دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 11:28 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

وَلاَ قِرَاءَةَ عَلَى مَأْمُومٍ ........
قوله: «ولا قراءة على مأموم» أي: لا يجب على المأموم أن يقرأَ مع الإِمامِ لا في صلاة السِّرِّ ولا في صلاة الجهرِ. وعلى هذا؛ فلو كَبَّر المأمومُ مع الإمامِ في أوَّلِ ركعة، وسكتَ حتى رَكَعَ الإمامُ، ثم تَابَعَ الإمامَ، وقامَ للرَّكعةِ الثانيةِ، وسكت حتى رَكَعَ الإمامُ، ثم في الثالثة والرابعة، قلنا له: إن صلاتَك صحيحةٌ؛ لأنَّه ليس على المأمومِ قراءةٌ لا فاتحةٌ ولا غير فاتحة.
والدليلُ: حديثُ: «مَنْ كان له إمامٌ فقراءةُ الإمامِ له قراءةٌ» ، وهذا عامٌّ يشمَلُ الصَّلاةَ السريةَ والصَّلاةَ الجهريةَ، وهو نصٌّ في أنَّ قِراءةَ الإمامِ قراءةٌ له.
ولكن؛ هذا الحديثُ لا يصحُّ عن النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم كما قال ابنُ كثير رحمه الله في «تفسيره»:«إنه رُويَ عن جابرٍ موقوفاً وهو أصَحُّ»، وقال الحافظُ ابنُ حَجَرٍ في «الفتح»:«إنه ضعيفٌ عند الحُفَّاظ»، وإذا كان ضعيفاً سَقَطَ الاستدلالُ به؛ لأنَّ صحَّةَ الاستدلالِ بالحديثِ لها شرطان:
الشرط الأول: صحَّةُ الحديثِ إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
الشرط الثاني : صحَّةُ الدلالةِ على الحُكمِ، فإنْ لم يصحَّ عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم فهو مرفوضٌ، وإن صحَّ ولم تصحَّ الدَّلالة فالاستدلالُ به مرفوضٌ.
ثم على تقديرِ صحَّته لا يدلُّ على أن المأمومَ لا قراءةَ عليه في السِّريَّةِ والجهريةِ وإنما يدلُّ على أنَّه لا قِراءةَ عليه في الصَّلاةِ الجهرية إذا سمعها من إمامه لأنَّ قولَه: «قِراءةُ الإمامِ له قِراءة» يدلُّ على أنَّ المأمومَ استمعَ إليها فاكتفى بها عن قِراءتِهِ، ولكن الحديثُ ضعيفٌ كما سَبَقَ، ولا يحلُّ لنا أن نُسنِدَ حكماً في شريعةِ الله إلى دليلٍ ضعيفٍ؛ لأنَّ هذا مِن القولِ على اللهِ بما نعلم أنه لا يصحُّ عن اللهِ، وليس بلا عِلْمٍ، بل أشدُّ؛ لأننا إذا أثبتنا حكماً في حديثٍ ضعيفٍ، فهذا أشدُّ مِن القولِ على اللهِ بلا عِلْمٍ لأنَّنا أثبتنا ما نعلمُ أنَّه لا يصحُّ.
والقولُ الرَّاجحُ في هذه المسألةِ: أنَّ المأمومَ يجبُ عليه قراءةُ الفاتحةِ، وذلك لعمومِ قولِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا صلاةَ لمَنْ لم يقرأْ بفاتِحةِ الكتابِ» .
ومَنْ: اسم موصول، واسم الموصول يفيد العموم أي: أيَّ إنسانٍ لم يقرأ الفاتحة، فلا صلاة له سواء أكان مأموماً، أم إماماً، أم منفرداً، ولا يصحُّ أنْ يُحملَ هذا النَّفيُ على نفيِ الكمالِ لأنَّ الأصل نفيُ الصِّحةِ والإجزاءِ، لا نفيَ الكمالِ إلا بدليلٍ ولا دليل هنا على خروجهِ عن الأصلِ.
فإن قال قائلٌ: هذا الحديثُ عامٌّ، ولدينا حديثٌ عامٌّ وآيةٌ في القرآن وهي قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] والحديثُ قولُ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم في الإِمامِ: «إذا قرأ فأنصِتُوا» يدلُّ على عمومِ الإنصاتِ سواءٌ عن الفاتحةِ أو غيرِها؟
فالجواب : نقول: هذا صحيحٌ، وأنَّه عامٌّ في الفاتحةِ وغيرِها، وأنَّ المأمومَ إذا قرأَ الإمامُ فإنَّه ينصتُ، ولكن هذا العمومُ مقيَّدٌ بعموم: «لا صلاةَ لمَنْ لم يقرأ بفاتحةِ الكتابِ» حيث قالَه النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بعدَ أنْ انفتلَ مِن صلاةِ الفجرِ؛ حينما قرأ في صلاةِ الفجرِ، وثَقُلت عليه القراءةُ، فلما انصرفَ قال: «لعلَّكم تقرأون خلفَ إمامكم؟ قالوا: إي والله، قال: لا تفعلوا إلا بأُمِّ القرآن، فإنه لا صلاةَ لمَن لم يقرأ بها» وهذا نصٌّ صريحٌ في الصلاةِ الجهريةِ، لأنَّ صلاةَ الفجرِ صلاةٌ جهريةٌ. وعلى هذا؛ فتكون قراءةُ الفاتحةِ في الصلاةِ مستثناةٌ مِن قوله: {وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] لأنَّ هذا عامٌّ والعامُ يدخله التَّخصيصُ، وكذلك قولُ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «وإذا قَرأَ فأنصِتُوا» وهذا هو المشهور مِن مذهبِ الإمامِ الشافعي رحمه الله، قال ابنُ مفلح تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية: «وهو أظهر» أي: أن وجوبَ قِراءةِ الفاتحةِ على المأمومِ حتى في الصَّلاةِ الجهريَّةِ أظهرُ، وصَدَقَ، فإنَّه أظهرُ مِن القولِ بعدمِ وجوبِ القِراءةِ على المأمومِ مطلقاً، أو في الصَّلاةِ الجهرية، فهذان قولان متقابلان، فالأقوال كما يلي:
القول الأول: أنه لا قِراءةَ على المأموم مطلقاً، وأنَّ المأمومَ لو وَقَفَ ساكتاً في كلِّ الركعات فصلاتُه صحيحةٌ، وهذا قول ضعيفٌ جداً.
القول الثاني : وجوبها على المأمومِ في كلِّ الصلواتِ السريةِ والجهريَّةِ، وهذا مقابلٌ للقولِ الأولِ.
والقول الثالث : أنها تجبُ على المأمومِ في الصَّلاةِ السريَّةِ دون الجهرية، لأنَّ الجهريَّةَ إذا قرأ فيها الإمامُ فقراءتُه قراءةٌ للمأمومِ، والدليلُ على أن قراءتَه قراءة للمأموم: أنَّ المأموم يؤمِّنُ على قراءتِه، فإذا قال: «ولا الضالين» قال: «آمين» ، ولولا أنَّها قِراءةٌ له لم يصحَّ أن يؤمِّنَ عليها؛ لأنَّ المؤمِّنَ على الدُّعاءِ كفاعلِ الدُّعاءِ: بدليلِ أنَّ موسى عليه الصَّلاة والسَّلام لما قال: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ *قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} [يونس: 88 ـ 89] والدَّاعي موسى بنصِّ الآيةِ، فكيف جاءتْ التثنيةُ؟ قالَ العلماءُ: لأنَّ موسى يدعو وهارون يؤمِّنُ؛ فَنَسَب اللهُ الدَّعوةَ إليهما مع أنَّ الدَّاعي واحد، لكن لما كان الثاني مُنْصِتاً له مؤمِّناً على دُعائِهِ صارت الدَّعوةُ دعوةً له. وحينئذٍ نقول: إذا قرأ الإمامُ الفاتحةَ وأنتَ مُنْصِتٌ له وأمَّنتَ عليه فكأنَّك قارىءٌ لها، وحينئذٍ لا تجبُ القراءةُ على المأمومِ في الصَّلاةِ الجهريَّةِ إذا سَمِعَ قراءةَ الإمامِ للفاتحةِ، وهذا القولُ اختيارُ شيخِ الإسلامِ ابن تيمية رحمه الله.
واستدلَّ بعمومِ حديثِ أبي هريرة أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم انصرفَ ذات يومٍ مِن صلاةٍ جَهَر فيها بالقراءةِ، فقال: ما لي أُنازعُ القرآن؟ قال: فانتهى النَّاسُ عن القِراءةِ فيما يجهرُ فيه الرَّسولُ صلّى الله عليه وسلّم قال: وهذا عامٌّ.
واستدلَّ أيضاً: بأن المعنى يقتضي ذلك، إذ كيف نقولُ للمأمومِ اقرأْ؛ وإمامُه يقرأُ؟ فيكون جَهْرُ الإمامِ في هذه الحالِ عَبَثاً لا فائدةَ منه؛ لأنَّ الفائدةَ مِن جَهْر الإمامِ هو أنْ يستمعَ المأمومُ إليه ويتابعَه، وبهذا تتحقَّقُ المتابعةُ التامةُ، ولكن «إذا جاءَ نَهْرُ اللهِ بَطَلَ نَهْرُ مَعقِلٍ» كما يقول المَثَلُ، فإذا كان النَّبيُّ عليه الصَّلاة والسلامُ انصرفَ مِن صلاةِ الفجرِ وهي صلاةٌ جهريةٌ ونهاهم أنْ يقرؤوا خَلفَ الإمامِ إلا بأُمِّ القرآنِ، فلا قولَ لأحدٍ بعدَ رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم.
وإلا؛ فلا شكَّ أنَّ القولَ الذي فيه التفصيلُ له وجهةُ نَظَرٍ قويةٌ مِن حيث الدليلُ النظريُّ. لكن لا يستطيعُ الإنسانُ أن يقولَ بخلافِ ما دلَّ عليه حديثُ عُبادةَ بنِ الصَّامتِ، وعليه أن يتهمَ رأيَه في التَّصرفِ بالأدلَّة.
وعلى هذا؛ فالقولُ الرَّاجحُ في هذه المسألة: وجوبُ قراءةِ الفاتحةِ على المأمومِ في الصَّلاةِ السِّريَّةِ والجهريَّةِ، ولا تسقطُ إلا إذا أدركَ الإمامَ راكعاً، أو أدركَه قائماً، ولم يدرك أنْ يكملَ الفاتحةَ حتى رَكَعَ الإمامُ، ففي هذه الحالِ تسَقطُ عنه.
مسألة : سَبَق إذا أدركَ الإمامَ راكعاً فإنَّ الماتنَ صَرَّحَ بأنه يكبِّرُ للإحرام؛ وتجزئُه عن تكبيرةِ الرُّكوع، وأنه لو كَبَّرَ للرُّكوعِ لكان أفضلَ، لكن إذا أدركَهُ في غيرِ الرُّكوعِ، مثل أنْ يدركَ الإمامَ وهو جالسٌ، أو يدركِهُ بعدَ الرَّفْعِ مِن الرُّكوعِ، أو يدرِكَهُ وهو ساجدٌ فهنا يُكبِّرُ للإحرامِ، لكن هل يُكبِّرُ مرَّةً ثانية أو لا يُكبِّرُ؟
الجواب : هذا موضعُ خِلافٍ بين العلماءِ:
القول الأول : أنه يَنحطُّ بلا تكبير.
القول الثاني : أنه يَنحطُّ بتكبيرٍ.
فالذين قالوا يَنحطُّ بتكبيرٍ علَّلوا: بأنَّ هذا كما لو أدركتَ الرُّكوعَ. وإذا أدركتَ الرُّكوعَ تُكبِّرُ مرَّةً للإحرامِ ومرَّةً للرُّكوعِ، إذن؛ إذا أدركتَه جالساً فكبِّرْ للإحرامِ ثم كَبِّرْ للجلوسِ.
والذين قالوا: ينحطُّ بلا تكبير قالوا: لأنَّ انتقالَكَ مِن القيامِ إلى الرُّكوعِ انتقالٌ مِن رُكْنٍ إلى الذي يليَه فهو انتقالٌ في موضِعِهِ، لكن إذا دخلتَ مع الإمامِ وهو جالسٌ فإنَّ انتقالَك مِن القيامِ إلى الجلوسِ انتقالٌ إلى رُكْنٍ لا يليه، فلمَّا كان انتقالاً إلى رُكْنٍ لا يليَه، فلا تكبيرَ هنا؛ لأنَّ التكبيرَ إنَّما يكون في الانتقالِ مِن الرُّكْنِ إلى الرُّكْنِ الذي يليَه، وهنا الرُّكْنُ لا يليه، فلا يكبِّر، وهذا هو المشهورُ عند الفقهاءِ رحمهم الله: أنَّه ينحطُّ بلا تكبيرٍ.
ولكن مع هذا نقولُ: لو كَبَّرَ الإنسانُ فلا حَرَجَ، وإن تَرَكَ فلا حَرَجَ ونجعلُ الخِيَارَ للإنسانِ؛ لأنه ليس هناك دليلٌ واضحٌ للتَّفريقِ بين الرُّكوعِ وغيرِه، إذ مِن الجائزِ أن يقولَ قائلٌ: إنَّ القعودَ لا يلي القيامَ، لكن الذي جعلني أَقْعُدُ هو اتِّباعُ الإمامِ، فأنا الآن انتقلتُ إلى رُكْنٍ مأمورٌ بالانتقالِ إليه ولكن تبعاً للإمام لا باعتبارِ الأصلِ، وهذا لا شكَّ بأنه يؤيِّدُ القولَ بأنَّه يكبِّرُ فالذي نَرى في هذه المسألةِ أنَّ الاحتياطَ أن يكبِّرَ.

وَيُسْتَحَبُّ فِي إِسْرَارِ إِمَامِهِ وَسُكُوتِهِ،...........
قوله: «ويستحب في إسرار إمامه وسكوته» أي: يُستحبُّ للمأمومِ قراءةُ الفاتحةِ وغيرِها. «في إسرارِ إمامِهِ» وهذا في الصَّلاةِ السِّريَّةِ.
«وسكوته» وهذا في الصَّلاة الجَهريَّةِ.
فما هي السكتاتُ في الصَّلاةِ الجهرية.
الجواب : السَّكتاتُ: قبلَ الفاتحةِ في الرَّكعةِ الأُولى، وبينها وبين قراءة السُّورةِ في الرَّكعةِ الأُولى والثانية، وقبلَ الرُّكوعِ قليلاً في الرَّكعة الأُولى والثانية. فإذا سَكَتَ الإمامَ في هذه المواضع؛ فإنَّه يقرأُ استحباباً لا وجوباً، وإذا سَكَتَ لعارضٍ، مثل: أن يُصابَ بسُعَالٍ أو عُطَاسٍ، يقرأ: لأنَّ الإمامَ لا يقرأُ.
وقال: «في إسرار إمامه وسكوته» بناءً على الغالبِ، وقد يُقالُ: إنَّ قوله: «وسكوته» يشمَلُ ما إذا سَكَتَ اختياراً أو اضطراراً.
«تنبيه» قولنا: يستحبُّ للمأمومِ قراءةُ الفاتحةِ وغيرِها، مبنيٌّ على كلامِ المؤلِّفِ، وقد سَبَقَ أنَّ قِراءةَ الفاتحةِ على المأمومِ رُكْنٌ لا بُدَّ منه فيقرؤها ولو كان الإمامُ يقرأ.

وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْهُ لِبُعْد لاَ لِطَرَشٍ، وَيَسْتَفتحُ وَيَسْتَعِيذُ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ إِمَامُهُ ........
قوله: «وإذا لم يسمعه لبعد» أي: ويستحبُّ أنْ يقرأَ إِذا لم يسمعْ الإمامَ لبُعْدٍ مثل: أن يكون المسجدُ كبيراً، وليس هناك مُكَبِّرُ صوتٍ فيقرأ المأمومُ إذا لم يسمعْ قراءةَ الإمامِ حتى غيرَ الفاتحةِ، ولا يسكتُ؛ لأنَّه ليس في الصَّلاةِ سكوتٌ.
قوله: «لا لطرش» الطَّرشُ: الصَّممُ، أي: لا إنْ كان لا يسمعُ لصَمَمٍ، لأنَّه إذا قرأ لصَمَمٍ غالباً أشغل الذي حولَه عن استماعِه لقراءةِ إمامِهِ، أما إذا كان لبُعدٍ فإنَّ جميعَ المصلِّين سوف يقرؤون، ولا يحصُلُ به تشويشٌ. وأيضاً: إذا لم يسمْعُه لضجَّةَ كما لو كان حولَ المسجدِ «ورش» تشتغلُ فإنَّهُ يقرأُ، لأنَّ هذا المانعُ مِن السَّماعِ عامٌّ، ليس خاصًّا به، فهو كما لو كان المانعُ البُعْدُ.
والحاصل : أنه إذا لم يسمعْ لمانعٍ خاصٍّ به وهو الصَّمَمُ؛ فإنَّه لا يقرأُ، اللَّهُمَّ إلا لو قُدِّرَ ـ ولا حول ولا قوة إلا بالله ـ أنَّ كُلَّ المأمومين طُرْشٌ، فحينئذٍ يقرأُ؛ لأنَّه في هذه الحالِ لن يُشوِّشَ على أحدٍ.
وإن كان لا يسمع الإمام لمانع عامٍّ كالبعد والضجَّة فإنه يقرأ.
قوله: «ويستفتح ويستعيذ فيما يجهر فيه إمامه» أي: أنَّ المأمومَ يقرأْ الاستفتاحَ، ويقرأُ التعوُّذَ فيما يجهرُ فيه الإمامُ، وظاهرُ كلامِهِ رحمه الله: أنه يفعلُ ذلك، وإنْ كان يسمعُ قِراءةَ الإمامِ، وهذا اختيارُ بعضِ أهلِ العِلْم. قالوا: لأنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم إنما نَهَى عن القِراءةِ فيما يجهرُ فيه الإمامُ بالقرآنِ. والاستفتاحُ والتعوذُ ليس بقراءةٍ. ولكن هذا القولُ فيه نَظَرٌ ظاهرٌ، لأنَّ الرسولَ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا قرأَ فأنِصتُوا» وهذا عامٌّ، ولأنَّه إذا أُمِرَ بالإِنصاتِ لقراءةِ الإِمامِ حتى عن قراءة القرآن، فالذِّكْرُ الذي ليس بقرآن مِن بابِ أَولى، لأننا نعلمُ أنَّ الشارعَ إنما نَهَى عن القراءةِ في حالِ قراءةِ الإمامِ مِن أجلِ الإِنصاتِ، كما قال الله تعالى: {وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] .
فالصَّوابُ في هذه المسألةِ : أنَّه لا يستفتحُ ولا يستعيذُ فيما يجهرُ فيه الإمامُ، ولهذا قال في «الرَّوضِ» وغيرِه: «ما لم يسمعْ قِراءةَ إمامِهِ» فإذا سَمِعَ قراءةَ إمامِهِ؛ فإنَّه يسكتُ لا يستفتحُ ولا يَستعيذُ. وعلى هذا؛ فإذا دخلتَ مع إمامٍ وقد انتهى مِن قراءةِ الفاتحةِ، وهو يقرأُ السُّورةَ التي بعدَ الفاتحةِ، فإنَّه يسقطُ عنك الاستفتاحُ، وتقرأُ الفاتحةَ على القولِ الرَّاجحِ وتتعوَّذُ؛ لأنَّ التعوّذَ تابعٌ للقِراءةِ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المأموم, قراءة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:16 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir