دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > المفضليات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 جمادى الآخرة 1431هـ/3-06-2010م, 08:09 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي 5: قصيدة سلمة بن الخرشب الأنماري: إذا ما غدوتم عامدين لأرضنا = بني عامر فاستظهروا بالمرائر

قال سلمة بن الخرشب الأنماري:

إذا ما غَدَوْتُم عامِدِينَ لأَرضِنا = بَنِي عَامرٍ فاستظهِرُوا بالمَرائِرِ
فإِنَّ بَنِي ذُبْيَانَ حيثُ عَهِدْتُمُ = بِجِزْعِ البَتِيلِ بينَ بادٍ وحاضرِ
يَسُدُّونَ أَبوابَ القِبابِ بِضُمَّرٍ = إِلى عُنَنٍ مُسْتَوْثِقاتِ الأَواصِرِ
وأَمْسَوْا حِلاَلاً ما يُفَرَّقُ بينَهم = علي كلِّ ماءٍ بينَ فَيْدَ وسَاجِرِ
وأَصْعَدَتِ الحُطَّابُ حتَّى تَقارَبُوا = على خُشُبِ الطَّرْفَاءِ فوقَ العَوَاقِرِ
نَجوتَ بنَصْلِ السيفِ لا غِمْدَ فَوقَه = وسَرْجٍ على ظَهْرِ الرِّحالةِ قاتِرِ
فأَثْنِ عليها بالذى هيَ أَهلُهُ = ولاَ تكْفُرَنْها، لا فَلاَحَ لِكافِرِ
فلو أَنها تَجْرِي على الأَرضِ أُدْرِكَتْ = ولكنَّها تَهْفُو بِتمْثَالِ طائِرِ
خُدَارِيَّةٍ فَتْخَاءَ أَلْثَقَ رِيشَها = سحابةُ يومٍ ذي أَهاضِيبَ مَاطِرِ
فِدىً لأَبِي أَسماءَ كلُّ مُقَصِّرٍ = مِنَ القوم مِن ساعٍ بِوتْرٍ ووَاتِرِ
بَذَلْتَ المَخَاضَ الْبُزْلَ ثُمَّ عِشَارَهَا = ولم تَنْهَ منها عن صَفُوفٍ مُظائِرِ
مقرن أفراس له برواحل = فغاولنهم مستقبلات الهواجر
فأَدْرَكَهم شَرْقَ المَرَوْرَاةِ مَقْصَراً = بقيَّةُ نسلٍ من بنَاتِ القُرَاقِرِ
فلم تَنْجُ إِلاَّ كل خَوْصاءَ تَدَّعِي = بِذِى شُرُفاتٍ كالفَنِيقِ المُخاطِرِ
وإِنكَ يا عَامِ ابنَ فارِس قُرْزُلٍ = مُعِيدٌ عَلَى قِيلِ الْخَنا والهَواجِرِ
هَرَقْنَ بِسَاحُوقٍ جِفاناً كثيرةً = وأَدَّيْنَ أُخرَى مِن حقِينِ وحازِرِ


  #2  
قديم 19 جمادى الآخرة 1432هـ/22-05-2011م, 05:37 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات للشيخين: أحمد شاكر وعبد السلام هارون



5

وقال سلمة بن الخرشب الأنماري






1: إذا ما غَدَوْتُم عامِدِينَ لأَرضِنا = بَنِي عَامرٍ فاستظهِرُوا بالمَرائِرِ
2: فإِنَّ بَنِي ذُبْيَانَ حيثُ عَهِدْتُمُ = بِجِزْعِ البَتِيلِ بينَ بادٍ وحاضرِ
3: يَسُدُّونَ أَبوابَ القِبابِ بِضُمَّرٍ = إِلى عُنَنٍ مُسْتَوْثِقاتِ الأَواصِرِ
4: وأَمْسَوْا حِلاَلاً ما يُفَرَّقُ بينَهم = على كلِّ ماءٍ بينَ فَيْدَ وسَاجِرِ
5: وأَصْعَدَتِ الحُطَّابُ حتَّى تَقارَبُوا = على خُشُبِ الطَّرْفَاءِ فوقَ العَوَاقِرِ
6: نَجوتَ بنَصْلِ السيفِ لا غِمْدَ فَوقَه = وسَرْجٍ على ظَهْرِ الرِّحالةِ قاتِرِ
7: فأَثْنِ عليها بالذي هيَ أَهلُهُ = ولاَ تكْفُرَنْها، لا فَلاَحَ لِكافِرِ
8: فلو أَنها تَجْرِي على الأَرضِ أُدْرِكَتْ = ولكنَّها تَهْفُو بِتمْثَالِ طائِرِ
9: خُدَارِيَّةٍ فَتْخَاءَ أَلْثَقَ رِيشَها = سحابةُ يومٍ ذي أَهاضِيبَ مَاطِرِ
10: فِدىً لأَبِي أَسماءَ كلُّ مُقَصِّرٍ = مِنَ القوم مِن ساعٍ بِوتْرٍ ووَاتِرِ
11: بَذَلْتَ المَخَاضَ الْبُزْلَ ثُمَّ عِشَارَهَا = ولم تَنْهَ منها عن صَفُوفٍ مُظائِرِ
12: مقرن أفراس له برواحل = فغاولنهم مستقبلات الهواجر
13: فأَدْرَكَهم شَرْقَ المَرَوْرَاةِ مَقْصَراً = بقيَّةُ نسلٍ من بنَاتِ القُرَاقِرِ
14: فلم تَنْجُ إِلاَّ كل خَوْصاءَ تَدَّعِي = بِذِي شُرُفاتٍ كالفَنِيقِ المُخاطِرِ
15: وإِنكَ يا عَامِ ابنَ فارِس قُرْزُلٍ = مُعِيدٌ عَلَى قِيلِ الْخَنا والهَواجِرِ
16: هَرَقْنَ بِسَاحُوقٍ جِفاناً كثيرةً = وأَدَّيْنَ أُخرَى مِن حقِينِ وحازِرِ


ترجمته: هو سلمة بن عمرو بن نصر بن حارثة بن طريف بن أنمار بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر. (الخرشب) لقب أبيه، وأصل معناه: الطويل السمين. وسيأتي ذكر أخته فاطمة بنت الحرشب وأبنائها في البيت 36 من المفضلية 38.
جو القصيدة: يوم الرقم، بفتح القاف، من أيام العرب، انتصرت فيه غطفان علي بني عامر، رهط عامر بن الطفيل. وتجد القول مفصلا عن هذا اليوم في شرح الأنباري 30-34 والعقد 3: 71 وابن الأثير 1: 270 والميداني 2: 334. والشاعر يعير بني عامر بهزيمتهم، ويندد بهم وبرأسهم عامر بن الطفيل. وهو مع هذا يشيد بشجاعة عامر وفروسيته وجوده، تنويها بالنصر على مثله وإنصافا لعدوه. وهذا خلق كريم من أخلاق الفروسية، والعرب مقدمو الفرسان.
تخريجها: البيتان 2، 3 في المخصص 6: 6 غير منسوبين. والبيتان 6، 7 في الخيل لابن الأعرابي 76. والبيت 6 في الخيل للكلبي 26 ونسبه لسلمة بن عوف النصري. والبيتان 9 في الخزانة 3: 26 و16 فيها 4: 176. والبيت 15 في الخيل لابن الأعرابي 75 وهو أيضا في الشعر والشعراء 294 بتحقيق أحمد محمد شاكر مع اختلاف في لفظه وهو في لسان العرب 7: 14 و20: 123-124 غير منسوب. وانظر الشرح 29-40.
(1) بنو عامر: هم بنو عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان. المرائر: الحبال. لأنها تمر أي تفتل. يقول احملوا معكم إذا غزوتم حبالا تخنقون بها أنفسكم. يشير إلى أن الحكم بن الطفيل، أخا عامر بن الطفيل، خاف الإسار لما هزم قومه، فاختنق بحبل.
(2) ذبيان بكسر الذال وضمها: أخو أنمار بن بغيض. الجزع: منحنى الوادي. البتيل: جبل بنجد. أي: متى شئتم فاقصدوا، فإنا لكم في الموضع الذي عهدتمونا فيه، وعلى الحال التي أصبتمونا عليها. هناك بادينا وحاضرنا.
(3) عنن: جمع عنه، كغرفة، وهي حظيرة من شجر تجعل فيها الحيل لتقيها من البرد. الأواصر: جمع آصرة، وهي حبل صغير تشد به الدابة. يريد أنهم أصحاب خيل يحبسونها بأفنيتهم وفي بيوتهم، من عزها عليهم.
(4) الحلال، جمع حلة، بالكسر، وهي مائة بيت أو مائتان. فيد وساجر: موضعان: أي أمسوا كثير ليس فيهم غريب.
(5) أصعدت: أبعدت في الأرض. الحطاب: الذين يجمعون الحطب. الطرفاء: شجر. العواقر: سميت بها الرمال العظيمة لأنها لا تنبت شيئا. يريد أنهم أبعدوا من عز أصحابهم، حتى تجاوزوا بلادهم في طلب الحطب، فبلغوا العواقر آمنين.
(6) يخاطب عامر بن الطفيل. والرحالة فرسه. والسرج القاتر: الجيد الوقوع على ظهر الدابة لا يعقره، ليس بصغير ولا كبير.
(7) أثن على فرسك إذ نجيتك. والكافر: الساتر للنعمة والإحسان.
(8) تهفو: تسرع شبه فرس عامر بالطائر ليعظم شأنها فيكون ذلك أعظم لخيله إذ لم تلحقها.
(9) خدارية، بدل من (طائر). والعقاب الخدارية: التي يضرب لونها إلى السواد والغبرة. الفتخاء: اللينة الجناح. الأهاضيب من المطر: دفعات منه. جعل هذه الفرس كالعقاب أصابها المطر، فهي تبادر إلى وكرها. وانظر مثيل البيت في 32: 3.
(10) أسماء: هي بنت قدامة الفزارية، لجأ إليها عامر يوم الرقم، فكناه الشاعر باسمها. وفداه مع أنه مهزوم تعظيما لعدوه. وأسماء بنت قدامة هذه ذكرها أيضا خراشة بن عمرو في بيت يعير فيه عامرا، في تهذيب الألفاظ 664. وسيأتي ذكرها أيضا في جو المفضلية 107. وترجمة خراشة ستأتي في المفضلية 121. والساعي بالوتر: الطالب للثأر. والواتر: الذي وتر غيره وخصمها إرادة لأصحاب الحرب والنجدة.

(11) المخاض: الإبل الحوامل. البزل: جمع بزول، وهو ما استكمل الثامنة وطعن في التاسعة. العشار: جمع عشراء، بضم ففتح، وهي التي أتى عليها من حملها عشرة أشهر. الصفوف: الناقة الغزيرة التي تصف بين محلبين في حلمة واحدة. والمظائر، بضم الميم: التي عطفت على ولد غيرها، وكانت ظئرا له
(12) الرواحل: الإبل التي صلحت أن يوضع عليها الرحل، غولنهم من المغاولة، وهي الاغتيال، والمراد هنا المسابقة، لأن أحدهما يغتال جري الآخر، يجري أكثر منه. الهاجرة، هي نصف النهار عند اشتداد الحر. يصف عامرا بأنه يقرن الخيل إلى الإبل إذا أراد حربا. وكانت العرب إذا أرادت حربا ركبوا الإبل وقرنوا إليها الخيل لإراحتها.
(13) المروراة: موضع وشرقها: حيث شرقت الشمس فيها، وهو تغيرها للمغيب. هكذا فسرها الأنباري، ونص على أن (شرق) منصوب على الوقت. والمتبادر أنه ظرف مكان. مقصرا: عشاء. والمقصر، كمقعد ومنزل، والمقصرة، كمرحلة، والقصر: كلها العشي. القراقر، بضم أوله: اسم فرس.
(14) الخوصاء: الغائرة العين من شدة السفر وبعده. تدعى: تنتسب. بذي شرفات: بعنق ذي شرفات، والشرفة: أعلى الشيء. يعني تنتسب بعنقها، إذا رئي عنقها عرف بها كرمها ونجارها. لأن طول الأعناق في الخيل كرم. الفنيق: فحل الإبل. المخاطر: الذي يخاطر الفحول، وأصل الخطر، بفتح فسكون: أن يضرب بذنبه عند الهياج. يقول لعامر: لم ينج من أفراسك إلا ما كانت هذه صفته.
(15) عام: ترخيم عامر. قرزل: اسم فرس الطفيل والد عامر. المعيد: الذي يعاود الشر مرة بعد مرة. الهواجر: الكلام القبيح.
(16) ساحوق: موضع كان به الغلب لذبيان على بني عامر. يريد أن الخيل قتلت أصحاب الجفان، فكانها لما قتلتهم أراقتها وأدين أخرى أي جئن بأسرى وروي وغادرن أخرى أي تركن جفانا لم يرقنها. والحقين: اللبن الذي صب في السقاء لإخراج زبده. والحازر: اللبن الحامض. والمراد بهما الشريف والدون، فاللفظ على اللبن والمعنى على القوم.


  #3  
قديم 11 شعبان 1432هـ/12-07-2011م, 03:53 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات لابن الأنباري



وقال سلمة بن الخرشب الأنماري

يعبر بني عامر واسم الخرشب عمرو بن نصر بن حارثة بن طريف بن أنمار بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر، وأخت سلمة بن الخرشب فاطمة، وهي أم الكملة من بني عبس وهم أربعة الربيع بن زياد وإخوته وهي إحدى المنجبات وولد أنمار من بغيض رجلين عوفًا وطريفًا تفرق بنو أنمار منهما وأم ذبيان وأنمار وأم عامر بني بغيض المفداة بنت ثعلبة بن عكابة.
1: إذا ما غدوتم عامدين لأرضنا.......بني عامر فاستظهروا بالمرائر
(المرائر) الحبال الواحدة مريرة وإنما سميت مريرة للفتل، يقال أمر حبله إذا فتله، قال العجاج:
أمره يسرًا فإن أعيا اليسر.......والتاث إلا مرة الشزر شزر
اليسر من الفتل ما أقبلت به إلى صدرك وهو القبيل والشزر ما أدبرت به عن صدرك، وهو الدبير، وقوله (فاستظهروا) أي لتكن معكم عدة، وذلك أن رجلاً من بني عامر في هذا اليوم وهو يوم الرقم لما هزمت بنو عامر فخاف الإسار اختنق، وروى أحمد: فاستمتعوا بالمرائر، قال أحمد الرقم ماء لبني مرة، وقوله: (فاستظهروا بالمرائر) يعني به يوم الرقم وهو يوم كان لغطفان على بني عامر، أخبرني بذلك هشام بن محمد بن سائب الكلبي، قال:
حدثني أبي وجعفر بن كلاب وغيرهما قال ثم مضت بنو عامر من الهباءة يريدون غطفان مغيرين عليهم بالرقم والرقم ماء لبني مرة، بعدما كلت الخيل، فلقي عامر بن الطفيل رجلاً فقال ممن أنت؟ قال من بني مرة قال من أيهم؟ قال: من بني غيظ قال من أيهم؟ قال من بني قتال فنظر عامر إلى أصحابه فقال إن صدق الفأل لتقتلنكم فزارة وغيظ، وكان كما قال، فأغاروا على بلاد غطفان بالرقم بعدما كلت الخيل فلقوا غلمة من أشجع فقتلوهم ثم استبطن عامر بن الطفيل بني عامر في الوادي فأغاروا على بني فزارة فأصاب بني سفيان بن غراب ابن ظالم بن فزارة وأتى الصريخ بني فزارة فركبوا هم وبنو مرة، وعلى بني فزارة عيينة بن حصن وعلى بني مرة سنان بن أبي حارثة، ويقال الحارث بن عوف، فانهزمت بنو جعفر وأقبل عامر بن الطفيل منهزمًا حتى دخل في بيت أسماء بنت قدامة بن سكين بن خديج بن بغيض بن مالك بن سعد بن عدي بن فزارة، وهي حديثة عهد بعرس وزوجها شبث بن حوط بن قيس أحد بني سعد بن عدي بن فزارة، ومضت بنو جعفر فدخلوا في شعاب لا يدرون ما هي فلما انتهوا إلى أقصى الوادي لم يجدوا منفذًا وأقبلت غطفان حتى وقفوا على فم الوادي فقال لهم عيينة قفوا فإن القوم منصرفون إليكم فلما لم يجدوا منفذًا انصرفوا، فقال بعضهم لبعض إنه لن ينجيكم اليوم إلا الصدق، فارموهم بنواصي الخيل ففعلوا.
فقتل يومئذ من بني جعفر كنانة والحارث ابنا عبيدة بن مالك بن جعفر وقيس بن الطفيل بن مالك، فلما خرجت بنو جعفر من الشعب خرج عامر بن الطفيل من بيت أسماء، فرجع زوجها فقال أصنع بك عامر شيئًا؟ قالت أي والله لقد صنع ولو كنت أنت لنكحك عامر، فمر جبار بن سلمى بن مالك بن جعفر بالحارث بن عبيدة فأراد أن يحمله فإذا هو بعامر قد عقر به فرسه الكلب وكان فرس عامر يسمى الورد والمزنوق لأنه زنقه فهو يسمى في الشعر بهذه الأسماء كلها وسماه الكلب في شعره، فهو راجل وعامر يقول يا نفس إلا تقتلي تموتي، فقال جبار بن سلمى لعامر ليس هذا بيوم تترك فيه يا أبا علي، أنا معك، قال وهل بك من حياة؟ قال نعم، ثم مر على عقيل بن الطفيل وهو على فرسه الوحيف فقال جبار يا عقيل هذا عامر، فلم يلتفت، فقال عامر لا أرى عقيلاً يلتفت لا أبا لك فلا تجز عقيلاً، فحمل جبار يومئذ عامرًا على فرسه، فزعم جبار أن عامرًا نزا نزوة، قال فوجدت برد خصيتيه عند أذني، يعني أنه كان يلبس إزارًا، فارتدفا الأحوى وهو أخو الكلب فرس عامر وأبوهما المتمهل فرس مرة بن خالد وأخذ عامر الرمح فحمل على رجل منهم على فرس عاقد ذنبها، كأنه عقاب وقد قيل كأنه عقرب، قال أبو جعفر أحمد بن عبيد سمى الرجل محمد بن سلام وقال يريد فرس قشير بن عبد الله من بني غاضرة بن صعصعة، فطعنه عامر فجدله، وأقبل نحو فرسه راجعًا فلم يقدر عليها، فقالت امرأة من بني جعفر:
ما للوحيف نصلت حوافره * وألقيت في إرة مشافره * كيف جرى بالأمس عرى جازره
وكان عامر بن الطفيل لقي يومئذ رجلا ً من بني وائلة أو غاضرة بن صعصعة يقال له عبس بن حذار وكان يكنى أبا أبي وكان يدعى ذا العنق، وكان شجاعًا وهو الذي قتل بشر بن أبي خازم الأسدي، فجعل يرتجز يومئذ، ويقول لفرسه:
أقدم قديد لا تكن خنوسًا.......لأطعنن طعنة قلوسًا
ذات رشاش تزع الخميسا.......من لا يقاتل لا يكون رئيسًا
فأبل يومئذ بلاءً حسنًا، فقال عامر بن الطفيل:
وأبو أبي ما منيت بمثله.......يا حبذا هو ممسيًا ونهارا
لقي الخميس أبو أبي بارزًا.......ألوائلي وحرم الإدبارا
يحمي إذا جعلت سلول وعامر.......يوم الهياج يجيبون فزارا
يقال جبب القوم إذا هربوا، وذلك قول جبار بن سلمى لعقيل بن الطفيل:
يدعو عقيلاً وقد مر الوحيف به.......على طوالة يمري الركض بالعقب
وأما الحكم بن الطفيل فإنه انهزم في نفر من بني عامر فيهم جواب وهو مالك بن كعب بن عبد الله ابن أبي بكر بن كلاب ورجلان من غني يقال لأحدهما جراد بن عميلة وقيل عرار، فنظروا إلى بني جعفر منهزمين على ماء يقال له طوالة فحسبوهم من بني ذبيان فقال الحكم والله لا تأسرني بنو ذبيان اليوم فيتلعبون بي، فمضوا حتى انتهوا إلى موضع يقال له المرورة وقد كاد العطش يقطع أعناقهم، فاختنق الحكم تحت شجرة مخافة المثلة فمات، وأخذت بنو عامر فرسًا لهم يقال له عزلاء فجعلوا يمرون ذكره حتى بال فشربوا بوله من آخر النهار وقتلهم العطش فمات جواب فيمن مات، قال هشام قال لي رجل من كلاب يقال له عقبة بن زيد لم يمت جواب حتى أسلم هو وجدي، وبقي الغنويان فسألهما عن الحكم فأخبراه أنه خنق نفسه فزعموا أن عامرًا كان يرفع يديه ويقول اللهم أدرك لي بيوم الرقم ثم اقتلني إذا شئت، فزعم جبار بن سلمى أن الفرس الذي كان تحتهما لما شربا الماء بطوالة وقع لا يريان إلا أنه نفق فخلعا لجامه فلبث ساعة ثم قام فانتفض وتمطى فركباه ثم ذهبا مع أصحابهما فسمت غطفان ذلك اليوم يوم المرورة ويقال المروات ويوم التخانق، وذلك قول نهيكة بن الحارث الفزاري: فريق على عزلاء يمرون أيره
وذلك قول عروة بن الورد العبسي:
عجبت لهم إذ يخنقون نفوسهم.......ومقتلهم تحت الوغا كان أعذرا
يشد الحليم منهم عقد حبله.......ألا إنما يأتي الذي كان حذرًا
