دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 صفر 1440هـ/29-10-2018م, 03:02 PM
هيثم محمد هيثم محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 482
افتراضي

اختلف العلماء في معنى الحفدة في قوله تعالى: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة} (النحل 72) على أربعة أقوال:

القول الأول: الأعوان والخدم، وهو قول ابن عباس والحسن البصري ومجاهد وقتادة وعكرمة وطاووس وأبي مالك الأنصاري.

أما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير بقوله: حدّثني محمّد بن خالد بن خداشٍ، قال: حدّثني سلم بن قتيبة، عن وهب بن حبيبٍ الأسديّ، عن أبي حمزة، عن ابن عبّاسٍ، سئل عن قوله: {بنين وحفدةً} قال: "من أعانك فقد حفدك، أما سمعت قول الشّاعر:
حفد الولائد حولهنّ وأسلمت = بأكفّهنّ أزمّة الأجمال"
وأما قول الحسن:
فقد رواه عبدالرزاق الصنعاني في تفسيره: عن ابن التيمي عن أبيه عن الحسن قال الحفدة الخدم
ورواه ابن جرير بقوله: حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن منصورٍ، عن الحسن، قال: "هم الخدم"
وأما قول مجاهد فقد رواه ابن جرير من طرق كثيرة منها: ما رواه أيضا عبدالرحمن بن الحسن الهمذاني كلاهما من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد بنين وحفدة يعني أنصارا وأعوانا وخدما.
وأما قول عكرمة فقد رواه ابن جرير من طرق كثيرة منها:
- حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، في قوله: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: الخدّام ".
- حدّثني محمّد بن خالد بن خداشٍ، قال: حدّثني سلم بن قتيبة، عن حازم بن إبراهيم البجليّ، عن سماكٍ، عن عكرمة، قال: قال: " الحفدة: الخدّام "
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن سلاّم بن سليمٍ، وقيسٍ، عن سماكٍ، عن عكرمة قال: " هم الخدم ".
وأما قول طاووس فقد رواه ابن جرير بقوله: حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا زمعة، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه، قال: "الحفدة: الخدم ".
وأما قول أبي مالك فقد رواه ابن جرير بقوله: حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ: " الحفدة، قال: الأعوان "

وهذا القول هو أصل المعنى اللغوي للحفد كما قال أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث: (في حديث عمر رضي الله عنه في قنوت الفجر قوله: وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق.
قوله: نحفد، أصل الحفد الخدمة والعمل، يقال: حفد يحفد حفدا وقال الأخطل: حفد الولائد حولهن وأسلمت بــأكـــفـــهـــن أزمــــــــــــة الأجــــــمــــــال
أراد خدمهن الولائد
وقال الشاعر: كــلــفـــت مـجـهـولــهــا نــــوقــــا يــمــانــيــة إذا الحداة على أكسائها حفدوا
وأما المعروف في كلامهم فإن الحفد هو الخدمة، فقوله: نسعى ونحفد، هو من ذاك، يقول: إنا نعبدك ونسعى في طلب رضاك)
وقال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: (وأصل الحفد: مداركة الخطو والإسراع في المشي. وإنما يفعل هذا الخدم. فقيل لهم: حفدة، واحدهم حافد، مثل كافر وكفرة. ومنه
يقال في دعاء الوتر: وإليك نسعى ونحفد)
وقال أبو عبيد الهروي في الغريبين في القرآن والحديث: (وفي صفته صلى الله عليه وسلم (محفود محشود) فالمحفود: الذي يخدمه أصحابه ويعظمونه ويسرعون في طاعته ويقال: حفدت وأحفدت لغتان إذا خدمت ويقال: حافد وحفد مثل: خادم، وخدم وحافد، وحفدة مثل: كافر، وكفرة.
وحفد البعير إذا قارب خطوة. وفي حديث عمر ذكر له عثمان للخلافة فقال: (أخشى حفده) أي: حفوفه في مرضات أقاربه).
ولهذا القول شواهد من كلام المتقدمين:
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الحفَدُ عِنْدَ الْعَرَبِ الأَعوان، فَكُلُّ مِنْ عَمِلَ عَمَلًا أَطاع فِيهِ وَسَارَعَ فَهُوَ حَافِدٌ.
وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: قَالَ الْحَفَدَةُ الأَعوان.
ومن قال بهذا القول من المفسرين لأن العطف للتغاير، فيكون الحفد غير البنين، كما ذكر القسطلاني في إرشاد الساري.

القول الثاني: الولد وولد الولد، وهو قول ابن عباس وعكرمة وابن زيد والضحاك، ونسبه يحيى بن سلام إلى الحسن.
أما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير وابن أبي حاتم - فيما نقله عنه ابن حجر في التغليق - كلاهما من طريق شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وحفدةً} قال: "هم الولد، وولد الولد"، وصصح هذا الإسناد ابن حجر في فتح الباري، وله طرق أخرى عند ابن جرير.
وأما قول عكرمة فقد رواه عبدالرزاق في تفسيره عن معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة في قوله تعالى بنين وحفدة قال الحفدة من يخدمك من ولدك وولد ولدك.
وأما قول ابن زيد فقد رواه ابن جرير بقوله: حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} قال: "الحفدة: الخدم من ولد الرّجل هم ولده، وهم يخدمونه، قال: وليس تكون العبيد من الأزواج، كيف يكون من زوجي عبدٌ؟ إنّما الحفدة: ولد الرّجل وخدمه "
وأما قول الضحاك فقد رواه ابن جرير في قوله: حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {بنين وحفدةً} يعني: "ولد الرّجل يحفدونه ويخدمونه، وكانت العرب إنّما تخدمهم أولادهم الذّكور"

وعقب عليه الطيبي في حاشيته على الكشاف بقوله: "وذلك أن خدمتهم أصدق"
والطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير بقوله: "وَأُطْلِقَ عَلَى ابْنِ الِابْنِ لِأَنَّهُ يَكْثُرُ أَنْ يَخْدِمَ جَدَّهُ لِضَعْفِ الْجَدِّ بِسَبَبِ الْكِبَرِ"
وابن عطية بقوله: "وهذا يستقيم على أن تكون الواو عاطفة صفة لهم، كما لو قال جعلنا لهم بنين وأعواناً أي وهم لهم أعوان، فكأنه قال: وهم حفدة"
وهو اختيار السمين الحلبي، فيكون معطوف على بنين بقيد كونه من الأزواج، وهو من باب عطف الصفاتِ لشيء واحد، أي: جَعَلَ لكم بنينَ خَدَماً،
وهو ترجيح ابن العربي أيضا كما نقل القرطبي، فيكون تقدير الآية على هذا: وجعل لكم من أزواجكم بنين ومن البنين حفدة.

القول الثالث: الأختان أو الأصهار، وهو قول عبدالله بن مسعود وابن عباس ومجاهد وأبي الضّحى وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير.

أما قول ابن مسعود فقد رواه ابن جرير من طرق كثيرة:
- منها ما صححه الحاكم في مستدركه وكلاهما من طريق أبو معاوية، قال: حدّثنا أبان بن تغلب، عن المنهال بن عمرٍو، عن ابن حبيشٍ، عن عبد اللّه: {بنين وحفدةً} قال: " الأختان "
- ومنها ما رواه عبدالرزاق كلاهما من طريق ابن عيينة عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال: قال عبد الله بن مسعود أتدري ما الحفدة يا زر قال قلت نعم هم حفاد الرجل من ولده وولد ولده قال لا هم الأصهار، وعلق عليه الهيثمي في المجمع بأن عاصم بن أبي النّجود حسن الحديث وفيه ضعفٌ، وبقيّة رجاله رجال الصّحيح.
وأما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير من طريقين: من طريق عليّ بن أبي طلحة ومن طريق عكرمة:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حفصٌ، عن أشعث، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: " الأختان "
- وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وحفدةً} قال: " الأصهار "
وأما قول مجاهد فقد رواه مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ في جزء تفسير مسلم بن خالد قال: ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل: {بنين وحفدةً} قال: الحفدة: الأَخْتان.
وأما قول أبي الضحى فقد رواه ابن جرير: حدّثنا ابن بشّارٍ، وأحمد بن الوليد القرشيّ، وابن وكيعٍ، وسوّار بن عبد اللّه العنبريّ، ومحمّد بن خالد بن خداشٍ، والحسن بن خلفٍ الواسطيّ، قالوا: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ القطّان، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، قال: " الحفدة: الأختان ".
وأما قول إبراهيم فقد رواه ابن جرير:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: " الحفدة: الأختان "

- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: " الحفدة: الختن "
وأما قول سعيد فقد رواه ابن جرير: حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا إسرائيل، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: الأختان "

وعلى هذا القول تكون حفدة منصوب بـ جعل مقدرة، كما ذكر السمين الحلبي: (وإنما احتيج إلى تقدير «جَعَلَ» لأنَّ «جَعَلَ» الأولى مقيدةٌ بالأزواج، والأعوانُ والأصهارُ ليسوا من الأزواج)
فيكون معنى الآية على هذا القول كما قال السمعاني في تفسيره: (وَجعل لكم من أزواجكم بَنِينَ وَبَنَات تزوجونهم؛ فَيحصل لكم بسببهم الْأخْتَان والأصهار).


وهي في كلام العرب كما قيل:
فلو أنَّ نفسي طاوَعَتْني لأصبحَتْ ... لها حَفَدٌ ممَّا يُعَدُّ كثيرُ
ولكنها نَفسٌ عليَّ أَبِيَّةٌ ... عَيُوفٌ لإِصهارِ اللِّئامِ قَذْوْرُ


وقد نقل النحاس الخلاف في تعريف الختن والصهر كما يلي:
(فقال محمد بن الحسن الختن الزوج ومن كان من ذوي رحمه والصهر من كان من قبل المرأة نحو أبيها وعمتها وخالها،
وقال ابن الأعرابي ضد هذا في الأختان والأصهار،
وقال الأصمعي الختن من كان من قبل المرأة مثل أبيها وأخيها وما أشبههما والأصهار منهما جميعا يقال أصهر فلان إلى بني فلان وصاهر،
وقول عبد الله بن مسعود هم الأختان يحتمل المعنيين جميعا يجوز أن يكون أراد أبا المرأة وما أشبه من أقربائها)


القول الرابع: هم بنو امرأة الرّجل من غيره، وهو قول ابن عباس، ونسبه الثعلبي في تفسيره إلى ابن زيد من غير إسناد، ونسبه ابن منظور في لسان العرب إلى الضحاك من غير إسناد.
أما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير: حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} يقول: "بنو امرأة الرّجل ليسوا منه"
ويشهد لهذا القول ما ذكره ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن من أنها بمعنى عياله في لغة قريش.

الدراسة:
أن جميع الأقوال داخلة في معنى الحفد، فيمكن القول بها جميعا، كما نقل غلام ثعلب في ياقوتة الصراط: (كل من أسرع في حاجتك، فهو حافد، قرابة كان أو غير قرابة)، وهو ترجيح ابن جرير بإشارته أن الخدمة قد تكون من الأولاد والخدم والأصهار، والنعمة حاصلة بهذا كله، واختار ذلك ابن حجر في فتح الباري بتعقيبه على قول الطبري: (وهذا أجمع الأقوال).

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 3 ربيع الأول 1440هـ/11-11-2018م, 02:14 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
Arrow

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيثم محمد مشاهدة المشاركة
اختلف العلماء في معنى الحفدة في قوله تعالى: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة} (النحل 72) على أربعة أقوال:

القول الأول: الأعوان والخدم، وهو قول ابن عباس والحسن البصري ومجاهد وقتادة وعكرمة وطاووس وأبي مالك الأنصاري.

أما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير بقوله: حدّثني محمّد بن خالد بن خداشٍ، قال: حدّثني سلم بن قتيبة، عن وهب بن حبيبٍ الأسديّ، عن أبي حمزة، عن ابن عبّاسٍ، سئل عن قوله: {بنين وحفدةً} قال: "من أعانك فقد حفدك، أما سمعت قول الشّاعر:
حفد الولائد حولهنّ وأسلمت = بأكفّهنّ أزمّة الأجمال"
وأما قول الحسن:
فقد رواه عبدالرزاق الصنعاني في تفسيره: عن ابن التيمي عن أبيه عن الحسن قال الحفدة الخدم
ورواه ابن جرير بقوله: حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن منصورٍ، عن الحسن، قال: "هم الخدم"
وأما قول مجاهد فقد رواه ابن جرير من طرق كثيرة منها: ما رواه أيضا عبدالرحمن بن الحسن الهمذاني كلاهما من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد بنين وحفدة يعني أنصارا وأعوانا وخدما.
وأما قول عكرمة فقد رواه ابن جرير من طرق كثيرة منها:
- حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، في قوله: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: الخدّام ".
- حدّثني محمّد بن خالد بن خداشٍ، قال: حدّثني سلم بن قتيبة، عن حازم بن إبراهيم البجليّ، عن سماكٍ، عن عكرمة، قال: قال: " الحفدة: الخدّام "
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن سلاّم بن سليمٍ، وقيسٍ، عن سماكٍ، عن عكرمة قال: " هم الخدم ".
[ هنا الراوي الذي تدور عليه هذه الأسانيد الثلاثة " سماك "، وأصل الإسناد " سماك عن عكرمة " ]
وأما قول طاووس فقد رواه ابن جرير بقوله: حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا زمعة، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه، قال: "الحفدة: الخدم ".
وأما قول أبي مالك فقد رواه ابن جرير بقوله: حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ: " الحفدة، قال: الأعوان "
[ بعض من ذكرت خصص الخدمة من الأولاد، راجع بعض الروايات عن عكرمة ومجاهد؛ فيتنبه لذلك ]
وهذا القول هو أصل المعنى اللغوي للحفد كما قال أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث: (في حديث عمر رضي الله عنه في قنوت الفجر قوله: وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق.
قوله: نحفد، أصل الحفد الخدمة والعمل، يقال: حفد يحفد حفدا وقال الأخطل: حفد الولائد حولهن وأسلمت بــأكـــفـــهـــن أزمــــــــــــة الأجــــــمــــــال
أراد خدمهن الولائد
وقال الشاعر: كــلــفـــت مـجـهـولــهــا نــــوقــــا يــمــانــيــة إذا الحداة على أكسائها حفدوا
وأما المعروف في كلامهم فإن الحفد هو الخدمة، فقوله: نسعى ونحفد، هو من ذاك، يقول: إنا نعبدك ونسعى في طلب رضاك)
وقال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: (وأصل الحفد: مداركة الخطو والإسراع في المشي. وإنما يفعل هذا الخدم. فقيل لهم: حفدة، واحدهم حافد، مثل كافر وكفرة. ومنه
يقال في دعاء الوتر: وإليك نسعى ونحفد)
وقال أبو عبيد الهروي في الغريبين في القرآن والحديث: (وفي صفته صلى الله عليه وسلم (محفود محشود) فالمحفود: الذي يخدمه أصحابه ويعظمونه ويسرعون في طاعته ويقال: حفدت وأحفدت لغتان إذا خدمت ويقال: حافد وحفد مثل: خادم، وخدم وحافد، وحفدة مثل: كافر، وكفرة.
وحفد البعير إذا قارب خطوة. وفي حديث عمر ذكر له عثمان للخلافة فقال: (أخشى حفده) أي: حفوفه في مرضات أقاربه).
ولهذا القول شواهد من كلام المتقدمين:
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الحفَدُ عِنْدَ الْعَرَبِ الأَعوان، فَكُلُّ مِنْ عَمِلَ عَمَلًا أَطاع فِيهِ وَسَارَعَ فَهُوَ حَافِدٌ.
وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: قَالَ الْحَفَدَةُ الأَعوان.
ومن قال بهذا القول من المفسرين لأن العطف للتغاير، فيكون الحفد غير البنين، كما ذكر القسطلاني في إرشاد الساري.
[ ويكون الإشكال هنا كيف يكون من الأزواج حفدة بمعنى الخدم والأعوان؛ فمن قال أنها الخدم والأعوان من الأولاد؛ فهو ظاهر، ومن قال الخدم والأعوان عمومًا قدّر " جعل " فيكون المعنى وجعل لكم من أزواجكم بنين، وجعل لكم حفدة ]

القول الثاني: الولد وولد الولد، وهو قول ابن عباس وعكرمة وابن زيد والضحاك، ونسبه يحيى بن سلام إلى الحسن.
أما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير وابن أبي حاتم - فيما نقله عنه ابن حجر في التغليق - كلاهما من طريق شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وحفدةً} قال: "هم الولد، وولد الولد"، وصصح هذا الإسناد ابن حجر في فتح الباري، وله طرق أخرى عند ابن جرير.
وأما قول عكرمة فقد رواه عبدالرزاق في تفسيره عن معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة في قوله تعالى بنين وحفدة قال الحفدة من يخدمك من ولدك وولد ولدك.
وأما قول ابن زيد فقد رواه ابن جرير بقوله: حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} قال: "الحفدة: الخدم من ولد الرّجل هم ولده، وهم يخدمونه، قال: وليس تكون العبيد من الأزواج، كيف يكون من زوجي عبدٌ؟ إنّما الحفدة: ولد الرّجل وخدمه "
وأما قول الضحاك فقد رواه ابن جرير في قوله: حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {بنين وحفدةً} يعني: "ولد الرّجل يحفدونه ويخدمونه، وكانت العرب إنّما تخدمهم أولادهم الذّكور"

وعقب عليه الطيبي في حاشيته على الكشاف بقوله: "وذلك أن خدمتهم أصدق"
والطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير بقوله: "وَأُطْلِقَ عَلَى ابْنِ الِابْنِ لِأَنَّهُ يَكْثُرُ أَنْ يَخْدِمَ جَدَّهُ لِضَعْفِ الْجَدِّ بِسَبَبِ الْكِبَرِ"
وابن عطية بقوله: "وهذا يستقيم على أن تكون الواو عاطفة صفة لهم، كما لو قال جعلنا لهم بنين وأعواناً أي وهم لهم أعوان، فكأنه قال: وهم حفدة"
وهو اختيار السمين الحلبي، فيكون معطوف على بنين بقيد كونه من الأزواج، وهو من باب عطف الصفاتِ لشيء واحد، أي: جَعَلَ لكم بنينَ خَدَماً،
وهو ترجيح ابن العربي أيضا كما نقل القرطبي، فيكون تقدير الآية على هذا: وجعل لكم من أزواجكم بنين ومن البنين حفدة.

القول الثالث: الأختان أو الأصهار، وهو قول عبدالله بن مسعود وابن عباس ومجاهد وأبي الضّحى وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير.

أما قول ابن مسعود فقد رواه ابن جرير من طرق كثيرة:
- منها ما صححه الحاكم في مستدركه وكلاهما من طريق أبو معاوية، قال: حدّثنا أبان بن تغلب، عن المنهال بن عمرٍو، عن ابن حبيشٍ، عن عبد اللّه: {بنين وحفدةً} قال: " الأختان "
- ومنها ما رواه عبدالرزاق كلاهما من طريق ابن عيينة عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال: قال عبد الله بن مسعود أتدري ما الحفدة يا زر قال قلت نعم هم حفاد الرجل من ولده وولد ولده قال لا هم الأصهار، وعلق عليه الهيثمي في المجمع بأن عاصم بن أبي النّجود حسن الحديث وفيه ضعفٌ، وبقيّة رجاله رجال الصّحيح.
وأما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير من طريقين: من طريق عليّ بن أبي طلحة ومن طريق عكرمة:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حفصٌ، عن أشعث، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: " الأختان "
- وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وحفدةً} قال: " الأصهار "
وأما قول مجاهد فقد رواه مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ في جزء تفسير مسلم بن خالد قال: ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل: {بنين وحفدةً} قال: الحفدة: الأَخْتان.
وأما قول أبي الضحى فقد رواه ابن جرير: حدّثنا ابن بشّارٍ، وأحمد بن الوليد القرشيّ، وابن وكيعٍ، وسوّار بن عبد اللّه العنبريّ، ومحمّد بن خالد بن خداشٍ، والحسن بن خلفٍ الواسطيّ، قالوا: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ القطّان، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، قال: " الحفدة: الأختان ".
وأما قول إبراهيم فقد رواه ابن جرير:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: " الحفدة: الأختان "

- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: " الحفدة: الختن "
وأما قول سعيد فقد رواه ابن جرير: حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا إسرائيل، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: الأختان "

وعلى هذا القول تكون حفدة منصوب بـ جعل مقدرة، كما ذكر السمين الحلبي: (وإنما احتيج إلى تقدير «جَعَلَ» لأنَّ «جَعَلَ» الأولى مقيدةٌ بالأزواج، والأعوانُ والأصهارُ ليسوا من الأزواج)
فيكون معنى الآية على هذا القول كما قال السمعاني في تفسيره: (وَجعل لكم من أزواجكم بَنِينَ وَبَنَات تزوجونهم؛ فَيحصل لكم بسببهم الْأخْتَان والأصهار).


وهي في كلام العرب كما قيل:
فلو أنَّ نفسي طاوَعَتْني لأصبحَتْ ... لها حَفَدٌ ممَّا يُعَدُّ كثيرُ
ولكنها نَفسٌ عليَّ أَبِيَّةٌ ... عَيُوفٌ لإِصهارِ اللِّئامِ قَذْوْرُ


وقد نقل النحاس الخلاف في تعريف الختن والصهر كما يلي:
(فقال محمد بن الحسن الختن الزوج ومن كان من ذوي رحمه والصهر من كان من قبل المرأة نحو أبيها وعمتها وخالها،
وقال ابن الأعرابي ضد هذا في الأختان والأصهار،
وقال الأصمعي الختن من كان من قبل المرأة مثل أبيها وأخيها وما أشبههما والأصهار منهما جميعا يقال أصهر فلان إلى بني فلان وصاهر،
وقول عبد الله بن مسعود هم الأختان يحتمل المعنيين جميعا يجوز أن يكون أراد أبا المرأة وما أشبه من أقربائها)


القول الرابع: هم بنو امرأة الرّجل من غيره، وهو قول ابن عباس، ونسبه الثعلبي في تفسيره إلى ابن زيد من غير إسناد، ونسبه ابن منظور في لسان العرب إلى الضحاك من غير إسناد.
أما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير: حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} يقول: "بنو امرأة الرّجل ليسوا منه"
ويشهد لهذا القول ما ذكره ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن من أنها بمعنى عياله في لغة قريش.

الدراسة:
أن جميع الأقوال داخلة في معنى الحفد، فيمكن القول بها جميعا، كما نقل غلام ثعلب في ياقوتة الصراط: (كل من أسرع في حاجتك، فهو حافد، قرابة كان أو غير قرابة)، وهو ترجيح ابن جرير بإشارته أن الخدمة قد تكون من الأولاد والخدم والأصهار، والنعمة حاصلة بهذا كله، واختار ذلك ابن حجر في فتح الباري بتعقيبه على قول الطبري: (وهذا أجمع الأقوال).

التقويم: أ+
أحسنت وتميزت، بارك الله فيك، ونفع بك.
أرجو مراجعة الملحوظات أثناء الاقتباس، ويمكنك دراسة أقوال العلماء جيدًا واستخراج ما بها من حجج، ثم التعبير عنها بأسلوبك لئلا تكثر النسخ عنهم وتظهر شخصيتك أكثر في التحرير.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir