قال تعالى (يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ (6))
يخاطب الله تعالى جنس الإنسان مؤمنهم وكافرهم ، بأنك يا ابن آدم عامل في الدنيا عملاً وستلاقي ما عملت خيراً كان أو شراً.
والكدح :هو السعي والعمل بجد
عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال جبريل : يا محمد ، عش ما شئت فإنك ميت ، وأحبب ما شئت فإنك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه " . رواه أبو داود الطيالسي
فهذه الأعمال لا تضيع سدى ،فهناك نهاية وهناك حساب وجزاء
وقوله تعالى (إنك كادح الى ربك )
يبين للإنسان بأن عمله وسعيه سينتهي ،وسينتهي بملاقاة الله بعمله ، وخاطب الله الإنسان باسم الرّب ليشعر الإنسان بأنه عبد مربوب مملوك لله تعالى ، وله ربّ سيسأله عن ما فعله بأوامره ونواهيه.
قال قتادة، قوله ): يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ (إن كدحك يا ابن آدم لضعيف، فمن استطاع أن يكون كدحه في طاعة الله فليفعل، ولا قوّة إلا بالله .
ففي الأية بيان أن الأعمال سيحاسب عليها الإنسان فلا يتهاون بما يفعله وبما يقوله .
و(كدحاً) تأكيد لكادح ، أي أنك أيها الإنسان ساعٍ فلا مهرب ولا مفر ، وكدحك الى نهاية وهو الموت ثم يبعث ويلاقي ما عمل .
و الأية تذكر الإنسان بأن تعبه وسعيه في الدنيا له زمن وسينقضي ، فلينظر الإنسان فيما كان كدحه ، فإن كان في طاعة الله فالأية تذكره بأنه سيلقى ما عمل فيجد الإنسان في الطاعة آكثر ويصبر عليها ، وإن كان في غير ذلك فإن الله يخوفه ويذكره بأن أعماله لا تضيع وأنه سيجد أعماله وسيحاسب عليها فليحذر من كان على حالة لا ترضي الله .
والآية تشعر بدوام مراقبة الله في الأعمال التي يسعى بها الإنسان في دنياه وأن تكون على حالة ترضي الله عزوجل ، فلا يكون كدحه وكده الا بما يسره ويرضيه عند ملاقاة ربه
والأيات التي بعدها تبين جزاء من كان أهل الطاعات وجزاء من كان في الدنيا على حال لا ترضي الله عزوجل
جعلنا الله ممن يأخذ كتابه بيمينه