دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الجنائز

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 06:03 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي صفة غسل الميت

صفة غسل الميت
وإذا أَخَذَ في غُسلِه سَتَرَ عَورتَه وجَرَّدَه وسَتَرَه عن العُيونِ، ويُكْرَهُ لغيرِ مُعِينٍ في غُسْلِه حُضُورُه، ثم يَرفعُ رأسَه إلى قُرْبِ جُلوسِه ويَعْصِرُ بَطنَه بِرِفْقٍ ويُكْثِرُ صَبَّ الماءِ حينئذٍ ثم يَلُفُّ على يَدِه خِرْقَةً فيُنْجِيهِ، ولا يَحِلُّ مَسُّ عَورةِ مَن له سبعُ سنينَ، ويُسْتَحَبُّ أن لا يَمَسَّ سائرَه إلا بخِرْقَةٍ، ثم يُوَضِّيهِ نَدْبًا ولا يُدْخِلُ الماءَ في فِيهِ ولا في أَنْفِه ، ويُدْخِلُ إِصْبَعَيْهِ مَبْلُولَتَيْنِ بالماءِ بينَ شَفَتَيْه فيَمْسَحُ أسنانَه وفي مَنْخِرَيهِ فيُنَظِّفُهما ولا يُدْخِلُهما الماءَ ثم يَنْوِي غُسْلَه ويُسَمِّي ويَغْسِلُ برَغْوَةِ السِّدْرِ رأسَه ولِحْيَتَه فقط ثم يَغْسِلُ شِقَّه الأيمنَ ثم الأَيْسَرَ ثم كلَّه ثلاثًا يُمِرُّ في كلِّ مَرَّةٍ يَدَه على بَطْنِه فإن لم يَنْقَ بثلاثٍ زِيدَ حتى يَنْقَى، ولو جَاوَزَ السبْعَ ويَجْعَلُ في الغَسلةِ الأخيرةِ كافورًا، والماءَ الحارَّ والأشنانَ، والخِلالُ يُسْتَعْمَلُ إذا احْتِيجَ إليه، ويَقُصُّ شاربَه ويُقَلِّمُ أظافِرَه ولا يُسَرَّحُ شَعَرُه ثم يُنَشَّفُ بثوبٍ. ويُضَفَّرُ شَعَرُها ثلاثةَ قرونٍ ويُسْدَلُ وَراءَها. وإن خَرَجَ منه شيءٌ بعدَ سبعٍ حُشِيَ بقُطْنٍ فإن لم يَسْتَمْسِكْ فبِطِينٍ حُرٍّ، ثم يَغْسِلُ المحلَّ ويُوَضَّأُ، وإن خَرَجَ بعدَ تَكفينِه لم يُعِد الغُسْلَ.


  #2  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 08:43 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

..................

  #3  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 08:44 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(وإذا أَخَذَ)؛ أي: شَرَعَ (في غُسْلِه, سَتَرَ عَوْرَتَهُ) وُجُوباً, وهي ما بينَ سُرَّتِه ورُكْبَتِه، (وجَرَّدَهُ) نَدْباً؛ لأنَّه أَمْكَنُ في تَغْسِيلِه وأَبْلَغُ في تَطْهِيرِه، وغُسِّلَ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ في قَمِيصٍ؛ لأنَّ فَضَلاتِه طَاهِرَةٌ,فلم يُخْشَ تَنْجِيسُ قَمِيصِه.
(وسَتَرَهُ عَن العُيُونِ) تَحْتَ سِتْرٍ في خَيْمَةٍ أو بَيْتٍ إن أَمْكَنَ؛ لأنَّه أَسْتَرُ لَهُ. (ويُكْرَهُ لغَيْرِ مُعَيَّنٍ في غُسْلِه, حُضُورُه)؛ لأنَّه رُبَّمَا كانَ في المَيِّتِ ما لا يُحَبُّ إِطْلاعُ أَحَدٍ عليه، والحاجَةُ غَيْرُ دَاعِيَةٍ إلى حُضُورِه, بخِلافِ المُعَيَّنِ, (ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ)؛ أي: رَأْسَ المَيِّتِ غَيْرَ أُنْثَى حَامِلٍ (إلى قُرْبِ جُلُوسِه), بحيثُ يَكُونُ كالمُحْتَضَنِ في صَدْرِ غَيْرِه, (ويَعْصِرُ بَطْنَهُ برِفْقٍ)؛ ليَخْرُجَ ما هو مُسْتَعِدٌّ للخُرُوجِ, ويكونُ هُنَاكَ بُخُورٌ.
(ويُكْثِرُ صَبَّ المَاءِ حِينَئِذٍ)؛ ليَدْفَعَ ما يَخْرُجُ بالعَصْرِ، (ثُمَّ يَلُفُّ) الغَاسِلُ (على يَدِه خِرْقَةً فيُنَجِّيهِ)؛ أي: يَمْسَحُ فَرْجَهُ بها.
(ولا يَحِلُّ مَسُّ عَوْرَةِ مَن له سَبْعُ سِنِينَ) بغَيْرِ حَائِلٍ؛ كحالِ الحَيَاةِ؛ لأنَّ التَّطْهِيرَ يُمْكِنُ بدُونِ ذلكَ.
(ويُسْتَحَبُّ أن لا يَمَسَّ سَائِرَهُ إِلاَّ بخِرْقَةٍ)؛ لفِعْل عَلِيٍّ معَ النَّبِيِّ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ. يُعِدُّ الغَاسِلُ خِرْقَتَيْنِ؛ إِحْدَاهُمَا للسَّبِيلَيْنِ, والأُخْرَى لبَقِيَّةِ بَدَنِه, (ثُمَّ يُوَضِّيهِ نَدْباً) كوُضُوئِه للصَّلاةِ؛ لِمَا رَوَت أُمُّ عَطِيَّةَ, أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ قالَ في غُسْلِ ابْنَتِه: ((ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا ومَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا)). رواهُ الجَمَاعَةُ.
وكانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُه عَن نِيَّةِ الغُسْلِ كما في (المُنْتَهَى) وغَيْرِه (ولا يُدْخِلُ المَاءَ فِي فِيهِ وَلاَ فِي أَنْفِه)؛ خَشْيَةَ تَحْرِيكِ النَّجَاسَةِ، (ويُدْخِلُ أُصْبَعَيْهِ)؛ إِبْهَامَهُ وسَبَّابَتَهُ (مَبْلُولَتَيْنِ)؛ أي: عليهما خِرْقَةٌ مَبْلُولَةٌ (بالماءِ بَيْنَ شَفَتَيْهِ فيَمْسَحُ أَسْنَانَهُ وفي مَنْخَرَيْهِ, فيُنَظِّفُهُمَا) بَعْدَ غَسْلِ كَفَّيِ المَيِّتِ, فيَقُومُ المَسْحُ فِيهِمَا مَقَامَ غَسْلِهِمَا؛ خَوْفَ تَحْرِيكِ النَّجَاسَةِ بدُخُولِ المَاءِ جَوْفَهُ.
(ولا يُدْخِلُهُمَا)؛ أي: الفَمَ والأنفَ (المَاءَ)؛ لِمَا تَقَدَّمَ. (ثُمَّ يَنْوِي غُسْلَهُ)؛ لأنَّه طَهَارَةٌ تَعَبُّدِيَّةٌ, فاشتُرِطَتْ لها النِّيَّةُ؛ كغُسْلِ الجَنَابَةِ، (ويُسَمِّي) وُجُوباً؛ لِمَا تَقَدَّمَ، (ويَغْسِلُ برَغْوَةِ السِّدْرِ) المَضْرُوبِ (رَأْسَهُ ولِحْيَتَهُ فَقَطْ)؛ لأنَّ الرَّأْسَ أَشْرَفُ الأَعْضَاءِ، والرَّغْوَةُ لا تَتَعَلَّقُ بالشَّعَرِ، (ثُمَّ يَغْسِلُ شِقَّهُ الأَيْمَنَ, ثُمَّ) شِقَّهُ (الأَيْسَرَ)؛ للحديثِ السَّابِقِ، (ثُمَّ) يُغَسِّلُه (كُلَّهُ), يُفِيضُ المَاءَ على جَمِيعِ بَدَنِه, يَفْعَلُ ما تَقَدَّمَ (ثَلاثاً) إلاَّ الوُضُوءَ, ففِي المَرَّةِ الأُولَى فَقَطْ.
(يُمِرُّ في كُلِّ مَرَّةٍ) مِن الثَّلاثِ (يَدَهُ على بَطْنِه)؛ ليُخْرِجَ ما تَخَلَّفَ, (فإنْ لَمْ يَنْقَ بثَلاثِ غَسَلاتٍ, زادَ حَتَّى يَنْقَى, ولو جاوزَ السَّبْعَ).
وكُرِهَ اقتِصَارُه في غُسْلِه على مَرَّةٍ إن لم يَخْرُجْ منه شَيْءٌ, فيَحْرُمُ الاقتِصَارُ ما دَامَ يَخْرُجُ شَيْءٌ على ما دُونَ السَّبْعِ, وسُنَّ قَطْعٌ على وِتْرٍ، ولا تَجِبُ مُبَاشَرَةُ الغُسْلِ, فلو تُرِكَ تَحْتَ مِيزَابٍ ونَحْوِه, وحَضَرَ مَن يَصْلُحُ لغُسْلِه, ونَوَى وسَمَّى وعَمَّهُ المَاءُ كَفَى.
(ويَجْعَلُ في الغَسْلَةِ الأَخِيرَةِ) نَدْباً (كَافُوراً) وسِدْراً؛ لأنَّه يَصْلُبُ الجَسَدَ ويَطْرُدُ عَنْهُ الهَوَامَّ برَائِحَتِه. (والماءُ الحَارُّ) يُسْتَعْمَلُ إذا احتِيجَ إليه، (والأُشْنَانُ) يُسْتَعْمَلُ إذا احْتِيجَ إليهِ, (والخِلالُ يُسْتَعْمَلُ إذا احتيجَ إليهِ), فإن لم يُحْتَجْ إليها كُرِهَت.
(ويَقُصُّ شَارِبَهُ ويُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ) نَدْباً إِنْ طَالاَ، ويُؤْخَذُ شَعَرُ إِبِطَيْهِ، ويُجْعَلُ المَأْخُوذُ معَهُ كعُضْوٍ سَاقِطٍ، وحَرُمَ حَلْقُ رَأْسِه وأَخْذُ عَانَتِه؛ كخَتْنٍ، (ولا يُسَرِّحُ شَعَرَهُ)؛ أي: يُكْرَهُ ذلكَ؛ لِمَا فيه مِن تَقْطِيعِ الشَّعَرِ مِن غَيْرِ حَاجَةٍ إليه، (ثُمَّ يُنَشَّفُ) نَدْباً (بثَوْبٍ)؛ كما فُعِلَ به صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ, (ويُضْفَرُ) نَدْباً (شَعَرُهَا)؛ أي: الأُنْثَى (ثَلاثَةَ قُرُونٍ, ويُسْدَلُ وَرَاءَهَا)؛ لقَوْلِ أُمِّ عَطِيَّةَ: (فَضَفَرْنَا شَعَرَهَا ثَلاثَةَ قُرُونٍ, وأَلْقَيْنَاهُ خَلْفَهَا). رواه البُخَارِيُّ.
(وإن خرَجَ مِنْهُ)؛ أي: المَيِّتِ (شَيْءٌ بَعْدَ سَبْعِ) غَسَلاتٍ, (حُشِيَ) المَحَلُّ (بقُطْنٍ)؛ ليَمْنَعَ الخَارِجَ؛ كالمُسْتَحَاضَةِ.
(فإن لم يَسْتَمْسِكْ) بالقُطْنِ (فبطِينٍ حُرٍّ)؛ أي: خَالِصٍ؛ لأنَّ فيهِ قُوَّةً تَمْنَعُ الخَارِجَ، (ثُمَّ يُغْسَلُ المَحَلُّ) المُتَنَجِّسُ بالخَارِجِ، (ويُوَضَّأُ) المَيِّتُ وُجُوباً؛ كالجُنُبِ إذا أَحْدَثَ بَعْدَ الغُسْلِ، (وإنْ خَرَجَ) مِنْهُ شَيْءٌ (بَعْدَ تَكْفِينِه لم يُعِدِ الغُسْلَ)؛ دَفْعاً للمَشَقَّةِ، ولا بَأْسَ بقَوْلِ غَاسِلٍ له: انقَلِبْ يَرْحَمْكَ اللَّهُ. ونَحْوَه.
ولا يُغَسِّلُه في حَمَّامٍ.


