المجموعة الرابعة :
س1: ما فائدة العطف بـ " أو " في قول النبي صلى الله عليه وسلم : " كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل " ؟
جاءت "أو" هنا بمعنى: بل, فهي للإضراب عما قبلها لإثبات ما بعدها, وليست للتخيير, فصحيح أن الغريب لم يتخذ البلد الذي دخله مستقرا له يقيم فيه, لكن حال عابر السبيل بالنسبة للزهد وعدم ركونه للبلد التي مر بها; أكمل, فهو مجرد عابر بها, لم يستقر أبدا فيها أو يجلس, أما الغريب, فيجلس, وقد يهيأ بعض الأمور لنفسه ليجد بعض الراحة في غربته, وقد يطيب له المقام فيستقر بها.
وحالنا مع الدنيا أكثر شبها مع حال عابر السبيل, فمهما طالت مدة البقاء فيها, فهي إلى زوال.
س2: ما هي أقسام التورية ؟ وما حكم كل منها ؟
أقسام التورية:
1- التورية المحرمة: وهي ما أدت إلى باطل, مثل أن يحلف المدعى عليه في مال متنازع عليه, فيحلف بالتورية, ويكذب, فيؤدي يمينه إلى ضياع الحق من أصحابه, وحصوله هو على مال محرم.
2- التورية الواجبة: وهي ما أدت إلى واجب, مثل التورية لإنقاذ مظلوم وتخليصه من يد ظالم, فإذا سئل عن مكانه, قال: لا أدري, وهو ينوي إنه لا يدري أين هو في جميع أحواله.
3- التورية الجائزة: وهي ما أدت إلى مصلحة أو حاجة, كأن يواري الرجل في إجابة شخص يسأله عما لا يعنيه من أموره الخاصة.
4- التورية في غير الأقسام السابقة: اختلف العلماء فيها:
- فذهب البعض إلى إنها محرمة, لأن التورية فيها إظهار الشخص عكس ما يبطن, وهذا من أنواع الكذب, الكذب الأصل فيه التحريم إلا ما اسثني بدليل, خاصة إن لم تتعلق به مصلحة, كذلك فيها مفسدة وهي أن الشخص الذي يستخدم التورية بلا حاجة, يوصف بالكذب, ويبتعد الناس عن تصديقه ولو كان صادقا.
- وقال البعض أن الأقرب جواز التورية إن فعلها أحيانا ولم يكثر منها, خاصة إن أخبر من حدثه بأن قال كذا وأراد به كذا.
س3: ما هو حق المسلم على أخيه المسلم ؟
جاء في الكثير من النصوص تقرير حق المسلم على أخيه المسلم, ومنها:
- حق الأخوة الإسلامية, والحب في الله, فيحب لأخيه المسلم ما يحبه لنفسه.
- عدم إلحاق أي نوع من أنواع الظلم بأخيه المسلم, فيسلم منه دم أخيه المسلم, وماله, وعرضه.
- لا يخذله, فلا يتخلى عنه ويلحق به الضرر في موضع كان يجب عليه فيه نصرته.
- لا يكذب عليه, سواء كان بالقول أو بالفعل كأن يغشه في بيع أو خلافه.
- لا يحتقره ويستصغر من شأنه, وهذا من أفظعها, فلا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر,
- عدم الحسد, وهو أن يكره رؤية النعمة على أخيه ولو لم يتمن زواها عنه.
- عدم البغض, فعليه أن لا يفعل من الأسباب ما من شأنه ان يوقع البغضاء والكراهية في قلبه تجاه أخيه المسلم, أو أن يوقع بغضه في قلب أخيه.
- عدم التناجش في البيع, فيزيد في ثمن سلعة لا رغبه له بها, يريد بذلك رفع ثمنها على من أخيه الذي أراد أن يشتريها, لينفع التاجر لمصلحة ما بينهما, أو لمجرد التلاعب في الأسعار, أو لإلحاق الضرر بأخيهو وهذا مما يوقع العداوة والبغضاء في قلوب المسلمين.
- عدم التدابر في البدن أو في القلوب, فيولي المسلم أخيه ظهره, وهذه صورة للاختلاف والتفرقو فاختلاف الأبداب يوجب اختلاف القلوب.
- أن لا يبيع على بيع اخيه, فإذا أراد اخيه المسلم شراء سلعة, ذهب للبائع وعرض عليه بثمن أعلى ليفوز هو بها.
س4: ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : " من بطّأ به عمله لم يُسرع به نسبه " ؟
هذا تنبيه منه عليه الصلاة والسلام, أن لا يغتر أحد بنسبه, ولا يظن أن نسبه نافعه عند الله إن خذله عمله في الدنيا, فلو نفعه في الدنيا فلن يكون ذا جدوى في الآخرة, وهذا لمن ترك العمل للآخرة, فتأخر عن الباقين بسبب تركه العمل, فلن ينفعه نسبه, كما قال تعالى:"إن أكرمكم عند الله أتقاكم".
س5: من هو ولي الله ؟ وما حكم معاداته ؟
بين الله سبحانه وتعالى, ذلك في القرآن بقوله:"ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون", فجمعوا الإيمان والتقوى, لذلك من كان لله تقيا كان لله وليا.ومعاداة أولياء الله من كبائر الذنوب, لقوله عليه الصلاة والسلام, فيما يرويه عن ربه:"من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب", فرتب على هذا الفعل عقوبة شديدة جدا, وإعلام هذا الباغي بعداوة الله له وحربه إياه, فدل هذا على إنه من الكبائر.
س6: ما هي شروط التوبة ؟
يشترط للتوبة النصوح خمسة شروط:
الأول: الإخلاص في التوبة, فتكون توبته خالصة لوجه الله, طالبا مغفرته راجيا عفوه ورحمته, ولا تكون رياء أو خوفا من ذي سلطة عليه.
الثاني: وقوع الندم في القلب على ما اقترف في حق الله من انتهاك للمعاصي أو ترك للواجبات, فالتوبة لا بد أن يقع معها خجل من الله, وانكسار بين يديه سحانه, وتوبيخ للنفس على ما اقترفت في حق الله سبحانه وتعالى, وإذا لم يكن هذا في القلب عند التوبة, فلا بد من وجود خلل فيها.
الثالث: الإقلاع وترك المعصية التي تاب منها, فإن كانت معصيته تركا لواجب; بادر بالإقبال على فعله, وإن كانت انتهاكا لمحرم, بادر إلى تركه فورا, وإن كان ما يفعله من معاصي له تعلق بانتهاك حق من حقوق العباد, فعليه المبادرة إلى رده, كرد مال أخذه من شخص بغير حق, فيتخير طريقة لا يحصل معها أذية له, كإرساله مع شخص ما, أو وضعه أمام بيته, وإن لم يعلم صاحبه; تصدق به عنه.
وإن كان الحق يتعلق بقذفه لمؤمن أو استغابته, فعليه أن يتحلل منه إن كان هذا الشخص يعلم بما قيل عنه من سوء, وإن كان لا يعلم ولم يصله خبر, يكفي للتوبة أن يكثر من الاستغفار لنفسه ولمن استغابه, ويدعو له, ويذكره بالخير أمام من استغابه عندهم.
الرابع: أن يعزم على عدم العودة إلى الذنب مرة أخرى, فالتوبة مع الإصرار على الذنب, أو إرادة الرجوع إليه: ليست بتوبة, فإن ضعفت نفسه وعاد للذنب, فعليه بتجيد التوبة والعزم على عدم العودة, ولا ينقض وقوعه في الذنب توبته الأولى.
الخامس: أن تحصل التوبة في زمن تقبل فيه, وينقسم الزمن إلى خاص وعام:
فالخاص: هو حضور أجل الإنسان, فعندها لا تنفع التوبة, لقوله تعالى:"وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر احدهم الموت قال إني تبت الآن",
العام: وهو العلامة الكبرى للساعة, وهي: طلوع الشمس من مغربها، فإذا طلعت الشمس من مغربها آمن جميع الناس، ولكن هذا الإيمان لا ينفع صاحبه وقتها.
وقد قال عليه الصلاة والسلام:"... ولا تنقطع التوبة حتى تخرج الشمس من مغربها".