المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سارة المشري
تلخيص ترتيب المصحف
عناصر الموضوع :
- ترتيب الآيات في سورها .
حكمه .
الأدلة على ذلك :
الأحاديث .
الآثار .
الإجماع .
- الشُبَه وتفنيدها .
الشبهة الأولى .
الشبهة الثانية .
- ترتيب السور في المصحف .
الأقوال في ذلك .
القول الأول .
أدلتهم .
القول الثاني .
أدلتهم .
الدليل الأول .
مناقشة الدليل الأول .
الدليل الثاني .
مناقشة الدليل الثاني .
القول الثالث .
أدلتهم .
- الترتيب بين الآيات حال القراءة وحكم تنكيسها .
بعض ماذكره العلماء من علة تحريمها .
- الترتيب بين السور في الصلاة والقراءة ، وحكم تنكيسها .
معنى تنكيس السور .
الأقوال في ذلك .
القول الأول .
أدلتهم .
القول الثاني .
دليلهم .
خلاصة القول في المسألة .
[ ما شاء الله ، استنباط رائع وترتيب متميز للعناصر وما ورد تحتها من مسائل ، بارك الله فيكِ ]
تلخيص المسائل :
- ترتيب الآيات في سورها .
حكمه :
قال القاضى عياض ونقله عنه الحافظ فى الفتح :(لاخلاف أن ترتيب آيات كل سورة على ما هى عليه الآن فى المصحف توقيف من الله تعالى , وعلى ذلك نقلته الأمة عن نبيها صلى الله عليه وسلم ) قاله القاضى عياض ونقله عنه الحافظ فى الفتح ، فلا تحل مخالفته , ولا يجوز العدول عنه لأن فى ذلك إفسادا لنظم القرآن ، قال أبو بكر ابن الأنبارى : ( ومن أفسد نظم القرآن فقد كفر به ورد على محمد صلى الله عليه وسلم ما حكاه عن ربه تعالى ) .
الأدلة على ذلك :
الأحاديث .
- عن عثمان بن أبى العاص , قال : كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ شخص ببصره , ثم صوبه , ثم قال : " أتانى جبريل فأمرنى أن أضع هذه الآية في هذا الموضع من السورة :(إ ِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى). أخرجه الإمام أحمد في مسنده .
- وأخرج ابن الأنبارى بسنده عن ابن عباس قال : " آخر ما أنزل من القرآن : (وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ )
فقال جبريل للنبى صلى الله عليه وسلم : يا محمد ضعها فى رأس ثمانين ومائتين من البقرة " .
الآثار .
أخرج البخارى عن ابن الزبير قال : ( قلت لعثمان : " وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً " )
قد نسختها الآية الأخرى فلم تكبها أو تدعها ؟ قال : يا ابن أخى لا أغير شيئا من مكانه ). قال الحافظ بن حجر : ( وفى جواب عثمان هذا دليل على أن ترتيب الآى توقيفى , وكأن عبد الله بن الزبير ظن أن الذى ينسخ حكمه لا يكتب , فأجابه عثمان بأن ليس بلازم والمتبع فيه التوقيف ).
- عن زيد بن ثابت رضى الله عنه فى قصة جمع القرآن قال : ( كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع .. الحديث ) . قال البيهقى : ( وهذا يشبه أن يكون المراد به تأليف ما نزل من الآيات المتفرقة فى سورها , وجمعها فيها بإشارة النبى صلى الله عليه وسلم ). أخرجه الإمام أحمد وغيره .
[ ومن ذلك ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من قراءته لبعض السور كاملة في الصلاة وغيرها ]
الإجماع .
قال الشيخ الزرقانى فى المناهل : انعقد إجماع الأمة على ترتيب آيات القرآن الكريم على هذا النمط الذى نراه اليوم بالمصاحف كان بتوقيف من النبى صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى , وأنه لا مجال للرأى والأجتهاد فيه , بل كان جبريل ينزل بالآيات على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرشده إلى موضع كل آيه من سورتها , ثم يقرؤها النبى صلى الله عليه وسلم على أصحابه , ويأمر كتاب الوحى بكتابتها معينا لهم السورة التى تكون فيها الآية , وموضع الأية من السورة . وكان يتلوه عليهم مرارا وتكرارا فى صلاته وعظاته وفى حكمه وأحكامه . وكان يعارض به جبريل كل عام مرة , وعارضه به فى العام الأخير مرتين , كل ذلك على الترتيب المعروف لنا فى المصاحف , وكذلك كان من حفظ القرآن أو شيئا منه من الصحابة حفظه الآيات على هذا النمط , وشاع ذلك وذاع وملأ البقاع والأسماع , يتدارسونه فيما بينهم , ويقرأونه فى صلاتهم , ويأخذه بعضهم عن بعض , ويسمعه بعضهم من بعض بالترتيب القائم الآن .
- الشُبَه وتفنيدها .
الشبهة الأولى .
عن يحى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال : " أتى الحارث بن خزيمة بهاتين الآيتين من آخر سورة براءة فقا : أشهد أنى سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعيتهما . فقال عمر : وأنا أشهد , لقد سمعتها . ثم قال : لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة , فانظروا آخر سورة من القرآن فألحقوها فى آخرها " رواه أبو داود .
فظاهر هذا أنهم كانوا يؤلفون آيات السور باجتهادهم , وسائر الأخبار تدل على أنهم لم يفعلوا شيئا من ذلك إلا بتوقيف ، والجواب عن هذه الشبهة :
عن أبى بن كعب أنهم جمعموا القرآن , فلما انتهوا إلى الآية التى فى سورة براءة : " ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون" ظنوا أن هذا آخر ما أنزل , فقال أبى : " إن رسول صلى الله أقرأنى بعد هذا آيتين : " َقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ .." إلى آخر السورة ") أخرجه أبو داود من طريق أبي العالية ، فأثر أبي بن كعب هذا نص على كون الآيتين المذكورتين قد وضعتا فى مكانهما من سورة " براءة " وأن هذا الوضع إنما كان توقيفا لا اجتهادا , وعلى مثله انعقد الإجماع , فيندفع الإشكال الناجم عما عارض الإجماع لكونه مضطربا , ولأن ما عارض الإجماع معارض للقاطع , وما عارض القاطع كان ساقطا .
الشبهة الثانية .
بث المستشرقون دعوة إلى إعادة ترتيب القرآن حسب نزول الآيات ، وظهر في ذلك كتاب ترتيب سور القرآن الكريم حسب التبليغ الإلهى .
الرد عليها : في ذلك إفساد النظم القرآنى , و طمس معالم إعجازه , وما ذلك منهم بعجيب , إذ هم الأعداء الذين تكن صدورهم الضغينة للإسلام وأهله , وغاية ما يتمنون أن تقطع كل رابطة تربط المسلمين بقرآنهم إيقانا منهم بأن عز المسلمين وتآخيهم رهن ببقاء هذا القرآن كأعظم آصرة تربط بين أبناء المسلمين ، وقد تصدى لهذا الكتاب غير جهة إسلامية كدار الإفتاء بلبان , ورابطة العالم الإسلامى وغيرهما من كل جهة إسلامية رسمية كانت أو فردية نذرت نفسها للذود عن هذا الدين ومقوماته , والتصدى لكل مفسد , وإفشال كل مخطط يرمى إلى الإضرار بالإسلام وأهله.
ترتيب السور في المصحف :
الأقوال في ذلك .
القول الأول :
أن ترتيب السور كلها توقيفى بتعليم الرسول صلى الله عليه وسلم , كترتيب الآيات , وأنه لم توضع سورة فى مكانه إلا بأمر منه صلى الله عليه وسلم .
وممن قال به ربيعة بن فروخ التيمى شيخ الإمام مالك رحمهما الله تعالى ، وهو اختيار الحسن ومحمد وأبى عبيد , و أبى بكر الأنبارى ، والكرماني ، والقرطبي ، ومن المعاصرين أحمد شاكر
أدلتهم :
الأول : حديث واثلة بن الأسقع أنه علية الصلاة والسلام قال : ( أعطيت مكان التوراة السبع الطوال , وأعطيت مكان الأنجيل المثانى , وفضلت بالمفصل ) [ من أورد هذا الحديث ؟ ]
قالوا : فهذا الحديث يدل على أن تأليف القرآن مأخوذ عن النبى صلى الله عليه وسلم وأنه من هذا الوقت هكذا .
الثاني :حديث أوس بن أبى أوس حذيفة الثقفى فى تحزيب القرآن قال: ( كنت فى وفد ثقيف , فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : " طرأ على حزبى من القرآن , فأردت ألا أخرج حتى أقضيه "). وفيه ( فقلنا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد حدثنا أنه قد طرأ عليه حزبه من القرآن فكيف تحزبون القرآن ؟ قالوا : تحزبه ثلاث سور , وخمس سور وبع سور , وتسع سور , وإحدى عشرة سورة , وثلاث عشرة سورة , وحزب المفصل ما بين " ق " فأسفل ) . [ من أورد هذا الحديث ؟ ]
قال الحافظ بن حجر فى الفتح إثر هذا الحديث : ( فهذا يدل على أن ترتيب السور على ما هو عليه فى المصحف الآن كان على عهد النبى صلى الله عليه وسلم )
الثالث :حديث معبد بن خالد أنه صلى الله عليه وسلم ( صلى بالسبع الطوال فى ركعة وأنه كان يجمع المفصل فى ركعه) .
الرابع :حديث عائشة عند البخارى وغيره أنه صلى الله عليه وسلم (كان إذا اوى إلى فراشه قرأ قل هو الله أحد والمعوذتين ) .
الخامس : عن سليمان بن بلال قال : سمعت ربيعه : يسأل لما قدمت البقرة وآل عمران وقد نزل قبلهما بضع وثمانون سورة بمكة , وإنما أنزلتا فى المدينة ؟ فقال : قدمتا وألف القرآن على علم ممن ألفه ومن كان معه فيه اجتماعهم على علمهم على علمهم بذلك فهذا مما ينتهى إليه ولا يسأل عنه . ) أخرجه ابن أشته في كتاب المصاحف .
السادس : توالي الحواميم وذوات " الر" والفصل بين المسبحات وتقديم " طس " على القصص مفصولا بها بين النظريتين " طسم الشعراء , طسم القصص " فى المطلع والطول وكذا الفصل بين الانفطار والانشقاق بالمطففين , وهما نظريتان فى المطلع والمقصد , وهما أطول منها , فلولا أنه توقيفى لحكمة لتوالت المسبحات وأخرت " طس " عن القصص , وأخرت " المطففين " أو قدمت ولم يفصل بين " الر " و " الر " .
السابع : أن ذلك مقتضى نظم القرآن ومخالفة الترتيب تفضى إلى إفساد ذلك النظم .
الثامن : أن هذا الأمر حصل عليه من الصحابة إجماع أو شبه إجماع فصار مما سنه الخلفاء الراشدون وقد دل الحديث على أن لهم سنة يجب علينا اتباعها , لقوله عليه الصلاة والسلام فى حديث العرباض بن سارية : ( فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ) [ هل تقصدين بذلك أن الصحابة من رتبوه ثم أجمعوا عليه ، فذلك ينافي أنه توقيفي ؟]
وعن قتادة قال: قال ابن مسعود : ( من كان منكم متأسيا فليتأس بأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما , وأقلها تكلفا , وأقوامها هديا ,وأحسنها حالا , أختارهم الله لصحبة النبى صلى الله عليه وسلم , وإقامة دينه , فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم فى آثارهم فإنهم كانو على الهدى المستقيم )
القول الثاني :
أن ترتيب السور على ما هو عليه الآن لم يكن بتوقيف من النبى صلى الله عليه وسلم إنما كان باجتهاد من الصحابة رضوان الله عليهم .
وهذا القول محكى عن أبى جعفر بن الزبير وهو اختيار الزركشى فى البرهان , وهو اختيار الحافظ بن حجر على ما الفتح وهو ظاهر كلام القاضى بن عياض على ما ذكره النووى والحافظ بن حجر . وإليه ميل الرزقانى فى المناهل ، واختيار شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى .
تحرير محل النزاع عند الزركشي :
والخلاف يرجع إلى اللفظ لأن القائل بالثانى _ أى أن الترتيب متروك لاجتهاد الصحابة _ يقول : إنه رمز إليهم بذلك لعلمهم بأسباب نزوله ومواقع كلماته , ولهذا قال الإمام مالك : إنما { الفوا } القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبى صلى الله عليه وسلم مع قوله بأن ترتيب السور اجتهاد منهم . فآل الخلاف إلى أنه هل ذلك بتوقيف قولى أم بمجرد استناد فعلى , وبحيث بقى لهم فيه مجال للنظر .
أدلتهم .
الأول : أن مصاحف الصحابة كانت مختلفة فى ترتيب السور قبل أن يجمع القرآن فى عهد عثمان , فلو كان هذا الترتيب توقيفا منقولا عن النبى صلى الله عليه وسلم ما ساغ لهم أن يهملوه ويتجازوه ويختلفوا فيه ذلك الاختلاف الذى تصوره لنا الروايات . فهذا مصحف أبى بن كعب روى أنه كان مبدوءا بالفاتحة ثم البقرة ثم النساء ثم آل عمران.. إلخ , على اختلاف شديد . وهذا مصحف على كان مرتبا على النزول فأوله { اقرأ} ثم المدثر ثم (ق) ثم ( المزمل ) ثم ( تبت ) ثم التكوير وهكذا إلى آخر المكى والمدنى .
مناقشة هذا الدليل :
- رد بعض أهل العلم بأن هذا الاختلاف محمول على ما كان مكتوبا من المصاحف قبل أن يستقر الترتيب فى العرضة الأخيرة .
- وقيل بأنهم اختلفوا فيما اختلفوا قبل أن يعلموا التوقيف فيه, ولما جمع عثمان القرآن على هذا الترتيب علموا ما لم يكونوا يعلمونه , ولذلك تركوا ترتيب مصاحف فردية , لم يكونوا يكتبونها للناس إنما كانوا يكتبونها لأنفسهم , فبديهى أن الواحد منهم لم يثبت فيها إلا ما وصل إليه بمجهوده الفردي ، وقد يفوته ما لم يفت سواه من تحقيق أدق أو علم أوسع . ولهذا كان يوجد بتلك المصاحف النسخ , وقد يهمل صاحب المصحف إثبات سورة لشهرتها وغناها بهذه الشهرة عن الإثبات ، وقد يكتب صاحب المصحف ما يرى أنه بحاجة إليه من غير القرآن فى نفس المصحف , كما تقدم ذلك فى قنوت الحنفية الذى روى أن بعض الصحابة كان قد كتبه بمصحفه وسماه سورة الخلع والحفد )
الثاني :عن أبى محمد القرشى قال : ( أمرهم عثمان أن يتابعوا الطوال , فجعل سورة الأنفال وسورة التوبة فى السبع ولم يفصل بينهما ببسم الله الرحمن الرحيم ) .
أخرجه ابن أشته فى المصاحف من طريق إسماعيل بن عباس .
مناقشة هذا الدليل :
هذا الأثر لا يعرف إلا من طريق عوف بن أبى جميلة الأعرابى عن يزيد الفارسى , وفى كل واحد منهما كلام لأئمة الجرح والتعديل , فالأول مبتدع والثانى مشتبه اشتباها يصيره فى عداد المجاهيل , ثم على تقدير صحة هذا الأثر فإن عثمان رضى الله عنه لم يقل ذلك رأيا , إذ كان مثله لا يقال بالرأى , وأنه إنما قاله توفيقا , لأن مثله لا يؤخذ إلا بتوقيف .
القول الثالث .
أن ترتيب بعض السور كان بتوقيف من النبى صلى الله عليه وسلم , وترتيب بعضها الآخر كان باجتهاد من الصحابة .
ذهب إلى ذلك جماعة من أهل العلم فمنهم من قصر الإجتهادى على سورتى الأنفال وبراءة كالبيهقى , من تابعه كالسيوطى , ومنهم من خصه بما عدا السبع الطوال والحواميم والمفصل كعبد الحق بن عطية ، ومنهم من ذهب إلى الاجتهادى منحصر فى الأقل من سور القرآن , لكنه يتعدى الأنفال وبراءة إلى غيرهما من سور القرآن كالزهراوين مع النساء , وهذا اختيار أبى جعفر بن الزبير .
دليلهم:
عن ابن عباس رضى الله عنهما قال : ( قلت لعثمان ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهى من المثانى وإلى براءة وهى من المئين ففرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما بسم الله الرحمن الرحيم , ووضعتموها فى السبع الطول , ما حملكم على ذلك ؟ فقال عثمان : إن رسول الله كان مما يأتى عليه الزمان وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد , فكان إذا نزلت عليه سورة يدعو بعض من يكتب فيقول : ( ضعوا هذه السورة فى الموضع الذى يذكر فيه كذا وكذا ) وكانت براءة من آخر القرآن نزولا , وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة , وكانت قصتها سبيهة بقصتها , فظننتها منها , وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أمرها . قال : فلذلك قرنت بينهما ولم أجعل بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتها فى السبع الطول ) أخرجه أبو عبيد والإمام أحمد وأصحاب السنن وغيرهم .
- الترتيب بين الآيات حال القراءة وحكم تنكيسها .
لاخلاف بين علماء السلف فى وجوب مراعاة ترتيب الآيات فى الكتابة والقراءة وأن تنكسيها أمر محرم ، وقد نص على ذلك جمع من أهل العلم كأبى بكر الباقلانى , ومكى بن أبى طالب , والقاضى عياض , وأبى العباس بن تيمية , ابن كثير , وغيرهم .
بعض ماذكره العلماء من علة التحريم :
- أن كتابة الآيات أو السور مقلوبة الحروف إنما هو من صنيع الكهنة المشركين يلتمسون به ما يرضى الشياطين ، ذكره ابن تيمية .
- أن في هذا إخراج القرآن عن موضعه ونظمه وإبطالا لإعجازه ، كما يزيل حكمة ترتيب الآيات .
- أن مواضع الآى كالآى أنفسها , فإن من رام إزالة ترتيبها كمن رام إسقاطها , وإثبات الآى لا يجوز إلا بالتواتر كذلك مواضعها ، قاله القاضي في التعليق .
- مراعاة حرمة القرآن ووجوب صيانته و من حرمته أن لا يتلى منكوسا .
- الترتيب بين السور في الصلاة والقراءة ، وحكم تنكيسها .
معنى تنكيس السور .
القراءة على غير تأليف المصحف وقراءته من آخره إلى أوله ، قال أبو عبيد : هو أن يقرأ فى الركعة الأولى سورة , ثم يقرأ فى الثانية سورة قبلها فى ترتيب المصحف .
الأقوال في ذلك .
القول الأول :عدم وجوب الترتيب بين السور فى الصلاة والتلاوة ، وهو رواية عن الإمام أحمد .
أدلتهم :
- ثبت فى الصحيح من حديث حذيفة رضى الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قرأفى تنفله ذات ليله البقرة ثم النساء ثم آل عمران .
- وقرأ عمر رضى الله عنه فى صلاة الصبح بالكهف فى الأولى وفى الثانية بيوسف أو هود .
- وقرأ عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه : {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ }. فى أول ركعتي الفجر , وقرأ فى الثانية بالكوثر .
- وحكى أيضا عن إبراهيم النخعى أنه قرأ بالزلزلة والقدر .
القول الثاني : يكره أن يقرأ القرآن إلا على تأليفه فى المصحف .
وهذا هو مذهب الحنفية والمالكية ,والحنابلة , وإليه ميل متأخرى الشافعية .
دليلهم :
سئل عبد الله بن مسعود عن رجل يقرأ القرآن منكوسا فقال : ( ذلك منكوس القلب ) . رواه ابن أبي داود .
حمل بعض أهل العلم النهى المذكور على تنكيس الآيات دون السور كما مر , وتأول ذلك بأن يقرأ السورة من آخرها إلى أولها , لكن أبا عبيد فى غريبه لم يقبل هذا التأويل لكونه غير معروف فى زمن من نقل عنهم النهى كابن مسعود مثلا .
خلاصة القول في هذه المسألة :
- المتأمل فى كلام أهل العلم على مسألة مراعاة ترتيب المصحف حال الصلاة والقراءة يلحظ اتفاقهم على أولوية مراعاة الترتيب المذكور ، لكونه يتفق مع غالب قراءته صلى الله عليه وسلم ومواظبته على ذلك .
-وهكذا كانت قراة أصحابه رضوان الله عليهم فى الغالب الأعم من أحوالهم .
- نعم قد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه خلاف ذلك لكنه فى النادر من قراءتهم , وهو محمول على بيان الجواز وقد يستدل به على نفى كراهة التنكيس بين السور .
-ولهذا مال فريق من أهل العلم إلى القول بسنية القراءة على ترتيب المصحف .
وعبر فريق آخر عن ذلك بالاستحباب .
|