أنه يجهر، والثاني: لا يجهر، والثالث: يجهر إن كان جمعا كثيرا وإلا فلا .
- ويكون تأمين المأموم مع تأمين الإمام لا قبله ولا بعده ،
لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح: ((إذا قال الإمام: {ولا الضالين}، فقولوا: آمين، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر الله له ما تقدم من ذنبه))، وأما قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح: ((إذا أمن الإمام فأمنوا)) فمعناه: إذا أراد التأمين.
- وليس في الصلاة موضع يستحب أن يقترن قول المأموم بقول الإمام إلا في قوله: (آمين)، وأما في الأقوال الباقية فيتأخر قول المأموم.

المقصد الثاني عشر : في سجود التلاوة .
حكم سجود التلاوة .
القول الأول : واجب ، وهو قول أبو حنيفة .
دليلهم : قوله تعالى: {فما لهم لا يؤمنون * وإذا قرأ عليهم القرآن لا يسجدون}.
القول الثاني : مستحب ، وهو قول الجمهور
أدلتهم : - صح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ على المنبر يوم الجمعة سورة النمل، حتى إذا جاء السجدة نزل فسجد وسجد الناس، حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها حتى إذا جاء السجدة، قال: "يا أيها الناس إنما نمر بالسجود، فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه"، ولم يسجد عمر، رواه البخاري .
- وثبت في الصحيحين، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، أنه قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم {والنجم} فلم يسجد.
- وثبت في الصحيحين، أنه صلى الله عليه وسلم سجد في النجم، فدل على أنه ليس بواجب.
أما الجواب عن الآية التي احتج بها أبو حنيفة رضي الله عنه فظاهر، لأن المراد ذمهم على ترك السجود تكذيبا، كما قال تعالى بعده: {بل الذين كفروا يكذبون}.

بيان عدد السجدات ومحلها .
عددها : أربع عشرة سجدة ، على الصحيح من أقوال العلماء .
وأما محلها :
- فسجدة الأعراف في آخرها.
- والرعد: عقيب قوله عز وجل: {بالغدو والآصال}.
- والنحل: {ويفعلون ما يؤمرون}.
- وفي سبحان: {ويزيدهم خشوعا}.
- وفي مريم: {خروا سجدا وبكيا}.
- والأولى من سجدتي الحج: إن الله يفعل ما يشاء}، والثانية: {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون}.
- والفرقان: {وزادهم نفورا}.
- والنمل: {رب العرش العظيم}.
- و{أ لم* تنزيل}: {وهم لا يستكبرون}.
- وحم: {لا يسأمون}.
- والنجم في آخرها.
- و{إذا السماء انشقت}: {لا يسجدون}.
- و{اقرأ} في آخرها.

حكم سجدة التلاوة في اشتراط الطهارة ، وفي استقبال القبلة ، وستر العورة .
مذهب الشافعية أنها في حكم الصلاة النافلة في اشتراط الطهارة عن الحدث وعن النجاسة، وفي استقباله القبلة، وستر العورة .

فيمن يسن له سجود التلاوة .
- يسن للقارئ والمستمع والسامع ، سواء كان في الصلاة أو خارجها ، وسواء سجد القارئ أولم يسجد في المشهور عند الشافعية وفيما رجحه النووي ، وقال الصيدلاني من أصحاب الشافعي: لا يسن السجود إلا أن يسجد القارئ .
- ولا فرق بين أن يكون القارئ مسلما بالغا متطهرا رجلا، وبين أن يكون كافرا أو صبيا أو محدثا أو امرأة، هذا هو الصحيح عند الشافعية ، وبه قال أبو حنيفة .
- وقال بعض الشافعية : لا يسجد لقراءة الكافر والصبي والمحدث والسكران .
- وقال جماعة من السلف: لا يسجد لقراءة المرأة، حكاه ابن المنذر عن قتادة ومالك وإسحق، والصواب يسجد .

وقت السجود للتلاوة .
قال العلماء: ينبغي أن يقع عقيب آية السجدة التي قرأها أو سمعها، فإن أخر ولم يطل الفصل سجد، وإن طال فقد فات السجود .

حكم قراءة السجدات كلها أو سجدات منها في مجلس واحد .
يسجد لكل سجدة بلا خلاف، فإن كرر الآية الواحدة في مجالس سجد لكل مرة بلا خلاف،
فإن كررها في المجلس الواحد نظر فإن لم يسجد للمرة الأولى كفاه سجدة واحدة عن الجميع، وإن سجد للأولى ففيه ثلاثة أوجه:
الأول : يسجد لكل مرة سجدة لتجدد السبب بعد توفية حكم الأولى ، وهواختيار النووي .
والثاني: يكفيه سجدة الأولى عن الجميع، وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله، قال صاحب العدة من أصحابنا: وعليه الفتوى، واختاره الشيخ نصر المقدسي .
والثالث: إن طال الفصل سجد، وإلا فتكفيه الأولى .
أما إذا كرر السجدة الواحدة في الصلاة فإن كان في ركعة فيه كالمجلس الواحد فيكون فيه الأوجه الثلاثة، وإن كان في ركعتين فكالمجلسين فيعيد السجود بلا خلاف.

كيفية سجود التلاوة للراكب .
إذا قرأ السجدة وهو راكب على دابة في السفر سجد بالإيماء ، وهو مذهب الجمهور .
وأما الراكب في الحضر فلا يجوز أن يسجد بالإيماء.

حكم قراءة السجدة بغير العربية .
القول الاول : لو قرأ آية السجدة بالفارسية لا يسجد ، كما لو فسر آية سجدة ، وهو قول الشافعية .
القول الثاني : قال أبو حنيفة: يسجد.

* مسألة : رفع المستمع من السجود قبل القارئ .
إذا سجد المستمع مع القارئ لا يرتبط به، ولا ينوي الاقتداء به، وله الرفع من السجود قبله.

حكم قراءة آية السجدة للإمام .
القول الأول : لا تكره سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية، وهو قول الشافعية ، ويسجد إذا قرأها .
القول الثاني : يكره ذلك مطلقا ، وهو قول مالك .
القول الثالث : يكره في السرية دون الجهرية ، وهو قول أبوحنيفة .

حكم سجود التلاوة في أوقات النهي .
القول الأول : لا يكره سجود التلاوة في الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، وهو قول الشافعية وأبوحنيفة ، ومالك في إحدى الروايتين ، وهو الراجح .
والقول الثاني : يكره ، ذكر ذلك طائفة من العلماء، منهم عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب ومالك في الرواية الأخرى وإسحق بن راهويه وأبو ثور.

مايشرع قوله في سجود التلاوة .
يسبح بما يسبح به في سجود الصلاة، فيقول ثلاث مرات: سبحان ربي الأعلى، ثم يقول: اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته تبارك الله أحسن الخالقين .
- ويقول: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، فهذا كله مما يقوله المصلي في سجوده في الصلاة.
- ويقول: اللهم اكتب لي بها عندك أجرا، واجعلها لي عندك ذخرا، وضع عني وزرا، واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود .


* مسألة : هل يفتقر سجود التلاوة إلى السلام؟
فيه قولان منصوصان للشافعي مشهوران:
الأول : أنه يفتقر لافتقاره إلى الإحرام ويصير كصلاة الجنارة، ويؤيد هذا ما رواه ابن أبي داود بإسناده الصحيح، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان إذا قرأ السجدة سجد ثم سلم ، وهو اختيار جمهور الشافعية .
والثاني: لا يفتقر كسجود التلاوة في الصلاة، ولأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
فعلى الأول هل يفتقر إلى التشهد ؟ فيه وجهان، أصحهما لا يفتقر كما لا يفتقر إلى القيام .

- أما الآداب في هيئة السجود والتسبيح فعلى ما تقدم في السجود خارج الصلاة، ثم إذا رفع من السجود قام ولا يجلس للاستراحة بلا خلاف .

المقصد الثالث عشر : الأوقات المختارة للقراءة .
- أفضل القراءة ما كان في الصلاة، ومذهب الشافعي وغيره أن تطويل القيام في الصلاة أفضل من تطويل السجود.
- وأما القراءة في غير الصلاة؛ فأفضلها قراءة الليل، والنصف الأخير من الليل أفضل من النصف الأول، والقراءة بين المغرب والعشاء محبوبة.
- وأما القراءة في النهار؛ فأفضلها بعد صلاة الصبح، ولا كراهية في القراءة في وقت من الأوقات لمعنى فيه .

الأدب فيمن ارتجت عليه القراءة ، فسأل عنه غيره .
إذا أرتج على القارئ ولم يدر ما بعد الموضع الذي انتهى إليه فسأل عنه غيره فينبغي أن يتأدب بما جاء عن عبد الله بن مسعود وإبراهيم النخعي وبشير بن أبي مسعود رضي الله عنهم، قالوا: (إذا سأل أحدكم أخاه عن آية فليقرأ ما قبلها ثم يسكت، ولا يقول: كيف كذا وكذا، فإنه يلبس عليه).

* مسألة : ( قال الله تعالى )كذا ، و ( الله تعالى يقول ) كذا .
لا كراهة في شيء من هذا .
الدليل : - ماجاء في صحيح مسلم، عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله سبحانه وتعالى: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها)).
- وفي صحيح البخاري، في باب تفسير {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}، فقال أبو طلحة: (يا رسول الله! إن الله تعالى يقول: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون})، فهذا كلام أبي طلحة في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم.



المقصد الكلي للباب السابع : حق القرآن الكريم على الناس .

المقاصد الفرعية :
المقصد الأول : النصيحة لكتاب الله تعالى .
معنى النصيحة لكتاب الله .
قال العلماء رحمهم الله: النصيحة لكتاب الله تعالى هي - الإيمان بأنه كلام الله تعالى وتنزيله لا يشبهه شيء من كلام الخلق ولا يقدر على مثله الخلق بأسرهم ،
- ثم تعظيمه وتلاوته حق تلاوته وتحسينها والخشوع عندها وإقامة حروفه في التلاوة، والذب عنه لتأويل المحرفين وتعرض الطاغين ،
- والتصديق بما فيه والوقوف مع أحكامه وتفهم علومه وأمثاله والاعتناء بمواعظه والتفكر في عجائبه
- والعمل بمحكمه والتسليم بمتشابهه، والبحث عن عمومه وخصوصه وناسخه ومنسوخه، ونشر علومه والدعاء إليه وإلى ما ذكرناه من نصيحته.

الدليل على وجوب النصيحة لكتاب الله .
عن تميم الداري رضي الله عنه، قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة))، قلنا: لمن؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)). رواه مسلم .

ويدخل في النصيحة لكتاب الله عدة أمور :
1- وجوب الإيمان بالقرآن .
* مسألة : حكم من استخف بالقرآن أو المصحف أوأي كتاب منزل ، ولو بشيء منه أو سبه أو جحد حرفا منه أو كذب بشيء مما صرح به فيه من حكم أو خبر أو أثبت ما نفاه أو نفى ما أثبته وهو عالم بذلك أو شاك .
هو كافر بإجماع المسلمين .
- وقد اتفق فقهاء بغداد على استتابة ابن شنبوذ المقرئ أحد أئمة المقرئين المتصدرين بها مع ابن مجاهد لقراءته وإقرائه بشواذ من الحروف مما ليس في المصحف، وعقدوا عليه للرجوع عنه والتوبة سجلا أشهدوا فيه على نفسه في مجلس الوزير أبي علي بن مقلة سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة .

* مسألة : حكم من لعن المصحف .
قال القاضي عياض : يُقتل .

2- وجوب تعظيم القرآن .
* مسألة : حكم تفسير القرآن بغير علم .
محرم على من ليس من أهله ، لكن له أن ينقل التفسير عن المعتمدين من أهله .

- شروط تفسير القرآن :
- أن يكون المفسر أهلا للتفسير ، عالماً ، جامعا للأدوات التي يعرف بها معناه وغلب على ظنه المراد وكان المُفَسَّر مما يدرك بالاجتهاد كالمعاني والأحكام الجلية والخفية والعموم والخصوص والإعراب وغير ذلك ، جاز له تفسيره .
- وإن كان مما لا يدرك بالاجتهاد كالأمور التي طريقها النقل وتفسير الألفاظ اللغوية فلا يجوز الكلام فيه إلا بنقل صحيح من جهة المعتمدين من أهله .
- ولا يكفي مع ذلك معرفة العربية وحدها بل لا بد معها من معرفة ما قاله أهل التفسير فيها، فقد يكونون مجتمعين على ترك الظاهر أو على إرادة الخصوص أو الإضمار وغير ذلك مما هو خلاف الظاهر، وكما إذا كان اللفظ مشتركا في معان فعلم في موضع أن المراد أحد المعاني ثم فسر كل ما جاء به، فهذا كله تفسير بالرأي، وهو حرام .

أقسام المفسرون برأيهم من غير دليل صحيح :
- منهم من يحتج بأنه على تصحيح مذهبه وتقوية خاطره مع أنه لا يغلب على ظنه أن ذلك هو المراد بالآية وإنما يقصد الظهور على خصمه ،
- ومنهم من يقصد الدعاء إلى خير ويحتج بآية من غير أن تظهر له دلالة لما قاله ،
- ومنهم من يفسر ألفاظه العربية من غير وقوف على معانيها عند أهلها وهي مما لا يؤخذ إلا بالسماع من أهل العربية وأهل التفسير كبيان معنى اللفظ وإعرابها وما فيها من الحذف والاختصار والإضمار والحقيقة والمجاز والعموم والخصوص والتقديم والتأخير والإجمال والبيان وغير ذلك مما هو خلاف الظاهر.

المِراء في القرآن بغير حق .
معناه : ، قال الخطابي: المراد بالمراء الشك، وقيل: الجدال المشكك فيه، وقيل: وهو الجدال الذي يفعله أهل الأهواء في آيات القدر ونحوها.
و من ذلك أن يظهر فيه دلالة الآية على شيء يخالف مذهبه ويحتمل احتمالا ضعيفا موافقة مذهبه فيحملها على مذهبه، ويناظر على ذلك مع ظهورها في خلاف ما يقول، وأما من لا يظهر له ذلك فهو معذور.
حكمه :
محرم .
الدليل :
صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((المراء في القرآن كفر)) .

- منع الكافر من مس المصحف .
يمنع الكافر من مس المصحف ، ولا يمنع الكافر من سماع القرآن لقول الله تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله}.
* مسألة :حكم تعليم الكافر القرآن .
إن كان لا يرجى إسلامه لم يجز تعليمه،
وإن رجي إسلامه ففيه وجهان:
أصحهما: يجوز رجاء إسلامه.
والثاني: لا يجوز، كما لا يجوز بيع المصحف منه وإن رجي إسلامه،
وأما إذا رأيناه يتعلم فهل يمنع؟ فيه وجهان ، وهذا كله عند الشافعية .

3- استعمال الأدب مع القرآن .
- ينبغي لمن أراد السؤال عن تقديم آية على آية في المصحف أو مناسبة هذه الآية في هذا الموضع ونحو ذلك أن يقول: ما الحكمة في كذا؟

- أفتى محمد بن أبي زيد فيمن قال لصبي: لعن الله معلمك وما علمك، قال: أردت سوء الأدب ولم أرد القرآن، قال: يؤدب القائل .

كراهة قول نسيت آية كذا ، بل يقول: أنسيتها أو أسقطتها.
الدليل : ثبت في الصحيحين، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقول أحدكم: نسيت آية كذا وكذا، بل هو شيء نسي))، وفي رواية في الصحيحين أيضا: ((بئسما لأحدكم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي)).
وثبت في الصحيحين أيضا، عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقرأ فقال: ((رحمه الله، لقد ذكرني آية كنت أسقطتها))، وفي رواية في الصحيح: ((كنت أنسيتها)).

- يكره نقش الحيطان والثياب بالقرآن وبأسماء الله تعالى، قال عطاء: لا بأس بكتب القرآن في قبلة المسجد .

- جواز قول سورة البقرة ، وسورة آل عمران ، وسورة النساء وكذا الباقي، لا كراهة في ذلك ، خلافاً لبعض المتقدمين الذين قالوا : يقال السورة التي يذكر فيها البقرة .
الدليل : ثبت في الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: ((سورة البقرة)) و((سورة الكهف))، وغيرهما مما لا يحصى، وكذلك عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
قال ابن مسعود: "هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة"، وعنه، في الصحيحين: "قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة النساء"، والأحاديث وأقوال السلف في هذا أكثر من أن تحصر.

- لا يكره أن يقال: هذه قراءة أبي عمرو أو قراءة نافع أو حمزة أو الكسائي أو غيرهم، هذا هو المختار، الذي عليه السلف والخلف من غير إنكار، وروى ابن أبي داود، عن إبراهيم النخعي، أنه قال: "كانوا يكرهون أن يقال: سنة فلان وقراءة فلان"، والصحيح ما قدمناه.

4- الإستشفاء بالقرآن .
- اختلف العلماء في كتابة القرآن في إناء ثم يغسل ويسقى المريض .
فقال الحسن ومجاهد وأبو قلابة والأوزاعي: لا بأس به، وكرهه النخعي.
قال القاضي حسين والبغوي وغيرهما من أصحابنا: ولو كتب القرآن على الحلوى وغيرها من الأطعمة فلا بأس بأكلها .

- كتابة الحروز من القرآن .
فقال مالك: لا بأس به إذا كان في قصبة أو جلد وخرز عليه ،
وقال بعض الشافعية : إذا كتب في الخرز قرآنا مع غيره فليس بحرام، ولكن الأولى تركه، لكونه يحمل في حال الحدث، وإذا كتب يصان وبهذا أفتى الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله.

النفث مع القرآن للرقية .
معنى النفث : قال أهل اللغة: النفث: نفخ لطيف بلا ريق .
حكمه : فيه قولان للعلماء .
القول الأول : مكروه .رواه ابن أبي داود، عن أبي جحيفة الصحابي رضي الله عنه وعن الحسن البصري وإبراهيم النخعي .
القول الثاني : سنة مستحبة ، وهو الراجح .
الدليل : ثبت عن عائشة رضي الله عنها، (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما {قل هو الله أحد} و{قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس}، ثم مسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات) رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
وفي روايات في الصحيحين زيادة على هذا، ففي بعضها قالت عائشة رضي الله عنها: (فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به) ،
وفي رواية قالت عائشة رضي الله عنها: (فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن وأمسح بيد نفسه لبركتها) .



المقصد الكلي للباب الثامن : بيان الآيات والسور المستحبة في أوقات وأحوال مخصوصة .

المقاصد الفرعية :
المقصد الأول : السور المستحب قرائتها في الصلاة .
السور المستحب قراءتها يوم الجمعة :
مايقرأه في صلاة الصبح :
السنة أن يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة بعد الفاتحة في الركعة الأولى سورة {ألم تنزيل} بكمالها، وفي الثانية {هل أتى على الإنسان} بكمالها .
مايقرأه في صلاة الجمعة .
السنة أن يقرأ في صلاة الجمعة في الركعة الأولى سورة الجمعة بكمالها، وإن شاء {سبح اسم ربك الأعلى}، وفي الثانية {هل أتاك حديث الغاشية}، فكلاهما صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

السور المستحب قرائتها يوم العيد .
السنة في صلاة العيد في الركعة الأولى سورة ق، وفي الثانية سورة الساعة بكمالها، وإن شاء "سبح"، و"هل أتاك"، فكلاهما صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه أن جتنب الاقتصار على البعض.

السور المستحب قرائتها في ركعتي سنة الفجر ، وركعتي سنة المغرب ، وركعتي الاستخارة ، وفي الطواف .
يقرأ بعد الفاتحة في الأولى {قل يا أيها الكافرون}، وفي الثانية {قل هو الله أحد} .
وإن شاء قرأ في سنة الفجر : الأولى {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا} الآية، وفي الثانية {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم}، فكلاهما صحيح من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

السور المستحب قرائتها لمن أوتر بثلاث ركعات .
ويقرأ من أوتر بثلاث ركعات في الركعة الأولى {سبح اسم ربك الأعلى} وفي الثانية {قل يا أيها الكافرون} وفي الثالثة {قل هو الله أحد} والمعوذتين.

المقصد الثاني : السور المستحب قرائتها في مواطن متفرقة غير الصلاة .
السورة المستحب قرائتها يوم الجمعة .
يستحب أن يقرأ سورة الكهف يوم الجمعة، لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وغيره فيه.
قال الإمام الشافعي في الأم: ويستحب أن يقرأها أيضا ليلة الجمعة .
الدليل : ما رواه أبو محمد الدارمي بإسناده، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: (من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له النور فيما بينه وبين البيت العتيق).

الآيات المستحب قرائتها إذا استيقظ من النوم ليلاً .
يستحب أن يقرأ إذا استيقظ من النوم كل ليلة آخر آل عمران، من قوله تعالى: {إن في خلق السماوات والأرض} إلى آخرها،
الدليل : ثبت في الصحيحين: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ خواتيم آل عمران إذا استيقظ).

السور المستحب قرائتها عند المريض .
يستحب أن يقرأ عند المريض بالفاتحة، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح فيها: ((وما أدراك أنها رقية)).
ويستحب أن يقرأ عنده {قل هو الله أحد} و{قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس} مع النفث في اليدين،
فقد ثبت في الصحيحين من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم بيانه .
وعن طلحة بن مطرف، قال: "كان المريض إذا قرئ عنده القرآن وجد لذلك خفة"، فدخلت على خيمته وهو مريض فقلت: إني أراك اليوم صالحا، فقال: "إني قرئ عندي القرآن".

السور المستحب قرائتها عند الميت .
يستحب أن تقرأ عنده يس، وهذا قول علماء الشافعية .
دليلهم : حديث معقل بن يسار رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((اقرؤوا يس على موتاكم))، رواه أبو داود والنسائي في عمل اليوم والليلة، وابن ماجه بإسناد ضعيف.
وروى مجالد، عن الشعبي، قال: كانت الأنصار إذا حضروا عند الميت قرؤوا سورة البقرة، ومجالد ضعيف .

السور المستحب قرائتها في عدة مواطن :
آية الكرسي :
عند النوم : روى عن أبي داود بإسناده، عن علي كرم الله وجهه، قال: (ما كنت أرى أحدا يعقل دخل في الإسلام ينام حتى يقرأ آية الكرسي).
ويستحب الإكثار من تلاوتها في جميع المواطن ، فتقرأ في أذكار اليوم والليلة ، وعقب كل صلاة .

المعوذتين :
عقب كل صلاة : فقد صح عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: (أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ المعوذتين دبر كل صلاة)، رواه أبو داود والترمذي والنسائي، قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
في أذكار اليوم والليلة :
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تمر بك ليلة إلا قرأت فيها {قل هو الله أحد} والمعوذتين))، فما أتت علي ليلة إلا وأنا أقرؤهن.
وعن إبراهيم النخعي قال: (كانوا يستحبون أن يقرؤوا هذه السور كل ليلة ثلاث مرات: {قل هو الله أحد} والمعوذتين)، إسناده صحيح على شرط مسلم.
عند النوم :
عن عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كل ليلة يقرأ {قل هو الله أحد} والمعوذتين) .
عن إبراهيم النخعي : (كانوا يعلمونهم إذا أووا إلى فراشهم أن يقرؤوا المعوذتين).

خواتيم سورة البقرة :
في أذكار اليوم والليلة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأ بهما في ليلة كفتاه))، قال جماعة من العلماء: كفتاه من قيام الليل، وقال آخرون: كفتاه المكروه في ليلته.
قبل النوم : عن علي رضي الله عنه أيضا، قال: (ما كنت أرى أحدا يعقل ينام قبل أن يقرأ الآيات الثلاث الأواخر من سورة البقرة) إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.



المقصد الكلي للباب التاسع : في كتابة المصحف ، وإكرام المصاحف .
المقاصد الفرعية :
المقصد الأول : أحكام كتابة المصحف ، وآدابه .
حكم كتابة المصاحف : اتفق العلماء على استحباب كتابة المصاحف .
آداب كتابة المصحف :
- يستحب تحسين كتابتها وتبيينها وإيضاحها وتحقق الخط دون مشقة .
* مسألة : حكم نقط المصحف وشكله :
القول الأول : قال العلماء: ويستحب نقط المصحف وشكله، فإنه صيانة من اللحن فيه وتصحيفه،
القول الثاني : كره الشعبي والنخعي النقط .
الجواب عن القول الثاني :
- إنما كرهاه في ذلك الزمان خوفا من التغيير فيه، وقد أمن ذلك اليوم فلا منع ،
- ولا يمتنع من ذلك لكونه مُحدَثا فإنه من المحدثات الحسنة، فلم يمنع منه كنظائره مثل تصنيف العلم وبناء المدارس والرباطات وغير ذلك .

- لا تجوز كتابة القرآن بشيء نجس، وتكره كتابته على الجدران عند الشافعية .

المقصد الثاني : إكرام المصاحف ، وصيانتها .
حكم صيانة المصاحف واحترامها :
أجمع المسلمون على وجوب صيانة المصحف واحترامه.

أوجه من إكرام المصحف :
- يستحب أن يقوم للمصحف إذا قدم به عليه، لأن القيام مستحب للفضلاء من العلماء والأخيار فالمصحف أولى .
- وروى النووي في مسند الدارمي بإسناد صحيح، عن ابن أبي مليكة، أن عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه كان يضع المصحف على وجهه، ويقول: كتاب ربي، كتاب ربي).

أوجه من صيانة المصحف ذكرها - النووي رحمه الله -:
- لو ألقاه مسلم في القاذورة والعياذ بالله تعالى صار الملقي كافرا .
- ويحرم توسده، بل توسد آحاد كتب العلم حرام.
- وتحرم المسافرة بالمصحف إلى أرض العدو إذا خيف وقوعه في أيديهم، للحديث المشهور في الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى ارض العدو.
- ويحرم بيع المصحف من الذمي، فإن باعه ففي صحة البيع قولان للشافعي:
أصحهما: لا يصح،
والثاني: يصح، ويؤمر في الحال بإزالة ملكه عنه،
- ويمنع المجنون والصبي الذي لا يميز من مس المصحف مخافة من انتهاك حرمته، وهذا المنع واجب على الولي وغيره ممن رآه يتعرض لحمله.
- وللشافعية وجهان مشهوران في وجوب تكليف الصبي المميز الطهارة لحمل المصحف واللوح اللذين يقرأ فيهما ، أصحهما : لا يجب للمشقة.
- إذا كان في موضع من بدن المتطهر نجاسة غير معفو عنها حرم عليه مس المصحف بموضع النجاسة بلا خلاف، ولا يحرم بغيره على الصحيح عند الشافعية .

المقصد الثالث : أحكام مس المصحف للجنب ، والمُحدث .
حكم مس المحدث المصحف ، وحمله له.
- يحرم على المحدث مس المصحف وحمله، سواء حمله بعلاقته أو بغيرها، سواء مس نفس الكتابة أو الحواشي أو الجلد، ويحرم مس الخريطة والغلاف والصندوق إذا كان فيهن المصحف، هذا هو اختيار النووي ، وقيل: لا تحرم هذه الثلاثة، وضعفه .
ولو كتب القرآن في لوح فحكمه حكم المصحف سواء قل المكتوب أو كثر، حتى لو كان بعض آية كتب للدراسة حرم مس اللوح.

حكم تصفح المحدث والجنب أوراق المصحف بعود :
- إذا تصفح المحدث أو الجنب أو الحائض أوراق المصحف بعود أو شبهه ففي جوازه وجهان للشافعية ،
أظهرهما: جوازه، لأنه غير ماس ولا حامل .
والثاني: تحريمه، لأنه يعد حاملا للورقة والورقة كالجميع .

حكم لف الكم على اليد وقلب الصفحة للمحدث .
قال النووي : إذا لف كمه على يده وقلب الورقة فحرام بلا خلاف، وغلط بعض أصحابنا فحكى فيه وجهين، والصواب القطع بالتحريم، لأن القلب يقع باليد لا بالكم.

حكم كتابة الجنب والمحدث للمصحف .
إذا كتب الجنب أو المحدث مصحفا يحمل الورقة أو جسها حال الكتابة فحرام ،
وإن لم يحملها ولم يمسها ففيه ثلاثة أوجه:
الصحيح: جوازه، والثاني: تحريمه، والثالث: يجوز للمحدث، ويحرم على الجنب.

حكم حمل المحدث والجنب كتاباً ، أو ثوباً مطرزاً ، أو دنانير فيها آيات من القرآن .
إذا مس المحدث أو الجنب أو الحائض أو حمل كتابا فيه آيات من القرآن أو ثوبا مطرزا بالقرآن أو دراهم أو دنانير منقوشة به أو حمل متاعا في جملته مصحف أو لمس الجدار أو الحلوى أو الخبز المنقوش به فالمذهب الصحيح جواز هذا كله، لأنه ليس بمصحف، وفيه وجه أنه حرام.
وقال الماوردي : يجوز مس الثياب المطرزة بالقرآن، ولا يجوز لبسها بلا خلاف، لأن المقصود بلبسها التبرك بالقرآن، واختار النووي جواز لبسها .

حكم مس الجنب والمحدث كتب التفسير .
إن كان القرآن فيها أكثر من غيره حرم مسها وحملها، وإن كان غيره أكثر كما هو الغالب ففيها ثلاثة أوجه:
أصحها: لا يحرم.
والثاني: يحرم.
والثالث: إن كان القرآن بخط متميز بغلظ أو حمرة أو غيرها حرم، وإن لم يتميز لم يحرم.
قال النووي : ويحرم المس إذا استويا.
قال صاحب التتمة : وإذا قلنا لا يحرم فهو مكروه .

حكم مس كتب حديث النبي صلى الله عليه وسلم للجنب والمحدث .
وأما كتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن لم يكن فيها آيات من القرآن لم يحرم مسها، والأولى أن لا تمس إلا على طهارة،
وإن كان فيها آيات من القرآن لم يحرم على المذهب الشافعي ، وفيه وجه أنه يحرم، وهو الذي في كتب الفقه.
- وأما المنسوخ تلاوته كـ"الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" وغير ذلك، فلا يحرم مسه ولا حمله، وكذلك التوراة والإنجيل.

المقصد الرابع : حكم بيع المصحف وشراؤه .
القول الأول : يصح بيع المصحف وشراؤه ،قال به الحسن البصري وعكرمة والحكم بن عيينة وهو مروي عن ابن عباس .
القول الثاني : يكره بيعه ، مع الترخيص في شرائه . وهو وجه للشافعي و حكاه ابن المنذر عن ابن عباس وسعيد بن جبير وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه رضي الله نهم أجمعين .
القول الثالث : كرهت طائفة من العلماء بيعه وشراؤه، وحكاه ابن المنذر عن علقمة وابن سيرين والنخعي وشريح ومسروق وعبد الله بن يزيد.
وروي عن ابن عمر وأبي موسى الأشعري التغليظ في بيعه.

المقصد الكلي للباب العاشر: في ضبط الأسماء واللغات المذكورة في الكتاب على ترتيب وقوعها
وفيه بيان لبعض المفردات الصعبة في اللغة ، وذكر لأسماء بعض الرواة ومن ذكرهم النووي في كتابه .

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 شوال 1436هـ/9-08-2015م, 02:53 AM
سارة المشري سارة المشري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 544
افتراضي

المقصد الكلي للكتاب : فضل القرآن وأهله ، وآداب حامل القرآن .
المقاصد الفرعية للكتاب :
مقصد الباب الأول : بيان فضل القرآن ، وفضل تعلّمه وتعليمه وفضل أصحاب القرآن .
مقصد الباب الثاني : رفعة القرآن لقارئه ، وفضل القرآن على ماسواه من الذكر المطلق .
مقصد الباب الثالث : وجوب إكرام أهل القرآن ، والنهي عن إيذائهم .
مقصد الباب الرابع : في آداب معلم القرآن ومتعلمه .
مقصد الباب الخامس : أدب حامل القرآن مع القرآن .
مقصد الباب السادس : بيان آداب قراءة القرآن .
مقصد الباب السابع : حق القرآن الكريم على الناس .
مقصد الباب الثامن : بيان الآيات والسور المستحبة في أوقات وأحوال مخصوصة .
مقصد الباب التاسع : في كتابة المصحف ، وإكرام المصاحف .
مقصد الباب العاشر : في ضبط الأسماء واللغات المذكورة في الكتاب على ترتيب وقوعها .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 15 ذو القعدة 1436هـ/29-08-2015م, 10:37 PM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سارة المشري مشاهدة المشاركة
تلخيص مقاصد كتاب التبيان في آداب حامل القرآن

المقصد الكلي للكتاب : فضل القرآن وأهله ، وآداب حامل القرآن [ أحسنتِ وهذه أهم المقاصد لكن لا نغفل بيان باقي المقاصد في العنوان مثلا نقول :
بيان آداب حامل القرآن عامة مع القرآن وفي نفسه ومع غيره ، وآداب معلمه ومتعلمه ، وبيان فضل حامل القرآن وما يجب على المسلم تجاه القرآن وتجاه حامله ، وبيان السور والآيات التي يستحب قراءتها في أوقات مخصوصة وآداب كتابة المصحف وصور إكرامه ]

المقصد الكلّي للباب الأول :
بيان فضل القرآن، وفضل تعلّمه وتلاوته وتعليمه، وفضل أصحاب القرآن.

المقاصد الفرعية للباب الأول :

المقصد الأول: بيان فضل القرآن
- فضل القرآن.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول سبحانه وتعالى: (من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين) ، وفضل كلام الله سبحانه وتعالى عن سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه)) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب.

- الأمر بقراءة القرآن .
عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، قال: سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه)) رواه مسلم.
وروى الدارمي بإسناده أن عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اقرؤوا القرآن؛ فإن الله تعالى لا يعذب قلبا وعي القرآن، وإن هذا القرآن مأدبة الله فمن دخل فيه فهو آمن، ومن أحب القرآن فليبشر)).

المقصد الثاني: بيان فضل تعلّم القرآن وتعليمه
فضل تعلّم القرآن وتعليمه .
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) رواه البخاري .

تفضيل تعلّم القرآن على الجهاد المستحب.
وعن الحميدي الجمالي، قال: سألت سفيان الثوري عن الرجل يغزو أحب إليك أو يقرأ القرآن؟ فقال: "يقرأ القرآن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: ((قال خيركم من تعلم القرآن وعلمه))".

المقصد الثالث: بيان فضل تلاوة القرآن
- ثواب تلاوة القرآن
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول {الم} حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

المقصد الرابع: بيان فضل صاحب القرآن
- فضل الذين يتلون كتاب الله تعالى
قال الله عز وجل: {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور * ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور}.

- فضل المؤمن الذي يقرأ القرآن
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها طيب حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر)) رواه البخاري ومسلم.

- فضل من قرأ القرآن وعمل به
عن معاذ بن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس الله والديه تاجا يوم القيامة ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا، فما ظنكم بالذي عمل بهذا)) رواه أبو داود.
- فضل الماهر بالقرآن، وبيان ثواب الذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وهو يتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران)) رواه البخاري ومسلم .

- فضل من وعى قلبه القرآن
وروى الدارمي بإسناده أن عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اقرؤوا القرآن؛ فإن الله تعالى لا يعذب قلبا وعي القرآن، وإن هذا القرآن مأدبة الله فمن دخل فيه فهو آمن، ومن أحب القرآن فليبشر)).

- بيان رفعة أهل القرآن
عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تعالى يرفع بهذا الكلام أقواما ويضع به آخرين)) رواه مسلم.

- شفاعة القرآن لأصحابه يوم القيامة
عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، قال: سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه)) رواه مسلم.

- فضل صاحب القرآن في الآخرة
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)) رواه أبو داود والترمذي والنسائي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

- غبطة صاحب القرآن
عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا حسد إلا في إثنتين؛ رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار)) رواه البخاري ومسلم .

- ذمّ من ليس في جوفه شيء من القرآن
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب)) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح .



المقصد الكلي للباب الثاني : رفعة القرآن الكريم لقارئه ، وفضل القرآن على ماسواه من الذكر المطلق .

المقاصد الفرعية للباب الثاني :
المقصد الأول :رفعة القرآن لقارئه وتقديمه على من سواه .
- الأمر بتقديم الأقرألكتاب الله في الإمامة .
ثبت عن أبي مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى)) رواه مسلم.
- تقديم الأقرأ لكتاب الله في المشورة حتى لو كانوا أصغر سناً .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان القراء أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشاورته كهولا وشبابا) رواه البخاري في صحيحه.

المقصد الثاني : فضل القرآن على ماسواه من أنواع الذكر المطلق .
تفضيل قراءة القرآن على أنواع الذكر المطلقة .
المذهب الصحيح المختار الذي عليه من يعتمد من العلماء: أن قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل وغيرهما من الأذكار، وقد تظاهرت الأدلة على ذلك، والله أعلم.



المقصد الكلي للباب الثالث :
وجوب إكرام أهل القرآن ، والنهي عن إيذائهم .

المقاصد الفرعية للباب الثالث :
المقصد الأول : بيان فضل أهل القرآن .
حامل القرآن بحق من أهل العلم وهو وليٌّ لله تعالى .
عن الإمامين الجليلين أبي حنيفة والشافعي رضي الله عنهما، قالا: "إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي".

المقصد الثاني : وجوب إكرام أهل القرآن .
- الأمر بخفض الجناح لهم .
قال تعالى: {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين} .

- الأمر بإنزالهم منازلهم .
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم) رواه أبو داود في سننه، والبزار في مسنده، قال الحاكم : هوحديث صحيح.

- الأمر بتقديم الأكثر أخذاً للقرآن باللحد .
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد، ثم يقول: ((أيهما أكثر أخذا للقرآن؟))، فإن أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد، رواه البخاري.

المقصد الثالث : سبب الأمر بإكرام أهل القرآن .
إكرام أهل القرآن من تعظيم شعائر الله .
قال الله عز وجل: {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} .

إكرام أهل القرآن من تعظيم حرمات الله .
قال الله تعالى: {ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه} .

- إكرام أهل القرآن من إجلال الله تعالى .
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط)) رواه أبو داود وهو حديث حسن .

- إكرام أهل القرآن طاعة لله واستجابة لأمره .
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم) رواه أبو داود في سننه، والبزار في مسنده، قال الحاكم : هوحديث صحيح.

المقصد الرابع : تحريم إيذاء حامل القرآن .
- عظيم الإثم في إيذاء أهل القرآن .
قال تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا}.

- أهل القرآن يحافظون على صلاة الصبح ، فهم في ذمة الله .
ثبت في الصحيحين، عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من صلى الصبح فهو في ذمة الله تعالى، فلا يطلبنكم الله بشيء من ذمته)).

- إيذان الله بالحرب لمن آذاهم .
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل قال: من آذى لي وليا فقد آذنته بالحرب )) رواه البخاري.

- هتك الستر ، وموت القلب والعذاب الأليم لمن استحل حرمتهم .
قال الإمام الحافظ أبو القاسم بن عساكر رحمه الله: "اعلم يا أخي -وفقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يغشاه ويتقيه حق تقاته- أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله تعالى قبل موته بموت القلب، {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}".

المقصد الخامس : عدم الغلو في القرآن والبعد عنه شرط لإكرام الله لصاحب القرآن .
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط)) رواه أبو داود وهو حديث حسن.



المقصد الكلي للباب الرابع : في آداب معلم القرآن ، ومتعلمه .

المقاصد الفرعية للباب الرابع :
المقصد الأول :الآداب المتعلقة بمعلم القرآن ومتعلمه معاً .
1- الإخلاص لله تعالى ، واستحضار النية .
*معنى الإخلاص :
- عن أبي القاسم القشيري رحمه الله تعالى، قال: الإخلاص: "إفراد الحق في الطاعة بالقصد، وهو أن يريد بطاعته التقرب إلى الله تعالى دون شيء آخر، من تصنع لمخلوق أو اكتساب محمدة عند الناس أو محبة أو مدح من الخلق أو معنى من المعاني سوى التقرب إلى الله تعالى"، قال: "ويصح أن يقال: الإخلاص: تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين".
- وعن حذيفة المرعشي رحمه الله تعالى: "الإخلاص: استواء أفعال العبد في الظاهر والباطن".
- وقال سهل التستري : أن تكون حركته وسكونه في سره وعلانيته لله تعالى وحده لا يمازجه شيء، لا نفس ولا هوى ولا دنيا .
- وعن الفضيل بن عياض رضي الله عنه، قال: "ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما".

*الدليل على وجوب الإخلاص :
قال الله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} ، أي: الملة المستقيمة.

* علامات الإخلاص :
- عن ذي النون رحمه الله تعالى، قال:"ثلاث من علامات الإخلاص: استواء المدح والذم من العامة، ونسيان رؤية العمل في الأعمال، واقتضاء ثواب الأعمال في الآخرة" .
- أن لا يقصد به توصلا إلى غرض من أغراض الدنيا، من مال أو رياسة أو وجاهة أو ارتفاع على أقرانه أو ثناء عند الناس أو صرف وجوه الناس إليه أو نحو ذلك.
- أن لا يشوب المقرئ إقراءه بطمع في رفق يحصل له من بعض من يقرأ عليه، سواء كان الرفق مالا أو خدمة، وإن قل، ولو كان على صورة الهدية التي لولا قراءته عليه لما أهداها إليه .
- أن يحذر من التكثر بكثرة المشتغلين عليه والمختلفين إليه .
- أن يحذر من كراهته قراءة أصحابه على غيره ممن ينتفع به .
- أن يحب خفاء عمله ، وأن يكره الثناء عليه .
صح عن الإمام الشافعي رضي الله عنه، أنه قال: "وددت أن الخلق تعلموا هذا العلم -يعني: علمه وكتبه- ؟ أن لا ينسب إلي حرف منه".

* نتائج الإخلاص :
- في الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))، وهذا الحديث من أصول الإسلام.
- وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "إنما يعطى الرجل على قدر نيته"، وعن غيره: "إنما يعطى الناس على قدر نياتهم".

* عقوبة عدم الإخلاص :
- قال تعالى: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب} .
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تعلم علما يبتغي به وجه الله تعالى لا يتعلمه إلا ليصيب به غرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة)) رواه أبو داود بإسناد صحيح، ومثله أحاديث كثيرة.
- وعن أنس وحذيفة وكعب بن مالك رضي الله عنهم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من طلب العلم ليماري به السفهاء أو يكاثر به العلماء أو يصرف به وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار)) رواه الترمذي من رواية كعب بن مالك، وقال: ((أدخله النار)).

* مسألة : هل يصح الامتناع من تعليم غير صحيح النية ؟
قال العلماء رضي الله عنهم: ولا يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النية، فقد قال سفيان وغيره: "طلبهم للعلم نية"، وقالوا: "طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله" معناه: كانت غايته أن صار لله تعالى.

2- الصدق
* تعريف الصادق :
- عن الحارث المحاسبي رحمه الله تعالى، قال: "الصادق: هو الذي لا يبالي ولو خرج عن كل قدر له في قلوب الخلائق من أجل صلاح قلبه، ولا يحب إطلاع الناس على مثاقيل الذر من حسن عمله، ولا يكره إطلاع الناس على السيئ من عمله، فإن كراهته لذلك دليل على أنه يحب الزيادة عندهم، وليس هذا من أخلاق الصديقين".

* أفضل الصدق :
- عن القشيري، قال: "أفضل الصدق: استواء السر والعلانية".

* نتيجة الصدق :
- قيل : "إذا طلبت الله تعالى بالصدق أعطاك الله مرآة تبصر فيها كل شيء من عجائب الدنيا والآخرة".

3- العمل بما علمه من القرآن .
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أنه قال: "يا حملة القرآن"، أو قال: "يا حملة العلم؛ اعملوا به فإنما العلم من عمل بما علم ووافق علمه عمله، وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم يخالف عملهم علمهم، وتخالف سريرتهم علانيتهم يجلسون حلقا يباهي بعضهم بعضا، حتى أن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه، أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله تعالى".

4- أن يتخلق بالمحاسن التي ورد الشرع بها، والخصال الحميدة التي أرشده الله إليها .
ومنها :
- الزهد في الدنيا والتقلل منها وعدم المبالاة بها وبأهلها.
- السخاء والجود .
- طلاقة الوجه من غير خروج إلى حد الخلاعة .
- الحلم والصبر .
- التنزه عن دنيئ المكاسب .
- ملازمة الورع والخشوع والسكينة والوقار والتواضع والخضوع، واجتناب الضحك والإكثار من المزاح .
- ملازمة الوظائف الشرعية كالتنظيف وتقليم بإزالة الأوساخ والشعور التي ورد الشرع بإزالتها كقص الشارب وتقليم الظفر وتسريح اللحية وإزالة الروائح الكريهة والملابس المكروهة .
- الحذر من الحسد والرياء والعجب، واحتقار غيره وإن كان دونه.
- ينبغي أن يستعمل الأحاديث الواردة في التسبيح والتهليل ونحوهما من الأذكار والدعوات .
- مراقبة الله تعالى في السر والعلانية .
- توكله واعتماده على الله .

المقصد الثاني : الآداب الخاصة بمعلم القرآن .
1 - الرفق بمن يقرأ عليه، والترحيب به والاستوصاء به خيراً .
عن أبي هرون العبدي، قال: كنا نأتي أبا سعيد الخدري رضي الله عنه، فيقول: "مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الناس لكم تبع، وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا))" رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما.

2 - بذل النصيحة لطلابه .
* الدليل على ذلك :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الدين النصيحة؛ لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) رواه مسلم.
* ومن النصيحة لله تعالى ولكتابه:
إكرام قارئه وطالبه وإرشاده إلى مصلحته ،
والرفق به ومساعدته على طلبه بما أمكن،
وتأليف قلب الطالب،
وأن يكون سمحا بتعليمه في رفق متلطفا به ومحرضا له على التعلم.
وينبغي أن يذكره فضيلة ذلك ليكون سببا في نشاطه وزيادة في رغبته،
ويزهده في الدنيا ويصرفه عن الركون إليها والاغترار بها،
ويذكره فضيلة الاشتغال بالقرآن وسائر العلوم الشرعية، وهو طريق العارفين وعباد الله الصالحين وأن ذلك رتبة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم.

3- ينبغي أن يشفق على الطالب، ويعتني بمصالحه كاعتنائه بمصالح ولده ومصالح نفسه
فيجري المتعلم مجرى ولده في الشفقة عليه والصبر على جفائه وسوء أدبه، ويعذره في قلة أدبه في بعض الأحيان، فإن الإنسان معرض للنقائص لا سيما إن كان صغير السن، وينبغي أن يحب له ما يحب لنفسه من الخير، وأن يكره له ما يكره لنفسه من النقص مطلقا.
فقد ثبت في الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)).

4 - ينبغي أن لا يتعاظم على المتعلمين، بل يلين إليهم ويتواضع لهم .
فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لينوا لمن تعلمون ولمن تتعلمون منه)).

5- التدريج في تأديب المتعلم
فيؤدبه بالآداب السنية والشيم المرضية ورياضة نفسه بالدقائق الخفية، ويعوده الصيانة في جميع أموره الباطنة والجلية، ويحرضه بأقواله وأفعاله على الإخلاص والصدق وحسن النية ، ومراقبة الله تعالى في جميع أحواله ، ويعرفه أن لذلك تتفتح عليه أنوار المعارف، وينشرح صدره ويتفجر من قلبه ينابيع الحكم واللطائف، ويبارك له في علمه وحاله ويوفق في أفعاله وأقواله.

6 - حرص المعلم على تعليم طلابه .
- على المعلم أن يؤثر تعليم طلابه على مصالح نفسه الدنيوية التي ليست بضرورية، وأن يفرغ قلبه في حال جلوسه لإقرائهم من الأسباب الشاغلة كلها ، وأن يكون حريصا على تفهيمهم.
- أن يعطي كل إنسان منهم ما يليق به، فلا يكثر على من لا يحتمل الإكثار ولا يقصر لمن يحتمل الزيادة .
- أن يأخذهم بإعادة محفوظاتهم .
- أن يثني على من ظهرت نجابته ما لم يخش عليه فتنة بإعجاب أو غيره، ومن قصر عنفه تعنيفا لطيفا في ما لم يخش عليه تنفيره .

7- حفظ قلبه من الغيرة والحسد .
فلا يحسد أحدا من طلابه لبراعة تظهر منه، ولا يستكثر فيه ما أنعم الله به عليه، فإن الحسد للأجانب حرام شديد التحريم، فكيف للمتعلم الذي هو بمنزلة الولد، ويعود من فضيلته إلى معلمه في الآخرة الثواب الجزيل .

8- مراعاة العدل معهم ، وتفقد أحوالهم .
- فيقدم في تعليمهم إذا ازدحموا الأول فالأول، فإن رضي الأول بتقديم غيره قدمه، وينبغي أن يظهر لهم البشر وطلاقة الوجه، ويتفقد أحوالهم ويسأل عمن غاب منهم.

9- مراعاة آداب الجلوس ، والوقار ، وحسن الهيئة والطهارة .
- فإذا وصل إلى موضع جلوسه صلى ركعتين قبل الجلوس سواء كان الموضع مسجدا أو غيره، فإن كان مسجدا كان آكد فيه فإنه يكره الجلوس فيه قبل أن يصلي ركعتين .
- ويقعد على طهارة مستقبل القبلة ويجلس بوقار .
- وتكون ثيابه بيضا نظيفة .
- ويجلس متربعا إن شاء أو غير متربع، روى أبو بكر بن أبي داود السجستاني بإسناده، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، كان يقرئ الناس في المسجد جاثيا على ركبتيه.
- ويصون يديه في حال الإقراء عن العبث، وعينيه عن تفريق نظرهما من غير حاجة .

المقصد الثالث :مايتعلق بمجلس معلم القرآن
وينبغي أن يكون مجلسه واسعا ليتمكن جلساؤه فيه، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((خير المجالس أوسعها)) رواه أبو داود .

المقصد الرابع : الآداب المتعلقة بحفظ القرآن وتعظيمه .
أن لا يذل العلم فيذهب إلى مكان ينسب إلى من يتعلم منه ليتعلم منه فيه وإن كان المتعلم خليفة فمن دونه، بل يصون العلم عن ذلك كما صانه عنه السلف رضي الله عنهم، وحكاياتهم في هذا كثيرة مشهورة.

المقصد الخامس :الآداب الخاصة بمتعلم القرآن .
- أدبه في نفسه .
- ينبغي أن يطهر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول القرآن وحفظه واستثماره، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب)).
وقد أحسن القائل بقوله: "يطيب القلب للعلم كما تطيب الأرض للزراعة".
- أن يحرص على أن يكون متطهرا مستعملا للسواك، فارغ القلب من الأمور الشاغلة ، بالإضافة لماذكرناه سابقاً من مكارم الأخلاق وجميل السجايا ظاهراً وباطناً .
- أن لا يعجب بنفسه بما خصه الله .
* طريقُه في نفي العجب: أن يذكر نفسه أنه لم يحصل ما حصله بحوله وقوته وإنما هو فضل من الله، ولا ينبغي أن يعجب بشيء لم يخترعه بل أودعه الله تعالى فيه .

- أدبه في الطلب .
- ينبغي أن يبكر بقراءته على الشيخ أول النهار، لحديث النبي صلى الله عليهوسلم: ((اللهم بارك لأمتي في بكورها)).
- أن يكون حريصا على التعلم مواظبا عليه في جميع الأوقات التي يتمكن منه فيها، ولا يقنع بالقليل مع تمكنه من الكثير، ولا يحمل نفسه ما لا يطيق مخافة من الملل وضياع ما حصل، وهذا يختلف باختلاف الناس والأحوال.
- ينبغي أن يحافظ على قراءة محفوظة .
- ومن آدابه أن يجتنب الأسباب الشاغلة عن التحصيل إلا سببا لا بد منه للحاجة .
- وعليه أن يتواضع للعلم، فبتواضعه يدركه، وقد قالوا:
العلم حرب للفتى المتعالي ....... كالسيل حرب للمكان العالي
- ينبغي أن يأخذ نفسه بالاجتهاد في التحصيل في وقت الفراغ والنشاط وقوة البدن ونباهة الخاطر وقلة الشاغلات قبل عوارض البطالة وارتفاع المنزلة، فقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "تفقهوا قبل أن تسودوا"، معناه: اجتهدوا في كمال أهليتكم قبل وأنتم أتباع قبل أن تصيروا سادة، فإنكم إذا صرتم سادة متبوعين امتنعتم من التعلم، لارتفاع منزلتكم وكثرة شغلكم، وهذا معنى قول الإمام الشافعي رضي الله عنه: "تفقه قبل أن ترأس، فإذا رأست فلا سبيل إلى التفقه".
- حسن اختيار المعلم ، فلا يتعلم إلا ممن تكملت أهليته وظهرت ديانته وتحققت معرفته واشتهرت صيانته، فقد قال محمد بن سيرين ومالك بن أنس وغيرهما من السلف: "هذا العلم دين؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم"

- أدبه مع معلمه .
- ينبغي أن يتواضع لمعلمه ويتأدب معه وإن كان أصغر منه سنا وأقل شهرة ونسبا وصلاحا وغير ذلك .
- وينبغي أن ينقاد لمعلمه ويلين له ، ويشاوره في أموره ويقبل قوله، كالمريض العاقل يقبل قول الطبيب الناصح الحاذق، وهذا أولى.
- وعليه أن ينظر معلمه بعين الاحترام ويعتقد كمال أهليته ورجحانه على طبقته فإنه أقرب إلى انتفاعه به، وكان بعض المتقدمين إذا ذهب إلى معلمه تصدق بشيء، وقال: "اللهم استر عيب معلمي عني، ولا تذهب بركة علمه مني"، وقال الربيع صاحب الشافعي رحمهما الله: "ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي هيبة له".
- أن لا يدخل بغير استئذان إذا كان الشيخ في مكان يحتاج فيه إلى استئذان، وأن يسلم على الحاضرين إذا دخل ويخصه دونهم بالتحية، وأن يسلم عليه وعليهم إذا انصرف كما جاء في الحديث، فليست الأولى بأحق من الثانية .
- ويقعد بين يدي الشيخ قعدة المتعلمين لا قعدة المعلمين، ولا يرفع صوته رفعا بليغا من غير حاجة، ولا يضحك ولا يكثر الكلام من غير حاجة ولا يعبث بيده ولا بغيرها، ولا يلتفت يمينا ولا شمالا من غير حاجة، بل يكون متوجها إلى الشيخ مصغيا إلى كلامه.
- مما يتأكد الاعتناء به: أن لا يقرأ على الشيخ في حال شغل قلب الشيخ وملله واستيفازه سنة وروعه وغمه وفرحه وعطشه ونعاسه وقلقه ونحو ذلك، مما يشق عليه أو يمنعه من كمال حضور القلب والنشاط، وأن يغتنم أوقات نشاطه.
- وإذا جاء إلى مجلس الشيخ فلم يجده انتظر ولازم بابه ولا يفوت وظيفته إلا أن يخاف كراهة الشيخ لذلك بأن يعلم من حاله الإقراء في وقت بعينه وأنه لا يقرئ في غيره، وإذا وجد الشيخ نائما أو مشتغلا بمهم لم يستأذن عليه بل يصبر إلى استيقاظه أو فراغه أو ينصرف، والصبر أولى كما كان ابن عباس رضي الله عنهما وغيره يفعلون .
- ومن آدابه: أن يتحمل جفوة الشيخ وسوء خلقه ولا يصده ذلك عن ملازمته واعتقاد كماله، ويتأول لأفعاله وأقواله التي ظاهرها الفساد تأويلات صحيحة، وإن جفاه الشيخ ابتدأ هو بالاعتذار إلى الشيخ وأظهر أن الذنب له والعتب عليه، فذلك أنفع له في الدنيا والآخرة وإنقاء لقلب شيخ له.
وقد قالوا: من لم يصبر على ذل التعليم بقي عمره في عماية الجهالة، ومن صبر عليه آل أمره إلى عز الآخرة والدنيا، ومنه الأثر المشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما: "ذللت طالبا فعززت مطلوبا".
- عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: "من حق المعلم عليك: أن تسلم على الناس عامة وتخصه دونهم بتحية، وأن تجلس أمامه، ولا تشيرن عنده بيدك، ولا تغمزن بعينيك، ولا تقولن: قال فلان خلاف ما تقول، ولا تغتابن عنده أحدا، ولا تشاور جليسك في مجلسه، ولا تأخذ بثوبه إذا قام، ولا تلح عليه إذا كسل، ولا تعرض أي تشبع من طول صحبته".
وينبغي أن يتأدب بهذه الخصال التي أرشد إليها علي كرم الله وجهه، وأن يرد غيبة شيخه إن قدر، فإن تعذر عليه ردها فارق ذلك المجلس.

- أدبه مع زملائه .
ينبغي أيضا أن يتأدب مع رفقته وحاضري مجلس الشيخ، فإن ذلك تأدب مع الشيخ وصيانة لمجلسه .
- ألا يحسد أحدا من رفقته أو غيرهم على فضيلة رزقه الله إياها .
* طريقُه في نفي الحسد: أن يعلم أن حكمة الله تعالى اقتضت جعل هذه الفضيلة في هذا، فينبغي أن لا يعترض عليها ولا يكره حكمة أرادها الله تعالى ولم يكرهها .
- أن لايؤذيهم بتخطي الرقاب بل يجلس حيث ينتهي به المجلس إلا أن يأذن له الشيخ في التقدم، أو يعلم من حالهم إيثار ذلك، ولا يقيم أحدا من موضعه، فإن آثره غيره لم يقبل اقتداء بابن عمر رضي الله عنهما، إلا أن يكون في تقديمه مصلحة للحاضرين أو أمره الشيخ بذلك، ولا يجلس في وسط الحلقة إلا لضرورة، ولا يجلس بين صاحبين بغير إذنهما، وإن فسحا له قعد وضم نفسه.



المقصد الكلي للباب الخامس : أدب حامل القرآن مع القرآن .

المقاصد الفرعية للباب الخامس :
المقصد الأول : إجلاله للقرآن في نفسه .
- حامل القرآن سابق بالخيرات ، ولايكون عالة على الناس .
جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال: "يا معشر القراء! ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق، فاستبقوا الخيرات لا تكونوا عيالا على الناس".

- صون نفسه عن دني الاكتساب وارتفاعه على أهل الدنيا .
عن الفضيل بن عياض، قال: "ينبغي لحامل القرآن أن لا تكون له حاجة إلى أحد من الخلفاء فمن دونهم" .

- تحليه بالسكينة والوقار .
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصحته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون".

- تركه للهو والسهو واللغو .
قال الفضيل بن عياض : "حامل القرآن حامل راية الإسلام، لا ينبغي أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو، تعظيما لحق القرآن".

- لايغلو بالقرآن ولا يجفو عنه .
عن عبد الرحمن بن شبيل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن، ولا تأكلوا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه)).
- لا يسأل بالقرآن ولا يتعجل أجره ، ولا يتخذه معيشةً يتكسب بها .
عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح، يتعجلونه ولا يتأجلونه)) رواه بمعناه من رواية سهل بن سعد، معناه: يتعجلون أجره إما بمال وإما سمعة ونحوها.
وعن فضيل بن عمرو رضي الله عنه، قال: دخل رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجدا، فلما سلم الإمام، قام رجل فتلا آيات من القرآن ثم سأل، فقال أحدهما: إنا لله وإنا إليه راجعون، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سيجيء قوم يسألون بالقرآن، فمن سأل بالقرآن فلا تعطوه))، وهذا الإسناد منقطع، فإن الفضل بن عمرو لم يسمع الصحابة.

* مسألة : حكم أخذ الأجرة على تعليم القرآن .
اختلف العلماء فيه؛
- القول الأول : منع أخذ الأجرة عليه حكاه الإمام أبو سليمان الخطابي، عن جماعة من العلماء منهم الزهري وأبو حنيفة .
دليلهم : حديث عبادة بن الصامت، أنه علم رجلا من أهل الصفة القرآن، فأهدى له قوسا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن سرك أن تطوق بها طوقا من نار فاقبلها)) ،
وهو حديث مشهور رواه أبو داود وغيره، واحتجوا كذلك بآثار كثيرة عن السلف.
- القول الثاني : يجوز إن لم يشترطه، وهو قول الحسن البصري والشعبي وابن سيرين .
- القول الثالث : يجوز إن شارطه واستأجره إجارة صحيحة، وذهب إليه عطاء ومالك والشافعي وآخرون .
دليلهم : أنه قد جاء بالجواز أحاديث صحيحة .
وأجاب المجوزون عن حديث عبادة بجوابين:
أحدهما: أن في إسناده مقالا.
والثاني: أنه كان تبرع بتعليمه فلم يستحق شيئا، ثم أهدي إليه على سبيل العوض، فلم يجز له الأخذ، بخلاف من يعقد معه إجارة قبل التعليم، والله أعلم.

المقصد الثاني : قيامه بحق القرآن عليه .
1 - تدبر القرآن .
عن الحسن بن علي رضي الله عنه، قال: إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها في النهار".

2 - الإكثار من تلاوته وختمه .
- فضل ختم القرآن :
عن طلحة بن مصرف قال: "من ختم القرآن أية ساعة كانت من النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي، وأية ساعة كانت من الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح"، وعن مجاهد نحوه.
وروى الدارمي في مسنده، بإسناده عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: "إذا وافق ختم القرآن أول الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح، وإذا وافق ختمه آخر الليل صلت عليه الملائكة حتى يمسي"، قال الدارمي: هذا حسن من سعد.

* أحوال السلف في قدر مايختمون .
روى ابن أبي داود عن بعض السلف رضي الله عنهم أنهم كانوا يختمون في كل شهرين ختمة واحدة .
_ وعن بعضهم في كل شهر ختمة .
_ وعن بعضهم في كل عشر ليال ختمة .
_ وعن بعضهم في كل ثمان ليال .
_ وعن الأكثرين في كل سبع ليال، أي في أسبوع نقل ذلك عن عثمان بن عفان رضي الله عنه وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وأبي بن كعب رضي الله عنهم، وعن جماعة من التابعين كعبد الرحمن بن يزيد وعلقمة وإبراهيم رحمهم الله.
_ وعن بعضهم في كل ست، وعن بعضهم في كل خمس، وعن بعضهم في كل أربع، وعن كثيرين في كل ثلاث .
_ وعن بعضهم في كل ليلتين .
- وختم بعضهم في كل يوم وليلة ختمة، منهم :عثمان بن عفان رضي الله عنه وتميم الداري وسعيد بن جبير ومجاهد والشافعي وآخرون
_ومنهم من كان يختم في كل يوم وليلة ختمتين، ومنهم من كان يختم ثلاثا، وختم بعضهم ثمان ختمات أربعا في الليل وأربعا في النهار.
- ومنهم من كان يختم في ركعة ، وهم كثير ومنهم : عثمان بن عفان وتميم الداري وسعيد بن جبير رضي الله عنهم .

* مسألة : في كم يختم حامل القرآن القرآن ؟
القول الأول : يكره الختم في يوم وليلة .
الدليل : عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم، قال الترمذي: حديث حسن صحيح .
القول الثاني : يجوز الختم في أقل من يوم وليلة ، بشرط أن لا يصل إلى حد الملل والهذرمة .ويستثنى من ذلك :
- من كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف فهذا يقتصر على قدر ما يحصل له كمال فهم ما يقرؤه .
- من كان مشغولا بنشر العلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة، فهذا يقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له .

* وقت الابتداء والختم .
- أما وقت الابتداء والختم لمن يختم في الأسبوع؛ فقد روى أبو داود أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يفتتح القرآن ليلة الجمعة ويختمه ليلة الخميس.
- وقال الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى في الإحياء: الأفضل أن يختم ختمة بالليل وأخرى بالنهار، ويجعل ختمة النهار يوم الاثنين في ركعتي الفجر أو بعدهما، ويجعل ختمة الليل ليلة الجمعة في ركعتي المغرب أو بعدهما، ليستقبل أول النهار وآخره.
- وروى ابن أبي داود عن عمر بن مرة التابعي، قال: كانوا يحبون أن يختم القرآن من أول الليل أو من أول النهار.

3 - القيام بالقرآن ليلاً .
* الترغيب في قراءة القرآن ليلاً .
قال الله تعالى: {من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون * يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين}.

*ثناء الرسول صلى الله عليه وسلم على قائم الليل أو بعضه .
ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل)).
و عن سهل بن سعد رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((شرف المؤمن قيام الليل)) . رواه الطبراني وغيره .

* النهي عن ترك قيام الليل لمن كان يقومه .
في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((يا عبد الله! لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل ثم تركه)).

* حال السلف مع القرآن ليلاً .
- عن أبي الأحوص الحبشي، قال: "إن كان الرجل ليطرق الفسطاط طروقا -أي: يأتيه ليلا- فيسمع لأهله دويا كدوي النحل"، قال: "فما بال هؤلاء يأمنون ما كان أولئك يخافون".
- وعن يزيد الرقاشي، قال: "إذا أنا نمت ثم استيقظت ثم نمت فلا نامت عيناي".

* سبب اختصاص الليل بالفضيلة .
لما جاء الشرع به من إيجاد الخيرات في الليل :
- فإن الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم كان ليلا .
وحديث: ((ينزل ربكم كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يمضي شطر الليل، فيقول: هل من داع فأستجيب له)) الحديث.
و في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((في الليل ساعة يستجيب الله فيها الدعاء كل ليلة)).
- لكونها أجمع للقلب وأبعد عن الشاغلات والملهيات والتصرف في الحاجات .
- لأنها أصون عن الرياء وغيره من المحبطات .

* حصول فضيلة القيام ولو بالقليل ، والحث على الإستكثار من القراءة .
عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقسطين)) رواه أبو داود وغيره.

* مايفعله من نام عن ورده .
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نام عن حزبه من الليل أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنه قرأه من الليل)) رواه مسلم.

4- تعاهد القرآن .
الأمر بتعاهد القرآن .
عن أبي موسى الأشعري ررضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((تعاهدوا هذا القرآن؛ فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها)) رواه البخاري ومسلم.

التحذير من نسيان القرآن وعقوبته .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها)) رواه أبو داود والترمذي وتكلم فيه.
- وعن سعد بن عبادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله عز وجل يوم القيامة وهو أجذم)) رواه أبو داود والدارمي.

5 - العمل بالقرآن .
عن الحسن بن علي رضي الله عنه، قال: "إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها في النهار



المقصد الكلي للباب السادس : بيان آداب قراءة القرآن .

المقاصد الفرعية :

المقصد الأول : آداب قبل قراءة القرآن .
1- الإخلاص .
فيستحضر في نفسه أنه يناجي الله تعالى، ويقرأ على حال من يرى الله تعالى، فإنه إن لم يكن يراه فإن الله تعالى يراه.
2- الحرص على الطهارة ، والنظافة .
- استعمال السواك .
والاختيار في السواك: أن يكون بعود من أراك، ويجوز بسائر العيدان وبكل ما ينظف كالخرقة الخشنة والأشنان وغير ذلك ، ويكون متوسطاً لاشديد الرطوبو ولا شديد اليبوسة ، فإن اشتد يبسه لينه بالماء .
ويستاك عرضا مبتدئا بالجانب الأيمن من فمه، وينوي به الإتيان بالسنة، ويستحب أن يستاك في ظاهر الأسنان وباطنها، ويمر السواك على سقف حلقه إمرارا رفيقا.
ولا بأس باستعمال سواك غيره بإذنه.

- استحباب الطهارة من الحدث الأصغر ، ووجوبها من الحدث الأكبر .
فإن قرأ محدثا جاز بإجماع المسلمين ، لكنه تاركٌ للأفضل .
أما الجنب والحائض فإنه يحرم عليهما قراءة القرآن سواء كان آية أو أقل منها، ويجوز لهما إجراء القرآن على قلبهما من غير تلفظ به، ويجوز لهما النظر في المصحف وإمراره على القلب .

حكم قراءة الجنب والحائض إن قصدا بها غير القرآن .
كأن يقولا عند المصيبة: "إنا لله وإنا إليه راجعون" ، وعند ركوب الدابة: "سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين"، وعند الدعاء: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" ،
إذا لم يقصدا القراءة ، فهذا جائز .

* مسألة : حكم قراءة الحائض أو الجنب الفاقد للماء إذا تيمم .
إذا لم يجد الجنب أو الحائض ماء تيمم، ويباح له القراءة والصلاة وغيرهما، فإن أحدث حرمت عليه الصلاة ولم تحرم القراءة والجلوس في المسجد وغيرهما مما لا يحرم على المحدث، كما لو اغتسل ثم أحدث ،
ومتى وجد الماء لزمه استعماله .

- استحباب القراءة في مكان نظيف مختار .
لهذا استحب جماعة من العلماء القراءة في المسجد لكونه جامعا للنظافة وشرف البقعة، ومحصلا لفضيلة أخرى وهي الاعتكاف .

3 - استحباب استقبال القبلة عند قراءة القرآن في غير الصلاة .
جاء في الحديث: ((خير المجالس ما استقبل به القبلة)) ، ولو قرأ قائما أو مضطجعا أو في فراشه أو على غير ذلك من الأحوال جاز وله أجر ولكن دون الأول .
أدلة جواز قراءة القرآن مضطجعاً :
- قال الله عز وجل: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض}.
- وثبت في الصحيح، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري وأنا حائض ويقرأ القرآن"، رواه البخاري ومسلم، وفي رواية: "يقرأ القرآن ورأسه في حجري".

4 - استحباب الإستعاذة [ الاستعاذة ] قبل الشروع في القراءة .
يستحب إذا أراد الشروع بالقراءة أن يستعيذ سواء كان في الصلاة أو في غيرها، ويستحب في الصلاة في كل ركعة على الصحيح .
وقال بعض العلماء: يتعوذ بعد القراءة، لقوله تعالى: {فإذا قرأت فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم}، وتقدير الآية عند الجمهور: إذا أردت القراءة فاستعذ .

صيغة التعوذ .
أن يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
وكان جماعة من السلف يقولون: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم" .

5 -المحافظة على البسملة فيما عدا سورة براءة .
ينبغي أن يحافظ على قراءة "بسم الله الرحمن الرحيم" في أول كل سورة سوى براءة ،فإن أكثر العلماء قالوا إنها آية حيث تكتب في المصحف.
وقد كتبت في أوائل السور سوى براءة، فإذا أخل بالبسملة كان تاركا لبعض القرآن عند الأكثرين .

المقصد الثاني : الآداب المتبعة أثناء قراءة القرآن .
1 - التدبر عند القراءة .
قال الله عز وجل: {أفلا يتدبرون القرآن}، وقال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته}، والأحاديث فيه كثيرة وأقاويل السلف فيه مشهورة .
وقد بات جماعة من السلف يتلون آية واحدة يتدبرونها ويرددونها إلى الصباح، وقد صعق جماعة من السلف عند القراءة، ومات جماعات حال القراءة .
والتدبر هو المقصود المطلوب، وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب .

استحباب ترديد الآية للتدبر .
- عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه، قال: "قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية يرددها حتى أصبح"، والآية: {إن تعذبهم فإنهم عبادك} الآية، رواه النسائي وابن ماجه.
- وعن تميم الداري رضي الله تعالى عنه، أنه كرر هذه الآية حتى أصبح: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سوآء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون}.
- وعن عبادة بن حمزة، قال: دخلت على أسماء رضي الله عنها وهي تقرأ {فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم} فوقفت عندها فجعلت تعيدها وتدعو، فطال علي ذلك فذهبت إلى السوق فقضيت حاجتي ثم رجعت وهي تعيدها وتدعو، ورويت هذه القصة عن عائشة رضي الله تعالى عنها.
- وردد ابن مسعود رضي الله عنه: {رب زدني علما} .

2 - الخشوع والبكاء عند قراءة القرآن .
حكمه :
قال الإمام أبو حامد الغزالي: البكاء مستحب مع القراءة وعندها .
وهو صفة العارفين وشعار عباد الله الصالحين، قال الله تعالى: {ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا}.
وقد وردت فيه أحاديث كثيرة وآثار السلف، - فمن ذلك :
عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن وابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا)).
- وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه صلى بالجماعة الصبح، فقرأ سورة يوسف فبكى حتى سالت دموعه على ترقوته. وفي رواية: أنه كان في صلاة العشاء، فتدل على تكريره منه .
وفي رواية: أنه بكى حتى سمعوا بكاءه من وراء الصفوف.
- وعن أبي رجاء، قال: "رأيت ابن عباس وتحت عينيه مثل الشراك البالي من الدموع".
- وعن أبي صالح، قال: قدم ناس من أهل اليمن على أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فجعلوا يقرؤون القرآن ويبكون، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: "هكذا كنا".
- وعن هشام، قال: "ربما سمعت بكاء محمد بن سيرين في الليل وهو في الصلاة".

كيفية تحصيله:
أن يحضر قلبه الحزن بأن يتأمل ما فيه من التهديد والوعيد الشديد والمواثيق والعهود، ثم يتأمل تقصيره في ذلك، فإن لم يحضره حزن وبكاء كما يحضر الخواص، فليبك على فقد ذلك، فإنه من أعظم المصائب.

3- استحباب الترتيل .
حكمه :
قال العلماء: والترتيل مستحب للتدبر ولغيره .
أدلته :
- قال الله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا}.
- وثبت عن أم سلمة رضي الله عنها، أنها نعتت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة مفسرة حرفا حرفا، رواه أبو داود والنسائي والترمذي، قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
- وعن معاوية بن قرة رضي الله عنه، عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه، قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة على ناقته يقرأ سورة الفتح يرجع في قراءته) رواه البخاري ومسلم.
- وعن مجاهد، أنه سئل عن رجلين قرأ أحدهما البقرة وآل عمران، والآخر البقرة وحدها، وزمنهما وركوعهما وسجودهما وجلوسهما واحد سواء، فقال: (الذي قرأ البقرة وحدها أفضل).
- وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "لأن أقرأ سورة أرتلها أحب إلي من أن أقرأ القرآن كله".

النهي عن الهذرمة في القراءة .
والهذرمة هي : الإفراط في الإسراع .
ثبت عن عبد الله بن مسعود أن رجلا قال له: إني أقرأ المفصل في ركعة واحدة، فقال عبد الله بن مسعود: (هذّا ً كهذّ الشعر، إن أقواما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع)
رواه البخاري ومسلم، وهذا لفظ مسلم في إحدى رواياته.

حكم الترتيل للعجمي :
قالوا: يستحب الترتيل للعجمي الذي لا يفهم معناه، لأن ذلك أقرب إلى التوقير والاحترام وأشد تأثيرا في القلب.

4- الشهادة للآيات .
يستحب إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله تعالى من فضله، وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ بالله من الشر ومن العذاب، أو يقول: اللهم إني أسألك العافية أو أسألك المعافاة من كل مكروه أو نحو ذلك، وإذا مر بآية تنزيه لله تعالى نزه فقال: سبحانه وتعالى، أو تبارك وتعالى، أو جلت عظمة ربنا .
الأدلة :
- صح عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما، قال: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ ترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ) رواه مسلم في صحيحه، وكانت سورة النساء في ذلك الوقت مقدمة على آل عمران.

- ومنها: ما رواه ابن أبي داود بإسناد ضعيف، عن الشعبي، أنه قيل له: إذا قرأ الإنسان: {إن الله وملائكته يصلون على النبي} يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم.

- وروى ابن أبي داود والترمذي ((ومن قرأ آخر {لا أقسم بيوم القيامة}: {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى} فليقل: بلى، ومن قرأ {فبأي آلاء ربكما تكذبان} أو {فبأي حديث بعده يؤمنون} فليقل: آمنت بالله)).

- وعن ابن عباس رضي الله عنهما وابن الزبير وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهم أنهم كانوا إذا قرأ أحدهم {سبح اسم ربك الأعلى} قال: "سبحان ربي الأعلى".

ويستحب هذا السؤال والاستعاذة والتسبيح لكل قارئ سواء كان في الصلاة أو خارجا منها، و في صلاة الإمام والمنفرد والمأموم على قول الجمهور ، وقال أبو حنيفة : تكره في الصلاة ، والصواب قول الجمهور .

المقصد الثالث : احترام القرآن .
1- الإنصات للقراءة .
قال الله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}.
2- اجتناب الضحك واللغط والحديث في خلال القراءة إلّا كلاماً يضطر إليه .
روى ابن أبي داود، عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا قرأ القرآن لا يتكلم حتى يفرغ منه .
3- ترك العبث باليد ونحوها .
لأنه يناجي ربه سبحانه وتعالى، فلا يعبث بين يديه.
4- عدم النظر إلى مايلهي ويبدد الذهن .
ويكون أشد إذا كان النظر محرماً كالنظر إلى الأمرد ، قال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} .
ولا يختص هذا بالأمرد بل يحرم على كل مكلف النظر بشهوة إلى كل أحد رجلا كان أو امرأة محرما كانت المرأة أو غيرها، إلا الزوجة أو المملوكة التي يملك الاستمتاع بها .
حتى قال أصحاب الشافعي : يحرم النظر بشهوة إلى محارمه كأخته وأمه .

5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب الاستطاعة .
على الحاضرين مجلس القراءة إذا رأوا شيئا من هذه المنكرات المذكورة أو غيرها أن ينهوا عنه حسب الإمكان، باليد لمن قدر، وباللسان لمن عجز عن اليد وقدر على اللسان، وإلا فلينكر بقلبه .

6 - استحباب القراءة على ترتيب المصحف ، إلا ماوردت السنة باستثناءه .
قال العلماء: الاختيار أن يقرأ على ترتيب المصحف فيقرأ الفاتحة ثم البقرة ثم آل عمران ثم ما بعدها على الترتيب، وسواء قرأ في الصلاة أو في غيرها، حتى قال بعض الشافعية : إذا قرأ في الركعة الأولى سورة {قل أعوذ برب الناس} يقرأ في الثانية بعد الفاتحة من البقرة.
ولو خالف الموالاة فقرأ سورة لا تلي الأولى أو خالف الترتيب فقرأ سورة ثم قرأ سورة قبلها جاز، فقد جاء بذلك آثار كثيرة ،
- فقد قرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الركعة الأولى من الصبح بـ"الكهف"، وفي الثانية بـ"يوسف" .

* مسألة : تعليم الصبيان من آخر القرآن إلى أوله .
قال النووي - رحمه الله -: وأما تعليم الصبيان من آخر المصحف إلى أوله فحسن ليس هذا من هذا الباب، فإن ذلك قراءة متفاضلة في أيام متعددة، مع ما فيه من تسهيل الحفظ عليهم .

الترغيب في قراءة القرآن من المصحف .
قراءة القرآن من المصحف أفضل من القراءة عن ظهر القلب،
- لأن النظر في المصحف عبادة مطلوبة فتجتمع القراءة والنظر، هكذا قاله القاضي حسين ، وأبو حامد الغزالي وجماعات من السلف .
- ولأن كثيرين من الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقرؤون من المصحف، ويكرهون أن يخرج يوم ولم ينظروا في المصحف.
- وروى ابن أبي داود القراءة في المصحف عن كثيرين من السلف،
قال النووي - رحمه الله - ولو قيل: إنه يختلف باختلاف الأشخاص، فيختار القراءة في المصحف لمن استوى خشوعه وتدبره في حالتي القراءة في المصحف وعن ظهر القلب، ويختار القراءة عن ظهر القلب لمن لم يكمل بذلك خشوعه ويزيد على خشوعه وتدبره لو قرأ من المصحف، لكان هذا قولا حسنا، والظاهر أن كلام السلف وفعلهم محمول على هذا التفصيل.

حكم قراءة القرآن بالعجمية .
القول الأول : لا تجوز قراءة القرآن بالعجمية سواء أحسن العربية أو لم يحسنها، سواء كان في الصلاة أم في غيرها، فإن قرأ بها في الصلاة لم تصح صلاته هذا مذهب الشافعي ، ومذهب مالك وأحمد وداود .
القول الثاني : قال أبو حنيفة: يجوز ذلك وتصح به الصلاة .
القول الثالث :وقال أبو يوسف ومحمد: يجوز ذلك لمن لم يحسن العربية، ولا يجوز لمن يحسنها.
والقول الاول هوالراجح .

حكم القراءة بالروايات الشاذة .
لا يجوز بغير السبع ولا بالروايات الشاذة المنقولة عن القراء السبعة .
ولو قرأ بالشواذ في الصلاة بطلت صلاته إن كان عالما، وإن كان جاهلا لم تبطل، ولم تحسب له تلك القراءة،
قال العلماء: من قرأ الشاذ إن كان جاهلا به أو بتحريمه عرف بذلك، فإن عاد إليه أو كان عالما به عزر تعزيرا بليغا إلى أن ينتهي عن ذلك، ويجب على كل متمكن من الإنكار عليه والمنع الإنكار عليه ومنعه.

المقصد الرابع : استحباب قراءة الجماعة .
- فضل قراءة الجماعة .
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة، وذكره الله فيمن عنده)) رواه مسلم، وأبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم.

* مسألة : بيان الخلاف في قراءة الجماعة مجتمعين :
القول الأول : مستحبة ، للدلائل الظاهرة، وأفعال السلف والخلف المتظاهرة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة، وذكره الله فيمن عنده)) رواه مسلم، وأبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم.
وروى ابن أبي داود فعل الدراسة مجتمعين عن جماعات من أفاضل السلف والخلف وقضاة المتقدمين.
القول الثاني : بدعة منكرة .
عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب، أنه أنكر هذه الدراسة، وقال: ما رأيت ولا سمعت وقد أدركت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: ما رأيت أحدا فعلها.
وعن ابن وهب قال: قلت لمالك: أرأيت القوم يجتمعون فيقرؤون جميعا سورة واحدة حتى يختموها؟ فأنكر ذلك وعابه، وقال: ليس هكذا تصنع الناس، إنما كان يقرأ الرجل على الآخر يعرضه.
رأي الإمام النووي : قال :- رحمه الله - : هذا الإنكار منهما مخالف لما عليه السلف والخلف ولما يقتضيه الدليل فهو متروك، والاعتماد على ما تقدم من استحبابها بالشروط السابقة في احترام القرآن .

- الإدارة بالقرآن .
معناها : هو أن يجتمع جماعة يقرأ بعضهم عشرا أو جزءا أو غير ذلك ثم يسكت، ويقرأ الأخر من حيث انتهى الأول، ثم يقرأ الآخر .
حكمها :قال النووي : هذا جائز حسن ، وقد سئل مالك رحمه الله تعالى عنه، فقال: لا بأس به.

المقصد الخامس : أحكام تتعلق بصوت القارئ .

رفع الصوت بالقراءة .
جاءتت أحاديث كثيرة في الصحيح وغيره دالة على استحباب رفع الصوت بالقراءة، وجاءت آثار دالة على استحباب الإخفاء وخفض الصوت .
القول الأول : الإسرار أفضل .
أدلتهم : ماجاء في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ((الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة)) رواه أبو داود والترمذي والنسائي، قال الترمذي: حديث حسن .
قال: ومعناه أن الذي يسر بقراءة القرآن أفضل من الذي يجهر بها، لأن صدقة السر أفضل عند أهل العلم من صدقة العلانية، قال: وإنما معنى هذا الحديث عند أهل العلم: لكي يأمن الرجل من العجب، لأن الذي يسر بالعمل لا يخاف عليه من العجب كما يخاف عليه من علانيته.
القول الثاني : الجهر أفضل .
أدلتهم : - ثبت في الصحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ((ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به)) رواه البخاري ومسلم ،
ومعنى ((أذن)): استمع، وهو إشارة إلى الرضا والقبول.
- وعن أبي موسى الأشعري ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالليل حين يدخلون، وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل، وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار)) رواه البخاري ومسلم، وفي إثبات الجهر أحاديث كثيرة.
وأما الآثار عن الصحابة والتابعين من أقوالهم وأفعالهم فكثيرة جداً .
الجمع بين الأحاديث :
الجهر أفضل فيمن لا يخاف رياء ولا إعجابا ولا نحوهما من القبائح، ولا يؤذي جماعة بلبس صلاتهم وتخليطها عليهم.
قال الإمام أبو حامد الغزالي وغيره من العلماء: وطريق الجمع بين الأحاديث والآثار المختلفة في هذا: أن الإسرار أبعد من الرياء فهو أفضل في حق من يخاف ذلك ،
فإن لم يخف الرياء فالجهر ورفع الصوت أفضل،
- لأن العمل فيه أكثر .
- ولأن فائدته تتعدى إلى غيره، والمتعدي أفضل من اللازم .
- ولأنه يوقظ قلب القارئ ويجمع همه إلى الفكر فيه ويصرف سمعه إليه .
- ويطرد النوم ويزيد في النشاط، ويوقظ غيره من نائم وغافل وينشطه .
قالوا: فمهما حضره شيء من هذه النيات فالجهر أفضل، فإن اجتمعت هذه النيات تضاعف الأجر .

استحباب تحسين الصوت بالقراءة .
أجمع العلماء من السلف والخلف على استحباب تحسين الصوت بالقرآن ، ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط، فإن أفرط حتى زاد حرفا أو أخفاه فهو حرام.
- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود)) رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ((لقد رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة))، ورواه مسلم من رواية بريد بن الحصيب.
- وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لله أشد أذنا إلى الرجل حسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته)) رواه ابن ماجه.
- وفي حديث سعد بن أبي وقاص، وحديث أمامة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من لم يتغن بالقرآن فليس منا)) رواه أبو داود بإسنادين جيدين، وفي إسناد سعد اختلاف لا يضر،
قال جمهور العلماء: معنى ((لم يتغن)): لم يحسن صوته .

* مسألة : حكم القراءة بالألحان :
قال أقضى القضاة الماوردي في كتابه الحاوي: القراءة بالألحان الموضوعة؛ إن أخرجت لفظ القرآن عن صيغته بإدخال حركات فيه أو إخراج حركات منه أو قصر ممدود أو مد مقصور أو تمطيط يخفي به بعض اللفظ ويتلبس المعنى فهو حرام يفسق به القارئ ويأثم به المستمع ،
لأنه عدل به عن نهجه القويم إلى الاعوجاج والله تعالى يقول: {قرآنا عربيا غير ذي عوج}.
قال: وإن لم يخرجه اللحن عن لفظه وقراءته على ترتيله كان مباحا، لأنه زاد على ألحانه في تحسينه .
قال النووي : وهذا القسم الأول من القراءة بالألحان المحرمة مصيبة ابتلي بها بعض الجهلة الطغام الغشمة الذين يقرؤون على الجنائز وبعض المحافل، وهذه بدعة محرمة ظاهرة يأثم كل مستمع لها، كما قاله أقضى القضاة الماوردي، ويأثم كل قادر على إزالتها أو على النهي عنها إذا لم يفعل ذلك، وقد بذلت فيها بعض قدرتي، وأرجو من فضل الله الكريم أن يوفق لإزالتها من هو أهل لذلك وأن يجعله في عافية.

كيفية تحسين الصوت :
قال الشافعي : ويحسن صوته بأي وجه كان، قال: وأحب ما يقرأ حدرا وتحزينا، قال أهل اللغة: يقال: حدرت بالقراءة إذا أدرجتها ولم تمططها، ويقال: فلان يقرأ بالتحزين إذا رقق صوته.
- وقد روى ابن أبي داود بإسناده، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قرأ {إذا الشمس كورت} يحزنها شبه الرثاء.
- وفي سنن أبي داود، قيل لابن أبي مليكة: أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت؟ فقال: "يحسنه ما استطاع".

استحباب طلب القراءة من حسن الصوت .
- صح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي القرآن))، فقلت: يا رسول الله! أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: ((إني أحب أن أسمعه من غيري)) فقرأت عليه سورة النساء، حتى إذا جئت إلى هذه الآية: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا}، قال: ((حسبك الآن)) فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان، رواه البخاري ومسلم.
- وروى الدارمي وغيره بأسانيدهم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه كان يقول لأبي موسى الأشعري: (ذكرنا ربنا)، فيقرأ عنده القرآن، والآثار في هذا كثيرة معروفة.
- وهذه عادة الأخيار والمتعبدين وعباد الله الصالحين،كانوا يطلبون من أصحاب القراءة بالأصوات الحسنة أن يقرؤوا وهم يستمعون ، وهى سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

المقصد السادس : أحكام تتعلق بالقراءة .
الوقف والابتداء .
ينبغي للقارئ إذا ابتدأ من وسط السورة أو وقف على غير آخرها أن يبتدئ من أول الكلام المرتبط بعضه ببعض وأن يقف على الكلام المرتبط ،
ولا يتقيد بالأعشار والأجزاء، فإنها قد تكون في وسط الكلام المرتبط .
كالجزء الذي في قوله تعالى: {وما ؟ نفسي}، وفي قوله تعالى: {فما كان جواب قومه}، وقوله تعالى: {ومن يقنت منكن لله ورسوله}، وفي قوله تعالى: {وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء} ،
وكذلك الأحزاب كقوله تعالى: {واذكروا الله في أيام معدودات}، وقوله تعالى: {قل هل أنبئكم بخير من ذلكم}.
فكل هذا وشبيهه ينبغي أن يبتدأ به ولا يوقف عليه فإنه متعلق بما قبله، ولا يغترن بكثرة الغافلين له من القراء الذين لا يراعون هذه الآداب، ولا يفكرون في هذه المعاني.

كراهة قراءة بعض الآية .
روى ابن أبي داود بإسناده، عن عبد الله بن أبي الهذيل التابعي المعروف رضي الله عنه، قال: "كانوا يكرهون أن يقرؤوا بعض الآية ويتركوا بعضها".

قراءة سورة قصيرة بكاملها أفضل من قراءة بعض سورة طويلة بقدر القصيرة .

لأنه قد يخفى الارتباط على بعض الناس في بعض الأحوال ، وهو قول لبعض العلماء .

المقصد السابع :أحوال تكره فيها القراءة .
تكره القراءة في حالة الركوع والسجود والتشهد وغيرها من أحوال الصلاة سوى القيام .
- وتكره القراءة بما زاد على الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية إذا سمع قراءة الإمام .
- وتكره حالة القعود على الخلاء .
- وفي حالة النعاس .
- وكذا إذا استعجم عليه القرآن .
- وكذا في حالة الخطبة لمن يسمعها .
- إذا كان يقرأ فعرض له ريح فينبغي أن يمسك عن القراءة حتى يتكامل خروجها ثم يعود إلى القراءة ، كذا رواه ابن أبي داود وغيره عن عطاء، وهو أدب حسن.
- إذا تثاءب أمسك عن القراءة حتى ينقضي التثاؤب ثم يقرأ، قال مجاهد، وهو حسن، ويدل عليه ما ثبت عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فمه فإن الشيطان يدخل)) رواه مسلم.

* مسألة :حكم القراءة في الطواف .
القول الأول : لا تكره القراءة في الطواف، هذا مذهب الشافعية ، وبه قال أكثر العلماء، وحكاه ابن المنذر عن عطاء ومجاهد وابن المبارك وأبي ثور وأصحاب الرأي،
القول الثاني : كراهتها في الطواف، حكي عن الحسن البصري وعروة بن الزبير ومالك
الترجيح : والصحيح الأول .

* مسألة : حكم القراءة في الطريق .
القول الأول : جائزة غير مكروهة إذا لم يلته صاحبها، فإن التهى عنها كرهت ، وهو اختيار النووي .
كما كره النبي صلى الله عليه وسلم القراءة للناعس مخافة من الخلط، وروى أبو داود، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، أنه كان يقرأ في الطريق، وروى عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه أذن فيها.
القول الثاني : كرهها الإمام مالك .
قال ابن أبي داود: حدثني أبو الربيع، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سألت مالكا عن الرجل يصلي من آخر الليل فيخرج إلى المسجد وقد بقي من السورة التي كان يقرأ فيها شيء، قال: ما أعلم القراءة تكون في الطريق، وكره ذلك، وهذا إسناد صحيح عن مالك رحمه الله.

المقصد الثامن : أنواع من البدع المنكرة في القراءة .
- قراءة سورة الأنعام في الركعة الأخيرة في الليلة السابعة معتقدين أنها مستحبة .
- قراءة بعض الجهلة في الصبح يوم الجمعة بسجدة غير سجدة {ألم تنزيل} قاصدا ذلك، وإنما السنة قراءة {ألم تنزيل} في الركعة الأولى، و{هل أتى} في الثانية.

المقصد التاسع :حكم القراءة التي يُراد بها الكلام .
القول الأول : مكروهة ، نُقل عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه أنه كان يكره أن يقال القرآن بشيء يعرض من أمر الدنيا.
القول الثاني : جائزة .
- عن حكيم -بضم الحاء- بن سعد، أن رجلا من المحكمية أتى عليا رضي الله عنه وهو في صلاة الصبح، فقال: {لئن أشركت ليحبطن عملك}، فأجابه علي في الصلاة: {فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذي لا يوقنون}.
- قال الشافعية : إذا استأذن إنسان على المصلي، فقال المصلي: {ادخلوها بسلام آمنين}، فإن أراد التلاوة وأراد الإعلام لم تبطل صلاته، وإن أراد الإعلام ولم يحضره نية بطلت صلاته.

المقصد العاشر : أحكام قطع القراءة .
- مايتعلق بالسلام .
- إذا كان يقرأ ماشيا فمر على قوم يستحب أن يقطع القراءة ويسلم عليهم ثم يرجع إلى القراءة، ولو أعاد التعوذ كان حسنا .
- إذا كان يقرأ جالسا فمر عليه غيره :
القول الأول : يكفيه الرد بالإشارة ، وهو اختيار أبو الحسن الواحدي ، وهو قول ضعيف .
القول الثاني : وجوب الرد باللفظ ، لأن رد السلام واجب ، وهو الراجح عند الشافعية
مايتعلق بالعطاس من حمد الله ، وتشميت العاطس .
- إذا عطس في حال القراءة فإنه يستحب أن يقول: الحمد لله، وكذا لو كان في الصلاة.
- إذا عطس غيره وهو يقرأ في غير الصلاة وقال: الحمد لله يستحب للقارئ أن يشمته فيقول: يرحمك الله .
مايتعلق بمتابعة الأذان .
- سمع المؤذن قطع القراءة وأجابه بمتابعته في ألفاظ الأذان والإقامة ثم يعود إلى قراءته، وهذا متفق عليه عند الشافعية .
إذا طلبت منه حاجة في حال القراءة .
-إن أمكنه جواب السائل بالإشارة المفهمة وعلم أنه لا ينكسر قلبه ولا يحصل عليه شيء من الأذى للأنس الذي بينهما ونحوه فالأولى أن يجيبه بالإشارة ولا يقطع القراءة، فإن قطعها جاز .

* مسألة : حكم قيام القارئ لصاحب فضيلة أو حرمة .
إذا ورد على القارئ صاحب فضيلة من علم ، أو شرف أوله حرمة بولاية أو ولادة ، فلا بأس بالقيام له على سبيل الاحترام والإكرام لا للرياء والإعظام بل ذلك مستحب، وقد ثبت القيام للإكرام من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وفعل أصحابه رضي الله عنهم بحضرته وبأمره، ومن فعل التابعين ومن بعدهم من العلماء الصالحين .

المقصد الحادي عشر : أحكام القراءة في الصلاة .
مايتعلق بقراءة الفاتحة ، وسورة بعدها .
- تجب القراءة في الصلاة المفروضة بإجماع العلماء ، وتتعين قراءة الفاتحة في كل ركعة ، خلافاً لأبي حنيفة .
- تستحب قراءة السورة بعد الفاتحة في ركعتي الصبح والأولتين من باقي الصلوات ، وتطول الأولى على الثانية على المختار ، للحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطول في الأولى ما لا يطول في الثانية .
- إذا أدرك المسبوق مع الإمام الركعتين الأخيرتين من الظهر وغيرها ثم قام إلى الإتيان بما بقي عليه استحب أن يقرأ السورة ، لئلّا تخلو صلاته من سورة ، وهذا قول الشافعية ، وهو في حكم الإمام المنفرد .
أما المأموم فإن كانت صلاته سرية وجبت عليه الفاتحة واستحب له السورة، وإن كانت جهرية فإن كان يسمع قراءة الإمام كره له قراءة السورة ،
وإن كان لا يسمع القراءة فالصحيح وجوب الفاتحة واستحباب السورة، وقيل: تجب ولا تستحب السورة .
- تجب قراءة الفاتحة في الركعة الأولى من صلاة الجنازة، وأما قراءة الفاتحة في صلاة النافلة فلا بد منها ، وهي ركن على الأظهر .

حكم الجمع بين سورتين في ركعة واحدة .
لا بأس ، فقد ثبت في الصحيحين، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "لقد عرفت النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن"، فذكر عشرين سورة من المفصل كل سورتين في ركعة، وقد قدمنا عن جماعة من السلف قراءة الختمة في ركعة واحدة.

أحكام الجهر ، والإسرار بالقراءة في الصلاة .
مواضع استحباب الجهر في الصلاة بالإجماع .
- أجمع المسلمون على استحباب الجهر بالقراءة في الصبح والجمعة والعيدين والأولتين من المغرب والعشاء وفي صلاة التراويح والوتر عقيبها ،
وهذا مستحب للإمام والمنفرد بما ينفرد به منها. وأما المأموم؛ فلا يجهر بالإجماع .

حكم الجهر في نوافل النهار .
- لا يجهر في كسوف الشمس ، ولا يجهر في نوافل النهار غير ما ذكرناه من العيدين والاستسقاء.

حكم الجهر في نوافل الليل .
- واختلف الشافعية في نوافل الليل؛ فالأظهر: أنه لا يجهر، والثاني: أنه يجهر، والثالث -وهو الأصح، وبه قطع القاضي حسين والبغوي-: يقرأ بين الجهر والإسرار .
* مسألة :لو فاته صلاة بالليل فقضاها بالنهار أو بالنهار فقضاها بالليل، فهل يعتبر في الجهر والإسرار وقت الفوات أم وقت القضاء؟
فيه وجهان للشافعية ، أظهرهما: الاعتبار بوقت القضاء.

حكم الجهر في موضع الإسرار والعكس .
ولو جهر في موضع الإسرار أو أسر في موضع الجهر فصلاته صحيحة، ولكنه ارتكب المكروه، ولا يسجد للسهو.
- ويسن الجهر في صلاة كسوف القمر،ويجهر في الاستسقاء .

المراد بالإسرار بالقراءة .
قال النووي : اعلم أن الإسرار في القراءة والتكبيرات وغيرهما من الأذكار هو أن يقوله بحيث يسمع نفسه، ولا بد من نطقه بحيث يسمع نفسه إذا كان صحيح السمع ولا عارض له، فإن لم يسمع نفسه لم تصح قراءته ولا غيرها من الأذكار بلا خلاف.

سكتات الإمام في الصلاة الجهرية .
يستحب أن يسكت 1- بعد تكبيرة الإحرام، ليقرأ دعاء التوجه وليحرم المأمومون.
والثانية :عقيب الفاتحة سكتة لطيفة جدا بين آخر الفاتحة وبين (آمين)، لئلا يتوهم أن (آمين) من الفاتحة.
والثالثة: بعد (آمين) سكتة طويلة بحيث يقرأ المأمومون الفاتحة.
والرابعة: بعد الفراغ من السورة يفصل بها بين القراءة وتكبير الهوي إلى الركوع.

استحباب قول آمين بعد الفراغ من الفاتحة .
معنى آمين :
- اللهم استجب .
- وقيل: معناه: اللهم أمنا بخير .
- وقيل: هو طابع لله على عباده يدفع به عنهم الآفات .
- وقيل: هي درجة في الجنة يستحقها قائلها.
- وقيل: هو اسم من أسماء الله تعالى، وأنكر المحققون والجماهير هذا .

اللغات في (آمين) .
قال العلماء: أفصحها: آمين بالمد وتخفيف الميم .
والثانية: بالقصر، وهاتان مشهورتان .
والثالثة: آمين بالإمالة مع المد، حكاها الواحدي عن حمزة والكسائي .
والرابعة: بتشديد الميم مع المد حكاها عن الحسن والحسين ابن الفضيل ، وقد عدها أكثر أهل اللغة من لحن العوام، وقال جماعة من الشافعية : من قالها في الصلاة بطلت صلاته .

حكم التأمين ، ووقته .
- قال العلماء: ويستحب التأمين في الصلاة للإمام والمنفرد، ويجهر الإمام والمنفرد بلفظ آمين في الصلاة الجهرية.
واختلفوا في جهر المأموم؛ والصحيح: أنه يجهر، والثاني: لا يجهر، والثالث: يجهر إن كان جمعا كثيرا وإلا فلا .
- ويكون تأمين المأموم مع تأمين الإمام لا قبله ولا بعده ،
لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح: ((إذا قال الإمام: {ولا الضالين}، فقولوا: آمين، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر الله له ما تقدم من ذنبه))، وأما قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح: ((إذا أمن الإمام فأمنوا)) فمعناه: إذا أراد التأمين.
- وليس في الصلاة موضع يستحب أن يقترن قول المأموم بقول الإمام إلا في قوله: (آمين)، وأما في الأقوال الباقية فيتأخر قول المأموم.

المقصد الثاني عشر : في سجود التلاوة .
حكم سجود التلاوة .
القول الأول : واجب ، وهو قول أبو حنيفة .
دليلهم : قوله تعالى: {فما لهم لا يؤمنون * وإذا قرأ عليهم القرآن لا يسجدون}.
القول الثاني : مستحب ، وهو قول الجمهور
أدلتهم : - صح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ على المنبر يوم الجمعة سورة النمل، حتى إذا جاء السجدة نزل فسجد وسجد الناس، حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها حتى إذا جاء السجدة، قال: "يا أيها الناس إنما نمر بالسجود، فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه"، ولم يسجد عمر، رواه البخاري .
- وثبت في الصحيحين، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، أنه قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم {والنجم} فلم يسجد.
- وثبت في الصحيحين، أنه صلى الله عليه وسلم سجد في النجم، فدل على أنه ليس بواجب.
أما الجواب عن الآية التي احتج بها أبو حنيفة رضي الله عنه فظاهر، لأن المراد ذمهم على ترك السجود تكذيبا، كما قال تعالى بعده: {بل الذين كفروا يكذبون}.

بيان عدد السجدات ومحلها .
عددها : أربع عشرة سجدة ، على الصحيح من أقوال العلماء .
وأما محلها :
- فسجدة الأعراف في آخرها.
- والرعد: عقيب قوله عز وجل: {بالغدو والآصال}.
- والنحل: {ويفعلون ما يؤمرون}.
- وفي سبحان: {ويزيدهم خشوعا}.
- وفي مريم: {خروا سجدا وبكيا}.
- والأولى من سجدتي الحج: إن الله يفعل ما يشاء}، والثانية: {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون}.
- والفرقان: {وزادهم نفورا}.
- والنمل: {رب العرش العظيم}.
- و{أ لم* تنزيل}: {وهم لا يستكبرون}.
- وحم: {لا يسأمون}.
- والنجم في آخرها.
- و{إذا السماء انشقت}: {لا يسجدون}.
- و{اقرأ} في آخرها.

حكم سجدة التلاوة في اشتراط الطهارة ، وفي استقبال القبلة ، وستر العورة .
مذهب الشافعية أنها في حكم الصلاة النافلة في اشتراط الطهارة عن الحدث وعن النجاسة، وفي استقباله القبلة، وستر العورة .

فيمن يسن له سجود التلاوة .
- يسن للقارئ والمستمع والسامع ، سواء كان في الصلاة أو خارجها ، وسواء سجد القارئ أولم يسجد في المشهور عند الشافعية وفيما رجحه النووي ، وقال الصيدلاني من أصحاب الشافعي: لا يسن السجود إلا أن يسجد القارئ .
- ولا فرق بين أن يكون القارئ مسلما بالغا متطهرا رجلا، وبين أن يكون كافرا أو صبيا أو محدثا أو امرأة، هذا هو الصحيح عند الشافعية ، وبه قال أبو حنيفة .
- وقال بعض الشافعية : لا يسجد لقراءة الكافر والصبي والمحدث والسكران .
- وقال جماعة من السلف: لا يسجد لقراءة المرأة، حكاه ابن المنذر عن قتادة ومالك وإسحق، والصواب يسجد .

وقت السجود للتلاوة .
قال العلماء: ينبغي أن يقع عقيب آية السجدة التي قرأها أو سمعها، فإن أخر ولم يطل الفصل سجد، وإن طال فقد فات السجود .

حكم قراءة السجدات كلها أو سجدات منها في مجلس واحد .
يسجد لكل سجدة بلا خلاف، فإن كرر الآية الواحدة في مجالس سجد لكل مرة بلا خلاف،
فإن كررها في المجلس الواحد نظر فإن لم يسجد للمرة الأولى كفاه سجدة واحدة عن الجميع، وإن سجد للأولى ففيه ثلاثة أوجه:
الأول : يسجد لكل مرة سجدة لتجدد السبب بعد توفية حكم الأولى ، وهواختيار النووي .
والثاني: يكفيه سجدة الأولى عن الجميع، وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله، قال صاحب العدة من أصحابنا: وعليه الفتوى، واختاره الشيخ نصر المقدسي .
والثالث: إن طال الفصل سجد، وإلا فتكفيه الأولى .
أما إذا كرر السجدة الواحدة في الصلاة فإن كان في ركعة فيه كالمجلس الواحد فيكون فيه الأوجه الثلاثة، وإن كان في ركعتين فكالمجلسين فيعيد السجود بلا خلاف.

كيفية سجود التلاوة للراكب .
إذا قرأ السجدة وهو راكب على دابة في السفر سجد بالإيماء ، وهو مذهب الجمهور .
وأما الراكب في الحضر فلا يجوز أن يسجد بالإيماء.

حكم قراءة السجدة بغير العربية .
القول الاول : لو قرأ آية السجدة بالفارسية لا يسجد ، كما لو فسر آية سجدة ، وهو قول الشافعية .
القول الثاني : قال أبو حنيفة: يسجد.

* مسألة : رفع المستمع من السجود قبل القارئ .
إذا سجد المستمع مع القارئ لا يرتبط به، ولا ينوي الاقتداء به، وله الرفع من السجود قبله.

حكم قراءة آية السجدة للإمام .
القول الأول : لا تكره سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية، وهو قول الشافعية ، ويسجد إذا قرأها .
القول الثاني : يكره ذلك مطلقا ، وهو قول مالك .
القول الثالث : يكره في السرية دون الجهرية ، وهو قول أبوحنيفة .

حكم سجود التلاوة في أوقات النهي .
القول الأول : لا يكره سجود التلاوة في الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، وهو قول الشافعية وأبوحنيفة ، ومالك في إحدى الروايتين ، وهو الراجح .
والقول الثاني : يكره ، ذكر ذلك طائفة من العلماء، منهم عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب ومالك في الرواية الأخرى وإسحق بن راهويه وأبو ثور.

مايشرع قوله في سجود التلاوة .
يسبح بما يسبح به في سجود الصلاة، فيقول ثلاث مرات: سبحان ربي الأعلى، ثم يقول: اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته تبارك الله أحسن الخالقين .
- ويقول: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، فهذا كله مما يقوله المصلي في سجوده في الصلاة.
- ويقول: اللهم اكتب لي بها عندك أجرا، واجعلها لي عندك ذخرا، وضع عني وزرا، واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود .


* مسألة : هل يفتقر سجود التلاوة إلى السلام؟
فيه قولان منصوصان للشافعي مشهوران:
الأول : أنه يفتقر لافتقاره إلى الإحرام ويصير كصلاة الجنارة، ويؤيد هذا ما رواه ابن أبي داود بإسناده الصحيح، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان إذا قرأ السجدة سجد ثم سلم ، وهو اختيار جمهور الشافعية .
والثاني: لا يفتقر كسجود التلاوة في الصلاة، ولأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
فعلى الأول هل يفتقر إلى التشهد ؟ فيه وجهان، أصحهما لا يفتقر كما لا يفتقر إلى القيام .

- أما الآداب في هيئة السجود والتسبيح فعلى ما تقدم في السجود خارج الصلاة، ثم إذا رفع من السجود قام ولا يجلس للاستراحة بلا خلاف .

المقصد الثالث عشر : الأوقات المختارة للقراءة .
- أفضل القراءة ما كان في الصلاة، ومذهب الشافعي وغيره أن تطويل القيام في الصلاة أفضل من تطويل السجود.
- وأما القراءة في غير الصلاة؛ فأفضلها قراءة الليل، والنصف الأخير من الليل أفضل من النصف الأول، والقراءة بين المغرب والعشاء محبوبة.
- وأما القراءة في النهار؛ فأفضلها بعد صلاة الصبح، ولا كراهية في القراءة في وقت من الأوقات لمعنى فيه .

الأدب فيمن ارتجت عليه القراءة ، فسأل عنه غيره .
إذا أرتج على القارئ ولم يدر ما بعد الموضع الذي انتهى إليه فسأل عنه غيره فينبغي أن يتأدب بما جاء عن عبد الله بن مسعود وإبراهيم النخعي وبشير بن أبي مسعود رضي الله عنهم، قالوا: (إذا سأل أحدكم أخاه عن آية فليقرأ ما قبلها ثم يسكت، ولا يقول: كيف كذا وكذا، فإنه يلبس عليه).

* مسألة : ( قال الله تعالى )كذا ، و ( الله تعالى يقول ) كذا .
لا كراهة في شيء من هذا .
الدليل : - ماجاء في صحيح مسلم، عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله سبحانه وتعالى: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها)).
- وفي صحيح البخاري، في باب تفسير {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}، فقال أبو طلحة: (يا رسول الله! إن الله تعالى يقول: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون})، فهذا كلام أبي طلحة في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم.



المقصد الكلي للباب السابع : حق القرآن الكريم على الناس .

المقاصد الفرعية :
المقصد الأول : النصيحة لكتاب الله تعالى .
معنى النصيحة لكتاب الله .
قال العلماء رحمهم الله: النصيحة لكتاب الله تعالى هي - الإيمان بأنه كلام الله تعالى وتنزيله لا يشبهه شيء من كلام الخلق ولا يقدر على مثله الخلق بأسرهم ،
- ثم تعظيمه وتلاوته حق تلاوته وتحسينها والخشوع عندها وإقامة حروفه في التلاوة، والذب عنه لتأويل المحرفين وتعرض الطاغين ،
- والتصديق بما فيه والوقوف مع أحكامه وتفهم علومه وأمثاله والاعتناء بمواعظه والتفكر في عجائبه
- والعمل بمحكمه والتسليم بمتشابهه، والبحث عن عمومه وخصوصه وناسخه ومنسوخه، ونشر علومه والدعاء إليه وإلى ما ذكرناه من نصيحته.

الدليل على وجوب النصيحة لكتاب الله .
عن تميم الداري رضي الله عنه، قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة))، قلنا: لمن؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)). رواه مسلم .

ويدخل في النصيحة لكتاب الله عدة أمور :
1- وجوب الإيمان بالقرآن .
* مسألة : حكم من استخف بالقرآن أو المصحف أوأي كتاب منزل ، ولو بشيء منه أو سبه أو جحد حرفا منه أو كذب بشيء مما صرح به فيه من حكم أو خبر أو أثبت ما نفاه أو نفى ما أثبته وهو عالم بذلك أو شاك .
هو كافر بإجماع المسلمين .
- وقد اتفق فقهاء بغداد على استتابة ابن شنبوذ المقرئ أحد أئمة المقرئين المتصدرين بها مع ابن مجاهد لقراءته وإقرائه بشواذ من الحروف مما ليس في المصحف، وعقدوا عليه للرجوع عنه والتوبة سجلا أشهدوا فيه على نفسه في مجلس الوزير أبي علي بن مقلة سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة .

* مسألة : حكم من لعن المصحف .
قال القاضي عياض : يُقتل .

2- وجوب تعظيم القرآن .
* مسألة : حكم تفسير القرآن بغير علم .
محرم على من ليس من أهله ، لكن له أن ينقل التفسير عن المعتمدين من أهله .

- شروط تفسير القرآن :
- أن يكون المفسر أهلا للتفسير ، عالماً ، جامعا للأدوات التي يعرف بها معناه وغلب على ظنه المراد وكان المُفَسَّر مما يدرك بالاجتهاد كالمعاني والأحكام الجلية والخفية والعموم والخصوص والإعراب وغير ذلك ، جاز له تفسيره .
- وإن كان مما لا يدرك بالاجتهاد كالأمور التي طريقها النقل وتفسير الألفاظ اللغوية فلا يجوز الكلام فيه إلا بنقل صحيح من جهة المعتمدين من أهله .
- ولا يكفي مع ذلك معرفة العربية وحدها بل لا بد معها من معرفة ما قاله أهل التفسير فيها، فقد يكونون مجتمعين على ترك الظاهر أو على إرادة الخصوص أو الإضمار وغير ذلك مما هو خلاف الظاهر، وكما إذا كان اللفظ مشتركا في معان فعلم في موضع أن المراد أحد المعاني ثم فسر كل ما جاء به، فهذا كله تفسير بالرأي، وهو حرام .

أقسام المفسرون برأيهم من غير دليل صحيح :
- منهم من يحتج بأنه على تصحيح مذهبه وتقوية خاطره مع أنه لا يغلب على ظنه أن ذلك هو المراد بالآية وإنما يقصد الظهور على خصمه ،
- ومنهم من يقصد الدعاء إلى خير ويحتج بآية من غير أن تظهر له دلالة لما قاله ،
- ومنهم من يفسر ألفاظه العربية من غير وقوف على معانيها عند أهلها وهي مما لا يؤخذ إلا بالسماع من أهل العربية وأهل التفسير كبيان معنى اللفظ وإعرابها وما فيها من الحذف والاختصار والإضمار والحقيقة والمجاز والعموم والخصوص والتقديم والتأخير والإجمال والبيان وغير ذلك مما هو خلاف الظاهر.

المِراء في القرآن بغير حق .
معناه : ، قال الخطابي: المراد بالمراء الشك، وقيل: الجدال المشكك فيه، وقيل: وهو الجدال الذي يفعله أهل الأهواء في آيات القدر ونحوها.
و من ذلك أن يظهر فيه دلالة الآية على شيء يخالف مذهبه ويحتمل احتمالا ضعيفا موافقة مذهبه فيحملها على مذهبه، ويناظر على ذلك مع ظهورها في خلاف ما يقول، وأما من لا يظهر له ذلك فهو معذور.
حكمه :
محرم .
الدليل :
صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((المراء في القرآن كفر)) .

- منع الكافر من مس المصحف .
يمنع الكافر من مس المصحف ، ولا يمنع الكافر من سماع القرآن لقول الله تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله}.
* مسألة :حكم تعليم الكافر القرآن .
إن كان لا يرجى إسلامه لم يجز تعليمه،
وإن رجي إسلامه ففيه وجهان:
أصحهما: يجوز رجاء إسلامه.
والثاني: لا يجوز، كما لا يجوز بيع المصحف منه وإن رجي إسلامه،
وأما إذا رأيناه يتعلم فهل يمنع؟ فيه وجهان ، وهذا كله عند الشافعية .

3- استعمال الأدب مع القرآن .
- ينبغي لمن أراد السؤال عن تقديم آية على آية في المصحف أو مناسبة هذه الآية في هذا الموضع ونحو ذلك أن يقول: ما الحكمة في كذا؟

- أفتى محمد بن أبي زيد فيمن قال لصبي: لعن الله معلمك وما علمك، قال: أردت سوء الأدب ولم أرد القرآن، قال: يؤدب القائل .

كراهة قول نسيت آية كذا ، بل يقول: أنسيتها أو أسقطتها.
الدليل : ثبت في الصحيحين، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقول أحدكم: نسيت آية كذا وكذا، بل هو شيء نسي))، وفي رواية في الصحيحين أيضا: ((بئسما لأحدكم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي)).
وثبت في الصحيحين أيضا، عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقرأ فقال: ((رحمه الله، لقد ذكرني آية كنت أسقطتها))، وفي رواية في الصحيح: ((كنت أنسيتها)).

- يكره نقش الحيطان والثياب بالقرآن وبأسماء الله تعالى، قال عطاء: لا بأس بكتب القرآن في قبلة المسجد .

- جواز قول سورة البقرة ، وسورة آل عمران ، وسورة النساء وكذا الباقي، لا كراهة في ذلك ، خلافاً لبعض المتقدمين الذين قالوا : يقال السورة التي يذكر فيها البقرة .
الدليل : ثبت في الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: ((سورة البقرة)) و((سورة الكهف))، وغيرهما مما لا يحصى، وكذلك عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
قال ابن مسعود: "هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة"، وعنه، في الصحيحين: "قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة النساء"، والأحاديث وأقوال السلف في هذا أكثر من أن تحصر.

- لا يكره أن يقال: هذه قراءة أبي عمرو أو قراءة نافع أو حمزة أو الكسائي أو غيرهم، هذا هو المختار، الذي عليه السلف والخلف من غير إنكار، وروى ابن أبي داود، عن إبراهيم النخعي، أنه قال: "كانوا يكرهون أن يقال: سنة فلان وقراءة فلان"، والصحيح ما قدمناه.

4- الإستشفاء [ الاستشفاء ] بالقرآن .
- اختلف العلماء في كتابة القرآن في إناء ثم يغسل ويسقى المريض .
فقال الحسن ومجاهد وأبو قلابة والأوزاعي: لا بأس به، وكرهه النخعي.
قال القاضي حسين والبغوي وغيرهما من أصحابنا: ولو كتب القرآن على الحلوى وغيرها من الأطعمة فلا بأس بأكلها .

- كتابة الحروز من القرآن .
فقال مالك: لا بأس به إذا كان في قصبة أو جلد وخرز عليه ،
وقال بعض الشافعية : إذا كتب في الخرز قرآنا مع غيره فليس بحرام، ولكن الأولى تركه، لكونه يحمل في حال الحدث، وإذا كتب يصان وبهذا أفتى الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله.

النفث مع القرآن للرقية .
معنى النفث : قال أهل اللغة: النفث: نفخ لطيف بلا ريق .
حكمه : فيه قولان للعلماء .
القول الأول : مكروه .رواه ابن أبي داود، عن أبي جحيفة الصحابي رضي الله عنه وعن الحسن البصري وإبراهيم النخعي .
القول الثاني : سنة مستحبة ، وهو الراجح .
الدليل : ثبت عن عائشة رضي الله عنها، (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما {قل هو الله أحد} و{قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس}، ثم مسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات) رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
وفي روايات في الصحيحين زيادة على هذا، ففي بعضها قالت عائشة رضي الله عنها: (فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به) ،
وفي رواية قالت عائشة رضي الله عنها: (فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن وأمسح بيد نفسه لبركتها) .



المقصد الكلي للباب الثامن : بيان الآيات والسور المستحبة في أوقات وأحوال مخصوصة .

المقاصد الفرعية :
المقصد الأول : السور المستحب قرائتها في الصلاة .
السور المستحب قراءتها يوم الجمعة :
مايقرأه في صلاة الصبح :
السنة أن يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة بعد الفاتحة في الركعة الأولى سورة {ألم تنزيل} بكمالها، وفي الثانية {هل أتى على الإنسان} بكمالها .
مايقرأه في صلاة الجمعة .
السنة أن يقرأ في صلاة الجمعة في الركعة الأولى سورة الجمعة بكمالها، وإن شاء {سبح اسم ربك الأعلى}، وفي الثانية {هل أتاك حديث الغاشية}، فكلاهما صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

السور المستحب قرائتها يوم العيد .
السنة في صلاة العيد في الركعة الأولى سورة ق، وفي الثانية سورة الساعة بكمالها، وإن شاء "سبح"، و"هل أتاك"، فكلاهما صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه أن جتنب الاقتصار على البعض.

السور المستحب قرائتها في ركعتي سنة الفجر ، وركعتي سنة المغرب ، وركعتي الاستخارة ، وفي الطواف .
يقرأ بعد الفاتحة في الأولى {قل يا أيها الكافرون}، وفي الثانية {قل هو الله أحد} .
وإن شاء قرأ في سنة الفجر : الأولى {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا} الآية، وفي الثانية {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم}، فكلاهما صحيح من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

السور المستحب قرائتها لمن أوتر بثلاث ركعات .
ويقرأ من أوتر بثلاث ركعات في الركعة الأولى {سبح اسم ربك الأعلى} وفي الثانية {قل يا أيها الكافرون} وفي الثالثة {قل هو الله أحد} والمعوذتين.

المقصد الثاني : السور المستحب قرائتها في مواطن متفرقة غير الصلاة .
السورة المستحب قرائتها يوم الجمعة .
يستحب أن يقرأ سورة الكهف يوم الجمعة، لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وغيره فيه.
قال الإمام الشافعي في الأم: ويستحب أن يقرأها أيضا ليلة الجمعة .
الدليل : ما رواه أبو محمد الدارمي بإسناده، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: (من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له النور فيما بينه وبين البيت العتيق).

الآيات المستحب قرائتها إذا استيقظ من النوم ليلاً .
يستحب أن يقرأ إذا استيقظ من النوم كل ليلة آخر آل عمران، من قوله تعالى: {إن في خلق السماوات والأرض} إلى آخرها،
الدليل : ثبت في الصحيحين: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ خواتيم آل عمران إذا استيقظ).

السور المستحب قرائتها [ قراءتها ] عند المريض .
يستحب أن يقرأ عند المريض بالفاتحة، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح فيها: ((وما أدراك أنها رقية)).
ويستحب أن يقرأ عنده {قل هو الله أحد} و{قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس} مع النفث في اليدين،
فقد ثبت في الصحيحين من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم بيانه .
وعن طلحة بن مطرف، قال: "كان المريض إذا قرئ عنده القرآن وجد لذلك خفة"، فدخلت على خيمته وهو مريض فقلت: إني أراك اليوم صالحا، فقال: "إني قرئ عندي القرآن".

السور المستحب قرائتها عند الميت .
يستحب أن تقرأ عنده يس، وهذا قول علماء الشافعية .
دليلهم : حديث معقل بن يسار رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((اقرؤوا يس على موتاكم))، رواه أبو داود والنسائي في عمل اليوم والليلة، وابن ماجه بإسناد ضعيف.
وروى مجالد، عن الشعبي، قال: كانت الأنصار إذا حضروا عند الميت قرؤوا سورة البقرة، ومجالد ضعيف .

السور المستحب قرائتها في عدة مواطن :
آية الكرسي :
عند النوم : روى عن أبي داود بإسناده، عن علي كرم الله وجهه، قال: (ما كنت أرى أحدا يعقل دخل في الإسلام ينام حتى يقرأ آية الكرسي).
ويستحب الإكثار من تلاوتها في جميع المواطن ، فتقرأ في أذكار اليوم والليلة ، وعقب كل صلاة .

المعوذتين :
عقب كل صلاة : فقد صح عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: (أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ المعوذتين دبر كل صلاة)، رواه أبو داود والترمذي والنسائي، قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
في أذكار اليوم والليلة :
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تمر بك ليلة إلا قرأت فيها {قل هو الله أحد} والمعوذتين))، فما أتت علي ليلة إلا وأنا أقرؤهن.
وعن إبراهيم النخعي قال: (كانوا يستحبون أن يقرؤوا هذه السور كل ليلة ثلاث مرات: {قل هو الله أحد} والمعوذتين)، إسناده صحيح على شرط مسلم.
عند النوم :
عن عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كل ليلة يقرأ {قل هو الله أحد} والمعوذتين) .
عن إبراهيم النخعي : (كانوا يعلمونهم إذا أووا إلى فراشهم أن يقرؤوا المعوذتين).

خواتيم سورة البقرة :
في أذكار اليوم والليلة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأ بهما في ليلة كفتاه))، قال جماعة من العلماء: كفتاه من قيام الليل، وقال آخرون: كفتاه المكروه في ليلته.
قبل النوم : عن علي رضي الله عنه أيضا، قال: (ما كنت أرى أحدا يعقل ينام قبل أن يقرأ الآيات الثلاث الأواخر من سورة البقرة) إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.



المقصد الكلي للباب التاسع : في كتابة المصحف ، وإكرام المصاحف .
المقاصد الفرعية :
المقصد الأول : أحكام كتابة المصحف ، وآدابه .
حكم كتابة المصاحف : اتفق العلماء على استحباب كتابة المصاحف .
آداب كتابة المصحف :
- يستحب تحسين كتابتها وتبيينها وإيضاحها وتحقق الخط دون مشقة .
* مسألة : حكم نقط المصحف وشكله :
القول الأول : قال العلماء: ويستحب نقط المصحف وشكله، فإنه صيانة من اللحن فيه وتصحيفه،
القول الثاني : كره الشعبي والنخعي النقط .
الجواب عن القول الثاني :
- إنما كرهاه في ذلك الزمان خوفا من التغيير فيه، وقد أمن ذلك اليوم فلا منع ،
- ولا يمتنع من ذلك لكونه مُحدَثا فإنه من المحدثات الحسنة، فلم يمنع منه كنظائره مثل تصنيف العلم وبناء المدارس والرباطات وغير ذلك .

- لا تجوز كتابة القرآن بشيء نجس، وتكره كتابته على الجدران عند الشافعية .

المقصد الثاني : إكرام المصاحف ، وصيانتها .
حكم صيانة المصاحف واحترامها :
أجمع المسلمون على وجوب صيانة المصحف واحترامه.

أوجه من إكرام المصحف :
- يستحب أن يقوم للمصحف إذا قدم به عليه، لأن القيام مستحب للفضلاء من العلماء والأخيار فالمصحف أولى .
- وروى النووي في مسند الدارمي بإسناد صحيح، عن ابن أبي مليكة، أن عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه كان يضع المصحف على وجهه، ويقول: كتاب ربي، كتاب ربي).

أوجه من صيانة المصحف ذكرها - النووي رحمه الله -:
- لو ألقاه مسلم في القاذورة والعياذ بالله تعالى صار الملقي كافرا .
- ويحرم توسده، بل توسد آحاد كتب العلم حرام.
- وتحرم المسافرة بالمصحف إلى أرض العدو إذا خيف وقوعه في أيديهم، للحديث المشهور في الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى ارض العدو.
- ويحرم بيع المصحف من الذمي، فإن باعه ففي صحة البيع قولان للشافعي:
أصحهما: لا يصح،
والثاني: يصح، ويؤمر في الحال بإزالة ملكه عنه،
- ويمنع المجنون والصبي الذي لا يميز من مس المصحف مخافة من انتهاك حرمته، وهذا المنع واجب على الولي وغيره ممن رآه يتعرض لحمله.
- وللشافعية وجهان مشهوران في وجوب تكليف الصبي المميز الطهارة لحمل المصحف واللوح اللذين يقرأ فيهما ، أصحهما : لا يجب للمشقة.
- إذا كان في موضع من بدن المتطهر نجاسة غير معفو عنها حرم عليه مس المصحف بموضع النجاسة بلا خلاف، ولا يحرم بغيره على الصحيح عند الشافعية .

المقصد الثالث : أحكام مس المصحف للجنب ، والمُحدث .
حكم مس المحدث المصحف ، وحمله له.
- يحرم على المحدث مس المصحف وحمله، سواء حمله بعلاقته أو بغيرها، سواء مس نفس الكتابة أو الحواشي أو الجلد، ويحرم مس الخريطة والغلاف والصندوق إذا كان فيهن المصحف، هذا هو اختيار النووي ، وقيل: لا تحرم هذه الثلاثة، وضعفه .
ولو كتب القرآن في لوح فحكمه حكم المصحف سواء قل المكتوب أو كثر، حتى لو كان بعض آية كتب للدراسة حرم مس اللوح.

حكم تصفح المحدث والجنب أوراق المصحف بعود :
- إذا تصفح المحدث أو الجنب أو الحائض أوراق المصحف بعود أو شبهه ففي جوازه وجهان للشافعية ،
أظهرهما: جوازه، لأنه غير ماس ولا حامل .
والثاني: تحريمه، لأنه يعد حاملا للورقة والورقة كالجميع .

حكم لف الكم على اليد وقلب الصفحة للمحدث .
قال النووي : إذا لف كمه على يده وقلب الورقة فحرام بلا خلاف، وغلط بعض أصحابنا فحكى فيه وجهين، والصواب القطع بالتحريم، لأن القلب يقع باليد لا بالكم.

حكم كتابة الجنب والمحدث للمصحف .
إذا كتب الجنب أو المحدث مصحفا يحمل الورقة أو جسها حال الكتابة فحرام ،
وإن لم يحملها ولم يمسها ففيه ثلاثة أوجه:
الصحيح: جوازه، والثاني: تحريمه، والثالث: يجوز للمحدث، ويحرم على الجنب.

حكم حمل المحدث والجنب كتاباً ، أو ثوباً مطرزاً ، أو دنانير فيها آيات من القرآن .
إذا مس المحدث أو الجنب أو الحائض أو حمل كتابا فيه آيات من القرآن أو ثوبا مطرزا بالقرآن أو دراهم أو دنانير منقوشة به أو حمل متاعا في جملته مصحف أو لمس الجدار أو الحلوى أو الخبز المنقوش به فالمذهب الصحيح جواز هذا كله، لأنه ليس بمصحف، وفيه وجه أنه حرام.
وقال الماوردي : يجوز مس الثياب المطرزة بالقرآن، ولا يجوز لبسها بلا خلاف، لأن المقصود بلبسها التبرك بالقرآن، واختار النووي جواز لبسها .

حكم مس الجنب والمحدث كتب التفسير .
إن كان القرآن فيها أكثر من غيره حرم مسها وحملها، وإن كان غيره أكثر كما هو الغالب ففيها ثلاثة أوجه:
أصحها: لا يحرم.
والثاني: يحرم.
والثالث: إن كان القرآن بخط متميز بغلظ أو حمرة أو غيرها حرم، وإن لم يتميز لم يحرم.
قال النووي : ويحرم المس إذا استويا.
قال صاحب التتمة : وإذا قلنا لا يحرم فهو مكروه .

حكم مس كتب حديث النبي صلى الله عليه وسلم للجنب والمحدث .
وأما كتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن لم يكن فيها آيات من القرآن لم يحرم مسها، والأولى أن لا تمس إلا على طهارة،
وإن كان فيها آيات من القرآن لم يحرم على المذهب الشافعي ، وفيه وجه أنه يحرم، وهو الذي في كتب الفقه.
- وأما المنسوخ تلاوته كـ"الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" وغير ذلك، فلا يحرم مسه ولا حمله، وكذلك التوراة والإنجيل.

المقصد الرابع : حكم بيع المصحف وشراؤه .
القول الأول : يصح بيع المصحف وشراؤه ،قال به الحسن البصري وعكرمة والحكم بن عيينة وهو مروي عن ابن عباس .
القول الثاني : يكره بيعه ، مع الترخيص في شرائه . وهو وجه للشافعي و حكاه ابن المنذر عن ابن عباس وسعيد بن جبير وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه رضي الله نهم أجمعين .
القول الثالث : كرهت طائفة من العلماء بيعه وشراؤه، وحكاه ابن المنذر عن علقمة وابن سيرين والنخعي وشريح ومسروق وعبد الله بن يزيد.
وروي عن ابن عمر وأبي موسى الأشعري التغليظ في بيعه.

المقصد الكلي للباب العاشر: في ضبط الأسماء واللغات المذكورة في الكتاب على ترتيب وقوعها
وفيه بيان لبعض المفردات الصعبة في اللغة ، وذكر لأسماء بعض الرواة ومن ذكرهم النووي في كتابه .


ما شاء الله ، أحسنتِ وتميزتِ أختي الفاضلة ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
بقيت ملحوظة يسيرة ؛ بدأنا باستخلاص المقصد الكلي لكل باب ، ثم استخلاص المقاصد الفرعية للباب تحته.
بعد الانتهاء من كل الأبواب ، نعتبر المقاصد الكلية للأبواب = مقاصد فرعية للكتاب ، كما فعلتِ في قائمة المقاصد في المشاركة السابقة لكن لا نقول : مقصد الباب الأول ، مقصد الباب الثاني ...
وإنما المقصد الكلي للكتاب : ....
المقاصد الفرعية :
المقصد الأول :
المقصد الثاني :
وهكذا ... فنعتبرها مقاصد فرعية للكتاب ككل.
وعليه فإن المقاصد الفرعية بالنسبة للباب الواحد ، تصبح مسائل للكتاب ككل.
مثال بالتعديل على تلخيصكِ للباب الثاني :

اقتباس:

المقصد الثاني : رفعة القرآن الكريم لقارئه ، وفضل القرآن على ماسواه من الذكر المطلق .

1: رفعة القرآن لقارئه وتقديمه على من سواه .
- الأمر بتقديم الأقرأ لكتاب الله في الإمامة .
ثبت عن أبي مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى)) رواه مسلم.
- تقديم الأقرأ لكتاب الله في المشورة حتى لو كانوا أصغر سناً .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان القراء أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشاورته كهولا وشبابا) رواه البخاري في صحيحه.

2: فضل القرآن على ماسواه من أنواع الذكر المطلق .
تفضيل قراءة القرآن على أنواع الذكر المطلقة .
المذهب الصحيح المختار الذي عليه من يعتمد من العلماء: أن قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل وغيرهما من الأذكار، وقد تظاهرت الأدلة على ذلك، والله أعلم.





أرجو أن تكون الفكرة وضحت لكِ ؛ فإن استشكل عليكِ لا تترددي في مراسلتي بالسؤال حتى تتضح لكِ الفكرة.

تقييم التلخيص :
الشمول : 20 / 20
الترتيب : 20 / 20
التحرير العلمي : 18 / 20
الصياغة : 14 / 15
العرض : 15 / 15
المقصد الكلي : 18 / 10
______________

المجموع الكلي = 95 %
بارك الله فيك ونفع بك الإسلام والمسلمين.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطالبة, صفحة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:55 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir