عامّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة تفسيرية مختصرة تبيّن فيها فضل الدعاء وآدابه من خلال تفسير قول الله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} الآية.
إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهدِ الله تعالى فلا مضل له ومن يضلل فلا هاديَ له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أما بعد:
إن الله تعالى يحب أن يُسأل ويُرغبَ إليه في كل شيء ويغضب على من لم يسأله ويستدعي من عباده سؤاله قال الله تعالى : ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم
وقال:{وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} الآية.
وللدعاء من الدين منزلة عالية رفيعة حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الدعاء هو العبادة )
وللدعاء آداب يجب التحلي بها منها.
1--أن يكون الداعي موحداً لله تعالى في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ، ممتلئاً قلبه بالتوحيد ، فشرط إجابة الله للدعاء : استجابة العبد لربه بطاعته وترك معصيته ، كما قال الله تعالى: ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) .
2- الإخلاص لله تعالى في الدعاء ،كما قال تعالى { فليستجيبوا لي .} فتعين وتخصيص للاستجابة لله تفهم عن الإخلاص وعدم الشرك . )
3- استشعار عبودية الله عزوجل..كما قال تعالى :{ عبادي.} يستشعر العبد هذه العبودية أثناء دعائه ربه التي توجب له الذل والخضوع والانكسار بين يد ى الله عزوجل و كما توجب له الثقة بما عبد الله يوم امن ورضي بسيده وخالق ربا
4- أن يسأل اللهَ تعالى بأسمائه الحسنى ، قال الله تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه)
5- اليقين بقرب الله تعالى و بإجابته الدعاء ؛ كما قال تعالى :{ سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ؛} و لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ ٍ )
6- الإكثار من دعاء الله عزوجل ..لأن الله اخبر أنه يجيب من دعاه فليكثر العبد من الدعاء حتى ينال عطايا الله عزوجل
7- . التضرع والخشوع والرغبة والرهبة ، قال الله تعالى : ( ادعوا ربكم تضرعاً وخفية ) وقال : ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين ) ، وقال : ( واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال )
8- الإلحاح في دعاء الله عزوجل وعدم استعجال ....
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الاسْتِعْجَالُ ؟ قَالَ : يَقُولُ : قَدْ دَعَوْتُ ، وَقَدْ دَعَوْتُ ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي ، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ )
9- من أعظم ما يعجل لنيل عطايا الله الإيمان والاستجابة لأوامر..امتثال الأمر واجتناب النهى .كمال قال تعالى :{فليستجيبوا لي فليؤمنوا بي}..فليحرص العبد على المحافظة على إيمانه والزيادة فيه .والمسارعة في امتثال أوامر الله ونيل مراضيه ..
10- عدم رفع الصوت بالدعاء لأن الله قريب سميع..بل هو أقرب لأحدنا من عنق راحلته .كما جاء في الحديث المرفوع.{.. أربعوا على أنفسكم؛ فإنّكم لا تدعون أصمّ ولا غائبًا، إنّما تدعون سميعًا بصيرًا،...}..فليكن دعاء العبد خفيا فهو أحرى للقبول وبعده عن الرياء والسمعة.. قال تعالى : ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية ) .. وأثنى الله تعالى على عبده زكريا عليه السلام بقوله : ( إذ نادى ربه نداءً خفياً)
11- عدم الاعتداء في الدعاء كما قال تعالى : ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين ) ؛ فلا يدعو بإثم ولا قطيعة رحم ،ولا ما ليحق لها شرعا ولا قدرا؛ كأن يدعوا ويطلب أن يكون نبيا أو أن يخلد في الدنيا وغير ذلك
12- يدعو دعاء الجازم الموقن بربه ؛ ولا يدعو دعاء المجرب لربه..فليكن جازما فيه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ ، لِيَعْزِمْ الْمَسْأَلَةَ ، فَإِنَّ اللهَ لا مُكْرِهَ لَهُ ) .
.
فالدعاء العبادة..بل هو الصلة بين العبد وربه..فليحسن العبد هذه العبادة العظيمة..وليكن على الحال والهيئة التي يحبها الله عزوجل.في دعائه وعبادته حتى ينال مراضي ربه
المجموعة الثالثة
:1: حرّر القول في المسائل التالية:
أ: معنى قوله تعالى: {فمن عفي له من أخيه شيء فاتّباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان}.
ورد فيه أقوال
1- أن" من" يرجع على القاتل..و فاعل عفي "الولي" والمراد ب"شيء" الدم.. وهذا قول ابن عباس وجماعة من العلماء.
وعفي هنا على بابها و الضميرين يرجعان إلى " من"
ومعني الآية أن الولي إذا عفي عن أخيه القاتل ووترك وتجاوز له عن الدم ورضي له بالدية ... فإتباع بالمعروف أي فليكن من طالب الدية إتباع وطلبا لها بالمعروف ؛و ليكن من القاتل أداء لها بإحسان ... ويمكن أن يكون "أخيه" يرجع إلى الولي وعلى كلا الحالين يكون المراد الأخوة إخوة إسلام.
2- وقيل أن " من " راجعة إلى الولي و يكون المراد "بشي "..الدية... ومعنى عفي أي يسر ..والمعنى الولي إن يسير لأخيه القاتل الديةفإتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان.... و عليه الإخوة هنا إخوة إسلام .
و يمكن أن يكون المراد "" أخيه " المقتول ..والمعنى إن يسر الولي للقاتل الدية من قبل أخيه المقتول و بسببه وعليه يكون المراد بالأخوة هنا أخوة نسب و إسلام.
3-
وقيل الآية ترجع إلى ما ورد من سبب نزولها وهو أنه حصل قتال بين الأنصار أو غيرهم من القبائل فقتل رجال ونساء و أحرار وعبيد فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلح بينهما بالمقاصة بالدية على التساوي بين الرجال و النساء والأحرار والعبيد ... فمن حصل لأحد الطرفين عفى بمعنى فضل ..فمعنى عفي هنا فضل .كما يقال عفى الشيء إذا كثر ..
..فإذا كان لأحد الطرفين له فضل في الديات على الطرف الأخر فيكن طلبه له بمعروف و ليؤد له الطرف الثاني ديته بإحسان
4-
قيل أن الآية تتكلم عن فضل الديات بين الرجال والنساء و بين الأحرار و العبيد فكأن أول الآية لم تتداخل الأصناف ثم بعدها تداخلت فإن حصل فضل في الديات فإتباع بالمعروف وأداء إليه.على ما سبق بيانه ..وهنا أيضا عفي بمعنى فضل و زيادة من الدية .
ترجيح:
لا تعارض بين القول الأول و الثاني والمعنى واحد وهو أن ولى الميت عفى و تجاوز و أسقط عن القاتل الدم و رضي له بالدية..وهو الذي ذكره ابن الزجاج وابن كثير وهو الذي رجحه ابن عطية بعد ذكره للأقوال الأربعة
ب: المراد بالأيام المعدودات.
: المراد بالأيام المعدودات.قيل أنها
أولا :رمضان
فقد كان رمضان مفروض النصارى فنقلوه عن وقته، وزادوا فيه. ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
قال الشعبي وغيره: «المعنى كتب عليكم رمضان كما كتب على النصارى»، قال: «فإنه كتب عليهم رمضان فبدلوه لأنهم احتاطوا له بزيادة يوم في أوله ويوم في آخره قرنا بعد قرن حتى بلغوه خمسين يوما، فصعب عليهم في الحر فنقلوه إلى الفصل الشمسي».
ثانيا: ثلاثة أيام من كل شهر..
ذكره ابن عطية عن عطاء و قال زاد في بعض طرقه يوم عاشوراء؛ ثم نسخ هذا في أمة محمد بصيام شهر رمضان..
وقال عطاء: «التشبيه كتب عليكم الصيام ثلاثة أيام من كل شهر».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «وفي بعض الطرق: ويوم عاشوراء كما كتب على الذين من قبلكم ثلاثة أيام من كل شهر ويوم عاشوراء، ثم نسخ هذا في هذه الأمة بشهر رمضان».
.
ثالثا: صياما مطلقا
وقيل كتب عليكم الصيام كصيام بالإطلاق ...تشبيه صيام بصيام .. فهو يكون في أيام معلومة يمتنع فيها الصائم عن الطعام والشراب والجماع في وقت محدد.
الله عزوجل كتب الصيام على كل أمه خلت كما كتب علينا شهرا كاملا ..
2: بيّن ما يلي:
أ: المراد بالإصلاح في قوله تعالى: {فمن خاف من موصٍ جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه}.
بعدما أمر الله عزوجل بالوصية وحث عليها؛ وبين أنه يحرم تغييرها وإبدالها وتوعد من يفعل ذلك بالعذاب الأليم...بين هنا متى يجوز تغيير الوصية وهو في حالة ما يجوز الموصي في وصيته عمدا أو خطأ فلم يعدل ، فخاف الوصي أو الولي من جور وصيته ، فله الحق أن يغيرها ويردها إلى ما يوافق شرع الله عزوجل
{ فأصلح بينهم } بين الورثة بالحق والعدل ، { فلا إثم عليه }.حين غير الوصية
2..يختلف معنى الإصلاح باختلاف المراد بالمصلح:
أولا: أن يكون المصلح هو الموصى نفسه.ليزال حيا لم يمت..فنصحه الناصح وبين له خطأه في الوصية .فقام الموصي بإصلاحه خطئه ..فأصلح بذلك ما بينه وبين ورثته وما بين الورثة في ذاتهم فإن فعل ذلك فلا إثم عليه، إنّ اللّه غفورٌ عن الموصي إذا عملت فيه الموعظة ورجع عما أراد من الإذاية رحيمٌ به.
ثانيا: أن يكون الموصي قد مات...فإن المصلح يقوم بإصلاح ما كان من خلل وخطأ في الوصية..فيقوم بتعديل الوصية وتغييرها
ويعدل عن الذي أوصى به الميّت إلى ما هو أقرب الأشياء إليه وأشبه الأمور به جمعًا بين مقصود الموصي والطّريق الشّرعيّ. وهذا الإصلاح والتّوفيق ليس من التّبديل في شيءٍ.لهذا قال الله تعالى فلا إثم عليه.
ب: حكم الوصيّة في قوله تعالى: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصيّة للوالدين والأقربين} الآية.
3: حكم الوصيّة.
في قوله تعالى "{ كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين"}
كان أول الأمر قبل أن تنزل آية الميراث .أنه. يجب على العبد إذا شعر بقرب أجله وله مالا سيتركه أن يوصي شيئا منه للوالدين والأقربين..وذكر بعض العلم الإجماع على ذلك...ثم بعدها نزلت آيات الميراث التي في سورة النساء في قوله تعالى "{ يوصيكم الله في أولادكم....}..واختلف أهل العلم في حكم الوصية بعدها
على أقوال:
أولا: أن وجوب الوصية لا نسخ فيها وهى محكمة و توجه ذلك على قولين:
1- أنها من العام الذي يراد به الخصوص.
والمعنى أن الآية خاص بالوالدين الذين لهم مانع من الإرث كالكفر أو الرق؛ وكذا الأقارب الذين ليس لهمنصيب في الميراث. ..فالوصية واجبة في حق هؤلاء...أما من لهم فرض من الميراث ونصيب منهم فآية النساء بينت فرضهم
2- أنها من العام المخصوص .أي..أن آية النساء خصصت آية البقرة
الآية النساء أخرجت حكم الوالدين والأقربين مما لهم فرض أو نصيب من الميراث وأبقت غيرهم في حكم...فيكون الأقربين الذين ليس له نصيب من الميراث الوصية في حقهم واجبة
ثانيا:..نسخ وجوب الوصية..
وتوجه على قولين:
1- أن آية سورة البقرة على العموم محكمة لكن هي مجملة تفسرها آية النساء...والمعنى أن الوصية التي تكون للوالدين والأقربين ما بينه الله لكم في آية الميراث..من سورة النساء ...وعليه يكون المراد بالوصية هو إعطاء حق الوالدين من الميراث المبين في سورة النساء و ..ويكون المراد بالأقربين الذين بينهم الله في سورة النساء والوصية لهم هو ما فرضه الله لهم من أسهم في الميراث .
2- أن أية الوصية بالبقرة منسوخة بآية الميراث في النساء أو بقوله تعالى :{ لا وصية لوارث}..ويكون حكم الوصية هو الندب..فنسخ حكم الوجوب إلى الندب
ترجيح والذي يظهر والعلم عند الله أن وجوب الوصية قد نسخ لكن بقيت مستحبة لغير الورثة كما ورد في الحديث {لا وصية لوارث}.
ج: سبب نزول قوله تعالى: {أحلّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم}.
كان في أول فرض الصيام أنه يحل للصائم إذا أفطر الأكل والشرب و الجماع ما لم ينم أو يصلى العشاء..فإذا نام أو صلى العشاء حرم عليه ذلك إلى الإفطار من اليوم المقبل
فوجد الصحابة في ذلك مشقة..وصعب عليهم تحمل ذلك
فكان بعضهم يتحايل أن يجامع بعد النوم أو بعد صلاة العشاء على خلاف بينهم..مثل ما حصل لعمر ابن الخطاب حيث أنه دخل عل زوجته وطلبها لنفسه فقالت قد نمت فظن أنها تعتل بذلك فلم يقبل منها فقضى حاجته منها ثم تبين بعد له ذلك أنها كانت صادقة فخرج إلى النبي صلى الله عليه و سلم يشتكي صنيعه و قد وقع ذلك لعدد من الصحابة.
فأنزل الله عزوجل الآية
ولفظ البخاريّ هاهنا من طريق أبي إسحاق: سمعت البراء قال: لمّا نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النّساء، رمضان كلّه، وكان رجال يخونون أنفسهم، فأنزل اللّه: {علم اللّه أنّكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم}..
--ومما ورد أيضا في سبب نزولها
أن الصحابي قيس ابن صرمة الأنصاري كان صائما و كان في شغل له فلما أفطر لم يأكل فنام لشدة تعبه فحرم عليه الأكل بعدها فأصبح صائما فأغشيى عليه من يومه الموالى ..أو أن النبي صلى الله عليه و سلم لقيه فوجد منه علامات التعب والإرهاق فلما سأله عن حاله أخبره أنه لم يأكل ولم يفطر البارحة فأنزل الله عزوجل الآية
عن البراء ابن عازبٍ قال: كان أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إذا كان الرّجل صائمًا فنام قبل أن يفطر، لم يأكل إلى مثلها، وإنّ قيس بن صرمة الأنصاريّ كان صائمًا، وكان يومه ذاك يعمل في أرضه، فلمّا حضر الإفطار أتى امرأته فقال: هل عندك طعامٌ؟ قالت: لا ولكن أنطلق فأطلب لك. فغلبته عينه فنام، وجاءت امرأته، فلمّا رأته نائمًا قالت: خيبةٌ لك! أنمت؟ فلمّا انتصف النّهار غشي عليه، فذكر ذلك للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فنزلت هذه الآية: {أحلّ لكم ليلة الصّيام الرّفث إلى نسائكم} إلى قوله: {وكلوا واشربوا حتّى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} ففرحوا بها فرحًا شديدًا.