السلام عليكم ورحمة الله.
السؤال الأول: (عامّ لجميع الطلاب).
استخرج خمس فوائد سلوكية واستدلّ لها من قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ}.
الأولى: وجوب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لأنه مرسل من الله تعالى كما قال: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ} الآية. وطاعة المرسَل من طاعة المرسِل.
الثانية: وجوب الإيمان بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم والعمل به، وذلك لأن الله سمى ما يرسل به حقا، كما قال: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ}، فكونه حقا يقتضي الإيمان والعمل به، ويدل على بطلان غيره.
الثالثة: جاء النبي صلى الله عليه وسلم ببيان ما يحب ربنا تعالى، وببيان ما يبغض، فمن أطاعه فهو مبشر بالفلاح، ومن عصاه مبشر بالنار، وهذا بدليل قوله: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}.
الرابعة: لا بد في الدعوة إلى الله تعالى من السلوك بين الترغيب والترهيب، بدليل قوله تعالى: {بَشِيرًا وَنَذِيرًا}.
الخامسة: لا يسأل الإنسان عن ذنب غيره، بدليل قوله تعالى: {وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ}، فينبغي للعبد أن يشتغل بعيوب نفسه وإصلاحها، فلا يشغل نفسه بعيوب غيره، إذ لا فائدة في ذلك، بل ربما يفضي إلى الغيبة وسوء الظن.
السؤال الثاني: أجب على إحدى المجموعات التالية:
المجموعة الأولى:
1: فسّر قول الله تعالى:
{الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}.
الإيمان بكتب الله ركن من أركان الإيمان، فهذه الآية تبين أسباب الإيمان بها والثبات عليه، قال تعالى: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ} لقد بعث الله تعالى في كل أمة برسول وأنزل معه كتابا، فقد أعطى داود زبورا، وموسى التوراة، وعيسى الإنجيل، وأعطى محمدا صلى الله عليه وسلم القرآن. فكلما جاء كتاب من عند الله تفرق الناس، فمنهم من آمن به، ومنهم من كفر. ولما أنزل تعالى كتبه ببيان الهدى بين بما يتحقق الإيمان بها فقال: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} أي: يقرؤونه فيتبعون ما فيها من الهدى والنور، فقد تمت كلمة ربنا تعالى صدقا في الأخبار وعدلا في الأحكام، فعلى العبد الإيمان والتصديق بكل ما أخبر الله به، والعمل بما أمره ربه واجتناب ما نهاه عنه. فيصير ممن قال الله تعالى فيهم: {أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} بكتاب الله تعالى إيمانا حقا.
{وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ} فيحرف لفظه ومعناه، ويكتم صفات النبي صلى الله عليه وسلم، ويحلل حرامه، ويحرم حلاله-كما فعله أهل الكتاب- {فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}يكون ذلك سبب عذابه في الدنيا والآخرة.
2: حرّر القول في:
أ: المراد بالتطهير في قوله تعالى: {وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهّرا بيتي} الآية.
ورد في المراد بالتطهير في قوله تعالى: {وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهّرا بيتي} الآية عدة أقوال:
الأول: من الفرث والدم، وهو معنى قول الحسن البصريّ، وذكره ايضا ابن عطية وضعفه؛ لأنه "لا تعضده الأخبار".
الثاني: المراد به إخلاص النية، ذكره الطبري، وابن عطية، وابن كثير.
وهو مثل قوله تعالى: {أفمن أسّس بنيانه على تقوى من اللّه ورضوانٍ خيرٌ أم من أسّس بنيانه على شفا جرفٍ هارٍ}[التّوبة: 109]، وقوله: {وإذ بوّأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئًا وطهّر بيتي للطّائفين والقائمين والرّكّع السّجود} الآيات [الحجّ: 26 -37].
الثالث: من الشرك، وهو قول ابن عباس، ومروي أيضا عن عبيد بن عميرٍ، وأبي العالية، وسعيد بن جبيرٍ، ومجاهدٍ، وعطاءٍ وقتادة. رواه عنهم ابن أبي حاتم كما ذكره ابن كثير، وبه قال الزجاج، وذكره ابن عطية عن مجاهد.
وأورد ابن جرير الطبري هنا سؤالا فقال: "فإن قيل: فهل كان قبل بناء إبراهيم عند البيت شيءٌ من ذلك الذي أمر بتطهيره منه؟" وأجاب على هذا بوجهين، قال:
" أحدهما: أنّه أمرهما بتطهيره ممّا كان يعبد عنده زمان قوم نوحٍ من الأصنام والأوثان ليكون ذلك سنّة لمن بعدهما إذ كان اللّه تعالى قد جعل إبراهيم إمامًا يقتدى به كما قال عبد الرّحمن بن زيدٍ: {أن طهّرا بيتي} قال: من الأصنام التي يعبدون، التي كان المشركون يعظّمونها".
واعترض على هذا الجواب ابن كثير بأنه يحتاج إلى دليل.
أما الجواب الثاني فقد قال ابن جرير: أنّه أمرهما أن يخلصا في بنائه للّه وحده لا شريك له، فيبنياه مطهّرًا من الشّرك والرّيب، كما قال جلّ ثناؤه: {أفمن أسّس بنيانه على تقوى من اللّه ورضوانٍ خيرٌ أم من أسّس بنيانه على شفا جرفٍ هارٍ}[التّوبة: 109] قال: فكذلك قوله: {وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهّرا بيتي} أي: ابنيا بيتي على طهرٍ من الشّرك بي والرّيب، كما قال السّدّيّ: {أن طهّرا بيتي} ابنيا بيتي للطّائفين".
ويظهر من هذا أن الأقوال متقاربة المعنى، فالآية تشمل كلها، ويدل حذف متعلق التطهير على إرادة العموم.
ب: معنى قوله تعالى: {كل له قانتون}.
ورد في معنى قوله تعالى: {كل له قانتون} عدة أقوال:
الأول: مصلّين. وهو قول ابن عباس، كما رواه عنه ابن أبي حاتم وذكره ابن كثير.
وقد يفهم من هذا القول دلالة الآية على العموم الذي أريد به الخصوص. وذهب إلى هذا الفراء، وعليه يعنى به أهل الطاعة فقظ.
ولكن سياق الآية يخالف هذا بدليل قوله تعالى: {ما في السّماوات والأرض كلّ له قانتون}، كما ذكره الزجاج.
الثاني: مقرّون له بالعبوديّة. وهو قول عكرمة وأبي مالكٍ كما ذكره ابن كثير.
قال الزجاج: و"القانت" في اللغة: القائم -أيضاً-؛ ألا ترى أن القنوت إنما يسمى به من دعا قائماً في الصلاة: قانتاً، فالمعنى: كل له قانت مقر بأنه خالقه، لأن أكثر من يخالف ليس بدفع أنه مخلوق, وما كان غير ذلك, فأثر الصنعة بين فيه، فهو قانت على العموم، وإنما القانت الداعي.
الثالث: الإخلاص. وهو قول سعيد بن جبيرٍ كما ذكره ابن كثير.
الرابع: يقول كلٌّ له قائمٌ يوم القيامة. وهو قول الرّبيع بن أنسٍ ذكره ابن كثير.
الخامس: مطيعون له تعالى يوم القيامة.وهو قول السّدّي ذكره ابن كثير.
السادس: مطيعون، كن إنسانًا فكان، وقال: كن حمارًا فكان.وهو قول مجاهدٍ ذكره ابن كثير.
السابع: مطيعون، يقول: طاعة الكافر في سجود ظلّه وهو كارهٌ. وهو قول مجاهدٍ ذكره ابن كثير، وذكره أيضا ابن عطية.
وهذا القول يجمع الأقوال كلّها، فاختاره ابن جرير، والزجاج، وابن عطية، وابن كثير. وذلك لأن "القنوت" له معنيان متقاربان في اللغة هما الطّاعة والقيام،
وعلى هذا تشمل الآية العبودية الخاصة والعامة، فقد قال تعال: {وللّه يسجد من في السّماوات والأرض طوعًا وكرهًا وظلالهم بالغدوّ والآصال} [الرّعد: 15]. كما تشمل العبودية في الدنيا والآخرة.
قال الزجاج: وإنما تأويله: كل ما خلق اللّه في السّماوات والأرض فيه أثر الصنعة، فهو قانت للّه، والدليل على أنه مخلوق.
قال ابن عطية: فمعنى الآية أن المخلوقات كلها تقنت لله أي تخضع وتطيع، والكفار والجمادات قنوتهم في ظهور الصنعة عليهم وفيهم.
3: بيّن ما يلي:
أ: معنى قوله تعالى: {أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين}.
ورد في معنى قوله تعالى: {أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين} عدة أقوال:
الأول: ظاهره خبر ومعناه الأمر، فأمر الله تعالى المؤمنين بجهاد الكفار، ذكره ابن كثير.
الثاني: أنه وعد للمؤمنين ووعيد للكافرين. ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
الثالث: أنه على أصله، أي: هو إخبار من الله تعالى عن أحوال الكفار. ذكره ابن كثير.
فلا تنافي بين الأقوال، فلما أخبر الله تعالى عن أحوال الكفار فقد بشر عباده بالفتح إذا جاهدوا.
ب: القائل: {لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى}، مع الاستدلال لكلامك.
هم اليهود والنصارى، فالمعنى: قالت اليهود: "لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا"، وقالت النصارى: "لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا".
ولا يخفى أن كل منهما يضلل الآخر، كما بينه تعالى بقوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ}.
فدل تفريق نوعيهم على تفرق قوليهم، كما ذكره ابن عطية.