دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 شعبان 1436هـ/21-05-2015م, 11:05 AM
ميسر ياسين محمد محمود ميسر ياسين محمد محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 716
افتراضي تقرير يوم الأربعاء

-قصة إبراهيم خليل الرحمن صلى الله عليه وسلم
-الحكمة من كثرة ورود أخبار من سيرة ابراهيم عليه الصلاة والسلام:
فيها لنا الأسوة بالأنبياء عموما، وبه على وجه الخصوص؛ باتباع ملته، وهي ما كان عليه من عقائد وأخلاق وأعمال قاصرة ومتعدية،{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ} .

-فضل ومكانة سيدنا ابراهيم :
1- آتاه الله رشده وعلَّمه الحكمة منذ كان صغيرا،أراه ملكوت السماوات والأرض، ولهذا كان أعظم الناس يقينا وعلما وقوة في دين الله ورحمته بالعباد
2-أكرمه الله بالكرامات المتنوعة، جعل في ذريته النبوة والكتاب، وأخرج من صلبه أمتين هما أفضل الأمم: العرب وبنو إسرائيل، واختاره الله لبناء بيته الذي هو أشرف بيت، وأول بيت وضع للناس، ووهب له الأولاد بعد الكبر واليأس،
3-ملأ بذكره ما بين الخافقين، وامتلأت قلوب الخلق من محبته وألسنتهم من الثناء عليه.
4-أن الله رفعه بالعلم واليقين وقوة الحجج، قال جل ذكره:
{وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} [الأنعام: 75]
{وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} [الأنعام: 83]
5-أن الله اتخذه خليلا، والخلة أعلى درجات المحبة، وهذه المرتبة لم تحصل لأحد من الخلق إلا للخليلين إبراهيم ومحمد صلى الله عليهما وسلم.
6-شوقه صلى الله عليه وسلم للعلم :
ومن شوقه إلى الوصول إلى غاية العلم ونهايته أن سأل ربه:
{رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 260]
7-أمر الله بالاقتداء به عليه السلام في كل سيرته إلا أمر واحد وهو الاستغفار للمشركين{إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ} فإن استغفار إبراهيم لأبيه إنما كان عن موعدة وعدها إياه، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه.
8-أن إتيان الولد والبشارة به من سارة، وهي عجوز عقيم، يعد معجزة لإبراهيم وكرامة لسارة، ففيه معجزة نبي وكرامة ولي،
9-ثناء الله على إبراهيم أنه أتى ربه بقلب سليم، وقد قال:
{يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ - إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 88 - 89]
والجامع لمعناه أنه سليم من الشرور كلها ومن أسبابها، ملآن من الخير والبر والكرم، سليم من الشبهات القادحة في العلم واليقين، ومن الشهوات الحائلة بين العبد وبين كماله، سليم من الكبر ومن الرياء والشقاق والنفاق وسوء الأخلاق، وسليم من الغل والحقد، ملآن بالتوحيد والإيمان والتواضع للحق وللخلق، والنصيحة للمسلمين والرغبة في عبودية الله، وفي نفع عباد الله.

-طبيعة القوم الذي بعث اليه ابراهيم :
-وكان قد بعثه الله إلى قوم مشركين،كانوا يعبدون السبع السيارات التي منها الشمس والقمر، وقد بنوا لها البيوت، وسموها الهياكل، وهم فلاسفة الصابئة الذين هم من أخبث الطوائف وأعظمهم ضررا على الخلق.

-النهج الذي اتخذه في دعوة أبيه: دعاه بعدة طرق نافعة:
-كان خطابه له جاذباً للقلوب: لم يقل لأبيه: إنك جاهل؛ لئلا ينفر من الكلام الخشن، بل قال له
{يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا - يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ} [مريم: 42 - 43]
انظر إلى هذا القول: {فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا - يا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا - يا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا} [مريم: 43 - 45]
أي: برا رحيما قد عودني لطفه وأجراني على عوائده الجميلة، ولم يزل لدعائي مجيبا.

-موقف أبيه من الدعوة:
قال له أبوه:
{أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا} [مريم: 46]
أنه لم يؤمن وكان من الذين انطبق عليهم معنى الآية:
{إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ - وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ}
-موقف ابراهيم عليه الصلاة السلام من رفض أبيه للدعوة:
لم يغضب ولم يقابل أباه ببعض ما قال، بل قابل هذه الإساءة الكبرى بالإحسان فقال:
{سَلَامٌ عَلَيْكَ} أي: لا أتكلم معك إلا بكلام طيب لا غلظة فيه ولا خشونة، ومع ذلك فلست بآيس من هدايتك: {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا}

-النهج الذي اتخذه في دعوته عليه الصلاة والسلام مع قومه :
1-أراد أن يبين لعبدة النجوم والكواكب أن الخالق للعالم العلوي والسفلي هو الذي يتعين أن يُقصد بالتوحيد والإخلاص، وأن هذه الأفلاك والكواكب وغيرها مخلوقات مدبرات، ليس لها من الأوصاف ما تستحق العبادة لأجلها:
-قال مالا يعتقده ليبني عليه حجته،
{فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي} [الأنعام: 76]] أي: إن كان يستحق الإلهية بعد النظر في حالته ووصفه فهو ربي، مع أنه يعلم العلم اليقيني أنه لا يستحق من الربوبية والإلهية مثقال ذرة، فإن من كان له حال وجود وعدم، أو حال حضور وغيبة، قد علم كل عاقل أنه ليس بكامل، فلا يكون إلها،ولكن أراد أن يلزمهم بالحجة
- ثم انتقل إلى القمر، فلما رآه بازغا: {قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ} [الأنعام: 77]
وقد تقرر عند الجميع فيما سبق أن عبادة من يأفل من أبطل الباطل، فحينئذ ألزمهم بهذا الإلزام ووجه عليهم الحجة فقال: {يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ - إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ} [الأنعام: 78 - 79] أي: ظاهري وباطني {لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: 79]
-موقف عبدة الكواكب والنجوم من دعوته عليه الصلاة والسلام:
جعلوا يخوفونه آلهتهم أن تمسه بسوء، وهذا دليل على أن المشركين عندهم من الخيالات الفاسدة والآراء الرديئة ما يعتقدون أن آلهتهم تنفع من عَبَدَها وتَضُر من تركها أو قدح فيها، فقال لهم مبينا لهم أنه ليس عليه شيء من الخوف، وإنما الخوف الحقيقي عليكم فقال: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنعام: 81]
أجاب الله هذا الاستفهام جوابا يعم هذه القصة وغيرها في كل وقت فقال: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] أي: بشرك {أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82]

2-نهج دعوته لعبدة الأصنام:
لما خرجوا ذات يوم لعيد من أعيادهم وخرج معهم، فنظر نظرة في النجوم فقال: إني سقيم؛ لأنه خشي إن تَخَلَّف لغير هذه الوسيلة لم يدرك مطلوبه؛ لأنه تظاهر بعداوتها والنهي الأكيد عنها وجهاد أهلها، فلما برزوا جميعا إلى الصحراء كرَّ راجعا إلى بيت أصنامهم، فجعلها جذاذا كلها إلا صنما كبيرا أبقى عليه ليلزمهم بالحجة،
-موقف عبدة الأصنام من فعله عليه الصلاة والسلام وإقامة الحجة عليهم:
فلما رجعوا من عيدهم بادروا إلى أصنامهم صبابة ومحبة، فرأوا فيها أفظع منظر رآه أهلها فقالوا: {مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ - قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ}
أي: يعيبها ويذكرها بأوصاف النقص والسوء: {يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ}
فلما تحققوا أنه الذي كسرها:
{قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ} أي: بحضرة الخلق العظيم، ووبخوه أشد التوبيخ ثم نكلوا به، وهذا الذي أراد إبراهيم؛ ليظهر الحق بمرأى الخلق ومسمعهم، فلما جمع الناس وحضروا، وحضَّروا إبراهيم قالوا:
{أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يا إِبْرَاهِيمُ - قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} مشيرا إلى الصنم الذي سلم من تكسيره، وهم في هذه بين أمرين: إما أن يعترفوا بالحق، وأن هذا لا يدخل عقل أحد أن جمادا معروفا أنه مصنوع من مواد معروفة لا يمكن أن يفعل هذا الفعل، وإما أن يقولوا: نعم هو الذي فعلها وأنت سالم ناج من تبعتها، وقد علم أنهم لا يقولون الاحتمال الأخير، قال: فاسألوهم إن كانوا ينطقون، وهذا تعليق بالأمر الذي يعترفون أنه محال، فحينئذ ظهر الحق وبان، واعترفوا هم بالحق فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا: إنكم أنتم الظالمون، ثم نكسوا على رؤوسهم، أي: ما كان اعترافهم ببطلان إلهيتها إلا وقتا قصيرا ظهرت الحجة مباشرة التي لا يمكن مكابرتها، ولكن ما أسرع ما عادت عليهم عقائدهم الباطلة التي رسخت في قلوبهم، وصارت صفات ملازمة، إن وجد ما ينافيها فإنه عارض يعرض ثم يزول:
{ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ} )فحينئذ وبخهم بعد إقامة الحجة التي اعترف بها الخصوم على رؤوس الأشهاد، فقال لهم:
{قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ - أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} أنها لا تنفع ولاتضر. فلما أعيتهم المقاومة بالبراهين والحجج عدلوا إلى استعمال قوتهم وبطشهم وجبروتهم في عقوبة إبراهيم فقالوا: حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين، فأوقدوا نارا عظيمة جدا فألقوه بها، فقال وهو في تلك الحال: حسبي الله ونعم الوكيل، فقال الله للنار:
{يا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 69]فلم تضره بشيء، وانتصر الخليل عليهم .

-نهج دعوته مع الملك :
بعد انتصار ابراهيم عليه الصلاة والسلام وإقامته الحجة عليهم حاجَّ الملك إبراهيم في رَبِّه بغيا وطغيانا، {أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ} فقال إبراهيم:
{رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} فألزمه الخليل بطرد دليله بالتصرف المطلق، فقال:{فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}
فصل ثم خرج من بين أظهرهم مهاجرا وزوجته وابن أخيه لوط إلى الديار الشامية،
وفي أثناء مدة إقامته بالشام ذهب إلى مصر بزوجته سارة،

-قصته عليه الصلاة والسلام مع ملك مصر
وزواجه من هاجر :
أثناء مدة إقامته بالشام ذهب إلى مصر بزوجته سارة، وكانت أحسن امرأة على الإطلاق، فلما رآها ملك مصر وكان جبارا عنيدا لم يملك نفسه حتى أرادها على نفسها، فدعت الله عليه، فكاد أن يموت، ثم أطلق، ثم عاد ثانية، وكلما أرادها دعت عليه فصرع، ثم دعت له فأطلق، فكفاهما الله شره، ووهب لها هاجر جارية قبطية، وكانت سارة عاقرا منذ كانت شابة، فوهبت هذه الجارية لإبراهيم ليتسررها لعل الله يرزقه منها ولدا، فأتت هاجر بإسماعيل على كبر إبراهيم ففرح به فرحا شديدا، ولكن سارة رضي الله عنها أدركتها الغيرة فحلفت أن لا يساكنها بها، وذلك لما يريده الله، وهذا من جملة الأسباب لذهابه بها إلى موضع البيت الحرام، وإلا فهو متقرر عنده ذلك عليه السلام.
فذهب بها وبابنها إسماعيل إلى مكة، وهي في ذلك الوقت ليس فيها سكن ولا مسكن ولا ماء ولا زرع ولا غيره، وزودهما بسقاء فيه ماء وجراب فيه تمر، ووضعهما عند دوحة قريبة من محل بئر زمزم ثم قفى عنهما، فلما كان في الثنية بحيث يشرف عليهما دعا الله تعالى فقال:
{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37] إلى آخر الدعاء.

-قصة هاجر عليها السلام:
استسلمت هاجر لأمر الله، وجعلت تأكل من ذلك التمر، وتشرب من ذلك الماء حتى نفدا، فعطشت ثم عطش ولدها، فجعل يتلوى من العطش، ثم ذهبت في تلك الحال لعلها ترى أحدا أو تجد مغيثا، فصعدت أدنى جبل منها وهو الصفا، وتطلعت فلم تر أحدا، ثم ذهبت إلى المروة فصعدت عليه فتطلعت، فلم تر أحدا، ثم جعلت تتردد في ذلك الموضع وهي مكروبة مضطرة مستغيثة بالله لها ولابنها،والفرج مع الكرب، والعسر يتبعه اليسر، فلما تمت سبع مرات تسمعت حس الملك، فبحث في الموضع الذي فيه زمزم فنبع الماء، فاشتد فرح أم إسماعيل به، فشربت منه وأرضعت ولدها، وحمدت الله على هذه النعمة الكبرى، وحوطت على الماء لئلا يسيح، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «رحم الله أم إسماعيل: لو تركت ماء زمزم - أي لم تحوطه - لكانت زمزم عينا معينا» ثم عثر بها قبيلة من قبائل العرب يقال لهم جرهم، فعزلوا عندها وتمت عليها النعمة.
وشب إسماعيل شابا حسنا، وأعجب القبيلة بأخلاقه وعلو همته وكماله، فلما بلغ تزوج منهم امرأة، ففي أثناء هذه المدة ماتت أمه رضي الله عنها،

-زيارة ابراهيم -عليه السلام -الأولى لابنه اسماعيل: جاء إبراهيم بغيبة إسماعيل يتصيد، فدخل على امرأته فسألها عن زوجها وعن عيشهم، فأخبرته أن زوجها قد ذهب يتصيد، وأن عيشهم عيش الشدة، فقال لها: إذا جاء زوجك فأقرئيه مني السلام، وقولي له يغير عتبة بابه، ورجع من فوره لحكمة أرادها الله، فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئا، فسأل امرأته فأخبرته أنه جاءهم شيخ بهذا الوصف، وأنه سأل عنك فأخبرته، وسألنا عن عيشنا فأخبرته أننا في شدة، وأنه يقرأ عليك السلام، ويقول لك: غير عتبة بابك، فقال: ذاك أبي، وأنت العتبة، الحقي بأهلك، ثم تزوج إسماعيل غيرها.

-زيارة ابراهيم الثانية لابنه :
ثم جاء إبراهيم مرة أخرى وإسماعيل أيضا في الصيد، فدخل على امرأته فسألها عن إسماعيل فأخبرته، وسألها عن عيشهم فأخبرته أنهم في نعمة وخير، وكانت امرأة طيبة شاكرة لله وشاكرة لزوجها، ثم قال لها: إذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام، وقولي له يثبت عتبة بابه، ثم رجع أيضا من فوره قبل مواجهة إسماعيل لحكمة أرادها الله تعالى، فلما رجع إسماعيل من صيده قال: هل جاءكم من أحد؟ فقالت: جاءنا شيخ بهذا الوصف، فقال: هل قال لكم من شيء؟ فقالت: سألنا عنك فأخبرته، وسألنا عن عيشنا فأخبرته أنا في نعمة، وأثنيت على الله، فقال: فما قال؟ قالت: هو يقرأ عليك السلام، ويأمرك أن تثبت عتبة بابك، فقال: ذاك أبي، وأنت العتبة، أمرني أن أمسكك.

-الزيارة الثالثة لإبراهيم وبناء الكعبة:
ثم عاد إبراهيم المرة الثالثة فوجد إسماعيل يبري نبلا عند زمزم، فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد الشفيق والولد الشفيق، فقال: يا إسماعيل إن الله أمرني أن أبني هنا بيتا يكون معبدا للخلق إلى يوم القيامة، قال: سأعينك على ذلك، فجعلا يرفعان القواعد من البيت، إبراهيم يبني، وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يقولان:
{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ - رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ - رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 127 - 129]
فلما تَمَّ بنيانه، وتَمَّ للخليل هذا الأثر الجليل أمره الله أن يدعو الناس ويؤذن فيهم بحج هذا البيت، فجعل يدعو الناس وهم يفدون إلى هذا البيت من كل فَجٍّ عميق؛ ليشهدوا منافع دنياهم وأخراهم، ويسعدوا ويزول عنهم شقاؤهم،

-محنة عظيمة وابتلاء يظهر خلالها كمال الاستسلام لله :
وفي هذه الأثناء حين تمكن حب إسماعيل من قلبه، وأراد الله أن يمتحن إبراهيم لتقديم محبة ربه وخلته التي لا تقبل المشاركة والمزاحمة، فأمره في المنام أن يذبح إسماعيل، ورؤيا الأنبياء وحي من الله، فقال لإسماعيل:
{إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ - فَلَمَّا أَسْلَمَا} [أي: خضعا لأمر الله، وانقادا لأمره، ووطنا أنفسهما على هذا الأمر المزعج الذي لا تكاد النفوس تصبر على عشر معشاره.
{وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} نزل الفرج من الرحمن الرحيم.
{وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يا إِبْرَاهِيمُ - قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا}
وحصل لهما الشرف والقرب والزلفى من الله، وما ذلك من ألطاف الرب بعزيز، قال تعالى:
{إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ - إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ - وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}
وأي ذِبْحٍ أعظم من كونه حصل به مقصود هذه العبادة التي لا يشبهها عبادة، وصار سُنَّة في عقبه إلى يوم القيامة يتقرب به إلى الله، ويدرك به ثوابه ورضاه:
{وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ - سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} .

-قصة ابراهيم مع الملائكة:
حين أرسل الله لوطا إلى قومه، وتمرَّدوا عليه وحتَّم الله عقوبتهم، فمرت الملائكة الذين أرسلوا لإهلاك قوم لوط بإبراهيم بصورة آدميين، فلما دخلوا عليه وسلموا ردَّ عليهم السلام، بادرهم بالضيافة، وكان الله قد أعطاه الرزق الواسع والكرم العظيم، وكان بيته مأوى للأضياف، فجاء بعجل سمين محنوذ مشوي على الرضف فقربه إليهم، فقال: {أَلَا تَأْكُلُونَ} [الذاريات: 27]
{فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} إذ ظن أنهم لصوص:
{قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ} وكانت سارة قائمة في خدمتهم، وبشره بغلام عليم، فصرخت سارة وصكت وجهها متعجبة ومستبشرة ومترددة ومتحيرة وقالت:
{أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ} [هود: 72]
وقبل ذلك كنت عقيما، وهذا بعلي شيخا، إن هذا لشيء عجيب، قالوا: {أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود: 73] فبشراهما بإسحاق وأنه يعيش ويولد له يعقوب ويدركانه، ولهذا حمد الله إبراهيم على تمام نعمته وقال:
{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ}

-الفوائد من القصة:
1-أن من عزم على فعل الطاعات وبذل مقدوره في أسبابها، ثم حصل مانع يمنع من إكمالها، أن أجره قد وجب على الله كما ذكر ذلك الله في قصة الذبح، ،وأن الله أتَمَّ الأجر لإبراهيم وإسماعيل حين أسلما لله وأذعنا لأمره،

2- ما في قصصه من آداب المناظرة: طرقها ومسالكها النافعة، وكيفية إلزام الخصم بالطرق الواضحة التي يعترف بها أهل العقول، وإلجاؤه الخصم الألد إلى الاعتراف ببطلان مذهبه، وإقامة الحجة على المعاندين وإرشاد المسترشدين.
3- أن من نعمة الله على العبد هبة الأولاد الصالحين، وأن عليه في ذلك أن يحمد الله، ويدعو الله لذريته كما فعل الخليل صلى الله عليه وسلم في قوله:
{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} [إبراهيم: 39] إلى آخر الدعاء.
فإن العبد إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
4- أن المشاعر ومواضع الأنساك من جملة الحكم فيها، أن فيها تذكيرات بمقامات الخليل وأهل بيته في عبادات ربهم، وإيمان بالله ورسله، وحث على الاقتداء بهم في كل أحوالهم الدينية وكل أحوال الرسل دينية، لقوله تعالى:
{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]
5-الأمر بتطهير المسجد الحرام من الأنجاس، ومن جميع المعاصي القولية والفعلية؛ تعظيما لله وإعانة وتنشيطا للمتعبدين فيه، ومثله بقية المساجد لقوله عز وجل:
{وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج: 26]
وقال: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور: 36]
6-أن أفضل الوصايا على الإطلاق ما وصى به إبراهيم بنيه ويعقوب، وهو الوصية بملازمة القيام بالدين وتقوى الله والاجتماع على ذلك، وهي وصيته تعالى للأولين والآخرين، إذ بها السعادة الأبدية والسلامة من شرور الدنيا والآخرة.
7-أن العامل - كما عليه أن يتقن عمله ويجتهد في إيقاعه على أكمل الوجوه - فعليه مع ذلك أن يكون بين الخوف والرجاء، وأن يتضرع إلى ربه في قبوله وتكميل نقصه، والعفو عما وقع فيه من خلل أو نقص، كما كان إبراهيم وإسماعيل يرفعان القواعد من البيت، وهما بهذا الوصف الكامل.
8-أن الجمع بين الدعاء لله بمصالح الدنيا والدين من سبيل أنبياء الله، وكذلك السعي في تحصيلهما الدين هو الأصل والمقصود الذي خلق له الخلق والدنيا وسيلة ومعونة عليه لدعاء الخليل لأهل البيت الحرام بالأمرين، وتعليله الدعاء بالأمور الدنيوية أنه وسيلة إلى الشكر فقال:
{وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37]
9-ما اشتملت عليه قصة إبراهيم من مشروعية الضيافة وآدابها، فإن الله أخبر عن ضيفه أنهم مكرمون، يعني: أنهم كرماء على الله، وأيضا إبراهيم أكرمهم بضيافته قولا وفعلا، فإكرام الضيف من الإيمان،
10-مشروعية السلام، وأن المبتدئ فيه هو الداخل وهو الماشي، وأنه يجب رده، ومشروعية الوقوف على اسم من يتصل بك من صاحب ومعامل وضيف لقوله:
{قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} [الذاريات: 25]
أي لا أعرفكم فأحب أن تعرفوني بأنفسكم، وهذا ألطف من قوله أنكرتكم ونحوه.
11- الترغيب في أن يكون أهل الإنسان ومن يتولى شؤون بيته حازمين مستعدين لكل ما يراد منهم من الشؤون والقيام بمهمات البيت، فإن إبراهيم في الحال بادر إلى أهله فوجد طعام ضيوفه حاضرا لا يحوج إلا إلى تقديمه.
12-وعد الباري أن كل محسن في عبادته محسن إلى عباده أن الله يجزيه الثناء الحسن والدعاء من العالمين بحسب إحسانه، وهذا ثواب عاجل وآجل، وهو من البشرى في الحياة الدنيا، ومن علامات السعادة، فما ذكره الله في قصة نوح وإبراهيم وموسى وهارون وإلياس:
{سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ} [الصافات: 79]
{سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الصافات: 109]
يتبعها بقوله: {إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}

‏‫من جهاز الـ iPhone الخاص بي‬

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 4 شعبان 1436هـ/22-05-2015م, 02:00 PM
مها شتا مها شتا غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 655
افتراضي قصة لوط عليه السلام

قصة لوط عليه السلام
عناصر الدرس:
1-مكانة لوط عليه السلام ،وعلاقته بأبو الأنبياء.
2-فاحشة قوم لوط عليه السلام.
3- دعوة لوط عليه السلام، ورد فعل قومه.
4-تصرف قوم لوط عليه السلام معه ومع ضيوفه.
5- نجاة لوط عليه السلام ،وإهلاك قومه.
6-الفوائد من قصة لوط عليه السلام.
تلخيص القصة:
1-مكانة لوط عليه السلام ، وعلاقته بأبو الأنبياء.
كان لوط عليه السلام تلميذ الخليل إبراهيم عليه السلام ،وكان له بمنزلة الابن له ،نبأه الله في حياة إبراهيم عليه السلام ،ولما أراد الله هلاكهم أرسل الملائكة لذلك، فمروا بطريقهم على إبراهيم وأخبروه بذلك، فجعل إبراهيم يجادل في إهلاكهم - وكان رحيما حليما - وقال
إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ} [العنكبوت]
فقيل: {يا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ} [هود: 76].
2- فاحشة قوم لوط عليه السلام.
أ)كانوا يشركون بالله.
ب) كانوا يلوطون بالذكور.
3- دعوة لوط عليه السلام ،ورد فعل قومه.
دعا لوط عليه السلام قومه إلى عبادة الله وحده، وحذرهم من هذه الفاحشة، فلم يزدادوا إلا عتوا وتماديا فيما هم فيه.
4- تصرف قوم لوط معه ومع ضيوفه.
-ذهب الملائكة إلى لوط بصورة أضياف آدميين شباب ساء لوطا ذلك وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا {وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيب}،
لعلمه بما عليه قومه من هذه الجراءة الشنيعة، ووقع ما خاف منه، فجاءه قومه يهرعون إليه يريدون فعل الفاحشة بأضياف لوط، فقال: {يا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ}،فكان ردهم {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ} واستمروا في غيهمومراودته عن ضيفه.
5- نجاة لوط عليه السلام وإهلاك قومه بقدرة الله.
نجاة لوط عليه السلام :
-أمرت ملائكة الرحمن الذين جاؤا لوط علي أنهم ضيوف لوط عليه السلام أن يسري بأول الليل بأهله ويلح في السير حتى يخلف ديارهم، وينجو من معرة العذاب، فخرج بهم فما أصبح الصباح حتى خلفوا ديارهم.
إهلاك قومه:
-صدم جبريل أو غيره من الملائكة الذين يعالجون الباب ليدخلوا على لوط فطمس بهذه الصدمة أعينهم، فكان هذا عذابا معجلا.
-قلب الله عليهم ديارهم، فجعل أعلاها أسفلها، وأمطر عليها حجارة من سجيل منضود.
6- الفوائد من قصة لوط عليه السلام.
1- أن الأنبياء يبعثون من أشراف قومهم، ليحصل بذلك التأييد الحق وقمع الباطل والتمكيين للدعوة.
2-جواز تشكل الملائكة بالصورة البشرية.
3- الحق واضح بين.
4-أن فاحشة اللوط من أشنع القبائح.
5-وأنها توجب العقاب الشديد الأليم.
6-وأنها دليل علي انحراف الأخلاق ،لأن مع ذهاب دينه انقلب عليه الحسن قبيح ،ونفر من الطيب.
7-جوازالتعريض بالقول كما قال لوط لقومه {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} ،و التعريض يكون بالأقوال والأفعال ،
ومعني التعريض :ن يقصد المتكلم أو العامل لعمل أمرا من الأمور التي لا بأس بها، ويوهم السامع والرائي أمرا آخر؛ ليستجلب منفعة، أو يدفع مضرة.
8-الرجل الرشيد يكون مسدد في أقواله وأفعاله،وينصر المظلوم ويفرج كرب المكروبين ،ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر.
9- الحث على السعي في الأعوان على أمور الخير ودفع الشر.
10- إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر.
11- من يتوكل علي الله فهو حسبه.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 5 شعبان 1436هـ/23-05-2015م, 07:29 PM
أمل يوسف أمل يوسف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 570
افتراضي

قصة شعيب عليه السلام
التعريف بأهل مدين:
كانوا مشركين يبخسون المكاييل والموازين، ويغشون في المعاملات، وينقصون الناس أشياءهم

دعوة شعيب عليه السلام قومه:

دعاهم إلى توحيد الله، ونهاهم عن الشرك به، وأمرهم بالعدل في المعاملات، وزجرهم عن البخس في المعاملات، وذكرهم الخير الذي أدره الله عليهم، والأرزاق المتنوعة، وأنهم ليسوا بحاجة إلى ظلم الناس في أموالهم، وخَوَّفهم العذاب المحيط في الدنيا قبل الآخرة

كيف كان جوابهم عليه:

أجابوه ساخرين وردوا عليه متهكمين فقالوا:
{يا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ
فبين لهم انه ما نهاهم عن هذه المعاملات الخبيثة غلا وهو اول تارك لها مع ان الله أعطاه ووسع عليه وهو محتاج إلى المعاملة إلا انه متقيد بطاعة ربه
ثم خوفهم أخذات الأمم التي حولهم في الزمان والمكان فقال:
"لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ"
ثم عرض عليهم التوبة، ورغبهم فيها فقال: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ
فما كان منهم إلا أن أبوا عليه وأجابوه قائلين:"يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز"

فكان عقابهم فى الدنيا:
أن أرسل الله عليهم حرا أخذ بأنفاسهم حتى كادوا يختنقون من شدته، ثم في أثناء ذلك أرسل سحابة باردة فأظلتهم، فتنادوا إلى ظلها غير الظليل، فلما اجتمعوا فيها التهبت عليهم نارا، فأحرقتهم وأصبحوا خامدين معذبين مذمومين ملعونين في جميع الأوقات
.
وفي قصة شعيب فوائد متعددة:
منها: أن بخس المكاييل والموازين خصوصا، وبخس الناس أشياءهم عموما من أعظم الجرائم الموجبة لعقوبات الدنيا والآخرة.
أن المعصية الواقعة لمن عدم منه الداعي والحاجة إليها أعظم جرما من غيره لهذا قال شعيب لقومه إنى أراكم بخير أى فلا حاجة لكم إلى الهلع إلى ما بأيدي الناس بطرق محرمة
ومنها :الحث على الرضا بما أعطى الله، والاكتفاء بحلاله عن حرامه، وقصر النظر على الموجود عندك من غير تطلع إلى ما عند الناس لقوله"بقيت الله خير لكم ".
أن الصلاة سبب لفعل الخيرات، وترك المنكرات، وللنصيحة لعباد الله،ومن هنا تعرف حكمة الله ورحمته في أنه فرض علينا الصلوات، تتكرر في اليوم والليلة لعظم وقعها، وشدة نفعها، وجميل آثارها، فللَّه على ذلك أتم الحمد.
وقد عرف الكفار ذلك بما قالوا لشعيب:
{أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ
ومنها: أن العبد في حركات بدنه وتصرفاته، وفي معاملاته المالية، داخل تحت حجر الشريعة، فما أبيح له منها فعله، وما منعه الشرع تعين عليه تركه

ومن يزعم أنه في ماله حر له أن يفعل ما يشاء من معاملات طيبة وخبيثة فإن هذا هو مذهب الإباحيين الذين هم شر الخليقة، ومذهب قوم شعيب يشبه هذا؛ لأنهم أنكروا على شعيب لما نهاهم عن المعاملات الظالمة، وأباح لهم سواها، فردوا عليه أنهم أحرار في أموالهم، لهم أن يفعلوا فيها ما يريدون
ومنها: أن الناصح للخلق الذي يأمرهم وينهاهم من تمام قبول الناس له: أنه إذا أمرهم بشيء أن يكون أول الفاعلين له، وإذا نهاهم عن شيء كان أول التاركين؛ لقول شعيب: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ
ومنها: أن الأنبياء جميعهم بُعثوا بالإصلاح والصلاح، ونهوا عن الشرور والفساد، فكل صلاح وإصلاح ديني ودنيوي فهو من دين الأنبياء، وخصوصا إمامهم وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم
وأنه كما أن على العبد السعي والاجتهاد في فعل الصلاح والإصلاح، فعليه أن يستمد العون من ربه على ذلك، وأن يعلم أنه لا يقدر على ذلك، ولا على تكميله إلا بالله؛ لقول شعيب: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ
ومنها: أن الداعي إلى الله يحتاج إلى الحلم وحسن الخلق ومقابلة المسيئين بأقوالهم وأفعالهم بضد ذلك، وأن لا يُحبطه أذى الخلق ولا يصده عن شيء من دعوته، وهذا الخلق كماله للرسل صلوات الله عليهم وسلم
ويهون هذا الأمر أن هذا خُلُقٌ من ظفر به وحازه فقد فاز بالحظ العظيم، وأن لصاحبه عند الله المقامات العالية والنعيم المقيم
ويهونه أنه يعالج أمما قد طبعوا على أخلاق إزالتها وقلعها أصعب من قلع الجبال الرواسي فهؤلاء يحتاجون إلى معالجات متنوعة بالطرق التي دعت إليها الرسل،
ومن هذه المعالجات:
يذكرون بنعم الله، وأن الذي تفرد بالنعم يتعين أن يفرد بالعبادة، ويذكر لهم من تفاصيل النعم ما لا يعد ولا يحصى،
ويذكرون بما في مذاهبهم من الزيغ والفساد والاضطراب، والتناقض المزلزل للعقائد، الداعي إلى تركها،
ويذكرون بما بين أيديهم وما خلفهم من أيام الله ووقائعه بالأمم المكذبة للرسل، المنكرة للتوحيد
ويذكرون بما في الإيمان بالله وتوحيده ودينه من المحاسن والمصالح والمنافع الدينية والدنيوية، الجاذبة للقلوب، المسهلة لكل مطلوب
ومع هذا كله فلابد من الإحسان إليهم وبذل المعروف وأقله الصبر على اذاهم ولين الكلام معهم وسلوك سبيل الحكمة معهم والبداءة بالأهم فالأهم وأعظمهم قياما بهذه الأمور وغيرها سيدهم وخاتمهم وإمام الخلق على الإطلاق: محمد صلى الله عليه وسلم

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 5 شعبان 1436هـ/23-05-2015م, 07:31 PM
أمل يوسف أمل يوسف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 570
افتراضي

قصة موسى عليه السلام:
التعريف بنبى الله موسى :
أعظم أنبياء بني إسرائيل
وشريعته وكتابه التوراة هو مرجع أنبياء بني إسرائيل وعلمائهم
وأتباعه أكثر أتباع الأنبياء غير أمة محمد صلى الله عليه وسلم
وله من القوة العظيمة في إقامة دين الله والدعوة إليه والغيرة العظيمة ما ليس لغيره
نشأته عليه السلام:
ولد في وقت قد اشتد فيه فرعون على بني إسرائيل: فكان يذبح كل مولود ذكر يولد من بني إسرائيل، ويستحيي النساء للخدمة والامتهان
فلما ولدته أمه خافت عليه خوفا شديدا
وكان بيتها على ضفة نهر النيل فألهمها الله أن وضعت له تابوتا إذا خافت أحدا ألقته في اليم، وربطته بحبل لئلا تجري به جرية الماء
ومن لطف الله بها أنه أوحى لها أن لا تخافي ولا تحزني، إنا رادوه إليك، وجاعلوه من المرسلين
فلما ألقته ذات يوم انفلت رباط التابوت، فذهب الماء بالتابوت الذي في وسطه موسى
ومن قدر الله أن وقع في يد آل فرعون، وجيء به إلى امرأة فرعون آسية، فلما رأته أحبته حبا شديدا، وكان الله قد ألقى عليه المحبة في القلوب،
ووصل إلى فرعون خبره، فطلبه ليقتله، فقالت امرأته: لا تقتلوه. . قرة عين لي ولك، عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا، فنجا بهذا السبب من قتلهم،
فكان هذا من أسباب هدايتها وإيمانها بموسى بعد ذلك
عرضت إمرأت فرعون عليه المراضع فلم يقبل ثدي امرأة، وعطش وجعل يتلوى من الجوع، وأخرجوه إلى الطريق؛ لعل الله أن ييسر له أحدا
وكانت أم موسى قد فزعت، وأصبح فؤادها فارغا، وكاد الصبر أن يغلب فيها،لولا تثبيت الله لها ، فقالت لأخته: قصيه وتحسسي عنه
وبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون بشأنها، فلما أقبلت عليه وفهمت منهم أنهم يطلبون له مرضعا قالت لهم: هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون، فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 5 شعبان 1436هـ/23-05-2015م, 07:38 PM
أمل يوسف أمل يوسف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 570
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
فوائد من قصة موسى وهارون عليهما السلام:

العناصر:
-فوائد إيمانية متعلقة بآثار أسماء الله وصفاته وأفعاله
-فوائد متعلقة بالمسائل العقدية
-فوائد متعلقة بالأسباب وسنن الله فى الكون
-فوائد متعلقة بالمسائل الفقهية
-فوائد متعلقة بأحوال الامم
-من أخلاق الأنبياء والصالحين
-فوائد متعلقة بالدعوة إلى الله
-فوائد إيمانية

تلخيص العناصر:

-فوائد إيمانية متعلقة بآثار أسماء الله وصفاته وأفعاله

* لطف الله بام موسى بذلك الإلهام الذى به سلم ابنها وبالبشارة برده إليها ثم ره إليها بإلجائه إليها قدرا بتحريم المراضع دونها عليه وبذلك اطمأن قلبها وزاد إيمانها وهذا مصداق قوله تعالى "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم"
*الثبات من الله:فإن من أعظم نعم الله على العبد تثبيته إياه عند المقلقات والمخاوف فكما يزداد إيمانه وثوابه فإنه بهذا الثبات يتمكن من القول الصواب والفعل الصواب ويبقى رأيه وفكره ثابتا وإلا لضاع فكره وذهل عقله ولم ينفع نفسه فى تلك الحال
*آيات الله وعبره وأفعاله فى الامم السابقة إنما يستفيد بها ويستنير المؤمنون ومن أجلهم يسوق الله القصص"نتلو عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون"
*الناظر فى العلم عند الحاجة إلى العمل أو التكلم به إذا لم يترجح عنده أحد القولين فإنه يستهدى ربه ويسأله أن يهديه إلى الصواب بعد أن يقصد بقلبه الحق ويبحث عنه فإن الله لا يخيب من هذه حاله كما جرى لموسى لما قصد مدين ولم يدر الطريق المعين إليها قال"عسى ربى أن يهدينى سواء السبيل"
*الله تعالى كما يحب من الداعى أن يتوسل إليه بأسمائه وصفاته ونعمه العامة والخاصة فإنه يحب منه أن يتوسل إليه بضعفه وعجزه وفقره وعدم قدرته على تحصيل منفعة أو دفع مضرة"رب إنى لما أنزلت إلى من خير فقير"لما فى ذلك من إظهار التضرع والمسكنة والإفتقار إلى الله الذى هو حقيقة كل عبد
*من أعظم العقوبات على العبد أن يكون إماما فى الشر كما أن من أعظم نعم الله على العبد أن يجعله إماما فى الخير هاديا مهديا كما قال تعالى فى فرعون"وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار"
وقوله"وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا"

-فوائد متعلقة بالمسائل العقدية

الإيمان يزيد وينقص لقوله"لتكون من المؤمنين" والمراد هنا زيادة الإيمان والطمأنينة
الخوف الطبيعى من الخلق لا ينافى الإيمان ولايزيله كما جرى لأم موسى ولموسى من المخاوف
*ما فى هذه القصة من الدلالة على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم إذ اخبر بهذه القصة وغيرها خبرا مفصلا مطابقا صدق به المرسلين وأيد به الحق المبين وهو لم يحضر شيئا من ذلك ولا أخذه عن احد من أهل العلم غن هو إلا وحى أنزله عليه الكريم المنان ينذر به العباد أجمعين وهو من براهين رسالته
*الآيات البينات التى أيد الله تعالى بها موسى(العصا واليد وانفلاق البحر وغيرها) التى هى براهين وآيات لمن رآها وشاهدها وبراهين لمن سمعها فإنها نقلتها معظم مصادر اليقين :الكتب السماوية ونقلتها القرون كلها ولم ينكر مثل هذه الآيات إلا جاهل زنديق مكابر
*آيات الأنبياء وكرامات الأولياء وما يخرقه الله من الآيات من تغيير الأسباب أو منع سببيتها أو احتياجها إلى أسباب أخر أو وجود موانع تعوقها من البراهين العظيمة الدالة على وحدانية الله وقدرته
*أن هذه المعجزات والكرامات لا تنافى ما جعل الله فى هذه المخلوقات من الأسباب المحسوسة والنظامات المعهودة فلا تجد لسنة الله تبديلا ولا تجد لسنة الله تحويلا
*سنن الله فى جميع الحوادث السابقة واللاحقة قسمان :
القسم الاول:وهو جمهور الحوادث والكائنات والأحكام الشرعية والقدرية والجزاءية لا تتغير ولا تتبدل عما يعهده الناس ويعرفون أسبابه
وهذا القسم مندرج فى قدرة الله وقضائه
ويستفاد منه:العلم بكمال حكمة الله فى خلقه وشرعه
وأن الأسباب و المسببات من سلك طرقها على وجه كامل أفضت به إلى نتائجها وثمراتها
ومن لم يسلكها أو سلكها على وجه ناقص لم يحصل له الثمرات التى رتبت على الأعمال شرعا ولاقدرا
وهذا العلم يوجب للعبد أن يجد ويجتهد فى الأسباب الدينية والدنيوية النافعة مع استعانته بالله والثناء على ربه فى تيسيرها وتيسير أسبابها وآلاتها وكل ما تتوقف عليه
القسم الثانى:حوادث معجزات الأنبياء(خوارق العادات) التى تواترت تواترا لا يتواتر مثله فى جميع الأخبار وتناقلها القرون كلها
وما يكرم الله به عباده من إجابة الدعوات وتفريج الكربات ودفع المكاره التى لا يقدر العبد على دفعها والفتوحات والإلهامات الربانية والأنوار التى يقذفها الله فى قلوب خواص خلقه فيحصل لهم بذلك اليقين والطمأنينة
والعلوم المتنوعة التى لا تدرك بمجرد الطلب وفعل السبب ونصرة الرسل وأتباعهم وخذلان أعدائهم
كل ذلك حوادث قدرها الرب العظيم الذى هو على كل شىء قدير بأسباب وسنن وحكم لا يعقلها الخلق ولا لحواسهم وتجاربهم وصول إليها
وفائدة هذا القسم:
-به آمن الرسل كلهم وأتباعهم
-وبه يعرف عظمة البارى وأن نواصى العباد بيده وأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن
ولا سبيل للعباد لإدراك كنه هذه السنن كما أنه لا سبيل لهم لإدراك كنه صفات اليوم الآخر والجنة والنار فلا سبيل لهم إلى إحياء الموتى وإيجاد الأرواح فى الجمادات وإنما يعلمون ما اعلمتهم به الرسل وجاءت به الكتب
وفائدة العلم بهذين القسمين أمرين:
الأول:الرد على الزنادقة المتأخرين الذين أنكروا وجود البارى وأن كروا جميع ما جاءت به الرسل والكتب السماوية من أمور الغيب ولم يثبتوا إلا ما وصلت إليه حواسهم وتجاربهم القاصرة على بعض علوم الكون وزعموا ان هذا الكون موجود بنظام لا يمكن ان يغيره مغير أو شيئا من أسبابه
الثانى:بعض اهل العلم العصريين الذين يتظاهرون بنصر الإسلام يريدون باغترارهم أن يطبقوا السنن الإلهية وأمور الىخرة على ما يعرفه العباد بحواسهم وتجاربهم فحرفوا المعجزات وأنكروا الآيات البينات فضعف إيمانهم بالله لإنكارهم هذا النوع العظيم من قضاء الله وقدره ولم يحصل ما زعموه من جلب الماديين إلى الهدى والدين بل زادوهم إغراء فى مذاهبهم لما راوا هؤلاء المغترين يحاولون إرجاع المعجزات وأمور الغيب إلى علوم هؤلاء القاصرة على التجارب المدركات بالحواس

-فوائد متعلقة بالأسباب وسنن الله فى الكون

*أن الله إذا أراد شيئا هيأ له أسبابه واتى به شيئا فشيئا بالتدريج لا دفعة واحدة
*أن العبد وإن عرف أن القضاء والقدرحق وان وعد الله نافذ لابد منه فإنه لايهمل فعل الأسباب التى تنفع فإن الأسباب والسعى فيها من قدر الله فإن الله وعد أم موسى أن يرده إليها ومع ذلك لما التقطه آل فرعون سعت بالأسباب وأرسلت أخته لتقصه
وكما فعل موسى لما خاف التلف بالقتل بغير حق فى إقامته بمصر فلم يلق بيده إلى التهلكة ويستسلم للهلاك بل فر من ذلك الموضع مع القدرة
*أسباب العذاب منحصرة فى هذين الوصفين:
قال تعالى "إنا قد أوحى إلينا أن العذاب على من كذب وتولى"
تكذيب خبر الله وخبر رسله
التولى عن طاعة الله وطاعة رسله
الأسباب التى تدرك بها مغفرة الله:
قال تعالى "وإنى لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى"
الأول:التوبة :وهى الرجوع عما يكرهه الله ظاهرا وباطنا إلى ما يحبه الله ظاهرا وباطنا
الثانى:الإيمان وهو الإقرار والتصديق الجازم بكل ما أخبر الله به رسوله وهذا الإيمان موجب لأعمال القلوب التى تتبعها أعمال الجوارح فبحسب ما فى قلب المؤمن من إيمان يدف السيئات ويمنع من الوقوع فيه
الثالث:العمل الصالح من أعمال القلوب والجوارح وأقوال اللسان والحسنات يذهبن السيئات
الرابع:الاستمرار على الإيمان والهداية والازدياد منها
فمن كمل هذه الاسباب الأربعة فليبشر بمغفرة الله العامة الشاملة لذا قال تعالى "وإنى لغفار" بوصف المبالغة

-فوائد متعلقة بالمسائل الفقهية

إذا كان لابد من ارتكاب إحدى المفسدتين تعين ارتكاب الأخف منهما والأسلم دفعا لما هو أخطروأعظم
أن العبد إذا عمل العمل لله خالصا ثم حصل به مكافأة عليه بغير قصده فإنه لا يلام على ذلك ولا يخل بإخلاصه وأجرهكما قبل موسى مكافأة صاحب مدين
جواز الإجارة على كل عمل معلوم فى نفع معلوم او زمن مسمى وان مرد ذلك إلى العرف
جواز الإجارة وتكون المنفعة البضع كما قال صاحب مدين"إنى اريد أن أنكحك إحدى ابنتى هاتين على أن تاجرنى ثمانى حجج"
يجوز ان يخطب الرجل لابنته ونحوها ممن هو ولى عليها ولا نقص فى ذلك بل قد يكون نفعا وكمالا
كل عمل من اعمال الولايات او من الخدمات او من الصناعات أو من الاعمال التى القصد منها الحفظ والمراقبة على العمال والاعمال لا يتم إلا بوصفين القوة على العمل بحسبه وان يكون مؤتمنا عليه والخلل فيهما سبب للخلل والنقص فى الاعمال لقوله تعالى "إن خير من استاجرت القوى الامين"
جواز عقد المعاملات من إجارة وغيرها بغير إشهاد لقوله"والله على ما نقول وكيل"
لابأس ان يرغب المعامل فى معاملته بالمعاوضات والإجارات بان يصف نفسه بحسن المعاملة بشرط أن يكون صادقا فى ذلك
جواز خروج المرأة فى حوائجها وتكليمها الرجال إذا انتفى المحذور كما صنعت أخت موسى وابنتا صاحب مدين
جواز أخذ الاجرة على الكفالة والرضاع كما فعلت أم موسى فإن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد من شرعنا ما ينسخه
إخبار الغير بما قيل فيه وعنه على وجه التحذير له من شر يقع به لا يكون نميمة بل قديكون واجبا كما فى قصة الرجل الذى جاء من أقصى المدينة يسعى ليحذر موسى عليه السلام
الذى يقتل النفوس بغير حق يعد من الجبارين المفسدين فى الارض ولو زعم انه مصلح حتى يرد الشرع بما يبيح قتل النفس
أن قتل الكافر الذى له عهد بعقد أو عرف لا يجوز فإن موسى ندم على قتله القبطى واستغفر الله منه
استحباب استصحاب العصا لما فيه من المنافع المعينة والمجملة فى قوله"ولى فيها مآرب أخرى"

فوائد متعلقة بأحوال الأمم:

ان الامة المستضعفة ولو بلغت من الضعف ما بلغت لا ينبغى ان يستولى عليها الكسل عن السعى فى حقوقها خاصة إذا كانوا مظلومينكما استنقذ الله بنى اسرائيل على ضعفها واسعباد فرعون لها ومكنهم فى الأرض وملكهم بلادهم
ان الامة مادامت ذليلة مقهورة لا تطالب بحقها لا يقوم لها امر دينها ولا امر دنياها

من أخلاق الأنبياء والصالحين:

-الرحمة والإحسان على الخلق من عرفه العبد ومن لم يعرفه ومن جملة الإحسان الإعانة على سقى الماشية خصوصا العاجز كما فعل موسى مع ابنتى صاحب مدين
-الحياء والمكافأة على الإحسان لم يزل دأب الأمم الصالحين
-من أعظم مكارم الأخلاق تحسين الخلق مع كل من يتصل بك من خادم وأجير وزوجة وولد ومعامل وغيرهم
-ومن مكارم الأخلاق تخفيف العمل عن العامل لقوله تعالى "وما أريد أن أشق عليك"
-من مكارم الأخلاق الرحمة بالبهائم والإحسان إليها والسعى فى إزالة ضررها
-إحسان موسى عليه السلام على أخيه هارون إذ طلب من ربه أن يكون نبيا معه وطلب المعاونة على الخير والمساعدة عليه"واجعل لى وزيرا من أهلى هارون أخى اشدد به أزرى وأشركه فى أمرى"
-من كمال أدب موسى عليه السلام أنه لم يسأل ربه زوال اللثغة كلها بل سأله زوال ما يحصل به المقصود

فوائد متعلقة بالدعوة إلى الله:

-الفصاحة والبيان مما يعين على التعليم وعلى إقامة الدعوة لهذا طلب موسى من ربه أن يحل عقدة من لسانه ليفقهوا قوله
وأن اللثغة لاعيب فيها إذا حصل الفهم للكلام
-الذى ينبغى فى مخاطبة الملوك والرؤساء ودعوتهم وموعظتهم الرفق والكلام اللين بلا تشويش ولاغلظة بحيث يحصل الإفهام لقوله تعالى "فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى"
-من كان فى طاعة الله مستعينا بالله واثقا بوعد الله راجيا ثواب الله فإن الله معه ومن كان معه فلا خوف عليه لقوله تعالى "قال لا تخافا إننى معكما أسمع وأرى"
الذكر يعين الداعى إلى الله ويهون عليه الوقوف بين يدى الجبابرة ويخفف عليه الدعوة إلى الله كما قال تعالى "كى نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا"

فوائد إيمانية:

ذكر العبد لربه هو ما خلق العبد له وبه صلاحه وفلاحه والعبادات كلها شرعت لإقامة ذكر الله
المقصود من إقامة الصلاة إقامة ذكر الله تالى الذى هو المقصود الاعظم من العبادات فالصلاة تتكرر فى اليوم والليلة لتذكر المؤمنين بالله بقراءة القرءان والثناء على الله ودعائه والخضوع له الذى هو روح الذكر ولولاه لكانوا من الغافلين
الذكر يعين العبد على القيام بالطاعات وإن شقت

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تقرير, يوم

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:20 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir