دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > منتدى دراسة التفسير

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 ذو الحجة 1435هـ/14-10-2014م, 03:24 PM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي مسائل الاعتقاد في التفسير | د.عبد الرحمن بن صالح الذيب

مسائل الاعتقاد في التفسير


عنوان المحاضرة: مسائل الاعتقاد في التفسير.
المحاضر: فضيلة الشيخ الدكتور: عبد الرحمن بن صالح الذيب حفظه الله.
تاريخ المحاضرة: يوم الإثنين 19 ذو الحجة 1435هـ.



الملفات الصوتية:
الملف الأول:

تحميل الملف: ( هنا )

الملف الثاني:

تحميل الملف: ( هنا )

الملف الثالث:

تحميل الملف: ( هنا )


  #2  
قديم 22 ذو الحجة 1435هـ/16-10-2014م, 12:46 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم


تفريغ محاضرة: مسائل الاعتقاد في التفسير
لفضيلة الشيخ الدكتور: عبد الرحمن بن صالح الذيب حفظه الله.
شارك في التفريغ من طالبات المجموعة الثالثة: منيرة، منيرة محمد، أفنان زياد، هِند، سبق المفردون.
راجعته الأستاذة: ليلى باقيس.
جزاهم الله خير الجزاء وبارك في أوقاتهم وأعمالهم وتقبل منهم.




الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى وصحبه وسلم ...
لاشك أن العنوان : (مسائل الاعتقاد في التفسير) عنوان كبير؛ لأن جلّ مسائل الاعتقاد تناولتها كتب التفسير ؛ لأن كتب التفسير مبناها على إيضاح كلام الله تعالى، ومعلوم أن مسائل العقيدة مبنية على الأدلة النقلية ، وما من مسألة من مسائل الاعتقاد عند أهل السنة إلا لها دليل إما من الكتاب و السنة أو أحدهما.
فينبني على ذلك أن غالب مسائل الاعتقاد ستكون مطروحة في كتب التفسير ، وإنما الاختلاف سيكون باعتبار منهج المفسر في تناوله لهذه المسائل ، وقد بنيت المحاضرة على خطة نسير عليها :
نبدأ بمقدمات حتى تكون واضحة للمستمعين، ثم ننتقل إلى صلب العنوان الذي هو: (مسائل الاعتقاد في كتب التفسير).
أولا: المقدمات: سأتناول ما يتعلق ببعض المصطلحات التي ستتكرر أثناء المحاضرة.
الأمر الآخر: منهج أهل السنة في تناولهم مسائل الاعتقاد وترتيبها ؛ لأن من المعلوم أن كتب العقائد تختلف فأهل السنة لهم منهج في تناول مسائل الاعتقاد يخالفه -إن صح التعبير- أهل الكلام أوالمبتدعة في تناولهم لتلك المسائل.
الثالث: مصادر التلقي عند أهل السنة.
الرابع: الكلام في كتب التفسير على وجه الإجمال.
ثم سنتكلم عن صلب العنوان الذي هو مسائل الاعتقاد في كتب التفسير.
وهناك ملحق بهذا العنوان: وهو أثر توجهات المفسرين العقدية على تفسيرهم للآيات القرآنية، وأحسب أن الوقت يمكن لا يسعفنا لتناول هذا الملحق، فنكتفي بالمقدمات وبعنوان المحاضرة.
أول تلك المقدمات: هو بعض المصطلحات.
أول هذه المصطلحات : هو لفظ العقيدة: ما المراد بالعقيدة؟
فالعقيدة لها تعريف لغوي وتعريف اصطلاحي، وخلاصة ما يتعلق بالدلالة اللغوية للعقيدة: أنها تدل على الإحكام والإبرام، وأما في التعريف الاصطلاحي للعقيدة: فهو الإيمان الجازم الذي لا يتطرق إليه شك.
فإذا قلنا عقيدة السنّي كذا فهي الأمور التي يؤمن بها هذا السنيّ لا يتطرق إليها الشك، وإذا قلنا عقيدة المعتزلي كذا ، فهي الأمور التي يجزم بها هذا المعتزلي ، وإذا قلنا عقيدة النصراني كذلك ، فبه يتبين أن العقيدة قد تكون حق وقد تكون العقيدة باطلة بحسب هذا المعتقِد ، لكن هي عنده لا يتطرق إليها شك ، أما في نفس الأمر فقد تكون معتقدات لا يتطرق إليها الشك باعتبار ذات المعتقَد لأنها حق، وقد يكون لا يتطرق إليها شك باعتبار المعتقِد لأنه ظن أنها حق ، خلاصة هذا ما يتعلق بالتعريف ، تعريف العقيدة واصطلاحا.
المصطلح الثاني: أهل السنة.
السنة: الطريقة والسيرة في اللغة ، واصطلاحاً الهدي الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه علمًا وعملًا.
فإذا قيل أهل السنة: فالمراد هم من كان على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وهذا التقييد أو الإيضاح يخلّصنا من إشكال: وهو ادّعاء بعض الفرق المنحرفة أنهم هم أهل السنة، دعوى الفرق أنهم يعملون بالكتاب والسنة يدعيها كثير منهم ، لكن كلهم في الحقيقة يتفقون أنهم ليسوا في المعتقد على ما كان عليه الصحابة ، وأئمة التابعين ، على سبيل المثال : الأشاعرة وهم لعلهم من أشهر الفرق التي تدعي لنفسها أنهم أهل السنة ، يصرّحون بأنهم ليسوا على مذهب السلف في المعتقد ، فيجعلون مذهب السلف التفويض ، ويجعلون مذهب الخلف هو التأويل أو البيان ، ثم يغرقون في الثناء على مذهب الخلف ويجعلون مذهب السلف أنه فقط فيه السلامة من الوقوع في الخطأ ، فهم يصرّحون أنهم ليسوا على مذهب السلف؛ بمعنى أنهم ليسوا على ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
فعرفنا أن تعريف أهل السنة إذا قيل هم من كان على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأئمة القرون الثلاثة، بهذا يخرج كثير ممن يدعي أنهم هم أهل السنة.
لفظ الجماعة: أهل السنة والجماعة يذكر بعض أهل العلم أنه ظهر متأخّرًا ، الجماعة تدل على نوع من الاجتماع ؛ لأن أهل البدع كلهم أهل خروج في الحقيقة، الخوارج وغير الخوارج.
فصار هذا المصطلح أيضا من العلامات الفارقة لأهل السنة أو لأتباع السلف الصالح عن غيرهم.
ظهر هذا المصطلح متأخرا ، من أقدم النصوص عندنا أنه نُسب لابن عباس في تأويل قوله تعالى: {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه} جاء عن ابن عباس أنه قال: تبيض وجوه أهل السنة والجماعة، لكن في سند هذا الأثر ، وهذا الأثر رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة من طريق مجاشع بن عمرو عن ميسرة بن عبد رب عن عبد الكريم الجزري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، ومجاشع متكلم فيه ، ومع هذا نقول ورود الأثر يدل على تقدم استخدام أو استعمال هذا المصطلح ؛ لأن مجاشع في طبقة أتباع التابعين ، فلو دُري أنه هو من وضع هذا الأثر فأيضا يدل على أن المصطلح موجود.
عندنا نص آخر من أئمة أتباع التابعين استخدام لهذا المصطلح أيضا فقد جاء عن عمرو بن قيس المولائي أنه قال: "إذا رأيت الشاب أول ما ينشأ مع أهل السنة الجماعة فارجه" وعمرو بن قيس توفي 146 هــ.
فالمصطلح ظهر في أوائل القرن الثاني أو في منتصفه، وهو لفظ الجماعة، هذا فيما يتعلق بالمصطلح الثاني الذي نتناوله.
المصطلح الثالث هو: مصطلح أهل الكلام
مصطلح أهل الكلام في الحقيقة ظهر مبكرا عند سلف هذه الأمة على وجه الذم ، وظهر شائعا منتشرا عند متأخري هذه الأمة على وجه الثناء والمدح ، وهذه من المفارقات في الحقيقة، فالنصوص عن أئمة أهل العلم هو ذم الكلام وذم علم الكلام ، جاء عن أبي يوسف عن الشافعي ، ومع هذا صار هذا المصطلح هو المصطلح الشائع لعلم العقيدة عند كثير من الجامعات الشرعية في كثير من أقطار العالم الإسلامي ، فما هو علم الكلام ومن هم أهل الكلام ؟
علم الكلام الآن من خلال ما طرحنا ، يتبين أنه عند السلف له معنى وعند المتأخرين له معنى آخر ، فنأخذ على سبيل المثال السفاريني في (لوامع الأنوار البهية) يعرفه بأنه: العلم بالعقائد الدينية عن الأدلة اليقينية -وهذا في الحقيقة له مدلول سنتكلم عنه بعد قليل-.
لكن كذلك عندنا على سبيل المثال: تعريف لابن خلدون، و تعريف الإيجي , فمثلا الإيجي يقول : هو علم يُقتدر معه على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج ودفع الشبه.
وابن خلدون يقول : هو علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية ، والرد على المبتدعة المنحرفين عن الاعتقادات عن مذهب السلف وأهل السنة .
الآن التعاريف الثلاثة كلها تعطي نوع ثناء لهذا العلم ، وهي تشترك في أن فائدة هذا العلم هو الدفاع عن العقائد الإيمانية أو العقائد الدينية ، فهم كأنهم يدعون أن العقائد الدينية أو اليقينية ثبتت أولا ، ودوفع عنها عن طريق هذا العلم ، ففائدة هذا العلم في هذه التعاريف هو الدفاع عن هذه العقائد لذا صار عندهم في الحقيقة من العلوم الممدوحة ، والسفاريني لما قال العلم بالعقائد الدينية عن الأدلة اليقينية ، واضح أن الآن عندهم إشارة أن هناك أدلة ظنية وأدلة يقينية ، وهذه الإشارة أوضحها في الحقيقة ابن خلدون حين قال : بالأدلة العقلية.
فالمتكلمون عموما قد ردوا جل الأدلة النقلية ، فعندهم في الحقيقة جميع الأحاديث ، ومعروف أن الأحاديث إما متواتر وإما آحاد ، والأحاديث الآحاد كلها ظنية عندهم فردوها ، وما يتعلق بالقرآن والأدلة المتواترة أيضا ما سلمت في الحقيقة لأن دلالتها عندهم ظنية فصار التعلق بها أيضا ضعيف ، لم يبقَ لهم إلا الأدلة العقلية ، فجعلوا العقل حكم على النقل ، وهذا في الحقيقة ما أشار إليه ابن خلدون ، أو عبر عنه السفاريني بقوله : الأدلة اليقينية.
لا شك أن وصف دلالة العقل بأنه يقيني وصف غير صادق فيما يتعلق بالأخبار الغيبية ، العقائد أمرها مبني على الغيب ، والغيب في الحقيقة لا يعرف إلا عن طريق الخبر الصادق ، فإذا عطلنا هذا الخبر الصادق اتكلنا على عقولنا ، لذا نجد الآن أشهر الفرق الكلامية هم الجهمية ثم المعتزلة ثم الكلاّبية بشطريها الأشاعرة والماتريدية ، كلهم في الحقيقة يدعون أن العقل يؤيد ما قرروه من أمور الاعتقاد ، ومع هذا التباين بينهم أشد من التباين بين المشرق والمغرب ، فأي عقل نتبع أو نهتدي به لأن أمور الغيب أمور ليست في الحقيقة ، عقل الإنسان محدود له حد معين ، بعض أهل العلم شبه إعمال العقل في مسائل الغيب كالرجل الذي يدخل في كهف مظلم ، فالكهف المظلم لن تستطيع أن تستخدم رؤيا العين لمعرفة ما فيه ، فلن تستطيع معرفة ما فيه إلا عن طريق نور الوحي الذي يكشف لك ما يتعلق بأمور الغيب ، أما أولئك فاتكلوا على عقولهم فصارت هذه الانحرافات العظيمة في مسائل الاعتقاد ، فهذا التعريف غير صحيح؛ لأنهم لم يدافعوا عن العقائد التي دل عليها الكتاب والسنة بالأدلة العقلية ، هم في الحقيقة أثبتوا العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية ، وهذا محل الخطورة في الحقيقة؛ لذا نستطيع أن نقول أن هذا التعريف غير صحيح ، والصحيح أن يقال أن علم الكلام: هو العلم الذي بنى مسائل الاعتقاد على دلالة العقول دون الاهتداء بوحي الكتاب والسنة وكلام أئمة السلف الصالح ، فهذا التعريف هو محل للذم ، ومن المشهور قول أبي يوسف صاحب أبي حنيفة رحمه الله : العلم بالكلام هو الجهل ، وقول الشافعي : حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال ويطاف بين القبائل أو قال العشائر ويقال هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة .
مسمى علم الكلام كما ذكرت أنه يطلق على مجموعة فرق ، أشهر تلك الفرق ، -طبعا تناولي للفرق أحتاجه لأني سأتكلم في مسائل الاعتقاد عن أقوالهم في بعض هذه المسائل-
[أشهر فرق المتكلمين]
وأشهر تلك الفرق: الجهمية، أتباع الجهم بن صفوان ، وهذا المذهب أشهر من فيه هو إمامه ، ولا يعلم لهذه الفرقة إلا هذا الرجل ، ولا شك أن له أتباع وأصحاب لكن إذا أطلق مذهب الجهم لا نستطيع أن نقيد إلا هذا الرجل ، لكن ينبغي أن نتنبه أن الجهمية لها اصطلاحان ؛ يعني مدلول لفظ الجهمية يطلق على أمرين ، الأمر الأول : الجهمية بالمعنى الخاص ، أو الجهمية عند أصحاب كتب المقالات كتب الفرق ، وهم أتباع الجهم بن صفوان ، هؤلاء إذا تناولنا اعتقادهم نأتي في باب الإيمان لهم معتقد ، نأتي في باب الأسماء والصفات لهم رأي ومعتقد ، نأتي في باب القدر لهم معتقد . هذا الاصطلاح الأول.
الاصطلاح الآخر هو مدلول لفظ الجهمية في كلام السلف ، السلف رحمهم الله يطلقون لفظ الجهمية على كل من كان منكرا للصفات ، كل من كان منكر للصفات هو عند السلف جهمي ، فهنا يكون المعنى أعم ، فيقال أن للجهمية لها مدلولان : مدلول عام ، ومدلول خاص , المدلول العام هو منكري الصفات فيدخل هنا المعتزلة أيضا ؛ لأن المعتزلة أيضا من منكري الصفات .
المعنى الخاص هم أتباع الجهم بن صفوان في مسائل الاعتقاد . -واضح الآن ؟- فعندنا هذا اللفظ.
على سبيل المثال بشر بن غياث رد عليه عثمان الدارمي و في نفس العنوان الجهمي ، و معلوم أن بشر بن غياث هو من أئمة الاعتزال ، عندنا الإمام أحمد -رحمه الله- أطلق على ابن أبي دؤاد جهمي ، و ابن أبي دؤاد من أئمة المعتزلة ، وكما ذكرت سابقا أنه في فرقة المعتزلة بالمعنى الخاص لا نعرف الآن إلا جهم بن صفوان ، لا شك أن الجهم له تلامذة و أصحاب ولكن النقل عنه في كتب المقالات قليل أو لا أصلحه أحد باسمه الآن ، مع هذا لفظ الجهمية أطلق على كثير من أئمة المعتزلة ، بل كل أئمة المعتزلة جهمية ؛ لأنهم منكري الصفات ، شيخ الاسلام ابن تيمية يطلق مسمى الجهمية تارة بهذا المعنى و تارة بهذا المعنى ، يعني تارة يطلق لفظ الجهمية على منكري الصفات و هذا كثير في كلامه و إذا جاء في بيان أقوال الناس في مسائل الاعتقاد فقال: قول الجهمية و هذا قول المعتزلة ، هنا يريد المعنى الخاص ، -واضح الآن؟-، يعني ابن تيمية و غيره من أئمة أهل العلم كثيراً ما يستخدمون المصطلح في معنَيَيَه ، فيطلقون الجهمية على المنكري الصفات ، و لكن عند تفصيل الأقوال سواء في مبحث القدر ، في مبحث الإيمان ، في مبحث الصفات يميّزون الآن ، وهنا في الحقيقة أحيانا هذا اللفظ يطلق حتى على الأشاعرة ، و الحقيقة الأشاعرة ليسوا جهمية ، الأشاعرة ليسوا جهمية ، لأن الأشاعرة و أبناء عمهم الماتريدية و مشايخهم الكلابية هم في الحقيقة في الجملة من مثبتي الصفات ، الشيراستاني ذكر في بداية كتابه (الملل و النحل) سمّاهم الصّفاتيّة ؛ لأنهم يقرون بجملة من الصفات، فكانوا في خندق أهل الإثبات ، لكن لما كان عندهم من تعطيل كثير من الصفات صار عندهم نوع من التّجهم ، هذا في باب الصفات.
إذا انتقلنا إلى باب القدر مثلا نجد الإمام ابن تيمية يطلق عليهم الجهمية و يريد أنهم قد وافقوا الجهمية في مسألة الإرجاء أو في مسألة القدر في باب الجبر ؛ لأنهم قالوا بقولهم في الجملة و إن كان هناك فرق عند البيان و التفصيل ، هناك فرق بين قول فرقة الجهمية في مسألة القدر و قول الأشاعرة ، لكنهم لأنهم اشتركوا في أصل مقالة الجبر في باب القدر يُلحقهم الإمام ابن تيمية بهذا المسمّى أحيانا ، بل الإمام ابن تيمية -رحمه الله- فيما يتعلق في الكلام عن الأشاعرة أحيانا يطلق عليهم مسمّى (متكلمة أهل السّنة) ، فالمقام في الحقيقة يختلف من مكان إلى آخر بحسب طريقة العرض، و هذا يكون على جهة الإنصاف ؛ لأنك إذا عرفت الأشاعرة بالنسبة إلى غيرهم من الفرق تجدهم أقل انحرافا ، وإذا رأيت حقيقة هذا المذهب تجده في الحقيقه قد حوى باطل كثير ، و أهل العلم يختلفون في شدّتهم في كلامهم عن الأشاعرة ، بحسب مجموعة أمور، إمّا بحسب ما رأوه من عرض الأشاعرة ، أو بحسب انتشار هذا المذهب ، يعني في بداية الأمر كان السلف على موقفهم من الأشاعرة فبعضهم رأى أنهم هم خصوم المعتزلة فأثنى عليهم لعدم معرفته بحقيقة هذا المذهب ، كما أُثِرَ عن الدار قطني -رحمه الله - لما رأى الباقلاني أثنى عليه ، والباقلاني هو الإمام الثاني بعد أبي الحسن الأشعري -نستطيع أن نقول ذلك-، بينما غيره من المتقدمين شنّع عليهم غاية التشنيع ، كما رأينا عند السجزي و غيره من أئمة السنة لأنهم رآهم في الحقيقة أنهم يعني لهم وجهين -إن صح التعبير- ، فهم يدّعون نصر السّنة لكن مقالاتهم تحوي السمّ الزعاف، فهم يدّعون أنهم ينصرون قول أهل السنّة في أن القرآن غير مخلوق ، ومُؤَدّى مذهب الأشاعرة في القرآن هو مذهب المعتزلة ، وهذا كثير في الحقيقة ، كثير من المسائل التي يقول بها الأشاعرة فيما يدّعونه أنه موافق لأهل السنّة عند التحقيق يتبيّن أنه موافق لأقوال أهل البدع ، يعني من ناوَؤَهُم من أهل البدع فمسألة النظر مثلا ، النّظر إلى الله ، هم يثبتون ذلك ، وهم خصوم للمعتزلة في هذه المسألة و ردودهم جيدة في الجملة لكنها مبنية على قولهم: الرؤية من غير مقابلة من غير جهة لذا في الحقيقة يخالفهم عامة أهل الفرق ، من أهل السنة و من غير أهل السنّة ، يقال هذا القول لا يدل عليه النقل و لا حتى العقل ، ليس هذا في الحقيقة محل كلامنا على العموم ، أنا أردت فقط أبيّن أن أشهر الفرق الكلامية هم الجهمية؛ و الجهمية لها مصطلحين و المصطلح الأول عام: يشمل منكري الصفات فيدخل معهم المعتزلة ، و المصطلح الآخر الخاص: الذي يكثر تناوله في كتب المقالات وكتب الفرق وهم أتباع الجهم بن صفوان في سائر مسائل الاعتقاد ، وأما الأشاعرة فليسوا جهمية ، بهذا المعنى لأنهم من المثبتة في الجملة .
والأخت تسأل: عن قول الأشاعرة في القدر؟
الأشاعرة هم جبرية في باب القدر ، لكن قولهم في الجبر ليس كقول الجبرية الغلاة ، و ليس هذا مقام التفصيل.
طبعا الجهمية في مسائل الإيمان ذكرت أنهم مرجئة و في مسائل الصفات هم معطلة ، و في مسائل القدر هم جبرية ، طبعا الأمر لا يقف عند هذا بل من شر الفرق الكلامية هم الجهمية ، إذا تناولناه فيما يتعلق في مسائل اليوم الآخر ، نجد عندهم انحراف كثير ، و إنكار كثير مما دلت عليه النصوص الصحيحة ، كذلك فيما يتعلق بأقوالهم في أبواب النبوّات.
الفرقة الثانية: المعتزلة.
-أنا ذكرت لكم أن العنوان كبير إذا قيل في مسائل الاعتقاد وسأشير بإيجاز إلى مدلول هذا اللفظ ماذا يعني؟ لكني سأتكلم عن أهم المسائل أو أشهر المسائل التي ظهر فيها الخلاف -
المعتزلة في باب الإيمان قولهم قريب من قول الخوارج و إن كان بينهم فرق ، و قولهم في الصفات معلوم أنهم منكري للصفات إنما يثبتون الأسماء دون الصفات ، و الأسماء يجعلونها كالأعلام المحضة التي لا تدل و لا تتضمن معاني و أما في باب القدر فهم نفاة ، و إذا قيل القدرية فهم نفاة القدر ، و أشهر من قال بنفي القدر هم المعتزلة ، انتهينا من الفرقة الثانية.
الفرقة الثالثة: الأشاعرة.
الأشاعرة في الحقيقة في باب الإيمان مرجئِة، وفي باب الصفات يُعدّون من جملة المثبتة في الجملة لكن عند التفصيل نحتاج أيضًا أن نفصل فيما يتعلق بالأشاعرة، لأن الأشاعرة هناك متقدّمي الأشاعرة ومتأخري الأشاعرة.
الأشاعرة في الحقيقة مرّوا نستطيع أن نقول بثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: متقدّمو الأشاعرة.
المرحلة الثانية: يؤرخها بعضهم بعد أبي المعالي الجويني -رحمه الله وغفر له-.
المرحلة الثالثة: بعد الفخر الرازي.
فالمرحلة الأولى هم يُثبتون الصفات الخبريّة والصِفات الذاتيّة؛ وهي التي يسمّونها صفات المعاني، وإنما وقع انحراف عندهم في صفات الأفعال، هذا عند متقدّمي الأشاعرة.
كذلك هناك فرق بين الأشاعرة الخرسانيين وغيرهم، لكن هذا تفصيل لا نحتاجه.
أما المرحلة الثانية التي كانت بعد أبي المعالي الجويني في الحقيقة هم -صار المذهب اقترب لمذهب المعتزلة أكثر- فصاروا يعطّلون الصفات الخبريّة وصفات الأفعال، وإنما يثبتون صفات المعاني فقط. وصفات المعاني يثبتون منها فقط السبع.
المرحلة الثالثة "بعدالفخر الرازي": اقترب المذهب دخل على المذهب أقوال الفلاسفة ، ثم متأخّري الأشاعرة دخلهم أيضًا التصوّف والقبوريات ، يمكن هذه نجعلها مرحلة رابعة في الحقيقة.
هذا بما يتعلّق بالأشاعرة على وجه الإيجاز.
شيوخ ماقبل الجويني لا شكّ أنهم أقرب إلى السنة ممّن جاء بعدهم، يعني من المشاهير متقدّمي الأشاعرة الذين أقرب لأهل السنة: الحافظ البيهقي رحمه الله صاحب السنن الكبرى، وله كتاب الاعتقاد وكتاب الأسماء والصفات بناءً على مذهب متقدّمي الأشاعرة.
وقد تأثّر بالأشاعرة جملةً ، كما ذكرت أنهم في بداية أمرهم ظهروا على أنهم هم المدافعون عن قول أهل السنة بالأدلّة الكلاميّة، فكان أهل الحديث يُحذّرون من الكلام الذي جاء به المعتزلة والجهمية عمومًا ويكتفون بذلك مع تأييد أو نصر مسائل الاعتقاد بما جاء في الكتاب والسنة ، لكن استفحل أمر المعتزلة خاصة لما تبناه بعض الخلفاء ، فلما ظهر بعض أئمة الكلابية وأبطلوا كلام المعتزلة بالأدلة العقلية فرح بهذا جملة من الناس وظنوا أن ذلك يوقف باطل هؤلاء ولم يعلم أن هؤلاء الذين اعتمدوا على العقل قد تضمن كلامهم باطل آخر ، فمثلا: من اطلع على كلام الدارمي رحمه الله، والدارمي في القرن الثالث أو توفي في بداية الثالث، يجد أنه كثير مما حكاه عن بشر بن غياث المريسي من تأويل الصفات يقول به الأشاعرة ، هذا فيما يتعلق بمذهب الأشاعرة ، ليس هذا أيضا موضوعنا لكن هذا سنحتاجه عند الكلام على التفسير أو المفسرون.
طبعاً الفرق بين الفلسفة الكلامية هذا ليس مهم ، من الأمور التي نحتاج نتناولها على وجه الإيجاز مسائل الاعتقاد ، طبعا كتب العقائد تتناول مسائل الاعتقاد بمناهج مختلفة ، أهل السنة تناولهم لمسائل الاعتقاد على ضوء ماجاء في حديث جبريل عليه الصلاة والسلام ، الإيمان بالأصول الستة : الإيمان بالله ، وملائكته ، وكتبه ،ورسله ،واليوم الآخر ، والقدر خيره وشره، هذا طبعاً واضح عند متأخري الكتب ، متأخري أهل السنة.

[التأليف في العقائد عند أهل السنة]
التأليف في العقائد عند أهل السنة مر بمراحل ، وغالباً متقدموا أهل العلم وأئمة السلف إنما التصنيف كان المراد به حاجة الناس إلى التصنيف والتأليف ، فلماظهرت بدع المعتزلة احتاجوا أن يردوا على المعتزلة ، ولما ظهر الأشاعرة والكلابية احتاجوا أن يردوا عليهم ، فكلما ظهرت بدع احتاجوا أن يردوا ، فغالب مؤلفاتهم مبنية على دفع باطل ظهر في وقتهم ، لذا مثلا: الكلام فيما يتعلق بالقرآن إنما ظهر في بداية القرن الثالث أو نهاية القرن الثاني لما شاعت مقالة المعتزلة ، ولم نجد مثل هذا عند مثل التابعين ، بينما مسائل الإيمان ظهرت مبكراً؛ لأنها ظهرت في أواخر وقت الصحابة.
ومصنفات أهل السنة فيما يتعلق بكتب الاعتقاد عندنا مثل مايُحتاج إليه ألف فيه ، مثل كتاب التوحيد لابن خزيمة جل مسائله هو التوحيد لكن جُلّ مسائله في مسألة الصفات ، لذا بعضهم يستشكل : لماذا كلام السلف أو مؤلفات السلف في توحيد العبادة قليل؟
نقول: لأن صور الانحراف في توحيد العبادة لم تكن في وقتهم، فما احتاجوا إلى أن يؤلفوا فيها ، بينما في القرن السادس و الخامس انتشرت كثير من الصور فكتب من كتب من أهل العلم ، ولعل الإمام ابن تيمية من أبرز من كتب في هذه المسائل.
فمصنفات أهل السنة مبنية على حاجة الناس إلى البيان ودفع باطل ، أما الآن لما بدت العلوم تتمايز صارت مؤلفات العقيدة مبنية بوضوح على مايتعلق بتلك الأصول الستة ،
إذا قلنا الأصول الستة نبدأ بالأصل الأول: وهو الإيمان بالله.
فأهل العلم يتكلمون على إثبات وجود الله؛ أي أدلة وجود الله عزوجل، ثم يتكلمون عن التوحيد بأقسامه الثلاثة: توحيد الربوبية ، وتوحيد الألوهية ، وتوحيد الأسماء والصفات، وهذا كله الآن سنجده يُتناول في كتب التفسير ، وهذا طبعاً ليس بالأمر السهل الآن، يعني فقط بما يتعلق بمسائل الصفات هي مسائل كبيرة جداً ، الآيات التي تناولت الإيمان ، توحيد الألوهية كثيرة جدا ، الآيات التي تناولت تقرير توحيد الربوبية كثيرة جدا؛ لذا مسائل الإعتقاد في كتب التفسير كثيرة، بل المؤلفات التي تناولها الباحثون فيما يتعلق بآراء أو أقوال المفسر في الاعتقاد كثيرة أيضا.
الأصل الثاني : فيما يتعلق في الإيمان بالكتب والإيمان بالرسل والإيمان باليوم الآخر والإيمان بالقدر.
لعل الخلاف فيها قليل، إلا ما يتعلق بالقدر، والقدر كذلك بعض المؤلفين يجعله آخر الأقسام ، وبعضهم يقدمه يلحقه بالكلام على توحيد الربوبية ؛ لأنه يتعلق بفعل الله عز وجل.
ومعلوم أن توحيد الربوبية هو توحيد الله بأفعاله، فيُقدّم الكلام بالقدر ، والقدر وقع فيه نزاع مبكر وأيضا النزاع فيه شديد، هذا فيما يتعلق بمسائل الاعتقاد التي يشملها مسمى مسائل الاعتقاد -ومعلوم أن تناول هذا كله معناه تناول لأبواب الاعتقاد كاملا وهذا لا يتهيأ في جلسة-.
ما يتعلق بمصدر التلقي عند أهل السنة.
أهل السنة مصدر التلقي عندهم هو الكتاب والسنة والإجماع ، والإجماع هو إجماع الصحابة، فالقران هو المصدر الأول فيما يتعلق بالتلقي عند أهل السنة.
وعلى ضوئه سيكون الكلام في مسائل الإعتقاد كثيرة.
النقطة الأخيرة في المقدمات: كتب التفسير.
كتب التفسير المعلوم أنها على قسمين أو على ثلاثة أقسام:
1-كتب التفسير بالمأثور
2-كتب التفسير بالرأي
3- وبعضهم يضع قسما ثالثا للتفسير الإشاري
ولعل هناك تقاسيم أخرى .
الذي يهمنا التنبيه عليه أن ما يتعلق بكتب التفسير بالمأثور: هي في الحقيقة أقرب الكتب لتقرير مسائل الإعتقاد على عقيدة أهل السنة والجماعة ؛ لأن عقيدة أهل السنة والجماعة قائم على الأثر.
وإنما يدخل الإنحراف في هذه الكتب من جهة أن بعض المصنفين تحوي كتبه من الأخبار الواهية والموضوعة شيء كثير ، فهذا المنحى يكون فيه نوع من الانحراف كما نرى عند الواحدي مثلا، وعند بعض المتأخرين وإن كان صنفوا تفاسيرهم بالأسانيد.
أما التفسير بالرأي فمنهم من كان تفسيره على عقيدة أهل السنة والجماعة، ومنهم من كان على مذهب المتكلمين ، وذكرنا مذهب المتكلمين هنا نريد إما على مذهب المعتزلة أو على مذهب الأشاعرة أو على مذهب الماتريدية ، هذا أشهر فرق المتكلمين الذين لهم كتب في التفسير على المذهب المذموم وهو مذهب أهل الكلام.
الخوارج طبعا لهم كتب ، لكن جل كتب الخوارج في حكم المعدوم إلا بعض مايوجد عند الإباضية ، والآن المذهب طبعا حرك عن طريق أباضية عُمان ، فالخليلي مثلا له تفسير كبير.
كذلك فيما يتعلق بالرافضة ، الرافضة لهم تفاسيرهم ، والرافضة كما هو معلوم اهتمامهم بالقرآن أصلا قليل لكنهم يحاولون أن يصوروا أن المذهب متكامل فألف من ألف منهم في التفسير معتمدا على كتب أهل السنة كما بينتها دراسة الدكتور القفاري ، لكنهم اذا جاؤو فيما يتعلق بمسائل الإمامة وغيرها يقررون مذهبهم ، طبعا الرافضة في مسائل الاعتقاد على مذهب المعتزلة سواء في الصفات سواء في القدر كذلك ، لكنهم في مسائل الإيمان والصحابة لهم مذهبهم الباطل الذي تميزوا به.
كذلك الزيدية وهم أقل انحرافا في مسائل الصحابة عن الرافضة، هم جل أئمتهم وعلماءهم كانوا يتبنون مذهب المعتزلة في سائر أبواب الإعتقاد ولهم تفاسير أيضا موجودة، لكن المذهب الزيدي قائم على الإجتهاد وهذا في الحقيقة جعل يظهر جملة من العلماء أكثر تحريرا وأكثر قبولا للحق ، فاقترب كثيرا لمذهب أهل السنة ، وأما الجهمية والكلابيَّة والكرَّاميَّة فلا أعلم الأن شيء مطبوع لأولئك.
طبعا الماتريدية وهم أبناء عم الأشاعرة؛ أبو المنصور الماتريدي له تفسير كبير مطبوع يقرر معتقده، والتفسير بالرأي كماذكرت هو المنحى الذي أدخل فيه أولئك اعتقاداتهم في تفسيرهم لآيات القران، التفسير بالرأي.
لكن الكتب التي تعتمد نجعلها على قسمين :
القسم الأول: الكتب التى خصصت لتقرير مسائل الاعتقاد، كما نراه عند أبي منصور الماتريدي ،كما نراه عند الطوسي من الرافضة، ألفت تلك التفاسير لنصر أقوالهم في الإعتقاد، يذكر أن لأبي الحسن الأشعري له تفسير لكنه غير موجود.
ممن تناول مسائل الإعتقاد بتوسع الفخر الرازي، والفخر الرازي عموما كتبه تحوي شبه كثيرة سواءا على قولهم أو على قول غيرهم ، هو يثير الشبه بكثرة لكن في الجملة كتابه تناول مسائل الاعتقاد بكثرة.
القسم الثاني: جاء فيه تقرير العقائد عرضاً عند مرور المفسر لآيات الصفات أو للآيات التي تتناول العقائد، يجري الكلام في العقائد وهذا تراه في جل كتب التفسير ، ثم يختلف المقام من مفسر لآخر .
على سبيل المثال: من التفاسير المشهورة الموجودة ، كتاب الكشاف للزمخشري ينصر قول المعتزلة ، كتب كثير من المصنفين في العقائد ينتحلون مذهب الأشاعرة فتصير تفاسيرهم تقرر مذهب الأشاعرة أو الماتريدية ، مثل كتاب البيضاوي ،الفخر الرازي -ذكرناه-، وغيره ممن تبنى هذا المعتقد.
ولكن ينبغي أن نعرف أنهم ليسوا على مستوى واحد في تبني المذهب فمنهم من يكون هو في الحقيقة عالم في مسائل الاعتقاد فيقرر على ضوء المعتقد الذي يتبناه، ومنهم من يضطرب .
وأفضل من كتب في ذلك رسالة: ( المفسرون بين التأويل والإثبات في آيات الصفات ) للمغرَّاوي ، أظنها رسالة دكتوراة، وهو كتاب في مجلدين تناول مجموعة من المفسرين في تناولهم لآيات الصفات، وسأتكلم أثناء الكلام على أنواع التوحيد.
نبدأ بالأصل الأول فيما يتعلق بالإيمان بالله، وذكرنا أن الإيمان بالله يشمل الكلام على أولا الكلام في وجود الله ، وأدلة وجود الله ، الأمر الثاني فيما يتعلق بأنواع التوحيد الثلاثة، وبعضهم يلحق القدر كما ذكرت، فأما تناول كتب التفسير أو المفسرون لإثبات وجود الله فيكون فيما يتعلق في الكلام في الآيات المقررة لتوحيد الربوبية، ومع هذا فتيارات الإلحاد التي مرّ بها العالم الإسلامي بعد الغزو الأوروبي للعالم الإسلامي على موجات ، فبعض المفسرين يهتم في بيان هذا الباطل العظيم ، فتناولوا على رد الإلحاد بدلالة العقل ودلالة الفطرة ودلالة الآيات القرآنية على هذا الباطل.
وهذا موجود أيضا، ولكن المشكلة أن بعضهم تأثر بقوّة التيارات الموجودة كما رأينا عند محمد عبده، ومحمد رشيد رضا قبلهم، أيضا تأثروا بالموجات التي كانت عندهم، فصارت عندهم أيضا نوع من الانحرافات العقدية الأخرى.
أما أدلة وجود الله عند المتكلمين فهذا منحى آخر أيضا، هذا أيضا يجر لكلام تفصيلي آخر لا نحتاجه، لكن لا نجده عموما عند المفسرين، لكن نجده لعلّ في كتب العقائد.
أما ما يتعلق بالتوحيد بالأقسام الثلاث، فالآيات التي تناولت ذلك سيتناول المفسرون الكلام في توحيد الربوبية، وهي بعضها جاءت في الكلام على عظيم صنع الله عز وجل لخلقه، أو تقرير بأن الله هو الخالق الرازق، أو تناولت الدعوة إلى النظر والتأمل، هذه كلّها تدخل في باب توحيد الربوبية ، وهي آيات كثيرة ، ما يحتاج أظن أفصل أكثر في بعض ما يتعلق بتوحيد الربوبية ؛ لأن الخلاف فيه محدود، طبعا يظهر عند بعض الفرق مثل الرافضة ، كإضافتهم لبعض أفعال الرب للخلق ، أما فرق الكلام كالجهمية والمعتزلة والأشاعرة فالخلاف هنا قليل، ولا أستحضر بعض المسائل حتى أذكرها كمثال إلا فيما يتعلق بالقدر، وكما ذكرت القدر باب مستقل، هذا فيما يتعلق بكتب التفسير.
أما كتب العقائد ، عندنا في مبحث يتعلق بوجود الله، أدلة وجود الله هذا باب خطير وقع لكثير من فرق الكلام انحراف لأصول عقلية سلّموا بها ، انبنى عليها كثير من الأقوال الباطلة في مسائل الصفات وغيرها، لكن هذا في الحقيقة لا نجده ظاهرا في كتب التفسير.
التوحيد الثاني أو القسم الثاني من أقسام التوحيد هو: توحيد الألوهية، توحيد الألوهية –كما ذكرت- أن الانحراف ظهر متأخرا عن ... في مسألة الاعتقاد، ... القدر ثم مسائل الصفات، ثم ظهر الانحراف في توحيد الألوهية، أو توحيد العبادة، وكما ذكرت أن هذا السبب أننا نجد المصنفات في مسائل الصفات وتوحيد الأسماء والصفات وفي القدر .. وفي الإيمان مبكرا، بينما الكلام في توحيد الألوهية متأخر.
والذي يريد أن يطلع على أقوال المفسرين في مسائل توحيد الألوهية أو توحيد الربوبية ... ، يعني يمرّ هكذا ، يعني يأخذ هكذا : {ولقد بعثنا في كلّ أمّة رسولا أن اعبدوا الله} فينظر كلامهم في ... وإفراد الله ... بالعبادة، حتى في أول السور، في سورة الفاتحة: {إياك نعبد وإياك نستعين} يتأمل في أقوال تلك الفرق، وأنا في الحقيقة مررت على مجموعة من كتب التفسير في هذه الآية بالذات: {إياك نعبد وإياك نستعين} فنجد أنهم في الحقيقة جلّ تلك الكتب لا تخالف في هذا الأصل، وهو وجوب إفراد الله بالعبادة، هذا طبعا سواء المتأخرين منهم والمتقدمين، بل لعلي أستطيع أن أقول حتى الذين عندهم صور من صور الانحراف في توحيد العبادة، هم يقررون عن الآية ... ، يقع لهم انحراف، متى؟ في صور العبادة ، يعني في قوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين} يقررون أنه العبادة لا تصلح إلا لله عزوجل بدلالة هذه الآية، وبدلالة الآيات الأخر، ومع هذا نجد أن بعضهم ؛ خاصة المتأخرين منهم عندهم انحرافات عقدية، ولعلهم يردّون على أئمة أهل السنة في الدعوة إلى التوحيد، لكن لا من جهة ردّهم لهذه النصوص، وإنما من جهة أنهم لا يسلمون أن تلك الأفراد هي عبادات لا تصلح إلا لله عزوجل –لعله واضح-، يعني عندنا الآن توحيد العبادة : توحيد الله بأفعال العباد، وأفعال العباد نمثلها نحن بالدعاء، الاستغاثة، الاستعانة، النذر، الذبح، أما ما يتعلق بالأصل الأول وهو أنه لا يستحق العبادة إلا الله هذا نجد المفسرين على تقرير هذا الأصل، الانحراف يقع عند بعضهم أنهم يرون أن تلك الأمور إذا صرفت إلى غير الله ليست هي من الشرك في شيء، لذا أيضا الكلام هنا سيكون في ثنايا كتب التفسير غير ظاهر؛ لأن الآيات جاءت بتقرير توحيد العبادة وهم سيقررون على ضوء ما جاءت من الآيات بهذا التوحيد ومع ذلك يكون الانحراف عند التطبيق، فقوله تعالى: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي} يقولون هذا ما جاءت بهذا النص الآن، مع هذا هم لا يرون أن الذبح لغير الله شرك مثلا، لكن ليس هذا كلهم.
خلاصة الكلام: أن كتب التفسير الكلام فيما يتعلق بتقرير الانحراف لا يكون بيّن لكنه موجود عند بعض أولئك المفسرين، وأنا ذكرت هنا بعض تلك الأفراد، وجمعت بعض ما يتعلق: الآيات التي تناولت هذا التوحيد سواء الآيات الداعية إلى إفراد الله بالعبادة أو الآيات التي تناولت أنواع العبادة كالدعاء ، والمحبة ، والخوف ، والرجاء ، والرهبة ، والخشوع ، والاستعانة ، والاستعاذة ، والاستغاثة ، والذبح ، والنذر كذلك في الآيات التي بيّنت أركان العبادة من كمال الرجاء وكمال الخوف وكمال المحبة، وكذلك الآيات التي تناولت أن العبادة لا تكون إلا بشرطين الإخلاص والمتابعة، هذا الآن الذي ذكرناه كله لو يمر الإنسان على كتب التفسير يتبيّن لهم ما يتعلّق بأقوالهم في مسائل الاعتقاد لكن كما ذكرت الانحراف لن يكون بيّن لأنهم سيقررون ما تضمنته هذه الآيات ، ومع هذا قد يدخل لبعضهم نوع الانحراف إما فيما يتعلق بالتطبيق أو أن ما عندهم من انحراف لا يلحقونه في مسمّى العبادة التي لا يجوز صرفها إلا لله، مثلا فيما يتعلّق بالكشّاف في كلامه على قوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين} يقول: وتقديم المفعول لقصد الاختصاص كقوله تعالى: {قل أفغير الله تأمروني أعبد} وقوله: {قل أغير الله أبغي ربّا} والمعنى: نخصّك بالعبادة ونخصّك بطلب المعونة، والعبادة أقصى غاية الخضوع والتذلل، هذا من الكلام حق.
في البحر المحيط يقول: وفسّرت العبادة في {إياك نعبد} بأنها التذلل والخضوع ، وهو أصل الموضوع، موضوع اللغة، أو الطاعة كقوله تعالى: {لا تعبد الشيطان}، أو التقرب بالطاعة أو الدعاء {إن الذين يستكبرون عن عبادتي} أي: عن دعائي، أو التوحيد {إلا ليعبدون}أي: ليوحدون، وكلها متقاربة المعنى إلى آخر الكلام، وهذا أيضا كلام حق.
الجلالين يقول في قوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين} أي: نخصك بالعبادة من توحيد وغيره، ونطلب المعونة على العبادة وغيرها، وهذا أيضا كلام لا اعتراض فيه. والقرطبي يقول في قوله تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله} أي: بأن اعبدوا الله وحده، واجتنبوا الطاغوت؛ أي اتركوا كل معبود دون الله؛ كالشيطان، والكاهن، والصنم، وكل من دعا إلى الضلال.
البيضاوي في قوله تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} يقول يأمر بعبادة الله واجتناب الطاغوت.
الخلاصة: أنهم الآن كما ذكرت يقررون أمور مسلّمة لاشك، وجهات الانحراف عند بعضهم قد تكون من جهة أنهم يرون أن ما يصرف من أنواع العبادات ليس شركا؛ لأنهم يرون أن تلك الانصراف للمخلوق ليس عبادة، وهذه الخطورة في الحقيقة، ولكن كتب التفسير لا تكون متضمنة لتقرير هذا الانحراف بالجملة.
الباب الأخير: هو باب الكلام في توحيد الأسماء والصفات.
هذا في الحقيقة هو الميدان الذي يظهر فيه انحراف كثير من المفسرين عن عقيدة أهل السنة والجماعة، أو عمّا كان عليه الصحابة وأئمّة القرون الثلاثة، فكلّ مفسّر سيأوّل آيات الصفات على مقتضى اعتقاده، فالمعتزلي سينفي جميع الصفات ويحملها على معان أخر، والأشعري سيأوّل أو يحرّف جميع الآيات التي تتناول الصفات؛ ماعدا صفات المعاني السبع التي يقرّون بها، وقل كذلك فيما يتعلّق بالجهميّة أو الكلّابيّة أو الكرّامية، وهذه في الحقيقة هي الفرق التي لهم كلام في مسائل الصفات، فالكرّامية مجسّمة أو مشبهة، لكن هذا المذهب اضمحلّ ومات، ولا يُعلم من يقول به، والمذاهب الباقية الآن عندنا هو مذهب المعتزلة الذي تبنّاه الرافضة ، وتبنّاه الزيدية، وتبنّاه الإباضية، ومذهب الأشاعرة والماتريدية، وهذا في الحقيقة ظاهر في كثير من كتب التفسير المطبوعة، لكن كما ذكرت سابقا أن كتب التفسير أو المفسرون بعضهم في الحقيقة يكون يقرر المذهب؛ لأنه عالم به، وبعضهم يكون عنده نوع من الاضطراب، وهذا الاضطراب مفضي إلى أحد أمرين:
إما أنه غير محرر للمذهب، وهذا يكون في الأزمنة التي انتشرت فيها المذاهب البدعية، فتتبناه كثير من أعيان عصرهم، فتجده هو عالم في الفقه أو عالم في الحديث أو عالم بالنحو، لكن المذهب الرائج في ذاك الوقت مثلا؛ هو مذهب الأشاعرة، فتجده يتأثر، فتارة يغلب عليه ما يعلم من أقوال أهل السنة، فيقول بها، وتارّة يغلب عليه ما هو مشتهر في زمانه ، فيقول به.
والمنحى الآخر، أو الاضطراب الآخر: هو يكون للبعض؛ إذ قد يكون متبني لمذهب أهل السنة، لكنه ينقل عن غيره، ولا يحسن يميّز أن هذا القول منبني على قول المخالفين فيه، هذا أيضا قد يقع، وهذا نجده أحيانا لبعض الأئمة الكبار ممن ينصر الحديث والسنة، ومع هذا قد يقع في بعض الأخطاء العقديّة لقلّة خبرته، أو قلّة اشتغاله ببعض الفروع لرواج المذهب المنحرف في زمانه كما نرى عند السفاريني، والسفاريني صرّح أن الأشاعرة من أهل السنة، وهذا في الحقيقة نوع من الانحراف، وقد يقال أن السفاريني ليس له تفسير، لكن مثلا نجد القاسمي رحمه الله يقع فيه أحيانا، ويقول بعض الأقوال التي لا تجري على قول أهل السنة.
ذكرت أن هناك دراسة للمغراوي تناول مجموعة من المفسرين وأيضا أخذ مجموعة من آيات الصفات، ونقل أقوالهم فيها؛ فبدأ بابن جرير الطبري، ثم البغوي، ثم ابن كثير، ثم صديق خان، ثم القاسمي، ثم رشيد رضا، ثم الشنقيطي، والسعدي، والقرطبي، هذا في المجلد الأول، وكما ذكرت لكم أن الذين فسروا القرآن بالمأثور غالب هذه الكتب تكون مقررة لعقيدة أهل السنة والجماعة؛ فعندنا ابن جرير، والبغوي، وابن كثير، كل تلك الكتب مقررة لعقيدة أهل السنة والجماعة في آيات الصفات وغيرها.
صديق خان متأخر، وتوفي في القرن بعد الألف، يمكن 1300 هــ ، وصديق خان لاشك أنه سيقرر عقيدة أهل السنة؛ لأنه من أعلام السلفية في وقته، لكن أحيانا لا يحرر بعض المسائل فيقع عنده نوع من الأخطاء، وقد نبهّه بعض أهل العلم في زمانه على تلك الأخطاء ورجع رحمه الله، ننظر ماذا يقول المغراوي في كتابه؛ يقول بعد أن تكلم عن صديق خان وأنه تأثّر بالشوكاني وتلامذته، يقول: أما عقيدته في الصفات فكثيرًا ما يثبت مذهب السلف وينصره، ولكنه وقع في تأويل بعض الصفات، ... .
أما القاسمي –وأظن أني قد تكلمت عنه- يقول عنه المغراوي: محمد جمال الدين القاسمي، عقيدته في الأسماء والصفات يعتبر تفسير القاسمي مصدرًا كبيرًا للتعبير عن عقيدة السلفية السهلة السمحة، وهنا أثنى عليه بأنه ينقل عن الإمام ابن تيمية وابن القيم بكثرة، نبّه أنه له فتوى في الاستواء، في الكلام والاستواء، يقول: أثنى عليه في بعض بحوثه، وتكلّم عن كتاب له في تاريخ الجهمية، يقول: أشك في نسبته، لتعارضه فيما يتعلق بمحاسن التأويل، القاسمي له رسالة مفردة تناولت ما يتعلق بعقيدته، وبيّنت بعض الانحراف عنده.
رشيد رضا: فيما يتعلّق بمسائل الصفات يقرر المغراوي أنه سلفي جدّا، يقول: وإن كان يقع في تأويل بعض الصفات؛ كتأويل الإتيان والمجئ.
الشاهد على هذا المنوال ذكر المغراوي أولئك المفسرين، فهو يعرض أقوال هؤلاء المفسرين في آيات الصفات وينظر لمدى نهجهم منهج السلف أو مخالفته.
أيضا تكلم عن الثعلبي، وابن عطية، وابن الجوزي، وفخر الرازي، والبيضاوي، ... وأبو حيان، والثعالبي، والجلالين، والخطيب الشربيني، وأبو السعود، والشوكاني، والألوسي، وإسماعيل .. وسيد قطب، وفريد وجدي، ومحمود حجازي، وطه عاشور، والصابوني -أي المعاصر-.
الكتاب جيّد، لكن –هذا الحق- لا يعطينا صورة واضحة عن أقوالهم؛ لأن اختيار بعض الآيات خاصّة، أنه أحيانا يعرض عند مفسّر ما لا يعرضه عند الآخر، وكان المفترض إمّا أنه دراسة كاملة لمفسّر، وهذا قد لا يتسنى في شخص واحد، وهو الآن المعمول به في النظام البحثي؛ يفرد رسالة كاملة لمفسّر واحد، هذا الصحيح حتى يتميّز مدى اضطرابه أو اتساق مذهبه، وهل هو يضاف لاهل السنة أو هو على مذهب آخر، وما هو هذا الآخر: هل هو المعتزلة، أو هو الأشاعرة، أو غيرهم.
الأمر الثاني: كان المفترض –فيما أتصور- أن تكون آيات الصفات تعرض عند هذا المفسّر كاملة حتى يتبيّن انحرافه أو عدم انحرافه، أما أن تؤخذ آيات عند هذا وآيات أخرى عند آخر، هذا في الحقيقة لا يُعطي هل هو مضطرب في التأويل أو ماشي على نسق واحد، لكن الخلاصة التي نخرج بها: أن عندنا جملة كبيرة من المفسّرين الذين قرّروا مذهب أهل السنة والجماعة، فجلّ من كتب في التفسير المأثور هو مقرر لعقيدة أهل السنة والجماعة، وأشهرهم عندنا: ابن جرير، والبغوي، وابن كثير، ... كذلك عندنا ابن المنذر، وعبدالرزاق، وكتبهم موجودة إما كاملة أو بعضها، وكلها في الحقيقة على عقيدة السلف، كلهم على عقيدة السلف ، لكن أشهرهم الذين ذكرنا.
عندنا بعضهم ممن تأخر في القرن الرابع والخامس تأثّر بالجوّ العام لمّا اشتهرت المسائل الكلامية عند الكلابية، والأشاعرة، فصار لهم أثر حتى على بعض المنتسبين للحديث، أو رواة الأسانيد كما رأينا عند البيهقي، والبيهقي ليس له تفسير.
ابن عساكر: من المشتغلين بعلم الحديث كثير، لكنه في الحقيقة هو حامل لواء الأشاعرة، (صاحب تاريخ دمشق).
السيوطي: له الدر المنثور في التفسير بالمأثور، هو في الحقيقة ينقل عن غيره، أو ينقل الآثار عن الكتب التي ألفت في التفسير بالمأثور، أو بعزوها إلى من خرّجها من أصحاب المسانيد والسنن، فهو عبارة عن نقل آثار فقط، والكلام فيها قليل، بخلاف ابن جرير، فابن جرير له كلام كثير في الاعتقاد، كذلك البغوي، أما غيرهم فالكلام فيه قليل، وهذا مما يكون عن آثار يروونها بأسانيدهم، كما نراه عند عبد الرزاق في التفسير، وكما رأيناه في الجزء الموجود من تفسير ابن المنذر، وهذا في الحقيقة على النسق فيما يتعلق بتفسير السيوطي.
أما التفسير بالرأي فعندنا أيضا جملة من المفسرين الذين كتبوا على مقتضى عقيدة أهل السنة والجماعة، كما رأينا عند ابن السعدي رحمه الله، وكثير من المشايخ المعاصرون كتب على عقيدة أهل السنة والجماعة، بعضهم قد تأثر بالجو العام كما أشرت إليه في كلامي على رشيد رضا والقاسمي.
ومن يستفسر عن فتح القدير للشوكاني:
الشوكاني رحمه الله: كذلك في الجملة يقرر العقائد على عقيدة أهل السنة والجماعة، لكن يحصل له بعض التأويلات؛ يعني نوع من الاضطراب في الحقيقة، وهناك رسالة مفردة عن آراء الشوكاني في الاعتقاد تقع تقريبا في ألف صفحة، والمغراوي -كما ذكرت- ذكر مجموعة من المفسرين الذين كتبوا على عقيدة أهل السنة والجماعة، وتكلّم عن الشوكاني هنا في صفحة 223، يقول عن الشوكاني: رجل سلفي يمدح مذهب السلف ويثني عليه ويذم علم الكلام وأهله، لكنه قد يؤول في بعض المواضع.
كذلك الشنقيطي: لاشك أنه من أئمة أهل السنة المعاصرين، كتابه بناه على عقيدة أهل السنة والجماعة، هذا فيما يتعلق بتوحيد الأسماء والصفات.
هذا تناول موجز للأصل الأول من أصول الاعتقاد وموقف كتب التفسير منها، أو عرضهم لها، وكما ذكرت أن هذا يختلف باختلاف عقيدة المفسر.
الأصل الثاني:
أيضاً سأتكلم عنه بإيجاز وهو مسألة القدر لعلي أكتفي به، -لكن هنا توجد بعض الأسئلة التي تتعلق بهذا-
نجيب عن بعض الأسئلة الموجودة:
الأخت تقول: تُدرس بعض التفاسير على ما فيها من المخالفات العقدية، هل التفاسير الصحيحة تغني عن التفاسير التي فيها مخالفات عقدية؟؟
نقول: نعم لاشك تغني لكن يبقى أن بعض التفاسير التي فيها انحرافات قد تحتوي بعض الفوائد، فمن أراد الكلام في التفسير فقط يكتفي بكتب التفاسير التي لاتحوي هذه الإنحرافات، أما الذي يريد أن يتوسع فلا يمنع أنه يستفيد من تلك الكتب، لكن يحذر في الكلام من كلامهم على مسائل الاعتقاد فمثلا: عندنا من الكتب المهمة التي أهل اللغة يرجعون إليها كتاب الزمخشري، والزمخشري من أئمة المعتزلة وكلامه قبيح في مسائل الإعتقاد حتى أنه يتهكم بأهل السنة فلو قلنا لا ترجعوا إلى كتاب الزمخشري لغضب أهل اللغة علينا، لكن لاشك نحن نقول من أراد التفسير ليس بحاجة الى الزمخشري، إنما بعض المتخصصين في اللغة قد يرون أن عنده من النكت المفيدة التي يستفيدون هم منها، فهنا نقول إنما يستفاد منه ولكن يُحذر من لدغاته والسم الذي قد حواه كتابه، ومع هذا لما حواه من التميز في اللغة خدم كتابه جملة من العلماء فميزوا أقواله في الإعتقاد وردوا عليه في الحقيقة، يعني هناك كتب مفردة في مناقشة الزمخشري في كتابه في مسائل الاعتقاد التي تناولها.
وعلى هذا أقول كذلك في كتب الأشاعرة في تفسير القرآن، فالقرطبي رحمه الله صاحب التفسير المشهور الآن كتابه جميل جداً وتناول مسائل فقهية مفيدة جداً لكنه كثير التأثر بالأشاعرة فيقرر كثير من المسائل على عقيدة الأشاعرة فيحذر من كلامه في العقائد، ويستفاد من كلامه فيما سوى ذلك وهكذا في غيرهما.
تقول الأخت: هل توجد مراجع حول الموضوع؟
أنا ذكرت أن مصنف عن مسائل الإعتقاد في التفسير لاأعرف، إنما المراجع قد يستفاد مما يتعلق بالكتب التي صُنفّت في أقوال المفسرين في الاعتقاد وهي كثيرة، يعني رسائل جامعية كثيرة تناولت أقوال مفسر معين في مسائل الإعتقاد ومن المراجع كتاب المغراوي الذي ذكرته الآن نقلت لكم جملة منه: ( المفسرون بين التأويل والإثبات في آيات الصفات) هذا تناول جزء من مسائل الإعتقاد التي هي آيات الصفات بالذات أو مسائل الصفات بالذات.
فهد الرومي له كتاب جيد في كتب التفسير في القرن الرابع عشر وأيضا تناول كتب أهل السنة وكتب التفاسير التي ألفها الصوفية وألفها الرافضة وميز بينها وتناولها أيضا بإيجاز لكن كلامه بإيجاز، هذا مايتعلق في المراجع.
ابن عطية: طبعا أنا لا أستحضر فيما يتعلق بأقواله في الاعتقاد كاملة، لكن الذي يُعلم أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أثنى على ابن عطية في الجملة والمعلوم أنه أقرب إلى الأشاعرة من المعتزلة، يبقى أنه تأثر بالزمخشري أو أنه أقرب ؛ هذه يحتاج أراجعها في الحقيقة هل يريد به أنه أقرب إليه في التفسير أو أراد في مسألة الصفات، أنا أستبعد أن يكون ابن عطية أقرب الى الزمخشري فيما يتعلق بالصفات، إنما ابن عطية كتابه يثني عليه الإمام ابن تيمية رحمه الله، وأما مسائل الاعتقاد فهو أقرب الى أقوال الأشاعرة.
وفيما يتعلق بالتفسير بالرأي:
تذكر الأخت تقول: أن ابن كثير ذكر حرمة التفسير بالرأي.
طبعا جاء حديث: ممن قال بالقرآن برأيه، جاء حديث عن الترمذي في سنده ضعف، لكن التفسير بالرأي الوارد فيه الذم، التفسير المبني على الرأي المحض أما الرأي المبني على اجتهاد العالم في معرفة المراد بكلام الله تعالى، بدلالة اللغة وبدلالة النصوص من الكتاب والسنة هذا وإن سمي تفسير بالرأي فهنا لايذم، وإنما المذموم هو الرأي المبني على غير علم.

[كلام المفسرين عن القدر]
لعلي أكتفي فيما يتعلق، والكلام عن القدر في الحقيقة كذلك قريب مما سبق فيما يتعلق بآيات الصفات، الخلاف فيه كبير وتناول المفسرون له على ضوء أقوالهم العقدية التي تبنوها فمن كان من المعتزلة سيتبنى نفي القدر فنراهم ينفون إرادة الله عزوجل الكونية لأفعال العباد مثلا ويفسرونها باللطف والإعانه فقط، ومن كان من الجبرية كما نجده عند الأشاعرة نجدهم في الحقيقة يقررون الجبر وينفون الحكمة حكمة الرب وأثر أفعال المخلوق على وجود الموجودات كقول أبي الحسن فيما يتعلق بالكسب، وهذا ليس موضوع عقدي حتى ندخل في التفاصيل.

الحاصل أن تناولهم القدر ينبني على معتقدهم في القدر، تناولهم للآيات التي تناولت القدر ينبني على أقوالهم فيما يتعلق بالقدر.
أكتفي بذلك وإن كان في أي سؤال وإلا نختم الجلسة، وأعتذر إن كان هناك نوع من قصور لكن هذا في الحقيقة طرح موجز لأن الموضوع بهذا العنوان الكبير صعب أنه يُتناول، فأردت في الحقيقة، وإن كان المفترض أن نأخذ جزئية معينة وننظر إلى كلام المفسرين فيها على اختلاف عقائدهم حتى تكون الصورة واضحة لكن أردت في الحقيقة أن أعطي إضاءة عما يتعلق بنهج المفسرين في مسائل الاعتقاد عموما لعل الفائدة قد حصلت.
أكتفي بذلك شاكر للجميع وأعتذر أيضا عن أي قصور في البيان


  #3  
قديم 22 ذو الحجة 1435هـ/16-10-2014م, 12:46 AM
نبيلة عبد الرحيم نبيلة عبد الرحيم غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
المشاركات: 97
افتراضي

http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...27&postcount=3

  #4  
قديم 22 ذو الحجة 1435هـ/16-10-2014م, 11:09 PM
هبة الديب هبة الديب غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,274
افتراضي

http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...35&postcount=8

  #5  
قديم 24 ذو الحجة 1435هـ/18-10-2014م, 06:06 PM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
افتراضي

السلام عليكم
استمعت للمحاضرة وأجبت عن الاسىلة بفضل الله في صفحتي لكن لا اعرف كيف أضع الرابط هنا ، فأرجو الاطلاع عليه في صفحتي،وجزاكم الله خيرا

http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...9&postcount=11


  #6  
قديم 24 ذو الحجة 1435هـ/18-10-2014م, 10:52 PM
سعاد ذياب سعاد ذياب غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 158
افتراضي

http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...849#post146849

  #7  
قديم 24 ذو الحجة 1435هـ/18-10-2014م, 11:45 PM
نبيلة الصفدي نبيلة الصفدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 508
افتراضي

http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...876#post146876

رابط الإجابة عن أسئلة محاضرة الاعتقاد

  #8  
قديم 25 ذو الحجة 1435هـ/19-10-2014م, 12:16 AM
إيمان الحربي إيمان الحربي غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 238
افتراضي

http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...889#post146889

  #9  
قديم 25 ذو الحجة 1435هـ/19-10-2014م, 10:56 AM
هلال الجعدار هلال الجعدار غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: مصر
المشاركات: 608
افتراضي حل الواجب

السلام عليكم
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...955#post146955

  #10  
قديم 25 ذو الحجة 1435هـ/19-10-2014م, 09:27 PM
منيرة محمد منيرة محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: السعودية
المشاركات: 668
افتراضي

http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...4#.VEQAbhEgGK0

  #11  
قديم 25 ذو الحجة 1435هـ/19-10-2014م, 11:17 PM
مارية السكاكر مارية السكاكر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 106
افتراضي

تم بحمد الله وتوفيقه جزيتم الجنان على صبركم وتعبكم معنا

http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...050#post147050

  #12  
قديم 25 ذو الحجة 1435هـ/19-10-2014م, 11:43 PM
هناء هلال محمد هناء هلال محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 663
افتراضي

السلام عليكم
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...2#.VEQho_l5NxQ

  #13  
قديم 26 ذو الحجة 1435هـ/20-10-2014م, 12:58 AM
عائشة أبو العينين عائشة أبو العينين غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 600
افتراضي

السلام عليكم
رابط الاجابه
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...069#post147069

جزاكم الله خيرا

  #14  
قديم 26 ذو الحجة 1435هـ/20-10-2014م, 03:13 PM
الشيماء وهبه الشيماء وهبه غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Dec 2012
المشاركات: 1,465
افتراضي

السلام عليكم

الحمد لله رب العالمين رابط الجواب
http://64.202.120.189/~afaq/vb/showt...118#post147118

جزاكم الله خيرًا عنا

  #15  
قديم 26 ذو الحجة 1435هـ/20-10-2014م, 04:14 PM
أسن أسن غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 77
افتراضي

جزاكم الله خيرا
رابط الإجابة عن الأسئلة
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...32&postcount=4

  #16  
قديم 27 ذو الحجة 1435هـ/21-10-2014م, 11:27 AM
أم جنان أم جنان غير متواجد حالياً
برنامج دراسة التفسير - المجموعة الرابعة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 57
افتراضي الإجابة على الأسئلة

http://afaqattaiseer.net/vb/showthre...7#.VB6IvNOM7Fp

  #17  
قديم 27 ذو الحجة 1435هـ/21-10-2014م, 04:53 PM
هِند هِند غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 148
افتراضي

http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=25010

  #18  
قديم 27 ذو الحجة 1435هـ/21-10-2014م, 05:04 PM
أبو ياسر الشمري أبو ياسر الشمري غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 72
افتراضي

http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...50&postcount=6

  #19  
قديم 27 ذو الحجة 1435هـ/21-10-2014م, 06:32 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي

تم إضافة تفريغ المحاضرة في المشاركة رقم 2 .

  #20  
قديم 27 ذو الحجة 1435هـ/21-10-2014م, 11:57 PM
نُوفْ نُوفْ غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Mar 2014
المشاركات: 643
افتراضي

الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...23&postcount=5
جزاكم الله خيرا ~

  #21  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 09:52 AM
نفيسة خان نفيسة خان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 140
افتراضي

رابط الأجوبة
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...368#post147368

  #22  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 06:39 PM
رقية السليمان رقية السليمان غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 167
افتراضي

http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...1#.VEfO_2aM62c رابط الأجوبة

  #23  
قديم 29 ذو الحجة 1435هـ/23-10-2014م, 03:25 PM
حمده اليامي حمده اليامي غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 209
افتراضي مسائل الاعتقاد في التفسير.

تمت الاستماع والاجابة
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...528#post147528

  #24  
قديم 1 محرم 1436هـ/24-10-2014م, 01:37 AM
سها حطب سها حطب غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 447
افتراضي

http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...26&postcount=7

  #25  
قديم 1 محرم 1436هـ/24-10-2014م, 08:53 AM
علي القرني علي القرني غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 96
افتراضي

http://afaqattaiseer.net/vb/showthre...661#post147661

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مسائل, الاعتقاد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:17 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir