دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الحدود

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #5  
قديم 11 ربيع الثاني 1432هـ/16-03-2011م, 03:47 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله


وَإِذَا وَجَبَ الْقَطْعُ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى مِنْ مَفْصِلِ الْكَفِّ وَحُسِمَتْ..
قال: «وَإِذَا وَجَبَ القَطْعُ» أي: ثَبَتَ، ويحتمل أن المعنى إذا وجب شرعاً؛ لأن قطع يد السارق واجب؛ لقوله تعالى: {{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا}} [المائدة: 38] ، وهكذا جميع الحدود يجب إقامتها على كل أحد، على الشريف، والوضيع، والغني، والفقير، فكلمة «وجب» يحتمل أن يراد بها الوجوب الشرعي، أو الوجوب اللغوي، والوجوب اللغوي معناه ثبت، والشرعي بمعنى لزم، فإذا وجب القطع وذلك بعد تمام الشروط السابقة وهي ستة، بالإضافة إلى الشروط العامة لإقامة الحدود، قال:
«قُطِعَتْ يَدُهُ اليُمْنَى» لقوله تعالى: {{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا}}، وقد فسر هذا الإجمال القراءة الثانية: {فاقطعوا أيمانهما}[(195)]، وكذلك السنة فسرت ذلك[(196)].
قوله: «مِنْ مَفْصِلِ الكَفِّ» أي: دون الذراع، وإنما وجب قطعها من هنا لا إلى المرفق؛ لأن الله تعالى أطلق ولم يقيد، واليد عند الإطلاق تحمل على الكف، بدليل قوله تعالى في آية التيمم: {{فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}} [المائدة: 6] ، وقد ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أن التيمم خاص بالكف[(197)]، وعلى هذا فيكون المراد بالأيدي في الآية الكف فقط.
وكيفية ذلك أنه يؤتى برجل قوي فيربط يد السارق بحبل بقوة ويسحبها حتى يتبين المفصل؛ لأن المفصل متداخل بعضه ببعض، فلا بد أن تفصل الكف عن الذراع حتى يقصها من المفصل؛ لأنه لو قصها هكذا تداخل بعضها ببعض.
قوله: «وَحُسِمَتْ» الحسم في اللغة القطع، والمراد حسم الدم ـ أي: قطعه ـ وذلك بأن يغلى زيت، أو دهن، أو نحوهما، ثم تغمس فيه وهو يغلي، فإذا غمست فيه وهو يغلي تسددت أفواه العروق، وإنما وجب حسمها؛ لأنها لو تركت لنزف الدم ومات، والحد لا يراد به موته وإتلافه، إنما يراد به تأديبه.
والحكمة من قطعها دون سائر الأعضاء هو أنه لما كانت اليد هي آلة الأخذ في الغالب صار القطع خاصاً بها؛ ولهذا اختص باليمين دون اليسار؛ لأنها هي التي يؤخذ بها غالباً، حتى لو فُرض أنه أعسر لا يعمل إلا باليد اليسرى.
وقد اعترض بعض الزنادقة على الشرع، وقال: كيف تقطع اليد اليمنى في ربع دينار، وإذا قطعها الجاني فإن ديتها خمسمائة دينار؟!
يَدٌ بخمس مئين عَسْجَدٍ وُدِيت *** ما بالها قطعت في ربع دينار
تناقض ما لنا إلا السكوت له *** ونستجير بمولانا من النار
وأجابه بعض العلماء بأنها قطعت في ربع دينار حماية للأموال، وكانت ديتها خمسمائة دينار حماية للنفوس والدماء.
حماية النفس أغلاها وأرخصها *** حماية المال فافهم حكمة الباري
وقال بعضهم وهو تعبير أدبي: لما خانت هانت، ولما كانت أمينة كانت ثمينة.
مسألة: هل يجوز رد اليد بعد قطعها؟ لا يجوز؛ لأن هذا خلاف مقصود الشارع، فليس مقصود الشارع الإيلام فقط حتى نقول: إنه حصل بقطعها، وإنما مقصود الشارع أن يبقى، وليس له يد.
فإن عاد فسرق فقال بعض العلماء: لا يقطع منه شيء، وإنما يحبس ويؤدب، وقال بعضهم: تقطع رجله اليسرى من مفصل العقب، فإن عاد فسرق تقطع يده اليسرى، فإن عاد فسرق قطعت رجله اليمنى، فإن عاد فسرق قال بعضهم: يقتل.
فإن قيل: إن قطعت أربعته فبماذا يسرق؟!
فالجواب: يمكن أن يسرق بفمه، كأن يحمل الكيس الذي فيه الذهب ويعض عليه بأسنانه ويمشي.



[195] أخرجه البيهقي (8/270)، وانظر: التلخيص الحبير (4/71) وخلاصة البدر المنير (2/317).
[196] لم نقف عليه مرفوعاً، ولكن روي عن أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ أنهما قالا: «إذا سرق السارق فاقطعوا يمينه من الكوع» ذكره في المغني (9/106) قال في التلخيص: «لم أجده عنهما» (4/71)، وانظر: الإرواء (8/81).
[197] رواه البخاري في التيمم باب المتيمم هل ينفخ فيهما؟ (338)، ومسلم في الحيض باب التيمم (368) عن عمار بن ياسر ـ رضي الله عنهما ـ.

 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القطع, صفة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:33 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir