المسائل:
1- قول أهل السنة والجماعة في القرآن.
2- الآثار الواردة في بدء نزول القرآن الكريم جملة واحدة إلى السماء الدنيا.
3- كيفية نزول القرآن في ليلة القدر.
4- الرد على من فسر الليلة المباركة بالنصف من شعبان.
5- الحكمة من نزول القرآن جملة إلى السماء الدنيا.
6- الوقت الذي نزل فيه القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا.
7- تنجيم القرآن.
8- الحكمة من تنجيم القرآن.
9- ما قيل في مقدار ما ينزل من القرآن في كل مرة.
10- العام الذي أنزل فيه القرآن.
11- الشهر الذي أنزل فيه القرآن.
12- اليوم الذي أنزل فيه القرآن.
13- الليلة التي أنزل فيها القرآن.
14- كم كان بين أول نزول القرآن وآخره.
15- الحكمة من معارضة جبريل للنبي عليه الصلاة والسلام القرآن في رمضان.
16- أوجه الإختلاف والتوافق بين نزول القرآن وبين الكتب السماوية السابقة.
تفصيل المسائل :
1- قول أهل السنة والجماعة في القرآن.
قال أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني: (ومِن الإِيمانِ باللهِ وكُتُبِهِ الإِيمانُ بأَنَّ القرآنَ: كَلامُ اللهِ، مُنَزَّلٌ، غَيْرُ مَخْلوقٍ، منهُ بَدَأَ، وإِليهِ يَعودُ، وأَنَّ اللهَ تَكَلَّمَ بِهِ حَقيقةً، وأَنَّ هذا القرآنَ الَّذي أَنْزَلَهُ على محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُو كلامُ اللهِ حقيقةً، لا كَلامَ غيرِهِ.
ولا يجوزُ إِطلاقُ القَوْلِ بأَنَّهُ حِكايةٌ عَنْ كلامِ اللهِ، أَو عِبارَةٌ، بلْ إِذا قَرَأَهُ النَّاسُ أَوْ كَتَبُوهُ في المصاحِفِ؛ لمْ يخْرُجْ بذلك عنْ أَنْ يَكونَ كَلامَ اللهِ تعالى حَقيقةً، فإِنَّ الكلامَ إِنَّما يُضَافُ حقيقةً. [العقيدة الواسطية].
2- الآثار الواردة في بدء نزول القرآن الكريم جملة واحدة إلى السماء الدنيا. لا نقول بدء نزوله جملة، بل نقول: الآثار الواردة في نزول القرآن جملة واحدة.
عن ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا ثم أنزله جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم بعد فكان فيه ما قال المشركون وأدوا عليه.
عن ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر ونزل بعد في عشرين سنة ونزلت: {ولا يأتونك بمثلٍ إلاجئناك بالحقّ} الآية، {وقرآنًا فرقناه لتقرأه} الآية.
عن ابن عباس، قال: أنزل القرآن جملة من السماء العلياء إلى السماء الدنيا في رمضان وكان الله عز وجل إذا أراد أن يحدث شيئا أحدثه، يعني بالوحي. [التوحيد: 3/ 171-172].
ورواه منصور بن المعتمر، عن سعيد عن ابن عباس قال: كان ينزل على رسول الله بعضها في إثر بعض.
قال ابن عباس والشعبي وابن جبير: أنزل الله القرآن كله جملة واحدة في رمضان إلى سماء الدنيا، فإذا أراد الله عز وجل أن يحدث في الأرض شيئا أنزل منه، حتى جمعه، وهي الليلة المذكورة في سورة الدخان. [جمال القراء:1/20].
3- كيفية نزول القرآن في ليلة القدر.
اختلف في كيفية إنزاله من اللوح المحفوظ على ثلاثة أقوال :
أحدها: وهو الأصح الأشهر أنه نزل إلى سماء الدنيا ليلة القدر جملة واحدة ثم نزل بعد ذلك منجما في عشرين سنة أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين على حسب الخلاف في مدة إقامته صلى الله عليه وسلم بمكة بعد البعثة .
ويؤيده ما رواه الحاكم في مستدركه عن ابن عباس قال:( أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. [البرهان في علوم القرآن: 1/228].
القول الثاني: أنه نزل إلى السماء الدنيا في عشرين ليلة قدر أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين في كل ليلة ما يقدر الله إنزاله في كل السنة ثم نزل بعد ذلك منجما في جميع السنة. قاله مقاتل وأبو عبد الله الحليمي في المنهاج و الماوردي في تفسيره .
القول الثالث: أنه ابتدئ إنزاله في ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك منجما في أوقات مختلفة من سائر الأوقات وبه قال الشعبي وغيره .
4- الرد على من فسر الليلة المباركة بالنصف من شعبان.
الرد على شبهة أن معنى قوله تعالى: {أنزل فيه القرآن}: أنزل في شأنه وفضل صيامه وبيان أحكامه.
وشبهة أن ليلة القدر توجد في جميع السنة لا تختص بشهر رمضان، بل هي منتقلة في الشهور على ممر السنين واتفق أن وافقت زمن إنزال القرآن ليلة النصف من شعبان .
الرد عليها بقول ابن عباس في الجمع بين الآيات الثلاث ورد الخبر عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم المشهود له بأنه حبر الأمة وترجمان القرآن.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سأله عطية بن الأسود فقال: إنه قد وقع في قلبي الشك في قول الله عز وجل: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، وقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، وقوله سبحانه: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقد أنزل في شوال وذي القعدة وذي الحجة، يعني وغير ذلك من الأشهر.
فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أنزل في رمضان، وفي ليلة القدر، وفي ليلة مباركة، جملةً واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رِسْلاً في الشهور والأيام.
5- الحكمة من نزول القرآن جملة إلى السماء الدنيا.
1- تكريم بنى آدم وتعظيم شأنهم عند الملائكة، وتعريفهم عناية الله عز وجل بهم ورحمته لهم .
2- إعلام عباده من الملائكة وغيرهم أنه علام الغيوب لا يعزب عنه شيء، إذ كان في هذا الكتاب العزيز ذكر الأشياء قبل وقوعها .
3- التسوية بينه وبين موسى عليه السلام في إنزال كتابه جملة، والتفضيل لمحمد صلى الله عليه وسلم في إنزاله عليه منجما ليحفظه .
4- أن جناب العزة عظيم، ففي إنزاله جملة واحدة، وإنزال الملائكة له مفرقا بحسب الوقائع؛ ما يوقع في النفوس تعظيم شأن الربوبية .
5- زيادة التفضيل لكتاب نبينا عليه السلام في معارضة جبريل له في كل عام . [جمال القراء:1/20].
6- الوقت الذي نزل فيه القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا.
هل هو بعد ظهور نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أم قبلها على قولين :
1- أنه قبلها، ففيه إعلام الملائكة بقرب ظهور أمة محمد المرحومة الموصوفة في الكتب السابقة وإرسال نبيهم الخاتم.
2- أنه بعدها، تفخيم لأمر محمد وأمته.
وكلاهما محتمل والسيوطي رجّح الثاني لدلالة سياق الآثار عن ابن عباس عليه . [الإتقان في علوم القرآن:1/276].
7- تنجيم القرآن.
أقوال المفسرين فيها :
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، وقرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}.
وروى عبد الأعلى عن داود وقال: فكان الله إذا أراد أن يوحي منه شيئا أوحاه، أو يحدث في الأرض منه شيئا أحدثه.
قال أبو عبيد: لا أدري كيف قرأه يزيد في حديثه، إلا أنه لا ينبغي أن يكون على هذا التفسير إلا "فرَّقناه" بالتشديد.
قال أبو نصر ابن القشيري في تفسيره: {فرقناه} أي فصلناه.
قال ابن جبير: (نزل القرآن كله من السماء العليا إلى السماء السفلى ثم فصل في السماء السفلى في السنين التي نزل فيها).
قال قتادة: كان بين أوله وآخره عشرون سنة، ولهذا قال: {لتقرأه على الناس على مكث}.
- وقيل: {فرقناه} أي: جعلناه آية آية وسورة سورة.
- وقيل: فصلناه أحكاما، كقوله تعالى:
{فيها يفرق كل أمر حكيم}، أي يفصل.
وقيل: {فرَّقناه} بالتشديد أي أنزلناه مفرقا، {على مكث} على تؤدة وترسل {ونزلناه تنزيلا}: أي نجما بعد نجم، وقيل: جعلناه منازل ومراتب ينزل شيئا بعد شيء ولو أخذوا بجميع الفرائض في وقت واحد لنفروا. [كتاب فضائل القرآن].
8- الحكمة من تنجيم القرآن.
1- قال تعالى:{كذلك} أي أنزلناه كذلك مفرقا {لنثبت به فؤادك} أي لنقوي به قلبك، فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليه.
2- ليسهل عليه حفظه.
3- لأنه فيه جواب عن أمور سألوه عنها.
4- لأن بعضه منسوخ وبعضه ناسخ، ولا يتأتى ذلك إلا فيما أنزل مفرقا. [المرشدالوجيز 27-29].
5- لأنه نزل على سبعة أحرف فناسب أن ينزل مفرقا حتى لا يشق عليهم. [فتح الباري].
9- ما قيل في مقدار ما ينزل من القرآن في كل مرة.
وأن القرآن كان ينزل بحسب الحاجة خمس آيات وعشرا وأكثر وأقل.
وقد صح نزول العشر آيات في قصة الإفك جملة.
- وصح نزول عشر آيات من أول المؤمنون جملة.
- وصح نزول {غير أولي الضرر} وحدها، وهي بعض آية.
- وكذا قوله: {وإن خفتم عيلة} إلى آخر الآية نزلت بعد نزول أول الآية كما حررناه (لا يناسب أن يكون الكلام بأسلوب الخطاب: حررناه) في أسباب النزول وذلك بعض آية.
وما أخرجه البيهقي عن عمر قال: (تعلموا القرآن خمس آيات خمس آيات فإن جبريل كان ينزل بالقرآن على النبي صلى الله عليه وسلم خمسا خمسا). [الإتقان في علوم القرآن].
10- العام الذي أنزل فيه القرآن.
قال محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري: (حدثنا أحمد ابن أبي رجاءٍ حدثنا النضر عن هشامٍ عن عكرمة عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: (أُنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين فمكث بمكة ثلاث عشرة سنةً ثم أمر بالهجرة فهاجر إلى المدينة فمكث بها عشر سنين ثم توفي صلى الله عليه وسلم) ). [صحيح البخاري].
11- الشهر الذي أنزل فيه القرآن.
عن قتادة عن أبي المليح عن واثلة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((نزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان)). [أسباب النزول: 13].
قال أبو عبد الله الحليمي:يريد ليلة خمسة وعشرون. [المرشد الوجيز].
12- اليوم الذي أنزل فيه القرآن.
عن أبي قتادة قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الإثنين؛ فقال: (( فيه وُلِدتُ، وفيه أُنزل عليَّ)). [مسند الإمام أحمد].
13- الليلة التي أنزل فيها القرآن.
هي ليلة القدر بالنص والإجماع قال الله تعالى : {إنا أنزلناه في ليلة القدر}.
14- كم كان بين أول نزول القرآن وآخره.
أقوال العلماء في هذه المسألة :
القول الأول: عشرون سنة، دل عليه قول الواحدي عن الشعبي قال: فرق الله تنزيله فكان بين أوله وآخره عشرون أو نحو من عشرين سنة. [أسباب النزول: 3].
القول الثاني: قيل ثلاث وعشرون على حسب الإختلاف في سنه صلى الله عليه وسلم يوم توفي هل كان ابن ستين سنة أو ثلاث وستين سنة. [التسهيل].
القول الثالث: قيل خمسة وعشرون وهو مبني على مدة إقامته بمكة بعد النبوة حيث قيل عشر وقيل ثلاثة عشر وقيل خمسة عشر. [البرهان في علوم القرآن: 1/231-232].
15- الحكمة من معارضة جبريل للنبي عليه الصلاة والسلام القرآن في رمضان.
في ذلك حكمتان:
إحداهما: تعاهده.
والأخرى: تبقية ما لم ينسخ منه ورفع ما نسخ.
فكان رمضان ظَرْفا لإنزاله جملة وتفصيلا وعرضا وأحكاما). [فتح الباري].
16- أوجه الإختلاف والتوافق بين نزول القرآن وبين الكتب السماوية السابقة.
1- نزول الكتب السماوية السابقة جملة واحدة أجمع على هذا العلماء وأنكره بعض فضلاء العصر وقالوا نزل مفرقا كالقرآن.
والصواب أنه نزل جملة عن ابن عباس قال: "قالت اليهود يا أبا القاسم لولا أنزل هذا القرآن جملة واحدة كما أنزلت التوراة على موسى فنزلت "
{وقالوا لولا أنزل عليه القرآن جملة واحدة}.
2- سكوت القرآن عن المشركين وعدوله إلى بيان حكمته دليل على صحته ولو كانت الكتب كلها نزلت مفرقة لكان يكفي في الرد عليهم أن يقول: سنة الله في الكتب كذلك. وأما القرآن نزل مفرقا وذلك لعدة حكم:
- فإنه أدعى إلى قبوله.
- ويوضح ذلك ما أخرجه البخاري عن عائشة قالت: " إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبدا ولو نزل لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا أبدا". [الإتقان في علوم القرآن].