فزعمت غطفان أنهم أصابوا يومئذ من بني عامر أربعة وثمانين رجلاً، فدفعوهم إلى أهل بيت من أشجع بن ريث بن غطفان كانت بنو عامر قد أصابوا فيهم، فجعل رجل منهم يقال له عقبة بن حليس بن عبد الله بن دهمان يقول: من أتاني بأسير فله فداؤه، فجعلت غطفان يأتونه بالأسرى وهو يذبحهم حتى أتى على آخرهم فسمي مذبحًا، وبنوه إلى اليوم يقال لهم بنو مذبح، فلما فرغ القوم من القتال طلبت غطفان أساراهم فلم يجدوا منهم أحدًا، فطلبت غطفان عقبة ليقتلوه، فجاء إلى المثلم بن رياح المري فمنعه، فقال سنان بن أبي حارثة:
من مبلغ عني المثلم آية.......وسهلاً فقد نفرتم الوحش أجمعا
هم إخوتي دينًا فلا تقربنهم.......أبا حشرج وافحص لجنبيك مضجعا
فأجابه المثلم:
من مبلغ عني سنانًا رسالة.......وشجنة أن قوما خذا الحق أو دعا
سأكفيك جنبي وضعه ووساده.......وأقتل إن لم تعطنا الحق أشجعا
تصيح الردينيات فينا وفيكم.......صياح بنات الماء أصبحن جوعا
خلطنا البيوت بالبيوت فأصبحوا.......بني عمنا من يرمهم يرمنا معًا
وقال حرقوص المري في يوم الرقم:
يا راكبًا إما عرضت فبلغا.......مغلغلة عني الوحيد وجعفرا
معاتبة فيها عن الجهل زاجر.......فقد جئتما خطبًا من الخطب أحسرا
أتهجون قومًا ثأركم في بيوتهم.......ولم تصبرا يوم اللقاء فتعذرا
كأنكما لم تشهدا يوم مرخة.......أو الرقم اليوم الذي كان أمقرا
عناجيج كالجنان يحملن فتية.......إلى الموت منا دارعين وحسرا
تركنا عقيلاً حيث أن خف جده.......بمعنرك في كبة الخيل أكدرا
ونحن حبونا الجعفري بطعنة.......تمج نجيعًا من دم الجوف أحمرا
وبالشعب قتلى لم توسد خدودها.......ولم تحمها منكم حماة فتقبرا
وقال عامر بن الطفيل في يوم الرقم:
لا ضير قد حكت بمرة بركها.......وتركن أشجع مثل خشب الأثأب
وأما بنو فزارة فذكروا أن عامر بن الطفيل لما هرب قال عيينة بن حصن: إن الرجل هالك ولم تمنوا عليه فيذهب ضياعًا فأدركوه، فأدركه نوفل بن سكين الفزاري، فقال له عامر من أنت؟ قال أنا نوفل بن سكين فقال عامر ألا يسعني بيت أم نوفل فأبى أن يقبل أمانه، فقال عيينة لجبار بن مالك بن حمار فلحقه جبار ومعه ابن عم له يقال له خذام بن زيد وكان شريفًا فقال جبار يا عامر أنا وابن عمي لك جاران، فقال من أنتما؟ قال: جبار وخذام قال أما أنتما فنعم، فأقبلا به، فقال عيينة لبني فزارة اقتلوه فوالله لئن لم تقتلوه لا تدركوا به ثأرًا أبدًا، فنهض إليه فوارس من بني فزارة، فقال عامر يا هذان قوما فامنعاني فقال جبار إن لم أمنعك قاعدًا لم أمنعك قائمًا. فذهبت مثلاً فقال عامر بن الطفيل:
إذا خفت غدرًا في فزارة فاستجر.......خذام بن زيد وابن عم خذام
هما منعاني من عيينة بعدما.......أشار بمصقول علي حسام
قال هشام أصبتها في كتاب حماد الراوية خلاف روايتنا:
إذا شئت أن تلقى المناعة فاستجر.......خذام بن زيد إن أجار خذام
دعوت أبا الجبار أختص مالكا.......ولم يك قدمًا من أجرت يضام
فقام أبو الجبار يهتز للندى.......كما اهتز عضب الشفرتين حسام
وكنت سنامًا من فزارة ناميًا.......وفي كل قوم ذروة وسنام
فثكلت عني الشارعين ولم أكن.......مخافة شر الشارعين أنام
ومن ذلك قول جبار بن مالك:
ونحن أجرنا عامرًا يوم عامر.......فأفلت من أقتاله ليلة الغمر
وقال عامر بن الطفيل:
ولتسئلن أسماء وهي حفية.......نصحاءها أطردت أم لم أطرد
فغضبت بنو فزارة لذكر أسماء بنت قدامة في شعره فهجوه لذكره تلك المرأة بأسوأ الهجاء، ولا أعلم حيًا من أحياء العرب أقل تزيدًا في أحاديثهم من غطفان وبني عامر، وذلك أنهم يجدون ما يحبون، وكانا هذان اليومان أشد يومين مرا على بني عامر قط، وقال عمار بن الكاهن الصموتي من بني عبد الله بن كلاب لعقيل بن الطفيل يمن عليه في يوم الرقم:
منعت عقيلاً والرماح تنوشني.......جهارًا فما أثنى علي عقيل
فلو قال خيرًا أو ثناء حمدته.......وقلت ابن عم قد جزى وخليل
فلولا ابتغائي الحمد قاظت نساؤه.......أيامي وفي أجوافهن غليل
لقاظ أسيرًا أو لجرت عظامه.......إلى الغار درماء اليدين ذؤول
قال هشام فهذا ما انتهى إلينا من حديث يوم الرقم، قال أحمد، فقول سلمة بن الخرشب لبني عامر فاستظهروا بالمرائر، أي احملوا معكم إذا غزوتم حبالاً تخنقون أنفسكم بها.
2: فإن بني ذبيان حيث عهدتم.......بجزع البتيل بين باد وحاضر
أي متى شئتم فاقصدوا فإنا لكم في الموضع الذي عهدتمونا فيه وعلى الحال التي أصبتمونا عليها، ونحن (بين باد وحاضر)، أي هناك بادينا وحاضرنا
3: يسدون أبواب القباب بضمر.......إلى عنن مستوثقات الأواصر
جعل (يسدون) حالاً أي فإنهم في ذلك الموضع في هذه الحال، يريد أنهم أصحاب خيل يحبسونها بأفنيتهم، وفي بيوتهم، ولا يتركونها ترود، يفعلون ذلك من عزها عليهم، و(العنن) جمع عنة، وهي حظيرة من شجر تجعل فيها الخيل لتقيها البرد، ويقال لما فيها معنى، قال الشاعر:
قطعت الدهر كالسدم المعنى.......تهدر في دمشق وما تريم
و(الأواصر): الأواخي، وهي الأواري أيضًا والآري ما يحبس به الدابة، وقوله: (إلى عنن)، أي: مع عنن، هذا تفسير أبي عكرمة، وقال أحمد قوله: إلى عنن، أي فيها إبل تسقى الخيل ألبانها، وواحد الأواصر آصرة، وأنشد أحمد:
لها في الصيف آصرة وجل.......وست من كرائمها غزار
ويقال قطعت آصرة ما بيني وبينه من القرابة والإخاء وجمعها الأواصر، ويقال أصرته الرحم إلي وعلي فهي تأصره أصرًا إذا عطفته الرحم إليك وعليك بالصلة والأصر الحبس بالفتح، والإصر العهد بالكسر ومنه قول الله عز وجل: {قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم أصري}، أي: عهدي، وأما قول الله عز وجل: {ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا} فإن الأصر ههنا إثم العهد إذا ضيعوا العهد، ولم يقوموا به، ونزعوا حقه.
4: وأمسوا حلالاً ما يفرق بينهم.......على كل ماء بين فيد وساجر
(الحلال) جمع حلة والحلة مائة بيت أو مائتا بيت، وأنشد:
أقوم يبعثون العير تجرا.......أحب إليك أم قوم حلال
وقوله (ما يفرق بينهم)، أي ليس بينهم من ليس منهم، وفيد، وساجر موضعان، المعنى أمسوا كثيرًا وقوله (ما يفرق بينهم)، أي ليس فيهم غريب، أي ليسوا بأشابات، ويقال حي حلال أي كثير، وروي ما يفرج بينهم:
5: وأصعدت الحطاب حتى تقاربوا.......على خشب الطرفاء فوق العواقر
يقال (أصعد) الرجل في الأرض إذا أبعد فيها، و(الحطاب) جمع حاطب، و(العواقر) الرمال، يريد أنهم أبعدوا من عزهم حتى تجاوزوا بلادهم إلى الرمل في طلب الحطب، وإنما خص الحطاب لضعفهم، وأنه لا يعرض لهم لعز أصحابهم، وروي حتى تقابلوا يقول حموا مصعدهم، لعزهم، ومنعتهم، فاحتطبوا مصعدين في البلاد لا يخافون أحدًا (حتى تقابلوا على خشب الطرفاء)، أي أصعدوا لطلب خشب الطرفاء فوق العواقر، وهي الرمال العظيمة المرتفعة سميت عواقر لأنها لا تنبت شيئًا كالعاقر من النساء التي لا تحمل الواحد عاقر، فيقول بلغوا الرمل آمنين لا يخافون.
6: نجوت بنصل السيف لا غمد فوقه.......وسرج على ظهر الرحالة قاتر
يريد أنه انهزم و(الرحالة) فرسه، والسرج القاتر الجيد الوقوع على ظهر الدابة لا يعقره ليس بصغير ولا كبير
7: فأثن عليها بالذي هي أهله.......ولا تكفرنها لا فلاح لكافر
يقول (أثن) على فرسك إذ نجتك، و(الفلاح) ههنا البقاء، ويروى (فأثن عليها) وأجزها ببلائها، و(الفلاح) أيضًا الظفر والفوز والبقاء يقال أفلح أي ظفر ومنه قول الله عز وجل: {قد أفلح المؤمنون}، أي قد فازوا وظفروا بثواب الله الدائم الباقي، ومنه قول عبيد بن الأبرص الأسدي:
أفلح بما شئت فقد يبلغ بالضعف وقد يخدع الأريب
فهذا معنى الظفر والفوز، وقال تبارك وتعالى في موضع آخر: {ولا يفلح الساحر حيث أتى}، يقول لا يظفر ولا يبقى، قال لبيد بن ربيعة:
لو كان حي مدرك الفلاح.......أدركه ملاعب الرماح
فهذا البقاء، و(الكافر) الساتر للنعمة، والإحسان إليه، الجاحد لهما، ومنه سمي الكافر كافرًا لستره نعم الله عليه وجحدها، ومنه سمي الليل كافرًا لأنه يستر بظلمته الأشياء، يقول أحسنت إليك فرسك ونجتك فاشكرها، ولا تكفرها لا فلاح لك، أي لا ظفر لك، ولا فوز بما تريد إن جحدتها إحسانها وكفرتها إياه.
8: فلو أنها تجري على الأرض أدركت.......ولكنها تهفو بتمثال طائر
(تهفو) تسرع، شبه الفرس في سرعتها (بطائر) ومدح بسرعتها خيله إذ لم تلحقها كما قال الآخر:
فما لبنى ذبيان مثلك فارس.......ولكن من نبهته غير نائم
وكما قال الآخر:
فلو طار ذو حافر قبلها.......لطارت ولكنه لم يطر
يعني (بالطائر) عقابًا، والفتخاء التي في جناحيها استرخاء، وهو أسرع لطيرانها، والعرب إذا قتل الرجل منهم الرجل مدح القاتل المقتول، وإن قهره أيضًا مدحه يريد بذلك مدح نفسه، ومن ذلك قول الحارث بن عباد للحارث بن ظالم، فما لبني ذبيان مثلك فرس، وقول سلمة بن الخرشب، وجعله هذه الفرس كالطائر يعظم شأنها، ليكون ذلك أعذر لخيله إذ لم تلحقها، يقول فلو كانت من الخيل لأدركتها خيلنا، ولكنها طائر وهو في ذلك يمدح خيله بمدحها.
9: خدارية فتخاء ألثق ريشها.......سحابة يوم ذي أهاضيب ماطر
و(الأهاضيب من المطر) دفعات منه، وإذا أصابها المطر كان أشد لطيرانها لمبادرتها إلى وكرها وكذلك السباع قال طفيل يذكر فرسًا:
كأنه بعدما صدرن من عرق.......سيد تمطر جناح الليل مبلول
تمطر أصابه المطر، والعقاب (الخدارية) التي يضرب لونها إلى السواد، والغبرة، ومنه قيل الليل خداري، وأصل ذلك من الخدر، وهو إلباس (السحاب)، والمطر، قال (خدارية) سوداء، والأخدر الأسود، وخدر الليل ظلمته، وسميت العقاب فتخاء للين جناحيها، ليست بجاستيهما، و(الفتخ) لين في مأبض الركبة، وهو باطن مفصل الركبة، ومأبض الذراع، قال أحمد وهذا اللين في جناحي العقاب خلقة.
10: فدى لأبي أسماء كل مقصر.......من القوم من ساع بوتر وواتر
(الساعي بالوتر) الطالب له، (والواتر) الذي وتر غيره، فهو مطلوب بجنايته، وإنما خص (الواتر والموتور) من الناس لأنه أراد أصحاب الحرب والنجدة، فأما من سواهم فهم تبع لهم، لأنه لا يتر، ولا يطلب بوتر إلا نجد فكأنه قال فداؤك كرام الناس وشجعاؤهم.
11: بذلت المخاض البزل ثم عشارها.......ولم تنه منها عن صفوف مظائر
قوله (بذلت) أي وهبت ومنحت، و(المخاض) الإبل التي تمخض بأولادها، فهو أنفس لها وأعز، ثم وكد ذلك فجعلها بزلاً يريد أنه يجود بما لا يجاد بمثله، ثم قال (عشارها)، وهي التي أتى عليها من حملها عشرة أشهر، و(الصفوف) الناقة الغزيرة التي تصف بين محلبين في حلبة واحدة.
و(المظائر) التي عطفت على ولد غيرها، وكانت ظئرا له.
يقول (لم تنه أن يؤخذ منها الصفوف)، و(المظائر) التي تعطف على ولد غيرها مع أخرى تصير له ظئرًا، و(المخاض) الحوامل واحدتها خلفة، والعشار التي أتى عليها من لقاحها عشرة أشهر، وقد يجوز أن يكون بعضهن قد تنج، فيقال لهن كلهن عشار، وروي عن غير الأصمعي مطاير بالطاء غير معجمة، قال معناه أنها تطاير الرغوة بكثرة لبنها، وملئها الإناء.
12: مقرن أفراس له برواحل.......فغاولنهم مستقبلات الهواجر
قوله (مقرن أفراس له برواحل)، وذلك أن العرب كانت إذا أرادت حربًا فساروا إليها ركبوا الإبل، وقرنوا إليها الخيل ليودعوها، قال عبد الله بن عتمة الضبي يذكر بسطام بن قيس الشيباني:
أجدك لن تريه ولن نراه.......تخب به عذافرة ذمول
حقيبة رحلها بدن وسرج.......تعارضها مربية دؤول
إلى ميعاد أرعن مكفهر.......تضمر في جوانبه الخيول
(غاولنهم) من المغاولة وهي الاغتيال، وقوله (مستقبلات الهواجر) أي في الهاجرة، والسير فيها أشد منه في غيرها، والدؤول التي تمشي مشي المثقل، قال (غاولنهم): طلبنهم، وأصل ذلك أن يغتال جريه بجري أكثر منه يذهب به كله له، يعني لأبي أسماء أي سرن سيرًا فوق سيرهن، قال أحمد، وابن رستم عن يعقوب قوله (مقرن أفراس له برواحل)، يصف أنه يقصد الغارة، وإذا قصدت العرب الغارة لم تركب الخيل توديعًا لها، وتركب الإبل، كما قال النابغة يصف خيلاً قرنت إلى إبل:
إذا استعجلوها عن سجية مشيها.......تبلغ في أعناقها بالجحافل
ومثله قول الآخر:
أولى فأولى يابن بيبة بعدما.......خصفن بآثار المطي الحوافرا
قال الأصمعي قوله: تبلغ في أعناقها، يقول الخيل مقطورة بالإبل، فكلما استعجل القوم الإبل، لم تدركها الخيل حتى تمد جحافلها، فتبلغ أعجاز الإبل، لأن الخيل أبطأ إذا كانت تجنب مع الإبل، ومثله قول الحطيئة:
مستحقبات رواياها جحافلها.......يسمو بها أشعري طرفه سام
وروى ابن الأعرابي تتلع في أعناقها، قال والخيل تتلع أي تشرف بأعناقها، والإبل تبلغ أي تستعين بأعناقها وتمدها في السير.
13: فأدركهم شرق المروراة مقصرا.......بقية نسل من بنات القراقر
(مقصرًا) أي عشاء، والمروراة موضع، و(شرقها) حيث شرقت الشمس فيها، وهو تغير الشمس للمغيب، (بنات القراقر): خيل، و(القراقر) فرس، ونصب شرق المروراة على الوقت:
14: فلم تنج إلا كل خوصاء تدعي.......بذي شرفات كالفنيق المخاطر
(الخوصاء) الغائرة العينين من شدة السفر، وبعده، وقوله (تدعي) تنتسب بعنقها، يقول إذا رئيت عنقها عرف بها كرمها، ونجارها لأن طول الأعناق في الخيل كرم، و(الفنيق) فحل الإبل، و(المخاطر) الذي يخاطر الفحول، وأصل الخطر أن يضرب بذنبه عند الهياج، غارت عينها لشدة السفر، وبعده، و(الفنيق) الفحل.
15: وإنك يا عام بن فارس قرزل.......معيد على قيل الخنا والهواجر
أراد عامر بن الطفيل و(المعيد) الذي يعاود الشر مرة بعد مرة، و(الهواجر) الكلام القبيح، كقول الشاعر:
إذا ما شئت نالك هاجراتي.......ولم تعمل بهن إليك ساقي
وكان عامر فرارًا، أي قد عرفت بالهواجر بقول الكلام الرديء، وينعم عليك فتكفر النعمة وموليها، فتعيد الكلام القبيح فقد عرفت به، قرزل اسم فرس طفيل بن مالك:
16: هرقن بساحوق جفانًا كثيرة.......وأدين أخرى من حقين وحازر
قوله: (هرقن)، يعني الخيل، أي قتلت أصحاب الجفان ومن كان يقري فيها ويحتلب، فكأنها لما قتلت أصحابها هرقتها، كما قال الأعشى:
رب رفد هرقته ذلك اليو.......م وأسرى من معشر أقتال
وروي أقيال، والرفد القدح العظيم، يقول لما قتلت صاحبه هرقته، ومثله قول امرئ القيس:
وأفلتهن علباء جريضًا.......ولو أدركنه صفر الوطاب
الجريض الذي قد قارب الموت فهو يجرض بريقه، والوطاب جمع وطب، وهو سقاء اللبن، وقوله: (وأدين أخرى) أي جئن بأسرى، وغير ذلك، فاللفظ على اللبن، والمعنى على القوم، وروي وغادرن أخرى، أي تركن جفانًا لم يرقنها، قال وقال أبو عبيدة الرفد بفتح الراء القدح الضخم، بما فيه من القرى، والرفد بكسر الراء المعونة، يقال رفدته عند الأمير، "أي أعنته وهو من كل خير وعون، وهو مثل قول امرئ القيس: وأفلتهن علباء، والمعنى في قول الأصمعي رب سيد قتلته فهريقت آنيته، وروى أحمد: رب رفد، الرفد بالكسر، وقال هو القدح، والرفد العمل، قال وساحوق موضع، وقوله: وغادرن أخرى: أي تركنها لم يرقنها على حالها، وقوله من حقين وحازر أي من سيد شريف، ودون ذلك، فاللفظ على اللبن، والمعنى على القوم ومثله قول أبي زبيد:
يا جفنة كنضيح الحوض قد كفئت.......بثني صفين يعلو فوقها القتر
أي قتل صاحبها فذهبت وبطلت، ومثله قول الآخر:
وماذا بالقليب قليب بدر.......من الشيزي تكلل بالسنام
قال أحمد (هرقن) يعني الخيل هراقت الجفان التي كان يقرى فيها اللحم والمرق، واللبن لا يقرى في الجفان ولكن الجفان للحم والمرق، وللبن العساس والأرفاد، وقوله وغادرن أي خلفن عند أصحابهن مما غنمن أي هرقن جفان من قتلن بقتلهم أصحابها، وأخذهم إبلهم، وغادرن أبقين عند أصحابهن ما غنمن ممن قتلن، فكأنهن ملأن جفان أصحابهن، وكفأن جفان من قتلن، هذا قول أحمد، ويقال أرقت الإناء فهو مراق، وهرقته فهو مهراق، ويا فلان هرق وأرق وأهرقته فهو مهراق، وأنا مهريق، ويا فلان أهرق وقول الأعشى من معشر أقتال، الأقتال يعني الأعداء والقتلة الذين قتلوا أصحابك، وأما أبو عبيدة فإنه قال هم الأشباه الواحد قتل وأنشدوا في أنهم الأعداء لعبيد الله بن قيس الرقيات:
واغترابي عن عامر بن لؤي.......في بلاد كثيرة الأقتال
وأنشد أحمد في القتل المثل يصف بعيرين:
من كل قتلين إذا ما ازدحما.......أدرك هذا غرب هذا بعدما
أغرب ذاك زرعه فانصرما .
[شرح المفضليات: 29-40]


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
5, قصيدة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:26 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir