فَصْلٌ
(وإنْ قالَ) لِزَوْجَتِهِ: (أنتِ عليَّ حَرَامٌ، أو كَظَهْرِ أُمِّي، فهو ظِهَارٌ، ولو نَوَى بهِ الطلاقَ)؛ لأنَّه صريحٌ في تَحْرِيمِها، (وكذلكَ: ما أَحَلَّ اللهُ عَلَيَّ حرامٌ)، أو: الحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ، وإنْ قالَه لِمُحَرَّمَةٍ بِحَيْضٍ أو نحوِهِ, ونَوَى أنَّها مُحَرَّمَةٌ بهِ, فلَغْوٌ، (وإنْ قالَ: ما أَحَلَّ اللهُ عَلَيَّ حرامٌ. أعني بهِ الطلاقَ. طَلَقَتْ ثلاثاً)؛ لأنَّ الألفَ واللامَ للاستغراقِ؛ لعدمِ معهودٍ يُحْمَلُ عليهِ، (وإنْ قالَ: أَعْنِي بهِ طلاقاً. فواحدةٌ) لعدمِ ما يَدُلُّ على الاستغراقِ، (وإنْ قالَ): زَوْجَتُه (كالمَيْتَةِ والدمِ والخِنْزِيرِ. وَقَعَ ما نَوَاهُ من طلاقٍ وظِهارٍ ويَمِينٍ), بأنْ يُرِيدَ تَرْكَ وَطْئِهَا، لا تَحْرِيمَها ولا طَلاَقَهَا، فتكونُ يَمِيناً فيها الكفَّارَةُ بالحِنْثِ، (وإنْ لَمْ يَنْوِ شَيئاً) من هذهِ الثلاثةِ (فظِهَارٌ؛ لأنَّ معناهُ: أنتِ عَلَيَّ حرامٌ كالمَيْتَةِ والدمِ. (وإنْ قالَ: حَلَفْتُ بالطلاقِ. وكَذَّبَ)؛ لكونِه لم يَكُنْ حَلَفَ به, (لَزِمَه) الطلاقُ (حُكْماً)؛ مُؤَاخَذَةً له بإقرارِهِ، ويَدِينُ فيما بَيْنَه وبينَ اللهِ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى.
(وإنْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ: (أَمْرُكِ بِيَدِكِ. مَلَكَتْ ثَلاثاً، ولو نَوَى واحدةً)؛ لأنَّه كنايةٌ ظاهرةٌ، ورُوِيَ ذلكَ عن عثمانَ وعليٍّ وابنِ عمرَ وابنِ عَبَّاسٍ، (وَيَتَرَاخَى), فلها أنْ تُطَلِّقَ نَفْسَها متَى شَاءَتْ ما لم يَجِدْ لها حَدًّا، أو (ما لم يَطَأْ أو يُطَلِّقْ أو يَفْسَخْ) ما جَعَلَه لها، أو تَرُدُّ هي؛ لأنَّ ذلكَ يُبْطِلُ الوَكالةَ، (ويَخْتَصُّ) قولُه لها: (اخْتَارِي نفسَكِ. بواحدةٍ, وبالمجلِسِ المُتَّصِلِ ما لم يُزِدْها فيهما), بأنْ يَقولَ لها: اختاري نَفْسَكِ متَى شِئْتِ، أو: أيَّ عَدَدٍ شِئْتِ. فيكونُ على ما قالَ؛ لأنَّ الحقَّ له، وقد وَكَّلَهَا فيهِ, ووكيلُ كلِّ إنسانٍ يَقومُ مَقامَه، واحْتَرَزَ بالمتَّصِلِ عمَّا لو تَشَاغَلاَ بقاطعٍ قبلَ اختيارِها، فيَبْطُلُ بهِ.
وصِفَةُ اختيارِها: اخْتَرْتُ نفسِي أو أَبَوَيَّ أو الأزواجَ. فإنْ قالَتْ: اخْتَرْتُ زَوْجِي, أو: اخْتَرْتُ فقطْ, لم يَقَعْ شيءٌ، (فإنْ رَدَّتِ) الزوجةُ (أو وَطِئَ) ها (أو طَلَّقَ) ها (أو فَسَخَ) خِيَارَها قبلَه, (بَطَلَ خِيَارُها) كسائرِ الوَكالاتِ، ومَن طَلَّقَ في قلبِه, لم يَقَعْ، وإنْ تَلَفَّظَ بهِ أو حَرَّكَ لِسَانَه, وَقَعَ، ومُمَيِّزٌ ومُمَيِّزَةٌ يَعْقِلاَنِه كبالِغَيْنِ فيما تَقَدَّمَ.