  #4  
قديم 27 ذو القعدة 1429هـ/25-11-2008م, 09:48 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(وإذا أخذ) أي شرع (في غسله ستر عورته) وجوبًا، وهي ما بين سرته وركبته([1]) (وجرده) ندبًا، لأنه أمكن في تغسيله، وأبلغ في تطهيره([2]).
وغسل -صلى الله عليه وسلم- في قميص([3]) لأن فضلاته طاهرة، فلم يخش تنجس قميصه([4]) (وستره عن العيون) ([5]) تحت ستر في خيمة أو بيت([6]) إن أمكن، لأنه أستر له([7]).
(ويكره لغير معين في غُسْله حضوره) ([8]) لأنه ربما كان في الميت ما لا يحب إطلاع أحد عليه([9]) والحاجة غير داعية إلى حضوره، بخلاف المعين([10])(ثم يرفع رأسه) أي رأس الميت([11]) غير أنثى حامل([12]) (إلى أقرب جلوسه) بحيث يكون كالمحتضن في صدر غيره([13]). (ويعصر بطنه برفق) ليخرج ما هو مستعد للخروج([14]).
ويكون هناك بخور([15]) (ويكثر صب الماء حينئذ) ليدفع ما يخرج بالعصر([16]) (ثم يلف) الغاسل (على يده خرقه([17]) فينجيه) أي يمسح فرجه بها([18]) (ولا يجعل مس عورة من له سبع سنين) بغير حائل، كحال الحياة([19]) لأن التطهير يمكن بدون ذلك([20]).
(ويستحب أن لا يمس سائره إلا بخرقة) لفعل علي مع النبي ([21]) -صلى الله عليه وسلم- فحينئذ يعد الغاسل خرقتين، إحداهما للسبيلين، والأُخرى لبقية بدنه([22]) (ثم يوضيه ندبًا) كوضوئه للصلاة([23]) لما روت أم عطية أن النبي r قال في غسل ابنته ((ابدأن بميامنها، ومواضع الوضوء منها)) رواه الجماعة([24]) وكان ينبغي تأخيره عن نية الغسل، كما في المنتهى وغيره([25]).
(ولا يدخل الماء في فيه ولا في أنفه) خشية تحريك النجاسة([26]) (ويدخل أصبعيه) إبهامه وسبابته (مبلولتين) أي عليهما خرقة مبلولة (بالماء بين شفيته فيمسح أسنانه([27]) وفي منخريه فينظفهما) ([28]) بعد غسل كفي الميت([29]) فيقوم المسح فيهما مقام غسلهما، خوف تحريك النجاسة، بدخول الماء جوفه([30]) (ولا يدخلهما) أي الفم والأنف (الماء) لما تقدم([31]).
(ثم ينوي غسله) لأنه طهارة تعبدية، فاشترطت له النية، كغسل الجنابة([32]) (ويسمي) وجوبًا، لما تقدم([33]) (ويغسل برغوة السدر) المضروب (رأسه ولحيته فقط) ([34]) لأن الرأس أشرف الأعضاء([35]) والرغوة لا تتعلق بالشعر([36]) (ثم يغسل شقه الأيمن ثم) شقه (الأيسر) للحديث السابق([37]).
(ثم) يغسله (كله) يفيض الماء على جميع بدنه([38]) يفعل ما تقدم (ثلاثًا) إلا الوضوء ففي المرة الأولى فقط([39]) (يمر في كل مرة) من الثلاث (يده على بطنه) ليخرج ما تخلف([40]) (فإن لم ينق بثلاث) غسلات (زيد حتى ينقي([41]) ولو جاوز السبع) ([42]).
وكره اقتصاره في غُسْله على مرة([43]) إن لم يخرج منه شيءٌ، فيحرم الاقتصار ما دام يخرج منه شيءٌ على ما دون السبع([44]) وسن قطع على وتر([45]) ولا تجب مباشرة الغُسْل، فلو ترك تحت ميزاب ونحوه، حضر من يصلح لغسله، ونوى وسمى، وعمه الماءُ كفى([46]).
(ويجعل في الغسلة الأخيرة) ندبًا (كافورًا) ([47]) وسدرًا، لأنه يصلب الجسد([48]) ويطرد عنه الهوام برائحته([49]) (والماءُ الحار) يستعمل إذا احتيج إليه([50]) (والأشنان) يستعمل إذا احتيج إليه([51]).
(والخلال يستعمل إذا احتيج إليه) ([52]) فإن لم يحتج إليها كرهت([53]) (ويقص شاربه، ويقلم أظفاره) ندبًا إن طالا([54]) ويؤخذ شعر إبطيه([55])ويجعل المأْخوذ معه، كعضو ساقط([56]).
وحرم حلق رأسه([57]) وأخذ عانته، كختن([58]) (ولا يسرح شعره) أي يكره ذلك، لما فيه من تقطيع الشعر من غير حاجة إليه([59]).
(ثم ينشف) ندبًا (بثوب) كما فُعِل به ([60]) صلى الله عليه وسلم، (ويضفر) ندبًا (شعرها) أي الأُنثى (ثلاثة قرون([61]) ويسدل وراءَها) ([62]) لقول أم عطية: فضفرنا شعرها ثلاثة قرون، وألقيناه خلفها. رواه البخاري([63]).
(وإن خرج منه) أي الميت (شيءٌ بعد سبع) غسلات([64]) (حشي) المحل (بقطن) ليمنع الخارج، كالمستحاضة([65]).
(فإن لم يستمك) بالقطن (فبطين حر) أي خالص([66]) لأن فيه قوة تمنع الخارج([67]) (ثم يغسل المحل) المتنجس بالخارج([68]) (ويوضأُ) الميت وجوبًا، كالجنب إذا أحدث بعد الغسل([69]).
(وإن خرج) منه شيء (بعد تكفينه لم يعد الغسل) ([70]) دفعًا للمشقة([71]) ولا بأس بقول غاسل له: انقلب يرحمك الله. ونحوه([72]).
ولا بغسلة في حمام([73])



([1]) على ما تقدم من حدها، ولحديث علي ((ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت)) رواه أبو داود، قال الموفق وغيره: يجب ستر عورته، بغير خلاف علمناه. وهذا فيمن له سبع سنين فأكثر، وتقدم أن عورة ابن سبع إلى عشر الفرجان، ولم يستحب مالك والشافعي والجمهور تغطية وجهه، ونقل عن ابن سيرين.
([2]) وأشبه بغسل الحي، وأهون له التنجيس، إذ يحتمل خروجها منه، ولفعل الصحابة، بدليل قولهم: كما نجرد موتانا. ولا بد أن يكون أمرهم به، أو أقرهم عليه، فإن قولهم يدل على ذلك، وكأنه إجماع منهم، بل حكي إجماعًا منهم، والمراد: سوى عورته، وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة، ولو غسل في قميص خفيف، واسع الكمين ونحوهما جاز، وتجريده أمكن لتطهيره.
([3]) يصبون الماء فوق القميص، ويدلكون بالقميص، دون أيديهم، رواه أحمد وأبو داود، وذلك أنهم اختلفوا هل يجردونه صلى الله عليه وسلم أو لا؟ فأوقع الله عليهم النوم، حتى ما منهم رجل إلا وذقنه في صدره، ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت، لا يدرون من هو: غسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه. فقاموا فغسلوه وعليه قميص، الحديث.
([4]) ولأنه صلى الله عليه وسلم طيب حيًا وميتًا، والصواب أنه لعظم حرمته صلوات الله وسلامه عليه، وهو من خصائصه صلى الله عليه وسلم، واحتمال المفسدة منتفية في حقه صلى الله عليه وسلم.
([5]) أي ويسن ستر الميت حال الغسل عن العيون، لأن جميعه صار عورة، فلهذا شرع ستر جميعه، لأنه ربما كان به عيب يستره في حياته، أو تظهر عورته، ولأنه يكره النظر إلى الميت إلا لحاجة.
([6]) وذكر القاضي عن عائشة: غسلنا بعض بنات النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرنا أن نجعل بينها وبين السقف ثوبًا، وأوصى به الضحاك، واستحبه ابن سيرين وغيره، لئلا يستقبل السماء بعورته.
([7]) أي من جميع جهاته، حتى من جهة السماء، وإن لم يكن فظاهره الجواز. ويكره النظر إليه لغير حاجة، حتى الغاسل، فلا ينظر إلا لما لا بد منه غير العورة.
([8]) إلا لضرورة، وأما العورة فيحرم مطلقًا، وقال ابن عقيل: لا يجوز أن يحضره إلا من يعين في أمره، لأن جميعه صار عورة، فلهذا شرع ستر جميعه بالكفن، فيحرم نظره. اهـ.
وأما وجهه فحكي في الفروع وغيره كراهة تغطيته اتفاقًا، والمراد حال الغسل، بخلاف التسجية كما تقدم.
([9]) فيتحدث به، فيكون فضيحة.
([10]) أي بصب ونحوه، فله الدخول عليه كيف شاء، ويستحب خضب لحية رجل، ورأس امرأة بحناء، ولو غير شائبين، لقول أنس: اصنعوا بموتاكم ما تصنعون بعرائسكم.
([11]) برفق، في أول غسله، وفاقًا لمالك والشافعي، وعند أبي حنيفة بعد الغُسْل.
([12]) فلا يرفع رأسها، ولا يعصر بطنها، لئلا يتأذى الولد، ولحديث أم سليم مرفوعًا «إذا توفيت المرأة، فأرادوا غسلها، فليبدأ ببطنها، فليمسح مسحًا رفيقًا، إن لم تكن حبلى، فإن كانت حبلى فلا تحركها» رواه الخلال وابن خزيمة والبيهقي.
([13]) ولا يشق عليه، يل يحنيه حنيًا رفيقًا، ولا يبلغ به الجلوس، لأن في الجلوس أذية له.
([14]) أي يعصر بطن الميت، فيمر يده على بطنه، ليخرج ما معه من نجاسة،
كيلا يخرج بعد ذلك، ويكون مسحًا رفيقًا، لأن الميت في محل الشفقة والرحمة، ولقوله صلى الله عليه وسلم ((إن كسر عظم الميت ككسره حيًا)) رواه أحمد وغيره، ورجاله رجال الصحيح، وفيه دليل على وجوب الرفق بالميت في غسله، وتكفينه وحمله وغير ذلك.
([15]) أي ويكون في المكان الذي يغسل فيه الميت بَخُور، على وزن رسول، ما يتبخر به أي يتدخن به من عود ونحوه، لئلا يتأذى برائحة الخارج.
([16]) ولا تظهر رائحته فيتأذى بها.
([17]) خشنة، أو يدخل يده في كيس، لئلا يمس عورته، لأن النظر إلى العورة حرام، فمسها بطريق الأولى، وذكر المروذي عن أحمد أن عليًا حين غسل النبي صلى الله عليه وسلم لف على يده خرقة، حين غسل فرجه.
([18]) كما يستنجي الحي وفاقًا، إزالة للنجاسة، وطهارة للميت، من غير تعدي النجاسة إلى الغاسل.
([19]) إجماعًا، ولا يحل النظر إليها إجماعًا، وقال ابن القيم وغيره: يكره لمس بدن الميت لغير غاسله، لأن بدنه بمنزلة عورة الحي، تكريمًا له.
([20]) أي بدون مس عورته مباشرة بلا حائل، وتقدم استعمال علي للحائل، في غسل فرج النبي صلى الله عليه وسلم ولا خلاف في ذلك.
([21]) رواه أبو داود عن عائشة أنهم غسلوه وعليه قميص، يصبون عليه الماء، ويدلكونه من فوقه، وليأمن مس العورة المحرم مسها، ولأن ما فعل به صلى الله عليه وسلم أكمل، وهو مذهب الشافعي، ولم يستحبه مالك وأبو حنيفة.
([22]) استحبابًا، لئلا يتلوث بالمنجي بها، ويجب غسل نجاسة بالميت، لأن المقصود بغُسْله تطهيره.
([23]) ما خلا المضمضة والاستنشاق، قال أحمد: لأنه لا يؤمن منهما وصول الماء إلى جوفه، فيفضي إلى المثلة، وربما حصل منه الانفجار، أو يفسد وضوءه، واستثنى الماتن ذلك بقوله: ولا يدخل الماء؛ الخ.
([24]) ((ابدأن بميامنها)) أي في الغسلات التي لا وضوء فيها ((ومواضع الوضوء)) أي في الغسلة المتصلة بالوضوء، وابنته صلى الله عليه وسلم هي زينب، كما في صحيح مسلم، وفي غيره أم كلثوم، ويمكن الجمع، فإن ابن عبد البر وغيره جزموا بأن أم عطية غاسلة الميتات.
([25]) كالإقناع، وذلك لأن محل استحباب الوضوء بعد نية الغُسْل.
([26]) لأنه إذا وصل الماء إلى جوفه حركه.
([27]) ويزيل ما عليها، ويكون ذلك برفق، ولا يرفع أسنانه بعضها عن بعض، بل يمضمضه فوقها، لقوله تعالى {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}.
([28]) بإزالة ما عليهما من الأذى، لقوله ((ومواضع الوضوء منها)) فاقتضى أن يمضمضه وينشقه، وقياسًا على الوضوء، وهو مذهب جمهور العلماء، و«منخريه» تثنية منخر بفتح الميم وكسر الخاء نقب الأنف.
([29]) يعني فغسل كفيه هو أول ما يبدأ به من توضئته كالحي.
([30]) أي فيقوم المسح في أسنانه ومنخريه مقام غسلهما حال الحياة، خوف تحريك النجاسة التي في جوفه، بسبب دخول الماء إلى جوفه، والمسح يقوم مقام الغسل في مواضع، للحاجة إليه.
([31]) من قوله: خشية تحريك النجاسة. قال الموفق وغيره: في قول أكثر أهل العلم، ثم يغسل وجهه ويتمم وضوءه، وكما أن الحي يبدأ بالوضوء في غسله.
([32]) ولأنها إنما أوجبت على الغاسل لتعذرها من الميت، ولو لم تعتبر لما وجب غُسْل منظف، وصححه الموفق والشارح وغيرهما، وهو قول الجمهور.
([33]) من قوله: كغسل الجنابة. وعليه فتسقط سهوًا وجهلاً.
([34]) قدمه في الفروع وغيره، وفي المبدع وغيره: وسائر جسده، لقوله ((اغسلوه بماء سدر)) ولقصة غسل ابنته صلى الله عليه وسلم، والرغوة مثلثة الراء معروفة، وزبد كل شيء رغوته، وعين الشارع السدر لأن فيه مادة حادة تشبه الصابون.
([35]) ولهذا جعل كشفه شعار الإحرام، وهو مجمع الحواس الشريفة.
([36]) وتزيل الدرن، فناسب ذلك، ولتزول الرغوة بممر جري الماء عليها، بخلاف ثفل السدر، ويغسل باقي بدنه بالثفل.
([37]) وهو قوله ((ابدأن بميامنها)) فيبدأ بالشق الأيمن المقبل، من عنقه وصدره وفخذه وساقه، ثم يغسل شقه الأيسر كذلك، مرة في دفعتين، وقيل مرة في أربع، يده اليمنى، وصفحة عنقه، وشق صدره، وفخذه وساقه، ثم الأيسر كذلك، ثم يرفعه من جانبه الأيمن فيغسل الظهر وما هناك، من وركه وفخذه وساقه، ثم الأيسر كذلك، قال أبو البركات: والأول أقرب إلى قوله ((ابدأن بميامنها)) وأشبه بغسل الجنابة، وكيفما فعل أجزأ، ولا يكبه على وجهه، إكرامًا له.
([38]) ويكون ذلك غسلة واحدة.
([39]) فإنه ليس للغاسل أن يوضئه في أول كل غسلاته، إن لم يخرج منه شيء، فإن خرج منه شيء أعاد وضوءه وندبية غسله ثلاثًا، امتثالاً لقول صلى الله عليه وسلم((اغسلنها ثلاثًا)) وفيه ((إن رأيتن ذلك، بماء وسدر)) واستحب أحمد وغيره كونه في الثلاث الغسلات، وقال: هو أنقى.
([40]) ويأمن من فساد الغسل بما يخرج منه بعد.
([41]) أي فإن لم ينق الغسل الوسخ بثلاث غسلات زيد حتى ينقي، وفاقًا، و((ينقي)) بضم الياء، ويكون الضمير عائدًا على الغاسل، وبفتحها، ويكون الضمير عائدًا على المحل، من نقي بكسر القاف، ينقى.
([42]) لقوله صلى الله عليه وسلم ((اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا -والمراد اغسلنها وترًا- وليكن ثلاثًا؛ فإن احتجتن إلى زيادة عليها للإنقاء فليكن خمسًا، فإن احتجتن إلى زيادة الإنقاء فليكن سبعًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك)) متفق عليه، وأرجع الشارع النظر إلى الغاسل، ويكون ذلك بحسب الحاجة لا التشهي، لقوله ((إن رأيتن)) أي احتجتن، والحاصل أن الإيتار مأمور به، والثلاث مأمور بها ندبًا، فإن حصل الإنقاء بثلاث لم تشرع الرابعة، وإلا زيد حتى يحصل الإنقاء، ويندب كونها وترًا، واتفقوا على استحبابه، وقال بعضهم: إذا لم يحصل الإنقاء بالسبع لم يزد عليها، وكذا إن خرج منه شيء بعد السبع لم يزد عليها، قال ابن عبد البر: لا أعلم أحدًا قال بمجاوزة السبع. وصرح أحمد والماوردي وابن المنذر أنها مكروهة، وفي الإنصاف: لا يزاد على السبع، رواية واحدة. والأولى حمل كلامهم على أنه لم يبلغهم الخبر.
([43]) وفاقًا، لقوله ((اغسلنها ثلاثًا)) الحديث، ولأنه لا يحصل بها كمال النظافة، وتجزئ كالحي، وكذا لو نوى وسمي، وغمسه في ماء مرة واحدة أجزأ كالحي، والحائض والجنب كغيرهما في الغسل، وهو قول العلماء كافة إلا الحسن، وقال ابن المنذر: هذا قول من نحفظ عنه من علماء الأمصار.
([44]) لأن الشارع إنما كرر الأمر بغسلها من أجل توقع النجاسة والله أعلم. فيعاد إلى سبع فأكثر للخبر.
([45]) لحديث أم عطية ((اغسلنها وترًا)) وحديث ((إن الله وتر يحب الوتر)) من غير إعادة وضوء كما تقدم.
([46]) وهذا يرد على ما سبق فيما إذا ماتت امرأة بين رجال وعكسه، ويمكن أن يقال: كلامهم المتقدم مقيد بهذا، وأن محل ذلك إذا لم تأت هذه الصورة.
([47]) بأن يضعه في الماء، بحيث لا يتغير الماء، لقوله صلى الله عليه وسلم ((واجعلن في الغسلة الأخيرة كافورًا)) متفق عليه، وهو قول العلماء كافة، وحكي عن أبي حنيفة خلاف في استحبابه، والحديث حجة عليه، وفي حديث أم سليم «فإذا كان في آخر غسلة من الثالثة أو غيرها فاجعلي ماء فيه شيء من كافور، وشيء من سدر، ثم أفرغيه عليها، وابدئي برأسها حتى يبلغ رجليها».
([48]) ويطيبه ويبرده، ونقل الجماعة جعله مع السدر، واختاره المجد وغيره، وصححه غير واحد، قال الخلال: وعليه العمل. وقال ابن حامد: يطرح فيه شيء يسير لا يغيره، ليجمع بين العمل بالحديث، ويكون الماء باقيًا على إطلاقه.
([49]) ويردع ما يتحلل من الفضلات، ويمنع إسراع الفساد إليه، وكونه يطيب رائحة المحل، وذلك في وقت تحضر فيه الملائكة, وهو أقوى الأراييح الطيبة في ذلك، وهذا هو السر في جعله في الآخرة، لئلا يذهب به الماء، وإن عدم قام غيره مقامه، مما فيه هذه الخواص أو بعضها، وظاهر العبارة غير مراد، بل المراد أن الغسلة الأخيرة يسن أن لا تخلو من السدر للخبر، فلا تنافي كونها في غيرها.
([50]) لشدة برد، أو وسخ لا يزول إلا به، واستحبه بعضهم، لأنه ينقي ما لا ينقي البارد، واستحب بعضهم البارد، لأن المسّن يرخيه، ولم ترد به السنة، فإن كثر وسخه، ولم يزل إلا بالحار كان مستحبًا.
([51]) لإزالة وسخ ونحوه، قال أحمد: إذا طال ضنى المريض غسل بالأشنان، يعني أنه يكثر وسخه، فيحتاج إلى الأشنان، ليزيل ذلك الوسخ.
([52]) لشيء بين أسنانه من وسخ أو نحوه، بلا خلاف. لأن إزالة ذلك مطلوبة شرعًا، والأولى أن يكون من شجر ينقي، ولا يجرح، قال الجوهري: الخلال العود الذي يتخلل به، وما يخل به الثوب، والجمع الأخلة.
([53]) أي فإن لم يحتج إلى الماء الحار والأشنان والخلال لإزالة شيء مما تقدم كرهت، قال في الإنصاف: بلا نزاع، لعدم الحاجة إليها، فتكون كالعبث، ولأن السنة لم ترد بها.
([54]) أي شاربه وأظفاره، وهو قول سعيد بن جبير وإسحاق وغيرهما، لقول أنس: اصنعوا بموتاكم ما تصنعون بعرائسكم. والجمهور أن لا يؤخذا.
([55]) لأن ذلك تنظيف لا يتعلق بقطع عضو، أشبه إزالة الأوساخ والأدران، ويعضد ذلك العمومات في سنن الفطرة، وعنه: لا يؤخذ من الميت شيء، لا شعره ولا ظفره وفاقًا، لأن أجزاء الميت محترمة، فلا تنتهك بهذا. ولأنه قطع شيء منه، فلم يستحب، كالختان، ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن الصحابة في هذا شيء، فيكره فعله، وهو ظاهر الخرقي وغيره، ولأنه لا حاجة إلى قصها.
([56]) أي ويجعل المأخوذ من الميت من شعر وظفر معه في كفنه، لأنه جزء منه، وقيل: بعد إعادة غسل ندبًا، كعجل عضو ساقط منه معه، وهذا التشبيه وإن كان ظاهره الوجوب، فليس تشبهًا من كل وجه، ولأحمد عن أم عطية قال: يغسل رأس الميتة، فما سقط من شعرها في أيديهم غسلوه ثم ردوه في رأسها. ولأن دفن الشعر والظفر مستحب في حق الحي، فالميت أولى، وإن كان مقطوع الرأس، أو كانت أعضاؤه مقطعة لفق بعضها إلى بعض بالتمقيط والطين الحر حتى لا يتبين تشويهه.
([57]) وهو مذهب الجمهور، لأن ذلك إنما يكون لزينة ونسك، وليس من السنة في الحياة، وظاهر كلام جماعة: لا يكره.
قال في الفروع: وهو أظهر. ومذهب الجمهور أولى، لعدم الأمر به، وعدم نقل فعله.
([58]) أي ويحرم حلق شعر عانته، في قول جمهور أهل العلم، لما فيه من لمس عورته أو نظرها، وهو محرم، فلا يرتكب لأجل مندوب، وهذا لو ندب إليه، بل يحرم كما يحرم ختن ميت أقلف، ولو في حال وجوبه قبل موته، لأنه قطع لعضو منه، وقد زال المقصود منه.
وقال الوزير وغيره: أجمعوا على أن الميت إذا مات وهو غير مختون أنه يترك على حاله، ولا يختن.
([59]) وهو مذهب مالك وأبي حنيفة، وروي عن عائشة "أنها مرت بقوم يسرحون شعر ميتهم، فنهتهم عن ذلك".
وقال الشافعي: يسرح تسريحًا خفيفًا، واستحبه ابن حامد وأبو الخطاب، وتسريحه مشطه، وأصل التسريح الإرسال، والشعر بتلبيده، فيسترسل بالمشط، واستخرج ابن دقيق العيد من الخبر استحباب تسريح شعر المرأة وتضفيره، وورد في مسلم: مشطناها ثلاثة قرون. لكن قال أحمد: أي ضفرناها. وأنكر المشط، وفي البخاري: نقضنه ثم غسلنه، ثم جعلنه ثلاثة قرون.
([60]) رواه أحمد، وتنشيفه متفق عليه عند الأئمة وغيرهم، ولئلا يبتل كفنه فيفسد به، ولا ينجس ما نشف به وفاقًا.
([61]) أي ثلاث ضفائر قرنيها وناصيتها، والقرن الخصلة من الشعر، وأصل الضفر الفتل، وقالت: مشطناها ثلاثة قرون. وهذا مذهب مالك والشافعي، وجمهور العلماء.
([62]) أي يرسل ويرخى خلفها، وفاقًا للشافعي وإسحاق وابن المنذر وغيرهم، وقيل: مع الجانبين والحديث حجة عليهم.
([63]) ولابن حبان «اجعلن رأسها ثلاثة قرون» قالت أم عطية: ضفرنا رأسها ناصيتها وقرنيها ثلاثة قرون، وألقيناه خلفها. وفي حديث أم سليم «واضفرن شعرها ثلاثة قرون» «وضفرنا» بضاد وفاء مخففة، وفيه استحباب ضفر شعر المرأة، وجعله ثلاثة قرون، وهي ناصيتها وقرناها، يعني جانبي رأسها، وتسمية الناصية قرنًا تغليب، وفيه استحباب جعل ضفائرها خلفها.
([64]) حصل الإنقاء بها، لم يزد عليها، وتقدم أن ذلك راجع إلى الغاسل.
([65]) وقال أبو الخطاب وغيره: يلجم المحل بالقطن، فإن لم يمتنع حشاه به، إذ الحشو يوسع المحل، فلا يفعل إلا عند الحاجة.
([66]) طين أبيض، لا رمل فيه، والحر الطيب، وخيار كل شيء.
([67]) ولو قبل السبع.
([68]) إجماعًا كالحي.
([69]) لتكون طهارته كاملة.
([70]) وفاقًا، سواء كان في السابعة أو قبلها.
وقال الموفق: لا نعلم فيه خلافًا، إذا كان الخارج يسيرًا، وظاهره لا فرق في الخارج أن يكون قليلاً أو كثيرًا، وعنه: من الكثير. وإن وضع على الكفن، ولم يلف، ثم خرج منه شيء، فقال ابن تميم: يعاد غسله.
([71]) لأنه يحتاج إلى إخراج وإعادة غسله، وتطييب أكفانه، وتجفيفها، أو إبدالها، فيتأخر دفنه، وهو خلاف السنة في تعجيله، ثم لا يؤمن بعد، ولا يحتاج إلى إعادة وضوئه، ولا غسل موضع النجاسة، دفعًا لهذه المشقة.
([72]) كأرحني، لقول الفضل للنبي صلى الله عليه وسلم: أرحني. وقول علي: طبت حيًا وميتًا.
([73]) نقله مهنا، وكحي والحمام هو المغتسل المشهور، وتقدم.


  #5  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 12:08 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

وَإِذَا أَخَذَ فِي غَسْلِهِ سَتَرَ عَوْرَتَهُ، وَجَرَّدَهُ، وَسَتَرَهُ عَن العُيُونِ،............
قوله: «وإذا أخذ في غسله ستر عورته» ، ابتدأ المؤلف بكيفية تغسيل الميت.
وقوله: «وإذا أخذ في غسله» لا يرضى النحويون بهذا التعبير من الفقهاء؛ لأن أخذ هنا من أفعال الشروع، ولا بد أن يكون خبرها جملة فعلها مضارع، وعلى هذا تكون العبارة على قاعدة النحويين: وإذا أخذ يغسله، ولكن عبارة الفقهاء ليس فيها خلل؛ لأن كل واحد يعرف أن معنى قوله: «وإذا أخذ في غسله» أي: إذا شرع في غسله.
وقوله: «في غسله» أي: في تغسيله.
وقوله: «ستر عورته» وجوباً وهذا فيمن له سبع سنين فأكثر. والعورة بالنسبة للرجل ما بين السرة والركبة، وكذلك بالنسبة للمرأة مع المرأة ما بين السرة والركبة، وعلى هذا فيجرد الميت من كل شيء إلا مما بين السرة والركبة إن كان رجلاً فهو بالنسبة للرجال، وإن كانت امرأة، بالنسبة للنساء.
فقول المؤلف: «عورته» يريد بها ما بين السرة والركبة.
قوله: «وجرَّده» ، أي: جرَّده من ثيابه فيستر عورته أولاً، ويلف عليها لفافة، ثم يجرده من ثيابه.
ودليل ذلك أثر، ونظر..
- أما الأثر: فقول الصحابة حين أرادوا تغسيل النبي صلّى الله عليه وسلّم: (هل نجرد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كما نجرد موتانا؟).
- وأما النظر: فلأن تجريده أبلغ في تطهيره، والمقام يقتضي التطهير، وكلما كان أكمل فيه كان أفضل.
قوله: «وستره عن العيون» ، أي: ينبغي أن يستره عن العيون، وهذا غير ستر العورة؛ لأن ستر العورة واجب، وهذا مستحب أي: ينبغي أن يغسله في مكان لا يراه الناس، إما في حجرة، أو في خيمة إن كان في بر وما أشبه ذلك؛ لأن ستر الميت عن العيون أولى من كشفه، فإن الميت قد يكون على حال مكروهة، فيكون ظهوره للناس نوعاً من الشماتة به، وأيضاً ربما يكون مفزعاً لمن يشاهده مروعاً له، لا سيما عند بعض الناس؛ لأن بعض الناس يرتاع جداً إذا شاهد الميت، فستره عن العيون أولى وأحفظ.

وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ مُعِينٍ فِي غَسْلِهِ حُضُورُهُ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى قُرْبِ جُلُوسِهِ، وَيَعْصِرُ بَطْنَهُ بِرِفْقٍ، وَيُكْثِرُ صَبَّ الْمَاءِ حِينئِذٍ،............
قوله: «ويكره لغير معين في غسله حضوره» .
«حضوره» نائب الفاعل أي: يكره أن يحضره شخص إلا من احتيج إليه لمعونته؛ وذلك لأنه ربما يكون في الميت شيء لا يحب أن يطلع عليه الناس، كالجروح، أو أن فيه عيباً من برص أو نحوه لا يحب أن يطلع عليه الناس.
وظاهر كلام المؤلف أنه لا يحضر ولو كان من أقاربه، مثل أن يكون أباه أو ابنه، أو ما أشبه ذلك، لأنه لا حاجة إليه.
وسبق أنه من حين أن يموت يوضع على سرير تغسيله، فلا يقال: هل نغسله على الأرض أو نقول: نغسله على السرير؟ لأن هذا مفهوم مما سبق.
قوله: «ثم يرفع رأسه إلى قرب جلوسه، ويعصر بطنه برفق، ويكثر صب الماء حينئذٍ» ، أي: بعد أن يجرده ويستر عورته يرفع رأسه إلى قرب الجلوس أي: رفعاً بيّناً، ويعصر بطنه برفق؛ لأجل أن يخرج منه ما كان متهيئاً للخروج؛ لأن الميت تسترخي كل أعصابه، فإذا رفع رأسه على هذا النحو، وعصر بطنه لكن برفق فإنه ربما يكون في بطنه شيء من القذر مُتهيئاً للخروج فيخرج، وربما لو تركنا هذا العمل فمع رجّ الميت عند حمله، وتقليبه في غسله، وتكفينه ربما يخرج هذا الشيء المتهيء للخروج، فلهذا قال الفقهاء -رحمهم الله-: ينبغي أن يرفع رأسه إلى قرب جلوسه ثم يعصر بطنه برفق، كما قال المؤلف.
أما الحامل فإنها لا يعصر بطنها؛ لئلا يسقط الجنين.
وقوله: «ويكثر صب الماء حينئذٍ» ، أي: حين يعصر البطن؛ لأجل إزالة ما يخرج من بطنه حينئذٍ.

ثُمَّ يَلُفُّ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً فَيُنَجّيهِ وَلاَ يَحِلُّ مَسُّ عَوْرَة مَنْ لَهُ سَبْعُ سِنِينَ. وَيُسْتَحَبُّ أَلاَّ يَمَسَّ سَائِرَه إِلاَّ بِخِرْقَةٍ، ثُمَّ يُوَضّئهُ نَدْباً،.............
قوله: «ثم يلف على يده خرقة فينجّيه» ، أي: أنه إذا فعل ما ذكر من رفع رأسه وعصر بطنه، وخرج ما كان مستعداً للخروج، يلف على يده خرقة، وإذا كان هناك قفازان كما هو الآن متوفر -ولله الحمد- فإنه يلبس قفازين، ثم ينجّيه أي: ينجّي الميت فيغسل فرجه مما خرج منه، ومما كان قد خرج قبل وفاته، ولكنه لم يستنج منه، فينجيه بها.
قوله: «ولا يحل مس عورة من له سبع سنين» ، أي: يجب أن يضع هذه الخرقة إذا كان الميت له سبع سنين فأكثر، فأما إذا كان دون ذلك فله أن ينجيه مباشرة؛ لأن ما دون سبع سنين عند الفقهاء ليس لعورته حكم، بل عورته مثل يده، ولهذا يجوز النظر إليها، ولا يحرم مسها، فإذا تم السبع فإنه لا ينجيه إلا بخرقة.
قوله: «ويستحب أن لا يمس سائره إلا بخرقة» ، هذه غير الخرقة الأولى، فالأولى واجبة إذا كان له سبع سنين فأكثر؛ لئلا يمس عورته، وهذه خرقة ثانية جديدة غير الأولى يضعها على يده؛ لأجل أن يكون ذلك أنقى للميت؛ لأنه إذا دلكه بالخرقة كان أنقى له مما لو دلكه بيده، فيستحب ألا يمس سائره إلا بخرقة، مع أن الميت الآن بالنسبة للانكشاف كل بدنه مكشوف إلا العورة.
قوله: «ثم يوضئه ندباً» .
ودليل ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم للنساء اللاتي يغسلن ابنته: ((ابدأن بميامنها، ومواضع الوضوء منها)).
وليس على سبيل الوجوب بدليل أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يغسل الرجل الذي وقصته ناقته بعرفة فمات، فقال: ((اغسلوه بماءٍ وسدر))، ولم يقل: وضئوه، فدل على أن الوضوء ليس على سبيل الوجوب، بل على سبيل الاستحباب.
ولو قال قائل: ألا يدل قوله صلّى الله عليه وسلّم: ((ابدأن بميامنها، ومواضع الوضوء منها)) على استحباب الوضوء؛ لأنه قرنه بالبدء بالميامن وهو مستحب؟ فنقول: لا يتم الاستدلال به على ذلك؛ لأن هذا من باب دلالة الاقتران وهي ضعيفة، بل الذي يصح دليلاً على الاستحباب: حديث الذي وقصته ناقته، وقد ذكرنا وجهه.

وَلاَ يُدْخِلُ المَاءَ فِي فِيهِ، وَلاَ فِي أَنْفِهِ، وَيُدْخِلُ إصْبَعَيْهِ مَبْلُوْلَتيْنِ بِالْمَاءِ بَيْنَ شَفَتَيْهِ فَيَمْسَحُ أَسْنَانَهُ،، وَفِي مِنْخَرَيهِ فَيُنَظِّفُهُمَا، وَلاَ يُدْخِلُهُمَا المَاءَ، ثُمَّ يَنْوِي غَسْلَهُ، وَيُسَمِّي،............
قوله: «ولا يدخل الماء في فيه ولا في أنفه» ، أي: لا يدخل الماء في فيه بدل المضمضة، ولا في أنفه بدلاً عن الاستنشاق؛ لأن الحي إذا أدخل الماء تمضمض به ومجّه وخرج، والميت لو صببنا الماء في فمه لانحدر لبطنه وربما يحرك ساكناً، وكذلك نقول في مسألة الاستنشاق: الميت لا يستنشق الماء، ولا يستطيع أن يستنثره، وحينئذٍ نقول: لا تدخل الماء في فمه ولا أنفه.
قوله: «ويدخل إصبعيه مبلولتين بالماء بين شفتيه فيمسح أسنانه، وفي منخريه فينظّفهما» ، وهذا يقوم مقام المضمضة، والاستنشاق.
وقوله: «يدخل إصبعيه» ، أي: ملفوفاً عليهما خرقة، وهي الخرقة التي كان يمس بشرته بها فيدخل إصبعيه في فمه ويمسح أسنانه، ويكون ذلك برفق، وكذلك يدخلهما في منخريه فينظّفهما برفق أيضاً.
قوله: «ولا يدخلهما الماء» ، لأنه لو أدخل فمه الماء نزل إلى بطنه، ولو أدخله إلى منخريه كذلك نزل إلى بطنه فيحرك ما كان ساكناً، ويغني عن ذلك ما ذكره المؤلف أن يجعل خرقة مبلولة فينظّف بها أنفه وأسنانه وبقية فمه.
قوله: «ثم ينوي غسله» ثم للترتيب، والنية بمعنى القصد.
وظاهر كلام المؤلف أن النية تكون بعد عمل ما سبق من الاستنجاء والتوضئة، ولكن هذا فيه نظر، بل النية تتقدم الفعل؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((نما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى))، ولعل هذه نية أخرى ينوي بها عموم الغسل؛ لأن ما سبق لا بد أن يكون بنية.
قوله: «ويسمّي» أي: يقول باسم الله، وهذا أيضاً فيه نظر؛ لأن التسمية تكون بعد الاستنجاء قبل أن يوضئه، كما هي الحال في طهارة الحي.

وَيَغْسِل بِرَغْوَةِ السِّدْرِ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ فَقَط. ثُمَّ يَغْسِلُ شِقَّهُ الأَْيْمَنَ، ثُمَّ الأَْيْسَرَ، ثُمَّ كُلَّهُ ثَلاَثاً، يُمِرُّ فِي كُلِّ مَرَّةٍ يَدَهُ عَلَى بَطْنِهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْقَ بِثَلاَثٍ زِيدَ حَتَّى يَنْقَى..........
قوله: «ويغسل برغوة السّدر رأسه ولحيته فقط» .
أفادنا المؤلف -رحمه الله- أنه لا بد أن يعد الغاسل سدراً يدقه ويضعه في إناء فيه ماء، ثم يضربه بيديه حتى يكون له رغوة، وهذه الرغوة يغسل بها رأسه ولحيته، وأما الثفل الباقي فإنه يغسل به سائر الجسد.
وإنما خُصّ الرأس واللحية بالرغوة؛ لأننا لو غسلناهما بالثفل لبقي الثفل متفرقاً في الشعور وصعب إخراجه منها، أما الرغوة فليس فيها ثفل.
وقوله: «ويغسل برغوة السدر رأسه ولحيته» .
إذا قال قائل: ما الدليل على استحباب السدر في تغسيل الميت؟
فالجواب: أن الدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: ((اغسلوه بماءٍ وسدر))، مع أنه محرِم.
قوله: «ثم يغسل شقه الأيمن، ثم الأيسر» ، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((ابدأن بميامنها))، فيغسل الشق الأيمن، ثم الأيسر.
قوله: «ثم كلّه ثلاثاً» لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم للنساء اللاتي يغسلن ابنته: ((اغسلنها ثلاثاً)) .
قوله: «يُمر في كل مرة يده على بطنه» ، من أجل أن يخرج ما كان متهيئاً للخروج، وعلى هذا فإنه يعصر بطنه أربع مرات، المرة الأولى التي قبل الاستنجاء عندما يرفع رأسه إلى قرب الجلوس، وثلاث مرات عند غسله.
قوله: «فإن لم ينق بثلاث زيد حتى ينقى» ، أي: إن لم ينق الميت بثلاث، فإنه يزيد حتى ينقى؛ لأن المقصود بذلك تطهيره، وعدم النقاء يكون في الغالب إذا كان الرجل صاحب حرفة بالطين والجبس، وما أشبه ذلك، أو كان مريضاً مرضاً طويلاً فإن الأوساخ تتراكم عليه، فإذا غسلوه ثلاث مرات ولم ينق فإنه يزاد حتى ينقى.
ودليل ذلك: قوله صلّى الله عليه وسلّم للنساء اللاتي يغسلن ابنته: ((اغسلنها ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك)) . وهذا يرجع إلى رأي الغاسل، ولكن ليس مجرد رأي وتشهٍّ، وإنما هو الرأي الذي تقتضيه المصلحة.
وضابط تخيير التشهي من تخيير المصلحة هو: أنه إذا كان المقصود التيسير على الفاعل، والأمر يعود له هو لا لغيره فهذا تخيير تشهٍّ. وإذا كان يعود إلى الغير فهو تخيير مصلحة.
مثال تخيير التشهي: قوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: 89] .
ومثال تخيير المصلحة: إذا قيل لولي اليتيم: بع مال اليتيم، أو ضارب به.

يَنْقَى وَلَوْ جَاوَزَ السَّبْعَ، وَيَجْعَل فِي الغَسْلَةِ الْأَخِيرَةِ كَافُوراً وَالْمَاءُ الحَارُّ، وَالإِشْنَانُ، والخِلاَلُ يُسْتَعْمَلُ إِذَا احْتِيجَ إِلَيْهِ............
قوله: «ولو جاوز السبع» أي: زاد عليها، وتعداها؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك))، ولأن المقصود من تغسيل الميت التطهير، وقد لا ينقى بسبع مرات، فيزاد حتى ينقى.
لكن ينبغي قطع الغسل على وتر، فلو نقى بأربع زاد خامسة؛ لأن هذا هو الذي ورد به الحديث.
قوله: «ويجعل في الغسلة الأخيرة كافوراً» ، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ((اجعلن في الغسلة الأخيرة كافوراً أو شيئاً من كافور))، والكافور: طيب معروف أبيض يشبه الشب يدق، ويجعل في الإناء الذي يغسل به آخر غسلة.
قال العلماء: وإنما اختير الكافور من بين سائر الأطياب لفائدتين:
1- أنه بارد.
2- أن من خصائصه أنه يطرد الهوام عن الميت؛ لأن الميت في القبر تأتيه الهوام، فرائحته تطرد الهوام عنه.
قوله: «والماء الحار والإشنان والخلال يستعمل إذا احتيج إليه» ، الأفضل: أن نغسل الميت بماء بارد، ولكن إذا احتجنا إلى الماء الحار، مثل: أن تكون عليه أوساخ كثيرة متراكمة فإننا نستعمله، ولكن ليس الحار الشديد الحرارة الذي يؤثر على الجلد برخاوة بالغة، ولكنه حار ليكون أنقى من البارد، ويسخن بأي وقود سواء بالكهرباء، أو بالغاز، أو بالحطب، أو بغير ذلك، وعند عوامنا يقولون: إنه لا يسخن الماء الذي يغسل به الميت إلا بسعف النخل فقط، وغير ذلك لا يسخن به، وهذا لا أصل له، بل يسخن بما تحصل به السخونة.
وقوله: «والإِشنان» والإشنان شجر معروف ينبت في البر يؤخذ وييبس ويدق، ويكون من جنس الرمل حبيبات تغسل به الثياب، ويغسل الإِنسان به جلده من أجل النظافة.
والإِشنان يستعمل عند الحاجة للتنظيف؛ لأنه قد يكون على الجلد أوساخ أو دهون لا يزيلها الماء وحده فيزيلها الإِشنان، فإن لم يحتج إليه فلا يستعمله.
وهل مثل ذلك الصابون؟
الجواب: نعم الصابون مثل الإِشنان، بل هو أقوى منه تنظيفاً، فإذا استعمل الصابون من أجل إزالة الوسخ، فلا حرج فيه.
وهل يستعمل مع الصابون ليفة؟
الجواب: لا؛ لأن الليفة تشطب الجلد، وربما هذا الذي يغسله من شدة الحرص على التنظيف يفركه بشدة فيتأثر الجلد، فيكفي أن يمسح باليد.
وقوله: «والخلال يستعمل إذا احتيج إليه» ، أي: خلال الأسنان، إذا كان بأسنانه طعام فإنه يستعمل؛ لأن في ذلك تنظيفاً لأسنانه.

وَيَقُصُّ شَارِبَه، وَيُقَلِّمُ أَظْفَارَه، وَلاَ يُسَرِّحُ شَعْرَهُ، ثُمَّ يُنَشَّفُ بِثَوْبٍ، وَيُضفَرُ شَعْرُهَا ثَلاثَةَ قُرُونٍ، وَيُسْدَلُ وَرَاءَهَا. ..............
قوله: «ويقص شاربه، ويقلّم أظفاره، ولا يسرح شعره، ثم ينشف بثوب» .
خصال الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط.
أما الختان: فلا يستعمل مع الميت، بل هو حرام؛ لأن الختان أخذ الجلدة، والجلدة جزء حي من الميت، فأخذها تمثيل بالميت ولا حاجة إليه؛ لأن الختان من حكمه أنه يطهر الإِنسان، ولهذا يسمى عندنا بالعامية «الطهار»، لكن إذا مات الإِنسان فلا حاجة له؛ ولهذا قال العلماء: «يحرم ختان الميت».
وأما الشارب والأظفار: فتؤخذ إذا طالت، فإذا كانت عادية، أو كان الميت أخذها عن قرب فإنها لا تؤخذ، بل تبقى على ما هي عليه.
وأما الإِبط: فكذلك، إن كثر فإنه يؤخذ، وإلا يبقى على ما هو عليه.
وأما العانة: إذا طالت وكثرت فإنها تؤخذ.
وقال بعض العلماء: إنها لا تؤخذ؛ لما في ذلك من كشف العورة بخلاف الإبط والأظفار، ولكن الأولى أن تؤخذ إذا كانت كثيرة، وكشف العورة هنا للحاجة.
وقوله: «ولا يسرح شعره» ، أي: أن الغاسل لا يسرح شعر الميت؛ لأن هذا يؤدي إلى تقطع الشعر بالتسريح والمشط.
وقوله: «ثم ينشف بثوب» ، أي: بعد أن يغسل يستحب أن ينشف؛ لأنه إذا بقي رطباً عند التكفين أثر ذلك في الكفن، فالأفضل أن ينشف بثوب.
وهذه الطهارة تخالف طهارة الحي من عدة وجوه:
منها: أن طهارة الحي لا تزيد عن ثلاث، وهذه تزيد إلى سبع أو أكثر.
ومنها: أن الأفضل في طهارة الميت التنشيف، وأما طهارة الحي فقيل: الأفضل عدم التنشيف، وقيل: إن التنشيف وعدمه سواء، وإنه مباح إن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل.
قوله: «ويضفر شعرها ثلاثة قرون، ويسدل وراءها» ، أي: يجعل شعر المرأة ضفائر ثلاثاً، ويسدل من ورائها.
ودليل ذلك: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم ((أمر النساء اللاتي يغسلن ابنته أن يضفرن شعرها ثلاثة قرون، ويسدلنه من ورائها)).
مسألة: ما حكم أسنان الذهب وغيرها مما ركبه الإنسان في حياته هل تدفن معه أم تخلع؟
الجواب: أما ما لا قيمة له فلا بأس أن يدفن معه كالأسنان من غير الذهب والفضة والأنف من غير الذهب، وأما ما كان له قيمة فإنه يؤخذ إلا إذا كان يخشى منه المُثلة، كما لو كان السن لو أخذناه صارت المُثلة فإنه يبقى معه. ثم إن شاء الورثة بعد أن يفنى الميت أن يحفروا القبر ويأخذوا الذهب فلهم ذلك.

وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيءٌ بَعْدَ سَبْعٍ حُشِيَ بِقُطنٍ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ فَبطِينٍ حُرٍّ، ثُمَّ يُغْسَلُ المَحلُّ، وَيُوَضَّأُ، وَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ تَكْفِينِهِ لَمْ يُعَدِ الغسْلُ.
قوله: «وإن خرج منه شيء بعد سبع حُشي بقطن» ، أي: خرج من الميت شيء من بول، أو غائط، أو دم، أو ما أشبه ذلك حُشي بقطن، أي سُد بالقطن من أجل أن يتوقف.
قوله: «فإن لم يستمسك فبطين حر» ، الطين الحر: الذي ليس مخلوطاً بالرمل أي: بطين قوي؛ لأن الطين القوي يسد الخارج، واختاروا الطين، لأنه أقرب إلى طبيعة الإنسان؛ حيث إن الإنسان خلق منه، وسيعاد إليه.
قوله: «ثم يغسل المحل ويوضأ» ، يغسل المحل أي: الذي أصابه ما خرج، فيغسل للتنظيف وإزالة النجاسة إن كان نجساً، ثم يوضأ.
قوله: «وإن خرج بعد تكفينه لم يعد الغسل» ، أي: إن خرج شيء بعد التكفين لم يعد الغسل؛ لأن في ذلك مشقة؛ إذ إننا لو أزلنا الكفن ثم نظفناه، ثم كفّناه مرة أخرى ربما يخرج شيء، وحينئذٍ يكون فيه مشقة، فإذا خرج بعد التكفين تركناه.
قال الفقهاء -رحمهم الله- وهو من اجتهادهم ـ: «إذا خرج قبل السبع وجب غسل المحل وإعادة الغسل، وإن خرج بعد السبع وجب غسل المحل والوضوء، وإن خرج بعد التكفين لم يجب غسل المحل ولا إعادة الوضوء» ، فله ثلاثة أحوال.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
صفة, غسل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir