مجلس مذاكرة القسم السابع من تفسير سورة النساء (من الآية 74 إلى الآية 87)
المجموعة الأولى:
س1. أجب عما يلي من خلال دراستك لتفسير قول الله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا (75)}
أ. ما معنى الاستفهام وغرضه؟
الاستفهام في الآية إنكاري, والمعنى: أي شيء موجود أو كائن, أو لا شيء لكم حال لا تقاتلون في سبيل الله.
قال ابن عاشور: والمُرادُ أنَّ الَّذِي هو لَكم هو أنْ تُقاتِلُوا، فَهو بِمَنزِلَةِ أمْرٍ، أيْ: قاتِلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ لا يَصُدُّكم شَيْءٌ عَنِ القِتالِ.
وذكر السمين الحلبي أن المراد بالاستفهام التحريض فقال: قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ} : هذا استفهامٌ يُراد به التحريضُ والأمرُ بالجهاد.
ب. بيّن أوجه إعراب (المستضعفين) ودلالتها.
ذكر في أوجه إعراب (المستضعفين) أقوال:
الأول: أنه مجرور عطفا على اسم الله تعالى, ونق الزجاج وجهين لهذا الإعراب نقلها عن محمد بن يزيد, وقال: أن أكثر النحويين على هذا القول, ورجح الوجه الثاني من الإعراب, فقال: قال أبو العباس محمد بن يزيد: {والمستضعفين} في موضع جر من وجهين:
1- المعنى ما لكم لا تقاتلون في سبيل اللّه وفي المستضعفين.
2- قال وجائز أن يكون عطفا على اسم اللّه، أي: في سبيل الله وسبيل المستضعفين، قال: واختار أن يكون على " وفي المستضعفين " لاختلاف السبيلين، لأن معنى سبيل المستضعفين كأنه خلاص المستضعفين، وقول أكثر النحويين كما اختار أبو العباس محمد بن يزيد. والوجه الثاني عندي أشبه بالمعنى، لأن سبيل المستضعفين هي سبيل اللّه).
ورد هذا القول الثاني أبو البقاء بعد نقل هذا القول عن المبرد, وقال: ليس بشيء, ووجه السمين قول المبرد فقال بعد حكاية قول أبو البقاء: قال أبو البقاء بعد أَنْ حكاه عن المبرد وحده:» وليس بشيء «كأنه لم يظهر لأبي البقاء وجهُ ذلك، ووجهُ أنَّ تقديرَه:» وفي خلاص المستضعفين.
الثاني: أنه منصوب على الاختصاص, وتقديره: وأَخُصُّ من سبيلِ الله خلاصَ المستضعفين، لأنَّ سبيلَ اللَّهِ عامٌّ في كلِّ خير، وخلاص المستضعفين من المسلمين من أيدي الكفار من أعظم الخيور.
س2. بيِّن مقاصد قول الله تعالى: { فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلاً (84)}
من مقاصد الآية:
1 - حث النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون على القتال في سبيل الله تعالى.
2 - إظهار عظمة الله سبحانه وتعالى, وأنه سبحانه أشد بأسا وأشد تنكيلا, أي: أشد عقوبة وعذاب.
3 - التعريف بأن الإنسان لا يكلف بغيره, ولكن لا يكلف إلا نفسه.
4 - تعليق القلوب بالله تعالى وأنه سبحانه بيده الأمر.
5 - الإخبار بضعف الأعداء وفشلهم، وبما أُعد للمقاتلين من الثواب، وما على المتخلفين من العقاب.
س3. استخرج الفوائد السلوكية من قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77) } مع بيان وجه الدلالة عليها.
من الفوائد السلوكية في الآية:
1 - أن امتثل أوامر الله تعالى, واجتنب ما نهانا عنه سبحانه وتعالى. (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ).
2 - أنه على العبد أن لا يتعجل شيء لم يكتبه الله عليه. (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ).
3 - أن لا اخشى إلا الله سبحانه وتعالى, فهو الذي بيده مقاليد كل شيء, وكل ما في هذا الكون تحت تصرفه سبحانه وتعالى. (إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً).
4 - أن لا اتشبث بالدنيا وما فيها من متاع؛ لأن متاعها قليل لا يدوم. (قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ).
5 - وأن السعادة الأبدية تكون في دار الخلد في الجنة, ولا ينالها إلا أهل التقوى. (وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى).
6 - إذا علمت أني لا أظلم مقدار الفتيل, وهو الخيط الذي يكون في شق نواة التمر؛ اطمئن قلبي وسكنت نفسي, وعلمت أن ما عند الله تعالى لا يذهب وإن كان أقل القليل. (وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً).
والله أعلم