الوسائل المفيدة للحياة السعيدة
المقصد الكلي للرسالة:
بيان الوسائل التي تجلب للعبد راحة القلب، وطمأنينته وسروره وزوال همومه وغمومه, وما تحصل به الحياة الطيبة، ويتم السرور والابتهاج.
المقاصد الفرعية للرسالة:
1 – بيان أن الإيمان والعمل الصالح هو أعظم الأسباب وأصلها وأسها:
- قال تعالى: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون), فأخبر تعالى ووعد من جمع بين الإيمان والعمل الصالح، بالحياة الطيبة في هذه الدار، وبالجزاء الحسن في هذه الدار وفي دار القرار.
- قوله صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن), فأخبر صلى الله عليه وسلم أن المؤمن يتضاعف غنمه وخيره وثمرات أعماله في كل ما يطرقه من السرور والمكاره.
- قال تعالى: (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً), فأخبر تعالى أن هذه الأمور كلها خير ممن صدرت منه. والخير يجلب الخير، ويدفع الشر. وأن المؤمن المحتسب يؤتيه الله أجراً عظيماً ومن جملة الأجر العظيم: زوال الهم والغم والأكدار ونحوها.
2 – بيان الأسباب التي تدفع القلق الناشئ عن توتر الأعصاب، واشتغال القلب ببعض المكدرات:
- قوله صلى الله عليه وسلم (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإذا أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان)، فجمع صلى الله عليه وسلم بين الأمر بالحرص على الأمور النافعة في كل حال. والاستعانة بالله وعدم الانقياد للعجز الذي هو الكسل الضار وبين الاستسلام للأمور الماضية النافذة، ومشاهدة قضاء الله وقدره.
- الاشتغال ببعض الأعمال النافعة التي تلهي القلب عما يقلقه, فربما ينسى بسبب تلك الأعمال أسباب الهم والقلق والتوتر.
3 – بيان الأسباب التي تؤدي إلى انشراح الصدر وطمأنينته:
- قال تعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب), فلذكر الله أثر عظيم في حصول هذا المطلوب لخاصيته، ولما يرجوه العبد من ثوابه وأجره.
- التحدث بنعم الله الظاهرة والباطنة.
- قوله صلى الله عليه وسلم: (انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم), فإن العبد إذا نصب بين عينيه هذا الملحظ الجليل رآه يفوق جمعاً كثيراً من الخلق في العافية وتوابعها، وفي الرزق وتوابعه مهما بلغت به الحال، فيزول قلقه وهمه وغمه، ويزداد سروره واغتباطه بنعم الله التي فاق فيها غيره ممن هو دونه فيها.
4 – بيان الأسباب الجالبة للسرور وزوال الهم والغم:
- السعي في إزالة أسباب الهم والغم, ومجاهدة القلب عما يقلقه فيما يستقبله من توهم خوف أو فقر أو ما كرهه.
- قوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والموت راحة لي من كل شر) (رواه مسلم.). وكذلك قوله: (اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عينْ وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت), فإذا لهج العبد بهذا الدعاء الذي فيه صلاح مستقبله الديني والدنيوي بقلب حاضر، ونية صادقة، مع اجتهاده فيما يحقق ذلك، حقق الله له ما دعاه ورجاه وعمل له، وانقلب همه فرحاً وسروراً.
5 – بيان أنفع الأسباب لزوال القلق والهموم إذا حصل على العبد شيء من النكبات:
- السعي في تخفيفها بتقدير أسوأ الاحتمالات التي ينتهي إلها الأمر, وتوطين النفس على ذلك, وأن يشغل نفسه بمدافعتها حسب مقدوره, ويجاهد نفسه على تجديد قوة المقاومة للمكاره، مع اعتماده في ذلك على الله وحسن الثقة به؛ فيجتمع في حقه توطين النفس مع السعي النافع الذي يشغل عن الاهتمام بالمصائب.
6 – بيان أعظم العلاجات لأمراض القلب العصبية والأمراض البدنية:
- قوة القلب وعدم انزعاجه وانفعاله للأوهام والخيالات التي تجلبها الأفكار السيئة.
- قال تعالى: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه), أي كافيه جميع ما يهمه من أمر دينه ودنياه.
7 – بيان الفوائد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر).
- الإرشاد إلى أن من كان بينك وبينه صلة من زوجة أو قريب أو صاحب أو معامل, أنه يكون به عيب أو نقص, فينبغي توطين النفس على ذلك والمقارنة بما يجب عليك من قوة الاتصال والإبقاء على المحبة بتذكر المحاسن, والإغضاء عن المساوئ.
- زوال الهم والقلق، وبقاء الصفاء، والمداومة على القيام بالحقوق الواجبة والمستحبة: وحصول الراحة بين الطرفين, فمن لحظ المساوئ، وعمي عن المحاسن-، فلابد أن يقلق، ولابد أن يتكدر ما بينه وبين من يتصل به من المحبة، ويتقطع كثير من الحقوق التي على كلٍ منهما المحافظة عليها.
8 – بيان بعض الأمور النافعة التي تكمل بها السعادة والطمأنينة, وزوال الهم, وتحصيل النعم الدينية والدنيوية:
- أن يعلم أن حياته قصيرة فلا يقصرها بالهم والاسترسال مع الأكدار فإن ذلك ضد الحياة الصحيحة.
- أن يقارن بين النعم الحاصلة له دينية ودنيوية وبين ما أصابه من المكروهات؛ فيتضح كثرة ما هو فيه من النعم، واضمحلال ما أصابه من المكاره.
- عدم الاشتغال بالأقوال السيئة التي تضر قائلها ولا تضر المقولة فيه, فإذا اشتغل بها ضرته كما تضر قائلها.
- أن حياتك تبع لأفكارك، فإن كانت أفكاراً فيما يعود عليك نفعه في دين أو دنيا فحياتك طيبة سعيدة. وإلا فالأمر بالعكس.
- قال تعالى: (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً), فينبغي توطين النفس على عدم طلب الشكر إلا من الله تعالى, فإذا أحسنت إلى من له حق عليك أو من ليس له حق، فاعلم أن هذا معاملة منك مع الله.
- حسم الأعمال في الحال، والتفرغ في المستقبل لأن الأعمال إذا لم تحسم اجتمع عليك بقية الأعمال السابقة، وانضافت إليها الأعمال اللاحقة، فتشتد وطأتها، فإذا حسمت كل شيء بوقته أتيت الأمور المستقبلة بقوة تفكير وقوة عمل.
- أن تتخير من الأعمال النافعة الأهم فالأهم، وميز بين ما تميل نفسك إليه وتشتد رغبتك فيه، فإن ضده يحدث السآمة والملل والكدر.
والله أعلم