دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الثامن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ذو القعدة 1441هـ/8-07-2020م, 10:19 PM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي المجلس الخامس: مجلس مذاكرة القسم الحادي عشر من تفسير سورة آل عمران

مجلس مذاكرة القسم الحادي عشر من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 172- 186)



1.استخرج الفوائد السلوكية من قوله تعالى:
{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}.

2. حرّر القول في واحدة من المسألتين التاليتين:
1: المراد بالبخل في قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ}.
2: عقوبة البخل المذكورة في قوله تعالى: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.



تعليمات:
- دراسة تفسير سورة آل عمران سيكون من خلال مجالس المذاكرة ، وليست مقررة للاختبار.
- مجالس المذاكرة تهدف إلى تطبيق مهارات التفسير التي تعلمها الطالب سابقا.
- لا يقتصر تفسير السورة على التفاسير الثلاثة الموجودة في المعهد.
- يوصى بالاستفادة من التفاسير الموجودة في جمهرة العلوم، وللطالب أن يستزيد من غيرها من التفاسير التي يحتاجها.

- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 ذو القعدة 1441هـ/11-07-2020م, 05:34 PM
فداء حسين فداء حسين غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - مستوى الإمتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 955
افتراضي


1.استخرج الفوائد السلوكية من قوله تعالى:
{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}.


- الاستجابة لله ولرسوله يجب أن تكون فورية , وكلما تأخرت نقص الإحسان , ونقصت التقوى بحسب ما حصل من تأخير : مدة وسببا .
قال تعالى :{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ}.
- الاستجابة -للرسول صلى الله عليه وسلم- هي استجابة لله سبحانه , لأنه المرسل, ولأنه أمر بذلك , فعلى العبد أن يحذر مما يشاع من شبهات تتعلق بترك السنة والاكتفاء بالقرآن , فهي من الشبه المتهافتة التي لا ينبغي لعاقل أن يلتفت إليها .
قال تعالى :{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ }.
- الاستجابة لله ولرسوله تكون في أوقات الشدة وأوقات الرخاء , بل جهاد النفس الحقيقي هو في الاتباع مع مخالفة الهوى , أما من يستجيب فقط فيما يتماشى مع هواه : فهذا لم يستجب على الحقيقة .
قال تعالى :{مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ }.
- يقين العبد التام بصدق وعود ربه , فيعمل العمل وقلبه معلق بالله , مستيقنا بأن الله لا يضيع عنده مثقال ذرة , فيحمله هذا على مزيد إحسان ومزيد عمل .
قال تعالى :{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ}.
- التعرف على الله بأسمائه وصفاته يورث القلب قوة وشجاعة في الحق , فتراه في وقت تخبط الناس في مخاوفهم ثابت القلب , ثابت اللسان , لا يتمايل يمنة ويسرة .
قال تعالى :{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}.
- ما خاب من علق قلبه بالله وحده , ونزع الأشواك من قلبه , وجعل الله حسبه وقصده .
قال تعالى:{ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ}
- على العبد الحريص تلمس ما يحب الله من أعمال ويرضى , فالعمر قصير , ومثل هذا من التجارة التي لا تبور , فيكثر من الأعمال التي علم بزيادة محبة الله لها , والتي رُتب عليها أجور عظيمة , فيغتنمها ليسلم وينجو .
قال تعالى:{وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}.
- على المؤمن أن يتذكر دائما بأن الشيطان هو العدو الأول , فيجب عليه أن يتخذه عدوا , ومن كان العدو يتربص به على مدار الأيام : لا يقع في الغفلة طرفة عين .
قال تعالى:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }.
- أهمية العلم , فلا سبيل لدفع شر العدو الأول وغيره إلا بالعلم .
قال تعالى:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }.
- وجوب شكر الله-سبحانه- على أن بين لنا ما يجب الحذر منه , وبين لنا ما فيه رضوانه , وبين لنا ما في الثبات والنجاة .(من جميع الآيات).

2.
حرّر القول في واحدة من المسألتين التاليتين:
1: المراد بالبخل في قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ}.


اختلف المفسرون في المراد بالبخل في الآية على أقوال تتفرع عن قولين رئيسين :
القول الأول :
إن المراد بالبخل هنا البخل بالمال , ثم تنوعت أقوالهم :
1- منهم من قال إن المراد بالبخل في الآية البخل بمنع الزكاة , وهو قول ابن مسعود وابن عباس ومجاهد وأبي وائل وابن مالك وابن فرعة والشعبي والسدي وغيرهم .

قال الواحدي في أسباب النزول : أجمع جمهور المفسرين على أنها نزلت في مانعي الزكاة.
وتعقبه ابن حجر وقال إن في حكاية الإجماع نظر .

واستدل أصحاب هذا القول بما رواه البخاري في صحيحه من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة رفعه: "من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة فأخذه بلهزمتيه -يعني شدقيه- يقول: أنا مالك أنا كنزك" ثم تلا هذه الآية: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} الآية" .
وأخرجه النسائي من طريق عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر نحوه.
وأخرجه ابن مردويه والثعلبي من طريق محمد بن أبي حميد عن زياد مولى الخطميين عن أبي هريرة رفعه.


وأيضا بما جاء عن ابن مسعود يرفعه : "ما من عبد لا يؤدي زكاة ماله إلا جعل له شجاع أقرع يتبعه وهو يفر منه يقول: أنا كنزك" ثم قرأ عبد الله مصداقه من كتاب الله {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} الآية".
رواه الطبري عمن حدثه عن سفيان بن عيينة عن جامع بن أبي راشد وعبد الملك بن أعين، عن أبي وائل، عن ابن مسعود .
قال ابن حجر : أخرجه أحمد والترمذي والنسائي والحاكم.


وبغيرها من الأحاديث المماثلة .

ورجح الطبري هذا القول قائلا : وأولى التّأويلين بتأويل هذه الآية التّأويل الأوّل وهو أنّه معنى بالبخل في هذا الموضع: منع الزّكاة لتظاهر الأخبار عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه تأوّل قوله: {سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة} قال: البخيل الّذي منع حقّ اللّه منه أنّه يصير ثعبانًا في عنقه، ولقول اللّه عقيب هذه الآية: {لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء} فوصف جلّ ثناؤه قول المشركين من اليهود الّذين زعموا عند أمر اللّه إيّاهم بالزّكاة أنّ اللّه فقيرٌ).

2- قيل: المراد البخل في الآية البخل على العيال وذي الرحم المحتاج , وهو قول مسروق , واحتجوا بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم- لما ذكر أهل اليمن، فقيل: يا رسول اللّه، أليس يؤتون زكاة أموالهم ويتصدّقون، قال: فكيف بما تحوي الفضول من سأله ذو قرابةٍ حقًّا من غنًى فمنعه طوّق شجاعًا أقرع حتّى يقضي بين الخلق يوم القيامة , ثم تلا الآية .
رواه عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ عن اللّيث بن سعدٍ عن عبيد اللّه بن أبي جعفرٍ عن صفوان بن سليمٍ .

وحديث جرير بن عبد الله البجلي قال: قال رسول الله ﷺ: ««ما من ذي رحم يأتي ذا رحمه، فيسأله فضلا أعطاه الله إياه فيبخل عليه إلا أخرج الله له حية من جهنم يقال لها: شجاع. يتلمظ فيطوق به» .
أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط عن محمد بن عبد الله الحضرمي عن عبد الله بن الحكم بن أبي زياد القطواني عن إسحاق بن الربيع العصفري ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي عنه.

وأخرج الطبري والثعلبي من طريق داود بن أبي هند عن أبي قزعة سويد بن حجير عن رجل من قيس رفعه: "ما من كبير رحم يأتي ذا رحمه فيسأله من فضل ما أعطاه الله فيبخل عنه إلا أخرج له من جهنم شجاع يتلمظ حتى يطوقه" ثم تلا: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} .
ثم أخرجه الطبري من وجه آخر عن أبي قزعة عن أبي مالك العبدي، ولم يرفعه .

وحديث حجر بن بيان عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ما من ذي رحم يأتي ذا رحمه فيسأله من فضل ما أعطاه الله إياه فيبخل عليه إلا خرج له يوم القيامة من جهنم شجاع يتلمظ حتى يطوقه، ثم قرأ {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله} الآية.
رواه الطبراني في المعجم الكبير عن عبيد العجلي والحضرمي عن عبدالله بن أبي زياد القطواني عن إسحاق بن ربيع العصفري عن داود بن ابي هند عن عامر الشعبي عنه.
ورواه الطبري عن ابن المثنى عن أبي معاوية محمد بن خازم عن داود، عنه


وحديث معاوية بن حيدة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لا يأتي الرجل مولاه فيسأله من فضل مال عنده فيمنعه إياه إلا دعى له يوم القيامة شجاع يتلمظ فضله الذي منع.
أخرجه الطبري عبطرق عن عبد الله بن بكر السهمي، عن يعقوب بن إبراهيم قعنعبد الواحد بن واصل أبو عبيدة الحداد، عن بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة، عن أبيه .
أخرجه النسائي عن محمد بن عبد الأعلى عن معتمر قال : سمعت بهز بن حكيم يحدث عن أبيه عن جده ... الحديث.
وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أحمد بن عبدان عن أحمد بن عيد الصفار عن محمد بن الفرج عن عبدالله بن بكر عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده .
وأخرجه عبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه .


قال مسروق في الآية : هو الرجل يرزقه الله المال فيمنع قرابته الحق الذي جعله الله لهم في ماله فيجعل حية فيطوقها فيقول للحية: ما لي ولك؟ فتقول: أنا مالك.
رواه سعيد بن منصور عن خلف بن خليفة،عن أبي هاشمٍ، عن أبي وائلٍ، عن مسروقٍ .

توجيه القول :
أما نفقة العيال فهي واجبة بالإجماع .
وقد جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ: كفى بالمرء إثماً أن يضيّع من يَقُوت).
أخرجه أبو داود، كتاب الزكاة، باب في صلة الرحم .

وأما نفقة الأقارب فهي واجبة مع القدرة من الفضل ، مع الغنى والسعة تصبح فرض للقريب المحتاج العاجز ، على الصحيح .
وقد قال تعالى : {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} ، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : (لا يدخل الجنة قاطع رحم) ، ومن قطع الأرحام أن يكون عند الرجل سعة من المال ويرى أقاربه فقراء عاجزين عن التكسب : ولا ينفق عليهم أو يمد لهم يد العون .
بل قد ثبت بأن الصدقة على الأقارب مضاعفة , وفي هذا مزيد ترغيب فها .
لهذا لما سال صحابي النبي عليه الصلاة والسلام-: (من أبر؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أباك ثم الأقرب فالأقرب) ، فجعل الأقارب بعد الوالدين .


3- المراد بالبخل بنفقة الجهاد حيث كانت النّفقة فيه واجبة. وهو قول الحسن والسدي , وذكره الحافظ في الفتح بلا عزو , وذكره ابن حيان في تفسيره .

قال عبّاد بن منصورٍ : سألت الحسن عن قوله: {ولا يحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله هو خيرًا لهم بل هو شرٌّ لهم} ,
قال: سيعذبون بما بخلوا به يوم القيامة قال: هم كافرٌ ومنافقٌ يبخل أن ينفق في سبيل اللّه.
رواه ابن أبي حاتم عن الحسن بن أحمد، عن موسى بن محكمٍ، عن أبي بكرٍ الحنفيّ، عنه .

قال السدي : أما الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله، فيبخلون أن ينفقوها في سبيل ولم يؤدّوا زكاتها.
رواه ابن ابي حاتم عن أحمد بن عثمان، عن نا أحمد بن مفضّلٍ، عن أسباطٌ، عنه

توجيه القول :
الجهاد بالمال من أفضل وأحب أنواع النفقة عند الله , لذا قال تعالى :{﴿ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ ووبين فضل المجاهدين فقال: ﴿ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ﴾ , ولأن الجهاد ذروة سنام الإسلام ,
ولا يحصل جهاد إلا بجهاد بلمال؛ فمن عجز عن الجهاد بالنفس لم يسقط عنه الجهاد بالمال , والمال محبوب لدى النفوسفقام مقام النفس .
وإن كان الجهاد جهاد واجب لا تطوع : أصبح الإنفاق على القادر واجب وتعين عليه .
لذا لما جهز عثمان -رضي الله عنه- جيش العسرة , قال له النبي صبى الله عليه وسلم :(مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ اليَوْمِ مَرَّتَيْنِ» رواه الترمذي وحسنه.

لذا قال القرطبي : وهذه الآية نزلت في البخل بالمال والإنفاق في سبيل الله، وأداء الزكاة المفروضة. وهذه كقوله: ﴿ولا ينفقونها في سبيل الله﴾.


القول الثاني :
إن المراد بالبخل هو كتمان العلم , وإنها نزلت في أحبار اليهود الذين كتموا صفة محمد -صلى الله عليه وسلم- ونبوته .
وهو قول ابن عباس ومجاهد وذكره الزّجاج عن ابن جريج واختاره .

قال الواحدي : روى عطية العوفي عن ابن عباس أنها نزلت في أحبار اليهود الذين كتموا صفة محمد ونبوته.

قال ابن عباس في قوله تعالى :"سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة"، ألم تسمع أنه قال: ﴿يبخلون ويأمرون الناس بالبخل﴾ ، يعني أهل الكتاب: يقول: يكتمون، ويأمرون الناس بالكتمان .
وفي لفظ قال : يعني بذلك أهل الكتاب أنّهم بخلوا بالكتاب أن يبيّنوه للنّاس.
رواه الطبري عن محمد بن سعد عن أبيه عن عمه عن أبيه عن أبيه عنه.
Color]]

قال مجاهد في قوله تعالى : (ولا تحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله) قال: هم يهود، إلى قوله: {والكتاب المنير}.
رواه الطبري عن القاسم، عن الحسين، عن حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عنه .

توجيه القول :
قول الصحابي (نزلت في) ليس نصا في سبب النزول , لكن تأتي استدلالا وتفسيرا , فكلام ابن عباس-رضي الله عنهما-يكون من باب تنزيل فعل اليهود وحمله على الآية , لا إنها نزلت فيهم .
وحمل الآية على المعنى الذي ذكره جائز لا لبس فيه .


الراجح :

لفظ الآية عام , والقاعدة جواز حمل الآية على المعاني الصحيحة المتعددة ما لم يكن هناك تعارض , والعبرة بعموم اللفظ , لذا حذف المتعلق .
ومنع الزكاة ليس هو السبب المباشر لنزول الاية ، فالأحاديث المذكورة تنص على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "تلا" الآية واستشهد فيها , وليس فيها: "فنزل" وبعضها لا يذكر الآية أصلا , كما إنها لم تنزل في اليهود خاصة كما بينا .
فعلى ها تكون الآية دالة على ذم البخل بالحقوق الشرعية مطلقا ، وهذا يحتمل أن يكون بخلا بالمال، وأن يكون بخلا بالعلم .

والبخل بالمال يدخل فيه منع الزكاة , وعدم الإنفاق على الأقارب والأرحام , وعدم النفقة في سبيل الله , فهو من باب اختلاف التنوع لا التضاد , فكل من بخل بنفقة تعينت عليه يدخل في هذه الاية , يدل عليه ما أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي في الشعب عن أبي الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يؤتى بصاحب المال الذي أطاع الله فيه وماله بين يديه كلما تكفأ به الصراط قال له ماله: امض فقد أديت حق الله في، ثم يجاء بصاحب المال الذي لم يطع الله فيه وماله بين كتفيه كلما تكفأ به الصراط قال له ماله: ويلك ألا أديت حق الله في فما يزال كذلك حتى يدعو بالويل والثبور.

فلفظ الحديث عام في جميع الحقوق , لذا قال السعدي رحمه الله تعالى : يمنعون ما عندهم مما آتاهم الله من فضله، من المال والجاه والعلم، وغير ذلك مما منحهم الله، وأحسن إليهم به، وأمرهم ببذل ما لا يضرهم منه لعباده، فبخلوا بذلك.

ولقد جاءت النصوص بذم كتمان العلم , كما في حديث أبي هريرة مرفوعًا: "من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة".
رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وحسنه الترمذي وصححه الحاكم.

وقد ذم الله سبحانه أهل الكتاب لما كتموا ما عرفوا من الحق من صفة النبي صلى الله عليه وسلم وصدقه فقال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَٰتِ وَٱلْهُدَىٰ مِنۢ بَعْدِ مَا بَيَّنَّٰهُ لِلنَّاسِ فِى ٱلْكِتَٰبِ ۙ أُوْلَٰٓئِكَ يَلْعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ ٱللَّٰعِنُونَ} وقال :{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ۖ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} .

والبخل في اللغة أن يمنع الانسال الحق الواجب عليه. فأما من منع مالا يجب عليه فليس ببخيل ، وما جاء من أمثلة تقع ضمن ما يجب على المرء , لذا قال الرازي :
فثبت بهذه الآية أن البخل عبارة عن ترك الواجب، إلا أن الإنفاق الواجب أقسام كثيرة، منها إنفاقه على نفسه وعلى أقاربه الذين يلزمه مؤنتهم، ومنها ما يتصل بأبواب الزكاة، ومنها ما إذا احتاج المسلمون إلى دفع عدو يقصد قتلهم ومالهم، فههنا يجب عليهم إنفاق الأموال على من يدفعه عنهم، لأن ذلك يجري مجرى دفع الضرر عن النفس، ومنها إذا صار أحد من المسلمين مضطرا فإنه يجب عليه أن يدفع إليه مقدار ما يستبقي به رمقه، فكل هذه الإنفاقات من الواجبات وتركه من باب البخل، والله أعلم.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 1 ذو الحجة 1441هـ/21-07-2020م, 12:41 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم الحادي عشر من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 172- 186)


فداء حسين أ+
أحسنت بارك الله فيك وسدّدك.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 شوال 1442هـ/24-05-2021م, 10:54 PM
هيثم محمد هيثم محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 482
افتراضي

1.استخرج الفوائد السلوكية من قوله تعالى:
{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}.

1. من سنن الله تعالى أن يبتلي عباده، ليتميز المؤمن الحق من المنافق، وليُعلم الصادق من الكاذب.
2. فضل كلمة "حسبنا الله ونعم الوكيل" قالها رسول الله وقالها إبراهيم من قبل فصلى الله عليهما وسلم، وأهمية معرفة معناها.
3. فضل الصحابة وبيان علو منزلتهم في الدنيا والآخرة، لما بذلوه من أنفسهم وأموالهم في سبيل الله تعالى، وكرامتهم على ربهم.
4. أن أهل الإيمان لما فوضوا أمرهم إلى ربهم واعتمدوا عليه بقلوبهم، أعطاهم عظيم الجزاء: النعمة والفضل وصرف السوء واتباع الرضا، فرضاهم عنه ورضي عنهم.
5. ينبغي للمؤمن ألا يلتفت إلى تخويف الشيطان له بأعوانه وأنصاره من الكافرين، فإن الأمر كله لله تعالى، فعلى قدر إيمان العبد يكون خوفه من الله، فعلى المؤمنين أن لا يخافوا غير ربهم تعالى في الحياة، فيطيعونه ويعبدونه ويتوكلون عليه، وهو حسبهم ونعم الوكيل لهم.

2. حرّر القول في واحدة من المسألتين التاليتين:
2: عقوبة البخل المذكورة في قوله تعالى: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.

المراجع:
المرتبة الأولى: كتب التفسير في دواوين السنّة:
1. كتاب تفسير القرآن من جامع عبد الله بن وهب المصري
2. كتاب تفسير القرآن من سنن النسائي الكبرى
3. كتاب التفسير في صحيح البخاري
4. كتاب التفسير من سنن سعيد بن منصور
5. سنن الترمذي

المرتبة الثانية: كتب التفسير في جوامع الأحاديث:
1. مجمع الزوائد للهيثمي
2. الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي

المرتبة الثالثة: التفاسير المسندة المطبوعة:
1. تفسير القرآن العزيز، لعبد الرزاق الصنعاني
2. جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري.
3. تفسير القرآن العظيم، لابن أبي حاتم الرازي
4. الكشف والبيان عن تفسير القرآن، لأبي إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي.
5. معالم التنزيل للبغوي.

المرتبة الرابعة: التفاسير المسندة التي طُبع شيء منها
1. تفسير سفيان الثوري
2. تفسير ابن المنذر

المرتبة الخامسة: أجزاء وصحف تفسيرية مطبوعة
1. تفسير مجاهد بن جبر، من رواية عبد الرحمن بن الحسن الهمذاني.

المرتبة السادسة: التفاسير التي تنقل أقوال السلف في التفسير:
1. الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن أبي طالب القيسي
2. المحرر الوجيز لابن عطية.
3. تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير الدمشقي

المرتبة السابعة: كتب تخريج أحاديث التفسير
المستدرك للحاكم

المرتبة الثامنة: شروح الأحاديث
1. فتح الباري لابن حجر
2. عمدة القاري للعيني
3. إرشاد الساري للقسطلاني

التفاسير اللغوية:
1. معاني القرآن للفراء
2. معاني القرآن للزجاج
3. معاني القرآن لأبي جعفر النحاس.
4. مجاز القرآن لأبي عبيدة
5. غريب القرآن وتفسيره لابن المبارك
6. تفسير غريب القرآن لابن قتيبة

تفاسير أخرى:
محاسن التأويل للقاسمي
تفسير الراغب الأصفهاني
التفسير البسيط
تفسير السمعاني
اللباب في علوم الكتاب

الأقوال:
ذكر المفسرون في عقوبة البخل أربعة أقوال، كالتالي:
القول الأول: شجاعًا أقرع يطوقهم في أعناقهم، وهو قول أبي مالكٍ العبديّ وعبد اللّه بن مسعود والشعبي والسدي ومسروق وعكرمة، ولم يذكر الفراء غيره.
القول الثاني: يجعل في أعناقهم طوقًا من نار، وهو قول إبراهيم النخعي.
القول الثالث: سيحمل الّذين كتموا نبوّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم من أحبار اليهود ما كتموا من ذلك، وهو قول ابن عباس، ذكره الزجاج.
القول الرابع: سيكلّفون يوم القيامة أن يأتوا بما بخلوا به في الدّنيا من أموالهم، وهو قول مجاهد.

التخريج:
القول الأول:
قول أبي مالكٍ العبديّ: رواه ابن جرير من طريق داود، عن أبي قزعة، عن أبي مالكٍ العبديّ، قال: ما من عبدٍ يأتيه ذو رحمٍ له يسأله من فضلٍ عنده فيبخل عليه إلاّ أخرج له الّذي بخل به عليه شجاعًا أقرع وقال: وقرأ: (ولا تحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله هو خيرًا لهم بل هو شرٌّ لهم سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة) إلى آخر الآية.

وقول عبد اللّه بن مسعود: رواه الترمذي والنسائي في الكبرى وسفيان الثوري وابن وهب وعبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه -من عدة طرق مع اختلاف الألفاظ وعند الترمذي والنسائي مرفوعا- كلهم من طريق أبي وائل، عن عبد اللّه: {سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة} قال: ثعبانٌ ينقر رأس أحدهم فيقول: أنا مالك الّذي بخلت به.
وعزاه السيوطي في الدر لعبد بن حميد وأحمد وابن خزيمة وابن ماجه والفريابي والطبراني، وقال الهيثمي في الزوائد: (رواه كلّه الطّبرانيّ بأسانيد، ورجال أحدها ثقاتٌ)، وقال الترمذي: (هذا حديثٌ حسنٌ صحيح).

وقول الشعبي: رواه ابن جرير من طريق ابن المثنى قال حدثنا عبد الصمد قال حدثنا شعبة عن المغيرة عن الشعبي في قوله {سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة} قال شجاع يلتوى.

وقول السدي: رواه ابن جرير من طريق محمّد بن الحسين، قال: حدّثني أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: أمّا {سيطوّقون ما بخلوا به} فإنّه يجعل ماله يوم القيامة شجاعًا أقرع يطوّقه، فيأخذ بعنقه، فيتبعه حتّى يقذفه في النّار.

وقول مسروق: رواه سعيد بن منصور من طريق خلف بن خليفة، قال: نا أبو هاشمٍ، عن أبي وائلٍ، عن مسروقٍ، قال: هو الرّجل يرزقه اللّه المال، فيمنع قرابته الحقّ الّذي جعل اللّه لهم في ماله، فيجعل حيّةً، فيطوّقها، فيقول للحيّة: ما لي وما لك؟ فتقول: أنا مالك. وهو عند ابن جرير بنفس اللفظ دون ذكر مسروق.
وعزاه السيوطي في الدر لابن المنذر.

وقول عكرمة: عزاه السيوطي في الدر لعبد بن حميد، عن عكرمة قال: يكون المال على صاحبه يوم القيامة شجاعا أقرع إذا لم يعط حق الله منه فيتبعه وهو يلوذ منه

القول الثاني:
قول إبراهيم النخعي: رواه عبد الرزاق وسعيد بن منصور، وسفيان الثوري وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم كلهم من طريق منصور، عن إبراهيم: {سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة} قال: طوقًا من نّار.
وعزاه السيوطي في الدر لعبد بن حميد.

القول الثالث:
قول ابن عباس: رواه ابن جرير وابن أبي حاتم كلاهما من طريق عطية العوفي عن ابن عبّاسٍ، -واللفظ لابن جرير- قوله: {سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة} يقول سيحملون يوم القيامة ما بخلوا به ألم تسمع أنّه قال: {يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل} يعني أهل الكتاب، يقول: يكتمون ويأمرون النّاس بالكتمان.

القول الرابع:
قول مجاهد: رواه عبد الرحمن الهمذاني في تفسير مجاهد وابن جرير، وابن أبي حاتم وابن المنذر كلهم من طريق ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ: {سيطوّقون} سيكلّفون أن يأتوا بمثل ما بخلوا به من أموالهم يوم القيامة.
وعزاه السيوطي في الدر لعبد بن حميد.

التوجيه والدراسة:
على القول الأول والثاني: يكون (سيطوقون) من الطوق والتطويق، ويكون المعنى على ظاهره وأنه نوع من العذاب الأخروي المحسوس، كما في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) إلى قوله: (فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ).
فتكون الآية والحديث استعارة تمثيلية على طريق التشبيه والتقريب لإحاطة البخل بصاحبه يوم القيامة، وأنها إحاطة إيلام، فهو طوق مؤلم مثله النبي بثعبان.

وعلى القول الثالث والرابع: يكون (سيطوقون) من الطاقة وهو الإلزام، كما قال تعالى: {وعلى الّذين يطيقونه} [البقرة: 184] أي: يَتَكَلَّفُونَه وُيلْزَمُونَه، فيكون المعنى: سيطوقون الإثم ويحملون وزره وعقابه يوم القيامة، كقوله تعالى: {يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ} [الْأَنْعَام:31]، فذكر التطويق هاهنا على طريق التمثيل وكناية عن الإلزام لا على أن ثمّ أطواقا، كما يقال: فلان كالطوق في رقبة فلان، ويقال: قلدتك هذا الأمر، وجعلت هذا الأمر في عنقك، كما في قوله تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسراء: 13]، فهم سيلزمون أعمالهم ووبال ما بخلوا به كما يلزم الطوق العنق، فالعربُ تكني بالتطويق كما يقال طوّق فلان عمله طوق الحمامة أي ألزم جزاء عمله، وهذين القولين صحيحين لغة كما هو تفسير أهل اللغة منهم أبو عبيدة وابن المبارك وابن قتيبة ومكي بن أبي طالب أن معنى يطوقون: يلزمون في أعناقهم مثل الطوق أو يلزم أعناقهم إثمه.

فمن ذهب إلى القول الثالث وأراد بالبخل كتمان العلم الذي آتاهم الله، فهو مصداقا لقوله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 37]، ومصداقا لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْم يَعْلَمُهُ، فَكَتَمَهُ، ألْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلجامٍ مِنْ نَارٍ».

وأما القول الرابع فهو محمول على التوبيخ، أي يُؤمرون بأداء ما منعوا، فلا يمكنهم الإتيان به، وهذا المعنى كما في قوله تعالى: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ).

الترجيح:
رجح ابن جرير وابن كثير القول الأول، وسبب ترجيح ابن جرير للقول الأول هو الاستدلال بما رواه البخاري عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: "من آتاه اللّه مالًا فلم يؤدّ زكاته، مثّل له ماله شجاعًا أقرع، له زبيبتان يطوّقه يوم القيامة، يأخذ بلهزمتيه - يعني بشدقيه - يقول: أنا مالك أنا كنزك " ثمّ تلا هذه الآية: (ولا يحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله) إلى آخر الآية.

قال ابن جرير: (وأولى الأقوال بتأويل هذه الآية التّأويل الّذي قلناه في ذلك في مبدأ قوله: {سيطوّقون ما بخلوا به} للأخبار الّتي ذكرنا في ذلك عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. ولا أحد أعلم بما عنى اللّه تبارك وتعالى بتنزيله منه عليه الصّلاة والسّلام)
وقال ابن كثير: (والصحيح الأول، وإن دخل هذا في معناه، وقد يقال: [إنّ] هذا أولى بالدّخول، واللّه أعلم).

والأقوال جميعها -وإن كانت صحيحة لغة وتفسيرا- إلا أن الأولى والأرجح هو القول الأول لكونه موافق لسبب النزول الذي ذكره جمهور المفسرين أنها نزلت في مانعي الزكاة، وهو أيضا قول أكثر السلف وهو أحد أوجه الترجيح كما ذكر ابن جزي في مقدمته، كما أنه حمل للآية على الحقيقة، أما القول الثالث فهو حمل للمعنى على المجاز، والأصل الحمل على الحقيقة إلا أن دل الدليل الصحيح على المجاز، وهو أيضا موافق لظاهر سياق الآية في البخل بالمال، وهو أيضا المطابق لدليل السنة كما ذكر ابن جرير، والله أعلم.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 ذو القعدة 1442هـ/23-06-2021م, 12:36 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

هيثم محمد أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الخامس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:31 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir