قال الله عز وجل: {{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [سورة المائدة: 35]
جاء في هذه الآية أمر المؤمنين بتقوى الله عز وجل، والتقوى هي فعل الطاعات واجتناب المحرمات، ثم عطف على الأمر بالتقوى لوازم تحقيق التقوى، وهي:
1. قال الله عز وجل: {وابتغوا إليه الوسيلة}
والوسيلة هي كل ما يُتقرب به إلى الله عز وجل.
قال معمر عن الحسن في قوله تعالى وابتغوا إليه الوسيلة قال القربة. رواه عبد الرزاق وابن جرير.
وروى نحوه ابن جرير عن مجاهد وعطاء والسدي وأبي وائل وعبد الله بن كثير.
وروى عن قتادة قوله: {وابتغوا إليه الوسيلة} أي تقرّبوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه.
فمعنى {وابتغوا إليه الوسيلة} أي اطلبوا بعملكم الطاعات واجتنابكم المحرمات التقرب إلى الله عز وجل.
وأصل ترتيب الجملة: وابتغوا الوسيلة إليه، وتقديم الجار والمجرور {إليه} في الآية أفاد الحصر، وهذا يفيد معنى الإخلاص لله عز وجل وحده.
وقال يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن ابن زيد قوله: {وابتغوا إليه الوسيلة} قال: المحبّة، تحبّبوا إلى اللّه. وقرأ: {أولئك الّذين يدعون يبتغون إلى ربّهم الوسيلة}". رواه ابن جرير.
وتفسير ابن زيد من لوازم التقرب إلى الله عز وجل، وقد أخبرنا الله عز وجل في كتابه أنه يحب المتقين
جاءت في ثلاثة مواضع من كتاب الله عز وجل مؤكدة: (إن الله يحب المتقين)
وفي الحديث القدسي أن الله عز وجل قال: "من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب، وما تقرَّب إليّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرّب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحبتته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره التي يبصر بها ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته". رواه البخاري.
والمقصود أن من لوازم تحقيق التقوى أن يبتغي العبد بعمله التقرب إلى الله عز وجل، وإذا كانت مرتبة التقوى هي في فعل الواجبات واجتناب المحرمات، فإن الوصول إليه وسيلة لبلوغ درجة الإحسان والمسارعة بالخيرات، فينتقل من مرتبة فعل أحب الأعمال التي يتقرب بها إلى الله (الفرائض)، إلى مرتبة فعل الأعمال التي ينال بها محبة الله عز وجل وولايته (النوافل).
2. {وجاهدوا في سبيله}
والمجاهدة في سبيل الله عز وجل من لوازم تحقيق ما سبق من فعل الطاعات واجتناب المحرمات وإخلاص النية لله عز وجل، واستحضار نية التقرب إلى الله عز وجل بالعمل الصالح
فلابد وأن يعترض السائر إلى الله عوائق، ولابد أن يقطع علائق تحول بينه وبين التقرب إلى الله عز وجل.
وللمؤمن أعداء يعترضون طريقه أولهم نفسه التي بين جنبيه، والشيطان والدنيا والهوى، ثم شياطين الإنس الذين يصدونه عن سبيل الله عز وجل، ومنهم الكفار الذين لا يكفون عن المكر والكيد لصد الناس عن دين الله عز وجل بكل سبيل وحيلة وليس بالسلاح فقط، والله المستعان.
والمقصود أن من لوازم تحقيق التقوى:
1. ابتغاء التقرب إلى الله عز وجل بالعمل الصالح.
2. الإخلاص لله عز وجل.
3. مجاهدة كل العوائق التي تصد المؤمن عن سبيل الله عز وجل.
ربنا اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار.