(1) هذا أبو بكرٍ البَاقِلاَّنِيُّ، ماتَ سنةَ أربعِمائةٍ وثلاثةٍ في أوَّلِ القَرْنِ الخامِسِ.
(2) والمعنى في هذا: أنَّ صفاتِه كلَّها جلَّ وعلا يُبَايِنُ فيها المخلوقينَ، فلا يَلْزَمُ من إثباتِها أنْ يكونَ مُشَابِهاً للمخلوقينَ، فكما لا يَلْزَمُ في ذاتِه، ولا في سمعِه، ولا في بصرِه، فكذلك لا يَلْزَمُ في يَدِهِ، ولا في إِصْبِعِه، ولا في قَدَمِه، ولا في سائِرِ صِفاتِه، كلُّها بابُها واحدٌ؛ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}، {فَلاَ تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ} البابُ واحدٌ، يَجِبُ أنْ تُمَرَّ كلُّها كما جاءَتْ، معَ الإيمانِ القاطعِ الجازمِ بأنَّها تَلِيقُ به سبحانه، وأنَّه لا يُشَابِهُ فيها خَلْقَه. هكذا قالَ أهلُ السنَّةِ والجماعةِ في جميعِ أسمائِه وصفاتِه سبحانه وتعالى.
(3) يُشِيرُ بهذا إلى أنَّه يُدْعى مِن أعلى سبحانه وتعالى.
(4) وهذا هو الحقيقةُ، إنَّما يُذْكَرُ كَلاَمُهم للردِّ على الخُصُومِ، وإلا فالمسلمونَ وأهلُ السنَّةِ مُسْتَغْنُونَ بكلامِ اللَّهِ وكلامِ رسولِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكلامِ أصحابِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن كلِّ كلامٍ، ولكِنْ يُذْكَرُ كلامُ أهلِ العلمِ مِن بابِ الاستشهادِ والردِّ على الخُصُومِ، وأنَّ هؤلاءِ العلماءَ تَلَقَّوُا الكِتَابَ والسنَّةَ كما جاءَتْ، وآمَنُوا بها وصَدَّقُوا بها وانْقَادُوا لها، وهم حُجَّةٌ على مَن سِوَاهُم.