دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دورات برنامج إعداد المفسّر > رسائل التفسير

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 ربيع الأول 1442هـ/27-10-2020م, 04:40 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

رسالة في تفسير قول الله تعالى: {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى}


قال الله تعالى: {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35)}
الاستفهام للنفي والإنكار، فأفاد أنه ليس من شركائهم من يهدي إلى الحق لأنهم مفتقرون أولاً إلى من يهديهم ويبصّرهم بالحقّ، وإنما ذلك لله تعالى وحده، فهو الذي يهدي إلى الحقّ دلالة بيان وإرشاد، ويهدي للحقّ دلالة توفيق وإلهام، وأما سائر الخلق فهم مفتقرون إلى من يهديهم كما قال الله تعالى في الحديث القدسي: [يا عبادي كلكم ضالّ إلا من هديته فاستهدوني أهدكم]
فذكر في حقّهم الحدّ الأدنى وهو هداية الدلالة والإرشاد المدلول عليها بحرف "إلى" لأنّ عجزهم عنها دليل على أنهم عما هو أعلى منها أعجز.
وذكر في حقّه تعالى هداية التوفيق والإلهام المدلول عليها بحرف "اللام"، لأن ثبوتها له تعالى يدلّ على ثبوت ما دونها من باب أولى.
وقوله تعالى: {أفمن يهدي إلى الحقّ } ذكر حرف "إلى" هنا لأن الاتباع متعلّق بهداية الدلالة والإرشاد، وفيه نوع احتباك مع ما قبله.
{أمن لا يهدّي إلا أن يهدى} {أمّن} مركّبة من "أم" و "من" الموصولة ، ثمّ وصف شركاءهم بوصف جامع "لا يهدّي إلا أن يهدى".
{لا يهدّي} كتبت في المصحف بدون "تاء"، وقرئت على قراءات ترجع إلى وجهين:
أحدهما: [لا يَهْدِي ] بإسكان "الهاء" وتخفيف "الدال"، وهي قراءة حمزة والكسائي، والفعل فيها يحتمل اللزوم والتعدّي.
والوجه الآخر: {لا يهدّي} بإدغام "التاء" في "الدال" وتشديد "الدال"، وهي قراءة جمهور القراء، واختلفوا في حركة "الهاء" و"الياء" فتحاً وكسراً، وأصلها: لا يهتدي، وذكر عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأها: [ أمن لا يهتدي إلا أن يهدى ]
والفعل على هذا الوجه لازم غير متعدٍّ.
والتضعيف في "الدال" فيه مبالغة في وصف شركائهم بعدم الاهتداء، فهم قد بلغوا أقصى غايات عدم الاهتداء، وكتبت الكلمة في المصحف بغير "الدال"؛ فاحتملت وجهي القراءة المذكورين.
فدلّت القراءات الواردة في هذه الآية على أنّ شركاءهم لا يهتدون بأنفسهم ولا يهدون غيرهم إلا أن يُهدوا.

وشركاؤهم على صنفين:
- الأصنام والأوثان التي من شأنها أنها لا تسمع ولا تعقل، وما كان في حكمها.
- وصنف من كبرائهم ومتبوعيهم الذين أشركوهم بطاعتهم في تبديل دين الله تعالى وتحليل الحرام وتحريم الحلال وتشريع ما لم يأذن به الله.
فعلى إرادة الصنف الأول يكون الاستثناء منقطعاً؛ فهذه الأصنام والأوثان لا تهتدي وليس ذلك من شأنها، لأنها لا تسمع ولا تبصر ولا تغني عن عابديها شيئاً، ويكون الاستثناء على أحد معنيين:
1: على معنى ولكن تُهدى، أي تُنقل من مكان لآخر، قال الفرّاء: (يقول: تعبدون ما لا يقدر على النقلة من مكانه، إلا أن يحوّل وتنقلوه).
2: لإفادة التعجيز فأقيمت هدايتها مقام الشرط التعجيزي، كما يقال: لن أفعل إلا أن يزول هذا الجبل من مكانه.
وأنّى لهم باهتداء هذه الأصنام والأوثان التي لا تعقل.

وعلى إرادة الصنف الثاني يكون الاستثناء متصلاً؛ لأنهم لا يُهدون لشأن من شؤونهم إلا بمن يهديهم؛ فلا يستقلّ عبد بهداية في أمر من الأمور مطلقاً، ولا يهتدي إلا أن يهديه الله حتى في أمور معاشه؛ فلا يُبصر إلا ما شاء الله له أن يبصره، ولا يسمع إلا ما شاء الله له أن يسمعه، ولا يعقل إلا ما شاء الله له أن يعقله؛ فكيف يزعم أنه يستقل بهداية غيره وهو لا يستقلّ بهداية نفسه في أمور معاشه، فهو لا يهتدي بنفسه ولا يهدي غيرَه إلا أن يهديَه اللهُ، {أفمن يهدي إلى الحقّ أحقّ أن يُتَّبع أمّن لا يهدّي إلا أن يُهدى فما لكم كيف تحكمون}.


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
رسالة, في

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:55 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir