دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الخامس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 صفر 1443هـ/3-10-2021م, 12:14 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,809
افتراضي مجلس أداء التطبيق السابع (المثال الأول) من تطبيقات دورة مهارات التفسير

مجلس أداء التطبيق السابع (المثال الأول) من تطبيقات دورة مهارات التفسير

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 ربيع الأول 1443هـ/16-10-2021م, 01:44 PM
إيمان جلال إيمان جلال غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 380
افتراضي

حل التكليف السابع

تحرير القول في المراد ب "لهو الحديث" في قوله تعالى: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا".


اختلف العلماء في المراد ب "لهو الحديث" على أقوال:
القول الأول: الغناء وآلاته من طبل ومزامير ومعازف وترهات وبسابس والاستماع له أو إلى مثله من الضلالة والخوض في الباطل وشراء المغني والمغنية وكل لعب ضار يلهي عن ذكر الله.

وهو قول عبد الله بن مسعود، وابن عباس، وجابر، إبراهيم النخعي، مجاهد، عكرمة، الحسن، ابن جريج، مكحول، قتادة.
وروي عن أبي أمامة، وعطاء.

- ترجم البخاري في الأدب المفرد (باب) كل لهو باطل إذا شغل عن طاعة الله، ومن قال لصاحبه تعالى أقامرك، وقوله تعالى: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا".
- قال ابن بطال في شرحه للبخاري في الأدب المفرد: (ولذلك ترجم البخاري باب كل لهو باطل).
- قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: (هو الحديث الْمُنْكَرُ فَيَدْخُلُ فِيهِ نَحْوُ السَّمَرِ بِالْأَسَاطِيرِ وَبِالْأَحَادِيثِ الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا وَالتَّحَدُّثُ بِالْخُرَافَاتِ وَالْمَضَاحِيكِ وَالْغِنَاءُ وَتَعَلُّمُ الْمُوسِيقَى وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ).
- قال ابن جرير: (الأولى عندي أن يكون الشراء بالثمن لذات اللهو للمغنيات والغناء وغيرها).
- قال الثعلبي: (وكلّ ما كان من الحديث ملهيا عن سبيل الله إلى ما نهى عنه فهو لهو ومنه الغناء وغيره.)
- قال الزمخشري: (اللهو هو كل باطل ألهى عن الخير وعما يعنى ولَهْوَ الْحَدِيثِ نحو السمر بالأساطير والأحاديث التي لا أصل لها، والتحدث بالخرافات والمضاحيك وفضول الكلام، وما لا ينبغي من كان وكان، ونحو الغناء وتعلم الموسيقار وما أشبه ذلك)
- قال القرطبي: (القول الأول وهو الغناء أولى ما قيل به في هذا الباب; للحديث المرفوع فيه، وقول الصحابة والتابعين فيه).
- كما بوب (البوصيري تحت هذه الآية: بَابُ مَا جَاءَ فِي ذم الملاهي من المعازف والمزامير وَنَحْوِهَا).
- قال البقاعي: (ما يُلْهِي مِنَ الأشْياءِ المُتَجَدِّدَةِ الَّتِي تَسْتَلِذُّ فَيَقْطَعُ بِها الزَّمانَ مِنَ الغَناءِ والمُضْحِكاتِ وكُلِّ شَيْءٍ لا اعْتِبارَ فِيهِ، فَيُوصِلُ النَّفْسَ بِما أوْصَلَها إلَيْهِ مِنَ اللَّذَّةِ إلى مُجَرَّدِ الطَّبْعِ البَهِيمِيِّ فَيَدْعُوها إلى العَبَثِ مِنَ اللَّعِبِ كالرَّقْصِ ونَحْوِهِ مُجْتَهِدًا في ذَلِكَ مُعْمِلًا الخَيْلَ في تَحْصِيلِهِ بِاشْتِراءِ سَبَبِهِ، مُعْرِضًا عَنِ اقْتِناصِ العُلُومِ وتَهْذِيبِ النَّفْسِ بِها عَنِ الهُمُومِ والغُمُومِ، فَيَنْزِلُ إلى أسْفَلِ سافِلِينَ كَما عَلا الَّذِي قَبْلَهُ بِالحِكْمَةِ إلى أعْلى عِلِّيِّينَ، ولَمّا كانَ مِنَ المَعْلُومِ أنَّ عاقِبَةَ هَذِهِ المَلاهِي الضَّلالُ، بِانْهِماكِ النَّفْسِ في ذَلِكَ، لِما طُبِعَتْ عَلَيْهِ مِنَ الشَّهْوَةِ لِمُطْلَقِ البِطالَةِ، فَكَيْفَ مَعَ ما يُثِيرُ ذَلِكَ ويَدْعُو إلَيْهِ مِنَ اللَّذاذَةِ، فَتَصِيرُ أسِيرَةَ الغَفْلَةِ عَنِ الذِّكْرِ، وقَبِيلَةَ الإعْراضِ عَنِ الفِكْرِ، وكانَ المُخاطَبُ بِهَذا الكِتابِ قَوْمًا يَدَّعُونَ العُقُولَ الفائِقَةَ، والأذْهانَ الصّافِيَةَ الرّائِقَةَ).
- قال أبو السعود: (ولَهْوُ الحَدِيثِ ما يُلْهِي عَمّا يُعْنى مِنَ المُهِمّاتِ كالأحادِيثِ الَّتِي لا أصْلَ لَها، والأساطِيرِ الَّتِي لا اعْتِدادَ بِها، والمُضاحِكِ، وسائِرِ ما لا خَيْرَ فِيهِ مِن فُضُولِ الكَلامِ).
- قال ابن عاشور: (واللَّهْوُ: ما يُقْصَدُ مِنهُ تَشْغِيلُ البالِ وتَقْصِيرُ طُولِ وقْتِ البِطالَةِ دُونَ نَفْعٍ، لِأنَّهُ إذا كانَتْ في ذَلِكَ مَنفَعَةٌ لَمْ يَكُنِ المَقْصُودُ مِنهُ اللَّهْوَ بَلْ تِلْكَ المَنفَعَةُ، ولَهْوُ الحَدِيثِ ما كانَ مِنَ الحَدِيثِ مُرادًا لِلَّهْوِ)

التخريج:
- أما قول عبد الله بن مسعود فرواه عبد الله بن وهب وابن أبي شيبة وابن جرير والحاكم والثعلبي والبيهقي والبغوي من طريق أبي معاوية البجلي (وهو عمار الدهني)، عن سعيد بن جبير، عن أبي الصهباء البكري، عنه بذات المعنى.
ورواه البيهقي من طريق أبو الحسين بن الفضل القطان عن علي بن عبد الرحمن الكوفي عن أحمد بن حازم عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبيه عنه بلفظ مقارب.
ورواه وابن أبي الدنيا عنه بذات المعنى كما في الدر المنثور.

- أما قول ابن عباس فرواه ابن أبي شيبة وابن جرير من طريق أبي ليلى عن الحكم أو مقسم عن مجاهد عنه بذات المعنى،
ورواه ابن أبي شيبة وابن جرير والبخاري في غير صحيحه والثعلبي من طريق سعيد بن جبير عنه بذات المعنى،
ورواه ابن جرير من طريق ليث عن الحكم عنه بلفظ مقارب،

- أما قول جابر فرواه ابن أبي جرير من طريق سفيان عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عنه بذات المعنى.
قال حكمت بشير إسماعيل بأن أسانيد هذا القول هنا يقوي بعضها بعضا.

- أما قول إبراهيم النخعي فرواه عنه ابن أبي الدنيا كما في الدر المنثور بلفظ مقارب.

- أما قول مجاهد رواه مجاهد في تفسيره بذات المعنى،
ورواه عبد الله بن وهب وابن جرير من طريق أبي نجيح، عنه بذات المعنى،
ورواه يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة وابن جرير من طريق ليث عنه بذات المعنى،
ورواه يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة من طريق المعلى عن أبي يحيى عنه بذات المعنى،
ورواه عبد الرزاق والثوري وابن جرير عن عبد الكريم البصري عنه بذات المعنى،
ورواه سفيان الثوري وابن أبي شيبة وابن جرير من طريق حبيب بن أبي ثابت عنه بذات المعنى،
ورواه ابن أبي شيبة وابن جرير من طريق شعبة عن الحكم عنه بذات المعنى،
ورواه مسلم بن خالد الزنجي في جزء تفسيره عنه بذات المعنى،
ورواه ابن جرير من طريق ابن جريج عنه بلفظ مقارب،
ورواه ابن المنذر عنه كما في الدر المنثور.

- أما قول عكرمة فرواه ابن أبي شيبة وابن جرير والبخاري في غير صحيحه من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن شعيب عنه بذات المعنى، وقد حكم عليه سليم الهلالي وآل نصر بالضعف.
ورواه ابن أبي شيبة وابن جرير من طريق أسامة بن زيد عنه بذات المعنى،
ورواه وابن أبي الدنيا عنه بلفظ مقارب كما في الدر المنثور،

- وذكر ابن أبي حاتم والماوردي والقسطلاني عن الحسن دونما إسناد.

- ذكر الثعلبي والعيني عن ابن جريج دونما إسناد.

- أما قول مكحول فرواه ابن عساكر عنه بلفظ مقارب،

- أما قول قتادة فرواه يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة عنه بلفظ مقارب،
ورواه عبد الرزاق من طريق معمر عنه بذات المعنى،
ورواه ابن جرير عن يزيد وسعيد عنه بلفظ مقارب،
ورواه ابن أبي حاتم عنه بلفظ مقارب كما في الدر المنثور.

وفيما يخص الأقوال الضعيفة:
- أما قول أبي أمامة فقد رواه الترمذي وابن جرير وابن حجر والقسطلاني وابن أبي حاتم والثعلبي والماوردي وابن حزم والواحدي والبغوي والزمخشري وابن الأثير والقرطبي عن عبيد الله بن زحر عن علي بن زيد عن القاسم بن عبد الرحمن عنه بذات المعنى، وهو حديث ضعيف كل من رواه نبه على ضعفه.

- أما قول عطاء فهو في تفسيره، وقد ضعفه سليم الهلالي وآل نصر.
ورواه يحيى بن أبي سلام بن أبي ثعلبة من طريق خالد عن ليث عنه بلفظ مقارب،

الحجج والاعتراضات:
- قال ابن حزم الأندلسي: (وَمَا ذَمَّ قَطُّ - عَزَّ وَجَلَّ - مَنْ اشْتَرَى لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيَلْتَهِيَ بِهِ وَيُرَوِّحَ نَفْسَهُ، لَا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ. وَكَذَلِكَ مَنْ اشْتَغَلَ عَامِدًا عَنْ الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، أَوْ بِقِرَاءَةِ السُّنَنِ، أَوْ بِحَدِيثٍ يَتَحَدَّثُ بِهِ، أَوْ يَنْظُرُ فِي مَالِهِ، أَوْ بِغِنَاءٍ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَهُوَ فَاسِقٌ، عَاصٍ لِلَّهِ - تَعَالَى -، وَمَنْ لَمْ يُضَيِّعْ شَيْئًا مِنْ الْفَرَائِضِ اشْتِغَالًا بِمَا ذَكَرْنَا فَهُوَ مُحْسِنٌ. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» فَمَنْ نَوَى بِاسْتِمَاعِ الْغِنَاءِ عَوْنًا عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَهُوَ فَاسِقٌ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ غَيْرُ الْغِنَاءِ، وَمَنْ نَوَى بِهِ تَرْوِيحَ نَفْسِهِ لِيَقْوَى بِذَلِكَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَيُنَشِّطَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ عَلَى الْبِرِّ فَهُوَ مُطِيعٌ مُحْسِنٌ، وَفِعْلُهُ هَذَا مِنْ الْحَقِّ، وَمَنْ لَمْ يَنْوِ طَاعَةً وَلَا مَعْصِيَةً، فَهُوَ لَغْوٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ كَخُرُوجِ الْإِنْسَانِ إلَى بُسْتَانِهِ مُتَنَزِّهًا، وَقُعُودِهِ عَلَى بَابِ دَارِهِ مُتَفَرِّجًا وَصِبَاغِهِ ثَوْبَهُ لَازَوَرْدِيًّا أَوْ أَخْضَرَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَمَدِّ سَاقِهِ وَقَبْضِهَا وَسَائِرِ).
وقد رد ابن حجر العسقلاني في تغليق التعليق على ابن حزم الأندلسي في تضعيفه لحديث أبي مالك الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليَكُونَنَّ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَّ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ يَأْتِيهِمْ رَجُلُ الْحَاجَةِ فَيَقُولُونَ ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا فَيُبَيِّتُهُمُ الله وَيَضَع الْعلم وَيمْسَح آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".
وبعد أن ذكر الحديث من تسعة طرق عن هشام متصلا قال: وَهَذَا حَدِيث صَحِيح لَا عِلّة لَهُ وَلَا مطْعن لَهُ وَقد أعله أَبُو مُحَمَّد بن حزم بالانقطاع بَين البُخَارِيّ وَصدقَة بن خَالِد وبالاختلاف فِي اسْم أبي مَالك وَهَذَا كَمَا ترَاهُ قد سقته من رِوَايَة تِسْعَة عَن هِشَام مُتَّصِلا فيهم مثل الْحسن بن سُفْيَان وعبدان وجعفر الْفرْيَابِيّ وَهَؤُلَاء حفاظ أثبات، وذكر أن الصحابة كلهم عدول وإن اختلف في اسم الصحابي في الاسناد.
- كما رجح هذا القول ابن عطية، مع عدم نفيه للقول الأول بعكس ابن حزم الذي نفى القول الأول.

التوجيه:
وهذا القول محمول على أن المراد ب "يشتري" أي بالثمن، كشراء آلات الغناء والمعازف والمغني والمغنية، أي الشراء بالثمن.
وقال النحاس: والتقدير: من يشتري ذا لهو أو ذات لهو مثل "واسأل القرية".
وقال الخفاجي: لا حاجَةَ إلى تَقْدِيرِ ذاتٍ، لِأنَّهُ لَمّا اشْتُرِيَتِ المُغَنِّيَةُ لِغِنائِها، فَكَأنَّ المُشْتَرى هو الغِناءُ نَفْسُهُ.
أقول: وهو يناسب ما قيل في أحد أسباب نزول الآية أنها نزلت في شراء القيان والمغنيات.
وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: الغناء ينبت النفاق كما ينبت النبات الزرع. وقد تواترت الأدلة على تحريم آلات اللهو والمعازف وغناء المغنيات والمغنيين. فالغناء مفسدة للقلب منفذة للمال مسخطة للرب، وفي ذلك الزجر الشديد للأشقياء المعرضين عن الانتفاع بسماع كلام الله المقبلين على استماع المزامير والغناء بالألحان وآلات الطرب وحديث الباطل المشغل عن ذكر الله. وقَدْ تَضافَرَتِ الآثارُ وكَلِماتُ كَثِيرٍ مِنَ العُلَماءِ الأخْيارِ عَلى ذَمِّهِ.
كما يجوز أن يحمل على الشراء مجازا وهو استحباب الغناء وتفضيله واختياره على ذكر الله على تفسير ابن عباس ل "سبيل الله": قراءة القرآن وذكر الله. فقد قال مطرف: شراء لهو الحديث استحبابه. وقال قتادة: ولعله لا ينفق فيه مالا، ولكن سماعه شراؤه.
فقد تحمل الآية على أهل الإسلام الذين يستحبون مزامير الشيطان على مزامير الرحمن، فيكون استحبابهم هذا ليس ليضلوا عن سبيل الله بكفر، ولا ليتخذوا الآيات هزوا، ولا عليهم هذا الوعيد، بل ليعطل عبادة، ويقطعهم زمنا بمكروه، ولكونهم من جملة العصاة.

القول الثاني: الشرك والجدال في الحق والدين.
وهو قول يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة، الضحاك، ابن زيد، سهل بن عبد الله.
ذكرها ابن جرير والعيني بصيغة التمريض.
- قال ابن حزم الأندلسي: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} وَهَذِهِ صِفَةٌ مَنْ فَعَلَهَا كَانَ كَافِرًا، بِلَا خِلَافٍ، إذَا اتَّخَذَ سَبِيلَ اللَّهِ - تَعَالَى – هُزُوًا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأً اشْتَرَى مُصْحَفًا لِيُضِلَّ بِهِ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَتَّخِذُهَا هُزُوًا لَكَانَ كَافِرًا، فَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَمَّ اللَّهُ - تَعَالَى -،

- قال ابن عطية: والذي يترجح أن الآية نزلت في لهو حديث مضاف إلى كفر، فلذلك اشتدت ألفاظ الآية بقوله: {ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا} والتوعد بالعذاب المهين.

التخريج:

- أما قول ابن زيد فرواه ابن جرير من طريق يونس عن ابن وهب عنه مثله.
وذكره الماوردي بدون إسناد.

- أما قول الضحاك فرواه الثعلبي عن عبيد عنه مثله.
ورواه ابن جرير بصيغة التمريض بقوله (حدثت) من طريق الحسين عن أبي معاذ عن عبيد عنه مثله.

- أما قول يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة فرواه هو في تفسيره بلفظ مقارب.

- أما قول سهل ابن عبد الله فذكره الماوردي دونما إسناد.

- أخرج العيني في عمدة القاري بصيغة التمريض بقوله: وقيل الشرك.

التوجيه:
وهذا القول محمول على أن المراد ب "يشتري" أي بمعنى الاستحباب والاختيار.
كقوله تعالى: "اشتروا الكفر بالإيمان".
وكقوله تعالى: "أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى"
وقد يحمل على الشراء حقيقة، كما جاء في القول الثاني من أسباب نزول الآية، أنها نزلت في النضر حين اشترى كتب الأعاجم ليصد المسلمين عن "سبيل الله" أي دين الله الإسلام. فتكون الآية محمولة على أهل الكفر في أحاديث قريش وتلهيهم بأمر الإسلام وخوضهم في الباطل لصد الناس عن دين الله.

الدراسة:
كلا القولين صحيحان، ودلالة الآية عليهما صحيحة أيضا. فالراجح أن الآية تشمل القولين: لأن "لهو الحديث" يحتملهما، كما قال ابن جرير: " والصّواب من القول في ذلك أن يقال: عنى به كلّ ما كان من الحديث ملهيًا عن سبيل اللّه، ممّا نهى اللّه عن استماعه أو رسوله، لأنّ اللّه تعالى عمّ بقوله {لهو الحديث} ولم يخصّص بعضًا دون بعضٍ، فذلك على عمومه، حتّى يأتي ما يدلّ على خصوصه، والغناء والشّرك من ذلك.".
وقد عمّم ابن حجر في فتح الباري تعليقا على قول البخاري (باب كل لهو باطل): إِذَا شَغَلَهُ أَيْ شَغَلَ اللَّاهِيَ بِهِ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ أَي كمن النَّهْي بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَأْذُونًا فِي فِعْلِهِ أَوْ مَنْهِيًّا عَنْهُ كَمَنِ اشْتَغَلَ بِصَلَاةِ نَافِلَةٍ أَوْ بِتِلَاوَةٍ أَوْ ذِكْرٍ أَوْ تَفَكُّرٍ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ مَثَلًا حَتَّى خَرَجَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ عَمْدًا فَإِنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا الضَّابِطِ وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الْأَشْيَاءِ الْمُرَغَّبِ فِيهَا الْمَطْلُوبِ فِعْلُهَا فَكَيْفَ حَالُ مَا دُونَهَا.
وقد أكد السعدي ذلك بقوله: الأحاديث الملهية للقلوب، الصادَّة لها عن أجلِّ مطلوب. فدخل في هذا كل كلام محرم، وكل لغو، وباطل، وهذيان من الأقوال المرغبة في الكفر، والفسوق، والعصيان، ومن أقوال الرادين على الحق، المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق، ومن غيبة، ونميمة، وكذب، وشتم، وسب، ومن غناء ومزامير شيطان، ومن الماجريات الملهية، التي لا نفع فيها في دين ولا دنيا.
فهذا الصنف من الناس، يشتري لهو الحديث، عن هدي الحديث ﴿لِيُضِلَّ﴾ الناس ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ أي: بعدما ضل بفعله، أضل غيره، لأن الإضلال، ناشئ عن الضلال.
وإضلاله في هذا الحديث؛ صده عن الحديث النافع، والعمل النافع، والحق المبين، والصراط المستقيم.
ولا يتم له هذا، حتى يقدح في الهدى والحق، ويتخذ آيات اللّه هزوا ويسخر بها، وبمن جاء بها، فإذا جمع بين مدح الباطل والترغيب فيه، والقدح في الحق، والاستهزاء به وبأهله، أضل من لا علم عنده وخدعه بما يوحيه إليه، من القول الذي لا يميزه ذلك الضال، ولا يعرف حقيقته.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10 ربيع الأول 1443هـ/16-10-2021م, 09:42 PM
رولا بدوي رولا بدوي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 341
افتراضي

هذه المسألة من المسائل التي اشتهرت بين العلماء و المفسرين و ذلك لأن هذه الآية من أولى الآيات و أقواها التي بنى عليها العلماء حكم الغناء من تحريم و جواز ،و سبب الاختلاف هو ما بُني عليه تفسير المراد من لهو الحديث ، وو هو ما سيتبن لنا بإذن الله من خلال هذه الدراسة للمراد من ( لهو الحديث في الآية) .
الأقوال التي اشتهرت في المراد من لهو الحديث :

1- شراء أخبار الأعاجم : قَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ تَاجِرًا إِلَى فَارِسَ فَيَشْتَرِي أَخْبَارَ الْأَعَاجِمِ فَيَرْوِيهَا وَيُحَدِّثُ بِهَا قُرَيْشًا وَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ مُحَمَّدًا يُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثِ عَادٍ وَثَمُودَ، وَأَنَا أُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثِ رُسْتُمَ وَإِسْفِنْدِيَارَ وَأَخْبَارِ الْأَكَاسِرَةِ، فَيَسْتَمْلِحُونَ حَدِيثَهُ وَيَتْرُكُونَ اسْتِمَاعَ الْقُرْآنِ. فَنَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةُ ( أسباب النزول للواحدي) ، و قال به الزجاج و الفراء و ابن قتيبة و ابن عاشور.
والكلبي ومقاتل متروكان -أيضاً- ومتهمان بالكذب.
2- شراء المغنيات :
رُويَ عن عائشة رضي الله عنها و عن أبي إمامة مرفوعًا للنبي صلى الله عليه و سلم ، و روي عن ابن عباس ،و مجاهد و مكحول.
- أما قول عائشة مرفوعًا لرسول الله صلى الله عليه و سلم فرواه مسدد كما في كتاب إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة للبوصيري و ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي و ابن مردويه كما في الدر المنثور و رواه ابن الجوزي في كتاب العلل المتناهية في الأحاديث الواهية.
- و رواه ابن أبي الدنيا من طريق مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ , عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبَى سُلَيْمٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ , عَنْ عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ §حَرَّمَ الْقَيْنَةَ , وَبَيْعَهَا , وَثَمَنَهَا وَتَعْلِيمَهَا , وَالِاسْتِمَاعَ إِلَيْهَا» ثُمَّ قَرَأَ: {" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6] .
- و رواه مسدد من طريق عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عُبَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ َعَائِشَةَ "فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحديث}قَالَ: لَا يَحِلُّ بَيْعُ الْمُغَنِّيَاتِ وَلَا شِرَاؤُهُنَّ، وَلَا أَكْلُ أَثْمَانِهِنَّ، وَلَا تعَلْيِمُهُنَّ. قَالَ مُجَاهِدٌ: وَلَا الِاسْتِمَاعُ إِلَيْهِنَّ.
قال ابن الجوزي : قال ابن حبان وأما الحديث الثاني فَإِن علي بْن زَيْد قال فِيهِ أَحْمَد ويحيى ليس بشيء وقد أضيف إليه فرج بْن فضالة".
قَالَ ابْنُ حَبَّانَ: "لا يَحِلُّ الاحتجاج به وأما القاسم فقد قدمنا فِيهِ آنفًا وأما الحديث الثالث فقد سبق فِي كتابنا أن ليث بين أَبِي سليم متروك".
قال ابن حبان: "اختلط فِي آخِرِ عُمْرِهِ فَكَانَ يَقْلِبُ الأَسَانِيدَ وَيَرْفَعُ الْمَرَاسِيلَ وَيَأْتِي عَنِ الثِّقَاتِ مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِمْ"
و قال البيهقي فيه: وروي عن ليث بن أبي سليم، عن عبد الرحمن بن سابط، عن عائشة، وليس بمحفوظ، وروي عن ليث راجعا إلى الإسناد الأول، خلط فيه ليث ( السنن الكبرى، /6/23/ 11055).
و قال الزيلعي: وَأما حَدِيث عَائِشَة فَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْعِلَل المتناهية من حَدِيث لَيْث ابْن أبي سليم عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط عَن عَائِشَة مَرْفُوعا إِن الله حرم الْقَيْنَة وَبَيْعهَا وَثمنهَا وَتَعْلِيمهَا وَالِاسْتِمَاع إِلَيْهَا ثمَّ قَرَأَ وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث انْتَهَى وَأعله بليث بن أبي سليم قَالَ ابْن حبَان قد اخْتَلَط فِي آخر عمره فَكَانَ يقلب الْأَسَانِيد وَيرْفَع الْمَرَاسِيل وَيَأْتِي عَن الثِّقَات بِمَا لَيْسَ من حَدِيثهمْ انْتَهَى وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عقيب حَدِيث أبي أُمَامَة فَقَالَ وَرُوِيَ عَن لَيْث ابْن أبي سليم عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط عَن عَائِشَة وَلَيْسَ بِمَحْفُوظ .

أما قول أبي أمامة مرفوعا عن رسول الله فقد رواه كلًا من مسدد و الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ كما في كتاب إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة للبوصيري و رواه الترمذي، و ابن جرير و ابن أبي حاتم و الطبراني ، البيهقي، الواحدي و البغوي، ابن الجوزي في كتاب العلل المتناهية في الأحاديث الواهية، و رواه كلًا من ابن المنذر و ابن مردويه كما في الدر المنثور.
- رواه مسدد و الحارث بن محمد بن أبي أسامة و الترمذي، و ابن جرير و ابن أبي حاتم ،الطبراني،البيهقي،البغوي، ابن الجوزي ،من طريق القاسم بن عبد الرّحمن، عن أبي أمامة، عن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم.
و قد عقب عليه التِّرْمِذِيُّ في سننه فقال: هذا حديثٌ غريبٌ إنّما يروى من حديث القاسم عن أبي أمامة والقاسم ثقةٌ، وعليّ بن يزيد يضعّف في الحديث، سمعت محمّدًا يقول: القاسم ثقةٌ، وعليّ بن يزيد يضعّف). [سنن الترمذي: 5/198]
قال ابن الجوزي في كتابه العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ("هَذِهِ الأَحَادِيثِ لَيْسَ فيها شيء يصح أما الأول فَإِن القاسم ليس بشيء".
و نقل عن ابْنُ حَبَّانَ: قوله "كَانَ يَرْوِي عَنِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المعضلات وقال أَحْمَد: "هو منكر الحديث حدث عَنْهُ علي بْن يزيد أعاجيب وما أراها إلا من قبل القاسم وأما الأفريقي فهو عُبَيْد اللَّه بْن زحر قال يَحْيَى لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ ابْنُ حَبَّانَ: "يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الأَثْبَاتِ قَالَ وَإِذَا اجتمع فِي حديث عُبَيْد اللَّه بْن زحر وعلي بْن يزيد والقاسم لم يكن متن ذلك الخبر إلا مما عملته أيديهم )( 2/298-290)
قال الزيلعي (762):وَذكره عبد الْحق فِي أَحْكَامه فِي الْبيُوع من جِهَة التِّرْمِذِيّ ثمَّ قَالَ وَعلي ابْن يزِيد ضعفه أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَقَالَ النَّسَائِيّ مَتْرُوك وَأحسن مَا وجدنَا فِيهِ قَول ابْن عدي وَقَالَ هُوَ صَالح فِي نَفسه إِلَّا أَن يروي عَنهُ ضَعِيف وَهَذَا قد رَوَى عَنهُ ابْن زحر وَقد ضعفه أَبُو حَاتِم وَابْن معِين وَابْن الْمَدِينِيّ وَوَثَّقَهُ البُخَارِيّ وَله طَرِيق آخر رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي التِّجَارَات ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد الْقطَّان ثَنَا هَاشم بن الْقَاسِم ثَنَا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ عَن عَاصِم عَن أبي الْمُهلب عَن عبيد الله الإفْرِيقِي عَن أبي أُمَامَة قَالَ نهَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن بيع الْمُغَنِّيَات وَعَن شِرَائِهِنَّ وَعَن كَسْبهنَّ وَعَن أكل أَثْمَانهنَّ انْتَهَى_ بدون زيادة الآية_ وَله طَرِيق آخر عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه عَن الْوَلِيد بن الْوَلِيد ثَنَا أَبُو ثَوْبَان عَن يَحْيَى بن الْحَارِث عَن الْقَاسِم عَن أبي أُمَامَة فَذكره بِلَفْظ الطَّبَرِيّ بِزِيَادَة الحَدِيث الَّذِي بعده وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث فرج بن فضَالة عَن عَلّي بن زيد بِدُونِ الزِّيَادَة.
و قال الزيلعي: قلت رَوَاهُ أَبُو يعلي الْموصِلِي فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث رَشِيدين بن سعد عَن يَحْيَى بن أَيُّوب عَن عبيد الله بن زحر عَن عَلّي بن يزِيد عَن الْقَاسِم عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَا رفع رجل صَوته بِالْغنَاءِ إِلَى آخِره << وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه والْحَارث بن أبي أُسَامَة والواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول من حَدِيث مطرح بن يزِيد عَن عبيد الله بن زحر عَن عَلّي بن يزِيد الْأَلْهَانِي عَن الْقَاسِم عَن أبي أَمَامه مَرْفُوعا لَا يحل بيع الْمُغَنِّيَات وَلَا شِرَاؤُهُنَّ وَأَثْمَانُهُنَّ حرَام وَمَا من رجل رفع صَوته بِالْغنَاءِ إِلَى آخِره بِهَذَا السَّنَد الْمَتْن رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه والثعلبي ثمَّ الواحدي فِي تفاسيرهم وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه أَيْضا مُلْحقًا بِالْحَدِيثِ الَّذِي قبله حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر بن سُفْيَان الرقي ثَنَا أَيُّوب بن مُحَمَّد الْوزان ثَنَا الْوَلِيد بن الْوَلِيد ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن ثَابت بن ثَوْبَان عَن يَحْيَى بن الْحَارِث الزيَادي عَن الْقَاسِم عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا نَحوه وَرَوَاهُ فِي كِتَابه الْمُسَمَّى بِمُسْنَد الشاميين ثَنَا مُحَمَّد بن عمار الدِّمَشْقِي ثَنَا الْعَبَّاس بن الْوَلِيد الْخلال ثَنَا الْوَلِيد بن الْوَلِيد بِهِ لَا يحل بيع الْمُغَنِّيَات إِلَى آخِره سَوَاء وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل عَن مسلمة بن عَلّي أبي سعيد الْخُشَنِي ثني يَحْيَى بن الْحَارِث بِهِ وَضعف مسلمة عَن البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن معِين وَوَافَقَهُمْ وَقَالَ عَامَّة أَحَادِيثه غير مَحْفُوظَة انْتَهَى (تخريج الأحاديث والآثار الواردة في الكشاف، ج3/67)
و قال بن كثير: عَلِيٌّ وَشَيْخُهُ وَالرَّاوِي عَنْهُ كُلُّهُمْ ضُعَفَاءُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قال المزيني في كتابه المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة دراسة الأسباب رواية ودراية : هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة وقد ذكر جمهور المفسرين هذا الحديث عند نزولها كالطبري والبغوي وابن العربي وابن عطية والقرطبي وابن كثير وابن عاشور. قال ابن العربي بعد ذكر هذا الحديث وغيره: (هذه الأحاديث التي أوردناها لا يصح منها شيء بحال لعدم ثقة ناقليها إلى من ذكر من الأعيان فيها) اهـ
و قال والظاهر - والله أعلم - أن الحديث ليس سببا لنزول الآية ليس بسبب إسناده فحسب، بل هو أيضا ليس صريحا في النزول لقوله: (في مثل هذا أنزلت). * النتيجة: أن الحديث المذكور ليس سببا لنزول الآية لضعف سنده، ولأنه ليس صريحا في النزول والله أعلم.

أما قول ابن عباس فقد رواه ابن أبي شيبة في مصنقه،و ابن جرير و رواه ابن المنذر و ابن مردويه كما في الدر المنثور و ذكره الواحدي .
- أما رواية ابن أبي شيبة عن الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، و فيها زيادة الغناء .
- و رواية ابن جرير من طريق عن الحكم أو مقسم، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: شراء المغنية.
قال الواحدي: وَقَالَ ثُوَيْرُ بْنُ أَبِي فَاخِتَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً تُغَنِّيهِ لَيْلًا وَنَهَارًا.
قال القاضي ابن العربي: أما قول ابن عباس أنها نزلت في حل من اشترى مغنية اغنيه ليلا نهارا لم يصح سندا و لا يصح المعنى.
أما قول مجاهد فقد رواه عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ و البيهقي عن طريق إبراهيم بن الحسين , ثنا آدم , ثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد
و أما قول مكحول فقد أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق قال أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم بن الخطاب أنا أبو الحسن عبد الملك بن عبد الله بن محمود بن مسكين الفقيه الشافعي أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل بن الفرج المهندس أنا أبو محمد بكر بن أحمد نا أبو حميد أحمد بن محمد بن المغيرة نا معاوية بن حفص ثنا رستم قال سمعت مكحولا يقول في قوله عز وجل " ومن الناس من يشتري لهو الحديث "قال الجواري الضاربات
و قال( رستم أبو يزيد حدث عن مكحول روى عنه مروان أظنه ابن محمد ومعاوية بن حفص الشعبي)
عقب البغوي على هذا الرأي بقوله : وَوَجْهُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مَنْ يَشْتَرِي ذَاتَ لَهْوِ أَوْ ذَا لَهْوِ الْحَدِيثِ.
3- المراد بلهو الحديث الباطل و حديثه:
قاله: قتادة،و ابن زيد.
التخريج :
أما قول قتادة فقد رواه كلًا من عبد الرزاق الصنعاني و بن جرير .
- أما عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ فقد رواه فقال: نا معمر عن قتادة في قوله ومن الناس من يشتري لهو الحديث قال أما والله لعله ألا يكون أنفق فيه مالا وبحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق.
- و أما ابن جرير فقد قال: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل اللّه بغير علمٍ} واللّه لعلّه أن لا ينفق فيه مالاً، ولكن اشتراؤه استحبابه، بحسب المرء من الضّلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحقّ، وما يضرّ على ما ينفع.
و أما قول ابن زيد فقد رواه ابن جرير فقال :حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل اللّه بغير علمٍ ويتّخذها هزوًا} قال: هؤلاء أهل الكفر، ألا ترى إلى قوله: {وإذا تتلى عليه آياتنا ولّى مستكبرًا كأن لم يسمعها كأنّ في أذنيه وقرًا} فليس هكذا أهل الإسلام، قال: وناسٌ يقولون: هي فيكم، وليس كذلك، قال: وهو الحديث الباطل الّذي كانوا يلغون فيه.
قال الواحدي في التفسير البسيط: وإن كان اللفظ قد ورد بالشراء ولفظ الشراء يذكر في الاستبدال والاختيار، وهو كثير في القرآن، ويدل على هذا ما قال قتادة في هذه الآية: أما والله لعله ألا يكون أنفق مالاً، وبحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق (التفسير البسيط للواحدي ،18/92-96).
قال فخر الدين الرازي لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الْقُرْآنَ كِتَابٌ حَكِيمٌ يَشْتَمِلُ عَلَى آيَاتٍ حُكْمِيَّةٍ بَيَّنَ مِنْ حَالِ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ يَتْرُكُونَ ذَلِكَ وَيَشْتَغِلُونَ بِغَيْرِهِ، ثُمَّ إِنَّ فِيهِ مَا يُبَيِّنُ سُوءَ صَنِيعِهِمْ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ: أَنَّ تَرْكَ الْحِكْمَةِ وَالِاشْتِغَالَ بِحَدِيثٍ آخَرَ قَبِيحٌ الثَّانِي: هُوَ أَنَّ الْحَدِيثَ إِذَا كَانَ لَهْوًا لَا فَائِدَةَ فِيهِ كَانَ أَقْبَحَ/ الثَّالِثُ: هُوَ أَنَّ اللَّهْوَ قَدْ يُقْصَدُ بِهِ الْإِحْمَاضُ كَمَا يُنْقَلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ أَحَمِضُوا. و قال : قوله تعالى * (وإذا تتلى عليه ءاياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن فى أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم) *. أي يشتري الحديث الباطل، والحق الصراح يأتيه مجانا يعرض عنه،(مفاتيح الغيب ، 25/140).

و قال البيضاوي ما يُلْهِي عَمّا يَعْنِي كالأحادِيثِ الَّتِي لا أصْلَ لَها والأساطِيرِ الَّتِي لا اعْتِبارَ بِها والمَضاحِكِ وفُضُولِ الكَلامِ، والإضافَةُ بِمَعْنى مِن وهي تَبْيِينِيَّةٌ إنْ أرادَ بِالحَدِيثِ المُنْكَرَ وتَبْعِيضِيَّةٌ إنْ أرادَ بِهِ الأعَمَّ.
4- المراد بلهو الحديث أدوات الغناء كالطبل و المزامير
قاله مجاهد ، روى ذلك عنه ابن جريرفقال: وقال آخرون: عنى باللّهو: الطّبل. ذكر من قال ذلك: - حدّثني عبّاس بن محمّدٍ، قال: حدّثنا حجّاجٌ الأعور، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: اللّهو: الطّبل
و قال الألباني في كتابه تحريم آلات الطرب : ورجاله كلهم ثقات فهو صحيح إن كان ابن جريج سمعه من مجاهد.
و قال في الباب عن الحسن البصري قال: نزلت هذه الآية {ومن الناس..} إلخ في الغناء والمزامير. عزاه السيوطي في الدر المنثور 5 / 159 [لابن أبي حاتم] وسكت عنه كغالب عادته ولم أقف على إسناده لأنظر فيه.
و هذا القول لمجاهد يشابه القول في تفسير اللهو في الآية ﴿وَإِذَا رَأَوۡا۟ تِجَـٰرَةً أَوۡ لَهۡوًا ٱنفَضُّوۤا۟ إِلَیۡهَا وَتَرَكُوكَ قَاۤىِٕمࣰاۚ قُلۡ مَا عِندَ ٱللَّهِ خَیۡرࣱ مِّنَ ٱللَّهۡوِ وَمِنَ ٱلتِّجَـٰرَةِۚ وَٱللَّهُ خَیۡرُ ٱلرَّ ٰ⁠زِقِینَ﴾ [الجمعة ١١] فقد اختار الفراء في اللهو هنا الطبل ،و قال الزجاج: واللهو ههنا قيل الطبل، وهو - والله أعلم - كل ما يلهى به.
و قال :يقال: "قدِم دِحْيَةُ الكلبيُّ -رضي الله عنه- بتجارة له من الشام، فضَرب بالطبل: لِيُؤْذِنَ الناسَ بقدومه(".الجزء ٣ ،٣٧٦)
، و قال النحاس : وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها اختلف العلماء في اللهو هاهنا، فروى سليمان بن بلال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال: كانت المرأة إذا أنكحت حرّكت لها المزامير فابتدر الناس إليها فأنزل الله جلّ وعزّ هذا. وقال مجاهد: اللهو الطبل. قال أبو جعفر: والقول الأول أولى بالصواب لأن جابرا مشاهد للتنزيل، ومال الفرّاء إلى القول الثاني لأنهم فيما ذكر كانوا إذا وافت تجارة ضربوا لها بطبل، فبدر الناس إليها. وكان الفرّاء يعتمد في كتابه في المعاني على الكلبيّ والكلبي متروك الحديث
5- المراد بلهو الحديث الشرك
قاله الضحاك ، رواه بن جرير قال حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} يعني الشّرك.
قال القاضي ابن العربي : أما من قال هو الشرك و ادخل حديث النصر فيه فهو محتمل و به يتصل ، ألا ترى ما عقب هذه الآية : و إذا تتلى عليه آياتنا ولىنستكبرا)
6- المراد بلهو الحديث الغناء:
قاله ابن عباس ، و ابن مسعود، مجاهد، جابر،عكرمة، عطاء الخرساني، و رُويَ عن الحسن البصري.
التخريج :
أما قول ابن عباس فقد رواه سفيان الثوري في تفسيره ، الفراء في معاني القرآن و إعرابه، أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي والبخاري و أبو جعفر الترمذي ، الرازي ابن أبي حاتم، محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ في مستدركه، البيهقي في سننه، و ابن كثير،و عبدالله بن وهب المصري في الجامع في علوم القرآن.
- و رواه البخاري في الأدب المفرد، ابن جرير ،البيهقي في سننه،ابن ابي الدنيا في كتابه ذم المعازف؛ من طريق عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ ؛ و روى ابن جرير ثلاث روايات اثنين منهما بزيادة أشباهه و نحوه، و روى البخاري و البيهقي بزيادة و أشباهه فقط.
- قال الحاكم في مستدركه: هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه و قال الألباني في كتاب صحيح الأدب المفرد ( صحيح الإسناد موقوفًا).
-و روى ابن جرير من طرق أخرى بزيادة ( و الاستماع إليه).

أما قول ابن مسعود : رواه كلًا من عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ في (الجامع في علوم القرآن و ابن أبي شيبة في مصنفه،و ابن أبي الدنيا في كتابه ذم المعازف ،و ابن جرير، الحاكم في مستدركه، ابن كثير في تفسيره ، و رواه ابن المنذر كما في الدر المنثور للسيوطي من طريق سعيد بن جبيرٍ، عن أبي الصّهباء البكريّ عن عبد اللّه بن مسعودٍ
أما قول مجاهد فقد رواه سفيان الثوري ،وعبد الله بن وهب المصري، و الفراء وعبد الرزاق الصنعاني ، و أبو حذيفة موسى النهدي ، ابن أبي شيبة ، الترمذي، و ابن أبي الدنيا في كتابه ذم المعازف، و ابن جرير، و ابن عساكر.
- و قد رواه سفيان الثوري،وابن أبي شيبة ابن أبي الدنيا في ذم المعازف و ابن جرير من طريق حبيب بن أبي ثابتٍ عن مجاهدٍ.
- و رواه عبد الله بن وهب ،و الترمذي، و ابن جرير من طريق ابن أبي نجيح، عن مجاهد .
- و رواه عبدالرزاق الصنعاني و أبو حذيفة بن موسى السعدي، و ابن جرير من طريق: سفيان الثوري عن عبد الكريم البصري عن مجاهد.
- و رواه الفراء و ابن جرير من طريق ليث عن مجاهد
- و لابن أبي شيبة و ابن جرير و رواية أخرى من طريق شعبة، عن الحكم، عن مجاهد
- و رواية ابن أبي الدنيا في كتابه ذم المعازف قال فيها:حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْوَرْدِ , قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ , يَقُولُ: " كَانَ مُجَاهِدٌ , يَقُولُ: {§وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6] قَالَ: هُوَ الْغِنَاءُ "
- و روى ابن عساكر في ذم الملاهي فقال أخبرنا الشيخان: أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر، -[40]- وأبو الفتح مفلح بن أحمد بن محمد الدومي الوراق ببغداد، قالا: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد البزاز، قال: أنا عبيد الله بن محمد بن إسحاق البزاز، قال: أنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، قال: ثنا هدبة بن خالد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن بن مسلم، عن مجاهد، في قوله عز وجل: ((ومن الناس من يشتري لهو الحديث))، قال: ((الغناء)).
أما قول جابر فقد رواه ابن جرير فقال؛ حدّثنا الحسن بن عبد الرّحيم، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، قال: حدّثنا سفيان، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن جابرٍ، في قوله: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: هو الغناء والاستماع له
أما قول عكرمة فقد رواه كلًا من ؛ ابن ابي شيبة ،و ابن أبي الدنيا و ابن جرير
و قد روى ابن جرير و ابن أبي الدنيا و ابن أبي شيبة من طريق إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن شعيب بن يسارٍ، عن عكرمة، و لابن أبي شيبة و ابن جرير رواية أخرى من طريق أسامة بن زيدٍ، عن عكرمة.
أما قول عطاء الخرساني : فقد رواه الرملي و ذكره ابن أبي حاتم دون إسناد.
قال مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله عزّ وجلّ: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: الغناء والباطل ونحو ذلك). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 89].
أما قول الحسن البصري فقد ذكره كلًا من ابن أبي حاتم الرازي، ابن كثير.
قال الواحدي في التفسير البسيط: وأكثر المفسرين على أن المراد بلهو الحديث: الغناء
قال القرطبي لَهْوَ الْحَدِيثِ": الْغِنَاءُ، فِي قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا قُلْتُ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ، لِلْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ فِيهِ، وَقَوْلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِيهِ (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي،14/51-54)
قال ابن القيم : ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث: بأنه الغناء، فقد صح ذلك عن ابن عباس، وابن مسعود. قال أبو الصهباء: "سألت ابن مسعود عن قوله تعالى: ﴿ومن الناس من يشترى لهو الحديث﴾ [لقمان: ٦] فقال: والله الذي لا إله غيره هو الغناء - يرددها ثلاث مرات. وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضًا أنه: الغناء. قال الحاكم أبو عبد الله في التفسير، من كتاب المستدرك: "ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابى الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين: حديث مسند. وقال في موضع آخر من كتابه: "هو عندنا في حكم المرفوع". وهذا، وإن كان فيه نظر، فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير من بعدهم، فهم أعلم الأمة بمراد الله عز وجل من كتابه، فعليهم نزل، وهم أول من خوطب به من الأمة. وقد شاهدوا تفسيره من الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم علمًا وعملًا، وهم العرب الفصحاء على الحقيقة، فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيل.
و قد جمع بعض العلماء و المفسرين بين قولين أو أكثر منهم، و منهم من قال بالعموم، و ممن جمع بين قولين ؛ابن كثير و البغوي،ابن القيم .
قال البغوي في تفسيره (510): وَمَعْنَى قَوْلِهِ: {يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} أَيْ: يَسْتَبْدِلُ وَيَخْتَارُ الْغِنَاءَ وَالْمَزَامِيرَ وَالْمَعَازِفَ عَلَى الْقُرْآنِ
قال ابن القيم (751): ولا تعارض بين تفسير "لهو الحديث" بالغناء، وتفسيره: بأخبار الأعاجم وملوكها، وملوك الروم، ونحو ذلك مما كان النضر بن الحارث يحدث به أهل مكة، يشغلهم به عن القرآن، فكلاهما لهو الحديث، ولهذا قال ابن عباس: "لهو الحديث: الباطل والغناء". فمن الصحابة من ذكر هذا، ومنهم من ذكر الآخر، ومنهم من جمعهما. والغناء أشد لهوًا، وأعظم ضررًا من أحاديث الملوك وأخبارهم، فإنه رقية الزنا، ومنبت النفاق، وشرك الشيطان، وخمرة العقل، وصده عن القرآن أعظم من صد غيره من الكلام الباطل، لشدة ميل النفوس إليه، ورغبتها فيه
قال ابن كثير في تفسيره (توفي 774): لَمَّا ذَكَّرَ تَعَالَى حَالَ السُّعَدَاءِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَهْتَدُونَ بكتاب الله وينتفعون بسماعه، كَمَا قَالَ تَعَالَى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ [الزمر: 23] الآية، عَطَفَ بِذِكْرِ حَالِ الْأَشْقِيَاءِ الَّذِينَ أَعْرَضُوا عَنِ الِانْتِفَاعِ بِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ وَأَقْبَلُوا عَلَى اسْتِمَاعِ الْمَزَامِيرِ وَالْغَنَاءِ بِالْأَلْحَانِ وَآلَاتِ الطَّرَبِ
قال الواحدي(468): قال أهل المعاني: ويدخل في هذا كل من اختار اللهو والغناء والمزامير والمعازف على القرآن (
و ممن قال بالعموم : البخاري في صحيحه،ابن جرير في تفسيره، النحاس في إعراب القرآن ابن عطية في تفسيره، الزمخشري في الكشاف،
قال أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (ت: 256 هـ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [لقمان: 6] (لهو الحديث) كل كلام لا فائدة فيه ولا جدوى والكلام الخيالي الذي لا يستند إلى أساس واقع وكل ما يشغل عن عبادة الله تعالى وذكره من السمر والأضاحيك ونحو ذلك [كتاب التفسير من صحيح البخاري.
قال ابن جرير: والصّواب من القول في ذلك أن يقال: عنى به كلّ ما كان من الحديث ملهيًا عن سبيل اللّه، ممّا نهى اللّه عن استماعه أو رسوله، لأنّ اللّه تعالى عمّ بقوله {لهو الحديث} ولم يخصّص بعضًا دون بعضٍ، فذلك على عمومه، حتّى يأتي ما يدلّ على خصوصه، والغناء والشّرك من ذلك.
قال أبو جعفر النحاس (338) : وأبين ما قيل في الآية ما رواه عبد الكريم , عن مجاهد قال: الغناء , وكل لعب لهو . قال أبو جعفر : فالمعنى ما يلهيه من الغناء , وغيره مما يلهي.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله( 541) ( والذي يترجح أن الآية نزلت في لهو حديث مضاف إلى كفر، فلذلك اشتدت ألفاظ الآية بقوله: {ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا} والتوعد بالعذاب المهين و"لهو الحديث" كل ما يلهي من غناء وخنا ونحوه، والآية باقية المعنى في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن ليس ليضلوا عن سبيل الله بكفر، ولا ليتخذوا الآيات هزوا، ولا عليهم هذا الوعيد، بل ليعطل عبادة، ويقطعهم زمنا بمكروه، ولكونهم من جملة العصاة، والنفوس الناقصة تروم تتميم ذلك النقص بالأحاديث، وقد جعلوا الحديث من القرى، وقيل لبعضهم: أتمل الحديث؟ فقال: إنما يمل العتيق القديم المعاد; لأن الحديث من الأحاديث فيه الطرافة التي تمنع من الملل.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: عنى به كلّ ما كان من الحديث ملهيًا عن سبيل اللّه، ممّا نهى اللّه عن استماعه أو رسوله، لأنّ اللّه تعالى عمّ بقوله {لهو الحديث} ولم يخصّص بعضًا دون بعضٍ، فذلك على عمومه، حتّى يأتي ما يدلّ على خصوصه، والغناء والشّرك من ذلك.
قال الزمخشري في الكشاف(538) اللهو كل باطل ألهى عن الخير وعما يعنى ولَهْوَ الْحَدِيثِ نحو السمر بالأساطير والأحاديث التي لا أصل لها، والتحدث بالخرافات والمضاحيك وفضول الكلام، وما لا ينبغي من كان وكان، ونحو الغناء وتعلم الموسيقار، وما أشبه ذلك
قال القاضي أبو بكر بن العربي(543): قول ابن عمر - لم أجد سنده- أن اللهو هو الغناء لم يثبت ذلك في الآية لأنه لم يطلق لهو الحديث بل قيده ( ليصل عن سبيل الله ) و ليست هذه صفة الغناء و إنما هو لهو مطلق و قد يكون غيره .
قال عبد الرحمن المبافوركي (1353):وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لهو الحديث أَيْ يَشْتَرِي الْغِنَاءَ وَالْأَصْوَاتَ الْمُحَرَّمَةَ الَّتِي تُلْهِي عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ
قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ الإضافة فيه بمعنى من البيان نَحْوَ جُبَّةِ خَزٍّ وَبَابِ سَاجٍ أَيْ يَشْتَرِي اللَّهْوَ مِنَ الْحَدِيثِ
لِأَنَّ اللَّهْوَ يَكُونُ مِنَ الْحَدِيثِ وَمِنْ غَيْرِهِ
والْمُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ الْمُنْكَرُ فَيَدْخُلُ فِيهِ نَحْوُ السَّمَرِ بِالْأَسَاطِيرِ وَبِالْأَحَادِيثِ الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا وَالتَّحَدُّثُ بِالْخُرَافَاتِ وَالْمَضَاحِيكِ وَالْغِنَاءُ وَتَعَلُّمُ الْمُوسِيقَى وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ .
و مما سبق يتبين لنا أن القول الراجح هو القائل بالعموم و يدخل فيه دخولًا أوليًا الغناء و ذلك لأسباب:
1- ما ثبت عن الصحابة و التابعيين في تفسير المراد من لهو الحديث بالغناء فقط في روايات و روايات فيها زيادة و ما شابهه،و قولهم يُقدم على غيره للأسباب التي ذكرها ابن القيم و أوردها الزهري في كتابه التفسير و المفسرين ، حيث قال : قال الزركشى فى "البرهان": "اعلم أن القرآن قسمان: قسم ورد تفسيره بالنقل، وقسم لم يرد. والأول: إما أن يرد عن النبى صلى الله عليه وسلم، أو الصحابة أو رؤوس التابعين، فالأول يُبحث فيه عن صحة السند، والثانى يُنظر فى تفسرب الصحابى، فإن فسَّره من حيث اللغة فهم أهل اللسان فلا شك فى اعتماده، أو بما شاهدوه من الأسباب والقرائن فلا شك فيه".
وقال الحافظ ابن كثير فى مقدمة تفسيره: "... وحينئذ إذا لم نجد التفسير فى القرآن ولا فى السُّنَّة، رجعنا فى ذلك إلى أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك، لِمَا شاهدوه من القرائن والأحوال التى اختُصوا بها، ولِمَا لهم من الفهم التامَ، والعلم الصحيح، والعمل الصالح، لا سيما علماؤهم وكبراؤهم، كالأئمة الأربعة، والخلفاء الراشدين، والأئمة المهتدين المهديين، وعبد الله بن مسعود رضى الله عنهم".وهذا الرأى الأخير هو الذى تميل إليه النفس، ويطمئن إليه القلب لِمَا ذُكر.
2- إرادة العموم و ذلك من معنى الإضافة المعنوية و تقديرها بمن، و فصل ذلك الألوسي في روح المعاني فقال: الألوسي١٢٧٠ ( ولَهْوَ الحَدِيثِ ) عَلى ما رُوِيَ عَنِ الحَسَنِ كُلُّ ما شَغَلَكَ عَنْ عِبادَةِ اللَّهِ تَعالى وذِكْرِهِ مِنَ السَّمَرِ والأضاحِيكِ والخُرافاتِ والغِناءِ ونَحْوِها، والإضافَةُ بِمَعْنى مِن، إنْ أُرِيدَ بِالحَدِيثِ المُنْكَرُ، كَما في حَدِيثِ: ««الحَدِيثُ في المَسْجِدِ يَأْكُلُ الحَسَناتِ كَما تَأْكُلُ البَهِيمَةُ الحَشِيشَ»» بِناءً عَلى أنَّها بَيانِيَّةٌ وتَبْعِيضِيَّةٌ إنْ أُرِيدَ بِهِ ما هو أعَمُّ مِنهُ، بِناءً عَلى مَذْهَبِ بَعْضِ النُّحاةِ كابْنِ كَيْسانَ، والسِّيرافِيِّ قالُوا: إضافَةُ ما هو جُزْءٌ مِنَ المُضافِ إلَيْهِ بِمَعْنى مِنَ التَّبْعِيضِيَّةِ كَما يَدُلُّ عَلَيْهِ وُقُوعُ الفَصْلِ بِها في كَلامِهِمْ، والَّذِي عَلَيْهِ أكْثَرُ المُتَأخِّرِينَ، وذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ السِّراجِ، والفارِسِيُّ وهو الأصَحُّ أنَّها عَلى مَعْنى اللّامِ كَما فَصَّلَهُ أبُو حَيّانَ في شَرْحِ التَّسْهِيلِ وذَكَرَهُ شارِحُ اللُّمَعِ.
و قال :والأحْسَنُ تَفْسِيرُهُ بِما يَعُمُّ كُلَّ ذَلِكَ، كَما ذَكَرْناهُ عَنِ الحَسَنِ، وهو الَّذِي يَقْتَضِيهِ ما أخْرَجَهُ البُخارِيُّ في الأدَبِ المُفْرَدِ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قالَ: ( لَهْوُ الحَدِيثِ ) هو الغِناءُ، وأشْباهُهُ.
و قال الزمخشري: قال الزمخشري: فإن قلت: ما معنى إضافة اللهو إلى الحديث؟ قلت: معناها التبيين، وهي الإضافة بمعنى من، وأن يضاف الشيء إلى ما هو منه، كقولك: صفة خز، وباب ساج . والمعنى: من يشترى اللهو من الحديث، لأن اللهو يكون من الحديث ومن غيره، فبين بالحديث. والمراد بالحديث. الحديث المنكر، كما جاء في الحديث: «الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش » ويجوز أن تكون الإضافة بمعنى «من» التبعيضية، كأنه قيل: ومن الناس من يشترى بعض الحديث الذي هو اللهو منه.
و قال ابن عاشور(1393) : واللَّهْوُ: ما يُقْصَدُ مِنهُ تَشْغِيلُ البالِ وتَقْصِيرُ طُولِ وقْتِ البِطالَةِ دُونَ نَفْعٍ، لِأنَّهُ إذا كانَتْ في ذَلِكَ مَنفَعَةٌ لَمْ يَكُنِ المَقْصُودُ مِنهُ اللَّهْوَ بَلْ تِلْكَ المَنفَعَةُ، ولَهْوُ الحَدِيثِ ما كانَ مِنَ الحَدِيثِ مُرادًا لِلَّهْوِ فَإضافَةُ لَهْوَ إلى الحَدِيثِ عَلى مَعْنى (مِنَ) التَّبْعِيضِيَّةِ عَلى رَأْيِ بَعْضِ النُّحاةِ، وبَعْضُهم لا يُثْبِتُ الإضافَةَ عَلى مَعْنى (مِنَ) التَّبْعِيضِيَّةِ فَيَرُدُّها إلى مَعْنى اللّامِ.
3-معنى الشراء في الآية ؛ يحتمل أنه على ظاهره أنه الشراء( شراء المغنية، شراء الكتب؛ سبب النزول ) ،أو مجازًا أي استحباب و اختيار، و القولان يسعهم المقال ، قال الزمخشري: وقوله يَشْتَرِي إما من الشراء، على ما روى عن النضر: من شراء كتب الأعاجم أو من شراء القيان. وإما من قوله اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ أى استبدلوه منه واختاروه عليه. وعن قتادة: اشتراؤه: استحبابه، يختار حديث الباطل على حديث الحق..
قال ابن عاشور : فالِاشْتِراءُ هُنا مُسْتَعْمَلٌ في صَرِيحِهِ وكِنايَتِهِ: فالصَّرِيحُ تَشْوِيهٌ لِاقْتِناءِ النَّضْرِ بْنِ الحارِثِ قِصَصَ رُسْتَمَ وإسْفِنْدِيارَ وبَهْرامَ، والكِنايَةُ تَقْبِيحٌ لِلَّذِينَ التَفُّوا حَوْلَهُ وتَلَقَّوْا أخْبارَهُ، أيْ مِنَ النّاسِ مَن يَشْغَلُهُ لَهْوُ الحَدِيثِ والوَلَعُ بِهِ عَنِ الِاهْتِداءِ بِآياتِ الكِتابِ الحَكِيمِ.
.4- معنى اللهو لغة و في أقوال المفسرين مما يقتضي عموم المراد، قال بن الجوزي(597): وإِنما قيل لهذه الأشياء: لهو الحديث، لأنها تُلهي عن ذِكْر الله تعالى.( زاد المسير ، ج3/430)
ففي معجم لسان العرب "اللَّهْو: ما لَهَوْت به ولَعِبْتَ به وشغَلَك من هوى وطَربٍ ونحوهما. وفي الحديث: ليس شيء من اللَّهْوِ إَلاَّ في ثلاث أَي ليس منه مباح إِلاَّ هذه، لأَنَّ كلَّ واحدة منها إِذا تأَملتها وجدتها مُعِينة على حَق أَو ذَرِيعة إِليه. واللَّهْوُ: اللَّعِب. يقال: لهَوْتُ بالشيء أَلهُو به لَهْواً وتَلَهَّيْتُ به إِذا لَعِبتَ به وتَشاغَلْت وغَفَلْتَ به عن غيره. ولَهِيتُ عن الشيء، بالكسر، أَلْهَى، بالفتح، لُهِيّاً ولِهْياناً إِذا ‏سَلَوْتَ عنه وتَرَكْتَ ذكره وإِذا غفلت عنه واشتغلت.
و قال القاضي بن العربي (543): اللهو هو كل شغل لا فائدة فيه أخروية و يستعمل في الدموية مجازا و يكون في الفعل و يكون في القول فإن كان فيه إثم كان لهوا أيضا و هو أشده.
و قال ابن عاشور: واللَّهْوُ: ما يَشْتَغِلُ بِهِ الإنْسانُ مِمّا تَرْتاحُ إلَيْهِ نَفْسُهُ ولا يَتْعَبُ في الِاشْتِغالِ بِهِ عَقْلُهُ، فَلا يُطْلَقُ إلّا عَلى ما فِيهِ اسْتِمْتاعٌ ولَذَّةٌ ومُلائِمَةٌ لِلشَّهْوَةِ.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10 ربيع الأول 1443هـ/16-10-2021م, 10:20 PM
رولا بدوي رولا بدوي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 341
افتراضي

في رأس المسألة و مقدمة التحرير: المعنى المراد من( لهو الحديث)، اشتهرت هذه المسألة بين المفسرين و العلماء و ذلك لأنها من أهم الأدلة التي يُبنى عليها حكم الغناء من تحريم و جواز و كراهة، و من خلال هذه الدراسة سيتبين لنا بإذن الله المعنى المراد من لهو الحديث في هذه الآية .
إضافة أخرى في قول ابن عباس أنها شراء المغنية أثر آخر، رواه جويبر كما في الدر المنثور
وأخرج جويبر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال: أنزلت في النضر بن الحارث، اشترى قينة فكان لا يسمع بأحد يريد الإسلام إلا انطلق به إلى قينته فيقول: أطعميه واسقيه وغنيه هذا خير مما يدعوك إليه محمد من الصلاة والصيام وان تقاتل بين يديه فنزلت).*[الدر المنثور: 11/613]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 ربيع الأول 1443هـ/16-10-2021م, 11:53 PM
فروخ الأكبروف فروخ الأكبروف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 302
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله.
اختلف العلماء في المراد بلهو الحديث على أقوال:
القول الأول: هو الغناء والاستماع له.
هو قول ابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، وجابر، ومجاهد، وعكرمة، والحسن، والثوري، وعطاء الخراساني، ومسلم بن خالد الزنجي.
قال الزجاج: "فأكثر ما جاء في التفسير أن (لَهوَ الحديث) ههنا الغِنَاء؛ لأنه يُلْهِي عَنْ ذكر اللَّه..."
قال الواحدي: "وأكثر المفسرين على أن المراد بلهو الحديث الغناء".

- قول ابن مسعود رواه عبد الله بن وهب المصري وابن أبي شيبة وابن جرير من طريق سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ الْبَكْرِيِّ عنه.
- أما قول ابن عباس فرواه ابن أبي شيبة وابن جرير من طريق مقسم، ومن طريق عطاء، عن سعيد بن جبير عنه.
- أما قول ابن عمر فذكره عنه مكي بن أبي طالب، وابن العربي، والقرطبي، وابن كثير.
- أما قول جابر فرواه ابن جرير فقال: حدثنا الحسن بن عبد الرحيم، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: ثنا سفيان، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن جابر في قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ} قال: هو الغناء والاستماع له.
- أما قول مجاهد فرواه الثوري في تفسيره، ومسلم بن خالد الزنجي وعبد الله بن وهب المصري من طريق أبي نجيح عنه، وعبد الرزاق عن الثوري عن عبد الكريم البصري الجزري عنه، وابن أبي شيبة، وابن جرير من طرق عنه.
- أما قول عكرمة فرواه ابن أبي شيبة وابن جرير من طريق شعيب وأسامة بن زيد.
- أما قول الحسن فرواه ابن أبي حاتم كما قال السيوطي في الدر المنثور. وذكره أيضا عنه البغوي، وابن عطية، والقرطبي.
- أما قول عطاء الخراساني فهو في تفسيره الذي رواه رشدين بن سعد، عن يونس بن يزيد عنه.

ولمجاهد قول آخر، وهو أن المراد الطبل.
قال ابن جرير: حدثني عباس بن محمد، قال: ثنا حجاج الأعور، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، قال: اللهو: الطبل.
وهذا موافق لما ذكر آنفا.
قال ابن عطية: وقال مجاهد أيضا: "لَهْوَ الْحَدِيثِ الطبل"، وهذا ضرب من الغناء.

ويستدل لهذا القول بما رواه الترمذي فقال: "حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ القَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا تَبِيعُوا القَيْنَاتِ، وَلَا تَشْتَرُوهُنَّ، وَلَا تُعَلِّمُوهُنَّ، وَلَا خَيْرَ فِي تِجَارَةٍ فِيهِنَّ، وَثَمَنُهُنَّ حَرَامٌ، فِي مِثْلِ هَذَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [لقمان: 6] إِلَى آخِرِ الآيَةِ. وَفِي البَابِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ. حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ غَرِيبٌ إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِثْلَ هَذَا مِنْ هَذَا الوَجْهِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ فِي عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ وَضَعَّفَهُ وَهُوَ شَامِيٌّ.
وقال أيضا: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ القَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَبِيعُوا القَيْنَاتِ وَلَا تَشْتَرُوهُنَّ وَلَا تُعَلِّمُوهُنَّ، وَلَا خَيْرَ فِي تِجَارَةٍ فِيهِنَّ وَثَمَنُهُنَّ حَرَامٌ»، وَفِي مِثْلِ ذَلِكَ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ [ص:346] {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [لقمان: 6] إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ إِنَّمَا يُرْوَى مِنْ حَدِيثِ القَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَالقَاسِمُ ثِقَةٌ، وَعَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ يُضَعَّفُ فِي الحَدِيثِ، سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ: الْقَاسِمُ ثِقَةٌ، وَعَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ يُضَعَّف".
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ: "وعند الإمام أحمد عن وكيع قال: حدّثنا خلاّد الصفار عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمن هو أبو عبد الرحمن مرفوعًا: "لا يحل بيع المغنيات ولا شراؤهن ولا التجارة فيهن وأكل أثمانهن حرام". ورواه ابن أبي شيبة بالسند المذكور إلى القاسم عن أبي أمامة مرفوعًا بلفظ أحمد، وزاد وفيه أنزلت هذه الآية {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} ورواه الترمذي من حديث القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام في مثل هذا أنزلت هذه الآية {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} الآية". وقال: حديث غريب إنما نعرفه من هذا الوجه قال: وسألت البخاري عن إسناد هذا الحديث فقال: علي بن يزيد ذاهب الحديث ووثق عبيد الله والقاسم بن عبد الرحمن، ورواه ابن ماجة في التجارات من حديث عبيد الله الأفريقي عن أبي أمامة قال: نهى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن بيع المغنيات وعن شرائهن وعن كسبهن وعن أكل أثمانهن. ورواه الطبراني عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "ثمن القينة سحت وغناؤها حرام والنظر إليها حرام وثمنها من ثمن الكلب وثمن الكلب سحت ومن نبت لحمه من سحت فالنار أولى به". ورواه البيهقي عن أبي أمامة من طريق ابن زحر مثل رواية الإمام أحمد، وفي معجم الطبراني الكبير من حديث أبي أمامة الباهلي أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَم قال: "ما رفع رجل بعقيرته غناء إلا بعث الله شيطانين يجلسان على منكبيه يضربان بأعقابهما على صدره حتى يسكت متى سكت". وقيل الغناء مفسدة للقلب منفذة للمال مسخطة للرب، وفي ذلك الزجر الشديد للأشقياء المعرضين عن الانتفاع بسماع كلام الله المقبلين على استماع المزامير والغناء بالألحان وآلات الطرب وإضافة اللهو إلى الحديث للتبيين بمعنى "من" لأن اللهو يكون من الحديث وغيره فبين بالحديث أو للتبعيض كأنه قيل: ومن الناس من يشتري بعض الحديث الذي هو اللهو منه..."
قال أبو العباس شهاب الدين أحمد بن أبي بكر البوصيري: " قال مسدد: ثنا عبد الوارث، عن ليث، عن عبيد الله، عن القاسم، عن أبي أمامة وعائشة في قوله تعالى: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ...} قال: لا يحل بيع المغنيات ولا شراؤهن ولا أكل أثمانهن ولا تعليمهن. قال مجاهد: ولا الاستماع إليهن.
رواه الحارث بن محمد بن أبي أسامة: ثنا إسماعيل بن أبي إسماعيل، ثنا إسماعيل بن عياش، عن مطرح بن يزيد الكناني، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل تعليم المغنيات ولا شراؤهن ولا بيعهن، وثمنهن حرام وقد نزل تصديق ذلك في كتاب الله: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث...} - الآية- والذي نفس محمد بيده، ما رفع رجل قط عقيرته بغناء إلا ارتدفه شيطانان يضربان بأرجلهما على ظهره وصدره حتى يسكت".
ورواه أحمد بن حنبل في مسنده والبيهقي.
قلت: رواه الترمذي من طريق علي بن يزيد، عن القاسم، وابن ماجه من طريق عبيد الله الإفريقي، كلاهما عن أبي أمامة فقط مرفوعا، ولم يذكرا ما قاله مجاهد".
قال ابن كثير: "قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي: حدثنا وكيع، عن خلاد الصفار، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل بيع المغنيات ولا شراؤهن، وأكل أثمانهن حرام، وفيهن أنزل الله عز وجل علي: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث}.
وهكذا رواه الترمذي وابن جرير، من حديث عبيد الله بن زحر بنحوه، ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب. وضعف علي بن يزيد المذكور.
قلت: علي، وشيخه، والراوي عنه، كلهم ضعفاء. والله أعلم".
قال محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي: "وأما قول ابن عمر أن اللهو هو الغناء فلم يثبت ذاك في الآية؛ لأنه لم يطلق لهو الحديث، وإنما قيده بصفة هي قوله: {ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذ سبيل الله هزوا}، وليست هذه صفة الغناء وإنما هو لهو مطلق وقد يكون غيره".

القول الثاني: هو الباطل.
وهو قول قتادة.
- قول قتادة رواه عَبْدُ الرَّزَّاق عن معمر عنه.
- وأخرجه ابن جرير قال: "حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بغَيْرِ عِلْمٍ}: والله لعله أن لا ينفق فيه مالا، ولكن اشتراؤه استحبابه، بحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحقّ، وما يضرّ على ما ينفع".
- وأخرجه عن قتادة ابن أبي حاتم كما قال السيوطي في الدر المنثور.
قال الواحدي: "أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم النصراباذي الصوفي، أنا إسماعيل بن نجيد، أنا محمد بن الحسن بن الخليل، نا هشام بن عمار، نا محمد بن القاسم بن سميع، أنا ابن أبي الزعيزعة، عن نافع، عن ابن عمر، أنه سمع النبي، صلى الله عليه وسلم، في هذه الآية، {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال: باللعب والباطل، كثير النفقة، سمح فيه، لا تطيب نفسه بدرهم يتصدق به".
ويستدل له أيضا بما روي في سبب نزول الآية، فقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" فقال: "أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن محبوب الدهان، أنا الحسين بن محمد بن هارون، ثنا أحمد بن محمد بن نصر، ثنا يوسف بن بلال، ثنا محمد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، في قوله: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} [لقمان: 6]- يعني باطل الحديث بالقرآن -، قال ابن عباس: "وهو النضر بن الحارث بن علقمة، يشتري أحاديث الأعاجم وصنيعهم في دهرهم، فرواه من حديث الروم وفارس ورستم واسفنديار والقرون الماضية، وكان يكتب الكتب من الحيرة والشام، ويكذب بالقرآن، فأعرض عنه فلم يؤمن به".
والقول في سبب نزول الآية ذكره الثعلبي ومكي والواحدي أيضا عن مقاتل ومعمر.
ومثله قال الفراء وابن قتيبة في "غريب القرآن"، ومكي في "تفسير المشكل من غريب القرآن".
قال ابن عطية: "فكأن ترك ما يجب فعله وامتثال هذه المنكرات شراء لها على حد قوله تعالى: {أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى} [البقرة: 16]"
وهذا القول قريب مما قبله، بل ربما هو بمعناه، وإنما فصلت بين القولين لطول البحث.

القول الثالث: الشرك.
وهو قول الضحاك، وابن زيد، والحسن.
قال أبن عطية: "والذي يترجح أن الآية نزلت في لهو حديث منضاف إلى كفر، فلذلك اشتدت ألفاظ الآية بقوله: {لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً}، والتوعد بالعذاب المهين..."
قال القرطبي: وتأوله (أي: القول إنه الشرك) قوم على الأحاديث التي يتلهى بها أهل الباطل واللعب".
- اما قول الضحاك فرواه ابن جرير فقال: حديث عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ} يعني: الشرك.
- أما قول ابن زيد فرواه أيضا ابن جرير فقال: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيل اللهِ بغيرِ عِلْمٍ وِيتَّخِذَها هُزُوًا} قال: هؤلاء أهل الكفر، ألا ترى إلى قوله: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا} فليس هكذا أهل الإسلام، قال: وناس يقولون: هي فيكم وليس كذلك، قال: وهو الحديث الباطل الذي كانوا يلغون فيه.
- أما قول الحسن فذكره عنه القرطبي.

قال ابن جرير: "والصواب من القول في ذلك أن يقال: عنى به كلّ ما كان من الحديث ملهيا عن سبيل الله مما نهى الله عن استماعه أو رسوله؛ لأن الله تعالى عمّ بقوله: {لَهْوَ الحَدِيثِ} ولم يخصص بعضا دون بعض، فذلك على عمومه حتى يأتي ما يدلّ على خصوصه، والغناء والشرك من ذلك".
قال أحمد بن علي أبو بكر الرازي الجصاص (المتوفى: 370هـ): "يحتمل أن يريد به الغناء على ما تأولوه عليه، ويحتمل أيضا القول بما لا علم للقائل به؛ وهو على الأمرين لعموم اللفظ".
فالآية -وإن نزلت في الكفار- تتناول كل من اتصف بهذا. ونبه على ذلك ابن عطية بقوله: "والذي يترجح أن الآية نزلت في لهو حديث منضاف إلى كفر، فلذلك اشتدت ألفاظ الآية بقوله: {لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً}، والتوعد بالعذاب المهين...ولَهْوَ الْحَدِيثِ كل ما يلهي من غناء وخنى ونحوه،..." وبين بعد ذلك أمرا مهما في كيفية تنزيل مثلها على المؤمنين فقال: "...والآية باقية المعنى في أمة محمد ولكن ليس ليضلوا عن سبيل الله بكفر ولا يتخذوا الآيات هزوا ولا عليهم هذا الوعيد، بل ليعطل عبادة ويقطع زمانا بمكروه، وليكون من جملة العصاة والنفوس الناقصة تروم تتميم ذلك النقص بالأحاديث وقد جعلوا الحديث من القربى، وقيل لبعضهم أتمل الحديث؟ قال: إنما يمل العتيق.
قال الفقيه الإمام القاضي: يريد القديم المعاد، لأن الحديث من الأحاديث فيه الطرافة التي تمنع من الملل".
وقال محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي: "وأما قول ابن عمر أن اللهو هو الغناء فلم يثبت ذاك في الآية؛ لأنه لم يطلق لهو الحديث، وإنما قيده بصفة هي قوله: {ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذ سبيل الله هزوا}، وليست هذه صفة الغناء وإنما هو لهو مطلق وقد يكون غيره".

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 11 ربيع الأول 1443هـ/17-10-2021م, 12:31 AM
هنادي الفحماوي هنادي الفحماوي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 283
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
تحرير قول المفسرين في المراد {الذي بيده عقدة النكاح}:
ورد في المسألة قولان:
1- القول الأول : الزوج
وهو قول: علي، ابن عباس، جبير بن مطعم، شريح، سعيد بن المسيب، مجاهد، سعيد بن جبير، طاووس، الشعبي: الربيع،عمرو بن الربيع، الضحاك
- قول علي: رواه الطبري في تفسيره عن قتادة عن خلاس بن عمرو عن علي.
ورواه الطبري في تفسيره وابن ابي حاتم في تفسيره عن جرير بن حازم عن عيسى بن عاصم :أن عليا سأل شريحا عن الذي بيده عقدة النكاح فقال الولي قال: لا بل الزوج.
- قول ابن عباس: رواه مسلم بن خالد الزنجي ورواه الطبري في تفسيره من طريقين عن حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن ابن عباس قال: هو الزوج.
ورواه عن مجاهد عن ابن عباس وعن الأعمش عن إبراهيم عن ابن عباس.
ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره بقوله وإحدى الروايات عن ابن عباس.
- قول جبير بن مطعم: رواه الطبري في تفسيره من عدة طرق أن جبير بن مطعم تزوج امرأة فطلقها قبل أن يبني بها وأكمل لها الصداق وتأول {أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح}.
ورواه ابن ابي حاتم في تفسيره.
- قول شريح: رواه عبد الله بن وهب المصري في تفسيره : اخرج مسلمة بن علي عن معاوية عن الحكم بن عتيبة قال: لم يكن شريح يفسر غير ثلاث آيات: قول الله تعالى {وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب} الحكمة: الفهم وفصل الخطاب: الشهود والبينات {والذي بيده عقدة النكاح} الزوج.و رواه الطبري عن الشعبي وعن الحجاج عن الحكم عن شريح وعن الأعمش عن إبراهيم عن شريح.
ورواه سعيد بن منصور الخراساني عن أبي الأحوص عن أبي إسحاق قال: كان شريح يقول الذي بيده عقدة النكاح الزوج.
عن منصور عن إبراهيم عن شريح ، ورواه عبد الله بن وهب المصري في تفسيره وعبد الرزاق الصنعاني والطبري في تفسيره عن أيوب عن ابن سيرين عن شريح
ورواه ابن أبي حاتم عنه بقوله وشريح في أحد قوليه.
- قول سعيد بن المسيب: رواه عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره ورواه الطبري في تفسيره عن سعيد عن قتادة عن سعيد بن المسيب ورواه ابن ابي حاتم في تفسيره
- قول مجاهد: عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره ورواه مسلم بن خالد الزنجي و رواه الطبري في تفسيره عن ابن أبي نجيح عن مجاهد.
ورواه الطبري عن مجاهد . ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره.
- قول سعيد بن جبير: رواه الطبري في تفسيره عن سعيد بن جبير من عدة طرق. ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره.
- قول طاووس: رواه الطبري في تفسيره عن أبي بشر في أنه كان يقول: الولي ولكنه عاد وتابع سعيد بن جبير في أنه الزوج
- قول الشعبي: رواه الطبري في تفسيره عن ابي داود الطيالسي عن زهير عن ابي اسحاق عن الشعبي.
-قول الربيع: رواه الطبري عن المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع. ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره.
-قول عمرو بن شعيب: رواه الطبري في تفسيره وابن أبي حاتم في تفسيره عن عمرو بن شعيب عن الرسول صلى الله عليه وسلم. إلا ان ابن ابي حاتم ذكر في الإسناد عن ابيه عن جده ولم يذكرهما الطبري.
- قول الضحاك: رواه الطبري في تفسيره عن الضحاك من عدة طرق.ورواه ابن ابي حاتم في تفسيره.
2- القول الثاني: الولي
وهو قول: ابن عباس، عكرمة، مجاهد، إبراهيم ، الحسن. الزهري ، علقمة، عكرمة، الشعبي، الأسود بن يزيد، عطاء، أبو صالح، السدي، ابن زيد وربيعة
- قول ابن عباس: رواه الطبري في تفسيره عن ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال: قال ابن عباس أذن الله في العفو وامر به فإن عفت كما عفت وإن ضنت وعفا وليها جاز وإن ابت. ورواه الطبري عن علي بن ابي طلحة عن ابن عباس. ورواه الطبري عن محمد بن سعد عن أبيه قال: حدثني عمي قال: حدثني ابي عن أبيه عن ابن عباس قال: هو الولي، ورواه ابن ابي حاتم عن عمرو بن دينار عن ابن عباس.
- قول عكرمة: رواه سعيد بن منصور الخراساني في تفسيره والطبري في تفسيره عن عمرو بن دينار عن عكرمة ورواه الطبري في تفسيره عن يحيى بن بشر أنه سمع عكرمة يقول: إلا أن يعفون أن تعفو المرأة عن نصف الفريضة لها عليه فتتركه فإن هي شحت إلا أن تاخذه فلها ولوليها الذي انكحها الرجل عم أو أخ أو أب أن يعفو عن النصف فإنه إن شاء فعل وإن كرهت المرأة.
ورواه ابن ابي حاتم في تفسيره عن عكرمة في أحد قوليه.
-قول مجاهد: رواه الطبري المثنى قال: حدثني الحماني قال: حدثني شريك عن سالم عن مجاهد قال: هو الولي.
- قول إبراهيم: رواه آدم في تفسير مجاهد ورواه الطبري في تفسيره عن المغيرة عن إبراهيم ورواه سعيد بن منصور الخراساني في تفسيره والطبري في تفسيره عن منصور عن إبراهيم.
- قول الحسن: رواه عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره والطبري من عدة طرق في تفسيره عن الحسن.
- قول الزهري: رواه عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره والطبري في تفسيره عن معمر وقال الزهري هو الأب ورواه الطبري عن ابن جريج قال لي الزهري: ولي البكر.
- قول علقمة: رواه سعيد بن منصور الخراساني في تفسيره والطبري في تفسيره عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة ورواه الطبري من طرق اخرى.
- قول الشعبي: رواه سعيد بن منصور الخراساني في تفسيره والطبير في تفسيره عن جرير عن مغيرة عن الشعبي وزاد سعيد بن منصور قال: والله ما قضى شريح بقضاء كان احمق منه حين ترك قوله الأول واخذ بهذا.
- قول الأسود بن يزيد: رواه الطبري عن حجاج عن الأسود بن يزيد ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره.
- قول عطاء: رواه الطبري في تفسيره عن يعقوب قال: حدثنا ابن علية قال: أخبرنا ابن جريج عن عطاء قال: هو الولي.
- قول أبي صالح: رواه الطبري في تفسيره قال: حدثنا ابو هشام قال حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن السدي عن أبي صالح قال: ولي العذراء.
- قول السدي: رواه الطبري قال: حدثني موسى قال حدثنا عمرو قال: حدثنا أسباط عن السدي : هو ولي البكر.
- قول ابن زيد وربيعة: رواه الطبري عن مالك عن زيد وربيعة : الاب في ابنته والسيد في أمته.
3- قول الأقرب للتقوى:
وهو قول ابن عباس رواه عبد الله بن وهب عن ابن جريج عن عطاء بن رباح عن ابن عباس قال: أقربهما إلى التقوى الذي يعفو.
**الدراسة:
اختلف العلماء في المراد بالذي بيده عقدة النكاح بين القولين الأولين:
وقد عرض الطبري أصحاب كل قول ثم عقب بقوله:
أولى القولين في ذلك بالصّواب، قول من قال: المعنيّ بقوله: {الّذي بيده عقدة النّكاح} الزّوج، وذلك لإجماع الجميع على أنّ وليّ جاريةٍ بكرٍ، أو ثيّبٍ، صبيّةٍ صغيرةً كانت، أو مدركةً كبيرةً، لو أبرأ زوجها من مهرها قبل طلاقه إيّاها، أو وهبه له، أو عفا له عنه، أنّ إبراءه ذلك، وعفوه له عنه باطلٌ، وأنّ صداقها عليه ثابتٌ ثبوته قبل إبرائه إيّاه منه، فكان سبيل ما أبرأه من ذلك بعد طلاقه إيّاها سبيل ما أبرأه منه قبل طلاقه إيّاها.
وأخرى أنّ الجميع مجمعون على أنّ وليّ امرأةٍ محجورٌ عليها أو غير محجورٍ عليها، لو وهب لزوجها المطلّقها بعد بينونتها منه درهمًا من مالها على غير وجه العفو منه عمّا وجب لها من صداقها قبله أنّ هبته ما وهب من ذلك مردودةٌ باطلةٌ، وهم مع ذلك مجمعون على أنّ صداقها مالٌ من مالها، فحكمه حكم سائر أموالها.
وأخرى أنّ الجميع مجمعون على أنّ بني أعمام المرأة البكر، وبني إخوتها من أبيها وأمّها من أوليائها، وأنّ بعضهم لو عفا عن مالها، أو بعد دخوله بها، أنّ عفوه ذلك عمّا عفا له عنه منه باطلٌ، وإنّ حقّ المرأة ثابتٌ عليه بحاله، فكذلك سبيل عفو كلّ وليٍّ لها كائنًا من كان من الأولياء، والدًا كان أو جدًّا أو أخًا؛ لأنّ اللّه تعالى ذكره لم يخصّص بعض الّذين بأيديهم عقد النّكاح دون بعضٍ في جواز عفوه، إذا كانوا ممّن يجوز حكمه في نفسه وماله.
ويقال لمن أبى ما قلنا ممّن زعم أنّ الّذي بيده عقدة النّكاح وليّ المرأة، هل يخلو القول في ذلك من أحد أمرين، إذ كان الّذي بيده عقدة النّكاح هو الوليّ عندك إمّا أن يكون ذلك كلّ وليٍّ جاز له تزويج وليّته، أو يكون ذلك بعضهم دون بعضٍ؟ فلن يجد إلى الخروج من أحد هذين القسمين سبيلاً.
فإن قال: إنّ ذلك كذلك، قيل له: فأيّ ذلك عني به؟
فإن قال: كلّ وليٍّ جاز له تزويج وليّته. قيل له: أفجائزٌ للمعتق أمةً تزويج مولاته بإذنها بعد عتقه إيّاها؟
فإن قال: نعم، قيل له: أفجائزٌ عفوه إن عفا عن صداقها لزوجها بعد طلاقه إيّاها قبل المسيس.
فإن قال: نعم خرج من قول الجميع.
وإن قال: لا قيل له: ولم وما الّذي حظر ذلك عليه، وهو وليّها الّذي بيده عقدة نكاحها.
ثمّ يعكس القول عليه في ذلك، ويسأل الفرق بينه، وبين عفو سائر الأولياء غيره.
وإن قال لبعضٍ دون بعضٍ، سئل البرهان على خصوص ذلك، وقد عمّه اللّه تعالى ذكره فلم يخصّص بعضًا دون بعضٍ، ويقال له: من المعنيّ به إن كان المراد بذلك بعض الأولياء دون بعضٍ؟
فإن أومأ في ذلك إلى بعضٍ منهم، سئل البرهان عليه، وعكس القول فيه وعورض في قوله ذلك، بخلاف دعواه، ثمّ لن يقول في ذلك قولاً إلاّ ألزم في الآخر مثله.
فإن ظنّ ظانٌّ أنّ المرأة إذا فارقها زوجها، فقد بطل أن يكون بيده عقدة نكاحها، واللّه تعالى ذكره إنّما أجاز عفو الّذي بيده عقدة نكاح المطلّقة فكان معلومًا بذلك أنّ الزّوج غير معنيٍّ به، وأنّ المعنيّ به هو الّذي بيده عقدة نكاح المطلّقة بعد بينونتها من زوجها. وفي بطول ذلك أن يكون حينئذٍ بيد الزّوج، صحّة القول أنّه بيد الوليّ الّذي إليه عقد النّكاح إليها. وإذا كان ذلك كذلك صحّ القول بأنّ الّذي بيده عقدة النّكاح، هو الوليّ، فقد غفل وظنّ خطأً.
وذلك أنّ معنى ذلك: أو يعفو الّذي بيده عقدة نكاحه، وإنّما أدخلت الألف واللاّم في النّكاح بدلاً من الإضافة إلى الهاء الّتي كان النّكاح لو لم يكونا فيه مضافًا إليها، كما قال اللّه تعالى ذكره: {فإن الجنّة هي المأوى} بمعنى: فإنّ الجنّة هى مأواه، وكما قال نابغة بني ذبيان:
لهم شيمةٌ لم يعطها اللّه غيرهم = من النّاس فالأحلام غير عوازب
بمعنى: فأحلامهم غير عوازب. والشّواهد على ذلك أكثر من أن تحصى.
فتأويل الكلام: إلاّ أن يعفون أو يعفو الّذي بيده عقدة النّكاح، وهو الزّوج الّذي بيده عقدة نكاحه نفسه في كلّ حالٍ، قبل الطّلاق وبعده؛ لا أنّ معناه: أو يعفو الّذي بيده عقدة نكاحهنّ. فيكون تأويل الكلام ما ظنّه القائلون أنّه الوليّ: وليّ المرأة، لأنّ وليّ المرأة لا يملك عقدة نكاح المرأة بغير إذنها إلاّ في حال طفولتها، وتلك حالٌ لا يملك العقد عليها إلاّ بعض أوليائها في قول أكثر من رأى أنّ الّذي بيده عقدة النّكاح الوليّ، ولم يخصّص اللّه تعالى ذكره بقوله. {أو يعفو الّذي بيده عقدة النّكاح} بعضًا منهم، فيجوز توجيه التّأويل إلى ما تأوّلوه، لو كان لما قالوا في ذلك وجه.
وبعد، فإنّ اللّه تعالى ذكره إنّما كنّى بقوله: {وإن طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ وقد فرضتم لهنّ فريضةً فنصف ما فرضتم إلاّ أن يعفون} عن ذكر النّساء اللاّتي قد جرى ذكرهنّ في الآية قبلها، وذلك قوله: {لا جناح عليكم إن طلّقتم النّساء ما لم تمسّوهنّ} والصّبايا لا يسمّين نساءً، وإنّما يسمّين صبايا، أو جواري، وإنّما النّساء في كلام العرب: جمع اسم المرأة، ولا تقول العرب للطّفلة، والصّبية، والصّغيرة امرأةً، كما لا تقول للصّبيّ الصّغير رجلٌ.
وإذ كان ذلك كذلك، وكان قوله: {أو يعفو الّذي بيده عقدة النّكاح} عند الزّاعمين أنّه الوليّ، إنّما هو: {أو يعفو الّذي بيده عقدة النّكاح} عمّا وجب لوليّته الّتي تستحقّ أن يولّي عليها مالها، إمّا لصغرٍ، وإمّا لسفهٍ، واللّه تعالى ذكره إنّما اختصّ في الآيتين قصص النّساء المطلّقات، لعموم الذّكر دون خصوصه، وجعل لهنّ العفو بقوله: {إلاّ أن يعفون} كان معلومًا بقوله: {إلاّ أن يعفون} أنّ المعنيّات منهنّ بالآيتين اللّتين ذكرهنّ فيهما جميعهنّ دون بعضٍ، إذ كان معلومًا أنّ عفو من يولّى عليه ماله منهنّ باطلٌ.
وإذ كان ذلك كذلك، فبيّن أنّ التّأويل في قوله: أو يعفو الّذي بيده عقدة نكاحهنّ، يوجب أن يكون لأولياء النساء الرّشد البوالغ من العفو عمّا وجب لهنّ من الصّداق بالطّلاق قبل المسيس، مثل الّذي لأولياء الأطفال الصّغار المولّى عليهنّ أموالهنّ السّفّه. وفي إنكار المائلين إنّ الّذي بيده عقدة النّكاح الوليّ، عفو أولياء الثّيّبات الرّشد البوالغ على ما وصفنا، وتفريقهم بين أحكامهم وأحكام أولياء الأخر، ما أبان عن فساد تأويلهم الّذي تأوّلوه في ذلك. ويسأل القائلون بقولهم في ذلك الفرق بين ذلك من أصلٍ أو نظيرٍ، فلن يقولوا في شيءٍ من ذلك قولاً إلاّ ألزموا في خلافه مثله.
وقال عبد الحق بن غالب عطية الأندلسي: اختلف الناس في المراد بقوله تعالى: {أو يعفوا الّذي بيده عقدة النّكاح} فقال ابن عباس وعلقمة وطاوس ومجاهد وشريح والحسن وإبراهيم والشعبي وأبو صالح وعكرمة والزهري ومالك وغيرهم: «هو الولي الذي المرأة في حجره، فهو الأب في ابنته التي لم تملك أمرها، والسيد في أمته»، وأما شريح فإنه جوز عفو الأخ عن نصف المهر، وقال: «وأنا أعفو عن مهور بني مرة وإن كرهن»، وكذلك قال عكرمة: «يجوز عفو الذي عقد عقدة النكاح بينهما، كان عما أو أخا أو أبا وإن كرهت»، وقالت فرقة من العلماء: «الذي بيده عقدة النكاح الزوج»، قاله علي بن أبي طالب وقاله ابن عباس أيضا، وشريح أيضا رجع إليه، وقاله سعيد ابن جبير وكثير من فقهاء الأمصار، فعلى القول الأول: الندب لهما هو في النصف الذي يجب للمرأة فإما أن تعفو هي وإما أن يعفو وليها، وعلى القول الثاني: فالندب في الجهتين إما أن تعفو هي عن نصفها فلا تأخذ من الزوج شيئا، وإما أن يعفو الزوج عن النصف الذي يحط فيؤدي جميع المهر، وهذا هو الفضل منهما، وبحسب حال الزوجين يحسن التحمل والتجمل، ويروى أن: «جبير بن مطعم دخل على سعد بن أبي وقاص فعرض عليه ابنة له فتزوجها، فلما خرج طلقها وبعث إليه بالصداق، فقيل له: لم تزوجتها؟، فقال: عرضها علي فكرهت رده، قيل: فلم تبعث بالصداق؟ قال: فأين الفضل؟»
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «ويحتج القائلون بأن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج، بأن هذا الولي لا يجوز له ترك شيء من صداقها قبل الطلاق فلا فرق بعد الطلاق. وأيضا فإنه لا يجوز له ترك شيء من مالها الذي ليس من الصداق فماله يترك نصف الصداق؟ وأيضا فإنه إذا قيل إنه الولي فما الذي يخصص بعض الأولياء دون بعض وكلهم بيده عقدة النكاح وإن كان كافلا أو وصيا أو الحاكم أو الرجل من العشيرة؟»، ويحتج من يقول إنه الولي الحاجر بعبارة الآية، لأن قوله الّذي بيده عقدة النّكاح عبارة متمكنة في الولي، وهي في الزوج قلقة بعض القلق، وليس الأمر في ذلك كما قال الطبري ومكي من أن المطلق لا عقدة بيده بل نسبة العقدة إليه باقية من حيث كان عقدها قبل، وأيضا فإن قوله: {إلّا أن يعفون}: لا تدخل فيه من لا تملك أمرها لأنها لا عفو لها فكذلك لا يغبن النساء بعفو من يملك أمر التي لا تملك أمرها، وأيضا فإن الآية إنما هي ندب إلى ترك شيء قد وجب في مال الزوج، يعطي ذلك لفظ العفو الذي هو الترك والاطراح وإعطاء الزوج المهر كاملا لا يقال فيه عفو، إنما هو انتداب إلى فضل، اللهم إلا أن تقدر المرأة قد قبضته، وهذا طار لا يعتد به، قال مكي: «وأيضا فقد ذكر الله الأزواج في قوله فنصف ما فرضتم ثم ذكر الزوجات بقوله يعفون، فكيف يعبر عن الأزواج بعد بالذي بيده عقدة النكاح بل هي درجة ثالثة لم يبق لها إلا الولي.
قال أبو عبد الله محمد بن أحمد الخزرجي القرطبي : واختلف الناس في المراد بقوله تعالى : أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح فروى الدارقطني عن جبير بن مطعم أنه تزوج امرأة من بني نصر فطلقها قبل أن يدخل بها ، فأرسل إليها بالصداق كاملا وقال : أنا أحق بالعفو منها ، قال الله تعالى : إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأنا أحق بالعفو منها . وتأول قوله تعالى : أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح يعني نفسه في كل حال قبل الطلاق وبعده ، أي عقدة نكاحه ، فلما أدخل اللام حذف الهاء كقوله : فإن الجنة هي المأوى ؛ أي مأواه .
قال النابغة:
لهم شيمة لم يعطها الله غيرهم من الجود والأحلام غير عوازب
أي أحلامهم . وكذلك قوله : عقدة النكاح أي عقدة نكاحه . وروى الدارقطني مرفوعا من حديث قتيبة بن سعيد حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولي عقدة النكاح الزوج . وأسند هذا عن علي وابن عباس وسعيد بن المسيب وشريح . قال : وكذلك قال نافع بن جبير ومحمد بن كعب وطاوس ومجاهد والشعبي وسعيد بن جبير ، زاد غيره ومجاهد والثوري ، واختاره أبو حنيفة ، وهو الصحيح من قول الشافعي ، كلهم لا يرى سبيلا للولي على شيء من صداقها ، للإجماع على أن الولي لو أبرأ الزوج من المهر قبل الطلاق لم يجز فكذلك بعده . وأجمعوا على أن الولي لا يملك أن يهب شيئا من مالها ، والمهر مالها . وأجمعوا على أن من الأولياء من لا يجوز عفوهم وهم بنو العم وبنو الإخوة ، فكذلك الأب ، والله أعلم . ومنهم من قال هو الولي أسنده الدارقطني أيضا عن ابن عباس قال : وهو قول إبراهيم وعلقمة والحسن ، زاد غيره وعكرمة وطاوس وعطاء وأبي الزناد وزيد بن أسلم وربيعة ومحمد بن كعب وابن شهاب والأسود بن يزيد والشعبي وقتادة ومالك والشافعي في القديم . فيجوز للأب العفو عن نصف صداق ابنته البكر إذا طلقت ، بلغت المحيض أم لم تبلغه . قال عيسى بن دينار : ولا ترجع بشيء منه على أبيها ، والدليل على أن المراد الولي أن الله سبحانه وتعالى قال في أول الآية : وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم فذكر الأزواج وخاطبهم بهذا الخطاب ، ثم قال : إلا أن يعفون فذكر النسوان ، أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح فهو ثالث فلا يرد إلى الزوج المتقدم إلا لو لم يكن لغيره وجود ، وقد وجد وهو الولي فهو المراد . قال معناه مكي وذكره ابن العربي . وأيضا فإن الله تعالى قال : إلا أن يعفون ومعلوم أنه ليس كل امرأة تعفو ، فإن الصغيرة والمحجور عليها لا عفو لهما ، فبين الله القسمين فقال : إلا أن يعفون أي إن كن لذلك أهلا ، أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وهو الولي ؛ لأن الأمر فيه إليه . وكذلك روى ابن وهب وأشهب وابن عبد الحكم وابن القاسم عن مالك أنه الأب في ابنته البكر والسيد في أمته . وإنما يجوز عفو الولي إذا كان من أهل السداد ، ولا يجوز عفوه إذا كان سفيها . فإن قيل : لا نسلم أنه الولي بل هو الزوج ، وهذا الاسم أولى به ؛ لأنه أملك للعقد من الولي على ما تقدم .
فالجواب - أنا لا نسلم أن الزوج أملك للعقد من الأب في ابنته البكر ، بل أب البكر يملكه خاصة دون الزوج ؛ لأن المعقود عليه هو بضع البكر ، ولا يملك الزوج أن يعقد على ذلك بل الأب يملكه . وقد أجاز شريح عفو الأخ عن نصف المهر ، وكذلك قال عكرمة : يجوز عفو الذي عقد عقدة النكاح بينهما ، كان عما أو أبا أو أخا ، وإن كرهت . وقرأ أبو نهيك والشعبي " أو يعفو " بإسكان الواو على التشبيه بالألف ، ومثله قول الشاعر :
فما سودتني عامر عن وراثة أبى الله أن أسمو بأم ولا أب
قال إسماعيل بن عمر بن كثيرالقرشي وقوله: {أو يعفو الّذي بيده عقدة النّكاح} قال ابن أبي حاتمٍ: ذكر عن ابن لهيعة، حدّثني عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «وليّ عقدة النّكاح الزّوج.
وهكذا أسنده ابن مردويه من حديث عبد اللّه بن لهيعة، به. وقد أسنده ابن جريرٍ، عن ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيبٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فذكره ولم يقل: عن أبيه، عن جدّه فاللّه أعلم.
ثمّ قال ابن أبي حاتمٍ، رحمه اللّه: وحدّثنا يونس بن حبيبٍ، حدّثنا أبو داود، حدّثنا جريرٌ، يعني ابن حازمٍ، عن عيسى -يعني ابن عاصمٍ -قال: سمعت شريحًا يقول: «سألني عليّ بن طالب عن الّذي بيده عقدة النّكاح. فقلت له: هو وليّ المرأة. فقال عليٌّ: لا بل هو الزّوج». ثمّ قال: وفي إحدى الرّوايات عن ابن عبّاسٍ، وجبير بن مطعمٍ، وسعيد بن المسيّب، وشريحٍ -في أحد قوليه -وسعيد بن جبيرٍ، ومجاهدٍ، والشّعبيّ، وعكرمة، ونافعٍ، ومحمّد بن سيرين، والضّحّاك، ومحمّد بن كعبٍ القرظيّ، وجابر بن زيدٍ، وأبي مجلز، والرّبيع بن أنسٍ، وإياس بن معاوية، ومكحولٍ، ومقاتل بن حيّان: «أنّه الزّوج».
قلت: وهذا هو الجديد من قولي الشّافعيّ، ومذهب أبي حنيفة. وأصحابه، والثّوريّ، وابن شبرمة، والأوزاعيّ، واختاره ابن جريرٍ. ومأخذ هذا القول: أنّ الّذي بيده عقدة النّكاح حقيقةً الزّوج، فإنّ بيده عقدها وإبرامها ونقضها وانهدامها، وكما أنّه لا يجوز للوليّ أن يهب شيئًا من مال المولية للغير، فكذلك في الصّداق.
قال والوجه الثّاني: حدّثنا أبي، حدّثنا ابن أبي مريم، حدّثنا محمّد بن مسلمٍ، حدّثنا عمرو بن دينارٍ، عن ابن عبّاسٍ -في الّذي ذكر اللّه بيده عقدة النّكاح -قال: «ذلك أبوها أو أخوها، أو من لا تنكح إلّا بإذنه»، وروي عن علقمة، والحسن، وعطاءٍ، وطاوسٍ، والزّهريّ، وربيعة، وزيد بن أسلم، وإبراهيم النّخعيّ، وعكرمة في أحد قوليه، ومحمّد بن سيرين -في أحد قوليه: «أنّه الوليّ». وهذا مذهب مالكٍ، وقول الشّافعيّ في القديم؛ ومأخذه أنّ الوليّ هو الّذي أكسبها إيّاه، فله التّصرّف فيه بخلاف سائر مالها.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا سعيد بن الرّبيع الرّازيّ، حدّثنا سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، عن عكرمة قال: «أذن اللّه في العفو وأمر به، فأيّ امرأةٍ عفت جاز عفوها، فإن شحّت وضنّت عفا وليّها وجاز عفوه».
وهذا يقتضي صحّة عفو الوليّ، وإن كانت رشيدةً، وهو مرويٌّ عن شريحٍ. لكن أنكر عليه الشّعبيّ، فرجع عن ذلك، وصار إلى أنّه الزّوج وكان يباهل عليه.
والقول الثالث لابن عباس لم يذكره إلا عبد الله بن وهب ولعلالعلماء اعتبروه لازما للعفو وليس المراد بالذي بيده عقدة النكاح والله أعلم.
ونجدأن بعض الأقوال في الولي تحدده بالأب أو ولي العذراء وأقوالا اخرى تعمم فتذكر كل من له حق تزويجها والله أعلم

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 11 ربيع الأول 1443هـ/17-10-2021م, 02:19 AM
سعاد مختار سعاد مختار غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 307
افتراضي

⚪ التطبيق السابع ⚪


حرّر المراد بالعذاب الأدنى. في قوله تعالى. َ ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ﴾ [السجدة 21


اختلف العلماء في المراد { بالعذاب الأدنى } على أقوال


🔷 القول الأول :
مصائب الدنيا في الأموال والأولاد وسنون القحط وعذاب الدنيا ( يدخل فيه ما أصاب قريش من جوع وقحط وسنين الجذب والدخان )
وهو قول عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس وعبادة بن الصامت ووسفيان الثوري وإبراهيم النخعي ومجاهد والسُدي والحسن والضحاك وجعفر بن محمد وابن زيد وعلقمة وعطية وقتادة وأبي العالية


▫قال ابن جرير الطبري :
وأولى الأقوال في ذلك أن يقال: إن الله وعد هؤلاء الفسقة المكذّبين بوعيده في الدنيا العذاب الأدنى، أن يذيقهموه دون العذاب الأكبر، والعذاب: هو ما كان في الدنيا من بلاء أصابهم، إما شدّة من مجاعة، أو قتل، أو مصائب يصابون بها، فكل ذلك من العذاب الأدنى، ولم يخصص الله تعالى ذكره، إذ وعدهم ذلك أن يعذّبهم بنوع من ذلك دون نوع، وقد عذّبهم بكل ذلك في الدنيا بالقتل والجوع والشدائد والمصائب في الأموال، فأوفى لهم بما وعدهم.


▫قال ابن عطية :
وقالَتْ فِرْقَةٌ مِنها عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وأبُو العالِيَةِ، وإبْراهِيمُ النَخْعِيُّ: هو الدُخانُ الَّذِي رَأتْهُ قُرَيْشٌ حِينَ دَعا رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَلامُ، فَكانَ الرَجُلُ يَرى مِنَ الجَدْبِ والجُوعِ دُخانًا بَيْنَهُ وبَيْنَ السَماءِ.




⚫ التخريج


🔹روى هذا القول عن ( ابن مسعود) - آدم ابن أبي إياس-. في تفسيرمجاهد والنسائي في السنن الكبرى كلاهما من طريق أبي إسحاق عن أبي الأحوص عنه .
ورواه البخاري في صحيحه من طريق مسروق عنه ، (وأخرج ابن أبي شيبه والنسائي، وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: سنون أصابتهم
كما في الدر المنثور للسيوطي


🔹روى هذا القول عن ( أبي بن كعب ) مسلم في صحيحه والحاكم في مستدركه والنسائي في السنن الكبرى والإمام أحمد في مسنده. كلهم من طريق يحي بن الجزار عن أبن أبي ليلى عنه
وكذا رواه ابن جرير في تفسيره بأسانيد. ثلاثة كلها من طريق يحي بن الجزار بن الجزار عن أبي ليلى عنه


🔹روى هذا القول عن ( ابن عباس ) ابن جرير في تفسيره ،قال :
حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} يقول: مصائب الدّنيا وأسقامها وبلاؤها ممّا يبتلي اللّه بها العباد حتّى يتوبوا.


🔹ورواه ابن جرير بإسناد آخر عن ابن عباس :حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهم يرجعون} قال: العذاب الأدنى: بلاء الدّنيا، قيل: هي المصائب. ( على ضعفه كما نص عليه العلماء )




🔹روى هذا القول عن ( مجاهد ). أدم بن أبي إياس. في تفسير مجاهد وابن جرير الطبري في تفسيره من طريق
- ورقاء ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:»
ورواه يحي بن سلام في تفسيره عن المعلى عن أبي يحي عن مجاهد ، قال عذاب الدنيا وذكر عن السدي قوله : هو الجوع في الدنيا


🔹روى هذا القول عن ( الحسن ) عبد الرزاق الصنعاني : قال معمر وقال الحسن الأدنى عقوبات الدنيا
وأخرج ابن جرير في تفسيره :
حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، حدّثه عن الحسن: قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} أي: مصيبات الدّنيا.


🔹 روى هذا القول عن ( إبراهيم النخعي ) سفيان الثوري في تفسيره و أبو حُذيفة النهدي وأبو بكر ابن أبي شيبة في مصنفه وابن جرير في تفسيره كلهم من طريق منصور عن إبراهيم
وروى ابن جرير في تفسيره عن ( ابن زيد ) حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} قال: العذاب الأدنى: عذاب الدّنيا.
وروى ابن جرير في تفسيره عن ( أبي العالية )
حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} قال: المصائب في الدّنيا.


🔶 القول الثاني :
يوم بدر - البطشة - القتل - اللزام
هو قول عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس والحسن بن على وَعَبَد الله بن الحارث بن نوفل ومجاهد وقتادة والحسن


▫قال الحافظ ابن كثير :
قَالَ السُّدِّي وَغَيْرُهُ: لَمْ يَبْقَ بَيْتٌ بِمَكَّةَ إِلَّا دَخَلَهُ الْحُزْنُ عَلَى قَتِيلٍ لَهُمْ أَوْ أَسِيرٍ، فَأُصِيبُوا أَوْ غَرموا(15) ، وَمِنْهُمْ مَنْ جُمِعَ له الأمران.
▫قال شيخ الإسلام ابن تيمية
:( وكذلك قوله:{ ولنذيقهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون } يدخُلُ في العذاب الأدنَى ما يكون بأيدي العباد - كما قد فُسِّر بوقعة بدر بعض ما وعد الله به المشركين من العذاب). ( المجموع 15/45).






⚫ التخريج


🔸رواه عن ( عبد الله بن مسعود ) سفيان الثوري في تفسيره ويحي بن سلام في تفسيره والحاكم في مستدركه ، كلهم من طريق أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله
*وراوه ابن جرير بأسانيد كلها من طريق مسروق عن عبد الله
وأخرج بسنده من طريق عوف ، عن الحسن بن على و عبد الله بن الحارث بن نوفل ،قولهما : هو القتل بالسيف *( و أخرج الفريابي، وابن منيع، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه والخطيب والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: يوم بدر)
كما في الدر المنثور


🔸روى هذا القول عن ( أبي بن كعب ) عبد الرازق الصنعاني في تفسيره بسنده من طريق معمر عن قتادة
وراوه النسائي والإمام أحمد ومسلم في صحيحه كلهم من طريق يحي بن الجزار عن ابن أبي ليلى عن أبي بن كعب
*🔸وأخرجه ابن جرير في تفسيره بأسانيد عديدة كلها من طريق ابن أبي ليلى عن أبي بن كعب


🔸وأخرج مسلم وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وأبو عوانه في صحيحه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي بن كعب رضي الله عنه في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: مصائب الدنيا واللزوم والبطشة والدخان) (وأخرج ابن جرير عن أبي بن كعب: (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى) قال: يوم بدر ) - كما في الدر المنثور
قال أبو المظفر السمعاني : عن ابن عباس قال : هو القتل ببدر
🔸روى هذا القول. عن ( مجاهد ) آدم بن أبي إياس في تفسيره وابن جرير في تفسيره كلاهما من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد
🔸ورواه ابن جرير بطريق آخر عن سعيد عن قتادة ، عن مجاهد يحدث عن أبي بن كعب ، قال : يوم بدر
🔸( وأخرج الفريابي، وابن جرير عن مجاهد في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: القتل والجوع لقريش في الدنيا - كما في الدر المنثور
🔸ذكر يحي بن سلام في تفسيره عن ( الحسن ) ألحسن بن دينار عن الحسن ،قال : العذاب الأدنى بالسيف يوم بدر


🔷 القول الثالث
الحدود ، هو قول ( ابن عباس )
▫ قال القاضي أبو محمد(ابن عطية ) رحمه الله:
ويتجه - على هذا التأويل - أن تكون في فسقة المؤمنين.
▫ قال الحافظ ابن كثير :
قال ابن عباس في رواية عنه : يعني به إقامة الحدود عليهم .




⚫ التخريج


*🔹ورواه ابن جرير في تفسيره عن ابن عباس بسنده : - حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن شبيبٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: الحدود.
🔹( وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: الحدود - كما في الدر المنثور




🔶 القول الرابع
عذاب القبر
هو قول ( مجاهد ) وروي عن البراء بن عازب وأبي عبيدة ( وقيل لم يثبت عنهما )
*▫أورد الحافظ ابن كثير في تفسيره لسورة التوبة :
قال مجاهد في قوله - تعالى -:[سنعذبهم مرتين] : بالجوع وعذاب القبر، ثم يردٌّون إلى عذابٍ, عظيم،




⚫ التخريج


*🔸روى يحي بن سلام في تفسيره وابن جرير في تفسيره كلاهما من طريق أبي يحي عن مجاهد : قال : عذاب الدنيا وعذاب القبر
🔸( وأخرج الفريابي، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: عذاب الدنيا وعذاب القبر).- كما في الدر المنثور للسيوطي




▪ الدراسة ▪


🔷 القول الأول :
هذه الآية من سورة السجدة. وهي سورة مكيّة ، فلغة الخطاب فيها على غرار القرآن المكي ، الذي خاطب في غالبه قوماً كفاراً ، ردوا الحق وكذبوا الرسالة واستنكروا البعث والنشور ، فهو خطاب فيه شدة وقوة في بسط الأدلة على التوحيد ، آياته قوارع مزلزلات ، قال عز من قائل :
{ فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ (8) فَذَٰلِكَ يَوۡمَئِذٖ يَوۡمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ غَيۡرُ يَسِيرٖ} وقال سبحانه :
{ فَأَمَّا مَن طَغَىٰ (37) وَءَاثَرَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا (38) فَإِنَّ ٱلۡجَحِيمَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ (39) }
آياته حوافل بالتوبيخ والتهديد والوعيد ، كما في هذه الآية :
﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ لأن من شأن العقوبات أن تردع وتزجر ، فتوعدهم سبحانه بالعذاب الأدنى ، أي الأقرب في الدنيا قبل أن يحل بهم عذابه الأكبر في الآخرة ، متى تتابعوا في كفرهم وصدهم عن سبيل الله ، لان من شأن النفوس ان تخشى من القريب الآتي ، وتنسى القادم البعيد وإن تحقق وقوعه ، لهذا جاء التعبير القرآني
بلفظ* الأدنى* ، لعذاب الدنيا ولم يقل الأقل او الأصغر ، وجاء في مقابله بوصف عذاب الآخرة بلفظ الأكبر ليدل على شدته وعظمه فلا أكبر منه ، فلم يقابل الأدنى بالأقصى حتى لا تستبعده النفوس وتنساه ، وهكذا هي ألفاظ القرآن الكريم ، إيجاز في اللفظ ووفاء بحق المعنى
وحقق الله وعيده فيهم فأذاقهم الجذب سنين متوالية ،حتى أكلوا الجيف والكلاب ، وصاروا مضرباً ومثلاً ، قال تعالى :
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾
وجاء في روايةعبد الله بن الإمام أحمد بسنده عن أبي بن كعب رضي الله عنه :
فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأكْبَرِ﴾ قَالَ: الْمُصِيبَاتُ وَالدُّخَانُ قَدْ مَضَيَا، وَالْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ . فبعد أن ذاقوا العذاب الدنيوي العاجل ، ثاب وآب الكثير منهم بعد يوم بدر و وبخاصة بعد فتح مكة
وهذا هو المراد من تعجيل العذاب
كما نصّ اللفظ القرآني. { لعلهم يرجعون } إلى حياض الإيمان والتوحيد بعد الكفر والشرك والصدّ عن سبيل الله ،
فكان الرجوع لمن عاش منهم ولم يناله السيف ، بل لما عاينوا محاسن الإسلام صاروا أشد الناس حباً له ونصرةً لرايته .
هذه الآية وإن توجه خطابها لمشركي قريش ، إلا إنها تعم بخطابها كل من كان أهلاً لتنزل عذاب الله عليه ووقوع وعيده فيه ، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب


🔶 القول الثاني
من المفسرين من اعتبر العذاب الأدنى الذي نال قريش هو أخذهم وقتلهم بالسيف ، لذا قيل أن ( البطشة) هي
وقعة بدر لان البطشة هي الضربة والأخرة الشديدة وقيل هي ( اللزام ) من العذاب اللازم الواقع ، فالمعنى واحد وهو نوع عذاب للتهديد والتأديب وأخذة غضب لمن كتب عليه الشقاء والموت على الكفر لأن في قوله تعالى :
{ لعلهم يرجعون } اي كان العذاب لعلة رجوعهم عن الكفر والشرك إلى الطاعة والإيمان كما قرر علماء التفسير


🔷 القول الثالث
وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنه ، وهو بهذا موجه إلى عصاة الموحدين وفساقهم كما عبر ابن عطية ، فإنما تقام الحدود على أهل الإسلام ، وهذا المعنى يقترب من المعاني السابقة في معنى الزجر والتطهّر والتوبة ، التى هي معنى { لعلهم يرجعون } في حق أهل الإيمان ، بوّب الإمام النووي في شرح صحيح مسلم : * باب الحدود كفارات لأهلها * وجاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما : ( ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به ( أي حداً ) فهو كفارة له ) وهو يدل دلالة واضحة على عموم الخطاب في هذه الآية المكية


🔶 القول الرابع
عذاب القبر ،. هذا هو القول الذي حصل فيه خلاف وتضعيف من بعض العلماء ، لا داعي للقول ان الخلاف ليس
في ثبوت عذاب القبر ، فإن هذا في صميم عقيدة أهل السنة والجماعة في الإيمان باليوم الآخر ، بل عدّ ابن كثير وغيره من العلماء هذه الآية دليلاً على ثبوت عذاب القبر فقال رحمه الله : وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل
السنة على عذاب البرزخ في القبور
إذا ، كان الخلاف في ان المراد بالعذاب الأدنى هو عذاب القبر كنوع من أنواعه وأفراده ، كما ذكر هذا القرطبي في تفسيره عن الطوفي والقشيري ، والإمام الشوكاني في تفسيره ، لأنه ينافي الحكمة والغاية التى جاء لأجلها
التعليل في الآية : { لعلهم يرجعون } فمن وافى القبر قامت قيامته ،فأنى له الرجعة والتوبة
في المقابل ، قرّر العلامة السعدي في تفسيره هذا المعنى ، لانه اعتبر أن صنوف العذاب من الجوع والقحط والمصائب في الأموال والأولاد وغيرها بعضاً وجزءا من العذاب الأدنى الذي هو ( عذاب البرزخ) بل هو استكمال له
بعد أن ذاقوا طرفاً منه في الدنيا ، وهو وإن كان في القبر فهو أدنى في مقابل العذاب الأكبر في النار


▪الترجيح ▪
تبين لنا واضحاً أن الاقوال كلها قد تقاربت ، في معنى العذاب الأدنى قصداً ومآلاً
من إنزال بعض عذابات الدنيا ، على أهل الكفر والشرك ليعودوا إلى حضيرة الدين الحق ، و قد ينال أهل التوحيد
والإيمان من هذا العذاب بما اجترحوا واكتسبوا ، كفارةً لهم وسبباً لعودتهم لمنازل الطائعين التابئين
وأن القول المختلف فيه ، هو قول من قال ، أن المراد هو عذاب القبر
وختاماً :
إن لهذه الآية نظائر في كتاب الله تعالى ، تُقرَر معناها وتُجليّ مرادها ، قال سبحانه :
{ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } (41) الروم

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 ربيع الأول 1443هـ/19-10-2021م, 03:37 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إيمان جلال مشاهدة المشاركة
حل التكليف السابع

تحرير القول في المراد ب "لهو الحديث" في قوله تعالى: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا".


اختلف العلماء في المراد ب "لهو الحديث" على أقوال:
القول الأول: الغناء وآلاته من طبل ومزامير ومعازف وترهات وبسابس والاستماع له أو إلى مثله من الضلالة والخوض في الباطل وشراء المغني والمغنية وكل لعب ضار يلهي عن ذكر الله. [راجعي الملحوظة الأولى في التعليقات أدناه]

وهو قول عبد الله بن مسعود، وابن عباس، وجابر، إبراهيم النخعي، مجاهد، عكرمة، الحسن، ابن جريج، مكحول، قتادة.
وروي عن أبي أمامة، وعطاء.

- ترجم البخاري في الأدب المفرد (باب) كل لهو باطل إذا شغل عن طاعة الله، ومن قال لصاحبه تعالى أقامرك، وقوله تعالى: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا".
- قال ابن بطال في شرحه للبخاري في الأدب المفرد: (ولذلك ترجم البخاري باب كل لهو باطل).
- قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: (هو الحديث الْمُنْكَرُ فَيَدْخُلُ فِيهِ نَحْوُ السَّمَرِ بِالْأَسَاطِيرِ وَبِالْأَحَادِيثِ الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا وَالتَّحَدُّثُ بِالْخُرَافَاتِ وَالْمَضَاحِيكِ وَالْغِنَاءُ وَتَعَلُّمُ الْمُوسِيقَى وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ).
- قال ابن جرير: (الأولى عندي أن يكون الشراء بالثمن لذات اللهو للمغنيات والغناء وغيرها).
- قال الثعلبي: (وكلّ ما كان من الحديث ملهيا عن سبيل الله إلى ما نهى عنه فهو لهو ومنه الغناء وغيره.)
- قال الزمخشري: (اللهو هو كل باطل ألهى عن الخير وعما يعنى ولَهْوَ الْحَدِيثِ نحو السمر بالأساطير والأحاديث التي لا أصل لها، والتحدث بالخرافات والمضاحيك وفضول الكلام، وما لا ينبغي من كان وكان، ونحو الغناء وتعلم الموسيقار وما أشبه ذلك)
- قال القرطبي: (القول الأول وهو الغناء أولى ما قيل به في هذا الباب; للحديث المرفوع فيه، وقول الصحابة والتابعين فيه).
- كما بوب (البوصيري تحت هذه الآية: بَابُ مَا جَاءَ فِي ذم الملاهي من المعازف والمزامير وَنَحْوِهَا).
- قال البقاعي: (ما يُلْهِي مِنَ الأشْياءِ المُتَجَدِّدَةِ الَّتِي تَسْتَلِذُّ فَيَقْطَعُ بِها الزَّمانَ مِنَ الغَناءِ والمُضْحِكاتِ وكُلِّ شَيْءٍ لا اعْتِبارَ فِيهِ، فَيُوصِلُ النَّفْسَ بِما أوْصَلَها إلَيْهِ مِنَ اللَّذَّةِ إلى مُجَرَّدِ الطَّبْعِ البَهِيمِيِّ فَيَدْعُوها إلى العَبَثِ مِنَ اللَّعِبِ كالرَّقْصِ ونَحْوِهِ مُجْتَهِدًا في ذَلِكَ مُعْمِلًا الخَيْلَ في تَحْصِيلِهِ بِاشْتِراءِ سَبَبِهِ، مُعْرِضًا عَنِ اقْتِناصِ العُلُومِ وتَهْذِيبِ النَّفْسِ بِها عَنِ الهُمُومِ والغُمُومِ، فَيَنْزِلُ إلى أسْفَلِ سافِلِينَ كَما عَلا الَّذِي قَبْلَهُ بِالحِكْمَةِ إلى أعْلى عِلِّيِّينَ، ولَمّا كانَ مِنَ المَعْلُومِ أنَّ عاقِبَةَ هَذِهِ المَلاهِي الضَّلالُ، بِانْهِماكِ النَّفْسِ في ذَلِكَ، لِما طُبِعَتْ عَلَيْهِ مِنَ الشَّهْوَةِ لِمُطْلَقِ البِطالَةِ، فَكَيْفَ مَعَ ما يُثِيرُ ذَلِكَ ويَدْعُو إلَيْهِ مِنَ اللَّذاذَةِ، فَتَصِيرُ أسِيرَةَ الغَفْلَةِ عَنِ الذِّكْرِ، وقَبِيلَةَ الإعْراضِ عَنِ الفِكْرِ، وكانَ المُخاطَبُ بِهَذا الكِتابِ قَوْمًا يَدَّعُونَ العُقُولَ الفائِقَةَ، والأذْهانَ الصّافِيَةَ الرّائِقَةَ).
- قال أبو السعود: (ولَهْوُ الحَدِيثِ ما يُلْهِي عَمّا يُعْنى مِنَ المُهِمّاتِ كالأحادِيثِ الَّتِي لا أصْلَ لَها، والأساطِيرِ الَّتِي لا اعْتِدادَ بِها، والمُضاحِكِ، وسائِرِ ما لا خَيْرَ فِيهِ مِن فُضُولِ الكَلامِ).
- قال ابن عاشور: (واللَّهْوُ: ما يُقْصَدُ مِنهُ تَشْغِيلُ البالِ وتَقْصِيرُ طُولِ وقْتِ البِطالَةِ دُونَ نَفْعٍ، لِأنَّهُ إذا كانَتْ في ذَلِكَ مَنفَعَةٌ لَمْ يَكُنِ المَقْصُودُ مِنهُ اللَّهْوَ بَلْ تِلْكَ المَنفَعَةُ، ولَهْوُ الحَدِيثِ ما كانَ مِنَ الحَدِيثِ مُرادًا لِلَّهْوِ)

التخريج:
- أما قول عبد الله بن مسعود فرواه عبد الله بن وهب وابن أبي شيبة وابن جرير والحاكم والثعلبي والبيهقي والبغوي من طريق أبي معاوية البجلي (وهو عمار الدهني)، عن سعيد بن جبير، عن أبي الصهباء البكري، عنه بذات المعنى. [مخرج الأثر سعيد بن جبير، وأي معنى؟ ]
ورواه البيهقي من طريق أبو الحسين بن الفضل القطان عن علي بن عبد الرحمن الكوفي عن أحمد بن حازم عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبيه عنه بلفظ مقارب.
ورواه وابن أبي الدنيا عنه بذات المعنى كما في الدر المنثور.

- أما قول ابن عباس فرواه ابن أبي شيبة وابن جرير من طريق أبي ليلى عن الحكم أو مقسم عن مجاهد عنه بذات المعنى، [أي معنى؟ فالعبارة أعلاه بها أكثر من معنى؟]
ورواه ابن أبي شيبة وابن جرير والبخاري في غير صحيحه والثعلبي من طريق سعيد بن جبير عنه بذات المعنى،
ورواه ابن جرير من طريق ليث عن الحكم عنه بلفظ مقارب،

- أما قول جابر فرواه ابن أبي جرير من طريق سفيان عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عنه بذات المعنى.
قال حكمت بشير إسماعيل بأن أسانيد هذا القول هنا يقوي بعضها بعضا.

- أما قول إبراهيم النخعي فرواه عنه ابن أبي الدنيا كما في الدر المنثور بلفظ مقارب.

- أما قول مجاهد رواه مجاهد في تفسيره بذات المعنى،
ورواه عبد الله بن وهب وابن جرير من طريق أبي نجيح [ابن أبي نجيح] ، عنه بذات المعنى،
ورواه يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة وابن جرير من طريق ليث عنه بذات المعنى،
ورواه يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة من طريق المعلى عن أبي يحيى عنه بذات المعنى،
ورواه عبد الرزاق و [سفيان] الثوري وابن جرير عن عبد الكريم البصري عنه بذات المعنى،
ورواه سفيان الثوري وابن أبي شيبة وابن جرير من طريق حبيب بن أبي ثابت عنه بذات المعنى،
ورواه ابن أبي شيبة وابن جرير من طريق شعبة عن الحكم عنه بذات المعنى،
ورواه مسلم بن خالد الزنجي في جزء تفسيره عنه بذات المعنى،
ورواه ابن جرير من طريق ابن جريج عنه بلفظ مقارب،
ورواه ابن المنذر عنه كما في الدر المنثور.

- أما قول عكرمة فرواه ابن أبي شيبة وابن جرير والبخاري في غير صحيحه من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن شعيب عنه بذات المعنى، وقد حكم عليه سليم الهلالي وآل نصر بالضعف.
ورواه ابن أبي شيبة وابن جرير من طريق أسامة بن زيد عنه بذات المعنى،
ورواه وابن أبي الدنيا عنه بلفظ مقارب كما في الدر المنثور،

- وذكر ابن أبي حاتم والماوردي والقسطلاني عن الحسن دونما إسناد.

- ذكر الثعلبي والعيني عن ابن جريج دونما إسناد.

- أما قول مكحول فرواه ابن عساكر عنه بلفظ مقارب،

- أما قول قتادة فرواه يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة عنه بلفظ مقارب،
ورواه عبد الرزاق من طريق معمر عنه بذات المعنى،
ورواه ابن جرير عن يزيد وسعيد عنه بلفظ مقارب،
ورواه ابن أبي حاتم عنه بلفظ مقارب كما في الدر المنثور.

وفيما يخص الأقوال الضعيفة:
- أما قول أبي أمامة فقد رواه الترمذي وابن جرير وابن حجر والقسطلاني وابن أبي حاتم والثعلبي والماوردي وابن حزم والواحدي والبغوي والزمخشري وابن الأثير والقرطبي عن عبيد الله بن زحر عن علي بن زيد عن القاسم بن عبد الرحمن عنه بذات المعنى، وهو حديث ضعيف كل من رواه نبه على ضعفه.
[هذا ليس قول أبي أمامة وإنما حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وبعض من ذكرتيهم لم يرووه بإسنادهم وإنما نقلوه فينبغي تمييز ذلك]
- أما قول عطاء فهو في تفسيره، وقد ضعفه سليم الهلالي وآل نصر.
ورواه يحيى بن أبي سلام بن أبي ثعلبة من طريق خالد عن ليث عنه بلفظ مقارب،

الحجج والاعتراضات:
- قال ابن حزم الأندلسي: (وَمَا ذَمَّ قَطُّ - عَزَّ وَجَلَّ - مَنْ اشْتَرَى لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيَلْتَهِيَ بِهِ وَيُرَوِّحَ نَفْسَهُ، لَا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ. وَكَذَلِكَ مَنْ اشْتَغَلَ عَامِدًا عَنْ الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، أَوْ بِقِرَاءَةِ السُّنَنِ، أَوْ بِحَدِيثٍ يَتَحَدَّثُ بِهِ، أَوْ يَنْظُرُ فِي مَالِهِ، أَوْ بِغِنَاءٍ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَهُوَ فَاسِقٌ، عَاصٍ لِلَّهِ - تَعَالَى -، وَمَنْ لَمْ يُضَيِّعْ شَيْئًا مِنْ الْفَرَائِضِ اشْتِغَالًا بِمَا ذَكَرْنَا فَهُوَ مُحْسِنٌ. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» فَمَنْ نَوَى بِاسْتِمَاعِ الْغِنَاءِ عَوْنًا عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَهُوَ فَاسِقٌ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ غَيْرُ الْغِنَاءِ، وَمَنْ نَوَى بِهِ تَرْوِيحَ نَفْسِهِ لِيَقْوَى بِذَلِكَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَيُنَشِّطَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ عَلَى الْبِرِّ فَهُوَ مُطِيعٌ مُحْسِنٌ، وَفِعْلُهُ هَذَا مِنْ الْحَقِّ، وَمَنْ لَمْ يَنْوِ طَاعَةً وَلَا مَعْصِيَةً، فَهُوَ لَغْوٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ كَخُرُوجِ الْإِنْسَانِ إلَى بُسْتَانِهِ مُتَنَزِّهًا، وَقُعُودِهِ عَلَى بَابِ دَارِهِ مُتَفَرِّجًا وَصِبَاغِهِ ثَوْبَهُ لَازَوَرْدِيًّا أَوْ أَخْضَرَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَمَدِّ سَاقِهِ وَقَبْضِهَا وَسَائِرِ).
وقد رد ابن حجر العسقلاني في تغليق التعليق على ابن حزم الأندلسي في تضعيفه لحديث أبي مالك الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليَكُونَنَّ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَّ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ يَأْتِيهِمْ رَجُلُ الْحَاجَةِ فَيَقُولُونَ ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا فَيُبَيِّتُهُمُ الله وَيَضَع الْعلم وَيمْسَح آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".
وبعد أن ذكر الحديث من تسعة طرق عن هشام متصلا قال: وَهَذَا حَدِيث صَحِيح لَا عِلّة لَهُ وَلَا مطْعن لَهُ وَقد أعله أَبُو مُحَمَّد بن حزم بالانقطاع بَين البُخَارِيّ وَصدقَة بن خَالِد وبالاختلاف فِي اسْم أبي مَالك وَهَذَا كَمَا ترَاهُ قد سقته من رِوَايَة تِسْعَة عَن هِشَام مُتَّصِلا فيهم مثل الْحسن بن سُفْيَان وعبدان وجعفر الْفرْيَابِيّ وَهَؤُلَاء حفاظ أثبات، وذكر أن الصحابة كلهم عدول وإن اختلف في اسم الصحابي في الاسناد.
- كما رجح هذا القول ابن عطية، مع عدم نفيه للقول الأول بعكس ابن حزم الذي نفى القول الأول. [لا يتضح من هذه العبارة قصدكِ بترجيح ابن عطية، وقد تطرقتِ لمسألة فرعية، وهي حكم الغناء، وليست المقصودة من بحث مسألة ( المراد بلهو الحديث )]

التوجيه:
وهذا القول محمول على أن المراد ب "يشتري" أي بالثمن، كشراء آلات الغناء والمعازف والمغني والمغنية، أي الشراء بالثمن.
وقال النحاس: والتقدير: من يشتري ذا لهو أو ذات لهو مثل "واسأل القرية".
وقال الخفاجي: لا حاجَةَ إلى تَقْدِيرِ ذاتٍ، لِأنَّهُ لَمّا اشْتُرِيَتِ المُغَنِّيَةُ لِغِنائِها، فَكَأنَّ المُشْتَرى هو الغِناءُ نَفْسُهُ.
أقول: وهو يناسب ما قيل في أحد أسباب نزول الآية أنها نزلت في شراء القيان والمغنيات.
وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: الغناء ينبت النفاق كما ينبت النبات الزرع. وقد تواترت الأدلة على تحريم آلات اللهو والمعازف وغناء المغنيات والمغنيين. فالغناء مفسدة للقلب منفذة للمال مسخطة للرب، وفي ذلك الزجر الشديد للأشقياء المعرضين عن الانتفاع بسماع كلام الله المقبلين على استماع المزامير والغناء بالألحان وآلات الطرب وحديث الباطل المشغل عن ذكر الله. وقَدْ تَضافَرَتِ الآثارُ وكَلِماتُ كَثِيرٍ مِنَ العُلَماءِ الأخْيارِ عَلى ذَمِّهِ.
كما يجوز أن يحمل على الشراء مجازا وهو استحباب الغناء وتفضيله واختياره على ذكر الله على تفسير ابن عباس ل "سبيل الله": قراءة القرآن وذكر الله. فقد قال مطرف: شراء لهو الحديث استحبابه. وقال قتادة: ولعله لا ينفق فيه مالا، ولكن سماعه شراؤه.
فقد تحمل الآية على أهل الإسلام الذين يستحبون مزامير الشيطان على مزامير الرحمن، فيكون استحبابهم هذا ليس ليضلوا عن سبيل الله بكفر، ولا ليتخذوا الآيات هزوا، ولا عليهم هذا الوعيد، بل ليعطل عبادة، ويقطعهم زمنا بمكروه، ولكونهم من جملة العصاة.

القول الثاني: الشرك والجدال في الحق والدين.
وهو قول يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة، الضحاك، ابن زيد، سهل بن عبد الله.
ذكرها ابن جرير والعيني بصيغة التمريض.
- قال ابن حزم الأندلسي: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} وَهَذِهِ صِفَةٌ مَنْ فَعَلَهَا كَانَ كَافِرًا، بِلَا خِلَافٍ، إذَا اتَّخَذَ سَبِيلَ اللَّهِ - تَعَالَى – هُزُوًا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأً اشْتَرَى مُصْحَفًا لِيُضِلَّ بِهِ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَتَّخِذُهَا هُزُوًا لَكَانَ كَافِرًا، فَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَمَّ اللَّهُ - تَعَالَى -،

- قال ابن عطية: والذي يترجح أن الآية نزلت في لهو حديث مضاف إلى كفر، فلذلك اشتدت ألفاظ الآية بقوله: {ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا} والتوعد بالعذاب المهين.

التخريج:

- أما قول ابن زيد فرواه ابن جرير من طريق يونس عن ابن وهب عنه مثله.
وذكره الماوردي بدون إسناد.

- أما قول الضحاك فرواه الثعلبي عن عبيد عنه مثله.
ورواه ابن جرير بصيغة التمريض بقوله (حدثت) من طريق الحسين عن أبي معاذ عن عبيد عنه مثله.

- أما قول يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة فرواه هو في تفسيره بلفظ مقارب.

- أما قول سهل ابن عبد الله فذكره الماوردي دونما إسناد.

- أخرج العيني في عمدة القاري بصيغة التمريض بقوله: وقيل الشرك. [هذا ليس تخريج وإنما نقل للقول، ولا تفيد هذه العبارة صيغة التمريضفي هذا المقام]

التوجيه:
وهذا القول محمول على أن المراد ب "يشتري" أي بمعنى الاستحباب والاختيار.
كقوله تعالى: "اشتروا الكفر بالإيمان".
وكقوله تعالى: "أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى"
وقد يحمل على الشراء حقيقة، كما جاء في القول الثاني من أسباب نزول الآية، أنها نزلت في النضر حين اشترى كتب الأعاجم ليصد المسلمين عن "سبيل الله" أي دين الله الإسلام. فتكون الآية محمولة على أهل الكفر في أحاديث قريش وتلهيهم بأمر الإسلام وخوضهم في الباطل لصد الناس عن دين الله.

الدراسة:
كلا القولين صحيحان، ودلالة الآية عليهما صحيحة أيضا. فالراجح أن الآية تشمل القولين: لأن "لهو الحديث" يحتملهما، كما قال ابن جرير: " والصّواب من القول في ذلك أن يقال: عنى به كلّ ما كان من الحديث ملهيًا عن سبيل اللّه، ممّا نهى اللّه عن استماعه أو رسوله، لأنّ اللّه تعالى عمّ بقوله {لهو الحديث} ولم يخصّص بعضًا دون بعضٍ، فذلك على عمومه، حتّى يأتي ما يدلّ على خصوصه، والغناء والشّرك من ذلك.".
وقد عمّم ابن حجر في فتح الباري تعليقا على قول البخاري (باب كل لهو باطل): إِذَا شَغَلَهُ أَيْ شَغَلَ اللَّاهِيَ بِهِ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ أَي كمن النَّهْي بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَأْذُونًا فِي فِعْلِهِ أَوْ مَنْهِيًّا عَنْهُ كَمَنِ اشْتَغَلَ بِصَلَاةِ نَافِلَةٍ أَوْ بِتِلَاوَةٍ أَوْ ذِكْرٍ أَوْ تَفَكُّرٍ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ مَثَلًا حَتَّى خَرَجَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ عَمْدًا فَإِنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا الضَّابِطِ وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الْأَشْيَاءِ الْمُرَغَّبِ فِيهَا الْمَطْلُوبِ فِعْلُهَا فَكَيْفَ حَالُ مَا دُونَهَا.
وقد أكد السعدي ذلك بقوله: الأحاديث الملهية للقلوب، الصادَّة لها عن أجلِّ مطلوب. فدخل في هذا كل كلام محرم، وكل لغو، وباطل، وهذيان من الأقوال المرغبة في الكفر، والفسوق، والعصيان، ومن أقوال الرادين على الحق، المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق، ومن غيبة، ونميمة، وكذب، وشتم، وسب، ومن غناء ومزامير شيطان، ومن الماجريات الملهية، التي لا نفع فيها في دين ولا دنيا.
فهذا الصنف من الناس، يشتري لهو الحديث، عن هدي الحديث ﴿لِيُضِلَّ﴾ الناس ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ أي: بعدما ضل بفعله، أضل غيره، لأن الإضلال، ناشئ عن الضلال.
وإضلاله في هذا الحديث؛ صده عن الحديث النافع، والعمل النافع، والحق المبين، والصراط المستقيم.
ولا يتم له هذا، حتى يقدح في الهدى والحق، ويتخذ آيات اللّه هزوا ويسخر بها، وبمن جاء بها، فإذا جمع بين مدح الباطل والترغيب فيه، والقدح في الحق، والاستهزاء به وبأهله، أضل من لا علم عنده وخدعه بما يوحيه إليه، من القول الذي لا يميزه ذلك الضال، ولا يعرف حقيقته.

بارك الله فيكِ ونفع بكِ، أحسنتِ تصنيف المسألة واختيار المراجع وترتيب عرض محاور تحريرك للمسألة، والحرص على تخريج الأقوال وبيان الدراسة والجمع بين الأقوال.
لكنكِ وقعتِ في خطأ أثّر على كامل تحريركِ للمسألة، وهو من أكثر الأسباب التي أدت إلى ظهور الأقوال الخاطئة في التفسير ونسبتها للسلف وعند التحقق لا نجد أنها مروية عنهم.

قلتِ في القول الأول:

اقتباس:
القول الأول: الغناء وآلاته من طبل ومزامير ومعازف وترهات وبسابس والاستماع له أو إلى مثله من الضلالة والخوض في الباطل وشراء المغني والمغنية وكل لعب ضار يلهي عن ذكر الله.

هذه العبارة تتضمن عدة أقوال، منها الغناء، ومنها آلات الغناء، ويمكن التسامح في جمعهما معًا

لكن قول: (الاستماع إلى مثله من الضلالة) هذا معنى أعم من الغناء، بل هو واسع جدًا، وكذلك الخوض في الباطل، وقول (كل لعب ضار يلهي عن ذكر الله)

كما ترين هذه أقوال مختلفة بمعان مختلفة، لا يصح عند بداية التحرير جمعها في عبارة واحدة، ثم قول: قال بهذا القول فلان وفلان وفلان من السلف

وعند العودة لقول السلف نجد مثلا أن ابن مسعود قال: الغناء، وفي روايات أخرى ذكر بعض ما يتعلق بالغناء مثل شراء المغنية، لكن لم يقل: كل لعب ضار.

ويمكنكِ قياس هذا المثال على غيره من الأقوال.

لهذا عند التحرير نفصل الأقوال، ونميزها هل هي مختلفة معنىً؟ أو مختلفة في اللفظ دون المعنى؟

إن كانت مختلفة معنى وجب فصل كل قول، ثم عند الدراسة نبين هل هناك وجه للجمع بينها أو الخلاف خلاف تضاد ويجب الترجيح.

إن كانت مختلفة لفظًا دون المعنى يمكن صياغتها في عبارة واحدة، وراجعي المهارات الأساسية في التفسير لمزيد تفصيل.


الملحوظة الثانية: بالنسبة للتخريج:

راجعي ملحوظات التخريج على التطبيق السادس، واقرأي التعليقات على جميع التطبيقات للفائدة.
- التخريج يبدأ من مخرج الأثر، مثلا قول ابن مسعود من طريق سعيد بن جبير عن أبي الصهباء عن ابن مسعود.
- لا ننقل عن المصادر الناقلة، طالما توفر الأثر في مصدر مسند.
- ما رواه الثعلبي بإسناده هو حديث أبي أمامة المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأما الأقوال عن الصحابة والتابعين فمنقولة، فلا يصح قول: (رواه الثعلبي) وقيسي على ذلك جميع المصادر الناقلة.


١.تصنيف المسألة وتعيين المراجع: 10 / 10 ٪
٢.استيعاب الأقوال في المسألة وتحريرها: 15 / 30٪
٣.تخريج الأقوال: 10 / 20 ٪
٤. توجيه الأقوال: 5 / 5%
٥. الدراسة وبيان الراجح أو الجمع بين الأقوال 20 / 20٪

٦. مراعاة ظهور شخصية الطالب في واجبه، ومراعاة جودة الإنشاء والصياغة والعرض. 10/ 15٪
[يكفي أن ننقل من أقوال المفسرين عبارات يسيرة تؤكد ما وصلنا إليه، وقمنا بصياغته بأسلوبنا، سواء في التعبير عن القول أو التوجيه أو الصياغة، دون الاستطراد بنقل أقوال عدد منهم]
التقويم: ج
بارك الله فيكِ ونفع بكِ وزادكِ توفيقًا وسدادًا.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 ربيع الأول 1443هـ/19-10-2021م, 04:06 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رولا بدوي مشاهدة المشاركة
هذه المسألة من المسائل التي اشتهرت بين العلماء و المفسرين و ذلك لأن هذه الآية من أولى الآيات و أقواها التي بنى عليها العلماء حكم الغناء من تحريم و جواز ،و سبب الاختلاف هو ما بُني عليه تفسير المراد من لهو الحديث ، وو هو ما سيتبن لنا بإذن الله من خلال هذه الدراسة للمراد من ( لهو الحديث في الآية) .
الأقوال التي اشتهرت في المراد من لهو الحديث :

1- شراء أخبار الأعاجم : قَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ تَاجِرًا إِلَى فَارِسَ فَيَشْتَرِي أَخْبَارَ الْأَعَاجِمِ فَيَرْوِيهَا وَيُحَدِّثُ بِهَا قُرَيْشًا وَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ مُحَمَّدًا يُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثِ عَادٍ وَثَمُودَ، وَأَنَا أُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثِ رُسْتُمَ وَإِسْفِنْدِيَارَ وَأَخْبَارِ الْأَكَاسِرَةِ، فَيَسْتَمْلِحُونَ حَدِيثَهُ وَيَتْرُكُونَ اسْتِمَاعَ الْقُرْآنِ. فَنَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةُ ( أسباب النزول للواحدي) ، و قال به الزجاج و الفراء و ابن قتيبة و ابن عاشور.
والكلبي ومقاتل متروكان -أيضاً- ومتهمان بالكذب.
2- شراء المغنيات :
رُويَ عن عائشة رضي الله عنها و عن أبي إمامة مرفوعًا للنبي صلى الله عليه و سلم ، و روي عن ابن عباس ،و مجاهد و مكحول.
- أما قول عائشة مرفوعًا لرسول الله صلى الله عليه و سلم فرواه مسدد كما في كتاب إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة للبوصيري و ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي و ابن مردويه كما في الدر المنثور و رواه ابن الجوزي في كتاب العلل المتناهية في الأحاديث الواهية.
- و رواه ابن أبي الدنيا من طريق مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ , عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبَى سُلَيْمٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ , عَنْ عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ §حَرَّمَ الْقَيْنَةَ , وَبَيْعَهَا , وَثَمَنَهَا وَتَعْلِيمَهَا , وَالِاسْتِمَاعَ إِلَيْهَا» ثُمَّ قَرَأَ: {" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6] .
- و رواه مسدد من طريق عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عُبَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ َعَائِشَةَ "فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحديث}قَالَ: لَا يَحِلُّ بَيْعُ الْمُغَنِّيَاتِ وَلَا شِرَاؤُهُنَّ، وَلَا أَكْلُ أَثْمَانِهِنَّ، وَلَا تعَلْيِمُهُنَّ. قَالَ مُجَاهِدٌ: وَلَا الِاسْتِمَاعُ إِلَيْهِنَّ.
قال ابن الجوزي : قال ابن حبان وأما الحديث الثاني فَإِن علي بْن زَيْد قال فِيهِ أَحْمَد ويحيى ليس بشيء وقد أضيف إليه فرج بْن فضالة".
قَالَ ابْنُ حَبَّانَ: "لا يَحِلُّ الاحتجاج به وأما القاسم فقد قدمنا فِيهِ آنفًا وأما الحديث الثالث فقد سبق فِي كتابنا أن ليث بين أَبِي سليم متروك".
قال ابن حبان: "اختلط فِي آخِرِ عُمْرِهِ فَكَانَ يَقْلِبُ الأَسَانِيدَ وَيَرْفَعُ الْمَرَاسِيلَ وَيَأْتِي عَنِ الثِّقَاتِ مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِمْ"
و قال البيهقي فيه: وروي عن ليث بن أبي سليم، عن عبد الرحمن بن سابط، عن عائشة، وليس بمحفوظ، وروي عن ليث راجعا إلى الإسناد الأول، خلط فيه ليث ( السنن الكبرى، /6/23/ 11055).
و قال الزيلعي: وَأما حَدِيث عَائِشَة فَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْعِلَل المتناهية من حَدِيث لَيْث ابْن أبي سليم عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط عَن عَائِشَة مَرْفُوعا إِن الله حرم الْقَيْنَة وَبَيْعهَا وَثمنهَا وَتَعْلِيمهَا وَالِاسْتِمَاع إِلَيْهَا ثمَّ قَرَأَ وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث انْتَهَى وَأعله بليث بن أبي سليم قَالَ ابْن حبَان قد اخْتَلَط فِي آخر عمره فَكَانَ يقلب الْأَسَانِيد وَيرْفَع الْمَرَاسِيل وَيَأْتِي عَن الثِّقَات بِمَا لَيْسَ من حَدِيثهمْ انْتَهَى وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عقيب حَدِيث أبي أُمَامَة فَقَالَ وَرُوِيَ عَن لَيْث ابْن أبي سليم عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط عَن عَائِشَة وَلَيْسَ بِمَحْفُوظ .

أما قول أبي أمامة مرفوعا عن رسول الله فقد رواه كلًا من مسدد و الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ كما في كتاب إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة للبوصيري و رواه الترمذي، و ابن جرير و ابن أبي حاتم و الطبراني ، البيهقي، الواحدي و البغوي، ابن الجوزي في كتاب العلل المتناهية في الأحاديث الواهية، و رواه كلًا من ابن المنذر و ابن مردويه كما في الدر المنثور.
- رواه مسدد و الحارث بن محمد بن أبي أسامة و الترمذي، و ابن جرير و ابن أبي حاتم ،الطبراني،البيهقي،البغوي، ابن الجوزي ،من طريق القاسم بن عبد الرّحمن، عن أبي أمامة، عن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم.
و قد عقب عليه التِّرْمِذِيُّ في سننه فقال: هذا حديثٌ غريبٌ إنّما يروى من حديث القاسم عن أبي أمامة والقاسم ثقةٌ، وعليّ بن يزيد يضعّف في الحديث، سمعت محمّدًا يقول: القاسم ثقةٌ، وعليّ بن يزيد يضعّف). [سنن الترمذي: 5/198]
قال ابن الجوزي في كتابه العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ("هَذِهِ الأَحَادِيثِ لَيْسَ فيها شيء يصح أما الأول فَإِن القاسم ليس بشيء".
و نقل عن ابْنُ حَبَّانَ: قوله "كَانَ يَرْوِي عَنِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المعضلات وقال أَحْمَد: "هو منكر الحديث حدث عَنْهُ علي بْن يزيد أعاجيب وما أراها إلا من قبل القاسم وأما الأفريقي فهو عُبَيْد اللَّه بْن زحر قال يَحْيَى لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ ابْنُ حَبَّانَ: "يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الأَثْبَاتِ قَالَ وَإِذَا اجتمع فِي حديث عُبَيْد اللَّه بْن زحر وعلي بْن يزيد والقاسم لم يكن متن ذلك الخبر إلا مما عملته أيديهم )( 2/298-290)
قال الزيلعي (762):وَذكره عبد الْحق فِي أَحْكَامه فِي الْبيُوع من جِهَة التِّرْمِذِيّ ثمَّ قَالَ وَعلي ابْن يزِيد ضعفه أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَقَالَ النَّسَائِيّ مَتْرُوك وَأحسن مَا وجدنَا فِيهِ قَول ابْن عدي وَقَالَ هُوَ صَالح فِي نَفسه إِلَّا أَن يروي عَنهُ ضَعِيف وَهَذَا قد رَوَى عَنهُ ابْن زحر وَقد ضعفه أَبُو حَاتِم وَابْن معِين وَابْن الْمَدِينِيّ وَوَثَّقَهُ البُخَارِيّ وَله طَرِيق آخر رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي التِّجَارَات ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد الْقطَّان ثَنَا هَاشم بن الْقَاسِم ثَنَا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ عَن عَاصِم عَن أبي الْمُهلب عَن عبيد الله الإفْرِيقِي عَن أبي أُمَامَة قَالَ نهَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن بيع الْمُغَنِّيَات وَعَن شِرَائِهِنَّ وَعَن كَسْبهنَّ وَعَن أكل أَثْمَانهنَّ انْتَهَى_ بدون زيادة الآية_ وَله طَرِيق آخر عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه عَن الْوَلِيد بن الْوَلِيد ثَنَا أَبُو ثَوْبَان عَن يَحْيَى بن الْحَارِث عَن الْقَاسِم عَن أبي أُمَامَة فَذكره بِلَفْظ الطَّبَرِيّ بِزِيَادَة الحَدِيث الَّذِي بعده وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث فرج بن فضَالة عَن عَلّي بن زيد بِدُونِ الزِّيَادَة.
و قال الزيلعي: قلت رَوَاهُ أَبُو يعلي الْموصِلِي فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث رَشِيدين بن سعد عَن يَحْيَى بن أَيُّوب عَن عبيد الله بن زحر عَن عَلّي بن يزِيد عَن الْقَاسِم عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَا رفع رجل صَوته بِالْغنَاءِ إِلَى آخِره << وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه والْحَارث بن أبي أُسَامَة والواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول من حَدِيث مطرح بن يزِيد عَن عبيد الله بن زحر عَن عَلّي بن يزِيد الْأَلْهَانِي عَن الْقَاسِم عَن أبي أَمَامه مَرْفُوعا لَا يحل بيع الْمُغَنِّيَات وَلَا شِرَاؤُهُنَّ وَأَثْمَانُهُنَّ حرَام وَمَا من رجل رفع صَوته بِالْغنَاءِ إِلَى آخِره بِهَذَا السَّنَد الْمَتْن رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه والثعلبي ثمَّ الواحدي فِي تفاسيرهم وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه أَيْضا مُلْحقًا بِالْحَدِيثِ الَّذِي قبله حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر بن سُفْيَان الرقي ثَنَا أَيُّوب بن مُحَمَّد الْوزان ثَنَا الْوَلِيد بن الْوَلِيد ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن ثَابت بن ثَوْبَان عَن يَحْيَى بن الْحَارِث الزيَادي عَن الْقَاسِم عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا نَحوه وَرَوَاهُ فِي كِتَابه الْمُسَمَّى بِمُسْنَد الشاميين ثَنَا مُحَمَّد بن عمار الدِّمَشْقِي ثَنَا الْعَبَّاس بن الْوَلِيد الْخلال ثَنَا الْوَلِيد بن الْوَلِيد بِهِ لَا يحل بيع الْمُغَنِّيَات إِلَى آخِره سَوَاء وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل عَن مسلمة بن عَلّي أبي سعيد الْخُشَنِي ثني يَحْيَى بن الْحَارِث بِهِ وَضعف مسلمة عَن البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن معِين وَوَافَقَهُمْ وَقَالَ عَامَّة أَحَادِيثه غير مَحْفُوظَة انْتَهَى (تخريج الأحاديث والآثار الواردة في الكشاف، ج3/67)
و قال بن كثير: عَلِيٌّ وَشَيْخُهُ وَالرَّاوِي عَنْهُ كُلُّهُمْ ضُعَفَاءُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قال المزيني في كتابه المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة دراسة الأسباب رواية ودراية : هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة وقد ذكر جمهور المفسرين هذا الحديث عند نزولها كالطبري والبغوي وابن العربي وابن عطية والقرطبي وابن كثير وابن عاشور. قال ابن العربي بعد ذكر هذا الحديث وغيره: (هذه الأحاديث التي أوردناها لا يصح منها شيء بحال لعدم ثقة ناقليها إلى من ذكر من الأعيان فيها) اهـ
و قال والظاهر - والله أعلم - أن الحديث ليس سببا لنزول الآية ليس بسبب إسناده فحسب، بل هو أيضا ليس صريحا في النزول لقوله: (في مثل هذا أنزلت). * النتيجة: أن الحديث المذكور ليس سببا لنزول الآية لضعف سنده، ولأنه ليس صريحا في النزول والله أعلم.

أما قول ابن عباس فقد رواه ابن أبي شيبة في مصنقه،و ابن جرير و رواه ابن المنذر و ابن مردويه كما في الدر المنثور و ذكره الواحدي .
- أما رواية ابن أبي شيبة عن الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، و فيها زيادة الغناء .
- و رواية ابن جرير من طريق عن الحكم أو مقسم، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: شراء المغنية.
قال الواحدي: وَقَالَ ثُوَيْرُ بْنُ أَبِي فَاخِتَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً تُغَنِّيهِ لَيْلًا وَنَهَارًا.
قال القاضي ابن العربي: أما قول ابن عباس أنها نزلت في حل من اشترى مغنية اغنيه ليلا نهارا لم يصح سندا و لا يصح المعنى.
أما قول مجاهد فقد رواه عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ [آدم بن أبي إياس] و البيهقي عن طريق إبراهيم بن الحسين , ثنا آدم , ثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد [مخرج الأثر؟]
و أما قول مكحول فقد أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق قال أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم بن الخطاب أنا أبو الحسن عبد الملك بن عبد الله بن محمود بن مسكين الفقيه الشافعي أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل بن الفرج المهندس أنا أبو محمد بكر بن أحمد نا أبو حميد أحمد بن محمد بن المغيرة نا معاوية بن حفص ثنا رستم قال سمعت مكحولا يقول في قوله عز وجل " ومن الناس من يشتري لهو الحديث "قال الجواري الضاربات
و قال( رستم أبو يزيد حدث عن مكحول روى عنه مروان أظنه ابن محمد ومعاوية بن حفص الشعبي)
عقب البغوي على هذا الرأي بقوله : وَوَجْهُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مَنْ يَشْتَرِي ذَاتَ لَهْوِ أَوْ ذَا لَهْوِ الْحَدِيثِ.
[وهذا توجيه معنى إضافة (لهو) إلى (الحديث) ويوجه أيضًا، بأن لفظ (يشتري) حُمل على ظاهره بمعنى دفع ثمن مقابل الحصول على خبر الأعاجم أو الغناء]

3- المراد بلهو الحديث الباطل و حديثه:
قاله: قتادة،و ابن زيد.
التخريج :
أما قول قتادة فقد رواه كلًا من عبد الرزاق الصنعاني و بن [وابن] جرير .
- أما عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ فقد رواه فقال: نا معمر عن قتادة في قوله ومن الناس من يشتري لهو الحديث قال أما والله لعله ألا يكون أنفق فيه مالا وبحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق.
- و أما ابن جرير فقد قال: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل اللّه بغير علمٍ} واللّه لعلّه أن لا ينفق فيه مالاً، ولكن اشتراؤه استحبابه، بحسب المرء من الضّلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحقّ، وما يضرّ على ما ينفع.
و أما قول ابن زيد فقد رواه ابن جرير فقال :حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل اللّه بغير علمٍ ويتّخذها هزوًا} قال: هؤلاء أهل الكفر، ألا ترى إلى قوله: {وإذا تتلى عليه آياتنا ولّى مستكبرًا كأن لم يسمعها كأنّ في أذنيه وقرًا} فليس هكذا أهل الإسلام، قال: وناسٌ يقولون: هي فيكم، وليس كذلك، قال: وهو الحديث الباطل الّذي كانوا يلغون فيه.
قال الواحدي في التفسير البسيط: وإن كان اللفظ قد ورد بالشراء ولفظ الشراء يذكر في الاستبدال والاختيار، وهو كثير في القرآن، ويدل على هذا ما قال قتادة في هذه الآية: أما والله لعله ألا يكون أنفق مالاً، وبحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق (التفسير البسيط للواحدي ،18/92-96).
قال فخر الدين الرازي لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الْقُرْآنَ كِتَابٌ حَكِيمٌ يَشْتَمِلُ عَلَى آيَاتٍ حُكْمِيَّةٍ بَيَّنَ مِنْ حَالِ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ يَتْرُكُونَ ذَلِكَ وَيَشْتَغِلُونَ بِغَيْرِهِ، ثُمَّ إِنَّ فِيهِ مَا يُبَيِّنُ سُوءَ صَنِيعِهِمْ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ: أَنَّ تَرْكَ الْحِكْمَةِ وَالِاشْتِغَالَ بِحَدِيثٍ آخَرَ قَبِيحٌ الثَّانِي: هُوَ أَنَّ الْحَدِيثَ إِذَا كَانَ لَهْوًا لَا فَائِدَةَ فِيهِ كَانَ أَقْبَحَ/ الثَّالِثُ: هُوَ أَنَّ اللَّهْوَ قَدْ يُقْصَدُ بِهِ الْإِحْمَاضُ كَمَا يُنْقَلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ أَحَمِضُوا. و قال : قوله تعالى * (وإذا تتلى عليه ءاياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن فى أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم) *. أي يشتري الحديث الباطل، والحق الصراح يأتيه مجانا يعرض عنه،(مفاتيح الغيب ، 25/140).

و قال البيضاوي ما يُلْهِي عَمّا يَعْنِي كالأحادِيثِ الَّتِي لا أصْلَ لَها والأساطِيرِ الَّتِي لا اعْتِبارَ بِها والمَضاحِكِ وفُضُولِ الكَلامِ، والإضافَةُ بِمَعْنى مِن وهي تَبْيِينِيَّةٌ إنْ أرادَ بِالحَدِيثِ المُنْكَرَ وتَبْعِيضِيَّةٌ إنْ أرادَ بِهِ الأعَمَّ.
[فيمكنكِ تلخيص التوجيه هنا في عبارتين ببيان معنى الإضافة على هذا القول، وبيان معنى الشراء]


4- المراد بلهو الحديث أدوات الغناء كالطبل و المزامير
قاله مجاهد ، روى ذلك عنه ابن جريرفقال: وقال آخرون: عنى باللّهو: الطّبل. ذكر من قال ذلك: - حدّثني عبّاس بن محمّدٍ، قال: حدّثنا حجّاجٌ الأعور، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: اللّهو: الطّبل
و قال الألباني في كتابه تحريم آلات الطرب : ورجاله كلهم ثقات فهو صحيح إن كان ابن جريج سمعه من مجاهد.
و قال في الباب عن الحسن البصري قال: نزلت هذه الآية {ومن الناس..} إلخ في الغناء والمزامير. عزاه السيوطي في الدر المنثور 5 / 159 [لابن أبي حاتم] وسكت عنه كغالب عادته ولم أقف على إسناده لأنظر فيه.
و هذا القول لمجاهد يشابه القول في تفسير اللهو في الآية ﴿وَإِذَا رَأَوۡا۟ تِجَـٰرَةً أَوۡ لَهۡوًا ٱنفَضُّوۤا۟ إِلَیۡهَا وَتَرَكُوكَ قَاۤىِٕمࣰاۚ قُلۡ مَا عِندَ ٱللَّهِ خَیۡرࣱ مِّنَ ٱللَّهۡوِ وَمِنَ ٱلتِّجَـٰرَةِۚ وَٱللَّهُ خَیۡرُ ٱلرَّ ٰ⁠زِقِینَ﴾ [الجمعة ١١] فقد اختار الفراء في اللهو هنا الطبل ،و قال الزجاج: واللهو ههنا قيل الطبل، وهو - والله أعلم - كل ما يلهى به.
و قال :يقال: "قدِم دِحْيَةُ الكلبيُّ -رضي الله عنه- بتجارة له من الشام، فضَرب بالطبل: لِيُؤْذِنَ الناسَ بقدومه(".الجزء ٣ ،٣٧٦)
، و قال النحاس : وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها اختلف العلماء في اللهو هاهنا، فروى سليمان بن بلال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال: كانت المرأة إذا أنكحت حرّكت لها المزامير فابتدر الناس إليها فأنزل الله جلّ وعزّ هذا. وقال مجاهد: اللهو الطبل. قال أبو جعفر: والقول الأول أولى بالصواب لأن جابرا مشاهد للتنزيل، ومال الفرّاء إلى القول الثاني لأنهم فيما ذكر كانوا إذا وافت تجارة ضربوا لها بطبل، فبدر الناس إليها. وكان الفرّاء يعتمد في كتابه في المعاني على الكلبيّ والكلبي متروك الحديث
5- المراد بلهو الحديث الشرك
قاله الضحاك ، رواه بن جرير قال حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} يعني الشّرك.
قال القاضي ابن العربي : أما من قال هو الشرك و ادخل حديث النصر فيه فهو محتمل و به يتصل ، ألا ترى ما عقب هذه الآية : و إذا تتلى عليه آياتنا ولىنستكبرا)


6- المراد بلهو الحديث الغناء:
قاله ابن عباس ، و ابن مسعود، مجاهد، جابر،عكرمة، عطاء الخرساني، و رُويَ عن الحسن البصري.
التخريج :
أما قول ابن عباس فقد رواه سفيان الثوري في تفسيره ، الفراء في معاني القرآن و إعرابه، أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي [هذا راوي تفسير الثوري وسبق التنبيه أن النسبة تكون لصاحب التفسير] والبخاري [حين يُذكر اسم البخاري مُطلقًا في التخريج فهذا يفيد أنه رواه في صحيحه مسندًا عن ابن عباس، فهل ورد هذا؟] و أبو جعفر الترمذي ، الرازي ابن أبي حاتم، محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ في مستدركه، البيهقي في سننه، و ابن كثير [هل روى ابن كثير قول ابن عباس بإسناده؟] ،و عبدالله بن وهب المصري في الجامع في علوم القرآن [ابن وهب متقدم في تاريخ الوفاة على من ذُكروا قبله، فيقدم في التخريج، هذا على العموم، لكن أين أثر ابن وهب المروي عن ابن عباس؟]
- و رواه البخاري في الأدب المفرد، ابن جرير ،البيهقي في سننه،ابن ابي الدنيا في كتابه ذم المعازف؛ من طريق عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ ؛ و روى ابن جرير ثلاث روايات اثنين منهما بزيادة أشباهه و نحوه، و روى البخاري و البيهقي بزيادة و أشباهه فقط.
- قال الحاكم في مستدركه: هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه و قال الألباني في كتاب صحيح الأدب المفرد ( صحيح الإسناد موقوفًا).
-و روى ابن جرير من طرق أخرى بزيادة ( و الاستماع إليه).

أما قول ابن مسعود : رواه كلًا من عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ في (الجامع في علوم القرآن و ابن أبي شيبة في مصنفه،و ابن أبي الدنيا في كتابه ذم المعازف ،و ابن جرير، الحاكم في مستدركه، ابن كثير في تفسيره ، و رواه ابن المنذر كما في الدر المنثور للسيوطي من طريق سعيد بن جبيرٍ، عن أبي الصّهباء البكريّ عن عبد اللّه بن مسعودٍ
أما قول مجاهد فقد رواه سفيان الثوري ،وعبد الله بن وهب المصري، و الفراء وعبد الرزاق الصنعاني ، و أبو حذيفة موسى النهدي ، ابن أبي شيبة ، الترمذي، و ابن أبي الدنيا في كتابه ذم المعازف، و ابن جرير، و ابن عساكر.
- و قد رواه سفيان الثوري،وابن أبي شيبة ابن أبي الدنيا في ذم المعازف و ابن جرير من طريق حبيب بن أبي ثابتٍ عن مجاهدٍ.
- و رواه عبد الله بن وهب ،و الترمذي، و ابن جرير من طريق ابن أبي نجيح، عن مجاهد .
- و رواه عبدالرزاق الصنعاني و أبو حذيفة بن موسى السعدي، و ابن جرير من طريق: سفيان الثوري عن عبد الكريم البصري عن مجاهد.
- و رواه الفراء و ابن جرير من طريق ليث عن مجاهد
- و لابن أبي شيبة و ابن جرير و رواية أخرى من طريق شعبة، عن الحكم، عن مجاهد
- و رواية ابن أبي الدنيا في كتابه ذم المعازف قال فيها:حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْوَرْدِ , قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ , يَقُولُ: " كَانَ مُجَاهِدٌ , يَقُولُ: {§وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6] قَالَ: هُوَ الْغِنَاءُ "
- و روى ابن عساكر في ذم الملاهي فقال أخبرنا الشيخان: أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر، -[40]- وأبو الفتح مفلح بن أحمد بن محمد الدومي الوراق ببغداد، قالا: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد البزاز، قال: أنا عبيد الله بن محمد بن إسحاق البزاز، قال: أنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، قال: ثنا هدبة بن خالد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن بن مسلم، عن مجاهد، في قوله عز وجل: ((ومن الناس من يشتري لهو الحديث))، قال: ((الغناء)).
أما قول جابر فقد رواه ابن جرير فقال؛ حدّثنا الحسن بن عبد الرّحيم، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، قال: حدّثنا سفيان، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن جابرٍ، في قوله: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: هو الغناء والاستماع له
أما قول عكرمة فقد رواه كلًا من ؛ ابن ابي شيبة ،و ابن أبي الدنيا و ابن جرير
و قد روى ابن جرير و ابن أبي الدنيا و ابن أبي شيبة من طريق إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن شعيب بن يسارٍ، عن عكرمة، و لابن أبي شيبة و ابن جرير رواية أخرى من طريق أسامة بن زيدٍ، عن عكرمة.
أما قول عطاء الخرساني : فقد رواه الرملي و ذكره ابن أبي حاتم دون إسناد.
قال مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله عزّ وجلّ: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: الغناء والباطل ونحو ذلك). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 89]. [نقول: قاله عطاء الخراساني]
أما قول الحسن البصري فقد ذكره كلًا من ابن أبي حاتم الرازي، ابن كثير.
قال الواحدي في التفسير البسيط: وأكثر المفسرين على أن المراد بلهو الحديث: الغناء
قال القرطبي لَهْوَ الْحَدِيثِ": الْغِنَاءُ، فِي قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا قُلْتُ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ، لِلْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ فِيهِ، وَقَوْلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِيهِ (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي،14/51-54)
قال ابن القيم : ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث: بأنه الغناء، فقد صح ذلك عن ابن عباس، وابن مسعود. قال أبو الصهباء: "سألت ابن مسعود عن قوله تعالى: ﴿ومن الناس من يشترى لهو الحديث﴾ [لقمان: ٦] فقال: والله الذي لا إله غيره هو الغناء - يرددها ثلاث مرات. وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضًا أنه: الغناء. قال الحاكم أبو عبد الله في التفسير، من كتاب المستدرك: "ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابى الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين: حديث مسند. وقال في موضع آخر من كتابه: "هو عندنا في حكم المرفوع". وهذا، وإن كان فيه نظر، فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير من بعدهم، فهم أعلم الأمة بمراد الله عز وجل من كتابه، فعليهم نزل، وهم أول من خوطب به من الأمة. وقد شاهدوا تفسيره من الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم علمًا وعملًا، وهم العرب الفصحاء على الحقيقة، فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيل.
و قد جمع بعض العلماء و المفسرين بين قولين أو أكثر منهم، و منهم من قال بالعموم، و ممن جمع بين قولين ؛ابن كثير و البغوي،ابن القيم .
قال البغوي في تفسيره (510): وَمَعْنَى قَوْلِهِ: {يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} أَيْ: يَسْتَبْدِلُ وَيَخْتَارُ الْغِنَاءَ وَالْمَزَامِيرَ وَالْمَعَازِفَ عَلَى الْقُرْآنِ
قال ابن القيم (751): ولا تعارض بين تفسير "لهو الحديث" بالغناء، وتفسيره: بأخبار الأعاجم وملوكها، وملوك الروم، ونحو ذلك مما كان النضر بن الحارث يحدث به أهل مكة، يشغلهم به عن القرآن، فكلاهما لهو الحديث، ولهذا قال ابن عباس: "لهو الحديث: الباطل والغناء". فمن الصحابة من ذكر هذا، ومنهم من ذكر الآخر، ومنهم من جمعهما. والغناء أشد لهوًا، وأعظم ضررًا من أحاديث الملوك وأخبارهم، فإنه رقية الزنا، ومنبت النفاق، وشرك الشيطان، وخمرة العقل، وصده عن القرآن أعظم من صد غيره من الكلام الباطل، لشدة ميل النفوس إليه، ورغبتها فيه
قال ابن كثير في تفسيره (توفي 774): لَمَّا ذَكَّرَ تَعَالَى حَالَ السُّعَدَاءِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَهْتَدُونَ بكتاب الله وينتفعون بسماعه، كَمَا قَالَ تَعَالَى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ [الزمر: 23] الآية، عَطَفَ بِذِكْرِ حَالِ الْأَشْقِيَاءِ الَّذِينَ أَعْرَضُوا عَنِ الِانْتِفَاعِ بِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ وَأَقْبَلُوا عَلَى اسْتِمَاعِ الْمَزَامِيرِ وَالْغَنَاءِ بِالْأَلْحَانِ وَآلَاتِ الطَّرَبِ
قال الواحدي(468): قال أهل المعاني: ويدخل في هذا كل من اختار اللهو والغناء والمزامير والمعازف على القرآن (
و ممن قال بالعموم : البخاري في صحيحه،ابن جرير في تفسيره، النحاس في إعراب القرآن ابن عطية في تفسيره، الزمخشري في الكشاف،
قال أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (ت: 256 هـ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [لقمان: 6] (لهو الحديث) كل كلام لا فائدة فيه ولا جدوى والكلام الخيالي الذي لا يستند إلى أساس واقع وكل ما يشغل عن عبادة الله تعالى وذكره من السمر والأضاحيك ونحو ذلك [كتاب التفسير من صحيح البخاري.
قال ابن جرير: والصّواب من القول في ذلك أن يقال: عنى به كلّ ما كان من الحديث ملهيًا عن سبيل اللّه، ممّا نهى اللّه عن استماعه أو رسوله، لأنّ اللّه تعالى عمّ بقوله {لهو الحديث} ولم يخصّص بعضًا دون بعضٍ، فذلك على عمومه، حتّى يأتي ما يدلّ على خصوصه، والغناء والشّرك من ذلك.
قال أبو جعفر النحاس (338) : وأبين ما قيل في الآية ما رواه عبد الكريم , عن مجاهد قال: الغناء , وكل لعب لهو . قال أبو جعفر : فالمعنى ما يلهيه من الغناء , وغيره مما يلهي.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله( 541) ( والذي يترجح أن الآية نزلت في لهو حديث مضاف إلى كفر، فلذلك اشتدت ألفاظ الآية بقوله: {ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا} والتوعد بالعذاب المهين و"لهو الحديث" كل ما يلهي من غناء وخنا ونحوه، والآية باقية المعنى في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن ليس ليضلوا عن سبيل الله بكفر، ولا ليتخذوا الآيات هزوا، ولا عليهم هذا الوعيد، بل ليعطل عبادة، ويقطعهم زمنا بمكروه، ولكونهم من جملة العصاة، والنفوس الناقصة تروم تتميم ذلك النقص بالأحاديث، وقد جعلوا الحديث من القرى، وقيل لبعضهم: أتمل الحديث؟ فقال: إنما يمل العتيق القديم المعاد; لأن الحديث من الأحاديث فيه الطرافة التي تمنع من الملل.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: عنى به كلّ ما كان من الحديث ملهيًا عن سبيل اللّه، ممّا نهى اللّه عن استماعه أو رسوله، لأنّ اللّه تعالى عمّ بقوله {لهو الحديث} ولم يخصّص بعضًا دون بعضٍ، فذلك على عمومه، حتّى يأتي ما يدلّ على خصوصه، والغناء والشّرك من ذلك.
قال الزمخشري في الكشاف(538) اللهو كل باطل ألهى عن الخير وعما يعنى ولَهْوَ الْحَدِيثِ نحو السمر بالأساطير والأحاديث التي لا أصل لها، والتحدث بالخرافات والمضاحيك وفضول الكلام، وما لا ينبغي من كان وكان، ونحو الغناء وتعلم الموسيقار، وما أشبه ذلك
قال القاضي أبو بكر بن العربي(543): قول ابن عمر - لم أجد سنده- أن اللهو هو الغناء لم يثبت ذلك في الآية لأنه لم يطلق لهو الحديث بل قيده ( ليصل عن سبيل الله ) و ليست هذه صفة الغناء و إنما هو لهو مطلق و قد يكون غيره .
قال عبد الرحمن المبافوركي (1353):وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لهو الحديث أَيْ يَشْتَرِي الْغِنَاءَ وَالْأَصْوَاتَ الْمُحَرَّمَةَ الَّتِي تُلْهِي عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ
قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ الإضافة فيه بمعنى من البيان نَحْوَ جُبَّةِ خَزٍّ وَبَابِ سَاجٍ أَيْ يَشْتَرِي اللَّهْوَ مِنَ الْحَدِيثِ
لِأَنَّ اللَّهْوَ يَكُونُ مِنَ الْحَدِيثِ وَمِنْ غَيْرِهِ
والْمُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ الْمُنْكَرُ فَيَدْخُلُ فِيهِ نَحْوُ السَّمَرِ بِالْأَسَاطِيرِ وَبِالْأَحَادِيثِ الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا وَالتَّحَدُّثُ بِالْخُرَافَاتِ وَالْمَضَاحِيكِ وَالْغِنَاءُ وَتَعَلُّمُ الْمُوسِيقَى وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ .
و مما سبق يتبين لنا أن القول الراجح هو القائل بالعموم و يدخل فيه دخولًا أوليًا الغناء و ذلك لأسباب:
1- ما ثبت عن الصحابة و التابعيين في تفسير المراد من لهو الحديث بالغناء فقط في روايات و روايات فيها زيادة و ما شابهه،و قولهم يُقدم على غيره للأسباب التي ذكرها ابن القيم و أوردها الزهري في كتابه التفسير و المفسرين ، حيث قال : قال الزركشى فى "البرهان": "اعلم أن القرآن قسمان: قسم ورد تفسيره بالنقل، وقسم لم يرد. والأول: إما أن يرد عن النبى صلى الله عليه وسلم، أو الصحابة أو رؤوس التابعين، فالأول يُبحث فيه عن صحة السند، والثانى يُنظر فى تفسرب الصحابى، فإن فسَّره من حيث اللغة فهم أهل اللسان فلا شك فى اعتماده، أو بما شاهدوه من الأسباب والقرائن فلا شك فيه".
وقال الحافظ ابن كثير فى مقدمة تفسيره: "... وحينئذ إذا لم نجد التفسير فى القرآن ولا فى السُّنَّة، رجعنا فى ذلك إلى أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك، لِمَا شاهدوه من القرائن والأحوال التى اختُصوا بها، ولِمَا لهم من الفهم التامَ، والعلم الصحيح، والعمل الصالح، لا سيما علماؤهم وكبراؤهم، كالأئمة الأربعة، والخلفاء الراشدين، والأئمة المهتدين المهديين، وعبد الله بن مسعود رضى الله عنهم".وهذا الرأى الأخير هو الذى تميل إليه النفس، ويطمئن إليه القلب لِمَا ذُكر.
2- إرادة العموم و ذلك من معنى الإضافة المعنوية و تقديرها بمن، و فصل ذلك الألوسي في روح المعاني فقال: الألوسي١٢٧٠ ( ولَهْوَ الحَدِيثِ ) عَلى ما رُوِيَ عَنِ الحَسَنِ كُلُّ ما شَغَلَكَ عَنْ عِبادَةِ اللَّهِ تَعالى وذِكْرِهِ مِنَ السَّمَرِ والأضاحِيكِ والخُرافاتِ والغِناءِ ونَحْوِها، والإضافَةُ بِمَعْنى مِن، إنْ أُرِيدَ بِالحَدِيثِ المُنْكَرُ، كَما في حَدِيثِ: ««الحَدِيثُ في المَسْجِدِ يَأْكُلُ الحَسَناتِ كَما تَأْكُلُ البَهِيمَةُ الحَشِيشَ»» بِناءً عَلى أنَّها بَيانِيَّةٌ وتَبْعِيضِيَّةٌ إنْ أُرِيدَ بِهِ ما هو أعَمُّ مِنهُ، بِناءً عَلى مَذْهَبِ بَعْضِ النُّحاةِ كابْنِ كَيْسانَ، والسِّيرافِيِّ قالُوا: إضافَةُ ما هو جُزْءٌ مِنَ المُضافِ إلَيْهِ بِمَعْنى مِنَ التَّبْعِيضِيَّةِ كَما يَدُلُّ عَلَيْهِ وُقُوعُ الفَصْلِ بِها في كَلامِهِمْ، والَّذِي عَلَيْهِ أكْثَرُ المُتَأخِّرِينَ، وذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ السِّراجِ، والفارِسِيُّ وهو الأصَحُّ أنَّها عَلى مَعْنى اللّامِ كَما فَصَّلَهُ أبُو حَيّانَ في شَرْحِ التَّسْهِيلِ وذَكَرَهُ شارِحُ اللُّمَعِ.
و قال :والأحْسَنُ تَفْسِيرُهُ بِما يَعُمُّ كُلَّ ذَلِكَ، كَما ذَكَرْناهُ عَنِ الحَسَنِ، وهو الَّذِي يَقْتَضِيهِ ما أخْرَجَهُ البُخارِيُّ في الأدَبِ المُفْرَدِ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قالَ: ( لَهْوُ الحَدِيثِ ) هو الغِناءُ، وأشْباهُهُ.
و قال الزمخشري: قال الزمخشري: فإن قلت: ما معنى إضافة اللهو إلى الحديث؟ قلت: معناها التبيين، وهي الإضافة بمعنى من، وأن يضاف الشيء إلى ما هو منه، كقولك: صفة خز، وباب ساج . والمعنى: من يشترى اللهو من الحديث، لأن اللهو يكون من الحديث ومن غيره، فبين بالحديث. والمراد بالحديث. الحديث المنكر، كما جاء في الحديث: «الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش » ويجوز أن تكون الإضافة بمعنى «من» التبعيضية، كأنه قيل: ومن الناس من يشترى بعض الحديث الذي هو اللهو منه.
و قال ابن عاشور(1393) : واللَّهْوُ: ما يُقْصَدُ مِنهُ تَشْغِيلُ البالِ وتَقْصِيرُ طُولِ وقْتِ البِطالَةِ دُونَ نَفْعٍ، لِأنَّهُ إذا كانَتْ في ذَلِكَ مَنفَعَةٌ لَمْ يَكُنِ المَقْصُودُ مِنهُ اللَّهْوَ بَلْ تِلْكَ المَنفَعَةُ، ولَهْوُ الحَدِيثِ ما كانَ مِنَ الحَدِيثِ مُرادًا لِلَّهْوِ فَإضافَةُ لَهْوَ إلى الحَدِيثِ عَلى مَعْنى (مِنَ) التَّبْعِيضِيَّةِ عَلى رَأْيِ بَعْضِ النُّحاةِ، وبَعْضُهم لا يُثْبِتُ الإضافَةَ عَلى مَعْنى (مِنَ) التَّبْعِيضِيَّةِ فَيَرُدُّها إلى مَعْنى اللّامِ.
3-معنى الشراء في الآية ؛ يحتمل أنه على ظاهره أنه الشراء( شراء المغنية، شراء الكتب؛ سبب النزول ) ،أو مجازًا أي استحباب و اختيار، و القولان يسعهم المقال ، قال الزمخشري: وقوله يَشْتَرِي إما من الشراء، على ما روى عن النضر: من شراء كتب الأعاجم أو من شراء القيان. وإما من قوله اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ أى استبدلوه منه واختاروه عليه. وعن قتادة: اشتراؤه: استحبابه، يختار حديث الباطل على حديث الحق..
قال ابن عاشور : فالِاشْتِراءُ هُنا مُسْتَعْمَلٌ في صَرِيحِهِ وكِنايَتِهِ: فالصَّرِيحُ تَشْوِيهٌ لِاقْتِناءِ النَّضْرِ بْنِ الحارِثِ قِصَصَ رُسْتَمَ وإسْفِنْدِيارَ وبَهْرامَ، والكِنايَةُ تَقْبِيحٌ لِلَّذِينَ التَفُّوا حَوْلَهُ وتَلَقَّوْا أخْبارَهُ، أيْ مِنَ النّاسِ مَن يَشْغَلُهُ لَهْوُ الحَدِيثِ والوَلَعُ بِهِ عَنِ الِاهْتِداءِ بِآياتِ الكِتابِ الحَكِيمِ.
.4- معنى اللهو لغة و في أقوال المفسرين مما يقتضي عموم المراد، قال بن الجوزي(597): وإِنما قيل لهذه الأشياء: لهو الحديث، لأنها تُلهي عن ذِكْر الله تعالى.( زاد المسير ، ج3/430)
ففي معجم لسان العرب "اللَّهْو: ما لَهَوْت به ولَعِبْتَ به وشغَلَك من هوى وطَربٍ ونحوهما. وفي الحديث: ليس شيء من اللَّهْوِ إَلاَّ في ثلاث أَي ليس منه مباح إِلاَّ هذه، لأَنَّ كلَّ واحدة منها إِذا تأَملتها وجدتها مُعِينة على حَق أَو ذَرِيعة إِليه. واللَّهْوُ: اللَّعِب. يقال: لهَوْتُ بالشيء أَلهُو به لَهْواً وتَلَهَّيْتُ به إِذا لَعِبتَ به وتَشاغَلْت وغَفَلْتَ به عن غيره. ولَهِيتُ عن الشيء، بالكسر، أَلْهَى، بالفتح، لُهِيّاً ولِهْياناً إِذا ‏سَلَوْتَ عنه وتَرَكْتَ ذكره وإِذا غفلت عنه واشتغلت.
و قال القاضي بن العربي (543): اللهو هو كل شغل لا فائدة فيه أخروية و يستعمل في الدموية مجازا و يكون في الفعل و يكون في القول فإن كان فيه إثم كان لهوا أيضا و هو أشده.
و قال ابن عاشور: واللَّهْوُ: ما يَشْتَغِلُ بِهِ الإنْسانُ مِمّا تَرْتاحُ إلَيْهِ نَفْسُهُ ولا يَتْعَبُ في الِاشْتِغالِ بِهِ عَقْلُهُ، فَلا يُطْلَقُ إلّا عَلى ما فِيهِ اسْتِمْتاعٌ ولَذَّةٌ ومُلائِمَةٌ لِلشَّهْوَةِ.

أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

أرجو مراجعة الملحوظات أثناء الاقتباس أعلاه.


١.تصنيف المسألة وتعيين المراجع: 10 / 10 ٪
٢.استيعاب الأقوال في المسألة وتحريرها: 30/ 30٪
٣.تخريج الأقوال: 15 / 20 ٪
٤. توجيه الأقوال: 5 / 5%
٥. الدراسة وبيان الراجح أو الجمع بين الأقوال 20 / 20٪

٦. مراعاة ظهور شخصية الطالب في واجبه، ومراعاة جودة الإنشاء والصياغة والعرض. 10/ 15٪
[يكفي أن ننقل من أقوال المفسرين عبارات يسيرة تؤكد ما وصلنا إليه، وقمنا بصياغته بأسلوبنا، سواء في التعبير عن القول أو التوجيه أو الصياغة، دون الاستطراد بنقل أقوال عدد منهم]
التقويم: أ
بارك الله فيكِ ونفع بكِ وزادكِ توفيقًا وسدادًا.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 13 ربيع الأول 1443هـ/19-10-2021م, 09:11 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فروخ الأكبروف مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله.
اختلف العلماء في المراد بلهو الحديث على أقوال:
القول الأول: هو الغناء والاستماع له.
هو قول ابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، وجابر، ومجاهد، وعكرمة، والحسن، والثوري، وعطاء الخراساني، ومسلم بن خالد الزنجي.
قال الزجاج: "فأكثر ما جاء في التفسير أن (لَهوَ الحديث) ههنا الغِنَاء؛ لأنه يُلْهِي عَنْ ذكر اللَّه..."
قال الواحدي: "وأكثر المفسرين على أن المراد بلهو الحديث الغناء".
- قول ابن مسعود رواه عبد الله بن وهب المصري وابن أبي شيبة وابن جرير من طريق سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ الْبَكْرِيِّ عنه.
- أما قول ابن عباس فرواه ابن أبي شيبة وابن جرير من طريق مقسم، ومن طريق عطاء، عن سعيد بن جبير عنه.
- أما قول ابن عمر فذكره عنه مكي بن أبي طالب، وابن العربي، والقرطبي، وابن كثير.
- أما قول جابر فرواه ابن جرير فقال: حدثنا الحسن بن عبد الرحيم، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: ثنا سفيان، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن جابر في قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ} قال: هو الغناء والاستماع له.
- أما قول مجاهد فرواه الثوري في تفسيره، ومسلم بن خالد الزنجي وعبد الله بن وهب المصري من طريق أبي نجيح عنه [ابن أبي نجيح] ، وعبد الرزاق عن الثوري عن عبد الكريم البصري الجزري عنه، وابن أبي شيبة، وابن جرير من طرق عنه.
- أما قول عكرمة فرواه ابن أبي شيبة وابن جرير من طريق شعيب وأسامة بن زيد.
- أما قول الحسن فرواه ابن أبي حاتم كما قال السيوطي في الدر المنثور. وذكره أيضا عنه البغوي، وابن عطية، والقرطبي.
- أما قول عطاء الخراساني فهو في تفسيره الذي رواه رشدين بن سعد، عن يونس بن يزيد عنه. [قول عطاء بلفظ الغناء والباطل فهو أعم من الاقتصار على الغناء]

ولمجاهد قول آخر، وهو أن المراد الطبل.
قال ابن جرير: حدثني عباس بن محمد، قال: ثنا حجاج الأعور، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، قال: اللهو: الطبل.
وهذا موافق لما ذكر آنفا.
قال ابن عطية: وقال مجاهد أيضا: "لَهْوَ الْحَدِيثِ الطبل"، وهذا ضرب من الغناء.

ويستدل لهذا القول بما رواه الترمذي فقال
: "حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ القَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا تَبِيعُوا القَيْنَاتِ، وَلَا تَشْتَرُوهُنَّ، وَلَا تُعَلِّمُوهُنَّ، وَلَا خَيْرَ فِي تِجَارَةٍ فِيهِنَّ، وَثَمَنُهُنَّ حَرَامٌ، فِي مِثْلِ هَذَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [لقمان: 6] إِلَى آخِرِ الآيَةِ. وَفِي البَابِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ. حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ غَرِيبٌ إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِثْلَ هَذَا مِنْ هَذَا الوَجْهِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ فِي عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ وَضَعَّفَهُ وَهُوَ شَامِيٌّ.
وقال أيضا: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ القَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَبِيعُوا القَيْنَاتِ وَلَا تَشْتَرُوهُنَّ وَلَا تُعَلِّمُوهُنَّ، وَلَا خَيْرَ فِي تِجَارَةٍ فِيهِنَّ وَثَمَنُهُنَّ حَرَامٌ»، وَفِي مِثْلِ ذَلِكَ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ [ص:346] {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [لقمان: 6] إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ إِنَّمَا يُرْوَى مِنْ حَدِيثِ القَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَالقَاسِمُ ثِقَةٌ، وَعَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ يُضَعَّفُ فِي الحَدِيثِ، سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ: الْقَاسِمُ ثِقَةٌ، وَعَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ يُضَعَّف".
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ: "وعند الإمام أحمد عن وكيع قال: حدّثنا خلاّد الصفار عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمن هو أبو عبد الرحمن مرفوعًا: "لا يحل بيع المغنيات ولا شراؤهن ولا التجارة فيهن وأكل أثمانهن حرام". ورواه ابن أبي شيبة بالسند المذكور إلى القاسم عن أبي أمامة مرفوعًا بلفظ أحمد، وزاد وفيه أنزلت هذه الآية {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} ورواه الترمذي من حديث القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام في مثل هذا أنزلت هذه الآية {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} الآية". وقال: حديث غريب إنما نعرفه من هذا الوجه قال: وسألت البخاري عن إسناد هذا الحديث فقال: علي بن يزيد ذاهب الحديث ووثق عبيد الله والقاسم بن عبد الرحمن، ورواه ابن ماجة في التجارات من حديث عبيد الله الأفريقي عن أبي أمامة قال: نهى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن بيع المغنيات وعن شرائهن وعن كسبهن وعن أكل أثمانهن. ورواه الطبراني عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "ثمن القينة سحت وغناؤها حرام والنظر إليها حرام وثمنها من ثمن الكلب وثمن الكلب سحت ومن نبت لحمه من سحت فالنار أولى به". ورواه البيهقي عن أبي أمامة من طريق ابن زحر مثل رواية الإمام أحمد، وفي معجم الطبراني الكبير من حديث أبي أمامة الباهلي أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَم قال: "ما رفع رجل بعقيرته غناء إلا بعث الله شيطانين يجلسان على منكبيه يضربان بأعقابهما على صدره حتى يسكت متى سكت". وقيل الغناء مفسدة للقلب منفذة للمال مسخطة للرب، وفي ذلك الزجر الشديد للأشقياء المعرضين عن الانتفاع بسماع كلام الله المقبلين على استماع المزامير والغناء بالألحان وآلات الطرب وإضافة اللهو إلى الحديث للتبيين بمعنى "من" لأن اللهو يكون من الحديث وغيره فبين بالحديث أو للتبعيض كأنه قيل: ومن الناس من يشتري بعض الحديث الذي هو اللهو منه..."
قال أبو العباس شهاب الدين أحمد بن أبي بكر البوصيري: " قال مسدد: ثنا عبد الوارث، عن ليث، عن عبيد الله، عن القاسم، عن أبي أمامة وعائشة في قوله تعالى: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ...} قال: لا يحل بيع المغنيات ولا شراؤهن ولا أكل أثمانهن ولا تعليمهن. قال مجاهد: ولا الاستماع إليهن.
رواه الحارث بن محمد بن أبي أسامة: ثنا إسماعيل بن أبي إسماعيل، ثنا إسماعيل بن عياش، عن مطرح بن يزيد الكناني، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل تعليم المغنيات ولا شراؤهن ولا بيعهن، وثمنهن حرام وقد نزل تصديق ذلك في كتاب الله: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث...} - الآية- والذي نفس محمد بيده، ما رفع رجل قط عقيرته بغناء إلا ارتدفه شيطانان يضربان بأرجلهما على ظهره وصدره حتى يسكت".
ورواه أحمد بن حنبل في مسنده والبيهقي.
قلت: رواه الترمذي من طريق علي بن يزيد، عن القاسم، وابن ماجه من طريق عبيد الله الإفريقي، كلاهما عن أبي أمامة فقط مرفوعا، ولم يذكرا ما قاله مجاهد".
قال ابن كثير: "قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي: حدثنا وكيع، عن خلاد الصفار، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل بيع المغنيات ولا شراؤهن، وأكل أثمانهن حرام، وفيهن أنزل الله عز وجل علي: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث}.
وهكذا رواه الترمذي وابن جرير، من حديث عبيد الله بن زحر بنحوه، ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب. وضعف علي بن يزيد المذكور.
قلت: علي، وشيخه، والراوي عنه، كلهم ضعفاء. والله أعلم".
قال محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي: "وأما قول ابن عمر أن اللهو هو الغناء فلم يثبت ذاك في الآية؛ لأنه لم يطلق لهو الحديث، وإنما قيده بصفة هي قوله: {ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذ سبيل الله هزوا}، وليست هذه صفة الغناء وإنما هو لهو مطلق وقد يكون غيره".
[يؤخذ عليك هنا عدم ظهور الترابط بين أفكار هذه الفقرة:

بداية الكلام كان الاستدلال على القول بأن المراد بلهو الحديث هو الغناء، وفُهم منه سرد الأحاديث المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فكان الأولى بيانها مع بيان حكم رفعها إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حيث الصحة والضعف، مع التأكيد على أنه ليس كل الطرق فيها التصريح بالآية ليُفهم منها تفسير (لهو الحديث)، وقد جمعها الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف.

في أثناء بيانك للطرق، ذكرت معنى لإضافة اللهو إلى الحديث، وهو مما يوجه به بعض الأقوال فالأولى وضعه في مكانه المناسب.
ثم ختمت ببيان ما رد به أبو بكر بن العربي القول بالغناء، دون بيان مسبق بأن عبارته تفيد اعتراضه على القول]

القول الثاني: هو الباطل.
وهو قول قتادة.
- قول قتادة رواه عَبْدُ الرَّزَّاق عن معمر عنه.
- وأخرجه ابن جرير قال: "حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بغَيْرِ عِلْمٍ}: والله لعله أن لا ينفق فيه مالا، ولكن اشتراؤه استحبابه، بحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحقّ، وما يضرّ على ما ينفع".
- وأخرجه عن قتادة ابن أبي حاتم كما قال السيوطي في الدر المنثور.
قال الواحدي: "أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم النصراباذي الصوفي، أنا إسماعيل بن نجيد، أنا محمد بن الحسن بن الخليل، نا هشام بن عمار، نا محمد بن القاسم بن سميع، أنا ابن أبي الزعيزعة، عن نافع، عن ابن عمر، أنه سمع النبي، صلى الله عليه وسلم، في هذه الآية، {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال: باللعب والباطل، كثير النفقة، سمح فيه، لا تطيب نفسه بدرهم يتصدق به".
ويستدل له أيضا بما روي في سبب نزول الآية، فقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" فقال: "أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن محبوب الدهان، أنا الحسين بن محمد بن هارون، ثنا أحمد بن محمد بن نصر، ثنا يوسف بن بلال، ثنا محمد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، في قوله: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} [لقمان: 6]- يعني باطل الحديث بالقرآن -، قال ابن عباس: "وهو النضر بن الحارث بن علقمة، يشتري أحاديث الأعاجم وصنيعهم في دهرهم، فرواه من حديث الروم وفارس ورستم واسفنديار والقرون الماضية، وكان يكتب الكتب من الحيرة والشام، ويكذب بالقرآن، فأعرض عنه فلم يؤمن به".
والقول في سبب نزول الآية ذكره الثعلبي ومكي والواحدي أيضا عن مقاتل ومعمر.
ومثله قال الفراء وابن قتيبة في "غريب القرآن"، ومكي في "تفسير المشكل من غريب القرآن".
قال ابن عطية: "فكأن ترك ما يجب فعله وامتثال هذه المنكرات شراء لها على حد قوله تعالى: {أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى} [البقرة: 16]"
وهذا القول قريب مما قبله، بل ربما هو بمعناه، وإنما فصلت بين القولين لطول البحث.

القول الثالث: الشرك.
وهو قول الضحاك، وابن زيد، والحسن.
قال أبن عطية: "والذي يترجح أن الآية نزلت في لهو حديث منضاف إلى كفر، فلذلك اشتدت ألفاظ الآية بقوله: {لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً}، والتوعد بالعذاب المهين..."
قال القرطبي: وتأوله (أي: القول إنه الشرك) قوم على الأحاديث التي يتلهى بها أهل الباطل واللعب".
- اما قول الضحاك فرواه ابن جرير فقال: حديث عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ} يعني: الشرك.
- أما قول ابن زيد فرواه أيضا ابن جرير فقال: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيل اللهِ بغيرِ عِلْمٍ وِيتَّخِذَها هُزُوًا} قال: هؤلاء أهل الكفر، ألا ترى إلى قوله: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا} فليس هكذا أهل الإسلام، قال: وناس يقولون: هي فيكم وليس كذلك، قال: وهو الحديث الباطل الذي كانوا يلغون فيه.
- أما قول الحسن فذكره عنه القرطبي.

قال ابن جرير: "والصواب من القول في ذلك أن يقال: عنى به كلّ ما كان من الحديث ملهيا عن سبيل الله مما نهى الله عن استماعه أو رسوله؛ لأن الله تعالى عمّ بقوله: {لَهْوَ الحَدِيثِ} ولم يخصص بعضا دون بعض، فذلك على عمومه حتى يأتي ما يدلّ على خصوصه، والغناء والشرك من ذلك".
قال أحمد بن علي أبو بكر الرازي الجصاص (المتوفى: 370هـ): "يحتمل أن يريد به الغناء على ما تأولوه عليه، ويحتمل أيضا القول بما لا علم للقائل به؛ وهو على الأمرين لعموم اللفظ".
فالآية -وإن نزلت في الكفار- تتناول كل من اتصف بهذا. ونبه على ذلك ابن عطية بقوله: "والذي يترجح أن الآية نزلت في لهو حديث منضاف إلى كفر، فلذلك اشتدت ألفاظ الآية بقوله: {لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً}، والتوعد بالعذاب المهين...ولَهْوَ الْحَدِيثِ كل ما يلهي من غناء وخنى ونحوه،..." وبين بعد ذلك أمرا مهما في كيفية تنزيل مثلها على المؤمنين فقال: "...والآية باقية المعنى في أمة محمد ولكن ليس ليضلوا عن سبيل الله بكفر ولا يتخذوا الآيات هزوا ولا عليهم هذا الوعيد، بل ليعطل عبادة ويقطع زمانا بمكروه، وليكون من جملة العصاة والنفوس الناقصة تروم تتميم ذلك النقص بالأحاديث وقد جعلوا الحديث من القربى، وقيل لبعضهم أتمل الحديث؟ قال: إنما يمل العتيق.
قال الفقيه الإمام القاضي: يريد القديم المعاد، لأن الحديث من الأحاديث فيه الطرافة التي تمنع من الملل".
وقال محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي: "وأما قول ابن عمر أن اللهو هو الغناء فلم يثبت ذاك في الآية؛ لأنه لم يطلق لهو الحديث، وإنما قيده بصفة هي قوله: {ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذ سبيل الله هزوا}، وليست هذه صفة الغناء وإنما هو لهو مطلق وقد يكون غيره".

[نقلك لقول ابن جرير أولا يوحي بترجيحك الجمع بين الأقوال، ثم ختامك بقول ابن العربي يوحي بردك لاحتمال معنى الآية القول بالغناء، لهذا لم يتضح من بحثك، هل رجحت بين الأقوال؟ أو جمعت بينها؟ ]

أحسنت، بارك الله فيك ونفع بك.

نحرص من خلال هذه التطبيقات أن تنمو لدى الطالب ملكة تفسيرية، ويكون له - بإذن الله - أسلوبه الخاص، لهذا نؤكد على أن يعبر الطالب بأسلوبه، ويكون النقل من أقوال المفسرين للاستشهاد على كلامه، وعلى قدر الحاجة، دون استطراد.

وقد أحسنت بيان الأقوال ونسبتها والتخريج في أغلب المواضع، لكن الضعف في التعبير بأسلوبك، وبيان وجه كل قول، ثم صياغة الدراسة بأسلوبك بدلا من نسخ أقوال المفسرين.

النقطة الثانية:

الاستدلال بالأحاديث المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو سبب النزول، لابد من بيان صحته من ضعفه، قبل الاعتماد عليه في الترجيح.



١.تصنيف المسألة وتعيين المراجع: 10 / 10
٢.استيعاب الأقوال في المسألة وتحريرها: 25 / 30
٣.تخريج الأقوال: 15 / 20
٤. توجيه الأقوال: 3 / 5
٥. الدراسة وبيان الراجح أو الجمع بين الأقوال 10 / 20

٦. مراعاة ظهور شخصية الطالب في واجبه، ومراعاة جودة الإنشاء والصياغة والعرض. 5/ 15
التقويم: ج+
بارك الله فيك ونفع بك.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 14 ربيع الأول 1443هـ/20-10-2021م, 12:39 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هنادي الفحماوي مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم
تحرير قول المفسرين في المراد {الذي بيده عقدة النكاح}:
ورد في المسألة قولان:
1- القول الأول : الزوج
وهو قول: علي، ابن عباس، جبير بن مطعم، شريح، سعيد بن المسيب، مجاهد، سعيد بن جبير، طاووس، الشعبي: الربيع،عمرو بن الربيع، الضحاك
- قول علي: رواه الطبري في تفسيره عن قتادة عن خلاس بن عمرو عن علي.
ورواه الطبري في تفسيره وابن ابي حاتم في تفسيره عن جرير بن حازم عن عيسى بن عاصم :أن عليا سأل شريحا عن الذي بيده عقدة النكاح فقال الولي قال: لا بل الزوج.
- قول ابن عباس: رواه مسلم بن خالد الزنجي ورواه الطبري في تفسيره من طريقين عن حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن ابن عباس قال: هو الزوج. [هذا يوهم أن طريق مسلم بن خالد الزنجي هو نفسه طريق ابن جرير ]
ورواه عن مجاهد عن ابن عباس وعن الأعمش عن إبراهيم عن ابن عباس.
ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره بقوله وإحدى الروايات عن ابن عباس.
- قول جبير بن مطعم: رواه الطبري في تفسيره من عدة طرق أن جبير بن مطعم تزوج امرأة فطلقها قبل أن يبني بها وأكمل لها الصداق وتأول {أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح}.
ورواه ابن ابي حاتم في تفسيره.
- قول شريح: رواه عبد الله بن وهب المصري في تفسيره : اخرج مسلمة بن علي عن معاوية عن الحكم بن عتيبة قال: لم يكن شريح يفسر غير ثلاث آيات: قول الله تعالى {وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب} الحكمة: الفهم وفصل الخطاب: الشهود والبينات {والذي بيده عقدة النكاح} الزوج.و رواه الطبري عن الشعبي وعن الحجاج عن الحكم عن شريح وعن الأعمش عن إبراهيم عن شريح.
ورواه سعيد بن منصور الخراساني عن أبي الأحوص عن أبي إسحاق قال: كان شريح يقول الذي بيده عقدة النكاح الزوج.
عن منصور عن إبراهيم عن شريح ، ورواه عبد الله بن وهب المصري في تفسيره وعبد الرزاق الصنعاني والطبري في تفسيره عن أيوب عن ابن سيرين عن شريح
ورواه ابن أبي حاتم عنه بقوله وشريح في أحد قوليه.
- قول سعيد بن المسيب: رواه عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره ورواه الطبري في تفسيره عن سعيد عن قتادة عن سعيد بن المسيب ورواه ابن ابي حاتم في تفسيره
- قول مجاهد: عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره ورواه مسلم بن خالد الزنجي و رواه الطبري في تفسيره عن ابن أبي نجيح عن مجاهد.
ورواه الطبري عن مجاهد . ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره.
- قول سعيد بن جبير: رواه الطبري في تفسيره عن سعيد بن جبير من عدة طرق. ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره.
- قول طاووس: رواه الطبري في تفسيره عن أبي بشر في أنه كان يقول: الولي ولكنه عاد وتابع سعيد بن جبير في أنه الزوج
- قول الشعبي: رواه الطبري في تفسيره عن ابي داود الطيالسي عن زهير عن ابي اسحاق عن الشعبي.
-قول الربيع: رواه الطبري عن المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع. ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره.
-قول عمرو بن شعيب: رواه الطبري في تفسيره وابن أبي حاتم في تفسيره عن عمرو بن شعيب عن الرسول صلى الله عليه وسلم. إلا ان ابن ابي حاتم ذكر في الإسناد عن ابيه عن جده ولم يذكرهما الطبري. [هذا ليس قولا لعمرو ابن شعيب، بل كما ترين الأثر مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا صح الإسناد فهو قول النبي صلى الله عليه وسلم وبهذا يُحسم الخلاف، لكن الإسناد لم يصح
فنقول: ويستدل لهذا القول بحديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، رواه ..... من طريق ..... والحديث ... ثم نذكر الحكم عليه من حيث الصحة والضعف مع بيان من حكم عليه بذلك]

- قول الضحاك: رواه الطبري في تفسيره عن الضحاك من عدة طرق.ورواه ابن ابي حاتم في تفسيره.
2- القول الثاني: الولي
وهو قول: ابن عباس، عكرمة، مجاهد، إبراهيم ، الحسن. الزهري ، علقمة، عكرمة، الشعبي، الأسود بن يزيد، عطاء، أبو صالح، السدي، ابن زيد وربيعة
- قول ابن عباس: رواه الطبري في تفسيره عن ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال: قال ابن عباس أذن الله في العفو وامر به فإن عفت كما عفت وإن ضنت وعفا وليها جاز وإن ابت. ورواه الطبري عن علي بن ابي طلحة عن ابن عباس. ورواه الطبري عن محمد بن سعد عن أبيه قال: حدثني عمي قال: حدثني ابي عن أبيه عن ابن عباس قال: هو الولي، ورواه ابن ابي حاتم عن عمرو بن دينار عن ابن عباس.
- قول عكرمة: رواه سعيد بن منصور الخراساني في تفسيره والطبري في تفسيره عن عمرو بن دينار عن عكرمة ورواه الطبري في تفسيره عن يحيى بن بشر أنه سمع عكرمة يقول: إلا أن يعفون أن تعفو المرأة عن نصف الفريضة لها عليه فتتركه فإن هي شحت إلا أن تاخذه فلها ولوليها الذي انكحها الرجل عم أو أخ أو أب أن يعفو عن النصف فإنه إن شاء فعل وإن كرهت المرأة.
ورواه ابن ابي حاتم في تفسيره عن عكرمة في أحد قوليه.
-قول مجاهد: رواه الطبري المثنى قال: حدثني الحماني قال: حدثني شريك عن سالم عن مجاهد قال: هو الولي.
- قول إبراهيم: رواه آدم في تفسير مجاهد ورواه الطبري في تفسيره عن المغيرة عن إبراهيم ورواه سعيد بن منصور الخراساني في تفسيره والطبري في تفسيره عن منصور عن إبراهيم.
- قول الحسن: رواه عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره والطبري من عدة طرق في تفسيره عن الحسن.
- قول الزهري: رواه عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره والطبري في تفسيره عن معمر وقال الزهري هو الأب ورواه الطبري عن ابن جريج قال لي الزهري: ولي البكر.
- قول علقمة: رواه سعيد بن منصور الخراساني في تفسيره والطبري في تفسيره عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة ورواه الطبري من طرق اخرى.
- قول الشعبي: رواه سعيد بن منصور الخراساني في تفسيره والطبير في تفسيره عن جرير عن مغيرة عن الشعبي وزاد سعيد بن منصور قال: والله ما قضى شريح بقضاء كان احمق منه حين ترك قوله الأول واخذ بهذا.
- قول الأسود بن يزيد: رواه الطبري عن حجاج عن الأسود بن يزيد ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره.
- قول عطاء: رواه الطبري في تفسيره عن يعقوب قال: حدثنا ابن علية قال: أخبرنا ابن جريج عن عطاء قال: هو الولي.
- قول أبي صالح: رواه الطبري في تفسيره قال: حدثنا ابو هشام قال حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن السدي عن أبي صالح قال: ولي العذراء.
- قول السدي: رواه الطبري قال: حدثني موسى قال حدثنا عمرو قال: حدثنا أسباط عن السدي : هو ولي البكر.
- قول ابن زيد وربيعة: رواه الطبري عن مالك عن زيد وربيعة : الاب في ابنته والسيد في أمته.
3- قول الأقرب للتقوى:
وهو قول ابن عباس رواه عبد الله بن وهب عن ابن جريج عن عطاء بن رباح عن ابن عباس قال: أقربهما إلى التقوى الذي يعفو. [هذا ليس قولا مستقلا، قال تعالى: {إلا أن يعفون أو يعفوَ الذي بيده عقدة النكاح}، الضمير في {يعفون} يعود على النساء، فإما أن تعفو المرأة عن نصفها أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح عن نصفه، وهذا القول حض على العفو بأن أقربهما إلى التقوى الذي يعفو]
**الدراسة:
اختلف العلماء في المراد بالذي بيده عقدة النكاح بين القولين الأولين:
وقد عرض الطبري أصحاب كل قول ثم عقب بقوله:
أولى القولين في ذلك بالصّواب، قول من قال: المعنيّ بقوله: {الّذي بيده عقدة النّكاح} الزّوج، وذلك لإجماع الجميع على أنّ وليّ جاريةٍ بكرٍ، أو ثيّبٍ، صبيّةٍ صغيرةً كانت، أو مدركةً كبيرةً، لو أبرأ زوجها من مهرها قبل طلاقه إيّاها، أو وهبه له، أو عفا له عنه، أنّ إبراءه ذلك، وعفوه له عنه باطلٌ، وأنّ صداقها عليه ثابتٌ ثبوته قبل إبرائه إيّاه منه، فكان سبيل ما أبرأه من ذلك بعد طلاقه إيّاها سبيل ما أبرأه منه قبل طلاقه إيّاها.
وأخرى أنّ الجميع مجمعون على أنّ وليّ امرأةٍ محجورٌ عليها أو غير محجورٍ عليها، لو وهب لزوجها المطلّقها بعد بينونتها منه درهمًا من مالها على غير وجه العفو منه عمّا وجب لها من صداقها قبله أنّ هبته ما وهب من ذلك مردودةٌ باطلةٌ، وهم مع ذلك مجمعون على أنّ صداقها مالٌ من مالها، فحكمه حكم سائر أموالها.
وأخرى أنّ الجميع مجمعون على أنّ بني أعمام المرأة البكر، وبني إخوتها من أبيها وأمّها من أوليائها، وأنّ بعضهم لو عفا عن مالها، أو بعد دخوله بها، أنّ عفوه ذلك عمّا عفا له عنه منه باطلٌ، وإنّ حقّ المرأة ثابتٌ عليه بحاله، فكذلك سبيل عفو كلّ وليٍّ لها كائنًا من كان من الأولياء، والدًا كان أو جدًّا أو أخًا؛ لأنّ اللّه تعالى ذكره لم يخصّص بعض الّذين بأيديهم عقد النّكاح دون بعضٍ في جواز عفوه، إذا كانوا ممّن يجوز حكمه في نفسه وماله.
ويقال لمن أبى ما قلنا ممّن زعم أنّ الّذي بيده عقدة النّكاح وليّ المرأة، هل يخلو القول في ذلك من أحد أمرين، إذ كان الّذي بيده عقدة النّكاح هو الوليّ عندك إمّا أن يكون ذلك كلّ وليٍّ جاز له تزويج وليّته، أو يكون ذلك بعضهم دون بعضٍ؟ فلن يجد إلى الخروج من أحد هذين القسمين سبيلاً.
فإن قال: إنّ ذلك كذلك، قيل له: فأيّ ذلك عني به؟
فإن قال: كلّ وليٍّ جاز له تزويج وليّته. قيل له: أفجائزٌ للمعتق أمةً تزويج مولاته بإذنها بعد عتقه إيّاها؟
فإن قال: نعم، قيل له: أفجائزٌ عفوه إن عفا عن صداقها لزوجها بعد طلاقه إيّاها قبل المسيس.
فإن قال: نعم خرج من قول الجميع.
وإن قال: لا قيل له: ولم وما الّذي حظر ذلك عليه، وهو وليّها الّذي بيده عقدة نكاحها.
ثمّ يعكس القول عليه في ذلك، ويسأل الفرق بينه، وبين عفو سائر الأولياء غيره.
وإن قال لبعضٍ دون بعضٍ، سئل البرهان على خصوص ذلك، وقد عمّه اللّه تعالى ذكره فلم يخصّص بعضًا دون بعضٍ، ويقال له: من المعنيّ به إن كان المراد بذلك بعض الأولياء دون بعضٍ؟
فإن أومأ في ذلك إلى بعضٍ منهم، سئل البرهان عليه، وعكس القول فيه وعورض في قوله ذلك، بخلاف دعواه، ثمّ لن يقول في ذلك قولاً إلاّ ألزم في الآخر مثله.
فإن ظنّ ظانٌّ أنّ المرأة إذا فارقها زوجها، فقد بطل أن يكون بيده عقدة نكاحها، واللّه تعالى ذكره إنّما أجاز عفو الّذي بيده عقدة نكاح المطلّقة فكان معلومًا بذلك أنّ الزّوج غير معنيٍّ به، وأنّ المعنيّ به هو الّذي بيده عقدة نكاح المطلّقة بعد بينونتها من زوجها. وفي بطول ذلك أن يكون حينئذٍ بيد الزّوج، صحّة القول أنّه بيد الوليّ الّذي إليه عقد النّكاح إليها. وإذا كان ذلك كذلك صحّ القول بأنّ الّذي بيده عقدة النّكاح، هو الوليّ، فقد غفل وظنّ خطأً.
وذلك أنّ معنى ذلك: أو يعفو الّذي بيده عقدة نكاحه، وإنّما أدخلت الألف واللاّم في النّكاح بدلاً من الإضافة إلى الهاء الّتي كان النّكاح لو لم يكونا فيه مضافًا إليها، كما قال اللّه تعالى ذكره: {فإن الجنّة هي المأوى} بمعنى: فإنّ الجنّة هى مأواه، وكما قال نابغة بني ذبيان:
لهم شيمةٌ لم يعطها اللّه غيرهم = من النّاس فالأحلام غير عوازب
بمعنى: فأحلامهم غير عوازب. والشّواهد على ذلك أكثر من أن تحصى.
فتأويل الكلام: إلاّ أن يعفون أو يعفو الّذي بيده عقدة النّكاح، وهو الزّوج الّذي بيده عقدة نكاحه نفسه في كلّ حالٍ، قبل الطّلاق وبعده؛ لا أنّ معناه: أو يعفو الّذي بيده عقدة نكاحهنّ. فيكون تأويل الكلام ما ظنّه القائلون أنّه الوليّ: وليّ المرأة، لأنّ وليّ المرأة لا يملك عقدة نكاح المرأة بغير إذنها إلاّ في حال طفولتها، وتلك حالٌ لا يملك العقد عليها إلاّ بعض أوليائها في قول أكثر من رأى أنّ الّذي بيده عقدة النّكاح الوليّ، ولم يخصّص اللّه تعالى ذكره بقوله. {أو يعفو الّذي بيده عقدة النّكاح} بعضًا منهم، فيجوز توجيه التّأويل إلى ما تأوّلوه، لو كان لما قالوا في ذلك وجه.
وبعد، فإنّ اللّه تعالى ذكره إنّما كنّى بقوله: {وإن طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ وقد فرضتم لهنّ فريضةً فنصف ما فرضتم إلاّ أن يعفون} عن ذكر النّساء اللاّتي قد جرى ذكرهنّ في الآية قبلها، وذلك قوله: {لا جناح عليكم إن طلّقتم النّساء ما لم تمسّوهنّ} والصّبايا لا يسمّين نساءً، وإنّما يسمّين صبايا، أو جواري، وإنّما النّساء في كلام العرب: جمع اسم المرأة، ولا تقول العرب للطّفلة، والصّبية، والصّغيرة امرأةً، كما لا تقول للصّبيّ الصّغير رجلٌ.
وإذ كان ذلك كذلك، وكان قوله: {أو يعفو الّذي بيده عقدة النّكاح} عند الزّاعمين أنّه الوليّ، إنّما هو: {أو يعفو الّذي بيده عقدة النّكاح} عمّا وجب لوليّته الّتي تستحقّ أن يولّي عليها مالها، إمّا لصغرٍ، وإمّا لسفهٍ، واللّه تعالى ذكره إنّما اختصّ في الآيتين قصص النّساء المطلّقات، لعموم الذّكر دون خصوصه، وجعل لهنّ العفو بقوله: {إلاّ أن يعفون} كان معلومًا بقوله: {إلاّ أن يعفون} أنّ المعنيّات منهنّ بالآيتين اللّتين ذكرهنّ فيهما جميعهنّ دون بعضٍ، إذ كان معلومًا أنّ عفو من يولّى عليه ماله منهنّ باطلٌ.
وإذ كان ذلك كذلك، فبيّن أنّ التّأويل في قوله: أو يعفو الّذي بيده عقدة نكاحهنّ، يوجب أن يكون لأولياء النساء الرّشد البوالغ من العفو عمّا وجب لهنّ من الصّداق بالطّلاق قبل المسيس، مثل الّذي لأولياء الأطفال الصّغار المولّى عليهنّ أموالهنّ السّفّه. وفي إنكار المائلين إنّ الّذي بيده عقدة النّكاح الوليّ، عفو أولياء الثّيّبات الرّشد البوالغ على ما وصفنا، وتفريقهم بين أحكامهم وأحكام أولياء الأخر، ما أبان عن فساد تأويلهم الّذي تأوّلوه في ذلك. ويسأل القائلون بقولهم في ذلك الفرق بين ذلك من أصلٍ أو نظيرٍ، فلن يقولوا في شيءٍ من ذلك قولاً إلاّ ألزموا في خلافه مثله.
وقال عبد الحق بن غالب عطية الأندلسي: اختلف الناس في المراد بقوله تعالى: {أو يعفوا الّذي بيده عقدة النّكاح} فقال ابن عباس وعلقمة وطاوس ومجاهد وشريح والحسن وإبراهيم والشعبي وأبو صالح وعكرمة والزهري ومالك وغيرهم: «هو الولي الذي المرأة في حجره، فهو الأب في ابنته التي لم تملك أمرها، والسيد في أمته»، وأما شريح فإنه جوز عفو الأخ عن نصف المهر، وقال: «وأنا أعفو عن مهور بني مرة وإن كرهن»، وكذلك قال عكرمة: «يجوز عفو الذي عقد عقدة النكاح بينهما، كان عما أو أخا أو أبا وإن كرهت»، وقالت فرقة من العلماء: «الذي بيده عقدة النكاح الزوج»، قاله علي بن أبي طالب وقاله ابن عباس أيضا، وشريح أيضا رجع إليه، وقاله سعيد ابن جبير وكثير من فقهاء الأمصار، فعلى القول الأول: الندب لهما هو في النصف الذي يجب للمرأة فإما أن تعفو هي وإما أن يعفو وليها، وعلى القول الثاني: فالندب في الجهتين إما أن تعفو هي عن نصفها فلا تأخذ من الزوج شيئا، وإما أن يعفو الزوج عن النصف الذي يحط فيؤدي جميع المهر، وهذا هو الفضل منهما، وبحسب حال الزوجين يحسن التحمل والتجمل، ويروى أن: «جبير بن مطعم دخل على سعد بن أبي وقاص فعرض عليه ابنة له فتزوجها، فلما خرج طلقها وبعث إليه بالصداق، فقيل له: لم تزوجتها؟، فقال: عرضها علي فكرهت رده، قيل: فلم تبعث بالصداق؟ قال: فأين الفضل؟»
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «ويحتج القائلون بأن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج، بأن هذا الولي لا يجوز له ترك شيء من صداقها قبل الطلاق فلا فرق بعد الطلاق. وأيضا فإنه لا يجوز له ترك شيء من مالها الذي ليس من الصداق فماله يترك نصف الصداق؟ وأيضا فإنه إذا قيل إنه الولي فما الذي يخصص بعض الأولياء دون بعض وكلهم بيده عقدة النكاح وإن كان كافلا أو وصيا أو الحاكم أو الرجل من العشيرة؟»، ويحتج من يقول إنه الولي الحاجر بعبارة الآية، لأن قوله الّذي بيده عقدة النّكاح عبارة متمكنة في الولي، وهي في الزوج قلقة بعض القلق، وليس الأمر في ذلك كما قال الطبري ومكي من أن المطلق لا عقدة بيده بل نسبة العقدة إليه باقية من حيث كان عقدها قبل، وأيضا فإن قوله: {إلّا أن يعفون}: لا تدخل فيه من لا تملك أمرها لأنها لا عفو لها فكذلك لا يغبن النساء بعفو من يملك أمر التي لا تملك أمرها، وأيضا فإن الآية إنما هي ندب إلى ترك شيء قد وجب في مال الزوج، يعطي ذلك لفظ العفو الذي هو الترك والاطراح وإعطاء الزوج المهر كاملا لا يقال فيه عفو، إنما هو انتداب إلى فضل، اللهم إلا أن تقدر المرأة قد قبضته، وهذا طار لا يعتد به، قال مكي: «وأيضا فقد ذكر الله الأزواج في قوله فنصف ما فرضتم ثم ذكر الزوجات بقوله يعفون، فكيف يعبر عن الأزواج بعد بالذي بيده عقدة النكاح بل هي درجة ثالثة لم يبق لها إلا الولي.
قال أبو عبد الله محمد بن أحمد الخزرجي القرطبي : واختلف الناس في المراد بقوله تعالى : أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح فروى الدارقطني عن جبير بن مطعم أنه تزوج امرأة من بني نصر فطلقها قبل أن يدخل بها ، فأرسل إليها بالصداق كاملا وقال : أنا أحق بالعفو منها ، قال الله تعالى : إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأنا أحق بالعفو منها . وتأول قوله تعالى : أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح يعني نفسه في كل حال قبل الطلاق وبعده ، أي عقدة نكاحه ، فلما أدخل اللام حذف الهاء كقوله : فإن الجنة هي المأوى ؛ أي مأواه .
قال النابغة:
لهم شيمة لم يعطها الله غيرهم من الجود والأحلام غير عوازب
أي أحلامهم . وكذلك قوله : عقدة النكاح أي عقدة نكاحه . وروى الدارقطني مرفوعا من حديث قتيبة بن سعيد حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولي عقدة النكاح الزوج . وأسند هذا عن علي وابن عباس وسعيد بن المسيب وشريح . قال : وكذلك قال نافع بن جبير ومحمد بن كعب وطاوس ومجاهد والشعبي وسعيد بن جبير ، زاد غيره ومجاهد والثوري ، واختاره أبو حنيفة ، وهو الصحيح من قول الشافعي ، كلهم لا يرى سبيلا للولي على شيء من صداقها ، للإجماع على أن الولي لو أبرأ الزوج من المهر قبل الطلاق لم يجز فكذلك بعده . وأجمعوا على أن الولي لا يملك أن يهب شيئا من مالها ، والمهر مالها . وأجمعوا على أن من الأولياء من لا يجوز عفوهم وهم بنو العم وبنو الإخوة ، فكذلك الأب ، والله أعلم . ومنهم من قال هو الولي أسنده الدارقطني أيضا عن ابن عباس قال : وهو قول إبراهيم وعلقمة والحسن ، زاد غيره وعكرمة وطاوس وعطاء وأبي الزناد وزيد بن أسلم وربيعة ومحمد بن كعب وابن شهاب والأسود بن يزيد والشعبي وقتادة ومالك والشافعي في القديم . فيجوز للأب العفو عن نصف صداق ابنته البكر إذا طلقت ، بلغت المحيض أم لم تبلغه . قال عيسى بن دينار : ولا ترجع بشيء منه على أبيها ، والدليل على أن المراد الولي أن الله سبحانه وتعالى قال في أول الآية : وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم فذكر الأزواج وخاطبهم بهذا الخطاب ، ثم قال : إلا أن يعفون فذكر النسوان ، أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح فهو ثالث فلا يرد إلى الزوج المتقدم إلا لو لم يكن لغيره وجود ، وقد وجد وهو الولي فهو المراد . قال معناه مكي وذكره ابن العربي . وأيضا فإن الله تعالى قال : إلا أن يعفون ومعلوم أنه ليس كل امرأة تعفو ، فإن الصغيرة والمحجور عليها لا عفو لهما ، فبين الله القسمين فقال : إلا أن يعفون أي إن كن لذلك أهلا ، أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وهو الولي ؛ لأن الأمر فيه إليه . وكذلك روى ابن وهب وأشهب وابن عبد الحكم وابن القاسم عن مالك أنه الأب في ابنته البكر والسيد في أمته . وإنما يجوز عفو الولي إذا كان من أهل السداد ، ولا يجوز عفوه إذا كان سفيها . فإن قيل : لا نسلم أنه الولي بل هو الزوج ، وهذا الاسم أولى به ؛ لأنه أملك للعقد من الولي على ما تقدم .
فالجواب - أنا لا نسلم أن الزوج أملك للعقد من الأب في ابنته البكر ، بل أب البكر يملكه خاصة دون الزوج ؛ لأن المعقود عليه هو بضع البكر ، ولا يملك الزوج أن يعقد على ذلك بل الأب يملكه . وقد أجاز شريح عفو الأخ عن نصف المهر ، وكذلك قال عكرمة : يجوز عفو الذي عقد عقدة النكاح بينهما ، كان عما أو أبا أو أخا ، وإن كرهت . وقرأ أبو نهيك والشعبي " أو يعفو " بإسكان الواو على التشبيه بالألف ، ومثله قول الشاعر :
فما سودتني عامر عن وراثة أبى الله أن أسمو بأم ولا أب
قال إسماعيل بن عمر بن كثيرالقرشي وقوله: {أو يعفو الّذي بيده عقدة النّكاح} قال ابن أبي حاتمٍ: ذكر عن ابن لهيعة، حدّثني عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «وليّ عقدة النّكاح الزّوج.
وهكذا أسنده ابن مردويه من حديث عبد اللّه بن لهيعة، به. وقد أسنده ابن جريرٍ، عن ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيبٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فذكره ولم يقل: عن أبيه، عن جدّه فاللّه أعلم.
ثمّ قال ابن أبي حاتمٍ، رحمه اللّه: وحدّثنا يونس بن حبيبٍ، حدّثنا أبو داود، حدّثنا جريرٌ، يعني ابن حازمٍ، عن عيسى -يعني ابن عاصمٍ -قال: سمعت شريحًا يقول: «سألني عليّ بن طالب عن الّذي بيده عقدة النّكاح. فقلت له: هو وليّ المرأة. فقال عليٌّ: لا بل هو الزّوج». ثمّ قال: وفي إحدى الرّوايات عن ابن عبّاسٍ، وجبير بن مطعمٍ، وسعيد بن المسيّب، وشريحٍ -في أحد قوليه -وسعيد بن جبيرٍ، ومجاهدٍ، والشّعبيّ، وعكرمة، ونافعٍ، ومحمّد بن سيرين، والضّحّاك، ومحمّد بن كعبٍ القرظيّ، وجابر بن زيدٍ، وأبي مجلز، والرّبيع بن أنسٍ، وإياس بن معاوية، ومكحولٍ، ومقاتل بن حيّان: «أنّه الزّوج».
قلت: وهذا هو الجديد من قولي الشّافعيّ، ومذهب أبي حنيفة. وأصحابه، والثّوريّ، وابن شبرمة، والأوزاعيّ، واختاره ابن جريرٍ. ومأخذ هذا القول: أنّ الّذي بيده عقدة النّكاح حقيقةً الزّوج، فإنّ بيده عقدها وإبرامها ونقضها وانهدامها، وكما أنّه لا يجوز للوليّ أن يهب شيئًا من مال المولية للغير، فكذلك في الصّداق.
قال والوجه الثّاني: حدّثنا أبي، حدّثنا ابن أبي مريم، حدّثنا محمّد بن مسلمٍ، حدّثنا عمرو بن دينارٍ، عن ابن عبّاسٍ -في الّذي ذكر اللّه بيده عقدة النّكاح -قال: «ذلك أبوها أو أخوها، أو من لا تنكح إلّا بإذنه»، وروي عن علقمة، والحسن، وعطاءٍ، وطاوسٍ، والزّهريّ، وربيعة، وزيد بن أسلم، وإبراهيم النّخعيّ، وعكرمة في أحد قوليه، ومحمّد بن سيرين -في أحد قوليه: «أنّه الوليّ». وهذا مذهب مالكٍ، وقول الشّافعيّ في القديم؛ ومأخذه أنّ الوليّ هو الّذي أكسبها إيّاه، فله التّصرّف فيه بخلاف سائر مالها.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا سعيد بن الرّبيع الرّازيّ، حدّثنا سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، عن عكرمة قال: «أذن اللّه في العفو وأمر به، فأيّ امرأةٍ عفت جاز عفوها، فإن شحّت وضنّت عفا وليّها وجاز عفوه».
وهذا يقتضي صحّة عفو الوليّ، وإن كانت رشيدةً، وهو مرويٌّ عن شريحٍ. لكن أنكر عليه الشّعبيّ، فرجع عن ذلك، وصار إلى أنّه الزّوج وكان يباهل عليه.
والقول الثالث لابن عباس لم يذكره إلا عبد الله بن وهب ولعلالعلماء اعتبروه لازما للعفو وليس المراد بالذي بيده عقدة النكاح والله أعلم.
ونجدأن بعض الأقوال في الولي تحدده بالأب أو ولي العذراء وأقوالا اخرى تعمم فتذكر كل من له حق تزويجها والله أعلم

أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

بالنسبة لاستخلاص الأقوال:
القول بأن المراد بالذي بيده عقدة النكاح (الولي) فيه تفصيل كما سردتِ في الأقوال
فمنهم من خصص المرأة بالبكر، ومنهم من خصص الولي بالأب وغير ذلك
فينبغي بيان هذا عند سرد الأقوال.

أما نسبة الأقوال لقائليها:

إذا كان للمفسر أكثر من قول، ولم يتبين لنا ما صح عنه، أو آخر أقواله - خصوصًا في المسائل الفقهية -، نقول: رواية عنه
مثلا ابن عباس رضي الله عنهما، روي عنه ثلاثة أقوال، ففي كل مرة نقول: وهو رواية عن ابن عباس، ثم نفصل بالتخريج.
أما إذا تبين لنا عودة المفسر عن قوله مثل القاضي شريح؛ فحينئذ نقول: في قوله الأول، وقوله الأخير.

بالنسبة للدراسة:

ينبغي أن تكون بأسلوبك، وراجعي التعليق على الأخ فروخ الأكبروف.

وبخصوص مسألتك، لأنها من الخلاف بين المذاهب؛ فعليكِ أن تستخرجي أدلة كل قول والاعتراضات عليه، ويساعدك في هذا التفاسير التي تعتني بتحرير المسائل، وكتب أحكام القرآن، ثم تلخصين ما جمعتيه بأسلوبك.


١.تصنيف المسألة وتعيين المراجع: 8 / 10
٢.استيعاب الأقوال في المسألة وتحريرها: 25 / 30
٣.تخريج الأقوال: 17 / 20
٤. توجيه الأقوال: 2/ 5
٥. الدراسة وبيان الراجح أو الجمع بين الأقوال 10 / 20

٦. مراعاة ظهور شخصية الطالب في واجبه، ومراعاة جودة الإنشاء والصياغة والعرض. 5/ 15
التقويم: ج
بارك الله فيك ونفع بك وزادكِ توفيقًا وسدادًا.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 14 ربيع الأول 1443هـ/20-10-2021م, 01:13 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعاد مختار مشاهدة المشاركة
⚪ التطبيق السابع ⚪


حرّر المراد بالعذاب الأدنى. في قوله تعالى. َ ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ﴾ [السجدة 21


اختلف العلماء في المراد { بالعذاب الأدنى } على أقوال


🔷 القول الأول :
مصائب الدنيا في الأموال والأولاد وسنون القحط وعذاب الدنيا ( يدخل فيه ما أصاب قريش من جوع وقحط وسنين الجذب والدخان )
وهو قول عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس وعبادة بن الصامت ووسفيان الثوري وإبراهيم النخعي ومجاهد والسُدي والحسن والضحاك وجعفر بن محمد وابن زيد وعلقمة وعطية وقتادة وأبي العالية


▫قال ابن جرير الطبري :
وأولى الأقوال في ذلك أن يقال: إن الله وعد هؤلاء الفسقة المكذّبين بوعيده في الدنيا العذاب الأدنى، أن يذيقهموه دون العذاب الأكبر، والعذاب: هو ما كان في الدنيا من بلاء أصابهم، إما شدّة من مجاعة، أو قتل، أو مصائب يصابون بها، فكل ذلك من العذاب الأدنى، ولم يخصص الله تعالى ذكره، إذ وعدهم ذلك أن يعذّبهم بنوع من ذلك دون نوع، وقد عذّبهم بكل ذلك في الدنيا بالقتل والجوع والشدائد والمصائب في الأموال، فأوفى لهم بما وعدهم.
[كلام ابن جرير هذا يدل على العموم وليس على قول بعينه، فليس هذا موضعه]

▫قال ابن عطية :
وقالَتْ فِرْقَةٌ مِنها عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وأبُو العالِيَةِ، وإبْراهِيمُ النَخْعِيُّ: هو الدُخانُ الَّذِي رَأتْهُ قُرَيْشٌ حِينَ دَعا رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَلامُ، فَكانَ الرَجُلُ يَرى مِنَ الجَدْبِ والجُوعِ دُخانًا بَيْنَهُ وبَيْنَ السَماءِ.
[لا حاجة لهذا النقل هنا.

ما ينقل من كلام المفسرين ما يفيد تقوية لقول بعينه، أو دلالة إجماعهم على قول، أو ما يؤكد توجيه لقول قمتِ بصياغته ونحو ذلك]




⚫ التخريج


🔹روى هذا القول عن ( ابن مسعود) - آدم ابن أبي إياس-. في تفسيرمجاهد والنسائي في السنن الكبرى كلاهما من طريق أبي إسحاق عن أبي الأحوص عنه .
ورواه البخاري في صحيحه من طريق مسروق عنه ، (وأخرج ابن أبي شيبه والنسائي، وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: سنون أصابتهم
كما في الدر المنثور للسيوطي [النسائي سبق وأشرتِ إليه، مستدرك الحاكم مطبوع، هل رجعتِ إلى مصنف ابن أبي شيبة؟]


🔹روى هذا القول عن ( أبي بن كعب ) مسلم في صحيحه والحاكم في مستدركه والنسائي في السنن الكبرى والإمام أحمد في مسنده. كلهم من طريق يحي بن الجزار عن أبن أبي ليلى عنه
وكذا رواه ابن جرير في تفسيره بأسانيد. ثلاثة كلها من طريق يحي بن الجزار بن الجزار عن أبي ليلى عنه
[مخرج الأثر شعبة]

🔹روى هذا القول عن ( ابن عباس ) ابن جرير في تفسيره ،قال :
حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} يقول: مصائب الدّنيا وأسقامها وبلاؤها ممّا يبتلي اللّه بها العباد حتّى يتوبوا.


🔹ورواه ابن جرير بإسناد آخر عن ابن عباس :حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهم يرجعون} قال: العذاب الأدنى: بلاء الدّنيا، قيل: هي المصائب. ( على ضعفه كما نص عليه العلماء )




🔹روى هذا القول عن ( مجاهد ). أدم بن أبي إياس. في تفسير مجاهد وابن جرير الطبري في تفسيره من طريق
- ورقاء ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:»
ورواه يحي بن سلام في تفسيره عن المعلى عن أبي يحي عن مجاهد ، قال عذاب الدنيا وذكر عن السدي قوله : هو الجوع في الدنيا


🔹روى هذا القول عن ( الحسن ) عبد الرزاق الصنعاني : قال معمر وقال الحسن الأدنى عقوبات الدنيا
وأخرج ابن جرير في تفسيره :
حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، حدّثه عن الحسن: قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} أي: مصيبات الدّنيا.


🔹 روى هذا القول عن ( إبراهيم النخعي ) سفيان الثوري في تفسيره و أبو حُذيفة النهدي وأبو بكر ابن أبي شيبة في مصنفه وابن جرير في تفسيره كلهم من طريق منصور عن إبراهيم [أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي هو راوي تفسير سفيان الثوري]
وروى ابن جرير في تفسيره عن ( ابن زيد ) حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} قال: العذاب الأدنى: عذاب الدّنيا.
وروى ابن جرير في تفسيره عن ( أبي العالية )
حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} قال: المصائب في الدّنيا.


🔶 القول الثاني :
يوم بدر - البطشة - القتل - اللزام
هو قول عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس والحسن بن على وَعَبَد الله بن الحارث بن نوفل ومجاهد وقتادة والحسن


▫قال الحافظ ابن كثير :
قَالَ السُّدِّي وَغَيْرُهُ: لَمْ يَبْقَ بَيْتٌ بِمَكَّةَ إِلَّا دَخَلَهُ الْحُزْنُ عَلَى قَتِيلٍ لَهُمْ أَوْ أَسِيرٍ، فَأُصِيبُوا أَوْ غَرموا(15) ، وَمِنْهُمْ مَنْ جُمِعَ له الأمران.
▫قال شيخ الإسلام ابن تيمية
:( وكذلك قوله:{ ولنذيقهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون } يدخُلُ في العذاب الأدنَى ما يكون بأيدي العباد - كما قد فُسِّر بوقعة بدر بعض ما وعد الله به المشركين من العذاب). ( المجموع 15/45).






⚫ التخريج


🔸رواه عن ( عبد الله بن مسعود ) سفيان الثوري في تفسيره ويحي بن سلام في تفسيره والحاكم في مستدركه ، كلهم من طريق أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله
*وراوه ابن جرير بأسانيد كلها من طريق مسروق عن عبد الله
وأخرج بسنده من طريق عوف ، عن الحسن بن على و عبد الله بن الحارث بن نوفل ،قولهما : هو القتل بالسيف *( و أخرج الفريابي، وابن منيع، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه والخطيب والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: يوم بدر)
كما في الدر المنثور


🔸روى هذا القول عن ( أبي بن كعب ) عبد الرازق الصنعاني في تفسيره بسنده من طريق معمر عن قتادة
وراوه النسائي والإمام أحمد ومسلم في صحيحه كلهم من طريق يحي بن الجزار عن ابن أبي ليلى عن أبي بن كعب
*🔸وأخرجه ابن جرير في تفسيره بأسانيد عديدة كلها من طريق ابن أبي ليلى عن أبي بن كعب


🔸وأخرج مسلم وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وأبو عوانه في صحيحه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي بن كعب رضي الله عنه في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: مصائب الدنيا واللزوم والبطشة والدخان) (وأخرج ابن جرير عن أبي بن كعب: (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى) قال: يوم بدر ) - كما في الدر المنثور
قال أبو المظفر السمعاني : عن ابن عباس قال : هو القتل ببدر
🔸روى هذا القول. عن ( مجاهد ) آدم بن أبي إياس في تفسيره وابن جرير في تفسيره كلاهما من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد
🔸ورواه ابن جرير بطريق آخر عن سعيد عن قتادة ، عن مجاهد يحدث عن أبي بن كعب ، قال : يوم بدر
🔸( وأخرج الفريابي، وابن جرير عن مجاهد في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: القتل والجوع لقريش في الدنيا - كما في الدر المنثور
🔸ذكر يحي بن سلام في تفسيره عن ( الحسن ) ألحسن بن دينار عن الحسن ،قال : العذاب الأدنى بالسيف يوم بدر


🔷 القول الثالث
الحدود ، هو قول ( ابن عباس )
▫ قال القاضي أبو محمد(ابن عطية ) رحمه الله:
ويتجه - على هذا التأويل - أن تكون في فسقة المؤمنين.
▫ قال الحافظ ابن كثير :
قال ابن عباس في رواية عنه : يعني به إقامة الحدود عليهم .




⚫ التخريج


*🔹ورواه ابن جرير في تفسيره عن ابن عباس بسنده : - حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن شبيبٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: الحدود.
🔹( وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: الحدود - كما في الدر المنثور




🔶 القول الرابع
عذاب القبر
هو قول ( مجاهد ) وروي عن البراء بن عازب وأبي عبيدة ( وقيل لم يثبت عنهما )
*▫أورد الحافظ ابن كثير في تفسيره لسورة التوبة :
قال مجاهد في قوله - تعالى -:[سنعذبهم مرتين] : بالجوع وعذاب القبر، ثم يردٌّون إلى عذابٍ, عظيم،




⚫ التخريج


*🔸روى يحي بن سلام في تفسيره وابن جرير في تفسيره كلاهما من طريق أبي يحي عن مجاهد : قال : عذاب الدنيا وعذاب القبر
🔸( وأخرج الفريابي، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: عذاب الدنيا وعذاب القبر).- كما في الدر المنثور للسيوطي




▪ الدراسة ▪


🔷 القول الأول :
هذه الآية من سورة السجدة. وهي سورة مكيّة ، فلغة الخطاب فيها على غرار القرآن المكي ، الذي خاطب في غالبه قوماً كفاراً ، ردوا الحق وكذبوا الرسالة واستنكروا البعث والنشور ، فهو خطاب فيه شدة وقوة في بسط الأدلة على التوحيد ، آياته قوارع مزلزلات ، قال عز من قائل :
{ فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ (8) فَذَٰلِكَ يَوۡمَئِذٖ يَوۡمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ غَيۡرُ يَسِيرٖ} وقال سبحانه :
{ فَأَمَّا مَن طَغَىٰ (37) وَءَاثَرَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا (38) فَإِنَّ ٱلۡجَحِيمَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ (39) }
آياته حوافل بالتوبيخ والتهديد والوعيد ، كما في هذه الآية :
﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ لأن من شأن العقوبات أن تردع وتزجر ، فتوعدهم سبحانه بالعذاب الأدنى ، أي الأقرب في الدنيا قبل أن يحل بهم عذابه الأكبر في الآخرة ، متى تتابعوا في كفرهم وصدهم عن سبيل الله ، لان من شأن النفوس ان تخشى من القريب الآتي ، وتنسى القادم البعيد وإن تحقق وقوعه ، لهذا جاء التعبير القرآني
بلفظ* الأدنى* ، لعذاب الدنيا ولم يقل الأقل او الأصغر ، وجاء في مقابله بوصف عذاب الآخرة بلفظ الأكبر ليدل على شدته وعظمه فلا أكبر منه ، فلم يقابل الأدنى بالأقصى حتى لا تستبعده النفوس وتنساه ، وهكذا هي ألفاظ القرآن الكريم ، إيجاز في اللفظ ووفاء بحق المعنى
وحقق الله وعيده فيهم فأذاقهم الجذب سنين متوالية ،حتى أكلوا الجيف والكلاب ، وصاروا مضرباً ومثلاً ، قال تعالى :
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾
وجاء في روايةعبد الله بن الإمام أحمد بسنده عن أبي بن كعب رضي الله عنه :
فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأكْبَرِ﴾ قَالَ: الْمُصِيبَاتُ وَالدُّخَانُ قَدْ مَضَيَا، وَالْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ . فبعد أن ذاقوا العذاب الدنيوي العاجل ، ثاب وآب الكثير منهم بعد يوم بدر و وبخاصة بعد فتح مكة
وهذا هو المراد من تعجيل العذاب
كما نصّ اللفظ القرآني. { لعلهم يرجعون } إلى حياض الإيمان والتوحيد بعد الكفر والشرك والصدّ عن سبيل الله ،
فكان الرجوع لمن عاش منهم ولم يناله السيف ، بل لما عاينوا محاسن الإسلام صاروا أشد الناس حباً له ونصرةً لرايته .
هذه الآية وإن توجه خطابها لمشركي قريش ، إلا إنها تعم بخطابها كل من كان أهلاً لتنزل عذاب الله عليه ووقوع وعيده فيه ، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب


🔶 القول الثاني
من المفسرين من اعتبر العذاب الأدنى الذي نال قريش هو أخذهم وقتلهم بالسيف ، لذا قيل أن ( البطشة) هي
وقعة بدر لان البطشة هي الضربة والأخرة الشديدة وقيل هي ( اللزام ) من العذاب اللازم الواقع ، فالمعنى واحد وهو نوع عذاب للتهديد والتأديب وأخذة غضب لمن كتب عليه الشقاء والموت على الكفر لأن في قوله تعالى :
{ لعلهم يرجعون } اي كان العذاب لعلة رجوعهم عن الكفر والشرك إلى الطاعة والإيمان كما قرر علماء التفسير


🔷 القول الثالث
وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنه ، وهو بهذا موجه إلى عصاة الموحدين وفساقهم كما عبر ابن عطية ، فإنما تقام الحدود على أهل الإسلام ، وهذا المعنى يقترب من المعاني السابقة في معنى الزجر والتطهّر والتوبة ، التى هي معنى { لعلهم يرجعون } في حق أهل الإيمان ، بوّب الإمام النووي في شرح صحيح مسلم : * باب الحدود كفارات لأهلها * وجاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما : ( ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به ( أي حداً ) فهو كفارة له ) وهو يدل دلالة واضحة على عموم الخطاب في هذه الآية المكية


🔶 القول الرابع
عذاب القبر ،. هذا هو القول الذي حصل فيه خلاف وتضعيف من بعض العلماء ، لا داعي للقول ان الخلاف ليس
في ثبوت عذاب القبر ، فإن هذا في صميم عقيدة أهل السنة والجماعة في الإيمان باليوم الآخر ، بل عدّ ابن كثير وغيره من العلماء هذه الآية دليلاً على ثبوت عذاب القبر فقال رحمه الله : وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل
السنة على عذاب البرزخ في القبور
إذا ، كان الخلاف في ان المراد بالعذاب الأدنى هو عذاب القبر كنوع من أنواعه وأفراده ، كما ذكر هذا القرطبي في تفسيره عن الطوفي والقشيري ، والإمام الشوكاني في تفسيره ، لأنه ينافي الحكمة والغاية التى جاء لأجلها
التعليل في الآية : { لعلهم يرجعون } فمن وافى القبر قامت قيامته ،فأنى له الرجعة والتوبة
في المقابل ، قرّر العلامة السعدي في تفسيره هذا المعنى ، لانه اعتبر أن صنوف العذاب من الجوع والقحط والمصائب في الأموال والأولاد وغيرها بعضاً وجزءا من العذاب الأدنى الذي هو ( عذاب البرزخ) بل هو استكمال له
بعد أن ذاقوا طرفاً منه في الدنيا ، وهو وإن كان في القبر فهو أدنى في مقابل العذاب الأكبر في النار


▪الترجيح ▪
تبين لنا واضحاً أن الاقوال كلها قد تقاربت ، في معنى العذاب الأدنى قصداً ومآلاً
من إنزال بعض عذابات الدنيا ، على أهل الكفر والشرك ليعودوا إلى حضيرة الدين الحق ، و قد ينال أهل التوحيد
والإيمان من هذا العذاب بما اجترحوا واكتسبوا ، كفارةً لهم وسبباً لعودتهم لمنازل الطائعين التابئين
وأن القول المختلف فيه ، هو قول من قال ، أن المراد هو عذاب القبر [ووجهه ابن القيم بأن الله عز وجل قال: {من العذاب الأدنى} فجعل من تبعيضية، فكأنهم نالوا بمصائب الدنيا بعض العذاب الأدنى وبقي لهم بعضه في القبر]
وختاماً :
إن لهذه الآية نظائر في كتاب الله تعالى ، تُقرَر معناها وتُجليّ مرادها ، قال سبحانه :
{ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } (41) الروم

أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ، خاصة في دراسة الأقوال وتوجيهها.

بالنسبة للتخريج، اجتهدي في التدرب عليه وتعيين مخرج الأثر، وأؤكد على أننا لا نعتمد على المصادر البديلة مثل (الدر المنثور) إلا في النسبة إلى الكتب المفقودة، أما الكتب المطبوعة فينبغي الرجوع إليها.
الأقوال التي يستخرج منها أكثر من قول اذكري نصها مثل قول أبي بن كعب.





١.تصنيف المسألة وتعيين المراجع: 10/ 10
٢.استيعاب الأقوال في المسألة وتحريرها: 27/ 30
٣.تخريج الأقوال: 13/ 20
٤. توجيه الأقوال: 5/ 5
٥. الدراسة وبيان الراجح أو الجمع بين الأقوال 20/ 20

٦. مراعاة ظهور شخصية الطالب في واجبه، ومراعاة جودة الإنشاء والصياغة والعرض. 15/ 15
التقويم: أ
بارك الله فيك ونفع بك وزادكِ توفيقًا وسدادًا.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 27 ربيع الأول 1443هـ/2-11-2021م, 05:08 AM
ندى توفيق ندى توفيق غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 237
افتراضي

مهارات التفسير

المراد بلهو الحديث
في قوله تعالى : {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} [الآية: 6].

اختلف العلماء في المراد بلهو الحديث على اقوال :


القول الاول : الغناء ، قاله عبد الله بن مسعود ، و ابن عباس ، و جابر ، و مجاهد ، و عكرمة ، و عطاء الخراساني

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني يزيد بن يونس بن يزيد، عن أبي صخرٍ، عن أبي معاوية البجليّ عن سعيد بن جبيرٍ، عن أبي الصّهباء البكريّ أنّه سمع عبد اللّه بن مسعودٍ وهو يسأل عن هذه الآية: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله}، فقال عبد اللّه: الغناء، والّذي لا إله إلا هو، يردّدها ثلاث مراتٍ). [الجامع في علوم القرآن: 1/52]
و قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثنا سفيان بن عيينة ومسلم بن خالد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في هذه الآية: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علمٍ}، قال: هو الغناء). [الجامع في علوم القرآن: 1/66]

التخريج : اما قول ابن مسعود فرواه ابن وهب و ابن جرير كلاهما من طريق ابي معاوية البجلي عن سعيد بن جبير عن ابي الصهباء البكري عنه ، و ذكره ابن بطال عنه في شرح صحيح البخاري ، كما رواه الحاكم في مستدركه من طريق عمّارٍ الدّهنيّ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن أبي الصّهباء، عنه ، و ذكره كل من الثعلبي و مكي بن ابي طالب و الماوردي و ابن الجوزي و القرطبي و ابن كثير و السيوطي عنه
اما قول ابن عباس فرواه ابن جرير من طريق عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عنه ، و من طريق ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسمٍ، عنه ، و من طريق ابن أبي ليلى، عن الحكم، أو مقسمٍ، عن مجاهدٍ عنه ، و من طريق حفصٌ، والمحاربيّ، عن ليثٍ، عن الحكم، عنه، و من طريق محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عنه ، و ذكره كل من ابن ابي حاتم و الثعلبي و الماوردي و ابن الجوزي و القرطبي و ابن كثير و السيوطي عنه
اما قول جابر فرواه الطبري من طريق سفيان، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عنه ، و ذكره ابن كثير عنه
اما قول مجاهد فرواه ابن وهب من طريق سفيان بن عيينة ومسلم بن خالد، عن ابن أبي نجيح، عنه ، و رواه عبد الرزاق من طريق الثوري عن عبد الكريم البصري عنه ، و رواه سفيان الثوري من طريق حبيب بن أبي ثابتٍ عنه في تفسيره ، و ذكره ابن بطال عنه في شرح صحيح البخاري ، و رواه محمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ من طريق مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عنه ، و رواه ابن جرير من طريق سفيان، عن حبيبٍ، عنه ، و من طريق شعبة، عن الحكم، عنه ، و من طريق سفيان، عن عبد الكريم، عنه ، و من طريق ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عنه ، و من طريق ابن عليّة، عن ليثٍ، عنه ، و ذكره ابن الجوزي و القرطبي و ابن كثير و السيوطي عنه
اما قول عكرمة فرواه ابن جرير من طريق إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن شعيب بن يسارٍ، عنه ، و من طريق أبو أسامة، وعبيد اللّه، عن أسامة، عنه ، و ذكره كل من مكي بن ابي طالب و الماوردي و ابن الجوزي و ابن كثير و السيوطي عنه
اما قول عطاء الخراساني فرواه محمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ من طريق رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عنه ، و ذكره كل من بن ابي حاتم و ابن الجوزي و السيوطي عنه
و ذكره كل من ابن ابي حاتم و ابن عطية و ابن الجوزي و القرطبي و السيوطي عن الحسن
و ذكره الثعلبي عن جويبر
و ذكره مكي بن ابي طالب عن ابن عمر و قتادة و مكحول
و ذكره كل من : الماوردي و ابن الجوزي عن ابن جبير و قتادة
و ذكره القرطبي عن ابن عمر و عِكْرِمَةُ وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ وَمَكْحُولٌ و القاسم بن محمد
و ذكره ابن كثير عن : ابن جبير وَمَكْحُولٌ، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَعَلِيُّ بْنُ بَذيمة، و الحسن البصري

قال ابن حجر في فتح الباري : ذكر بن بَطَّالٍ أَنَّ الْبُخَارِيَّ اسْتَنْبَطَ تَقْيِيدَ اللَّهْوِ فِي التَّرْجَمَةِ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيل الله فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ إِذَا اشْتَرَاهُ لَا لِيُضِلَّ لَا يَكُونُ مَذْمُومًا وَكَذَا مَفْهُومُ التَّرْجَمَةِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَشْغَلْهُ اللَّهْوُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ لَا يَكُونُ بَاطِلًا لَكِنْ عُمُومُ هَذَا الْمَفْهُومِ يُخَصُّ بِالْمَنْطُوقِ فَكُلُّ شَيْءٍ نُصَّ عَلَى تَحْرِيمِهِ مِمَّا يُلْهِي يَكُونُ بَاطِلًا سَوَاءٌ شَغَلَ أَوْ لَمْ يَشْغَلْ وَكَأَنَّهُ رَمَزَ إِلَى ضَعْفِ مَا وَرَدَ فِي تَفْسِيرِ اللَّهْوِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِالْغِنَاءِ
و قال ايضا : واخرج الطَّبَرَانِيّ عَن بن مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا أَنَّهُ فَسَّرَ اللَّهْوَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِالْغِنَاءِ وَفِي سَنَدِهِ ضَعْفٌ أَيْضًا

هذا القول يمثل التفسير بجزء المعنى ، حيث ان الغناء من اللهو الباطل



القول الثاني: شراء المغنية ، قاله : ابو امامة ، و مجاهد
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا قتيبة، قال: حدّثنا بكر بن مضر، عن عبيد الله بن زحرٍ، عن عليّ بن يزيد، عن القاسم بن عبد الرّحمن، عن أبي أمامة، عن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قال: لا تبيعوا القينات ولا تشتروهنّ ولا تعلّموهنّ، ولا خير في تجارةٍ فيهنّ وثمنهنّ حرامٌ، وفي مثل ذلك أنزلت عليه هذه الآية {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل اللّه} إلى آخر الآية.

التخريج : اما قول ابي امامة فرواه الترمذي في سننه و ابن جريرفي تفسيره كلاهما من طريق عليّ بن يزيد، عن القاسم بن عبد الرّحمن، عن أبي أمامة، عن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم ، حيث قال : هذا حديثٌ غريبٌ إنّما يروى من حديث القاسم عن أبي أمامة والقاسم ثقةٌ، وعليّ بن يزيد يضعّف في الحديث، سمعت محمّدًا يقول: القاسم ثقةٌ، وعليّ بن يزيد يضعّف).
و قال المباركفوري في تحفة الاحوذي : وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ هَذَا مُرْسَلٌ لِأَنَّهُ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ
و ذكره كل من ابن ابي حاتم و الثعلبي و الماوردي و البغوي و ابن عطية ع و ابن الاثير و القرطبي و ابن كثير و السيوطي عنه

اما قول مجاهد فرواه الهمذاني من طريق آدم عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه ، و ذكره كل من البغوي و ابن عطية و ابن الجوزي و القرطبي عنه
و ذكره عبد الرزاق عن قتادة
و ذكره الثعلبي عن كل من ابن عباس و مقاتل و مكحول
و ذكره ابن عطية و القرطبي عن كل من : ابن مسعود وابن عباس وجابر بن عبد الله
و ذكره السيوطي عن ابن مسعود
و ذكره ابن الجوزي و السيوطي عن ابن عباس ، كما ذكره السيوطي عن مكحول

قال ابن حجر في فتح الباري : وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ رَفَعَهُ لَا يَحِلُّ بَيْعُ الْمُغَنِّيَاتِ وَلَا شِرَاؤُهُنَّ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَفِيهِنَّ أَنْزَلَ اللَّهُ وَمِنَ النَّاس من يَشْتَرِي ‌لَهو ‌الحَدِيث الْآيَة وَسَنَده ضَعِيف
و قال المباركفوري في تحفة الاحوذي : قَالَ الْقَاضِي النَّهْيُ مَقْصُورٌ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِأَجْلِ التَّغَنِّي وَحُرْمَةُ ثَمَنِهَا دَلِيلٌ عَلَى فَسَادِ بَيْعِهَا وَالْجُمْهُورُ صَحَّحَ بَيْعَهَا والْحَدِيثُ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الضَّعْفِ لِلطَّعْنِ فِي رِوَايَتِهِ مُؤَوَّلٌ بِأَنَّ أَخْذَ الثَّمَنِ عَلَيْهِنَّ حَرَامٌ كَأَخْذِ ثَمَنِ الْعِنَبِ مِنَ النَّبَّاذِ لِأَنَّهُ إِعَانَةٌ وَتَوَصُّلٌ إِلَى حُصُولِ مُحَرَّمٍ لَا لِأَنَّ الْبَيْعَ غَيْرُ صَحِيحٍ انْتَهَى
قال ابن جرير : حدّثني محمّد بن خلفٍ العسقلانيّ، قال: حدّثنا أيّوب بن سويدٍ، قال: حدّثنا ابن شوذبٍ، عن مطرٍ، في قول اللّه {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: اشتراؤه: استحبابه.
وأولى التّأويلين عندي بالصّواب تأويل من قال: معناه: الشّراء، الّذي هو بالثّمن، وذلك أنّ ذلك هو أظهر معنييه.
فإن قال قائلٌ: وكيف يشتري لهو الحديث؟
قيل: يشتري ذات لهو الحديث، أو ذا لهو الحديث، فيكون مشتريًا لهو الحديث.

هذا القول تابع للقول الاول حيث ان سماع الغناء يلزم منه شراء المغنين و المغنيات ، و الانفاق على سماعهم و تعليمهم ، و هو من جملة اللهو الباطل ، و من العلماء من اختار الشراء بالثمن ، و منهم من اختار معنى الاستحباب



القول الثالث : الطبل ، قاله مجاهد
قال ابن جريير : حدّثني عبّاس بن محمّدٍ، قال: حدّثنا حجّاجٌ الأعور، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: اللّهو: الطّبل

التخريج : اما قول مجاهد فرواه ابن جرير من طريق حجّاجٌ الأعور، عن ابن جريجٍ، عنه ، و ذكره كل من : مكي بن ابي طالب و ابن عطية و ابن الجوزي عنه
و ذكره كل من الثعلبي و البغوي عن ابن جريج
و ذكره الماوردي عن عبد الكريم

و هذا القول ايضا من لوازم الغناء و سماعه ، فهو آلته و وسيلته ،
قال القرطبي : خَرَّجَ ابْنُ بَشْرَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (بُعِثْتُ بِهَدْمِ الْمَزَامِيرِ وَالطَّبْلِ)



القول الرابع: حديث الباطل و كل كلام لا فائدة فيه ، قاله قتادة
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله ومن الناس من يشتري لهو الحديث قال أما والله لعله ألا يكون أنفق فيه مالا وبحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق.
قال معمر وبلغني أنها نزلت في بعض بني عبد الدار). [تفسير عبد الرزاق: 2/105]

التخريج : اما قول قتادة فرواه عبد الرزاق من طريق معمر عنه ، و رواه الطبري من طريق يزيد عن سعيد عنه ، و ذكره كل من ابن ابي حاتم و البغوي و ابن عطية و ابن كثير و السيوطي عنه
و ذكره كل من الثعلبي و الماوردي و ابن الجوزي عن عطاء
و ذكره السيوطي عن مجاهد

قال البخاري في صحيحه : (لهو الحديث) كل كلام لا فائدة فيه ولا جدوى والكلام الخيالي الذي لا يستند إلى أساس واقع وكل ما يشغل عن عبادة الله تعالى وذكره من السمر والأضاحيك ونحو ذلك]

و قال الكرماني في شرح صحيح البخاري : وَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي ‌لَهْوَ ‌الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} …وأما مطابقة الخبر لها فلأن الحلف باللات لهو شغل عن الحلف بالحق فيكون باطلا

قال المباركفوري في تحفة الاحوذي :وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي ‌لهو ‌الحديث أَيْ يَشْتَرِي الْغِنَاءَ وَالْأَصْوَاتَ الْمُحَرَّمَةَ الَّتِي تُلْهِي عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ الإضافة فيه بمعنى من البيان نَحْوَ جُبَّةِ خَزٍّ وَبَابِ سَاجٍ أَيْ يَشْتَرِي اللَّهْوَ مِنَ الْحَدِيثِ لِأَنَّ اللَّهْوَ يَكُونُ مِنَ الْحَدِيثِ وَمِنْ غَيْرِهِ والْمُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ الْمُنْكَرُ فَيَدْخُلُ فِيهِ نَحْوُ السَّمَرِ بِالْأَسَاطِيرِ وَبِالْأَحَادِيثِ الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا وَالتَّحَدُّثُ بِالْخُرَافَاتِ وَالْمَضَاحِيكِ وَالْغِنَاءُ وَتَعَلُّمُ الْمُوسِيقَى وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَذَا فِي المرقاة

هذا القول من التفسير بجزء المعنى ، حيث ان أحاديث السمر و الترهات هي من جملة اللهو الباطل
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : كتاب الاستئذان، باب : كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله، و من قال لصاحبه تعال أقامرك،
(لهو الحديث) كل كلام لا فائدة فيه ولا جدوى والكلام الخيالي الذي لا يستند إلى أساس واقع وكل ما يشغل عن عبادة الله تعالى وذكره من السمر والأضاحيك ونحو ذلك] [ صحيح البخاري 66/8]

و قال ابن عطية : قال الفقيه الإمام القاضي: والذي يترجح أن الآية نزلت في لهو حديث منضاف إلى كفر فلذلك اشتدت ألفاظ الآية بقوله: لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً، والتوعد بالعذاب المهين، وأما لفظة الشراء فمحتملة للحقيقة والمجاز على ما بينا، ولَهْوَ الْحَدِيثِ كل ما يلهي من غناء وخنى ونحوه، والآية باقية المعنى في أمة محمد ولكن ليس ليضلوا عن سبيل الله بكفر ولا يتخذوا الآيات هزوا ولا عليهم هذا الوعيد، بل ليعطل عبادة ويقطع زمانا بمكروه، وليكون من جملة العصاة والنفوس الناقصة تروم تتميم ذلك النقص بالأحاديث وقد جعلوا الحديث من القربى، وقيل لبعضهم أتمل الحديث؟ قال: إنما يمل العتيق.( تفسير ابن عطية : 4/ 245، 246)



القول الخامس: انها نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ، لِأَنَّهُ اشْتَرَى كُتُبَ الْأَعَاجِمِ: رُسْتُمَ، وَإسْفِنْدِيَار وَحَدَّثَ بِأَحَادِيثِ مُلُوكِ الْفُرْسِ ، ذكره الثعلبي عن الكلبي و مقاتل ، و ذكره مكي بن ابي طالب عن معمر ، و ذكره البغوي عن الكلبي و مقاتل ، كما ذكره ابن الجوزي عن مقاتل ، و ذكره القرطبي عن الفراء و الكلبي و ذكره السيوطي عن ابن عباس
قال أبو إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي (ت: 427هـ)
‌‌ قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي ‌لَهْوَ ‌الْحَدِيثِ}
قال الكلبي ومقاتل (١): نزلت في النضر بن الحارث بن علقمة بن كندة بن عبد الدار بن قصي، كان يتّجرُ فيخرج إلى فارس فيشتري أخبار الأعاجم فيرويها ويحدث بها قريشًا، ويقول إن محمدًا يحدثكم بحديث عاد وثمود، وأنا أحدثكم بحديث رستم واسفنديار وأخبار الأكاسرة فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن

هذا القول واضح الدلالة من حيث انه سبب نزول للآية ، و قد ذكره عدد من المفسرين




القول السادس : الشرك ، قاله : الضحاك ، و ابن زيد
قال مكي بن ابي طالب القيسي : وعن الضحاك: إن ‌لهو ‌الحديث: الشرك. ورواه عنه جويبر أنه قال: الغناءُ مَهْلَكَةُ للمال مَسْخَطَةٌ للرب مَعْمَاة للقلب.
التخريج : اما قول الضحاك فرواه ابن جرير من طريق ابي معاذ عن عبيد عنه ، و ذكره كل من الثعلبي و مكي بن ابي طالب و الماوردي و البغوي و ابن عطية و ابن الجوزي و ابن كثير عنه
اما قول ابن زيد فرواه ابن جرير من طريق يونس عن ابن وهب عنه ، و ذكره الماوردي عنه
و ذكره القرطبي عن الحسن

هذا القول داخل ضمن انواع لهو الحديث ، فكل هوى متبع مقدم على محاب الله تعالى و رسوله هو شرك ؛ خفيا كان ام جليا ، اصغر ام اكبر ، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: فَكَانَ تَرْكُ مَا يَجِبُ فِعْلُهُ وَامْتِثَالُ هَذِهِ الْمُنْكَرَاتِ شِرَاءٌ لَهَا، عَلَى حَدِّ قَوْلُهُ تَعَالَى:" أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى " [البقرة: ١٦]، اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ، أَيِ اسْتَبْدَلُوهُ مِنْهُ وَاخْتَارُوهُ عَلَيْهِ.





الدراسة :
بعد جمع الاقوال المختلفة يتبين المراد بوضوح و جلاء ؛ و هو كل ما ألهى و أضل عن سبيل الله تعالى من ذكر و تلاوة و صلاة و عبادة ، و من أعظم المضلات الشرك و ما يتفرع منه من حديث باطل و دعوة اليه ، و استماع الى الغناء و اهله و معازفه ، حيث ان ملابسة هذه المنكرات شراء لها
عَلَى حَدِّ قَوْلُهُ تَعَالَى:" أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى " [البقرة: ١٦]
و قَالَ الله تعالى:"فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ" [يونس: ٣٢]
و قال تعالى : " إِنَّ ٱلَّذِينَ ‌ٱشۡتَرَوُاْ ٱلۡكُفۡرَ بِٱلۡإِيمَٰنِ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيۡـٔٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أليم " [ آل عمران: 177 ]
قال ابن جرير بعد سرد الاقوال : والصّواب من القول في ذلك أن يقال: عنى به كلّ ما كان من الحديث ملهيًا عن سبيل اللّه، ممّا نهى اللّه عن استماعه أو رسوله، لأنّ اللّه تعالى عمّ بقوله {لهو الحديث} ولم يخصّص بعضًا دون بعضٍ، فذلك على عمومه، حتّى يأتي ما يدلّ على خصوصه، والغناء والشّرك من ذلك

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 1 ربيع الثاني 1443هـ/6-11-2021م, 12:14 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ندى توفيق مشاهدة المشاركة
مهارات التفسير

المراد بلهو الحديث
في قوله تعالى : {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} [الآية: 6].

اختلف العلماء في المراد بلهو الحديث على اقوال :


القول الاول : الغناء ، قاله عبد الله بن مسعود ، و ابن عباس ، و جابر ، و مجاهد ، و عكرمة ، و عطاء الخراساني

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني يزيد بن يونس بن يزيد، عن أبي صخرٍ، عن أبي معاوية البجليّ عن سعيد بن جبيرٍ، عن أبي الصّهباء البكريّ أنّه سمع عبد اللّه بن مسعودٍ وهو يسأل عن هذه الآية: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله}، فقال عبد اللّه: الغناء، والّذي لا إله إلا هو، يردّدها ثلاث مراتٍ). [الجامع في علوم القرآن: 1/52]
و قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثنا سفيان بن عيينة ومسلم بن خالد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في هذه الآية: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علمٍ}، قال: هو الغناء). [الجامع في علوم القرآن: 1/66]

التخريج : اما قول ابن مسعود فرواه ابن وهب و ابن جرير كلاهما من طريق ابي معاوية البجلي عن سعيد بن جبير عن ابي الصهباء البكري عنه ، و ذكره ابن بطال عنه في شرح صحيح البخاري ، كما رواه الحاكم في مستدركه من طريق عمّارٍ الدّهنيّ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن أبي الصّهباء، عنه ، و ذكره كل من الثعلبي و مكي بن ابي طالب و الماوردي و ابن الجوزي و القرطبي و ابن كثير و السيوطي عنه
اما قول ابن عباس فرواه ابن جرير من طريق عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عنه ، و من طريق ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسمٍ، عنه ، و من طريق ابن أبي ليلى، عن الحكم، أو مقسمٍ، عن مجاهدٍ عنه ، و من طريق حفصٌ، والمحاربيّ، عن ليثٍ، عن الحكم، عنه، و من طريق محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عنه ، و ذكره كل من ابن ابي حاتم و الثعلبي و الماوردي و ابن الجوزي و القرطبي و ابن كثير و السيوطي عنه
اما قول جابر فرواه الطبري من طريق سفيان، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عنه ، و ذكره ابن كثير عنه
اما قول مجاهد فرواه ابن وهب من طريق سفيان بن عيينة ومسلم بن خالد، عن ابن أبي نجيح، عنه ، و رواه عبد الرزاق من طريق الثوري عن عبد الكريم البصري عنه ، و رواه سفيان الثوري من طريق حبيب بن أبي ثابتٍ عنه في تفسيره ، و ذكره ابن بطال عنه في شرح صحيح البخاري ، و رواه محمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ من طريق مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عنه ، و رواه ابن جرير من طريق سفيان، عن حبيبٍ، عنه ، و من طريق شعبة، عن الحكم، عنه ، و من طريق سفيان، عن عبد الكريم، عنه ، و من طريق ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عنه ، و من طريق ابن عليّة، عن ليثٍ، عنه ، و ذكره ابن الجوزي و القرطبي و ابن كثير و السيوطي عنه
اما قول عكرمة فرواه ابن جرير من طريق إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن شعيب بن يسارٍ، عنه ، و من طريق أبو أسامة، وعبيد اللّه، عن أسامة، عنه ، و ذكره كل من مكي بن ابي طالب و الماوردي و ابن الجوزي و ابن كثير و السيوطي عنه
اما قول عطاء الخراساني فرواه محمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ من طريق رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عنه ، و ذكره كل من بن ابي حاتم و ابن الجوزي و السيوطي عنه
و ذكره كل من ابن ابي حاتم و ابن عطية و ابن الجوزي و القرطبي و السيوطي عن الحسن
و ذكره الثعلبي عن جويبر
و ذكره مكي بن ابي طالب عن ابن عمر و قتادة و مكحول
و ذكره كل من : الماوردي و ابن الجوزي عن ابن جبير و قتادة
و ذكره القرطبي عن ابن عمر و عِكْرِمَةُ وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ وَمَكْحُولٌ و القاسم بن محمد
و ذكره ابن كثير عن : ابن جبير وَمَكْحُولٌ، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَعَلِيُّ بْنُ بَذيمة، و الحسن البصري

قال ابن حجر في فتح الباري : ذكر بن بَطَّالٍ أَنَّ الْبُخَارِيَّ اسْتَنْبَطَ تَقْيِيدَ اللَّهْوِ فِي التَّرْجَمَةِ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيل الله فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ إِذَا اشْتَرَاهُ لَا لِيُضِلَّ لَا يَكُونُ مَذْمُومًا وَكَذَا مَفْهُومُ التَّرْجَمَةِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَشْغَلْهُ اللَّهْوُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ لَا يَكُونُ بَاطِلًا لَكِنْ عُمُومُ هَذَا الْمَفْهُومِ يُخَصُّ بِالْمَنْطُوقِ فَكُلُّ شَيْءٍ نُصَّ عَلَى تَحْرِيمِهِ مِمَّا يُلْهِي يَكُونُ بَاطِلًا سَوَاءٌ شَغَلَ أَوْ لَمْ يَشْغَلْ وَكَأَنَّهُ رَمَزَ إِلَى ضَعْفِ مَا وَرَدَ فِي تَفْسِيرِ اللَّهْوِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِالْغِنَاءِ
و قال ايضا : واخرج الطَّبَرَانِيّ عَن بن مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا أَنَّهُ فَسَّرَ اللَّهْوَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِالْغِنَاءِ وَفِي سَنَدِهِ ضَعْفٌ أَيْضًا

هذا القول يمثل التفسير بجزء المعنى ، حيث ان الغناء من اللهو الباطل



القول الثاني: شراء المغنية ، قاله : ابو امامة ، و مجاهد
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا قتيبة، قال: حدّثنا بكر بن مضر، عن عبيد الله بن زحرٍ، عن عليّ بن يزيد، عن القاسم بن عبد الرّحمن، عن أبي أمامة، عن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قال: لا تبيعوا القينات ولا تشتروهنّ ولا تعلّموهنّ، ولا خير في تجارةٍ فيهنّ وثمنهنّ حرامٌ، وفي مثل ذلك أنزلت عليه هذه الآية {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل اللّه} إلى آخر الآية.

التخريج : اما قول ابي امامة فرواه الترمذي في سننه و ابن جريرفي تفسيره كلاهما من طريق عليّ بن يزيد، عن القاسم بن عبد الرّحمن، عن أبي أمامة، عن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم ، حيث قال : هذا حديثٌ غريبٌ إنّما يروى من حديث القاسم عن أبي أمامة والقاسم ثقةٌ، وعليّ بن يزيد يضعّف في الحديث، سمعت محمّدًا يقول: القاسم ثقةٌ، وعليّ بن يزيد يضعّف).
و قال المباركفوري في تحفة الاحوذي : وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ هَذَا مُرْسَلٌ لِأَنَّهُ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ
و ذكره كل من ابن ابي حاتم و الثعلبي و الماوردي و البغوي و ابن عطية ع و ابن الاثير و القرطبي و ابن كثير و السيوطي عنه
[الإسناد الذي أوردتيه، فيه أن أبا أمامة رفع القول إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لهذا فإن صح الإسناد فهو من قول النبي صلى الله عليه وسلم وليس أبي أمامة، ولكنه لم يصح، ويمكنكِ الاستفادة من تخريج الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف لمعرفة تخريج هذا الحديث والحكم عليه]
اما قول مجاهد فرواه الهمذاني من طريق آدم عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه ، و ذكره كل من البغوي و ابن عطية و ابن الجوزي و القرطبي عنه



و ذكره عبد الرزاق عن قتادة
و ذكره الثعلبي عن كل من ابن عباس و مقاتل و مكحول
و ذكره ابن عطية و القرطبي عن كل من : ابن مسعود وابن عباس وجابر بن عبد الله
و ذكره السيوطي عن ابن مسعود
و ذكره ابن الجوزي و السيوطي عن ابن عباس ، كما ذكره السيوطي عن مكحول

قال ابن حجر في فتح الباري : وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ رَفَعَهُ لَا يَحِلُّ بَيْعُ الْمُغَنِّيَاتِ وَلَا شِرَاؤُهُنَّ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَفِيهِنَّ أَنْزَلَ اللَّهُ وَمِنَ النَّاس من يَشْتَرِي ‌لَهو ‌الحَدِيث الْآيَة وَسَنَده ضَعِيف
و قال المباركفوري في تحفة الاحوذي : قَالَ الْقَاضِي النَّهْيُ مَقْصُورٌ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِأَجْلِ التَّغَنِّي وَحُرْمَةُ ثَمَنِهَا دَلِيلٌ عَلَى فَسَادِ بَيْعِهَا وَالْجُمْهُورُ صَحَّحَ بَيْعَهَا والْحَدِيثُ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الضَّعْفِ لِلطَّعْنِ فِي رِوَايَتِهِ مُؤَوَّلٌ بِأَنَّ أَخْذَ الثَّمَنِ عَلَيْهِنَّ حَرَامٌ كَأَخْذِ ثَمَنِ الْعِنَبِ مِنَ النَّبَّاذِ لِأَنَّهُ إِعَانَةٌ وَتَوَصُّلٌ إِلَى حُصُولِ مُحَرَّمٍ لَا لِأَنَّ الْبَيْعَ غَيْرُ صَحِيحٍ انْتَهَى
قال ابن جرير : حدّثني محمّد بن خلفٍ العسقلانيّ، قال: حدّثنا أيّوب بن سويدٍ، قال: حدّثنا ابن شوذبٍ، عن مطرٍ، في قول اللّه {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} قال: اشتراؤه: استحبابه.
وأولى التّأويلين عندي بالصّواب تأويل من قال: معناه: الشّراء، الّذي هو بالثّمن، وذلك أنّ ذلك هو أظهر معنييه.
فإن قال قائلٌ: وكيف يشتري لهو الحديث؟
قيل: يشتري ذات لهو الحديث، أو ذا لهو الحديث، فيكون مشتريًا لهو الحديث.

هذا القول تابع للقول الاول حيث ان سماع الغناء يلزم منه شراء المغنين و المغنيات ، و الانفاق على سماعهم و تعليمهم ، و هو من جملة اللهو الباطل ، و من العلماء من اختار الشراء بالثمن ، و منهم من اختار معنى الاستحباب



القول الثالث : الطبل ، قاله مجاهد
قال ابن جريير : حدّثني عبّاس بن محمّدٍ، قال: حدّثنا حجّاجٌ الأعور، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: اللّهو: الطّبل

التخريج : اما قول مجاهد فرواه ابن جرير من طريق حجّاجٌ الأعور، عن ابن جريجٍ، عنه ، و ذكره كل من : مكي بن ابي طالب و ابن عطية و ابن الجوزي عنه
و ذكره كل من الثعلبي و البغوي عن ابن جريج
و ذكره الماوردي عن عبد الكريم

و هذا القول ايضا من لوازم الغناء و سماعه ، فهو آلته و وسيلته ،
قال القرطبي : خَرَّجَ ابْنُ بَشْرَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (بُعِثْتُ بِهَدْمِ الْمَزَامِيرِ وَالطَّبْلِ)



القول الرابع: حديث الباطل و كل كلام لا فائدة فيه ، قاله قتادة
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله ومن الناس من يشتري لهو الحديث قال أما والله لعله ألا يكون أنفق فيه مالا وبحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق.
قال معمر وبلغني أنها نزلت في بعض بني عبد الدار). [تفسير عبد الرزاق: 2/105]

التخريج : اما قول قتادة فرواه عبد الرزاق من طريق معمر عنه ، و رواه الطبري من طريق يزيد عن سعيد عنه ، و ذكره كل من ابن ابي حاتم و البغوي و ابن عطية و ابن كثير و السيوطي عنه
و ذكره كل من الثعلبي و الماوردي و ابن الجوزي عن عطاء
و ذكره السيوطي عن مجاهد

قال البخاري في صحيحه : (لهو الحديث) كل كلام لا فائدة فيه ولا جدوى والكلام الخيالي الذي لا يستند إلى أساس واقع وكل ما يشغل عن عبادة الله تعالى وذكره من السمر والأضاحيك ونحو ذلك]

و قال الكرماني في شرح صحيح البخاري : وَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي ‌لَهْوَ ‌الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} …وأما مطابقة الخبر لها فلأن الحلف باللات لهو شغل عن الحلف بالحق فيكون باطلا

قال المباركفوري في تحفة الاحوذي :وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي ‌لهو ‌الحديث أَيْ يَشْتَرِي الْغِنَاءَ وَالْأَصْوَاتَ الْمُحَرَّمَةَ الَّتِي تُلْهِي عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ الإضافة فيه بمعنى من البيان نَحْوَ جُبَّةِ خَزٍّ وَبَابِ سَاجٍ أَيْ يَشْتَرِي اللَّهْوَ مِنَ الْحَدِيثِ لِأَنَّ اللَّهْوَ يَكُونُ مِنَ الْحَدِيثِ وَمِنْ غَيْرِهِ والْمُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ الْمُنْكَرُ فَيَدْخُلُ فِيهِ نَحْوُ السَّمَرِ بِالْأَسَاطِيرِ وَبِالْأَحَادِيثِ الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا وَالتَّحَدُّثُ بِالْخُرَافَاتِ وَالْمَضَاحِيكِ وَالْغِنَاءُ وَتَعَلُّمُ الْمُوسِيقَى وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَذَا فِي المرقاة

هذا القول من التفسير بجزء المعنى ، حيث ان أحاديث السمر و الترهات هي من جملة اللهو الباطل
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : كتاب الاستئذان، باب : كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله، و من قال لصاحبه تعال أقامرك،
(لهو الحديث) كل كلام لا فائدة فيه ولا جدوى والكلام الخيالي الذي لا يستند إلى أساس واقع وكل ما يشغل عن عبادة الله تعالى وذكره من السمر والأضاحيك ونحو ذلك] [ صحيح البخاري 66/8]

و قال ابن عطية : قال الفقيه الإمام القاضي: والذي يترجح أن الآية نزلت في لهو حديث منضاف إلى كفر فلذلك اشتدت ألفاظ الآية بقوله: لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً، والتوعد بالعذاب المهين، وأما لفظة الشراء فمحتملة للحقيقة والمجاز على ما بينا، ولَهْوَ الْحَدِيثِ كل ما يلهي من غناء وخنى ونحوه، والآية باقية المعنى في أمة محمد ولكن ليس ليضلوا عن سبيل الله بكفر ولا يتخذوا الآيات هزوا ولا عليهم هذا الوعيد، بل ليعطل عبادة ويقطع زمانا بمكروه، وليكون من جملة العصاة والنفوس الناقصة تروم تتميم ذلك النقص بالأحاديث وقد جعلوا الحديث من القربى، وقيل لبعضهم أتمل الحديث؟ قال: إنما يمل العتيق.( تفسير ابن عطية : 4/ 245، 246)



القول الخامس: انها نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ، لِأَنَّهُ اشْتَرَى كُتُبَ الْأَعَاجِمِ: رُسْتُمَ، وَإسْفِنْدِيَار وَحَدَّثَ بِأَحَادِيثِ مُلُوكِ الْفُرْسِ ، ذكره الثعلبي عن الكلبي و مقاتل ، و ذكره مكي بن ابي طالب عن معمر ، و ذكره البغوي عن الكلبي و مقاتل ، كما ذكره ابن الجوزي عن مقاتل ، و ذكره القرطبي عن الفراء و الكلبي و ذكره السيوطي عن ابن عباس
قال أبو إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي (ت: 427هـ)
‌‌ قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي ‌لَهْوَ ‌الْحَدِيثِ}
قال الكلبي ومقاتل (١): نزلت في النضر بن الحارث بن علقمة بن كندة بن عبد الدار بن قصي، كان يتّجرُ فيخرج إلى فارس فيشتري أخبار الأعاجم فيرويها ويحدث بها قريشًا، ويقول إن محمدًا يحدثكم بحديث عاد وثمود، وأنا أحدثكم بحديث رستم واسفنديار وأخبار الأكاسرة فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن

هذا القول واضح الدلالة من حيث انه سبب نزول للآية ، و قد ذكره عدد من المفسرين
[هذا القول داخل في القول الذي قبله، وإن كان معناه أخص من عموم حديث الباطل، وقولهم (نزلت الآية في كذا) يقصد به غالبًا أن هذا المعنى داخل في تفسير الآية، وليس أنه سبب للنزول
أما قول (حصل كذا فنزلت الآية) فهو صريح في سبب النزول]



القول السادس : الشرك ، قاله : الضحاك ، و ابن زيد
قال مكي بن ابي طالب القيسي : وعن الضحاك: إن ‌لهو ‌الحديث: الشرك. ورواه عنه جويبر أنه قال: الغناءُ مَهْلَكَةُ للمال مَسْخَطَةٌ للرب مَعْمَاة للقلب.
التخريج : اما قول الضحاك فرواه ابن جرير من طريق ابي معاذ عن عبيد عنه ، و ذكره كل من الثعلبي و مكي بن ابي طالب و الماوردي و البغوي و ابن عطية و ابن الجوزي و ابن كثير عنه
اما قول ابن زيد فرواه ابن جرير من طريق يونس عن ابن وهب عنه ، و ذكره الماوردي عنه
و ذكره القرطبي عن الحسن

هذا القول داخل ضمن انواع لهو الحديث ، فكل هوى متبع مقدم على محاب الله تعالى و رسوله هو شرك ؛ خفيا كان ام جليا ، اصغر ام اكبر ، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: فَكَانَ تَرْكُ مَا يَجِبُ فِعْلُهُ وَامْتِثَالُ هَذِهِ الْمُنْكَرَاتِ شِرَاءٌ لَهَا، عَلَى حَدِّ قَوْلُهُ تَعَالَى:" أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى " [البقرة: ١٦]، اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ، أَيِ اسْتَبْدَلُوهُ مِنْهُ وَاخْتَارُوهُ عَلَيْهِ.





الدراسة :
بعد جمع الاقوال المختلفة يتبين المراد بوضوح و جلاء ؛ و هو كل ما ألهى و أضل عن سبيل الله تعالى من ذكر و تلاوة و صلاة و عبادة ، و من أعظم المضلات الشرك و ما يتفرع منه من حديث باطل و دعوة اليه ، و استماع الى الغناء و اهله و معازفه ، حيث ان ملابسة هذه المنكرات شراء لها
عَلَى حَدِّ قَوْلُهُ تَعَالَى:" أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى " [البقرة: ١٦]
و قَالَ الله تعالى:"فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ" [يونس: ٣٢]
و قال تعالى : " إِنَّ ٱلَّذِينَ ‌ٱشۡتَرَوُاْ ٱلۡكُفۡرَ بِٱلۡإِيمَٰنِ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيۡـٔٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أليم " [ آل عمران: 177 ]
قال ابن جرير بعد سرد الاقوال : والصّواب من القول في ذلك أن يقال: عنى به كلّ ما كان من الحديث ملهيًا عن سبيل اللّه، ممّا نهى اللّه عن استماعه أو رسوله، لأنّ اللّه تعالى عمّ بقوله {لهو الحديث} ولم يخصّص بعضًا دون بعضٍ، فذلك على عمومه، حتّى يأتي ما يدلّ على خصوصه، والغناء والشّرك من ذلك



بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

شكر الله جهدكِ في تحرير المسألة وأرجو أن تنتفعي بهذه الملاحظات:

أحسنتِ الوقوف على الأقوال في المسألة، ولا زالت هناك ملحوظات على التخريج والتحرير عمومًا.
أولا: بالنسبة للتخريج:

- مهارة التخريج لابد من الصبر لتحصيلها، وتطبيق الخطوات في كل مرة، ومع كل قول، حتى تتقني المهارة بإذن الله، والعجلة في التخريج تؤدي إلى أخطاء كثيرة.
وفي البداية اسلكي هذه الطريقة: كل قول تجمعين طرقه، وتضعين الأسانيد مرتبة تحت بعضها البعض - حسب تاريخ وفيات المصنف -، وكل إسناد يبدأ من المصنف وحتى منتهى الإسناد
ثم حددي: هل هناك مخرج أثر مشترك بينها؟ أو جاءت جميعها من طرق مختلفة؟ أو لم يتوفر لكِ سوى إسناد واحد؟
وبحسب الإجابة تكون صياغة التخريج كما سبق تفصيله.
مثلا لو تأملت قول ابن مسعود أنه الغناء والأسانيد التي نقلتيها، مخرج الأثر هو سعيد بن جبير.

- محمد بن نصر الرملي وعبد الرحمن الهمذاني رواة كتب، فننظر للكتاب الذي رووه ويكون التخريج بالنسبة للمصنف وليس لراوي الكتاب.
مثلا: رواه مسلم بن خالد الزنجي في تفسيره، وليس محمد بن نصر الرملي.
ونقول: رواه آدم بن أبي إياس وليس عبد الرحمن الهمذاني

ونقول:قاله عطاء الخراساني في تفسيره وليس محمد بن نصر الرملي

وهكذا ....

- تفسير ابن أبي حاتم لسورة لقمان من الجزء المفقود، فالتخريج المنسوب إليه ينقل من المصادر البديلة مثل الدر المنثور للسيوطي، أو تفسير ابن كثير إذا نقل عنه الإسناد.
والتخريج يكون بقولنا: رواه ابن أبي حاتم كما في ... ونكتب اسم المصدر البديل، مثلا: الدر المنثور للسيوطي.

- لا حاجة لذكر المصادر الناقلة، إذا كنت وجدت القول في مصدر مسند
مثلا: إذا خرجت القول من جامع ابن وهب وتفسير ابن جرير، فما الحاجة لقولنا ذكره ابن كثير وابن عطية؟

ثانيًا: بالنسبة للتوجيه

أحسنتِ الحرص على توجيه كل قول، لكن اعتمدتِ على نقطة واحدة وهي عموم معنى (لهو الحديث) فيكون كل ما ذكر تحته من باب المثال، وهو صواب، لكن التوجيه ننظر فيه أيضًا لمناسبة المسألة محل البحث لباقي تفسير الآية وسياق الآيات أيضًا، لنتعرف سبب الخلاف بداية
والخلاف هنا كان نتيجة الخلاف في تعيين معنى الشراء في قوله تعالى: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} هل هو الشراء بثمن فيحمل عليه القول بشراء المغنية وآلات المعازف ونحو ذلك، أو الشراء بمعنى الاستحباب فيحمل عليه أقوال أخرى مثل الشرك والاستماع للغناء

كذلك بالنظر لمعنى {ليصد عن سبيل الله} هل هو الصد عن دين الإسلام فيكن المراد بلهو الحديث الشرك خاصة، أو المعنى الانشغال عن ذكر الله عمومًا.

ولأن معنى الآية يحتمل جميع هذه الأقوال، فيمكن حملها عليها جميعًا لأن الأقوال لا تتعارض، ويكون من قبيل خلاف التنوع.
ثالثًا: بناء على ما سبق إذا قلتِ في دراستكِ إمكانية الجمع بين الأقوال لابد من بيان وجه هذا الجمع.
رابعًا: الصياغة بأسلوبك تنمي لديكِ ملكة تعبيرية في التفسير، ومجرد نسخ أقوال المفسرين لا يبين لنا ما أحسنتِ فهمه مما لابد من توضيحه.




١.تصنيف المسألة وتعيين المراجع: 10/ 10
٢.استيعاب الأقوال في المسألة وتحريرها: 27/ 30
٣.تخريج الأقوال: 10/ 20
٤. توجيه الأقوال: 3/ 5
٥. الدراسة وبيان الراجح أو الجمع بين الأقوال 15/ 20

٦. مراعاة ظهور شخصية الطالب في واجبه، ومراعاة جودة الإنشاء والصياغة والعرض. 10/ 15
التقويم: ج+
بارك الله فيك ونفع بك وزادكِ توفيقًا وسدادًا.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:34 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir