دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 ذو القعدة 1429هـ/19-11-2008م, 09:27 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي واجبات الصلاة

و ( واجباتُها ): التكبيرُ غيرُ التحريمةِ والتسميعُ والتحميدُ وتَسبيحَتَا الركوعِ والسجودِ ، وسؤالُ الْمَغفِرَةِ مَرَّةً مَرَّةً، ويُسَنُّ ثَلاثًا، والتشَهُّدُ الأَوَّلُ وجَلْسَتُه، وما عَدَا الشرائطَ والأركانَ والواجباتِ المذكورةَ سُنَّةٌ، فمَنْ تَرَكَ شَرْطًا لغيرِ عُذرٍ ـ غَيْرَ النِّيَّةِ، فإنها لا تَسْقُطُ بحالٍ ـ أو تَعَمَّدَ تَرْكَ رُكنٍ أو واجِبٍ بَطَلَتْ صَلاتُه، بخِلافِ الباقي وما عدا ذلك سُنَنُ أقوالٍ وأفعالٍ، ولا يُشْرَعُ السجودُ لتَرْكِه، وإن سجَدَ فلا بَأْسَ .


  #2  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 06:48 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

..................

  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 06:48 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي


ووَاجِبَاتُهَا
أي: الصَّلاةِ, ثَمَانِيَةٌ:(التَّكْبِيرُ غَيْرَ التَّحْرِيمَةِ), فهي رُكْنٌ, كما تَقَدَّمَ، وغَيْرَ تَكْبِيرَةِ المَسْبُوقِ إذا أَدْرَكَ إِمَامَهُ رَاكِعاً, فسُنَّةٌ, ويَأْتِي، (والتَّسْمِيعُ)؛ أي: قَوْلُ الإمامِ والمُنْفَرِدِ في الرَّفْعِ مِن الرُّكُوعِ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ. (والتَّحْمِيدُ)؛ أي: قَوْلُ: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ. لإمامٍ ومَأْمُومٍ ومُنْفَرِدٍ؛ لفِعْلِه صلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ وقَوْلِه: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)). ومَحَلُّ مَا يُؤْتَى بِهِ مِن ذلكَ للانِتَقَالِ بينَ ابتداءٍ وانتِهَاءٍ، فلو شَرَعَ فيه قَبْلُ, أو كَمَّلَهُ بَعْدُ, لم يُجْزِئْهُ، (وتَسْبِيحَاتُ الرُّكُوعِ والسُّجُودِ)؛ أي: قَوْلُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ. في الرُّكُوعِ، و: سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى. في السُّجُودِ، (وسُؤَالُ المَغْفِرَةِ)؛ أي: قَوْلُ: رَبِّ اغْفِرْ لِي. بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (مَرَّةً مَرَّةً, ويُسَنُّ) قَوْلُ ذلكَ (ثَلاثاً, و) مِن الوَاجِبَاتِ (التَّشَهُّدُ الأَوَّلُ وجِلْسَتُه)؛ للأمرِ بهِ في حديثِ ابنِ عَبَّاسٍ، ويَسْقُطُ عَمَّن قَامَ إِمَامُه سَهْواً؛ لوُجُوبِ مُتَابَعَتِه، والمُجْزِئُ مِنْهُ: (التَّحِيَّاتُ للَّهِ سَلامٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ ورَحْمَةُ اللَّهِ, سَلامٌ عَلَيْنَا وعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ, أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ). أو عَبْدُه ورَسُولُه.
وفي التَّشَهُّدِ الأخيرِ ذلكَ, معَ: اللَّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَّدٍ. بَعْدَهُ، (وما عَدَا الشَّرَائِطَ والأَرْكَانَ والواجباتِ المَذْكُورَةَ) ممَّا تَقَدَّمَ في صِفَةِ الصَّلاةِ (سُنَّةٌ, فمَن تَرَكَ شَرْطاً لغَيْرِ عُذْرٍ)- ولو سَهْواً- بَطَلَتْ صَلاتُه، وإن كانَ لعُذْرٍ؛ كمَن عَدِمَ المَاءَ والتُّرَابَ أو السُّتْرَةَ أو حُبِسَ بنَجِسٍ, صَحَّتْ صَلاتُه, كما تَقَدَّمَ, (غَيْرَ النِّيَّةِ, فإِنَّهَا لا تَسْقُطُ بحَالٍ)؛ لأنَّ مَحَلَّها القَلْبُ, فلا يَعْجِزُ عَنْهَا، (أو تَعَمَّدَ المُصَلِّي تَرْكَ رُكْنٍ أو وَاجِبٍ, بطَلَتْ صَلاتُه), ولو تَرَكَهُ لشَكٍّ في وُجُوبِه، وإن ترَكَ الرُّكْنَ سَهْواً, سيَأْتِي، وإن ترَكَ الوَاجِبَ سَهْواً أو جَهْلاً سَجَدَ لَهُ وُجُوباً، وإن اعتَقَدَ أنَّ الفْرَضَ سُنَّةٌ أو بالعَكْسِ, لم يَضُرَّهُ، كما لو اعتَقَدَ أنَّ بَعْضَ أَفْعَالِهَا فَرْضٌ, وبَعْضَها نَفْلٌ, وجَهِلَ الفَرْضَ مِن السُّنَّةِ، أو اعتقَدَ الجَمِيعَ فَرْضاً.
والخُشُوعُ فيها سُنَّةٌ، ومَن عَلِمَ بُطْلانَ صَلاتِهِ وَمَضَى فِيهَا أُدِّبَ, (بخِلافِ البَاقِي) بعدَ الشُّرُوطِ والأركانِ والواجباتِ, فلا تَبْطُلُ صَلاةُ مَن تَرَكَ سُنَّةً, ولو عَمْداً، (ومَا عَدَا ذَلِكَ)؛ أي: أَرْكَانَ الصَّلاةِ ووَاجِبَاتِهَا (سُنَنُ أَقْوالٍ)؛ كالاستِفْتَاحِ، والتَّعَوُّذِ، والبَسْمَلَةِ، وآمِينَ، والسُّورَةِ، و(مِلْءَ السَّمَاءِ) إلى آخِرِه بعدَ التَّحْمِيدِ، وما زَادَ على المَرَّةِ في تَسْبِيحِ الرُّكُوعِ والسُّجُودِ، وسُؤَالِ المَغْفِرَةِ، والتَّعَوُّذِ في التَّشَهُّدِ الأخيرِ، وقُنُوتِ الوِتْرِ.
(و) سُنَنُ (أَفْعَالٍ)؛ كرَفْعِ اليَدَيْنِ في مَوَاضِعِه، ووَضْعِ اليَمِينِ على الشِّمَالِ تَحْتَ سُرَّتِه، والنَّظَرِ إلى مَوْضِعِ سُجُودِه، ووَضْعِ اليَدَيْنِ على الرُّكْبَتَيْنِ في الرُّكُوعِ، والتَّجَافِي فيهِ وفي السُّجُودِ، ومَدِّ الظَّهْرِ مُعْتَدِلاً، وغَيْرِ ذَلك ممَّا مَرَّ لك مُفَصَّلاً، ومنه الجَهْرُ والإِخْفَاتُ والتَّرْتِيلُ والإِطَالَةُ والتَّقْصِيرُ في مَوَاضِعِهَا، (ولا يُشْرَعُ)؛ أي: لا يَجِبُ ولا يُسَنُّ (السُّجُودُ لتَرْكِه)؛ لعَدَمِ إِمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِن تَرْكِه (وإِنْ سَجَدَ) لتَرْكِه سَهْواً (فَلا بَأْسَ)؛ أي: فهو مُبَاحٌ.


  #4  
قديم 26 ذو القعدة 1429هـ/24-11-2008م, 05:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم


(وواجباتها) أي الصلاة ثمانية([1]) (التكبير غير التحريمة) فهي ركن كما تقدم([2]) وغير تكبيرة المسبوق إذا أدرك إمامه راكعًا فسنة ويأتي([3]) (والتسميع) أي قول الإمام والمنفرد في الرفع من الركوع: سمع الله لمن حمده([4]) (والتحميد) أي قول: ربنا ولك الحمد، لإمام ومأموم ومنفرد، لفعله صلى الله عليه وسلم وقوله: «صلوا كما رأيتموني أصلي»([5]) ومحل ما يؤتى به من ذلك للانتقال بين ابتداء وانتهاء([6]).فلو شرع فيه قبله([7])، أو كملة بعده لم يجزئه([8]) (وتسبيحتا الركوع والسجود) أي قول: سبحان ربي العظيم في الركوع، وسبحان ربي الأعلى، في السجود([9]) (وسؤال المغفرة) أي قول: رب اغفر لي. بين السجدتين (مرة مرة([10]) ويسن) قول ذلك (ثلاثًا)([11]).(و) من الواجبات (التشهد الأول وجلسته)([12]) للأمر به في حديث ابن عباس ([13]) ويسقط عمن قام إمامه سهوا لوجوب متابعته([14]) والمجزئ منه: التحيات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله أو عبده ورسوله([15]) وفي التشهد الأخير ذلك مع: اللهم صل على محمد، بعده([16]).(وما عدا الشرائط والأركان والواجبات المذكورة) مما تقدم في صفة الصلاة (سنة([17]) فمن ترك شرطا لغير عذر) ولو سهوا بطلت صلاته([18]) وإن كان لعذر، كمن عدم الماء والتراب أو السترة أو حبس بنجسة صحت صلاته كما تقدم([19]) (غير النية فإنها لا تسقط بحال) لأن محلها القلب فلا عجز عنها([20]) (أو تعمد) المصلي (ترك ركن أو واجب بطلت صلاته)([21]).ولو تركه لشك في وجوبه([22]) وإن ترك الركن سهوا فيأتي([23]) وإن ترك الواجب سهوا أو جهلا سجد له وجوبا([24]) وإن اعتقد الفرض سنة أو بالعكس لم يضره([25]) كما لو اعتقد أن بعض أفعالها فرض، وبعضها نفل، وجهل الفرض من السنة، أو اعتقد الجميع فرضا([26]) والخشوع فيها سنة([27]).ومن علم بطلان صلاته ومضى فيها أدب([28]) (بخلاف الباقي) بعد الشروط والأركان والواجبات فلا تبطل صلاة من ترك سنة ولو عمدا([29]).(وما عدا ذلك) أي أركان الصلاة وواجباتها (سنن أقوال) ([30]) كالاستفتاح والتعوذ([31]) والبسملة([32]) وآمين، والسورة([33]).وملء السماء إلى آخره بعد التحميد([34]) وما زاد على المرة في تسبيح الركوع والسجود وسؤال المغفرة([35]) والتعوذ في التشهد الأخير([36]) وقنوت الوتر([37]) (و) سنن أفعال([38]) كرفع اليدين في مواضعه([39]) ووضع اليمين على الشمال تحت سرته([40]) والنظر إلى موضع سجوده([41]).ووضع اليدين على الركبتين في الركوع([42]) والتجافي فيه وفي السجود([43]) ومد الظهر معتدلا([44]) وغير ذلك مما مر مفصلاً([45]).ومنه الجهر والإخفات والترتيل والإطالة والتقصير في مواضعها([46]) و(لا يشرع) أي لا يجب ولا يسن (السجود لتركه) لعدم إمكان التحرز من تركه([47]) (وإن سجد) لتركه سهوا (فلا بأس) أي فهو مباح([48]).





([1]) وهذا هو القسم الثاني من أفعال الصلاة وأقوالها، وتقدم أنه ما تبطل بتركه عمدًا، ويسقط سهوًا، وكذا جهلاً ويجزئه السجود.

([2]) يعني في هذا الفصل، وكذا أول الباب لأنه عليه الصلاة والسلام كان يكبر كذلك ولحديث «إذا كبر فكبروا» وغير ذلك، فجميع تكبيرات الانتقالات واجب، سوى ما ذكر، واتفقت الأمة على مشروعيتها.

([3]) أي في باب صلاة الجماعة، وذلك للاجتزاء عنها بتكبيرة الإحرام.

([4]) لحديث «إذا قال الإمام»، سمع الله لمن حمده: فقولوا ربنا ولك الحمد، مع ما تقدم.

([5]) الثابت عنه صلى الله عليه وسلم فيجب لذلك.

([6]) أي محل ما يؤتى به من تكبير وتسميع لإمام ومنفرد، وتحميد للكل ونحو ذلك للانتقال من فعل منها إلى آخر، بين ابتداء وانتهاء، لأنه مشروع له فاختص به، فإن كمله في جزء منه أجزأ لأنه لم يخرج به عن محله، قال في الإنصاف: بلا نزاع.

([7]) أي شرع في المذكور قبل شروعه في الانتقال، بأن كبر لسجود قبل هويه إليه، أو سمع قبل رفعه من ركوع، ونحو ذلك لم يجزئه.

([8]) أي: كمله قبل انتهائه، وكان أتم تكبير الركوع فيه، لم يجزئه لأنه في غير محله، وكذا لو شرع في تسبيح ركوع أو سجود قبله أو كمله بعده، وكذا سؤال المغفرة، وكتكميله واجب قراءة راكعًا، وكتشهده قبل قعود للتشهد الأول أو الأخير، قال المجد: هذا قياس المذهب، والقول الثاني يجزئه لمشقة تكرره، ولأن التحرز منه يعسر، والسهو به يكثر، ومع البطلان به والسجود له مشقة، ومال إليه ابن رجب وغيره، وصححه في حواشي المقنع، وصوبه في تصحيح الفروع، واستظهره ابن تميم وغيره.

([9]) واجبان من واجبات الصلاة، وهما الرابع والخامس، وتقدمت الأدلة على ذلك.

([10]) للإمام والمأموم والمنفرد، لثبوته عنه عليه الصلاة والسلام وقوله: «صلوا كما رأيتموني أصلي» وعنه سنة وفاقًا.

([11]) وفاقًا. وقالوا: أدنى الكمال ثلاث كتسبيح ركوع وسجود، وتقدم.

([12]) وهما السابع والثامن.

([13]) ولفعله عليه الصلاة والسلام، ومداومته على ذلك، وقوله «صلوا كما رأيتموني أصلي»، ولأنه عليه الصلاة والسلام سجد لتركه، وهذا هو الأصل المعتمد عليه في سائر الواجبات، لسقوطها بالسهو، وانجبارها بالسجود، والمذهب وجوبه قياسا على التشهد وعنه سنة وفاقا، وقال ابن حامد: هو قول عامة الفقهاء.

([14]) إجماعا ولحديث: «إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه».

([15]) فمن ترك حرفا من ذلك عمدا لم تصح صلاته للاتفاق عليه، في كل الأحاديث ونظره في الشرح والإقناع وشيخنا وغيرهم، وهو ظاهر لعدم وروده بهذا اللفظ.

([16]) أي والمجزئ في التشهد الأخير ما ذكره من لفظ التحيات، مع قول: اللهم صل على محمد: بعد التشهد، وهذا من المفردات ونظره الشارح وغيره أيضا، وقال: لا يجوز أن يسقط ما في بعض الأحاديث، إلا أن يأتي بما في غيره من الأحاديث قال في الإنصاف وغيره: وفيه وجه لا يجزئ من التشهد ما لم يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن حامد: رأيت جماعة من أصحابنا يقولون: لو ترك حرفا منه أعاد.

([17]) سواء كان ما عدا ذلك قوليا أو فعليا أو هيئات، والصلاة لها مكملات سوى الأركان والفرائض، والمخل بها متطرق إلى الإخلال بهما، لحديث: «من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه».وقال بعض أهل العلم: الإخلال بالمندوب مطلقا يشبه الإخلال بالركن من أركان الواجب، لأنه قد صار ذلك المندوب بمجموعه واجبا في ذلك الواجب، ولذلك لو اقتصر المصلي على ما هو فرض في الصلاة كانت إلى اللعب أقرب.

([18]) لأن الشرط الشرعي هو ما يتوقف عليه صحة مشروطه، فمتى أخل به لغير عذر لم تنعقد صلاته، لفقد شرطها، ولو كان التارك للشرط ناسيا له، أو جاهلا به، لأنه صلى الله عليه وسلم نفى الصلاة مع الجهل، وأمره بالإعادة ولم يجعله عذرا، وإذا انتفى مع الجهل فمع العمد أولى.

([19]) في التيمم وستر العورة وغيرهما، وإنما أراد جمعها ملخصة في موضع واحد.

([20]) قال الشيخ: بل لو كلف العباد أن يعملوا عملا بغير نية كلفوا ما لا يطيقون، فإن كل أحد إذا أراد أن يعمل عملا لا بد أن ينويه، إذا علمه ضرورة، وإنما يتصور عدم النية إذا لم يعلم ما يريد.

([21]) كأن يسجد قبل ركوعه، أو يقوم قبل تشهده، لتلاعبه، ولا يجبر بسجود السهو كما يأتي والباطل والفاسد مترادفان لمسمى واحد، وهو ما لم يكن صحيحًا
قال الشيخ وغيره: بمعنى وجب القضاء، لا بمعنى أنه لا يثاب عليها شيئا في الآخرة، وقال في {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} الإبطال هو بطلان الثواب، ولا يسلم بطلان جميعه، بل قد يثاب على ما فعله فلا يكون مبطلا لعمله.

([22]) بأن تردد أواجب أو لا؟ لم يسقط وجوبه، ولزمته الإعادة لأنه ترك ما يحرم تركه عمدا، ولم يسقط فرضه للشك في صحته، ولأنه لما تردد في وجوبه كان الواجب عليه فعله احتياطا للعبادة، بخلاف من ترك واجبا جاهلا حكمه بحيث لم يخطر بباله وجوبه فإن حكمه حكم تاركه سهوا.

([23]) أي في باب سجود السهو مفصلا، وفي بعض النسخ زيادة به فالمراد يأتي بالركن ولا ينجبر بسجود السهو وهو أولى لأنه فصل هنا بعض التفصيل.

([24]) لأنه ترك واجبا يحرم تركه، وتقدم الأصل في وجوب السجود له، ولا يمتنع أن يكون للعبادة واجب يجبر إذا تركه وإن كانت لا تصح إلا به كالحج.

([25]) أي ذلك الاعتقاد ومثله نحو وضوء.

([26]) صحت صلاته إجماعا قاله في المبدع، أو لم يعتقد شيئا، أو لم يعرف الشرط من الركن، وأدى الصلاة على وجهها، فهي صحيحة، اكتفاء بعلمه أن ذلك كله من الصلاة.

([27]) الخشوع في الصلاة سنة، ذكره الموفق والشيخ وغيرهما وقيل واجب فيها أو في بعضها، قال الشيخ لقوله: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ} وقوله {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} والخشوع الخضوع والإخبات، وهو معنى يقوم بالقلب يظهر منه سكون الأطراف وأساسه حضور القلب بين يدي الرب جل وعلا، والثواب مشروط بحضوره، وحضوره فراغه عن غير ما هو ملابس له، وهو هنا العلم بالفعل والقول الصادرين عن المصلي كما تقدم.

([28]) تعزيرا لعصيانه وتلاعبه، فإنه يحرم المضي فيها مع المنافي، كما يحرم الدخول فيها مع وجود المبطل.

([29]) بخلاف الأركان والواجبات.

([30]) والسنن هي القسم الثالث من أقوال الصلاة وأفعالها، وحكي وهيئاتها وهي ما كان فيها، ولا تبطل بتركها، ولو عمدا، والسنن ضربان، الأول سنن الأقوال، ولا يجب السجود لها قولا واحدا، وعد منها عشر سنن وغيره أكثر ففي الإقناع سبع عشرة، وتأتي وعد منها الجهر والإخفات تبعا للمقنع ونوقش فيها وحكاه الوزير اتفاقا.

([31]) أي بالله من الشيطان الرجيم قبل القراءة في الأولى.

([32]) أي قراءة بسم الله الرحمن الرحيم، في أول الفاتحة وأول كل سورة.

([33]) أي قول آمين بعد الفاتحة، وعنه واجبة للأمر بها وقراءة سورة في فجر وجمعة وعيد وتطوع، وأولتي مغرب ورباعية، وأما ثالثة مغرب وثالثة ورابعة ظهر وعصر وعشاء فبالفاتحة فقط، وتقدم، واتفق الأئمة على أنه لا يسن.

([34]) للإمام والمأموم والمنفرد.

([35]) يعني بين السجدتين.

([36]) أي قول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، إلى آخره والدعاء في التشهد الأخير، لحديث ثم ليتخير من الدعاء وقول: وبارك، إلى آخره بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وآله.

([37]) لما يأتي في بابه.

([38]) لا تبطل الصلاة بتركها بلا نزاع، وهي الضرب الثاني من السنن، وعدها في الكافي اثنتين وعشرين، وفي الإقناع نحو الأربعين، وتأتي وفي الهداية أن الهيئات خمس وعشرون، وفي المستوعب وغيره خمس وأربعون، وقالوا سميت هيئة لأنها صفة في غيرها فهي صور الأفعال وحالاتها.

([39]) وهي عند تكبيرة الإحرام، وعند الهوي إلى الركوع، وعند الرفع منه، وإذا قام من الركعتين.

([40]) أو على صدره بعد تكبيرة الإحرام، في سائر حالات القيام.

([41]) إلا لعذر، ومراقبة إمام، وكصلاة خوف، ونحوه، وتفريقه بين قدميه يسيرا في قيامه، وقيل يكون بين قدميه قدر شبر في ركوعه وسجوده، ومراوحته بينهما، وهو مذهب مالك والشافعي، وابن المنذر وغيرهم.

([42]) مفرجتي الأصابع.

([43]) أي مجافاة عضديه عن جنبيه في الركوع، ومجافاة بطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه في السجود.

([44]) وجعل رأسه حياله، فلا يخفضه ولا يرفعه، واعتماده على ضبعيه وساعديه.

([45]) بأدلته في مواضعه، ومنه البداءة بوضع ركبتيه قبل يديه في سجوده وتمكين كل من جبهته وأنفه وكل بقية أعضاء السجود من الأرض في سجوده، والتفريق بين ركبتيه، وإقامة قدميه، وجعل بطون أصابعهما على الأرض مفرقة فيه، وفي الجلوس بين السجدتين وفي التشهد، ووضع يديه حذو منكبيه مبسوطة، وتوجيه أصابع يديه مضمومة نحو القبلة، ومباشرة المصلي بيديه وجبهته وعدمها بركبتيه، ورفع يديه أولا في القيام من سجوده، وقيامه في الركعة على صدور قدميه، معتمدا على ركبتيه، والافتراش في الجلوس بين السجدتين، وفي التشهد الأول والتورك في الثاني، ووضع اليدين على الفخذين مبسوطتين مضمومتي الأصابع، مستقبلا بها القبلة بين السجدتين، وكذا في التشهدين، إلا أنه يقبض فيهما من اليمنى الخنصر والبنصر ويحلق إبهامها مع الوسطى، ويشير بسبابتها، والتفاته يمينا وشمالا في تسليمه، وتفضيل اليمين على الشمال في الالتفات ونية الخروج من الصلاة وتقدمت أدلة ذلك في مواضعها.

([46]) أي ومن سنن الأفعال الجهر في مواضعه، بنحو تكبير وتسميع وقراءة في جهرية لإمام، والإخفات بنحو تشهد، وتسبيح ركوع وسجود، وسؤال مغفرة، وتحميد وقراءة في غير محل جهر، وكذا بنحو تكبير وتسليم، وتسميع لغير إمام، إلا المأموم لحاجة، ومنه ترتيل قراءة، وإطالة في الركعة الأولى، وتخفيف صلاة إمام والتقصير في الركعة الثانية، إلا في الوجه الثاني من صلاة الخوف، والضمير في مواضعها راجع إلى جميع المذكورات وهذا مجمع عليه في الجملة بنقل الخلف عن السلف، وإن كان قد يستغني بما ذكرنا، لسبقه في مواضعه، فمن حيث أنه لم يستغن بما ذكر لسبقه ذكرنا ما أهمله تنبيها عليه.

([47]) ولأن السجود زيادة في الصلاة، فلا يشرع إلا بتوقيف.

([48]) نصا لعموم حديث ثوبان وغيره.


  #5  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 09:23 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

وَوَاجِبَاتُهَا:..........
قوله: «واجباتها» ، أي: واجبات الصلاة، وهل يعني أن الأركان غير واجبة؟
الجواب: لا يعني أن الأركان غير واجبة، بل الأركان واجبة وأوكد من الواجبات، لكن تختلف عنها في أن الأركان لا تسقط بالسَّهْوِ، والواجبات تسقط بالسَّهْوِ، ويجبرها سُجودُ السَّهْوِ، بخلاف الأركان؛ ولهذا من نسيَ رُكناً لم تصحَّ صلاته إلا به، ومن نسيَ واجباً أجزأَ عنه سُجودُ السَّهْوِ، فإنْ تَرَكَه جهلاً فلا شيء عليه، فلو قام عن التشهُّدِ الأول لا يدري أنه واجب فصلاتُه صحيحة، وليس عليه سُجود السَّهْوِ؛ وذلك لأنه لم يكن تَرْكه إيَّاه عن نسيان.
وقيل: عليه سُجود السَّهْوِ بترك الواجب جهلاً؛ قياساً على النسيان؛ لعدم المؤاخذة في كُلٍّ منهما.

التَّكْبِيرُ غَيْرِ التَّحْرِيمَةِ، وَالتَّسْمِيعُ، وَالتَّحْمِيدُ، ..........
قوله: «التكبير غير التحريمة» أي: قول «اللهُ أكبر» إلا التحريمة، هذا هو الواجب الأول؛ لأن التحريمة سَبَقَ أنَّها رُكنٌ فيدخل بذلك التكبير للركوع وللسجود وللرَّفْعِ منهما، وللقيام مِن التشهُّدِ الأول، فكلُّ التكبيرات واجبة وتسقط بالسَّهْوِ، ويُستثنى ما يلي:
1 ـ التكبيرات الزوائد في صلاة العيد، والاستسقاء فإنها سُنَّة.
2 ـ تكبيرات الجِنازة فإنَّها أركان.
3 ـ تكبيرة الركوع لمن أدرك الإِمام راكعاً فإنَّها سُنَّة.
والدليل على أن التكبيرات مِن الواجبات:
أولاً: قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا كَبَّرَ الإِمامُ فكبِّروا، وإذا قال: سَمِعَ اللهُ لمَن حَمِدَه فقولوا: ربَّنا ولك الحمدُ»، وهذا يدلُّ على أنه لا بُدَّ مِن وجود هذا الذِّكْرِ، إذ الأمر للوجوب.
ثانياً: مواظبة النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم عليه إلى أن مات، ما تَرَكَ التكبيرَ يوماً من الدَّهر وقال: «صَلُّوا كما رأيتموني أصلِّي».
ثالثاً: أنه شِعار الانتقال من رُكن إلى آخر، لأن الانتقال لا شَكَّ أنه انتقال مِن هيئة إلى هيئة، فلا بُدَّ مِن شعار يدلُّ عليه.
قوله: «والتسميع، والتحميد» ، أي: قول الإِمام والمنفرد: «سَمِعَ اللهُ لمن حَمِدَه»، والتحميد: للإِمام، والمأموم، والمنفرد، وهذان هما الواجب: الثاني والثالث.
والدليل على ذلك:
أولاً: أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم واظبَ على ذلك، فلم يدعْ قول: «سَمِعَ اللهُ لمن حَمِدَه» بأيِّ حالٍ من الأحوال.
ثانياً: أنه شعار الانتقال من الرُّكوع إلى القيام.
ثالثاً: قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا قال سَمِعَ اللهُ لمن حَمِدَه فقولوا: ربَّنَا ولك الحمد» فعلى هذا يكون للتحميد ثلاثة أدلَّة، وللتسميع دليلان فقط.
ولم يُبيِّن المؤلِّف محلَّ التكبير والتسميع والتحميد، لكن الفقهاء نصُّوا على أن محلَّ ذلك: ما بين الرُّكنين في الانتقال، فما كان للرُّكوع فما بين القيام والركوع، وما كان للسُّجود فما بين القيام والسجود وهكذا بقية الانتقالات. وقالوا رحمهم الله: لو بدأ به قَبْلَه أو كمَّله بعدَه لم يجزئ؛ لأنه أتى بذكر في غير موضعه، لأن الموضع ما بين الرُّكنين، فإن بدأ به قبلُ؛ فقد أتى بأوله في غير موضعه، وإن كمَّله بعدُ؛ فقد أتى بآخره في غير موضعه، ولكن هل يُشترط استيعابُ ما بين الرُّكنين؟
الجواب: لا يشترط، والمشترط أن يكون هذا الذِّكْر بين الرُّكنين، وبينهما فَرْقٌ؛ لأننا لو قلنا: يُشترطُ الاستيعاب؛ لقلنا مِن حين ما تَشرع في الهوي إلى السُّجود ابدأْ بالتكبير، ولا ينتهي إلا إذا وضعت جبهتك على الأرض، فلو أنهيته قبل ذلك لم يصحَّ، لكننا لا نقول: بأنه يشترط، بل نقول: إنه لا بُدَّ أن يكون بين الرُّكنين، فلو بدأَ به قبلُ أو كَمَّله بعدُ لم يجزئ.
القول الثاني في هذه المسألة: أنه يُعفى عن السَّبْق أو التأخّر بشرط أن يكون لموضع الانتقال حظٌّ من هذا الذِّكْر، أي: لو بدأ بالتكبير قبل الهوي وكمَّله في حال الهوي أجزأ، ولو بدأ به في أثناء الهوي وأكمله بعد الوصول إلى السُّجود أجزأ، وهذا القول أصحُّ، وهو الذي لا يَسَعُ الناس العمل إلا به، لأن القول الأول فيه مشقَّة، وقد قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 77] وقال: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] ولو أننا أخذنا بالقول الأول لوجدنا أن كثيراً من الناس اليوم لا تصحُّ صلاتُهم.
وبعضُ الأئمة يَجتهدُ اجتهاداً خاطئاً، ولا يبدأ بالتكبير إلا إذا وَصَلَ للرُّكن الذي يليه، ويقول: لو شرعت بالتكبير قبل أن أَصِلَ للرُّكوع مثلاً لسابقني الناسُ؛ فأسدُّ الباب عليهم حتى لا يسبقوني، لكن هذا اجتهادٌ خاطئ، لأنه مخالفٌ للسُّنَّة، فلم يكن الرسولُ صلّى الله عليه وسلّم يفعل هذا، وهو أدرى منك بمصالح الخَلْقِ صلّى الله عليه وسلّم، وأحرصُ منك عليها، فعليك أيُّها الإِمام أن تفعل ما تُؤمرُ به، وعلى المأمومين أن يفعلوا ما يؤمرون به.

وَتَسْبِيحَتَا الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، .........
قوله: «وتسبيحتا الركوع والسجود» هذان هما الواجبان الرابع والخامس.
«تسبيحتا الركوع»: كيف ننطِقُ بها؟
الجواب: ننطِقُ بها بحذف الألف فتبقى التاء مفتوحة، فلو قال لك السامعُ: عطفتَ منصوباً على مرفوع. فقل: أنا لم أعطف منصوباً على مرفوع، وإنَّما عَطفتُ مرفوعاً على مرفوع، لأنَّ المُثنَّى يُرفع بالألف «تسبيحتا» اثنتان.
فإذا قال: أين الألف؟ فقل: الألف سقطت، لأنَّها حرفُ لين ساكن، جاء بعدَه حرفٌ ساكن، وهو همزة الوصل مِن كلمة «الركوع»، فالتقى ساكنان، فحُذِفَ حرفُ اللين، قال ابنُ مالك في الكافية:


إنْ ساكنان التقيا اكسرْ ما سَبَق
=
وإنْ يكن ليناً فحذفُه استحق
والألف لين فيُحذف نُطْقاً، فيقال: تسبيحة الركوع، ولا يحذف خطًّا، بل تكتب «تسبيحتا» وإنما أتيت بهذا لأنتقل إلى مسألة يخطئ فيها بعض القراء، وهي قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالاَ الْحَمْدُ لِلَّهِ} [النحل: 15] فينطق بالألف مع الوصل، وهذا خطأ فنقول: «وقالَ الحمد لله».
فإذا قال قائل: إذا قلتم: «وقالَ الحمد لله»، أوهم السَّامع أن يكون القائل واحداً وهو سليمان؛ لأنه أقرب مذكور؟
فنقول: إذا توهَّم هذا إنسان فالخطأ ليس مِن القارئ، بل الخطأ مِن وهم السامع، والقارئ ليس مسؤولاً عنه، بل عليه أن يقرأ حسب ما تقتضيه اللغة العربية؛ لأن القرآن نَزَلَ بها.
وقوله: «وتسبيحتا الركوع والسجود» .
لم يبيِّن المؤلِّف ـ رحمه الله ـ هاتين التَّسبيحتين، لكنه بيّنهما فيما سَبَقَ، حيث ذَكَرَ أنه يقول في الرُّكوع: «سبحان رَبِّي العظيم»، وفي السُّجود: «سبحان رَبِّي الأعلى». إذاً؛ فقول المصلِّي في ركوعه: «سبحان رَبِّي العظيم» واجب، وفي سجوده: «سبحان رَبِّي الأعلى» واجب.
والدليل على هذا: أنه: لما نَزَلَ قول الله تعالى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ *} [الواقعة] قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «اجعلوها في ركوعكم»وهذا بيانٌ مِن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم لموضع هذا التسبيح، ومِن المعلوم أن بيان الرسول صلّى الله عليه وسلّم للقرآن يجب علينا أن نَرْجِعَ إليه؛ لأن أعلم الخَلْقِ بكلام الله هو رسول الله، ولهذا كان تفسير القرآن بالسُّنَّة هو المرتبة الثانية، فالقرآن نُفسِّرُه أولاً بالقرآن مثل: {الْقَارِعَةُ *مَا الْقَارِعَةُ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ *يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ *} ويُفسَّر بعد ذلك بسُنَّة رسول الله؛ لأنها تبيِّنه مثل هذه الآية: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ *} [الواقعة] حيث قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «اجعلوها في ركوعكم»
وهذا بيان لموضع هذا التَّسبيح وقد يُبيِّنُ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم المعنى، مثل قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] فالحُسنى هي الجنة، والزيادة النظر إلى وَجْهِ الله عزّ وجل، هكذا فسَّرها النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم.
وأما تسبيحة السُّجود فهي أيضاً مفسَّرة بقول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «اجعلوها في سجودكم»حين نَزَلَ قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى *} [الأعلى] .

وَسُؤَالُ المَغْفِرَةِ مَرَّةً مَرَّةً، .........
قوله: «وسؤال المغفرة مرَّة مرَّة» هذا هو الواجب السادس من واجبات الصلاة، أي: سؤال المُصلِّي المغفرة مرَّة مرَّة، ولم يُبيِّنُ المؤلِّف ـ رحمه الله ـ متى يكون هذا السُّؤال، ولكن سَبَقَ في صفة الصلاة بأن قول: «ربِّ اغفِرْ لي» يكون بين السَّجدتين.
والمغفرة: هي سَتْرُ الذَّنْبِ والتجاوز عنه، مأخوذة من المِغْفَر الذي يُوضع على الرأس عند القتال لتوقِّي السِّهام، وفي هذا المِغفر سَتْر ووقاية، فالمغفرة ليست مجرَّد سَتْر الذُّنوب، ولا هي العفو عنها فقط، بل هي: السَّتر مع العفو، ولهذا يقول الله سبحانه وتعالى إذا خلا بعبده يوم القيامة وقرَّره بذنوبه: «قد سترتُها عليك في الدُّنيا، وأنا أغفِرُها لك اليوم».
ولم يبيِّن بأيِّ صيغة يكون سؤال المغفرة، هل يقول: اللَّهُمَّ اغفِرْ لي، أو يقول: أستغفر الله، أو يقول: ربِّ اغفِرْ لي.
لكن بيَّن المؤلِّف ـ رحمه الله ـ في صفة الصلاة أنه يقول: «ربِّ اغفِرْ لي». وعليه؛ فيُحمل كلامُه هنا على كلامه هناك، ويكون سؤال المغفرة بلفظ: «ربِّ اغفِرْ لي» فلو قال: اللَّهُمَّ اغفِرْ لي، فإنه لا يجزئه، وهذا بناءً على أننا أحلنا هذا الكلام على ما سَبَقَ، لكن يمكن أن يُقال: إنه لا يلزم أن نُحيل هذا الكلام على ما سَبَقَ، فيكون المراد بذلك سؤال المغفرة بأي صفة، فلو قال: «اللَّهُمَّ اغفِرْ لي» لأجزأ، وهذا هو الصحيح. والمذهب: أنه لا بُدَّ أن يقول: «ربِّ اغفِرْ لي» فلو قال: «اللَّهُمَّ اغفِرْ لي» ما أجزأ.
وقوله: «مرَّة مرَّة» أي: مرَّة في كُلِّ جِلسة، مرَّة في الجِلسة الأولى، ومرَّة في الجِلسة الثانية، وهكذا.

وَيُسَنُّ ثَلاَثاً، وَالتَّشَهُدُ الأَوَّلُ، وَجَلْسَتُهُ..........
قوله: «ويُسَنُّ ثلاثاً» أي: يُسَنُّ أن يُكَرِّرَ سؤال المغفرة ثلاث مرات.
والدليل على أنه يُسَنُّ ثلاثاً: حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: حين ذَكَرَ أنه صَلَّى مع النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم فلما جَلَسَ بين السَّجدتين جَعَلَ يقول: «ربِّ اغفِرْ لي، ربِّ اغفِرْ لي» وكان دُعاء النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم غالباً التكرار ثلاثاً.
قوله: «والتشهد الأول، وجلسته» هذان هما الواجب السابع والثامن من واجبات الصلاة.
فالتشهُّد الأول هو: «التحياتُ لله، والصَّلواتُ، والطيباتُ، السَّلامُ عليك أيُّها النبيُّ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، السَّلامُ علينا وعلى عِبادِ الله الصالحين، أشهدُ أنْ لا إله إلا الله؛ وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه».
والدليل على وجوبه: حديث عبد الله بن مسعود: «كنا نقول قبل أن يُفرَضَ علينا التشهُّدُ».
فإن قال قائل: لقد استدللتم بهذا الحديث على رُكنيَّة التشهُّدِ الأخير، فما بالكم هنا تستدلُّون به على أنَّ التشهُّد الأول واجب لا رُكن؟
فالجواب عنه: أن نقول: إنَّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم لما نسيَ التشهُّدَ الأول لم يَعُدْ إليه وجَبَرَه بسجود السَّهو، ولو كان رُكناً لم ينجبر بسجودِ السَّهوِ.
والدليل على أن الأركان لا تنجبر بسجود السَّهو: أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لما سَلَّم مِن ركعتين مِن صلاة الظُّهر أو العصر أتمَّها وأتى بما تَرَكَ وسَجَدَ للسَّهو، فدلَّ هذا على أنَّ الأركان لا تسقط بالسَّهو، ولا بُدَّ مِن الإِتيان بها، وعلى هذا فنقول: لمَّا سَقَطَ التشهُّدُ الأول بالسَّهو دَلَّ ذلك على أنَّه واجبٌ تصحُّ الصَّلاةُ بدونه مع السَّهو، ولا تصحُّ بدونه مع العمد.
وقوله: «وجلسته» بفتح الجيم، ولا يصحُّ أن نقول «وجِلسته» بكسر الجيم ـ لأنَّك لو قلت: «وجِلسته» بكسر الجيم، لزم أن تكون هيئة الجلوس واجبة وهي الافتراش، والافتراش ليس واجباً، بل هو سُنَّة، والواجب هو الجلوس على أيِّ صفة.
قال ابن مالك رحمه الله في الألفية:

وفَعْلَة لمرَّة كجَلسة
=
وفِعْلة لهيئة كجِلسة
إذا أُريد الصفة والكيفية قيل: فِعْلَة بكسر الفاء، وإذا أُريد المرَّة قيل: فَعْلَة، بفتحها.
والمراد هنا: الجلوس وليس الهيئة، فلو جَلَسَ للتشهُّدِ الأول متربِّعاً أجزأ.
وقوله: «جَلسته» هل يمكن التشهُّد بدون جلوس؟
الجواب: يمكن أن يتشهَّد وهو قائم، أو يتشهَّد وهو ساجد، فلا بُدَّ أن يكون التشهُّدُ كُلُّه في حال الجلوس.

وَمَا عَدَا الشَّرَائِط، وَالأْرْكَانِ، وَالْوَاجِبَاتِ المَذْكُورَة سُنَّةٌ .......
قوله: «وما عدا الشرائط، والأركان، والواجبات المذكورة سُنَّة» فالواجبات ثمانية سبقت أدلتُها، ولكن في بعضها خلاف، فالتشهُّدُ الأول قيل: إنه سُنَّة.
واستُدِلَّ لذلك بسقوطه بالسَّهو.
والتكبيرات غير تكبيرة الإِحرام، والتسميع، والتحميد: قيل أيضاً: إنها سُنَّة.
واستُدِلَّ لذلك: بأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لم يذكرها للمسيء في صلاته.
أما تكبيرة الإِحرام فبالاتفاق أنها رُكنٌ، ولكن الأقرب: أن التسميع، والتحميد، والتكبيرات غير ما استُثني واجبة، وسبقت الأدلَّة في ذلك.
أما التشهُّد الأول فنقول: إن عَدَمَ رجوع الرسول صلّى الله عليه وسلّم إليه لا يمنع الوجوب، لكنه يمنع القول بالرُّكنية، بل قد يقال: إنَّ سجودَه للسَّهو لتركه يدلُّ على الوجوب، لأن الأصل مَنْعُ الزيادة في الصَّلاةِ، وسُجود السَّهو قبل السَّلام زيادة في الصَّلاة، ولا ينتهك هذا المَنْع إلا لفعل واجب، فإذا وَجَبَ سجود السَّهو لتركه دَلَّ ذلك على وجوبه، وإلا لكان وجودُه وعدمه سواء.
وفي قوله: «الشرائط» فَعائل جَمْعُ فَعيلَة، كصحائف جَمْعُ صحيفة، فكأن المؤلِّف ـ رحمه الله ـ عَبَّرَ بالشرائط التي واحدها شريطة.
ما يجب للصَّلاة قبلها، وتتوقَّفُ عليها صحَّتها، كاستقبال القبلة، والطهارة، وسَتْر العورة، وما أشبه ذلك.
وقوله: «والأركان» سبقت أيضاً، والفَرْقُ بينها وبين الشرائط: أن الشرائط خارج الصلاة، والأركان في نفس الصلاة، فهي ماهيَّة الصلاة.
وقوله: «والواجبات» بالكسر؛ لأنها جَمْعُ مؤنَّث سالم، وجَمْعُ المؤنث السالم نصبه يكون بالكسر.
قوله: «المذكورة» بالنصب؛ لأنها صفة لمنصوب.
واعلم أنَّ «عدا» إذا اقترنت بها «ما» وَجَبَ نصب ما بعدها؛ لأنَّها تتعيَّن أن تكون فِعْلاً، وإنْ لم تقترن بها «ما» جاز فيما بعدها وجهان:
1 ـ الجر على أنها حرف جر.
2 ـ النصب على أنَّها فِعْل.
قوله: «سُنَّة» السُّنَّة في اصطلاح الفقهاء: هي ما أُمِرَ به لا على سبيل الإِلزام بالفعل. فتجتمع هي والواجب في أن كلًّا منهما مأمور به، وتنفصل عن الواجب أن: الواجب على سبيل الإِلزام، والسنَّة على غير سبيل الإِلزام.
فإن قال قائل: أيُّها أفضل الواجب أم السُّنَّة؟
قلنا: الأفضل الواجب بدليل السمع والعقل:
فالدليل السمعي: قوله سبحانه وتعالى في الحديث القُدسي: «ما تقرَّبَ إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ مما افترضتُ عليه» وهذا صريح.
والدليل العقلي: أن إيجاب الله له على العباد يدلُّ على تأكُّده، وأنه لا يستقيم الدِّين إلا به، وعَدَم إلزام الله العباد بالسُّنَّة يَدلُّ على أنها ليست كتأكُّد الواجب، وما كان أوكد ففعله أحبّ إلى الله بلا شَكٍّ، ولولا محبَّة الله له ما ألزم به العباد، ومِن العجيب أن الشيطان يُخفِّفُ على الإِنسان أن يتصدَّق بالعشرة مِن ماله، ويُثقل عليه أن يؤدِّي درهماً واحداً زكاة عن ماله، فتجدُ الناسَ في باب الزَّكاة أشِحَّاء بُخلاء يلتمسون الرُّخص لعلهم يجدون عالماً يقول: ليس عليكم زَكاة في هذا. لكن في باب الصَّدقَة لا يهمُّه أن يتصدَّق بأكثر من الزَّكاة، فيجيء الشخص ويقول: ما تقول في الدَّيْنِ إذا كان على مُعْسِرٍ، هل فيه زكاة؟
فإذا قلت: نعم فيه زكاة؛ لأنه مالك تملِكُ أن تسقطه، وتملِكُ أن تطالب به، ولو متَّ لوُرِثَ عنك، فعليك الزكاة فيه، ولو كان على شخص مُعْسِرٍ، وهذا هو المشهور من مذهب الإِمام أحمد، فيقول: عندي في هذه الفتوى نَظَرٌ، وهو عامي.
ثم يذهب إلى عالم آخر ويقول: ما تقول في دَيْنٍ على مُعْسِرٍ هل فيه زكاة؟
قال: لا، الدَّيْنُ الذي على مُعْسِرٍ كالمعدوم؛ لأنه لا يمكنك شرعاً أن تُطالب به، ولا أن تُطالب الشخص، قال تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} قال: هذا هو الراجح، لأنه وافق هواه.
حتى في الصَّلاة الفريضة؛ يأتي الشيطان فيلعب على الإِنسان بالوساوس، ويفتح عليه كلَّ باب، فإذا جاءت النافلةُ خَشَعَ خشوعاً عجيباً، وهذا مِن الشيطان؛ لأنك إذا كنت تعطي النافلةَ شيئاً فأعطِ الفريضةَ أشياء؛ لأنها أحبُّ إلى الله، وهي رأس مالك في الحقيقة.

فَمَنْ تَرَكَ شَرْطاً لِغَيْرِ عُذْرٍ غَيْرَ النِّيَّةِ فَإِنَّهَا لاَ تَسْقُط بِحَالٍ، ...........
قوله: «فمن ترك شَرْطاً لغير عُذر غير النية فإنها لا تسقط بحال» أي: مَن تَرَكَ شرطاً لغير عُذر بطلت صلاتُه، ولعُذر لم تبطل.
مثال ذلك: صَلَّى عُرياناً وهو قادر على السَّتر، نقول: تَرَكَ شرطاً لغير عُذر فتبطل صلاتُه. صَلَّى إلى غير القِبْلة، وهو يعلم القِبْلة تبطل صلاتُه، لأنه تَرَكَ شرطاً لغير عُذر. تَرَكَ الوُضُوء وصَلَّى، فصلاتُه باطلة، لأنه تَرَكَ الشرطَ مِن غير عُذر، أما إذا تَرَكَه لعُذر صحَّت الصلاة. فلو صَلَّى بغير وُضُوء ولا تيمُّم ـ لعدم القدرة عليهما ـ صحَّت صلاته.
والمؤلِّف ـ رحمه الله ـ استثنى «النية» لأن النية محلُّها القلب، ولا يمكن العجز عنها، لكن في الحقيقة يمكن النسيان فيها، مثل أن يأتي الإِنسان ليصلِّي الظُّهر، ثم يغيب عن خاطره نيةُ الظهر، وينوي العصر، وهذا يقع كثيراً، فهل تصحُّ صلاته أم لا؟
الجواب: لا تصحُّ؛ لأنه عَيَّنَ خِلاف فَرْضِ الوقت، فلا تصحُّ، لأن النيَّة لا تسقط بحال.
بقي أن يُقال: لو صَلَّى الإِنسان قبل الوقت، وهو يظنُّ أن الوقت قد دخل، فما حكم صلاته؟
الجواب: صلاته لا تجزئه عن الفرض، ويجب عليه إعادة الصلاة بعد دخول الوقت، وهذا مما يُستدرك على المؤلِّف؛ لأن ظاهر قوله: «لغير عذر» أن هذه الصورة التي ذكرت تصحُّ فيها الصلاة، مع أن الصلاة لا تصحُّ، فكلام المؤلِّف فيه شيء مِن الاستدراك على حسب التفصيل الذي ذكرنا.
أَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَ رُكْنٍ أَوْ وَاجِبٍ بَطُلَتْ صَلاَتُه..........
قوله: «أو تعمد ترك ركن، أو واجب بطلت صلاته» ، مثال تَرْكِ الرُّكن: أن يتعمَّد تَرْكَ الركوع، ويسجد مِن القراءة إلى السُّجود فصلاته باطلة.
ولو أنه ندم وهو ساجد، ثم قام وأتى بالرُّكوع فلا ينفعه؛ لأنه بمجرد تَرْكه تبطل الصلاة، وعليه أن يعيد الصلاة من جديد.
ومثال تَرْكِ الواجب: لو تَرَكَ التشهُّد الأول متعمِّداً حتى قام، ثم ندم ورجع، فتبطل صلاته وإنْ رَجَعَ، لأنّه تعمَّد تَرْكه، وإذا تعمَّد تَرْكَ واجب بطلت صلاته.

بِخِلاَفِ البَاقِي،...........
قوله: «بخلاف الباقي» أي: بعد الشروط، والأركان، والواجبات، فإن الصلاة لا تبطل بتَرْكه، ولو كان عمداً؛ لأنها سُنَنٌ مكمِّلة للصلاة، إن وُجِدَت صارت الصلاة أكمل، وإن عُدِمَت نقصت الصلاة، ولكنه نقص كمال، لا نقص وجوب.

وَمَا عَدَا ذلِكَ سُنَنٌ أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ لاَ يُشْرَعُ السُّجُودُ لِتَرْكِهِ، وإنْ سَجَدَ فَلاَ بَأْسَ ...............
قوله: «وما عدا ذلك سُنن أقوال وأفعال» أي: ما عدا أركان الصلاة وواجباتها، وكلمة «ما» هنا بمعنى الذي، أي: والذي عدا ذلك. ومعنى «عدا»: أي: جاوز ذلك.
سُنن أقوال: أي: يُسَنُّ قولها.
وأفعال: أي: يُسَنُّ فِعْلها.
والسُّنَّة عند الفقهاء ـ رحمهم الله ـ غير السُّنَّة في اصطلاح الصحابة والتابعين، لأن السُّنَّة في اصطلاح الصحابة والتابعين تعني الطريقة، وقد تكون واجبة، وقد تكون مستحبَّة، فقول أنس بن مالك مثلاً: «مِن السُّنَّة إذا تزوَّج البكرَ على الثيب أقام عندها سبعاً، ثم قَسَمَ»، السُّنَّة هنا الواجبة.
وما وَرَدَ عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه قال: «من السُّنَّة وَضْعُ اليد على اليد في الصلاة»، وَوَرَدَ عن عليٍّ نحوه، فهذا يعني به السُّنَّة المستحبَّة، لكن عند الفقهاء إذا قالوا: سُنَّة؛ فإنما يعنون السُّنَّة المستحبَّة فقط؛ من أجل التبيين والتوضيح والتفريق للناس بين الواجب الذي لا بُدَّ منه، وبين المستحب الذي يمكن تركه.
فمثلاً: الاستفتاح: سُنَّة، البسملة: سُنَّة، التعوذ: سُنَّة، قول آمين: سُنَّة، الزيادة على قراءة الفاتحة: سُنَّة، الزيادة على تسبيح الركوع والسجود: سُنَّة، وهذه سنن قولية، والجهر بالقراءة في موضعه: سُنَّة فعلية؛ لأن الجهر صفة للقراءة، وكذلك تطويل القراءة يُعتبر سُنَّة فِعْلية، أما المطول أو المجهور به فإنه قولي، الإِسرار بالقراءة في موضعه: سنة فعلية.
قوله: «لا يُشرع السجود لتركه، وإن سجد فلا بأس» كلمة «لا يُشرع» تشمَل الواجب والمستحب، فالواجب يُقال له: مشروع، والمستحبُّ يُقال له: مشروع، لأن كلًّا منهما مطلوب من الإنسان ومشروع أن يفعله.
فقوله: «لا يُشرع السجود لتركه» ، أي: لا يجب ولا يُسَنّ.
مثال ذلك:
رَجُلٌ نسيَ أن يقرأ البسملةَ في الفاتحة، فإذا قلنا بالقول الصحيح أنها ليست من الفاتحة، وإنها سُنَّة فهل يسجد للسهو؟
نقول: لا يُشرع له أن يسجد للسهو، لأن هذا سُنَّة إنْ جاء به فهو أكمل، وإن لم يأتِ به فلا حَرَجَ، وعلى هذا فلا يُشرع السُّجود لتركه.
مثال آخر: رَجُلٌ تَرَكَ رَفْعَ اليدين عند الركوع، هل يُشرع أن يسجد للسهو؟
الجواب: لا يُشرع أن يسجد؛ لأنه سُنَّة، وعلى هذا؛ فكل سُنَّة يتركها المُصلِّي، فإنَّ السُّجودَ لها غير مشروع، لا على سبيل الوجوب، ولا على سبيل الاستحباب.
هذا تقرير كلام المؤلِّف ـ رحمه الله ـ.
وعُلِّلَ ذلك: بأنه تَرْكٌ لا تبطل به الصلاةُ، فلا يجب به السجود، وإذا لم يجب فلا دليل على مشروعيته، فلا يكون السُّجود له مشروعاً، لا على سبيل الوجوب، ولا على سبيل الاستحباب.
وقوله: «وإن سجد فلا بأس» أي: أنه لو سَجَدَ لِتَرْكِ سُنَّة فلا نقول: إن صلاتك تبطل؛ لأنك زدت زيادة غير مشروعة، ونفيُ المشروعية في كلام المؤلِّف ليس نفيًّا مطلقاً، وإلا لكان السجودُ بدعة، وكان مبطلاً للصلاة، كما قال بعض الفقهاءقال: إنه إذا سَجَدَ لِتَرْكِ السُّنَّة فصلاتُه باطلة؛ لأننا إذا قلنا: لا يشرع؛ صار بدعة، وكل بدعة ضلالة، فإذا سَجَدَ فقد أتى بزيادة غير مشروعة فتبطل الصلاةُ، لكن المذهب: أن السجود لا بأس به، إلا أنه غير مشروع.
والقول الثاني ( : أنَّ سجودَ السَّهو مشروع لترك المسنون، سواء كان مِن سُنَنِ الأقوال أم الأفعال؛ لعموم حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا نسيَ أحدُكم فَلْيَسْجدْ سجدتين»، ولأنه إذا طُلب منه السجود انتبه لفعله حتى لا يتكرَّر منه السُّجود في كلِّ صلاة؛ لأن الغالب نسيان تلك السُّنَن؛ خصوصاً مَنْ لم يُواظب عليها.
وهذا الذي ذكره المؤلف ـ مِن كونه لا يُشرع السجود لتركه، وأنه إنْ سجد فلا بأس به ـ يدلُّ على قاعدة مفيدة وهي: أنَّ الشيء قد يكون جائزاً، وليس بمشروع، أي: يكون جائزاً أن تتعبَّد به، وليس بمشروع أن تتعبَّد به، وقد ذكرنا لهذا أمثلة فيما سبق يحضرنا منها:
أولاً: فِعْلُ العبادة عن الغير، كما لو تصدَّقَ إنسان لشخص ميت، فإن هذا جائز؛ لكن ليس بمشروع، أي: أننا لا نأمر الناس بأن يتصدَّقوا عن أمواتهم؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يأمرْ به، ولم يفعله هو بنفسه حتى يكون مشروعاً، فهو لم يقل للأمة: تصدَّقوا عن أمواتكم، أو صوموا عنهم، أو صلُّوا عنهم، أو ما أشبه ذلك، ولم يفعله هو بنفسه، غاية ما هنالك أنه أَمَرَ من مات له ميت وعليه صيام أن يصوم عنه لكن هذا في الواجب، وفَرْقٌ بين الواجب وغير الواجب.
ومنها: الرَّجُل الذي أمَّرَهُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على سريَّة بعثها؛ فكان يقرأ ويختم لهم بـ{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ *} فأقره النبي صلّى الله عليه وسلّم على ذلكولكنه لم يقل للأمة: إذا قرأتم في صلاتكم فاختموا بـ{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ *} ولم يكن هو أيضاً يفعله عليه الصلاة والسلام، فدلَّ هذا على أنه ليس بمشروع، لكنه جائز لا بأس به.
ومنها أيضاً: الوِصال إلى السَّحر للصائم، فإنه جائز، أي: يجوز ألا يفطر إلا في آخر الليل، أقرَّه النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: «فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السَّحر»لكنه ليس بمشروع، أي: لا نقول للناس: الأفضل أن يمسكوا حتى يكون السَّحَر، بل نقول: الأفضل أن يبادروا بالفِطر.
وهذه المسألة التي ذكرها المؤلِّف رحمه الله أنه إذا تَرَكَ سُنَّة قولية أو فِعْلِيَّة في الصلاة؛ لم يُشرع له السُّجود، وإن سجد فلا بأس.
وعندي في ذلك تفصيل، وهو: أن الإِنسان إذا تَرَكَ شيئاً من الأقوال أو الأفعال المستحبَّة نسياناً، وكان من عادته أن يفعله فإنه يُشرع أن يسجد جَبْراً لهذا النقص الذي هو نَقْصُ كمال، لا نقص واجب؛ لعموم قوله في الحديث: «لكلِّ سهو سجدتان»، وفي «صحيح مسلم»: «إذا نسيَ أحدُكم، فَلْيَسْجُدْ سَجدتين» فإن هذا عام، أما إذا تَرَكَ سُنَّة ليس من عادته أن يفعلها، فهذا لا يُسَنُّ له السُّجود، لأنه لم يطرأ على باله أن يفعلها.
مسألة: مِن جملة المسنونات في الصلاة الخشوع، وليس الخشوع الذي هو البكاء، ولكن الخشوع حضور القلب وسكون الأطراف، أي: أن يكون قلبك حاضراً مستحضراً ما يقول وما يفعل في صلاته، ومستحضراً أنه بين يدي الله عزّ وجل، وأنه يناجي رَبَّه، ولا شَكَّ أنه مِن كمال الصلاة، وأن الصلاة بدونه كالجسد بلا روح.
وذهب بعضُ أهل العلم، إلى أن الخشوع في الصلاة واجب، وأنه إذا غَلَبَ الوسواسُ على أكثر الصَّلاةِ فإنَّها لا تصحُّ، وهذه قد تُشْكِلُ في بادئ الأمر ويقال: لو قلنا بهذا القول لأوجبنا على الناس غالباً كلَّما صلُّوا أن يعيدوا صلاتهم، وإذا صَلُّوا المعادة وحصل وسواس أعادوا وهلم جَرَّا! لكن عندي أن هذا ليس بوارد؛ لأن الإِنسان إذا أُمِرَ أن يعيد صلاةً مرَّة واحدة فإنه في المستقبل سوف يخشع ولا يفكِّرُ في شيء، فالقول بأنه من الواجبات، وأنه إذا غَلَبَ الوسواسُ على أكثر الصلاة بطلت الصلاة؛ لا شَكَّ أنه قولٌ وجيه، لأن الخشوع لُبُّ الصلاة وروحها، إلا أنه يعكِّرُ على وجاهته ما أخبر به النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بأن الشيطان إذا سمع الأذان أدبر وله ضُرَاطٌ ـ من شِدَّة وَقْعِ الأذان عليه ـ ثم إذا فَرَغَ الأذان حضر، وإذا حضر دَخَلَ على الإِنسان في صلاته، يقول له: اذكر كذا، اذكر كذا، لِمَا لم يكن يذكر، حتى لا يدري كم صَلَّى.فهذا الحديث نصٌّ بأن الوسواس وإنْ كَثُرَ لا يبطل الصلاة، وكذلك عموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّ الله تجاوز عن أمتي ما حدَّثت به أنفسها؛ ما لم تعمل أو تتكلَّم»فإنه يشمَل مَنْ كَثُرَ وسواسه في صلاته.
وعلى كُلِّ حال؛ ينبغي للإِنسان أن يحاول بقَدْرِ ما يستطيع حضور قلبه في الصلاة، ولا شَكَّ أن الشيطان سوف يهاجمه مهاجمة كبيرة، لأنه أقسم بعزَّةِ الله أن يغوي جميع الناس إلا عباد الله المخلصين، لكن كلما هاجمك استعذْ بالله من الشيطان الرجيم، كما أَمَرَ بذلك النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم ولا تزال تعوِّد نفسك على حضور القلب في الصلاة حتى يكون عادة لك.


  #6  
قديم 21 محرم 1434هـ/4-12-2012م, 08:34 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد / الشيخ عبد العزيز الداخل

السؤال الأول : في تكبيرات الانتقال: إذا نسيت أن أكبر في احدى الانتقالات، أو شككت، هل يكفيني أن أكبر بعد استقراري من الانتقال؟ أم يجب علي أن أسجد للسهو؟‎ ‎أم أن المسألة قد تكون فرضية؛ لأن الشك بعد الانتقال لا يضر؟
الجواب :
جمهور أهل العلم على أن من ترك تكبيرة من تكبيرات الصلاة سوى تكبيرة الإحرام فقد ترك سنَّة من سنن الصلاة، وصلاته صحيحة، ويكره له تعمّد مخالفة السنة، وإن تركها سهواً فلا شيء عليه، وهو المعتمد عند الأحناف والمالكية والشافعية، وأما الحنابلة فذهبوا إلى أن من تركها عمداً بطلت صلاته ومن تركها سهواً فيسجد للسهو وصلاته صحيحة .
والتكبير إذا فات موضعه بالشروع في الركن الذي يليه لم يصلح أن يأتي به؛ وللتكبير ثلاثة مواضع عند إرادة الانتقال، وفي حال الانتقال، وعند تمام الانتقال، وكلها جائزة لكن إذا شرع بعد تمام الانتقال في الركن المنتقل إليه أو تأخر في النطق في التكبير فات موضع التكبير.
وأما الشك فإذا كان المرء كثير الشك فهو موسوس يجب عليه أن لا يلتفت إلى الشك وليمض في صلاته لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الموسوس أن ينتهي عن الوسوسة فقال: ((فليستعذ بالله ولينته)) والأمر هنا للوجوب، وامتثال هذا الهدي النبوي يقضي على الوسوسة.
وأما غير الموسوس فإن كان موضع الشك بعيداً لم يلتفت إليه، وإن كان قريباً وغلب على ظنه أنه لم يكبّر ؛ فيكون في حكم الساهي عنه، والساهي عن التكبيرات سوى تكبيرة الإحرام لا شيء عليه عند جمهور أهل العلم، وهو الراجح إن شاء الله، وعند الحنابلة يجبر سهوه بالسجود.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الصلاة, واجبات

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:38 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir