دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 رجب 1439هـ/29-03-2018م, 03:52 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس الثاني: مجلس مذاكرة القسم الثالث عشر من تفسير سورة البقرة

مجلس مذاكرة القسم الثالث عشر من تفسير سورة البقرة
الآيات (177 - 188)


1. (عامّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة تفسيرية مختصرة تبيّن فيها فضل الدعاء وآدابه من خلال تفسير قول الله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} الآية.

2. أجب على إحدى المجموعات التالية:
المجموعة الأولى:
1:
حرّر القول في المسائل التالية:
أ: معنى قوله تعالى: {فمن بدّله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدّلونه}.
ب: معنى إنزال القرآن في شهر رمضان.
2: بيّن ما يلي:
أ: سبب نزول قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى}.
ب: هل كان الصوم قبل فرض صيام رمضان على الوجوب أو التخيير؟
ج: المراد بالخيط الأبيض والخيط الأسود من الفجر.

المجموعة الثانية:
1:
حرّر القول في المسائل التالية:
أ: مرجع الهاء في قوله تعالى: {وآتى المال على حبه}.
ب:
معنى قوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}.
2: بيّن ما يلي:
أ: هل قوله تعالى في حكم القصاص: {الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنتثى} منسوخ أم محكم؟
ب: حكم الصيام في السفر.
ج: متعلّق الاعتداء في قوله تعالى: {فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم}.

المجموعة الثالثة:
1:
حرّر القول في المسائل التالية:
أ: معنى قوله تعالى: {فمن عفي له من أخيه شيء فاتّباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان}.

ب: المراد بالأيام المعدودات.
2: بيّن ما يلي:
أ: المراد بالإصلاح في قوله تعالى: {فمن خاف من موصٍ جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه}.
ب: حكم الوصيّة في قوله تعالى: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصيّة للوالدين والأقربين} الآية.
ج: سبب نزول قوله تعالى: {أحلّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم}.



تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 رجب 1439هـ/30-03-2018م, 04:50 PM
كمال بناوي كمال بناوي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2013
الدولة: ايطاليا
المشاركات: 2,169
افتراضي

المجموعة الأولى

1. (عامّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة تفسيرية مختصرة تبيّن فيها فضل الدعاء وآدابه من خلال تفسير قول الله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} الآية.
قال الله عز وجل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)}
الحمد لله السميع العليم، الذي له خزائن السموات والأرض، مثيب الطائعين، مجيب السائلين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.
أما بعد:
فإن هذه الآية على قلة مبانيها وألفاظها إلا أنها تضمنت من فضائل الدعاء وآدابه أنواعا شتى، فمن قرأها بقلب حاضر، وبصر نافذ؛ مستشرحا لألفاظها، متدبرا لمعانيها؛ رجي له أن يظفر منها بفوائد جمة، وثمار زكية.
1- ففي المجيء بلفظة العباد في قوله تعالى: {وإذا سَألَكَ عِبادِي} وإضافتها سبحانه وتعالى إلى نفسه ما لا يخفى من تودده سبحانه وتعالى لخلقه، وترغيبهم في دعائه في كل صغيرة وكبيرة، وأنه يحب منهم ذلك.
ومن دلالات لفظة العباد كذلك أن الخلق محتاجون لله عز وجل في كل شئونهم، لا غنى لهم عنه طرفة عين، فهم مفتقرون له في كل وقت وحين؛ وهذا كما جاء في الحديث القدسي: عَنْ أَبي ذرٍّ الغِفَارْي رضي الله عنه عَن النبي صلى الله عليه وسلم فيمَا يَرْويه عَنْ رَبِّهِ عزَّ وجل أَنَّهُ قَالَ: (…يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُوْنِي أَهْدِكُمْ، يَاعِبَادِيْ كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ فاَسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُوْنِيْ أَكْسُكُمْ، يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ تُخْطِئُوْنَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوْبَ جَمِيْعَاً فَاسْتَغْفِرُوْنِيْ أَغْفِرْ لَكُمْ… يَا عِبَادِيْ لَوْ أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوْا فِيْ صَعِيْدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُوْنِيْ فَأَعْطَيْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِيْ إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إَذَا أُدْخِلَ البَحْرَ…) الحديث. رواه مسلم.
وفي قوله: {فَإنِّي قَرِيبٌ} هناك تقدير في الجملة؛ أي: فقل لهم يا محمد إني قريب، وحذف هذا المقدر؛ للإشارة أن الله عز وجل قد تكفل بالإجابة بنفسه سبحانه وتعالى عن عباده، وللإشعار بمدى قربه منهم، وفي هذا الأسلوب مالا يخفى من ترغيب العباد في دعائه، وتعليق قلوبهم به، واستشعار معيته، والأنس به، وهذا القرب وهذه المعية لا تتنافى مع كونه عز وجل فوق عرشه؛ فهذا كقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7)} أي: أنه محيط بهم بعلمه، نافذ فيهم بصره، سميع لأصواتهم على اختلاف لغاتهم، وهذه معية عامة للخلق جميعا، وأما أهل الإحسان والتقوى؛ فهو معهم بنصره، وتأييده وتوفيقهم لكل خير، وحفظهم من كل شر، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النَّحْلِ: 128].
وفي قوله تعالى: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إذا دَعانِ} مزيد تأكيد لقربه تعالى من عباده، وبشارة عظيمة بإجابته لدعائهم.
والدعاء في كتاب الله عز وجل يأتي على معنيين:
الأول دعاء المسألة: وهو سؤال الله عز وجل جلب النفع ودفع الضر.
ودليله قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ} الآية؛ فهذا الدعاء المشهور أنه دعاء المسألة، وهو سبب نزول هذه الآية.
وقوله تعالى مخبرا عن دعاء عبده زكريا عليه السلام: {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا}.
الثاني دعاء العبادة: وهو طاعة الله؛ بتوحيده عز وجل، والثناء عليه، وفعل أوامره، واجتناب نواهيه.
ودليله قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} الآية. وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ} الآية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا كثيرٌ في القرآن يبين الله تعالى أن المعبود لا بد أن يكون مالكًا للنفع والضر؛ فهو يدعو للنفع والضر دعاء المسألة ويدعو خوفًا ورجاءً دعاء العبادة؛ فعلم أن النوعين متلازمان؛ فكل دعاء عبادةٍ مستلزمٌ لدعاء المسألة، وكل دعاء مسألةٍ متضمنٌ لدعاء العبادة. انتهى كلامه رحمه الله.
وقد فسرت هذه الآية {وإذا سألك عبادي عني} الآية. بالمعنيين معا:
1ـ ادعوني أستجب لكم.
2- أطيعوني أثيبكم.
ففي هذا بشارة عظيمة بإعطاء السائلين، وإثابة الطائعين.
وإجابة دعوة المؤمن لا تخلو من ثلاثة أحوال: إما أن يعجلها الله عز وجل له في الدنيا، أو أن يدفع عنه من البلاء بقدرها، أو أن يدخرها له في الآخرة، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: إِمَّا أَنْ يعجِّل لَهُ دَعْوَتَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدّخرها لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا" قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ. قَالَ: "اللَّهُ أَكْثَر. المسند (3/18).
ومن آداب الدعاء المستفادة من هذا الحديث عدم الاعتداء فيه:
أـ كالدعاء بما فيه إثم.
ب ـ أو الدعاء بما فيه قطيعة الرحم.
ج ـ أو سؤال الخلود في الدنيا.
د ـ أو سؤال الإعفاء من التكاليف.
ومن الاعتداء كذلك تعجل الإجابة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَالَ: "يُسْتَجَاب لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجل، يَقُولُ: دعوتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي". أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
قال الله عز وجل: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين}.
ومن الآداب المستفادة من هذه الآية:
أـ التضرع لله عز وجل، وإظهار الذل والفقر بين يديه، وحضور القلب. فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال: "الْقُلُوبُ أَوْعِيَةٌ، وَبَعْضُهَا أَوْعَى مِنْ بَعْضٍ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ أَيُّهَا النَّاسُ فَاسْأَلُوهُ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَجِيبُ لِعَبْدٍ دَعَاهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ غَافِلٍ”. المسند (2/177).
ب ـ إخفاء الدعاء، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية فوائد كثيرة لهذا الأدب في رسالته في تفسير قوله تعالى: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية} الآية. منها: أنه أقرب للإخلاص وترك الرياء، وأنه حفظ لهذه النعمة من الزوال بسبب الحسد، وأن فيه استشعار لقرب الله عز وجل، وما في ذلك من لذة مناجاته والأنس به.
ومن آداب الدعاء كذلك الحرص على المواطن التي أخبر الله عز وجل أنها أرجى للإجابة؛ كالدعاء في الثلث الأخير من الليل، والدعاء عند نزول المطر، ودعاء الصائم، ودعاء المظلوم، وتحري ساعة الاستجابة من يوم الجمعة.
وفي قوله تعالى: {فليستجيبوا لي} حث منه سبحانه وتعالى لعباده على طاعته، وترغيب لهم في دعوته؛ فندب سبحانه وتعالى إلى ذلك من أراد الفوز بثوابه، والظفر بعطائه.
وفي قوله تعالى: {وليؤمنوا بي} حث منه سبحانه وتعالى لعباده على التصديق بموعوده لهم، وإحسان الظن به؛ في أنهم متى دعوه أجابهم، ومتى أطاعوه أثابهم، وقيل إن المعنى الحث على الإيمان عموما.
وفي قوله تعالى: {لعلهم يرشدون} بيان منه سبحانه وتعالى لأسباب تحقيق الهداية والرشاد، وأن ذلك لا يكون إلا بالاستجابة لله سبحانه وتعالى، والإيمان به، وحسن طاعته، وسؤاله الثبات على ذلك.
فتلخص مما سبق أن الله سبحانه وتعالى، يحب من عباده أن يطيعوه، وأن يثنوا عليه، وأن يدعوه، وتكفل لمن فعل ذلك بإخلاص وحضور قلب بالإثابة على الطاعة، وإجابة الدعاء.

1:حرّر القول في المسائل التالية:
أ: معنى قوله تعالى: {فمن بدّله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدّلونه}.
الضمير في كل من"بدله" و"سمعه" عائد على إيصاء الميت؛ وهذا حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير، وقد ذكر ابن عطية احتمالا آخر لعود الضمير في "سمعه" وهو عوده على أمر الله عز وجل بالوصية في هذه الآية، والقول الأول أظهر - كما ذكر ابن عطية - وهو متضمن لأن يكون يكون المبدل عالما بالنهي عن التبديل، عامدا لخلافه. والضمير في"إثمه" عائد على التبديل. والمعنى: من بدل وصية الميت، أو حرفها، أو كتمها؛ فإن الله مطلع عليه، وسيعاقبه على إثمه.
ب: معنى إنزال القرآن في شهر رمضان.
اختلف في معنى إنزال القرآن في شهر رمضان على عدة أقوال وهي:
1- نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا في ليلة القدر من رمضان. ذكره ابن عطية وابن كثير، واستدلوا لذلك بما روي عن ابن عباس فيما يؤثر: «أنزل إلى السماء الدنيا جملة واحدة ليلة أربع وعشرين من رمضان ثم كان جبريل ينزله رسلا رسلا في الأوامر والنواهي والأسباب».
وبما روي عن واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «نزلت صحف إبراهيم أول ليلة من شهر رمضان والتوراة لست مضين منه والإنجيل لثلاث عشرة والقرآن لأربع وعشرين».
وروي عن ابن عبّاسٍ أنّه سأله عطيّة بن الأسود، فقال: وقع في قلبي الشّكّ من قول اللّه تعالى: {شهر رمضان الّذي أنزل فيه القرآن} وقوله: {إنّا أنزلناه في ليلةٍ مباركةٍ} وقوله: {إنّا أنزلناه في ليلة القدر} وقد أنزل في شوّال، وفي ذي القعدة، وفي ذي الحجّة، وفي المحرّم، وصفرٍ، وشهر ربيعٍ. فقال ابن عبّاسٍ: إنّه أنزل في رمضان، في ليلة القدر وفي ليلةٍ مباركةٍ جملةً واحدةً، ثمّ أنزل على مواقع النّجوم ترتيلًا في الشّهور والأيّام. رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه، وهذا لفظه.
ونقل ابن كثير عن الفخر الرازي احتمالا آخر في هذا القول: وهو أنّه كان ينزل في كلّ ليلة قدرٍ ما يحتاج النّاس إلى إنزاله إلى مثله من اللّوح إلى سماء الدّنيا، وتوقّف، هل هذا أولى أو الأوّل؟
2- أنزل في تعظيم رمضان والحث على صيامه وبيان فرضيته. ذكره ابن عطية عن الضحاك، وابن كثير عن الرازي وقال ابن كثير بأن هذا القول غريب جدا.
وقيل: ابتدأ نزوله في رمضان. ذكره ابن عطية.
والقول الأول هو الراجح والله أعلم.

2: بيّن ما يلي:
أ: سبب نزول قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى}.
1- قيل إنها نزلت في حيين من العرب اقتتلا في الجاهلية فكان بينهما قتل وجراحات، فلم يقتصوا من بعضهم إلا بعد الإسلام؛ فتطاولت إحدى القبيلتين على الأخرى، ولم ترض إلا أن تقتل بعبيدهم أحرارا من القبيلة الأخرى، وبنسائهم رجالا. ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير، واستدل ابن كثير لهذا القول بما روي عن سعيد جبير، في قول الله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى} يعني: إذا كان عمدا، الحرّ بالحرّ. وذلك أنّ حيّين من العرب اقتتلوا في الجاهليّة قبل الإسلام بقليلٍ، فكان بينهم قتلٌ وجراحاتٌ، حتّى قتلوا العبيد والنّساء، فلم يأخذ بعضهم من بعضٍ حتّى أسلموا، فكان أحد الحيّين يتطاول على الآخر في العدّة والأموال، فحلفوا ألّا يرضوا حتّى يقتل بالعبد منّا الحرّ منهم، وبالمرأة منّا الرّجل منهم، فنزلت فيهم.
2- وقيل: إنها نزلت في عموم العرب؛ لأنهم كانوا في جاهليتهم يعتدون في القصاص، فيقتلون الأحرار بالعبيد، والرجال بالنساء. ذكره ابن عطية عن الشعبي.
3- وقيل: إنها نزلت في قبيلتين من الأنصار، وقيل في غيرهم. ذكره ابن عطية.
ب: هل كان الصوم قبل فرض صيام رمضان على الوجوب أو التخيير؟
اختلف في هذه المسألة على عدة أقوال:
1- إن الصيام في أول الأمر كان على التخيير؛ فمن شاء صام، ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا عن كل يوم، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير. وهو - كما ذكر ابن عطية وابن كثير - قول كثير من السلف؛ كمعاذ بن جبل، وعلقمة، وابن عمر، وابن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وطاوسٌ، ومقاتل بن حيّان.
فمن أدلة هذا القول: قول معاذ: كان في ابتداء الأمر: من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم عن كلّ يومٍ مسكينًا، وما روى البخاريّ عن سلمة بن الأكوع أنّه قال: لمّا نزلت: {وعلى الّذين يطيقونه فديةٌ طعام مسكينٍ} كان من أراد أن يفطر يفتدي، حتّى نزلت الآية التي بعدها فنسختها. ذكره ابن كثير.
2- وقيل: إن المراد في قوله تعالى: {وعلى الّذين يطيقونه} الشيوخ والعجّز، الذين يطيقون، لكن بتكلف شديد فأباح الله لهم الفدية والفطر، والآية على هذا القول محكمة، وهي مناسبة لقراءة "يَطُوقُونَهُ" و"يُطَوَّقُونَهُ". ذكره ابن عطية.
3- وقال ابن عباس: «نزلت هذه الرخصة للشيوخ والعجّز خاصة إذا أفطروا وهم يطيقون الصوم ثم نسخت بقوله تعالى:{فمن شهد منكم الشّهر فليصمه} [البقرة: 185]، فزالت الرخصة إلا لمن عجز منهم». ذكره ابن عطية وابن كثير.
وذكر ابن عطية قولا آخر عن الإمام مالك مفاده أن الآية إنما هي فيمن يدركه رمضان وعليه صوم من المتقدم، فقد كان يطيق في تلك المدة الصوم، فتركه؛ فعليه الفدية.
ج: المراد بالخيط الأبيض والخيط الأسود من الفجر.
المراد بقوله تعالى {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} بياض النهار وسواد الليل؛ وهو حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
والدليل ما رواه روى الإمام البخاريّ: عن سهل بن سعدٍ، قال: أنزلت: {وكلوا واشربوا حتّى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} ولم ينزل {من الفجر} وكان رجالٌ إذا أرادوا الصّوم، ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود، فلا يزال يأكل حتّى يتبيّن له رؤيتهما، فأنزل اللّه بعد: {من الفجر} فعلموا أنّما يعني: اللّيل والنّهار.
وما روى الإمام أحمد، من حديث عديّ بن حاتمٍ أنه قال: لمّا نزلت هذه الآية: {وكلوا واشربوا حتّى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} عمدت إلى عقالين، أحدهما أسود والآخر أبيض، قال: فجعلتهما تحت وسادتي، قال: فجعلت أنظر إليهما فلا تبيّن لي الأسود من الأبيض، ولا الأبيض من الأسود، فلمّا أصبحت غدوت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأخبرته بالّذي صنعت. فقال: "إنّ وسادك إذًا لعريضٌ، إنّما ذلك بياض النّهار وسواد اللّيل".

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16 رجب 1439هـ/1-04-2018م, 03:52 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم الثالث عشر من تفسير سورة البقرة
الآيات (177 - 188)

1. (عامّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة تفسيرية مختصرة تبيّن فيها فضل الدعاء وآدابه من خلال تفسير قول الله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} الآية.

فضل الدعاء وآدابه
جعل الله الدعاء صلة بينه وبين عباده يتقربون إليه به ويناجونه ويبثون إليه حوائجهم ومسائلهم ...
وهذه الصلة باب مفتوح للعبد في كل وقت متى شاء ولج فيه ، ولا يمل الله حتى تملوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ولذلك فإن لهذا الباب فضلا عظيما في التقرب إليه سبحانه ، وفي ترك العبد له خسران عظيم ... إذ هو مخ العبادة وليها ، فبه كمال الخضوع والتسليم والاستسلام له سبحانه ، وفيه كمال التوحيد وكمال الإقرار له بكل أسمائه الحسنى وصفاته العلى ... ولذلك كان من أول أضرب الدعاء :
- الإيمان به وتوحيده والثناء عليه سبحانه (فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي ) ؛ بل جعل الله ترك الدعاء استكبارا ، لأن في الدعاء خضوعا وتذللا له سبحانه وإقرارا له بأنه هو وحده قاضي الحوائج وهو الكافي والفرد الصمد فقال تعالى ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين )

- ومن أضرب الدعاء سؤاله تعالى العفو والمغفرة والرحمة ( ومن يغفر الذنوب إلا الله ) وعدم الإصرار على الذنب ؛ فيقر العبد بذنبه ويجثو على ركبتيه متذللا معترفا بذنبه سائلا ربه من فضله أن يغفر له ما فرط في حق نفسه ؛ ولذلك نادى الله عباده فقال ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله )
- ومنه سؤال حوائج الدنيا فلا يترك صغيرة ولا كبيرة مما يطلبه من حوائج الدنيا إلا سأل الله لها قضاء وتيسيرا ...
فهذه كلها دعاء إذ يستهلها العبد بقوله يا ربي لك الحمد ، أو رب اغفر لي وارحمني أو اللهم وسع لي في رزقي .. وغيرها من صيغ الدعاء .

ومجيء هذه الآية ( فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) بعد آيات الصيام فيه ربط لطيف بين ما ينبغي أن يكون عليه حال الداعي من صفاء النفس وزكاة الروح وترفعها عن كل ما هو أرضي ... وفي ألفاظها من معاني القرب ما تجعل الداعي يستشعر معية الله معه في كل لفظة وفي كل كلمة بل في كل همسة وكل شعور وكل خلجة من خلجات نفسه يبثها في دعائه مستشعرا أنه عبد لله ، وأن الله نسبه لنفسه فقال ( عبادي ) وأي شرف ومكانة أعظم من أن تكون له عبدا ؛ و أن الله معه قريب يسمع السر وأخفى ؛ فما أرقها من آية وما أدناها وأقربها !
وفيها أجاب الله سؤال عباده حيث سألوا رسوله ( أبعيد ربنا فنناديه أم قريب فنناجيه )؟ فنزلت لتبين أنه قريب وأنه ( وهو معكم أينما كنتم )، وقيل بل سألوا متى ندعو ؟ وقيل كيف ندعو ؟ وقيل أين ندعو ؟ فكان قوله تعالى جوابا لذلك كله ... الله معكم ولن يرد دعاءكم ولن يخيبكم ... فادعوه متى شئتم وأنى شئتم وأينما كنتم ولكن لا تعتدوا ...

ولأنه سبحانه قريب مجيب ، ولأنه يجيب دعوة الداعي إذا دعاه كان لا بد للداعي إذا توجه لله بدعائه أن يكون بوقوفه بين يدي خالقه متأدبا بأدب أعظم من أدب من يدخل على الملوك - ولله المثل الأعلى - ...
فمن أراد أن يدعو الله تعالى ينبغي له تأدبا وتعظيما وإجلالا :
- أن يقدم بين يدي مسألته الثناء على الله تعالى والإقرار بعبوديته له وافتقاره إليه وحاجته إلى فيض عطائه وتحنانه ؛ ويكون بذلك مستشعرا قربه سبحانه ومعيته له مستحضرا أنه تعالى سامع لكل نجوى ومجيب كل دعوة ...
- أن يتخفف من دنياه فيحرص على التزود قبل الدعاء فذلك أدعى لإجابة سؤله ؛ وهذه الحال يلفت لها أن آيات الدعاء تلت آيات الصيام كما تقدم ، فتكون النفس قد تخففت من أثقال الدنيا والروح رقت وشفت وخشعت لله سبحانه ، فيكون دعاؤها أقرب ومناجاتها أحب ...
- وفي موضع هذه الآية لفتة إلى أن يحرص الداعي على تخير مواسم الخير والطاعات ، فالخير فيها مضاعف ، والدعاء فيها أحب وأقرب ؛ فالدعاء في رمضان ليس كغيره من أيام العام ؛ ودعاء ليلة القدر ليس كغيرها من الليالي ، ودعاء عشر ذي الحجة ليس كغيرها من الأيام ؛ وساعة يوم الجمعة وغيرها ...
- ثم إن موضعها بعد إكمال العدة وإتمام الشهر إرشاد للعبد ألا تفتر النفس بعد مواسم الطاعات ؛ بل تجتهد وتتبع الطاعة بالطاعة ، فبعد انتهاء صيام رمضان اجتهاد في الدعاء ؛ وفي فطر كل يوم اجتهاد و دعاء مستجاب كما روي عن رسول الله أنه ذكر ممن لا ترد دعوته الصائم عند إفطاره .
- عن عبد اللّه بن أبي مليكة، عن عبد اللّه بن عمرو، قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ للصّائم عند فطره دعوةً ما تردّ". قال عبد اللّه بن أبي مليكة: سمعت عبد اللّه بن عمرو يقول إذا أفطر: اللّهمّ إنّي أسألك برحمتك التي وسعت كلّ شيءٍ أن تغفر لي.
- أن يدعو ربه تضرعا وخفيه ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية ) فلا يصرخ ولا يرفع صوته بدعائه ... بل يتذلل ويخشع ويخضع ويخفض صوته تأدبا وإجلالا وهيبة ويقينا بأن الذي يدعوه قريب سميع مجيب الدعوات ...
فعن أبي موسى الأشعريّ، قال: كنّا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في غزاة فجعلنا لا نصعد شرفًا، ولا نعلو شرفًا، ولا نهبط واديًا إلّا رفعنا أصواتنا بالتّكبير. قال: فدنا منّا فقال: "يا أيّها النّاس، أربعوا على أنفسكم؛ فإنّكم لا تدعون أصمّ ولا غائبًا، إنّما تدعون سميعًا بصيرًا، إنّ الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته. أخرجه الشيخان
- أن يكون العبد حسن الظن بالله تعالى ، يرفع يديه وهو موقن بالإجابة ، فهو لا يجرب في دعائه بل يدعو ويقينه أن دعوته قد أجيبت ؛ فالله عند ظن عبده به كما روي عن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "يقول اللّه تعالى: أنا عند ظنّ عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني".
وعن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "إنّ اللّه تعالى ليستحيي أن يبسط العبد إليه يديه يسأله فيهما خيرًا فيردّهما خائبتين".

- أن يكون لسانه في أيامه رطبا بذكر الله ؛ فإذا دعا الله في حاجة كان صوته مألوفا لأهل السماء تعرفه وتألفه ؛ فإن دعوة الذاكر ليست كدعوة الغافل اللاهي
فعن أبي هريرة: أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "قال اللّه: أنا مع عبدي ما ذكرني، وتحرّكت بي شفتاه".
وروى الإمام أحمد عن عبد اللّه بن عمرٍو، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم قال: "القلوب أوعيةٌ، وبعضها أوعى من بعضٍ، فإذا سألتم اللّه أيّها النّاس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإنّه لا يستجيب لعبدٍ دعاه عن ظهر قلبٍ غافلٍ".
ولذلك كان جواب دعاء الأنبياء ( فاستجبنا له فنجيناه ) ( فاستجبنا له وكشفنا ما به من ضر ) دعوا فأجيبوا ...
- أن يلح في دعائه فالله يحب العبد اللحوح ، فيلح في دعائه ولا يتعجل فيقول دعوت فلم يستجب لي ، ولا يقنط ولا ييأس من روح الله ( إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) ، فقد يكون تأخير إجابته استزادة من دعائه فزيادة في أجره وعلوا في مرتبته ...
فعن أبي هريرة: أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم قال: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي". رواه البخاري
و عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثمٍ أو قطيعة رحمٍ ما لم يستعجل". قيل: يا رسول اللّه، ما الاستعجال؟ قال: "يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أر يستجاب لي
فيستحسر عند ذلك، ويترك الدّعاء"
.رواه مسلم

- أن لا يعتدي في دعائه ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين ) ؛ فلا يدعو بإثم ولا قطيعة رحم ، ولا يدعو الله بما لم يسم به نفسه أو يسمه ويدعوه به نبيه صلى الله عليه وسلم فيدعوه بما يدعو أهل الأرض بعضهم بعضا لقضاء حوائجهم ؛ فالله أعلى وأجل ... ( قل ادعو الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى )
وقد روى الإمام أحمد عن أبي سعيدٍ: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ما من مسلمٍ يدعو اللّه عزّ وجلّ بدعوةٍ ليس فيها إثمٌ ولا قطيعة رحمٍ، إلّا أعطاه اللّه بها إحدى ثلاث خصالٍ: إمّا أن يعجّل له دعوته، وإمّا أن يدّخرها له في الآخرة، وإمّا أن يصرف عنه من السّوء مثلها" قالوا: إذًا نكثر. قال: "اللّه أكثر ".
- وأن يكون حاله مقبولة عند الله فيستغفر ويتقرب إلى الله بالطاعات قبل سؤاله حوائجه ؛ فلا يظلم ولا يجور ؛ إذ قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثةٌ لا تردّ دعوتهم: الإمام العادل، والصّائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها اللّه دون الغمام يوم القيامة، وتفتح لها أبواب السّماء، ويقول: بعزتي لأنصرنك ولو بعد حين").
فالعدل والابتعاد عن الظلم والطاعة مفتاح لإجابة الدعاء وقبول الدعوة ؛ وليطيب م
طعمه وملبسه ويبتعد عن الحرام ليفتح باب الإجابة فقد روي عن رسول الله أن السائل يرفع يديه بالدعاء ( وملبسه حرام ومشربه حرام ومطعمه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له )

فمن كانت هذه حاله عند دعائه وحرص على التزود من الخير بدعائه وعند دعائه ورفع يديه أن : ( يا رب ) فالله قريب يجيب دعوته ...
فليسأله مسألة من يثق أنه الكريم المعطي ؛ وأن عطاءه مهما اتسع لا ينقص من ملكه شيئا ... فيدعو لنفسه ولأهل بيته ولأمته وليستكثر من سؤال الخير ؛ والله سميع قريب مجيب الدعوات ...

المجموعة الثانية:

1: حرّر القول في المسائل التالية:
أ: مرجع الهاء في قوله تعالى: {وآتى المال على حبه}.
بين الله في هذه الآية بم يكون البر ، وفي هذا الجزء خص إيتاء المال قيل بالزكاة وقيل بالصدقات من غير الزكاة ...
وقيد إيتاء المال هنا بقوله تعالى ( على حبه ) ... فمن آتى المال على حبه فذلك من البر ...
واختلف في مرجع الضمير في ( حبه ) على أقوال :
1- أن مرجع الضمير هو المال ؛ فتكون إضافة المصدر إلى المفعول ( أي آتى المال على حب المال ) ... ذكره ابن عطية وذكره ابن كثير عن ابن مسعود وابن جبير وذكر أنه قول غيرهما من السلف والخلف ..
ويكون المعنى أن هذا المنفق أنفق ماله وهو محب لهذا المال راغبة نفسه فيه فتكون نفقته مما يحبه ... ويعضد هذا المعنى قوله تعالى في سورة آل عمران ( ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) ) فجعل نيل البر مقرونا بالإنفاق مما تحب النفس من المال .

- وقد ذكر ابن كثير ما يقوي هذا القول فقال :
ودليل ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقر )
فمن كان هذا حاله كان راغبا في ماله محبا له ، لذك كانت صدقته منه خير الصدقات
كما روى الحاكم في مستدركه عن ابن مسعود عن رسول الله قال ( وآتى المال على حبه ) أن تعطيه وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقر ) ثم قال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
قال ابن كثير وقد رواه وكيع عن الأعمش وسفيان عن زبيد عن مرة عن ابن مسعود موقوفا وهو أصح ( أي كونه موقوفا ) والله أعلم

2- أن الضمير عائد على الله تعالى من قوله ( ولكن البر من آمن بالله ...) ثم قال ( وآتى المال على حبه ) أي على حب الله ... بمعنى أنه آتى ماله وتصدق به محبة في الله تعالى وطاعته وابتغاء مرضاته ... ذكره ابن عطية
وذكر ابن كثير أنهم يؤتون المال ابتغاء مرضاة الله لكنه لم يشر أن ذلك مرجع للضمير بل بين أن فعله في أنفاق ما يحب من ماله هو ابتغاء مرضاة الله .
3- أن الضمير عائد على الفعل نفسه أي على إيتاء المال وقت الحاجة والفاقة ... فإيتاء المال حبيب إليهم ... ذكره ابن عطية

4- أن الضمير عائد على الضمير المستتر في ( آتى ) أي آتى المال على حبه هو لهذا لمال فهو مصدر مضاف للفاعل ...ذكره ابن عطية
والمعنى في هذا القول يعود للمعنى الأول أن المؤتي محب لماله راغب فيه ، فاختلف مرجع الضمير بينهما ولكن المعنى واحد .

🔺الراجح :
لم يذكر ابن كثير غير الوجه الأول
وذكر ابن عطية ذلك الوجه مع باقي الأقوال دون ترجيح
وكل الأقوال التي ذكرها محتملة وتكمل المعنى لتبين ميزة صدقات هذا الصنف إذ أنهم يتصدقون لوجه الله فقط حبا له
ويتصدقون بما يحبون من أموالهم كما قال تعالى ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) ؛ ويعطون المال ويؤتونه محبين لفعلهم هذا غير كارهين له ؛ فإيتاؤهم حسن من كل وجه

🔹ويظهر أن الأرجح حسب استخدام الضمائر في اللغة أن الضمير يعود لأقرب مذكور ، وأقرب مذكور هو ( المال ) فيكون عودة الضمير على المال أرجح من عودته على اسم الله للبعد بين الضمير والاسم وكثرة الفصل بينهما ... كما يكون أقرب من عودته على ضمير مستتر في ( آتى ) إذ الأصل في الضمير أن يرجع على اسم ظاهر سبق ذكره ؛ كما أنه أقوى من عودته على فعل الإيتاء ...

- ويؤيد هذا المعنى ما سبق ذكره من قوله تعالى في آل عمران ( حتى تنفقوا مما تحبون ) ، فتسابق الصحابة بعدها في إخراج أحب أموالهم لديهم لينالوا البر بإنفاقهم ، كما يؤيده ما سبق ذكره من أدلة أوردها ابن كثير ...
وذلك مع عدم نفي الأقوال الأخرى كما مر .

ب: معنى قوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}.
هذه الآية جاءت ناسخة للآية السابقة لها في حكم صيام رمضان حيث قال تعالى في الآية السابقة ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ۚ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ۖ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة 184]
فقد كان الصيام على التخيير حتى لمن كان صحيحا مقيما فمن شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم عن كل يوم يفطره مسكينا ...

ثم جاءت هذه الآية لتبين حتم وفرضية صوم رمضان على كل مسلم مكلف مع بيان الرخصة للمريض والمسافر والعاجز
- ذكر ابن عطية عن معاذ بن جبل وعلقمة والنخعي والحسن البصري وابن عمر والشعبي وسلمة بن الأكوع وابن شهاب: «كان فرض الصيام هكذا على الناس من أراد صام ومن أراد أطعم مسكينا وأفطر، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: {فمن شهد منكم الشّهر فليصمه}

- كما ذكر ابن كثير ما رواه ابن مردويه عن ابن عبّاسٍ قال : نزلت هذه الآية: {وعلى الّذين يطيقونه فديةٌ طعام مسكينٍ} فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينًا، ثمّ نزلت هذه الآية فنسخت الأولى، إلّا الكبير الفاني إن شاء أطعم عن كلّ يومٍ مسكينًا وأفطر. فحاصل الأمر أنّ النّسخ ثابتٌ في حقّ الصّحيح المقيم بإيجاب الصّيام عليه، بقوله: {فمن شهد منكم الشّهر فليصمه} وأمّا الشّيخ الفاني [الهرم] الذي لا يستطيع الصّيام فله أن يفطر ولا قضاء عليه، لأنّه ليست له حالٌ يصير إليها يتمكّن فيها من القضاء ..

فقوله تعالى ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه )
- ومن أي : الذي ، شهد أي حضر استهلال الشهر ودخل عليه مقيما غير مسافر صحيحا في بدنه قادرا على الصيام
- الشهر أي شهر رمضان
- فليصمه : الفاء في جواب الشرط ، واللام لام الأمر الدالة على وجوب صيامه لمن دخل عليه الشهر وهو محقق شروط التكليف

🔺واختلف في المعنى المقصود بفرضية الصوم على من شهد الشهر على قولين :
1- أن من دخل عليه شهر رمضان وهو مقيم في أوله وجب عليه أن يتم صيامه حتى وإن طرأ عليه سفر بعد ذلك ، وأن رخصة الفطر للسفر لا تكون له وإنما هي لمن دخل عليه الشهر وهو مسافر ...
ذكر هذا القول ابن عطية وعزاه لعلي بن أبي طالب وابن عباس وعبيدة السلماني
كما ذكره ابن كثير وقال وهذا القول غريبٌ نقله أبو محمّد بن حزمٍ في كتابه المحلى، عن جماعةٍ من الصّحابة والتّابعين. وفيما حكاه عنهم نظرٌ، واللّه أعلم.
فإنّه قد ثبتت السّنّة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه خرج في شهر رمضان لغزوة الفتح، فسار حتّى بلغ الكديد، ثمّ أفطر، وأمر النّاس بالفطر. أخرجه صاحبا الصّحيح.

2- القول الثاني وهو قول الجمهور أنه من حضر من الشهر أوله أو آخره وهو مقيم وجب عليه الصيام ما دام مقيما ، فإن سافر فله الأخذ بالرخصة ... وعليه فسواء استهل الشهر مقيما وسافر بعد ذلك أو استقبل الشهر مسافرا وأقام بعد ذلك فصيام رمضان واجب عليه ما كان مقيما والرخصة له ما دام مسافرا بشرط قضاء ما أفطره من أيام الشهر .
- ذكره ابن عطية وقال أنه قول الجمهور ،
- كما ذكره ابن كثير وبين أنه الراجح
وأنه فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته؛ فقال في قوله تعالى :{فمن شهد منكم الشّهر فليصمه} فأثبت الله صيامه على المقيم الصّحيح ورخّص فيه للمريض والمسافر، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصّيام
- وبهذا المعنى قال الزجاج فقال : من كان شاهدا غير مسافر ، فليصم، ومن كان مسافراً، أو مريضاً ، فقد جعل له أن يصوم عدة أيام المرض ، وأيام السفر من أيام أخر

🔺والقول الراجح هو قول جمهور الفقهاء وهو القول الثاني أن الصيام حتم واجب على كل مسلم مكلف ما دام مقيما صحيحا ، فإن سافر أو مرض فقد رخص له في الفطر تيسيرا من الله وتخفيفا ، ولذلك قال تعالى ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) ، إذ الآية تدل على ترخيص الفطر للمسافر دون تحديد وقت سفره في الشهر ، كما أن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته يدل على هذا القول ... إذ كان رسول يسافر في رمضان بعد دخوله فيفطر ويأمر الناس بالفطر كما مر ...

- واختلف الفقهاء في حكم الصوم أو الفطر في السفر ، وسيذكر في بيان حكم الصوم في السفر في السؤال الثاني .

3 - وقد ذكر ابن عطية قولا لأبي حنيفة ببيان أن المقصود بشهود الشهر هو دخوله على المسلم وهو مستوف لشروط التكليف فقال : وقال أبو حنيفة وأصحابه: «من شهد الشهر بشروط التكليف غير مجنون ولا مغمى عليه فليصمه، ومن دخل عليه رمضان وهو مجنون وتمادى به طول الشهر فلا قضاء عليه لأنه لم يشهد الشهر بصفة يجب بها الصيام، ومن جن أول الشهر أو آخره فإنه يقضي أيام جنونه»

وقول أبي حنيفة صحيح في معناه إذ معلوم أن المجنون والمغمى عليه فاقد لعقله في حال جنونه أو إغمائه وبالتالي فاقد لأهلية التكليف حتى يزول عنه حاله هذا ؛ وهذا لا خلاف عند الفقهاء فيه ، وأن صيام شهر رمضان مفروض على من استوفى شروط التكليف وليس هو موضع خلافهم في معنى ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) ، وإنما خلافهم كما مر في حال دخول الشهر على المقيم هل يرخص له في الفطر إن طرأ عليه سفر أم لا .

2: بيّن ما يلي:
أ: هل قوله تعالى في حكم القصاص: {الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى} منسوخ أم محكم؟
لبيان هل هذا البيان من الله تعالى في حكم القصاص منسوخ أو محكم يرجع إلى ما قيل في أن الآية نزلت فيه والمعنى المراد من نزولها ...فقد ورد في ذلك أقوال فسرت الآية أنها نزلت لبيان حكم الله فيها ...
1⃣ القول الأول :
أن الآية محكمة غير منسوخة : وتحت ذلك أقوال في بيان مقصد الآية والحكم الذي أتت ببيانه :
1- أنها جاءت لبيان وجوب العدل في القصاص ونسخ ما كان عليه أمر الجاهلية ... ويتبع لهذا القول عدة أسباب ذكرت أن الآية نزلت لبيان حكمها فقيل :
أ- أن الآية نزلت لبيان حكم الله فيما كانت تفعله العرب في الجاهلية ، إذ كان من كان له طول وقدرة على غيرهم يتزوج ممن هو أقل منه بغير مهر ويقتل بالدم أكثر من مقداره ، وإن قتل منهم عبد قتلوا به حرا من قبيلة القاتل وإن قتلت منهم امرأة قتلوا بها رجلا فأنزل الله بيان حكمه في ذلك ونسخ أمر الجاهلية وبين أن الحر يقتل به حر والعبد يقتل به عبد والأنثى تقتل بها أنثى ولا عبرة لطول القبيلة ولا لعزتها ومنعتها ومكانتها بين القبائل ... ذكر ذلك الزجاج وابن عطية عن الشعبي كما ذكره ابن كثير
وعلى هذا القول فالآية محكمة غير منسوخة لكونها بيانا لحكم الله في أمر كانوا يفعلونه .

ب- وقيل أنها نزلت بسبب قتال وقع على عهد رسول الله بين قبيلتين من الأنصار أو من غيرهم فقتل هؤلاء من هؤلاء رجالا وعبيدا ونساء، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلح بينهم ويقاصهم بعضهم ببعض بالديات على استواء الأحرار بالأحرار والنساء بالنساء والعبيد بالعبيد ... ذكر ذلك ابن عطية دون أن يعزوه

ج- وقيل أنها بسبب قتال حصل بين بني قريظة وبني النضير حيث كانت بنو النّضير قد غزت قريظة في الجاهليّة وقهروهم، فكان إذا قتل النّضريّ القرظيّ لا يقتل به، بل يفادى بمائة وسقٍ من التّمر، وإذا قتل القرظيّ النّضريّ قتل به، وإن فادوه فدوه بمائتي وسقٍ من التّمر ضعف دية القرظيّ، فأمر اللّه بالعدل في القصاص، ولا يتّبع سبيل المفسدين المحرّفين، المخالفين لأحكام اللّه فيهم، كفرًا وبغيًا، فقال تعالى: {كتب عليكم القصاص في القتلى الحرّ بالحرّ والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى}. ذكره ابن كثير ؛ وعلى هذا فالآية كذلك محكمة غير منسوخة .

د- وروى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبيرٍ، في قول الله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى} يعني: إذا كان عمدا، الحرّ بالحرّ. وذلك أنّ حيّين من العرب اقتتلوا في الجاهليّة قبل الإسلام بقليلٍ، فكان بينهم قتلٌ وجراحاتٌ، حتّى قتلوا العبيد والنّساء، فلم يأخذ بعضهم من بعضٍ حتّى أسلموا، فكان أحد الحيّين يتطاول على الآخر في العدّة والأموال، فحلفوا ألّا يرضوا حتّى يقتل بالعبد منّا الحرّ منهم، وبالمرأة منّا الرّجل منهم، فنزلت فيهم. ذكر ذلك ابن كثير ...
وهي أسباب متقاربة كلها ترجع إلى أمر واحد ، أن الآية جاءت مبينة لحكم يخالف ما كان عليه أمر الجاهلية أو ما كان يفعله أهل الكتاب ببعضهم في القصاص ...فنسخت فعلهم وأوجبت العدل في القصاص .

🔺 واستنادا على هذه الآية فقد روي عن علي بن أبي طالب وعن الحسن بن أبي الحسن أنهما قالا أن الآية نزلت مبينة حكم المذكورين ليدل ذلك على الفرق بينهم وبين أن يقتل حر عبدا أو عبد حرا أو ذكر أنثى أو أنثى ذكرا، وقالا: إنه إذا قتل رجل امرأة فإن أراد أولياؤها قتلوا صاحبهم ووفوا أولياءه نصف الدية منه وإن أرادوا استحيوه وأخذوا منه دية المرأة، وإذا قتلت المرأة رجلا فإن أراد أولياؤه قتلوا وأخذوا نصف الدية وإلا أخذوا دية صاحبهم واستحيوها، وإذا قتل الحر العبد فإن أراد سيد العبد قتل وأعطى دية الحر إلا قيمة العبد وإن شاء استحيا وأخذ قيمة العبد،
قال ابن عطية : هذا مذكور عن علي رضي الله عنه وعن الحسن، وقد أنكر ذلك عنهما أيضا ...

والجمهور على خلاف هذا ، وعلى أن الرجل يقتل بالمرأة والمرأة تقتل بالرجل فتتساوى الديات والقصاص بين الجنسين لأن المسلمين تتكافأ دماؤهم ...
وبينهم خلاف في العبد والحر كما سيأتي .

2- أن الآية مع محكمة لكن فيها إجمال ، وهذا الإجمال فسرته آية المائدة ( النفس بالنفس ) ، وأن قوله تعالى ( الحر بالحر ) شامل للذكر والأنثى سواء ... ذكر هذا القول ابن عطية عن ابن عباس ومجاهد
وذكر عن مالك قوله : «أحسن ما سمعت في هذه الآية أنه يراد بها الجنس الذكر والأنثى فيه سواء، وأعيد ذكر الأنثى تأكيدا وتهمما بإذهاب أمر الجاهلية»

2⃣ القول الثاني : أن الآية منسوخة بآية المائدة ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين ...) ، فتكون آية البقرة مقررة عدم دخول صنف في صنف فلا يقتل حر بعبد ولا عبد بحر ولا ذكر بأنثى ولا أنثى بذكر ، لكنها منسوخة بآية المائدة التي بينت تكافؤ دماء المسلمين وإن اختلف الجنس .
-ذكره ابن عطية عن ابن عباس فقال : وروي عن ابن عباس أن الآية نزلت مقتضية أن لا يقتل الرجل بالمرأة ولا المرأة بالرجل ولا يدخل صنف على صنف ثم نسخت بآية المائدة أن النفس بالنفس.
- وقال ابن كثير مبينا ذلك : وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ في قوله: {والأنثى بالأنثى}وذلك أنّهم لا يقتلون الرّجل بالمرأة، ولكن يقتلون الرّجل بالرّجل، والمرأة بالمرأة فأنزل اللّه: النّفس بالنّفس والعين بالعين، فجعل الأحرار في القصاص سواءً فيما بينهم من العمد رجالهم ونساؤهم في النّفس، وفيما دون النّفس، وجعل العبيد مستوين فيما بينهم من العمد في النفس وفيما دون النفس رجالهم ونساؤهم، وكذلك روي عن أبي مالكٍ أنّها منسوخةٌ بقوله: {النّفس بالنّفس}.

🔺واعترض ابن عطية على اعتبار آية المائدة ناسخة لآية البقرة لأن آية المائدة إخبار عما كتب على بني إسرائيل ، وأن حكم القاتل كان عندهم القصاص فقط ولم يكن عندهم عفو أو دية ، وأن النسخ إنما يكون بحكم بين رسول الله أنه حكم لنا أو أن حكم الإسلام فيه مثل حكم أهل الكتاب قبلنا .
وعلى قوله تكون الآية مجملة ، فقوله الحر بالحر أي ذكورهم وإناثهم سواء ، وكذلك العبد بالعبد ذكورهم وإناثهم سواء ؛ فهو مع أن الحر لا يقتل بعبد فتتكافأ دماء أحرار المسلمين بينهم ودماء عبيدهم بينهم ، وذكر الأنثى بالأنثى للتأكيد

🔹وجمهور الفقهاء كما مر على أن الرجل يقتل بالمرأة والمرأة تقتل بالرجل ... ذكره ابن عطية وابن كثير ؛ واستدل له ابن كثير بآية المائدة التي عممت ( النفس بالنفس ) فلم تحددالجنس ؛ و بحديث رسول الله صلى عليه عليه وسلم «المسلمون تتكافأ دماؤهم»
- وخالف قول الجمهور الحسن وعطاء كما ذكر ابن كثير إذ بينا أن الرجل لا يقتل بالمرأة وضعف قولهما

🔹واختلف الفقهاء في قتل الحر بالعبد على قولين :
1- أن الحر يقتل بالعبد لعموم آية المائدة ... وهو مذهب أبي حنيفة وصاحبيه ،
- ذكره ابن عطية وابن كثير عن إبراهيم النخعي وقتادة وابن المسيب والشعبي والثوري
- وزاد ابن كثير أنه مروي عن ابن أبي ليلى وداود، ومرويٌّ عن عليٍّ، وابن مسعودٍ، والحكم،

- وقال ابن كثير : وقال البخاريّ، وعليّ بن المدينيّ وإبراهيم النّخعيّ والثّوريّ في روايةٍ عنه: «ويقتل السّيّد بعبده»؛ لعموم حديث الحسن عن سمرة: «من قتل عبده قتلناه، ومن جذعه جذعناه، ومن خصاه خصيناه»

2- أنه لا يقتل حر بعبد ... وهو قول الجمهور ؛ ذكره ابن عطية وابن كثير
قال ابن عطية : وقال مالك رحمه الله وجمهور من العلماء: «لا يقتل الحر بالعبد»،

ودليلهم :
- إجماع الأمة على أن العبد لا يقاوم الحر فيما دون النفس، فالنفس مقيسة على ذلك،
- وأيضا فالإجماع فيمن قتل عبدا خطأ أنه ليس عليه إلا القيمة، فكما لم يشبه الحر في الخطأ لم يشبهه في العمد،
- وأيضا فإن العبد سلعة من السلع يباع ويشترى

▪وقال ابن كثير في قول الجمهور : «لا يقتل الحرّ بالعبد؛ لأنّ العبد سلعةٌ لو قتل خطأً لم تجب فيه ديةٌ، وإنّما تجب فيه قيمته، وأنّه لا يقاد بطرفه ففي النّفس بطريق أولى»

🔹كما اختلفوا في مسألة قتل المسلم بالكافر
فالجمهور على أنه لا يقتل مسلم بكافر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري في صحيحه عن علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يقتل مسلم بكافر ) ... ذكر ذلك ابن كثير وقال : ولا يصح حديث ولا تأويل يخالف هذا
وأبو حنيفة أخذ بعموم آية المائدة وبنى عليها أن المسلم يقتل بالكافر ، ورأيه في ذلك مرجوح .

🔺الراجح في المسألة أن المسلمين تتكافأ دماؤهم فيستوي الذكر والأنثى في القصاص ، والخلاف في الحر هل يقتل بالعبد مع ترجيح الجمهور أن الحر لا يكفأ بالعبد ولا يقتل به ... وآية البقرة على ذلك أما مجملة مفسرة بآية المائدة أو منسوخة بآية المائدة .

ب: حكم الصيام في السفر.
بينت آيات الصيام أن الله رخص للمسافر والمريض الفطر في رمضان فقال ( فمن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) و اختلف الفقهاء ، هل الفطر هنا على سبيل التخيير أم الإلزام ، وأيهما أفضل الصوم أو الفطر للمسافر في رمضان ...
🔹فخلافهم في حكم الصيام في السفر على أقوال :
1- أن الصوم أفضل لمن استطاع ذلك وقوي عليه
وهو قول الشافعي وبعض ما روي عن مالك .. ذكره ابن عطية وقال ومذهب مالك في استحبابه الصوم لمن قدر عليه. كما ذكر القول عن الشافعي ابن كثير
ودليله فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ثبت في الصّحيحين عن أبي الدّرداء قال خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في شهر رمضان في حرٍّ شديدٍ، حتّى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدّة الحرّ وما فينا صائمٌ إلّا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وعبد اللّه بن رواحة.
- ذكر ابن عطية أنه قد ذهب أنس بن مالك إلى الصوم، وقال: «إنما نزلت الرخصة ونحن جياع نروح إلى جوع، ونغدو إلى جوع»،

2- أن الفطر أفضل من الصوم ولو كان مستطيعا للصيام
وذلك أخذا برخصة الله ... ذكر القول ابن عطية وعزاه إلى ابن عباس وابن عمر ، كما ذكره ابن كثير واستدل له بما ثبت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أنه سئل عن الصّوم في السّفر، فقال: "من أفطر فحسن، ومن صام فلا جناح عليه". وقال في حديث آخر: "عليكم برخصة اللّه التي رخّص لكم"
- وذكر ابن عطية أن ابن حنبل كره الصوم في السفر
- كما ذكر عن ابن عمر أنه قال : «من صام في السفر قضى في الحضر»، وهو مذهب عمر رضي الله عنه.
- وذكر عن ابن عباس قوله : «الفطر في السفر عزمة»
- بل إن ابن كثير ذكر أنه قد روى عن بعض الصحابة والتابعين قولهم بوجوب الفطر في السفر ، ورد هذا القول إذ يخالفه فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعل صحابته ، حيث صح أنهم كانوا يخرجون مع رسول الله فيصوم بعضهم ويفطر بعضهم ولا يعيب أحدهم على الآخر ، وكذلك أن رسول الله ورد عنه أنه صام في سفر ، فلو كان الفطر واجبا ما صام .

3- أيسرهما أفضلهما ... ذكره ابن عطية عن مجاهد وعمر بن عبد العزيز
وقيل: إن شقّ الصّيام فالإفطار أفضل لحديث جابرٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رأى رجلًا قد ظلّل عليه، فقال: "ما هذا؟ " قالوا: صائمٌ، فقال: " ليس من البرّ الصّيام في السّفر". أخرجاه.

4 - لا تفضيل بينهما وهما سواء والأمر في ذلك على التخيير وهو قول مالك والجمهور
فالفطر رخصة وليس بحتم؛ لأنّهم كانوا يخرجون مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في شهر رمضان. قال: "فمنا الصّائم ومنّا المفطر، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصّائم "... ذكره ابن كثير

- وقالت طائفة: هما سواء لحديث عائشة: أن حمرة بن عمرٍو الأسلميّ قال: يا رسول اللّه، إنّي كثير الصّيام، أفأصوم في السّفر؟ فقال: "إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر". وهو في الصّحيحين.

▪وقول الجمهور في ذلك هو الراجح ، وهو أن الإفطار في رمضان للمسافر رخصة فمن شاء أخذ بالرخصة ومن شاء أخذ بالعزيمة فالأمر في ذلك على التخيير لا ينكر على من أفطر فطره ولا على من صام صيامه والله أعلم

🔺وقد نبه ابن عطية أن هذه الرخصة تتعلق بسفر الطاعات دون خلاف أو المباحات على الراجح ، أما سفر المعاصي فالراجح عدم جواز الفطر فيه

🔺كما قال ابن كثير منبها أن من أراد الأخذ بالعزيمة فصام في سفره فلا يكون ذلك منه كراهة لرخصة الله ورغبة عن السنة ، إذ قال : فأمّا إن رغب عن السّنّة، ورأى أنّ الفطر مكروهٌ إليه، فهذا يتعيّن عليه الإفطار، ويحرم عليه الصّيام، والحالة هذه، لما جاء في مسند الإمام أحمد وغيره، عن ابن عمر وجابرٍ، وغيرهما: من لم يقبل رخصة اللّه كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة.

ج: متعلّق الاعتداء في قوله تعالى: {فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم}.
قوله تعالى هذا جاء بعد بيان حكم من أراد العفو عن القاتل واكتفى بأخذ الدية وبيان أن الله خفف عن الأمة إذ جعل لها غير القصاص العفو والدية ... فقال الله بعد ذلك :( فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم )
ومتعلق الاعتداء هو القتل بعد أخذ الدية والعفو ... فيكون المعنى من اعتدى بالقتل بعد ذلك ( أي بعد عفوه عن القاتل وقبوله الدية ) فله عذاب أليم ...
سواء كان قتله بأن يقتل القاتل فقط إذ أن أخذه للدية عفو وتنازل عن الدم ، فقتله القاتل بعد ذلك اعتداء
أو بأن يقتل غير القاتل أو يقتل الجماعة بالقاتل كما كانت تفعل العرب بالثأر ...
وقد ذكر هذا المعنى الزجاج وابن كثير عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن وقتادة وغيرهم
- كما ذكر أنه روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : «من أصيب بقتلٍ أو خبل فإنّه يختار إحدى ثلاثٍ: إمّا أن يقتصّ، وإمّا أن يعفو، وإمّا أن يأخذ الدّية؛ فإن أراد الرّابعة فخذوا على يديه. ومن اعتدى بعد ذلك فله نار جهنّم خالدًا فيها» رواه أحمد.
- وعن الحسن، عن سمرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: «لا أعافي رجلًا قتل بعد أخذ الدّية» -يعني: لا أقبل منه الدّية -بل أقتله). ذكر الحديثين ابن كثير

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 17 رجب 1439هـ/2-04-2018م, 02:18 AM
حنان بدوي حنان بدوي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: إسكندرية - مصر
المشاركات: 392
افتراضي

(عامّ لجميع الطلاب)

اكتب رسالة تفسيرية مختصرة تبيّن فيها فضل الدعاء وآدابه من خلال تفسير قول الله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} الآية.

تفسير قول الله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} الآية.

  • في هذه الآية الكريمة التفات من مخاطبة المؤمنين بأحكام الصيام وهو من العبادات البدنية ؛ إلى مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم بأن يذكرهم ويعلمهم ما يجب عليهم مراعاته في سائر عبادتهم القلبية من الإِخلاص والأدب والتوجه إلى الله وحده بالسؤال لأنه وحده الذي يعلم حالهم ويجيب سؤالهم ، وبيّن أن العباد إذا حافظوا على فرائضه ، واستجابوا لأوامره ، وابتعدوا عن نواهيه ، فإنه - عز وجل - لا يرد لهم طلباً ولا يخيب لهم رجاء.

    وقد اختلف أهل التفسير فيمن نزلت فيه هذه الآية :
  • فقال بعضهم: نـزلت في سائل سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، أقريبٌ ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فأنـزل الله: " وإذا سألك عبادي عَني فأني قريبٌ أجيبُ" الآية.
  • فعن الصّلب بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيريّ، عن أبيه، عن جده، أن أعرابيًّا قال: يا رسول اللّه، أقريبٌ ربّنا فنناجيه أم بعيدٌ فنناديه؟ فسكت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فأنزل اللّه: {وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريبٌ أجيب دعوة الدّاع إذا دعان}.
  • وقال عبد الرّزّاق: عن الحسن، قال: سأل أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم [النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم]: أين ربّنا؟ فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريبٌ أجيب دعوة الدّاع إذا دعان} الآية.
  • وقال آخرون: بل نـزلت جوابًا لمسألة قومٍ سَألوا النبي صلى الله عليه وسلم: أيّ ساعة يدعون الله فيها؟
  • قال ابن جريج عن عطاءٍ: أنّه بلغه لمّا نزلت: {وقال ربّكم ادعوني أستجب لكم} قال النّاس: لو نعلم أيّ ساعةٍ ندعو؟ فنزلت: {وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريبٌ أجيب دعوة الدّاع إذا دعان}
وإذا سألك عبادي عني :وإذا سألك يا محمد عبادي عن معبودهم .
عبادي: والعباد الذين أضيفوا إلى ضمير الجلالة هم المؤمنون لأن سياق الآيات في بيان أحكام الصوم ولوازمه وجزائه وهو من شعار أهل الإسلام ، وقد وصفهم بأشرف وصف وهو وصف عبوديتهم له سبحانه وأضافهم لنفسه الشريفة فهو سبحانه خالقهم ومالكهم ومدبر أمورهم .
فإني قريب :لم يصدر الجواب بـــ "قل أو فقل" كما وقع في أجوبة المسائل الواردة في آيات أخرى ، نحو ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً ) بل تولى - سبحانه - جوابهم بنفسه إشعاراً بفرط قربه منهم ، ومعيته لكل سائل بحيث لا تتوقف إجابته على وجود واسطة بينه وبين السائلين ، فهو سبحانه الرقيب الشهيد, المطلع على السر وأخفى, يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور،القريب من عباده بعلمه وسمعه وبصره وإفضاله وإنعامه وإجابة دعائهم .
  • قال الإمام أحمد: عن أبي موسى الأشعريّ، قال: كنّا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في غزاة فجعلنا لا نصعد شرفًا، ولا نعلو شرفًا، ولا نهبط واديًا إلّا رفعنا أصواتنا بالتّكبير. قال: فدنا منّا فقال: "يا أيّها النّاس، أربعوا على أنفسكم؛ فإنّكم لا تدعون أصمّ ولا غائبًا، إنّما تدعون سميعًا بصيرًا، إنّ الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته. يا عبد اللّه بن قيسٍ، ألا أعلّمك كلمةً من كنوز الجنّة؟ لا حول ولا قوّة إلّا باللّه".
  • وعنه أيضا ، عن أنسٍ رضي اللّه عنه: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "يقول اللّه تعالى: أنا عند ظنّ عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني".
وعنه كذلك : عن أبو هريرة: أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "قال اللّه: أنا مع عبدي ما ذكرني، وتحرّكت بي شفتاه".
أجيب دعوة الداع إذا دعان :ومن صور قربه تعالى أنه يجيب دعوة الداع إذا دعاه .
والدعاء نوعان :
  • دعاء العبادة : والمعنى أن الله تعالى يقبل عبادة عبده إذا أخلصها له وحده وكانت على هدي الحبيب صلى الله عليه وسلم ، والإجابة هنا تكون بمعنى القبول .
  • دعاء المسألة : أن الله تعالى يجيب أي يستجيب لمسألة عبده ولكن استجابة الله الدعاء لا تكون على إطلاقها ولكن لابد لها من تحقق آداب الدعاء ومنها :
1- عدم الاعتداء عامة وفي الدعاء خاصة :
وذلك لقوله تعالى : {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ }
فلا يقبل الدعاء من آحل الحرام وما في معناه فقد قال صلى الله عليه وسلم : الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك.
وكذلك لا يقبل الدعاء ممن دعا بإثم .
  • قال عبد اللّه بن الإمام أحمد: عن جبير بن نفيرٍ، أنّ عبادة بن الصّامت حدّثهم أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ما على ظهر الأرض من رجلٍ مسلم يدعو اللّه، عزّ وجلّ، بدعوةٍ إلّا آتاه اللّه إيّاها، أو كفّ عنه من السّوء مثلها، ما لم يدع بإثمٍ أو قطيعة رحمٍ".
2- عدم التعجّل في الإجابة :
  • قال مسلمٌ عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثمٍ أو قطيعة رحمٍ ما لم يستعجل". قيل: يا رسول اللّه، ما الاستعجال؟ قال: "يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك، ويترك الدّعاء".
    - وقال الإمام أحمد: عن أنسٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لا يزال العبد بخيرٍ ما لم يستعجل". قالوا: وكيف يستعجل؟ قال: "يقول: قد دعوت ربّي فلم يستجب لي".
3- اليقين وعدم القنوط من إجابة الدعاء :
روى ابن جرير في تفسيره: عن عائشة، رضي اللّه عنها، أنّها قالت: ما من عبد مؤمنٍ يدعو اللّه بدعوةٍ فتذهب، حتّى تعجّل له في الدّنيا أو تدّخر له في الآخرة، إذا لم يعجّل أو يقنط. قال عروة: قلت: يا أمّاه كيف عجلته وقنوطه؟ قالت: يقول: سألت فلم أعط، ودعوت فلم أجب.
4- حضور القلب وعدم غفلته :
فالدعاء عبادة يتوقف على قبولها حضور القلب ونقاءه وعدم غفلته .
قال الإمام أحمد: عن عبد اللّه بن عمرٍو، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم قال: "القلوب أوعيةٌ، وبعضها أوعى من بعضٍ، فإذا سألتم اللّه أيّها النّاس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإنّه لا يستجيب لعبدٍ دعاه عن ظهر قلبٍ غافلٍ".


والدعاء من أجلّ العبادات وأحبها إلى الله عز وجل فقد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه " العبادة " فعن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الدعاء هو العبادةفمع الدعاء يتحلل المرء ويتبرأ من حوله وقوته معلناً افتقاره وفاقته وضعفه وأن الأمر كله بيد الله وحده ، فحتى وإن كان دعاء مسألة فهو يحوي العديد من العبادات القلبية التي يحبها الله ويرضاها كالخضوع والاستكانة والافتقار والإخلاص والتعظيم لله تبارك وتعالى وحده ، وقد أمرنا لله تعالى به وحضّنا عليه ، بل وقد توعد على من لم يأت به ،قوله تعالى :{إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}

وجاءت الآية ترغب في الدعاء وتبين أن الله يجيبه وأنه لا يضيع عنده عز وجل ، فالداعي في كل أحواله خير ، لأن الدعاء عبادة كما ذكرنا فالداعي مستفيد وإن لم يستجب له ، فإذا دعا المسلم ربه فإنه لا يخلو الحال من ثلاثة أمور جاء ذكرها في قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ما من مسلم يدعو الله عز وجل بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال ، إما أن يعجل له دعوته ، وإما أن يدخرها له في الأخرى ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها ، قالوا : إذا نكثر ، قال : الله أكثر ) رواه أحمد ..

وعنه : عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "إنّ اللّه تعالى ليستحيي أن يبسط العبد إليه يديه يسأله فيهما خيرًا فيردّهما خائبتين".


وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدّعاء، متخلّلةً بين أحكام الصّيام، إرشادٌ إلى الاجتهاد في الدّعاء عند إكمال العدّة، بل وعند كلّ فطرٍ، كما رواه الإمام أبو داود الطّيالسيّ في مسنده:

حدّثنا أبو محمّدٍ المليكيّ، عن عمرو -هو ابن شعيب بن محمّد بن عبد اللّه بن عمرٍو، عن أبيه، عن جدّه عبد اللّه بن عمرٍو، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول: "للصّائم عند إفطاره دعوةٌ مستجابةٌ". فكان عبد اللّه بن عمرٍو إذ أفطر دعا أهله، وولده ودعا.


كما أن فيها إيماء إلى أن الصائم مرجوُّ الإجابة ، وإلى أن شهر رمضان مرجوة دعواته ، وإلى مشروعية الدعاء عند انتهاء كل يوم من رمضان


المجموعة الثانية:
1: حرّر القول في المسائل التالية:
أ: مرجع الهاء في قوله تعالى: {وآتى المال على حبه}.
ذكر في مرجع الضمير هنا 4 أقوال :
القول الأول : أن الضمير يرجع على المال ويكون المصدر مضاف إلى المفعول وعائد على أقرب مذكور … ذكره ابن عطية وبه قال ابن كثير واستدل له ابن كثير بقوله تعالى: {ويطعمون الطّعام على حبّه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا * إنّما نطعمكم لوجه اللّه لا نريد منكم جزاءً ولا شكورًا}
وقوله : {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون}
وقوله: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ}
وبما ثبت في الصّحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعًا: «أفضل الصّدقة أن تصدّق وأنت صحيحٌ شحيحٌ، تأمل الغنى، وتخشى الفقر».
وما رواه الحاكم في مستدركه، ابن مسعودٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:«{وآتى المال على حبّه}أن تعطيه وأنت صحيحٌ شحيحٌ، تأمل الغنى وتخشى الفقر». ثمّ قال: صحيحٌ على شرط الشّيخين، ولم يخرّجاه.
القول الثاني : أن يرجع الضمير على الإيتاء أي في وقت حاجة من الناس وفاقة، وفإيتاء المال محبب إليهم … ذكره ابن عطية .
القول الثالث :أن يعود الضمير على اسم الله تعالى من قوله: {من آمن باللّه} أي من تصدق محبة في الله تعالى وطاعاته …. ذكره ابن عطية .
القول الرابع : أن يرجع على الضميرالمستكن في آتى أي على حبه المال، فالمصدر مضاف إلى الفاعل …. ذكره ابن عطية .

ب:معنى قوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}.
شهد : بمعنى حضر .
والمعنى : من كان حاضراً غير مسافر ولا مريض حين دخل شهر رمضان ؛ وجب وتحتم عليه الصيام .
وهذه الآية ناسخة لآية الإباحة في قوله : {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} لمن كان صحيحًا مقيمًا أن يفطر ويفدي بإطعام مسكينٍ عن كلّ يومٍ ، وذلك عند قول من قال بالنسخ .
وقيل في وجوب الصيام مع شهود الشهر أقوال :
1- من حضر دخول الشهر وكان مقيما في أوله فليكمل صيامه سافر بعد ذلك أو أقام وإنما يفطر في السفر من دخل عليه رمضان وهو في سفر ...ذكره ابن عطية عن علي بن أبي طالب وابن عباس وعبيدة السلماني وذكره ابن كثير وغرّبه واعلّه وقال أن أبو محمّد بن حزمٍ نقله في كتابه المحلى، عن جماعةٍ من الصّحابة والتّابعين. وفيما حكاه عنهم نظرٌ، واللّه أعلم.
وأنّه قد ثبتت السّنّة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه خرج في شهر رمضان لغزوة الفتح، فسار حتّى بلغ الكديد، ثمّ أفطر، وأمر النّاس بالفطر... أخرجه صاحبا الصّحيح.

2- «من شهد أول الشهر أو آخره فليصم ما دام مقيما »ذكره ابن عطية وذكر أنه قول جمهور الأمة .
3- «من شهد الشهر بشروط التكليف غير مجنون ولا مغمى عليه فليصمه، ومن دخل عليه رمضان وهو مجنون وتمادى به طول الشهر فلا قضاء عليه لأنه لم يشهد الشهر بصفة يجب بها الصيام، ومن جن أول الشهر أو آخره فإنه يقضي أيام جنونه»، قاله أبو حنيفة وأصحابه وذكره ابن عطية .


2: بيّن ما يلي:
أ: هل قوله تعالى في حكم القصاص: {الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنتثى} منسوخ أم محكم؟

قيل أنها منسوخة بقوله تعالى :{النّفس بالنّفس}، رواه ابن كثير عن ابن عباس وعن أبي مالك وهو ما عليه الجمهور .
وذلك أنّهم كانوا لا يقتلون الرّجل بالمرأة، ولكن يقتلون الرّجل بالرّجل، والمرأة بالمرأة فأنزل اللّه: النّفس بالنّفس والعين بالعين،
أما في قتل الأحرار بالعبيد فذكرت أقوال :
1- جعل الأحرار في القصاص سواءً فيما بينهم من العمد رجالهم ونساؤهم في النّفس، وفيما دون النّفس، وجعل العبيد مستوين فيما بينهم من العمد في النفس وفيما دون النفس رجالهم ونساؤهم … ذكره بن كثير .
2- أنّ الحرّ يقتل بالعبد لعموم آية المائدة …. ذكره ابن كثير عن أبي حنيفة الثّوريّ وابن أبي ليلى وداود، وهو مرويٌّ عن عليٍّ، وابن مسعودٍ، وسعيد بن المسيّب، وإبراهيم النّخعيّ، وقتادة، والحكم، وقال البخاريّ، وعليّ بن المدينيّ وإبراهيم النّخعيّ والثّوريّ في روايةٍ عنه: «ويقتل السّيّد بعبده»؛ لعموم حديث الحسن عن سمرة: «من قتل عبده قتلناه، ومن جذعه جذعناه، ومن خصاه خصيناه»
3- «لا يقتل الحرّ بالعبد؛ لأنّ العبد سلعةٌ لو قتل خطأً لم تجب فيه ديةٌ، وإنّما تجب فيه قيمته، وأنّه لا يقاد بطرفه ففي النّفس بطريق أولى»…...ذكره ابن كثير عن الجمهور .

وقد أورد ابن كثير عن الحسن وعطاءٌ: «لا يقتل الرّجل بالمرأة لهذه الآية» .
وعن اللّيث: «إذا قتل الرّجل امرأته لا يقتل بها خاصّةً».
وبهذا القول يكونوا قد خالفوا القول بالنسخ والذي عليه الجمهور ، وذلك لقوله عليه السّلام: «المسلمون تتكافأ دماؤهم»


ب: حكم الصيام في السفر.
قيل في هذه المسألة عدة أقوال :
القول الأول : وجوب الصيام في السفر … ذكره ابن كثير عن جماعة من الصحابة والتابعين لم يسمهم واستدل له بقوله :{فعدّةٌ من أيّامٍ أخر}.
القول الثاني : أن الأمر على التخيير وليس فيه وجوب … ذكره ابن كثير واستدل له بما ثبت في الصّحيحين عن أبي الدّرداء [قال] خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم [في شهر رمضان] في حرٍّ شديدٍ، حتّى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه [من شدّة الحرّ] وما فينا صائمٌ إلّا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وعبد اللّه بن رواحة.
القول الثالث :الصّيام في السّفر أفضل من الإفطار، لفعل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كما تقدّم….. ذكره ابن كثير
القول الرابع : الإفطار أفضل، أخذًا بالرّخصة، … ذكره ابن كثير واستدل له بما ثبت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أنه سئل عن الصّوم في السّفر، فقال: "من أفطر فحسن، ومن صام فلا جناح عليه".
وبقوله : "عليكم برخصة اللّه التي رخّص لكم"
القول الخامس : أنهما سواء في الأفضلية … ذكره أيضا بن كثير واستدل له بحديث عائشة: أن حمرة بن عمرٍو الأسلميّ قال: يا رسول اللّه، إنّي كثير الصّيام، أفأصوم في السّفر؟ فقال: "إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر". وهو في الصّحيحين.
القول السادس : إن شقّ الصّيام فالإفطار أفضل …. ذكره ابن كثير واستدل له بحديث جابرٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رأى رجلًا قد ظلّل عليه، فقال: "ما هذا؟ " قالوا: صائمٌ، فقال: " ليس من البرّ الصّيام في السّفر". أخرجاه.
القول السابع : يتعيّن الإفطار ويحرم الصّيام على المسافر فيمن رغب عن السّنّة، ورأى أنّ الفطر مكروهٌ إليه، ، ذكره ابن كثير واستدل له بما جاء في مسند الإمام أحمد وغيره، عن ابن عمر وجابرٍ، وغيرهما: من لم يقبل رخصة اللّه كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة.


ج: متعلّق الاعتداء في قوله تعالى: {فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم}.
أي من اعتدى بعد أخذ الدية أو قبولها وسقوط الدم … حاصل ما ذكره المفسرون الثلاثة عن ابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، وعطاءٍ، وعكرمة، والحسن، وقتادة، والرّبيع بن أنسٍ، والسّدّيّ، ومقاتل بن حيّان… واستدل له ابن كثير بما رواه أحمد عن أبي شريحٍ الخزاعيّ: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «من أصيب بقتلٍ أو خبل فإنّه يختار إحدى ثلاثٍ: إمّا أن يقتصّ، وإمّا أن يعفو، وإمّا أن يأخذ الدّية؛ فإن أراد الرّابعة فخذوا على يديه. ومن اعتدى بعد ذلك فله نار جهنّم خالدًا فيها»
وبما روى سعيد بن أبي عروبة عن سمرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: «لا أعافي رجلًا قتل بعد أخذ الدّية» -يعني: لا أقبل منه الدّية -بل أقتله)

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17 رجب 1439هـ/2-04-2018م, 11:11 AM
حنان بدوي حنان بدوي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: إسكندرية - مصر
المشاركات: 392
افتراضي

عذرا فقد فاتني جزء في تفسير الآية فأدرجته هنا

(عامّ لجميع الطلاب)

اكتب رسالة تفسيرية مختصرة تبيّن فيها فضل الدعاء وآدابه من خلال تفسير قول الله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} الآية.

تفسير قول الله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} الآية.

  • في هذه الآية الكريمة التفات من مخاطبة المؤمنين بأحكام الصيام وهو من العبادات البدنية ؛ إلى مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم بأن يذكرهم ويعلمهم ما يجب عليهم مراعاته في سائر عبادتهم القلبية من الإِخلاص والأدب والتوجه إلى الله وحده بالسؤال لأنه وحده الذي يعلم حالهم ويجيب سؤالهم ، وبيّن أن العباد إذا حافظوا على فرائضه ، واستجابوا لأوامره ، وابتعدوا عن نواهيه ، فإنه - عز وجل - لا يرد لهم طلباً ولا يخيب لهم رجاء.

    وقد اختلف أهل التفسير فيمن نزلت فيه هذه الآية :
  • فقال بعضهم: نـزلت في سائل سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، أقريبٌ ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فأنـزل الله: " وإذا سألك عبادي عَني فأني قريبٌ أجيبُ" الآية.
  • فعن الصّلب بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيريّ، عن أبيه، عن جده، أن أعرابيًّا قال: يا رسول اللّه، أقريبٌ ربّنا فنناجيه أم بعيدٌ فنناديه؟ فسكت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فأنزل اللّه: {وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريبٌ أجيب دعوة الدّاع إذا دعان}.
  • وقال عبد الرّزّاق: عن الحسن، قال: سأل أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم [النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم]: أين ربّنا؟ فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريبٌ أجيب دعوة الدّاع إذا دعان} الآية.
  • وقال آخرون: بل نـزلت جوابًا لمسألة قومٍ سَألوا النبي صلى الله عليه وسلم: أيّ ساعة يدعون الله فيها؟
  • قال ابن جريج عن عطاءٍ: أنّه بلغه لمّا نزلت: {وقال ربّكم ادعوني أستجب لكم} قال النّاس: لو نعلم أيّ ساعةٍ ندعو؟ فنزلت: {وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريبٌ أجيب دعوة الدّاع إذا دعان}
وإذا سألك عبادي عني :وإذا سألك يا محمد عبادي عن معبودهم .
عبادي: والعباد الذين أضيفوا إلى ضمير الجلالة هم المؤمنون لأن سياق الآيات في بيان أحكام الصوم ولوازمه وجزائه وهو من شعار أهل الإسلام ، وقد وصفهم بأشرف وصف وهو وصف عبوديتهم له سبحانه وأضافهم لنفسه الشريفة فهو سبحانه خالقهم ومالكهم ومدبر أمورهم .
فإني قريب :لم يصدر الجواب بـــ "قل أو فقل" كما وقع في أجوبة المسائل الواردة في آيات أخرى ، نحو ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً ) بل تولى - سبحانه - جوابهم بنفسه إشعاراً بفرط قربه منهم ، ومعيته لكل سائل بحيث لا تتوقف إجابته على وجود واسطة بينه وبين السائلين ، فهو سبحانه الرقيب الشهيد, المطلع على السر وأخفى, يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور،القريب من عباده بعلمه وسمعه وبصره وإفضاله وإنعامه وإجابة دعائهم .
  • قال الإمام أحمد: عن أبي موسى الأشعريّ، قال: كنّا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في غزاة فجعلنا لا نصعد شرفًا، ولا نعلو شرفًا، ولا نهبط واديًا إلّا رفعنا أصواتنا بالتّكبير. قال: فدنا منّا فقال: "يا أيّها النّاس، أربعوا على أنفسكم؛ فإنّكم لا تدعون أصمّ ولا غائبًا، إنّما تدعون سميعًا بصيرًا، إنّ الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته. يا عبد اللّه بن قيسٍ، ألا أعلّمك كلمةً من كنوز الجنّة؟ لا حول ولا قوّة إلّا باللّه".
  • وعنه أيضا ، عن أنسٍ رضي اللّه عنه: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "يقول اللّه تعالى: أنا عند ظنّ عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني".
وعنه كذلك : عن أبو هريرة: أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "قال اللّه: أنا مع عبدي ما ذكرني، وتحرّكت بي شفتاه".
أجيب دعوة الداع إذا دعان :ومن صور قربه تعالى أنه يجيب دعوة الداع إذا دعاه .
والدعاء نوعان :
  • دعاء العبادة : والمعنى أن الله تعالى يقبل عبادة عبده إذا أخلصها له وحده وكانت على هدي الحبيب صلى الله عليه وسلم ، والإجابة هنا تكون بمعنى القبول .
  • دعاء المسألة : أن الله تعالى يجيب أي يستجيب لمسألة عبده ولكن استجابة الله الدعاء لا تكون على إطلاقها ولكن لابد لها من تحقق آداب الدعاء ومنها :
1- عدم الاعتداء عامة وفي الدعاء خاصة :
وذلك لقوله تعالى : {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ }
فلا يقبل الدعاء من آحل الحرام وما في معناه فقد قال صلى الله عليه وسلم : الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك.
وكذلك لا يقبل الدعاء ممن دعا بإثم .
  • قال عبد اللّه بن الإمام أحمد: عن جبير بن نفيرٍ، أنّ عبادة بن الصّامت حدّثهم أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ما على ظهر الأرض من رجلٍ مسلم يدعو اللّه، عزّ وجلّ، بدعوةٍ إلّا آتاه اللّه إيّاها، أو كفّ عنه من السّوء مثلها، ما لم يدع بإثمٍ أو قطيعة رحمٍ".
2- عدم التعجّل في الإجابة :
  • قال مسلمٌ عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثمٍ أو قطيعة رحمٍ ما لم يستعجل". قيل: يا رسول اللّه، ما الاستعجال؟ قال: "يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك، ويترك الدّعاء".
    - وقال الإمام أحمد: عن أنسٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لا يزال العبد بخيرٍ ما لم يستعجل". قالوا: وكيف يستعجل؟ قال: "يقول: قد دعوت ربّي فلم يستجب لي".
3- اليقين وعدم القنوط من إجابة الدعاء :
روى ابن جرير في تفسيره: عن عائشة، رضي اللّه عنها، أنّها قالت: ما من عبد مؤمنٍ يدعو اللّه بدعوةٍ فتذهب، حتّى تعجّل له في الدّنيا أو تدّخر له في الآخرة، إذا لم يعجّل أو يقنط. قال عروة: قلت: يا أمّاه كيف عجلته وقنوطه؟ قالت: يقول: سألت فلم أعط، ودعوت فلم أجب.
4- حضور القلب وعدم غفلته :
فالدعاء عبادة يتوقف على قبولها حضور القلب ونقاءه وعدم غفلته .
قال الإمام أحمد: عن عبد اللّه بن عمرٍو، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم قال: "القلوب أوعيةٌ، وبعضها أوعى من بعضٍ، فإذا سألتم اللّه أيّها النّاس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإنّه لا يستجيب لعبدٍ دعاه عن ظهر قلبٍ غافلٍ".


والدعاء من أجلّ العبادات وأحبها إلى الله عز وجل فقد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه " العبادة " فعن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الدعاء هو العبادة فمع الدعاء يتحلل المرء ويتبرأ من حوله وقوته معلناً افتقاره وفاقته وضعفه وأن الأمر كله بيد الله وحده ، فحتى وإن كان دعاء مسألة فهو يحوي العديد من العبادات القلبية التي يحبها الله ويرضاها كالخضوع والاستكانة والافتقار والإخلاص والتعظيم لله تبارك وتعالى وحده ، وقد أمرنا لله تعالى به وحضّنا عليه ، بل وقد توعد على من لم يأت به ،قوله تعالى :{إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}

{فليستجيبوا لي } أي: فليجيبوني فيما أمرتهم به من الإيمان بالطاعة والعمل الصالح ، وليطلبوا مني أن أجيبهم سؤلهم .
{وليؤمنوا بي}: دعوة وأمر إلى الإيمان عموماً ، وإلى أن يؤمنوا به تعالى في إجابة دعائهم وتحقيق رجاءهم .
{لعلهم يرشدون }:أي: يحصل لهم الرشد الذي هو الهداية للإيمان والأعمال الصالحة, ويزول عنهم الغي المنافي للإيمان والأعمال الصالحة. ولأن الإيمان بالله والاستجابة لأمره, سبب لحصول العلم كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا.. } الآية

والاستجابة لله والإيمان به على الوجه الذي يرضيه من أهم ما يستجلب به رضا الرب - تبارك وتعالى - ومن ثم استجابته لدعاء الداع ، فالله يتولى أولياءه وينصرهم ويؤيدهم ويستجيب دعائهم ويسخر لهم ما يعينهم .


وجاءت الآية ترغب في الدعاء وتبين أن الله يجيبه وأنه لا يضيع عنده عز وجل ، فالداعي في كل أحواله خير ، لأن الدعاء عبادة كما ذكرنا فالداعي مستفيد وإن لم يستجب له ، فإذا دعا المسلم ربه فإنه لا يخلو الحال من ثلاثة أمور جاء ذكرها في قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ما من مسلم يدعو الله عز وجل بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال ، إما أن يعجل له دعوته ، وإما أن يدخرها له في الأخرى ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها ، قالوا : إذا نكثر ، قال : الله أكثر ) رواه أحمد ..

وعنه : عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "إنّ اللّه تعالى ليستحيي أن يبسط العبد إليه يديه يسأله فيهما خيرًا فيردّهما خائبتين".


وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدّعاء، متخلّلةً بين أحكام الصّيام، إرشادٌ إلى الاجتهاد في الدّعاء عند إكمال العدّة، بل وعند كلّ فطرٍ، كما رواه الإمام أبو داود الطّيالسيّ في مسنده:

حدّثنا أبو محمّدٍ المليكيّ، عن عمرو -هو ابن شعيب بن محمّد بن عبد اللّه بن عمرٍو، عن أبيه، عن جدّه عبد اللّه بن عمرٍو، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول: "للصّائم عند إفطاره دعوةٌ مستجابةٌ". فكان عبد اللّه بن عمرٍو إذ أفطر دعا أهله، وولده ودعا.


كما أن فيها إيماء إلى أن الصائم مرجوُّ الإجابة ، وإلى أن شهر رمضان مرجوة دعواته ، وإلى مشروعية الدعاء عند انتهاء كل يوم من رمضان


المجموعة الثانية:
1: حرّر القول في المسائل التالية:
أ: مرجع الهاء في قوله تعالى: {وآتى المال على حبه}.
ذكر في مرجع الضمير هنا 4 أقوال :
القول الأول : أن الضمير يرجع على المال ويكون المصدر مضاف إلى المفعول وعائد على أقرب مذكور … ذكره ابن عطية وبه قال ابن كثير واستدل له ابن كثير بقوله تعالى: {ويطعمون الطّعام على حبّه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا * إنّما نطعمكم لوجه اللّه لا نريد منكم جزاءً ولا شكورًا}
وقوله : {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون}
وقوله: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ}
وبما ثبت في الصّحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعًا: «أفضل الصّدقة أن تصدّق وأنت صحيحٌ شحيحٌ، تأمل الغنى، وتخشى الفقر».
وما رواه الحاكم في مستدركه، ابن مسعودٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:«{وآتى المال على حبّه}أن تعطيه وأنت صحيحٌ شحيحٌ، تأمل الغنى وتخشى الفقر». ثمّ قال: صحيحٌ على شرط الشّيخين، ولم يخرّجاه.
القول الثاني : أن يرجع الضمير على الإيتاء أي في وقت حاجة من الناس وفاقة، وفإيتاء المال محبب إليهم … ذكره ابن عطية .
القول الثالث :أن يعود الضمير على اسم الله تعالى من قوله: {من آمن باللّه} أي من تصدق محبة في الله تعالى وطاعاته …. ذكره ابن عطية .
القول الرابع : أن يرجع على الضميرالمستكن في آتى أي على حبه المال، فالمصدر مضاف إلى الفاعل …. ذكره ابن عطية .

ب:معنى قوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}.
شهد : بمعنى حضر .
والمعنى : من كان حاضراً غير مسافر ولا مريض حين دخل شهر رمضان ؛ وجب وتحتم عليه الصيام .
وهذه الآية ناسخة لآية الإباحة في قوله : {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} لمن كان صحيحًا مقيمًا أن يفطر ويفدي بإطعام مسكينٍ عن كلّ يومٍ ، وذلك عند قول من قال بالنسخ .
وقيل في وجوب الصيام مع شهود الشهر أقوال :
1- من حضر دخول الشهر وكان مقيما في أوله فليكمل صيامه سافر بعد ذلك أو أقام وإنما يفطر في السفر من دخل عليه رمضان وهو في سفر ...ذكره ابن عطية عن علي بن أبي طالب وابن عباس وعبيدة السلماني وذكره ابن كثير وغرّبه واعلّه وقال أن أبو محمّد بن حزمٍ نقله في كتابه المحلى، عن جماعةٍ من الصّحابة والتّابعين. وفيما حكاه عنهم نظرٌ، واللّه أعلم.
وأنّه قد ثبتت السّنّة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه خرج في شهر رمضان لغزوة الفتح، فسار حتّى بلغ الكديد، ثمّ أفطر، وأمر النّاس بالفطر... أخرجه صاحبا الصّحيح.

2- «من شهد أول الشهر أو آخره فليصم ما دام مقيما »ذكره ابن عطية وذكر أنه قول جمهور الأمة .
3- «من شهد الشهر بشروط التكليف غير مجنون ولا مغمى عليه فليصمه، ومن دخل عليه رمضان وهو مجنون وتمادى به طول الشهر فلا قضاء عليه لأنه لم يشهد الشهر بصفة يجب بها الصيام، ومن جن أول الشهر أو آخره فإنه يقضي أيام جنونه»، قاله أبو حنيفة وأصحابه وذكره ابن عطية .


2: بيّن ما يلي:
أ: هل قوله تعالى في حكم القصاص: {الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنتثى} منسوخ أم محكم؟

قيل أنها منسوخة بقوله تعالى :{النّفس بالنّفس}، رواه ابن كثير عن ابن عباس وعن أبي مالك وهو ما عليه الجمهور .
وذلك أنّهم كانوا لا يقتلون الرّجل بالمرأة، ولكن يقتلون الرّجل بالرّجل، والمرأة بالمرأة فأنزل اللّه: النّفس بالنّفس والعين بالعين،
أما في قتل الأحرار بالعبيد فذكرت أقوال :
1- جعل الأحرار في القصاص سواءً فيما بينهم من العمد رجالهم ونساؤهم في النّفس، وفيما دون النّفس، وجعل العبيد مستوين فيما بينهم من العمد في النفس وفيما دون النفس رجالهم ونساؤهم … ذكره بن كثير .
2- أنّ الحرّ يقتل بالعبد لعموم آية المائدة …. ذكره ابن كثير عن أبي حنيفة الثّوريّ وابن أبي ليلى وداود، وهو مرويٌّ عن عليٍّ، وابن مسعودٍ، وسعيد بن المسيّب، وإبراهيم النّخعيّ، وقتادة، والحكم، وقال البخاريّ، وعليّ بن المدينيّ وإبراهيم النّخعيّ والثّوريّ في روايةٍ عنه: «ويقتل السّيّد بعبده»؛ لعموم حديث الحسن عن سمرة: «من قتل عبده قتلناه، ومن جذعه جذعناه، ومن خصاه خصيناه»
3- «لا يقتل الحرّ بالعبد؛ لأنّ العبد سلعةٌ لو قتل خطأً لم تجب فيه ديةٌ، وإنّما تجب فيه قيمته، وأنّه لا يقاد بطرفه ففي النّفس بطريق أولى»…...ذكره ابن كثير عن الجمهور .

وقد أورد ابن كثير عن الحسن وعطاءٌ: «لا يقتل الرّجل بالمرأة لهذه الآية» .
وعن اللّيث: «إذا قتل الرّجل امرأته لا يقتل بها خاصّةً».
وبهذا القول يكونوا قد خالفوا القول بالنسخ والذي عليه الجمهور ، وذلك لقوله عليه السّلام: «المسلمون تتكافأ دماؤهم»


ب: حكم الصيام في السفر.
قيل في هذه المسألة عدة أقوال :
القول الأول : وجوب الصيام في السفر … ذكره ابن كثير عن جماعة من الصحابة والتابعين لم يسمهم واستدل له بقوله :{فعدّةٌ من أيّامٍ أخر}.
القول الثاني : أن الأمر على التخيير وليس فيه وجوب … ذكره ابن كثير واستدل له بما ثبت في الصّحيحين عن أبي الدّرداء [قال] خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم [في شهر رمضان] في حرٍّ شديدٍ، حتّى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه [من شدّة الحرّ] وما فينا صائمٌ إلّا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وعبد اللّه بن رواحة.
القول الثالث :الصّيام في السّفر أفضل من الإفطار، لفعل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كما تقدّم….. ذكره ابن كثير
القول الرابع : الإفطار أفضل، أخذًا بالرّخصة، … ذكره ابن كثير واستدل له بما ثبت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أنه سئل عن الصّوم في السّفر، فقال: "من أفطر فحسن، ومن صام فلا جناح عليه".
وبقوله : "عليكم برخصة اللّه التي رخّص لكم"
القول الخامس : أنهما سواء في الأفضلية … ذكره أيضا بن كثير واستدل له بحديث عائشة: أن حمرة بن عمرٍو الأسلميّ قال: يا رسول اللّه، إنّي كثير الصّيام، أفأصوم في السّفر؟ فقال: "إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر". وهو في الصّحيحين.
القول السادس : إن شقّ الصّيام فالإفطار أفضل …. ذكره ابن كثير واستدل له بحديث جابرٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رأى رجلًا قد ظلّل عليه، فقال: "ما هذا؟ " قالوا: صائمٌ، فقال: " ليس من البرّ الصّيام في السّفر". أخرجاه.
القول السابع : يتعيّن الإفطار ويحرم الصّيام على المسافر فيمن رغب عن السّنّة، ورأى أنّ الفطر مكروهٌ إليه، ، ذكره ابن كثير واستدل له بما جاء في مسند الإمام أحمد وغيره، عن ابن عمر وجابرٍ، وغيرهما: من لم يقبل رخصة اللّه كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة.


ج: متعلّق الاعتداء في قوله تعالى: {فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم}.
أي من اعتدى بعد أخذ الدية أو قبولها وسقوط الدم … حاصل ما ذكره المفسرون الثلاثة عن ابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، وعطاءٍ، وعكرمة، والحسن، وقتادة، والرّبيع بن أنسٍ، والسّدّيّ، ومقاتل بن حيّان… واستدل له ابن كثير بما رواه أحمد عن أبي شريحٍ الخزاعيّ: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «من أصيب بقتلٍ أو خبل فإنّه يختار إحدى ثلاثٍ: إمّا أن يقتصّ، وإمّا أن يعفو، وإمّا أن يأخذ الدّية؛ فإن أراد الرّابعة فخذوا على يديه. ومن اعتدى بعد ذلك فله نار جهنّم خالدًا فيها»
وبما روى سعيد بن أبي عروبة عن سمرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: «لا أعافي رجلًا قتل بعد أخذ الدّية» -يعني: لا أقبل منه الدّية -بل أقتله)

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25 رجب 1439هـ/10-04-2018م, 02:07 AM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

عامّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة تفسيرية مختصرة تبيّن فيها فضل الدعاء وآدابه من خلال تفسير قول الله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} الآية.

إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهدِ الله تعالى فلا مضل له ومن يضلل فلا هاديَ له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أما بعد:
إن الله تعالى يحب أن يُسأل ويُرغبَ إليه في كل شيء ويغضب على من لم يسأله ويستدعي من عباده سؤاله قال الله تعالى : ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم
وقال:{وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} الآية.

وللدعاء من الدين منزلة عالية رفيعة حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الدعاء هو العبادة )



وللدعاء آداب يجب التحلي بها منها.
1--أن يكون الداعي موحداً لله تعالى في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ، ممتلئاً قلبه بالتوحيد ، فشرط إجابة الله للدعاء : استجابة العبد لربه بطاعته وترك معصيته ، كما قال الله تعالى: ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) .
2- الإخلاص لله تعالى في الدعاء ،كما قال تعالى { فليستجيبوا لي .} فتعين وتخصيص للاستجابة لله تفهم عن الإخلاص وعدم الشرك . )
3- استشعار عبودية الله عزوجل..كما قال تعالى :{ عبادي.} يستشعر العبد هذه العبودية أثناء دعائه ربه التي توجب له الذل والخضوع والانكسار بين يد ى الله عزوجل و كما توجب له الثقة بما عبد الله يوم امن ورضي بسيده وخالق ربا
4- أن يسأل اللهَ تعالى بأسمائه الحسنى ، قال الله تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه)
5- اليقين بقرب الله تعالى و بإجابته الدعاء ؛ كما قال تعالى :{ سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ؛} و لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ ٍ )
6- الإكثار من دعاء الله عزوجل ..لأن الله اخبر أنه يجيب من دعاه فليكثر العبد من الدعاء حتى ينال عطايا الله عزوجل
7- . التضرع والخشوع والرغبة والرهبة ، قال الله تعالى : ( ادعوا ربكم تضرعاً وخفية ) وقال : ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين ) ، وقال : ( واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال )

8- الإلحاح في دعاء الله عزوجل وعدم استعجال ....
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الاسْتِعْجَالُ ؟ قَالَ : يَقُولُ : قَدْ دَعَوْتُ ، وَقَدْ دَعَوْتُ ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي ، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ )

9- من أعظم ما يعجل لنيل عطايا الله الإيمان والاستجابة لأوامر..امتثال الأمر واجتناب النهى .كمال قال تعالى :{فليستجيبوا لي فليؤمنوا بي}..فليحرص العبد على المحافظة على إيمانه والزيادة فيه .والمسارعة في امتثال أوامر الله ونيل مراضيه ..

10- عدم رفع الصوت بالدعاء لأن الله قريب سميع..بل هو أقرب لأحدنا من عنق راحلته .كما جاء في الحديث المرفوع.{.. أربعوا على أنفسكم؛ فإنّكم لا تدعون أصمّ ولا غائبًا، إنّما تدعون سميعًا بصيرًا،...}..فليكن دعاء العبد خفيا فهو أحرى للقبول وبعده عن الرياء والسمعة.. قال تعالى : ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية ) .. وأثنى الله تعالى على عبده زكريا عليه السلام بقوله : ( إذ نادى ربه نداءً خفياً)
11- عدم الاعتداء في الدعاء كما قال تعالى : ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين ) ؛ فلا يدعو بإثم ولا قطيعة رحم ،ولا ما ليحق لها شرعا ولا قدرا؛ كأن يدعوا ويطلب أن يكون نبيا أو أن يخلد في الدنيا وغير ذلك
12- يدعو دعاء الجازم الموقن بربه ؛ ولا يدعو دعاء المجرب لربه..فليكن جازما فيه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ ، لِيَعْزِمْ الْمَسْأَلَةَ ، فَإِنَّ اللهَ لا مُكْرِهَ لَهُ ) .
.

فالدعاء العبادة..بل هو الصلة بين العبد وربه..فليحسن العبد هذه العبادة العظيمة..وليكن على الحال والهيئة التي يحبها الله عزوجل.في دعائه وعبادته حتى ينال مراضي ربه


المجموعة الثالثة


:
1: حرّر القول في المسائل التالية:
أ: معنى قوله تعالى: {فمن عفي له من أخيه شيء فاتّباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان}.
ورد فيه أقوال
1- أن" من" يرجع على القاتل..و فاعل عفي "الولي" والمراد ب"شيء" الدم.. وهذا قول ابن عباس وجماعة من العلماء.
وعفي هنا على بابها و الضميرين يرجعان إلى " من"
ومعني الآية أن الولي إذا عفي عن أخيه القاتل ووترك وتجاوز له عن الدم ورضي له بالدية ... فإتباع بالمعروف أي فليكن من طالب الدية إتباع وطلبا لها بالمعروف ؛و ليكن من القاتل أداء لها بإحسان ... ويمكن أن يكون "أخيه" يرجع إلى الولي وعلى كلا الحالين يكون المراد الأخوة إخوة إسلام.

2- وقيل أن " من " راجعة إلى الولي و يكون المراد "بشي "..الدية... ومعنى عفي أي يسر ..والمعنى الولي إن يسير لأخيه القاتل الديةفإتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان.... و عليه الإخوة هنا إخوة إسلام .
و يمكن أن يكون المراد "" أخيه " المقتول ..والمعنى إن يسر الولي للقاتل الدية من قبل أخيه المقتول و بسببه وعليه يكون المراد بالأخوة هنا أخوة نسب و إسلام.

3-
وقيل الآية ترجع إلى ما ورد من سبب نزولها وهو أنه حصل قتال بين الأنصار أو غيرهم من القبائل فقتل رجال ونساء و أحرار وعبيد فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلح بينهما بالمقاصة بالدية على التساوي بين الرجال و النساء والأحرار والعبيد ... فمن حصل لأحد الطرفين عفى بمعنى فضل ..فمعنى عفي هنا فضل .كما يقال عفى الشيء إذا كثر ..
..فإذا كان لأحد الطرفين له فضل في الديات على الطرف الأخر فيكن طلبه له بمعروف و ليؤد له الطرف الثاني ديته بإحسان
4-
قيل أن الآية تتكلم عن فضل الديات بين الرجال والنساء و بين الأحرار و العبيد فكأن أول الآية لم تتداخل الأصناف ثم بعدها تداخلت فإن حصل فضل في الديات فإتباع بالمعروف وأداء إليه.على ما سبق بيانه ..وهنا أيضا عفي بمعنى فضل و زيادة من الدية .
ترجيح:
لا تعارض بين القول الأول و الثاني والمعنى واحد وهو أن ولى الميت عفى و تجاوز و أسقط عن القاتل الدم و رضي له بالدية..وهو الذي ذكره ابن الزجاج وابن كثير وهو الذي رجحه ابن عطية بعد ذكره للأقوال الأربعة
ب: المراد بالأيام المعدودات.
: المراد بالأيام المعدودات.قيل أنها
أولا :رمضان
فقد كان رمضان مفروض النصارى فنقلوه عن وقته، وزادوا فيه. ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
قال الشعبي وغيره: «المعنى كتب عليكم رمضان كما كتب على النصارى»، قال: «فإنه كتب عليهم رمضان فبدلوه لأنهم احتاطوا له بزيادة يوم في أوله ويوم في آخره قرنا بعد قرن حتى بلغوه خمسين يوما، فصعب عليهم في الحر فنقلوه إلى الفصل الشمسي».
ثانيا: ثلاثة أيام من كل شهر..
ذكره ابن عطية عن عطاء و قال زاد في بعض طرقه يوم عاشوراء؛ ثم نسخ هذا في أمة محمد بصيام شهر رمضان..
وقال عطاء: «التشبيه كتب عليكم الصيام ثلاثة أيام من كل شهر».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «وفي بعض الطرق: ويوم عاشوراء كما كتب على الذين من قبلكم ثلاثة أيام من كل شهر ويوم عاشوراء، ثم نسخ هذا في هذه الأمة بشهر رمضان».
.
ثالثا: صياما مطلقا
وقيل كتب عليكم الصيام كصيام بالإطلاق ...تشبيه صيام بصيام .. فهو يكون في أيام معلومة يمتنع فيها الصائم عن الطعام والشراب والجماع في وقت محدد.
الله عزوجل كتب الصيام على كل أمه خلت كما كتب علينا شهرا كاملا ..

2: بيّن ما يلي:
أ: المراد بالإصلاح في قوله تعالى: {فمن خاف من موصٍ جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه}.
بعدما أمر الله عزوجل بالوصية وحث عليها؛ وبين أنه يحرم تغييرها وإبدالها وتوعد من يفعل ذلك بالعذاب الأليم...بين هنا متى يجوز تغيير الوصية وهو في حالة ما يجوز الموصي في وصيته عمدا أو خطأ فلم يعدل ، فخاف الوصي أو الولي من جور وصيته ، فله الحق أن يغيرها ويردها إلى ما يوافق شرع الله عزوجل
{ فأصلح بينهم } بين الورثة بالحق والعدل ، { فلا إثم عليه }.حين غير الوصية

2..يختلف معنى الإصلاح باختلاف المراد بالمصلح:
أولا: أن يكون المصلح هو الموصى نفسه.ليزال حيا لم يمت..فنصحه الناصح وبين له خطأه في الوصية .فقام الموصي بإصلاحه خطئه ..فأصلح بذلك ما بينه وبين ورثته وما بين الورثة في ذاتهم فإن فعل ذلك فلا إثم عليه، إنّ اللّه غفورٌ عن الموصي إذا عملت فيه الموعظة ورجع عما أراد من الإذاية رحيمٌ به.

ثانيا: أن يكون الموصي قد مات...فإن المصلح يقوم بإصلاح ما كان من خلل وخطأ في الوصية..فيقوم بتعديل الوصية وتغييرها
ويعدل عن الذي أوصى به الميّت إلى ما هو أقرب الأشياء إليه وأشبه الأمور به جمعًا بين مقصود الموصي والطّريق الشّرعيّ. وهذا الإصلاح والتّوفيق ليس من التّبديل في شيءٍ.لهذا قال الله تعالى فلا إثم عليه.


ب: حكم الوصيّة في قوله تعالى: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصيّة للوالدين والأقربين} الآية.
3
: حكم الوصيّة.

في قوله تعالى "{ كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين"}
كان أول الأمر قبل أن تنزل آية الميراث .أنه. يجب على العبد إذا شعر بقرب أجله وله مالا سيتركه أن يوصي شيئا منه للوالدين والأقربين..وذكر بعض العلم الإجماع على ذلك...ثم بعدها نزلت آيات الميراث التي في سورة النساء في قوله تعالى "{ يوصيكم الله في أولادكم....}..واختلف أهل العلم في حكم الوصية بعدها
على أقوال:
أولا: أن وجوب الوصية لا نسخ فيها وهى محكمة و توجه ذلك على قولين:
1- أنها من العام الذي يراد به الخصوص.
والمعنى أن الآية خاص بالوالدين الذين لهم مانع من الإرث كالكفر أو الرق؛ وكذا الأقارب الذين ليس لهمنصيب في الميراث. ..فالوصية واجبة في حق هؤلاء...أما من لهم فرض من الميراث ونصيب منهم فآية النساء بينت فرضهم
2- أنها من العام المخصوص .أي..أن آية النساء خصصت آية البقرة
الآية النساء أخرجت حكم الوالدين والأقربين مما لهم فرض أو نصيب من الميراث وأبقت غيرهم في حكم...فيكون الأقربين الذين ليس له نصيب من الميراث الوصية في حقهم واجبة
ثانيا:..نسخ وجوب الوصية..
وتوجه على قولين:
1- أن آية سورة البقرة على العموم محكمة لكن هي مجملة تفسرها آية النساء...والمعنى أن الوصية التي تكون للوالدين والأقربين ما بينه الله لكم في آية الميراث..من سورة النساء ...وعليه يكون المراد بالوصية هو إعطاء حق الوالدين من الميراث المبين في سورة النساء و ..ويكون المراد بالأقربين الذين بينهم الله في سورة النساء والوصية لهم هو ما فرضه الله لهم من أسهم في الميراث .
2- أن أية الوصية بالبقرة منسوخة بآية الميراث في النساء أو بقوله تعالى :{ لا وصية لوارث}..ويكون حكم الوصية هو الندب..فنسخ حكم الوجوب إلى الندب
ترجيح والذي يظهر والعلم عند الله أن وجوب الوصية قد نسخ لكن بقيت مستحبة لغير الورثة كما ورد في الحديث {لا وصية لوارث}.

ج: سبب نزول قوله تعالى: {أحلّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم}.

كان في أول فرض الصيام أنه يحل للصائم إذا أفطر الأكل والشرب و الجماع ما لم ينم أو يصلى العشاء..فإذا نام أو صلى العشاء حرم عليه ذلك إلى الإفطار من اليوم المقبل
فوجد الصحابة في ذلك مشقة..وصعب عليهم تحمل ذلك
فكان بعضهم يتحايل أن يجامع بعد النوم أو بعد صلاة العشاء على خلاف بينهم..مثل ما حصل لعمر ابن الخطاب حيث أنه دخل عل زوجته وطلبها لنفسه فقالت قد نمت فظن أنها تعتل بذلك فلم يقبل منها فقضى حاجته منها ثم تبين بعد له ذلك أنها كانت صادقة فخرج إلى النبي صلى الله عليه و سلم يشتكي صنيعه و قد وقع ذلك لعدد من الصحابة.
فأنزل الله عزوجل الآية
ولفظ البخاريّ هاهنا من طريق أبي إسحاق: سمعت البراء قال: لمّا نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النّساء، رمضان كلّه، وكان رجال يخونون أنفسهم، فأنزل اللّه: {علم اللّه أنّكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم}..

--ومما ورد أيضا في سبب نزولها
أن الصحابي قيس ابن صرمة الأنصاري كان صائما و كان في شغل له فلما أفطر لم يأكل فنام لشدة تعبه فحرم عليه الأكل بعدها فأصبح صائما فأغشيى عليه من يومه الموالى ..أو أن النبي صلى الله عليه و سلم لقيه فوجد منه علامات التعب والإرهاق فلما سأله عن حاله أخبره أنه لم يأكل ولم يفطر البارحة فأنزل الله عزوجل الآية

عن البراء ابن عازبٍ قال: كان أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إذا كان الرّجل صائمًا فنام قبل أن يفطر، لم يأكل إلى مثلها، وإنّ قيس بن صرمة الأنصاريّ كان صائمًا، وكان يومه ذاك يعمل في أرضه، فلمّا حضر الإفطار أتى امرأته فقال: هل عندك طعامٌ؟ قالت: لا ولكن أنطلق فأطلب لك. فغلبته عينه فنام، وجاءت امرأته، فلمّا رأته نائمًا قالت: خيبةٌ لك! أنمت؟ فلمّا انتصف النّهار غشي عليه، فذكر ذلك للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فنزلت هذه الآية: {أحلّ لكم ليلة الصّيام الرّفث إلى نسائكم} إلى قوله: {وكلوا واشربوا حتّى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} ففرحوا بها فرحًا شديدًا.


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 5 شعبان 1439هـ/20-04-2018م, 09:17 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم الثالث عشر من تفسير سورة البقرة
المجموعة الأولى:
كمال بناوي: أ+

2: أ :
وذكر ابن كثير قولا آخرا، أن ذلك كان بسبب بني قريظة والنضير وما كان بينهما من القتال.


المجموعة الثانية:
هناء محمد علي : أ+.
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

حنان علي محمود: ب
أحسنتِ، بارك الله فيكِ، ونفع بكِ.
س1: ب: مع توضيح القول الثاني بأنه إن سافر في وسط الشهر أو آخره فله أن يأخذ برخصة الفطر.
س2: أ:
والقول الآخر أن آية البقرة محكمة لكن فيها إجمال، فسرته آية المائدة.
وعليه فالأقوال :
1: أنها منسوخة بآية المائدة، وينظر في رد ابن عطية على هذا القول.
2: أنها محكمة:
ويتأتى معناها هنا على أقوال :
- أنها مجملة وتفسيرها بآية المائدة.
- أنها خاصة في حيين من العرب اقتتلا، قال ابن جرير: " وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية في فريقين كان بينهم قتالٌ على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقتل من كلا الفريقين جماعةٌ من الرّجال والنّساء، فأمر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أن يصلح بينهم بأن يجعل ديات النّساء من كلّ واحدٍ من الفريقين قصاصًا بديات النّساء من الفريق الآخر، وديات الرّجال بالرّجال، وديات العبيد بالعبيد" وروى نحو هذا القول عن السدي.
- أن يكون المراد بالآية أن لا يتعدى بالقصاص لغير القاتل؛ فيؤخذ بالأنثى الذكر ...

ج: ما وضحتيه هو مرجع اسم الإشارة " ذلك "
ومتعلق الاعتداء يتضح بالحديث الذي ذكرتيه " لا أعافي رجلا قتل بعد أخذ الدية "
فالاعتداء هنا بالقتل.
- خُصمت نصف درجة للتأخير.


المجموعة الثالثة:

عقيلة زيان: ب+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ.
وددتُ لو فصلتِ أكثر في بيان فضل الدعاء.

س1: أ :
القول الأول :
من القاتل.
عفي: على بابها في العفو.
والعافي : هو الولي.
والأخ هو المقتول، ويجوز أن يكون الولي.
والشيء هو الدم.

س2: ب:
قولك: " 2- أن أية الوصية بالبقرة منسوخة بآية الميراث في النساء أو بقوله تعالى :{ لا وصية لوارث}..ويكون حكم الوصية هو الندب..فنسخ حكم الوجوب إلى الندب ".
قول " لا وصية لوارث " من قول النبي صلى الله عليه وسلم.

- خُصمت نصف درجة للتأخير.

نفع الله بي وبكم.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثاني

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir