المجموعة الثانية
س1: دلّل على فضل طلب العلم من الكتاب والسنة.
جاءت النصوص في الكتاب والسنة لتدل على فضل طلب العلم وترغب فيه, لما له من أثر في نهضة الأمة واصلاحها ورفع الجهل عن النفس والغير, منها قوله تعالى:"يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ", فتكفل سبحان الذي لا يخلف وعده برفع العلماء درجات وليس درجة واحدة, كما انه تعالى بين في كتابه الفارق الكبير بين الذين يعلمون والذين لا يعلون, وأنهم لا يستوون, قال تعالى:"قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ" وهذا فيه من الحث على طلب العلم ما فيه.
كما أنه سحانه مذح العلماء وبين أنهم اكثر الناس خشية لله, لأن خشيتهم له مبنية على ما علموه عنه سبحانه من صفات الكمال التي توجب الحب والخشية والتعظيم.
ويكفي العلماء شرفا أن الله تعالى قرن شهادتهم وشهادة الملائكة بشهادته سبحانه, فقال:"شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ".
وجاءت نصوص من السنة لتأكيد هذا, فقال عليه الصلاة والسلام كما جاء في الصحيحين:"مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ" فجعل الخيرية في فقه الدين, وهذا شامل لجميع ابوابه, فيدخل فيه حتى الآداب والأخلاق.
بل وجعل السعي في طلب العلم باب من أبواب الجنة, كما روى مسلم في صحيحه قوله صلى الله عليه وسلم:"مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ"
وغير هذه من النصوص الكثيرة التي حثت وبينت فضله ومكانه من الدين.
س2: ما هي أنواع العلوم الشرعية؟
قسم ابن القيم العلوم الشرعية إلى ثلاث أقسام, وهي:
1- العقيدة: وهي معرفة الأسماء والصفات، وما يُعتقد في أبواب الإيمان .
2- معرفة الأمر والنهي، والحلال والحرام؛ وهو علم الفقه في الدين .
3- علم الجزاء؛ جزاء المرء على أفعاله في الدنيا والآخرة .
وهذه الأقسام الثلاثة هي العلم الظاهر, وهناك العلم الباطن وهي العبوديات التي تقوم في قلب طالب العلم من حب الله وخشيتة والتوكل عليه سبحانه, وصدق الرغبة فيما عنده لا الرغبة فيما عند الناس, وأيضا اليقين الذي لا يأتي إلا عن علم.
فالقسم الظاهر أصحابه العلماء الذين درسوا الكتاب والسنة والأحكام وغيرها من العلوم, ونقلوها لغيرهم ممن سأل أو جلس وتعلم على ايديهم, أما أصحاب العلم الباطن, فهم أهل الخشية والخشوع, الذين اخذوا صفوة العلم وثمرته وإن كان أحدهم قد لا يقرأ ولا يكتب، لكن هذا النوع كان يعده السلف الصالح العالم الموفق بسبب ما قام في قلوبهم من الخشية والإنابة على الحق والهدى؛ وسبب ذلك أنهم بما يوفّقون إليه من اليقين النافع الذي يُفْرق له بهم بين الحق والباطل، وما يوفقون إليه من حسن التذكر والتفكر والفهم والتبصر، يعلمون علمًا عظيمًا، قد يُفني بعض المتفقة والأذكياء من غيرهم أعمارهم ولمّا يُحصّلوا عُشْره؛ ذلك بأنهم يرون ببصائرهم ما يحاول غيرهم استنتاجه، كما انهم يعيشون العلم واقعا في أفعالهم الظاهرة والباطنة, فالعلم الظاهر لا ينفع إذا لم يقترن بالعلم الباطن الذي هو الخلاصة والثمرة والسبب الذي من أجله أمرنا الله تعالى بطلب العلم, لذلك مدحهم سبحانه وعدهم العلماء, قال تعالى: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}.
س3: ما هي المؤلفات في فضل طلب العلم؟
لما عرف العلماء منزلة طلب العلم ومكانته في الدين صنفوا في فضل طلبه مصنفات كثيرة, واحتوت من الفوائد ما يصعب حصره, وقد أفرد له بعض العلماء أبوابًا في بعض كتبهم؛ مثل الإمام البخاري في صحيحه كتاب العلم وضمنه بابًا في فضل العلم، وكذلك فعل الإمام مسلم، وأبو داوود، والترمذي، والنسائي، والدارمي، وغيرهم كثير؛ وتحدث عن فضله الإمام النووي في مقدمة المجموع شرح المهذب, ومنهم من أفرد فضل العلم بالتصنيف؛ فصنف كتابًا مفردًا مستقلًا في بيان فضل العلم، أو الحث على طلبه؛ منهم: أبو نعيم الأصبهاني، وأبو العباس المُرهبي ، وكذلك ابن عبد البر في كتابه: جامع بيان العلم وفضله، وابن القيم كتب في فضل العلم كتابه: "مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية أهل العلم والإرادة"، وقد أطال جدًا في بيان فضل العلم في هذا الكتاب، وابن رجب في كتابه: "فضل علم السلف على علم الخلف"، وكذلك كثير من العلماء كتبوا في بيان فضل العلم كتاباتٍ كثيرة منها ما هو مفرد، ومنها ما ضُمّن في أبواب من كتبهم.