دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 4 ربيع الأول 1439هـ/22-11-2017م, 01:55 PM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس الثاني: مجلس مذاكرة القسم الأول من تفسير سورة آل عمران

بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس مذاكرة القسم الأول من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 1-9)



1. (عامّ لجميع الطلاب)

اكتب رسالة مختصرة
بأسلوب الحجاج تردّ فيها على النصارى الذين يعتقدون ألوهية عيسى عليه السلام، من خلال دراستك لتفسير صدر سورة آل عمران.


2. حرر القول في واحدة من المسائل التالية:

1: معنى التوراة والإنجيل.

2: المراد بالآيات المحكمة والآيات المتشابهة، ومقصد أهل الزيغ من اتّباع متشابه القرآن.
3: معنى قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا}.



تعليمات:
- دراسة تفسير سورة آل عمران سيكون من خلال مجالس المذاكرة ، وليست مقررة للاختبار.
- مجالس المذاكرة تهدف إلى تطبيق مهارات التفسير التي تعلمها الطالب سابقا.
- لا يقتصر تفسير السورة على التفاسير الثلاثة الموجودة في المعهد.
- يوصى بالاستفادة من التفاسير الموجودة في جمهرة العلوم، وللطالب أن يستزيد من غيرها من التفاسير التي يحتاجها.
-
يجب ذكر مصادر البحث في نهاية كل تطبيق.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 7 ربيع الأول 1439هـ/25-11-2017م, 06:38 PM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
افتراضي

تحرير الأقوال في معنى التوراة والإنجيل :
1: معنى التوراة والإنجيل.
التوراة والإنجيل اسمان أصلهما عبراني لكن النحاة وأهل اللسان حملوها على الاشتقاق العربي ،كما ذكر ابن عطية رحمه الله.
وورد في معنى التوراة 3أقوال عند النحويين :
1- فقال الكوفيّون: توراة يصلح أن يكون " تفعلة " من وريت بك زنادي، فالأصل عندهم تورية إلا أن الياء قلبت ألفاً لتحركها , وانفتاح ما قبلها, " وتفعلة " لا تكاد توجد في الكلام، إنما قالوا في تتفلة " تتفلة، ومنه قوله تعالى ( فالموريات ) العاديات وقوله :(أفرأيتم النار التي تورون )الواقعة .
2- وقال بعضهم: يصلح أن يكون تفعلة مثل توصية , ولكن قلبت من تفعلة إلى تفعلة, وكأنّه يجيز في توصية توصاة، وهذا رديء, ولم يثبت في توفية توفاة، ولا في توقية توقاه.
3- وقال البصريون: أصلها فوعلة، وفوعلة كثير في الكلام مثل: الحوقلة, ودوخلة , وما أشبه ذلك.
وكل ما قلت فيه : فوعلت , فمصدره: فوعلة، فأصلها عندهم " وورية ", ولكن الواو الأولى قلبت تاء كما في " تولج " , وإنما هو فوعل من ولجت، وكما قلبت في تراث الياء الأخيرة، قلبت أيضاً لتحركها , وانفتاح ما قبلها بإجماع . قاله الزجاج وذكره عنه ابن عطية .
وقال ابن عطية رحمه الله :
وعلى كل قول فالياء لما انفتح ما قبلها وتحركت هي انقلبت ألفا فقيل توراة، ورجح أبو علي قول البصريين وضعفه غيره، والمعنى قريب بعضه من بعض، إذ كلها معناه، ظهور الحق، وبيان الشرع، وفصله من غيره من الأباطيل»
وورد في معنى الإنجيل :
قال الزجاج رحمه الله :
أنه إفعيل من النجل , وهو الأصل: هكذا يقول جميع أهل اللغة في إنجيل). [معاني القرآن: 1/374-375]
وقال ابن عاشور (ت:1390هـ)
وأما الإنجيل فاسم للوحي الذي أوحي به إلى عيسى عليه السلام فجمعه أصحابه .
وهو اسم معرب . قيل : من الرومية وأصله ( إثانجيليوم ) أي الخبر الطيب ، فمدلوله مدلول اسم الجنس ، ولذلك أدخلوا عليه كلمة التعريف في اللغة الرومية ، فلما عربه العرب أدخلوا عليه حرف التعريف ، وذكر القرطبي عن الثعلبي أن الإنجيل في السريانية وهي الآرامية ( أنكليون ) ولعل الثعلبي اشتبه عليه الرومية بالسريانية ، لأن هذه الكلمة ليست سريانية وإنما لما نطق بها نصارى العراق ظنها سريانية ، أو لعل في العبارة تحريفا وصوابها اليونانية وهو في اليونانية ( أووانيليون ) أي اللفظ الفصيح .
وقد حاول بعض أهل اللغة والتفسير جعله مشتقا من " النجل " وهو الماء الذي يخرج من الأرض ، وذلك تعسف أيضا . وهمزة الإنجيل مكسورة في الأشهر ليجري على وزن الأسماء العربية ; لأن إفعيلا موجود بقلة مثل إبزيم . وربما نطق به بفتح الهمزة ، وذلك لا نظير له في العربية .( التحرير والتنوير )
قال ابن كثير رحمه الله : ( التوراة ) الكتاب الذي نزل على موسى و ( الإنجيل ) الكتاب الذي نزل على عيسى .
مصادر البحث :
تفسير الزجاج
تفسير ابن عطية
تفسير ابن عاشور
تفسير الكشاف
تفسير الالوسي
تفسير ابن كثير

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 7 ربيع الأول 1439هـ/25-11-2017م, 08:02 PM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة مختصرة بأسلوب الحجاج فيها ردّ على النصارى الذين يعتقدون ألوهية عيسى عليه السلام، من خلال صدر سورة آل عمران.
القرآن نور الحق فيه ،شمسه أشد سطوعاً من شمس رابعة النهار في يوم صيف في وسط الصحراء ، لا يزيغ عنه إلا هالك ولا يعرض عنه إلا مكابر ، يقدم وفد نصارى نجران، إلى مدينة رسول صلى الله عليه وسلم ، ليحاجوه في عيسى عليه السلام بألوهيته وبنوته وأنه ثالث ثلاثة ، فيُنزل الله صدر سورة آل عمران ، للرد عليهم ومن شاكلهم من أهل الشرك والأوثان ، آيات بينات تتلى إلى قيام الساعة ، قال تعالى :({الم (1) اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ (3) مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ ۗ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (4)} [آل عمران : 1-4]
فرد عليهم وحجهم بحجج بينات منها ماهو ردّ على اعتقادهم بألهية عيسى عليه السلام والتي منها :
أولاً: بدأها سبحانه وبحمده بالحروف المقطعة (الم) فالقرآن منظوم و محكم من هذه الحروف العربية ، فتحدى العرب بأن يأتوا بمثله ، فعجزوا ، وهؤلاء الوفد عرب من أهل الفصاحةوالبيان ،لا يخفى عليهم معناه وبيانه واعجازه، فلا ريب أنه كلام ربهم ،إلا أن كابروا وردوا الحق.
ثانيا :ثم وصف ذاته بما يليق بعظمته وجلاله من انفراده بالوحدانية وحده دون من سواه فقال تعالى:(اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ )أي :هو الواحد الأحد سبحانه وهو الإله الحق فلا إله حق إلا هو وحده ، فلا شريك له ولا صاحبه ولا ولد ،وهو المعبود بحق وكل معبود سواه باطل ، وهذا ليبطل قولهم بعيسى أنه إله وأنه ولد الله سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا .
ثالثاً: له الكمال المطلق فهو( الْحَيُّ الْقَيُّومُ) ، الحي الذي لا يموت ، والإنس والجن يموتون ،فله الحياة الدائمة ، لم يسبقها بدء ولا يلحقها فناء ، وهو قائم على كل نفس ، قائم على خلقه القائم بتدبير شئونهم وحياطتهم ورعايتهم وإحيائهم وإماتتهم.
فلا أحد يستحق الألوهيه سواه سبحانه وبحمده ، فعيسى عليه السلام بعقيدتهم أُميت ، وليس بقيّوم على العالم ، حتى في وقت حياته لم يكن قيّوم على العالم . فكيف يستحق الألوهية وهو لم يدفع عن نفسه أذية الخلق ، فقد كذب ، وأُذي في الله.
رابعاً: ذكر منته بأنزال كتابه (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ) وفي هذا رد على من انكر أن القرآن ليس من كلام الله ووصفه بفعل الإنزال الفعل المضعف الدال على كثرة تنزله ، ووصفه بالكتاب باسم الجنس ليدلل على أنه هو الكتاب الحق وكأنه لا كتاب سواه ووصف الكتاب بالحق ، فهو حق ، اخباره صدق، واحكامه حق وعدل ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلف تنزيل من حكيم حميد،مصدق للكتب السابقة وما فيها من الشرائع ومهيمنا عليها ،وهذا دليل أنه من عند الله لما فيه من أصول الشرع التي بالكتب السابقة، وفي هذا تعريض بغيره من الكتب المنزله فقد غيرت وبدلت فليست بحق ،بعد ما اصابها من التغيير .
خامساً: ذكر الكتب السابقة لشرفها فهي من عند الله (وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ (3) مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ) فبين أن التوراة والإنجيل قد أنزلها من قبل هذا الزمان هداية للناس في زمانهم . وبهذا رد عليهم أن لا دين وشرع بعد تنزيل القرآن ، فالتوراة والإنجيل كانت هدايتهن في زمانهن وبعد تنزيل الكتاب هيمن عليها ونسخ جميع ما قبله (وأَنزَلَ الْفُرْقَانَ) فهو الفرقان الذي فرق الله به بين الحق والباطل ، والتفريق بين الحق والباطل من اعظم الهدى .
سادساً: ثم بين سبحانه عظيم قدرته وكمال قيومته وخص منها تصوير البشر في الأرحام فقال تعالى:( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فمن كمال قيوميته أنه يصور البشر في الأرحام كيف يشاء وهذا من أعجب مظاهر قدرته سبحانه وبحمده، وفي هذا تعريض للنصارى باعتقادهم بألوهية عيسى عليه السلام ، لأنه صور بكيفية غير معتادة ، فبين سبحانه أنه هو المصور بأي كيفية سواء المعتادة وغير المعتادة .
وبعد أن حجهم بما اعتقدوه بألوهية عيسى عليه السلام ردّ عليهم ما استدلوا به من أدلة من القرآن على ضلالهم منها فقال:
(هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7)} [آل عمران : 5-7]
فبين الله أنه انزل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ، واشتمل هذا القرآن على آيات محكمات واضحات بينات وهي معظم القرآن وهي المرجع والأم للقرآن ، يرد إليها المتشابه فيتبين . ومنه آيات متشابهات لبعض الناس ، اذا ردوها للمحكم اتضحت وبان معناها، لكن الذين في قلوبهم زيغ وميل عن الحق ، يتبعون المتشابة ، ليضلون الناس ويحرفونه عن ما أريد به وفي هذا تعريض بالنصارى ، الذين استدلوا على أن الله ثالث ثلاثة ،بأن القرآن ، يشهد بذلك ، ففي القرآن ، يقول الله تعالى ،(قلنا، كتبنا، قضينا) فهذا يدل أن معه أحد وهو عيسى ومريم عليهم السلام ، وهذا لا شك من زيغهم فهؤلاء الوفد عرب اقحاح فكيف يخفى عليهم معنى ذلك ، وأن الضمير يكون للتشريك او العظمة . ولكن ليضلون الناس .
وكذلك باقي الآيات إلى الآية ثمانون ترد وتحج وفد نجران من النصارى على ما حاجوا به رسول صلى الله عليه وسلم
فكما حجهم رسول صلى الله عليه وسلم ورد عليهم كذلك رد الله عليهم في كتابه ،بآيات بينات ، فالحجة قائمة ، والآيات شاهدة.

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أنه لا إله إلا أنت استغفرك واتوب اليك
..........................................
بسم الله الرحمن الرحيم
تحرير القول في معنى ( التوراة والانجيل)
اختلف أهل التفسير وأهل اللغة في معنى التوراة والإنجيل
القول الأول: أنهما كتابان انزلهما الله ، التوراةعلى موسى والإنجيل على عيسى ،
، قاله قتادة ، نقله ابن جرير وقاله ابن أبي حاتم وابن كثير غيرهم من المفسرين

القول الثاني :أنهما اعجميان أولهما عبراني والآخر سرياني ،وقيل : كلاهما سرياني
"فالتوراة "؛هو اسم عبراني يقال في السريانية (تُورَيْ)قاله الواحدي، وقيل : تور، وتور معناه الشريعة، قاله البغوي وقيل :(توروه) وهو الأدب المتأدب ذكره الجرجاني في " درج الدرر"
وقال الطاهر بن عاشور :أصله طوْراً بمعنى الهدي ، والظاهر أنّه اسم للألواح التي فيها الكلمات العشر التي نزلت على موسى عليه السلام في جبل الطور؛ لأنّها أصل الشريعة التي جاءت في كتب موسى ، فأطق ذلك الاسم على جميع كتب موسى ، واليهود يقولون ( سِفر طوراً ) وأما الإنجيل فاسم للوحي الذي أوحي به إلى عيسى عليه السلام فجمعه أصحابه .وهو اسم معرّب قيل من الرومية وأصله ( إثَانْجَيْلِيُوم ) أي الخبر الطيّب
وهو في اليونانية ( أووَانَيْلِيُون ) أي اللفظ الفصيح .أهـ
قال القاسمي:والتوراة اسم عبرانيّ معناه (الشريعة).
والإنجيل لفظة يونانية معناها (البشرى) أي الخبر الحسن.
هذا هو الصواب كما نص عليه علماء الكتابين في مصنفاتهم.أهـ
واستشهد الزمخشري:بقراءة الحسن {والإنجيل} بفتح الهمزة،قال: وهو دليل على العجمية، لأن أفعيل بفتح الهمزة معدوم في أوزان العرب.
ولأنهما أعجميان فليس يُطّردُ فيها قياس الأسماء العربيّة؛لان النحاة قرروا أنها لا يدخلها اشتقاق ولا توزن الأسماء الأعجمية.واعتبروا قياسها تكلفاً وتعسفاً.
،قال به الزمخشري والرازي والبيضاوي وأبو السعود ونقله الواحدي عن جماعة من أهل التحقيق.
ثالثاً: أنه معربة : قاله الواحدي نقلا عن جماعة من أهل التحقيق ،
قال الطاهر بن عاشور: لمّا دخل هذا الاسم إلى العربية أدخلوا عليه لام التعريف التي تدخل على الأوصَافِ والنكرات لتصير أعلاماً بالغَلَبة : مثل العَقَبة ، ومن أهل اللغة والتفسير من حاولوا توجيهاً لاشتقاقه اشتقاقاً عربياً .
اشتقاق التوراة :
أولاً :قال الفراء {التوراة} معناها الضياء والنور، من قول العرب ورى الزند يرى إذا قدح وظهرت النار، قال الله تعالى: {فالموريات قدحا} (العاديات: 2) ويقولون: وريت بك زنادي، ومعناه: ظهر بك الخير لي، فالتوراة سميت بهذا الاسم لظهور الحق بها، ويدل على هذا المعنى قوله تعالى: {ولقد ءاتينا موسى وهارون الفرقان وضياء} (الأنبياء: 48)
الثاني: قال المؤرج السدوسي. : التوراة مأخوذة من التورية ، وهي التعريض بالشيء والكتمان لغيره ، فكأن أكثر التوراة معاريض وتلويحات من غير تصريح وإيضاح ،
إما وزنها ففيه ثلاث أقوال :
القول الأول :قول الكوفيين :
قال الفراء: أصل {التوراة} تورية تفعلة بفتح التاء، وسكون الواو، وفتح الراء والياء، إلا أنه صارت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها .
وقال: ويجوز أن تكون تفعلة على وزن ترفية وتوصية، فيكون أصلها تورية، إلا أن الراء نقلت من الكسر إلى الفتح على لغة طيىء، فإنهم يقولون في جارية: جاراة، وفي ناصية: ناصاة، قال الشاعر: فما الدنيا بباقاة لحي وما حي على الدنيا بباق
قال الجرجاني في كتابه " درج الدرر"
أصل التورية عند الكوفيين تورية بوزن توصية، فلما أخرجوا اللفظ من حيز الأفعال إلى الأسماء نقلوا حركة عين الفعل إلى الفتحة ، فانقلبت الباء ألفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها ، وهو معنى الإيراء؛ لأن الله تعالى أورى لموسى -عليه السلام- نارا، وكان ذلك سبب كتابه، فسمي كتابه بذلك.
والقول الثاني :وهو قول الخليل والبصريين: إن أصلها: وورية، فوعلة، ثم قلبت الواو الأولى تاء، وهذا القلب كثير في كلامهم، نحو: تجاه، وتراث، وتخمة، وتكلان، ثم قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصارت {*توراة} وكتبت بالياء على أصل الكلمة،
ثم ردوا على قول الفراء بقولين :
الأول :أما تفعله: فقالوا: هذا البناء نادر، وأما فوعلة فكثير، نحو: صومعة، وحوصلة، ودوسرة والحمل على الأكثر أولى،
وأما الثاني: فلأنه لا يتم إلا بحمل اللفظ على لغة طيىء، والقرآن ما نزل بها ألبتة.
ورجح أبو علي قول البصريين وضعفه غيره. ذكره ابن عطية في تفسيره

وأما الإنجيل ففيه أقوال:
الأول: قال الزجاج في كتابه معاني القرآن : إنه افعيل من النجل، وهو الأصل،
هكذا كان يقول جميع أهل اللغة في (إنجيل).
قال ابن الأنباري : معنى قولهم: (إنجيل) لِكِتاب الله: أصْلٌ للقوم الذين نزل عليهم؛ لأنهم يَعْمَلونَ بما فيه.
ويقال : (لَعَنَ اللهُ ناجِلَيْهِ)؛ أي: والِدَيْهِ.
وأنشد قولَ الأعشى:
إذْ نَجَلاهُ فَنِعْمَ مَا نَجَلا
أي: كان أصلًا له إذ وَلَدَاهُ. ذكره الواحدي في كتابه البسيط
فسمي ذلك الكتاب بهذا الاسم، لأن الأصل المرجوع إليه في ذلك الدين
والثاني: قال قوم: الإنجيل مأخوذ من قول العرب: نجلت الشيء إذا استخرجته وأظهرته ويقال للماء الذي يخرج من البئر: نجل، ويقال: قد استنجل الوادي، إذا خرج الماء من النز فسمي الإنجيل إنجيلا لأنه تعالى أظهر الحق بواسطته
والثالث: قال أبو عمرو الشيباني: التناجل التنازع، فسمي ذلك الكتاب بالإنجيل لأن القوم تنازعوا فيه
والرابع: أنه من النجل الذي هو سعة العين، ومنه طعنة نجلاء، سمي بذلك لأنه سعة ونور وضياء أخرجه لهم.وهذه الأقوال ذكرها الواحدي وابن عطية والنحاس وابن الجوزي والرازي والقرطبي وغيرهم
وقال الأصمعي: الإنجيل كل كتاب مسطور وافر السطور
قال الطاهر بن عاشور في تفسيره:وقد حاول بعض أهل اللغة والتفسير جعله مشتقاً من النجل وهو الماء الذي يخرج من الأرض ، وذلك تعسّف أيضاً . وهمزة الإنجيل مكسورة في الأشهر ليجري على وزن الأسماء العربية؛ لأنّ إفعيلاً موجود بقلة مثل إبْزِيممٍ ، وربّما نطق به بفتح الهمزة ، وذلك لا نظير له في العربية .
الترجيح
بعد در اسة هذه الأقول يتبين والله أعلم أن القول الصحيح هي أنهما الكتابان اللذان أنزلهما الله على موسى وعيسى عليهما السلام فهي أسماء اعجمية ليس لها اشتقاق وهو قول جماعة من أهل التفسير

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 7 ربيع الأول 1439هـ/25-11-2017م, 11:52 PM
هناء هلال محمد هناء هلال محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 663
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم الأول من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 1-9)

اكتب رسالة مختصرة بأسلوب الحجاج تردّ فيها على النصارى الذين يعتقدون ألوهية عيسى عليه السلام، من خلال دراستك لصدر سورة آل عمران.

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وأن عيسى عبدالله ورسوله وكمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، ثم ، أما بعد ،
فقد ذكر المفسرون أن صدر سورة آل عمران نزلت في وفد نصارى نجران ، فقال ابن الجوزي : قدم وفد نجران النبي صلى الله عليه و سلم في ستين راكبا فيهم العاقب والسيد فخاصموه في عيسى فقالوا: إن لم يكن ولد الله فمن أبوه؟.
فنزلت فيهم صدر آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها). [زاد المسير: 1/349]م
وقد تضمنت مقدمات السورة من الحجج والبراهين القاطعة الدالة على ألوهية الله وحده سبحانه ، وأظهرت بطلان ما اعتقدت به وادعته كثير من طوائف النصارى في عيسى عليه السلام وأمه ، واتخاذهما ألهين من دون الله ، أو أن الله ثالث ثلاثة ، محتجين على ذلك بأنه كان يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص ، ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا ، ويذكر من الغيوب ما لا يعلمه أحد ، كما أنه تكلم في المهد صبيا .
فنزلت آيات صدر آل عمران ترد على هذه الحجج الواهية بالأدلة القاطعة وتبين بطلانها من عدة وجوه ، منها :
1- الوجه الأول : قوله تعالى : (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) : افتتحت السورة تنزيه الله سبحانه مما قالوا وتوحيده بالخلق والأمر ، ورد عليهم ما ابتدعوه من الكفر ، واستخدمت الآية أسلوب الحصر ب(لا) و(إلا) لتفيد أنه لا يوجد في الكون إله حق غيره ، وأن ما عداه من آلهة فهي باطلة لا تستحق العبادة .
2- الوجه الثاني : قوله تعالى : (الْحَيُّ) : فوصف سبحانه نفسه بالحي الباقي الدائم ، ونفى عنه الموت الذي يكون لمن سواه كعيسى عليه السلام وأمه وغيرهم ، كما أنه (الحي) الذي يدبر كل شيء يريده ، فلا يمتنع عليه شيء ، فهو ليس كمن لا تدبير له من الآلهة والأنداد ، فكيف يكون عيسى إلها وهو متعرض للموت والفناء .
3- الوجه الثالث : قوله تعالى : (الْقَيُّومُ) : فهو القائم بحفظ كل شيء ورزقه وتدبير شؤونه وتصريفه كيفما يشاء من تغيير وتبديل وزيادة ونقصان ، فهو القائم على عيسى وأمه ومن في الأرض جميعا ، فكيف يكون عيسى إلها ، وهو محتاج لمن يقوم على أمره .
4- الوجه الرابع : قوله تعالى : (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ) : يحتج سبحانه على النصارى بأنه الذي أنزل هذا الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ، كما أنزل التوراة على موسى ، وأنزل الإنجيل على عيسى .
قال السيوطي : (فهما كتابان أنزلهما الله فيهما بيان من الله وعصمة لمن أخذ به وصدق به وعمل بما فيه {وأنزل الفرقان} هو القرآن فرق به بين الحق والباطل، فأحل فيه حلاله وحرم فيه حرامه وشرع فيه شرائعه وحد فيه حدوده وفرض فيه فرائضه وبين فيه بيانه وأمر بطاعته ونهى عن معصيته). [الدر المنثور: 3/444-445
فأنزل الله الفرقان الذي يفصل بين الحق والباطل فيما اختلف فيه الأحزاب من أمر عيسى عليه السلام .
5- الوجه الخامس : قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ) : يؤكد سبحانه أن من كفر بآيات الله ، وجحد بتوحيده ، وأن عيسى عليه السلام عبد له ، له عذاب شديد ، كما أكد ذلك بأنه عزيز ذو انتقام وبطش لمن أراد ، وأنه قادر لا يغلبه شيء .
6- الوجه السادس : قوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ) : فكيف يخفى عليه أمر هؤلاء الذين يجادلون في عيسى وأمه ، وقد علم ما يدبرون وما يكيدون ، وما يضاهون بقولهم فيه إذ جعلوه ربا وإلها .
كما أن علم الله بكل شيء صفة لم تكن لعيسى ولا لغيره ، فكيف يكون إلها وهو يخفى عليه علم الأشياء ؟!
7- الوجه السابع : قوله (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ) : يؤكد سبحانه أنه هو الذي يصور العباد في أرحام أمهاتهم كيف يشاء ، وأن عيسى ممن صوره الله في رحم أمه وخلقه ، ولو كان عيسى إلها لم يكن ممن صُور في رحم أمه ، إذا كيف يشمل الرحم خلاّق ما في الأرحام ؟!
ففي الآية تصريح بأن عيسى عبد مخلوق ، وأنها حجة قاطعة إذا أن النصارى لا يدفعون ذلك ولا ينكرونه ، فكيف يكون إلها وقد كان بذلك المنزل ؟!
8- الوجه الثامن : (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) : يؤكد سبحانه مرة أخرى على تفرده بالألوهية واستحقاقه بالعبادة ، وتنزيهه عن أن يكون له ند أو مثيل أو ولد ، ويكذب الذين قالوا في عيسى ما قالوا .
9- الوجه التاسع : قوله تعالى : (الْعَزِيزُ) : فهو الذي لا يُنصر من أراد الانتقام منه ، ولا ينجيه والي ولا ملجأ ، الغالب الذي لا يقهر ، وكل الأشياء مقهورة بقدرته وعزته ، هذه الصفات ليست لعيسى ولا لأحد من خلقه .
10- الوجه العاشر : (الْحَكِيمُ) : الذي له الحكمة البالغة في الخلق والتدبير ، وفي الحجة على عباده .
11- الوجه الحادي عشر : قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ) : يؤكد سبحانه أن ما هم فيه من ضلال إنما بسبب ما في قلوبهم من زيغ وهوى وضلال ، وقد وردت الآية في معرض الرد على نصارى نجران حين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : ألست تزعم أن عيسى كلمة الله وروح منه ؟ قال : بلى ، قالوا : فحسبنا . فأنزل الله الآية ، ثم أنزل قوله تعالى : (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ) الآية .
قال الشيخ عبدالعزيز الداخل حفظه الله :
ومن تأمّل ذلك وجد أن أعظم أسباب ضلال النصارى : :
- اتّباعهم لخطوات الشيطان وتضليله.
- واتّباعهم لأهوائهم المردية، ورغباتهم المخزية.
- وإعراضهم عن الحقّ البيّن الذي أتاهم من الله تعالى.
- وطاعتهم لمن فَسَدَ من أحبارهم ورهبانهم ومعظّميهم الذين زيّنوا لهم تلك المقالات الكفرية وأمروهم باعتقادها واتّباعهم عليها.
فهذه من أعظم الأسباب التي أُفكوا بها عن الحقّ، وخُدِعُوا بها عن سلوك سبيل الفوز والسعادة
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك ، وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


2. حرر القول في واحدة من المسائل التالية:
1: معنى التوراة والإنجيل.
التوراة: اسم عبراني للكتاب الذي أنزله الله- تعالى- على موسى- عليه السّلام- ليكون شريعة له ولقومه.
والإنجيل: كلمة يونانية معناها البشارة وهي اسم للكتاب الذي أنزله الله على عيسى.
وقد انقسم علماء اللغة والتفسير في اشتقاق لفظي التوراة والإنجيل إلى فريقين :
الفريق الأول : يرى أن هذين اللفظين لا يدخلهما اشتقاق وتصريف ، فهما اسمان أعجميان لهذين الكتابين الشريفين .
قال الفخر الرازي : فالتوراة والإنجيل اسمان أعجميان:
أحدهما بالعبرية، والآخر بالسريانية، فكيف يليق بالعاقل أن يشتغل بتطبيقهما على أوزان لغة العرب، فظهر أن الأولى بالعاقل أن لا يلتفت إلى هذه المباحث
قال ابن عاشور : والتوراة اسم عبراني أصله طورا بمعنى الهدى ، وكذلك الإنجيل اسم مشتق من الرومية أو السريانية ، وقد حاول بعض أهل اللغة والتفسير جعله مشتقا من الماء الذي يخرج من الأرض ، وفي هذا تعسفا .

الفريق الثاني : يرى أن هذين اللفظين يدخلهما الاشتقاق والتصريف :
أولا التوراة : اختلف في اشتقاقها على أوجه :
1- التوراة : من الضياء والنور مشتقة من ورى الزند وورى لغتان : إذا خرجت ناره .
2- مأخوذة من التورية وهي التعريض بالشيء والكتمان لغيره ، فكان أكثر التوراة معاريض وتلويحات من غير تصريح وإيضاح .
وقد ذهب إلى ذلك الفراء والزجاج وابن عطية والقرطبي والبغوي .
وقد ذكر النيسابوري في تفسيره الوسيط أن ابن الأنباري حكى القول الأول عن الفراء ، وقال القرطبي : الجمهور على القول الأول لقوله تعالى : (ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين ) .
ثانيا : الإنجيل : اختلف في اشتقاقها على أوجه :
1- مشتق من أفعيل من النجل وهو الأصل : يقال : رحم الله ناجليه أي والديه .
2- الإنجيل مأخوذ من نجلت الشيء إذا استخرجته وأظهرته ، يقال للماء الذي يخرج من الأرض : نجل .
3- النجل الذي هو سعة في العين ، يقال طعنته طعنة نجلاء أي واسعة
4- التناجل التنازع ، وسمي إنجيلا لتنازع الناس فيه
قال القرطبي : وسمي الإنجيل بذلك لأنه سعة ونور أخرجه الله لبني إسرائيل على يد عيسى عليه السلام .
قال أبو الفتح ::«ف التّوراة من وري الزناد، إذا ظهرت ناره، والإنجيل من نجل إذا ظهر ولده، أو من ظهور الماء من الأرض فهو مستخرج إما من اللوح المحفوظ، وإما من التوراة، والفرقان من الفرق بين الحق والباطل، فحروفها مختلفة، والمعنى قريب بعضه من بعض، إذ كلها معناه، ظهور الحق، وبيان الشرع، وفصله من غيره من الأباطيل»،

2: المراد بالآيات المحكمة والآيات المتشابهة، ومقصد أهل الزيغ من اتباع متشابه القرآن.
ذكر المفسرون أن الآيات المحكمات هن الآيات البينات الواضحات الدلالة الثابتات الأحكام ، فإذا سمعهم السامع لم يحتج إلى تأويلهن .
وأما الآيات المتشابهات فهن الآيات التي فيها اشتباهٌ في الدّلالة على كثيرٍ من النّاس أو بعضهم، واحتاجوا فيه إلى نظر وتدبر وتأويل ، وقد يظهر في بادئ النظر إما تعارض من آيات أخرى أو مع العقل .
وقد اختلف أهل التأويل في تأويل قوله{منه آياتٌ محكماتٌ هنّ أمّ الكتاب وأخر متشابهاتٌ} على أقوال :
الأول : هن الآيات في آخر الأنعام ، رواه ابن جرير عن ابن عباس .
قال ابن عطية : وهذا عندي مثال أعطاه في المحكمات .
الثاني : قال بعضهم المحكمات من آي القران المعمول بهن وهن الناسخات أو المثبتات الأحكام والمتشابهات من اية المتروك العمل بهن المنسوخات.
رواه ابن جرير عن ابن عباس وقتادة والربيع والضحاك .
قال ابن جرير الطبري (ت : 310ه) : حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثنا معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {هو الّذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ هنّ أمّ الكتاب} المحكمات: ناسخه، وحلاله، وحرامه، وحدوده، وفرائضه، وما يؤمن به، ويعمل به قال: {وأخر متشابهاتٌ} والمتشابهاتٌ: منسوخه، ومقدّمه، ومؤخّره، وأمثاله، وأقسامه، وما يؤمن به، ولا يعمل به.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {هو الّذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ هنّ أمّ الكتاب} والمحكمات: النّاسخ الّذي يعمل به ما أحلّ اللّه فيه حلاله وحرّم فيه حرامه؛ وأمّا المتشابهات: فالمنسوخ الّذي لا يعمل به ويؤمن
ثالثا : المحكمات من آي الكتاب: ما أحكم اللّه فيه بيان حلاله وحرامه؛ والمتشابه منها: ما أشبه بعضه بعضًا في المعاني وإن اختلفت ألفاظه.
- قال ابن جرير : حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {منه آياتٌ محكماتٌ} ما فيه من الحلال والحرام وما سوى ذلك، فهو متشابه يصدّق بعضه بعضًا وهو مثل قوله: {وما يضلّ به إلاّ الفاسقين} ومثل قوله: {كذلك يجعل اللّه الرّجس على الّذين لا يؤمنون} ومثل قوله: {والّذين اهتدوا زادهم هدًى وآتاهم تقواهم}
رابعا : المحكمات من آي الكتاب: ما لم يحتمل من التّأويل غير وجهٍ واحدٍ؛ والمتشابه منه: ما احتمل من التّأويل أوجهًا.
قال ابن جرير : حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني محمّد بن جعفر بن الزّبير: {هو الّذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ} فيهنّ حجّة الرّبّ وعصمة العباد، ودفع الخصوم والباطل، ليس لها تصريفٌ ولا تحريفٌ عمّا وضعت عليه، وأخر متشبهتٌ في الصّدق لهنّ تصريفٌ وتحريفٌ وتأويلٌ ابتلى اللّه فيهنّ العباد كما ابتلاهم في الحلال والحرام، لا يصرفن إلى الباطل ولا يحرّفن عن الحقّ
قال ابن عطية : وهذا احسن الأقوال في هذه الآية .
خامسا : معنى المحكم: ما أحكم اللّه فيه من آي القرآن وقصص الأمم ورسلهم الّذين أرسلوا إليهم، ففصّله ببيان ذلك لمحمّدٍ وأمّته، والمتشابه هو ما اشتبهت الألفاظ به من قصصهم عند التّكرير في السّور بقصّةٌ باتّفاق الألفاظ واختلاف المعاني، وبقصّةٌ باختلاف الألفاظ واتّفاق المعاني.
قال ابن جرير : حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ وقرأ: {الر كتابٌ أحكمت آياته ثمّ فصّلت من لدن حكيمٍ خبيرٍ} قال: وذكر حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في أربعٍ وعشرين آيةً منها، وحديث نوحٍ في أربعٍ وعشرين آيةً منها.
ثمّ قال: {تلك من أنباء الغيب} ثمّ ذكر: {وإلى عادٍ} فقرأ حتّى بلغ: {واستغفروا ربّكم} ثمّ مضى، ثمّ ذكر صالحًا وإبراهيم ولوطًا وشعيبًا، وفرغ من ذلك، وهذا يقينٌ، ذلك يقينٌ أحكمت آياته ثمّ فصّلت، قال: والمتشابه ذكر موسى في أمكنةٍ كثيرةٍ، وهو متشابهٌ، وهو كلّه معنًى واحدٌ ومتشابهٌ: {اسلك فيها}، {احمل فيها}، {اسلك يدك} {أدخل يدك}، {حيّةٌ تسعى}، {ثعبانٌ مبينٌ}
سادسا : المحكم من آي القرآن: ما عرف العلماء تأويله، وفهموا معناه وتفسيره؛ والمتشابه: ما لم يكن لأحدٍ إلى علمه سبيلٌ ممّا استأثر اللّه بعلمه دون خلقه، وذلك نحو الخبر عن وقت مخرج عيسى بن مريم، ووقت طلوع الشّمس من مغربها، وقيام السّاعة، وفناء الدّنيا، وما أشبه ذلك، فإنّ ذلك لا يعلمه أحدٌ، وقالوا: إنّما سمّى اللّه من آي الكتاب المتشابه الحروف المقطّعة الّتي في أوائل بعض سور القران من نحو الم، والمص، والمر، والر، وما أشبه ذلك؛ لأنّهنّ متشابهاتٌ في الألفاظ، وموافقاتٌ حروف حساب الجمّل ، وهذا قولٌ ذكر عن جابر بن عبد اللّه بن رئابٍ رواه عنه ابن جرير .
قال ابن جرير الطبري :
وهذا القول الّذي ذكرناه عن جابر بن عبد اللّه أشبه بتأويل الآية، وذلك أنّ جميع ما أنزل اللّه عزّ وجلّ من آي القرآن على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فإنّما أنزله عليه بيانًا له ولأمّته وهدًى للعالمين، وغير جائزٍ أن يكون فيه ما لا حاجة بهم إليه، ولا أن يكون فيه ما بهم إليه الحاجة، ثمّ لا يكون لهم إلى علم تأويله سبيلٌ.
فإذا كان المتشابه هو ما وصفنا، فكلّ ما عداه فمحكمٌ؛ لأنّه لن يخلو من أن يكون محكمًا بأنّه بمعنًى واحدٍ لا تأويل له غير تأويلٍ واحدٍ، وقد استغنى بسماعه عن بيانٍ يبيّنه، أو يكون محكمًا، وإن كان ذا وجوهٍ وتأويلاتٍ وتصرّفٍ في معانٍ كثيرةٍ، بالدّلالة على المعنى المراد منه إمّا من بيان اللّه تعالى ذكره عنه أو بيان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم لأمّته، ولن يذهب علم ذلك عن علماء الأمّة لما قد بيّنّا).
ومقصد أهل الزيغ هو ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله : أي طلب الفتنة وطلب التأويل :
واختلف أهل التأويل في المراد بالفتنة على أقوال :
أولا : الشرك : رواه ابن جرير عن الربيع والسدي .
ثانيا : الشبهات واللبس : رواه ابن جرير عن مجاهد ومحمد بن جعفر بن الزبير .
قال ابن جرير : أولى الأقوال هو إرادة الشبهات واللبس .
وكذا رجح الزجاج وابن كثير .
واختلف أهل التأويل في المراد بابتغاء تأويله :
أولا : الأجل الّذي أرادت اليهود أن تعرفه من انقضاء مدّة أمر محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وأمر أمّته من قبل الحروف المقطّعة من حساب الجمل الم، والمص، والر، والمر وما أشبه ذلك من الآجال.
روى ابن جرير هذا القول عن ابن عباس
ثانيا : بل معنى ذلك عواقب القرآن، وقالوا: إنّما أرادوا أن يعلموا متى يجيء ناسخ الأحكام الّتي كان اللّه جلّ ثناؤه شرّعها لأهل الإسلام قبل مجيئه، فنسخ ما قد كان شرّعه قبل ذلك.
رواه ابن جرير عن السدي .
ثالثا : وابتغاء تأويل ما تشابه من آي القرآن يتأوّلونه إذ كان ذا وجوهٍ وتصاريف في التّأويلات على ما في قلوبهم من الزّيغ، وما ركبوه من الضّلالة.
رواه ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير .
والراجح أن ابتغاء التأويل يشتمل على جميع المعاني التي ذكرت.

3: معنى قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا}.
اختلف أهل التّأويل في الوقف هنا على أقوال : فهل الرّاسخون معطوفونٌ على اسم اللّه، بمعنى إيجاب العلم لهم بتأويل المتشابه، أو هم مستأنفٌ ذكرهم بمعنى الخبر عنهم أنّهم يقولون: آمنّا بالمتشابه، وصدّقنا أنّ علم ذلك لا يعلمه إلاّ اللّه؟
فقال بعضهم: معنى ذلك: وما يعلم تأويل ذلك إلاّ اللّه وحده منفردًا بعلمه، وأمّا الرّاسخون في العلم فإنّهم ابتدئ الخبر عنهم بأنّهم يقولون: آمنّا بالمتشابه والمحكم وأنّ جميع ذلك من عند اللّه.
وهذا القول رواه ابن جرير عن عائشة وابن عباس وعروة بن الزبير وهو قول الإمام مالك رحمه الله .
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وما يعلم تأويله إلاّ اللّه والرّاسخون في العلم، وهم مع علمهم بذلك ورسوخهم في العلم {يقولون آمنّا به كلٌّ من عند ربّنا}.
وهذا القول رواه ابن جرير عن ابن عباس ومجاهد والربيع ومحمد بن جعفر بن الزبير .
قال ابن جرير : والصّواب عندنا في ذلك أنّهم مرفوعون بجملة خبرهم بعدهم وهو {يقولون}، لما قد بيّنّا قبل من أنّهم لا يعلمون تأويل المتشابه الّذي ذكره اللّه عزّ وجلّ في هذه الآية، وهو فيما بلغني مع ذلك في قراءة أبيٍّ: ويقول الرّاسخون في العلم، كما ذكرناه عن ابن عبّاسٍ أنّه كان يقرؤه .
والراجح ما ذكره ابن عطية وابن كثير : من أن بعض العلماء فصّل في هذا المقام على حسب معنى التأويل : فإن أريد بالتأويل : حقيقة الشيء ، وما يؤول أمره إليه ، فيكون الوقف على لفظ الجلالة أولى لأن حقائق الأمور كلها وكنهها لا يعلمها إلا هو سبحانه .
وإن أريد أن التأويل معناه التفسير والتعبير والبيان ، كقوله تعالى : (نبئنا بتأويله) فالوقف على (والراسخون في العلم) لأنّهم يعلمون ويفهمون ما خوطبوا به بهذا الاعتبار .

مصادر الرسالة :
1- جمهرة العلوم
2- تفسير ابن جرير
3- تفسير الزجاج
4- تفسير البغوي
5- تفسير ابن عطية
6- تفسير ابن كثير
7- تفسير ابن عاشور
8- تفسير القرطبي
9- تفسير الوسيط للطنطاوي
10- رسالة للشيخ عبدالعزيز الداخل في تفسير قوله (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) بأسلوب الحجاج .

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 8 ربيع الأول 1439هـ/26-11-2017م, 01:09 AM
بدرية صالح بدرية صالح غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 498
افتراضي

اكتب رسالة مختصرةبأسلوب الحجاجتردّ فيها على النصارى الذين يعتقدون ألوهيةعيسى عليه السلام، من خلال دراستك لتفسير صدر سورة آل عمران.
أ نزل الله سبحانه وتعالى صدر سورة آل عمران للرد على النصارى ومن هم على شاكلتهم في ألوهية عيسى عليه السلام , قال تعالى (الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (4)إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6), ورد عليهم بحجج لرد اعتقادهم .
_ابتدأت لسورة بالحروف المقطعة لبيان معجزة هذا القرآن وعظمته , وليس لأحد ان يأتي بمثله , وهم أهل الفصاحة والبلاغة .
_ تضمنت هذه الآيات حجج وبراهين قاطعة ,تثبت بطلان مايزعمون و وهي حجة عليهم ببطلان ماقالوا بألوهية عيسى عليه السلام .
_فيها اثبات الوهية الله سبحانه وحده لاشريك له بقوله (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) , وذكر صفاته العليا بالحياة الدائمة , والقائم على خلقه في جميع أمورهم .
_من أنزل التوراة والإنجيل هو من أنزل الكتاب الناسخ لها , وهو مصدق من بين يديه على نبي مرسل عندكم من خبره وتعرفونه ,لكن تكتمون خبره وتنكرونه رغم علمكم به , ومصدق للكتب السا بقة قبل تحريفها منكم .
_قال تعالى (وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ) , ذكر الله الكتب السماوية تشريفاً وتعظيماً لها , وذكر بعدها الفرقان ناسخا لها ,وهو هداية للناس كما كانت التوراة والإنجيل هداية لأقوامها قبل نزوله ونسخه إياها .
_ مظاهر قدرة الله سبحانه بتصويره في الأرحام كيف يشاء (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ) , فهذا تعريض للنصارى لاعتقادهم لأولوهية عيسى عليه السلام .
_الله سبحانه أرسل آيات محكمات ومتشا بهات , المؤمنون يقولون كل من عند الله فيؤمنون به , وأهل الزيغ يتبعون ماتشابه منه ابتغاء الفتنه ويأ ولونه على ما تريد أنفسهم ,واتباعا لأهوائهم ورغبا تهم .
فهذه الآيات حجة بالغة عليهم بربوبية وألوهية الله سبحانه , وهو الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد , وماتضمنته من دلالة اسمائه وصفاته العلى , دليل كماله وألوهيته وقدرته سبحانه .
. حرر القول في واحدة من المسائل التالية:3: معنى قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا}.
معنى التأويل في اللغة :
قال ابن جرير الطبري :
التأويل يطلق ويراد به في القرآن معنيان
أحدهما : التأويل بمعنى حقيقة الشيء ، وما يئول أمره إليه ، ومنه قوله تعالى : ( ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا )، فإن أريد بالتأويل هذا ، فالوقف على الجلالة .
وأما إن أريد بالتأويل المعنى الآخر وهو التفسير والتعبير والبيان عن الشيء كقوله تعالى : ( نبئنا بتأويله ) [ يوسف : 36 ] أي : بتفسيره ، فإن أريد به هذا المعنى ، فالوقف على : ( والراسخون في العلم ) لأنهم يعلمون ويفهمون ما خوطبوا به بهذا الاعتبار ، وإن لم يحيطوا علما بحقائق الأشياء على كنه ما هي عليه.
قال محمد بن أحمد القرطبي :
معنى التأويل :
والتأويل يكون بمعنى التفسير ، كقولك : تأويل هذه الكلمة على كذا . ويكون بمعنى ما يئول الأمر إليه . واشتقاقه من آل الأمر إلى كذا يئول إليه ، أي صار . وأولته تأويلا أي صيرته .
قال ابن جرير الطبري
معنى التأويل : التّفسير والمرجع والمصير وقد أنشد بعض الرّواة بيت الأعشى:
على أنّها كانت تأوّل حبّها = تأوّل ربعيّ السّقاب فأصحبا
وأصله من آل الشّيء إلى كذا، إذا صار إليه ورجع يؤول أولاً وأوّلته أنا: صيّرته إليه.
القول في معنى قوله (ومايعلم تأويله إلا الله ) .
قَالَ الزَّجَّاجُ :
أي: لا يعلم أحد متى البعث .
وقال ابن عباس:
وما يعلم تأويله إلّا اللّه فهذا على الكمال والتوفية فيما لا يتأول ولا سبيل لأحد إليه كأمر الروح وتعرف وقت قيام الساعة وسائر الأحداث التي أنذر بها الشرع، وفيما يمكن أن يتأوله العلماء ويصح التطرق إليه، فمعنى الآية: وما يعلم تأويله على الكمال إلا الله».
قال ابن عاشور
قول ابن عاشور :ومن هنا أمسك السلف عن تأويل المتشابهات ، غير الراجعة إلى التشريع ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : «أيُّ أرضضٍ تُقِلّنِي وأيُّ سماء تُظِلُّنِي إن قلتُ في كتاب الله بما لا أعلم» .
معنى الرسوخ في لغة العرب :
قال الزجاج : (رسخ الشيء , يرسخ, رسوخاً إذا ثبت,أي: يقولون صدقنا بأنّ اللّه يبعثنا، ويؤمنون بأنّ البعث حق كما أن الإنشاء حق، ويقولون: {كلّ من عند ربّنا}, ويدل على أن الأمر الذي اشتبه عليهم لم يتدبروه.
قال ابن عطية :والرسوخ الثبوت في الشيء، وأصله في الأجرام أن يرسخ الجبل أو الشجر في الأرض وذكره الوسيط .
قال البغوي :
وأصله من رسوخ الشيء في الشيء وهو ثبوته يقال : رسخ الإيمان في قلب فلان يرسخ رسخا ورسوخا .
قال ابن عاشور :
والرسوخ في كلام العرب : الثبات والتمكن في المكان ، يقال : رسخت القدم ترسخ رسوخاً إذا ثبتت عند المشي ولم تتزلزل ، واستعير الرسوخ لكمال العقل والعلم بحيث لا تضلّله الشبه ، ولا تتطرّقه الأخطاء غالباً ، وشاعت هذه الاستعارة حتى صارت كالحقيقة .
علة الوصف بالرسوخ :
قال ابن عاشور :أن الله أثبت للراسخين في العلم فضيلة . ووصفهم بالرسوخ ، فآذن بأنّ لهم مزية في فهم المتشابه : لأنّ المحكم يستوي في علمه جميع من
يفهم الكلام ، ففي أيِّ شيء رسوخهم ، وحكى إمام الحرمين ، عن ابن عباس : أنّه قال في هذه الآية : «أنا ممّن يعلم تأويله» .
وقال ويؤيّد الأول وصفهم بالرسوخ في العلم؛ فإنّه دليل بيّن على أنّ الحُكم الذي أثبت لهذا الفريق ، هو حكم من معنى العلم والفهم في المعضِلات ، وهو تأويل المتشابه .
قال ابن عطية : «تسميتهم راسخين تقتضي أنّهم يعلمون أكثر من المحكم الذي يستوي في علمه جميع من يفهم كلام العرب ، وفي أيّ شيء هو رسوخهم إذا لم يعلموا إلاّ ما يعلمه الجميع وما الرسوخ إلاّ المعرفةُ بتصاريف الكلام بقريحة معدة» فالراسخون في العلم : الثابتون فيه العارفون بدقائقه ، فهم يحسنون مواقع التأويل ، ويعلمونه .
اختلف القراء في الوقف :
قال البغوي:
قوله تعالى : ( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ) اختلف العلماء في نظم هذه الآية فقال قوم : الواو في قوله والراسخون واو العطف يعني أن تأويل المتشابه يعلمه الله ويعلمه الراسخون في العلم وهم مع علمهم ( يقولون آمنا به ) وهذا قول مجاهد والربيع . وذكره ابن عاشور
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول في هذه الآية : أنا من الراسخين في العلم ، وروي عن مجاهد : أنا ممن يعلم تأويله
وقال عمر بن عبد العزيز : في هذه الآية انتهى علم الراسخين في العلم بتأويل القرآن إلى أن قالوا آمنا به كل من عند ربنا وهذا قول أقيس في العربية وأشبه بظاهر الآية .
قال ابن كثير
اختلف القرّاء في الوقف هاهنا، فقيل: على الجلالة، كما تقدّم عن ابن عبّاسٍ أنّه قال: «التّفسير على أربعة أنحاءٍ: فتفسيرٌ لا يعذر أحدٌ في فهمه، وتفسيرٌ تعرفه العرب من لغاتها، وتفسيرٌ يعلمه الرّاسخون في العلم، وتفسيرٌ لا يعلمه إلّا اللّه عزّ وجلّ».
ومنهم من يقف على قوله: {والرّاسخون في العلم} وتبعهم كثيرٌ من المفسّرين وأهل الأصول، وقالوا: الخطاب بما لا يفهم بعيدٌ.
عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن ابن العاص، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّ القرآن لم ينزل ليكذّب بعضه بعضًا، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما تشابه منه فآمنوا به». وذكره الوسيط
قال ابن عطيه
-واختلف العلماء في قوله تعالى: {والرّاسخون في العلم} فرأت فرقة: «أن رفع والرّاسخون هو بالعطف على اسم الله عز وجل وأنهم داخلون في علم المتشابه في كتاب الله وأنهم مع علمهم به، يقولون آمنّا به الآية». قال بهذا القول ابن عباس، وقال: «أنا ممن يعلم تأويله»،رواه ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ، عن ابن عباس .
-قالت عائشة وقولاً ثانياً لابن عباس :والرّاسخون رفع بالابتداء وهو مقطوع من الكلام الأول وخبره يقولون، والمنفرد بعلم المتشابه هو الله وحده بحسب اللفظ في الآية وفعل الراسخين قولهم آمنّا به.
وفي الحديث أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعا لابن عباس فقال: «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل» . وذكره الوسيط
-وقال أبو نهيك الأسدي: «إنكم تصلون هذه الآية وإنها مقطوعة وما انتهى علم الراسخين إلا إلى قولهم آمنّا به كلٌّ من عند ربّنا» وقال مثل هذا عمر بن عبد العزيز، وحكى نحوه الطبري عن يونس عن أشهب عن مالك بن أنس.
قال ابن كثير :
التّأويل يطلق ويراد به في القرآن معنيان، أحدهما: التّأويل بمعنى حقيقة الشّيء، وما يؤول أمره إليه، وقوله: {هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله}[الأعراف: 53] أي: حقيقة ما أخبروا به من أمر المعاد، فإن أريد بالتّأويل هذا، فالوقف على الجلالة؛ لأنّ حقائق الأمور وكنهها لا يعلمه على الجليّة إلّا اللّه عزّ وجلّ، ويكون قوله: {والرّاسخون في العلم} مبتدأً و {يقولون آمنّا به} خبره.
وأمّا إن أريد بالتّأويل المعنى الآخر وهو التّفسير والتّعبير والبيان عن الشّيء كقوله تعالى: {نبّئنا بتأويله}[يوسف: 36] أي: بتفسيره، فإنّ أريد به هذا المعنى، فالوقف على: {والرّاسخون في العلم} لأنّهم يعلمون ويفهمون ما خوطبوا به بهذا الاعتبار، وإن لم يحيطوا علمًا بحقائق الأشياء على كنه ما هي عليه، وعلى هذا فيكون قوله: {يقولون آمنّا به} حالًا منهم، وساغ هذا، وهو أن يكون من المعطوف دون المعطوف عليه، كقوله تعالى: {وجاء ربّك والملك صفًّا صفًّا}[الفجر: 22] أي: وجاءت الملائكة صفوفًا صفوفًا.
فالراجح والله اعلم :
قال ابن كثير :
اختلف القرّاء في الوقف هاهنا، فقيل: على الجلالة،قراءة عبد اللّه بن مسعودٍ: "إن تأويله إلّا عند اللّه والرّاسخون في العلم يقولون آمنّا به". وكذا عن أبيّ بن كعبٍ. واختار ابن جريرٍ هذا القول.
وقال محمد الطنطاوي :
وحكى ابن جرير أن قراءة عبد الله بن مسعود، إن تأويله إلا عند الله، والراسخون في العلم يقولون آمنا به. واختار هذا القول ابن جرير- وهو مذهب الأكثرين من الصحابة والتابعين وأتباعهم خصوصا أهل السنة.
قال القرطبي :
ومذهب أكثر العلماء أن الوقف التام في هذه الآية إنما هو عند قوله تعالى : وما يعلم تأويله إلا الله وأن ما بعده استئناف كلام آخر ، وهو قوله والراسخون في العلم يقولون آمنا به . وروي ذلك عن ابن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس وعائشة .
قال القاضي رحمه الله: «وهذه المسألة إذا تؤملت قرب الخلاف فيها من الاتفاق، وذلك أن الله تعالى قسم آي الكتاب قسمين: - محكما ومتشابها- فالمحكم هو المتضح المعنى لكل من يفهم كلام العرب لا يحتاج فيه إلى نظر ولا يتعلق به شيء يلبس ويستوي في علمه الراسخ وغيره والمتشابه يتنوع، فمنه ما لا يعلم البتة، كأمر الروح، وآماد المغيبات التي قد أعلم الله بوقوعها إلى سائر ذلك، ومنه ما يحمل على وجوه في اللغة ومناح في كلام العرب، فيتأول تأويله المستقيم، ويزال ما فيه مما عسى أن يتعلق به من تأويل غير مستقيم كقوله في عيسى:{وروحٌ منه}[النساء: 171]إلى غير ذلك، ولا يسمى أحد راسخا إلا بأن يعلم من هذا النوع كثيرا بحسب ما قدر له، وإلا فمن لا يعلم سوى المحكم فليس يسمى راسخا»،
المراجع :
_تفسير القرآن العظيم لابن كثير
_تفسير لمحمد بن جرير الطبري
_تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي
_كتاب تفسير معالم التنزيل للبغوي
_تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية
_كتاب التفسير الوسيط للطنطاوي
_كتاب معاني القرآن وإعرابه للزجاج
_تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 8 ربيع الأول 1439هـ/26-11-2017م, 06:57 AM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي

مصادر البحث
-تفسير ابن جرير
-تفسير ابن ابي حاتم
-تفسير ابن الجوزي
تفسير ابن عطية
-تفسير البغوي
-تفسير الواحدي
-تفسير القرطبي
-تفسير مكي بن ابي طالب
-تفسير الزمخشري
-تفسير الرازي
-تفسير البغوي
-تفسير ابن كثير
-تفسير الزجاج
-تفسير عاشور
-درج الدرر للجرجاني
-تفسير القاسمي
-تفسير النحاس
-جمهرة العلوم

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 8 ربيع الأول 1439هـ/26-11-2017م, 11:47 AM
أمل يوسف أمل يوسف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 570
افتراضي


اكتب رسالة مختصرة بأسلوب الحجاج تردّ فيها على النصارى الذين يعتقدون ألوهية عيسى عليه السلام، من خلال دراستك لصدر سورة آل عمران.

الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ،أما بعد
فإن الله تعالى قد وصف كتابه العظيم بأنه فرقان ؛فقال تعالى {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا}
والفرقان اسم مصدر لما يفرق به بين الحق والباطل والغي والرشاد والهدى والضلال وإن مما ضل به بعض الخلق إدعاء ألوهية غير الله أو جعلها شركة بين الله وبعض خلقه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا
ومن هؤلاء الضلال :النصارى الذين ضلوا عن الحق وانحرفوا عنه فادعوا ألوهية المسيح بن مريم ومنهم من جعله ابنا للإله تعالى الله ومنهم من يقول بالتثليث ويستندون لكل بحجة في زعمهم ؛فأما قولهم هو الله فحجتهم أنه يحيي الموتى ويبرىء الأكمه والأبرص ويعلم الغيب كمايزعمون فينبئهم بما يأكلون ومايدخرون في بيوتهم،وأما قولهم هو ابن الله –تعالى الله-فلأنه ولد لغير أب ،وأما قولهم بالتثليث فلقوله تعالى جعلنا وفعلنا ونحو ذلك
فلما كان القرآن كتاب هداية في نفسه ولمن انتفع به لاشتماله على الحق والصدق في الأخبار والعدل في الأحكام فقد تضمنت آياته الحجج القاطعة والبراهين الساطعة التى تدحض جميع الشبه وتزيلها من كل وجه حتى لايبقى لمدعيها إلا أن يسلم ويؤمن وإلا فقد دل عمله على كبر وعناد وجحود للحق ونكران
وقد نزلت صدر سورة آل عمران ردا على شبه وفد نجران من النصارى إذ أتوا رسول الله يجادلونه في شأن عيسى وحقيقة إلهيته أو بنوته أو التثليث ؛فاشتملت تلك الآيات المعجزات على أكمل حجة وبيان فلم تدع مجالا للشك أو الضلال فأصبح الحق جليا ولايهلك على الله إلا هالك
وفيما يلي بيان الحجج التي تناولتها صدر السورة الكريمة:
-بدأت السورة بإثبات الألوهية لله وحده ونفيها عن كل ماسواه فهو المستحق للألوهية وأن تصرف له العبادة والطاعة وحده لاشريك له فإن وصف الألوهية لاينبغي لأحد غيره إذ هو المتفرد بالخلق والملك والتدبير وحده فكما أنه الخالق المدبر وحده بلامشارك فيلزم من ذلك أنه الإله وحده بلامشارك ولامنازع وأما دلائل تفرده بالإلهية :
فمنها قوله تعالى {الحي القيوم}
فالحي :صاحب الحياة الدائمة التى لم تسبق بعدم ولايلحقها زوال حياة كاملة لايعتريها نقص كما هي حياة المخلوقين فما من مخلوق إلا وقد سبقت حياته بعدم وستنتهى حتما إلى فناء ويعتريها مايعتريها من نقص كالنوم والمرض ونحو ذلك ؛فالذي له الحياة الكاملة التى من لوازمها كونه سميعا بصيرا قديرا عليما حكيما قويا هو المستحق وحده للإلهية لاغير،وقد علم بالقطع أن عيسى عليه السلام غير موصوف بالحياة الكاملة فالنصارى يقرون بأنه قتل بزعمهم وأنه جزع من ذلك فكيف يكون إلها فضلا عن كون حياته قد سبقت بعدم وتنتهى بالفناء
القيوم:والقيومية يعنى كمال غناه بنفسه فقد قام بنفسه واستغنى عن كل أحد وقام بشئون خلقه قياما تاما قيام تدبير وخلق ورزق وحفظ وقيام محاسبة وجزاء فلايقوم الكون إلا به ولايتحرك متحرك ولايسكن ساكن إلا بأمره فهو الذى {يمسك السماوات والأرض أن تزولا}وهو {القائم على كل نفس بما كسبت} ومعلوم أن صفة القيومية ليست لعيسى عليه السلام فهو مخلوق والمخلوق لايكون قيوما مدبرا بل هو مملوك مدبر ولو كان قيوما لاستطاع أن ينجي نفسه ممن تآمروا عليه بالقتل ولأهلكهم
فدل قوله تعالى {الحي القيوم}على إثبات الألوهية لله واختصاصها به وحده ونفيها عن عيسى لأنه ليس حيا ولاقيوما كما هو الإله الحق وأيضا تضمنت نفي الولد عنه سبحانه وتعالى لأن الحي القيوم لاينبغي له أن يكون له ولد فإن الولد يشبه أباه ومعلوم أن عيسى عليه السلام ليست له الحياة الكاملة ولا القيومية التامة على المخلوقات فدل ذلك على بطلان دعوى البنوة لعيسى عليه السلام
ودل قوله تعالى {نزل عليك الكتاب بالحق}على صدق نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وأن القرآن اشتمل على الحق والصدق في الأخبار ومنها ما اختلف فيه النصارى بشأن عيسى فجاءهم في هذا الكتاب الحق والقول الفصل المؤيد بالحجة والبرهان ولذا وصفه بأنه فرقان لأنه يفرق بين الحق والباطل بآياته ومعجزاته ولهذا توعد المعرضين عن الآيات والبينات الواضحات بالعذاب الشديد من الله العزيز الذي لايغالب ولايمانع
-ومن آياته الباهرة وحججه القاطعة قوله تعالى {إن الله لايخفى عليه شىء في الأرض ولا في السماء }أي أن علمه أحاط بكل شىء فلايخفى عليه شىء في الأرض ولا في السماء علم محيط شامل لأنه الخالق المالك المدبر وفيه الرد على النصارى الذين ادعوا ألوهية عيسى بحجة أنه يعلم الغيب فيقال إن كان يعلم بعض الغيب فإن هذا لايعنى بالضرورة كونه إلها لأن الله تعالى يطلع أنبياءه ورسله بالوحي عن بعض المغيبات لكن عدم إحاطة علمه بكل شىء في الأرض ولافي السماء يلزم منها نفي كونه إلها فإن الإله هو الذي أحاط علمه بكل شىء فلا يخفى عليه شىء ولو كان عيسى عليه السلام كذلك لعلم بما يدبره له أعداءه ولهرب منهم قبل أن يصلوا إليه
-ومن آياته وحججه أيضا قوله تعالى {هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء} وهذا فيه بيان كمال قدرة الله وعظمته وحكمته فإن التصوير من خصائص القيومية ومن عظيم القدرة وقد وردت النصوص التي تبين مراحل الخلق من النطفة إلى إن يصير مكتمل البنية ينقله من مرحلة إلى مرحلة فكل مخلوق الله هو الذي صوره وشق سمعه وبصره كيف يشاء وما كان عيسى عليه السلام إلا بشر كسائر البشر صوره الله في رحم أمه كما صور غيره ويصورهم وقوله تعالى {كيف يشاء}أي على الحال والهيئة التى يشاء ذكر أو أنثى أحمر أو أبيض أو أسود سليم أو ذو عاهة ومن ذلك أن يصوره لا من رجل لأن الله تعالى على كل شىء قدير يصور الخلق كيف يشاء وهذا الذي أوقع النصارى في الضلال اعتقادهم أن التصوير والخلق لايكون بدون أب وجهلوا أن الله يصور الخلق في الأرحام كيف يشاء وهذا دليل على كمال ألوهيته وقدرته وعزته وأنه الحكيم في خلقه المحكم له غاية الإحكام الحكيم في أمره فليس في حكمه جور ولا عبث ولذا قال {لا إله إلا هو العزيز الحكيم }
-ولما كان من هؤلاء النصارى من يحتج ببعض آيات القرآن ليؤيد شبهته وضلاله كمن يحتج بقوله تعالى {وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه} فقد رد عليهم بقوله تعالى {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات} أى أن القرآن اشتمل على الآيات المحكمة التى وصفها البيان والظهور وآيات متشابهات قد تشتبه على بعض من ليس عنده علم والصواب أن المتشابه يرد إلى المحكم فيصير الجميع محكما فإن قوله تعالى {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب}وقوله تعالى {ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله}وقوله تعالى {ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام}وغير ذلك كثير من المحكم الذي لاريب فيه ولاتأويل فيه ولا يحمل على غير معناه وبين سبحانه أن الذين فيى قلوبهم زيغ يتمسكون بالمتشابه ويدعون المحكم ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وحمله على غير مراد الله منه اتباعا لأهوائهم وأغراضهم الفاسدة
=================================================================================================================

المراد بالآيات المحكمات والآيات المتشابهات:
اختلف أهل العلم في المراد بالمحكمات والمتشابهات على أقوال:
القول الأول :
{محكمات} ناسخه وما يعمل به، وما لم ينسخ.
القائلون به:بن عباس، بن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقتادة والضحاك والربيع
قول بن مسعود رواه بن جرير من طريق أسباط عن مرة الهمداني عن بن مسعود
قول قتادة:رواه بن جرير من طريق بشر عن يزيد عن سعيد
قول بن عباس:رواه بن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس
قول الضحاك رواه سفيان الثورى من طريق سلمة بن نبيط في تفسيره
قول الربيع رواه بن جريرمن طريق اسحاق عن بن أبي جعفر عن أبيه

القول الثانى:
: أن المحكم ما أحكم الله بيان حلاله وحرامه فلم تشتبه معانيه(آيات الأحكام) , قاله مجاهد.
القائلون به:بن عباس ومجاهد والربيع والحسن
قول مجاهد :رواه البخاري في صحيحه باب {منه آيات محكمات }
ورواه بن جرير قال حدّثنا أبي، ثنا أبو غسّان، ثنا قيسٌ يعني: ابن الرّبيع، عن أبي إسحاق، عن عبد اللّه بن فلانٍ قال: سمعت ابن عبّاسٍ يقول في قول اللّه: منه آياتٌ محكماتٌ قال: الثّلاث آياتٍ من آخر سورة الأنعام محكماتٌ، قل تعالوا: أتل ما حرّم ربّكم عليكم والآيات بعدها.
- حدّثنا أبي، ثنا ابن نفيلٍ، ثنا هشيمٌ، أنا العوّام بن حوشبٍ عن من حدّثه عن ابن عبّاسٍ أنّه قال: في قوله: منه آياتٌ محكماتٌ هنّ أمّ الكتاب قال: من هاهنا قل تعالوا أتل ما حرّم ربّكم عليكم إلى ثلاث آياتٍ ومن هاهنا وقضى ربّك ألا تعبدوا إلا إياه إلى ثالث آياتٍ بعدها- وروي عن سعيد بن جبيرٍ نحو ذلك.
قال بن عطية: وهذا عندي على جهة التمثيل أي يوجد الإحكام في هذا والتشابه في هذا، لا أنه وقف على هذا النوع من الآيات، وقال بهذا القول قتادة والربيع والضحاك،
القول الثالث:
المحكمات من آي الكتاب: ما لم يحتمل من التّأويل غير واحدٍ وجهٍ
القائلون به:محمد بن جعفر بن الزبير،رواه بن جرير من طريق بن حميد عن سلمة عن محمد بن اسحاق
قال: فيهنّ حجّة الرّبّ وعصمة العباد، ودفع الخصوم والباطل، ليس لها تصريفٌ ولا تحريفٌ عمّا وضعت عليه ،
قال بن عطية: وهذا أحسن الأقوال في هذه الآية
قال الزّمخشريّ: محكمات أحكمت عبارتها بأن حفظت من الاحتمال والاشتباه
قال محمود بن موسى العينى في شرحه :وقال الخطابيّ المحكم هو الّذي يعرف بظاهر بيانه تأويله وبواضح أدلته باطن معناه

القول الرابع
: ما أحكم اللّه فيه من آي القرآن وقصص الأمم ورسلهم الّذين أرسلوا إليهم، ففصّله ببيان ذلك لمحمّدٍ وأمّته
القائلون به :بن زيد ورواه بن جرير من طريق يونس عن بن وهب
قال ابن زيدٍ وقرأ: {الر كتابٌ أحكمت آياته ثمّ فصّلت من لدن حكيمٍ خبيرٍ} قال: وذكر حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في أربعٍ وعشرين آيةً منها، وحديث نوحٍ في أربعٍ وعشرين آيةً منها .
ثمّ قال: {تلك من أنباء الغيب} ثمّ ذكر: {وإلى عادٍ} فقرأ حتّى بلغ: {واستغفروا ربّكم} ثمّ مضى، ثمّ ذكر صالحًا وإبراهيم ولوطًا وشعيبًا، وفرغ من ذلك، وهذا يقينٌ، ذلك يقينٌ أحكمت آياته ثمّ فصّلت،

القول الخامس:
المحكم من آي القرآن: ما عرف العلماء تأويله، وفهموا معناه وتفسيره
قال به :جابر بن عبد الله بن رئاب
قال بن جرير: وهذا قولٌ ذكر عن جابر بن عبد اللّه بن رئابٍ أنّ هذه الآية نزلت فيه، وقد ذكرنا الرّواية بذلك عنه وعن غيره ممّن قال نحو مقالته في تأويل ذلك في تفسير قوله: {الم ذلك الكتاب لا ريب فيه}
--الأقوال في المراد بالآيات المتشابهات:
القول الأول : ما تشابهت ألفاظه وتصرَّفت معانيه بوجوه التأويلات
أي :آيات في القرآن يتشابهن على الناس إذا قرأوهن (لأنها تحتمل أوجها وتصريفا)
قال به سعيد بن جبير ،أخرجه بن المنذر من طريق الحسين بن عيسى البسطامي
قال سعيد بن جبير: ومن أجل ذلك يضل من ضل فكل فرقة يقرؤون آية من القرآن يزعمون أنها لهم فمنها يتبع الحرورية من المتشابه قول الله (و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) (المائدة الآية 44) ثم يقرؤون معها (والذين كفروا بربهم يعدلون) (الأنعام الآية 1) فإذا رأوا الإمام يحكم بغير الحق قالوا: قد كفر فمن عدل بربه ومن عدل بربه فقد أشرك بربه، فهؤلاء الأئمة مشركون فيجعلونها فِي المسلمين واحدة، وإنما أنزله الله عَزَّ وَجَلَّ فِي النَّاس جميعا، المشرك يعلم أن الله حق، وأنه خلق السماوات والأرض، ثُمَّ يشرك بِهِ، وآي عَلَى نحو ذَلِكَ، لو شعر كثر فِيهِ القول، وتتأول السبئية إذ يقولون فِيهِ بغير الحق إِنَّمَا يقولون قول الله عَزَّ وَجَلَّ: وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ، فيجعلونها فيمن يخاصمهم من أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بعث الموتى قبل يَوْم الْقِيَامَةِ
وقال محمد بن اسحاق: وأخر متشابهاتٌ لم يفصل فيهنّ القول كفصله في المحكمات، تتشابه في عقول الرّجال ويتخالجها التّأويل، فابتلى اللّه فيها العباد كابتلائهم في الحلال والحرام، أخرجه بن أبي حاتم من طريق الحسن بن الربيع

القول الثانى :هو المنسوخ ومقدمه ومؤخره وأمثاله وأقسامه و الذي يؤمن به ولايعمل به
القائلون: بن عباس وقتادة والربيع والضحاك
القول الثالث:يصدق بعضه بعضا .
كقوله تعالى: {وما يضلّ به إلاّ الفاسقين} وكقوله جلّ ذكره: {ويجعل الرّجس على الّذين لا يعقلون} وكقوله تعالى: {والّذين اهتدوا زادهم هدًى} {زيغٌ} شكٌّ.
قال به مجاهد وأخرجه بن أبي حاتم حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن الهرويّ، ثنا أبو داود، ثنا سفيان، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ زاد أبو ذر عن الكشميهني والمستملي وآتاهم تقواهم هذا تفسير للمتشابه وذلك أن المفهوم من الآية الأولى أن الفاسق وهو الضال تزيد ضلالته وتصدقه الآية الأخرى حيث يجعل الرجس للذي لا يعقل وذلك حيث تزيد للمهتدي الهداية قاله الكرماني
. قال جعفر بن الزبير : وأخر متشبهتٌ في الصّدق لهنّ تصريفٌ وتحريفٌ وتأويلٌ ابتلى اللّه فيهنّ العباد كما ابتلاهم في الحلال والحرام، لا يصرفن إلى الباطل ولا يحرّفن عن الحقّ
قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) :
(1 ـ باب {منه آياتٌ محكماتٌ}
قوله: (وأخر متشابهات الخ) حاصل ما ذكروه في تفسيره أنها متناسبات يشبه بعضها بعضاً في المعنى بحيث يصير كل منها كالمصدق لصاحبه، ولا يخفى أن هذا المعنى غير مناسب لما بعده، وإنما المناسب به أن يفسر بالمشتبهات التي يشتبه، ويلتبس معانيها بحيث لا يكاد تفهم، والله تعالى أعلم اهـ سندي).[حاشية السندي على البخاري: 3/42-43
قال بن عطية :وقال مجاهد وعكرمة:
المحكمات ما فيه الحلال والحرام، وما سوى ذلك فهو متشابه يصدق بعضه بعضا، وذلك مثل قوله: وَمايضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ
[البقرة: 26] وقوله: كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ [الأنعام: 125] .
قال الفقيه أبو محمد: وهذه الأقوال وما ضارعها يضعفها أن أهل الزيغ لا تعلق لهم بنوع مما ذكر دون سواه
القول الرابع :هي الحروف المقطعة
قال به مقاتل وأخرجه بن أبي حاتم من طريق محمد بن الفضل
قال بن جرير : وقالوا: إنّما سمّى اللّه من آي الكتاب المتشابه الحروف المقطّعة الّتي في أوائل بعض سور القران من نحو الم، والمص، والمر، والر، وما أشبه ذلك؛ لأنّهنّ متشابهاتٌ في الألفاظ، وموافقاتٌ حروف حساب الجمّل، وكان قومٌ من اليهود على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم طمعوا أن يدركوا من قبلها معرفة مدّة الإسلام وأهله، ويعلموا نهاية أكل محمّدٍ وأمّته، فأكذب اللّه أحدوثتهم بذلك، وأعلمهم أنّ ما ابتغوا علمه من ذلك من قبل هذه الحروف المتشابهة لا يدركونه ولا من قبل غيرها، وأنّ ذلك لا يعلمه إلاّ اللّه، وهذا قولٌ ذكر عن جابر بن عبد اللّه بن رئابٍ أنّ هذه الآية نزلت فيه، وقد ذكرنا الرّواية بذلك عنه وعن غيره ممّن قال نحو مقالته في تأويل ذلك في تفسير قوله: {الم ذلك الكتاب لا ريب فيه}
وهذا القول الّذي ذكرناه عن جابر بن عبد اللّه أشبه بتأويل الآية، وذلك أنّ جميع ما أنزل اللّه عزّ وجلّ من آي القرآن على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فإنّما أنزله عليه بيانًا له ولأمّته وهدًى للعالمين، وغير جائزٍ أن يكون فيه ما لا حاجة بهم إليه، ولا أن يكون فيه ما بهم إليه الحاجة، ثمّ لا يكون لهم إلى علم تأويله سبيلٌ، فإذا كان ذلك كذلك، فكلّ ما فيه لخلقه إليه الحاجة وإن كان في بعضه ما بهم عن بعض معانيه الغنى، وإن اضطرّته الحاجة إليه في معانٍ كثيرةٍ، وذلك كقول اللّه عزّ وجلّ: {يوم يأتي بعض آيات ربّك لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا} فأعلم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أمّته أنّ تلك الآية الّتي أخبر اللّه جلّ ثناؤه عباده أنّها إذا جاءت لم ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ذلك، هي طلوع الشّمس من مغربها، فالّذي كانت بالعباد إليه الحاجة من علم ذلك هو العلم منهم بوقت نفع التّوبة بصفته بغير تحديده بعدٍّ السّنين والشّهور والأيّام، فقد بيّن اللّه ذلك لهم بدلالة الكتاب، وأوضحه لهم على لسان رسول صلّى اللّه عليه وسلّم مفسّرًا، والّذي لا حاجة لهم إلى علمه منه هو العلم بمقدار المدّة الّتي بين وقت نزول هذه الآية ووقت حدوث تلك الآية، فإنّ ذلك ممّا لا حاجة بهم إلى علمه في دينٍ ولا دنيا، وذلك هو العلم الّذي استأثر اللّه جلّ ثناؤه به دون خلقه، فحجبه عنهم، وذلك وما أشبهه هو المعنى الّذي طلبت اليهود معرفته في مدّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وأمّته من قبل قوله: الم، والمص، والر، والمر ونحو ذلك من الحروف المقطّعة المتشابهات الّتي أخبر اللّه جلّ ثناؤه أنّهم لا يدركون تأويل ذلك من قبله، وأنّه لا يعلم تأويله إلاّ اللّه
القول الرابع: : والمتشابه هو ما اشتبهت الألفاظ به من قصصهم عندالتّكرير في السّور بقصّةٌ باتّفاق الألفاظ واختلاف المعاني، وبقصّةٌ باختلاف الألفاظ واتّفاق المعاني

القائلون به :بن زيد ورواه بن جرير من طريق يونس عن بن وهب
قال بن زيد: والمتشابه ذكر موسى في أمكنةٍ كثيرةٍ، وهو متشابهٌ، وهو كلّه معنًى واحدٌ ومتشابهٌ: {اسلك فيها}، {احمل فيها}، {اسلك يدك} {أدخل يدك}، {حيّةٌ تسعى}، {ثعبانٌ مبينٌ}
قال: ثمّ ذكر هودًا في عشرٍ آياتٍ منها، وصالحًا في ثماني آياتٍ منها وإبراهيم في ثماني آياتٍ أخرى، ولوطًا في ثماني آياتٍ منها، وشعيبًا في ثلاث عشرة آيةً، وموسى في أربع آياتٍ، كلّ هذا يقضي بين الأنبياء وبين قومهم في هذه السّورة، فانتهى ذلك إلى مائة آيةٍ من سورة هودٍ، ثمّ قال: {ذلك من أنباء القرى نقصّه عليك منها قائمٌ وحصيدٌ} وقال في المتشابه من القرآن: من يرد اللّه به البلاء والضّلالة، يقول: ما شأن هذا لا يكون هكذا؟ وما شأن هذا لا يكون هكذا

القول الخامس: والمتشابه: ما لم يكن لأحدٍ إلى علمه سبيلٌ ممّا استأثر اللّه بعلمه دون خلقه، وذلك نحو الخبر عن وقت مخرج عيسى ابن مريم، ووقت طلوع الشّمس من مغربها، وقيام السّاعة، وفناء الدّنيا، وما أشبه ذلك
وهذا القول هو ما رجحه بن جرير إذ يرى أن القرآن كله محكما إلا ما استأثر الله تعالى بعلمه وليس في بيانه نفع لنا فهو من المتشابه قال: فإذا كان المتشابه هو ما وصفنا، فكلّ ما عداه فمحكمٌ؛ لأنّه لن يخلو من أن يكون محكمًا بأنّه بمعنًى واحدٍ لا تأويل له غير تأويلٍ واحدٍ، وقد استغنى بسماعه عن بيانٍ يبيّنه، أو يكون محكمًا، وإن كان ذا وجوهٍ وتأويلاتٍ وتصرّفٍ في معانٍ كثيرةٍ، بالدّلالة على المعنى المراد منه إمّا من بيان اللّه تعالى ذكره عنه أو بيان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم لأمّته، ولن يذهب علم ذلك عن علماء الأمّة لما قد بيّنّا). [جامع البيان:

قال العيني:
والمتشابه ما اشتبه منها فلم يتلق معناه من لفظه ولم يدرك حكمه من تلاوته، وهو على ضربين: أحدهما: ما إذا رد إلى المحكم واعتبر به علم معناه. والآخر: ما لا سبيل إلى الوقوف على حقيقته وهو الّذي يتبعه أهل الزبغ فيبطلون تأويله ولا يبلغون فيرتابون فيه فيفتنون به، وذلك كالإيمان بالقدر ونحوه، ويقال: المحكم ما اتضحت دلالته، والمتشابه ما يحتاج إلى نظر وتخريج، وقيل: المحكم ما لم ينسخ، والمتشابه ما نسخ، وقيل: المحكم آيات الحلال والحرام، والمتشابه آيات الصّفات والقدر، وقيل: المحكم آيات الأحكام، والمتشابه الحروف المقطعة

الراجح:
قال بن حجر :وقيل دلّت الآية على أنّ بعض القرآن محكمٌ وبعضه متشابهٌ ولا يعارض ذلك قوله أحكمت آياته ولا قوله كتابا متشابها مثانى حتّى زعم بعضهم أنّ كلّه محكمٌ وعكس آخرون لأنّ المراد بالإحكام في قوله أحكمت الإتقان في النّظم وأنّ كلّها حقٌّ من عند اللّه والمراد بالمتشابه كونه يشبه بعضه بعضًا في حسن السّياق والنّظم أيضًا وليس المراد اشتباه معناه على سامعه وحاصل الجواب أنّ المحكم ورد بإزاء معنيين والمتشابه ورد بإزاء معنيين واللّه أعلم
وقال الخطّابيّ المتشابه على ضربين أحدهما ما إذا ردّ إلى المحكم واعتبر به عرف معناه والآخر ما لا سبيل إلى الوقوف على حقيقته وهو الّذي يتّبعه أهل الزّيغ فيطلبون تأويله ولا يبلغون كنهه فيرتابون فيه فيفتنون واللّه أعلم). [فتح الباري: 8/209-212
وتفصيل كلام بن حجر رحمه الله أن المحكم على معنيين معنى عام وهو الإتقان في النظم وصدق الخبر وعدالة الأحكام وإحكام خاص وهو البيان والظهور وهو غالب القرآن مثل آيات الأحكام والحدود والفرائض وكل ما لم ينسخ والناسخ وكل مابينه الله تعالى وفصل فيه
وأما المتشابه فعلى معنيين ،المعنى العام وهو التشابه في الكمال وحسن النظم وتشابه خاص وهو على ضربين كما ذكر الخطابي

ومقصد أهل الزيغ من اتّباع متشابه القرآن
ليحققوا بادّعائهم الأباطيلَ من التأويلات في ذلك ما هم عليه من الضلالة والزّيغ عن محجة الحقّ، تلبيسًا منهم بذلك على من ضعفت معرفته بوجوه تأويل ذلك وتصاريف معانيه، قال تعالى {فيتبعون ماتشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله}
و جاء في المراد بالفتنة أقوال:
الأول :الكفر والشرك،قاله الربيع والسدي وقتيبة
حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال: حدثنا أسباط، عن السدي:"ابتغاء الفتنة"، قال: إرادة الشرك.
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: (ابتغاء الفتنة) يعني الشرك.
الثاني :الشبهات قاله مجاهد
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"ابتغاء الفتنة"، قال: الشبهات، بها أهْلِكوا.
الثالث:اللبس على المؤمنين قاله محمد بن جعفر
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير:"ابتغاء الفتنة"، أي اللَّبْس
الرابع:إفساد ذات البين في الدين والحروب، قاله الزجاج
الترجيح:
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: معناه:"إرادةُ الشبهات واللبس".
فمعنى الكلام إذًا: فأما الذين في قلوبهم هيلٌ عن الحق وحَيْفٌ عنه، فيتبعون من آي الكتاب ما تَشابهت ألفاظه، واحتمل صَرْف صارفه في وجوه التأويلات (2) - باحتماله المعاني المختلفة - إرادةَ اللبس على نفسه وعلى غيره، احتجاجًا به على باطله الذي مالَ إليه قلبه، دون الحق الذي أبانه الله فأوضحه بالمحكمات من آي كتابه.
قال أبو جعفر: وإنما قلنا القول الذي ذكرنا أنه أولى التأويلين بقوله:"ابتغاء الفتنة"، لأن الذين نزلت فيهم هذه الآية كانوا أهلَ شرك، وإنما أرادوا بطلب تأويل ما طلبوا تأويله، اللبسَ على المسلمين، والاحتجاجَ به عليهم، ليصدّوهم
عما هم عليه من الحق، فلا معنى لأن يقال:"فعلوا ذلك إرادةَ الشرك"، وهم قد كانوا مشركين
وفي المراد ب{تأويله }أقوال منها:
الأول : طلب تأويل مالا يوقف عليه ومنه الأجل الذي أرادت اليهود أن تعرفه من انقضاء مُدّة أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأمر أمته، من قبل الحروف المقطعة من حساب الجُمَّل،"ألم"، و"ألمص"، و"ألر"، و"ألمر"، وما أشبه ذلك من الآجال.قاله بن عباس والزجاج
حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس أما قوله:"وما يعلم تأويله إلا الله"، يعني تأويله يوم القيامة ="إلا الله"
الثاني: ابتغاء تأويل ما تَشابه من آي القرآن، يتأوّلونه - إذ كان ذا وجوه وتصاريفَ في التأويلات - على ما في قلوبهم من الزَّيغ، وما ركبوه من الضلالة".
قال به محمد بن جعفر بن الزبير
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير:"وابتغاء تأويله"، وذلك على ما ركبوا من الضلالة في قولهم = (1) "خلقنا"، و"قضينا
الراجح:
ورجح الطبري القول الأول ووجهه فقال:
وإنما قلنا: إن طلب القوم معرفة الوقت الذي هو جاءٍ قبل مجيئه المحجوب علمه عنهم وعن غيرهم، بمتشابه آي القرآن - (3) أولى بتأويل قوله:"وابتغاء تأويله"، لما قد دللنا عليه قبلُ من إخبار الله جل ثناؤه أن ذلك التأويل لا يعلمه إلا الله. ولا شكّ أن معنى قوله:"قضينا""فعلنا"، قد علم تأويله كثيرٌ من جهلة أهل الشرك، فضلا عن أهل الإيمان وأهل الرسوخ في العلم منهم.







=================================================
وقسم الراغب المتشابه إلى قسمين. أحدهما ما يرجع إلى ذاته، والثاني إلى أمر ما يعرض له.
والأول على ضروب ما يرجع إلى جهة اللفظ مفردًا ما لغرابته نحو وفاكهة وأبا أو لمشاركته الغير نحو اليد والعين أو مركبًا أما للاختصار نحو: {واسأل القرية} أو للإطناب نحو {ليس كمثله شيء} أو لإغلاق اللفظ نحو فإن عثر على أنهما استحقا إثمًا فآخران يقومان مقامهما الآية.
وثانيها ما يرجع إلى المعنى أما من جهة دقته كأوصاف الباري عز وجل وأوصاف القيامة أو من جهة ترك الترتيب ظاهرًا نحو: {ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات} إلى قوله: {لعذبنا الذين كفروا} [الفتح: 25] وثالثها: ما يرجع إلى اللفظ والمعنى معًا وأقسامه بحسب تركيب بعض وجوه اللفظ مع بعض وجوه المعنى نحو غرابة اللفظ مع دقة المعنى ستة أنواع، لأن وجوه اللفظ ثلاثة، ووجوه المعنى اثنان ومضروب الثلاثة في اثنين ستة.
والقسم الثاني من المتشابه وهو ما يرجع إلى ما يعرض في اللفظ وهو خمسة أنواع.
الأول من جهة الكمية كالعموم والخصوص.
الثاني من طريق الكيفية كالوجوب والندب.
الثالث من جهة الزمان كالناسخ والمنسوخ.
الرابع من جهة المكان كالمواضع والأمور التي نزلت فيها نحو: {وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها} [البقرة: 189] وقوله تعالى: {إنما النسيء زيادة في الكفر} [التوبة: 37] فإنه يحتاج في معرفة ذلك إلى معرفة عاداتهم في الجاهلية.
الخامس من جهة الإضافة وهي الشروط التي بها يصح الفعل أو يفسد كشروط العبادات والأنكحة والبيوع.
وقد يقسم المتشابه والمحكم بحسب ذاتهما إلى أربعة أقسام.
المحكم من جهة اللفظ والمعنى كقوله تعالى: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم} [الأنعام: 151] إلى آخر الآيات.
الثاني متشابه من جهتهما معًا قوله تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه} [الأنعام: 125] الآية.
الثالث متشابه في اللفظ محكم في المعنى قوله تعالى: {وجاء ربك} الآية.
الرابع متشابه في المعنى محكم في اللفظ نحو: الساعة والملائكة.
وإنما كان فيه المتشابه لأنه باعث على تعلم علم الاستدلال لأن معرفة المتشابه متوقفة على معرفة علم الاستدلال فتكون حاملة على تعلمه فتتوجه الرغبات إليه ويتنافس فيه المحصلون فكان كالشيء النافق بخلافه إذا لم يوجد فيه المتشابه فلم يحتج إليه كل الاحتياج فيتعطل ويضيع ويكون كالشيء الكاسد قاله الطيبي

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 8 ربيع الأول 1439هـ/26-11-2017م, 05:04 PM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
افتراضي

1. (عامّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة مختصرة بأسلوب الحجاج تردّ فيها على النصارى الذين يعتقدون ألوهية عيسى عليه السلام، من خلال دراستك لصدر سورة آل عمران.
بِسْم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين .
أما بعد :
قال تعالى : ( الم (1) اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ (3) مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ ۗ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (4) إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6)
وصف الله عز وجل نفسه في هذه الآيات الكريمة بالوصف الذي يليق بجلاله وعظمته ، والذي لا ينبغي أن يتصف به أحد من خلقه ، لأن هذه الأوصاف لا تكون إلا للرب العظيم الذي لاإله إلا هو فبدأ بتوحيد ذاته العليةو في هذا نفي لعقيدة النصارى من أول الأمر
ثم وصف نفسه بأنه ( الحي ) فكل المخلوقين يموتون ولهم أجل معلوم ،ومن هذه المخلوقات نبي الله عيسى عليه السلام ، فله أجل معلوم سيتوفاه الله فيه ، قال تعالى :
(إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۖ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)
ثم قال : ( الْقَيُّوم ) ومعنى {القيّوم}: القائم بتدبير جميع ما خلق من إحياء, وإنشاء, ورزق , وموت، وهذا الأمر قد نفى القول بألوهية عيسى عليه السلام ،فكيف يكون قيوما وهو لم يستطع دفع الضرر عن نفسه وترك أعدائه يصلوبونه ويقتلونه كما يدعي النصارى ، ثم وصف نفسه العلية بأنه ( لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ) وهذه الآية خبر عن علم الله تعالى بالأشياء على التفصيل، وهذه صفة لم تكن لعيسى ولا لأحد من المخلوقين، ثم أخبر عن تصويره للبشر في أرحام الأمهات، وهذا أمر لا ينكره عاقل، ولا ينكر أن عيسى وسائر البشر لا يقدرون عليه، ولا ينكر أن عيسى عليه السلام من المصورين في الأرحام، فهذه الآية تعظيم لله تعالى في ضمنها الرد على نصارى نجران وغيرهم من النصارى ،فهذه صفة لا يستطيعها غيره فقال : ( {هو الّذي يصوّركم في الأرحام كيف يشاء)وفِي هذا تعريضٌ بل تصريحٌ بأنّ عيسى ابن مريم عبدٌ مخلوقٌ، كما خلق اللّه سائر البشر؛ لأنّ اللّه تعالى صوّره في الرّحم وخلقه، كما يشاء، فكيف يكون إلهًا كما زعمته النّصارى -عليهم لعائن اللّه-وقد تقلّب في الأحشاء، وتنقّل من حالٍ إلى حالٍ، كما قال تعالى: {يخلقكم في بطون أمّهاتكم خلقًا من بعد خلقٍ في ظلماتٍ ثلاثٍ ذلكم اللّه ربّكم له الملك لا إله إلا هو فأنّى تصرفون}[الزّمر: 6] ).
وأنّه لو كان إلهًا لم يكن ممّن اشتملت عليه رحم أمّه؛ لأنّ خلاّق ما في الأرحام لا تكون الأرحام عليه مشتملةً، وإنّما تشتمل على المخلوقين.
وهذا رد على وفد نجران من النصارى ، حيث قالوا : عيسى ولد الله ، فكأنه يقول : كيف يكون لله ولد وقد صوره الله تعالى في الرحم.
ثم ختم هذه الصفات الجليلة بقوله : لا إله إلا هو العزيز الحكيم} أي: هو الّذي خلق، وهو المستحقّ للإلهيّة وحده لا شريك له، وله العزّة الّتي لا ترام، والحكمة والأحكام.
المصادر:
جمهرة العلوم
تفسير الطبري
تفسير البغوي
تفسير ابن عطية
تفسير الزجاج
تفسير ابن كثير
تفسير المنار ض

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 9 ربيع الأول 1439هـ/27-11-2017م, 01:35 AM
شيماء طه شيماء طه غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 318
افتراضي

1 تحرير القول في التوراة والأنجيل
اختلف النحويين في توراة
1 فقال الكوفيون توراة يصلح أن يكون تفعلة من وريت بك زنادي فالأصل عندهم تورية الا أن الياء قلبت ألفا لتحركها.
وقال بعضهم يصلح أن يكون تفعلة من توصية
3 قال البصريون يجوز أن تكون فوعلة مثل الحوقلة.
وانجيل من افعيل من النجل وهو الأصل وهكذا يقول جميع أهل اللغة.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 9 ربيع الأول 1439هـ/27-11-2017م, 01:39 AM
شيماء طه شيماء طه غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 318
افتراضي

رسال الرد على النصارى من خلال دراسة صدر سورة آل عمران

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، الحمد لله الذي من تمسك بكتابه نجا
والصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: فأن القرآن واضح بين فيه الحقائق الباهرة والبراهين الساطعة والحجج القاهرة التي لا مجال لمضل أن يتبع هواه بعد أذ تبين له الحق.
ومن الحقائق التي وضحها القرآن الرد على ضلالات النصارى اباطلة وافتراءاتهم الكاذبة والتي منها ادعاء أن عيسى عليه السلام أله أو أنه ابن اله وقد جاءت سورة آل عمران لترد على النصارى الذين قالوا أن عيسى عليه السلام هو ابن الله تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا فجاءت نحوا من 80 آية للرد عليهم ومن أهم ما يرد به عليهم في هذه السورة ما يلي:
1 أن الله تعالى أن يكون له ولد وكل العباد فقراء أليه وهو غني عنهم.
2 جاءت هذه السورة وفي بدايتها الحديث عن القرآن والتنويه بشأن النبي صلى الله عليه وسلم وانقسام الناس وبيان أفهامهم حول القرآن.
3 التنويه بفضيلة الإسلام وأنه لا يعدله دين وأنه لا يقبل دين عند الله بعد ظهور الإسلام غيره.
4 الحديث عن التوراة والأنجيل والأشارة ألى أنهما أنزلا قبل القرآن تمهيدا لهذا الدين فلا يحق للناس أن يكفروا به.
5 التعرف على دلائل ألهية الله وانفراده بالعبادة وأبطال ضلالات الذين اتخذوا آلهة من دون الله ممن جعلوا له شركاء أو اتخذوا له أبناء.
6 تهديد المشركين بأن أمرهم ألى زوال ولا يغرهم ما هم فيه من البذخ وأن ما أعد للمؤمنين خير من ذلك وتهديدهم بزوال سلطانهم.
7 الثناء على عيسى عليه السلام وآل بيته وذكر معجزة ظهوره وأن مخلوق لله.
8 ذكر الذين آمنوا به حقا وأبطال ألهية عيسى.
9 محاجة أهل الكتاب في الحنيفية وأنهم أبعد الناس عنها.
10 ما أخذ الله من عهد على الرسل وأن يؤمنوا بالرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم.
طاا أن الله جعل الكعبة أول بيت وضع للناس وأوجب حجه على امؤمنين.
12 أظهار ضلال اليهود وسوء مقالهم وافترائهم في دينهم وكتمانه.
13 تذكير المسلمين بنعمة الله عليهم بدين الإسلام وأمرهم بالاتحاد والوفاق وتذكيرهم بحالهم السابق في الجاهلية والتهوين من تظاهر المعاندين من أهل الكتاب والمشركين والتحذير من كيدهم وكيد الذين أظهروا الإسلام ثم عادوا ألى الكفر فكانوا مثلاً لتمييز الخبيث من الطيب وأمرهم بالاعتزاز بالنفس والصبر على الشدائد وأذى العدو ووعدهم على ذلك بالنصر والتأييد وألقاء الرعب في نفوس عدوهم.
وهكذا ترد هذه الآيات وغيرها من آيات السورة خاصة وسور القرآن بشكل عام ويتبين من ذلك أن الحق واضح لا عوج فيه.
نسأل الله أن يثبتنا على دينه وأن يتوفانا وهو راضٍ عنا.
والحمد لله رب العالمين.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 10 ربيع الأول 1439هـ/28-11-2017م, 02:47 PM
ميسر ياسين محمد محمود ميسر ياسين محمد محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 716
افتراضي

رسالة بأسلوب الحجاج في
قوله تعالى:﴿الم ۝اللَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ الحَيُّ القَيّومُ ۝ نَزَّلَ عَلَيكَ الكِتابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقًا لِما بَينَ يَدَيهِ وَأَنزَلَ التَّوراةَ وَالإِنجيلَ ۝ مِن قَبلُ هُدًى لِلنّاسِ وَأَنزَلَ الفُرقانَ إِنَّ الَّذينَ كَفَروا بِآياتِ اللَّهِ لَهُم عَذابٌ شَديدٌ وَاللَّهُ عَزيزٌ ذُو انتِقامٍ ۝ إِنَّ اللَّهَ لا يَخفى عَلَيهِ شَيءٌ فِي الأَرضِ وَلا فِي السَّماءِ ۝ هُوَ الَّذي يُصَوِّرُكُم فِي الأَرحامِ كَيفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ العَزيزُ الحَكيمُ ۝ هُوَ الَّذي أَنزَلَ عَلَيكَ الكِتابَ مِنهُ آياتٌ مُحكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذينَ في قُلوبِهِم زَيغٌ فَيَتَّبِعونَ ما تَشابَهَ مِنهُ ابتِغاءَ الفِتنَةِ وَابتِغاءَ تَأويلِهِ وَما يَعلَمُ تَأويلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرّاسِخونَ فِي العِلمِ يَقولونَ آمَنّا بِهِ كُلٌّ مِن عِندِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلّا أُولُو الأَلبابِ ۝ [آل عمران]
هذه السورة مليئة بالحجج والبراهين لكل معتقد فاسد تدحضه وترده رداً تاماً .حيث ابتدأ الله السورة بنفي الألوهية عن غيره ،وحصرها عليه سبحانه ؛ليكون ذلك حجة لوفد نجران التي نزلت هذه السورة فيهم عندما قدموا المدينة ليجادلوا النبي صلى الله عليه وسلم في عيسى ابن مريم .وفي افتراءاتهم القبيحة على الله .
وقد نقض سبحانه وتعالى إدعاءاتهم ،وادعاءات كل من كفر ، بعدة حجج وبراهين منها :
قوله تعالى:(اللَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ الحَيُّ القَيّومُ ۝ )
حصر سبحانه الألوهية عليه، ووصف نفسه بأنه الحي الذي لا يموت ، ولو كان عيسى إلاهاً لما زال أو مات على حد قولهم .وأنه القائم بذاته ،الغني عن غيره المقيّم لغيره ، المدبر لشوؤنهم ،وعيسى لايملك القيام بنفسه ليملكه لغيره ،لم يكن له غنى عن الله في محنته مع اليهود .
وفي قوله تعالى :(نَزَّلَ عَلَيكَ الكِتابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقًا لِما بَينَ يَدَيهِ وَأَنزَلَ التَّوراةَ وَالإِنجيلَ ۝ مِن قَبلُ هُدًى لِلنّاسِ وَأَنزَلَ الفُرقانَ إِنَّ الَّذينَ كَفَروا بِآياتِ اللَّهِ لَهُم عَذابٌ شَديدٌ وَاللَّهُ عَزيزٌ ذُو انتِقامٍ ۝)أنه أنزل القرآن بالحق ؛أي بالصدق الذي يرد به جميع حجج النصارى واليهود والمشركين مصدّقاً لما قبله من الكتب ، وأنزل التوراة والإنجيل من قبل القرآن الكريم .
من المفسرين من قال أن التوراة والانجيل اسمان مشتقان لهما تصاريف في اللغة العربية .ومنهم من قال أنهما اسمان أعجميان لا يدخلهما الاشتقاق والتصريف ،وأنزل الله هذين الكتابين للنصارى واليهود ،ليؤمنوا بما جاء بهما مما يؤكد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وبعثه وأمرهم باتباعه ،واتباع ما في القرآن من التوحيد الذي اختلفوا فيه ،وليفرق لهم بين الحق والباطل في أحكام الشريعة ،وفي أمر عيسى ابن مريم وغيره ،بالحجج القاطعة، والبراهين الجلية؛ التي لا تخفى عليهم ،وعلى غيرهم ممن يدعي إلاهاً مع الله ويفتري الكذب .
في قوله تعالى :{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بآيَـاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَام } يبكت الله كل من عرف الحق ولم يؤمن به ،ويتوعدهم بالعذاب الشديد .روى الطبري عن ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن مـحمد بن إسحاق، عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بآيَـاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَام } أي أن الله منتقم مـمن كفر بآياته بعد علـمه بها، ومعرفته بـما جاء منه فـيها.)،بين لهم ذلك قبل البدء بنقض حججهم ليقيم عليهم الحجة بإنذارهم ،وليشعرهم بمدى خطورة عاقبة دعواهم ؛فيحرك مشاعرهم وقلوبهم لقبول الحق .
وفي قوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لا يَخفى عَلَيهِ شَيءٌ فِي الأَرضِ وَلا فِي السَّماءِ ۝ هُوَ الَّذي يُصَوِّرُكُم فِي الأَرحامِ كَيفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ العَزيزُ الحَكيمُ ۝) نقض لدعواهم التي وردت في حديث الطبري عن محمد بن جعفر في الحديث الطويل :(....فهم يحتـجون فـي قولهم: هو الله، بأنه كان يحيـي الـموتـى، ويبرىء الأسقام، ويخبر بـالغيوب، ويخـلق من الطين كهيئة الطير، ثم ينفخ فـيه فـيكون طائرا، وذلك كله بإذن الله، لـيجعله آية للناس. ويحتـجون فـي قولهم: إنه ولد الله، أنهم يقولون: لـم يكن له أب يعلـم، وقد تكلـم فـي الـمهد بشيء لـم يصنعه أحد من ولد آدم قبله........)يخبرهم أنه عالم غيب السماوات والأرض ، ،وكرّر حرف النفي (لا)مرتين تأكيداً لعلمه للغيب ،وأن عيسى لا يعلم الغيب . وأنه الخالق ،المصوّر لخلقه على الصورة التي يشاؤها من ذكر وأنثى وطويل وقصي وغير ذلك من . .الأمور ،وعيسى مخلوق خضع لجميع مراحل الخلق فكيف يكون إلاه وهو مولود كغيره من الخلق .وأكد في نهاية الآية على أن من له هذه الصفات فهو الوحيد المستحق للعبادة العزيز المنيع الذي يغلب ولا يُغلب ولا مثيل له ، الحكيم الذي أحكم خلقه بدون نقص ولا خلل ولا تناقض .وهذا مما يفتقر إليه عيسى عليه السلام .
وفي قوله تعالى:(هُوَ الَّذي أَنزَلَ عَلَيكَ الكِتابَ مِنهُ آياتٌ مُحكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذينَ في قُلوبِهِم زَيغٌ فَيَتَّبِعونَ ما تَشابَهَ مِنهُ ابتِغاءَ الفِتنَةِ وَابتِغاءَ تَأويلِهِ وَما يَعلَمُ تَأويلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرّاسِخونَ فِي العِلمِ يَقولونَ آمَنّا بِهِ كُلٌّ مِن عِندِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلّا أُولُو الأَلبابِ ) نقض لقولهم الذي ورد في الحديث الطويل للطبري عن محمد بن جعفر بن الزبير :(......ويحتـجون فـي قولهم: إنه ثالث ثلاثة، بقول الله عز وجل: «فعلنا» و«أمرنا» و«خـلقنا» و«قضينا»، فـيقولون: لو كان واحداً ما قال إلا «فعلتُ» و«أمرتُ» و«قضيتُ» و«خـلقتُ»، ولكنه هو وعيسى ومريـم. )فهم يتأولون كلام الله تأويلاً فاسداً فيحاجهم الله ؛بأن الآيات المحكمة الثابتة التي يفهمها العامّة والخاصة المبيّنة المفصّلة ،وأنهم إنما يتبعون ماتشابه منه من الآيات التي تحتاج إلى تأويل، ومعناها صحيحاً في ذاتها لكنهم يأولونها تأويلاً فاسداً ؛فهم يتركون الآيات المحكمة الكثيرة التي تدل على انفراد الله بالألوهية، وبأن عيسى كلمة الله وروح منه ،ويتبعون ما قلّ من المتشابه؛ لأنهم أهل زيغ وضلال ،وذلك لداعي خفي في نفوسهم وهو ابتغاء الفتنة ،وهي نشر الشبهات والتلبيس والخلط على المؤمنين في دينهم ليشككوهم فيه .
وبهذه الحجج انكشف زيفهم ،لكنهم لم ينتبهوا لما في نفوسهم ولم يعملوا على إصلاحها،فلم يؤمنوا وآثروا الدنيا الزائلة وما هم فيه من توقير ملوكهم لهم ،على دار السعادة الأبدية فخسروا وخابوا.

حرر القول في
3: معنى قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا}.
🔺المراد بتأويله على أقوال:
1-أن الله يعلم جميع المتشابه على وجه الكمال :قال بهذا القول عائشة، وعروة، وأبي الشّعثاء، وأبي نهيك.
ذكر ابن كثير أثر عن ابن عبّاسٍ أنّه قال: «التّفسير على أربعة أنحاءٍ: فتفسيرٌ لا يعذر أحدٌ في فهمه، وتفسيرٌ تعرفه العرب من لغاتها، وتفسيرٌ يعلمه الرّاسخون في العلم، وتفسيرٌ لا يعلمه إلّا اللّه عزّ وجلّ».والقراءة هنا تكون بالوقف على {والرّاسخون في العلم} فهم يعلمون كلٌ حسب ما أعطاه الله من قدرة ولا يعلمون ما اختص الله به من غيبيات مثل الروح ويوم القيامة وغيره .ويبقى العلم المطلق والكامل لله تعالى ذكره ابن كثير وابن عطية
2-يوم القيامة قاله ابن عباس
كقوله تعالى : {هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله}.
والقراءة هنا تكون بالوقف على قوله: {وما يعلم تأويله إلا اللّه}.ذكره الزجاج وابن كثير و ابن عطية
الترجيح :كلا القولان ينطبقان على المعنى .
🔺معنى الراسخون في العلم :
الثابتون العاملون بكتاب الله المتخلقين بخلقه ،ذكر ابن كثير قول ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن عوفٍ الحمصيّ، حدّثنا نعيم بن حمّادٍ، حدّثنا فيّاضٌ الرّقّيّ، حدّثنا عبد اللّه بن يزيد -وكان قد أدرك أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: أنسًا، وأبا أمامة، وأبا الدّرداء، رضي اللّه عنهم، قال: حدّثنا أبو الدّرداء، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سئل عن الرّاسخين في العلم، فقال: «من برّت يمينه، وصدق لسانه، واستقام قلبه، ومن أعفّ بطنه وفرجه، فذلك من الرّاسخين في العلم».
كما ذكر قول ابن المنذر في تفسيره: أخبرنا محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، أخبرنا ابن وهبٍ قال: أخبرني نافع بن يزيد قال: يقال: (الرّاسخون في العلم المتواضعون للّه، المتذلّلون للّه في مرضاته، لا يتعاطون من فوقهم، ولا يحقّرون من دونهم.)
🔺هل الراسخون يعلمون تأويله أم هم مستثنون من العلم ؟فيه أقوال:
1-أنهم لايعلمون تأويله ويؤمنون به .
قالته عائشة وابن عباس ، وعروة بن الزبير، أبو نهيك الأسدي وعمر بن عبد العزيز، والطبري عن يونس عن أشهب عن مالك بن أنس.كما ذكر ابن عطية .
ودليل هذا القول قراءة ابن عباس وابن مسعود وأبي بن كعب كما ذكره ابن كثير وذكر ابن الجوزي أنه قول الجمهور .
قال ابن كثير:(قال عبد الرّزّاق: أنبأنا معمر، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه قال: كان ابن عبّاسٍ يقرأ: «{وما يعلم تأويله إلّا اللّه}ويقول الرّاسخون: آمنّا به» وكذا رواه ابن جريرٍ، عن عمر بن عبد العزيز، ومالك بن أنسٍ: «أنّهم يؤمنون به ولا يعلمون تأويله». وحكى ابن جريرٍ أنّ في قراءة عبد اللّه بن مسعودٍ: "إن تأويله إلّا عند اللّه والرّاسخون في العلم يقولون آمنّا به". وكذا عن أبيّ بن كعبٍ. )
فيكون قوله تعالى : (والرّاسخون )رفع بالابتداء وهو مقطوع من الكلام الأول وخبره (يقولون)؛ فيكون الوقف بناءً على هذا القول على قوله {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ}.
2-أنهم يعلمون تأويله فيكون معطوفاً على اسم الله عز وجل.
قال بهذا القول :ابن عباس ومجاهد ومحمّد بن جعفر بن الزّبير والرّبيع بن أنسٍ.
وقد روى ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ، عن ابن عباس أنّه قال: «أنا من الرّاسخين الّذين يعلمون تأويله».وفي الحديث أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم دعا لابن عبّاسٍ فقال: «اللّهمّ فقّهه في الدّين وعلّمه التّأويل» .
وذكر ابن عطية قول ابن عباس: «ابتغوا معرفة مدة محمد صلى الله عليه وسلم النبي عليه السلام وأمته»، ثم قال: «وما يعلم تأويله إلّا اللّه فهذا على الكمال والتوفية فيما لا يتأول ولا سبيل لأحد إليه وتعرف وقت قيام الساعة وسائر الأحداث التي أنذر بها الشرع، وفيما يمكن أن يتأوله العلماء ويصح التطرق إليه، فمعنى الآية: وما يعلم تأويله على الكمال إلا الله»).
فيكون الوقف بناءًعلى ذلك على قوله: {والرّاسخون في العلم}.
الترجيح :القول الأول لأنه قول الجمهور
وعود الضمير المحذوف في قوله: {كلٌّ من عند ربّنا} عائد على كتاب الله، محكمه ومتشابهه، وحذف الضمير لدلالة لفظ كل عليه.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 10 ربيع الأول 1439هـ/28-11-2017م, 02:54 PM
ميسر ياسين محمد محمود ميسر ياسين محمد محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 716
افتراضي

المراجع
تفسير الطبري
تفسير ابن الجوزي
تفسير الماوردي
تفسير الزجاج
تفسير ابن كثير
تفسير ابن عطية
تفسير ابن عاشور
تفسير الطنطاوي

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 11 ربيع الأول 1439هـ/29-11-2017م, 07:28 PM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

1. (عامّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة مختصرة بأسلوب الحجاج تردّ فيها على النصارى الذين يعتقدون ألوهية عيسى
عليه السلام، من خلال دراستك لتفسير صدر سورة آل عمران.
قال تعالى : ({الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (4) إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6)}

بسم الله ارحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
هذه الآيات من سورة آل عمران رد على النصارى الذين يعتقدون بألوهية عيسى عليه السلام .
فقوله تعالى : ( الله لا إله إلا هو ) : دليل على وحدانية الله ، فهم يعلمون أنه لايكون له ولد إلا وهو شبه لأباه .
وقوله تعالى : (الحي القيوم ) : دلالة على كمال الحياة لله لذا فهو قائم على كل نفس ، وهم يعلمون أنه وحده القائم على كل نفس وهو حي لايموت وأما عيسى فمات ، وعيسى لايملك ذلك .
وقوله تعالى : ( نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والانجيل ) : يعلم النصارى أن الله أنزل الكتب السابقة وأن القرآن أيضا جاء مصدق لما في كتبهم ولا ينكره من يقارن في كثير من الأحكام التي جاءت أيضا في الكتب السابقة مثل الصلاة والصيام وغيره .
وقوله تعالى : ( من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام ) : فأنزل الله هذا القرآن ليفرق بين الحق والباطل فقد حصل التلاعب في كتبهم ولا يجدون نسخا متشابهة ، فالقرآن جاء ليفرق بين الحق والباطل ، ويظهر ما أخفوه من الحق .
وقوله تعالى : ( إن الله لايخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ) : فالنصارى تعلم أن الله لايخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء وتقر بذلك .
وقوله تعالى : ( هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ) : فالنصارى تعلم أن ربنا صور عيسى في الأرحام كيف يشاء ، وهو بحاجة غلى الطعام والشراب والله لايحتاج إلى ذلك ، لأن الحاجة تعني نقص وعيسى عليه السلام حملته امرأة كما تحمل المرأة ثم وضعته كما تضع المرأة ، ثم كان يطعم العام ويشرب الشراب ويحدث الحدث .
فهذه الايات حجة على النصارى فكيف بمن ناقص ويحتاج للطعام والشراب والنوم والحدث بأن يكون إله ويقوم بهذا الكون ، فبطلت اعتقاد النصارى في ألوهية عيسى عليه السلام .
===========================
2. حرر القول في واحدة من المسائل التالية:
1: معنى التوراة والإنجيل.

اختلف العلماء على معنى التوارة على أقوال وبحسب اشتقاقه :
القول الأول : توراة يصلح أن يكون تفعل من وريت بك زنادي بعنى الضياء والنور .
وهو قول الكوفيون ،وذكره الزجاج والسجستاني ،والنحاس وابن عطية والقرطبي والفيروز آبادي .
وهو قول ضعفه الزجاج ، لأن (تفعلة ) لا تكاد توجد في الكلام .، ورجحه القرطبي لأنه قول الجمهور .
ودليل القرطبي في ترجيحه هو قوله تعالى : ( ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكر للمتقين ) يعني التوراة .
قال ابن عطية : قال أبو علي : وأما قولهم : وريت بك بك زنادي على وزن فعلت فوعم أبو عثمان أنه استعمل في هذا الكلام فقط ولم يجاوز به غيره .
القول الثاني : مأخوذ من التورية وهي التعريض بالشيء والكتمان لغيره ، فكان أكثر التوراة معاريض ، وتلويحات من غير تصريح وإيضاح .
وهذا القول ذكره البغوي والقرطبي .
وهذا القول يضعف القرطبي .
والراجح هو القول الأول لترجيح القرطبي على الدليل الذي استند إليه .

واختلف في معنى الإنجيل على أقوال :

القول الأول : إنجيل إفعيل من النجل وهو الأصل ويجمع على أناجيل وتوراة على توار فالإنجيل أصل العلوم والحكم .
وهذا القول ذكره السجتاني ، والبغوي والقرطبي وابن منظور والزبيدي والزمحشري .
القول الثاني : إنجيل من نجلت الشيء إذا استخرجته فالإنجيل بمعنى مستخرج به علوم وحكم ومن سمي الولد والنسل نجلاء لخروجه .
وهذا القول ذكره السجتاني والنحاس وابن عطية والقرطبي وابن عاشور .
وهو قول ضعفه القرطبي ، بعبارته ( قيل ) .
القول الثالث :النجل الماء الذي يخرج من النز واستنجلت الأرض.
وهذا القول ذكره ابن عطية القرطبي وابن عاشور .
وهذا القول ضعفه ابن عاشور .
القول الرابع : من النجل في العين ( بالتحريك ) ، وهو سعتها وطعنه نجلاء أي واسعة .
وهو ذكره القرطبي بصيغة التضعيف ، ولم أجده في كتب اللغة .
القول الخامس : من التنازع وسمي إنجيلا لتنازع الناس .
وهو قول ذكره القرطبي بصيغة التضعيف أيضا ( قيل ) ، ولم نجد له أصلا في اللغة .
القول السادس: نجل من عمل وصنع .
وهوقول ذكره القرطبي أيضا بصيغة التضعيف ولم نجد أصلا في كتب اللغة أيضا .

الراجح هو القول الأول ورجحه القرطبي وهو الذي عليه أكثر علماء اللغة .

-------------------
أعتذر عن تأخري لأنني لم أكن أعلم أنني مطالبة بهذا المجلس وعندما علمت في نهاية الأسبوع احترقت شاشة الكمبيوتر .

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 19 ربيع الأول 1439هـ/7-12-2017م, 07:11 PM
عابدة المحمدي عابدة المحمدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 483
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم الأول من سورة آل عمران
اكتب رسالة مختصرة بأسلوب الحجاج تردّ فيها على النصارى الذين يعتقدون ألوهية عيسى عليه السلام، من خلال دراستك لتفسير صدر سورة آل عمران.
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ,وجعله ناسخا لكل ما سبق من الكتب , ومهيمنا عليها ,وجعله هاديا لكل مهتدي ,وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا, وشفاء لما في الصدور,من تمسك به قاده إلى جنة عرضها السموات والأرض ,ومن أعرض عنه فإن له معيشة ضنكا, وجعل ذلك لكل من نهل منه من أبناء البشرية ,فلا غرو فهو المعجزة الربانية لكل زمام ومكان , ولذلك أنزل الله نيفا وثمانين آية من سورة آل عمران تفند اعتقادات النصارى الباطلة في عيسى ابن مريم ومقيما عليهم الحجة في دحض أباطيلهم,وهؤلاء النصارى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من نجران فألحدوا في الله وغالوا في عيسى ابن مريم فحاجهم النبي صلى اللهعليه وسلم كما ورد في حديث المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، في قوله: {الم}، {اللّه لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم}، قال: إنّ النّصارى أتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فخاصموه في عيسى ابن مريم، وقالوا له: من أبوه؟ وقالوا على اللّه الكذب والبهتان، لا إله إلاّ هو، لم يتّخذ صاحبةً ولا ولدًا. فقال لهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ((ألستم تعلمون أنّه لا يكون ولدٌ إلاّ وهو يشبه أباه؟ ))
قالوا: بلى, قال: ((ألستم تعلمون أنّ ربّنا حيٌّ لا يموت، وأنّ عيسى يأتي عليه الفناء؟ ))قالوا: بلى ,
قال: ((ألستم تعلمون أنّ ربّنا قيّمٌ على كلّ شيءٍ يكلؤه ويحفظه ويرزقه؟ )) قال: بلى,قال: ((فهل يملك عيسى من ذلك شيئًا؟)) قالوا: لا, قال:(( أفلستم تعلمون أنّ اللّه عزّ وجلّ لا يخفى عليه شيءٌ في الأرض ولا في السّماء؟)) قالوا: بلى,
قال: ((فهل يعلم عيسى من ذلك شيئًا إلاّ ما علّم؟ ))قالوا: لا, قال: ((فإنّ ربّنا صوّر عيسى في الرّحم كيف شاء، فهل تعلمون ذلك؟ )) قالوا: بلى, قال:(( ألستم تعلمون أنّ ربّنا لا يأكل الطّعام، ولا يشرب الشّراب، ولا يحدث الحدث؟))
قالوا: بلى, قال: ((ألستم تعلمون أنّ عيسى حملته امرأةٌ كما تحمل المرأة، ثمّ وضعته كما تضع المرأة ولدها، ثمّ غذّي كما يغذّى الصّبيّ، ثمّ كان يطعم الطّعام، ويشرب الشّراب، ويحدث الحدث؟ )) قالوا: بلى, قال: ((فكيف يكون هذا كما زعمتم؟.)) قال: ((فعرفوا ثمّ أبوا إلاّ جحودًا، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {الم}، {اللّه لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم})).
فأبوا إلا الإعراض, فعرض عليهم المباهلة فأبوا, وسألوا النبي صلى الله عليه وسلم قبول الجزية ,فقبلها منهم ثم انصرفوا إلى بلادهم, ذكره الطبري في جامع البيان, فهذه الآيات فيهم وفي غيرهم من المشركين , ففي قوله:( اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) جاء بلفظ الجلالة (الله) لمهابة هذا الإسم العظيم عند سماعه , كيف لا وهو الإسم الذي لا يكون إلا لله تعالى ,ومن يساوي الله في اسمه ,ثم ثنى باسمين عظيمين لله تعالى ( الحي القيوم ) ليوقظ بذلك قلوب من ادعى ألوهية عيسى ابن مريم وهم يعتقدون موته ,فكيف يتساوى من له الحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم, ولا يلحق بها موت بمن يزعمون موته , والقيوم القائم على أمور خلقه, فهوفي كل يوم في شأن, يرفع أقواما, ويضع آخرين, فكيف يتساوى ذلك بعيسى ابن مريم ,وهو ميت كما يزعمون ,ثم توعدهم الله عز وجل بالعذاب الشديد اذا استمروا في جحودهم فهم من جملة المكذبين بهذا الكتاب الذي يبطل إلهية عيسى عليه السلام ويثبت ألوهية الله عز وجل ,ثم أبطل الله عز وجل شبهتهم بدليل آخر فقال ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فهو المصور لكل شيء, وبأي كيفية فهو موجد الأسباب, وإن اختلفت ,فمن خلق بأب, ومن خلق من غير أب ,هو من خلق الله ,فكيف يكون إلها من خلق في الأرحام وتطور خلقه طور بعد طور, وأكل وشرب وتعرض لكل ما يتعرض له البشر من لوازم الحياة البشرية ,تعالى الله عما يصفون ,ثم يرد الله تعالى عليهم شبهتهم في كون القرآن نزل بإلوهية عيسى فقد ذكر فيه أن عيسى روح الله ,وأنه يحي الموتى, فرد الله عليهم بأن هذا القرآن منه آيات محكمات, وأخر متشابهات, فالمحكم الذي لا يحتمل إلا معنى واحدا, والمتشابه الذي يحتمل أكثر من معنى ,فما هذه الآيات إلا من المتشابه الذي أخطأتم في فهمه وليس صحيحا , فعليكم الرجوع لمن يفهم كلام الله تعالى ,وبهذا لم يبقى لديهم حجة يحتجون بها في ادعاءاتهم الباطلة ,فقد ظهر الحق وزهق الباطل بهذا الكتاب المبين ومافيه من الحجج الواضحة البينة ,والتي لا يزيغ عنها إلا هالك ,أسأل الله أن يرينا الحق حقا ,ويرزقنا اتباعه ,ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه .


2. حرر القول في واحدة من المسائل التالية:
2: المراد بالآيات المحكمة والآيات المتشابهة، ومقصد أهل الزيغ من اتّباع متشابه القرآن.

أقوال العلماء في تفسير المحكم والمتشابه :
- قول ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: الْمُحْكَمَاتُ هِيَ الثَّلَاثُ آيَاتٍ الَّتِي فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ قُلْ تَعالَوْا إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ، وَالْمُتَشَابِهَاتُ هِيَ الَّتِي تَشَابَهَتْ عَلَى الْيَهُودِ، وهي أسماء حروف الهجاء المذكور فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَوَّلُوهَا عَلَى حِسَابِ الْجُمَّلِ فَطَلَبُوا أَنْ يَسْتَخْرِجُوا مِنْهَا مُدَّةَ بَقَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَاخْتَلَطَ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ وَاشْتَبَهَ.ذكره الجرجاني والرازي والثعلبي والطبري وابن عطية.
- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ الْمُحْكَمَ هُوَ النَّاسِخُ الذي يعمل به،,روي ذلك عن قتادة والربيع والضحاك والسدي, وَالْمُتَشَابِهُ هُوَ مَنْسُوخُةومقدمه ومؤخره وأمثاله وأقسامه الذي يؤمن به ولا يعمل به روي عن عطية عن ابن عباس ,ذكره الثعلبي في الكشف والبيان والطبري وابن عطية .
- وقيل المحكم الحلال والحرام وما سوى ذلك متشابه [يصدّق] بعضها بعضا» روي ذلكمجاهد، وعكرمة .
- روى محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير قال: المحكم: ما لا يحتمل من التأويل غير وجه واحد.
- والمتشابه: ما أحتمل من التأويل أوجها.
- وقيل من المحكم ما ذكر الله تعالى في كتابه من قصص الأنبياء (عليهم السلام) ، وفصلت وتنته لمحمد صلى الله عليه وسلّم وأمّته، كما ذكر قصة نوح في أربع وعشرين آية منها، وقصة هود في عشر آيات، وقصّة صالح في ثمان آيات، وقصة إبراهيم في ثمان آيات، وقصة لوط في ثمان آيات، وقصة شعيب في عشر آيات، وقصة موسى في آيات كثيرة.
وذكر [آيات] حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم في أربع وعشرين آية.
والمتشابه: هو ما أختلف به الألفاظ من قصصهم عند التكرير، كما قال في موضع من قصة نوح:( قُلْنَا احْمِلْ) وقال وفي موضع آخر:( فَاسْلُكْ )روي عن ابن زبير ذكره الثعلبي في الكشف والبيان والطبري وابن عطية .
- قول الْأَصَمُّ: الْمُحْكَمُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ دَلِيلُهُ وَاضِحًا لَائِحًا، مِثْلَ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ إنشاء الخلق في قوله تعالى: (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً) وَقَوْلِهِ (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ )وَقَوْلِهِ( وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ ) وَالْمُتَشَابِهُ مَا يُحْتَاجُ فِي مَعْرِفَتِهِ إِلَى التَّدَبُّرِ وَالتَّأَمُّلِ نَحْوَ الْحُكْمِ بِأَنَّهُ تَعَالَى يَبْعَثُهُمْ بَعْدَ أَنْ صَارُوا تُرَابًا وَلَوْ تَأَمَّلُوا لَصَارَ الْمُتَشَابِهُ عِنْدَهُمْ مُحْكَمًا لِأَنَّ مَنْ قدر على الإنشاء أو لا قَدَرَ عَلَى الْإِعَادَةِ ثَانِيًا.ذكره الرازي في مفاتيح الغيب
- أَنَّ كُلَّ مَا أَمْكَنَ تَحْصِيلُ الْعِلْمِ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِدَلِيلٍ جَلِيٍّ، أَوْ بِدَلِيلٍ خَفِيٍّ، فَذَاكَ هُوَ الْمُحْكَمُ، وَكُلُّ مَا لَا سَبِيلَ إِلَى مَعْرِفَتِهِ فَذَاكَ هُوَ الْمُتَشَابِهُ، وَذَلِكَ كَالْعِلْمِ بِوَقْتِ قِيَامِ السَّاعَةِ، وَالْعِلْمِ بِمَقَادِيرِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ فِي حَقِّ الْمُكَلَّفِينَ كقَوْلُهُ تَعَالَى) يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) ذكره الرازي في مفاتيح الغيب
والراجح مارجحه ابن كثير رحمه الله تعالى بقوله
وأحسن ما قيل الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، حَيْثُ قَالَ: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} فِيهِنَّ حُجَّةُ الرَّبِّ، وَعِصْمَةُ الْعِبَادِ، وَدَفْعُ الْخُصُومِ وَالْبَاطِلِ، لَيْسَ لَهُنَّ تَصْرِيفٌ وَلَا تَحْرِيفٌ عَمَّا وُضِعْنَ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَالْمُتَشَابِهَاتُ فِي الصِّدْقِ، لَهُنَّ تَصْرِيفٌ وَتَحْرِيفٌ وَتَأْوِيلٌ، ابْتَلَى اللَّهُ فِيهِنَّ الْعِبَادَ، كَمَا ابْتَلَاهُمْ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ أَلَّا يَصْرِفْنَ إلى الباطل، ولا يحرّفن عن الحق. أه
مقصد أهل الزيغ من اتباع متشابه القرآن
لما وقع الهوى في نفوس بعض البشر مع قلة العلم لديهم فسروا القرآن بغير دليل من القرآن والسنه على حسب ما يوافق أهوائهم وهذا ما بينه الله تعالى قَوْلُهُ تَعَالَى:( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ)وقد فصل الرازي القول في ذلك بقوله
فالأول :ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ والْفِتْنَةَ فِي اللُّغَةِ الِاسْتِهْتَارُ بِالشَّيْءِ وَالْغُلُوُّ فِيهِ، يُقَالُ: فُلَانٌ مَفْتُونٌ بِطَلَبِ الدُّنْيَا، أَيْ قَدْ غَلَا فِي طَلَبِهَا وَتَجَاوَزَ الْقَدْرَ، وقَالَ الْأَصَمُّ: إِنَّهُمْ مَتَى أَوْقَعُوا تِلْكَ الْمُتَشَابِهَاتِ فِي الدِّينِ، صَارَ بَعْضُهُمْ مُخَالِفًا لِلْبَعْضِ فِي الدِّينِ، وَذَلِكَ يُفْضِي إِلَى التَّقَاتُلِ وَالْهَرْجِ وَالْمَرْجِ فَذَاكَ هُوَ الْفِتْنَةُ وَثَانِيهَا: أَنَّ التَّمَسُّكَ بِذَلِكَ الْمُتَشَابِهِ يُقَرِّرُ الْبِدْعَةَ وَالْبَاطِلَ فِي قَلْبِهِ فَيَصِيرُ مفتوناً بذلك الباطل عاكفاً عليه لا ينقطع عَنْهُ بِحِيلَةٍ الْبَتَّةَ وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْفِتْنَةَ فِي الدِّينِ هُوَ الضَّلَالُ عَنْهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا فِتْنَةَ وَلَا فَسَادَ أَعْظَمُ مِنَ الْفِتْنَةِ فِي الدِّينِ وَالْفَسَادِ فِيهِ.
وَأَمَّا الْغَرَضُ الثَّانِي لَهُمْ: وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ والتَّأْوِيلَ هُوَ التَّفْسِيرُ وَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ الْمَرْجِعُ وَالْمَصِيرُ، مِنْ قَوْلِكَ آلَ الْأَمْرُ إِلَى كَذَا إِذَا صَارَ إِلَيْهِ،وَأَوَّلْتُهُ تَأْوِيلًا إِذَا صَيَّرْتَهُ إِلَيْهِ،وقَالَ تَعَالَى:(سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً)
وَقَالَ تَعَالَى: وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا وَذَلِكَ أَنَّهُ إِخْبَارٌ عَمَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِ اللَّفْظُ مِنَ الْمَعْنَى، وهؤلاء يَطْلُبُونَ التَّأْوِيلَ الَّذِي لَيْسَ عليه دليل في القرآن كاالتفسير بالرأي ، مِثْلُ محاولة معرفةْ وقت قيام السَّاعَةَ وَ مَقَادِيرَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ لِكُلِّ مُطِيعٍ وَعَاصٍ كَمْ تَكُونُ؟ قَالَ الْرازي: هَؤُلَاءِ الزَّائِغُونَ قَدِ ابْتَغَوُا الْمُتَشَابِهَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَحْمِلُوهُ على غير الحق: وهـوالمراد مِنْ قَوْلِهِ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَالثَّانِي: أَنْ يَحْكُمُوا بِحُكْمٍ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا دَلِيلَ فِيهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ .أه
والحمد لله رب العالمين ,,,



رد مع اقتباس
  #15  
قديم 22 ربيع الأول 1439هـ/10-12-2017م, 09:22 PM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
افتراضي

اكتب رسالة مختصرة بأسلوب الحجاج تردّ فيها على النصارى الذين يعتقدون ألوهية عيسى عليه السلام، من خلال دراستك لتفسير صدر سورة آل عمران.
بسم الله الرحمن الرحيم وبه أستعين
افتتح الله هذه السورة العظيمة بالحروف المقطعة ليلفت النظر لما بعدها من الآيات البينة والحجج الداحضة وليبين لعباده إعجاز هذا الكتاب العظيم الذي يعجز البشر عن معارضته ورد حقائقة إلا كبرا واستعلاء ، فلم يستطيع أحد من البشر الإتيان بمثله أو تحريفه والزيادة عليه ، فهو محفوظ بحفظ الله كامل البيان قوي البنيان لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ثم ثنى بعد ذلك بقوله (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) فأثبت الألوهية لنفسه ونفاها عمن سواه فلا يستحق الألوهية أحد غيره وصدر هذه الآية هو ثاني رد على النصارى لإبطال حجتهم ، فالأول هو البدء بحروف التهجي لبيان التحدي بهذا القرآن العظيم ثم أثبت الألوهية لنفسه ونفاها عن غيره ومن ذلك ادعاء النصارى ألوهية عيسى عليه السلام فالعبادة لا تصلح ولا تجوز إلاّ خالصة لله لانفراده بالرّبوبيّة، وتوحّده بالألوهيّة، وأنّ كلّ ما دونه فملكه، وأنّ كلّ ما سواه فخلقه، لا شريك له في سلطانه وملكه ، ثم ذكر ما يقتضي استغراق كل صفات الكمال وأفعاله ( الحي القيوم) فوصف نفسه بالحياة التامة التي لا فناء فيها ولا انقطاع وليس ذلك إلا له وحده دونما سواه ، القيوم القيّم بحفظ كلّ شيءٍ ورزقه وتدبيره وتصريفه فيما شاء وأحبّ من تغييرٍ وتبديلٍ وزيادةٍ ونقصٍ ، وهاتين الصفتين لا يمكن ادعاؤها لعيسى عليه السلام لأنهم يثبتون أنه صلب فذلك موت في معتقدهم لا محالة إذ من البين أنه ليس بقيوم، فمن مات ولم يستطع الدفاع عن نفسه كيف يقوم بأمر غيره ، وروى الطبري قال حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، في قوله: {الم}، {اللّه لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم}، قال: إنّ النّصارى أتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فخاصموه في عيسى ابن مريم، وقالوا له: من أبوه؟ وقالوا على اللّه الكذب والبهتان، لا إله إلاّ هو، لم يتّخذ صاحبةً ولا ولدًا. فقال لهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: (( ألستم تعلمون أنّه لا يكون ولدٌ إلاّ وهو يشبه أباه؟))
قالوا: بلى.
قال: (( ألستم تعلمون أنّ ربّنا حيٌّ لا يموت، وأنّ عيسى يأتي عليه الفناء؟))
قالوا: بلى.
قال: ((ألستم تعلمون أنّ ربّنا قيّمٌ على كلّ شيءٍ يكلؤه ويحفظه ويرزقه؟ ))
قال: بلى.
قال: ((فهل يملك عيسى من ذلك شيئًا؟))
قالوا: لا.
قال: ((أفلستم تعلمون أنّ اللّه عزّ وجلّ لا يخفى عليه شيءٌ في الأرض ولا في السّماء؟ ))
قالوا: بلى.
قال: ((فهل يعلم عيسى من ذلك شيئًا إلاّ ما علّم؟ ))
قالوا: لا.
قال: ((فإنّ ربّنا صوّر عيسى في الرّحم كيف شاء، فهل تعلمون ذلك؟ ))
قالوا: بلى.
قال: ((ألستم تعلمون أنّ ربّنا لا يأكل الطّعام، ولا يشرب الشّراب، ولا يحدث الحدث؟))
قالوا: بلى .
قال: ((ألستم تعلمون أنّ عيسى حملته امرأةٌ كما تحمل المرأة، ثمّ وضعته كما تضع المرأة ولدها، ثمّ غذّي كما يغذّى الصّبيّ، ثمّ كان يطعم الطّعام، ويشرب الشّراب، ويحدث الحدث؟ ))
قالوا: بلى .
قال: ((فكيف يكون هذا كما زعمتم؟)).
قال: ((فعرفوا ثمّ أبوا إلاّ جحودًا، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {آلم}، {اللّه لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم}))
فالله تعالى هو الواحد الفرد الصمد الرب الذي لا يعبد احد سواه منزل القرآن بالحق فرق به بين الحق والباطل مما اختلف فيه اهل التوراة والانجيل من اليهود والنصارى وغيرهم كالاختلاف في أمر عيسى عليه السلام وغيره ، فالقران أتى مصدقا لما قبله من الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء السابقين لأن المنزل لها واحد ولو كان من عند غيره لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ، ثم بين الله لهم سعة علمه وإحاطته على التفصيل فقال ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَخفى عَلَيهِ شَيءٌ فِي الأَرضِ وَلا فِي السَّماءِ﴾ وهذه الصفة العظيمة لم تكن لأحد ولو كان نبيا ويين بعدها تصوير البشر في أرحام الأمهات، وهذا أمر لا ينكره عاقل، ولا ينكر أن عيسى وسائر البشر لا يقدرون عليه، ولا ينكر أن عيسى عليه السلام من المصورين في الأرحام، فهذه الآية تعظيم لله تعالى في ضمنها الرد على نصارى نجران، {ذلكم اللّه ربّكم له الملك لا إله إلا هو فأنّى تصرفون} فهو الخالق رهو المستحق للعبادة فهو الرب والإله وحده لا شريك له، وله العزّة الّتي لا ترام، والحكمة والأحكام.
قال ابن كثير: وهذه الآية فيها تعريضٌ بل تصريحٌ بأنّ عيسى ابن مريم عبدٌ مخلوقٌ، كما خلق اللّه سائر البشر؛ لأنّ اللّه تعالى صوّره في الرّحم وخلقه، كما يشاء، فكيف يكون إلهًا كما زعمته النّصارى -عليهم لعائن اللّه-وقد تقلّب في الأحشاء، وتنقّل من حالٍ إلى حالٍ، كما قال تعالى: {يخلقكم في بطون أمّهاتكم خلقًا من بعد خلقٍ في ظلماتٍ ثلاثٍ [الزّمر: 6].
فهذه الآيات وغيرها الكثير مما ورد في هذه السورة وغيرها من السور تثبت ضلال النصارى وما يدعونه من ألوهية عيسى عليه السلاام تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا وصلى الله على نبيان محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

المراجع : ابن جرير ، ابن عطية ، الرازي ، ابن كثير.




-معنى قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا}.


معنى: (والراسخون في العلم):
: الراسخون : الثابتون.
يقال: رسخ الشيء , يرسخ, رسوخاً إذا ثبت, أي: يقولون صدقنا بأنّ اللّه يبعثنا، ويؤمنون بأنّ البعث حق كما أن الإنشاء حق، ويقولون: {كلّ من عند ربّنا}, ويدل على أن الأمر الذي اشتبه عليهم لم يتدبروه.



واختلف العلماء في قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله والرّاسخون في العلم}

القول الأول: أن المراد بالعلم المنفي هو المتشابه في كتاب الله مما يعلمه العلماء فرفع والرّاسخون هو بالعطف على اسم الله عز وجل ، فهم مع علمهم به، يقولون آمنّا به الآية. قال بهذا القول ابن عباس، وقال: «أنا ممن يعلم تأويله»، وقال مجاهد: «والراسخون في العلم يعلمون تأويله ويقولون آمنا به»، وقاله الربيع ومحمد بن جعفر بن الزبير وغيرهم.

القول الثاني: أن العلم المنفي هو ما استأثر الله بعلمه من الغيب ، فالرّاسخون رفع بالابتداء وهو مقطوع من الكلام الأول وخبره يقولون، وفعل الراسخين قولهم آمنّا به، قالته عائشة وابن عباس أيضا، وقال عروة بن الزبير: «إن الراسخين لا يعلمون تأويله ولكنهم يقولون، آمنّا به»، وقال أبو نهيك الأسدي: «إنكم تصلون هذه الآية وإنها مقطوعة وما انتهى علم الراسخين إلا إلى قولهم آمنّا به كلٌّ من عند ربّنا» وقال مثل هذا عمر بن عبد العزيز، وحكى نحوه الطبري عن يونس عن أشهب عن مالك بن أنس.

الترجيح : أن لكل قول وجه في المسألة وبجمع القولين فيها نصل للقول الصحيح والله أعلم
قال القاضي رحمه الله: «وهذه المسألة إذا تؤملت قرب الخلاف فيها من الاتفاق، وذلك أن الله تعالى قسم آي الكتاب قسمين: - محكما ومتشابها- فالمحكم هو المتضح المعنى لكل من يفهم كلام العرب لا يحتاج فيه إلى نظر ولا يتعلق به شيء يلبس ويستوي في علمه الراسخ وغيره والمتشابه يتنوع، فمنه ما لا يعلم البتة، كأمر الروح، وآماد المغيبات التي قد أعلم الله بوقوعها إلى سائر ذلك، ومنه ما يحمل على وجوه في اللغة ومناح في كلام العرب، فيتأول تأويله المستقيم، ويزال ما فيه مما عسى أن يتعلق به من تأويل غير مستقيم كقوله في عيسى:{وروحٌ منه}[النساء: 171]إلى غير ذلك، ولا يسمى أحد راسخا إلا بأن يعلم من هذا النوع كثيرا بحسب ما قدر له، وإلا فمن لا يعلم سوى المحكم فليس يسمى راسخا»

وقوله تعالى: {وما يعلم تأويله}الضمير عائد على جميع متشابه القرآن، وهو نوعان ما استأثر الله بعلمه وما كان للعلماء فيه علم ، فقوله إلّا اللّه مقتض ببديهة العقل أنه يعلمه على الكمال والاستيفاء، يعلم نوعيه جميعا،
وقوله: {كلٌّ من عند ربّنا} فيه ضمير عائد على كتاب الله، محكمه ومتشابهه، والتقدير، كله من عند ربنا، وحذف الضمير لدلالة لفظ كل عليه، إذ هي لفظة تقتضي الإضافة. ثم قال تعالى: {وما يذّكّر إلّا أولوا الألباب} أي ما يقول هذا ويؤمن به ويقف حيث وقف ويدع اتباع المتشابه إلا ذو لب، وهو العقل، وأولوا: جمع ذو. ذكره ابن عطية.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 26 ربيع الأول 1439هـ/14-12-2017م, 03:51 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم مجلس المذاكرة الأول من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 1-9)



بارك الله فيكم وأحسن إليكم.

لوحظ على هذا المجلس الإسراف في النسخ، والاختصار في مناقشة الأقوال والاحتجاج للقول الراجح، واللائق بهذه المجالس هو البسط والتفصيل، وكذلك لوحظت قلّة المصادر أحيانا وعدم العناية بالتخريج، فأرجو الانتباه لهذه الملاحظات، سدّد الله خطاكم.



1: معنى التوراة والإنجيل.
1: فاطمة الزهراء أحمد ج
بارك الله فيك ونفع بك.

- بالنسبة للرسالة، استشهدتِ على وفاة عيسى بقوله تعالى: {يا عيسى إني متوفّيك}، والثابت أن عيسى -عليه السلام- لم يمت بعد، ولكننا نحتجّ على النصارى بوفاة عيسى عليه السلام في معتقدهم، إذ كيف يقرّون بموته ثم يدّعون ألوهيّته، فالإله الحقّ يجب أن تكون له الحياة الكاملة.
ومن الأدلّة الواضحة على ضلال النصارى ما نبّه إليه سبحانه من اتّباعهم المتشابه لإثبات ادّعائهم وتركهم المحكم.
- بالنسبة لتحرير المسألة، فالملاحظة على البحث هي قلّة المصادر، وقد ذكرتِ جملة من المراجع لكن لم تظهر الاستفادة منها كلها في البحث، كتفسير الزمخشري والآلوسي، والبحث يكاد يقتصر على كلام الزجّاج، إلا ما كان من كلام ابن عاشور حول معناهما في غير العربية وليس هو الأصل في مقصود التطبيق، إذ الأصل بيان معناهما في العربية إن وجد.
وقد فصّل الألوسي القول وأجاد في بيان المعنى والأقوال الواردة فيما يتعلّق باشتقاقهما من العربية، ثم ختم ببيان القول الراجح، ولكن لم تشيري إليه إطلاقا.

2: مضاوي الهطلاني أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

- والقول بأن التوراة والإنجيل أعلام للكتب المنزّلة لا خلاف فيه، أما الخلاف فهو في كونهما عربيين لهما معنى معروف، أو أعجميّين لا معنى لهما في العربيّة، والظاهر أنها أسماء معجمة في الأصل لها معان في لغاتها، ثم عرّبت وأدخل عليها التعريف والاشتقاق.
- توجد ملاحظات على بعض عبارات التخريج كقولك: "نقله ابن جرير وقاله ابن أبي حاتم وابن كثير وغيرهم من المفسرين".
فما يرويه المفسّر بسنده (حدّثنا فلان عن فلان) نقول: رواه، وما ينقله بغير إسناد نقول: ذكره، وهنا نقول: رواه ابن جرير وابن أبي حاتم وذكره ابن كثير وغيره.
- كما أوصيك بالعناية بقواعد الإملاء لوجود أخطاء في الكتابة، وفقك الله.

3: هناء هلال محمد أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

- يلاحظ أنك لا تنسبين الأقوال في بعض المواضع.
والظاهر دخول التعريف والاشتقاق على التوراة والإنجيل بعد التعريب، وليسا بالأسماء العربية في الأصل.

4: شيماء طه ه
بارك الله فيك ونفع بك.
المطلوب في الرسالة الردّ على النصارى من خلال الآيات التسع الأولى، مع الاستدلال للكلام.
أما تحرير المسألة فغير مكتمل، حيث نقلت قول واحد من أهل العلم فقط، والواجب بحث المسألة من مصادرها التفسيرية واللغوية التي تعرّفتم عليها من قبل.

5: هيا أبو داهوم ب
بارك الله فيك وأحسن إليك.

وأشكر لك جهدك في حصر الأقوال، لكن يلاحظ أن لديك تسرّع في الترجيح، وحكاية الإجماع، والظاهر أن هذه الأسماء أعجمية الأصل ثم عرّبت بعد ذلك واشتقّ لها تصاريف وأوزان قياسا على الألفاظ العربية، ولو راجعت أقوال المفسّرين لوجدتِ أن هذا مذهبهم.
- ويلاحظ على الجواب بعض الأخطاء الكتابية قد تحيل المعنى تماما، فأرجو العناية بمراجعة الجواب قبل اعتماده.


2: المراد بالآيات المحكمة والآيات المتشابهة، ومقصد أهل الزيغ من اتّباع متشابه القرآن.
- هناء هلال محمد ب
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ويؤخذ على تحريرك للمسألة اقتصارك على ما ذكره الطبري رحمه الله وما رجّحه، وكذلك اقتصارك على تخريج الأقوال من تفسيره فقط.
مع التنبيه إلى أنك اخترتِ في أول التحرير قولا في المتشابه غير ما اقتصرتِ عليه في النهاية، ومن أهل العلم من جمع بين القولين، فيكون من الآيات المتشابهة آيات تشتبه على جميع الناس وهي ما استأثر الله بعلمه من حقائق المغيّبات، وآيات يشتبه معناها على بعض الناس -وهم من لم يمعن النظر والتدّبر- ولا تشتبه على غيرهم ممن رسخوا في العلم، والقول الثاني حسّنه ابن عطية.
وبناء على هذين القولين فسّر الخلاف في الوقف على قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله}.
ويجب أن يكون التحرير بأسلوب الطالب، وله أن يستعين بالنقول التي يحتاجها دون مبالغة في النقل.

6: أمل يوسف أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
وأثني على تنوع مصادرك في تحرير المسألة، واجتهادك في تخريج الأقوال، والتزام أصول التحرير العلمي.
- عند سرد الأقوال في المراد بالآيات المحكمة والآيات المتشابهة لا يصحّ تجزئة قول المفسّر، بل يذكر قوله في المحكم والمتشابه معا، لأنه ذكر قولا مقابل آخر، فضلا عن أن هذه الطريقة فيها تكرار للتخريج دون داع.
- بالنسبة لمرويات السدّي في التفسير فأرجو منك مطالعة هذا الموضوع للأهميّة:
(التعريف الوجيز بتفسير السدّي الكبير).
- يجب الرجوع إلى قول جابر بن رئاب في تفسير الحروف المقطّعة في سورة البقرة، ولا يكتفى بإشارة ابن جرير، وهكذا في كل قول أشار إليه المفسّر في موضع آخر.
في تحرير المراد بالفتنة:
- لم تذكري المحدّث، وهو الطبري، وكذلك في الفقرة بعدها.
كلام الزجّاج لا يخالف ترجيح الطبري بل هو من لوازمه، وإدخالك لكلام الزجّاج ضمن الأقوال يوهم أنه داخل فيما رجّح بينه الطبري، فالصحيح أن يضاف إليه آخرا.
في تحرير معنى التأويل:
رجّح الطبري أن المتشابه هو ما استأثر الله بعلمه، وعليه فسّر طلب تأويله بأنه الوقوف على حقيقته، والذي رجّحتيه أن المتشابه يشمل نوعين من الآيات، فيجب أن يكون طلب التأويل شاملا للمعنى الآخر وهو تفسير المتشابه تفسيرا يوافق أهواءهم الفاسدة ومزاعمهم المنحرفة.
واجتهدي في التعبير بأسلوبك ولا تكثري من النقل فيما يمكن اختصاره حتى لا يطول تحرير المسألة أكثر من اللازم.
وفقك الله ونفع بك.


7: عابدة المحمدي ه
بارك الله فيك ونفع بك.
توجد ملاحظات على التطبيق أرجو أن تستدرك، فمنها:
- عدم تخريجك للأقوال.
- اعتمادك على تفسير الرازي في فقرة كبيرة من التطبيق ونسخ الكلام بنصّه، فجاء أغلب التطبيق نسخا ولصقا لكلام المفسّرين، والواجب حضور أسلوب الباحث وتنوّع مصادره.
- اقتصارك على ما رجّحه ابن كثير في المحكم والمتشابه، رغم أن المسألة تناولها عدد كبير من المفسّرين ومنهم من خالف قوله قول ابن كثير كالطبري.
بارك الله فيك.


3: معنى قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا}.
هذه المسألة مسألة تفسيرية لها تعلّق بالوقف والابتداء، ويستفاد في تحريرها من كتب من أسباب النزول.
- هناء هلال محمد ج
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

وأثني على اجتهادك في أداء التطبيقات الثلاثة، زادك الله هدى.
ويؤخذ على هذه المسألة ما أخذ على سابقتها، كما أن الكلام في الترجيح مختصر جدا، وقد اتّفقنا في أصول تحرير المسألة أن يذكر الطالب حجج كل فريق وما استندوا إليه في أقوالهم، وهو كثير في المصادر التي رجعت إليها، ويجب تحرير معنى التأويل بتفصيل أكبر من ذلك لأن عليه مدار الترجيح، وننبّه أن مقام هذه التطبيقات مقام بسط وتفصيل بخلاف طريقة التلخيص الذي نعتمد فيها الإيجاز والاختصار.

8: بدرية صالح ه
بارك الله فيك ونفع بك.
وأوصيك بمطالعة الرسائل الجيّدة، ففيها مزيد فائدة.
بالنسبة لتحرير معنى الآية، فهو كله نسخ لأقوال المفسّرين وفقط، وهذا لا يطلق عليه بحث للمسألة، بل المطلوب أن تعبري بأسلوبك عما فهمتيه من كلامهم، وما ترجّح لديهم فيها، وفقك الله.

9: ميسر ياسين ه
بارك الله فيك ونفع بك.

هذه المسألة تحتاج لمراجعة متأنيّة وإعادة تحرير، خاصّة للشطر الأول منها وهو معنى التأويل، لأنه مهمّ جدا في تحرير المسألة، ولا يفوتك تخريج الأقوال، وفقك الله.

10: تماضر ب
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

- القولان اللذان ذكرتيهما هما في المتشابه وليس العلم، أما التأويل فهو على القول الأول معناه التفسير والبيان، وعلى القول الثاني معناه العلم بحقائق ومآلات بعض المغيّبات التي لا سبيل لإدراكها.
- وفاتك تخريج الأقوال.
- واقتصرتِ على ترجيح ابن عطية-مع اختصار فيه- ولم تشيري إلى غيره كابن جرير، والواجب مناقشة جميع الترجيحات لا الاقتصار على واحد منها فقط.



رزقكم الله العلم النافع والعمل الصالح

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 29 ربيع الأول 1439هـ/17-12-2017م, 10:40 PM
منيرة محمد منيرة محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: السعودية
المشاركات: 668
افتراضي

اكتب رسالة مختصرة بأسلوب الحجاج تردّ فيها على النصارى الذين يعتقدون ألوهية عيسى عليه السلام، من خلال دراستك لتفسير صدر سورة آل عمران.


بسم الله الرحمٰن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثرهم واهتدى بهديهم إلى يوم الدين .
أما بعد .

فقد تضمنت الآيات الواردة في صدر الٓ عمران من الحجج القاطعة، والدلائل البينات على بطلان ما اعتقده طوائف من النصارى في عيسى بن مريم وأمه عليهماالصلاة والسلام ، حيث نزل في ذلك بضع وثمانين آية كما ذكره المفسرون من سبب نزول لهذه السورة العظيمة نزلت في وفد نجران الذي قدم إلى النبي صلى الله عليه وسلم يجادلوه في عيسى عليه السلام إن لم يكن ولد الله فمن أبوه ،
فتصدرت هذه الآيات البينات هذه السورة الكريمة تفند حججهم ،وتقطع شبههم ،وتبين الحق في عيسى وأمه عليهما السلام إلى قيام الساعة بياناً شافيا لا يرده إلا مكابر أو معاند، ومن تأمل هذه الآيات بعين المستبصر المهتدي وجد فيها من
الحجج البينة والأدلة الكافية ما يدحض شبههم ويفند أكاذيبهم ويبين الحقّ بياناً تاماً شافيا، من عدة وجوه منها:
أولاً : تسمية السورة بآل عمران أول رد ونقض لعقيدة النصارى في عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، حيث قالوا: هو الله تعالى ، وقالو هو ولد الله تعالى، وقالوا هو ثالث ثلاثة، فوردت تسميته بأل عمران ،إشارة إلى أنه بشر معروف العائلة والنسب .

ثانياً : افتتاح السورة بهذه الآيات العظيمة براعة استهلال، ورد قوي على محاجة النصارى في عيسى والحادهم في ذلك، حيث استفتح الله عز وجل هذه السورة بتقريرالوهيته، وإثبات أنه لا إله الا هو، حيٌ قيوم ،وهو أحد المقاصد العظيمة التي تضمنتها هذه السورة الجليلة لمحاجة هذه الطائفة التي قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن كان له مثل قولهم .

ثالثاً : إيراد اسمي الله (الْحَيُّ الْقَيُّوم ) بما فيه من استغراق لما يوصف به الله من جميع الكمالات ،له مغزى للرّد على ما يحتجون به من الوهية عيسى، بأنه كان يُحيي الموتى، ويبرئ الأسقام، ويخبر بالغيوب، ويخلق من الطين كهيئة الطير، ثم ينفخ فيه فيكون طائرًا، وذلك كله بإذن الله، ليجعله آية للناس ....
فأتت هذه الآية القاطعة تقطع حججهم ، وتفند شبههم ،وترد كلامهم ، فأخبر سبحانه أنه الإله الحق الذي له الحياة التامة التي لم تسبق بعدم ولا يلقها فناء ولا يتخللها موت .
كذلك هو قائم على شؤون خلقه ومدبر لمصالحهم، بما
فيهم عيسى وأمه عليهما السلام ، فكيف يكون إلهاً !

رابعاً : قوله تعالى ( نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا
لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ
)
في هذه الآية بيان أن توحيد الألوهية التي تقرره هذه الآيات، مبدأ تواطأت عليه جميع الكتب السماوية التوراة والأنجيل والقرآن، وكذلك نكاية وتعريض بمن
حاجّ فيه، وجيء بالمسند فعلاً لإفادة تقوية الخبر،
فلا يحاجّ فيه إلا مكابر معاند متعرض لعقاب الله .

خامساً : في قوله تعالى :( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ...) إشارة إلى عيسى ابن مريم مخلوق كغيره من البشر، فكيف يكون إلهاً على حد زعمهم !

سادساً : كذلك قوله تعالى :( هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ ...) آية بينة في رد قولهم وقطع حجتهم ،وذلك عندما خاصموا النبي صلى الله عليه وسلم ،فقالو: ألست تزعم أنه كلمة الله وروح منه؟ قال : " بلى " قالوا : حسبنا ، فأنزل الله هذه الآية ، وأنزل بعدها : { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم } . .. الآية

سابعاً : قوله تعالى : ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ ...) في هذه الآية الكريمة من الدلائل البينة والتأكيدات الباهرة والبراهين القاطعة على تفرده عز وجل بالأولهية، شاهداً على نفسه ، ومشهداً عليها خواص خلقه، وفيها نفياً قاطعاً لمن نسب له ولداً، أو اتخذ معه شريك ،واحتجاجًا منه تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام على الذين حاجُّوه من وفد نجران في عيسى، وفي ذكر سبب نزولها وقصة الحبران الذان سألا النبي صلى الله عليه وسلم عن أعظم شهادة في كتاب الله . ملمح لمن طلب الحق عن رغبة وصدق .

ثامناً : قوله تعالى :(أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ...) ذكر الله في كتابه الكريم هذه المعجزات تعريض بالنصارى الذين جعلوا منها دليلاً على ألوهية عيسى ، بعلة أنّ هذه الأعمال لا تدخل تحت مقدرة البشر ، فمن قدر عليها فهو الإله ، وروى أهل السِّير أنّ نصارى نجران استدلوا بهذه الأعمال لدى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أبطل الله هذا الإدعاء وكشفه بقوله في مقدمة الآية : { بآية من ربكم } وقوله : { بإذن الله } مرتين .

تاسعاً : في قوله تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ۗ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ) الحجة البالغة من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم على الوفد الذين حاجُّوه من أهل نجران، بإخبار الله عزّ وجل عن أن عيسى كان بريئًا مما نسب إليه، وأنه عبدٌ لله كسائر عبيده من أهل الأرض، إلا ما كان من ثناءٌ الله له، وماخصَّه به من النبوة والحجج دليلا على صدقه، كما آتى سائرَ غيره من المرسلين .

عاشراً : قوله تعالى :(إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا..)
في هذه الآية أوضح دليل على كذب دعوى الذين حاجُّوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في عيسى من وفد نجرانَ بأن عيسى لم يُقتَل ولم يُصْلب كما زعموا، فدحض الله حجتهم وفند كذبهم .
الحادي عشر : في قوله تعالى : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ )
أقطع دليل بطريق الإلزام لرد قولهم بإلاهية عيسى من أجل أنه خلق بكلمة من الله وليس له أب ، فرد الله قولهم بذكر آدم الذي خلق بدون أبوين فهو أولى بذلك من عيسى ، بل هو على نقيض قولهم أدل على تفرده سبحانه بالخلق والتدبير ....
وفي هذه السورة من الدلائل البينة والحجج القاطعة ، وأساليب الخطاب المتنوعة ، ما يوقظ القلب ،وينبه الغافل ،ويرشد طالب الحق المستبصر ، ويردع المكابر المعاند، وينصف المؤمن المتبع ، ماتقوم به الحجة ، فمن قبل الحق وأذعن له نجى ، ومن أعرض عنه فإن له معيشة ضنكا ، وصدق وهوالقائل :(أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ) .

2. حرر القول في واحدة من المسائل التالية:
3: معنى قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا}.
وردت هذه الآية الكريمة في صدر سورة آل عمران ضمن تلك الآيات التي نزلت في وفد نجران الذي قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، يجادلوه في عيسى عليه السلام إن لم يكن ولد الله فمن أبوه ، كما ذكره ابن الجوزي في زاد المسير ،وادعائهم له من الآلهية ماليس له، حيث نزلت هذه الآية في معرض الرد عليهم حيث قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : ألست تزعم أنه كلمة الله وروح منه؟ قال : " بلى " قالوا : حسبنا .

وقد اختلف العلماء في معنى قوله تعالى :(وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا).
وهذه المسألة كما قال "ابن عطية" إذا تؤملت قرُب الخلاف فيها من الاتفاق،وذلك لأن الله تعالى قسم آي كتابه إلى قسمين : محكم ومتشابه، فالمحكم يستوي في علمه الراسخ وغيره،وهوماتضح معناه ، وفهم من كلام العرب، ولا يقع فيه لبس ،والمتشابه على أنواع فمنه مالايعلم البته،ومنه ما يحمل على وجوه من اللغة وكلام العرب فيأخذ تأويله المستقيم،ويرد مالا يستقيم منه، كما في قوله في عِيسى: "وَرُوحٌ مِنهُ" وغير ذلك
ومرجع الأمر على اختلاف القراء في الوقف في قوله : (وما يعلم تأويله إلا الله) والمشهور فيها قولان :
1- أنّ الوقف على قوله تعالى : (وما يعلم تأويله إلا الله) تام لمن زعم أن «الراسخين في العلم» لم يعلموا تأويله ، وإنما أختص به الله تعالى، ذكره " ابن الأنباري ، والداني " وقال " الزجاج" الوقف تام ، (أي لا يعلم أحد متى البعث غير الله ) .
فيكون معنى الآية ( أما الراسخون في العلم وهم المؤمنون به العارفين للمراد به المتقنون له فيقولون آمنا به جميعاً ،وصدقنا بمتشابهه وإن لم نعلم به لأنا موقننين أنه منزل من عند ربنا )
وفي قراءة عبد الله تصديق لذلك {ويقول الراسخون}
قال ابن تيمية : " في " مجموع الفتاوى " وعليه اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وجمهور التابعين ، وجماهير الأمة " .
والقائلون به ،عائشة وابن عباس وهشام بن عروة، وعمر بن عبد العزيز، ومالك ،وبن نهيك الأسدي ،وأبو الشعتاء ، واختاره " ابن جرير" ورواه عن عائشة من طريق خالد بن نزارٍ، عن نافعٍ، عن ابن أبي مليكة، وعن ابن عباس من طريق معمرٌ، عن ابن طاووسٍ، عن أبيه،وقول هشام رواه ابن أبي حاتم من طريق يونس بن عبد الأعلى قراءة ،عن ابن وهب ، عن الزناد، ورواه عن عمر بن عبدالعزيز من طريق ابن دكينٍ، عن عمرو بن عثمان بن عبد اللّه بن موهبٍ،وعن مالك من طريق يونس عن أشهب ،وروى قول ابن نهيك ، وأبو الشعتاء ، من طريق عبدالله الأشج، عن أبو تُميلة ،عن أبو منيب ،
وقال ابو عمر الداني : في كتابه "المكتفى في الوقف والأبتداء " هو أكثر قول أهل العلم من المفسرين والقراء والنحويين .
وتوجيه القول بهذا بالنظر إلى اعراب الواو في ( والراسخون في العلم ) أنها عاطفةً على معمول الاستثناء وقد روى عبد الرّزّاق من طريق معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عبّاسٍ أنّه كان يقرأ (وما يعلم تأويله إلّا اللّه ويقول الرّاسخون في العلم آمنّا به)وعلق ابن حجر على هذه الرواية ما ملخصه ، (أن أن في هذه الرواية دلالة على الاستئناف ، وأنّ أقلّ درجاتها أن تكون خبرًا بإسنادٍ صحيحٍ إلى ترجمان القرآن فيقدّم كلامه، ويؤيّد ذلك أنّ الآية دلّت على ذمّ متّبعي المتشابه لوصفهم بالزّيغ وابتغاء الفتنة ، ودلّت الآية على مدح الّذين فوّضوا العلم إلى اللّه وسلّموا إليه كما مدح اللّه المؤمنين بالغيب،وذكر عن للفرّاء أنّ لأبيّ بن كعبٍ مثل هذه القراءة .

القول الثاني : أن الوقف على قوله تعالى :( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ) ويبتدأ بـ
( يقولون آمنّا به ) قال الأنباري الوقف عليه "حسن غير تام " وذكر الداني عن بعض أهل العلم الوقف هنا ، وأن الراسخون ف العلم يعلمون تأويله ويقولون آمنا به، واختاره ابن قتيبة .
والمراد بالتأويل هنا التفسير والبيان ،ووالتعبير ،كقوله تعالى :( نبئنا بتأويله ) أي بتفسيره .
روى المارودي عن ابن عباس في رواية ثانية له من طريق ابْن أبِي نجِيح، أنَّهُ قالَ: أنا مِمَّنْ يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ.
فيكون معنى الآية ، وما يعلم تفسير المتشابه، ورده إلى المحكم ،وبيان موارده ، ودفع شبهه إلا الله والراسخون في العلم بما مكنهم الله من اتقان علومه، ووفقهم لفهمه واستنباط معانيه ، ويقولون آمنا وصدقنا بمحكمه وبمتشابهه،
القائلون به : ابن عباس ، ومجاهد، والربيع ،والضحاك، وأبي جعفر النحاس في كتابه معاني القرآن ، والمكي في كتابه الهداية إلى بلوغ النهاية ، رواه ابن جرير عن ابن عباس ومجاهد،من طريق محمّد بن عمرٍو، عن أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ،ورواه عن الربيع، حدّث به عن عمار بن الحسن ،من طريق جعفر، وعن محمد بن جعفر من طريق ابن حميدٍ ،عن سلمة، عن ابن إسحاق،ورواه أبي حاتم عن ابن عباس من طريق إبراهيم بن طهمان، عن مسلم عن مجاهد، وعن مجاهد من طريق مسلم بن خالد ،عن ابن أبي نجيح، ورواه عن الضحاك من طريق الأشعث، عن حم بن نوح، عن أبو معاذ، عن أبو مصلح، ورواه ابن الجوزي عن ابن عباس ،ومجاهد ، كما في كتابه " زاد المسير"
قال الراغب في المفردات : الوقف على قوله :( وما يعلم تأويله إلا الله ) ووصله بقوله: ( والراسخون في العلم ) جائز وأن لكل واحد منهما وجها .
وقال ابن تيمة في مجموع الفتاوى :(( ولا منافاة بين القولين عند التحقيق )
توجيه القول : بالنظر إلى اعراب الواو في قوله : (والراسخون في العلم ) أنها عطف على الله جلّ وعلا فهم يعلمُونَ الْمُتَشَابه، وقال المكي وَلذَلِك وَصفهم الله تَعَالَى بالرسوخ فِي الْعلم وَلَو كَانُوا جُهَّالًا بِمَعْرِِفَة الْمُتَشَابه لما وصفوا بالرسوخ فِي الْعلم .
ومرجع الخلاف يدور حول " التأويل" فمن رأى أن المراد به مانفرد الله بعلمه من حقيقة الشيء وما يؤول إليه ، رأى وجوب الوقف على ( إلا الله ) واستدلوا بعدة أدلة منها أن الله إذا نفى عن الخلق شيئا وأثبته لنفسه لا يكون له في ذلك شريك كقوله : ( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ) وأن قوله : ( ءامنا به ) يدل على تسليمهم لإمر لم يفقهوا معناه .
ومن رأى إن التأويل بمعنى البيان والتفسير وهو نوع يمكن للخلق أن يصلوا له ، وإنه لا يوجد في القرآن أمراً مبهما غير معلوم وهوالذي أمر الله بتدبره وفهم معانيه، وذكروا دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس ( اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل ) وروى عن ابن عباس أنه يقول (أنا من الراسخين الذين يعلمون تأويله ).

والراجح في هذه المسألة أن القولان معتبران ،وأورد كلاماً نفيساً للأَشْمُونِيُّ قال فيه ، ( إلاَّ الله ) وقف السلف وهو أسلم لأنه لا يصرف اللفظ عن ظاهره إلاَّ بدليل منفصل ، ووقف الخلف على العلم ومذهبهم أعلم ، أي أحوج إلى مزيد علم لأنهم أيدوا بنور من الله لتأويل المتشابه بما يليق بجلاله ، والتأويل المعين لا يتعين ، لأنَّ من المتشابه ما يمكن الوقوف عليه ومنه ما لا يمكن ، وبين الوقفين تضاد ومراقبة فإن وقف على أحدهما امتنع الوقف على الآخر ، وقد قال بكل منهما طائفة من المفسرين ، واختاره العز بن عبد السلام ، وقد روى ابن عباس أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم وقف على إلاَّ الله وعليه جمع من السادة النجباء كابن مسعود وغيره أي أنَّ الله استأثر بعلم المتشابه كنزول عيسى ابن مريم وقيام الساعة والمدة التي بيننا وبين قيامها، وليس بوقف لمن عطف الراسخون على الجلالة أي ويعلم الراسخون تأويل المتشابه أيضًا ويكون قوله يقولون جملة في موضع الحال من الراسخون أي قائلين آمنا به وقيل لا يعلم جميع المتشابه إلاَّ الله تعالى وإن كان الله قد أطلع نبيه صلى الله عليه وسلم على بعضه وأهل قومًا من أمته لتأويل بعضه وفي المتشابه ما يزيد على ثلاثين قولاً وهذا تقريب للكلام على هذا المبحث البعيد المرام الذي تزاحمت عليه إفهام الإعلام ..)

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 30 ربيع الأول 1439هـ/18-12-2017م, 12:11 AM
منيرة محمد منيرة محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: السعودية
المشاركات: 668
افتراضي

المراجع :
1- منار الهدى الأَشْمُونِيُّ
2- معاني القرآن دٍ الفَرَّاءُ
3 - تفسير عبرزاق الصَّنْعَانِيُّ
4- تأويل مشكل القرآن قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ
5- كتاب سنن التِّرْمِذيُّ
6-تفسير ابي جرير الطبرى الطَّبَرِيُّ
7-تفسير القرآن العظيم للرازي
8-كتاب ايضاح الوقف والابتداء لأبن الأَنباريِّ ـ
9-معاني القرآن النحَّاسُ
10-الهداية إلى بلوغ النهاية مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِب ،
(وذكر أن له كتاباً شرح فيه هذه الآية ، فبحثت عنه بشتى الطرق ولم أتوصل إليه )
11- المكتفى للداني
12-النكت والعيون للمارودي
13-معالم التنزيل للبغوي
14-المحرر الوجيز عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ
15-زاد المسير لابن الجوزي
16- فتاوى ابن تيمية
17-تفسير القرآن العظيم كَثِيرٍ القُرَشِيُّ
18-فتح الباري العَسْقَلانيُّ
19-كتاب العجاب في بيان الأسباب للعسقلاني

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 22 ربيع الثاني 1439هـ/9-01-2018م, 02:44 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

منيرة محمد أ+
أحسنت وأجدت بارك الله فيك ونفع بك.
وقد أحسنت في رسالتك -زادك الله من فضله- مع التنبيه إلى أن استشهادك بقوله تعالى: {إني متوفّيك} على موت عيسى -عليه السلام- خطأ، فإن الثابت
أن عيسى -عليه السلام- لم يمت بعد، ولكننا نحتجّ على النصارى بوفاة عيسى عليه السلام في معتقدهم، إذ كيف يقرّون بموته ثم يدّعون ألوهيّته، فالإله الحقّ يجب أن تكون له الحياة الكاملة.
- وأحسنت كذلك في تحرير مسألتك -نفع الله بك- ، وأوصيك بمراجعة فقرة "مخرج الحديث ومخرج الأثر" من درس تخريج أقوال المفسّرين، لاختصار الأسانيد والاقتصار على مخارجها الأصلية.
وانتبهي أن ابن الجوزي لا يروي بسنده، وإنما هو ناقل للمرويات، فلا نقول: رواه ابن الجوزي، وإنما نقول: ذكره أو نقله.
وإضافة كلام ابن عطية -رحمه الله- في المسألة بتمامه مفيد في الجمع بين كلا القولين.
مع التنبيه إلى أن مقولة "مذهب السلف أسلم، ومذهب الخلف أعلم وأحكم" مقولة باطلة، ولعلك تبحثين فيها، زادك الله هدى وسدادا.

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 14 جمادى الأولى 1439هـ/30-01-2018م, 11:15 AM
كوثر التايه كوثر التايه غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 787
افتراضي

اكتب رسالة مختصرة بأسلوب الحجاج تردّ فيها على النصارى الذين يعتقدون ألوهية عيسى عليه السلام، من خلال دراستك لتفسير صدر سورة آل عمران.


قال تعالى : ({الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (4) إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6) هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7)}


كتاب الله تعالى هو النور المبين والصراط المستقيم، أتى بالبينات الظاهرات، والدلائل المبهرات، والشواهد القاطعات على صدق من جاء به من رب العزة جل وعلا، وهاهي صدر سورة آل عمران نزلت في وفد نجران ، و-كان قدومهم في سنة تسع من الهجرة- تثبت وحدانية الله واستحقاقه الربوبية جل وعز- وله الملك التام المطلق وصفات الكمال:


1-بدأت السورة بالحروف المقطعة والتي كانت تقرع آذان المشركين فلا يملكون إلا الإنصات لهذا الكلام المعجز، وأن هذا القرآن لم يأت بحروف وكلمات غير معهودة في لغة العرب، ولكنه في نظمه وأسلوبه ومعانيه فاق قُدرهم، وأعجز ألسنتهم عن الاتيان بمثله، وماهذا إلا لأنه من رب العالمين الذي ليس كمثله شيء، ولا يستحق غيره الربوية والألوهية – جل وعلا-


2-يبدأ جل وعز قوله ( الله لاإله إلا هو الحي القيوم) فبدأ بالاسم العلم ( الله) لتربية المهابة عند سامعه،ثم أردف بجملة لا إله إلا هو ، جملة معترضة أو حالية ، ردا على المشركين ، وعلى النصارى خاصة، ثم من صفات الله التي تثبت تفرده بالملك والخلق والتدبير، فإذا كان العبد المخلوق من ملوك الدنيا-أو حتى من ولي غير الإمامة الكبرى- لا يقبل في حقه أن يشاركه أحد ملكه!!! أفيعقل أن يشارك أحد رب العزة أحد!! أيحتاج الرب الخالق المدبر الذي أوجد الكون من عدم من يساعده ويشاركه في ملكه؟؟ أيقبل العبد المخلوق الشريك لله ولا يرضاه لنفسه؟؟


وهو سبحانه الحي الذي لا يموت ( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)، فهو سبحانه الأول ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء، وشأن الرب أن يكون كمال الحياة، فكيف يرعى العباد رب يعرض عليه الموت!!!


وهو سبحانه القيوم الذي يقوم بجميع أمور مخلوقاته، يحبط بها علماً ولا يخفى عليه شيء من أمرها وشأنها، يعلم سرها وعلانيتها، ويرزقها من فضله وخيره، أيستطيع هذا رب يموت ويعجز عن نصرة نفسه ويضعف أمام البشر!!


3- وفي اثبات أن القرآن كلام الله- عز وجل- فلا هو قول بشر كاهن أو ساحر، ولا هو شعر، يقول تعالى:( نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من التوراة والانجيل وأنزل الفرقان) فالرب الخالق المدبر يعلم ما يصلح عباده وما ينفعهم، وهو سبحانه القادرعلى تنظيم أمور ومعاشهم ودنياهم وآخرتهم، فالرب جل وعلا لا يخلق خلقه ويتركهم هملا، فإذا كان – ولي الأمر من الناس يُعاب إن قصر في مسؤليته ومن تحته وتركهم هملا- فرب العزة الرحيم بعباده ينزل عليهم الكتب ويرسل لهم الرسل من البشر لكي يسهل أن يتعلموا ممن هم على شاكلتهم، فلو كانوا على غير صورتهم لفزعوا منهم ولم يستطيعوا أن يرشدوهم لما فيه منفعتهم ولما كانوا قادرين على التعامل معهم، فهو سبحانه ينزل الكتب والشرائع بالحق، فكل ماتضمنته حق، وكان نزولها أيضاً حق، رحمة من الله لعباده، ومنها التوراة والإنجيل، ثم الفرقان الذي جاء مصدقا لما فيهما من الحق وبيّن ما حدث فيهما من تحريف، فهو فارق بين الحق والباطل، وكتب تنزل من رب واحد ومشرع واحد حتماً يصدق بعضها بعضها، ويوافق بعضها بعضا، فهو سبحانه المنزل الحكيم العليم، والرسل يصدق بعضهم بعض، وكل يدعو إلى عبادة الله وحده العلي القهار، وفوقيته تعالى على عباده فوقية مكان، فهو سبحانه فوق السماوات ولذلك فهو ينزل الكتب، فهي نزول من أعلى إلى أسفل، وفوقيته فوقية قدر ومكانة، وفوقية عزة وجبروت لا إله إلا هو.


4-( إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد، والله عزيز ذو انتقام) ولكن الكافرين المكذبين بوحدانية الله المعرضين عن الحق بعد بيانه وإقامة الحجج عليه فالرب ذو العزة والجبروت قادر على إنزال العذاب الشديد عليهم، وهو سبحانه ذو انتقام، فأي الطريقين خير اتباع الحق وقد وضحت معالمه واستبان مسلكه أم المعاندة والمكابرة بعد أن بزغ نجم الحق ووضح ؟؟ فكل له حرية الاختيار والله عزيز حكيم عليم.


5-سبحانه عالم السر والنجوى (لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء) ولأنه سبحانه الحي القيوم الذي يقوم على أمور خلقه يعلم سرهم ونجواهم، لا يغيب عنه شيئ من أمور خلقه، أيكون لهذا الإله العظيم له شريك؟؟!! أيمكن تصديق أن هذا الإله يعتريه الموت ولا يستطيع رده عن نفسه!! أهكذا يكون الإله!! تعالى الله علواً كبيرا أحاط بأمور خلقه وعلم من أمرهم ماخفى عنهم.


6- ( هو الذي يصوركم في الآرحام كيف يشاء) فهو سبحانه يخلق ما يشاء كيف شاء على الصورة التي أرادها، وكل هذاالمخلوق ذاهل عن حاله، أفيكون المخلوق إلهاً!!! فمن خلقه؟


والله تعالى يصوركم في الأرحام يشاء ومتى شاء وإلىأجل محدود وعمر معدود، ورزق معلوم لا يغيب عنه شيء من أمور مخلوقاته لعزته وحكمته لا إلا إله إلاهو، فهو العزيز الذي لا غالب له ، ولا راد لأمره، حكيم بالأمور عليم بخفاياها، وليس كمثله شيء.


7- ويؤكد تعالى عظمة كتابه الذي كان معظمة محكمات أم الكتاب مرجعه،(هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ) فالحق بين واضح، وإن اشتبه عند البعض لقلة العلم وضعف آلة الاستنباط فيُرد الأمر إلى أهله، ( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ) وأصحاب الأهواء الفاسدة يتبعون المتشابه ليس لطلب تأويله إنما لزيغ في قلوبهم فيحرفون الكلم عن مواضعه ويصرفونه عن ما أراد الله عز وجل- وعلم المتشابه عند الله تعالى، والمؤمنون يتبعون أمر الله تعالى ويطلبون التأويل بما يوافق مراد الله وبرد المتشابه إلى المحكم( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) " عائشة قالت تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم( رواه مسلم)



حرر القول في :


3: معنى قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا}.


اختلف أهل التّأويل في الوقف هنا على أقوال : هل الرّاسخون يعرفون المتشابه، فيكون العطف على لفظ الجلالة؟ أم هو مستأنف خبر عنهم أنهم يؤمنون به يتركون تأويله لله؟


فهل للعقل البشري مجالا للبحث في المتشابه؟؟ وهل يمكن للراسخين أن يقفوا على معناه؟؟


وفي معنى التأويل:


قال صاحب التهذيب : ( يقال : تأوّلت فلان الأجر ، أي تحريته وطلبتُه ، الليث : التأول والتأويل : تفسير الكلام الذي تختلف معانيه ، ولا يصح إلا ببيان غير لفظه، وأنشد :


نحن ضربناكم على تنزيله ****فاليوم نضربكم على تأويله


وأما قوله تعالى : } هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله { [الأعراف-53] ، قال أبو إسحاق : معناه : هل ينظرون إلا مايؤول إليه أمرهم من البعث ، وقيل : هذا التأويل هو قوله تعالى : }وما يعلم تأويله إلا الله { [آل عمران – 7 ]، أي : لا يعلم متى يكون أمر البعث وما يؤول إليه الأمر عند قيام الساعة إلا الله ، } والراسخون في العلم يقولون آمنا به { [آل عمران -7 ]، أي : آمنا به .


وقيل : هو من المتشابه


وقال الشيخ الطيار : (التأويل من حيث اللغة يرجع إلى مادة أَوَلَ، وهذه المادة الثلاثية أصلها يعود إلى معنى الرجوع، و الموئل أي الموضع الذي يُرجع إليه، ومنه الإيالة بمعنى السياسة لأنها مرجع الرعية، وآل الرجل أي عشيرته التي يرجع إليها.


وإذا جئنا إلى تأويل الكلام وهو المراد هنا فإننا يمكن أن نقول هو الرجوع به إلى مراد المتكلم، عندما نقول: (أوّل فلان قول الله تعالى كذا) كأنه رجع به إلى مراد الله حسب فهم هذا المتكلم.


التأويل عند المتقدمين من الصحابة والتابعين وأتباعهم وأئمة اللغة المتقدمين وكذلك هو في لغة القرآن ولغة السنة يرجع إلى معنيين:


المعنى الأول: بيان مراد المتكلم وهذا هو التفسير، فالمعنى هنا على هذا المراد واحد، وهذا الذي استخدمه ابن جرير الطبري- وهو من أشهر من استخدمه- في تسمية كتابه (جامع البيان عن تأويل آي القرآن) ولذلك هو يقول في كل آية: القول في تأويل قوله تعالى، ومراده هنا التفسير. -


وهذا المعنى صحيح بلا ريب وهو يكاد يكون إجماع من السلف ومن اللغويين ، قال أبو عبيدة معمر بن مثنى (210هـ) عند تفسيره لقوله تعالى : وما يعلم تأويله إلا الله [آل عمران :7]: التأويل : التفسير .


وقال أبو العباس أحمد بن يحي (ثعلب) (291هـ) عندما سئل عن التأويل : ( التأويل والمعنى والتفسير ، واحد ) .


وهو منصوص عليه في الكتاب والسنة، وكما قال ابن عباس – رضي الله عنه : ( أنا ممن يعلم تأويله )


وقول مجاهد –رحمه الله – عند تفسير قوله تعالى : ( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ) [آل عمران : 7] : ( يعلم تأويله ، ويقولون آمنا به )


فهذا المراد من التأويل الذي بمعنى التفسير لا يصح الاعتراض عليه كما اعترض عليه بعض المتأخرين من العلماء لأنهم رحمهم الله قد خفي عليهم هذا الجانب مع ظهوره ووضوحه.


المعنى الثاني: هو الموجود الذي يؤول إليه الكلام والمقصود به ظهور المُتكَلم به إلى الواقع المحسوس، والمتكلم به قد يكون خبراً وقد يكون طلباً وقد يكون نهياً


هذان المعنيان من معاني التأويل :


- التفسير


-وما تؤول إليه حقيقة الشيء أي الموجود الذي يؤول إليه الكلام هما المعنيان الواردان في القرآن والسنة وكلام السلف وكلام اللغويين، ولهذا لا يصح أن يُعترض عليهما.


ولكن عندما دخلت الأفكار المنحرفة والمعاني الباطلة في تأويل القرآن ، امتطى أصحابها القول المجاز في القرآن ليصلوا إلى مرادهم الباطل في تفسير كلام الله دون اعتراض .


ومن هنا يظهر تعريف آخر للتأويل: صرف الكلام عن ظاهره بموجب. وهذا ليس المعهود في معنى


( التأويل ) في اللغة ولا في كلام الله ورسوله


وهو أننا نترك المعنى الظاهر لغير الظاهر بموجب اقتضاه – وهذا هو التفسير حقيقة لأننا هنا نرجع إلى مراد الله من كلامه- ، وهذا كقوله تعالى : } وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها { [ الاسراء : 59]


فقوله :( مبصرة ) هنا ليس الظاهر من الكلمة ( الإبصار ) إنما هو : أن الناقة آية مبصرة بينة لقوم ثمود ، فهو صرف اللفظ إلى غير المعنى الذي اقتضاه الظاهر لموجب.


تعريف المحكم:


المحكم مأخوذ من الإحكام بمعنى الاتقان والمنع، ومنه حكمت الدابة التي تمنعها من الجماح، ومنه الحكمة، لأنها تمنع صاحبها عما لا ينبغي، وإحكام الشيء إتقانه.


تعريف التشابه:


والتشابه مأخوذ من أشبه الشيء الشيء، أي ماثله، يقال: اشتبه الأمر على فلان، إذا أشبه غيره، فلم يكد يفرق بينهما، ويقال لكل ما غمض ودق متشابه، فالكلمة لا تخرج معناها عن التماثل والالتباس والخفاء والإبهام.


من هم الراسخون في العلم:


في حديث لأبي الدرداء:أبو الدرداء ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الراسخين في العلم ، فقال : " من برت يمينه ، وصدق لسانه ، واستقام قلبه ، ومن أعف بطنه وفرجه ، فذلك من الراسخين في العلم " .


الأقوال في الوقف:


القول الأول: أن الوقف على لفظ الجلالة وأن الراسخون في العلم لا يعلمون تأويله، وهم يقولون آمنا به وصدقنا أنه من عند الله.


فقال بعضهم : معنى ذلك : وما يعلم تأويل ذلك إلا الله وحده منفردا بعلمه . وأما الراسخون في العلم ، فإنهم ابتدئ الخبر عنهم بأنهم يقولون : آمنا بالمتشابه والمحكم ، وأن جميع ذلك من عند الله.


قال الطبري: "واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، وهل " الراسخون " معطوف على اسم " الله " ، بمعنى إيجاب العلم لهم بتأويل المتشابه ، أم هم مستأنف ذكرهم ، بمعنى الخبر عنهم أنهم يقولون : آمنا بالمتشابه وصدقنا أن علم ذلك لا يعلمه إلا الله .وقال : إن الراسخين لا يعلمون تأويل ذلك ، وإنما أخبر الله عنهم بإيمانهم وتصديقهم بأنه من عند الله ، فإنه يرفع " الراسخين في العلم " بالابتداء في قول البصريين ، ويجعل خبره : " يقولون آمنا به " . وأما في قول بعض الكوفيين ، فبالعائد من ذكرهم في " يقولون " . وفي قول بعضهم : بجملة الخبر عنهم ، وهي : " يقولون"، وهذا هو قول الطبري واختياره.


وروى هذا القول عن عروة بن الزبير، وعبيد الله الأسدي وعمر بن عبد العزيز ومالك، " عن أشهب عن مالك في قوله : " وما يعلم تأويله إلا الله " قال : ثم ابتدأ فقال : " والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا " وليس يعلمون تأويله"


وفي قراءة ابن عباس- كماذكره ابن جرير والحاكم- أنه كان يقرأ " وما يعلم تأويله إلا ويقول الراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا" فهذه القراءة صريحة فيأن الواو ليست للعطف وإنما هي للاستئناف.


وذكر الفراء أن أبي بن كعب قرأ مثل قراءة ابن عباس، وأخرج ابن أبي داود في المصاحف أن عبد الله بن مسعود قرأ : " وإن تأويله إلا عند الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به"


وروى ابن كثير:" عن ابن عباس أنه قال : التفسير على أربعة أنحاء : فتفسير لا يعذر أحد في فهمه ، وتفسير تعرفه العرب من لغاتها ، وتفسير يعلمه الراسخون في العلم ، وتفسير لا يعلمه إلا الله عز وجل". ويروى هذا القول عن عائشة ، وعروة ، وأبي الشعثاء ، وأبي نهيك ، وغيرهم


وقد كان الصحابة- رضي الله عنهم- لا يقبلون أن يسأل الناس عن المتشابه أو يتكلمون عنه.


روى الدارمي من طريق سليمان بن يسار قال قدم المدينة رجل يقال له صبيغ بوزن عظيم وآخره مهملة بن عسل فجعل يسأل عن متشابه القرآن فأرسل إليه عمر فأعد له عراجين النخل فقال من أنت قال أنا عبد الله صبيغ قال وأنا عبد الله عمر فضربه حتى أدمى رأسه فقال حسبك يا أمير المؤمنين قد ذهب الذي كنت أجده في رأسي،ثم نفاه إلى البصرة .


القول الثاني: أن الوقف على الراسخون في العلم ومع علمهم يقولون آمنا به كل من عند ربنا


أن الراسخين يعلمون تأويله ، عطف ب " الراسخين " على اسم " الله " فرفعهم بالعطف عليه.


قال الطبري: "وقال آخرون : بل معنى ذلك : وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ، وهم مع علمهم بذلك ورسوخهم في العلم يقولون : " آمنا به كل من عند ربنا " .


ونقل هذا القول عن : ابن عباس :"عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال : أنا ممن يعلم تأويله . وعن جعفر بن الزبير : " وما يعلم تأويله " الذي أراد ، ما أراد " إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا " فكيف يختلف ، وهو قول واحد من رب واحد ؟ ثم ردوا تأويل المتشابه على ما عرفوا من تأويل المحكم التي لا تأويل لأحد فيها إلا تأويل واحد ، فاتسق بقولهم الكتاب وصدق بعضه بعضا ، فنفذت به الحجة ، وظهر به العذر ، وزاح به الباطل ، ودمغ به الكفر.


القول الثالث: وهو القول بالتفصيل:


قال الراغب الأصفهاني: جميع المتشابه على ثلاثة أضرب:


1-ضرب لا سبيل للوقوف عليه كوقت الساعة وخروج الدابة.


2-ضرب للانسان سبيل إلى معرفته كالألفاظ الغريبة.


3-ضرب متردد بين الأمرين، يجوز أن يختص بمعرفته الراسخون في العلم ويخفى على دونهم، وهو المشار إليه بقول النبي- صلى الله عليه وسلم- لابن عباس: اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل، وبهذا يكون الوقف على جملة ( وما يعلم تأويله إلا الله) جائزاص،ويكون وصلها بجملة ( والرسخون في العلم) جائزاً، حيث أن لكل منهما وجهاً مقبولا.


قال ابن كثير: "ومن العلماء من فصل في هذا المقام ، فقال : التأويل يطلق ويراد به في القرآن معنيان ، أحدهما : التأويل بمعنى حقيقة الشيء ، وما يئول أمره إليه ، ومنه قوله تعالى : ( ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا ) [ يوسف : 100 ] وقوله ( هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله ) [ الأعراف : 53 ] أي : حقيقة ما أخبروا به من أمر المعاد ، فإن أريد [ ص: 12 ] بالتأويل هذا ، فالوقف على الجلالة ، لأن حقائق الأمور وكنهها لا يعلمه على الجلية إلا الله عز وجل ، ويكون قوله : ( والراسخون في العلم ) مبتدأ و ( يقولون آمنا به ) خبره . وأما إن أريد بالتأويل المعنى الآخر وهو التفسير والتعبير والبيان عن الشيء كقوله تعالى : ( نبئنا بتأويله ) [ يوسف : 36 ] أي : بتفسيره ، فإن أريد به هذا المعنى ، فالوقف على : ( والراسخون في العلم ) لأنهم يعلمون ويفهمون ما خوطبوا به بهذا الاعتبار ، وإن لم يحيطوا علما بحقائق الأشياء على كنه ما هي عليه ، وعلى هذا فيكون قوله : ( يقولون آمنا به ) حالا منهم ، وساغ هذا ، وهو أن يكون من المعطوف دون المعطوف عليه ، كقوله : ( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم ) إلى قوله : ( [ والذين جاءوا من بعدهم ] يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا [ الذين سبقونا بالإيمان ] ) الآية [ الحشر : 8 - 10 ] ، وكقوله تعالى : ( وجاء ربك والملك صفا صفا ) [ الفجر : 22 ] أي : وجاءت الملائكة صفوفا صفوفا .


والقول الثالث هو الراجح والله وأعلم.

رد مع اقتباس
  #21  
قديم 14 جمادى الآخرة 1439هـ/1-03-2018م, 03:04 PM
بدرية صالح بدرية صالح غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 498
افتراضي

اكتب رسالة مختصرةبأسلوب الحجاج تردّ فيها على النصارى الذين يعتقدون ألوهيةعيسى عليه السلام، من خلال دراستك لتفسير صدر سورة آل عمران.

أنزل الله سبحانه وتعالى صدر سورة آل عمران للرد على النصارى ومن هم على شاكلتهم في ألوهية عيسى عليه السلام , قال تعالى (الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (4)إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6), وردّ عليهم بحجج لرد اعتقادهم .

_ابتدأت السورة بالحروف المقطعة لبيان معجزة هذا القرآن وعظمته , وليس لأحد ان يأتي بمثله , وهم أهل الفصاحة والبلاغة ،و افتتحت بتوحيد الألوهية ، وهي من أهم مقاصد السورة لدحض شكهم واقرار الألوهية.

_ تضمنت هذه الآيات حجج وبراهين قاطعة ,تثبت بطلان مايزعمون و وهي حجة عليهم ببطلان ماقالوا بألوهية عيسى عليه السلام .

_فيها اثبات الوهية الله سبحانه وحده لاشريك له بقوله (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) , وذكر صفاته العليا بالحياة الدائمة , والقائم على خلقه في جميع أمورهم ، فكيف بعيسى وأمه، قال تعالى :(ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام}

_من أنزل التوراة والإنجيل هو من أنزل الكتاب الناسخ لها , وهو مصدق من بين يديه على نبي مرسل عندكم من خبره وتعرفونه ,لكن تكتمون خبره وتنكرونه رغم علمكم به , ومصدق للكتب السا بقة قبل تحريفها منكم .

_قال تعالى (وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ) , ذكر الله الكتب السماوية تشريفاً وتعظيماً لها , وذكر بعدها الفرقان ناسخا لها ,وهو هداية للناس كما كانت التوراة والإنجيل هداية لأقوامها قبل نزوله ونسخه إياها ، وجميعها تقر بوحدانية الله .
_ مظاهر قدرة الله سبحانه بتصويره في الأرحام كيف يشاء (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ) , فهذا تعريض للنصارى لاعتقادهم لأولوهية عيسى عليه السلام، فالله هو القادر على خلق وتصوير البشر ،وقد وردت النصوص التي تبين مراحل الخلق من النطفة إلى اكتمال هيئته وانتقاله من مرحلة إلى مرحلة ، وما عيسى إلا كمثل البشر صَوَّرهُ في بطن امه خلقاً بعد خلق .
_الله سبحانه أرسل آيات محكمات ومتشا بهات , المؤمنون يقولون كل من عند الله فيؤمنون به , وأهل الزيغ يتبعون ماتشابه منه ابتغاء الفتنه ويأ ولونه على ما تريد أنفسهم ,واتباعا لأهوائهم ورغبا تهم .
فهذه الآيات حجة بالغة عليهم بربوبية وألوهية الله سبحانه , وهو الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد , وماتضمنته من دلالة اسمائه وصفاته العلى , دليل كماله وألوهيته وقدرته سبحانه .
.
حرر القول في واحدة من المسائل التالية:
معنى قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا}. اختلاف القراء بالوقف في قوله تعالى :( ومايعلم تأويله والمشهور فيها قولان :
القول الأول : أنّ الوقف على قوله تعالى : (وما يعلم تأويله إلا الله) ، فقالوا وقف تام ، أن الأمور الغيبية ، من روح ، وقيام الساعة ، وغيره من الأحداث ذكرها الشرع دون تفصيل ، لايعلمها إلا الله سبحانه ، وليس للبشر معرفة بها ، فنسلم بها ونقول آمنا به ..
فمعنى الآية ، أن المؤمنون الراسخون في العلم ، المتقون العارفين بمراد الله سبحانه ، هم من يقولون آمنا به جميعاً ، وصدقنا بمحكمه ومتشابهه وإن لم نعلمه ،لأنه منزل من عند ربنا ، وهذا ماكان عليه أصحاب رسول الله ،والتابعين ومن تبعهم ليوم الدين .
قال ابن عباس:
وما يعلم تأويله إلّا اللّه فهذا على الكمال والتوفية فيما لا يتأول ولا سبيل لأحد إليه كأمر الروح وتعرف وقت قيام الساعة وسائر الأحداث التي أنذر بها الشرع، وفيما يمكن أن يتأوله العلماء ويصح التطرق إليه، فمعنى الآية: وما يعلم تأويله على الكمال إلا الله».
وقولاً ثانياً لابن عباس وقالته عائشة رضي الله عنها : والرّاسخون رفع بالابتداء وهو مقطوع من الكلام الأول وخبره يقولون، والمنفرد بعلم المتشابه هو الله وحده بحسب اللفظ في الآية وفعل الراسخين قولهم آمنّا به.
القول الثاني : أن الوقف على قوله تعالى :( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم )فإذا وصلت الآية ،وابتدأ بقوله (يقولون آمنا به ..) ، فإن أريد بالتأويل المعنى الآخر ،كقوله تعالى : ( نبئنا بتأويله ) ،أي بتفسيره ، فيكون المعنى هو التفسير والتعبير والبيان عن الشيء ، فالوقف على : ( والراسخون في العلم ) لأنهم يعلمون ويفهمون ما خوطبوا به بهذا الاعتبار ، وإن لم يحيطوا علما بحقائق الأشياء على كنه ما هي عليه.
فيكون معنى الآية ،أنه مايعلم المتشابه من القرآن ، ورفع الشبهات ، وبعض من التأويل ،إلا مايسر الله سبحانه للراسخون من العلم ، وماوفقهم ومكنهم من معرفة محكمه ومتشابهه ،ويقولون آمنا به كل من عند ربنا. كما قال ابن عباس : عن هذه الآية : «أنا ممّن يعلم تأويله» .
قال ابن عاشور :أن الله أثبت للراسخين في العلم فضيلة . ووصفهم بالرسوخ ، فآذن بأنّ لهم مزية في فهم المتشابه : لأنّ المحكم يستوي في علمه جميع من يفهم الكلام ، ففي أيِّ شيء رسوخهم .
واختلف العلماء في نظم هذه الآية فقال قوم : الواو في قوله والراسخون واو العطف يعني أن تأويل المتشابه يعلمه الله ويعلمه الراسخون في العلم وهم مع علمهم ( يقولون آمنا به ) وهذا قول مجاهد والربيع . وذكره البغوي وابن عاشور.
وقال عمر بن عبد العزيز : في هذه الآية انتهى علم الراسخين في العلم بتأويل القرآن إلى أن قالوا آمنا به كل من عند ربنا وهذا قول أقيس في العربية وأشبه بظاهر الآية .
فالراجح : كلاهما جائز ، بدليل حديث عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن ابن العاص، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّ القرآن لم ينزل ليكذّب بعضه بعضًا، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما تشابه منه فآمنوا به».
فإن أريد التأويل بمعرفة حقيقة الشيء ،فيوقف على لفظ الجلالة ، لأن معرفة الغيبيات وسائر الإمور الحديثة إلا الله سبحانه ،وإن أريد التأويل الذي بمعنى التفسير والبيان والوضوح فا لوقف على ( الراسخون بالعلم ) ،لأنهم يعلمون ويفهمون ما خوطبوا به بهذا الاعتبار ،بتصرف مما ذكره ابن كثير وابن عطية.
وقال محمد الطنطاوي :
وحكى ابن جرير أن قراءة عبد الله بن مسعود، إن تأويله إلا عند الله، والراسخون في العلم يقولون آمنا به. واختار هذا القول ابن جرير- وهو مذهب الأكثرين من الصحابة والتابعين وأتباعهم خصوصا أهل السنة.
وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى :(( ولا منافاة بين القولين عند التحقيق ) . 

المراجع :
_تفسير القرآن العظيم لابن كثير 
_تفسير لمحمد بن جرير الطبري 
_تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 
_كتاب تفسير معالم التنزيل للبغوي 
_تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 
_ ومجموع الفتاوى لابن تيمية ،كتاب التفسير الوسيط للطنطاوي 
_كتاب معاني القرآن وإعرابه للزجاج
_تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور .
اعتذر لعدم التنسيق لخراب اللاب ،والآيباد معلق الألوان فيه.

رد مع اقتباس
  #22  
قديم 26 جمادى الآخرة 1439هـ/13-03-2018م, 11:21 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تابع التقويم..

كوثر التايه ب
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ج1: الرسالة جيدة، ولكن المطلوب فيها محدّد وهو إبطال ألوهية عيسى وبيان ضلال النصارى في اعتقادهم فيه، وعيسى والنصارى لم يجر لهم ذكر في الرسالة.
وانتبهي لكتابة الآية كتابة صحيحة: {نزّل عليك الكتاب بالحقّ....}.
ج2: أحسنت، ولكن يلاحظ عدم تخريجك للأقوال.

بدرية صالح د
بارك الله فيك ونفع بك.
ج2: عبارة "قال ابن عباس:
وما يعلم تأويله إلّا اللّه فهذا على الكمال والتوفية.... " فيها خلط، فإن قول: "فهذا على التمام والتوفية" إلى آخر الكلام هو من الكلام كلام ابن عطية وليس كلام ابن عباس.
- "
وقولاً ثانياً لابن عباس وقالته عائشة رضي الله عنها....." هذا ليس قولا ثانيا، وإنما هو نفسه القول الأول.
- ويلاحظ عدم نسبتك الأقوال إلى أصحابها من السلف.
والملاحظة العامّة هي نفس ما لوحظ على التطبيق السابق، وهو أنه مجرّد تجميع لكلام المفسّرين في المسألة أدّى إلى تكرار الكلام الواحد في فقرات عديدة، فأرجة تفهّم كلامهم جيدا، وملاحظة ما يستدعي الذكر وما هو مكرر قد بسط في موضع سابق.

رد مع اقتباس
  #23  
قديم 7 رجب 1439هـ/23-03-2018م, 05:32 PM
ميسر ياسين محمد محمود ميسر ياسين محمد محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 716
افتراضي

. حرر القول في واحدة من المسائل التالية:
3: معنى قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا}.
في هذه الآية كشف زيغ أهل الضلال ودحض ترويجهم لمعتقداتهم الفاسدة حيث أراد نصارى نجران تثبيت معتقدهم الفاسد بتأويل آيات الله.
عندما خاصموا النبي صلى الله عليه وسلم في عيسى وتأولوا آيات الله تبعاً لما يناسب كفرياتهم .وذلك كما:روى الطبري والرازي من طريق عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع قوله:(فيتّبعون ما تشابه منه وذلك أنّهم يعني: النّصارى قالوا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ألست تزعم أنّ عيسى كلمة اللّه وروحٌ منه؟
قال: بلى. قالوا: فحسبنا. فأنزل اللّه فأمّا الّذين في قلوبهم زيغٌ فيتّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة.) وقيل أنها بذلك نزلت .

وقيل أنها نزلت في رهط من اليهود أرادوا التنبؤ بوقت انقضاء مدة أمّة محمد صلى الله عليه وسلم -الذي ينقضي بقيام الساعة -بتأويل معاني الحروف المقطعة .
رواه الطبري عن محمّد بن حميدٍ الرّازيّ، قال: حدّثنا سلمة بن الفضل،قال: حدّثني محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني الكلبيّ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، عن جابر بن عبد اللّه بن رئابٍ، قال: « مرّ أبو ياسر بن أخطب برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يتلو فاتحة سورة البقرة: {الم ذلك الكتاب لا ريب فيه} فأتى أخاه حييّ بن أخطب في رجالٍ من يهود فقال: تعلمون واللّه لقد سمعت محمّدًا يتلو فيما أنزل اللّه عزّ وجلّ عليه: {الم ذلك الكتاب} فقالوا: أنت سمعته؟ قال: نعم فمشى حييّ بن أخطب في أولئك النّفر من يهود إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالوا: يا محمّد ألم يذكر لنا أنّك تتلو فيما أنزل عليك: {الم ذلك الكتاب} فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «بلى» فقالوا: أجاءك بها جبريل من عند اللّه؟ قال: «نعم» قالوا: لقد بعث اللّه جلّ ثناؤه قبلك أنبياء ما نعلمه بيّن لنبيٍّ منهم ما مدّة ملكه وما أكل أمّته غيرك فقال حييّ بن أخطب: وأقبل على من كان معه، فقال لهم: الألف واحدةٌ، واللاّم ثلاثون، والميم أربعون، فهذه إحدى وسبعون سنةً، قال: فقال لهم: أفتدخلون في دين نبيٍّ إنّما مدّة ملكه وأكل أمّته إحدى وسبعون سنةً؟ قال: ثمّ أقبل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: يا محمّد هل مع هذا غيره؟ قال: «نعم»قال: ماذا؟ قال: {المص} قال: هذه أثقل وأطول: الألف واحدةٌ، واللاّم ثلاثون، والميم أربعون، والصّاد تسعون. فهذه إحدى وستّون ومائةٌ سنةً هل مع هذا يا محمّد غيره؟ قال: «نعم» قال: ماذا؟ قال: {الر} قال: هذه أثقل وأطول الألف واحدةٌ، واللاّم ثلاثون، والرّاء مائتان، فهذه إحدى وثلاثون ومائتا سنةٍ ؛ فهل مع هذا غيره يا محمّد؟ قال: «نعم،{المر}» قال: فهذه أثقل وأطول: الألف واحدةٌ واللاّم ثلاثون، والميم أربعون، والرّاء مائتان، فهذه إحدى وسبعون ومائتا سنةٍ . ثمّ قال: لقد لبّس علينا أمرك يا محمّد، حتّى ما ندري أقليلاً أعطيت أم كثيرًا ثمّ قاموا عنه، فقال أبو ياسرٍ لأخيه حييّ بن أخطب ولمن معه من الأحبار: ما يدريكم لعلّه قد جمع هذا كلّه لمحمّدٍ: إحدى وسبعون، وإحدى وستّون ومائةٌ، ومائتان وإحدى وثلاثون، ومائتان وإحدى وسبعون، فذلك سبعمائة سنةٍ وأربعٌ وثلاثون، فقالوا: لقد تشابه علينا أمره. ويزعمون أنّ هؤلاء الآيات نزلت فيهم: {هو الّذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ هنّ أمّ الكتاب وأخر متشابهاتٌ} ».

وقيل أنه يدخل فيها كل مبتدع يبتغي الفتنة من وراء تأويل الآيات المتشابهات كما روى الطبري عن يونس، قال: أخبرنا سفيان، عن معمرٍ، عن ابن طاووسٍ، عن أبيه عن ابن عبّاسٍ: وذكر عنده الخوارج وما يلقون عند الفران، فقال: يؤمنون بمحكمه، ويهلكون عند متشابهه وقرأ ابن عبّاسٍ: {وما يعلم تأويله إلاّ اللّه}
- روى البخاري والترمذي والطبري من طريق عن ابن أبي مليكة، قال: سمعت القاسم بن محمّدٍ، يحدّث عن عائشة، قالت: تلا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم هذه الآية: {هو الّذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ هنّ أمّ الكتاب} ثمّ قرأ إلى آخر الآيات، فقال: إذا رأيتم الّذين يتّبعون ما تشابه منه، فأولئك الّذين سمّى اللّه فاحذروهم.

الأقوال في المراد بتأويله في قوله تعالى:(وما يعلم تأويله إلا الله):
-القول الأول: هو يوم القيامة قاله ابن عباس
ما قاله ابن عباس رواه الرازي عن أبيه، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، وعن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: في قوله: وما يعلم تأويله إلا اللّه قال: تأويله يوم القيامة لا يعلمه إلا اللّه.
-القول الثاني :تأويله القرآن قاله ابن عباس ما ومحمد بن جعفر
-ما قاله ابن عباس رواه الرازي قال :ذكر عن إبراهيم بن طهمان، عن مسلمٍ عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ وما يعلم تأويله إلا اللّه قال: تأويل القرآن.
ما قاله محمد بن جعفر رواه الطبري عن ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن جعفر بن الزّبير: {وابتغاء تأويله} وذلك على ما ركبوا من الضّلالة في قولهم: خلقنا وقضينا
ويدخل في هذا القول معرفة انقضاء المدة ووقت قيام الساعة كما في حديث ابن عباس الذي رواه الطبري
ويدخل فيه القول بأنه:عواقبه متى يجيء الناسخ فينسخ المنسوخ .قاله السدي
ما قاله السدي رواه الرازي عن أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال اللّه:
وما يعلم تأويله إلا اللّه وتأويله: عواقبه متى يجيئ النّاسخ فينسخ المنسوخ.

أما معنى الراسخون فقد ورد فيه حديث :رواه الطبري والرازي من طريق عن فيّاض بن محمّدٍ الرّقّيّ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن يزيد بن آدم، عن أبي الدّرداء، وأبي أمامة، قالا: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من الرّاسخ في العلم؟ قال: من برّت يمينه، وصدق لسانه واستقام له قلبه، وعفّ بطنه، فذلك الرّاسخ في العلم.

وقد اختلف العلماء في معنى قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا}على أقوال:
-القول الأول : أن«الراسخين في العلم» لايعلمون تأويله ،قالته عائشة ،وقاله ابن مسعود وابن عباس وعروة،ومالك.وأبو الشعثاء وأبو نهيك ،والضحاك ،وعمر بن عبد العزيز
ما قالته عائشة :رواه الطبري والرازي، من طريق عن ابن أبي مليكة قال: قرأت عائشة هؤلاء الآيات: هو الّذي أنزل عليك الكتاب إلى قوله: آمنّا به قالت: كان من رسوخهم في العلم أن آمنوا بمحكمه ومتشابهه، ولا يعلمونه.
أماما قاله ابن عباس :رواه عبد الرزاق الصنعاني وابن الأنباري وأبو عمرو الداني من طريق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال: (ذكر لابن عباس الخوارج وما كان يصيبهم عند قراءة القرآن فقال: يؤمنون بمحكمه ويهلكون عند متشابهه. وقرأ: {وما يعلم تأويله إلا الله ويقول الراسخون في العلم آمنا به}.)وهذا الأثر بلفظ ابن الأنباري
أما ما قاله عروة: رواه ابن وهب المصري ووالطبري والرازي من طريق عن ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه :(أنه كان يقول في هذه الآية: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}، قال عروة: أمر الله رسوله أن يأخذ بالعفو من أخلاق الناس؛ قال هشام: وكان أبي يقول في هذه الآية: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلٌ من عند ربنا}، إن الراسخين في العلم لا يعلمون تأويله، ولكنهم يقولون آمنا به كل من عند ربنا).
وأما ما قاله أبو الشعثاء وأبو نهيك :رواه الرازي عن عب اللّه بن سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو تميلة، أنبأ أبو منيبٍ، عن أبي الشّعثاء وأبي نهيكٍ في قوله: وما يعلم تأويله إلّا اللّه والرّاسخون في العلم قال:
إنّكم تصلون هذه الآية وهي مقطوعةٌ ثمّ يقرأ: والرّاسخون في العلم يقولون آمنّا به كل من عند ربّنا فأثنى عليهم إلى قوله الّذين قالوا وما يعلم تأويله إلا اللّه ثمّ قال: والرّاسخون في العلم يقولون آمنّا به.
-.أما ما قاله أبو نهيك : رواه الطبري عن ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن أبي نهيكٍ الأسديّ، قوله: {وما يعلم تأويله إلاّ اللّه والرّاسخون في العلم} فيقول: إنّكم تصلون هذه الآية وإنّها مقطوعةٌ {وما يعلم تأويله إلاّ :اللّه والرّاسخون في العلم يقولون آمنّا به كلٌّ من عند ربّنا} فانتهى علمهم إلى قولهم الّذي قالوا.
أما ما قاله عمر بن عبد العزيز : رواه الطبري عن المثنّى، قال: حدّثنا ابن دكينٍ، قال: حدّثنا عمرو بن عثمان بن عبد اللّه بن موهبٍ، قال: سمعت عمر بن عبد العزيز، يقول: {الرّاسخون في العلم} انتهى علم الرّاسخين في العلم بتأويل القرآن إلى أن قالوا: {آمنّا به كلٌّ من عند ربّنا}.
أماما قاله مالك :رواه الطبري عن يونس، قال: أخبرنا أشهب، عن مالكٍ، في قوله: {وما يعلم تأويله إلاّ اللّه} قال: ثمّ ابتدأ فقال: {والرّاسخون في العلم يقولون آمنّا به كلٌّ من عند ربّنا} وليس يعلمون تأويله.
وذكر ابن الأنباري في الأضداد أنه :مما يدل على صحة هذا القول قراءة ابن مسعود، (إن تأويله إلا عند الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به) وقراءة أبي: (ويقول الراسخون في العلم)، وقال :أن تقديم القول على (الراسخين) يدل على أنهم غير داخلين في العلم.فيكون وقف تام على (وما يعلم تأويله إلا الله) .وموضع (الراسخون )مبتدأ وخبرها (يقولون).ومما يؤيد هذا القول :حجة أبو عبد الله السجاوندي ،قال :(أن شرط الإيمان بالقرآن العمل بمحكمه، والتسليم لمتشابهه.
{والراسخون} مبتدأ ثناء من الله عليهم بالإيمان [على التسليم] بأن الكل [من عند الله]. )
وذكر السمعاني وأبو عمر الداني وابن الأنباري والأشموني أنه قول أكثر أهل العلم

-القول الثاني: أن الراسخون في العلم يعلمون تأويله يقولون آمنا به،قاله ابن عباس ومجاهد والربيع ومحمد بن جعفر بن الزبير والضحاك
وذكر أهل العلم أن الوقف هنا :وقف حسن غير تام وهو:الوقف على (في العلم) ويكون قوله تعالى:(يقولون آمنا به) حال من «الراسخين»
ما قاله ابن عباس رواه الطبري عن محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّه قال: أنا ممّن يعلم تأويله.
أما ما قاله مجاهد رواه الطبري عن محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، والرّاسخون في العلم يعلمون تأويله ويقولون آمنّا به.
- ورواه الطبري عن المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: والرّاسخون في العلم يعلمون تأويله ويقولون آمنّا به.
ورواه البخاري (باب {منه آياتٌ محكماتٌ} [آل عمران: 7]
وقال مجاهدٌ: " الحلال والحرام، {وأخر متشابهاتٌ} [آل عمران: 7] : يصدّق بعضه بعضًا، كقوله تعالى: {وما يضلّ به إلّا الفاسقين} [البقرة: 26] ، وكقوله جلّ ذكره: {ويجعل الرّجس على الّذين لا يعقلون} [يونس: 100] وكقوله: {والّذين اهتدوا زادهم هدًى وآتاهم تقواهم} [محمد: 17] {زيغٌ} [آل عمران: 7] : شكٌّ، {ابتغاء الفتنة} [آل عمران: 7] : المشتبهات، {والرّاسخون في العلم} [آل عمران: 7] : يعلمون {يقولون آمنّا به} [آل عمران: 7] : كلٌّ من عند ربّنا، وما يذّكّر إلّا أولو الألباب " ورواه ابن الأنباري عن أحمد بن سعيد قال: حدثنا عبد الخالق قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج عن ابن جريج عن مجاهد في قوله: (والراسخون في العلم) قال: «الراسخون في العلم يعلمون تأويله ويقولون آمنا به»)
أما ما قاله الربيع:رواه الطبري عن عمّار بن الحسن، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: {والرّاسخون في العلم} يعلمون تأويله ويقولون آمنّا به.
أما ما قاله محمد بن جعفر بن الزبير : رواه الطبري عن ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن جعفر بن الزّبير: {وما يعلم تأويله} الّذي أراد ما أراد {إلاّ اللّه والرّاسخون} في العلم يقولون آمنّا به،)
وأما ما قاله الضحاك: رواه الرازي عن عبد اللّه بن سليمان الأشعث، ثنا حم بن نوحٍ، ثنا أبو معاذٍ، ثنا أبو مصلحٍ، عن الضّحّاك: وما يعلم تأويله إلّا اللّه والرّاسخون في العلم
يقول: الرّاسخون يعلمون تأويله، لو لم يعلموا تأويله لم يعلموا ناسخه من منسوخه، ولم يعلموا حلاله من حرامه، ولا محكمه من متشابهه
ومما يؤيد هذا القول قول الطبري :(وقد مدح الله عز وجل الراسخين بثباتهم في العلم فدل على انهم يعلمون تأويله وقد قال جل وعز أفلا يتدبرون القرآن وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم انه دعا لابن عباس فقال اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل.)
ورد السجستاني هذا القول في ايضاح الوقف والابتداء قال: (أن الذين قالوا بالقول الثاني أخرجوا «الراسخين» من معنى الابتداء وأدخلوهم في النسق فلا يلزمهم أن يدخلوا على المنسوق. إما لأن (أما) إنما تدخل على الأسماء المبتدأ ولا تدخل على الأسماء المنسوقة). وقال السجستاني الدليل على أن الموضع موضع مبتدأ «وأما الراسخون فيقولون» (أما) لا تكاد تجيء وما بعدها رفع حتى تثنى أو تثلث أو أكثر، كما قال الله تعالى: {أما السفينة فكانت لمساكين} [الكهف: 79] ثم أتبعها {وأما الغلام} [80]، {وأما الجدار} [82]. وقال ههنا: (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشاء به منه) ثم لم يقل (وأما) ففيه دليل أن الموضع موضع مبتدأ منقطع من الكلا الذي قبله. وهذا غلط لأنه لو كان المعنى «وأما الراسخون في العلم فيقولون» لم يجز أن تحذف (أما) والفاء لأنهما ليستا مما يضمر.

3-الترجيح:
من خلال جمع الأقوال تبين أن لكل قول حجته وأن كلا القولين يجوزان على المعنى .
وقد جمع ابن عطية بين القولين :بأن هذه المسألة قرب الخلاف فيها من الإتفاق وذلك لأن آي الكتاب محكم ومتشابه فالمحكم :هو الواضح المعنى لا يلتبس على كل من يعرف العربية من راسخ في العلم وغيره .
أما المتشابه فهو على نوعين :
1-مالا يعلمه إلا الله مثل علم الروح والساعة وغيرها من الأمور الغيبية.فمن قال أن الراسخون لا يعلمون تأويله فهو يقصد هذا النوع من المتشابه.
2-ما يحمل على وجوه ٍفي اللغة ،ومناحٍ في كلام العرب لا يعلمه إلا الراسخون في العلم كلٌ بحسب ما قدّر له ؛ولا يعلم تأويل جميعه على الكمال إلا الله .


وقوله تعالى : {آمنا به كل من عند ربنا}يعني كل من المحكم والمتشابه قاله ابن عباس وقتادة والربيع والضحاك ومحمد بن اسحاق.
- ما قاله ابن عباس وقتادة والربيع، ومحمد بن اسحاق
ما قاله ابن عباس ررواه الطبري والرازي من طريق عن وكيع عن سفيان، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {كلٌّ من عند ربّنا} قال: يعني ما نسخ منه، وما لم ينسخ.- ورواه الطبري والرازي من طريق عن محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: والرّاسخون في العلم يقولون آمنّا به كلٌّ من عند ربّنا يؤمن بالمحكم ويدين به، ويؤمن بالمتشابه ولا يدين به، وهو من عند اللّه كلّه.
-ما قاله قتادة رواه الطبري عن بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وما يعلم تأويله إلاّ اللّه والرّاسخون في العلم} قالوا: {كلٌّ من عند ربّنا} آمنوا بمتشابهه، وعملوا بمحكمه.
ورواه الرازي عن موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ، ثنا الحسين بن محمّدٍ المرّوذيّ، ثنا شيبان، عن قتادة يقولون آمنّا به قال: آمنوا بمتشابهه وعملوا بمحكمه، فأحلّوا حلاله وحرّموا حرامه.
- ما قاله الربيع رواه الطبري عن عمّار بن الحسن، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، في قوله: {كلٌّ من عند ربّنا} يقولون: المحكم والمتشابه من عند ربّنا.
- ما قاله الضحاك رواه الطبري والرازي من طريق عن يزيد، قال: أخبرنا جويبرٌ، عن الضّحّاك، في قوله: {والرّاسخون في العلم} يعملون به، يقولون: نعمل بالمحكم ونؤمن به، ونؤمن بالمتشابه ولا نعمل به، وكلٌّ من عند ربّنا
-ما قاله محمد بن اسحاق رواه الرازي عن أبيه ثنا الحسن بن الرّبيع، ثنا ابن إدريس، ثنا محمّد بن إسحاق قوله: والرّاسخون في العلم يقولون آمنّا به قال: لم تكن معرفتهم إيّاه أن يفقهوه على الشّكّ، ولكنّهم خلصت الأعمال منهم، ونفذ علمهم أن عرفوا اللّه بعدله، لم يكن ليختلف شيءٌ ممّا جاء منه فردّوا المتشابه على المحكم فقالوا.


-

رد مع اقتباس
  #24  
قديم 7 رجب 1439هـ/23-03-2018م, 05:37 PM
ميسر ياسين محمد محمود ميسر ياسين محمد محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 716
افتراضي

المراجع :جمهرة العلوم بالإضافة الى
صحيح البخاري
تفسير ابي جرير الطبرى 
تفسير القرآن العظيم للرازي
كتاب ايضاح الوقف والابتداء لأبن الأَنباريِّ ـ
معاني القرآن النحَّاسُ 
الهداية إلى بلوغ النهاية مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِب ،
المكتفى للداني 
النكت والعيون للمارودي 
معالم التنزيل للبغوي
المحرر الوجيز عَطِيَّةَ 
زاد المسير لابن الجوزي 
تفسير القرآن العظيم كَثِيرٍ
وغيرها

رد مع اقتباس
  #25  
قديم 12 رجب 1439هـ/28-03-2018م, 11:20 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

ميسر ياسين ج
بارك الله فيك ونفع بك.
حصل لديك خلط بين المراد بالتأويل وبين مرجع هاء الضمير في قوله: {وما يعلم تأويله إلا الله}.
فأما مرجع الضمير فيعود على متشابه القرآن.
وأما المراد بالتأويل فيختلف بحسب الأقوال في المتشابه، فعلى القول بأن المتشابه هو ما استأثر الله بعلمه فالتأويل هنا طلب معرفة حقائق هذه المغيبات التي لا سبيل للعقل إلى إدراكها.
وأما إذا كان المتشابه ما يحمل وجوها وتصاريف، فالمراد بالتأويل هنا التفسير.
فعلى القول الأول لا يصحّ إدخال الراسخين في العلم في العلم بتأويل المتشابه، وعلى الثاني يحقّ إدخالهم لأنهم أهل المعرفة بالتفسير والبيان.
- ما ذكرتيه من معنى للراسخين في العلم هو وصف لهم، أما المطلوب بيان معنى الرسوخ لغة حتى يفهم معنى رسوخهم في العلم.
- إذا كان للراوي عدة كتب فينصّ على مصدر الرواية، وذلك كالروايات التي أخرجها ابن الأنباري وأبو عمرو الداني، لابد من ذكر أسماء كتبهم.
- ما نقلتيه عن البخاري بخصوص قول مجاهد لا يعتبر تخريجا، إنما تفسير.
- اجتهدي في نقل جميع ترجيحات المفسّرين المعتبرين ولا تقتصري على واحد منهم.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثاني

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:40 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir