تلخيص تفسير الآيات 1-10 من سورة المزمل
أسباب النزول :
- ذكر السعدي رحمه الله أن قوله تعالى (يا أيها المزمل) حَصَلَ مِن رَسولِ اللَّهِ حِينَ أَكْرَمَه اللَّهُ برِسالتِه وابتَدَأَهُ بإنزالِ وَحْيِه بإرسالِ جِبْرِيلَ إليه، فرَأَى أمْراً لم يَرَ مِثلَه، ولا يَقْدِرُ على الثَّبَاتِ له إلاَّ الْمُرْسَلونَ، فاعْتَرَاه في ابتداءِ ذلكَ انزعاجٌ حينَ رَأَى جِبريلَ عليه السلامُ، فأَتَى إلى أهْلِه فقالَ: ((زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي)). وهو تُرْعَدُ فَرَائِصُه، ثم جاءَه جِبريلُ فقالَ: اقْرَأْ. فقالَ: ((مَا أَنَا بِقَارِئٍ)). فغَطَّه حتى بَلَغَ مِنه الْجَهْدُ، وهو يُعَالِجُه على القِراءَةِ، فقَرأَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ, ثم أَلْقَى اللَّهُ عليه الثَّبَاتَ وتَابَعَ عليه الوَحْيُ، حتى بَلَغَ مبْلَغاً ما بَلَغَه أحَدٌ مِن الْمُرْسَلينَ.
ما جاء في فضل الآيات :
- أَخْرَجَ أحمدُ, ومسلِمٌ, عن سعْدِ بنِ هِشامٍ قالَ: قلتُ لعائشةَ: أنْبِئِينِي عن قِيامِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. قالتْ: ألسْتَ تَقرأُ هذه السورةَ:{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}؟ قلتُ: بلى. قالتْ: فإنَّ اللهَ افْتَرَضَ قِيامَ الليلِ في أوَّلِ هذه السورةِ فقامَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ وأصحابُه حَوْلاً، حتى انْتَفَخَتْ أقْدَامُهم، وأَمْسَكَ اللهُ خاتِمَتَها في السماءِ اثْنَيْ عشرَ شَهْراً، ثم أَنزلَ التخفيفَ في آخِرِ هذه السورةِ، فصارَ قِيامُ الليلِ تَطَوُّعاً مِن بعدِ فَرْضِه.
المسائل التفسيرية :
تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ1 )
• معنى التزمل : فيه 6 أقوال
1/ قال بن كثير رحمه الله : التّغطّي في اللّيل
2/ قال ابن عبّاسٍ، والضّحّاك، والسّدّيّ: يا أيّها النّائم.
3/ قال قتادة: المزّمّل في ثيابه
4/ قال إبراهيم النّخعيّ: نزلت وهو متزمّلٌ بقطيفةٍ.
5/ عن ابن عبّاسٍ: زمّلت القرآن.
6/ قال السعدي رحمه الله : الْمُزَّمِّلُ: الْمُتَغَطِّي بثِيابِه كالْمُدَّثِّر
فهذه الأقوال الستة مرجعها إلى 3 : فقول السعدي رحمه الله ، وقتادة ، وإبراهيم النخعي وبن كثير كلها متقاربة وتفيد أن المتزمل هو المتغطي بثيابه سواءا كانت قطيفة أو ما شابهها وخصصه بن كثير بقيام الليل .
ويبقى القولان الآخران أن المزمل هو النائم ، وقول بن عباس المرقم بالخامس .
• المراد بالمزمل : هو رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم ، ذكر ذلك بن كثير والسعدي والأشقر عليهم رحمة رب العالمين .
• سبب تزمله : خَوْفه عليه الصلاة والسلام ، فإنه لَمَّا سَمِعَ صوتَ الْمَلَكِ ونَظَرَ إليه أخَذَتْهُ الرِّعدةُ، فأتى أهْلَه وقالَ: ((زَمِّلُونِي دَثِّرُونِي)). ثم بعدَ ذلك خُوطِبَ بالنُّبُوَّةِ والرسالةِ وأَنِسَ بجبريل، ذكر ذلك السعدي والأشقر .
تفسير قوله تعالى: (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا 2)
• نوع الأمر : قال بن كثير رحمه الله : كان واجبا عليه خاصة – أي على النبي صلى الله عليه وسلم – واستدل لذلك بقوله تعالى : (ومن اللّيل فتهجّد به نافلةً لك عسى أن يبعثك ربّك مقامًا محمودًا( .
• متعلق القيام : ذكر الأشقر رحمه الله أنه يكون بالصلاة ، بينما أورد بن كثير رحمه الله آية تدل على شمول قيام الليل لعبادات أخرى غير الصلاة : منها الدعاء وذلك في قوله تعالى : (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربّهم خوفًا وطمعًا وممّا رزقناهم ينفقون) .
• معنى قليلا : قال الأشقر رحمه الله : يَسِيراً .
• هدف الآية : ذكر بن كثير رحمه الله أنها جاءت لبيان مقدار ما يقوم من الليل .
• مظاهر رحمة الله في الآية : قال السعدي رحمه الله : ومِن رَحْمَتِه تعالى أنَّه لم يَأْمُرْه بقيامِ الليلِ كُلِّه
• فضل المأمور به : قال السعدي رحمه الله : فأَمَرَه هنا بأَشْرَفِ العباداتِ وهي الصلاةُ، وبِآكَدِ الأوقاتِ وأفْضَلِها وهو قِيامُ الليلِ.
تفسير قوله تعالى: (نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا 3)
• مرجع الضمير في (نصفه) : لليل وهذا حاصل ما ذكره بن كثير والسعدي رحمهما الله
• مرجع الضمير في (منه) : من النصف وهو أقرب مذكور أشار لذلك الشيخان السعدي والأشقر
• مقدار النقصان : أقل من النصف بأنْ يكونَ الثُّلُثَ ونحوَه ، قال السعدي رحمه الله
تفسير قوله تعالى: (أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا4)
• مرجع الضمير في (عليه) : على النصف ، قاله السعدي رحمه الله .
• مقدار الزيادة : قال الأشقر رحمه الله : كأنه قالَ: قُمْ ثُلُثَيِ الليلِ. وقال السعدي : ونحوهما ، يعني ليس الثلثان بالتحديد التام لكن قريبا منهما
• معنى الترتيل : القراءة المتمهلة ، التي أنْ يُبَيِّنَ فيها جميعَ الحروفِ ويُوفِيَ حَقَّها مِن الإشباعِ دُونَ تَنَطُّعٍ وَتَقَعُّرٍ في النُّطْقِ ، حاصل ما ذكره بن كثير والأشقر .
• فائدة الترتيل : فيه عون على فهم القرآن وتدبّره وتفَكُّرُه ، وتحريكُ القلوبِ به وهو حاصل ما ذكره بن كثير والسعدي .
• هدى النبي صلى الله عليه وسلم في الترتيل : قالت عائشة: كان يقرأ السّورة فيرتّلها، حتّى تكون أطول من أطول منها. ، وفي صحيح البخاريّ، عن أنسٍ: أنّه سئل عن قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: كانت مدًّا، ثمّ قرأ {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم} يمدّ بسم اللّه، ويمدّ الرّحمن، ويمدّ الرّحيم. وعن أمّ سلمة: أنّها سئلت عن قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالت: كان يقطّع قراءته آيةً آيةً، {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم الحمد للّه ربّ العالمين الرّحمن الرّحيم مالك يوم الدّين} رواه أحمد، وأبو داود، والتّرمذيّ.
• الأحاديث الحاثة علي الترتيل : عن عبد اللّه بن عمرٍو، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق، ورتّل كما كنت ترتّل في الدّنيا، فإنّ منزلتك عند آخر آيةٍ تقرؤها".ورواه أبو داود، والتّرمذيّ والنّسائيّ، من حديث سفيان الثّوريّ، به وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ. وحديث "زيّنوا القرآن بأصواتكم"، و "ليس منّا من لم يتغنّ بالقرآن"، و "لقد أوتي هذا مزمار من مزامير آل داود" يعني: أبا موسى، فقال أبو موسى: لو كنت أعلم أنّك كنت تسمع قراءتي لحبّرته لك تحبيرًا. أوردها بن كثير جميعا
• آثار الصحابة حول الترتيل : عن ابن مسعودٍ أنّه قال: لا تنثروه نثر الرّمل ولا تهذّوه هذّ الشّعر، قفوا عند عجائبه، وحرّكوا به القلوب، ولا يكن همّ أحدكم آخر السّورة. رواه البغويّ. وفي البخاري : جاء رجلٌ إلى ابن مسعودٍ فقال: قرأت المفصّل اللّيلة في ركعةٍ. فقال: هذًّا كهذّ الشّعر. لقد عرفت النّظائر الّتي كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقرن بينهنّ. فذكر عشرين سورةً من المفصّل سورتين في ركعةٍ.
تفسير قوله تعالى: (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا 5)
• معنى نلقي : قال السعدي والأشقر أي نوحي .
• المراد بالقول الثقيل : القران ، قاله السعدي والأشقر .
• وجه كونه ثقيلا : فيها 4 أقوال
1/ قال الحسن، وقتادة: أي العمل به ذكر ذلك بن كثير رحمه الله وقريب منه قول الأشقر : (ثَقيلٌ فَرائضُه وحُدودُه، وحَلالُه وحَرامُه، لا يَحْمِلُه إلا قلْبٌ مؤيَّدٌ بالتوفيقِ, ونفْسٌ مُزَيَّنَةٌ بالتوحيدِ )
2/ ثقيلٌ وقت نزوله . ومن أدلة ذلك : (قال زيد بن ثابتٍ: أنزل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وفخذه على فخذي، فكادت ترض فخذي. ) وعن عبد اللّه بن عمرٍو قال: سألت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقلت: يا رسول اللّه، هل تحسّ بالوحي؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أسمع صلاصيل، ثمّ أسكت عند ذلك، فما من مرّةٍ يوحى إليّ إلّا ظننت أنّ نفسي تفيض"، تفرّد به أحمد.
و عن عائشة: أنّ الحارث بن هشامٍ سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: كيف يأتيك الوحي؟ فقال: "أحيانًا يأتيني في مثل صلصلة الجرس، وهو أشدّه عليّ، فيفصم عنّي وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانًا يتمثّل لي الملك رجلًا فيكلّمني فأعي ما يقول". قالت عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي صلّى اللّه عليه وسلّم في اليوم الشّديد البرد، فيفصم عنه وإنّ جبينه ليتفصّد عرقًا هذا لفظه في البخاري
و عن عائشة قالت: إن كان ليوحى إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو على راحلته، فتضرب بجرانها. والجران: هو باطن العنق. والمقصود أنها لا تستطيع أن تتحرك حتى يسرى عنه .
3/ قول عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: كما ثقل في الدّنيا ثقل يوم القيامة في الموازين.
4/ ثقيلا : عظيمةَ مَعانِيهِ ، جليلةَ أَوصافُه وهو قول السعدي رحمه الله
وجميع الأقوال صحيحة في نفسها فهو عظيم المكانة في الدنيا وثقيل الوزن في الآخرة وكذا نزوله والعمل به ، وكان اختيار ابن جريرٍ رحمه الله أنّه ثقيلٌ من الوجهين 1 ، 2 معًا .
• فائدة الاخبار بأنه ثقيل : قال السعدي رحمه الله (ما كانَ بهذا الوصْفِ حَقيقٌ أنْ يُتَهَيَّأَ له ويُرَتَّلَ ويُتَفَكَّرَ فيما يَشْتَمِلُ عليه(
تفسير قوله تعالى: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا 6)
• المراد بناشئة الليل : ورد فيها 6 أقوال
1/ قال بن كثير حمه الله : ناشئة اللّيل هي: ساعاته وأوقاته، وكلّ ساعةٍ منه تسمّى ناشئةً، وهي الآنّات.
2/ عن ابن عبّاسٍ: نشأ: قام بالحبشة.
3/ قال عمر، وابن عبّاسٍ، وابن الزّبير: اللّيل كلّه ناشئةٌ. وكذا قال مجاهد، وغير واحد، يقال: نشأ: إذا قام من اللّيل.
4/ عن مجاهدٍ: بعد العشاء. وكذا قال أبو مجلز، وقتادة، وسالمٌ وأبو حازمٍ، ومحمّد بن المنكدر.
5/ الصلاةَ فيه بعدَ النوْمِ قاله السعدي .
6/ يُقالُ لقيامِ الليلِ: ناشئةٌ. إذا كانَ بعدَ نَومٍ قاله الأشقر
وحاصل ما ذكروه متقارب فساعات الليل التي تتخذ للقيام والصلاة تكون بعد النوم أو بعد العشاء فكل ذلك ناشئة .
• معنى أشد وطئا : فيها قولان
1/ أشدّ مواطأةً بين القلب واللّسان قاله بن كثير ، وبعبارة قريبة عبر عنه السعدي رحمه الله فقال : يَتَوَاطَأُ على القرآنِ القلْبُ واللسانُ
وعلة ذلك خفوت لغط الأصوات .
2/ أثْقَلُ على المصلِّي مِن صلاةِ النهارِ؛ لأنَّ الليلَ للنومِ قاله الأشقر رحمه الله
• معنى أقوم قيلا
1/ أصوب وأقوم ،روي ذلك عن أنس بن مالكٍ قرأ هذه الآية: "إن ناشئة اللّيل هي أشدّ وطئًا وأصوب قيلًا" فقال له رجلٌ: إنّما نقرؤها {وأقوم قيلا} فقال له: إنّ أصوب وأقوم وأهيأ وأشباه هذا واحدٌ. وذكره بن كثير رحمه الله
2/ قال الأشقر رحمه الله : وأَسَدُّ مَقَالاً وأَثْبَتُ قِراءةً، لحضورِ القلْبِ فيها، وأشَدُّ استقامةً؛ لأنَّ الأصواتَ فيها هادئةٌ والدنيا ساكنةٌ.
فالخلاصة أن أقوم من الصواب والاستقامة ، وقيلا من القول وهو القراءة للقران خاصة في هذا الموضع .
• غرض الآية : فيها بيان الحِكْمَةَ في أَمْرِه بقيامِ الليلِ وكونه أَقْرَبُ إلى تَحصيلِ مَقصودِ القرآنِ، لقلة الشواغِلُ هدوء الأصوات وسكون الناس
تفسير قوله تعالى: (إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا7)
• معنى سبحا طويلا :
1/ قال ابن عبّاسٍ، وعكرمة، وعطاء بن أبي مسلمٍ: الفراغ والنّوم.ذكره بن كثير
2/ قال أبو العالية، ومجاهدٌ، وابن مالكٍ، والضّحّاك، والحسن، وقتادة، والرّبيع بن أنسٍ، وسفيان الثّوريّ: فراغًا طويلًا.
3/ قال قتادة: فراغًا وبغيةً ومنقلبًا.
4/ قال السّدّيّ: تطوّعًا كثيرًا.
5/ قال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم : (سبحًا طويلا) قال: لحوائجك، فأفرغ لدينك اللّيل. وبمثله قال الشيخان السعدي والأشقر
فعبر السعدي بقوله ( تَرَدُّداً على حوائِجِكَ ومَعاشِكَ يُوجِبُ اشتغالَ القلْبِ، وعَدَمَ تَفَرُّغِه التفَرُّغَ التامَّ( وعبر الأشقر بقوله : (أيْ: تَصَرُّفاً في حَوَائِجِكَ، وإِقْبَالاً وإِدْبَاراً، وذَهاباً ومَجيئاً، فَصَلِّ بالليلِ(
فحاصل الأمر أن السبح الطويل هو أحد ثلاثة : التردد والتقلب في ابتغاء الحوائج الدنيوية – أو الفراغ الذي قد يقضى بالنوم – أو التطوع .
تفسير قوله تعالى: (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا 8)
• متعلق الفعل اذكر : قال بن كثير (أكثر من ذكره) ، وقال السعدي: (شامِلٌ لأنواعِ الذِّكْرِ كُلِّها) ، وقال الأشقر : ( لَيلاً ونَهاراً واستَكْثِرْ مِن ذلك(
فابن كثير أشار للمقدار ، والسعدي أشار للأنواع (يعني بالقلب واللسان ونحو ذلك) ، وأشار الأشقر رحمه الله للوقت الذي يذكر فيه وهو الليل والنهار.
• المراد بالتبتل : فيه ثلاثة أقوال
1/ الإنقطاع لله وانفصال القلب عن الخلائق ، والانشغال بكل ما يقرب لله هو حاصل ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر رحمة الله عليهم ، وقال بن كثير كما قال: {فإذا فرغت فانصب} [الشّرح:7] أي: إذا فرغت من مهامّك فانصب في طاعته وعبادته، لتكون فارغ البال. قاله ابن زيدٍ بمعناه أو قريبٍ منه .
وقال ابن جريرٍ: يقال للعابد: متبتّلٌ، ومنه الحديث المرويّ: أنّه نهى عن التّبتّل، يعني: الانقطاع إلى العبادة وترك التّزوّج). كأنه يرجح هذا القول )
2/ قال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ، وأبو صالحٍ، وعطيّة، والضّحّاك، والسّدّيّ: {وتبتّل إليه تبتيلا} أي: أخلص له العبادة. ذكره بن كثير
3/ قال الحسن: اجتهد وبتّل إليه نفسك. ذكره بن كثير رحمه الله
• فائدة الأمر بالصلاة والذكر : قال السعدي رحمه الله : (.. أَمَرَهُ اللَّهُ بالصلاةِ خُصوصاً وبالذكْرِ عُموماً، وذلك يُحَصِّلُ للعبْدِ مَلَكَةً قَوِيَّةً في تَحَمُّلِ الأثقالِ، وفِعْلِ الثقيلِ مِن الأعمالِ ...)
تفسير قوله تعالى: (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا 9)
• المراد بالمشرق والمغرب : قال السعدي رحمه الله هو اسمُ جِنسٍ يَشمَلُ الْمَشارِقَ والْمَغارِبَ كلَّها
• معنى ربوبيته لهما : أنه المختص بالملك والمتصرف والخالق والمدبر لهما ولما يكون فيهما بحسب ما يحصل به مصلحة العالم العلوي والسفلي أشار لذلك بن كثير والسعدي والأشقر رحمهم الله .
• معنى لا اله الا هو : قال السعدي رحمه الله لا مَعبودَ إلاَّ وَجهُه الأَعْلَى، الذي يَستحِقُّ أنْ يُخَصَّ بالْمَحَبَّةِ والتعظيمِ والإجلالِ والتكريمِ. ، وعبر عنه بن كثير رحمه الله أنه أفرد بالعبادة .
• معنى اتخاذه وكيلا : حافظا ومدبرا وقائما بامور العبد كلها فيعتمد عليه . وهذا حاصل ما ذكره السعدي والأشقر .
• آيات فيها اقتران العبادة بالتوكل : ذكر بن كثيرمنها قوله تعالى : {فاعبده وتوكّل عليه} [هودٍ:123] وقوله: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين} .
تفسير قوله تعالى: (وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا 10)
• المخاطب : رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك بن كثير .
• معنى الصبر : فسره الأشقر رحمه الله بضده فقال : لا تجزع .
• فاعل يقولون : من كذّبه من سفهاء قومه المعانِدونَ له ، ذكره بن كثير والسعدي رحمه الله .
• ما الذي قالوه ؟ : سبه وسب ما جاء به ، وسائر أنواع الأذى والاستهزاء ، هذا ملخص ما ذكره السعدي والأشقر .
• معنى الهجر الجميل : فيه 3 أقوال
1/ قال بن كثير هو الّذي لا عتاب معه
2/ قال السعدي : وهو الْهَجْرُ حيثُ اقْتَضَتِ الْمَصلَحَةُ، الْهَجْرُ الذي لا أَذِيَّةَ فيه، فيُقَابِلُهم بالْهَجْرِ والإعراضِ عنهم وعن أقوالِهم التي تُؤْذِيهِ، وأَمَرَه بجِدَالِهم بالتي هي أحسَنُ.
3/ قال الاشقر : لا تَتَعَرَّضْ لهم ولا تَشتغلْ بِمُكَافَأَتِهم. وقيلَ: الْهَجْرُ الجميلُ الذي لا جَزَعَ فيه.
ولعل الأقوال لا تتعارض . والله أعلم