دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 ربيع الأول 1439هـ/29-11-2017م, 09:42 PM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس الرابع: مجلس مذاكرة القسم التاسع من تفسير سورة البقرة من الآية 111 إلى الآية 126

مجلس مذاكرة القسم التاسع من تفسير سورة البقرة
الآيات (111 - 126)

السؤال الأول: (عامّ لجميع الطلاب).

استخرج خمس فوائد سلوكية واستدلّ لها من قوله تعالى: {
إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ}.


السؤال الثاني: أجب على إحدى المجموعات التالية:
المجموعة الأولى:
1: فسّر
قول الله تعالى:

{الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}.
2: حرّر القول في:

أ: متعلّق التطهير في قوله تعالى: {وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهّرا بيتي} الآية.
ب: معنى قوله تعالى: {كل له قانتون}.
3: بيّن ما يلي:
أ: معنى قوله تعالى: {أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين}.
ب: القائل: {لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى}، مع الاستدلال لكلامك.


المجموعة الثانية:
1: فسّر قول الله تعالى:

{
بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
2: حرّر القول في:

أ: المراد بمن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها.
ب: معنى {مثابة} في قوله تعالى: {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا}.
3: بيّن ما يلي:
أ: المراد بالكتاب في قوله تعالى: {وهم يتلون الكتاب}.
ب: معنى تفضيل بني إسرائيل على العالمين.


المجموعة الثالثة:
1: فسّر قول الله تعالى:

{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120)
} البقرة.
2:
حرّر القول في:
أ: المراد بالكلمات التي ابتلى الله بها إبرهيم.
ب: معنى الظلم في قوله تعالى: {لا ينال عهدي الظالمين}.
3: بيّن ما يلي:
أ: المراد بمقام إبراهيم، والحكمة من اتّخاذه مصلّى.
ب: معنى قوله تعالى: {إذا قضى أمرا فإنما يقول له فكن فيكون}.


المجموعة الرابعة:
1: فسّر قول الله تعالى:
{وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آَيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118)} البقرة.
2:
حرّر القول في:
أ: سبب نزول قوله تعالى: {ولله المشرق والمغرب فأينما تولّوا فثمّ وجه الله}.
ب: القراءات في قوله تعالى: {إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسأل عن أصحاب الجحيم}، ومعنى الآية على كل قراءة.
3: بيّن ما يلي:
أ: مناسبة ختام الآية لأولها في قوله تعالى: {ولله المشرق والمغرب فأينما تولّوا فثمّ وجه الله إن الله واسع عليم}.
ب: المقصد من قوله تعالى: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم} الآية، وفائدة تكرارها.



تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 ربيع الأول 1439هـ/1-12-2017م, 02:41 PM
رضوى محمود رضوى محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 237
افتراضي

استخرج خمس فوائد سلوكية واستدلّ لها من قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ}

1- اتباع سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم فهو المرسل بالحق من ربه.
الدليل قوله تعالى :(إنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ).
2- شكر الله على نعمة إرسال محمد صلى الله عليه وسلم بالحق والهدى ليخرج الناس من الظلمات إلى النور.
مستفاد من قوله تعالى:(إنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ).
3- قبول البشرى فيما وعد الله عباده المؤمنين من نصر على أعدائهم وفتح في الدنيا،ونعيم في الآخرة.
مستفاد من قوله تعالى: (إنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا).
4- التنويع في الدعوة إلى الله بين أسلوب الترغيب والترهيب والموازنة بينهما.
مستفاد من قوله تعالى: (إنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا).
5- على المسلم أن يدعو إلى الله وأن يخلص في دعوته دون الالتفات إلى النتائج فالأمر كله لله يهدي من يشاء ويضل من يشاء.
مستفاد من قوله تعالى: (وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ).
السؤال الثاني: أجب على إحدى المجموعات التالية:
المجموعة الأولى:
1: فسّر قول الله تعالى:
{الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}
(الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ) قيل المراد بهم من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب ،ويكون الكتاب الذي يتلونه هو التوراة ،وفي قول آخر أن المراد بهم الصحابة ومن آمن من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ويكون الكتاب الذي يتلونه هو القرآن ،وقيل هي عامة في الاثنين ويكون الكتاب اسم جنس.
(يتلونه) أي يقرؤونه ويتبعون أمره ونهيه.
( حق تلاوته ) يتبعونه حق اتباعه، فمن كان من أهل الكتاب متبعا لما في كتابه حق الاتباع، فسوف يؤمن ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم كما هي مذكورة في كتبهم كما قال تعالى: (قل يا أهل الكتاب لستم على شيءٍ حتّى تقيموا التّوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربّكم).
وإن كان المراد المؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فإن حق تلاوته أن يتبعون ما في القرآن حق الاتباع، فيحلون حلاله ويحرمون حرامه، ويقرؤونه كما أنزل ، وإذا مروا بآية رحمة سألوا الله من فضله، وإذا مروا بآية عذاب استعاذوا منها ،ولا يتأولون منه شئ غير تأويله ،ويعملون بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه ويكلون ما أشكل عليهم إلى عالمه.
(أولئك يؤمنون به) أي يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن والهدى الذى بعث به.
(وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) ومن يكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن والهدى الذي جاء به من عند الله فأولئك هم الخاسرون.
2: حرّر القول في:
أ: متعلّق التطهير في قوله تعالى: {وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهّرا بيتي} الآية
فيها أقوال:
القول الأول:تطهيره من الأذى والنجس فلا يصيبه من ذلك شئ ،ذكره ابن كثير عن الحسن البصري.
وذكر ابن عطيه قولا بأن المراد تطهيره من الفرث والدم وضعفه.
القول الثاني:من الرفث وقول الزور والرجس ،ذكره ابن كثير عن مجاهد وسعيد بن جبير.
القول الثالث:من الأوثان والأصنام ،ذكره الزجاج وذكره ابن عطية عن مجاهد وذكره ابن كثير عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير.
القول الرابع: تطهيره من الشرك بلا إله إلا الله ،ذكره ابن عطية وذكره ابن كثير عن عبيد بن عمير وأبي العالية وسعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وقتادة.
القول الخامس: أي أسساه على طهارة ونية طهارة وأخلصا في بنائه لله وحده ،ذكره ابن عطية وابن كثير.
ورجح ابن جرير أن التطهير المراد في الآية هو التطهير من الأصنام وعبادة الأوثان فيه ومن الشّرك ، قال ابن جرير: (فمعنى الآية: وأمرنا إبراهيم وإسماعيل بتطهير بيتي للطّائفين. والتّطهير الذي أمرهما به في البيت هو تطهيره من الأصنام وعبادة الأوثان فيه ومن الشّرك. ثمّ أورد سؤالًا فقال: فإن قيل: فهل كان قبل بناء إبراهيم عند البيت شيءٌ من ذلك الذي أمر بتطهيره منه؟ وأجاب بوجهين: أحدهما: أنّه أمرهما بتطهيره ممّا كان يعبد عنده زمان قوم نوحٍ من الأصنام والأوثان ليكون ذلك سنّة لمن بعدهما إذ كان اللّه تعالى قد جعل إبراهيم إمامًا يقتدى به كما قال عبد الرّحمن بن زيدٍ: {أن طهّرا بيتي} قال: من الأصنام التي يعبدون، التي كان المشركون يعظّمونها ، الجواب الثّاني: أنّه أمرهما أن يخلصا في بنائه للّه وحده لا شريك له، فيبنياه مطهّرًا من الشّرك والرّيب، كما قال جلّ ثناؤه: {أفمن أسّس بنيانه على تقوى من اللّه ورضوانٍ خيرٌ أم من أسّس بنيانه على شفا جرفٍ هارٍ}[التّوبة: 109] قال: فكذلك قوله: {وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهّرا بيتي} أي: ابنيا بيتي على طهرٍ من الشّرك بي والرّيب، كما قال السّدّيّ: {أن طهّرا بيتي} ابنيا بيتي للطّائفين) .
وقال ابن كثير أن الجواب الأول مفرّع على أنّه كان يعبد عنده أصنامٌ قبل إبراهيم عليه السّلام، ويحتاج إثبات هذا إلى دليلٍ عن المعصوم محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم.
ب: معنى قوله تعالى: {كل له قانتون}
القانت في اللغة : المطيع ،وأيضا القائم ،ذكره الزجاج وابن عطية.
والمعنى المراد في الآية فيه أقوال:
القول الأول: مطيعون ،مستكينون، فكل المخلوقات كلها تقنت لله أي تخضع وتطيع، والكفار والجمادات قنوتهم في ظهور الصنعة عليهم وفيهم، وقيل: الكافر يسجد ظله وهو كاره ،حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية وما ذكره ابن كثير عن مجاهد.
القول الثاني: مصلون ،ذكره ابن كثير عن ابن عباس.
القول الثالث :مقرون له بالعبودية ،ذكره ابن كثير عن عكرمة وأبو مالك.
القول الرابع:الإخلاص ،ذكره ابن كثير عن سعيد بن جبير.
القول الخامس: أن المراد قائمين مطيعين يوم القيامة ،ذكره ابن كثير عن الربيع بن أنس والسدي.
ورجح ابن جرير قول مجاهد وهو قول يجمع الأقوال كلها ، أن المراد الطّاعة والاستكانة إلى اللّه، وذلك شرعيٌّ وقدري، كما قال تعالى: {وللّه يسجد من في السّماوات والأرض طوعًا وكرهًا وظلالهم بالغدوّ والآصال}.

3: بيّن ما يلي:
أ: معنى قوله تعالى: {أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين}
قيل أن في ذلك بشرى للمسلمين أن الله سيظهر دينه حتى لا يمكن دخول مخالف إلى مساجدهم إلا خائفاً، كقوله عزّ وجلّ: {ليظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون}.
وقيل أنه خبر بمعنى الطلب أي لا تمكّنوا هؤلاء من دخولها إلا تحت الهدنة والجزية، ولهذا لما فتح رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مكّة أمر في سنة تسع أن ينادى: "ألّا لا يحجّن بعد العام مشركٌ، ولا يطوفنّ بالبيت عريان، ومن كان له أجلٌ فأجله إلى مدّته"، وهذا كان عملًا بقوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إنّما المشركون نجسٌ فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا}.
وقيل أن المعنى ألا يدخلوها إلا على حال التهيب وارتعاد الفرائص من المؤمنين أن يبطشوا بهم.
ب: القائل: {لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى}، مع الاستدلال لكلامك
قال اليهود لن يدخل الجنة إلا من كان هودا، وقال النصارى لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى،ودل على تفرق قوليهم تفرق نوعيهم،وهذا ما يسمى بالايجاز واللف ،ودل أيضا على اختلاف قوليهم قول الله تعالى بعدها : (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) فدل على اختلافهم.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14 ربيع الأول 1439هـ/2-12-2017م, 01:01 AM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

السؤال الأول: (عامّ لجميع الطلاب).
استخرج خمس فوائد سلوكية واستدلّ لها من قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ}.

1- وجوب اعتقاد أن النبي صلى الله عليه و سلم مرسل من عند ربه سبحانه وتعالى ..كما قال تعالى "{: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ .}
2-وجوب اعتقاد أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم حق في ذاتها ، وقد أيدت بآية هي حق . لقوله تعالى : {.: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ..}
1- من أساليب الدعوة إلى الله أسلوب البشارة والنذارة .. فعلى الدعاة إلى الله أن يستعملوه في دعوتهم إلى الله. كما قال. { بَشِيرًا وَنَذِيرًا}.... وعلى أن الداعي إلى الله أن يقدم البشارة على النذارة ..لتقدم البشارة على النذارة في الآية
4-النبي صلى الله عليه وسلم ليس له سلطة على العباد.. فلم يبعث ملزماً ولا جبارا ، وإنما بعث معلماً وهادياً . فهو ليس مسئول عن إيمان من استحق النار كما قال: { ولا تسأل عن أصحاب الجحيم}..فكذلك الدعاة إلى الله عليهم أن يعلموا أنهم ليس لهم السلطة على عباد الله بل مهمتهم تكمل في بيان الحق وبيانه والإرشاد إليه...أما الهداية إليه والتوفيق للعمل به فهو بيد الله عزوجل
5-التعوذ من عذاب النار و التحرز منها ولو بشق تمرة..كمال قال{ ولا تَسأل عن أصحاب الجحيم } فهذا يدل على شدة عذاب أصحاب الجحيم والعياذ بالله .

المجموعة الثانية:
1: فسّرقول الله تعالى:
{
بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
2: حرّر القول في:
قوله تعالى : { بلى } : حرف جواب تفيد إبطال النفي؛لما قالوا : { لن يدخل الجنة . . . } إلخ.
قال الله تعالى : { بلى } أي يدخل الجنة من ليس هوداً ، أو نصارى.
ثم بينه بقوله تعالى : { من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره }
{ من } شرطية ؛ وهي مبتدأ ؛ وجواب الشرط قوله تعالى : { فله أجره }
و {أسلم }معناه استسلم وخضع ودان.
{وجهه} : أي القصد ، والنية ، والإرادة .
وقيل المراد به العمل
وقيل المراد به الدين وهو قول سعيد بن جبير
ومعنى"أسلم وجهه لله "أي أخلص القصد والنية والعمل لله عزوجل.كما قال تعالى: {فإن حاجّوك فقل أسلمت وجهي للّه ومن اتّبعن} الآية [آل عمران: 20].
وقيل المراد بالوجه الوجه المعروف ذكره ابن عطية
وقال :وخص الوجه بالذكر لكونه أشرف ما يرى من الإنسان وموضع الحواس وفيه يظهر العز والذل، ولذلك يقال وجه الأمر أي معظمه وأشرفه.
{وهو محسنٌ} جملة في موضع الحال من فاعل "أسلم " أي أسلم والحال أنه محسن أي متّبعٌ فيه الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم.
فالآية تدل على أن العمل لا يقبل إلا إذا توفر فيه شرطان
أحدهما: أن يكون خالصًا للّه وحده
والآخر: أن يكون صوابًا موافقًا للشّريعة.
كما قال تعالى : {فمن كان يرجو لقاء ربّه فليعمل عملا صالحًا ولا يشرك بعبادة ربّه أحدًا} [الكهف: 110]
فمتى كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يتقبّل؛ ولهذا قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ". رواه مسلمٌ
فمتى انتفي أحد الشرطين لا يكون العمل مقبولا..
فمن كان عمله غير خالصا لله عزوجل فهذا فقد وقع في كبيرة الشرك فعمله مردود غير مقبول و إن كان العمل موافقًا للشّريعة في الصّورة الظّاهرة كما قال تعالى : { ألا لله الدين الخالص"}
وكما قال : {إنّ المنافقين يخادعون اللّه وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصّلاة قاموا كسالى يراءون النّاس ولا يذكرون اللّه إلا قليلا} [النّساء: 142]، وقال تعالى: {فويلٌ للمصلّين* الّذين هم عن صلاتهم ساهون* الّذين هم يراءون* ويمنعون الماعون} [الماعون: 4 -7]،
ومن كان عمله لله عزوجل لكن لم يكن على شريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم فهذا أيضا مردود على صاحبه غير مقبول منه ؛ حتى ، يكون في عمله متابعًا للرّسول محمد صلّى اللّه عليه وسلّم المبعوث إليهم وإلى النّاس كافّةً، كما قال تعالى :": {وقدمنا إلى ما عملوا من عملٍ فجعلناه هباءً منثورًا} [الفرقان: 23]، وقال تعالى: {والّذين كفروا أعمالهم كسرابٍ بقيعةٍ يحسبه الظّمآن ماءً حتّى إذا جاءه لم يجده شيئًا} [النّور: 39].

فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ : ضمن لهم تعالى على ذلك تحصيل الأجور.
وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ
لا خوف مما هو يتوقع، و لا حزن لما قد وقع.
و قال سعيد بن جبيرٍ: فـ {لا خوفٌ عليهم} يعني: في الآخرة {ولا هم يحزنون} يعني: لا يحزنون للموت
قال الزجاج فهذا يدخل الجنة.

أ: المراد بمن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها.
فيه أقوال على اختلاف المراد بالمساجد
الأول..المراد بالمساجد بيت المقدس
وفي الذين منعوه أقوال..
1- النصارى ..الذين كانوا يمنعون النّاس أن يصلّوا فيه يؤذونهم
ويطرحون فيه الأقذار.و الأذى،.وهو قول ابن عباس ومجاهد..ذكره ابن عطية و ابن كثير.
{ومعنى سعي فر خرابها.}.. . أنه مر زمان بعد ذلك لا يدخل نصراني بيت المقدس إلا أوجع ضربا، ذكره ابن عطية ونسبه إلى قاله قتادة والسدي...
2- هو بختنصر وجنده ومن أعانهم من النصارى . ذكره ابن عطية وابن كثير.
- عن قتادة في قوله: {وسعى في خرابها} هو بختنصّر وأصحابه، خرّب بيت المقدس، وأعانه على ذلك النّصارى.رواه عبد الرزاق.
- وقال سعيدٌ، عن قتادة: قال: أولئك أعداء اللّه النّصارى، حملهم بغض اليهود على أن أعانوا بختنصّر البابليّ المجوسيّ على تخريب بيت المقدس.
- وقال قتادة والسدي: المراد الروم الذين أعانوا بختنصر على تخريب بيت المقدس حين قتلت بنو إسرائيل يحيى بن زكرياء عليه السلام.
-وقال السّدّيّ: كانوا ظاهروا بختنصّر على خراب بيت المقدس حتّى خرّبه، وأمر به أن تطرح فيه الجيف، وإنّما أعانه الرّوم على خرابه من أجل أنّ بني إسرائيل قتلوا يحيى بن زكريّا. وروي نحوه عن الحسن البصريّ.
1- الروم...لأنهم كانوا دخلوا بيت المقدس وخربوه..ذكره الزجاج
ذلك أن الروم ظهروا على اليهود ، فقتلوهم وسبوهم وخربوا بيت المقدس ، وألقوا فيه الجيف ، وذبحوا فيه الخنازير
الثاني المراد بالمسجد ..هو المسجد الحرام.
و الذين منعوه هم كفار قريش لأنهم صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسجد الحرام..وهو قول ابن زيد وابن عباس ذكره المفسرون الثلاثة
ومعنى..{ منع أن يذكر اسم الله فيها }
-منع المسلمين من الصلاة ، وذكر الله فيها . و منع المشركين المسلمين من الحج والعمرة " .
فإن عمارة المسجد بالصلاة ، وذكر الله فيها وخرابها في ترك ذلك
وقال ابن كثير ومعنى {وسعى في خرابها} قطعوا من يعمرها بذكره ويأتيها للحجّ والعمرة.

عن ابن زيدٍ في قوله: {ومن أظلم ممّن منع مساجد اللّه أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها} قال: هؤلاء المشركون الّذين حالوا بين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوم الحديبية، وبين أن يدخلوا مكّة حتّى نحر هديه بذي طوى وهادنهم، وقال لهم: ما كان أحدٌ يصد عن هذا البيت، وقد كان الرّجل يلقى قاتل أبيه وأخيه فلا يصدّه. فقالوا: لا يدخل علينا من قتل آباءنا يوم بدرٍ وفينا باقٍ. رواه ابن جرير
.
وقال ابن أبي حاتمٍ: ذكر عن سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: أنّ قريشًا منعوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الصّلاة عند الكعبة في المسجد الحرام، فأنزل اللّه: {ومن أظلم ممّن منع مساجد اللّه أن يذكر فيها اسمه}رواه ابن أبي حاتم
الثالث... حمل المساجد على العموم.. فاللفظ عام وورد بصيغة الجمع ...فالمراد به كل مسجد..
والمعنى أن الآية تتناول كل من منع أي مسجد من الصلاة فيه وذكر الله و سعى في هدمه وخرابها وتعطيل الذكر فيه...أشار إلى هذا القول ابن عطية.

الرابع:.. حمل المسجد على المعنى اللغوي أنَّ كُلَّ موضع من الأرض , أقيمت فيه عبادة من صلاة أو غيرها مسجد.؛ كما جاء في الحديث المرفوع. : ((جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا)).... فكانت الأرض كلها مسجد؛. والمراد بالذين منعوا هم الكفار الذين تظاهروا على الإسلام
ذكره الزجاج ونسبه إلى بعض اللغويين و ابن عطية.
والمعنى على هذا القول: ومن أظلم ممن خالف ملة الإسلام.
الراجح
كان ترجيح ابن عطية حمل الآية على العموم. فقال :..
وهذه الآية تتناول كل من منع من مسجد إلى يوم القيامة أو خرب مدينة إسلام، لأنها مساجد، وإن لم تكن موقوفة، إذ الأرض كلها مسجد لهذه الأمة .
ورجح الطبري القول الأول ، وقال : إن النصارى هم الذين سعوا في خراب بيت المقدس بدليل أن مشركي العرب لم يسعوا في خراب المسجد الحرام وإن كانوا قد منعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الأوقات من الصلاة فيه....
وأيضا الآية التي قبل هذه والتي بعدها في ذم أهل الكتاب ، ولم يجر لمشركي مكة ذكر ، ولا للمسجد الحرام ، فتعين أن يكون المراد بهذه بيت المقدس
.
وأما ابن كثير فقد رجح أن المراد بالآية مشركي العرب .. بدليل أن النصارى يعظمون بيت المقدس أكثر من اليهود ، فكيف يسعون في خرابه وهو موضع حجهم .
وأيضا بدليل مناسبة الآيات ذلك أن الله لمّا وجّه الذّمّ في حقّ اليهود والنّصارى، شرع في ذمّ المشركين الّذين أخرجوا الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه من مكّة، ومنعوهم من الصّلاة في المسجد الحرام.
وتعقب ابن كثير ابن جرير في قوله أن قريشا لم تسع في خراب الكعبة بقوله:
. فأيّ خرابٍ أعظم ممّا فعلوا؟ أخرجوا عنها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه، واستحوذوا عليها بأصنامهم وأندادهم وشركهم، كما قال تعالى: {وما لهم ألا يعذّبهم اللّه وهم يصدّون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتّقون ولكنّ أكثرهم لا يعلمون} .وقال تعالى: {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد اللّه شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النّار هم خالدون* إنّما يعمر مساجد اللّه من آمن باللّه واليوم الآخر وأقام الصّلاة وآتى الزّكاة ولم يخش إلا اللّه فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين} . وقال تعالى: {هم الّذين كفروا وصدّوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفًا أن يبلغ محلّه ولولا رجالٌ مؤمنون ونساءٌ مؤمناتٌ لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرّةٌ بغير علمٍ ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيّلوا لعذّبنا الّذين كفروا منهم عذابًا أليمًا}
فقال تعالى: {إنّما يعمر مساجد اللّه من آمن باللّه واليوم الآخر وأقام الصّلاة وآتى الزّكاة ولم يخش إلا اللّه} [التّوبة: 18]، فإذا كان من هو كذلك مطرودًا منها مصدودًا عنها، فأيّ خرابٍ لها أعظم من ذلك؟ وليس المراد من عمارتها زخرفتها وإقامة صورتها فقط، إنّما عمارتها بذكر اللّه فيها وإقامة شرعه فيها، ورفعها عن الدنس والشرك.
يبقى الإشارة إلى القول بأن النصارى أعانوا بختنصر في خراب بيت المقدس ، فيه نظر ذلك أن عهد بختنصر كان قبل مولد المسيح بدهر طويل ، والنصارى كانوا بعد المسيح فكيف يكونون مع بختنصر في تخريب بيت المقدس .
ب: معنى {مثابة} في قوله تعالى: {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا}.
مثابة : أصله من ثاب يثوب مثابة وثوبا إذا رجع..
ومنه قيل:"ثاب إليه عقله"، إذا رجع إليه بعد عزوبه عنه.
و في سبب إلحاق الهاء به قولان
- للمبالغة لما كثر من يثوب إليه . كما قيل علامة ونسابة وسيارة وهو قول الأخفش
- وقيل مثاب و مثابة بمعنى . كالمقامة والمقام بمعنى واحد . قال الفراء والزجاج.. وأُنِّثَ " مثاب لأنه أريد به البقعة التي يثاب إليها ، أي : يرجع إليها ، كما قالوا : المقامة على تأنيث البقعة ، والمقام على تذكير المكان.

وأصل مثابة مثوبة مفعلة.. فانقلت حركة الواو إلى الياء ثم قلبت على ما قبلها.
ول"مثابة" في الآية معنيان
الأول مثابة. اسم مكان ثاب.
- المثابة: الموضع يثوب الناس إليه . يطلق على : المرجع ؛ الملجأ ؛مجتمع الناس.
والمعنى :
-أن الناس يثبون إليه ويرجعون إليه و يعودون إليه مرة بعد مرة .
عن ابن عبّاسٍ: قوله تعالى: {وإذ جعلنا البيت مثابةً للنّاس}يقول: لا يقضون منه وطرًا، يأتونه، ثمّ يرجعون إلى أهليهم، ثمّ يعودون إليه.
وعن عبدة بن أبي لبابة، في قوله تعالى: {وإذ جعلنا البيت مثابةً للنّاس}قال: لا ينصرف عنه منصرفٌ وهو يرى أنّه قد قضى منه وطرًا.
وعن ابن زيدٍ: {وإذ جعلنا البيت مثابةً للنّاس} قال: يثوبون إليه من البلدان كلّها ويأتونه.
وعن سعيد بن جبيرٍ وعكرمة، وقتادة، وعطاءٌ الخراسانيّ{مثابةً للنّاس}أي: مجمعًا.
- و من المعاني أيضا لا يقضون منه وطرا فلا ينصرف عنه أحد إلا وهو يحبّ العَوْدَ إليه ..كما قال تعالى قوله تعالى : { فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم } [ إبراهيم : 37 ]
الثاني : مثابة من الثواب أي الْأَجْرِ وَالْجَزَاءِ؛ أي يثابون هناك.
وكلا المعنيين صحيح ..

3: بيّن ما يلي:
أ: المراد بالكتاب في قوله تعالى: {وهم يتلون الكتاب}.
المراد بالكتاب قولان على اختلاف في معنى "ال"
"ال" للجنس
الكتاب الذي يتلونه: التوراة والإنجيل ....ذكره ابن عطية وابن كثير
وسبب الآية أن نصارى نجران اجتمعوا مع يهود المدينة عند النبي صلى الله عليه وسلم فتسابوا، وكفر اليهود بعيسى وبملته وبالإنجيل، وكفر النصارى بموسى وبالتوراة.
وفي هذا من فعلهم كفر كل طائفة بكتابها، لأن الإنجيل يتضمن صدق موسى وتقرير التوراة، والتوراة تتضمن التبشير بعيسى وصحة نبوته، وكلاهما تضمن صدق محمد صلى الله عليه وسلم،فعنفهم الله تعالى على كذبهم، وفي كتبهم خلاف ما قالوا.
و يستفاد منه أن من حمل التوراة أو الإنجيل أو غيرهما من كتب الله وآمن به أن لا يكفر بالباقي لأن كل واحد من الكتابين مصدق للثاني شاهد لصحته ، فإن التوراة مصدقة بعيسى عليه السلام ، والإنجيل مصدق بموسى عليه السلام
"ال" للعهد
الكتاب الذي يتلونه: التوراة..ذكره الزجاج
يعني : أن الفريقين يتلوان التوراة، لأن النصارى تمتثلها وقد وقع بينهم هذا الاختلاف, وكتابهم واحد، فدل بهذا على ضلالتهم .
ب: معنى تفضيل بني إسرائيل على العالمين
معناه متعلق بمعنى العالمين
الأول : حمل العالمين على العموم المطلق
ويكن المراد بالتفضيل تفضيل بني إسرائيل بكثرة الأنبياء ؛ لأن أمة محمد صلى الله عليه وسلم أفضل منهم .
الثاني: حمل العالمين على الخصوص أي عالم زمانه
فعليه يحمل التفضيل على الإطلاق فضلوا على عالمي زمانهم من كل شيء.. بما أوتوا من الملك ؛ والتوراة وإنزال المن والسلوى عليهم ؛ وإنقاذهم من أيدي عدوهم ، وتمكينه لهم في البلاد بعد أن كانوا أذلاء مقهورين.
كما قال الله عزّ وجلّ: {وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة اللّه عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين}
.
********

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14 ربيع الأول 1439هـ/2-12-2017م, 11:21 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم التاسع من تفسير سورة البقرة
الآيات (111 - 126)

السؤال الأول: (عامّ لجميع الطلاب).
استخرج خمس فوائد سلوكية واستدلّ لها من قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ}.
1- يصدق المؤمن أن محمد صلى الله عليه وسلم هو رسول الله حقا ، وأن الله هو من أرسله خاتما للنبيين ومبلغا للعالمين ... دل على ذلك ( إنا أرسلناك بالحق )

2- يؤمن المؤمن أن ما جاء به رسول الله هوالحق الذي يرضي الله وأن ما سواه باطل ... وأن القرآن هو كلام الله الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه دل عليه قوله تعالى( بالحق ) في ( إنا أرسلناك بالحق )

3- يعلم المؤمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسله الله للناس بشيرا ونذيرا كسائر الرسل أرسلوا مبشرين ومنذرين ... مبشرين لأهل الطاعة والإيمان بالجنة ومنذرين لأهل الكفر بالنار والعقاب ... ... دل على ذلك قوله تعالى ( بشيرا ونذيرا )

4- يعلم المؤمن أن دور الرسول هو البلاغ والنذارة ... وأن من اهتدى فهدايته لنفسه ومن ضل فضلاله عليها ولا يحاسب الرسول بعد بلاغه على من كفر لم كفر ولا يُسألُ عمن في النار ، فهو قد بلغ وأدى الأمانة ...دل عليه قوله تعالى ( ولا تسأل عن أصحاب الجحيم ) - على قراءة الإخبار برفع ( تسأل ) -.

5- يعلم المؤمن أن مصير من كفر بالله عقاب أليم وعذاب الجحيم فيحذر من المخالفة ويحذر من الكفر بالله فما أعد الله لهم من العقاب شديد ، دل على ذلك ( ولا تسأل عن أصحاب الجحيم ) على قراءة النهي والجزم أي لا تسأل عن حالهم فهم في عذاب شديد وغضب من الله ...

المجموعة الثانية:

1: فسّر قول الله تعالى:
{بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.

يخبر الله تعالى من هم أصحاب الجنة ، ويرد في ذلك على اليهود والنصارى في قولهم ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ) فنفى ذلك وطالبهم بالبرهان ، ثم بين لهم من أصحاب الجنة حقا ...
🔹بلى : حرف جواب بالإيجاب في جواب النفي ...
أي لا ليس القول كما ادعيتم وتمنيتم ؛ من يستحق دخول الجنة ليس من كان هودا أو نصارى ، وإنما من أخلص دينه لله واتبع رسوله صلى الله عليه وسلم بما جاء به من شريعة ومنهاج ...

🔹من أسلم وجهه لله :
- من : اسم موصول ( الذي )
أي أن من يدخل الجنة هو الذي أسلم وجهه لله وهو محسن ...
- أسلم أي استسلم له وخضع
- وخص الوجه لأنه أشرف ما في الإنسان ، ومكان قواه العاقلة المدركة ... ومكان العزة والذلة ...
وقيل الوجه ليدل على الوجهة والقصد ... أسلم وجهته وطريقه ...
- ومعنى أسلم وجهه لله : أي أخلص لله الدين ... وجعله وجهته وقصده في كل حياته وأموره ...

🔹وهو محسن :
مبتدأ وخبر ... جملة في محل الحال ...
أي حال هذا المخلص لله الذي يستحق الثواب أن يكون محسنا في عمله لله ... والإحسان يقتضي اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ... فيعبد الله كما علمنا رسول الله ... وكما بلغنا عن ربه ...

- وهذان شرطا قبول الأعمال عند الله تعالى : أن يكون العمل خالصا لله صوابا ...
قال تعالى ( فمن كان يرجو لقاء ربّه فليعمل عملا صالحًا ولا يشرك بعبادة ربّه أحدًا )
فأما إخلاصه فأن لا يقصد به إلا الله تعالى لا يشرك بالنية غيره ... فالله عز وجل لا يرضى الشركاء ولا يقبل من الأعمال ما أشرك فيه غيره ...
وأما صوابه أن يكون فيه متبعا لا مبتدعا ... يحسن الاتباع فيه لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فيكون عمله على السنة

- فمن كان عمله خالصا لله لكنه ليس صائبا وليس على السنة لا يقبل منه ... فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي ترويه عائشة : " من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ". رواه مسلمٌ
فمهما كان المرء مخلصا لا يتقبل منه عمله إن لم يكن كما ارتضى الله لعباده ... فالنصراني أو اليهودي من أخلص لله عبادته لا تقبل منه بعد بعثة رسول الله ما لم يتبعه ... إذ شرط القبول الإيمان الصحيح الذي يستلزم العمل على منهج سنة النبي صلى الله عليه وسلم ...
وكذلك أصحاب البدع والأهواء وإن ادعوا أنهم مخلصون لله في عبادتهم لكنها لا تقبل ما لم تكن على السنة ...
ومثل هؤلاء يقدم يوم القيامة بجبال من الأعمال لكنها خلاف ما يرضى الله لعباده فيجعلها الله هباء منثورا ( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا )

وإن كان العمل صائبا صحيحا لكنه لم يعمل لوجه الله لا يقبل ... كحال المنافقين الذين كانوا يعبدون ويصلون ويصومون رياء ليرى الناس ذلك ... فهذا عمل لم يقصد به وجه الله فلا يقبله الله ... فالله أجل وأعز من أن يشرك به ويقصد غيره في العمل ... وتوعد الله فاعل ذلك فقال ( فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ، الذين هم يراءون )

فمن حقق الشرطان وكان في عمله مخلصا لله موافقا لرسوله ...
🔹 فله أجره عند ربه ...
فهذا من وعده الله بالأجر والثواب ...
- وقدم الجار والمجرور ( له ) تكريما لهذا المحسن المخلص ، واختصاصا ... فثوابه مختص به وأجره له ...

- و( عند ربه ) زيادة تكريم وتشريف وتعظيم ... أن هذا الأجر الذي اختص به هو من عند الله تعالى ... وما كان من عنده سبحانه فهو عظيم جزيل ...

🔹ولا خوف عليهم :
نفى عنهم الخوف مما هم مقبلون عليه ... فهم في راحة وطمأنينة أن الله سيؤمنهم خوف الآخرة كما قال تعالى ( لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة )

🔹ولا هم يحزنون :
ولا يصيبهم الحزن على ما فاتهم من أمر الدنيا ومكاسبها ... فهم موقنون أن ما عند الله خير وأبقى ...
ولا يحزنون عند الموت وانتهاء أيام دنياهم لأنهم يعلمون أنهم منتقلون إلى الأمن حيث لا خوف ولا حزن ... وإلى النعيم المقيم ...

- وهم كذلك في نعيم الجنة لا يخافون ولا يحزنون ... فإن الخوف من المستقبل والحزن على الماضي مما ينغص فرح الحاضر ... فنفى الله ذلك عنهم في الآخرة فهم في نعيم دائم لا يعكره شيء ولا ينتقص منه أو ينغص من فرحه شعور خوف أو حزن ...

2: حرّر القول في:
أ: المراد بمن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها.
🔺 اختلف في المراد بمن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ... وذلك تبعا لاختلافهم في المقصود ب(مساجد الله ) ...
وكان ذلك على ثلاثة أقوال :
1- أن المقصود بمساجد الله هو بيت المقدس ( ذكره المفسرون الثلاثة )
فمن قال أن المقصود بيت المقدس قال أن المراد بمن منع ذكر الله فيها وسعى في خرابها :
أ- هم النصارى الذين كانوا يؤذون من يصلي ببيت المقدس ويمنعون الناس منه ويطرحون فيه الأقذار ... ذكره ابن عطية من قول ابن عباس كما ذكره ابن كثير عن ابن عباس ومجاهد :
قال ابن عباس : هم النّصارى.
وقال مجاهدٌ: هم النّصّارى، كانوا يطرحون في بيت المقدس الأذى، ويمنعون النّاس أن يصلّوا فيه.


ب- هم الروم الذين عاونوا بختنصر على تخريب بيت المقدس نكاية باليهود بعد قتلهم يحيى عليه السلام وبغضا لهم فدمروا لهم مكان عبادتهم ... ويكون الخراب هنا والسعي فيه حقيقيا ... حيث دمروا المسجد وخربوه ...
ذكره الزجاج من غير تفصيل ، وذكره ابن عطية وابن كثير من قول قتادة والسدي
- عن قتادة: قال: أولئك أعداء اللّه النّصارى، حملهم بغض اليهود على أن أعانوا بختنصّر البابليّ المجوسيّ على تخريب بيت المقدس. رواه عبد الرزاق وذكره ابن كثير
- وقال السّدّيّ: كانوا ظاهروا بختنصّر على خراب بيت المقدس حتّى خرّبه، وأمر به أن تطرح فيه الجيف، وإنّما أعانه الرّوم على خرابه من أجل أنّ بني إسرائيل قتلوا يحيى بن زكريّا.
ذكره ابن كثير وقال : وروي نحوه عن الحسن البصريّ.

ج- هو بختنصر نفسه الذي استعان بنصارى الروم في حربه على اليهود ودمر بيت المقدس ... والخراب هنا حقيقي ...
ذكره ابن عطية ، وذكره ابن كثير عن قتادة قال : {وسعى في خرابها} هو بختنصّر وأصحابه، خرّب بيت المقدس، وأعانه على ذلك النّصارى... رواه عبد الرزاق وذكره ابن كثير

2- أن المقصود هو بيت الله الحرام
ومن قال ذلك قال أن المراد بمن منع فيه ذكر الله وسعى في خرابه هم مشركوا مكة الذين أخرجوا منه رسول الله ثم منعوه من دخوله يوم الحديبية وصدوه عنه ... ويكون السعي في خرابها هنا هو صد من يأتيها حاجا ومعتمرا عن دخوله ... ذكره الزجاج ، وذكره ابن عطية وابن كثير عن ابن زيد ، كما ذكره ابن كثير عن ابن عباس
- قال ابن زيد في الآية : هؤلاء المشركون الّذين حالوا بين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوم الحديبية، وبين أن يدخلوا مكّة حتّى نحر هديه بذي طوى وهادنهم، وقال لهم: ما كان أحدٌ يصد عن هذا البيت، وقد كان الرّجل يلقى قاتل أبيه وأخيه فلا يصدّه. فقالوا: لا يدخل علينا من قتل آباءنا يوم بدرٍ وفينا باقٍ. رواه ابن جرير وذكره ابن كثير

- عن ابن عبّاسٍ: أنّ قريشًا منعوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الصّلاة عند الكعبة في المسجد الحرام، فأنزل اللّه: {ومن أظلم ممّن منع مساجد اللّه أن يذكر فيها اسمه} رواه ابن أبي حاتم وذكره ابن كثير

3- أن المقصود عامة المساجد وكل ديار الإسلام
وعلى هذا القول فالآية عامة في كل زمان وفي كل من حارب المسلمين في عبادتهم وهدم مساجدهم أو منع عمارتها أو منع المسلمين من أداء شعائرهم إذ الأرض كلها لهم مسجد وطهور ... وهذا القول يدخل فيه القولان الأولان دخولا أوليا ... ويشمل بعدهم كل من عمل عملهم ... ذكر ذلك الزجاج عن أهل اللغة وعممه ليشمل كل من خالف ملة الإسلام ، وابن عطية ...

🔺 الترجيح :
- ذكر الزجاج الأقوال الثلاثة في المساجد ولم يرجح
- وذكر ابن عطية الأقوال الثلاثة ورجح عموم الآية لكل من خرب المساجد أو منع ذكر الله فيه إلى بوم القيامة ويدخل فيها ما فعله الروم والنصارى ببيت المقدس وما فعلته قريش بمنع المسلمين من البيت الحرام ...
- وذكرابن كثير القولين الأول والثاني في المساجد وما يتبعها من أقوال ... وذكر أن ابن جرير رجح أن المقصود هو ما فعله الروم بمعاونتهم لبختنصر في خراب بيت المقدس ... وحجته في ذلك أن الروم دمروا وخربوا بيت المقدس ... أما مشركوا مكة لم يخربوا الكعبة ولم يسعوا في خرابها ... بل كانوا يقدسونها ويعظمونها ...

- ورد ابن كثير عليه ذلك فرجح أن المراد بالآية هو ما فعله مشركوا مكة من منع رسول الله البيت يوم الحديبية خاصة وما فعلوه عامة من منع المسلمين وإيذائهم حتى اضطروهم للخروج من مكة ...
واستدل على ذلك بعدة أمور منها :
- أن النصارى في حربهم ليهود كانوا أقرب منهم إلى الصواب وكان دينهم أقوم مما تدين به يهود ... ثم إن اليهود لم يسعوا لذكر الله ولم يعمروا مسجدا بذكره سبحانه ، بل هم ملعونون على لسان داوود وعيسى ابن مريم لعصيانهم وكفرهم وعنادهم ...

- أن سياق الآيات انتقل من ذم بني إسرائيل وفعالهم إلى ذم مشركي مكة وما فعلوه بالمسلمين ... فينتقل سياق الآيات إلى المسجد الحرام وبنائه والصلاة إليه ...

- ما روي عن ابن عباس أن الآية نزلت بسبب منع المسلمين الصلاة في المسجد الحرام

- أن المشركين وإن كانوا لم يهدموا الكعبة ولم يسعوا في ذلك ولكنهم خربوها بمنع من يستحق عمارتها من عمارتها ... فالله يقول {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد اللّه شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النّار هم خالدون* إنّما يعمر مساجد اللّه من آمن باللّه واليوم الآخر وأقام الصّلاة وآتى الزّكاة ولم يخش إلا اللّه } فالمشركون بمنعهم المسلمين من عمارة البيت الحرام وهم حقيقة من يستحقون عمارته ، وبصدهم لهم عنه وبمحاربتهم لهم وإخراجهم منه هم بذلك خربوه وسعوا في خرابه ...
وبملئهم البيت بالأصنام وتطوافهم حولها والشرك بالله فيه سعوا في خرابه ... فليست عمارته إقامة حجارته وزخرفته ... وإنما عمارته أن يعمر بذكر الله وحده والعبادة له ...

- والذي يظهر والله أعلم أن الآية خاصة في مشركي مكة ، عامة في كل من فعل فعلهم قبلهم أو سيفعل إلى يوم القيامة ... فكل من هدم المساجد أو صد عنها أهل عمارتها أو حارب المسلمين في دينهم أو منعهم من أداء عبادتهم داخل في الذم الوارد في الآية ... والله أعلم

ب: معنى {مثابة} في قوله تعالى: {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا}.
🔺اختلف في معناها على أقوال ثلاثة :
1- مثابة أي مرجعا يثوبون ويرجعون إليه وهي من ثاب يثوب ؛ بمعنى رجع ... ومثابا ومثابة بمعنى واحد ... ذكره الزجاج وابن عطية وذكره ابن كثير من قول ابن عباس في قوله تعالى: {وإذ جعلنا البيت مثابةً للنّاس} قال: يثوبون إليه ثمّ يرجعون. رواه ابن أبي حاتم
قال: وروي عن أبي العالية، وسعيد بن جبيرٍ-في روايةٍ -وعطاءٍ، ومجاهدٍ، والحسن، وعطيّة، والرّبيع بن أنسٍ، والضّحّاك، نحو ذلك.
- وعن الأوزاعي عن عبدة بن أبي لبابة، في قوله تعالى: {وإذ جعلنا البيت مثابةً للنّاس} قال: لا ينصرف عنه منصرفٌ وهو يرى أنّه قد قضى منه وطرًا. رواه ابن جرير وذكره ابن كثير
قال الشاعر :
جعل البيت مثابًا لهم.......ليس منه الدّهر يقضون الوطر
أورده القرطبي وذكره ابن كثير عنه ...

وذكر ابن عطية عن الأخفش قوله أن الهاء زيدت للمبالغة
- قال الأخفش: دخلت الهاء فيها للمبالغة لكثرة من يثوب أي يرجع، لأنه قل ما يفارق أحد البيت إلا وهو يرى أنه لم يقض منه وطرا ...

- وبين الزجاج أن أصلها من ثاب يثوب ... وأصل ثاب ( ثوب ) بفتح الواو ، قلبت الواو ألفا لفتحها فصارت ثاب ...
وكذلك ( مثابة ) فيها قلب إعلال ... أصل الكلمة ( مثوَبة ) بفتح الواو وسكون الثاء من ( مَفعلة ) ... نقلت فتحة الواو إلى الثاء وقلبت الواو ألفا بتناسب حركة الثاء فصارت مثابة ... والهاء هاء تأنيث المصدر ... كما ذكر ذلك ابن عطية

2- قيل مثابة أي مجمعا لأنهم يجتمعون فيه ... ذكره ابن كثير من قول سعيد بن جبيرٍ -في الرّواية الأخرى -وعكرمة، وقتادة، وعطاءٌ الخراسانيّ {مثابةً للنّاس} أي: مجمعًا.
- قال ابن زيد : { وإذ جعلنا البيت مثابةً للنّاس } قال: يثوبون إليه من البلدان كلّها ويأتونه.

، وهو يرجع إلى القول الأول من أن كل من جاءه يثوب إليه فيرجعون جميعا ويجتمعون فيه ...

3 - وقيل مثابة من الثواب ... أي يثابون هناك ... ذكره ابن عطية احتمالا .
وعليه تكون الكلمة من أثاب يثيب ... وليس من ثاب يثوب ... أي أن الألف منقلبة عن الياء لا الواو ...

🔺 الترجيح :
- ذكر الزجاج القول الأول ولم يذكر غيره ... وذكره ابن عطية وابن كثير عن السلف ...
- وذكر ابن عطية القول الثالث احتمالا ولم يقويه ... وذكر ابن كثير القول الثاني وهو يرجع إلى القول الأول ...
فالأقوال جميعها محتملة والله أعلم ، وإن كان الأول أقواها ثم الثاني وهو ناتج عن الأول ... فالناس تثوب إلى البيت أي ترجع إليه وتجتمع فيه وتؤجر وتثاب على زيارته ... والله أعلم .

3: بيّن ما يلي:
أ: المراد بالكتاب في قوله تعالى: {وهم يتلون الكتاب}.
في الآية ذم لتباغض اليهود والنصارى ورمي كل منهم للآخر بالكفر وأنه ليس على شيء مع أن بين أيديهم كتاب الله ...
وقد ورد في ( الكتاب ) قولان :
1- أن الكتاب هو التوراة خاصة ... ذكره الزجاج ، وذكره ابن عطية قولا ...
ذلك أن اليهود والنصارى أهل كتاب واحد هو التوراة ... فالتوراة نزلت على موسى عليه السلام ، والنصارى كذلك تمتثل التوراة وشريعة عيسى عليه السلام مصدقة لشريعة موسى والاختلاف بينهما قليل فيما خالف الإنجيل فيه التوراة ... وعليه تكون لام التعريف للعهد ...
فالذم ذم اختلافهم وادعاء كل فرقة منهم أنهم هم الحق وأن الفرقة الأخرى ليست على شيء ... وكتابهم واحد وشرعتهم واحدة ...

2- أن المقصود بالكتاب هما التوراة والإنجيل ... فالتوراة كتاب يهود والإنجيل كتاب النصارى ... ذكره ابن عطية وابن كثير ... وعليه تكون لام التعريف للجنس ... أي جنس الكتاب ...
فالذم ذم لاختلافهم وكفرهم وبين يديهم كتبهم يتلون فيها تصديق من كفروا به ...
- عن ابن عبّاسٍ، قال: لما قدم أهل نجران من النّصارى على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، أتتهم أحبار يهود، فتنازعوا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال رافع بن حريملة ما أنتم على شيءٍ، وكفر بعيسى وبالإنجيل. وقال رجلٌ من أهل نجران من النّصارى لليهود: ما أنتم على شيءٍ. وجحد نبوّة موسى وكفر بالتّوراة. فأنزل اللّه في ذلك من قولهما {وقالت اليهود ليست النّصارى على شيءٍ وقالت النّصارى ليست اليهود على شيءٍ وهم يتلون الكتاب} قال: إنّ كلًّا يتلو في كتابه تصديق من كفر به ... رواه ابن إسحاق ... وذكره ابن كثير

قال ابن كثير : يكفر اليهود بعيسى وعندهم التّوراة، فيها ما أخذ اللّه عليهم على لسان موسى بالتّصديق بعيسى، وفي الإنجيل ما جاء به عيسى بتصديق موسى، وما جاء من التّوراة من عند اللّه، وكلٌّ يكفر بما في يد صاحبه.

والمعنيان صحيحان ... فالإنجيل مصدق للتوراة وإن اختلف عنه ببعض الأحكام ، وكان يلزم من آمن بالتوراة أن يؤمن بعيسى والإنجيل ، كما يلزم أهل الكتاب من اليهود والنصارى أن يؤمنوا برسول الله وبالقرآن لما بين يديهم من تصديقه وبشارة بنبوته صلى الله عليه وسلم ...

ب: معنى تفضيل بني إسرائيل على العالمين.
التفضيل الذي قد يفهم هنا على نوعين :
1- إما تفضيل مطلق بكونهم الأفضل بين الناس والعالمين في كل زمان

2- وإما تفضيل مقيد ...
- والمقيد إما مقيد بزمان معين فيكون العالمون أهل ذلك الزمان
- أو بأمر معين من الأمور اختصوا به دون غيرهم من العالمين ... فيكون العالمون عالم كل زمان فيكون العالمون عموم مطلق

🔺 ولا شك أن الأول ( أي تفضيلهم مطلقا ) لا يصح ... لأن أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير منهم وأفضل بنص القرآن وبكثير من الأحاديث التي أكدت أفضلية أمة الإسلام على أمم العالم كلها وأنها أكرمها على الله في الدنيا وفي الآخرة ...
قال تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون باللّه ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرًا لهم )
وقال تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس )
وسطا أي خيارا ...

- قال ابن كثير : وفي المسانيد والسّنن عن معاوية بن حيدة القشيري، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أنتم توفون سبعين أمّةً، أنتم خيرها وأكرمها على اللّه».

وقال : والأحاديث في هذا كثيرةٌ تذكر عند قوله تعالى: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس}) ...

- ومنه الحديث الذي ورد في عمل أهل الكتاب وعمل أمة محمد وعظم أجور أمة محمد صلى الله عليه وسلم مع قصر مدتهم على اليهود والنصارى ...
عَن ابن عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَن النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ فَقَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ غُدْوَةَ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَت الْيَهُودُ, ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَت النَّصَارَى, ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِن الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ عَلَى قِيرَاطَيْنِ؟ فَأَنْتُمْ هُمْ. فَغَضِبَت الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالُوا: مَا لَنَا أَكْثَرَ عَمَلًا وَأَقَلَّ عَطَاءً, قَالَ: هَلْ نَقَصْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَذَلِكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ ) رواه البخاري

🔺ويبقى الثاني أن تفضيل بني إسرائيل تفضيل مقيد ...
1- وقال بعض المفسرين هو مقيد بزمانهم ... أي أنهم فضلوا على العالمين من زمانهم فكانوا أفضلهم ... ذكره ابن عطية كما ذكره ابن كثير ...
قال تعالى : ( ولقد اخترناهم على علمٍ على العالمين )
فاصطفاهم الله في ذلك الزمان على الناس فلما أظهروا عتوا وكفرا وعنادا لعنهم الله وبغضهم وغضب عليهم ( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ) ...

- عن أبي العالية قال في قوله تعالى: {وأنّي فضّلتكم على العالمين} قال: «بما أعطوا من الملك والرّسل والكتب على عالم من كان في ذلك الزّمان؛ فإنّ لكلّ زمانٍ عالمًا». رواه أبو جعفر الرازي وذكره ابن كثير ورجحه فقال :
وروي عن مجاهدٍ، والرّبيع بن أنسٍ، وقتادة، وإسماعيل بن أبي خالدٍ نحو ذلك، ويجب الحمل على هذا لأن هذه الأمة أفضل منهم ...

- قال ابن عطية : وإن قدرنا تفضيلهم على الإطلاق فالعالمون عالمو زمانهم، لأن أمة محمد صلى الله عليه وسلم أفضل منهم بالنص .

2- وقيل أن تفضيلهم مختص بأمور تفردوا فيها بين العالمين كلهم ... وهو ما ذكره الزجاج وابن عطية
وذكره ابن كثير عن فخرالدين الرازي فقال : وقيل: المراد تفضيلٌ بنوعٍ ما من الفضل على سائر النّاس، ولا يلزم تفضيلهم مطلقًا، حكاه فخر الدّين الرّازيّ وفيه نظرٌ ...

- قال ابن كثير :وقيل: إنّهم فضّلوا على سائر الأمم لاشتمال أمّتهم على الأنبياء منهم، حكاه القرطبيّ في تفسيره، وفيه نظر؛ لأن {العالمين} عام يشتمل من قبلهم ومن بعدهم من الأنبياء، فإبراهيم الخليل قبلهم وهو أفضل من سائر أنبيائهم، ومحمّدٌ بعدهم وهو أفضل من جميع الخلق وسيّد ولد آدم في الدّنيا والآخرة، صلوات اللّه وسلامه عليه وعلى إخوانه من الأنبياء والمرسلين .

قال ابن عطية : وإن قدرنا فضيلة بني إسرائيل مخصوصة في كثرة الأنبياء وغير ذلك فالعالمون عموم مطلق ...
🔹ومن أوجه التفضيل التي فضل فيها بنو إسرائيل على العالمين : قال تعالى : {وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة اللّه عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين}
وقال تعالى : ( وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ
)
فاختصهم الله : بالنبوة والحكم وجعلهم أهل الكتاب
- فجعل كل الأنبياء من لدن يعقوب عليه السلام حتى عيسى عليه السلام من بني إسرائيل خاصة ... وهي مزية لم تكن لغيرهم ، ولذلك حسدوا المسلمين لما جاء رسول الله منهم من ولد إسماعيل ... ذلك أنهم كانوا يرجون استمرار أفضليتهم وأن يكون خاتم المرسلين منهم ... لكن ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) .. فاصطفى لها خير الناس في خير الأمم ... ذكر اختصاصهم بكثرة الأنبياء المفسرون الثلاثة

- جعلهم ملوكا ...ذكره الزجاج وابن كثير
فكان من أنبيائهم ملوك كداود وسليمان ...
- وقيل كانوا من كان منهم له زوجة ودار وخادم عد بينهم ملكا ... وكانوا كذلك ... ذكره ابن كثير ...

- أنزل فيهم أشرف كتبه بعد القرآن ... فحملهم التوراة والإنجيل وجعلهم بفضلهما أهل علم ...
قال الزجاج : أنهم أعطوا علم التوراة، وأن أمر عيسى ومحمد -صلى الله عليهما وسلم- لم يكونوا يحتاجون فيه إلى آية غير ما سبق عندهم من العلم به ...

- نجاهم من اضطهاد آل فرعون ففرق لهم البحر ونجاهم من الغرق والاستعباد واصطفاهم لرسالة موسى عليه السلام واختارهم لحملها وأورثهم الأرض التي باركها وأخرج لهم من خيراتها (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۖ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا ۖ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ )

- أنزل عليهم المن والسلوى ، وظللهم بالغمام ، وفجر لهم عيون الماء من الصخر لكل سبط عينا ، وأراهم من المعجزات والخوارق ما لم يره غيرهم كتحول العصا حية تسعى وكإحياء الموتى أمامهم وشفاء الأعمى والأكمه والأبرص وغيرها من المعجزات ...

فكل هذه كانت أوجه تفضيل لهم اختصهم الله بها على العالمين ...

🔺الترجيح :
- ذكر الزجاج تفضيل بني إسرائيل بأمور اختصهم الله بها على العالمين ولم يذكر تفضيلهم على أهل زمانهم
- وذكر ابن عطية القولان محتملان ولم يرجح
- ورجح ابن كثير أن تفضيلهم مختص بأهل زمانهم وأنه يجب حمل الآية على ذلك ...
ذلك أن ما اختصهم الله به من كثرة الأنبياء فاقته أمة محمد صلى الله عليه وسلم لكون محمد أشرف الرسل كلهم وخيرهم ففاق بخيريته كثرة رسلهم
وأن القرآن أشرف الكتب ففاق بشرفه وأفضليته كتبهم
وغيرهم من خوارق المعجزات كانت لعتوهم وعنادهم وتكبرهم عن الإيمان بالغيب فكانت معجزاتهم حسية لماديتهم ... وأما أمة محمد فكانت معجزتها الخالدة كلام الله عز وجل وأعظم بها من معجزة ...
ولعل قول ابن كثير أقرب للصواب مع احتمال الثاني والله أعلم ...

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15 ربيع الأول 1439هـ/3-12-2017م, 01:12 AM
حنان بدوي حنان بدوي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: إسكندرية - مصر
المشاركات: 392
افتراضي

المجموعة الرابعة


1: فسّر قول الله تعالى:
{وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آَيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118)} البقرة.

يخبرنا تعالى هنا عن جانب من شقاق الكفار ، ووجها من أوجه التعنت الباقية ما بقي الخير والشر محذرا من التشبه بقولهم حتى لا نعاقب بالتشبه بما في قلوبهم فقال :
وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ :قيل في المراد بـــ "الذين لا يعلمون " أقوالاً : فقيل هم النصارى لأن ذلك ألصق بالسياق قبله ،.
وقيل هم اليهود الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول رافع بن حريملة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يا محمّد، إن كنت رسولًا من اللّه كما تقول، فقل للّه فليكلمنا حتّى نسمع كلامه. فأنزل اللّه في ذلك من قوله: {وقال الّذين لا يعلمون لولا يكلّمنا اللّه أو تأتينا آيةٌ}
والقول بأن المراد هم اليهود أو النصارى يؤيده قوله تعالى :{يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابًا من السّماء…. }الآية .
وقيل هم كفار العرب ووصفهم بعدم العلم لأنه لا كتاب عندهم ولا نبوة ،واستدل لهذا القول بقوله تعالى : {وإذا جاءتهم آيةٌ قالوا لن نؤمن حتّى نؤتى مثل ما أوتي رسل اللّه ….. }الآية
وقوله : {وقالوا لن نؤمن لك حتّى تفجر لنا من الأرض ينبوعًا*....... } الآيات .
والآية تحتمل كل هؤلاء فكل هؤلاء قال بهذه المقالة .
لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آَيَةٌ : والمعنى : هلا يكلمنا الله ويخاطبنا بنبوتك وصدقك أو تأتينا علامة أو دليل على صدقك ، والحقيقة أن هذا دأب المكذبين والمتعنين في كل زمان وحين ولهذا أعلم الله بمشابهتهم في تعنتهم لمن قبلهم فقال :
كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ : فأخبر الله تعالى بأن تشابه الأقوال والاقتراحات بين هؤلاء ومن سبقهم دليل على تشابه قلوبهم وتواطئها على الكفر والتعنت كما قال تعالى : تعالى: {كذلك ما أتى الّذين من قبلهم من رسولٍ إلا قالوا ساحرٌ أو مجنونٌ* أتواصوا به بل هم قومٌ طاغون}
وقد اختلف في المراد بـــ "الذين من قبلهم " حسب المراد من " الذين لا يعلمون " السابق ذكرها ؛ فمن قال في الأولى أنهم كفار قريش قال في الثانية أنهم اليهود والنصارى .
ومن قال أن الأولى في النصارى قال ان الثانية في اليهود .
ومن قال أن الأولى في الجميع من كفار العرب واليهود و النصارى قال أن الثانية في من كان قبلهم من قوم عاد وثمود وغيرهم .
قَدْ بَيَّنَّا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ: جاءت "قد" مع الفعل الماضي لإفادة التحقيق ، ثم نسب الله تعالى فعل " التبيين لنفسه سبحانه فهو الذي تكفل به تعالى ، فقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم من الآيات والبراهين الكفيلة باليقين التام والتسليم المطلق ما يغني عن اقتراحات المعاندين المكذبين من الآيات المعجزة فاهتدى بها المهتدون المؤمنون وتيقين بها الموقنون وأمّا من ختم اللّه على قلبه وجعل على بصره غشاوةً فأولئك الّذين قال اللّه تعالى فيهم: {إنّ الّذين حقّت عليهم كلمة ربّك لا يؤمنون* ولو جاءتهم كلّ آيةٍ حتّى يروا العذاب الأليم}.

2: حرّر القول في:
أ: سبب نزول قوله تعالى: {ولله المشرق والمغرب فأينما تولّوا فثمّ وجه الله}.

ذكر المفسرون في سبب نزول الآية أقوالاً :

القول الأول : أن اليهود كانت قد استحسنت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت القدس، وقالوا: ما اهتدى إلا بنا، فلما حول إلى الكعبة قالت اليهود: ما ولاهم عن قبلتهم؟ فنزلت "وللّه المشرق والمغرب ….. " الآية ….. ذكره ابن عطية عن ابن زيد وذكر بنحوه ابن كثير عن ابن عباس.

القول الثاني : أنها نزلت في تسلية النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حين خرجوا من ديارهم ومسجدهم فصرفهم الله إلى الكعبة ووجههم إليها ….ذكر بنحوه ابن عطية عن مجاهد والضحاك كما ذكره ابن كثير عن مجاهد .

القول الثالث :أنهانزلت فيمن اجتهد في القبلة فأخطأ فعليه أن يقصد يتوجهه وجه الله … ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير عن عبد الله بن عامر بن ربيعة.واستدل لهذا القول بما رواه عامر بن ربيعة قال: «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر في ليلة مظلمة، فتحرى قوم القبلة وأعلموا علامات، فلما أصبحوا رأوا أنهم قد أخطؤوها، فعرفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فنزلت هذه الآية» وقد ورد الحديث من طرق متعددة قد يقوي بعضها بعضا وإن كانت ضعيفة .

القول الرابع : أنهانزلت في النجاشي، وذلك أنه لما مات دعا النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى الصلاة عليه، فقال قوم كيف نصلي على من لم يصلّ إلى القبلة قط؟، فنزلت هذه الآية … ذكره ابن عطية وابن كثير عن قتادة ، واستدل له ابن كثير بما روي عن قتادة: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إن أخًا لكم قد مات فصلّوا عليه". قالوا: نصلّي على رجلٍ ليس بمسلمٍ؟ قال: فنزلت: {وإنّ من أهل الكتاب لمن يؤمن باللّه وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين للّه} [آل عمران: 199] قال قتادة: فقالوا: فإنّه كان لا يصلّي إلى القبلة. فأنزل اللّه: {وللّه المشرق والمغرب فأينما تولّوا فثمّ وجه اللّه}.وقال فيه ابن كثير أنه غريب جداً .
ووجه ابن عطية هذا القول بأن إن النجاشي كان يقصد وجه الله وإن لم يبلغه التوجه إلى القبلة.
وقال ابن كثير : إنّه كان يصلّي إلى بيت المقدس قبل أن يبلغه النّاسخ إلى الكعبة، وقال حكاه القرطبيّ عن قتادة،

القول الخامس :أنهانزلت في الدعاء لما نزلت "ادعوني أستجب لكم" [غافر: 60]، قال المسلمون: إلى أين ندعو، فنزلت "فأينما تولّوا فثمّ وجه اللّه".... ذكره ابن عطية عن سعيد ابن جبير وذكره ابن كثير عن ابن جرير عن مجاهد مسنداً .

القول السادس : أنهانزلت حين صد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت رواه المهدوي وذكره ابن عطية .

القول السابع : نزلت هذه الآية في صلاة النافلة في السفر حيث توجهت بالإنسان دابته …. ذكره ابن عطية عن ابن عمر كما ذكره ابن كثير عنه مسنداً وعن ابن جرير وزاد عليه حال المسايفة وشدة الخوف .واستدل له ابن كثير بما في صحيح البخاريّ من حديث نافعٍ، عن ابن عمر: أنّه كان إذا سئل عن صلاة الخوف وصفها. ثمّ قال: فإن كان خوف أشد من ذلك صلوا رجالا قيامًا على أقدامهم، وركبانًا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها.
قال نافعٌ: ولا أرى ابن عمر ذكر ذلك إلّا عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.

القول الثامن :أن الآية عامة فـــ"أينما تولوا" في متصرفاتكم ومساعيكم "فثمّ وجه اللّه" ، أي موضع رضاه وثوابه وجهة رحمته التي يوصل إليها بالطاعة .ذكره ابن عطية عن المهدوي .

القول التاسع :أن هذه الآية منتظمة في معنى التي قبلها، أي لا يمنعكم تخريب مسجد من أداء العبادات، فإن المسجد المخصوص للصلاة إن خرب فثمّ وجه اللّه موجود حيث توليتم …..رواه المهدوي أيضا وذكره عنه ابن عطية .

القول العاشر :أن الله أباح لنبيه صلى الله عليه وسلم بهذه الآية أن يصلي المسلمون حيث شاؤوا، فاختار النبي صلى الله عليه وسلم بيت المقدس حينئذ، ثم نسخ ذلك كله بالتحول إلى الكعبة… ذكره ابن عطية عن قتادة وذكره ابن كثير عن أبو عبيد القاسم عن ابن عباس .

القول الحادي عشر : أن الآية في جواز مطلق التوجه شرقاً أو غربا … ذكره ابن كثير عن ابن عباس وعن ابن جرير .

القول الثاني عشر : أن فيه الإشارة إلى أن ما بين المشرق والمغرب قبلة ….ذكره ابن كثير واستدل له بعدة روايات منها ما أورده عن الترمذي عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما بين المشرق والمغرب".
ويبدو أن ابن كثير قد مال إلى القول الثاني ولم يقطع الزجاج ولا ابن عطية بأحد منها .
ولكن بعض الأقوال تشير إلى أن الآية مكية والبعض يشير إلى أنها مدنية والله تعالى أعلى وأعلم .

ب: القراءات في قوله تعالى: {إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسأل عن أصحاب الجحيم}، ومعنى الآية على كل قراءة.
ذكر المفسرون الثلاثة القراءات في الآية ووجهوا معانيها فيما حاصله ما يلي :
قرأ الأكثر : ولا تُسألُ عن أصحاب الجحيم ، بضم التاء على الخبر وضم اللام على الرفع .
والمعنى :لا نسألك عن كفر من كفر بك أصحاب الجحيم ، ويشهد لهذا قراءة أبي ابن كعب وابن مسعود رضي الله عنهما .
قرأ أبي بن كعب : وما تُسأل.
وقرأ ابن مسعود: ولن تُسأل.
وذلك يكون نظير قوله : {فإنّما عليك البلاغ وعلينا الحساب} [الرّعد:40]
وكقوله تعالى: {فذكّر إنّما أنت مذكّرٌ* لست عليهم بمصيطرٍ} الآية [الغاشية: 21، 22]
وكقوله تعالى: {نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبّارٍ فذكّر بالقرآن من يخاف وعيد} [ق: 45]
وعلى هذا يكون الرفع على الاستئناف .
ويجوز أيضا أن يكون الرفع على الحال ؛ فيكون المعنى : أرسلناك غير سائل عن أصحاب الجحيم .
وقرأ نافع وحده :(ولا تَسْأَلْ عن أصحاب الجحيم) بفتح التاء والجزم على النهي ، أي لا تسأل عن حالهم .
وذكر فيه معنيان :
الأول : أنه نهي لفظي لتفخيم ما هم فيه من العذاب ؛ كأن تقول فلان لا تسأل عنه فإنه في غاية من الخير أو الشر .
الثاني : أن يكون بمعنى الأمر في ترك المسألة .
وأورد فيه ابن كثير عدة روايات مسندة فيها فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليت شعري ما فعل أبواي» فنزلت ولا تسئل… وهذا القول خطّأه ابن عطية ورده ابن جرير لاستحالة الشّكّ من الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم في أمر أبويه ، ووجهه ابن كثير أنه ربما كان في حال استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لأبويه قبل أن يعلم أمرهما، فلمّا علم ذلك تبرّأ منهما، وأخبر عنهما أنّهما من أهل النّار كما في الصحيحين .
وذكر ابن كثير أن ابن جرير قد اختار القراءة الأولى .

3: بيّن ما يلي:
أ: مناسبة ختام الآية لأولها في قوله تعالى: {ولله المشرق والمغرب فأينما تولّوا فثمّ وجه الله إن الله واسع عليم}.

جاءت خاتمة الآية متسقة أتم اتساق مع أولها فالله تعالى يسع خلقه جميعا بالرحمة والكفاية والجود ، فيوسع عليهم بالرخص وييسر عليهم في الأحكام ، فعلمه سبحانه محيط بهم وبنياتهم وإمكاناتهم فلا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، ويتجلى ذلك فيما ورد من خلال تفسير الآية من أدلة .
فقد رخص للمقاتل والمسايف والخائف الذي يريد أن يتم صلاة فرضه في أن يصلى على راحلته أينما توجهت به .
كما رخص لمن تحرى القبلة وأراد أن يصلى وإن لم يصب مكانها على الوجه الصحيح .
ورخص كذلك للمسافر على راحلته أن يصلى ما يشاء من النوافل .
وغير ذلك من أوجه التيسير والتخفيف على العباد فقد اقتصرت إلى بعض المظاهر التي أشارت إليها الآية .

فسبحانك ربي نوحدك واسعا عليما خبيرا رحيما رؤوفا لطيفا.



ب: المقصد من قوله تعالى: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم} الآية، وفائدة تكرارها.
مقصد الآية : تحذير بني إسرائيل من كتمان ما علموه في كتبهم من وصوفات النبي صلى الله عليه وسلم وصدق رسالته ، وتحذيرهم من كتمان ما أنعم وتفضّل الله به عليهم ، وقد كررت الآية هنا للتأكيد وللحث على اتباع هذا النبي الأمي الذي يعرفونه كما يعرفون أبنائهم ....ذكره ابن كثير .






رد مع اقتباس
  #6  
قديم 15 ربيع الأول 1439هـ/3-12-2017م, 01:54 AM
حنان بدوي حنان بدوي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: إسكندرية - مصر
المشاركات: 392
افتراضي

عذا لم أنتبه للسؤال العام فأدرجته منفصلاً .

السؤال الأول: (عامّ لجميع الطلاب).
استخرج خمس فوائد سلوكية واستدلّ لها من قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ}

من لقوله تعالى : {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ}
  • اليقين بأن كل ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم إنما هو من الله وحده وإنما هو عين الحق يورث في القلب الطمأنينة والرضا والتسليم والانقياد .
  • تيقين الداعية بأن الله تعالى وحده هو المتفضل عليه بحمله لرسالة المرسلين وتعبيده العباد لرب العباد ، فلا يرى لنفسه فضلاً ولا ينسب لنفسه قدراً .

من قوله :{ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}
  • تقديم البشارة على النذارة هنا يفيدنا أن نرغب الناس في دين الله أولا ً ونبشرهم بما أعد الله تعالى لأهل طاعته قبل أن ننذرهم ونخوفهم من وعيد الله تعالى وعقابه لأهل العصيان والضلال ،
  • ألا نقتصر على البشارة فقط فيتكل الناس ويغلبوا جانب الرجاء ويستهينوا بالعمل والعبادة ، ولا نركز على جانب النذارة فقط فيغلبوا جانب الخوف فينصرفوا عن الدين بالكلية .
{وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ}.
فليس العبرة بكثرة المستجيبين ولكن العبرة بما اجتهد به الداعية في دعوته .

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 15 ربيع الأول 1439هـ/3-12-2017م, 03:57 AM
ندى علي ندى علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 311
افتراضي

السؤال الأول: (عامّ لجميع الطلاب).
استخرج خمس فوائد سلوكية واستدلّ لها من قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ}
قوله تعالى : {إنا أرسلناك بالحق} فيه إثبات أن كل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم حق فأخبر سبحانه أنه إنما أرسله وبعثه بالحق ، ومعرفة ذلك توجب الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم وطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر وتصديقه فيما أخبر .
قوله تعالى : {إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا} فيه إخبار بوظيفة الرسول وهي البشارة والنذارة أي بشيرا بالجنة والسبيل إليها ونذيرا من النار وسبيلها ، فينبغي للدعاة إلى الله أن يسلكوا هذا المنهج في الدعوة القائم على الترغيب والترهيب.
قوله تعالى : {إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا } ومن ذلك الحق الذي جاء به الرسول الله عليه وسلم هذا القرآن العظيم فأخبر أن في هذا الحق بشارة ونذارة للمؤمن ، ومن علامات كمال إيمان العبد أن يتأثر قلبه بما جاء في هذا القرآن من ترغيب وترهيب فيدفعه ذلك إلى العمل باتباع أمر الله واجتناب نهيه .
قوله تعالى : {ولا تسئل عن أصحاب الجحيم } فسرها بعض العلماء أنه تعبير من باب التعظيم أي أن أصحاب النار في منتهى العذاب فلا تسل بعد ذلك عن عذابهم فإنما هم في أشد العذاب ومنتهاه ، وذلك يحدث في قلب المؤمن وجلا وخشية من عقاب الله وشديد عذابه فيحمله ذلك إلى العمل وتجنب تلك الطرق الموصلة إلى هذا العذاب العظيم .
قوله تعالى : {ولا تسئل عن أصحاب الجحيم} فسرها بعض العلماء أنك لن تسأل يامحمد عن كفر هؤلاء وجحدهم لما جئت به فإنما عليك البلاغ والله محاسبهم على أعمالهم ، ومن ذلك يؤخذ أن العبد مسؤول عن جميع أفعاله يوم القيامة ولن يتحمل أحد أوزاره فعلى العبد أن يحاسب نفسه ويتبرأ من حوله وقوته ويتجنب رفقاء السوء ممن يحمله إلى المعاصي فإنهم لن يغنوا عنه من الله شيئا .
ومنها يؤخذ أن الداعي إلى الله لا يحزن إن بلغ ودعا فلم يستجب له فإنما أدى ما عليه من البلاغ أما الهداية فمن الله وحده .


السؤال الثاني: أجب على إحدى المجموعات التالية:
المجموعة الأولى:
1: فسّر قول الله تعالى:
{الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}.
قوله تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته} يخبر سبحانه وتعالى أن من أعطاهم وأنزل عليهم كتبه من الأمم السابقه- من اليهود والنصارى- فأقاموه حق إقامته واتبعوا أوامره واجتنبوا نواهيه وصدقوا أخباره وتأدبوا بآدابه أولئك من يصدق عليهم أنهم مؤمنون مصدقون بالنبي صلى الله عليه وسلم وماجاء به من الحق ولذلك قال: { أولئك يؤمنون به } أي من كانت تلك صفتهم فهم مؤمنون بالنبي صلى الله عليه وسلم وماجاء به من الهدى والحق وهم المفلحون وأما من كفر بالنبي صلى الله عليه وسلم وما جاء به من الهدى والحق فإن أولئك هم الخاسرون الهالكون في الدنيا والآخرة ولذلك قال : {ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون}.
2: حرّر القول في:
أ: متعلّق التطهير في قوله تعالى: {وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهّرا بيتي} الآية.
للعلماء في ذلك أقوال:
ق1: من الأصنام والأوثان . روي عن ابن عباس و مجاهد ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير .
ق2: بالإخلاص لله في النية .روي عن عبيد بن عمير وأبي العالية وسعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وقتادة ذكره ابن عطية وابن كثير
واستدلواله بقوله تعالى { أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير ...الآية }
ق3: من النجس من الفرث والدم . روي عن الحسن البصري ذكره ابن عطية وابن كثير.
ق4: من الأوثان والرفث وقول الزور والرجس . روي عن مجاهد وسعيد ذكره ابن كثير وهو أعم
الترجيح : جمع بين هذه الأقوال ابن جرير – رحمه الله – فجمع بين الطهارة الحسية والمعنوية بقوله " من الأصنام وعبادة الأوثان فيه ومن الشرك " روى ذلك عنه ابن كثير وعلق على قوله من الأصنام وعبادة الأوثان بأنه يحتاج إلى إثبات هذا إلى دليل من المعصوم صلى الله عليه وسلم .

ب: معنى قوله تعالى: {كل له قانتون}.
القنوت في اللغة يأتي بمعنيين :
أولها : الطاعة .
والآخر : القيام .
ولم تخرج أقوال المفسرين في الآية عن هذين المعنيين فقالوا :
ق1: طائعون خاضعون . روي عن مجاهد ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير .
ق2: مصلون . روي عن ابن عباس ذكر ذلك ابن كثير .
ق3 : مقرون له بالعبودية . روي عن عكرمة وأبي مالك ذكر ذلك ابن كثير .
ق4: مخلصون . روي عن سعيد ابن جبير ذكره ابن كثير.
ق5: قائم يوم القيامة . روي عن الربيع بن أنس ذكره ابن كثير.
ق6 : مطيعون بوم القيامة . روي عن السدي ذكره ابن كثير.

ويمكن جمع هذه الأقوال تحت معنى واحد وهو الطاعة والخضوع شرعا وقدرا ( كونا) وهو موافق للأصل اللغوي فالمؤمنون طائعون خاضعون لله شرعا بصلاتهم وإخلاصهم وبما يقوم في أنفسهم من عبودية لله وطائعون له قدرا والكافرون طائعون له قدرا بما يقع عليهم من إرادة الله ومشيئته فيهم وبما هو قائم بهم من وجود أثر صنع الله لهم وإن أنكروا وهو اختيار ابن جرير- رحمه الله - .


3: بيّن ما يلي:
أ: معنى قوله تعالى: {أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين}.
قيل : هو خبر بمعنى الطلب والمراد به إن مكنكم الله عليهم أيها المؤمنون لا تأذنوا لهم بالدخول إلا تحت الذل وذلك بالهدنة والجزية .ذكره ابن كثير.
وقيل : أنها بشارة من الله للمؤمنين أنه مظهر دينه حتى يكون حال هؤلاء المخربون الخوف من دخول المساجد خشية أن يبطش بهم المسلمون . ذكره الزجاج وأشار إليه ابن عطية وأورده ابن كثير.
وقيل : هو بيان لما ينبغي وما هو حق واجب من أن هؤلاء المخربون ما ينبغي لهم دخول المساجد إلا خائفين لعظيم جرمهم لولا ظلم الكفرة وطغيانهم. ذكره ابن كثير.

ب: القائل: {لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى}، مع الاستدلال لكلامك.
هذا القول عائد إلى كل من اليهود والنصارى فقالت اليهود لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا و قالت النصارى لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا ويدل عليه قوله تعالى (وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ...الآية) فجمع قولهم بقوله (وقالوا ) ثم فصلّ نوعيهم بقوله ( هودا أو نصارى ) ليبين تفرق قوليهم وهذا ما يسمى بالإيجاز واللف .
كما دلت على تفرقهم واختلاف أقوالهم الآية الأخرى {وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء ... الآية}

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 15 ربيع الأول 1439هـ/3-12-2017م, 08:28 AM
منى محمد مدني منى محمد مدني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 344
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
المجموعة الثالثة

السؤال الأول:
استخرج خمس فوائد سلوكية واستدلّ لها من قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ}.
· شكر الله على نعمة الرسالة وإرسال الرسول صلى الله عليه وسلم يؤخذ هذا من قوله تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ) ففي الآية تصريح بأن الله هو الذي أرسل الرسول وهذه نعمة عظيمة تستوجب الشكر

· تلاوة القرآن والاستبشار بما جاء فيه من الوعد بالجنة وبالخير عموما سواء كان في الدنيا أو الآخرة مع التمسك بالأعمال الموجبة للبشارة يؤخذ هذا من قوله : (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا)،فيتتبع المؤمن مواطن البشارة ويعمل بموجبها


· الحذر مما أنذر منه الرسول في القرآن مما يوجب سخط الله وعقوبته من الأقوال والأعمال يؤخذ هذا من قوله : (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًاوَنَذِيرًا) فيحذر من كل عمل يقرب إلى النار

· على الداعية إلى الله أن يجتهد في الدعوة إلى الله قدر استطاعته ثم يكل الأمر إلى الله ويعلم أنه غير مكلف بهداية الناس وغير مسئول عن هدايتهم وانما الأمر بيد الله وهذا المعنى يؤخذ من قوله :(وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ) أي: لا نسألك عن كفر من كفر بك،وهذه الآية كقوله {فإنّما عليك البلاغ وعلينا الحساب} [الرّعد:40] وكقوله تعالى: {فذكّر إنّما أنت مذكّرٌ* لست عليهم بمصيطرٍ} الآية [الغاشية: 21، 22] وكقوله تعالى: {نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبّارٍ فذكّر بالقرآن من يخاف وعيد} [ق: 45] .


· تصديق النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الأخبار لأن الله شهد أنه أرسله بالحق يؤخذ هذا من قوله :(إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ)

1: فسّر قول الله تعالى:
{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120)} البقرة.
(وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ )
جاءت هذه الآية في سورة البقرة بعد الكلام عن بني إسرائيل حيث طلب اليهود والنصارى من الرسول الله صلى الله عليه وسلم الهدنة على أن يتبعوه فبين الله لنبيه حقيقة حالهم وكشف له خفي أمرهم وأن اليهود لن ترضى والنصارى لن ترضى فكل فريق من هؤلاء لن يرضى حتى يتبع النبي صلى الله عليه وسلم ملتهم أي شريعتهم ودينهم
ففي الآية تربية للنبي صلى الله عليه وسلم وتوجيه وإرشاد ونهي عن الميل إليهم وتصديقهم وإجابتهم لمطالبهم والسعي إلى إرضائهم وبيان للطريقة الصحيحة في التعامل معهم بدعوتهم للإسلام وهذا يتضح من أمر الله لنبيه بأن: (قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى) فالهدى الحقيقى هو هدى الله الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم والذي يوفق الله إليه من يشاء من عباده ممن يعلم فيهم خيرا وليس الهدى ما يدعون إليه فانهم وأن كانوا أهل كتاب فقد وقع في كتبهم من التحريف والباطل ونسخت ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم فليس ينفعهم الإيمان بكتبهم المحرفة ولن يقبل الله بعد بعثة محمد غير الإسلام ،ثم رجع الله لمخاطبة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وحذره من إتباع أهواء اليهود والنصارى وجمعها لتعددها واختلافها من بعد العلم الذي أوحاه إليه الله من القرآن والسنة ومن القواعد المتقررة أن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم تدخل فيه الأمة تبعاً فالتحذير للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته من بعد في كل زمان ومكان من طلب رضا اليهود والنصارى وودهم واتباع أهوائهم ثم بين الله عقوبة هذه المخالفة ومغبتها بقوله :(مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ)فمن أتبع أهوائهم وسعى لنيل رضاهم تخلى الله عنه فلا ولي له ولاناصر والولي هو والنصير هو وإذا تخلى الله عن العبد خذل وضاع وخسر وخاب .
......................
2: حرّر القول في:
أ: المراد بالكلمات التي ابتلى الله بها إبرهيم.
قال ابن كثير :{بكلماتٍ} أي: بشرائع وأوامر ونواهٍ، فإنّ الكلمات تطلق، ويراد بها الكلمات القدريّة، كقوله تعالى عن مريم، عليها السّلام،: {وصدّقت بكلمات ربّها وكتبه وكانت من القانتين}[التّحريم: 12]. وتطلق ويراد بها الشّرعيّة، كقوله تعالى: {وتمّت كلمة ربّك صدقًا وعدلا لا مبدّل لكلماته} [الأنعام: 115] أي: كلماته الشّرعيّة. وهي إمّا خبر صدقٍ، وإمّا طلب عدلٍ إن كان أمرًا أو نهيًا، ومن ذلك هذه الآية الكريمة: {وإذ ابتلى إبراهيم ربّه بكلماتٍ فأتمّهنّ} أي: قام بهنّ. قال: {إنّي جاعلك للنّاس إمامًا} أي: جزاءً على ما فعل، كما قام بالأوامر وترك الزّواجر، جعله اللّه للنّاس قدوةً وإمامًا يقتدى به، ويحتذى حذوه.

وقد اختلف أهل التأويل في الكلمات التي ابتلى الله بها إبراهيم نبيه وخليله صلوات الله عليه.:
القول الأول:
هي شرائع الإسلام، وهي ثلاثون سهما وهذا القول مروي عن ابن عباس ذكره ابن أبي حاتم والطبري وابن عطية
* روى الطبري عن ابن عباس قال: ما ابتلي أحد بهذا الدين فقام به كله غير إبراهيم، ابتلي بالإسلام فأتمه، فكتب الله له البراءة فقال:"وإبراهيم الذي وفى"، فذكر عشرا في"براءة" [112] فقال: (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ) إلى آخر الآية، (2) وعشرا في"الأحزاب" [35] ، (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ) ، وعشرا في"سورة المؤمنون" [1-9] إلى قوله: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) ، وعشرا في"سأل سائل" [22-34] (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) .
*روى الطبري عن ابن عباس قال: الإسلام ثلاثون سهما، وما ابتلي بهذا الدين أحد فأقامه إلا إبراهيم، قال الله: (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى) ، فكتب الله له براءة من النار

القول الثاني:
هي خصال عشر من سنن الإسلام خمس في الرأس وخمس في الجسد وهذا القول مروي عن ابن عباس وقتادة وأبي الخلد ذكره الطبري والزجاج وابن عطية وابن كثير
قال ابن كثير :(قال ابن أبي حاتمٍ: وروي عن سعيد بن المسيّب، ومجاهدٍ، والشّعبيّ، والنّخعي، وأبي صالحٍ، وأبي الجلد، نحو ذلك.
*روى الطبري عن ابن عباس:"وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات" قال، ابتلاه الله بالطهارة: خمس في الرأس، وخمس في الجسد. في الرأس: قص الشارب، والمضمضة، والاستنشاق، والسواك، وفرق الرأس. وفي الجسد: تقليم الأظفار، وحلق العانة، والختان، ونتف الإبط، وغسل أثر الغائط والبول بالماء.
قال الزجاج :(فأمّا اللاتي في الرأس: فالفرق, وقص الشارب , والسواك، والمضمضة، والاستنشاق،وأمّا التي في البدن : فالختان , وحلق العانة , والاستنجاء , وتقليم الأظافر , ونتف الإبط, فهذا مذهب قوم , وعليه كثير من أهل التفسير
قال ابن عطية :(وقيل بدل فرق الراس: إعفاء اللحية )
قال ابن كثير : قلت: وقريبٌ من هذا ما ثبت في صحيح مسلمٍ، عن عائشة، رضي اللّه عنها، قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "عشرٌ من الفطرة: قصّ الشّارب، وإعفاء اللّحية، والسّواك، واستنشاق الماء، وقصّ الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء" قال مصعبٌ ونسيت العاشرة إلّا أن تكون المضمضة.
قال وكيع: انتقاص الماء، يعني: الاستنجاء.
وفي الصّحيح، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: «الفطرة خمسٌ: الختان، والاستحداد، وقصّ الشّارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط». ولفظه لمسلمٍ.
القول الثالث:
الكلمات التي ابتلي بهن عشر خلال; بعضهن في تطهير الجسد، وبعضهن في مناسك الحج وهذا القول مروي عن ابن عباس ذكره الطبري وابن عطية وابن كثير
*روى الطبري عن ابن عباس في قوله:"وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن" قال، ستة في الإنسان، وأربعة في المشاعر.
فالتي في الإنسان: حلق العانة، والختان، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، وقص الشارب، والغسل يوم الجمعة. وأربعة في المشاعر: الطواف، والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار، والإفاضة.
*روى ابن أبي حاتمٍ عن ابن عبّاسٍ: أنّه كان يقول في هذه الآية: {وإذ ابتلى إبراهيم ربّه بكلماتٍ فأتمّهنّ} قال: عشرٌ، ستٌّ في الإنسان، وأربعٌ في المشاعر. فأمّا التي في الإنسان: حلق العانة، ونتف الإبط، والختان. وكان ابن هبيرة يقول: هؤلاء الثّلاثة واحدةٌ. وتقليم الأظفار، وقصّ الشّارب، والسّواك، وغسل يوم الجمعة. والأربعة التي في المشاعر: الطّواف، والسّعي بين الصّفا والمروة، ورمي الجمار، والإفاضة.
القول الرابع:
الكلمات: {إنّي جاعلك للنّاس إمامًا} وقوله: {وإذ جعلنا البيت مثابةً للنّاس وأمنًا} وقوله {واتّخذوا من مقام إبراهيم مصلًّى} وقوله: {وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل} الآية، وقوله: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل} الآية
في مناسك الحج وهذا القول مروي عن أبي صالح ومجاهد وعكرمة والربيع بن أنس ذكره الطبري وابن عطية وابن كثير
*روى الطبري عن أبي صالح مولى أم هانئ في قوله:"وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات" قال، منهن"إني جاعلك للناس إماما" ومنهن آيات النسك: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ) [سورة البقرة: 127] .
*روى الطبري عن مجاهد في قوله:"وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن" قال الله لإبراهيم: إني مبتليك بأمر فما هو؟ قال: تجعلني للناس إماما! قال: نعم. قال: ومن ذريتي. قال: لا ينال عهدي الظالمين. قال: تجعل البيت مثابة للناس. قال: نعم. [قال] : وأمنا. قال: نعم. [قال] : وتجعلنا مسلمين لك، ومن ذريتنا أمة مسلمة لك. قال: نعم. [قال] : وترينا مناسكنا وتتوب علينا. قال: نعم. قال: وتجعل هذا البلد آمنا. قال: نعم. قال: وترزق أهله من الثمرات من آمن منهم. قال: نعم.
* قال ابن جريج: فاجتمع على هذا القول مجاهد وعكرمة جميعا.
*روى ابن كثير عن الرّبيع بن أنسٍ: {وإذ ابتلى إبراهيم ربّه بكلماتٍ فأتمّهنّ} قال: الكلمات: {إنّي جاعلك للنّاس إمامًا} وقوله: {وإذ جعلنا البيت مثابةً للنّاس وأمنًا} وقوله {واتّخذوا من مقام إبراهيم مصلًّى} وقوله: {وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل} الآية، وقوله: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل} الآية، قال: فذلك كلّه من الكلمات التي ابتلي بهنّ إبراهيم
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: (فعلى هذا القول فالله تعالى هو الذي أتم)
القول الخامس :
مناسك الحج خاصة هذا القول مروي عن ابن عباس ذكره الطبري وابن عطية وابن كثير
*روى الطبري عن ابن عباس في قوله:"وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات" قال، مناسك الحج.
القول السادس :
الكلمات أمور، منهن الختان مروي عن الشعبي
* عن الشعبي: "وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات" قال، منهن الختان ذكره الطبري وابن عطية
قال ابن عطية :وروي أن الله عز وجل أوحى إليه أن تطهر، فتمضمض، ثم أن تطهر فاستنشق، ثم أن تطهر فاستاك، ثم أن تطهر فأخذ من شاربه، ثم أن تطهر ففرق شعره، ثم أن تطهر فاستنجى، ثم أن تطهر فحلق عانته، ثم أن تطهر فنتف إبطه، ثم أن تطهر فقلم أظفاره، ثم أن تطهر فأقبل على جسده ينظر ما يصنع فاختتن بعد عشرين ومائة سنة.
: وفي البخاري أنه اختتن وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم.
القول السابع :
هي الخلال الست: الكوكب، والقمر، والشمس، والنار، والهجرة، والختان، التي ابتلي بهن فصبر عليهن وهذا القول مروي عن الحسن ،وفي رواية عن الحسن ذكر الذبح ذكره الطبري والزجاج وابن عطية وابن كثير
*روى الطبري عن الحسن:"وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن". قال: ابتلاه بالكوكب، فرضي عنه؛ وابتلاه بالقمر، فرضي عنه؛ وابتلاه بالشمس، فرضي عنه؛ وابتلاه بالنار، فرضي عنه؛ وابتلاه بالهجرة، وابتلاه بالختان.
*روى الطبري عن الحسن أنه كان يقول: إي والله، ابتلاه بأمر فصبر عليه: ابتلاه بالكوكب والشمس والقمر، فأحسن في ذلك، وعرف أن ربه دائم لا يزول، فوجه وجهه للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما كان من المشركين؛ ثم ابتلاه بالهجرة فخرج من بلاده وقومه حتى لحق بالشام مهاجرا إلى الله؛ ثم ابتلاه بالنار قبل الهجرة، فصبر على ذلك؛ فابتلاه الله بذبح ابنه وبالختان، فصبر على ذلك.
قال ابن عطية : قال الحسن بن أبي الحسن: هي الخلال الست التي امتحن بها، الكوكب، والقمر، والشمس، والنار، والهجرة، والختان، وقيل بدل الهجرة: الذبح
* عن ابن عبّاسٍ، قال: الكلمات التي ابتلى اللّه بهنّ إبراهيم فأتمّهنّ: فراق قومه -في اللّه -حين أمر بمفارقتهم. ومحاجّته نمروذ -في اللّه -حين وقفه على ما وقفه عليه من خطر الأمر الذي فيه خلافه. وصبره على قذفه إيّاه في النّار ليحرقوه -في اللّه -على هول ذلك من أمرهم. والهجرة بعد ذلك من وطنه وبلاده -في اللّه -حين أمره بالخروج عنهم، وما أمره به من الضّيافة والصّبر عليها بنفسه وماله، وما ابتلي به من ذبح ابنه حين أمره بذبحه، فلمّا مضى على ذلك من اللّه كلّه وأخلصه للبلاء قال اللّه له: {أسلم قال أسلمت لربّ العالمين} على ما كان من خلاف النّاس وفراقهم.
هذه الرواية فيها ذكر صبره في الله

عن الحسن البصريّ {وإذ ابتلى إبراهيم ربّه بكلماتٍ فأتمّهنّ} قال: ابتلاه بالكوكب فرضي عنه، وابتلاه بالقمر فرضي عنه، وابتلاه بالشّمس فرضي عنه، وابتلاه بالهجرة فرضي عنه، وابتلاه بالختان فرضي عنه، وابتلاه بابنه فرضي عنه.رواه ابن أبي حاتم
هذه الرواية فيها ذكر رضى الله عنه
القول الثامن:
الكلمات التي ابتلى بهن إبراهيم ربه: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ) [سورة البقرة: 127-129]
وهذا القول مروي عن السدي ذكره الطبري وذكره ابن كثير
* * *
القول الراجح:
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن الله عز وجل أخبر عباده أنه اختبر إبراهيم خليله بكلمات أوحاهن إليه، وأمره أن يعمل بهن فأتمهن، كما أخبر الله جل ثناؤه عنه أنه فعل وجائز أن تكون تلك الكلمات جميع ما ذكره من ذكرنا قوله في تأويل"الكلمات"، وجائز أن تكون بعضه. لأن إبراهيم صلوات الله عليه قد كان امتحن فيما بلغنا بكل ذلك، فعمل به، وقام فيه بطاعة الله وأمره الواجب عليه فيه. وإذ كان ذلك كذلك، فغير جائز لأحد أن يقول: عنى الله بالكلمات التي ابتلي بهن إبراهيم شيئا من ذلك بعينه دون شيء، ولا عنى به كل ذلك، إلا بحجة يجب التسليم لها: من خبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أو إجماع من الحجة. ولم يصح في شيء من ذلك خبر عن الرسول بنقل الواحد، ولا بنقل الجماعة التي يجب التسليم لما نقلته. غير أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في نظير معنى ذلك خبران، لو ثبتا، أو أحدهما، كان القول به في تأويل ذلك هو الصواب. أحدهما، ما:-
*حدثنا به أبو كريب قال، حدثنا رشدين بن سعد قال، حدثني زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله: (الَّذِي وَفَّى) ؟ [سورة النجم:37] لأنه كان يقول كلما أصبح وكلما أمسى: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) [سورة الروم: 17] حتى يختم الآية. (2)
والآخر منهما ما:-
* حدثنا به أبو كريب قال، حدثنا الحسن بن عطية قال، حدثنا إسرائيل، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وإبراهيم الذي وفى" قال، أتدرون ما"وفى"؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: وفي عمل يومه، أربع ركعات في النهار.
قال أبو جعفر: فلو كان خبر سهل بن معاذ عن أبيه صحيحا سنده، كان بينا أن الكلمات التي ابتلي بهن إبراهيم فقام بهن، هو قوله كلما أصبح وأمسى:"فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون"- أو كان خبر أبي أمامة عدولا نقلته، كان معلوما أن الكلمات التي أوحين إلى إبراهيم فابتلي بالعمل بهن: أن يصلي كل يوم أربع ركعات. غير أنهما خبران في أسانيدهما نظر.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في معنى"الكلمات" التي أخبر الله أنه ابتلي بهن إبراهيم، ما بينا آنفا.
ولو قال قائل في ذلك: إن الذي قاله مجاهد وأبو صالح والربيع بن أنس، أولى بالصواب من القول الذي قاله غيرهم، كان مذهبا. لأن قوله:"إني جاعلك للناس إماما"، وقوله:"وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين" وسائر الآيات التي هي نظير ذلك، كالبيان عن الكلمات التي ذكر الله أنه ابتلي بهن إبراهيم.
قال الله جل ثناؤه: (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى) [سورة النجم: 37] ، يعني وفى بما عهد إليه، "بالكلمات"، بما أمره به من فرائضه ومحنته فيها
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ:
وجميع هذه الخلال قد ابتلي بها إبراهيم، وقد وفّى بما أمر به, وأتى بما يأتي به المؤمن, بل البر المصطفى المختار.
قال ابن عطية بعد ذكر الخصال العشرة في الرأس والجسد :
وقال الراوي: فأوحى الله إليه إنّي جاعلك للنّاس إماماً يأتمون بك في هذه الخصال، ويقتدي بك الصالحون.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا أقوى الأقوال في تفسير هذه الآية، وعلى هذه الأقوال كلها فإبراهيم عليه السلام هو الذي أتم.
وقد طول المفسرون في هذا، وذكروا أشياء فيها بعد فاختصرتها، وإنما سميت هذه الخصال كلمات، لأنها اقترنت بها أوامر هي كلمات، وروي أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم لما أتم هذه الكلمات أو أتمها الله عليه كتب الله له البراءة من النار، فذلك قوله تعالى: وإبراهيم الّذي وفّى [النجم: 37]
قال ابن كثير بعد أن نقل كلام ابن جرير الطبري وترجيحه:
ثمّ شرع ابن جريرٍ يضعّف هذين الحديثين، وهو كما قال؛ فإنّه لا تجوز روايتهما إلّا ببيان ضعفهما، وضعفهما من وجوهٍ عديدةٍ، فإنّ كلًّا من السّندين مشتملٌ على غير واحدٍ من الضّعفاء، مع ما في متن الحديث ممّا يدلّ على ضعفه واللّه أعلم.
ثمّ قال ابن جريرٍ: ولو قال قائلٌ: إنّ الذي قاله مجاهدٌ وأبو صالحٍ والربيع بن أنس أولى بالصّواب من القول الذي قاله غيرهم كان مذهبًا، فإنّ قوله: {إنّي جاعلك للنّاس إمامًا} وقوله: {وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهّرا بيتي للطّائفين} وسائر الآيات التي هي نظير ذلك، كالبيان عن الكلمات التي ذكر اللّه أنّه ابتلى بهنّ إبراهيم.
قلت: والذي قاله أوّلًا من أنّ الكلمات تشمل جميع ما ذكر، أقوى من هذا الذي جوّزه من قول مجاهدٍ ومن قال مثله؛ لأنّ السّياق يعطي غير ما قالوه واللّه أعلم.
ب: معنى الظلم في قوله تعالى: {لا ينال عهدي الظالمين}.
يختلف معنى الظلم في الآية باختلاف معنى العهد :
· إذا أريد بالعهد الدين أو الأمان أو أن لا طاعة لظالم:
فالظلم في الآية ظلم الكفر، لأن العاصي المؤمن ينال الدين والأمان من عذاب الله وتلزم طاعته إذا كان ذا أمر،وذكر ابن كثير أن المراد بالظلم هنا الشرك فلا ينال عهد الله مشرك

· إذا أريد بالعهد النبوءة أو الإمامة في الدين :
فالظلم ظلم المعاصي فما زاد
3: بيّن ما يلي:
أ: المراد بمقام إبراهيم، والحكمة من اتّخاذه مصلّى.
أختلف المفسرون في المراد بمقام إبراهيم على أقوال :
القول الأول:
مقام إبراهيم هو الحج كله
هذا القول رواه الطبري عن ابن عباس و مجاهدو عطاء وذكره ابن عطية وابن كثير
القول الثاني:
مقام إبراهيم عرفة والمزدلفة والجمار
هذا القول رواه الطبري عن عطاء بن أبي رياح و و ابن عباس وذكرهى ابن عطية
القول الثالث:
مقام إبراهيم الحرم
هذا القول رواه الطبري عن مجاهد وذكره ابن عطية
وعزاه ابن كثير إلى ابن أبي حاتمٍ من رواية ابن عبّاسٍ مجاهدٍ وعطاءٍ
القول الرابع :
مقام إبراهيم الحجر الذي قام عليه إبراهيم حين ارتفع بناؤه، وضعف عن رفع الحجارة.
هذا القول رواه الطبري عن ابن عباس وذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير من رواية سعيد بن جبير
أورد الزجاج في تفسيره أن عمر بن الخطاب قال للنبي صلى الله عليه وسلم, وقد وقفا على مقام إبراهيم: "أليس هذا مقام خليل ربنا؟" وقال بعضهم: "مقام أبينا, أفلا نتخذه مصلى؟"؛ فأنزل الله عزّ وجلّ: {واتّخذوا من مقام إبراهيم مصلّى}, فكان الأمر
ذكر ابن عطية هذا القول ونسبه إلى ابن عباس وقتادة وغيرهما، وذكر أن البخاري خرجه
القول السادس:
هو حجر ناولته إياه امرأته فاغتسل عليه وهو راكب، جاءته به من شق ثم من شق فغرقت رجلاه فيه حين اعتمد عليه،ذكره ابن جرير وابن عطية وذكره ابن كثيرمن رواية السدي
قال ابن كثير وقال السّدّيّ: المقام: الحجر الذي وضعته زوجة إسماعيل تحت قدم إبراهيم حتّى غسلت رأسه. حكاه القرطبيّ، وضعّفه ورجّحه غيره، وحكاه الرّازيّ في تفسيره عن الحسن البصريّ وقتادة والرّبيع بن أنسٍ.
القول الخامس:
مقام إبراهيم هو مقامه الذي هو في المسجد الحرام.
هذا القول رواه الطبري عن قتادة والربيع و السدي وذكره ابن عطية
ترجيح الطبري:
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب عندنا، ما قاله القائلون: إن"مقام إبراهيم"، هو المقام المعروف بهذا الاسم، الذي هو في المسجد الحرام، لما روينا آنفا عن عمر بن الخطاب، ولما:-
حدثنا يوسف بن سلمان قال، حدثنا حاتم بن إسماعيل قال، حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر قال: استلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الركن، فرمل ثلاثا، ومشى أربعا، ثم تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ:"واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى". فجعل المقام بينه وبين البيت، فصلى ركعتين، فهذان الخبران ينبئان أن الله تعالى ذكره إنما عنى ب"مقام إبراهيم" الذي أمرنا الله باتخاذه مصلى - هو الذي وصفنا.
ولو لم يكن على صحة ما اخترنا في تأويل ذلك خبر عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم، لكان الواجب فيه من القول ما قلنا. وذلك أن الكلام محمول معناه على ظاهره المعروف، دون باطنه المجهول، حتى يأتي ما يدل على خلاف ذلك، مما يجب التسليم له. ولا شك أن المعروف في الناس ب"مقام إبراهيم" هو المصلى الذي قال الله تعالى ذكره:"واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى"
ترجيح ابن كثير :
ذكر ابن كثير جملة من الأحاديث ثم رجح أن المراد بالمقام الحجر الذي قام عليه إبراهيم ،وهنا أنقل بعض الأحاديث للإختصار :
· حديث جابر وهو يصف حج النبي صلى الله عليه وسلم : لمّا طاف النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال له عمر: هذا مقام أبينا إبراهيم؟ قال: نعم، قال: أفلا نتّخذه مصلًّى؟ فأنزل اللّه، عزّ وجلّ: {واتّخذوا من مقام إبراهيم مصلًّى}.رواه ابن أبي حاتم
· عن أنسٍ، قال: قال عمر رضي اللّه عنه وافقت ربّي عزّ وجلّ في ثلاثٍ، قلت: يا رسول اللّه، لو اتّخذنا من مقام إبراهيم مصلًّى؟ فنزلت: {واتّخذوا من مقام إبراهيم مصلًّى} وقلت: يا رسول اللّه، إن نساءك يدخل عليهنّ البرّ والفاجر، فلو أمرتهنّ أن يحتجبن؟ فنزلت آية الحجاب. واجتمع على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نساؤه في الغيرة فقلت لهنّ: {عسى ربّه إن طلّقكنّ أن يبدله أزواجًا خيرًا منكنّ}[التّحريم: 5] فنزلت كذلك ثمّ رواه أحمد، عن يحيى وابن أبي عديٍّ، كلاهما عن حميدٍ، عن أنسٍ، عن عمر أنّه قال: وافقت ربّي في ثلاثٍ، أو وافقني ربّي في ثلاثٍ فذكره.رواه أحمد
· عن جابرٍ قال: استلم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الرّكن، فرمل ثلاثًا، ومشى أربعًا، ثمّ تقدّم إلى مقام إبراهيم، فقرأ: {واتّخذوا من مقام إبراهيم مصلًّى} فجعل المقام بينه وبين البيت، فصلّى ركعتين.وهذا قطعةٌ من الحديث الطّويل الذي رواه مسلمٌ في صحيحه
فهذا كلّه ممّا يدلّ على أنّ المراد بالمقام إنّما هو الحجر الذي كان إبراهيم عليه السلام، يقوم عليه لبناء الكعبة، لمّا ارتفع الجدار أتاه إسماعيل، عليه السّلام، به ليقوم فوقه ويناوله الحجارة فيضعها بيده لرفع الجدار، كلّما كمّل ناحيةً انتقل إلى النّاحية الأخرى، يطوف حول الكعبة، وهو واقفٌ عليه، كلّما فرغ من جدارٍ نقله إلى النّاحية التي تليها هكذا، حتّى تمّ جدارات الكعبة، كما سيأتي بيانه في قصّة إبراهيم وإسماعيل في بناء البيت، من رواية ابن عبّاسٍ عند البخاريّ. وكانت آثار قدميه ظاهرةٌ فيه، ولم يزل هذا معروفًا تعرفه العرب في جاهليّتها؛ ولهذا قال أبو طالبٍ في قصيدته المعروفة اللّاميّة:
وموطئ إبراهيم في الصّخر رطبةٌ.......على قدميه حافيًا غير ناعل
الحكمة من اتخاذ مقام إبراهيم مصلى :
لا يبعد أن يكون وجه الحكمة فيه هو لفت نظر الأجيال الصاعدة الوافدة إلى هذا المقام ، إلى الدور البارز الذي نهض به بالنسبة إلى فريضة الحج بالتعاون مع ولده إسماعيل فهو كان المجدد لبناء الكعبة مع ولده هذا برفع قواعدها والبناء فوقها بعد أنت كان مغطاة مستورة بسبب طوفان نوح عليه السلام وهبوب الرياح العاتية . وعندما أراد إبراهيم وإسماعيل تجديد بناء البيت بأمر من الله تعالى ـ سخر له الريح فكشفت له عن مكانه وظهرت القواعد الأساسية التي كان قائماً عليها في الزمن القديم وساعد ذلك على تجديد البناء وإعادته إلى الوجود من جديد ، وقد أشار الله سبحانه إلى ذلك بقوله : ( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْماعِيلُ )
ومن الحكم الاطلاع على سيرة هذا النبي العظيم وعبادته الخالصة المخلصة لله سبحانه يبرز شخصيته الرسالية المثالية على واقعها وأنها بلغت القمة في الإخلاص والتوحيد العبادي بعد أن بلغت ذلك في التوحيد العقيدي وتجلى ذلك بوضوح بعد تعرضه لامتحانات عديدةٍ وصعبة فقابلها بقوة إيمان وصلابة موقف وغاية في التسليم والخضوع لإرادة الله سبحانه وذلك هو روح العبودية وقلب العبادة الحقة التي خلق الله الإنسانَ من أجلها وكلفه بالعبادات الخاصة المعهودة لتكون وسيلةً لتحقق تلك العبادة بمعناها العام وهي صفة الخضوع المطلق لإرادة الله تعالى بكل عمل اختياري يمارسُه المكلف على صعيد هذه الحياة بإرادته واختياره .

ب: معنى قوله تعالى: {إذا قضى أمرا فإنما يقول له فكن فيكون}.
المعنى الإجمالي للآية :
هذه الآية فيها بيان لعظمة قدرة الله المبدع الخالق للأكوان وأنه إذا قضى وقدر أمراً وأراده فإنما يقول له كن فيكون كما أراد الله عز وجل
قال ابن كثير في بيان معناها :
وقوله تعالى: {وإذا قضى أمرًا فإنّما يقول له كن فيكون} يبيّن بذلك تعالى كمال قدرته وعظيم سلطانه، وأنّه إذا قدّر أمرًا وأراد كونه، فإنّما يقول له: كن. أي: مرّةً واحدةً، فيكون، أي: فيوجد على وفق ما أراد، كما قال تعالى: {إنّما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون} [يس: 82] وقال تعالى: {إنّما قولنا لشيءٍ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} [النّحل: 40] وقال تعالى: {وما أمرنا إلا واحدةٌ كلمحٍ بالبصر} [القمر: 50]، وقال الشّاعر:
إذا ما أراد اللّه أمرًا فإنّما = يقول له كن قولةً فيكون
ونبّه تعالى بذلك أيضًا على أنّ خلق عيسى بكلمة: كن، فكان كما أمره اللّه، قال [اللّه] تعالى: {إنّ مثل عيسى عند اللّه كمثل آدم خلقه من ترابٍ ثمّ قال له كن فيكون} [آل عمران: 59]

تفصيل الكلام في معنى الآية :
كثر الكلام في معنى هذه الآية ،وهي واضحة لاإشكال فيها لكن أختلف في معناها أهل السنة والأشاعرة والمعتزلة ونقل ابن عطية جانب من كلامهم ،وفصل فيها ابن جرير الطبري وذكر تنازع المتاؤلين فيها وفي أي حال يقول الله للأمر الذي يقضيه كن أفي حال عدمه ،أم في حال وجوده ثم ذكر أقوالهم وفصل فيها:
· فمنهم من يرى أن ذلك خبر من الله جل ثناؤه عن أمره المحتوم - على وجه القضاء لمن قضى عليه قضاء من خلقه الموجودين أنه إذا أمره بأمر نفذ فيه قضاؤه ، ومضى فيه أمره ، نظير أمره من أمر من بني إسرائيل بأن يكونوا قردة خاسئين ، وهم موجودون في حال أمره إياهم بذلك

· ومنهم من جعلالآية عامة على ظاهرها ، فليس لأحد أن يحيلها إلى باطن بغير حجة يجب التسليم لها

· ومنهم من قال : بل الآية وإن كان ظاهرها ظاهرَ عمومٍ ، فتأويلها الخصوص فيكون تأويلها: وإذا قضى أمرا من إحياء ميت ، أو إماتة حي ، ونحو ذلك ، فإنما يقول لحي: " كن ميتا ، أو لميت: كن حيا " ، وما أشبه ذلك من الأمر.

· ومنهم من يرى أن الآية خبر عن جميع ما ينشئها لله ويكونه ، أنه إذا قضاه وخلقه وأنشأه ، كان ووجد


ترجيح أبن جرير الطبري للعموم ،ورده على أصحاب الأقوال السابقة بالتفصيل :

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في قوله: (وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) ، أن يقال: هو عام في كل ما قضاه الله وبرأه ، لأن ظاهر ذلك ظاهر عموم ، وغير جائزة إحالة الظاهر إلى الباطن من التأويل بغير برهان لما قد بينا في كتابنا: " كتاب البيان عن أصول الأحكام ". وإذ كان ذلك كذلك ، فأمر الله جل وعز لشيء إذا أراد تكوينه موجودا بقوله: (كن) في حال إرادته إياه مكوَّنا ، لا يتقدم وجود الذي أراد إيجاده وتكوينه، إرادته إياه ، ولا أمره بالكون والوجود ، ولا يتأخر عنه. فغير جائز أن يكون الشيء مأمورا بالوجود مرادا كذلك إلا وهو موجود ، ولا أن يكون موجودا إلا وهو مأمور بالوجود مراد كذلك. ونظير قوله: (وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) قوله: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ [سورة الروم: 25] بأن خروج القوم من قبورهم لا يتقدم دعاء الله ، ولا يتأخر عنه.
ويسألُ من زعم أن قوله: (وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) خاص في التأويل اعتلالا بأن أمر غير الموجود غير جائز ، (56) عن دعوة أهل القبور قبل خروجهم من قبورهم ، أم بعده؟ أم هي في خاص من الخلق؟ فلن يقول في ذلك قولا إلا أُلزم في الآخر مثله.
ثم ذكر خلاصة لمعنى الآية فقال:
فمعنى الآية إذًا: وقالوا اتخذ الله ولدا ، سبحانه أن يكون له ولد! بل هو مالك السموات والأرض وما فيهما ، كل ذلك مقر له بالعبودية بدلالته على وحدانيته. وأنى يكون له ولد ، وهو الذي ابتدع السموات والأرض من غير أصل ، كالذي ابتدع المسيح من غير والد بمقدرته وسلطانه ، الذي لا يتعذر عليه به شيء أراده! بل إنما يقول له إذا قضاه فأراد تكوينه: " كن " ، فيكون موجودا كما أراده وشاءه. فكذلك كان ابتداعه المسيح وإنشاؤه ، إذْ أراد خلقه من غير والد.

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
مَا تَقُولُ السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ أَئِمَّةُ الدِّينِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ ، فِي قَوْله تَعَالَى : (إنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) فَإِنْ كَانَ الْمُخَاطَبُ مَوْجُودًا فَتَحْصِيلُ الْحَاصِلِ مُحَالٌ ، وَإِنْ كَانَ مَعْدُومًا فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ خِطَابُ الْمَعْدُومِ ؟
فأجاب جوابا مطولا ، جمع فيه مقاصد ذلك ، وأطرافه ، جاء فيه :
" وقَوْله تَعَالَى (إنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) . ذَلِكَ الشَّيْءُ هُوَ مَعْلُومٌ قَبْلَ إبْدَاعِهِ ، وَقَبْلَ تَوْجِيهِ هَذَا الْخِطَابِ إلَيْهِ ، وَبِذَلِكَ كَانَ مُقَدَّرًا مَقْضِيًّا، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ وَيَكْتُبُ ، مِمَّا يَعْلَمُهُ : مَا شَاءَ ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ( إنَّ اللَّهَ قَدَّرَ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) ، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مَعَهُ ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ) ، وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ اُكْتُبْ ، فَقَالَ: مَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: مَا هُوَ كَائِنٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) .
إلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ الَّتِي تُبَيِّنُ أَنَّ الْمَخْلُوقَ ، قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ : كَانَ مَعْلُومًا ، مُخْبَرًا عَنْهُ ، مَكْتُوبًا ؛ فَهُوَ شَيْءٌ بِاعْتِبَارِ وُجُودِهِ الْعِلْمِيِّ الْكَلَامِيِّ الْكِتَابِيِّ، وَإِنْ كَانَتْ حَقِيقَتُهُ ، الَّتِي هِيَ وُجُودُهُ الْعَيْنِيُّ : لَيْسَ ثَابِتًا فِي الْخَارِجِ ، بَلْ هُوَ عَدَمٌ مَحْضٌ ، وَنَفْيٌ صِرْفٌ .
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الْخِطَابُ مُوَجَّهًا إلَى مَنْ تَوَجَّهَتْ إلَيْهِ الْإِرَادَةُ ، وَتَعَلَّقَتْ بِهِ الْقُدْرَةُ ، وَخَلَقَ وَكَوَّنَ ، كَمَا قَالَ: (إنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ؛ فَاَلَّذِي يُقَالُ لَهُ: كُنْ ، هُوَ الَّذِي يُرَادُ، وَهُوَ حِينَ يُرَادُ - قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ - لَهُ ثُبُوتٌ وَتَمَيُّزٌ فِي الْعِلْمِ وَالتَّقْدِيرِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا تَمَيَّزَ الْمُرَادُ الْمَخْلُوقُ مِنْ غَيْرِهِ .

فقول السَّائِلِ: إنْ كَانَ الْمُخَاطَبُ مَوْجُودًا فَتَحْصِيلُ الْحَاصِلِ مُحَالٌ ؟
يُقَالُ لَهُ : هَذَا إذَا كَانَ مَوْجُودًا فِي الْخَارِجِ ، وُجُودَهُ الَّذِي هُوَ وُجُودُهُ . وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمَعْدُومَ لَيْسَ مَوْجُودًا ، وَلَا هُوَ فِي نَفْسِهِ ثَابِتٌ .
وَأَمَّا مَا عُلِمَ وَأُرِيدَ ، وَكَانَ شَيْئًا فِي الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ وَالتَّقْدِيرِ ، فَلَيْسَ وُجُودُهُ فِي الْخَارِجِ مُحَالًا؛ بَلْ جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ لَا تُوجَدُ إلَّا بَعْدَ وُجُودِهَا فِي الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ.
وَقَوْلُ السَّائِلِ: إنْ كَانَ مَعْدُومًا فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ خِطَابُ الْمَعْدُومِ ؟
يُقَالُ لَهُ: أَمَّا إذَا قُصِدَ أَنْ يُخَاطَبَ الْمَعْدُومُ .. بِخِطَابِ يَفْهَمُهُ وَيَمْتَثِلُهُ ، فَهَذَا مُحَالٌ؛ إذْ مِنْ شَرْطِ الْمُخَاطَبِ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الْفَهْمِ وَالْفِعْلِ ؛ وَالْمَعْدُومُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَفْهَمَ وَيَفْعَلَ، فَيَمْتَنِعُ خِطَابُ التَّكْلِيفِ لَهُ حَالَ عَدَمِهِ ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ حِينَ عَدَمِهِ أَنْ يَفْهَمَ وَيَفْعَلَ .
وَكَذَلِكَ أَيْضًا يَمْتَنِعُ أَنْ يُخَاطَبَ الْمَعْدُومُ فِي الْخَارِجِ خِطَابَ تَكْوِينٍ ، بِمَعْنَى أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ شَيْءٌ ثَابِتٌ فِي الْخَارِجِ ، وَأَنَّهُ يُخَاطَبُ بِأَنْ يَكُونَ.
وَأَمَّا الشَّيْءُ الْمَعْلُومُ الْمَذْكُورُ الْمَكْتُوبُ ، إذَا كَانَ تَوْجِيهُ خِطَابِ التَّكْوِينِ إلَيْهِ ، مِثْلَ تَوْجِيهِ الْإِرَادَةِ إلَيْهِ ، فَلَيْسَ ذَلِكَ مُحَالًا، بَلْ هُوَ أَمْرٌ مُمْكِنٌ ، بَلْ مِثْلُ ذَلِكَ يَجِدُهُ الْإِنْسَانُ فِي نَفْسِهِ، فَيُقَدِّرُ أَمْرًا فِي نَفْسِهِ يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَهُ، وَيُوَجِّهُ إرَادَتَهُ وَطَلَبَهُ إلَى ذَلِكَ الْمُرَادِ الْمَطْلُوبِ الَّذِي قَدَّرَهُ فِي نَفْسِهِ، وَيَكُونُ حُصُولُ الْمُرَادِ الْمَطْلُوبِ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ، فَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى حُصُولِهِ ، حَصَلَ مَعَ الْإِرَادَةِ وَالطَّلَبِ الْجَازِمِ، وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا لَمْ يَحْصُلْ.
وَقَدْ يَقُولُ الْإِنْسَانُ : لِيَكُنْ كَذَا ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ صِيَغِ الطَّلَبِ ، فَيَكُونُ الْمَطْلُوبُ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ .
وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَمَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ ؛ فَإِنَّمَا أَمْرُهُ إذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ " ينظر : "مجموع الفتاوى" (8/ 181-186) .

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 20 ربيع الأول 1439هـ/8-12-2017م, 12:02 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي


تقويم مجلس مذاكرة القسم التاسع من تفسير سورة البقرة



تعليق عام :
بداية أثني على التزام أكثركم بقواعد تحرير المسائل الخلافية، وتحقيق الإجابة الوافية ، والتصرف بأسلوبكم، زادكم الله إتقانًا وإحسانًا.
وهناك نقطة أود التأكيد عليها وهي بخصوص تحرير المسائل ، والجمع بين الأقوال متعددة.
أقوال المفسرين قد تكون متوافقة معنى وإن اختلفت ألفاظها وهذا لا يُعد خلافًا في حقيقة الأمر ، وإنما الخلاف إن اختلفت معنى ولفظًا فهنا يُنظر هل من الممكن الجمع بين الأقوال أم يجب الترجيح.
وقد وضح ابن عثيمين هذه النقطة في كتابه أصول في التفسير؛ فأنقل لكم كلامه هنا للفائدة، مع الإشارة إلى أن هذه المجالس العلمية ليست لمجرد دراسة مسائل السورة وإنما للتدرب على كثير من المهارات منها تحرير المسائل الخلافية، وكتابة الرسائل التفسيرية، وتفسير الآيات بأسلوبكم بإيجاز وهو أن نقتصر على المعنى الراجح في تفسير الآية مع استيعاب مسائلها، وتدبر الآيات واستخراج الفوائد السلوكية وغيرها من المهارات؛ فلنحرص على إتقان هذه المهارات، بارك الله فيكم ونفع بكم.
اقتباس:
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - : "
الاختلاف الوارد في التفسير المأثور

الاختلاف الوارد في التفسير المأثور على ثلاثة أقسام:
الأول: اختلاف في اللفظ دون المعنى، فهذا لا تأثير له في معنى الآية، مثاله قوله تعالى: {وقضى ربّك ألا تعبدوا إلّا إيّاه} [الإسراء: 23] قال ابن عباس: قضي: أمر، وقال مجاهد: وصي، وقال الربيع بن انس: أوجب، وهذه التفسيرات معناها واحد، او متقارب فلا تأثير لهذا الاختلاف في معنى الآية.
الثاني: اختلاف في اللفظ والمعنى، والآية تحتمل المعنيين لعدم التضاد بينهما، فتحمل الآية عليهما، وتفسر بهما، ويكون الجمع بين هذا الاختلاف أن كل واحد من القولين ذكر على وجه التمثيل، لما تعنيه الآية أو التنويع، مثاله قوله تعالى: {واتل عليهم نبأ الّذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشّيطان فكان من الغاوين} [الأعراف: 175] {ولو شئنا لرفعناه بها ولكنّه أخلد إلى الأرض واتّبع هواه } [الأعراف: 176] قال ابن مسعود: هو رجل من بني إسرائيل، وعن ابن عباس أنه: رجل من أهل اليمن، وقيل: رجل من أهل البلقاء.
والجمع بين هذه الأقوال: أن تحمل الآية عليها كلها، لأنها تحتملها من غير تضاد، ويكون كل قول ذكر على وجه التمثيل.
ومثال آخر قوله تعالى: {وكأساً دهاقاً} [النبأ: 34] قال ابن عباس: دهاقاً مملوءة، وقال مجاهد: متتابعة، وقال عكرمة: صافية. ولا منافاة بين هذه الأقوال، والآية تحتملها فتحمل عليها جميعاً ويكون كل قول لنوع من المعنى.
القسم الثالث: اختلاف اللفظ والمعنى، والآية لا تحتمل المعنيين معا للتضاد بينهما، فتحمل الآية على الأرجح منهما بدلالة السياق أو غيره.
مثال ذلك: قوله تعالى: {إنّما حرّم عليكم الميتة والدّم ولحم الخنزير وما أهلّ به لغير اللّه فمن اضطرّ غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ} [البقرة: 173] قال ابن عباس: غير باغ في الميتة ولا عاد من أكله، وقيل: غير خارج على الإمام ولا عاص بسفره والأرجح الأول لأنه لا دليل في الآية على الثاني، ولأن المقصود بحل ما ذكر دفع الضرورة، وهي واقعة في حال الخروج على الإمام، وفي حال السفر المحرم وغير ذلك.
ومثال آخر قوله تعالى: {وإن طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ وقد فرضتم لهنّ فريضةً فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الّذي بيده عقدة النّكاح}[البقرة: الآية 237] قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الذي بيده عقدة النكاح: هو الزوج، وقال ابن عباس: هو الولي، والراجح الأول لدلالة المعنى عليه، ولأنه قد روي فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم". اهـ
وفيما يلي من تعليقات - بإذن الله - سأحاول ضرب الأمثلة بما ورد في المقرر.



المجموعة الأولى :

1: رضوى محمود : أ+
س2: أ : يمكن تقسيم الأقوال إلى قولين رئيسيين : الأول : التطهير الحسي ، ويدخل تحته التطهير من النجاسات والأذى والفرث والدم .. ، والتطهير المعنوي ويدخل تحته التطهير من الشرك والتأسيس على التقوى ...، وعند الترجيح يُذكر أجوبة ابن جرير الطبري ورد ابن كثير عليه.

س2: ب:
يمكن تقسيم الأقوال إلى ثلاثة أقوال رئيسة: الأول : القنوت العام أو القدري ، مثل قول مجاهد ، والقنوت الخاص أو الشرعي ويدخل تحته : مطيعون، مصلون .. ، والقول الثالث : وهو تخصيص الطاعة أو القيام بزمن يوم القيامة.
وعند الترجيح يُذكر قول ابن جرير في جمعه بين الأقوال.
- ملحوظة: عند التحرير وتصنيف الأقوال تُذكر عناوينها بأسلوب الطالب ، لكن يُذكر تحتها أقوال السلف بنصها، وإنما الهدف من حصر الأقوال هو النظر إليها عند إرادة الترجيح، ومعرفة ما يمكن الجمع بينه، وما يجب فيه الترجيح.

س3: أ : كان الأولى بيان مرجع الإشارة " أولئك " حتى يتضح مرجع الضمائر في إجابتك ومرجع اسم الإشارة " هؤلاء " في إجابتك كذلك.


ندى علي : أ+
- أرجو مراجعة التعليق العام، والتعليقات على إجابة الأخت رضوى.
- سؤال التفسير : من اتبع التوراة من أهل الكتاب حق الاتباع فسيقوده هذا إلى الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا على القول بأن المراد بالاسم الموصول أهل الكتاب من اليهود والنصارى.
- الطهارة الحسية يدخل فيها الطهارة من الدم والنجاسات الحسية، وقد ضعف هذا القول ابن عطية - وإن كان لا يبعد معنى -، وابن كثير اقتصر على معنى الطهارة من الشرك ومن الأصنام، ثم أخذ في توجيه هذا القول على وجهين كما ذكرتِ.


يُتبع بإذن الله ...

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 20 ربيع الأول 1439هـ/8-12-2017م, 08:52 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي



المجموعة الثانية :


عقيلة زيان : أ+


- سؤال التفسير يظهر فيه تأثركِ بأسلوب المفسرين.
- أثني على تحريرك للمسائل وتنظيمكِ للأقوال، وبيان القول الراجح ووجه الترجيح لكن هناك ثمة ملحوظات :
بالنسبة للأقوال في المراد بمن منع مساجد الله، ، الروم هم النصارى وهم الذين عاونوا بختنصر، فالأقوال الثلاثة بمثابة قول واحد لكن كل مفسر ذكر وجها منه، ولو تأملتِ تفسير ابن كثير تجدينه حرر المسألة على قولين فقط.

قولكِ: " {ومعنى سعي في خرابها.}.. . أنه مر زمان بعد ذلك لا يدخل نصراني بيت المقدس إلا أوجع ضربا، ذكره ابن عطية ونسبه إلى قاله قتادة والسدي..." هذا القول في معنى دخولهم خائفين، وليس في المراد بالسعي في خرابها.


س3: القول بأن " أل " للعهد نص عليه الزجاج وابن عطية.



هناء محمد علي : أ+
- أحسنتِ، بارك الله فيكِ، بخصوص النقطة الأولى من السؤال الثاني، راجعي التعليق على إجابة الأخت عقيلة.


المجموعة الثالثة :


منى محمد مدني : أ
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
وأرجو أن تجتهدي في التصرف في الإجابة بأسلوبك واختصار أقوال المفسرين الثلاثة دون نقل نصها إلا فيما يُحتاج إليه وهو نادر بإذن الله، حتى يسهل عليكِ تنظيم الإجابة وحفظها بعد ذلك.


المجموعة الرابعة :

حنان علي محمود : أ+

س2:أ:

يُفرق بين سبب النزول وما ورد من عبارات في تفسير الآية وما يحتمله معناها، سبب النزول ما روي من حادثة قيل أنها حصلت فنزلت الآية، فهذه الصيغة صريحة في بيان سبب النزول.
وهناك صيغة أخرى تحتمل أنها سبب النزول أو أنها في تفسير الآية وهو قولهم : " نزلت في كذا .."

وهذه الروايات قد تصح وقد لا تصح في روايتها عن السلف.





وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى.








رد مع اقتباس
  #11  
قديم 6 جمادى الأولى 1439هـ/22-01-2018م, 05:59 AM
رشا نصر زيدان رشا نصر زيدان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
الدولة: الدوحة قطر
المشاركات: 359
افتراضي مجلس مذاكرة القسم التاسع من البقرة

السؤال الأول: (عامّ لجميع الطلاب).

استخرج خمس فوائد سلوكية واستدلّ لها من قوله تعالى: {


إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ:
نبوة الرسول صلى الله عليه و سلم.
 و أن الإسلام هو دين الحق.

بَشِيرًا وَنَذِيرًا :
على الدعاة أن يشتمل خطابهم بين الرغبة و الترهيب.
على المؤمن أن يسير إلى ربه بين جناحي الرجاء و الخوف.

•وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ:
•نهي السؤال عمن مات على كفره تعظيما لحاله.


السؤال الثاني: أجب على إحدى المجموعات التالية:

المجموعة الأولى:

1: فسّر قول الله تعالى:
{الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ: قال ابن عباس أنها نزلت في أهل السفينة الذين قدموا مع جعفر ابن أبي طالب و كان على متنها أربعون رجلا،اثنين و ثلاثون من الحبشة و ثمانية من رهبان الشام منهم بحيرا الراهب.و قال الضحاك هم من آمن من اليهود مثل عبد الله بن سلام.و قال قتادة و عكرمة هو أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم.و قيل هي في عامة المؤمنين من آمن بالله و رسله و كتبه وأقام حلاله و حرامه و الكتاب هنا يكون اسم جنس.

يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ:
قال الكلبي : يصفونه في كتبهم حق صفته لمن سألهم من الناس ، والضمير راجع إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال الآخرون : هي عائدة إلى الكتاب ، وقال ابن مسعود رضي الله عنه : يقرءونه كما أنزل ولا يحرفونه ، ويحلون حلاله ويحرمون حرامه ، وقال الحسن : يعملون بمحكمه ، ويؤمنون بمتشابهه ، وقال مجاهد : يتبعونه حق اتباعه، فتلا بمعنى اتبع، لقوله تعالى: " و القمر إذا تلاها".ومن حق تلاوة القرآن تدبره و مدارسته.

أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}.
من آمن بما أنزل على محمد صلى الله عليه و سلم،وأقام حلاله و حرامه و تدبر آياته و عمل بمحكمه و آمن بمتشابهه أولئك هم من استحقوا لقب المؤمنين و استحقوا السعادة و البشارة،ومن عاند و كفر و أصر على كفره فهؤلاء قد خسروا السعادة الحقيقية في الدنيا و جنة الدنيا و هي الإيمان بالله تعالى؛و على هذا فقد حرموا جنة الآخرة و شقوا و كانت جهنم مأواهم و بئس المصير.

2: حرّر القول في:

أ: متعلّق التطهير في قوله تعالى: {وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهّرا بيتي} الآية.

•القول الأول: والتطهير" الذي أمرهما الله به في البيت ، هو تطهيره من الأصنام ، وعبادة الأوثان فيه ، ومن الشرك بالله . كقوله تعالى:"أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار". حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي " ، يقول : ابنيا بيتي [ للطائفين].
•الوجه الآخر منهما : أن يكون الأمر بأن يطهرا مكان البيت قبل بنيانه ، والبيت بعد بنيانه ، مما كان أهل الشرك بالله يجعلونه فيه - على عهد نوح ومن قبله - من الأوثان ، ليكون ذلك سنة لمن بعدهما ،و لذلك جعل الله إبراهيم عليه السلام إماما للناس ليقتدى به و كان حنيفا مسلما ، كما ذكر الطبري في تفسيره:
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : "أن طهرا" قال : من الأصنام التي يعبدون ، التي كان المشركون يعظمونها .
وذكر الطبري أيضا عن قول عبيدة بن عامر أن طهرا بيتي من الأوثان و الريب. وزاد قتادة و قول الزرو.

ب: معنى قوله تعالى: {كل له قانتون}.

كل له طائعون، قائمون بالطاعة، فهناك الطاعة بالصناعة فكل المخلوقات في السموات و الأرض خاضعة طائعة لله تعالى. و القانت في اللغة هو القائم و ذلك دعاء القنوت في الصلاة.

3: بيّن ما يلي:

أ: معنى قوله تعالى: {أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين}. هو أمر من الله تعالى بظهور المسلمين على الكفار جميعا؛ كقوله تعالى:" ليظهره على الدين كله و لو كره المشركين" فتكون القوامة للمسلمين، حتى لا يدخل الكفار المسجد إلا خائفين متوجسين.و قال ابن عطية: أنها ليست بأمر بين منعهم من المساجد، لكنها تطرق إلى ذلك وبدأة فيها وعد للمؤمنين ووعيد للكافرين.و قال ابن كثير هو خبر معناه طلب و لذلك نادى الرسول صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة ألا يطرف بالكعبة مشرك أو عريان.

ب: القائل: {لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى}، مع الاستدلال لكلامك.

هودا بمعنى يهودي قال الفراء حذفت ياءاه على غير قياس،و هود كقول عوذ و عائذ، وحائل و حول، و هائد بمعنى العائد إلى التوبة. و قد نزلت في اليهود و لنصارى لأنهما يقرآن التوراة و يختلفان في في تثبيت رسالة موسى وعيسى عليهما السلامنو لذلك قال الله تعالى: "وقالوا". و قال كل فريق منهم انه لن يدخل الجنة إلا من كان على ملتنا ، و لذلك قالوا في سورة المائدة:" نحن أبناء الله و أحباؤه"، فاكذبهم الله و قال إنه معذبهم بذنوبهم. و لذلك قال الله تعالى في الاية" تلك أمانيهم" و في اللغة الأماني تطلق على المستحيل،وايضا قال تعالى:" قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين" فمن المعلوم أن البينة على من أدعى. و بعد ذلك قال تعالى:" بلى من أسلم وحهه لله و هو محسن فله أجره عند ربه"، فالإخلاص و النتابعة هم شرطي قبول العمل.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 9 جمادى الآخرة 1439هـ/24-02-2018م, 12:16 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشا نصر زيدان مشاهدة المشاركة
السؤال الأول: (عامّ لجميع الطلاب).

استخرج خمس فوائد سلوكية واستدلّ لها من قوله تعالى: {


إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ:
نبوة الرسول صلى الله عليه و سلم.
 و أن الإسلام هو دين الحق.
[ الفائدة السلوكية : الإيمان بذلك، والثبات عليه ]

بَشِيرًا وَنَذِيرًا :
على الدعاة أن يشتمل خطابهم بين الرغبة و الترهيب.
على المؤمن أن يسير إلى ربه بين جناحي الرجاء و الخوف.

•وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ:
•نهي السؤال عمن مات على كفره تعظيما لحاله.


السؤال الثاني: أجب على إحدى المجموعات التالية:

المجموعة الأولى:

1: فسّر قول الله تعالى:
{الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ: قال ابن عباس أنها نزلت في أهل السفينة الذين قدموا مع جعفر ابن أبي طالب و كان على متنها أربعون رجلا،اثنين و ثلاثون من الحبشة و ثمانية من رهبان الشام منهم بحيرا الراهب.و قال الضحاك هم من آمن من اليهود مثل عبد الله بن سلام.و قال قتادة و عكرمة هو أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم.و قيل هي في عامة المؤمنين من آمن بالله و رسله و كتبه وأقام حلاله و [ حرّم ] حرامه و الكتاب هنا يكون اسم جنس.

يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ:
قال الكلبي : يصفونه في كتبهم حق صفته لمن سألهم من الناس ، والضمير راجع إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال الآخرون : هي عائدة إلى الكتاب ، وقال ابن مسعود رضي الله عنه : يقرءونه كما أنزل ولا يحرفونه ، ويحلون حلاله ويحرمون حرامه ، وقال الحسن : يعملون بمحكمه ، ويؤمنون بمتشابهه ، وقال مجاهد : يتبعونه حق اتباعه، فتلا بمعنى اتبع، لقوله تعالى: " و القمر إذا تلاها".ومن حق تلاوة القرآن تدبره و مدارسته.
[ الضمير في يتلونه عائد على الكتاب بلا خلاف، وإنما الخلاف في تحديد المراد بالكتاب.
أما الضمير في :{ به } من قوله تعالى :{ أولئك يؤمنون به } هو الذي اختُلف فيه هل يعود على الكتاب أو النبي محمد صلى الله عليه وسلم. ]


أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}.
من آمن بما أنزل على محمد صلى الله عليه و سلم،وأقام حلاله و حرامه و تدبر آياته و عمل بمحكمه و آمن بمتشابهه أولئك هم من استحقوا لقب المؤمنين و استحقوا السعادة و البشارة،ومن عاند و كفر و أصر على كفره فهؤلاء قد خسروا السعادة الحقيقية في الدنيا و جنة الدنيا و هي الإيمان بالله تعالى؛و على هذا فقد حرموا جنة الآخرة و شقوا و كانت جهنم مأواهم و بئس المصير.

2: حرّر القول في:

أ: متعلّق التطهير في قوله تعالى: {وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهّرا بيتي} الآية.

•القول الأول: والتطهير" الذي أمرهما الله به في البيت ، هو تطهيره من الأصنام ، وعبادة الأوثان فيه ، ومن الشرك بالله . كقوله تعالى:"أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار". حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي " ، يقول : ابنيا بيتي [ للطائفين].
•الوجه الآخر منهما : أن يكون الأمر بأن يطهرا مكان البيت قبل بنيانه ، والبيت بعد بنيانه ، مما كان أهل الشرك بالله يجعلونه فيه - على عهد نوح ومن قبله - من الأوثان ، ليكون ذلك سنة لمن بعدهما ،و لذلك جعل الله إبراهيم عليه السلام إماما للناس ليقتدى به و كان حنيفا مسلما ، كما ذكر الطبري في تفسيره:
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : "أن طهرا" قال : من الأصنام التي يعبدون ، التي كان المشركون يعظمونها .
وذكر الطبري أيضا عن قول عبيدة بن عامر أن طهرا بيتي من الأوثان و الريب. وزاد قتادة و قول الزرو.

[ ما ذكرتيه أولا وثانيًا يدخل تحت قول واحد وهو التطهير من الشرك سواء بإقامة التوحيد أو بإزالة الأصنام وفي المسألة أقوال أخرى، راجعي إجابة الأخت رضوى، مع التعليق عليها ]

ب: معنى قوله تعالى: {كل له قانتون}.

كل له طائعون، قائمون بالطاعة، فهناك الطاعة بالصناعة فكل المخلوقات في السموات و الأرض خاضعة طائعة لله تعالى. و القانت في اللغة هو القائم و ذلك دعاء القنوت في الصلاة.
[ هذا أحد الأقوال في المسألة، وهو القنوت القدري لجميع المخلوقات وفي المسألة أقوال أخرى، أرجو مراجعتها مع مراجعة التعليق على هذا السؤال في المشاركة أعلاه ]

3: بيّن ما يلي:

أ: معنى قوله تعالى: {أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين}.
هو أمر من الله تعالى بظهور المسلمين على الكفار جميعا؛ كقوله تعالى:" ليظهره على الدين كله و لو كره المشركين" فتكون القوامة للمسلمين، حتى لا يدخل الكفار المسجد إلا خائفين متوجسين.و قال ابن عطية: أنها ليست بأمر بين منعهم من المساجد، لكنها تطرق إلى ذلك وبدأة فيها وعد للمؤمنين ووعيد للكافرين.و قال ابن كثير هو خبر معناه طلب و لذلك نادى الرسول صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة ألا يطرف بالكعبة مشرك أو عريان.
[ إذن تحرير المسألة على قولين أنه خبر بمعنى طلب، أو أنه خبر عن حالهم وليس فيه أمر ، فيُرجى تنظيم الإجابة بما يظهر الأقوال، مع بيان الراجح.
القول الأول :
القول الثاني : ]


ب: القائل: {لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى}، مع الاستدلال لكلامك.

هودا بمعنى يهودي قال الفراء حذفت ياءاه على غير قياس،و هود كقول عوذ و عائذ، وحائل و حول، و هائد بمعنى العائد إلى التوبة. و قد نزلت في اليهود و لنصارى لأنهما يقرآن التوراة و يختلفان في في تثبيت رسالة موسى وعيسى عليهما السلامنو لذلك قال الله تعالى: "وقالوا". و قال كل فريق منهم انه لن يدخل الجنة إلا من كان على ملتنا ، و لذلك قالوا في سورة المائدة:" نحن أبناء الله و أحباؤه"، فاكذبهم الله و قال إنه معذبهم بذنوبهم. و لذلك قال الله تعالى في الاية" تلك أمانيهم" و في اللغة الأماني تطلق على المستحيل،وايضا قال تعالى:" قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين" فمن المعلوم أن البينة على من أدعى. و بعد ذلك قال تعالى:" بلى من أسلم وحهه لله و هو محسن فله أجره عند ربه"، فالإخلاص و النتابعة هم شرطي قبول العمل.

[ ما وجه ما تحته خط في إجابتك ؟
الغرض من السؤال بيان أن اليهود قالوا : لن يدخل الجنة إلا اليهود.
والنصارى قالوا : لن يدخل الجنة إلا النصارى.
فكل فريق حصر دخول الجنة على نفسه.
وراجعي التفاسير لمعرفة تفصيل الإجابة، والدليل على هذا ]

بارك الله فيكِ.
أرجو مراجعة الملحوظات أثناء الاقتباس أعلاه.
التقويم : د.
وفقكِ الله وسددكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الرابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:04 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir