- من جعل موالاته ومعاداته لله فقد استكمل الإيمان، ومن جعل موالاته ومعاداته على أمر جاهلي فهو امرؤ فيه جاهلية.
- الولاء والبراء أمر فطري جاء الإسلام بتهذيبه وتصحيح مساره، وتقويم منهجه، وبيان أحكامه.
- البراء في الإسلام لا يخرج عن مقتضى العدل والإحسان، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} ، ونهى عن الاعتداء حتى على المشركين كما قال تعالى : {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} .
- المؤمنون وإن كانوا يبغضون الكفار بغضاً شديداً ويعادونهم في الله إلا أن ذلك لا يحمل على ظلمهم والاعتداء عليهم لقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}
وقال الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}
= فالمنهي عنه أن نتولاهم فنناصرهم على المسلمين بأن ندلهم على عورة من عورات المسملين ، وأن نعينهم على المسلمين بأي نوع من أنواع الإعانة.
= أما الإحسان إلى من ليس من أهل الحرب والقتال بما لا يعين على المسلمين فليس بمنهي عنه بل هو من القسط الذي يحبه الله.
- مودة الكفار ومحبتهم محرمة في دين الإسلام ، بل إن بغضهم من لوازم الإيمان، فلأنهم أسخطوا الله تعالى وهو أعظم محبوب لنا استحقوا أن نبغضهم، كما قال تعالى: {لاَ تَجدُ قَوماً يُؤْمِنُونَ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ}.
ونحن إنما نبغضهم لكفرهم وفسوقهم وعصيانهم لا نبغضهم لذواتهم وهيئاتهم وأنسابهم وأعراقهم وبلدانهم إنما نبغضهم لما أبغضهم الله عليه.
- التعامل مع الكفار يكون وفق أحكام الشريعة فنعاملهم بالحسنى، ويجب علينا أن نفي بالعهد بيننا وبينهم، وإذا ائتمننا أحد منهم أدينا له الأمانة، وندعوهم إلى الإسلام بالتي هي أحسن، ونبين لهم أخلاق أهل الإسلام ، ودعوةَ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إلى مكارم الأخلاق.
- أما الكفار المحاربون والمعتدون الظالمون من الكفار والمنافقين فقد أُمرنا بالغلظة عليهم بحيث لا تفضي بالمسلم إلى قول ما لا يجوز قوله ولا على العدوان والبغي، كما قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} .
- ونحن مع بُغضنا لهم بسبب أعمالهم وكرهنا ومقتنا لكفرهم وفسوقهم وعصيانهم نود لهم الهداية ونسأل الله أن يخرجهم من الظلمات إلى النور وندعوهم إلى الإسلام بالتي هي أحسن، رجاء أن يمن الله عليهم بالهداية فنواليهم بعد المعاداة ونحبهم بعد البغض كما قال الله تعالى: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
-الموالاة :
-- الموالاة تطلق على معنيين بينهما تناسب وتلازم وهما التحاب والتناصر؛ فالحليف ولي، والكفيل ولي، والقيم على من تحته ولي.
-- النصرة : معنى جامع ينتظم ما يحصل به تحقيق ما يحبه المولى وينفعه ودفع ما يضره ويكرهه، ولذلك يكثر الاقتران بين الولاية والنصرة قال الله تعالى: {هُو نِعْمَ الموْلى ونِعْمَ النَّصِير}، وقال: {بَل اللهُ مَوْلاكُم وهُو خُيرُ النَّاصرين}
-- الولاية أصلها المحبة والموافقة، ومقتضاها النصرة والتأييد.
-- أولياء الله هم الذين ينصرون الله عز وجل فيقومون بما تقتضيه محبته جل وعلا من تحقيق ما يحبه الله ويرضاه واجتناب ودفع ما يكرهه ويبغضه .
-- ومن والى أعداء الله فنصرهم وأيدهم على محاربة دين الله فليس من أولياء الله، بل هو من أعداء الله ، لأن هذه الأعمال تنافي محبة الله ، ولا تحصل هذه الخصلة من المؤمنين وإنما تحصل من المنافقين النفاق الأكبر .
- معنى اتخاذ الكفار أولياء يشمل معنيين:
المعنى الأول: أن ينصر المنافقُ الكافر على المؤمنين وعلى محاربة دين الله عز وجل ومحادة الله ورسوله.
والمعنى الثاني: أن يستنصر به على ذلك.
فإذا نصره أو استنصر به على الإسلام والمسلمين فقد اتخذه ولياً ، وهذا من صفات المنافقين اللازمة لهم فقال الله تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}
وقال تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}
= اتخاذ الكفار أولياء حد عظيم من حدود الله جل علا ، فهو فارق بين الكفر والإيمان ، وقد توعد الله من فعله وعيداً شديداً، وعدَّ من فعله عدواً له، وسماه مرتداً عن دين الإسلام وأوجب له الدرك الأسفل من النار، لما تضمنه هذا العمل من الخيانة العظمى ، والخديعة الكبرى، ومحاربة الله ورسوله وأوليائه.
وقد نزه الله تعالى عباده المؤمنين وبرأهم من هذه الخصلة الذميمة اللئيمة المبنية على الخداع والمكر والكيد للمؤمنين ومؤازرة الكافرين؛ فقال الله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} أي فقد برئت منه ذمة الله، ليس له من ولاية الله نصيب.
= وأما من والى الكفار اضطرارا لأنه يخشى من الكفار ضرراً فلا بأس أن يداريهم مداراة يدفع بها شرهم مع انطواء القلب على بغضهم وبغض ما يفعلون من الكفر والفسوق والعصيان.
- قوله تعالى : {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} فيه قولان مأثوران عن السلف رحمهم الله:
فالقول الأول: إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على أنفسكم فتظهروا لهم الولاية وتضمروا لهم العداوة ولا تشايعوهم على دينهم ولا تعينوهم على مسلم بشيء.
القول الثاني: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} أي إلا أن يكون بينكم وبين بعض الكفار رحم فتتقون قطيعتها فتصلونها من غير أن تتولوهم في دينهم.
وهذا المعنى الثاني يدل عليه نص قول الله تعالى في الأبوين الكافرين: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}.
- بين الله تعالى في كتابه أن الكفار على ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: الأبوين الكافرين > أمر الله بإحسان صحبتهما ، لقوله تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}
الدرجة الثانية: الذين لم يقاتلوا المؤمنين ولم يعينوا عليهم > نبرهم ونقسط إليهم ، لقوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ}
الدرجة الثالثة: المقاتلون والمعينون على قتال المؤمنين والعدوان عليهم > نهانا الله عن موالاتهم ، فقال سبحانه : {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}
- حكم موالاة الكفار :
موالاة الكفار بمعنى اتخاذهم أولياء من دون المؤمنين هي ناقض من نواقض الإسلام ، وهذا يشمل محبتهم لدينهم والرضى به ومناصرتهم على المسلمين وعلى محادة الله ومحاربة دينه .
= أما محبة بعض أهل الكفر على أمر دنيوي ومصاحبتهم ومعاشرتهم والتعامل معهم من غير اتخاذهم أولياء ، فهذه ليست موالاة .
- موالاة الكفار درجات ولها أحكام:
1- إذا كان الوالدان كافران : أمرنا الله تعالى أن نصاحبهما في الدنيا معروفا وقد قال الله تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} >> حكمها : ليست هذه المصاحبة بالمعروف من الموالاة في شيء لكن نهى عن اتخاذهم أولياء فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
2- معاملة الكفار من مصاحبة بالمعروف ومعاشرة الرجل لزوجته الكتابية، والإحسان إلى من أذن الله بالإحسان إليهم من الكفار >> حكمها: ليس من موالاتهم في شيء.
3- الثناء على بعض الخصال الحسنة لدى بعض الكفار : كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقال لأشج عبد القيس : ((إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة)) >> حكمه : ليس من موالاتهم بل هو جائز لا بأس به .
= لكن ينبغي ألا يتخذ ذلك ذريعة لمحبة باطلهم أو الاغترار بما لدى بعضهم من خصال حسنة فيعتقد أنهم على الحق في دينهم.
4- اتخاذ الكفار بطانة : نهى الله تعالى عنه لأنه يفضي إلى موالاة الكفار ؛ لقوله تعالى: {يا أيُّها الذينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذوا بِطانَةً من دُونِكم لا يَألُونَكُم خَبالاً..} >> حكمها : محرم في دين الإسلام ، لكنها ليست من الموالاة .
5- الثناء على بعض الخصال المحرمة لدى بعض الكفار ومحبتها : كالثناء على غناء المغنين منهم أو التعاون معهم على بعض المعاصي كالغناء وغيره >> حكمه : أمر محرم لا يجوز، لقول الله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.
= لكن إذا أفضى هذا التعاون إلى اتخاذهم أولياء ومناصرتهم على المسلمين فهي ردة عن دين الإسلام.
= إذا كان قصد التعاون مع الكفار هو اتخاذهم أولياء ومحاربة دين الإسلام والمناصرة على المسلمين وإفساد أخلاقهم لأجل أن ينتصر عليهم الكفار فهذه ردة عن دين الإسلام.
وإن كان قصد أمراً من الأمور المحرمة كالاستمتاع المحرم ببعض المعاصي والكسب الحرام من غير أن يقصد مناوءة دين الله فهذا قد أتى كبيرة من الكبائر ومنكراً عظيماً وهو على خطر عظيم يخشى عليه منه، وتجب مناصحته وتحذيره من مغبة فعله.
- المسلمين في البراءة من الكفار على ثلاثة أقسام:
--- قسم غلوا في البراءة وتعدوا حدود الله في ذلك فارتكبوا من الظلم والعدوان والتنفير عن دين الله عز وجل ما لا يحل لهم .
--- وقسم فرطوا وتساهلوا في ذلك حتى حصلت منهم مودة ومحبة للكفار في بعض شؤون دنياهم من غير أن يتخذوهم أولياء ، ففعلوا ما لم يأذن الله به.
= أصحاب هذين القسمين مخالفون لهدى الله خاطؤون مذنبون =
--- وقسم وسط اتبعوا هدى الله وامتثلوا أحكامه فتبرؤوا من الكفر وأهله وعاملوهم بمقتضى شرع الله ورعوا فيهم حدود الله .
= هؤلاء هم الموَفَّقون الناجُون =
- حرَّم الله مُناكَحة المشركين الوثنيين وحرَّم ذبائحهم ، وأباح نكاح الكتابيات وأباح طعام أهل الكتاب، وحرم استعمال آنية الكفار ، وحرم التشبه بهم.