ولا يَجوزُ لوَاهبٍ أن يَرْجِعَ في هِبَتِه اللازمةِ إلا الأبَ ، وله أن يَأْخُذَ ويَتَمَلَّكَ مِن مَالِ وَلَدِه مَا لَا يَضُرُّه وَلَا يَحتاجُه ، فإن تَصَرَّفَ في مالِه ولو فيما وَهَبَه له ببيعٍ أو عِتقٍ أو إبراءٍ أو أَرادَ أَخْذَه قَبلَ رُجوعِه ، أو تَمَلَّكَه بقولٍ أو نِيَّةٍ وقَبْضٍ مُعْتَبَرٍ لم يَصِحَّ بل بَعْدَه ، وليس للولَدِ مُطالَبَةُ أبيه بدَيْنٍ ونحوِه إلا بنَفَقَتِه الواجبةِ عليه فإنَّ له مُطالَبَتَه بها وحَبْسَه عليها.
(1) أي : إذا مات الواهب قبل التسوية برجوع أو زيادة ثبتت العطية فليس للورثة الرجوع على المعطي .
(2) أي : المقبوضة لحديث ابن عباس مرفوعاً : ( العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه ) متفق عليه .
(3) فله الرجوع مطلقاً قصد التسوية أو لا لقوله صلى الله عليه وسلم ((لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده ))رواه الخمسة وصححه الترمذي لكن يشترط لجواز رجوع الأب وصحته أربعة شروط ؛ الأول : أن يكون ما وهبه عيناً باقية في ملك الولد . الثاني : أن تكون العين الموهوبة باقية في تصرف الولد ، فإن رهنها أوحجر عليه لفلس فليس لوالده الرجوع . الثالث : أن لا تزيد العين الموهوبة زيادة متصلةكالسمن والكبر وتعلم صنعة .الرابع : أن لا يكون الأب قد أسقط حقه من الرجوع .
(4) لحديث عائشة مرفوعاً : ( إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم ) رواه سعيد والترمذي وحسنه . ولحديث : ((أنت ومالك لأبيك )) رواه ابن ماجه . وليس للوالد أن يأخذ من مال ولده ما يضر به أو يحتاجه لحديث: (( لا ضرر ولا ضرار )) ,
(5) أي : تصرف الوالد في مال الولد قبل تملكه وقبضه لم يصح تصرفه .
(6) أي : لولده وأقبضه إياه فحكمه حكم مال الولد لا يصح تصرفه فيه قبل تملكه وقبضه .
(7) أي : إبراء غريم ولده من دينه لم تصح كل هذه التصرفات ؛ لأن ملك الولد على مال نفسه تام فلا يصح تصرف الوالد فيه قبل تملكه وقبضه ؛ لأنه حينئذ تصرف غيرشرعي .
(8) أي : أراد الوالد من الكتاب أخذ ما وهبه لولده قبل رجوعه فيه بالقول :كرجعت فيها لم يصح التصرف ؛ لأن الرجوع لا يحصل بالقبض مع النية ، وإنما يحصل بالقول .
(9) أي : أراد الوالد أخذ مال ولده قبل تملكه بقول أو نية وقبض معتبر لم يصح تصرفه ؛ لأنه لا يملكه إلا بالقبض مع القول أو النية فلا ينفذ تصرفه فيه قبل ذلك .
(10) أي : بل يصح تصرفه في مال ولده بعد القبض المعتبر مع القول أو النية لصيرورته ملكًا له بذلك .
(11) لأنه جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأبيه يقتضيه ديناً عليه فقال : ((أنت ومالك لأبيك )) رواه الخلال ؛ أي : إلا بنفقة الولد الواجبة على أبيه لفقر الولد وعجزه عنالتكسب لضرورة فللولد مطالبة أبيه ﺑﻬا ، والمطالبة بحبسه عليها إن لم يؤدها لضرورة حفظ النفس .
فائدة : تحصل مما سبق أن للأب الأخذ من مال ولده بستة شروط :
الأول : أن يكون فاضلاً عن حاجة الولد .
الثاني : أن لا يعطي ما أخذه لولد آخر .
الثالث : أن لا يكون ذلك في مرض موت أحدهما .
الرابع : أن لا يكون الأب كافراًوالابن مسلماً .
الخامس : أن يكون ما أخذه الأب عيناً موجوده لا ديناً .
السادس : أن يكون تملكه بقبض مع قول أو نية .