مجلس مذاكرة محاضرة بُلغة المفسر من علوم الحديث
المجموعة الأولى:
س1: كلام المفسّر إما أن يكون مستنده الفهم والنظر وإما أن يكون مستنده النقل والخبر؛ فما موقف طالب علم التفسير من هذين النوعين؟
العلم يقوم على ركنين متكاملين لا يُستغنى بأحدهما عن الأخر و هما الرواية ( أي النقل و الخبر ) و الدراية ( أي الفهم و النظر ) ، فعلمٌ ليس لكلا الركنين فيه نصيب علمٌ لا تقوم به حُجة ، و موقف طالب العلم منهما هو مطالبة صاحب القول بالدليل ، فدليل الرواية ( النقل و الخبر ) هو الإسناد فما صحَّ إسناده قُبل من حيث الرواية ثمَّ يُنظر فيه من حيث الدراية مع الإشارة إلى أمرين
الأول : أنَّ الصحة في الإسناد لها درجات من حيث القوة ، و درجة الصحة المعتبرة في القبول تعتمد على الدراية و معنى الخبر ، فإن كان في المعنى نكارة رُدَّ الخبر و لو كان إسناده صحيحاً ، و إن كان المعنى يُوافق الأصول العامة للدين قُبل و لو في إسناده ضعفٌ يسير
الثاني : أنَّ بعض الأخبار مُختلفٌ في صحتها ، عندها يلجأ طالب العلم إلى الترجيح إن ملك أدواته و تمكَّن منها أو يلجأ إلى الترجيح بين من صحح و من ضعَّف باعتبار وزن المصحح و وزن المضعّف و حُجة كُل منهما
و أمَّا دليل الدراية ( الفهم و النظر ) فهو النصوص و المعلوم من الدين بالضرورة أصالةً ، و قواعد الفهم و الاسنباط المستمدة من علوم الألة تبعاً ، و الألية أو الكيفية التي تمَّ بها استعمال قواعد الفهم و الاسنباط في استخراج المعاني من النصوص ، فما كان من استدلال صحيح قُبل و إلا رُدَّ ، مع الإشارة إلى أمرين
الأول : أنَّ الصحة في الاستدلال لها درجات من حيث القوة ، و درجة الصحة المعتبرة في القبول تعتمد على مضمون المعنى المُستخرج ، فإن كان في المعنى نكارة رُدَّ الاستدلال و نُوقش صاحبه و لو كان يعتمد على قواعد صحيحة ، و إن كان المعنى يُوافق الأصول العامة للدين قُبل و لو في استدلاله ضعفٌ يسير
الثاني : أنَّ قواعد الفهم و الاستنباط منها ما هو مجمعٌ عليه و منها ما هو مُختلفٌ فيه ، فإذا كان المعنى المُستخرج يعتمد على شيءٍ مُختلفٍ فيه ، عندها يلجأ طالب العلم إلى الترجيح باستعمال قواعد الترجيح إن ملك أدواته و تمكَّن منها ، أو يلجأ إلى الاعتماد على أقوال أهل العلم بالترجيح باعتبار وزن المُرجّح و المُضعّف و حُجة كل منهما
س2: اذكر خمسة من كتب التفسير المسندة.
1- تفسير سفيان الثوري ( ت 161 هـ )
2- تفسير عبد الرزاق ( ت 212 هـ )
3- تفسير ابن جرير الطبري ( ت 310 هـ )
4- تفسير ابن المنذر ( ت 318 هـ )
5- تفسير ابن أبي حاتم ( ت 327 هـ )
س3: كيف تردّ على من زعم أنه لا حاجة إلى دراسة مرويات التفسير من حيث الإسناد بحجة إيراد المفسّرين الكبار لها في تفاسيرهم مع معرفتهم بعللها.
دراسة أسانيد المرويات في كُتب التفسير يُحتاج إليها لعدة أسباب منها
1- أنَّ رواية المفسّر لأي أثر لا تقتضي صحة إسناد ذلك الأثر من حيث المبدأ ، و ذلك لأنَّها ليست من شروط صحة الإسناد أصلاً وادعاء معرفة المفسّر لعلة السند لا تقوم له حُجة ، فقد يعرفها و قد لا يعرفها ، و على افتراض أنه يعرف علّة الرواية ، فقد لا يقدر لها قدرها كعالم الحديث ، إلا إن كان من أهل الحديث و التفسير
2- أنَّ المفسرين لم يًصرِّحوا بالتزام شروط صحة الإسناد في مروياتهم ، و بالتالي لم يُدققوا في سند مروياتهم ، فضلاً عن أنَّ بعضهم لا يملك ألة التدقيق في السند إن لم يكن من المحدثين
3- أنَّ صحة الإسناد و ضعفُه أمرٌ قد يَختلف من محدثٍ لأخر و من باب أولى بالنسبة للمفسرين
4- أنَّ جزء من مرويات التفسير تُذكر للإستإناس و ليس للتدليل و هذا من مبررات إيرادهم للمرويات المعلولة
5- أنّ المفسرين المُسندين اعتمدوا على مبدأ ( من أسند لك فقد أحالك )
6- وجود جزء كبير أو يسير من الإسرائيليات في كتب التفسير
و غيرها الكثير من الأسباب التي تدعوا إلى دراسة أسانيد مرويات التفسير ، بل تزداد الحاجة إلى ذلك لرد شُبهة من يعتبر صحة تلك المرويات بمجرد ورودها في كتب التفسير
س4: بيّن أسباب دخول الخطأ في مرويات بعض الثقات.
السبب الرئيسي في دخول الخطأ في مرويات بعض الثقات هو الوهم الذي لا يسلم منه أحد من البشر ، و لهذا نشأ علمٌ جليلٌ من علوم الحديث هو علم العلل الذي يقوم على تقصّي أوهام الثقات ، و أوهام الثقات لها صور متعددة كالوهم في الضبط أو توثيق مجروح أو غير ذلك من الأوهام مع الإشارة إلى أنها قليلة نادرة بالنسبة للراوي الثقة ، لأنها لو كثُرت لخرج الراوي من دائرة الثقة ، و من أسباب الوهم حال الراوي الثقة وقت رواية الحديث فقد يكون في حالة اختلاط ، أو من اعتاد أن يُحدث من كتابه وحدَّث من حفظه إلى غير ذلك من أسباب الوهم و قد يكون من أسباب دخول الخطأ تدليس الثقات و هو أيضاً قليل نادر ، و أيضاً رواية الثقات للمراسيل قد تكون سبباً في دخول الخطأ إلى مروياتهم ، و غير ذلك من الأسباب