دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 ذو الحجة 1437هـ/21-09-2016م, 10:16 PM
سها حطب سها حطب غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 447
افتراضي تطبيقات على درس أسلوب التقرير العلمي

تفسير قوله تعالى:
{أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضارّوهن لتضيّقوا عليهنّ وإن كنّ أولات حمل فأنفقوا عليهنّ حتى يضعن حملهنّ فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وائتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى (6)} الطلاق.

تقدم في أول السورة النهى عن إخراج المطلقات عن البيوت، وهنا أمر الله تعالى بإسكانهن
(من حيث سكنتم)أي عندكم في بعض مكان سُكناكم بالمعروف؛ بحسب ما يسكنه مثله ومثلها؛ حتى تنقضي عدتها.
ومعنى من وجدكم سعتكم، كما ورد عن ابن عباس ومجاهد.
والمطلقات في الآية هنّ الرجعيات، أما البائنات فلا نفقة لهنّ ولاسكنى.

واختلف في معنى قوله تعالى: (ولا تضارّوهن لتضيّقوا عليهنّ) على قولين:
الأول: ما قاله مقاتل بن حيان: أي يضاجرها لتفتدي منه بمالها أو تخرج من مسكنه.
الثاني: ما قاله أبي الضحى: يطلقها فإذا بقي يومان راجعها.

والمقصود أنه لا يضارها بالقول أو الفعل ولا يضيق عليها في المسكن أو النفقة.

(وإن كنّ أولات حمل فأنفقوا عليهنّ حتى يضعن حملهنّ )
ذكر ابن كثير في
المراد بالمنفق عليها في الآية قولين :
القول الأول: أن هذه الآية في البائن إن كانت حاملا فينفق عليها إلى أن تضع حملها.
وهذا قول ابن عباس، وطائفة من السلف والخلف، قالوا: بدليل أن الرجعية تجب لها النفقة والسكنى، سواء كانت حاملا أوحائلا.
القول الثاني: أن السياق كله في الرجعيات وإنما نص على الإنفاق على الحامل وإن كانت رجعية لأن الحمل قد تطول مدته فاحتيج إلى النص على وجوب الإنفاق إلى الوضع لئلا يتوهم أنه إنما تجب النفقة بمقدار مدة العدة.
واختلف العلماء هل النّفقة لها بواسطة الحمل، أم للحمل وحده؟ على قولين منصوصين عن الشافعي وغيره.
واختار السعدي في تفسيره أن النفقة لأجل الحمل إن كانت بائنا، ولها وللحمل إن كانت رجعية.
(فإن أرضعن لكم فآتوهنّ أجورهنّ )
تدل الآية على أن المطلقة على الخيار فلها أن ترضع الولد بعد الطلاق ووضع الحمل ؛ ولها أن تمتنع من رضاعته؛ فإن أرضعته فلها أجرها المسمى لها، فإن لم يسمّ فلها أجر المثل.
لكن إن لم يقبل الطفل إلا ثدي أمه تعينت لإرضاعه ووجب عليها وأجبرت إن امتنعت وتعطى أجر المثل إن لم يتفقا على مسمى.
وعلة ذلك أن الطفل إذا كان بحالة لا يمكن أن يتغذى إلا من أمه،كان مثل الحمل وتعينت أمه طريقا لقوته.

(وائتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى )
أمر الله تعالى الأزواج والزوجات الذين وقع بينهم الطلاق أن يتشاوروا فيما بينهم بالمعروف، وما فيه مصلحة في الدنيا والآخرة، وما فيه منفعة للولد.
معنى وأتمروا: أي ليأمر كل واحد من الزوجين الآخر وغيرهما.
والمعروف هو كل ما فيه منفعة في الدينا والآخرة.

ومناسبتة الأمر هنا أن الزوجين عند الفراق - الذي لا يقع عادة إلا مقرونا بالبغض- يحصل في الغالب بينهما نزاع وتشاجر على النفقة وعلى الولد؛ فيؤمر كل منهما بالمعروف والمعاشرة الحسنة وعدم المشاقة والمنازعة.

والمقصود بالتعاسر عدم اتفاق الزوجان على إرضاعها لولدها؛ لاختلافهما على أجرة الرضاع، ففي هذه الحالة ترضع له غيرها أي: يستأجر الوالد مرضعة أخرى ترضع ولده.
ولو رضيت الأم بما استؤجرت عليه الأجنبية فهي أحق بولدها.

( المشاركة الأصلية لاستخراج المسائل هنا )

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20 ذو الحجة 1437هـ/22-09-2016م, 12:03 AM
أم البراء الخطيب أم البراء الخطيب غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 501
افتراضي

الحمد لله وحده والصلاة على من لانبي بعده وبعد :
تفسير لقوله تعالى
هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) الإنسان.
يقول الله تعالى مبينا للإنسان ضعفه ومذكرا إياه بحاله : هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ أي قد أتى عليه
و في المراد بالانسان أقوال :
- فقيل المراد آدم عليه السلام ذكره الاشقر
- وقيل بل المقصود الانسان مطلقا ذكره ابن كثير والسعدي والاشقر

وأما قوله تعالى :" حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ "
فقيل في المراد منه : الذي قبل وجوده مطلقا السعدي
وقيل : أربعون سنة قبل أن ينفخ في آدم عليه السلام الروح الأشقر
وقيل : مدة حمل الإنسان الاشقر

وعليه يكون المقصود بقوله تعالى :"لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا"

إن كان المعنى آدم عليه السلام
- أن آدم عليه السلام قبل نفخ الروح فيه وهو جسد من طين لم يكن يعرفه احد و لايعرف اسمه الاشقر
- أن آدم عليه السلام منذ سنين مضت لم يكن يعرف لأحد من الخلقة الاشقر

وأما إن كان ال مقصود به الانسان مطلقا
- ان الانسان لم يكن شيئا يذكر لحقارته وضعفه أو وهو معدوم لم يكن مذكورا ابن كثير والسعدي

والله الموفق

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 20 ذو الحجة 1437هـ/22-09-2016م, 04:24 PM
منيرة خليفة أبوعنقة منيرة خليفة أبوعنقة غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 618
افتراضي

الآية المختارة "المائدة:4" تقرير علمي" منيرة ابوعنقة" ___مصدر من : تفسير ابن كثير + ابن عاشور .

يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ۖ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۙ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ ۖ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4)

الطيب: أي الطهارة والزكاء،والموصوفة بالطيب أي التي طابت ونفعت واستلذت به النفس.
الطيبات: هي ما أحل الله من كل شيء يطيب حله على الانسان وهو الرزق الحلال الغير ضار ولا حرام يرضاه الرب وترضاه النفس والأبدان.
ومن صور الطيب من الأكل كل ما لا يحصر من فاكهة وخضار ولحوم وسمك وبقول وغيرها
والمستثناة منها المعقول تحريمها وضرها ونجاتها والتي لا تصلح للغذاء الآدمي وكل ما خرج من مسمى الطيبات كالطين.
سئل مالك عن بيع الطين الذي يأكله الناس . فقال : ليس هو من الطيبات .

وقوله وما علمتم من الجوارح مكلبين . يدخل في معناها:
-حل أكل ما نتج من الصيد بالجوارح من كلاب وصقور
-حل الذبائح التي ذكر اسم الله عليها

أما معنى الجوارح المكلبين: هو ما علم الانسان من الحيوانات المفترسة للصيد كالكلاب والصقور والضواري والفهود وأشباهها،قال ذلك علي بن أبي طلحة عن ابن عباس
والمحكي عن الجمهور أن صيد الطيور كصيد الكلاب ; لأنها تكلب الصيد بمخالبها كما تكلبه الكلاب ، فلا فرق
عن مجالد عن الشعبي عن عدي بن حاتم قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد البازي ، فقال : " ما أمسك عليك فكل " .
ناسبت الآية ما قبلها في ذكر ما أحل الله بعد بيان ما حرم الله في ما سبقها من الآيات.
وقد اختلف السلف في ضبط وصف الطيبات
فعن مالك: أنها الحلال فكل مالم يؤذن به الشرع حرام غير طيب
وعن الشافعية: أنها الحلال المستلذ فكل مستقذر حرام غير طيب
وفي الحنيفية: الحلال مما استطاب العرب وما لم يستطيبه العرب فحرام
هذه الأقوال التي ذكرها ابن عاشور وانهى بأن الشريعة لا تُقضى بطبع فريق عن فريق والحرمات ماضر تناوله واستُقذر ونجُس وغيره حل
قال تعالى : ( ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث)

وقوله ( وكلوا مما امسكن عليهم) للتبعيض وليس المقصود النهي عن أكل جميع ما يصيده الصائد ولا احتراس عن أكل مالم يقع عليه ما أطلقه الصائد على الصيد بل معناها إباحة أكل ما صادته الجوارح وامسكن بعد ارسال الصائد

فأمَّا شرط التعليم فاتّفقوا على أنّه إذا أُشلي ، فانْشلى ، فاشتدّ وراء الصيد ، وإذا دُعي فأقبل ، وإذا زجر فانزجر ، وإذا جاء بالصيد إلى ربّه ، أنّ هذا معلّم . وهذا على مراتب التعلّم . ويكتفي في سباع الطير بما دون ذلك : فيكتفي فيها بأن تؤمر فتطيع . وصفاتُ التعليم راجعة إلى عرف أهل الصيد ، وأنَّه صار له معرفة ، وبذلك قال مالك ، وأبو حنيفة ، والشافعي وأمّا شرط الإمساك لأجل الصائد : فهو يعرف بإمساكها الصيد بعد إشلاء الصائد إيّاها ، وهو الإرسال من يده إذا كان مشدوداً ، أو أمرُه إيّاها بلفظ اعتدات أن تفهم منه الأمر

وقوله : { واذكروا اسم الله عليه } أمر بذكر الله على الصيد ، ومعناه أن يذكره عند الإرسال لأنه قد يموت بجرح الجارح ، وأمَّا إذا أمسكه حيّاً فقد تعيّن ذبحه فيذكر اسم الله عليه حينئذٍ

وقوله : { واتَّقوا الله } الآية تذييل عامّ ختمت به آية الصيد ، وهو عامّ المناسبة .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 21 ذو الحجة 1437هـ/23-09-2016م, 07:35 AM
الصورة الرمزية أم أسامة بنت يوسف
أم أسامة بنت يوسف أم أسامة بنت يوسف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
المشاركات: 613
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة في تفسير قوله تعالى: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} [الإسراء:24]
في تفسير قوله تعالى: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة}
المعنى الإجمالي:
(الخطاب في هذه الآية للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمراد به أمته، إذ لم يكن له عليه السلام في ذلك الوقت أبوان)
والمعنى: كن لهما متواضعا ذليلا، لين الجانب تطيع أمرهما ولا تمتنع عن رغباتهما ومحابهما، متواضع بفعلك خافضا لجناح الذل (بحسن المداراة ولين المنطق ، والبدار إلى الخدمة ، وسرعة الإجابة ، وترك البرم بمطالبهما ، والصبر على أمرهما ، وألا تدّخر عنهما ميسورا) ودمث لهما نفسك وخلقك.
عن أبي الهداج، قال: قلت لسعيد بن المسيب: ما قوله {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} قال: ألم تر إلى قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ.
وقال القرطبي: (فينبغي بحكم هذه الآية أن يجعل الإنسان نفسه مع أبويه في خير ذلة، في أقواله وسكناته ونظره، ولا يحد إليهما بصره فإن تلك هي نظرة الغاضب)
القراءات الواردة في {الذل} ومعانيها:
{الذُّل} المشهور بضم الذال، وعليه عامة القراء وأصحاب العشر المتواترة .
{الذِّل} بكسر الذال، مروية عن ابن عباس وعروة بن الزبير وسعيد بن جبير وعاصم الجحدري.
وهما بمعنى اللين والسهولة، فبالضم ضد العِزّ، وبالكسر ضد الصعوبة كما قال ابن عادل: (وهي استعارةٌ ؛ لأن الذلَّ في الدوابِّ ضدُّ الصعوبة، فاستعير للأناسيِّ)
قال الطبري: (والذل بضم الذال والذلة مصدران من الذليل، وذلك أن يتذلل، وليس بذليل في الخلقة من قول القائل: قد ذللت لك أذل ذلة وذلا، وذلك نظير القل والقلة، إذا أسقطت الهاء ضمت الذال من الذل، والقاف من القل، وإذا أثبتت الهاء كسرت الذال من الذلة، والقاف من القلة..
وأما الذل بكسر الذال وإسقاط الهاء فإنه مصدر من الذلول من قولهم: دابة ذلول: بينة الذل، وذلك إذا كانت لينة غير صعبة. ومنه قول الله جل ثناؤه: {هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا} يجمع ذلك ذللا، كما قال جل ثناؤه: {فاسلكي سبل ربك ذللا})
معنى {من}:
ورد في معنى من في قوله تعالى {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} أربعة أوجه:
الوجه الأول: أنها للتعليل، فهي متعلقة بـ {واخفض} أي: (من أجل فرط الشفقة والعطف عليهما) وممن قاله: الشوكاني والرازي وأبو حيان وأبو البقاء والكلبي والقاسمي.
الوجه الثاني: أنها لبيان الجنس، كما قال ابن عطية: (إنَّ هذا الخفض يكون من الرحمة المستكنَّة في النَّفس) وبنحوه قال القرطبي.
الوجه الثالث: أنها في محل نصب على الحال من {جناح}، قال أبو حيان: (ويجوز أن يكون حالا من جناح).
الوجه الرابع: أنها لابتداء الغاية، قال الألوسي: (من فرط رحمتك عليهما فمن ابتدائية على سبيل التعليل) وكذا جوزه ابن عطية.
جناح الذل:
المراد بخفض جناح الذل السكون، والخضوع والمبالغة في التذلل والتواضع
والجناح: الجانب، قال أبو حيان: (وجناحا الإنسان جانباه، فالمعنى واخفض لهما جانبك ولا ترفعه فعل المتكبر عليهما، وقال بعض المتأخرين فأحسن: أراشوا جناحي ثم بلوه بالندى = فلم أستطع من أرضهم طيرانا)
وسر ذكر الجناح وخفضه، تصوير الذل كأنه مشاهد محسوس وقد اجتهد عدد من المفسرين رحمهم الله في بيان تلك الصورة، وبيان الوجه البلاغي المختار لهذه الآية، ومعانيها ومدلاولاتها من خلف ذلك المشهد الحسي.
  • فالقفال الشاشي الكبير ذكر صورة خفض الجناح عند الطير وأسقطها على الآية، فذكر وجهين:
(الأول : أن الطائر إذا أراد ضم فراخه إليه للتربية خفض لها جناحه ، فلهذا صار خفض الجناح كناية عن حسن التدبير ، فكأنه قال للولد : أكفل والديك بأن تضمهما إلى نفسك كما فعلا ذلك بك في حال صغرك. والثاني : أن الطائر إذا أراد الطيران والارتفاع نشر جناحه ، وإذا أراد النزول خفض جناحه ، فصار خفض الجناح كناية عن التواضع وترك الارتفاع من هذا الوجه)
  • ثم أتم له الزمخشري في الدلالة اللغوية لإضافة الجناح إلى الذل، فقال:
(فإن قيل: كيف أضاف الجناح إلى الذل والذل لا جناح له؟
قلنا فيه وجهان: الأول: أنه أضيف الجناح إلى الذل كما يقال : حاتم الجود فكما أن المراد هناك حاتم الجواد فكذلك ها هنا المراد، واخفض لهما جناحك الذليل، أي المذلول.
والثاني: سلوك سبيل الاستعارة، كأنه تخيل للذل جناحا ثم أثبت لذلك الجناح ضعفا وخفضا تكميلا لأمر هذه الاستعارة فكذا ها هنا)
  • واختار القاسمي، بيان معناها على أوجه الاستعارة وقال:
(فيه استعارة مكنية وتخييلية. فشبه الذل بطائر تشبيهاً مضمراً ، وأثبت له الجناح تخييلاً، والخفض ترشيحاً. و (خفضه) ما يفعله إذا ضم أفراخه للتربية.
أو استعارة تصريحية في المفرد وهو الجناح، والخفض ترشيح...وإضافة الجناح إلى الذل للبيان؛ لأنه صفة مبيِّنة . أي : جناحك الذليل . وفيه مبالغة لأنه وصف بالمصدر . فكأنه جعل عين الذل.
أو التركيب استعارة تمثيلية
. فيكون مثلاً لغاية التواضع)
  • أما الألوسي فجمع بين ما ذكر أعلاه وبسط فقال:
(فيه وجهان: الأول: أن يكون على معنى جناحك الذليل ويكون جَناحَ الذُّلِّ بل خفض الجناح تمثيلا في التواضع وجاز أن يكون استعارة في المفرد وهو الجناح ويكون الخفض ترشيحا تبعيا أو مستقلا.
الثاني: أن يكون من قبيل قول لبيد: وغداة ريح قد كشفت وقرة = إذ أصبحت بيد الشمال زمامها
فيكون في الكلام استعارة مكنية وتخييلية بأن يشبه الذل بطائر منحط من علو تشبيها مضمرا ويثبت له الجناح تخييلا والخفض ترشيحا فإن الطائر إذا أراد الطيران والعلو نشر جناحيه ورفعهما ليرتفع فإذا ترك ذلك خفضهما، وأيضا هو إذا رأى جارحا يخافه لصق بالأرض وألصق جناحيه وهي غاية خوفه وتذلله. وقيل المراد بخفضهما ما يفعله إذا ضم فراخه للتربية وأنه أنسب بالمقام)

في تفسير قوله تعالى: {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}
ربياني من التربية بمعنى التنمية (نمياني) قال الرازي: هي من قولهم ربا الشيء إذا انتفع ، ومنه قوله تعالى : {فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ}.
المعنى الإجمالي:
ادع الله لوالديك بالرحمة (ولفظ الرحمة جامع لكل الخيرات في الدين والدنيا) وقل رب ارحمهما وتعطف عليهما بمغفرتك ورحمتك كما تعطفا علي في صغري، فرحماني وربياني صغيرا، حتى استقللت بنفسي، واستغنيت عنهما. عن قتادة قال: هكذا علمتم، وبهذا أمرتم، خذوا تعليم الله وأدبه.
قال الشوكاني: (ثم كأنه قال له سبحانه: ولا تكتف برحمتك التي لا دوام لها ولكن {قُل رَّبّ ارحمهما كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا})
المراد ب (كما) في قوله تعالى {كما ربياني}:
فيها ثلاثة أقوال:
الأول: أن الكاف نعت لمصدر محذوف، وفي المصدر المحذوف تقديران: التقدير الأول قاله الحوفي: (الكاف في موضع نصب نعت لمصدر محذوف تقديره رحمة مثل تربيتي صغيرا) والتقدير الثاني: قدره أبو البقاء (رحمة مثل رحمتهما) هكذا نقله ابن عادل وقال: كأنه جعل التربية رحمة.
الثاني: أنها تعليلية (لأجل تربتيهما) كقوله تعالى {واذكروه كما هداكم} قال القفال: (كَما رَبَّيانِي صَغِيراً يعين رب افعل بهما هذا النوع من الإحسان كما أحسنا إلي في تربيتهما إياي) جوزه الشوكاني وبه قال ابن عاشور وأكثرية من مررت على تفاسيرهم.
الثالث: أن الكاف لاقترانهما في الوجود، ذكره الشوكاني، وقال الطيبي: (الكاف لتأكيد الوجود، كأنه قيل : رب ارحمهما رحمة محققة مكشوفة لا ريب فيهما، كقوله: {مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ }).
مسألة: هل نسخ قوله تعالى: {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}:
فيها ثلاثة أقوال:
الأول: أنهما منسوخة بقوله تعالى: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى} ورى هذا القول ابن جريج عن ابن عباس رضي الله عنهما، ونقله عنهم الطبري.
الثاني: أن تأول على الخصوص ولا نسخ فيها، أي أنها خاصة بالوالدين المسلمين (فيكون معنى الكلام: وقل رب ارحمهما إذا كانا مؤمنين) وهو الظاهر من اختيار ابن عطية قال: ( وهذا كله في الأبوين المؤمنين ، وقد نهى القرآن عن الاستغفار للمشركين الأموات ولو كانوا أولي قربى، وذكر عن ابن عباس هنا لفظ النسخ ، وليس هذا موضع نسخ)
الثالث: أنها ليس موضع نسخ وهي دعاء للوالدين الحيين بالرحمة الدنيوية ومنها طلب الهداية والرشاد لهما، قال الرازي: (والقول الثالث : أنه لا نسخ ولا تخصيص لأن الوالدين إذا كانا كافرين فله أن يدعو لهما بالهداية والإرشاد، وأن يطلب الرحمة لهما بعد حصول الإيمان)
الرابع: وهو قريب من الثالث أن الآية عامة، لكنها مخصصة في حال الأبوين الكافرين بطلب الرحمة لها في الدنيا لا رحمة الآخرة، ذكره القرطبي ورجحه -أنه عام مخصوص- وقال: (لا سيما وقد قيل إن قوله:" وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما" نزلت في سعد بن أبى وقاص، فإنه أسلم، فألقت أمه نفسها في الرمضاء متجردة، فذكر ذلك لسعد فقال: لتمت، فنزلت الآية)
مسألة: هل الأمر {وقل رب ارحمهما..} للوجوب؟ وكيف يكون؟
ظاهر الأمر للوجوب، وظاهره لا يفيد التكرار، فيكفي في العمل بمقتضاه قوله مرة واحدة، وإن كان من الاستحباب والكمال الزيادة، فقد سئل سفيان: كم يدعو الإنسان لوالديه؟ أفي اليوم مرة أو في الشهر أو في السنة؟
فقال: نرجو أن يجزئه إذا دعا لهما في أواخر التشهدات.
كما أن اللّه تعالى قال: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ} فكانوا يرون أن التشهد يجزي عن الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه وسلم، وكما أن اللّه تعالى قال: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ} فهم يكررون التكبير والذكر في أدبار الصلوات.


*لم أستطع رفع الهامش هنا، فأضفت النسخة الكاملة في المرفقات.

الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf جناح الذل.pdf‏ (95.1 كيلوبايت, المشاهدات 10)
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 21 ذو الحجة 1437هـ/23-09-2016م, 05:40 PM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

رسالة في تفسير قوله تعالى: (وأنه لما قام عبدالله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا):

بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
ففي رسالتنا هذه سنحاول التطرق إلى تفسير قوله تعالى: (وأنه لما قام عبدالله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا) معرجين على المراد بالآية ومعناها والأقوال الواردة فيها ، مستصحبين العون من الله ، ثم الاعتماد على ما ورد في تفسير ابن كثير وما أورده من أقوال في هذه الآية.

-المسألة الأولى:المقصود بعبدالله في الآية:
المقصود على قول الكثير من أئمة التفسير أنه رسول صلى الله عليه وسلم ، وهو قول الحسن وابن عباس والزبير بن العوام وابن عباس وقتادة وسعيد بن جبير ومجاهد والحسن البصري وابن زيد وذكره ابن كثير.
-المسألة الثانية: المراد بالدعاء في الآية، وفيه قولان:
القول الأول: تلاوة القرآن، ودليله :قول العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: (لمّا سمعوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يتلو القرآن)وهو مرويٌّ عن الزّبير بن العوّام، رضي اللّه عنه. وذكره ابن كثير
أما القول الثاني:أن المراد لمّا رأوه يصلّي وأصحابه، يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده، ودليل ذلك: ما روي عن سعيد بن جبير :( عن ابن عبّاسٍ قال: قال الجنّ لقومهم: {وأنّه لمّا قام عبد اللّه يدعوه كادوا يكونون عليه لبدًا} قال: لمّا رأوه يصلّي وأصحابه، يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده) ذكره ابن كثير.
والقول الثالث:أي: يقول لا إله إلا الله ويدعو الناس إلى ربهم، ودليله: قال الحسن: لمّا قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "لا إله إلّا اللّه" ويدعو النّاس إلى ربّهم كادت العرب تلبد عليهم جميعا . ذكره ابن كثير.
-المسألة الثالثة: معنى (لبدا) في الآية ، ففيه أقوال:
القول الأول: أن معناها أنهم كادوا يركبونه، ودليل هذا القول :ما روي عن الزبير بن العوام رضي الله عنه :قال العوفي عن ابن عباس :(لما سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يتلو القرآن كادوا يركبونه) ذكره ابن كثير.
القول الثاني: عجبوا من طواعية أصحابه له، دليله: ما روي عن سعد بن جبير عن ابن عباس قال: (قال الجنّ لقومهم: {وأنّه لمّا قام عبد اللّه يدعوه كادوا يكونون عليه لبدًا} قال: لمّا رأوه يصلّي وأصحابه، يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده، قالوا: عجبوا من طواعية أصحابه له، قال: فقالوا لقومهم: {لمّا قام عبد اللّه يدعوه كادوا يكونون عليه لبدًا}). ذكره ابن كثير
القول الثالث:كادوا يلبدون عليه ويغطونه ويطفؤون نوره. دليله:قول الحسن: لمّا قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "لا إله إلّا اللّه" ويدعو النّاس إلى ربّهم، كادت العرب تلبد عليه جميعًا.ذكره ابن كثير
وقول قتادة في قوله: {وأنّه لمّا قام عبد اللّه يدعوه كادوا يكونون عليه لبدًا} قال: تلبّدت الإنس والجنّ على هذا الأمر ليطفئوه، فأبى اللّه إلّا أن ينصره ويمضيه ويظهره على من ناوأه. وهو مرويٌّ عن ابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، وسعيد بن جبيرٍ . ذكره ابن كثير
وقد رجح ابن كثير هذا القول الأخير -رحمه الله- أما عن سبب الترجيح فإن ذلك لقوله تعالى بعده: {قل إنّما أدعو ربّي ولا أشرك به أحدًا} أي: قال لهم الرّسول-لمّا آذوه وخالفوه وكذّبوه وتظاهروا عليه، ليبطلوا ما جاء به من الحقّ واجتمعوا على عداوته: {إنّما أدعو ربّي} أي: إنّما أعبد ربّي وحده لا شريك له، وأستجير به وأتوكّل عليه، {ولا أشرك به أحدًا}.

-مسألة: مرجع الضمير في قوله :(كادوا) على أقوال:
القول الأول : الجن، وهومروي عن الزبير بن العوام وابن عباس وذكره ابن كثير .
القول الثاني: العرب. ذكره ابن كثير عن الحسن رضي الله عنه.
القول الثالث: الإنس والجن. وهو مرويٌّ عن ابن عبّاسٍ، وقتادة، ومجاهدٍ، وسعيد بن جبيرٍ، وقول ابن زيدٍ، واختيار ابن جريرٍ. ذكره ابن كثير ورجحه.
سبب الترجيح:لقوله بعد هذه الآية: {قل إنّما أدعو ربّي ولا أشرك به أحدًا} أي: قال لهم الرّسول-لمّا آذوه وخالفوه وكذّبوه وتظاهروا عليه، ليبطلوا ما جاء به من الحقّ واجتمعوا على عداوته: {إنّما أدعو ربّي} أي: إنّما أعبد ربّي وحده لا شريك له، وأستجير به وأتوكّل عليه، {ولا أشرك به أحدًا}.
أما سبب تلابدهم عليه ، فقد ورد في ذلك عدة أقوال:
القول الأول:من الحرص، لمّا سمعوه يتلو القرآن أرادوا الدنو منه والاجتماع حوله.
دليله:قال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ يقول: لمّا سمعوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يتلو القرآن كادوا يركبونه؛ من الحرص، لمّا سمعوه يتلو القرآن، ودنوا منه فلم يعلم بهم حتّى أتاه الرّسول فجعل يقرئه: {قل أوحي إليّ أنّه استمع نفرٌ من الجنّ} يستمعون القرآن. وهو مرويٌّ عن الزّبير بن العوّام، رضي اللّه عنه.ذكره ابن كثير
القول الثاني:عجبوا من طواعية أصحابه له.
دليله: ما روي عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاسٍ قال: قال الجنّ لقومهم: {وأنّه لمّا قام عبد اللّه يدعوه كادوا يكونون عليه لبدًا} قال: لمّا رأوه يصلّي وأصحابه، يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده، قالوا: عجبوا من طواعية أصحابه له، قال: فقالوا لقومهم: {لمّا قام عبد اللّه يدعوه كادوا يكونون عليه لبدًا}. ذكره ابن كثير
القول الثالث: تلابدوا عليه لما رأوه يدعو الناس لربهم وذلك ليطفئوا نور دعوته
دليله:قول الحسن: لمّا قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "لا إله إلّا اللّه" ويدعو النّاس إلى ربّهم، كادت العرب تلبد عليه جميعًا.ذكره ابن كثير
وقال قتادة في قوله: {وأنّه لمّا قام عبد اللّه يدعوه كادوا يكونون عليه لبدًا} قال: تلبّدت الإنس والجنّ على هذا الأمر ليطفئوه، فأبى اللّه إلّا أن ينصره ويمضيه ويظهره على من ناوأه. وهو مرويٌّ عن ابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، وسعيد بن جبيرٍ، وقول ابن زيدٍ، واختيار ابن جريرٍ. ذكره ابن كثير ورجحه.
وسبب الترجيح:لقول الله بعد هذه الآية: {قل إنّما أدعو ربّي ولا أشرك به أحدًا} أي: قال لهم الرّسول-لمّا آذوه وخالفوه وكذّبوه وتظاهروا عليه، ليبطلوا ما جاء به من الحقّ واجتمعوا على عداوته: {إنّما أدعو ربّي} أي: إنّما أعبد ربّي وحده لا شريك له، وأستجير به وأتوكّل عليه، {ولا أشرك به أحدًا}.

نسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه والحمدلله رب العالمين.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 21 ذو الحجة 1437هـ/23-09-2016م, 09:26 PM
ضحى الحقيل ضحى الحقيل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 666
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"رسالة في معاني الأقسام الواردة في أول سورة الذاريات"
قوله تعالى:
{وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * فَالْحَامِلاتِ وِقْرًا * فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا * فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا * إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ * وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ} الذاريات {1-6}.

أولا/ مقدمة :
افتتحت السورة بالقسم بأربعة أشياء عظيمة
والقسم بها يتضمن:
- عظم قدْرَة الله وَحِكْمَتِهِ.
- تَشْرِيفَ تِلْكَ الْمَخْلُوقَاتِ.
- تَذْكِيرٌ بِنِعْمَةِ اللَّهِ فِيمَا أَوْجَدَ فِيهَا.

ويراد به:
- تَحْقِيقُ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ وَتَأْكِيدُ وُقُوعِهِ، لأن في خلقها من الأمور المعجزة ما يثبت أن من قدر عليها فهو قادر على البعث.
- حث على التصديق بما أقسم الله عليه، و على العمل استعدادا له.

 وَالْمُقْسَمُ بِه
- صِّفَات عظيمة تَقْتَضِي موصفاتها

 وَعَطْفُ تِلْكَ الصِّفَاتِ بِالْفَاءِ يَقْتَضِي تَنَاسُبَهَا وَتَجَانُسَهَا:
- فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ صِفَاتٍ لِجِنْسٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْغَالِبُ فِي عَطْفِ الصِّفَاتِ بِالْفَاءِ، كَقَوْلِ ابْنِ زَيَابَةَ:
يَا لَهَفَ زَيَّابَةَ لِلْحَارِثِ الصَّ ... ابِحِ فَالْغَانِمِ فَالْآيِبِ
- وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُخْتَلِفَةَ الْمَوْصُوفَاتِ إِلَّا أَنَّ مَوْصُوفَاتِهَا مُتَقَارِبَةٌ مُتَجَانِسَةٌ كَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ ... فَتَوْضِحَ فَالْمِقْرَاةِ ...

 وَاخْتلف أئمة السَّلَفِ فِي الموصوفات المرادة بهَذِهِ الْأَوْصَافِ، وَأَشْهَرُ مَا رُوِيَ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ:
- أَنَّ الذَّارِياتِ الرِّيَاح ، والْحامِلاتِ وِقْراً: السَّحَاب، والْجارِياتِ: السفن، والْمُقَسِّماتِ أَمْراً الْمَلَائِكَةُ.

 بعض المرويات الواردة في تفسير المقطع

- ثَبَتَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّهُ صَعِدَ مِنْبَرَ الْكُوفَةِ فَقَالَ: لَا تَسْأَلُونِي عَنْ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَلَا عَنْ سُنَّةٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، إِلَّا أَنْبَأْتُكُمْ بِذَلِكَ. فَقَامَ إِلَيْهِ ابْنُ الْكُوَّاءِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا} ؟ قَالَ: الرِّيحُ قال : {فَالْحَامِلاتِ وِقْرًا} ؟ قَالَ: السَّحَابُ. قال : {فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا} ؟ قَالَ: السُّفُنُ. قال : {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} ؟ قَالَ: الْمَلَائِكَةُ. ذكره الزجاج، وابن كثير

- عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: جَاءَ صَبِيغ التَّمِيمِيُّ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَخْبِرْنِي عَنِ {الذَّارِيَاتِ ذَرْوًا} ؟ فَقَالَ: هِيَ الرِّيَاحُ، وَلَوْلَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ مَا قُلْتُهُ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ {الْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} قَالَ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ، ولولا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ مَا قُلْتُهُ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ {الْجَارِيَاتِ يُسْرًا} قَالَ: هِيَ السُّفُنُ، وَلَوْلَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ مَا قُلْتُهُ. ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ مِائَةً،... القصة ) رواه أبو بكر البزار ، وقَالَ: أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ لَيِّنٌ، وَسَعِيدُ بْنُ سَلَامٍ لَيْسَ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ .

ذكره ابن كثير وقال: فَهَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ رَفْعُهُ، وَأَقْرَبُ مَا فِيهِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى عُمَرَ.

 التفسير المشهور يَقْتَضِي اخْتِلَافَ الْأَجْنَاسِ الْمُقْسَمِ بِهَا.
وَتَأْوِيلُهُ أَنَّ كُلَّ مَعْطُوفٍ عَلَيْهِ يُسَبِّبُ ذِكْرَ الْمَعْطُوفِ، فالرياح تذكّر بِالْسحَابِ، وَحَمْلُ السَّحَابِ وَقْرَ الْمَاءِ، يُذَكِّرُ بِحَمْلِ السُّفُنِ، وَالْكُلُّ يُذَكِّرُ بِالْمَلَائِكَةِ.

مستفاد باختصار وتصرف من تفسير ابن الجوزي، والبغوي، وابن كثير،والشوكاني، والسعدي، والتحرير والتنوير. والموضوعي.


ثانيا/ التفسير:

تفسير قوله تعالى: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1)}
• المراد بالذاريات:
القول الأول:
أكثر أهل العلم على أن المراد بها الرياح، ويدل عليه أن الذرو صفة مشهورة من صفات الرياح، ومنه قوله تعالى: {فأصبح هشيما تذروه الرياح} [الكهف: 45].
محصلة ما قاله عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ. وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ غَيْرَ ذَلِكَ. وذكره الزجاج، والماوردي، وابن عطية، وابن الجوزي والبغوي، وابن كثير، والشوكاني، والسعدي، وصاحب أضواء البيان، وابن عاشور، والأشقر
القول الثاني:
أن الذاريات النساء الولودات, لأنهن يذرين الأولاد وأقسم بهن لما في حملهن من خيرة عباده، ذكره الماوردي.
قال صاحب أضواء البيان: "لا يخفى سقوط قول من قال إن الذاريات النساء"
• سبب تسميتها بالذاريات
الذَّرْوِ: رَمْيُ أَشْيَاءَ مُجْتَمِعَةٍ تُرْمَى فِي الْهَوَاءِ لِتَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ، مِثْلَ الْحَبِّ عِنْدَ الزَّرْعِ، وَمِثْلَ الصُّوفِ.
وتذروه الرياح : ترفعه وتفرقه.
ومنه قول ذي الرمة
وَمَنْهَلٍ آجِنٍ قَفْرٍ مَحَاضِرُهُ ... تَذْرُو الرِّيَاحُ عَلَى جَمَّاتِهِ الْبَعَرَا
وسميت الرياح بالذاريات لأنها تذروا التراب، والمطر وغيرهما من الأشياء، فتتفرق وتتطاير، كما أنها تدفع قِطَعَ السَّحَابِ، وتنشرها نشرا يشبه الذرو، حَتَّى تَجْتَمِعَ فَتَصِيرَ سَحَابًا كَامِلًا.
قَالَ تَعَالَى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ} [الرّوم: 48] .
محصلة ما ذكره الماوردي، والبغوي، وابن الجوزي، والشوكاني، والسعدي، ، وصاحب أضواء البيان، وابن عاشور، والأشقر، والموضوعي.
• معنى {ذروا}
فيه قولان:
القول الأول: أنه مصدر بمعنى المفعول أي المذرو، ذكره الماوردي، والشوكاني، وابن عاشور.
القول الثاني: أنه بمعنى ما ذرت، فكأنما أقسم بالرياح وما ذرت، ذكره الماوردي نقلا عن الكلبي.

تفسير قوله تعالى: {فَالْحَامِلاتِ وِقْرًا}
• المراد بالحاملات وقرا.
جاء في الآية عدة أقوال:
القول الأول:
أكثر أهل العلم على أن المراد بالحاملات وقرا: السحاب..
لأنها تحمل ثقل الماء، ويدل على ذلك تصريح الله جل وعلا بوصف السحاب بالثقال، كقوله تعالى: { وينشئ السحاب الثقال} [ الرعد: 12]، وقوله تعالى: {حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت}[ الأعراف: 57]
قَالَ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ:
وَأسْلَمْتُ نَفْسي لمَنْ أسْلَمَتْ ... لَهُ المزْنُ تَحْمِلُ عَذْبا زُلالا
محصلة ما قاله على بن أبي طالب وابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ، وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ غَيْرَ ذَلِكَ، وذكره الزجاج، والماوردي، والبغوي، وابن عطية، وابن الجوزي، وابن كثير، والشوكاني، والسعدي، وصاحب أضواء البيان
وابن عاشور، والأشقر، والموضوعي.
القول الثاني:
أنها الرِّيَاحُ حِينَ تَجَمُّعِ السَّحَابِ وَقَدْ ثَقُلَ بِالْمَاءِ
الدليل:
- إذا كانت الرياح هي التي تحمل السحاب إلى حيث شاء الله، فنسبة حمل ذلك الوقر إليها أظهر من نسبته إلى السحاب التي هي محمولة للرياح.
- أن الله تعالى صرح بأن الرياح تحمل السحاب الثقال بالماء، وذلك في قوله تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ..} [الأعراف \ 57] . والإقلال الحمل، وَهُوَ مُسْنَدٌ إِلَى الرِّيحِ، أَيْ حَتَّى إِذَا حَمَلَتِ الرِّيَاحُ سَحَابًا ثِقَالًا.
محصلة ما ذكره الماوردي، وابن عاشور، وصاحب أضواء البيان، والأشقر.
القول الثالث:
السفن، تحمل الأثقال من الناس وأمتعتهم، قاله ابن عباس، وذكره ابن عطية، وصاحب أضواء البيان.
القول الرابع:
أنهن الحاملات من النساء، أو من جميع الأحياء، إذا ثقلن بالحمل، محصلة ما ذكره الماوردي، وابن عطية.
الترجيح:
رجح صاحب أضواء البيان شمول الآية للأقوال الثلاثة الأولى، لأن في أصول التفسير حمل المشترك على معانيه
وقال عن القول بأنهن الحوامل من الإناث، أنه قول ظاهر السقوط
ولم يتبين لي سبب استبعاده لهذا القول مع أن حمل الإناث من آيات الله العظيمة في هذه الدنيا، وانطباق الوصف المذكور عليها ظاهر.
• معنى وقرا
الوقر الحمل الثقيل، ، محصلة ما ذكره الماوردي، والشوكاني، والسعدي، وابن عاشور.

تفسير قوله تعالى:{فالْجَارِيَاتِ يُسْرًا}
• المراد بقوله {فالجاريات يسرا}
القول الأول:
أكثر أهل العلم على أن المراد بها: السفن، التي تجري على سطح الماء جريا ذا يسر وسهولة
ويدل عليه كثرة إطلاق الوصف بالجري على السفن
- كقوله تعالى: { ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام}[ الشورى: 32 ]
- وَقَوْلِهِ: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ }[الحاقة:11]
- وَقَوْلِهِ: {وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ} [الحج: 65]
- وَقَوْلِهِ: {اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ}[الجاثية: 12]
- وغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
قاله عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ. وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ غَيْرَ ذَلِكَ، وذكره الزجاج، والماوردي، والبغوي، وابن عطية، وابن الجوزي، ابن كثير، والشوكاني، وابن عاشور، وصاحب أضواء البيان، والتفسير الموضوعي.
القول الثاني:
النجوم، التي تجري على وجه اليسر والسهولة
لِيَكُونَ ذَلِكَ تَرَقِّيًا مِنَ الْأَدْنَى إِلَى الْأَعْلَى، إِلَى مَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ، فَالرِّيَاحُ فَوْقَهَا السَّحَابُ، وَالنُّجُومُ فَوْقَ ذَلِكَ.
محصلة ما ذكره ابن عطية، وابن كثير، والسعدي.
القول الثالث:
الرِّيَاحُ، لأنها تجري بسهولة، وتَجْرِي بِالسَّحَابِ بَعْدَ تَرَاكُمِهِ وَقَدْ صَارَ ثَقِيلًا بِمَاءِ الْمَطَرِ، فَالتَّقْدِيرُ: فَالْجَارِيات بِذَلِكَ الْوِقْرِ يُسْرًا. محصلة ما ذكره الشوكاني، وابن عاشور، وصاحب أضواء البيان، والأشقر
القول الرابع:
هي السحب، تسير بأثقالها من المياه على ضخامته، سيرا هينا إلى حيث يريد الله لها أن تمطر، ذكره الماوردي، وابن عطية، والشوكاني، والأشقر.
الترجيح :
بناء على قاعدة حمل المشترك على معانيه، تشمل الآية جميع ما ذكر، قال ابن عطية بعد أن ذكر بعض الأقوال في الآية، واللفظ يقتضي جميع هذا.
• مَعْنَى الْيُسْرِ
اليسر: السهولة، واللِّينُ، وَالْهَوْنُ، وقلة التكلف، محصلة ما ذكره ابن عطية وابن الجوزي وابن عاشور
- أي تجري ميسرة، جريا سهلا، ذكره الماوردي، وابن عطية، وابن الجوزي، وابن كثير
- وقيل جَرْيًا لَيِّنًا هَيِّنًا شَأْنَ السَّيْرِ بِالثِّقَلِ، كَمَا قَالَ الْأَعْشَى:
كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِنْ بَيْتِ جَارَتِهَا ... مَشْيُ السَّحَابَةِ لَا ريث وَلَا عَجَلُ، ذكره ابن عاشور
- وقيل إلى حيث يسيرها الله تعالى من البقاع والبلاد، ذكره الماوردي.

تفسير قوله تعالى: {فالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا}
• المراد بقوله {فالمقسمات أمرا}
القول الأول:
الملائكة، التي تقسم الأمر وتدبره بإذن الله، وتَنْزِلُ بِأَوَامِرِ اللَّهِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْكَوْنِيَّةِ، فكل منهم، قد جعله الله على تدبير أمر من أمور الدنيا، وأمور الآخرة، ومن ذلك الأرزاق والأمطار، وكتابة الأعمال وقبض الأرواح، وإهلاك الأمم المكذبة، ويدل على ذلك قوله تعالى:
{ فالمدبرات أمرا} [ النازعات: 5] محصلة ما قاله عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب وابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ. وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ غَيْرَ ذَلِكَ، وذكره الزجاج، والماوردي، والبغوي، وابن الجوزي، وابن كثير، والشوكاني، والسعدي، وابن عاشور، وصاحب أضواء البيان، والتفسير الموضوعي.
القول الثاني:
الرِّيَاحُ، التي تسير بالسحاب، وتقسم الأمطار. ذكره ابن عاشور، والأشقر.
القول الثالث:
السُّحُبُ، الَّتِي تُنْزِلُ مَا فِيهَا مِنَ الْمَطَرِ عَلَى مَوَاضِعَ مُخْتَلِفَةٍ، ويقسم الله بها أرزاق العباد. رُوِيَ عَن الْحسن فَالْمُقَسِّماتِ السحب يقسم اللَّهُ بِهَا أَرْزَاقَ الْعِبَادِ
يُرِيدُ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَأَنْزَلَنَا مِنَ السَّماءِ مَاءً مُبارَكاً} إِلَى قَوْلِهِ: {رِزْقاً لِلْعِبادِ }فِي سُورَةِ ق [9- 11] .ذكره الماوردي، وابن عاشور، والشوكاني، والأشقر.
الترجيح:
أكثر المفسرين على أن المراد هنا الملائكة، وقد تشمل الآية جميع الأقوال إن قلنا بحمل المشترك على معانيه.
• سبب إفراد أمرا.
أمرا هنا مفعول به لمقسمات، وهو مفرد أريد به الجمع، كقوله تعالى { ثم نخرجكم طفلا} [الحج: 5] ، ذكره صاحب أضواء البيان.

• القول بأن المقصود بالآيات الأربع الرياح
استحسن ابن عاشور جعل الصفات الأربع المذكورة هنا للرياح، ونقل ذلك عن بعض المفسرين مثل الحسن، والفخر، وصاحب الكشاف، وذلك للأسباب التالية:
- أن الرياح تُوصَفُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ فهي تَذْرُو التُّرَابَ، وَتَحْمِلُ السَّحَابَ، وَتَجْرِي فِي الْهَوَاءِ، وَتُقَسِّمُ الْأَمْطَارَ.
- أنه الْأَنْسَبُ لِعَطْفِ الصِّفَاتِ بِالْفَاءِ.
- أَنَّ فِيهِ مُنَاسَبَةً بَيْنَ الْمُقْسَمِ بِهِ وَالْمُقْسَمِ عَلَيْهِ، أي بين أحوال الرياح وأحوال البعث، وبين قوله: { فالمقسمات أمرا} وقوله: { قل الروح من أمر ربي }
وقد أورد الشوكاني هذا القول وقال بأنه ضعيف جدا.
والله أعلم. القول بأن معنى القسم ورب الذاريات، ورب الجاريات...
ذكر ذلك الزجاج، وابن الجوزي، والشوكاني، ورجح الشوكاني بأن القسم إنما هو بالصفات.

• تعقيب وسؤال
هل ينطبق على التفسير المشهور عن السلف هنا "التفسير بالمثال" ؟؟
فيكون الراجح في الآيات حملها على كل ما يمكن أن يوصف بها، فيشمل التفسير ما ذكر من أقوال، وغيره ؟؟
فتكون الصورة البلاغية هنا كما قال ابن عاشور:
"أَنَّ فِي طَيِّ ذِكْرِ الْمَوْصُوفَاتِ تَوْفِيرًا لِمَا تُؤْذِنُ بِهِ الصِّفَاتُ مِنْ مَوْصُوفَاتٍ صَالِحَةٍ بِهَا لِتَذْهَبَ أَفْهَامُ السَّامِعِينَ فِي تَقْدِيرِهَا كُلَّ مَذْهَبٍ مُمْكِنٍ".
- فتشمل الجاريات يسرا على سبيل المثال: السفن، والسحب، والرياح، والنجوم، والطائرات، والعجلة، و... وكل ما يسر سبحانه جريه.
ويقال مثل ذلك في بقية الآيات.
- الحاملات وقرا: السحاب، الرياح، السفن,و .... ؟؟ ولماذا استبعد هنا صاحب أضواء البيان أن تشمل الآية الحوامل من الإناث؟؟
- المقسمات أمرا: الملائكة، السحاب، الرياح، ....؟؟
وهل من الوارد تفسير الذاريات بالنساء الولودات؟؟ أم أنه قول ساقط كما قال صاحب أضواء البيان وغير وارد في اللغة ؟؟

والحمد لله رب العالمين.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28 ذو الحجة 1437هـ/30-09-2016م, 02:10 AM
سارة المشري سارة المشري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 544
افتراضي

قال الله تعالى : ﴿ وفي الأرض آيات للموقنين ( 20 ) وفي أنفسكم أفلا تبصرون ( 21 ) ﴾

يشير الله تعالى في هذه الآيات الكريمة إلى بعضٍ من آياته الدالة على وحدانيته سبحانه في الربوبية ولازم ذلك إمكان نزول الدين الإلهي من طريق الرسالة بل وجوبه، ولازمه صدق ماجاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، وصدق أمور البعث والجزاء ، وأن الملك العظيم الذي خلق هذا الكون بما فيه من عجائب وقدرة باهرة يمتنع بما لَه من كمال الصفات وجلالها أن يجعل هذا الكون مخلوق عبثا ،
ثم لا يجازي الظالم على ظلمه ، ولا يكافىء المحسن على إحسانه .

- بيان أوجه القراءات في قوله تعالى : ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ (20)﴾.
قرأ الجمهور( آيات )، وقرأ قتادة ( آية ) على الإفراد ، ذكره ابن عطية .
و ذكر الماوردي في معنى آيات للموقنين أي عظات للمعتبرين من أهل اليقين .
والمقصود بالآيات :
1- مافي الأرض من الآيات الدالة على عظمة خالقها وقدرته الباهرة من الجبال والأنهار والبحار وصنوف النبات و الحيوانات واختلاف ألسنة الناس وألوانهم ، وما جبلوا عليه من الإرادات ، وما بينهم من التفاوت في العقول ، وما في تركيبهم من الحكم من وضع كل عضو في المحل الذي هو محتاج إليه ، ذكره ابن كثير وابن عطية والماوردي وابن الجوزي .
2- من أهلك من الأمم السابقة وأبيد من القرون الخالية ، ذكره الماوردي عن الكلبي .
واليقين : هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك، الموجب للعمل ، ذكره السعدي ، وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : "اللهم اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ , وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ , وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصائب الدُّنْيَا ...) أخرجه الترمذي والنسائي عن ابن عمر ، وعَنْ عُمَرَ ، قَالَ : إِنَّ أَبَا بَكْرٍ خَطَبَنَا ، فَقَالَ:إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ فِينَا عَامَ أَوَّلَ ، فَقَالَ : أَلاَ إِنَّهُ لَمْ يُقْسَمْ بَيْنَ النَّاسِ شَيْءٌ أَفْضَلُ مِنَ الْمُعَافَاةِ بَعْدَ الْيَقِينِ ، أَلاَ إِنَّ الصِّدْقَ وَالْبِرَّ فِي الْجَنَّةِ ، أَلاَ إِنَّ الْكَذِبَ وَالْفُجُورَ فِي النَّارِ ) أخرجه أحمد والنسائي .
واليقين : ثلاث درجات:
الأولى: علم اليقين.قال تعالى : " كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) " سورة التكاثر ,فعلم اليقين هو العلم الجازم المطابق للواقع الذى لا شك فيه .
والثانية: عين اليقين.قال تعالى : " ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ" (7 ). سورة التكاثر وهو ما كان عن مشاهدة وانكشاف .
والثالثة حق اليقين . قال تعالى : " {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} ( 74) الواقعة .وهو ما كان عن ملابسة ومخالطة .
وإن من أهم صفات أهل اليقين أنهم يتفكرون في ملكوت الله ويرون إعجاز الله في خلقه , فيزدادون بالله إيمانا وله تعظيما وخشية ، عن عطاء قال : دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة رضي الله عنها فقال عبد الله بن عمير : حدثينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه و سلم فبكت وقالت : قام ليلة من الليالي فقال : يا عائشة ! ذريني أتعبد لربي قالت : قلت : والله إني لأحب قربك وأحب ما يسرك قالت : فقام فتطهر ثم قام يصلي فلم يزل يبكي حتى بل حجره ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل الأرض وجاء بلال يؤذنه بالصلاة فلما رآه يبكي قال : يا رسول الله ! تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ ! قال : أفلا أكون عبدا شكورا ؟ لقد نزلت علي الليلة آيات ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها : { إن في خلق السماوات والأرض } ، رواه ابن حبان في صحيحه .
والمتأمل في كتاب الله يجده مملوءاً بالآيات التي تدعو الإنسان إلى النظر والتفكر في تلك الدلائل القاطعة المبثوثة في الآفاق وفي الأنفس، لا النظر الذي سلكه المتكلمون في استدلالهم بدليل الأعراض وحدوث الأجسام.
فالاستدلال بالآيات الكونية وما هو مشاهد ومحسوس وما تدل عليه الضرورة والفطر والحس منهج قويم من مناهج أهل السنة والجماعة .
قال الله تعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصلت: 53].
ثم يأمر الله تعالى بالتفكر في هذه النفس الملاصقة له ، والاستفهام في الآية إنكاري ، فالله سبحانه وتعالى ينكر على هؤلاء الناس عدم إبصارهم للآيات الواضحة الكائنة في أنفسهم : ﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) ﴾
و ذكر ابن الجوزي أن في الآية غائب مقدر : وفي الأرض وفي أنفسكم آيات للموقنين .
- المعاني الواردة في تفسير الآيات في النفس :
- آيات إذ كنتم نطفا ثم عظاما ثم مضغا ، ثم اختلاف الصور والألوان والطبائع ، وتقويم الأدوات والسمع والبصر والعقل .
- أنه سبيل الغائط والبول ، قاله ابن الزبير ومجاهد .
- تسوية مفاصل أيديكم وأرجلكم وجوارحكم دليل على أنكم خلقتم لعبادته ، قاله قتادة .
- في خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون ، قاله ابن زيد .
- في حياتكم وموتكم وفيما يدخل ويخرج من طعامكم ، قاله السدي .
- في الكبر بعد الشباب والضعف بعد القوة والشيب بعد السواد ، قاله الحسن .
- أنه نجح العاجز وحرمان الحازم .
هذا خلاصة ما ذكره الماوردي وابن الجوزي .
ومن بديع شرح ابن القيم لهذه الآية يقول : "لما كان أقرب الأشياء إلى الإنسان نفسه دعاه خالقه وبارئه ومصوره وفاطره من قطرة ماء إلى التبصر والتفكر في نفسه، فإذا تفكر الإنسان في نفسه استنارت له آيات الربوبية، وسطعت له أنوار اليقين، واضمحلت عنه غمرات الشك والريب، وانقشعت عنه ظلمات الجهل، فإنه إذا نظر في نفسه وجد آثار التدبير فيه قائمات، وأدلة التوحيد على ربه ناطقات شاهدة لمدبره، دالة عليه مرشدة إليه، إذا يجده مكونا من قطرة ماء: لحوماً منضدة وعظاماً مركبة، وأوصالاً متعددة مأسورة مشددة بحباله، العروق والأعصاب قد قمطت وشدت وجمعت بجلد متين مشتمل على ثلاثمائة وستين مفصلاً ما بين كبير وصغير، وثخين ودقيق، ومستطيل ومستدير، ومستقيم ومنحن، وشدت هذه الأوصال بثلاثمائة وستين عرقاً للاتصال والانفصال، والقبض والبسط، والمد والضم، والصنايع والكتابة.
وجعل فيه تسعة أبواب: فبابان للسمع، وبابان للبصر، وبابان للشم، وبابان للكلام والطعام والشراب والتنفس، وبابان لخروج الفضلات التي يؤذيه احتباسها ... )
ومن الفوائد السلوكية في هذه الآية :
- أن التفكر في خلق الله تعالى للإنسان يوجب الاستبصار وعبادة الله تعالى وحده .
قال قتادة : من تفكر في خلق نفسه عرف أنه إنما خلق ولينت مفاصله للعبادة ، ذكره ابن كثير والماوردي .
- و أن التفكر في النفس وعجيب ابتداء خلقها يقود الإنسان العاقل للاعتراف بقدرة الله تعالى على البعث .
قال ابن الجوزي : أفلا تبصرون كيف خلقكم فتعرفوا قدرته على البعث .

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 28 ذو الحجة 1437هـ/30-09-2016م, 02:14 AM
سارة المشري سارة المشري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 544
افتراضي

أعتذر عن التأخير لأنني لم أعلم بنزول هذه الواجبات إلا في هذا الأسبوع ، لأنني حين فتحت الخطة في أول الأسبوع لم يكن نزل سوى مقدمات في أساليب التفسير مع تسجيل الحضور
فاعتقدت أنها لكل الأسبوع .

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 28 ذو الحجة 1437هـ/30-09-2016م, 07:08 PM
هدى مخاشن هدى مخاشن غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 240
افتراضي

رسالة تفسيرية في قوله تعالى:
{هو الّذي بعث في الأمّيّين رسولًا منهم يتلو عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلالٍ مبينٍ}(2) الجمعة.
قال السعدي في المراد بالأميين: المرادُ بالأُمِّيِّينَ الذينَ لا كتابَ عندَهم، ولا أثَرَ رِسالةٍ مِن العرَبِ وغيرِهم مِمَّن لَيسوا مِن أهلِ الكتابِ
وقال الأشقر: العرَبُ، مَن كانَ يُحْسِنُ الكِتابةَ مِنهم ومَن لا يُحْسِنُها؛ لأنهم لم يَكونوا أهْلَ كِتابٍ وقال ابن عطية: "الأميون" يراد بهم العرب، والأمي في اللغة: الذي لا يكتب ولا يقرأ، منسوب إلى "أم القرى" وهى مكة،
وقال القرطبي:الأميون العرب كلهم ، من كتب منهم ومن لم يكتب ، لأنهم لم يكونوا أهل كتاب قاله ابن عباس. وقيل : الأميون الذين لا يكتبون. وكذلك كانت قريش . وروى منصور عن إبراهيم قال: الأمي الذي يقرأ ولا يكتب
وحاصل الأقوال أنّ المراد بالأميين ثلاثة:
- الأول/ الذينَ لا كتابَ عندَهم، ولا أثَرَ رِسالةٍ مِن العرَبِ وغيرِهم مِمَّن لَيسوا مِن أهلِ الكتابِ.
- الثاني/ العرَبُ، مَن كانَ يُحْسِنُ الكِتابةَ مِنهم ومَن لا يُحْسِنُها. لأن الأصل في العرب أنهم لا يحسنون الكتابة لأنهم لم يكونوا أهل كتاب.
- الثالث/ الأميين هم العرب الذين لا يقرؤون ولا يكتبون من أهل مكة نسبة لأم القرى وهذا ضعيف، لأن الوصف بالأميين -على هذا- يقف على قريش. وإنما المراد جميع العرب.
فالثالث ضعيف والقولين الأولين أقوال متقاربة حاصلها أنهم: العرب الذينَ لا كتابَ عندَهم، ولا أثَرَ رِسالةٍ، ممن يحسن الكتابة أو لا يحسنها وكان الغالب لا يحسن ذلك، أو غيرهم مِمَّن لَيسوا مِن أهلِ الكتابِ، كما قال تعالى: {وقل للّذين أوتوا الكتاب والأمّيّين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولّوا فإنّما عليك البلاغ واللّه بصيرٌ}
فالله أرسل في الأميين محمدا صلى الله عليه وسلم فقال: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم}وضمير منهم في الآية هنا قيل أنه يرجع إلى:
- الأميين العربحيث أن نسبه نسبهم ولسانه لسانهم ذكرهالطبري والطنطاوي، والبغوي
- وقيل أهل مكة.ذكره ابن كثير.
- وقيل أنهم العرب إلا تغلب فقال ما من حي من العرب إلا ولرسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة وقد ولدوه. قال ابن إسحاق:إلا حي تغلب؛فإن الله تعالى طهر نبيه صلى الله عليه وسلم منهم لنصرانيتهم، فلم يجعل لهم عليه ولادةذكره القرطبي.
- والراجح والله أعلم أن منهم تعود على الأميين العرب لأن مِن تبعيضيه باعتبار أنه واحد منهم ويشاركهم في بعض صفاتهم وهي الأمية ولسانهم.
فأرسله إليهم يتلو عليهم القرآنَ والأدلة البينات القاطعات؛ مع كونِه أُمِّيًّا لا يَقرأُ ولا يَكتبُ، ولا تَعلَّمَ ذلك مِن أحَدٍ وأرسله كذلك ليزكيهم وفي تزكية الرسول للأمة ثلاثة أقوال/
1. يُطَهِّرُهم مِن دَنَسِ الكفْرِ والذنوبِ وسَيِّئِ الأخلاقِ. وهو قول ابن جريج ومقاتل،ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر وابن عطية وابن عاشور والقرطبي
2. يَجعلُهم أزكياءَ القلوبِ بالإيمانِ وهو قول ابن عباس ذكرهابن كثير والأشقر والقرطبي
3. يأخذ زكاة أموالهم وهو قول السدي ذكره القرطبي
والحاصل أنه لا منافاة بين الأقوال حيث أنه لو زكت قلوبهم لزكت أفعالهم التي تشمل زكاة الأموال فإن زكاة الأفعال من زكاة القلوب
وابتدئ بالتلاوة لأن أول تبليغ الدعوة بإبلاغ الوحي، وثني بالتزكية لأن ابتداء الدعوة بالتطهير من الرجس المعنوي وهو الشرك، وما يعلق به من مساوي الأعمال والطباع، ثم ذكر أنه من جنس فعله؛ تعليمه إياهم الكتاب والحكمة وفي المراد بهما أقوال:
الكتاب/
1. قيل المراد به القرآنُ، ذكره الأشقر وابن عطية والقرطبي
2. وقيل الخطُّ بالقلَمِ، وهو قول مالِكُ بنُ أنَسٍ، وابن عباس؛ ذكره الأشقر والقرطبي، وسبب هذا القول لأن الخط فشا في العرب بالشرع لما أمروا بتقييده.
- أما المراد بالحكمة فقيل:
1. الحكمةُ السنَّةُ، وهوقول الحسن ذكره القرطبي وابن عطية والأشقر
2. الحكمَةُ الفقْهُ في الدِّينِ وهو قول مالِكُ بنُ أنَسٍ. ذكره القرطبي والأشقر
وكانت بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إجابة اللّه لخليله إبراهيم، ومنة عظيمة من الله للخلق حيث بعث محمد صلى الله عليه وسلم، على حين فترةٍ من الرّسل، وطموس من السّبل، وقد اشتدّت الحاجة إليه، حيث كانوا في ضلال مبين وشرْكٍ وذَهابٍ عن الحقِّ،وعبادة للأصنامِ والأشجارِ والأحْجارِ، وغايةِ جهلٍ بعُلومِ الأنبياءِ وقد مقت اللّه أهل الأرض عربهم وعجمهم، إلّا بقايا من أهل الكتاب.
المراجع/
1. تفسير الطبري
2. تفسير الماوردي
3. تفسير ابن عطية
4. تفسير القرطبي
5. تفسير القرآن العظيم لابن كثير
6. تفسير البغوي
7. تيسير الكريم الرحمن للسعدي
8. التحرير والتنوير لابن عاشور
9. تفسير الوسيط للطنطاوي
10. زبدة التفسير للأشقر

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 29 ذو الحجة 1437هـ/1-10-2016م, 05:30 PM
أماني مخاشن أماني مخاشن غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 176
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة تفسيرية في قول الله تعالى :
(أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين)
أي : أحسبتم أن تدخلوا الجنة ولم تبتلوا بالقتال والشدائد ، كما قال تعالى في سورة البقرة) : أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ( [البقرة : 214 ] وقال تعالى : (الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) [ العنكبوت : 1 - 3 ] ، ولهذا قال هاهنا : أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين أي : لا يحصل لكم دخول الجنة حتى تبتلوا ويرى الله منكم المجاهدين في سبيله والصابرين على مقارنة الأعداء .قاله ابن كثير
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: " أم حسبتم "، يا معشر أصحاب محمد، وظننتم =" أن تدخلوا الجنة "، وتنالوا كرامة ربكم، وشرف المنازل عنده =" ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم "، يقول: ولما يتبيَّن لعبادي المؤمنين، المجاهدُ منكم في سبيل الله، على ما أمره به.
قال القرطبي : أم بمعنى بل
وقيل : الميم زائدة ذكره القرطبي و البغوي .
وقال الشوكاني : أم منقطعة ، والهمزة للإنكار أي :بل أحسبتم .
وقال ابن عاشور :أم هنا منقطعة هي بمعنى بل الانتقالية ، لأن هذا الكلام انتقال من غرض إلى آخر ، وهي إذا استعملت منقطعة تؤذن بأن ما بعدها استفهام ، لملازمتها للاستفهام ، حتى قال الزمخشري والمحققون : إنها لا تفارق الدلالة على الاستفهام بعدها ، وقال غيره : ذلك الغالب وقد تفارقه .
ومن المفسرين من قدر لأم هنا معادلا محذوفا ، وجعلها متصلة ، فنقل الفخر عن أبي مسلم الأصفهاني أنه قال : عادة العرب يأتون بهذا الجنس من الاستفهام توكيدا لأنه لما قال ولا تهنوا ولا تحزنوا كأنه قال : أفتعلمون أن ذلك كما تؤمرون أم حسبتم أن تدخلوا الجنة . قاله ابن عاشور .
وحاصل الأقوال في معنى أم قولان : أنها منقطعة بمعنى بل وهو قول الأغلب والمعنى لا تحسبوا أن تدخلوا الجنة دون أن تجاهدوا وتصبروا على عواقب الجهاد ، والقول الثاني أنها متصلة فتكون توكيدا لما قبلها وهو قول بعض المفسرين .
(ولما يعلم) ورد في معنى "لما" قولان :
الأول : أنها بمعنى لم ، قاله القرطبي والبغوي وابن عاشور والشوكاني ، وقال هو قول الجمهور .
الثاني :التفريق بينهما ، فتكون (لم) لنفي الماضي ، و(لما) لنفي الماضي و المتوقع ،وهو قول سيبويه، نقله القرطبي و الشوكاني
كما قال سيبويه : ولما حرف نفي أخت ( لم ) إلا أنها أشد نفيا من ( لم ) ، لأن ( لم ) لنفي قول القائل فعل فلان ، ولما لنفي قوله قد فعل فلان ، . فتدل لما على اتصال النفي بها إلى زمن التكلم ، بخلاف ( لم ) ، ومن هذه الدلالة استفيدت دلالة أخرى وهي أنها تؤذن بأن المنفي بها مترقب الثبوت فيما يستقبل ، لأنها قائمة مقام قولك استمر النفي إلى الآن ، وإلى هذا ذهب الزمخشري هنا فقال : ولما بمعنى ( لم ) إلا أن فيها ضربا من التوقع وقال في قوله تعالى ولما يدخل الإيمان في قلوبكم في سورة الحجرات : فيه دلالة على أن الأعراب آمنوا فيما بعد . نقله ابن عاشور.
والمعنى كما قال ابن القيم :
أي ولما يقع ذلك منكم فيعلمه ،فإنه لو وقع لعلمه فجازاكم عليه بالجنة فيكون الجزاء على الواقع المعلوم لا على مجرد العلم فإن الله لايجزي العبد على مجرد علمه فيه دون أن يقع معلومه .
وقوله : ( ويعلم الصابرين ) منصوب بإضمار أن كما قال الخليل وغيره على أن الواو للجمع . وقال الزجاج : الواو بمعنى حتى ، وقرأ الحسن ويحيى بن يعمر " ويعلم الصابرين " بالجزم عطفا على ( ولما يعلم ) وقرئ بالرفع على القطع ، وقيل : إن قوله : " ولما يعلم " كناية عن نفي المعلوم ، وهو الجهاد. قاله الشوكاني .
قال ابن عاشور : ونصب " ويعلم الصابرين "، على الصرف. و " الصرف "، أن يجتمع فعلان ببعض حروف النسق، وفي أوله ما لا يحسن إعادته مع حرف النسق، فينصب الذي بعد حرف العطف على الصرف، لأنه مصروف عن معنى الأول، ولكن يكون مع جحد أو استفهام أو نهي في أول الكلام. وذلك كقولهم: " لا يسعني شيء ويضيقَ عنك "، لأن " لا " التي مع " يسعني" لا يحسن إعادتها مع قوله: " ويضيقَ عنك "، فلذلك نصب.
والقراءة في هذا الحرف على النصب.
قال الطبري : وقد روي عن الحسن أنه كان يقرأ: ( وَيَعْلَمِ الصَّابِرِينَ )، فيكسر " الميم " من " يعلم "، لأنه كان ينوي جزمها على العطف به على قوله: " ولما يعلم الله ". ا.ه
) ويعلم الصابرين) منصوب بإضمار أن ; عن الخليل . وقرأ الحسن ويحيى بن يعمر " يعلم الصابرين " بالجزم على النسق . وقرئ بالرفع على القطع ، أي وهو يعلم . وروى هذه القراءة عبد الوارث عن أبي عمرو . وقال الزجاج . الواو هنا بمعنى حتى ، أي ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم حتى يعلم صبرهم .ذكره القرطبي
(ويعلم الصابرين) معطوفا بواو المعية فهو في معنى المفعول معه ، لتنظيم القيود بعضها مع بعض قاله ابن عاشور
والحاصل في نوع الواو في قوله :(ويعلم) ثلاثة أقوال
أنها للجمع ، قاله الشوكاني .
أنها بمعنى حتى الزجاج ، قاله الشوكاني والقرطبي .
أنها واو المعية بمعنى مع ، قاله ابن عاشور .
أما القراءات في قوله (ويعلم الصابرين) ثلاث قراءات :
الأولى : قُرأت بالنصب ، وذكر الخليل أن سبب النصب أن المضمرة ، ذكره القرطبي والشوكاني ، وقال الطبري منصوبة على الصرف .
وقُرأت بالرفع ، على القطع رواها عبد الوارث عن أبي عمرو ، قاله القرطبي والشوكاني .
وقُرأت بالجزم ، عطفا على (ولما يعلم) رويت عن الحسن ويحيي بن يعمر، قاله الطبري و القرطبي والشوكاني .
قال أبو جعفر في معناها :
وقوله: " ويعلم الصابرين "، يعني: الصابرين عند البأس على ما ينالهم في ذات الله من جرح وألم ومكروه. كما:-حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: " أم حسبتم أن تدخلوا الجنة " وتصيبوا من ثوابي الكرامة، ولم أختبركم بالشدة، وأبتليكم بالمكاره، حتى أعلم صِدق ذلك منكم الإيمان بي، والصبر على ما أصابكم فيّ.
و قال ابن عاشور : أتحسبون أن تدخلوا الجنة في حال انتفاء علم الله بجهادكم مع انتفاء علمه بصبركم ، أي أحسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يجتمع العلمان . والجهاد يستدعي الصبر ، لأن الصبر هو سبب النجاح في الجهاد ، وجالب الانتصار ، وقد سئل علي عن الشجاعة ، فقال : صبر ساعة . وقال زفر بن الحارث الكلابي ، يعتذر عن انتصار أعدائهم عليهم :
سقيناهم كأسا سقونا بمثلها ولكنهم كانوا على الموت أصبرا
وقد تسبب في هزيمة المسلمين يوم أحد ضعف صبر الرماة ، وخفتهم إلى الغنيمة ، وفي الجهاد يتطلب صبر المغلوب على الغالب حتى لا يهن ولا يستسلم .

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:07 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir